الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 24 أبريل 2020

الطعن 1443 لسنة 50 ق جلسة 17 / 12 / 1980 مكتب فني 31 ق 212 ص 1100


جلسة 17 من ديسمبر سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الواحد الديب نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، وحسين كامل حنفي، ومحمد ممدوح سالم، ومحمد رفيق البسطويسي.
----------------
(212)
الطعن رقم 1443 لسنة 50 القضائية

(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفاع شرعي. دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". محضر الجلسة. حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب" نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز إثارة الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي لأول مرة أمام النقض إلا إذ كانت مدونات الحكم تظاهره.
تناول الحكم إصابة بعينها نسب حدوثها للمتهم. وأثبت التقرير الطبي وجودها. لا حاجة للحكم للتعرض لغيرها لم تكن محل اتهام. ولم ترفع بشأنها الدعوى.
 (2)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "خبرة". حكم تسبيبه. تسبيب غير معيب".
محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته، ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة إلى ذلك.
الاعتداء بالفأس لا يستتبع حتماً أن تكون الإصابة الناتجة عنه قطعية. جواز أن تكون رضية.

---------------
1 - متى كان مبنى ما ينعاه الطاعن في شأن اعتداء المجني عليه وولديه عليه وهو ما يرمي به إلى أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه مردوداً بأن الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها، وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أنه لا الطاعن ولا المدافع عنه قد دفع أيهما أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً، هذا إلى أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها.
2 - من المقرر - أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء، وكان الاعتداء بالفأس لا يستتبع حتماً أن تكون الإصابة عنها قطعية، بل يصح ما انتهى إليه الحكم من أنها رضية تأسيساً على حصولها من الجزء غير الحاد منها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب...... عمداً بجسم صلب راض ثقيل "فأس" في رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي الفقد العظمي الكامل بالجدارية اليسرى نتج عنها شلل بالطرف العلوي الأيمن ويقدر العجز الناتج من الفقد العظمي والشلل بنسبة 35% خمسة وثلاثون في المائة. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. وادعى....... مدنياً قبل المتهم طالباً الحكم عليه فضلاً عن العقوبة الجنائية بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1000 جنيه ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بحبس المتهم مع الشغل لمدة سنتين وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 1000 ألف جنيه على سبيل التعويض. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة ضرب نشأت عنه عاهة مستديمة، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يعرض لما أثاره من اعتداء المجني عليه وولديه عليه بالضرب وإحداثهم إصابات برأسه وساعده بل أغفل الإشارة إلى هذه الإصابات عند تحصيله لواقعة الدعوى على الرغم من أهمية ذلك في تقدير مسئوليته، كما لم تجبه المحكمة إلى طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في وصف إصابة المجني عليه، وما إذا كانت قطعية أم رضية تحدث من جسم صلب راض أياً كان نوعه، أو من فأس كما قرر المجني عليه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه في صباح 22 من أكتوبر سنة 1975 نشب نزاع بين المجني عليه والمتهم وشقيقه لقيام المجني عليه بمنع الآخرين من وضع الأرز الخاص بهما أمام منزله، فلما كان عصر ذلك اليوم هاجمه المتهم في منزله واعتدى عليه بالضرب بالفأس في رأسه فأحدث به الإصابة التي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه وما جاء بالتقرير الطبي الشرعي ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان مبنى ما ينعاه الطاعن في شأن اعتداء المجني عليه وولديه عليه وهو ما يرمي به إلى أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه مردوداً بأن الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها، وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أنه لا الطاعن ولا المدافع عنه قد دفع أيهما أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً، هذا إلى أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن لها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى على ما سلف بيانه - قد عرض لطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في حقيقة إصابة المجني عليه وما إذا كانت قطعية أم رضية وهل يمكن أن تحدث من الضرب بفأس ورد عليه في قوله بأن المحكمة ترى عدم إجابة هذا الطلب لانتفاء مبرره، ذلك لأن التقرير الطبي الشرعي فصل في هذه المسألة إذ أثبت الطبيب الشرعي في تقريره المؤرخ 1/ 3/ 1977 وبعد مناظرته المجني عليه والكشف عليه أن إصابته رضية ومثلها تحدث من المصادمة بجسم صلب راض أياً كان نوعه، وكان المجني عليه قد قرر بتحقيقات النيابة أن المتهم ضربه برأس الفأس، فيكون التقرير الطبي الشرعي من ثم قد قطع في هذه المسألة وبما يتفق وما شهد به المجني عليه من أن الإصابة رضية ومثلها تحدث من المصادمة بجسم صلب راض أياً كان نوعه، كما أن التقريريين الطبيين الشرعيين المؤرخين 6/ 3/ 1977، 9/ 7/ 1977 قد وصفا إصابة المجني عليه تفصيلاً وسببها وما انتهت إليه من تخلف عاهة مستديمة لدى المجني عليه حسب التفصيل السابق إيراده يصدر هذه الأسباب، ومن ثم يكون طلب الدفاع الاحتياطي ولا مبرر له فيتعين رفضه" لما كان ذلك، وكان من المقرر - أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء، وكان الاعتداء بالفأس لا يستتبع حتماً أن تكون الإصابة عنها قطعية، بل يصح ما انتهى إليه الحكم من أنها رضية تأسيساً على حصولها من الجزء غير الحاد منها - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1016 لسنة 50 ق جلسة 19 / 12 / 1980 مكتب فني 31 ق 213 ص 1104


جلسة 18 من ديسمبر سنة 1980
برئاسة السيد المستشار صلاح نصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن جمعة؛ ومحمد النادي؛ وصفوت مؤمن، وأحمد أبو زيد.
----------------
(213)
الطعن رقم 1016 لسنة 50 القضائية

دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". مسئولية جنائية. "شيك بدون رصيد".
دفاع الطاعن بحصول المدعي المدني على الشيك تحت تأثير الإكراه. جوهري تقديمه الأدلة على دفاعه. يوجب أن تعرض المحكمة له استقلالاً، كشفاً لمدى صدقه. إمساكها عن ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.

