جلسة 5 من مارس سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم إسكندر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الناصر السباعي، محمد إسماعيل غزالي، سيد قايد وعبد الله عصر نواب رئيس المحكمة.
-------------
(82)
الطعن رقم 2647 لسنة 59 القضائية
(1، 2) اختصاص "الاختصاص الولائي". أموال "الأموال العامة". عقد. إيجار. دفاع "دفاع جوهري". حكم "تسبيبه: عيوب التدليل". محكمة الموضوع.
(1) الأموال العامة. الانتفاع بها يكون بترخيص مقابل رسم لا أجرة. اعتبار الترخيص من الأعمال الإدارية. خروجه عن ولاية القضاء العادي. علة ذلك.
(2) تمسك الطاعنين أمام محكمة الموضوع بأن العين أقيمت على إفريز الطريق العام وأن الانتفاع بها يكون بترخيص إداري مقابل رسم لا أجرة. دفاع جوهري. قضاء الحكم المطعون فيه بتعديل القرار الصادر بتقدير القيمة الإيجارية لها دون أن يواجه هذا الدفاع - خطأ وقصور.
2 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنين - بصفاتهم - قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن العين محل النزاع قد أقيمت على إفريز الطريق العام الذي يُعد من الأموال العامة وأن الانتفاع بها يكون بمقتضى ترخيص إداري مقابل رسم لا أجرة، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على ما أورده بمدوناته من أن "الثابت من عقد الإيجار المقدم صورة طبق الأصل منه أنه قد عنون بأنه عقد إيجار ولم يرد به أية عبارة تفيد بأن يعطي جهة الإدارة سلطة استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص ولا يبين من العقد أيضاً أن القصد منه تسيير مرفق عام أو استغلاله أو المساهمة فيه ومن ثم لا تتوافر أركان العقد الإداري ولا يعتبر من قبيل الترخيص الذي يخرج عن نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن وإنما يتعلق الأمر بعقد إيجار من عقود القانون الخاص .... يخضع لقانون الإيجار الاستثنائي...." وكان هذا الذي أورده الحكم بأسبابه لا يواجه دفاع الطاعنين - بصفاتهم - سالفة الذكر، رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به - لو صح - وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون، مشوباً بالقصور في التسبيب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعنين - بصفاتهم - الدعوى رقم 1224 لسنة 1984 أمام محكمة المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بتعديل القرار الصادر من لجنة تحديد الأجرة بتقدير القيمة الإيجارية للدكان المبين بالصحيفة بمبلغ 9.800 جنيه شهرياً، وقالا بياناً لذلك إنهما استأجرا الدكان محل النزاع من الطاعنين، وإذ بالغت لجنة تقدير الإيجارات في تقدير قيمة أجرته فقد أقاما الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتعديل القرار المطعون فيه وفقاً لما انتهى إليه تقرير الخبير. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 478 لسنة 39 ق المنصورة، وبتاريخ 24/ 4/ 1989 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا بدفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن العين محل النزاع قد أقيمت على إفريز الطريق العام الذي يُعد من الأموال العامة التي لا يكون الانتفاع بها إلا بمقتضى ترخيص إداري مقابل رسم يدفعه المنتفع لا أجرة مما يخضع لأحكام القانون العام، وبالتالي فإن المنازعة بشأن تحديد هذا المقابل تخرج ممن ولاية المحاكم العادية لتدخل في اختصاص القضاء الإداري، وإذ لم يمحص الحكم المطعون فيه هذا الدفاع مؤسساً قضاءه على أن العلاقة بينهم - بصفاتهم - وبين المطعون ضدهما بشأن العين محل النزاع هي علاقة إيجارية مما تخضع لتشريعات إيجار الأماكن فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الانتفاع بالأموال العامة لا يكون إلا بمقتضى ترخيص ومقابل رسم تحدده السلطة العامة لا أجرة, وأن ذلك يعد من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام، ويخرج عن ولاية القضاء العادي ليدخل في اختصاص جهة القضاء الإداري طبقاً لقانون مجلس الدولة، إذ أن كون الترخيص يمنح للمنتفع مقابل رسم يدفعه للجهة الإدارية المختصة لا يخرج المال العام عن طبيعته ولا يجعل الترخيص عقد إيجار - حتى لو وصفته بذلك الجهة الإدارية - إذ العبرة في تكييف الرابطة التي تربطها بالمنتفع بالمال العام هو بحقيقة الواقع وحكم القانون، ومن ثم لا يخضع للقانون الخاص أو القيود التي تفرضها قوانين إيجار الأماكن. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعنين - بصفاتهم - قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن العين محل النزاع قد أقيمت على إفريز الطريق العام الذي يُعد من الأموال العامة وأن الانتفاع بها يكون بمقتضى ترخيص إداري مقابل رسم لا أجرة، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على ما أورده بمدوناته من أن "... الثابت من عقد الإيجار المقدم صورة طبق الأصل منه أنه قد عنون بأنه عقد إيجار ولم يرد به أية عبارة تفيد بأن يعطي جهة الإدارة سلطة استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص ولا يبين من العقد أيضاً أن القصد منه تسيير مرفق عام أو استغلاله أو المساهمة فيه ومن ثم لا تتوافر أركان العقد الإداري ولا يعتبر من قبيل الترخيص الذي يخرج عن نطاق تطبيق قانون إيجار الأماكن وإنما يتعلق الأمر بعقد إيجار من عقود القانون الخاص.... يخضع لقانون الإيجار الاستثنائي ....", وكان هذا الذي أورده الحكم بأسبابه لا يواجه دفاع الطاعنين - بصفاتهم - سالف الذكر، رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به - لو صح - وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون، فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون، مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.