جلسة 21 من أكتوبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك نواب رئيس المحكمة، وفؤاد نبوي.
----------------
(171)
الطعن رقم 6495 لسنة 63 القضائية
(1) تبديد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القصد الجنائي في جريمة التبديد. تحققه بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه. بحث توافره. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) خيانة أمانة. قصد جنائي. وكالة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
استلام الطاعن السيارة من المجني عليه بصفته وكيلاً عنه للعمل عليها. قيامه بترخيصها وامتناعه عن ردها إليه. يتحقق به القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة. الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(3) أسباب الإباحة ومواقع العقاب. مسئولية جنائية "انعدام المسئولية".
حق المدين الامتناع عن رد الشيء حتى يستوفى ما هو مستحق له قبل الدائن بسبب التزامه. أثره: انعدام مسئوليته الجنائية. متى كان حسن النية.
(4) خيانة أمانة. قصد جنائي. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تصرف الجاني في المال المسلم إليه على وجه الأمانة بنية إضاعته على ربه بتغيير الحيازة الناقصة إلى ملكيته كاملة مع بقاء الحال الذي تسلمه تحت يده. يوفر القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة.
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير مقبول.
تمسك الطاعن بحقه في حبس السيارة موضوع تهمة التبديد. غير مقبول. ما دام أن الحكم قد أثبت في حقه توافر القصد الجنائي.
2 - لما كان الحكم قد استظهر بالأدلة السائغة التي استند إليها - وبما لا يمارى الطاعن في أن له أصله الثابت بالأوراق - أن الطاعن قد تسلم السيارة بصفته وكيلاً عن المجني عليه العراقي الجنسية للعمل عليها وبين العراق والأردن في نقل البضائع إلا أنه توجه بها إلى مصر وقام بترخيصها باسمه بإدارة المرور وامتنع عن ردها لصاحبها دون وجه حق فإنه يكون بذلك قد أضافها إلى ملكه بنية اختلاسها وحرمان صاحبها منها وهو ما يتوافر به القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة على النحو الذي يتطلبه القانون. لما كان ذلك، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد السيارة المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة والمسلمة إليه على سبيل الوكالة لاستعمالها في عمليات الشحن والنقل بين العراق والأقطار العربية فاختلسها لنفسه إضراراً بمالكها وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح.... قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ. استأنف. ومحكمة دمياط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن السيد/.... المحامي عن الأستاذ/.... المحامي... إلخ.
المحكمة
حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن من أنه شريك في السيارة موضوع الجريمة وأطرحه بقوله "ولا يقوم في ذلك أو ينال منه ما قرره المتهم بالتحقيقات من أنه شريك للمجني عليه في السيارة محل الاتهام وآية ذلك أن القول من المتهم قد جاء قولاً مرسلاً لم يؤيده أو يؤازره ثمة دليل بالأوراق كما لم يقدم المتهم ثمة مستندات تؤيد هذا القول أو تقيم الدليل على صحته الأمر الذي يعد معه هذا الأمر الذي قرره المتهم ما هو إلا جدلاً موضوعياً لا يمكن الاعتماد عليه". وهذا الذي أورده الحكم يكفي في الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ويسوغ به إطراحه ذلك أنه من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التبديد يتحقق بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه والبحث في توافره أو عدم توافره مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية التي تنأى عن رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سليماً مستمداً من أوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر بالأدلة السائغة التي استند إليها - وبما لا يمارى الطاعن في أن له أصله الثابت بالأوراق - أن الطاعن قد تسلم السيارة بصفته وكيلاً عن المجني عليه العراقي الجنسية للعمل عليها بين العراق والأردن في نقل البضائع إلا أنه توجه بها إلى مصر وقام بترخيصها باسمه بإدارة المرور وامتنع عن ردها لصاحبها دون وجه حق فإنه يكون بذلك قد أضافها إلى ملكه بنية اختلاسها وحرمان صاحبها منها وهو ما يتوافر به القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة على النحو الذي يتطلبه القانون. لما كان ذلك، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بدعوى انتفاء القصد الجنائي لديه استناداً إلى حقه في الامتناع عن رد السيارة حتى يستوفى ما هو مستحق له مما قام بسداده لمصلحة الجمارك مردوداً بأنه وإن كان من المقرر أن حق الحبس المقرر بمقتضى المادة 246 من القانون المدني يبيح للمدين الامتناع عن رد الشيء - حتى يستوفى ما هو مستحق له قبل الدائن بسبب التزامه مما من شأنه - إن صح وحسنت نيته - انعدام مسئوليته الجنائية بالتطبيق لأحكام المادة 60 من قانون العقوبات وإذ كان القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة يتوافر بتصرف الجاني في المال المسلم إليه على وجه الأمانة بنية إضاعته على ربه بتغيير الحيازة الناقصة إلى ملكية كاملة مع بقاء المال الذي تسلمه تحت يده وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه في حق الطاعن. هذا فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أمام المحكمة بدرجتيها أن الطاعن لم يثر أي منازعة تبرر امتناعه عن رد السيارة موضوع الجريمة كما لم يدع حقه في حبسها وكان من المقرر أنه لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة بأنها أغفلت الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً وهو ما يتعين التقرير به.