الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 أبريل 2020

الطعن 6944 لسنة 61 ق جلسة 16 / 12 / 1991 مكتب فني 42 ج 2 ق 185 ص 1342

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين مجدي منتصر وحسن حمزة ومجدي الجندي نواب رئيس المحكمة ومصطفى كامل.
--------------
(185)
الطعن رقم 6944 لسنة 61 القضائية
(1) محضر الجلسة. حكم "بياناته" "بيانات الديباجة" "بطلانه". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ذكر اسم المستشار في الحكم سهواً بدلاً من آخر ورد اسمه في محضر الجلسة. لا يعيبه.
تصحيح هذا الخطأ. يعول فيه على ما أثبت بمحضر جلسة النطق بالحكم. علة ذلك؟
 (2)إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سقوط الحق في التمسك ببطلان إجراء من إجراءات التحقيق بالجلسة. بعدم اعتراض محامي المتهم رغم حصوله في حضوره. المادة 333 إجراءات.
 (3)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إعادة إجراءات المحاكمة أو سماع الشهود عند تغيير هيئة المحكمة. غير واجب. ما لم يصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك أو ترى المحكمة محلاً لهذه الإعادة.
تنازل المتهم أو المدافع عنه عن طلب إعادة الإجراءات صراحة أو ضمناً. الحكم في الدعوى دون إعادة. لا عيب.
مثال.
 (4)محضر الجلسة. تزوير "الطعن بالتزوير". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
إثبات عكس ما أثبت بمحضر الجلسة أو بالحكم. لا يكون إلا بالطعن بالتزوير.
(5) محاكم أمن الدولة. اختصاص "الاختصاص الولائي". دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" ارتباط. رشوة. تربح. كسب غير مشروع. إضرار عمدي.
اختصاص محاكم أمن الدولة العليا دون غيرها بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها. المادة 3/ 1 من القانون رقم 105 لسنة 1980.
تقدير توافر الارتباط. موضوعي.
مثال.
 (6)وصف التهمة. بطلان. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". رشوة. تربح.
المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل. لها أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.
(7) وصف التهمة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التغيير في التهمة المحظورة على المحكمة. هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها.
 (8)إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
 (9)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي؟
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 (10)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خصومة الشاهد للمتهم. لا تمنع من الأخذ بشهادته.
(11) إثبات "خبرة" "قرائن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
استناد الحكم إلى ما جاء بتقرير خبير تفريغ الشرائط المسجلة كقرينة معززة لأدلة الثبوت الأساسية التي انبنى عليها. لا عيب.
 (12)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع ببطلان الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي على الحكم بالقصور على الرد على دفع ببطلان تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات. طالما لم يتساند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد من هذا التقرير.
 (13)ارتباط "عقوبة الجرائم المرتبطة". عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الجريمة الأشد".
مناط تطبيق كل من فقرتي المادة 32 عقوبات وأثر التفرقة بينهما في تحديد العقوبة؟
(14) نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها".
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم تلقائياً من نفسها. متى تبين أنه بني على خطأ في تطبيق القانون. المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959.
(15) عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". رشوة. كسب غير مشروع. الإضرار العمدي. تربح. ارتباط.
اعتبار الحكم جرائم الكسب غير المشروع والإضرار العمدي والتربح والرشوة مرتبطة ببعضها ومعاقبة المتهم بالعقوبة المقررة للجريمة الأخيرة لم يقبل نعيه بشأنها. انعدام مصلحته فيما يثيره بشأن الجرائم الأخرى.
------------------
1 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الدعوى كانت مؤجلة إلى دور فبراير الذي نظرت فيه اعتباراً من 21/ 2/ 1991 بتشكيل. المستشار/ ..... عضو يسار به، بدلاً من المستشار/ .....، وقامت المحكمة في هذا الدور بسماع الشهود ومرافعات النيابة والدفاع حتى جلسة 28/ 2/ 1991 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، مما يقطع بأن الهيئة التي سمعت المرافعة وأصدرت الحكم كانت بعضوية المستشار/ .....، وبأن ذكر اسم المستشار/ ..... بديباجة الحكم كان وليد سهو وقع فيه الكاتب، ولما كان المعول عليه في تصحيح هذا الخطأ هو بما يستمد من محضر جلسة النطق بالحكم باعتباره مكملاً له فإن الطعن على هذا السهو لا يكون له محل.
2 - لما كان الثابت أن الدفاع قد أتيح له مجال المرافعة على مدى جلسات متعددة تناول فيها المراحل التي مرت بها الدعوى وما قدم فيها من مستندات وأدلة فإن اختتامه مرافعته بعد ذلك بطلب القضاء بالبراءة مفاده أنه قد أصبح على قناعة بأن الدعوى قد أضحت صالحة للفصل فيها من الهيئة التي أبدى أمامها دفاعه، وكان الدفاع لا يدعي أن حقه في المرافعة قد حجر عليه، فإن منازعته في كفاية ما أتيح لعضو اليسار من وقت للإحاطة بوقائع الدعوى تكون غير مقبولة، إذ كان في إمكانه إيضاح ما يهمه إيضاحه من وقائع خلال المرافعة فضلاً أن هذا المنعى لا يتصل بصحة تشكيل المحكمة أو بولايتها أو باختصاصها مما هو متعلق بالنظام العام وإنما يتصل بإجراءات التحقيق بالجلسة التي يسقط الحق في التمسك ببطلانها متى كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره ودون اعتراض منه طبقاًَ لنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ كان الدفاع عن الطاعن لم يعترض على قيام المحكمة بتحقيق الدعوى وسماع الشهود قبل إتاحة الفرصة لعضو اليسار للإحاطة بالمستندات ولم يطلب التأجيل لهذا الغرض فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله.
3 - من المقرر أن القانون لم يوجب عند تغير هيئة المحكمة إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة أو تلاوتها إلا إذا أصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك أما إذا تنازل عن ذلك صراحة أو ضمناً ولم تر المحكمة من جانبها محلاً لذلك، فلا عليها إن هي قضت في الدعوى واعتمدت في حكمها على الإجراءات المتخذة في مرحلة سابقة ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها، وإذ كان الثابت أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب إعادة أي إجراء سبق اتخاذه من هيئة أخرى أو تلاوته فإن منعاه في هذا الشأن يكون على غير أساس.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء الهيئة التي أصدرته - على خلاف ما ورد بمذكرة الأسباب - وكان الأصل - طبقاً لنص المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز دحض ما أثبته الحكم من تمام المداولة إلا بالطعن بالتزوير - وهو ما لم يفعله الطاعن - ومن ثم لا يقبل منه ما يثيره في هذا الشأن.
5 - إن القانون رقم 105 لسنة 1980 قد نص في الفقرة الأولى من مادته الثالثة على أن (تختص محاكم أمن الدولة العليا - دون غيرها - بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها) ومن ثم فإن الجرائم المرتبطة تأخذ حكم الجرائم المنصوص عليها في تلك المادة من حيث انفراد محكمة أمن الدولة العليا بنظرها، وكان من المقرر أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد أقام قضاءه على ما يحمله، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة إلى توافر الارتباط بين جريمة الكسب غير المشروع وبين جرائم الرشوة والتربح والأضرار المنسوبة إلى الطاعن، وكانت كلتا القضيتين منظورة أمام المحكمة، فإن الاختصاص بنظرهما يكون منعقداً لمحكمة أمن الدولة العليا، ويكون ضم المحكمة لهما وفصلها فيهما - باعتبارها محكمة أمن دولة - بحكم واحد إجراء يتفق وصحيح القانون، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
6 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى غير مقيدة بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة إليها، بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تبين من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة، هذا فضلاً عن أن وصف النيابة لا يعدو أن يكون إيضاحاً عن وجهة نظرها، فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى التي استمدها من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمام المحكمة على بساط البحث وانتهى إلى أن ما حصل عليه الطاعن من الشركة آنفة الذكر يندرج تحت وصف الرشوة وليس تربحاً، ودانه عن هذا الفعل على هذا الأساس فإنه لم يتعد بذلك الحق المخول له بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، ذلك أن ما انتهى إليه من تعديل للوصف لم يتضمن تحويراً في كيان الواقعة أو بنيانها القانوني أو إسناد أفعال إلى المتهم غير التي رفعت به الدعوى، إذ أن التغيير المحظور عليه هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها الدعوى، والثابت أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة وتناولتها التحقيقات والتي كانت مطروحة بالفعل على المحكمة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به والذي دارت على أساسه المرافعة ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص.
8 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
9 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من المطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له أصله الثابت بالأوراق، فإن ما يثيره بشأن تعويل الحكم على أقوالهم رغم عدم صحتها يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة متى اطمأنت إليها.
11 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن هذه التسجيلات، وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إذ هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه، ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
12 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات ومن ثم فإنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان هذا التقرير أو الاعتراضات التي أبداها الطاعن على عملها.
13 - إن المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه (إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها) فقد دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها دون غيرها من الجرائم التي تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة بعضها ببعض بحيث لا تقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة المذكورة، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى توافر الارتباط بموجب الفقرة الأولى من المادة سالفة الذكر بين جميع الجرائم التي دان الطاعن بها عدا جريمة الإضرار العمدي التي تشكل حالة تعدد حقيقي مع الجرائم الأخرى يخضع لحكم الفقرة الثانية من تلك المادة، وكانت جريمة الرشوة هي الجريمة ذات العقوبة الأشد فإن العقوبة الأصلية والتكميلية المقررة لهذه الجريمة تكون هي وحدها الواجبة التطبيق.
14 - من المقرر أن الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه بني على خطأ في تطبيق القانون.