----------------
حيث إنه وإن كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن قدم حافظة بمستنداته التي أشار إليها بأسباب طعنه، إلا أن البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن ملف الدعوى الاستئنافية قد حوى حافظة مستندات الطاعن أثبت بوجهها دفاعه بأنه وقع الشيك موضوع هذه الدعوى مع شيكات أخرى تحت تأثير الإكراه وتمسك بدلالة المستندات التي تضمنتها الحافظة على صحة هذا الدفاع وقد أدرجت تلك الحافظة ضمن بيان الأوراق التي يحتويها ملف الدعوى بما يفيد أنها قدمت للمحكمة وكانت تحت بصرها - ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي الذي دان الطاعن، أخذاً بأسبابه دون أن يعرض لما أبداه الطاعن من دفاع أمام المحكمة الاستئنافية وما قدمه من مستندات تدليلاً على صحة دفاعه، وكان دفاع الطاعن الذي تضمنته حافظة المستندات سالفة البيان يعد في خصوص الدعوى المطروحة هاماً وجوهرياً، لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له استقلالاً وأن تستظهر هذا الدفاع وأن تمحص عناصره كشفاً لمدى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه إن ارتأت إطراحه، أما وقد أمسكت عن ذلك ولم تتحدث عن تلك المستندات مع ما قد يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعن، ولو أنها عنيت ببحثها وفحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون مشوباً، فضلاً عن قصوره بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإحالة.


الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح قصر النيل ضد الطاعن بوصف أنه في يوم أول نوفمبر سنة 1977 بدائرة قسم حدائق القبة محافظة القاهرة: أعطى له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلب عقابه بالمادتين 336/ 337 من قانون العقوبات، والمحكمة المذكورة قررت إحالة الدعوى إلى محكمة جنح حدائق القبة لنظرها، ومحكمة جنح حدائق القبة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت، فاستأنف، ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك بأن المحكمة لم تعرض للمستندات التي قدمها الطاعن للمحكمة الاستئنافية والتي ضمنها دفاعه بأنه وقع على الشيك موضوع الدعوى تحت تأثير الإكراه، وهو دفاع لم تلتفت إليه المحكمة مع جوهريته ولم تعرض للمستندات المؤيدة لصحته وقضت في الدعوى دون أن تعني بتحقيقه أو الرد عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه وإن كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن قدم حافظة بمستنداته التي أشار إليها بأسباب طعنه، إلا أن البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن ملف الدعوى الاستئنافية قد حوى حافظة مستندات للطاعن أثبت بوجهها دفاعه بأنه وقع الشيك موضوع هذه الدعوى مع شيكات أخرى تحت تأثير الإكراه وتمسك بدلالة المستندات التي تضمنتها الحافظة على صحة هذا الدفاع وقد أدرجت تلك الحافظة ضمن بيان الأوراق التي يحتويها ملف الدعوى بما يفيد أنها قدمت للمحكمة وكانت تحت بصرها - ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي الذي دان الطاعن، أخذاً بأسبابه دون أن يعرض لما أبداه الطاعن من دفاع أمام المحكمة الاستئنافية وما قدمه من مستندات تدليلاً على صحة دفاعه، وكان دفاع الطاعن الذي تضمنته حافظة المستندات سالفة البيان يعد في خصوص الدعوى المطروحة هاماً وجوهرياً، لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية، مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له استقلالاً وأن تستظهر هذا الدفاع وأن تمحص عناصره كشفاً لمدى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه إن ارتأت إطراحه، أما وقد أمسكت عن ذلك ولم تتحدث عن تلك المستندات مع ما قد يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعن، ولو أنها عنيت ببحثها وفحص الدفاع المؤسس عليها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون مشوباً فضلاً عن قصوره بالإخلال بحق الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 1487 لسنة 50 ق جلسة 24 / 12 / 1980 مكتب فني 31 ق 215 ص 1113


جلسة 24 من ديسمبر سنة 1980
برياسة السيد المستشار محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان، وحسين كامل حنفي، ومحمد سالم يونس، ومحمد ممدوح سالم.
----------------
(215)
الطعن رقم 1487 لسنة 50 القضائية

 (1)حكم. "وضعه". تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تحرير الحكم بخط غير مقروء أو إفراغه في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة. لا تحقق غرض الشارع من إيجاب التسبيب.
استحالة قراءة أسباب الحكم تجعله خالياً من الأسباب. أثر ذلك. بطلانه.
(2) حكم. "وضعه والتوقيع عليه". "إصداره". "بطلان الحكم". بطلان. شهادة سلبية. إثبات. "بوجه عام".
وجوب وضع الأحكام والتوقيع عليها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها، وإلا كانت باطلة. ما لم تكن صادرة بالبراءة. المادة 312 إجراءات.
الشهادة السلبية دليل إثبات على عدم إيداع الحكم وتوقيعه في الميعاد. يغني عنه بقاء الحكم خالياً من التوقيع حتى نظر الطعن.
بطلان الحكم الاستئنافي. تأييد الحكم المطعون فيه له. أثره: بطلانه.