15 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن توافر جريمة الرشوة -ذ وهي الجريمة التي خلصت هذه المحكمة إلى أن ما أثاره الطاعن من مناع على الحكم المطعون فيه بشأنها إنما هي مناع غير مقبولة - وأوقعت عليه - بعد إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - عقوبة واحدة عن جميع الجرائم موضوع الاتهام التي دارت عليها المحاكمة، وذلك بالتطبيق للمادة 32/ 1 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة الرشوة التي ثبتت في حق الطاعن على نحو ما سلف، لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1 - بصفته موظفاً عمومياً "خبير التخطيط والمشروعات والمشرف على الإدارة العامة للأمن الصناعي وحماية البيئة بالهيئة المصرية العامة للبترول" حصل لنفسه على ربح من أعمال وظيفته بأن حصل على مبلغ وقدره 103128.7 دولاراً أمريكياً من شركة أي سي أي الإنجليزية المتعاقدة مع الهيئة المصرية العامة للبترول لتوريد معدات ومهمات الأمن الصناعي وذلك كعمولة نسبتها 6% من قيمة الاعتمادات المستندية المفتوحة لاستيراد مادة المونكس، 5% من قيمة الاعتمادات المستندية المفتوحة لاستيراد مادة البي سي أف حال كونه مختصاً بتحديد كمياتها ومواصفاتها، كما حصل من شركة نيت الكندية على مبلغ 21500 دولار أمريكي، 10000 جنيه مصري مستغلاً في ذلك المعلومات والأبحاث الخاصة بمواجهة التلوث بالشواطئ المصرية والمتوافرة لديه بحكم عمله في هذا المجال وأمد بها الشركة سالفة الذكر حال كونه ممثلاً للهيئة المصرية العامة للبترول في التعاقد معها ومختصاً بالإشراف على ما تقدمه من دراسات وتقيم ما تؤديه من أعمال وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - بصفته سالف الذكر أضر عمداً بأموال مصالح شركات مصر للبترول والجمعية التعاونية للبترول والسويس للبترول وأنابيب البترول والنصر للبترول والغازات البترولية والمناطق الجغرافية لهذه الشركات والتابعة للهيئة المصرية العامة للبترول والتي يتصل بها بحكم عمله كخبير للتخطيط والمشروعات ومشرف على الإدارة العامة للأمن الصناعي وحماية البيئة بأن طلب استيراد ثماني سيارات إطفاء تلسكوبين وكميات من مواد الإطفاء "85 طن مونكس"، "40 طن فلور وبروتين فوم 20 طن ماء خفيق" وسيارات ورشة متنقلة، بلغت قيمتها 2346831.46 جنيهاً مصرياً وذلك كله رغم عدم طلبها من الشركات سالفة الذكر والتي لم تقم باستخدامها لعدم الحاجة إليها قاصداً زيادة حجم المشتريات لرفع قيمة العمولة التي حصل عليها على النحو المبين بالتحقيقات. وأضافت النيابة العامة تهمة ثالثة إليه بجلسة المرافعة هي أنه بصفته سالفة الذكر طلب وأخذ عطية للقيام بعمل من أعمال وظيفته بأن طلب من جوان انتوني بنيت نسبة 3% من قيمة العقد المبرم بين شركتي رنين وشركة بنيت والبالغة قيمته مليون دولار وأخذ منها 21500 دولار وعشرة آلاف مصري وذلك للقيام بعمل من أعمال وظيفته وهي اعتماد وتقييم الأعمال المقدمة من شركة بنيت في مشروع مكافحة تلوث البيئة وذلك من النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: 1 - بصفته سالفة الذكر حصل على كسب غير مشروع نتيجة ارتكابه لنص عقابي بأن أخذ مبلغ 124628.7 دولار أمريكياً كعمولة في القضيتين موضوع الاتهام المسند إليه في الجناية رقم..... لسنة..... جنايات مدينة نصر السابقة على النحو المبين بالتحقيقات 2 - بصفته آنفة الذكر طرأت زيادة في ثروته لا تتناسب مع موارده المالية قدرها ثمانية وأربعون ألف دولار أمريكي وخمسة وتسعين ألف جنيه ومائة جنيه وقد عجز عن إثبات مصدر مشروع لها على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة بعد أن قررت ضم الجناية رقم..... لسنة..... مدينة نصر إلى الجناية رقم...... مدينة نصر قضت حضورياً في...... عملاً بالمواد 115، 116/ 1 مكرراً، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً من قانون العقوبات والمواد 1/ 2، 2/ 5، 10/ 1، 14/ 2، 18/ 3 من القانون 62 لسنة 1975 أولاً: بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه. ثانياً: بتغريمه عن موضوع التهمة الأولى المسندة إليه في الجناية رقم..... لسنة...... مدينة نصر وموضوع التهمة المسندة إليه في الجناية...... لسنة...... مدينة نصر وتهمة الرشوة المضافة إليها مبلغ مائة واثنين وسبعون ألف وستمائة وثمانية وعشرون دولار وسبعة سنت وخمسة وتسعون ألف جنيه مصري ومائة جنيه وإلزامه برد مثل هذا المبلغ للجهة التي يعمل بها "الهيئة العامة للبترول".
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الرشوة والتربح والإضرار العمدي والكسب غير المشروع قد ران عليه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، وشابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه صدر من هيئة مغايرة للهيئة التي سمعت المرافعة إذ أثبت بديباجته أن عضو اليسار بالهيئة التي أصدرته هو المستشار/ ........ بينما أثبت بمحاضر الجلسات أن عضو اليسار بالهيئة التي سمعت المرافعة هو المستشار/ .......، كما أن الأخير لم يلحق بالهيئة إلا اعتباراً من الجلسات التي جرت فيها المرافعة مما لا يتيح له فرصة الإحاطة بوقائع الدعوى وما قدم فيها من مذكرات ومستندات، فضلاً عن عدم مشاركته في الإجراءات السابقة اتخاذها في الدعوى والتي لم تجر تلاوتها بالجلسة وخلا الحكم ومحضر الجلسة مما يفيد حصول المداولة بين أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة وصدر الحكم من محكمة غير مختصة، إذ ضمت المحكمة قضية الكسب غير المشروع إلى القضية الخاصة بباقي الجنايات المنسوبة إلى الطاعن وفصلت فيهما - باعتبارها محكمة أمن دولة - بحكم واحد للارتباط، رغم أن القضية المنضمة كانت محالة إليها كمحكمة جنايات عادية مما يجعل الاختصاص بنظر القضيتين منعقد لمحكمة الجنايات وليس أمن دولة، ودانه الحكم عن تهمة الرشوة رغم أن النيابة كانت قد وجهت إليه تلك التهمة عن واقعة حصوله على مبلغ 70/ 128/ 13 دولاراً من شركة أي سي أي ولكنها لم توردها في أمر الإحالة وأدرجت المبلغ المنوه عنه ضمن المبالغ المكونة لجريمة التربح، وهو ما يشكل أمراً ضمنياً من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن جريمة الرشوة، وهو ما تمسك به الدفاع إلا أن الحكم رد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لهذه الجريمة بما لا يسوغ إطراحه، كما أطرح دفاعه بأن مبلغ 21.500.00 دولاراً ومبلغ 10.000.000 جنيهاً مصرياً اللذين حصل عليهما من شركة بينيت الكندية كانا أجراً له عن الدراسة التي أعدها لحساب تلك الشركة - عن التلوث البترولي - والتي قام بها في غير أوقات العمل مما يبعد الواقعة عن نطاق التجريم لأن مخالفة ما تفرضه اللوائح من قيود على عمل الموظف لحساب الغير لا يرتب أكثر من المساءلة الإدارية، وقد خلط الحكم بين هذه الدراسة وبين دراسة الجدوى التي قدمتها الشركة المذكورة بعد ذلك والتي أبرم بمقتضاها عقد مشروع مكافحة التلوث الذي وقع عليه بتفويض من وزير البترول، وعول الحكم، على أقوال شهود الإثبات رغم صحتها ولم يفطن إلى الخلاف بينه وبين جون بينيت على المبالغ المستحقة له في ذمة الأخير عن هذه الدراسة، والتفت عن الدفع ببطلان التسجيلات الهاتفية لإجرائها قبل صدور الأمر بالمراقبة ولتجاوزها حدود هذا الأمر الذي اقتصر على تسجيل محادثاته مع ممثلي ووكلاء الشركات الأجنبية وعول على تسجيل محادثاته مع الشاهد/ ....... - الذي لم يكن وكيلاً عن شركة أي. سي. أي في تاريخ التسجيل ورغم عدم مطابقة أرقام الإشعارات التي وردت بأقواله لأرقام إشعارات الإضافة بحساب الدكتور/ ....... - شريك الطاعن - ببنك دي روما بسويسرا، ورد على الدفع ببطلان تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات لعدم حلف أعضائها اليمين وخلو تشكيلها من خبير في الأمن الصناعي برد غير سائغ متلفتاً عن الاعتراضات التي أبداها....... على عملها، هذا فضلاً عن تناقض الحكم في أسبابه إذ أورد في تحصيله للواقعة أن الطاعن فرض على الشركات التابعة للهيئة شراء خمسة عشر سيارة إطفاء تليسكوبية ثم انتهى إلى استبعاد قيمة تلك السيارات من جريمة الإضرار، وخلا الحكم من أسباب تحمل قضاءه بالإدانة عن جريمة الكسب غير المشروع، والتفت - إيراداً ورداً عن المستندات التي قدمها والمثبتة لمصادر دخله، وأخطأ الحكم في مقدار العمولة التي نسب إلى الطاعن الحصول عليها من شركة أي. سي. آي فأورد أنها 70/ 128/ 103 دولاراً وليس 70/ 128/ 13 دولاراً كما ورد بالتحقيقات مما أدى إلى خطئه في العقوبات التكميلية التي ألزم الطاعن بها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فيما مفاده أن الطاعن يعمل مديراً لإدارة الأمن الصناعي وحماية البيئة بالهيئة العامة للبترول التي تتولى الإشراف على جميع شركات البترول العاملة بالبلاد، وكان يتبع في استيراد احتياجات تلك الشركات من مواد الإطفاء (نظام التجميع) بأن ترسل كل منها إلى الطاعن بياناً بما تحتاج إليه من هذه المواد، وبعد تجميع هذه البيانات وعرضها على لجنة الدراسة - التي كان الطاعن يسيطر عليها - يتم العرض على لجنة البت بمذكرة من الطاعن تتضمن التوصية بإرساء العطاء على إحدى الشركات المتقدمة بعطاءات، وأن الطاعن كان على صلة ببعض هذه الشركات ومنها سافال الهولندية وآي. سي. آي البريطانية وبينيت الكندية ويحصل منها على نسبة تتراوح بين 5، 6% من قيمة ما يتم توريده منها من مواد الإطفاء حسب نوع المادة وإلا أفشى عرضها مما يحول دون فوزها بالعطاء، وكان يضيف كميات أكثر مما طلبته الشركات من هذه المواد مما كان يؤدي إلى فسادها لطول مدة التخزين، وفرض على شركات البترول سيارات إطفاء تليسكوبية استورد خمسة عشر سيارة منها - رغم عدم توافر إمكانيات تشغلها - بلغت قيمتها 460/ 831/ 346/ 3 جنيهاً، وذلك لزيادة ما يحصل عليه من عمولات كانت تدفع إليه إما بإيداعها في حساب صديقه......، لدى أحد بنوك سويسرا - ثم يتولى الأخير تحويلها إلى حساب الطاعن أو نجله.......، وقد بلغ جملة ما حول إليه بهذا الطريق ../ 219/ 70 دولار، ../ 895/ 15 جنيهاً استرلينياً وإما بدفعها إلى الطاعن نقداً، كما تقدمت شركة بينيت بمشروع لمكافحة التلوث البترولي بالمياه الإقليمية، ساهمت فيه الحكومة الكندية بمبلغ ../ .../ 459 دولاراً كمنحة مشروطة بأن تقدم تلك الشركة بعمل الدراسات وبرامج التنفيذ، وبلغت حصة مصرفي التكلفة ../ .../ 2.856 دولاراً، ../ .../ 92 جنيهاً مصرياً، وكان الطاعن هو ممثل مصر في التوقيع على عقد المشروع والمشرف على تنفيذه، وقد طلب لنفسه نسبة 3% من تكلفة المشروع ومبلغ ../ .../ 400 دولاراً مقابل اعتماد مستحقات الشركة المذكورة حصل منها على مبلغ ../ 5000/ 21 دولاراً سلمها إليه جون انتوني بنيت - صاحب الشركة المذكورة نقداً - ومبلغ ../ .../ 10 جنيهاً مصرياً حول إلى حسابه لدى بنك مصر بالشيك رقم...... بتاريخ 12/ 4/ 1988، ولما شاعت سمعة الطاعن في تقاضي العمولات والرشاوى أبعده رئيس الهيئة عن العمل بها وألغى نظام تجميع الاحتياجات وبلغ ما حققه الطاعن من كسب غير مشروع 70/ 628/ 124 دولاراً فضلاً عن مبلغ ../ .../ 48 دولاراً أخرى ومبلغ ../ .../ 95 جنيهاً مصرياً. وقد ساق الحكم على صحة إسناد هذه الجرائم إلى الطاعن وثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال كل من....... عضو الرقابة الإدارية، و....... رئيس هيئة البترول، و........ نائب رئيس تلك الهيئة، و....... رئيس شركة "أنابيب البترول"، و......... رئيس شركة انبى، و....... رئيس شركة بترول بلاعيم، و........ رئيس شركة ويبكو، و....... وكيل أول وزارة البترول، و.......... مدير البنك التجاري الدولي، و........ مديرة الموافقات الاستيرادية بالهيئة والمهندس....... بشركة بينيت، وكل من......، و.......، و.........، و........، و........، و.........، و.........، و.......... مديري إدارات الأمن الصناعي بالهيئة والشركات التابعة لها، ومما قرره كل من.......، و........ نائب مدير شركة أي. سي. أي و.........، ومن الأوراق المضبوطة مع الطاعن وبمسكنه ومما ورد باعترافه، ومما ثبت بالتسجيلات الهاتفية المأذون بإجرائها، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وحصل الحكم مؤدى كل منها في بيان واف. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الدعوى كانت مؤجلة إلى دور فبراير الذي نظرت فيه اعتباراً من 21/ 2/ 1991 بتشكيل المستشار/ ...... عضو يسار به، بدلاً من المستشار/ ......... وقامت المحكمة في هذا الدور بسماع الشهود ومرافعات النيابة والدفاع حتى جلسة 28/ 2/ 1991 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، مما يقطع بأن الهيئة التي سمعت المرافعة وأصدرت الحكم كانت بعضوية المستشار/ ...... وبأن ذكر اسم المستشار/ ......... بديباجة الحكم كان وليد سهو وقع فيه الكاتب، ولما كان المعول عليه في تصحيح هذا الخطأ هو بما يستمد من محضر جلسة النطق بالحكم باعتباره مكملاً له، فإن الطعن على هذا السهو لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الدفاع قد أتيح له مجال المرافعة على مدى جلسات متعددة تناول فيها المراحل التي مرت بها الدعوى وما قدم فيها من مستندات وأدلة فإن اختتامه مرافعته بعد ذلك بطلب القضاء بالبراءة مفاده أنه قد أصبح على قناعة بأن الدعوى قد أضحت صالحة للفصل فيها من الهيئة التي أبدى أمامها دفاعه، وكان الدفاع لا يدعي أن حقه في المرافعة قد حجز عليه، فإن منازعته في كفاية ما أتيح لعضو اليسار من وقت للإحاطة بوقائع الدعوى تكون غير مقبولة. إذ كان في إمكانه إيضاح ما يهمه إيضاحه من وقائع خلال المرافعة فضلاً أن هذا المنعى لا يتصل بصحة تشكيل المحكمة أو بولايتها أو باختصاصها مما هو متعلق بالنظام العام وإنما يتصل بإجراءات التحقيق بالجلسة التي يسقط الحق في التمسك ببطلانها متى كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره ودون اعتراض منه طبقاًَ لنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ كان الدفاع عن الطاعن لم يعترض على قيام المحكمة بتحقيق الدعوى وسماع الشهود قبل إتاحة الفرصة لعضو اليسار للإحاطة بالمستندات ولم يطلب التأجيل لهذا الغرض، فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان القانون لم يوجب عند تغيير هيئة المحكمة إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة أو تلاوتها إلا إذا أصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك أما إذا تنازل عن ذلك صراحة أو ضمناً ولم تر المحكمة من جانبها محلاً لذلك، فلا عليها إن هي قضت في الدعوى واعتمدت في حكمها على الإجراءات المتخذة في مرحلة سابقة ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها، وإذ كان الثابت أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب إعادة أي إجراء سبق اتخاذه من هيئة أخرى أو تلاوته فإن منعاه في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء الهيئة التي أصدرته - على خلاف ما ورد بمذكرة الأسباب - وكان الأصل - طبقاً لنص المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959 - أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز دحض ما أثبته الحكم من تمام المداولة إلا بالطعن بالتزوير - وهو ما لم يفعله الطاعن - ومن ثم لا يقبل منه ما يثيره في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 105 لسنة 1980 قد نص في الفقرة الأولى من مادته الثالثة على أن (تختص محاكم أمن الدولة العليا - دون غيرها - بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها) ومن ثم فإن الجرائم المرتبطة تأخذ حكم الجرائم المنصوص عليها في تلك المادة من حيث انفراد محكمة أمن الدولة العليا بنظرها، وكان المقرر أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد أقام قضاءه على ما يحمله، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة إلى توافر الارتباط بين جريمة الكسب غير المشروع وبين جرائم الرشوة والتربح والأضرار المنسوبة إلى الطاعن، وكانت كلتا القضيتين منظورة أمام المحكمة، فإن الاختصاص بنظرهما يكون منعقداً لمحكمة أمن الدولة العليا، ويكون ضم المحكمة لهما وفصلها فيهما - باعتبارها محكمة أمن دولة - بحكم واحد إجراء يتفق وصحيح القانون، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه لم يعدل الوصف الذي أقيمت به الدعوى عن واقعة حصول الطاعن على عمولة من شركة آي. سي. آي وهو التربح، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من سبق صدور أمر ضمني من النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى بتهمة الرشوة عن تلك الواقعة وما ينعاه على رد الحكم على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى بشأنها يكون في غير محله، لأن الحكم دانه بتهمة الرشوة عن واقعة أخرى هي حصوله من شركة بينيت على مبلغ 21.500.000 دولار ومبلغ 10.000 جنيهاً، وهي واقعة لم يدع الطاعن بأنه قد صدر بشأنها أي أمر - صريح أو ضمني - من النيابة بأوجه لإقامة الدعوى الجنائية عنها، ولا يمارى في أن تحقيقات النيابة قد شملتها وأن الدعوى الجنائية عنها قد أقيمت فعلاً من النيابة بوصف أنها تشكل جريمة التربح وأصبحت - من ثم - مطروحة على المحكمة، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى غير مقيدة بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة إليها، بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تبين من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة، هذا فضلاً عن أن وصف النيابة لا يعدو أن يكون إيضاحاً عن وجهة نظرها، فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى التي استمدها من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمام المحكمة على بساط البحث وانتهى إلى أن ما حصل عليه الطاعن من الشركة آنفة الذكر يندرج تحت وصف الرشوة وليس تربحاً، ودانه عن هذا الفعل على هذا الأساس فإنه لم يتعد بذلك الحق المخول له بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، ذلك أن ما انتهى إليه من تعديل للوصف لم يتضمن تحويراً في كيان الواقعة أو بنيانها القانوني أو إسناد أفعال إلى المتهم غير التي رفعت به الدعوى، إذ أن التغيير المحظور عليه هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها الدعوى، والثابت أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة وتناولتها التحقيقات والتي كانت مطروحة بالفعل على المحكمة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به والذي دارت على أساسه المرافعة ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن دفاعه بأن ما حصل عليه من شركة بينيت كان أجراً له عن الدراسة التي قام بها لحسابها في غير أوقات العمل، والخلط بينها وبين دراسة الجدوى التي قدمتها الشركة بعد ذلك، لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من المطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له أصله الثابت بالأوراق، فإن ما يثيره بشأن تعويل الحكم على أقوالهم رغم عدم صحتها يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة متى اطمأنت إليها. فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على شهادة....... يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل وبطلان التسجيلات في قوله (أن تحريات الرقابة الإدارية كانت جادة بصدد ما ارتكبه المتهم وقد أوردت بصدد محاضر جمع الاستدلالات الوقائع المنسوبة إلى المتهم دون أن تختلف في شيء عما ثبت في حق المتهم، ومن ثم يكون الدفع ببطلان إذن النيابة بتسجيل المحادثات على تليفون المتهم في غير محله لأنه بني على إجراءات صحيحة وتحريات جادة، وكذلك الدفع ببطلان محادثات غير المتهم من تليفونه، ذلك أن الإذن بتسجيل المحادثات يرد على ما يجري من محادثات على التليفون الموضوع تحت الرقابة فيما يختص ويتصل بوقائع الاتهام ومنها حديث........ الذي كان ممثلاً لشركة آي. سي. آي في مصر والذي بان منه نسبة العمولة وما سدد منها، وقد كان مع المتهم شخصياً، أما التسجيلات التي لا صلة لها بالاتهام فلا محل للقول ببطلانها لعدم جدوى ذلك أما عن الدفع ببطلان ترجمة المحادثات......) وهو رد سائغ من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه، هذا فضلاً عما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه من أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن هذه التسجيلات، وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إذ هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه، ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات ومن ثم فإنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان هذا التقرير أو الاعتراضات التي أبداها الطاعن على عملها. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه (إذ كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها) فقد دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها دون غيرها من الجرائم التي قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة بعضها ببعض بحيث لا تقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة المذكورة، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى توافر الارتباط بموجب الفقرة الأولى من المادة سالفة الذكر بين جميع الجرائم التي دان الطاعن بها عدا جريمة الإضرار العمدي التي تشكل حالة تعدد حقيقي مع الجرائم الأخرى يخضع لحكم الفقرة الثانية من تلك المادة، وكانت جريمة الرشوة هي الجريمة ذات العقوبة الأشد فإن العقوبة الأصلية والتكميلية المقررة لهذه الجريمة تكون هي وحدها الواجبة التطبيق، إزاء ما هو ثابت من أن الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن العقوبة التكميلية المقررة لجريمة الإضرار العمدي والتي لا تجبها العقوبة المقررة للجريمة ذات العقوبة الأشد - ولا محل لإيقاعها حتى لا يضار الطاعن بطعنه - وكانت المادة 103 من قانون العقوبات قد حددت العقوبة التكميلية المقررة لجريمة الرشوة وهي الغرامة التي لا تقل عن 1000 جنيه ولا تزيد على ما أعطى للجاني أو وعد به وكان الحكم قد أثبت أن ما أعطي للطاعن على سبيل الرشوة هو مبلغ 21.500.000 دولاراً ومبلغ 10.000.00 جنيه مصري، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه فيما تجاوز فيه هذين المبلغين من غرامة - وهما فقط الجائز الحكم بإلزام الطاعن بهما باعتبار أنهما العقوبة التكميلية لجريمة الرشوة ذات العقوبة الأشد - وفيما قضى به من الرد قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بعقوبات تكميلية مقررة للجرائم ذات العقوبة الأخف جبتها العقوبة المقررة لجريمة الرشوة ذات العقوبة الأشد. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه بني على خطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين - إعمالاً لما تقدم - نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الرد وقصر مبلغ الغرامة المقضى بإلزام الطاعن بها على مبلغ 21.500.000 دولاراً ومبلغ 10.000.000 جنيه مصري، لما كان ما تقدم، فإنه لا مصلحة للطاعن - من بعد - فيما يثيره بخصوص جرائم التربح والإضرار العمدي والكسب غير المشروع، طالما أن الحكم المطعون فيه قد أثبت في حقه توافر جريمة الرشوة - وهي الجريمة التي خلصت هذه المحكمة إلى أن ما أثاره الطاعن من مناع على الحكم المطعون فيه بشأنها إنما هي مناع غير مقبولة - وأوقعت عليه - بعد إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - عقوبة واحدة عن جميع الجرائم موضوع الاتهام التي دارت عليها المحاكمة، وذلك بالتطبيق للمادة 32/ 1 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة الرشوة التي ثبتت في حق الطاعن على نحو ما سلف. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5555 لسنة 59 ق جلسة 28 / 11 / 1991 مكتب فني 42 ج 2 ق 175 ص 1265