-----------------
1 - يوجب الشارع في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب المعتبر تحرير الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما تحرير مدونات الحكم بخط غير مقروء أو إفراغه في عبارات عامة معماة، أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المذكور قد خلا فعلاً من أسبابه لاستحالة قراءتها، وكانت ورقة الحكم من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل أسباباً وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانوناً، وإذ كانت هذه الورقة هي السند الوحيد الذي يشهد بوجود الحكم على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها فبطلانها يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته لاستحالة إسناده إلى أصل صحيح شاهد بوجوده بكامل أجزائه مثبت لأسبابه ومنطوقه.
2 - متى كانت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها وإلا كانت باطلة ما لم تكن صادرة بالبراءة، وإنه وإن كان من المقرر أن المعول عليه في إثبات عدم التوقيع على الحكم في هذا الميعاد هو بالشهادة التي تصدر بعد انقضاء هذه المدة متضمنة أن الحكم لم يكن وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليه، إلا أن هذه الشهادة لا تعدو أن تكون دليل إثبات على عدم القيام بهذا الإجراء الذي استلزمه القانون واعتبره شرطاً لقيام الحكم ويغني عن هذا الدليل بقاء الحكم حتى نظر الطعن خالياً من التوقيع، ولما كان الثابت من الاطلاع على الحكم الغيابي الاستئنافي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد خلا حتى الآن من التوقيع عليه من رئيس الهيئة التي أصدرته برغم مضي فترة الثلاثين يوماً التي استوجب القانون توقيع الحكم قبل انقضائها، فإنه يكون مشوباً بالبطلان الذي يستطيل إلى الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييده.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر، المملوكة له والمحجوز عليها إدارياً لصالح الدولة والتي كانت قد سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها يوم البيع، فاختلسها لنفسه إضراراً بالجهة الحاجزة، وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات، ومحكمة جنح مركز العياط الجزئية قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة جنيهين لإيقاف التنفيذ. فاستأنف، ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد شابه البطلان ذلك بأنه أيد الحكم الابتدائي لأسبابه برغم خلو هذا الحكم من الأسباب لوضعها في عبارات غير مقروءة، كما أيد الحكم الغيابي الاستئنافي الباطل لعدم التوقيع عليه من رئيس الدائرة، وذلك مما يعيبه بما يوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي - الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه - أن أغلب أسبابه غير مقروءة وأن عبارات عديدة منها يكتنفها الإبهام في غير اتصال يؤدي إلى معنى مفهوم. لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحرير الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما تحرير مدونات الحكم بخط غير مقروء أو إفراغه في عبارات عامة معماة، أو وضعه في صورة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثابتها بالحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المذكور قد خلا فعلاً من أسبابه لاستحالة قراءتها وكانت ورقة الحكم من الأوراق الرسمية التي يجب أن تحمل أسباباً وإلا بطلت لفقدها عنصراً من مقومات وجودها قانوناً، وإذ كانت هذه الورقة هي السند الوحيد الذي يشهد بوجود الحكم على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها فبطلانها يستتبع حتماً بطلان الحكم ذاته لاستحالة إسناده إلى أصل صحيح شاهد بوجوده بكامل أجزائه مثبت لأسبابه ومنطوقه. لما كان ذلك، وكانت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها وإلا كانت باطلة ما لم تكن صادرة بالبراءة، وأنه وإن كان من المقرر أن المعول عليه في إثبات عدم التوقيع على الحكم في هذا الميعاد هو بالشهادة التي تصدر بعد انقضاء هذه المدة متضمنة أن الحكم لم يكن وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليه، إلا أن هذه الشهادة لا تعدو أن تكون دليل إثبات على عدم القيام بهذا الإجراء الذي استلزمه القانون واعتبره شرطاً لقيام الحكم ويغني عن هذا الدليل بقاء الحكم حتى نظر الطعن خالياً من التوقيع، ولما كان الثابت من الاطلاع على الحكم الغيابي الاستئنافي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد خلا حتى الآن من التوقيع عليه من رئيس الهيئة التي أصدرته برغم مضي فترة الثلاثين يوماً التي استوجب القانون توقيع الحكم قبل انقضائها، فإنه يكون مشوباً بالبطلان الذي يستطيل إلى الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييده. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في طعنه.

الطعن 1491 لسنة 50 ق جلسة 24 / 12 / 1980 مكتب فني 31 ق 216 ص 1117


جلسة 24 من ديسمبر سنة 1980
برياسة السيد المستشار محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان؛ وحسين كامل حنفي، ومحمد سالم يونس؛ ومحمد رفيق البسطويسي.
--------------------
(216)
الطعن رقم 1491 لسنة 50 القضائية

 (1)قانون. "تفسيره". "تطبيقه". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". خلو رجل. إيجار أماكن. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التحرز في تفسير القوانين الجنائية واجب. غموض النص. لا يحول دون تفسيره على هدي قصد المشرع. القياس في مجال التأثيم. محظور.
 (2)إيجار أماكن. خلو رجل. قانون. "تفسيره" "تطبيقه". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". اشتراك.
اقتضاء المؤجر بالذات أو بالواسطة. مقدم إيجار أو أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار. أو خارج نطاقه. زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد. مؤثم.
حصول المؤجر من المستأجر على مقدم إيجار. أو تقاضيه أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار. هما مناط حظر اقتضاء المبالغ الإضافية. أساس ذلك؟.
قصر الإعفاء من العقوبة المنصوص عليها في المادة 45 من القانون 52 لسنة 1969 على الوسيط أو المستأجر دافع خلو الرجل كشريك للمؤجر في الجريمة.
اقتضاء المستأجر بالذات أو بالواسطة من المؤجر أو المالك أو من الغير أية مبالغ في مقابل إنهاء عقد الإيجار وإخلاء المكان المؤجر. لا تأثيم. مخالفة ذلك. خطأ في تأويل القانون.
مدى التزام المالك بدفع المبالغ المحددة بالمواد 49 وما بعدها من القانون 49 لسنة 1977 كتعويض في حالات إخلاء العين المؤجرة لهدمها وإعادة بنائها؟.
 (3)حكم. "بياناته. بيانات حكم الإدانة". "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن، ما يقبل منها".
الحكم بالإدانة. وجوب اشتماله على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.