جلسة 28 من نوفمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي ومحمد عادل الشوربجي ومحمود شريف فهمي.
------------
(175)
الطعن رقم 5555 لسنة 59 القضائية

نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام". استئناف. نيابة عامة.
عدم طعن النيابة العامة بالاستئناف في الحكم الصادر من محكمة أول درجةيمنعها من الطعن بالنقض. علة ذلك: النقض طريق استثنائي للطعن في الأحكام لتدارك خطأ الأحكام النهائية في القانون.
ليس للخصم الطعن بالنقض بعد ما أوصد على نفسه باب الاستئناف.

---------------
من المقرر أن المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قصرت الطعن بطريق النقض من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح دون غيرها، ومعنى كون الحكم قد صدر انتهائياً أنه صدر غير مقبول الطعن فيه بطريق عادي من طرق الطعن، ومن ثم فمتى كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد صار انتهائياً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه استئنافه في ميعاده فقد حاز قوة الأمر المقضي ولم يجز من بعد الطعن فيه بطريق النقض - والعلة في ذلك أن النقض ليس طريقاً عادياً للطعن على الأحكام وإنما هو طريق استثنائي لم يجزه الشارع إلا بشروط مخصوصة لتدارك خطأ الأحكام النهائية في القانون فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه باب الاستئناف - وهو طريق عادي - حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم من خطأ في الواقع أو في القانون لم يجز له من بعد أن ينهج سبيل الطعن بالنقض، وإذ كان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المدعي بالحقوق المدنية، وحده هو الذي استأنف حكم محكمة أول درجة دون النيابة العامة أو المتهمة وأن قضاء الحكم المطعون فيه قد جرى على تأييد الحكم المستأنف فيصدق القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاءً واحداً. الأمر الذي يجعل طعن النيابة العامة غير جائز.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها - أولاً: تهربت من أداء ضريبة الاستهلاك المقررة قانوناً بأن حازت سلعة (عدد 460 شريط فيديو مسجل) خاضعة للضريبة على الاستهلاك بغرض التجارة دون أن تكون مصحوبة بمستندات أو مواصفات أو أختام تفيد سداد الضريبة المستحقة عليها على النحو الثابت بالأوراق. ثانياً: بصفتها ملتزمة بالضريبة على الاستهلاك لم تقدم بياناً بالرصيد الموجود لديها من سلع (عدد 460 شريط فيديو مسجل خاضع للضريبة على الاستهلاك) وذلك خلال الميعاد المحدد على النحو المقرر قانوناً، وطلبت عقابها بالمواد 1، 2، 3، 4، 4 مكرراً، 6، 45، 54، 54 مكرراً، 57 من القانون رقم 133 سنة 1981 المعدل بالقانون رقم 102 لسنة 1982 والبند 54 "ب" من الجدول المرفق المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1982. وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل المتهمة بمبلغ 32010 جنيهاً مقابل الضريبة المستحقة وثلاث أمثالها وبدل المصادرة. ومحكمة جرائم الشئون المالية بالقاهرة قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهمة ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ وإلزامها بأداء الضريبة المستحقة وتعويض يعادل ثلاثة أمثالها. استأنف وزير المالية بصفته ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إن المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - قصرت الطعن بطريق النقض من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح دون غيرها، ومعنى كون الحكم قد صدر انتهائياً أنه صدر غير مقبول الطعن فيه بطريق عادي من طرق الطعن، ومن ثم فمتى كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد صار انتهائياً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه استئنافه في ميعاده فقد حاز قوة الأمر المقضي ولم يجز من بعد الطعن فيه بطريق النقض، والعلة في ذلك أن النقض ليس طريقاً عادياً للطعن على الأحكام وإنما هو طريق استثنائي لم يجزه الشارع إلا بشروط مخصوصة لتدارك خطأ الأحكام النهائية في القانون، فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه باب الاستئناف - وهو طريق عادي - حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم من خطأ في الواقع أو في القانون لم يجز له من بعد أن ينهج سبيل الطعن بالنقض، وإذ كان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المدعي بالحقوق المدنية، وحده هو الذي استأنف حكم محكمة أول درجة دون النيابة العامة أو المتهمة وأن قضاء الحكم المطعون فيه قد جرى على تأييد الحكم المستأنف فيصدق القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاءً واحداً. الأمر الذي يجعل طعن النيابة العامة غير جائز.

الطعن 61341 لسنة 59 ق جلسة 1/7 /1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 6 ص 34


جلسة 7 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر. ومجدي منتصر نائبي رئيس المحكمة ومجدي الجندي وحامد عبد الله.
---------------
(6)
الطعن رقم 61341 لسنة 59 القضائية

 (1)إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
(2) سب وقذف. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المراد بالسب في أصل اللغة وفي اصطلاح القانون؟
المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى. حد ذلك: أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها.
 (3)سب وقذف. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطريق العام. مكان عمومي بطبيعته. إثبات الحكم وقوع السب في الطريق العام يتوافر به ركن العلانية.
 (4)سب وقذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
متى يتحقق القصد الجنائي في جريمة السب والقذف؟
 (5)دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. عدم جواز إثارة الجدل في شأنه لأول مرة أمام النقض. علة ذلك؟
 (6)نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". سب وقذف. خطف. شروع.
عدم قبول النعي على الحكم بشأن جريمة لم تدن المحكمة الطاعن عنها.

----------------
1 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - من المقرر أن المراد بالسب في أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التي تومئ إليه وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره والمرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، ما دام أنه لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ولا يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، إذ أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً أو عيباً أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض، كما أنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقوماته المسلمة.
3 - لما كانت المحكمة قد بينت مضمون ألفاظ السباب التي بدرت من المتهمين للمجني عليها على النحو المار ذكره فيما سلف وكان الحكم قد أثبت في مدوناته أن المتهمين قد اعتديا على المجني عليها بالسب العلني في الطريق العام بتوجيه العبارات التي أوردها الحكم بما مقتضاه أن السب وقع في الطريق العام وهو مكان عمومي بطبيعته بما يتوافر به ركن العلانية قانوناً.
4 - من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة بتحقق متى كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا حاجة في هذه الحالة إلى الاستدلال عليه بأكثر من ذلك فإن منعى الطاعن الأول على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
5 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن هذا الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع الاتهام المسند إليه بما يثيره في طعنه من تلفيق الاتهام، وكان هذا الدفع لا يعدو دفعاً موضوعياً كان يتعين عليه التمسك به أمام محكمة الموضوع لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنه لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
6 - لما كانت المحكمة قد استبعدت جناية الشروع في الخطف بالإكراه بالنسبة للطاعن وعاقبته عن جنحة السب العلني وكان ما ينعاه هذا الطاعن خاصاً بتهمة الشروع في الخطف بالإكراه والتي لم تدنه عنها المحكمة فإن منعاه على الحكم يكون ولا محل له.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من (1) ...... (2) ..... (طاعن) (3) ....... (طاعن) بأنهم أولاً: المتهمون جميعاً: شرعوا في خطف أنثى هي..... والتي جاوزت السادسة عشر من العمر وذلك بطريق الإكراه الواقع عليها بأن اعترضوا سيرها في الطريق بالسيارة التي كانوا يستقلونها وأمسكوا بها وجذبوها إلى داخل السيارة فتمكنوا بذلك من شل مقاومتها إلا أن الجريمة أوقفت وخاب أثرها لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مقاومة المجني عليها لهم وتمكنها من الفرار وقد ترك الإكراه أثر هي الجروح الموصوفة بالتقرير الطبي. ثانياً: الثاني والثالث: وجهاً إلى المجني عليها سالفة الذكر ألفاظ السباب المبينة بالمحضر والتي تتضمن خدشاً لشرفها واعتبارها وكان ذلك في الطريق العام. وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأول وحضورياً للثاني والثالث عملاً بالمواد 45، 46، 290، 306 من قانون العقوبات المعدلة بالقانونين رقم 214 لسنة 1980، 29 لسنة 1982 بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات ومعاقبة المتهمين الثاني والثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وذلك باعتبار أن المتهم الأول شرع في خطف أنثى وأن المتهمين الثاني والثالث ارتكبا جريمة السب العلني. فطعن المحكوم عليهما الثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السب العلني قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأن المحكمة اعتنقت صورة غير صحيحة للواقعة واعتبرتها سباً رغم أن ما نسب للطاعن لا يتضمن خدشاً لشرف المجني عليها أو حياءها وأغفلت الحديث عن مضمون هذا السب ولم تستظهر ركن العلانية في الواقعة كما لم تدلل على توافر القصد الجنائي، ودانته رغم تلفيق الاتهام من المجني عليها لخلافات سابقة، كما أن ما ينعاه الطاعن الثاني على ذات الحكم أنه إذ قضى بإدانته في جريمة الشروع في خطف أنثى يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالإكراه قد شابه فساد في الاستدلال ذلك بأن الأوراق قد خلت من الأدلة على توافر هذه الجريمة. وهذا مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه عما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه فإن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها وزوجها وما جاء في تحريات الشرطة والتقرير الطبي وما استخلصته المحكمة من أقوال المتهمين، وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان من المقرر أن المراد بالسب في أصل اللغة الشتم سواء بإطلاق اللفظ الصريح الدال عليه أو باستعمال المعاريض التي تومئ إليه وهو المعنى الملحوظ في اصطلاح القانون الذي اعتبر السب كل إلصاق لعيب أو تعبير يحط من قدر الشخص نفسه أو يخدش سمعته لدى غيره والمرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، ما دام أنه لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ولا يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، إذ أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصه الحكم وتسميتها باسمها المعين في القانون سباً أو قذفاً أو عيباً أو إهانة أو غير ذلك هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض، كما أنها هي الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقوماته المسلمة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اعتبرت ما بدر من هذا الطاعن والطاعن الثاني من أنه "بعد أن نزل المتهم الأول من السيارة وجذب المجني عليها من ذارعها طلباً منه إدخالها إلى السيارة وبعد أن واصلت المجني عليها سيرها إلى الكشك لابتياع السكر لاحقاها مع المتهم الأول في الطريق العام بقولهم هي دي تنفعنا النهاردة والنهاردة الجمعة وبكره السبت" - اعتبرت هذا ماساً بشرف المجني عليها واعتبارها مما يشكل جنحة السب المنصوص عليها في المادة 306 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 29 لسنة 1982 تكون قد أصابت وجه الحق ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن ولا محل له. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد بينت مضمون ألفاظ السباب التي بدرت من المتهمين للمجني عليها على النحو المار ذكره فيما سلف وكان الحكم قد أثبت في مدوناته أن المتهمين قد اعتديا على المجني عليها بالسب العلني في الطريق العام بتوجيه العبارات التي أوردها الحكم بما مقتضاه أن السب وقع في الطريق العام وهو مكان عمومي بطبيعته بما يتوافر به ركن العلانية قانوناً، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والإهانة يتحقق متى كانت الألفاظ الموجهة إلى المجني عليه شائنة بذاتها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا حاجة في هذه الحالة إلى الاستدلال عليه بأكثر من ذلك فإن منعى الطاعن الأول على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن هذا الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع الاتهام المسند إليه بما يثيره في طعنه من تلفيق الاتهام، وكان هذا الدفع لا يعد دفعاً موضوعياً كان يتعين عليه التمسك به أمام محكمة الموضوع لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً ولا يسوغ إثارة الجدل في شأنه لأول مرة أمام محكمة النقض، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
وحيث إنه عما يثيره الطاعن الثاني فإنه لما كانت المحكمة قد استبعدت جناية الشروع في الخطف بالإكراه بالنسبة للطاعن وعاقبته عن جنحة السب العلني وكان ما ينعاه هذا الطاعن خاصاً بتهمة الشروع في الخطف بالإكراه والتي لم تدنه عنها المحكمة فإن منعاه على الحكم يكون ولا محل له، لما كان ما تقدم، فإن الطعنين برمتهما يكونان في غير محلهما متعيناً رفضهما موضوعاً.