------------------
1 - الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه في حالة غموض النص، فإن الغموض لا يحول دون تفسيره على هدي ما يستخلص من قصد الشارع، مع مراعاة ما هو مقرر من أن القياس محظور في مجال التأثيم.
2 - إن الشارع إنما يؤثم بالإضافة إلى فعل اقتضاء المؤجر من المستأجر مقدم إيجار - أن يتقاضى منه أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد - وفي حدود ما نص عليه القانون - سواء كان ذلك المؤجر مالك العقار أو مستأجره الذي يروم تأجيره إلى غيره فتقوم في جانبه حينئذ صفة المؤجر وسببية تحرير عقد الإيجار، وهذا مناط حظر اقتضاء تلك المبالغ الإضافية، وذلك بهدف الحيلولة دون استغلال حاجة الطرف المستأجر الملحة إلى شغل المكان المؤجر نتيجة ازدياد أزمة الإسكان المترتبة على زيادة عدد السكان زيادة كبيرة وعدم مواكبة حركة البناء لتلك الزيادة مما حمل الشارع على التدخل لتنظيم العلاقة بين مؤجري العقارات ومستأجريها بقصد حماية جمهور المستأجرين من استغلال بعض المؤجرين. فأرسى الأسس الموضوعية لتحديد أجرة الأماكن في المواد 10، 11، 12 من القانون 52 لسنة 1969 وحظر على المؤجرين في المادتين 17، 45 اقتضاء أية مبالغ بالذات أو بالوساطة تزيد عن الأجرة والتأمين المنصوص عليهما في العقد وفي الحدود التي نص عليها القانون. وإذ كان ذلك فإن الحظر المشار إليه لا يسري على المستأجر الذي ينهي العلاقة الإيجارية ويتنازل للمؤجر أو للغير عن العين المؤجرة لتخلف الصفة والسببية مناط التأثيم. ولا يغير من ذلك ما ورد في المادة 45 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إعفاء المستأجر والوسيط من العقوبة إذا أبلغ أو اعترف بالجريمة، ذلك أن الثابت من المناقشات التي دارت بمجلس الأمة عند نظر مشروع هذا القانون أن الشارع قصد بالإعفاء المنصوص عليه في تلك المادة، المستأجر الذي يدفع مبلغ الخلو المحظور إلى المؤجر فيكون قد شارك بفعله هذا في وقوع الجريمة محل التأثيم. وكذلك الحال بالنسبة للوسيط، فرأى المجلس قصر الإعفاء عليهما فحسب - دون المؤجر - باعتبار أن هذه هي الوسيلة الناجعة لضبط جرائم خلو الرجل، ولذلك فإن حكم الإعفاء لا ينصرف البتة إلى حالة المستأجر الذي يتقاضى (خلو الرجل) بوصفه مؤجراً من الباطن إلى غيره، ومما يزيد الأمر وضوحاً في تحديد نطاق التأثيم كما عناه الشارع وأنه مقصور على المؤجر، أنه عند صياغة حكم الحظر في المادة 26 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن - وهي التي حلت محل المادة 17 من القانون رقم 52 لسنة 1969 دون أي تغيير في مضمون القاعدة - أفصح الشارع بجلاء لا لبس فيه عن هذا المعنى بالنص في تلك المادة على أن "لا يجوز للمؤجر مالكاً أو مستأجراً بالذات أو بالوساطة اقتضاء أي مقابل أو أتعاب بسبب تحرير العقد أو أي مبلغ إضافي خارج نطاق عقد الإيجار زيادة على التأمين والأجرة المنصوص عليهما في العقد كما لا يجوز بأية صورة من الصور للمؤجر أن يتقاضى أي مقدم إيجار". بل إنه لما يؤكد قصد الشارع في عدم تأثيم ما يتقاضاه المستأجر من مبالغ تعويضاً عن ترك العين المؤجرة ما نص عليه في المواد 49 وما بعدها من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر بأن يدفع للمستأجر المبالغ المحددة في هذه المواد على سبيل التعويض في حالات الإخلاء المترتبة على ما استحدثه من أحكام في شأن هدم المباني لإعادة بنائها بشكل أوسع. ولما كان مفاد ذلك كله أن تقاضي المستأجر بالذات أو بالوساطة أية مبالغ مقابل إنهاء عقد الإيجار وإخلاء المكان المؤجر هو فعل مباح يخرج عن دائرة التأثيم سواء طبقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 أو الأمر العسكري رقم 6 لسنة 1973 اللذين استند إليهما الحكم المطعون فيه في إدانة الطاعن، أو أي قانون أو أمر عسكري آخر.
3 - المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة، حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه. بصفته مستأجراً تقاضى من المستأجر اللاحق مبلغ ثلاثة عشر ألف جنيه كخلو رجل. وطلبت عقابه بالمادتين 17، 45 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 63 لسنة 1970 وأمر نائب الحاكم العسكري العام رقم 6 لسنة 1973. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرين ألف جنيه. ومحكمة جنح مصر الجديدة الجزئية قضت حضورياً ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. فاستأنفت النيابة العامة كما استأنف المدعي بالحق المدني - ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بحبس المتهم شهراً مع الشغل وإلزامه بأداء مبلغ 13000 جنيه قيمة الخلو للمدعي بالحق المدني وبأن يؤدي له مبلغ 100 جنيه تعويضاً شاملاً للأضرار التي لحقت به. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه - وهو مستأجر - بجريمة خلو الرجل وألزمه بالرد والتعويض المدني عن واقعة اقتضائه من المطعون ضده مبلغاً من النقود مقابل تنازله له عن الشقة المؤجرة له من مالكها قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يعن ببيان أركان الجريمة والتدليل على توافرها في حقه، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المدعي بالحقوق المدنية (المطعون ضده) أبلغ النيابة العامة بأن الطاعن - الذي يستأجر شقة يستعملها كعيادة لطب الأسنان - قبل أن يسلمه العيادة المذكورة خالية وأن يحصل له على عقد إيجار من المالك شريطة أن يحرر عقد بينهما يثبت فيه أنه باعه منقولات وأثاثاً بالشقة نظير مبلغ ألفي جنيه وأن يدفع له مبلغ ثلاثة عشر ألف جنيه، وفي الموعد المحدد سلم المطعون ضده المبلغ المتفق عليه إلى الطاعن الذي سلمه لزوجته التي انصرفت به وتوجها معاً إلى المالك الذي حرر عقد الإيجار للمطعون ضده، وخلص الحكم إلى ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن استناداً إلى أقوال المطعون ضده وشهادة الشهود، وانتهى إلى مؤاخذته بالمادتين 17، 45 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين والمادة الأولى من الأمر العسكري رقم 6 لسنة 1973 لتقاضيه مبلغاً إضافياً خارج نطاق الإيجار. لما كان ذلك وكان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه في حالة غموض النص، فإن الغموض لا يحول دون تفسيره على هدي ما يستخلص من قصد الشارع؛ مع مراعاة ما هو مقرر من أن القياس محظور في مجال التأثيم، وكان يبين من استقراء التشريعات والأوامر العسكرية التي تناولت تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين أن أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 جاءت - عند صدوره - خلواً من النص على تأثيم ما عسى أن يتقاضاه المؤجرون من المستأجرين من مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار، مما حدا بالشارع إلى إصدار القانون رقم 11 لسنة 1962 بإضافة فقرة جديدة إلى المادة 16 من القانون رقم 121 لسنة 1947 تنص على أنه "يعاقب بالعقوبة المشار إليها كل مؤجر يتقاضى أي مبلغ إضافي خارج نطاق عقد الإيجار كخلو أو ما يماثله من المستأجر مباشرة أو عن طريق وسيط في الإيجار، وفي الحالة الأخيرة تطبق العقوبة ذاتها على الوسيط" وأفصح الشارع عن الهدف الذي تغياه من هذا التعديل فيما تضمنته المذكرة