الطعن 61328 لسنة 59 ق جلسة 1/3 /1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 4 ص 21


جلسة 3 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل نائب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف ومحمد حسين وبهيج القصبجي.
---------------
(4)

الطعن رقم 61328 لسنة 59 القضائية

مسئولية جنائية "سقوطها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "حالة الضرورة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".

حالة الضرورة التي تسقط المسئولية الجنائية. ماهيتها؟
الدفع بارتكاب الجريمة تحت تأثير إكراه أدبي. جوهري. على المحكمة أن تعنى بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو ترد عليه بما يفنده. إغفال ذلك. قصور.

---------------

لما كان من المقرر على مقتضى المادة 61 من قانون العقوبات أنه لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ما دام أنه لم يكن لإرادته دخل في حلول هذا الخطر، وكان ارتكاب الجريمة هو الوسيلة الوحيدة لدفعه وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته سواء عند بيانه لواقعة الدعوى أو عند إيراده لأقوال شهود الإثبات أن الطاعن ارتكب الحادث بناءً على طلب المتهم الآخر الأمر الذي يوحي بجدية ما قام عليه دفاع الطاعن من أنه ارتكب جريمته تحت تأثير إكراه أدبي تمثل فيما تعرض له من تهديد بالسلاح من قبل المتهم المذكور وهو دفاع جوهري لما ينبني على ثبوت صحته من تأثير في مسئولية الطاعن، مما كان يوجب على المحكمة أن تعني بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه وأن ترد عليه بما يفنده إن رأت إطراحه أما وهي لم تفعل وأغفلته كلياً فلم تعرض له إيراداً ورداً، فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور في التسبيب مما يوجب نقضه والإعادة.



الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه سرق وآخر - النقود المبين قدرها بالتحقيقات المملوكة لـ...... بطريق الإكراه الواقع عليه بأن اعتديا عليه بالضرب وهدده الآخر بمدية فشلا بذلك مقاومته وتمكناً بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على تلك النقود. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات.

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في.... إلخ.



المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بالإكراه، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن دفع بأنه لم يسهم في ارتكاب الجريمة عن اختيار وإنما اضطر لذلك كارهاً تحت تأثير التهديد بالسلاح من قبل المتهم الآخر إلا أن الحكم أغفل هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها: "تخلص في أنه أثناء وجود المجني عليه...... بحجز قسم الساحل بمناسبة اتهامه في قضية تموينية تقدم منه المتهم....... الطاعن - والموجود معه بالحجز وأمسك به من رقبته ثم ضربه بقبضة يده في وجهه وفتشه وأخذ مبلغ سبعة قروش وكان ذلك بطلب من متهم آخر سبق الحكم عليه هو...... موجود بالحجز والذي ضربه أيضاً بيده وأخرج مطواة وصوبها ناحية رقبته ووضع يده في جيبه وسرق مبلغ مائة وثمانون قرشاً وقد تمكن المتهم وآخر بهذه الوسيلة من الإكراه من سرقة نقود المجني عليه"، كما أن الحكم في بيانه لمؤدى أدلة الثبوت قد نقل عن شهود الإثبات أن ما أتاه الطاعن كان بطلب من المتهم الآخر، ويبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع تمسك بامتناع مسئولية الطاعن تأسيساً على أنه أسهم مكرهاً في ارتكاب الجريمة تحت تهديد بالسلاح من قبل المتهم الآخر. لما كان ذلك، وكان من المقرر على مقتضى المادة 61 من قانون العقوبات أنه لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره ما دام أنه لم يكن لإرادته دخل في حلول هذا الخطر، وكان ارتكاب الجريمة هو الوسيلة الوحيدة لدفعه وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته سواء عند بيانه لواقعة الدعوى أو عند إيراده لأقوال شهود الإثبات أن الطاعن ارتكب الحادث بناءً على طلب المتهم الآخر الأمر الذي يوحي بجدية ما قام عليه دفاع الطاعن من أنه ارتكب جريمته تحت تأثير إكراه أدبي تمثل فيما تعرض له من تهديد بالسلاح من قبل المتهم المذكور وهو دفاع جوهري لما ينبني على ثبوت صحته من تأثير في مسئولية الطاعن، مما كان يوجب على المحكمة أن تعني بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه وأن ترد عليه بما يفنده إن رأت إطراحه أما وهي لم تفعل وأغفلته كلياً فلم تعرض له إيراداً ورداً، فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور في التسبيب مما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 15523 لسنة 59 ق جلسة 8 / 12 / 1991 مكتب فني 42 ج 2 ق 179 ص 1294


جلسة 8 من ديسمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا وحسن عشيش نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.
----------------
(179)
الطعن رقم 15523 لسنة 59 القضائية

 (1)قانون "تفسيره". بناء. عقوبة "تطبيقها".
لمن خالف أحكام القانون 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له. التقدم بطلب للوحدة المحلية المختصة خلال مهلة تنتهي في 7 يونيه 1987 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده لحين معاينة الأعمال موضوع المخالفة.
العقوبة المقررة للمخالفة تلك. الغرامة. إعفاء الأعمال المخالفة التي لا تزيد قيمتها عن عشرة آلاف جنيه من الغرامة. المادة الثالثة من القانون 30 لسنة 1983 المعدل بالقانونين 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986. طبيعة النص وعلته؟
 (2)بناء. قانون "تفسيره". عقوبة "غرامة".
الإعفاء من الغرامة المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983. رهن بتقدم المخالف بطلب إلى الوحدة المحلية المختصة في خلال المهلة المبينة به عن مخالفة وقعت قبل العمل بالقانون 30 لسنة 1983 فضلاً عن كون الأعمال المخالفة لا تزيد على عشرة آلاف جنيه.
القصد من إصدار القانونين 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986. هو مجرد مد المهلة المحددة لتقديم طلبات المخالفين إلى الوحدات المحلية المختصة.
 (3)دعوى جنائية "انقضاؤها". صلح. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. مخالفة القانون". بناء.
قضاء الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح لمجرد التصالح مع الجهة الإدارية دون استظهار مدى توافر باقي شروط التمتع بالإعفاء. قصور.
القصور له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.

---------------
1 - تنظيم أعمال البناء المعدلة بالقانونين رقمي 54 لسنة 84، 99 لسنة 86 تنص على أن "يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مهلة تنتهي في 7/ 6/ 1987 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده وفي هذه الحالة تقف هذه الإجراءات إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة....... وتكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة تحدد على الوجه التالي....... وتعفى جميع الأعمال المخالفة التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه من الغرامة المقررة في هذه المادة وتسري الأحكام السابقة على الدعاوى المنظورة أمام المحاكم ما لم تكن قد صدر فيها حكم نهائي، ويوقف نظر الدعاوى المذكورة بحكم القانون للمادة المشار إليها في الفقرتين الأولى والثانية...... إلخ" وهو نص مستحدث يتناول أحكاماً وقتية وقد انتهى العمل به في 7/ 6/ 1987 وهو تاريخ انتهاء المهلة المحددة لتقديم الطلبات إلى الوحدات المحلية المختصة خلالها وقصد به معالجة ما كشف عنه الواقع العملي من كثرة المخالفات لقوانين البناء، والآثار التي نجمت عن تطبيق أحكام القانون رقم 2 لسنة 1982 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1976 بما تضمنه من عقوبات مغلظة، والذي أُلغي بموجب المادة السادسة من القانون رقم 30 لسنة 1983، ذلك بفتح صفحة جديدة تعطى لكل من ارتكب مخالفة قبل العمل بالقانون المذكور أن يتقدم إلى الجهة الإدارية المختصة طالباً وقف ما اتخذ أو تتخذ ضده من إجراءات.
2 - إن شرط الاستفادة بالأحكام التي تضمنها ذلك النص هو أن يتقدم المخالف بطلب إلى الوحدة المحلية المختصة في خلال المهلة المبينة به عن مخالفة وقعت قبل العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1983، إذ جعل الشارع تقديم الطلب إلى الوحدة المحلية جوازياً للمخالف فله أن يتقدم به - إن توافرت باقي الشروط - للاستفادة من أحكام نص المادة المذكورة وله ألا يتقدم به حسبما يرى فيه مصلحته وينتهي إليه تقريره، كما إذا قدر قيام سبب من أسباب البراءة في حقه أو انقضاء الدعوى الجنائية قبله، وفي هذه الحالة يعامل بمقتضى أحكام القانون 106 لسنة 1976 ولا يستفيد من أحكام المادة الثالثة آنفة البيان، ويشترط للتمتع بالإعفاء من الغرامة عملاً بالفقرة الرابعة من تلك المادة توافر الشروط ذاتها بالإضافة إلى كون قيمة الأعمال المخالفة لا تزيد على عشرة آلاف جنيه، إذ أن تلك الفقرة نصت على الإعفاء من الغرامة المبينة بالمادة ذاتها والتي يشترط للاستفادة من أحكامها توافر الشروط المذكورة على السياق المتقدم، ولا ينال مما تقدم جميعه أن المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 استبدل بها نص المادة الأولى من القانون رقم 54 لسنة 1984 التي استبدل بنص الفقرة الأولى منها نص المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1986 ذلك أن القصد من إصدار القانونين الأخيرين هو مجرد مد المهلة المحددة لتقديم طلبات المخالفين إلى الجهة الإدارية المختصة خلالها.
3 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح تأسيساً على تصالحه مع الجهة الإدارية دون أن يستظهر مدى توافر باقي شروط التمتع بالإعفاء، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه 1 - أقام بناء بدون ترخيص 2 - أقام بناء غير مطابق للمواصفات الفنية - وطلب عقابه بالمواد 1، 4، 21، 22 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانونين رقمي 30 لسنة 1983، 54 لسنة 1984 ومحكمة البلدية بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم 12600 جنيه والتصحيح والإيقاف للغرامة فقط استأنفت النيابة العامة ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح عن جريمتي البناء بدون ترخيص ومخالفته للأصول الفنية قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أسس قضاءه على تصالح المطعون ضده مع الجهة الإدارية في حين أن قيمة الأعمال المخالفة تزيد على عشرة آلاف جنيه مما كان يتعين معه أن يقضى بتوقيع عقوبة الغرامة النسبية عملاً بالمادتين الثالثة والرابعة من القانون 30 لسنة 83 وهو مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن تنظيم أعمال البناء المعدلة بالقانونين رقمي 54 لسنة 84، 99 لسنة 86 تنص على أن "يجوز لكل من ارتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له قبل العمل بهذا القانون أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة خلال مهلة تنتهي في 7/ 6/ 1987 لوقف الإجراءات التي اتخذت أو تتخذ ضده وفي هذه الحالة تقف هذا الإجراءات إلى أن تتم معاينة الأعمال موضوع المخالفة....... وتكون العقوبة في جميع الأحوال غرامة تتحدد على الوجه التالي...... وتعفى جميع الأعمال المخالفة التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه من الغرامة المقررة في هذه المادة وتسري الأحكام السابقة على الدعاوى المنظورة أمام المحاكم ما لم تكن قد صدر فيها حكم نهائي، ويوقف نظر الدعاوى المذكورة بحكم القانون للمادة المشار إليها في الفقرتين الأولى والثانية...... إلخ" وهو نص مستحدث يتناول أحكاماً وقتية وقد انتهى العمل به في 7/ 6/ 1987 وهو تاريخ انتهاء المهلة المحددة لتقديم الطلبات إلى الوحدات المحلية المختصة خلالها وقصد به معالجة ما كشف عنه الواقع العملي من كثرة المخالفات لقوانين البناء، والآثار التي نجمت عن تطبيق أحكام القانون رقم 2 لسنة 1982 المعدل بالقانون رقم 106 لسنة 1976 بما تضمنه من عقوبات مغلظة، والذي أُلغي بموجب المادة السادسة من القانون رقم 30 لسنة 1983، ذلك بفتح صفحة جديدة تعطى لكل من ارتكب مخالفة قبل العمل بالقانون المذكور أن يتقدم إلى الجهة الإدارية المختصة طالباً وقف ما اتخذ أو تتخذ ضده من إجراءات، وقد أفصح عنه ذلك تقرير اللجنة المشتركة بمجلس الشعب بشأن النص سالف البيان إذ جاء به ما نصه "استحدثت اللجنة هذه المادة تحقيقاً للمصلحة العامة وما استهدفته الاقتراحات بمشروعات قوانين المقدمة من بعض السادة الأعضاء ذلك أن الواقع العملي كشف عن أنه في ظل العمل بالقانون رقم 106 لسنة 1976 كان يتضمن عقوبات شجعت المخالفين لقوانين البناء على النحو الذي سلفت الإشارة إليه وبالنظر لقصور الإمكانات المتاحة لدى الجهات الإدارية المختصة للكشف عن المخالفات وتعقب المخالفات أدى ذلك كله إلى تفشي ظاهرة البناء بغير ترخيص أو البناء بالمخالفة للقانون وتراكمت هذه المخالفة بصورة أصبح من العسير حصرها وظل شاغلوها ملاكاً كانوا أو مستأجرين قلقين على مدى سلامة المباني التي يشغلونها وحين شدد العقاب بالقانون رقم 2 لسنة 82 على جميع المخالفات مهما كانت قيمتها أو نوعها ظهر أن العقوبة لا تتناسب في كثير من الحالات مع قيمة الأعمال المخالفة وصدرت بعض الأحكام بتوقيع غرامة عشرة آلاف جنيه عن أعمال لا تزيد قيمتها عن مائة جنيه لهذه الاعتبارات رأى معالجة هذا الوضع بفتح صفحة جديدة تعطى لكل من ارتكب مخالفة قبل العمل بالقانون حق التقدم بنفسه إلى الجهة الإدارية المختصة طالباً وقف ما اتخذ أو ما يتخذ ضده من إجراءات، ويبين من ذلك أن شرط الاستفادة بالأحكام التي تضمنها ذلك النص هو أن يتقدم للمخالف بطلب إلى الوحدة المحلية المختصة في خلال المهلة المبينة به عن مخالفة وقعت قبل العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1983، إذ جعل الشارع تقديم الطلب إلى الوحدة المحلية جوازياً للمخالف، فله أن يتقدم به - إن توافرت باقي الشروط - للاستفادة من أحكام نص المادة المذكورة وله ألا يتقدم به حسبما يرى فيه مصلحته وينتهي إليه تقريره، كما إذا قدر قيام سبب من أسباب البراءة في حقه أو انقضاء الدعوى الجنائية قبله، وفي هذه الحالة يعامل بمقتضى أحكام القانون 106 لسنة 1976 ولا يستفيد من أحكام المادة الثالثة آنفة البيان، ويشترط للتمتع بالإعفاء من الغرامة عملاً بالفقرة الرابعة من تلك المادة توافر الشروط ذاتها بالإضافة إلى كون قيمة الأعمال المخالفة لا تزيد على عشرة آلاف جنيه، إذ أن تلك الفقرة نصت على الإعفاء من الغرامة المبينة بالمادة ذاتها والتي يشترط للاستفادة من أحكامها توافر الشروط المذكورة على السياق المتقدم، ولا ينال مما تقدم جميعه أن المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 استبدل بها نص المادة الأولى من القانون رقم 54 لسنة 1984 التي استبدل بنص الفقرة الأولى منها نص المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1986 ذلك أن القصد من إصدار القانونين الأخيرين هو مجرد مد المهلة المحددة لتقديم طلبات المخالفين إلى الجهة الإدارية المختصة خلالها، وهو ما أكده تقرير اللجنتين المشتركتين بمجلس الشعب عن مشروعي هذين القانونين، إذ ورد بتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن الاقتراحين المقدمين بشأن القانون رقم 54 لسنة 1984 ما نصه" وفي ضوء المناقشات التي أثيرت تبين للجنة أن هذين الاقتراحين بمشروعي القانونين يستهدفا - مد مهلة الستة أشهر المنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 والمحدد لتقديم طلبات المخالفين إلى الجهة الإدارية المختصة خلالها إلى ستة أشهر أخرى، وتقديراً لظروف الملاك وأصحاب النوايا الحسنة الذين تخلفوا عن تقديم طلباتهم في الموعد المقرر إلى الجهة الإدارية المختصة ومراعاة لظروف هؤلاء الملاك اللذين عجز معظمهم عن تدبير قيمة الغرامة المقررة على المخالفات التي ارتكبوها وتشجيعاً لهؤلاء المواطنين المخالفين على الامتثال لأحكام هذا القانون فقد رأت اللجنة الموافقة على ما ورد بالاقتراحين لمشروعي القانونين بمد المهلة من ستة أشهر إلى سنة اعتباراً من....... تاريخ العمل بالقانون رقم 30/ 1983" وقد صدر القانون رقم 54 لسنة 1984 متضمناً مد المهلة حتى 7/ 6/ 1985 كما جاء بتقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الحكم المحلي والتنظيمات الشعبية بشأن الاقتراح بمشروع القانون رقم 99 لسنة 1986 ما نصه "ولما كان الاقتراح بمشروع قانون المعروض يقوم على ذات الأسس التي قام عليها القانون رقم 54 لسنة 1984 وهو تمكين المخالفين من تقديم طلباتهم ونظراً لوجود بعضهم أثناء هذه المهلة خارج البلاد ولعدم تمكن البعض الآخر من تقديم الطلبات لقصور الإعلام الذي أدى إلى عدم معرفتهم بهذه المهلة لهذا فقد رأت اللجة أن تمد المهلة إلى 7 يونيو سنة 1987 بدلاً من 7 يونيو سنة 1986 كما ورد في الاقتراح المعروض على أن يكون هذا المد آخر فرصة لهؤلاء المخالفين" ومن ثم فإنه يشترط للتمتع بالإعفاء من الغرامة المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1983 المعدل بالقانونين رقمي 54 لسنة 1984، 99 لسنة 1986 أن يكون المخالف قد تقدم بطلب إلى الوحدة المحلية المختصة في خلال المهلة التي انتهت في 7/ 6/ 1987 عن أعمال مخالفة لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه وقعت قبل العمل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 في 8/ 6/ 1983. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح تأسيساً على تصالحه مع الجهة الإدارية دون أن يستظهر مدى توافر باقي شروط التمتع بالإعفاء، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون مما يعجز محكمة النقض عن أعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها في الحكم وتقول كلمتها في شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن، لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن 5494 لسنة 59 ق جلسة 9 / 12 / 1991 مكتب فني 42 ج 2 ق 180 ص 1303


جلسة 9 من ديسمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة وفتحي الصباغ.
-----------------
(180)
الطعن رقم 5494 لسنة 59 القضائية

 (1)معارضة "نظرها والحكم فيها". استئناف "نظره والحكم فيه" "ما يجوز استئنافه من الأحكام" "المصلحة في الطعن". عقوبة "تقديرها". نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
حضور وكيل عن المتهم - المحكوم عليه بالغرامة غيابياً ابتدائياً - عند نظر استئناف النيابة العامة الذي قصرته على الحكم الصادر في المعارضة - الذي قضى بالبراءة. يجعل الحكم حضورياً. أساس ذلك؟
 (2)حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.
خلو الحكم من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى الأدلة التي استند إليها في إدانة الطاعن. قصور.