الإيضاحية للقانون من أن "بعض المؤجرين ما زالوا يحصلون على مبالغ إضافية خارج نطاق عقد الإيجار كخلو رجل تحايلاً منهم على قوانين تخفيض إيجار الأماكن التي قصد منها حماية المستأجرين من مغالاة المؤجرين في تقدير الإيجار وأن المادة السادسة من القانون رقم 121 لسنة 1947 تنص على التزام المؤجر برد أية مبالغ يحصل عليها من المستأجر خارج نطاق عقد الإيجار، سواء حصل عليها مباشرة أو عن طريق وسيط في الإيجار، وهذه المبالغ هي ما يعرف اصطلاحاً بخلو الرجل، أو أي مبالغ أخرى يحصل عليها المؤجر دون سبب مشروع والغرض من تقرير هذا الحكم هو حماية الآثار التي استهدفها المشرع في تحديد الإيجار لصالح المستأجرين، إلا أن القانون لم يضع جزاء جنائياً على مخالفة هذه المادة ضمن العقوبات التي نصت عليها المادة 16 منه لذلك يقتضي الأمر إدراج هذه المخالفة ضمن المخالفات الأخرى التي تستوجب الجزاء الجنائي الوارد بهذه المادة وتطبيقها على المؤجر أو وسيط الإيجار في حالة الحصول على هذه المبالغ....." ثم بعد ذلك، وإذ صدر القانون رقم 52 لسنة 1969 - الذي حصلت واقعة الدعوى في ظله - فقد نص في المادة 17 منه على أنه "لا يجوز للمؤجر بالذات أو بالوساطة اقتضاء أي مقابل أو أتعاب بسبب تحرير العقد أو أي مبلغ إضافي خارج نطاق عقد الإيجار زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد، ويسري هذا الحظر أيضاً على المستأجر، كما لا يجوز بأي صورة من الصور للمؤجر اقتضاء مقدم إيجار كما نصت المادة 40 من هذا القانون على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المادة 17 سواء كان مؤجراً أو مستأجراً أو وسيطاً ويعفى من العقوبة كل من المستأجر والوسيط إذا أبلغ أو اعترف بالجريمة". وإبان مناقشة هذا المشروع في مجلس الأمة أجاب رئيس المجلس على تساؤل أحد الأعضاء بأن الحكمة من إضافة الفقرة التي تقضي بسريان الحظر على المستأجر إلى المادة 17 - هي منع المؤجر من الباطن من أن يقتضي مقدماً من الذي يؤجر له". كما وأن المادة الأولى من الأمر العسكري رقم 6 لسنة 1973 نصت على أنه "لا يجوز للمالك أن يقتضي من المستأجر أية مبالغ سواء كمقدم أجرة أو تأمين أو أية صفة أخرى غير ذلك بما يجاوز مجموع أجرة شهرين، ويعاقب المؤجر أو المالك على مخالفة ذلك بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه ولا تقل عن قيمة المبالغ المدفوعة زيادة عن الحد المذكور، مع إلزامه برد المبالغ التي يحصل عليها، ويعاقب بنفس العقوبة كل من حصل من المستأجر على مقابل للتأجير (خلو رجل) بأية صورة وتحت أي ستار، مع إلزامه برد المبالغ التي حصل عليها". ولما كان البين من استقراء هذه النصوص والأعمال التشريعية التي اقترنت بإصدار بعضها، أن الشارع إنما يؤثم - بالإضافة إلى فعل اقتضاء المؤجر من المستأجر مقدم إيجار - أن يتقاضى منه أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد - وفي حدود ما نص عليه القانون - سواء كان ذلك المؤجر مالك العقار أو مستأجره الذي يروم تأجيره إلى غيره فتقوم في جانبه حينئذ صفة المؤجر وسببية تحرير عقد الإيجار، وهما مناط حظر اقتضاء تلك المبالغ الإضافية، وذلك بهدف الحيلولة دون استغلال حاجة الطرف المستأجر الملحة إلى شغل المكان المؤجر نتيجة ازدياد أزمة الإسكان المترتبة على زيادة عدد السكان زيادة كبيرة وعدم مواكبة حركة البناء لتلك الزيادة مما حمل الشارع على التدخل لتنظيم العلاقة بين مؤجري العقارات ومستأجريها بقصد حماية جمهور المستأجرين من استغلال بعض المؤجرين، فأرسى الأسس الموضوعية لتحديد أجرة الأماكن في المواد 10، 11، 12 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وحظر على المؤجرين في المادتين 17، 45 اقتضاء أية مبالغ بالذات أو بالوساطة تزيد عن الأجرة والتأمين المنصوص عليهما في العقد وفي الحدود التي نص عليها القانون. وإذ كان ذلك فإن الحظر المشار إليه لا يسري على المستأجر الذي ينهي العلاقة الإيجارية ويتنازل للمؤجر أو للغير عن العين المؤجرة لتخلف الصفة والسببية مناط التأثيم. ولا يغير من ذلك ما ورد في المادة 45 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إعفاء المستأجر والوسيط من العقوبة إذا أبلغ أو اعترف بالجريمة، ذلك أن الثابت من المناقشات التي دارت بمجلس الأمة عند نظر مشروع هذا القانون أن الشارع قصد بالإعفاء المنصوص عليه في تلك المادة، المستأجر الذي يدفع مبلغ الخلو المحظور إلى المؤجر فيكون قد شارك بفعله هذا في وقوع الجريمة محل التأثيم، وكذلك الحال بالنسبة للوسيط، فرأى المجلس قصر الإعفاء عليهما فحسب - دون المؤجر - باعتبار أن هذه هي الوسيلة الناجعة لضبط جرائم خلو الرجل، ولذلك فإن حكم الإعفاء لا ينصرف البتة إلى حالة المستأجر الذي يتقاضى (خلو الرجل) بوصفه مؤجراً من الباطن إلى غيره ومما يزيد الأمر وضوحاً في تحديد نطاق التأثيم كما عناه الشارع وأنه مقصور على المؤجر، أنه عند صياغة حكم الحظر في المادة 26 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن - وهي التي حلت محل المادة 17 من القانون رقم 52 لسنة 1969 دون أي تغيير في مضمون القاعدة - أفصح الشارع بجلاء لا لبس فيه عن هذا المعنى بالنص في تلك المادة على أن "لا يجوز للمؤجر مالكاً أو مستأجراً بالذات أو بالوساطة اقتضاء أي مقابل أو أتعاب بسبب تحرير العقد أو أي مبلغ إضافي خارج نطاق عقد الإيجار زيادة على التأمين والأجرة المنصوص عليهما في العقد، كما لا يجوز بأية صورة من الصور للمؤجر أن يتقاضى أي مقدم إيجار". بل إنه لمما يؤكد قصد الشارع في عدم تأثيم ما يتقاضاه المستأجر من مبالغ تعويضاً عن ترك العين المؤجرة ما نص عليه في المواد 49 وما بعدها من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر بأن يدفع للمستأجر المبالغ المحددة في هذه المواد على سبيل التعويض في حالات الإخلاء المترتبة على ما استحدثه من أحكام في شأن هدم المباني لإعادة بنائها بشكل أوسع. ولما كان مفاد ذلك كله أن تقاضي المستأجر بالذات أو بالوساطة أية مبالغ مقابل إنهاء عقد الإيجار وإخلاء المكان المؤجر هو فعل مباح يخرج عن دائرة التأثيم سواء طبقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 أو الأمر العسكري رقم 6 لسنة 1973 اللذين استند إليهما الحكم المطعون فيه في إدانة الطاعن، أو أي قانون أو أمر عسكري آخر، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة، حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا - على ما سلف بيانه - من إيراد واقعة الدعوى في صورة من الصور التي يؤثمها القانون رقم 52 لسنة 1969 أو الأمر العسكري رقم 6 لسنة 1973 - سواء بتوافر صفة المؤجر في حق الطاعن وتقاضيه المبلغ المشار إليه في الحكم بسبب تحريره عقد إيجار بالمكان الذي سلمه للمطعون ضده، أو بوصف كونه شريكاً للمؤجر لهذا المكان في تقاضي المبلغ المذكور أو وسيطاً لديه في ذلك، وإيراد الأدلة على ذلك الاشتراك أو تلك الوساطة، فإنه يكون - فوق خطئه في تأويل القانون - قاصر البيان بما يوجب نقضه والإعادة مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف المدنية وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 597 لسنة 50 ق جلسة 25 / 12 / 1980 مكتب فني 31 ق 217 ص 1126


جلسة 25 من ديسمبر سنة 1980
برياسة السيد المستشار/ الدكتور أحمد رفعت خفاجى نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: حسن جمعة، وأحمد محمود هيكل؛ ومحمد عبد الخالق النادي؛ وأحمد أبو زيد.
----------------
(217)
الطعن رقم 597 لسنة 50 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)إجراءات. "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الجازم. ماهيته؟
حق المحكمة في الاستغناء عن سماع الشهود. إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
 (3)إجراءات. "إجراءات المحاكمة". إثبات. "شهود".
تلاوة أقوال الشهود الغائبين. من الإجازات. تكون واجبة إذا طلبها المتهم أو المدافع عنه.
 (4)إثبات. "بوجه عام". "شهود".
حق محكمة الموضوع في الأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة. حقها في الأخذ بقول الشاهد في أية مرحلة.
 (5)إثبات. "بوجه عام". استعراف. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم رسم القانون صورة خاصة للتعرف على المتهم.
 (6)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي.

--------------------
1 - من حيث إن الطاعن الأول........ وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وإذ كانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1952 قد خولت المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوي في ذلك أن يكون هذا القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً.
3 - من المقرر أن تلاوة أقوال الشهود الغائبين هي من الإجازات التي رخص بها الشارع للمحكمة فلا تكون واجبة إلا إذا طلبها المتهم أو المدافع عنه.
4 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وأن تأخذ بقول الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليه وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة.
5 - لما كان القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المجني عليها على الطاعن ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبولة.
6 - لما كان الدفع بتلفيق التهمة دفع موضوعي لا يستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن تلفيق التهمة وتأخير الإبلاغ بالواقعة وعدم وجود آثار عنف أو مقامة بالمجني عليها لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه معاودة التصدي له أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم: خطفوا...... التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة وكان ذلك بطريق الإكراه بأن اعترضوا طريقها أثناء استقلالها سيارة أجرة وأجبروها تحت تهديد السلاح "مطواة" لمصاحبتهم إلى منطقة الأندلس بالأهرام. (المتهم الأول): هتك عرض....... بالقوة والتهديد بأن شرع مطواة في وجهها وقام بخلع ملابسها عنها وألقاها على الفراش ولامس قضيبه فخذيها على الوجه المبين بالتحقيقات، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً في 28 من أكتوبر سنة 1978 عملاً بالمادتين 268/ 1، 290 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول........ وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً عملاً بنص المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الثاني بجريمة خطف أنثى تبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب، ذلك بأن المدافع عنه تمسك بضرورة سماع أقوال شاهدي الإثبات....... و...... غير أن المحكمة استمعت إلى شهادة الأولى فقط رغم عدم تنازله عن سماع شهادة الثاني ولم تقم المحكمة بتلاوة أقواله بالجلسة هذا إلى أن الحكم عول في إدانة الطاعن على أقوال المجني عليها في التحقيقات رغم اختلافها عن تلك التي أدلت بها بجلسة المحاكمة، ودفع الطاعن بأن تعرف المجني عليها عليه لم يتم بعرض قانوني، وبتلفيق الاتهام له من رجال المباحث بدلالة التأخر في الإبلاغ بالواقعة وعدم وجود آثار عنف أو مقاومة بالمجني عليها إلا أن المحكمة أطرحت دفاعه وردت عليه بإجمال لا ينبئ عن أنها استوعبته ومحصته. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة خطف أنثى تبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة التي دان الطاعن الثاني بها وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات........ المجني عليها و...... واعتراف المحكوم عليه الآخر......، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب سماع شاهدي الإثبات وقررت المحكمة تأجيل الدعوى إلى جلسة لاحقه لسماعهما ثم حضرت الشاهدة الأولى وحدها واستمعت المحكمة إلى أقوالها، وترافع المدافع عن الطاعن دون أن يصر بصدر مرافعته أو بختامها أو بالجلسة التي أجلت لها الدعوى بعد ذلك على ضرورة سماع أقوال الشاهد الثاني مما مفاده أنه عدل عن هذا الطلب لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وإذ كانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 113 لسنة 1957 قد خولت المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذ قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوي في ذلك أن يكون هذا القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان المقرر أن تلاوة أقوال الشهود الغائبين هي من الإجازات التي رخص بها الشارع للمحكمة فلا تكون واجبة إلا إذا طلبها المتهم أو المدافع عنه، وكان لا يبين من مطالعة جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب تلاوة أقوال الشاهد الذي تنازل عن سماعه فإنه لا يقبل منه أن يثير هذا الأمر أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يجادل في أن ما حصله الحكم من شهادة المجني عليها بالتحقيقات له أصله الثابت في الأوراق، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة وأن تأخذ بقول الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليه وأن تلتفت عما عداه دون أن تبين العلة، فإنه ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم للتعرف صورة خاصة يبطل إذا لم يتم عليها وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ولو لم يجر عرضه في جمع من أشباهه ما دامت قد اطمأنت إليه، إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المجني عليها على الطاعن ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبولة. لما كان ذلك وكان الدفع بتلفيق التهمة دفع موضوعي لا يستأهل بحسب الأصل رداً صريحاً بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع عن المتهم لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها إياها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن تلفيق التهمة وتأخير الإبلاغ بالواقعة وعدم وجود آثار عنف أو مقامة بالمجني عليها لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي لما استقر في عقيدة المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها مما لا يقبل معه معاودة التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 598 لسنة 50 ق جلسة 25 / 12 / 1980 مكتب فني 31 ق 218 ص 1132

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1980
برياسة السيد المستشار الدكتور أحمد رفعت خفاجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن جمعة، وأحمد محمود هيكل، وصفوت خالد مؤمن، وأحمد أبو زيد.
---------------------
(218)
الطعن 598 لسنة 50 القضائية
 (1)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بارتكاب الجريمة بمعرفة آخر. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوع.
(2) محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "شهود".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها. ما دام استخلاصها سائغاً. وزن أقوال الشهود. موضوعي.
 (3)قتل عمد. مسئولية جنائية. قصد جنائي. "الخطأ في شخص المجني عليه". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
انتهاء الحكم إلى أن واقعة الدعوى صورة من حالات الخطأ في الشخص. مؤداه؟
الخطأ في شخص المجني عليه لا يغير من قصد المتهم، ولا من ماهية الفعل الجنائي الذي ارتكبه تحقيقاً لهذا القصد. مسئوليته عن الإصابة العمدية. ولو أصاب شخصاً غير الذي تعمد ضربه. العمد يكون باعتبار الجاني وليس باعتبار المجني عليه.
 (4)حكم. "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". "حجية الحكم".
العبرة في الحكم بالمعاني، لا بالألفاظ والمباني.
(5) عقوبة. "العقوبة المبررة". قتل عمد. شروع. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي على الحكم في صدد جريمتي قتل وشروع فيه. متى أخذ المتهم بجريمة قتل أخرى ثبتت في حقه. وأوقع عليه عقوبتها بحسبانها العقوبة الأشد.
 (6)قتل عمد. سبق إصرار. مسئولية جنائية.
مساءلة الجاني عن جريمة القتل التي ارتكبها مع غيره متى توافر سبق الإصرار وإن قل نصيبه في الأفعال المادية المكونة لها.
ثبوت أن الجاني قد قل نصيبه في الأفعال المادية المكونة للجريمة أو أنه قام بنصيب أو في من هذه الأفعال، لا يغير من أساس المسئولية.
 (7)وصف التهمة. محكمة الموضوع. "سلطتها في تعديل وصف التهمة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق محكمة الموضوع في رد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الصحيح، دون لفت نظر الدفاع، ما دامت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة. هي بذاتها التي اتخذت أساساً للوصف الجديد. مثال.
--------------------
1 -  النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - لما كان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى أن الجاني كان في إمكانه ارتكاب الجريمة دون أن يراه أحد إذ أن مفاد ما تناهى إليه الحكم من تصوير للواقعة هو إطراح دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير.
3 - لا يجدي الطاعن التحدي بأن الحكم لم يفصح عن بيان نية القتل لمن أخطأ في شخصهم من المجني عليهم لأن تحديد هذا القصد بالمجني عليه الأول بذاته أو تحديده وانصراف أثره إلى المجني عليهم الآخرين لا يؤثر في قيامه ولا يدل على انتفائه ما دامت الواقعة كما أثبتها الحكم لا تعدو أن تكون صورة من حالات الخطأ في الشخص التي يؤخذ الجاني فيها بالجريمة العمدية حسب النتيجة التي انتهى إليها فعله ولأن الخطأ في شخص المجني عليه لا يغير من قصد المتهم ولا من ماهية الفعل الجنائي الذي ارتكبه تحقيقاً لهذا الغرض، ومن ثم فإن ما أورده الحكم بياناً لنية القتل وتوافرها لدى الطاعن بالنسبة لجريمة قتل المجني عليه الأول ينعطف حكمه بطريق اللزوم إلى جرائم القتل والشروع فيه الأخرى التي دانه بها.
4 - لا يقدح في سلامة الحكم ما سطره في مقام نفي ظرف الاقتران من القول بأن الطاعن "لم يقصد قتل المجني عليهم من الثاني إلى الرابع وإنما نشأ هذا القتل والشروع فيه نتيجة إطلاق النار قاصداً قتل المجني عليه الأول، إذ البين من السياق الذي تخللته هذه العبارة - على ما سلف بيانه - أنها تعني أن الطاعن أطلق النار على المجني عليه الأول قاصداً قتله فأخطأته بعض الأعيرة وأصابت المجني عليهم الآخرين ولا تعني انتفاء نية القتل لديه في شأن هؤلاء بل هي ترديد لما ساقه الحكم من قبل حسبما يبين من مدوناته المتكاملة، ومن ثم فإن صياغتها على النحو المشار إليه لم تكن بذي أثر على عقيدة المحكمة التي تقوم على المعاني لا على الألفاظ والمباني وطالما كان المعنى المقصود منها هو توافر نية القتل لا انتفاؤها.
5 - بحسب الحكم ما أثبته من قيام جريمة قتل المجني عليه الأول مع سبق الإصرار والترصد في حق الطاعن كي يستقيم قضاؤه عليه بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة، ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم بالنسبة لجرائم القتل والشروع فيه الأخرى ما دام البين من مدوناته أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعن عقوبة واحدة عن كافة الجرائم التي دانه بها - تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة قتل المجني عليه الأول. وإذ كان الحكم قد أثبت مقارفة الطاعن لجرائم القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار فقد وجب مساءلته عنها سواء ارتكبها وحده أو مع غيره ولا يغير من أساس المسئولية في حكم القانون أن يثبت أن الجاني قد قل نصيبه في الأفعال المادية المكونة لها أو قام بنصيب أوفى من هذه الأفعال.
6 - لا يعيب الحكم إن هو نسب إلى الطاعن مقارفته لهذه الجرائم مع غيره في حين أن وصف التهمة المرفوع بها الدعوى قد أفرده بالاتهام دون لفت نظره إلى ذلك، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم بها دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار الطاعن فاعلاً مع غيره وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعن بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه. (أولاً). قتل....... عمداً مع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن بيت النية على قتله وعقد العزم على ذلك فأعد لذلك أسلحة نارية سريعة الطلقات وذخيرة وابتدره بعدد من الطلقات النارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (ثانياً). قتل...... مع سبق الإصرار وذلك بأن بيت النية على قتل..... وعقد العزم على ذلك فأعد لذلك سلاحاً نارياً سريع الطلقات وذخيرة وابتدره بعدد من الأعيرة النارية قاصداً من ذلك قتله فحادث إحدى الطلقات عن الهدف وأصابت ...... فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (ثالثاً). شرع في قتل كل من..... و...... عمداً وذلك مع سبق الإصرار والترصد. (رابعاً). أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً "مدفعاً" مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه. (خامساً). أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مصرحاً له بحمل الأسلحة والذخائر وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 2، 6، 26/ 2 - 4 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 والقسم الثاني من الجدول رقم 3 الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على أنه لم يرتكب الجريمة وأن مقارفها هو المتهم الآخر - المتوفى - أخذاً بثأر والده وأنه لا يتصور وقوع الحادث كما رواه شهود الإثبات بل إن طبيعة مكان الحادث ووجود زراعة محيطة به تمكن الجاني من الاختفاء فيها وارتكاب الجريمة دون أن يراه أحد إلا أن المحكمة أعرضت عن هذا الدفاع ولم ترد عليه، كما أن الحكم اقتصر على بيان نية القتل في جريمة قتل المجني عليه الأول دون أن يدلل على توافرها لدى الطاعن بالنسبة لجرائم القتل والشروع فيه الأخرى التي دانه بها، بل نفى عنه هذا القصد في حديثه عنها وهو ما يكشف عن اضطراب الواقعة وعدم استقرارها في ذهن المحكمة، كذلك لم تلفت المحكمة نظر الطاعن لتعديلها وصف التهمة الوارد بأمر الإحالة حين اعتبرته فاعلاً مع غيره، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن وآخر (توفي) انتويا قتل المجني عليه الأول لخصومة ثأرية وأعدا لذلك أسلحة نارية سريعة الطلقات وترصدا له في زراعة قصب أمام المكان الذي اعتاد التردد عليه لصرف مقرراته التموينية وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه الطاعن عدة أعيرة نارية من مدفعه الرشاش كما أطلق عليه الآخر عدة أعيرة من بندقيته فأردياه قتيلاً، كما أصابت إحدى الأعيرة التي أطلقها الطاعن المجني عليه الثاني فأرداه قتيلاً وأصابت بعض الطلقات المجني عليهما الثالث والرابع وأسعفا بالعلاج. وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية والتقارير الطبية وتتوافر بها كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت شهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى أن الجاني كان في إمكانه ارتكاب الجريمة دون أن يراه أحد إذ أن مفاد ما تناهى إليه الحكم من تصوير للواقعة هو إطراح دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم أنه بعد أن عرض لنية إزهاق الروح ودلل على توافرها لدى الطاعن في جريمة قتل المجني عليه الأول من وجود الخصومة الثأرية التي أوغرت صدره نحوه ومن استعماله سلاحاً قاتلاً بطبيعته وتعدد الأعيرة التي أطلقها وزميله صوب المجني عليه واستهدافهما مقاتل من جسمه وهو تدليل سائغ وكاف في بيان تلك النية بما لا مطعن عليه من الطاعن، تناول الحكم جرائم القتل والشروع فيه الأخرى وانتهى إلى مساءلة الطاعن عنها بقوله. "وحيث إنه من المقرر قانوناً أن المتهم وإن كان قد أطلق النار قاصداً قتل المجني عليه....... مع سبق الإصرار فحادث بعض الأعيرة عن الهدف وأصابت إحداها...... فأحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته فإنه يعد مسئولاً عن قتل....... أيضاً عمداً مع سبق الإصرار كما يسأل أيضاً عن شروعه في قتل كل من........ و....... اللذين أصيبا من جراء إطلاق الأعيرة النارية لقتل المجني عليه الأول". وكان لا يجدي الطاعن التحدي بأن الحكم لم يفصح عن بيان نية القتل لمن أخطأ في شخصهم من المجني عليهم لأن تحديد هذا القصد بالمجني عليه الأول بذاته أو تحديده وانصراف أثره إلى المجني عليهم الآخرين لا يؤثر في قيامه ولا يدل على انتفائه ما دامت الواقعة كما أثبتها الحكم لا تعدو أن تكون صورة من حالات الخطأ في الشخص التي يؤخذ الجاني فيها بالجريمة العمدية حسب النتيجة التي انتهى إليها فعله ولأن الخطأ في شخص المجني عليه لا يغير من قصد المتهم ولا من ماهية الفعل الجنائي الذي ارتكبه تحقيقاً لهذا الغرض، ومن ثم فإن ما أورده الحكم بياناً لنية القتل وتوافرها لدى الطاعن بالنسبة لجريمة قتل المجني عليه الأول ينعطف حكمه بطريق اللزوم إلى جرائم القتل والشروع فيه الأخرى التي دانه بها ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد في غير محله. ولا يقدح في سلامة الحكم ما سطره في مقام نفي ظرف الاقتران من القول بأن الطاعن "لم يقصد قتل المجني عليهم من الثاني إلى الرابع وإنما نشأ هذا القتل والشروع فيه نتيجة إطلاق النار قاصداً قتل المجني عليه الأول". إذ البين من السياق الذي تخللته هذه العبارة - على ما سلف بيانه - أنها تعني أن الطاعن أطلق النار على المجني عليه الأول قاصداً قتله فأخطأته بعض الأعيرة وأصابت المجني عليهم الآخرين ولا تعني انتفاء نية القتل لديه في شأن هؤلاء بل هي ترديد لما ساقه الحكم من قبل حسبما يبين من مدوناته المتكاملة ومن ثم فإن صياغتها على النحو المشار إليه لم تكن بذي أثر على عقيدة المحكمة التي تقوم على المعاني لا على الألفاظ والمباني وطالما كان المعنى المقصود منها هو توافر نية القتل لا انتفاؤها وهو ما تندفع به دعوى تناقض الحكم التي رماه بها الطاعن، هذا إلى أنه بحسب الحكم ما أثبته من قيام جريمة قتل المجني عليه الأول مع سبق الإصرار والترصد في حق الطاعن كي يستقيم قضاؤه عليه بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة ومن ثم فلا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم بالنسبة لجرائم القتل والشروع فيه الأخرى ما دام البين من مدوناته أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعن عقوبة واحدة عن كافة الجرائم التي دانه بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة قتل المجني عليه الأول. لما كان ذلك، وإذ كان الحكم قد أثبت مقارفة الطاعن لجرائم القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار فقد وجب مساءلته عنها سواء ارتكبها وحده أو مع غيره ولا يغير من أساس المسئولية في حكم القانون أن يثبت أن الجاني قد قل نصيبه في الأفعال المادية المكونة لها أو قام بنصيب أوفى من هذه الأفعال وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن ومن ثم فلا يعيب الحكم إن هو نسب إلى الطاعن مقارفته لهذه الجرائم مع غيره في حين أن وصف التهمة المرفوع بها الدعوى قد أفرده بالاتهام دون لفت نظره إلى ذلك، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم بها دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار الطاعن فاعلاً مع غيره وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعن بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه، ومن ثم فقد بات النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.