---------------
1 - لما كانت النيابة العامة قد استأنفت الحكم الصادر في المعارضة التي أقامتها الطاعنة على الحكم الغيابي الابتدائي - دون الحكم الغيابي الابتدائي - ومن ثم يكون استئناف النيابة قاصراً على هذا الحكم، ولا يخول للمحكمة الاستئنافية أن تتجاوز العقوبة التي قضى بها الحكم الغيابي المعارض فيه. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الغيابي قد قضى بتغريم الطاعنة مبلغ 1316.70 مليم جنيه وضعف رسوم الترخيص، ومن ثم فإنه وقد أصبح لزاماً على المحكمة الاستئنافية إذا قضت بإلغاء الحكم الصادر في المعارضة بناءً على استئناف النيابة العامة - ألا تتجاوز ما قضى به الحكم الغيابي الابتدائي، ومن ثم فلا تلتزم الطاعنة بالحضور أمامها بنفسها، ويجوز الحضور عنها بتوكيل ويصبح الحكم الصادر في حقها حضورياً بما يجيز الطعن عليه بطريق النقض.
2 - من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ولم يورد مؤدى الأدلة التي استند عليها في إدانة الطاعنة، فإنه يكون قد جاء قاصراً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أقامت بناء بدون ترخيص. وطلبت عقابها بالمواد 4، 5، 22/ 1، 29 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983، ومحكمة جنح قسم أول طنطا قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهمة 1316.700 مليمجـ ألف وثلاثمائة وستة عشر جنيهاً وسبعمائة مليم وضعف رسم الترخيص وتقديم الرسوم الهندسية وغرامة إضافة مبلغ 1316.700 مليمجـ عارضت وقضي بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء المعارض فيه وبراءة المتهمة مما أسند إليها، استأنفت النيابة العامة ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهمة مبلغ 1316.700 مليمجـ وغرامة إضافية مبلغ 1316.700 مليمجـ وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الغرامة الأصلية.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن النيابة العامة قد استأنفت الحكم الصادر في المعارضة التي أقامتها الطاعنة على الحكم الغيابي الابتدائي - دون الحكم الغيابي الابتدائي - ومن ثم يكون استئناف النيابة قاصراً على هذا الحكم، ولا يخول للمحكمة الاستئنافية أن تتجاوز العقوبة التي قضى بها الحكم الغيابي المعارض فيه. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الغيابي قد قضى بتغريم الطاعنة مبلغ 1316.700 وضعف رسوم الترخيص، ومن ثم فإنه وقد أصبح لزاماً على المحكمة الاستئنافية إذا قضت بإلغاء الحكم الصادر في المعارضة بناءً على استئناف النيابة العامة - ألا تتجاوز ما قضى به الحكم الغيابي الابتدائي، ومن ثم فلا تلتزم الطاعنة بالحضور أمامها بنفسها، ويجوز الحضور عنها بتوكيل، ويصبح الحكم الصادر في حقها حضورياً بما يجيز الطعن عليه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إقامة بناء بدون ترخيص قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 54 سنة 1984 أعفى الأعمال التي لا تزيد على عشرة آلاف جنيه من الغرامة النسبية وأنه كان يتعين إعمالاً للقانون رقم 99 لسنة 1986 القضاء بوقف الدعوى إلى ما بعد 7/ 6/ 1987، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى وأدلة الثبوت بقوله "ومن حيث إن محكمة أول درجة قد سردت الوقائع بما لا حاجة لترديدها. ومن حيث إن الاتهام المنسوب إلى المتهم ثابت في حقه من محضر الضبط ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ومعاقبة المتهم بالعقوبة الواردة بالمنطوق"، وكان الحكم الابتدائي الغيابي قد حصل واقعة الدعوى بقوله "أن التهمة ثابتة في حق المتهم مما جاء بمحضر الضبط ومن عدم دفعه إياها بدفاع مقبول". لما كان ذلك وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ولم يورد مؤدى الأدلة التي استند عليها في إدانة الطاعنة، فإنه يكون قد جاء قاصراً، بما يعجز محكمة النقض على أن تقول كلمتها في شأن ما تثيره الطاعنة بأوجه طعنها من الخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه والإعادة.

الطعن 14223 لسنة 59 ق جلسة 10 / 12 / 1991 مكتب فني 42 ج 2 ق 182 ص 1323


جلسة 10 من ديسمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمود رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وأنور جبري وبدر الدين السيد وحسن أبو المعالي أبو النصر.
------------
(182)
الطعن رقم 14223 لسنة 59 القضائية

(1) سب وقذف. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سكوت الحكم عن التحدث عن توافر ركن العلانية في جريمة القذف والسب. لا يعيبه. ما دام الطاعن لم يدفع بتخلفه وكانت الوقائع تقطع بتوافره.
 (2)سب وقذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب. توافره متى كانت العبارات التي وجهت إلى المجني عليها شائنة بذاتها.
علانية الإسناد تتضمن حتماً قصد الإذاعة بمجرد الجهر بالألفاظ النابية في المحل العام مع العلم بمعناها.
 (3)سب وقذف. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
استخلاص القصد الجنائي في جريمة القذف والسب علناً. موضوعي.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود. إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
 (5)محكمة استئنافية "نظرها الدعوى والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام محكمة ثاني درجة أن تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه أو ما فات محكمة أول درجة إجراءه.

---------------
1 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة، أن الطاعن لم يدفع بتخلف ركن العلانية، فإنه لا على المحكمة إن هي سكتت عن التحدث عن توافر هذا الركن على استقلال في حكمها ما دامت الوقائع - كما حصلها الحكم - تقطع بما يوفر لجريمتي القذف والسب ركن العلانية على ما هو معرف به في القانون، ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس.
2 - لما كان القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب يتوافر متى كانت العبارات التي وجهها المتهم إلى المجني عليه شائنة بذاتها، وأن علانية الإسناد تتضمن حتماً قصد الإذاعة، بمجرد الجهر بالألفاظ النابية في المحل العام مع العلم بمعناها.
3 - من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجني عليه يكون قد دلل على سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر به دعوى القصور في التسبيب في هذا الشأن.
4 - لما كان لا يبين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن أو المدافع عنه قد طلب سماع شهوده، وكان يجوز للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمناً.
5 - لما كان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، ولا تلتزم بسماع الشهود إلا ما كان يجب على محكمة أول درجة سماعهم، فإذ لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان الطاعن قد عد متنازلاًَ عن حقه بسكوته عن التمسك بهذا الطلب أمام محكمة أول درجة، فإن منعاه على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لعدم سماع شهوده يكون غير سديد.


الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الأزبكية ضد الطاعن بوصف أنه قذفه وسبه علناً بألفاظ مخدشة للشرف والاعتبار على النحو المبين بعريضة الدعوى. وطلب عقابه بالمواد 171، 302، 303، 306 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنح الأزبكية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 20 جنيهاً لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، عارض المحكوم عليه وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن، استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إنه يبين من مدونات الحكم الابتدائي - الذي اعتنق الحكم المطعون فيه أسبابه - أن الطاعن قذف وسب المطعون ضده - المدعي بالحق المدني - بعبارات القذف والسب التي أثبتها الحكم وذلك عند خروجه من قاعة جلسة المحاكمة وعلى مرأى ومسمع شاهد الواقعة. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة، أن الطاعن لم يدفع بتخلف ركن العلانية، فإنه لا على المحكمة إن هي سكتت عن التحدث عن توافر هذا الركن على استقلال في حكمها ما دامت الوقائع - كما حصلها الحكم - تقطع بما يوفر لجريمتي القذف والسب ركن العلانية على ما هو معرف به في القانون، ومن ثم يكون ما أثاره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب يتوافر متى كانت العبارات التي وجهها المتهم إلى المجني عليه شائنة بذاتها، وأن علانية الإسناد تتضمن حتماً قصد الإذاعة، بمجرد الجهر بالألفاظ النابية في المحل العام مع العلم بمعناها، وكان من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجني عليه يكون قد دلل على سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر به دعوى القصور في التسبيب في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان لا يبين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن أو المدافع عنه قد طلب سماع شهوده، وكان يجوز للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمناً، وكان الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، ولا تلتزم بسماع الشهود إلا ما كان يجب على محكمة أول درجة سماعهم، فإذ لم تر من جانبها حاجة إلى سماعهم، وكان الطاعن قد عد متنازلاًَ عن حقه بسكوته عن التمسك بهذا الطلب أمام محكمة أول درجة، فإن منعاه على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لعدم سماع شهوده يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً.