الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 19 يناير 2017

الطعن 536 لسنة 79 ق جلسة 10 / 6 / 2009 مكتب فني 60 ق 40 ص 298

جلسة 10 من يونيو سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عيد سالم، محمد محمود، ومحمد عبد الحليم نواب رئيس المحكمة ووائل أنور.
----------------
(40)
الطعن 536 لسنة 79 ق
- 1  قضاة "صلاحيتهم". إجراءات "إجراءات التحقيق". قانون "تفسيره".
امتناع القاضي عن نظر الدعوى. مناط تحققه: قيامه بعمل مأمور الضبط القضائي أو بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة. أساس ذلك؟ التحقيق والإحالة في مفهوم المادة 247 إجراءات كسبب لامتناع القاضي عن الحكم. هو ما يجريه القاضي أو يصدره في نطاق تطبيق قانون الإجراءات الجنائية سواء بصفته سلطة تحقيق أو حكم.
- 2  قضاة "صلاحيتهم". إجراءات "إجراءات التحقيق". قانون "تفسيره". كسب غير مشروع. حكم "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "أثر الطعن".
المادة العاشرة من القانون 62 لسنة 1975. ناطت بهيئات الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع أن تأمر بمنع المتهم أو زوجته أو أولاده القصر من التصرف في أموالهم وأن تعرض الأمر على محكمة الجنايات المختصة التي تصدر حكمها إما بتأييده أو تعديله أو إلغائه. ورود النص في قانون الكسب غير المشروع. لا يغير من طبيعته كنص من النصوص المتعلقة بالإجراءات الجنائية. أثر ذلك: اعتبار الحكم الذي تصدره محكمة الجنايات في هذا الشأن من أعمال التحقيق. ثبوت أن الهيئة التي أصدرت حكم محكمة الجنايات بتأييد قرار هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع بمنع الطاعن وزوجته وولديه من التصرف في أموالهم هي ذات الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه. يتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى. أثر ذلك: اعتبار الحكم المطعون فيه صادراً من هيئة فقدت صلاحيتها لنظر الدعوى والحكم فيها. بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعن وباقي الطاعنين لتعلق سبب النقض بالحكم ذاته ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
- 3 حكم "بطلانه". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام" "الطعن لثاني مرة". محكمة النقض "اختصاصها".
تعرض محكمة النقض لنظر الموضوع في الطعن المرفوع أمامها للمرة الثانية في الدعوى عينها. شرطاه؟ صدور الحكم المطعون فيه من هيئة فقدت صلاحية الفصل في الدعوى. يبطله بطلان جوهري متعلق بأصل وجوده وهو ما ينحدر به إلى حد الانعدام ولا يعتد به كحكم فاصل في موضوع الدعوى للمرة الثانية. ولا تستنفد به محكمة الموضوع ولايتها في نظر الدعوى والفصل فيها. أثره: وجوب أن يكون النقض مقروناً بالإعادة إلى محكمة الموضوع.
-------------
3 - من المقرر أن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى والحكم فيها لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض، ومن هذه الأحوال أن يكون القاضي قد قام في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي أو بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة، وهو نص متعلق بالنظام العام، فيتعين على القاضي في تلك الأحوال أن يمتنع من تلقاء نفسه عن الحكم في الدعوى، ولو لم يطلب أحد الخصوم رده، وإلا وقع قضاؤه باطلاً بحكم القانون لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة مقرر لاعتبارات تتصل بالاطمئنان إلى تحقيق العدالة، وأساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى في تلك الأحوال هو قيامه بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى، ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، وإلا فقد صلاحيته لنظرها، خشية أن يلتزم برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم أخذاً بأن إظهار الرأي قد يدعو إلى التزامه.  لما كان ذلك، وكان ظاهر وسياق المادة 146 مرافعات - التي استقت منها الحالات الواردة في المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية - يفيد أن إبداء القاضي لرأيه يلزم أن يكون في ذات القضية المطروحة، إلا أنه ينبغي أن يفسر ذلك بالمعنى الواسع فيؤخذ به متى كانت الخصومة التي سبق له إبداء رأيه فيها ذات صلة بالدعوى المطروحة أمامه بحيث تعتبر استمراراً لها أو مترتبة عليها، وكان من المقرر أن التحقيق والإحالة في مفهوم حكم المادة 247 إجراءات المشار إليها كسبب لامتناع القاضي عن الحكم، هو ما يجريه القاضي أو يصدره في نطاق تطبيق قانون الإجراءات الجنائية سواء بصفته سلطة تحقيق أو حكم.
2 - من المقرر أن المادة العاشرة من القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع قد ناطت بهيئات الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع أن تأمر بمنع المتهم أو زوجته أو أولاده القصر من التصرف في أموالهم، وأن تعرض هذا الأمر على محكمة الجنايات المختصة، والتي تصدر حكمها إما بتأييده أو تعديله أو إلغائه، وإذ كان ورود هذا النص في قانون الكسب غير المشروع لا يغير من طبيعته كنص من النصوص المتعلقة بالإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن الحكم الذي تصدره محكمة الجنايات في هذا الشأن يعتبر من أعمال التحقيق في حكم المادة 247 إجراءات وتباشره في الدعوى بوصفها سلطة تحقيق في مرحلة سابقة على المحاكمة. لما كان ذلك، وكان البين من الصورة الرسمية من الحكم الصادر من محكمة جنايات ..... بجلسة ..... - المقدمة من دفاع الطاعن سنداً لطعنه - أن الهيئة التي أصدرته، والمشكلة برئاسة السيد المستشار/ ..... وعضوية السيدين المستشارين/ ..... الرؤساء بمحكمة ..... - وهي ذات الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بجلسة ..... - سبق أن قضت بتأييد قرار هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع رقم ..... بمنع الطاعن وزوجته وولديه من التصرف في أموالهم على سند مما قدرته من قيام الدلائل الكافية على وجود كسب غير مشروع تحصل عليه المتهم إبان عمله .....، وأن ثروته قد تضخمت نتيجة استغلال وظيفته من الحصول على مبالغ مالية على سبيل الرشوة مقابل إفشاءه معلومات وتقارير وخرائط وبيانات عن مناطق التنقيب بمناطق الامتياز التي يتم طرحها في المزايدات على شركات التنقيب المختلفة، وأن المتهم - الطاعن - تم ضبطه في القضية رقم ..... حصر أمن دولة عليا مما يوفر الدلائل الكافية على جدية الاتهام قبله. لما كان ذلك، وكانت تلك الوقائع والقضية هي ذات الوقائع والقضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يفصح عن أن المحكمة التي أصدرته قد سبق لها أن أبدت رأياً معيناً ثابتاً بشأنها هو اقتناعها بجدية الاتهام المنسوب إلى الطاعن عن تلك الوقائع وفي تلك الدعوى، وهو ما يعني تأثر المحكمة في تكوين عقيدتها من ناحية ثبوت التهم المسندة إلى الطاعن بهذا الرأي عند نظر الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، مما يتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر من هيئة فقدت صلاحيتها لنظر الدعوى والحكم فيها، بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعن وباقي الطاعنين لتعلق سبب النقض بالحكم ذاته ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، مما مقتضاه إعادة بحثها من جميع نواحيها بالنسبة لكل من اتهم فيها ودون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدم من الطاعن أو من باقي الطاعنين.
3 - لما كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - صادر بنقض حكم صادر من محكمة الإعادة، إلا أنه لما كان من المقرر أنه لا يكفي سبق الطعن في قضية أمام محكمة النقض لكي تصبح هذه المحكمة مختصة بالفصل في موضوع هذه القضية إذا حصل الطعن أمامها مرة ثانية في القضية عينها وقبل هذا الطعن، بل يجب فوق ذلك أن يتحقق شرطان أساسيان، أولهما سبق الحكم بالنقض، وثانيهما أن يكون كلا الحكمين قد فصلا في موضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان شرط اعتبار الحكم فاصلاً في الدعوى أن يكون قد صدر مستوفياً مقومات وجوده قانوناً ومن بينها صدوره من هيئة لها صلاحية الفصل في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر من هيئة فقدت صلاحيتها لنظر الدعوى محظور عليها الفصل فيها، ومن ثم فإنه يكون قد صدر باطلاً وهو بطلان جوهري متعلق بأصل وجوده لا مجرد عيب يشوبه، وهو ما ينحدر به إلى حد الانعدام، فلا يعتد به كحكم فاصل في موضوع الدعوى للمرة الثانية، ولا تستنفد به محكمة الموضوع ولايتها في نظر الدعوى والفصل فيها، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة إلى محكمة الموضوع، ولا يمنع من الإعادة النص في الفقرة الأخيرة من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959 والمستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 على أنه "وفي جميع الأحوال إذا قضت المحكمة بنقض الحكم الصادر من محكمة الإعادة وجب عليها نظر الموضوع أياً كان سبب الطعن ..." إذ الحكم المطعون فيه قد صدر معدوماً لا وجود له، وحتى لا يحرم الطاعنون من مرحلة من مراحل التقاضي.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- ..... 2- ..... 3- ..... 4- ..... 5- ..... 6- ..... 7- ..... 8- ..... 9- ..... 10- ..... 11- ..... 12- ..... 13- ... بأنهم أولاً: المتهم الأول: 1- بصفته موظفاً عاماً (مساعد نائب رئيس ..... للبترول للاتفاقيات والاستكشافات) طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن طلب من المتهمين السابع/ .... والثامن/ .... والتاسع/ .... أصحاب شركة/ ..... مبلغ ..... أخذ منه ..... وسيارة قيمتها ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء معلومات وبيانات فنية غير مسموح بتداولها خاصة باحتمالات وجود زيت البترول بمناطق ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها، وكذا مقابل إعداد العروض المالية المقدمة من الشركة سالفة الذكر في تلك المزايدة
2- بصفته سالفة البيان طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن طلب وأخذ مبلغ .... على سبيل الرشوة من المتهم الثالث عشر/ ..... المدير المسئول بشركة ..... للبترول بواسطة المتهم السابع مقابل إفشاء معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها تستخدم لوضع احتمالات وجود زيت البترول بمنطقة ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدة لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها، وكذا مقابل إعداد العرض المالي المقدم من الشركة سالفة البيان في تلك المزايدة. 3- بصفته سالفة البيان طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن طلب وأخذ من المتهم الثالث عشر مبلغ ..... بواسطة المتهم السابع مقابل إفشاء معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها خاصة باحتمالات وجود زيت البترول بمنطقة ..... والمطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها والتي تقدمت لها شركة ...... 
4- بصفته موظفاً عاماً (مدير عام تقييم الاحتمالات البترولية بشركة .....) استولى بغير حق وبنية التملك على الأوراق والخرائط والبيانات المملوكة لجهة عمله، بأن استولى على الخرائط والبيانات الفنية الخاصة باحتمالات وجود زيت البترول بمنطقتي ..... على النحو المبين بالتحقيقات
5- بصفته موظفاً عاماً (مساعد نائب رئيس ..... للبترول) استولى بغير حق وبنية التملك على الأوراق المملوكة لجهة عمله، بأن استولى على الخرائط والبيانات والتقارير الخاصة باحتياطيات وإنتاج الزيت واحتمالات وجوده بحقول آبار بترول .....، ....، ..... على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات
ثانياً: المتهم الثاني: 1- بصفته موظفاً عاماً (مدير مساعد الاستكشاف والمناطق بـ.....) طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن طلب وأخذ من المتهمين السابع والثامن والتاسع مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها خاصة باحتمالات وجود زيت البترول بمناطق ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدة لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها، والتي تقدمت لها شركة ...... 
2- بصفته سالفة البيان طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن طلب وأخذ من المتهم العاشر/ ..... مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها تستخدم لوضع احتمالات وجود زيت البترول بمناطق ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدتين العالميتين لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها والتي تقدمت لها شركة ...... 3- بصفته سالفة البيان طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن طلب من المتهم الأول مبلغ ..... أخذ منه ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء بيانات ومعلومات فنية غير مسموح بتداولها خاصة باحتمالات وجود زيت البترول بمنطقة ..... والمطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها. 4- بصفته سالفة البيان طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن طلب وأخذ من المتهم الثاني عشر/ ..... ممثل شركة ..... بوساطة المتهم السادس/ ..... مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء بيانات ومعلومات فنية غير مسموح بتداولها تستخدم لوضع احتمالات وجود زيت البترول بمنطقة ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها والتي تقدمت لها الشركة المذكورة. 5- بصفته موظفاً عاماً (مدير مساعد تقييم مناطق ..... بـ ..... للبترول) اختلس الأوراق المملوكة لجهة عمله سالفة البيان، والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته، بأن اختلس الخرائط والبيانات والتقارير الفنية الخاصة بأماكن الآبار والتراكيب وذات الاحتمالات البترولية والاحتياطات وتسهيلات الإنتاج بمنطقتي ...... 6- بصفته موظفاً عاماً (مدير مساعد تقييم مناطق ..... بـ ..... للبترول) استولى بغير حق وبنية التملك على الأوراق المملوكة لجهة عمله سالفة البيان، بأن استولى على الخرائط والمعلومات الرقمية الخاصة بشرح التراكيب المحتملة لآبار البترول والاحتياطيات بمناطق الكشف عن البترول ..... على النحو المبين بالتحقيقات
ثالثاً: المتهمان الأول والثاني: بصفتهما سالفة البيان استوليا بغير حق وبنية التملك على أوراق مملوكة لجهة عملهما، بأن استوليا على الخرائط والبيانات والمعلومات الفنية والرقمية الخاصة بشرح التراكيب المحتملة لآبار البترول والاحتياطات وتسهيلات الإنتاج بمناطق ..... المملوكة ..... على النحو المبين بالتحقيقات
رابعاً: المتهم الثالث: 1- بصفته موظفاً عاماً (مدير عام متابعة عمليات الاستكشافات بـ ..... للبترول) طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن طلب من المتهم الأول مبلغ ..... أخذ منه مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء بيانات ومعلومات فنية غير مسموح بتداولها تستخدم لوضع احتمالات وجود زيت البترول بمنطقة ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها، والتي تقدمت لها شركة ...... 2- بصفته سالفة البيان طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن طلب وأخذ من المتهم الثاني عشر بوساطة المتهم السادس مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء بيانات ومعلومات فنية غير مسموح بتداولها خاصة باحتمالات وجود زيت البترول بمنطقة ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها والتي تقدمت لها شركة ...... 3- بصفته سالفة البيان استولى بغير حق وبنية التملك على الأوراق المملوكة لجهة عمله، بأن استولى على خرائط وبيانات ومعلومات فنية خاصة بتراكيب ذات احتمالات بترولية عن منطقة .... والمملوكة ..... على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات
خامساً: المتهمان الثاني والثالث: بصفتهما سالفة البيان استوليا بغير حق وبنية التملك على الأوراق والخرائط والبيانات ومعلومات فنية عن احتياطات الإنتاج والتراكيب ذات الاحتمالات البترولية بمنطقتي ..... والمملوكتين ..... على النحو المبين بالتحقيقات
سادساً: المتهم الأول: 1- قدم رشوة لموظف عام للإخلال بواجبات وظيفته، بأن قدم للمتهم الثاني مبلغ .... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء بيانات ومعلومات فنية غير مسموح بتداولها تستخدم لوضع احتمالات وجود زيت البترول بمنطقة ..... والمطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها موضوع التهمة ثانياً بند (3). 
2- قدم رشوة لموظف عام للإخلال بواجبات وظيفته، بأن قدم للمتهم الثالث مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشائه بيانات ومعلومات فنية غير مسموح بتداولها تستخدم لوضع احتمالات وجود زيت البترول بمنطقة ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها موضوع التهمة رابعاً بند (1). 
سابعاً: المتهم الرابع: 1- بصفته موظفاً عاماً (مدير عام مساعد التحليل الاقتصادي بـ ..... للبترول) طلب وأخذ عطية للإضرار بواجبات وظيفته، بأن طلب وأخذ من المتهمين السابع والثامن مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء بيانات ومعلومات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها تستخدم لوضع احتمالات وجود زيت البترول بمناطق ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها والتي تقدمت لها شركة ...... 2- بصفته سالفة البيان طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن أخذ مبلغ ..... من المتهم العاشر على سبيل الرشوة مقابل إفشاء معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها خاصة باحتمالات وجود زيت البترول بمنطقتي .... والمطروحتين من قبل ..... التابعة لجهة عمله بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها والتي تقدمت لها شركة ......
ثامناً: المتهمان الثاني والرابع: بصفتهما سالفة البيان استوليا بغير حق وبنية التملك على أوراق مملوكة لجهة عامة، بأن استوليا على الخرائط والبيانات والتقارير الفنية الخاصة بإنتاج الحقول والاحتياطيات والتراكيب البترولية بمنطقتي ..... والمملوكة ..... التابعة ..... على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات
تاسعاً: المتهم الخامس: 1- بصفته موظفاً عاماً (مدير عام الرقابة على .....) طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته، بأن طلب وأخذ من المتهم السابع بواسطة المتهم الحادي عشر .... مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل الموافقة على قوائم الاتفاق المالية المقدمة من شركة ..... للبترول، والتي يمثلها المتهم السابع لاستردادها على النحو المبين بالتحقيقات. 2- بصفته سالفة البيان سهل بغير حق للغير الاستيلاء على مال عام مملوك لجهة عمله، بأن وافق للمتهم السابع على استرداد شركة ..... مبلغ ..... والمملوكة ..... وكان ذلك بغير حق على النحو المبين بالتحقيقات
عاشراً: المتهم السادس: توسط في جريمتي الرشوة محل التهمتين المبينتين بالبندين ثانياً بند (4) رابعاً بند (2). 
حادي عشر: المتهمون من السابع حتى التاسع: 1- قدموا رشوة لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته، بأن قدموا للمتهم الأول مبلغ ..... وسيارة قيمتها ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشائه معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها تستخدم لوضع احتمالات وجود زيت البترول بمناطق ..... المطروحة من قبل ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بالمزايدة العالمية لعام ..... وكذا إعداد العروض المالية عنها من الشركة التي يمثلونها في تلك المزايدة موضوع التهمة أولاً بند (1). 
2- قدموا رشوة لموظفين عموميين للإخلال بواجبات وظيفتهما، بأن قدموا للمتهمين الثاني والرابع مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشائهما معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها تستخدم لوضع احتمالات وجود زيت البترول بمناطق ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها موضوع التهمتين ثانياً بند (1)، سابعاً بند (1). 
ثان عشر: المتهم السابع: 1- قدم رشوة لموظف عام، بأن قدم للمتهم الخامس بواسطة المتهم الحادي عشر مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل الموافقة على قوائم الاتفاق المالية المقدمة من شركة ..... للبترول والتي يمثلها المتهم السابع بغرض استردادها على النحو المبين بالتحقيقات موضوع التهمة تاسعاً بند (1). 2- توسط في جريمتي الرشوة محل التهمتين أولاً بند 2، 3
ثالث عشر: المتهم العاشر: 1- قدم عطية لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته، بأن قدم للمتهم الثاني مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها تستخدم لوضع احتمالات وجود زيت البترول بمناطق ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدتين العالميتين لعام .... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها والتي تقدمت لها شركة ..... للبترول موضوع التهمة ثانياً بند (2). 
2- قدم عطية لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته، بأن قدم للمتهم الرابع مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها خاصة باحتمالات وجود زيت البترول بمنطقتي ..... والمطروحتين من قبل ..... التابعة لجهة عمله بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها، والتي تقدمت لها شركة ..... موضوع التهمة سابعاً بند (2). 
رابع عشر: المتهم الحادي عشر: توسط في جريمتي الرشوة محل التهمتين المبينتين بالبندين تاسعاً بند (1)، ثان عشر بند (1). 
خامس عشر: المتهمان السابع والحادي عشر: اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الخامس في ارتكاب جريمة تسهيل استيلاء على مبلغ ..... المملوك .....، بأن اتفقا معه على ارتكابها، وساعداه على ذلك، بأن أمداه بالمستندات والأوراق الخاصة بأوجه اتفاق شركة ..... في أعمال منطقة امتياز .....، وتمكنا بهذه الوسيلة من الاستيلاء عليه بغير حق لصالح الشركة المذكورة، فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات
سادس عشر: المتهم الثاني عشر: 1- قدم عطية لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته، بأن قدم للمتهم الثاني بوساطة المتهم السادس مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء بيانات ومعلومات وجود زيت البترول بمنطقة ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها، والتي تقدمت لها شركة ..... للبترول موضوع التهمة ثانياً بند (4). 2- قدم عطية لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته، بأن قدم للمتهم الثالث بوساطة المتهم السادس مبلغ ..... على سبيل الرشوة مقابل إفشاء بيانات ومعلومات فنية غير مسموح بتداولها خاصة باحتمالات وجود زيت البترول بمنطقة ..... المطروحة من قبل .....، والتي تقدمت لها شركة ..... موضوع التهمة رابعاً بند (2). 
سابع عشر: المتهم الثالث عشر: 1- قدم عطية لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته، بأن قدم للمتهم الأول مبلغ ..... على سبيل الرشوة بوساطة المتهم السابع مقابل إفشاء معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها تستخدم لوضع احتمالات وجود زيت البترول بمنطقة ..... المطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها، وكذا مقابل إعداد العرض المالي المقدم من شركة .... للبترول في تلك المزايدة موضوع التهمة أولاً بند (2). 2- قدم عطية لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته، بأن قدم للمتهم الأول مبلغ ..... على سبيل الرشوة بوساطة المتهم السابع مقابل إفشاء معلومات وبيانات وتقارير فنية غير مسموح بتداولها خاصة باحتمالات وجود زيت البترول والغاز بمنطقة .... والمطروحة من قبل ..... بالمزايدة العالمية لعام ..... لمنح امتياز البحث والتنقيب بها والتي تقدمت لها شركة ..... للبترول موضوع التهمة أولاً بند (3). 
ثامن عشر: المتهم السادس: توسط في جريمة الرشوة محل التهمة سادس عشر بند 1، 2
وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والعاشر والحادي عشر وغيابياً للتاسع والثاني عشر والثالث عشر عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41/1، 103، 104، 107، 107/1 مكرراً، 110، 111، 112/1، 113/1، 118، 119/ب، 119 /هـ مكرراً من قانون العقوبات، مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة ..... بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وكل من/ ...، ...، ... بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات و... بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات، وكل من ... و... و... و... و... و... و... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات
ثانياً: بتغريم/ ... مبلغ .... و... مبلغ ... و... مبلغ ... و... مبلغ ... وتغريم كل من ... و... و... و... و... و... مبلغ .... ثالثاً: بتغريم ... و... و... بالتضامن فيما بينهم مبلغ .... رابعاً: بعزل كل من/ ... و... و... و... و... و... من وظيفته
سابعاً: بإعفاء كل من/ ... و... و... من العقاب بالنسبة للتهم الموضحة بأسباب هذا الحكم
فطعن المحكوم عليهم عدا التاسع والثاني عشر والثالث عشر في هذا الحكم بطريق النقض
ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ..... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى
ومحكمة الإعادة "بهيئة مغايرة" قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/2، 3، 41/1، 103، 104، 107 مكرراً، 110، 111/1، 112/1، 113/1، 115، 118 مكرراً، 119/ب، ذ، 119 مكرراً هـ من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون
أولاً: بمعاقبة/ ... بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات، وتغريمه ... عما أسند إليه بالبنود أولاً /1، 2، 3، 4، 5 وثالثاً، سادساً 1، 2
ثانياً: بمعاقبة/ ... بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات، وبتغريمه مبلغ ... عما أسند إليه بالبنود ثانياً/ 1، 2، 3، 4، 5، 6 وثالثاً وخامساً وثامناً
ثالثاً: بمعاقبة/ ... بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات، وبتغريمه مبلغ ... عما أسند إليه بالبنود رابعاً 1، 2، 3 وخامساً
رابعاً: بمعاقبة/ ... بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات، وبتغريمه مبلغ ... عما أسند إليه بالبندين سابعاً 1، 2 وثامناً
خامساً: بمعاقبة/ ... بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات، وبتغريمه ... عما أسند إليه بالبند تاسعاً/ 1، 2
سادساً: بمعاقبة/ ... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات، وبتغريمه ... عما أسند إليه بالبند الحادي عشر /1، 2
سابعاً: بتغريم/ ... و... و... بالتضامن فيما بينهم مبلغ .... 
ثامناً: بعزل كل من/ ... و... و... و... و... من وظيفته
تاسعاً: مصادرة مبلغ الرشوة والسيارة المضبوطين
عاشراً: بإعفاء كل من/ ... و... من العقاب عما أسند إليهما بالبند تاسعاً /2
حادي عشر: ببراءة/ ... مما أسند إليه
فطعن المحكوم عليهم الأول/ ..... والثاني/ ..... والثالث/ ..... والرابع/ ..... والخامس/ ..... والسابع/ ..... والثامن/ ..... والتاسع ..... في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

----------------
المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الارتشاء والاستيلاء على أوراق وخرائط وبيانات وتقارير مملوكة لجهة عمله، قد صدر باطلاً، لصدوره من هيئة فقدت صلاحيتها للحكم في الدعوى لسبق قضائها بتأييد قرار بمنعه وزوجته وأولاده القصر من التصرف في أموالهم بسبب اتهامه في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه وعن ذات الوقائع المنسوبة إليه فيها، مما يعيبه ويستوجب نقضه
ومن حيث إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى والحكم فيها لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض، ومن هذه الأحوال أن يكون القاضي قد قام في الدعوى بعمل مأمور الضبط القضائي أو بعمل من أعمال التحقيق أو الإحالة، وهو نص متعلق بالنظام العام، فيتعين على القاضي في تلك الأحوال أن يمتنع من تلقاء نفسه عن الحكم في الدعوى، ولو لم يطلب أحد الخصوم رده، وإلا وقع قضاؤه باطلاً بحكم القانون لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة مقرر لاعتبارات تتصل بالاطمئنان إلى تحقيق العدالة، وأساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى في تلك الأحوال هو قيامه بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى، ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، وإلا فقد صلاحيته لنظرها، خشية أن يلتزم برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم أخذاً بأن إظهار الرأي قد يدعو إلى التزامه. لما كان ذلك، وكان ظاهر وسياق المادة 146 مرافعات - التي استقت منها الحالات الواردة في المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية - يفيد أن إبداء القاضي لرأيه يلزم أن يكون في ذات القضية المطروحة، إلا أنه ينبغي أن يفسر ذلك بالمعنى الواسع فيؤخذ به متى كانت الخصومة التي سبق له إبداء رأيه فيها ذات صلة بالدعوى المطروحة أمامه بحيث تعتبر استمراراً لها أو مترتبة عليها، وكان من المقرر أن التحقيق والإحالة في مفهوم حكم المادة 247 إجراءات المشار إليها كسبب لامتناع القاضي عن الحكم، هو ما يجريه القاضي أو يصدره في نطاق تطبيق قانون الإجراءات الجنائية سواء بصفته سلطة تحقيق أو حكم. لما كان ذلك، وكانت المادة العاشرة من القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع قد ناطت بهيئات الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع أن تأمر بمنع المتهم أو زوجته أو أولاده القصر من التصرف في أموالهم، وأن تعرض هذا الأمر على محكمة الجنايات المختصة، والتي تصدر حكمها إما بتأييده أو تعديله أو إلغائه، وإذ كان ورود هذا النص في قانون الكسب غير المشروع لا يغير من طبيعته كنص من النصوص المتعلقة بالإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن الحكم الذي تصدره محكمة الجنايات في هذا الشأن يعتبر من أعمال التحقيق في حكم المادة 247 إجراءات وتباشره في الدعوى بوصفها سلطة تحقيق في مرحلة سابقة على المحاكمة. لما كان ذلك، وكان البين من الصورة الرسمية من الحكم الصادر من محكمة جنايات ..... بجلسة ..... - المقدمة من دفاع الطاعن سنداً لطعنه - أن الهيئة التي أصدرته، والمشكلة برئاسة السيد المستشار/ ...... وعضوية السيدين المستشارين/ ..... الرؤساء بمحكمة ..... - وهي ذات الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بجلسة ..... - سبق أن قضت بتأييد قرار هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع رقم ..... بمنع الطاعن وزوجته وولديه من التصرف في أموالهم على سند مما قدرته من قيام الدلائل الكافية على وجود كسب غير مشروع تحصل عليه المتهم إبان عمله .....، وأن ثروته قد تضخمت نتيجة استغلال وظيفته من الحصول على مبالغ مالية على سبيل الرشوة مقابل إفشاءه معلومات وتقارير وخرائط وبيانات عن مناطق التنقيب بمناطق الامتياز التي يتم طرحها في المزايدات على شركات التنقيب المختلفة، وأن المتهم - الطاعن - تم ضبطه في القضية رقم ..... حصر أمن دولة عليا مما يوفر الدلائل الكافية على جدية الاتهام قبله. لما كان ذلك، وكانت تلك الوقائع والقضية هي ذات الوقائع والقضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه، الأمر الذي يفصح عن أن المحكمة التي أصدرته قد سبق لها أن أبدت رأياً معيناً ثابتاً بشأنها هو اقتناعها بجدية الاتهام المنسوب إلى الطاعن عن تلك الوقائع وفي تلك الدعوى، وهو ما يعني تأثر المحكمة في تكوين عقيدتها من ناحية ثبوت التهم المسندة إلى الطاعن بهذا الرأي عند نظر الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه، مما يتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوع الدعوى، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر من هيئة فقدت صلاحيتها لنظر الدعوى والحكم فيها، بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعن وباقي الطاعنين لتعلق سبب النقض بالحكم ذاته ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة، مما مقتضاه إعادة بحثها من جميع نواحيها بالنسبة لكل من اتهم فيها ودون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدم من الطاعن أو من باقي الطاعنين. لما كان ذلك، ولئن كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - صادر بنقض حكم صادر من محكمة الإعادة، إلا أنه لما كان من المقرر أنه لا يكفي سبق الطعن في قضية أمام محكمة النقض لكي تصبح هذه المحكمة مختصة بالفصل في موضوع هذه القضية إذا حصل الطعن أمامها مرة ثانية في القضية عينها وقبل هذا الطعن، بل يجب فوق ذلك أن يتحقق شرطان أساسيان، أولهما سبق الحكم بالنقض، وثانيهما أن يكون كلا الحكمين قد فصلا في موضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان شرط اعتبار الحكم فاصلاً في الدعوى أن يكون قد صدر مستوفياً مقومات وجوده قانوناً ومن بينها صدوره من هيئة لها صلاحية الفصل في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر من هيئة فقدت صلاحيتها لنظر الدعوى محظور عليها الفصل فيها، ومن ثم فإنه يكون قد صدر باطلاً وهو بطلان جوهري متعلق بأصل وجوده لا مجرد عيب يشوبه، وهو ما ينحدر به إلى حد الانعدام، فلا يعتد به كحكم فاصل في موضوع الدعوى للمرة الثانية ولا تستنفد به محكمة الموضوع ولايتها في نظر الدعوى والفصل فيها، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة إلى محكمة الموضوع، ولا يمنع من الإعادة النص في الفقرة الأخيرة من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959 والمستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 على أنه "وفي جميع الأحوال إذا قضت المحكمة بنقض الحكم الصادر من محكمة الإعادة وجب عليها نظر الموضوع أياً كان سبب الطعن ..." إذ الحكم المطعون فيه قد صدر معدوماً لا وجود له، وحتى لا يحرم الطاعنون من مرحلة من مراحل التقاضي.

الطعن 32486 لسنة 71 ق جلسة 8 / 6 / 2009 مكتب فني 60 ق 39 ص 292

جلسة 8 من يونيو سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ زغلول البلشي، عبد الرحمن هيكل، رفعت حنا نواب رئيس المحكمة ويحيى منصور.
--------------
(39)
الطعن 32486 لسنة 71 ق
(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات. 
المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 إجراءات؟ 
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة لا يحقق غرض الشارع من إيجاب التسبيب. أثره؟
(2) حكم "بطلانه". نقض "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام". نيابة عامة.
الحكم غيابياً في جناية بغير الإدانة. لا يبطل بحضور المحكوم عليه أو القبض عليه. علة ذلك؟ 
ميعاد الطعن في الحكم الغيابي من تاريخ صدوره. 
جواز طعن النيابة العامة بالنقض في الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنايات. أساس ذلك؟
(3) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بنى عليها. ولو كان صادرا بالبراءة. مخالفة ذلك. أثره: بطلان الحكم. المادة 310 إجراءات جنائية. 
انتهاء الحكم بترديد صيغة الاتهام بإدانة المتهم بالمخالفة لما جرى به منطوقة بالبراءة. تناقض واختلال. أثره؟
--------------
(1) لما كان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من هذا البيان المعتبر في القانون، إذ اكتفى في بيانه لواقعة الدعوى بترديد صيغة الاتهام بما لا يتوافر بها بيان واقعتي حيازة الأوراق المالية المقلدة بقصد ترويجها وترويجها بياناً تتحقق به أركان الجريمة على النحو الذي يتطلبه القانون ويتغياه من هذا البيان، إذ لم يبين ـ سواء في معرض إيراده لواقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها ـ تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعن والمثبتة لارتكابه جريمة حيازة الأوراق المالية بقصد ترويجها، وكيفية حصولها، وكذلك جريمة ترويج تلك الأوراق، بل أورد في هذا المساق عبارات عامة مجملة استقاها من أقوال الضابط، وتحرياته، واعتراف المتهم الثاني، دون أن يحدد فيها الأفعال التي ساهم بها الطاعن في الجريمة، وبذلك لم يكشف عن وجه استشهاده بهذين الدليلين ومدى تأييدهما في هذا الخصوص للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة، فجاءت مدونات الحكم المطعون فيه بما تناهت إليه فيما تقدم كاشفة عن قصوره في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها وفي بيان مؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، فبات معيباً بما يستوجب نقضه والإعادة.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده ... من محكمة الجنايات، إلا أنه لا يعتبر أنه أضر به لأنه لم يقض بإدانته، ومن ثم فهو لا يبطل بحضوره أو القبض عليه، لأن البطلان وإعادة نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات مقصوران على الحكم الصادر بالعقوبة في غيبة المتهم بجناية، حسبما يبين من صريح نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن ميعاد الطعن بطريق النقض في هذا الحكم ينفتح من تاريخ صدوره، وكانت المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ـ قبل إلغائها بالقانون رقم 74 لسنة 2007 ـ قد أجازت للنيابة العامة فيما يختص بالدعوى الجنائية الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية، فإن طعنها يكون جائزاً.
3 - لما كان المشرع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم ولو كان صادراً بالبراءة على الأسباب التي بنى عليها، وإلا كان باطلاً، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا تماماً من الأسباب التي استند إليها في قضائه ببراءة المطعون ضده، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه هذا فضلاً عن أنه خلص فيما انتهى من ترديد صيغة الاتهام بإدانة المطعون ضده، وهو ما يخالف ما جرى به منطوقة من القضاء ببراءته، مما يعيبه بالتناقض والتخاذل، وكان هذا الأمر - في صورة الدعوى المطروحة - ليس مقصوراً على مجرد خطأ مادي، بل يتجاوزه إلى اضطراب ينبئ عن اختلال فكرة الحكم من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصرها، مما يعيبه بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم المطعون فيه.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن والمطعون بأنهما: المتهمان الأول والثاني: حازا بقصد الترويج الأوراق المالية المقلدة المضبوطة وهي ثلاثة وعشرون ورقة مالية من فئة الخمسين جنيهاً المصرية والمتداولة قانوناً داخل البلاد، المصطنعة على غرار الأوراق المالية الصحيحة من تلك الفئة على النحو المبين بتقرير الطب الشرعي مع علمهما بأمر تقليدها على النحو المبين بالأوراق. المتهم الأول أيضاً: روج الأوراق المالية المقلدة موضوع التهمة السابقة، بأن دفع بها للتداول وقدمها للمتهم الثاني في مقابل جعل مادي مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول "الطاعن" وغيابياً للثاني "المطعون ضده" وعملاً بالمواد 1/202، 202 مكرر، 203 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة خمس سنوات مع مصادرة العملة المزيفة المضبوطة وبراءة المتهم الثاني مما أسند إليه
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
---------------
المحكمة

أولاً: عن طعن المحكوم عليه ...: 
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي حيازة أوراق مالية مقلدة بقصد ترويجها، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة بياناً واضحاً تتحقق به أركان الجريمة، ولم يورد الأدلة التي استند إليها في الإدانة، مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدي الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصراً، وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من هذا البيان المعتبر في القانون، إذ اكتفى في بيانه لواقعة الدعوى بترديد صيغة الاتهام بما لا يتوافر بها بيان واقعتي حيازة الأوراق المالية المقلدة بقصد ترويجها وترويجها بياناً تتحقق به أركان الجريمة على النحو الذي يتطلبه القانون ويتغياه من هذا البيان، إذ لم يبين - سواء في معرض إيراده لواقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعن والمثبتة لارتكابه جريمة حيازة الأوراق المالية بقصد ترويجها وكيفية حصولها، وكذلك جريمة ترويج تلك الأوراق، بل أورد في هذا المساق عبارات عامة مجملة استقاها من أقوال الضابط وتحرياته واعتراف المتهم الثاني، دون أن يحدد فيها الأفعال التي ساهم بها الطاعن في الجريمة، وبذلك لم يكشف عن وجه استشهاده بهذين الدليلين ومدى تأييدهما في هذا الخصوص للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة، فجاءت مدونات الحكم المطعون فيه بما تناهت إليه فيما تقدم كاشفة عن قصوره في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها، وفي بيان مؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، فبات معيباً بما يستوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثاره الطاعن في طعنه

ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة
من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده ... من محكمة الجنايات، إلا أنه لا يعتبر أنه أضر به لأنه لم يقضي بإدانته، ومن ثم فهو لا يبطل بحضوره أو القبض عليه، لأن البطلان وإعادة نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات مقصوران على الحكم الصادر بالعقوبة في غيبة المتهم بجناية، حسبما يبين من صريح نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن ميعاد الطعن بطريق النقض في هذا الحكم ينفتح من تاريخ صدوره، وكانت المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - قبل إلغائها بالقانون رقم 74 لسنة 2007 - قد أجازت للنيابة العامة فيما يختص بالدعوى الجنائية الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية، فإن طعنها يكون جائزاً، وقد استوفى الشكل المقرر في القانون، ومن حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة حيازة أوراق مالية مقلدة بقصد ترويجها القصور والتناقض في التسبيب، ذلك بأنه خلا من الأسباب التي تقيم قضاءه، كما أن ما جرى به منطوقة يخالف ما جاء بأسبابه التي بنى عليها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن المشرع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم ولو كان صادراً بالبراءة على الأسباب التي بني عليها، وإلا كان باطلاً، كان الحكم المطعون فيه قد خلا تماماً من الأسباب التي استند إليها في قضائه ببراءة المطعون ضده، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه، هذا فضلاً عن أنه خلص فيما انتهى من ترديد صيغة الاتهام بإدانة المطعون ضده، وهو ما يخالف ما جرى به منطوقة من القضاء ببراءته مما يعيبه بالتناقض والتخاذل، وكان هذا الأمر - في صورة الدعوى المطروحة - ليس مقصوراً على مجرد خطأ مادي بل يتجاوزه إلى اضطراب ينبئ عن اختلال فكرة الحكم من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصرها، مما يعيبه بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم المطعون فيه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الأربعاء، 18 يناير 2017

الطعن 37030 لسنة 72 ق جلسة 21 / 1 / 2010 مكتب قني 61 ق 9 ص 60

جلسة 21 من يناير سنة 2010 
برئاسة السيد المستشار/ أنور جبري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نير عثمان, أحمد عبد القوي أحمد ومصطفى الصادق نواب رئيس المحكمة وجمال حليس.
--------------
(9)
الطعن 37030 لسنة 72 ق
(1)  رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة الوساطة في الرشوة المعاقب عليها بالمادة 107 مكرراً عقوبات. مناط تحققها؟ 
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على الوساطة في جريمة الرشوة.
(2)  إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات. أمر الدفاع. متروك للمحامي يتصرف فيه بما يرضي ضميره وما تهديه خبرته القانونية. 
مثال.
(3)  اختصاص "الاختصاص الولائي" "اختصاص القضاء العسكري". قانون "تفسيره". قرارات وزارية. دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". قضاء عسكري. محكمة عادية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المادة 99 من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة. مفادها؟ 
قرار وزير الداخلية رقم 992 لسنة 1977 بشأن تنظيم القضاء العسكري. مؤداه؟ 
صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي. شرطه؟ 
التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية. أثره: وجوب تطبيق النص الأول باعتباره أصلاً للائحة. 
خروج قرار وزير الداخلية رقم 992 لسنة 1977 عن حدود التفويض المرسوم له في القانون. أثره: عدم سلبه اختصاصات النيابة العامة أو المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بالفصل في كافة الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام أو بقانون خاص. حد وأساس ذلك؟ 
التشريع. لا يلغى إلا بتشريع لاحق له أو أعلى منه أو مساو له. شرط ذلك؟ 
دفع الطاعن القانوني بصدور قانون يستثني أفراد هيئة الشرطة من اختصاص المحاكم العادية فيما يتعلق بجرائم القانون العام. غير مقبول. علة ذلك؟
(4)  دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
(5) قانون "تفسيره". دفوع "الدفع بعدم الدستورية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدفع بعدم الدستورية".
نص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية. مفاده؟ 
اطراح المحكمة الدفع بعدم الدستورية استثناء لعدم جديته لأسباب سائغة. النعي عليه بشأن ذلك. غير صحيح.
(6) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً. 
نعي الطاعن بإعراض المحكمة عن مستنداته التي قدمها دون إفصاحه عن ماهيتها ووجه استدلاله بها. غير مقبول. علة ذلك؟
-------------
1 - من المقرر أن جريمة الوسيط المعاقب عليها بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات تتحقق بتدخل الوسيط بين الراشي والمرتشي لعرض الرشوة أو لطلبها أو لقبولها أو لأخذها متى وقعت الرشوة بناء على هذا التدخل، وكان مؤدى ما حصله الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى ولأدلة الثبوت أن المتهم الثالث - الطاعن الأول - والمتهم الرابع - مستخدم المتهم الثاني - سعيا لدى موظف عمومي هو المتهم الأول - الطاعن الثاني - واتفقا معه على أن يرفع اسم المتهم الثاني من قوائم الممنوعين من السفر في مقابل رشوة يحصل عليها مقدارها خمسين ألف جنيه نصفها معجل والآخر مؤجل إلى ما بعد عودة المتهم الثاني من سفره وأن يحصل الطاعن الأول في مقابل سعيه هذا على ثلاثة آلاف جنيه من المتهم الرابع وخمسة آلاف جنيه من الطاعن الثاني وإن جريمة الرشوة وقعت نتيجة لهذا الاتفاق وذلك السعي فإن ما أورده الحكم من ذلك يتحقق به العناصر القانونية لجريمة الوساطة في الرشوة ودور الطاعن الأول فيها ويكون منعاه على الحكم بالقصور في هذا الصدد غير سديد.
2 - من المقرر أن القانون قد أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له - اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نبل أغراضها - أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحامي "...." الموكل الذي حضر مع الطاعن الأول قد حضر إجراءات المحاكمة من أولها إلى نهايتها وترافع في موضوع الدعوى وأبدى من أوجه الدفاع ما هو ثابت بمحضر جلسة .... فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ويكون الجدل الذي يثيره هذا الطاعن حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول.
3 - لما كانت المادة 99 من القانون رقم 109 لسنة 1971 في شأن هيئة الشرطة تنص على أنه "يخضع الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية لقانون الأحكام العسكرية، كما يخضع للقانون المذكور أمناء ومساعدو الشرطة وضباط الصف والجنود ورجال الخفر النظاميين في كل ما يتعلق بخدمتهم، وتوقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية ويحدد وزير الداخلية بقرار منه بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور للجهات المبينة فيه كما يصدر القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة" فقد دلت بذلك - وعلى ما يبين من وضوح عبارات النص - أنها خاصة بالجرائم النظامية فحسب وليس أدل على ذلك من النص على أن توقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية والجزاءات المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة سواء المتعلقة بالضباط أو بغيرهم كلها جزاءات تأديبية بحتة حتى جزاء الحبس أو السجن وفقاً لقانون الأحكام العسكرية المنصوص عليه في الفقرة 11 من المادة 80 التي عددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على أمناء الشرطة والفقرة 11 من المادة 92 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على ضباط الصف وجنود الدرجة الأولى وكذلك الفقرة 11 من المادة 96 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على رجال الخفر النظاميين ولا يقدح في ذلك ما جاء في المذكرة الإيضاحية للمادة 99 من القانون بأنه "...... وتوقع المحاكم العسكرية متى انعقد لها الاختصاص الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية فلها اختصاص تأديبي إلى ما لها من اختصاص جنائي ...." ذلك أن الإحالة إلى الجزاءات المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1968 بما فيها من جزاءات شبه جنائية إنما يشمل فقط تلك الجزاءات المقررة للجرائم النظامية البحتة وليست العقوبات الجنائية بالمعنى الصحيح والمقررة لجرائم القانون العام - وهذا المعنى واضح من صريح عبارات نص المادة 99 المذكور والتي لا لبس فيها ولا غموض بل وهو ما يؤكده نص المادة الأولى من قانون هيئة الشرطة والذي جاء فيه أن الشرطة هيئة مدنية نظامية بوزارة الداخلية وما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذه المادة والتي جاء بها "احتفظت المادة الأولى من المشروع بتعريف هيئة الشرطة الوارد في المادة 1 من القانون رقم 61 لسنة 1964 من أن الشرطة هيئة مدنية نظامية وبذلك أكدت أن هيئة الشرطة هي هيئة مدنية، فهي جهاز من الأجهزة المدنية بالدولة وليست جهازاً عسكرياً إلا أنها تفترق عن غيرها من الأجهزة المدنية في أنها ليست مدنية بحتة وإنما هي هيئة مدنية نظامية يسود تكوينها علاقات تختلف عن العلاقات المدنية البحتة وخاصة واجب المرؤوس في طاعة رئيسه وواجب الرئيس في قيادة مرؤوسيه والسيطرة على القوة الموضوعة تحت قيادته" وإذن فمتى كان ذلك وكانت المادة 99 سالفة الذكر قد أتاحت لوزير الداخلية - بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة - تحديد جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور كما أناطت به إصدار القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة فإن هذا التفويض التشريعي ينحصر فيما نصت عليه هذه المادة ولا يجوز لوزير الداخلية أن يتعدى نطاقه بخلق اختصاصات أخرى غير المنصوص عليها في القانون وإذ كان قد صدر قرار وزير الداخلية رقم 992 لسنة 1977 بتاريخ 24 من أبريل سنة 1977 في شأن تنظيم القضاء العسكري متضمناً في المادة الأولى منه النص على اختصاص إدارة القضاء العسكري بتنفيذ قانون الأحكام العسكرية بالنسبة لأفراد هيئة الشرطة ومن ذلك إجراء التحقيق في جرائم القانون العام في الأحوال المنصوص عليها في المادة المذكورة والتصرف في هذه القضايا، كما نص في المادة الثالثة على أن تتولى فروع الادعاء العسكري "النيابة العسكرية" اختصاصات النيابة العسكرية المنصوص عليها بالقانون رقم 25 لسنة 1966 وكذلك على اختصاص المحكمة العسكرية العليا بنظر الجنايات التي تدخل في اختصاص القضاء العسكري واختصاص المحكمة المركزية بنظر كافة الجنح والمخالفات التي تقع في اختصاصها طبقاً للقانون، فإنه يكون قد خرج بذلك عن حدود التفويض التشريعي في كل ما نص عليه متعلقا بجرائم القانون العام. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي رهينة بعدم وجود تضارب بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية فإن النص الأول هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة. ومن ثم فإن ما ورد في قرار وزير الداخلية سالف الذكر الذي يعد خروجاً عن حدود التفويض المرسوم له في القانون لا يعتد به ولا يكون له أي أثر على اختصاصات النيابة العامة المنصوص عليها في القانون كاملة، كما لا يكون له أدنى أثر على اختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة - دون سواها - بالفصل في كافة الجرائم إلا ما استثني بنص خاص عملاً بالفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ويستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص. وإذ كان من المقرر أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع. وإذ كان الثابت أن قانوناً لاحقاً لم يصدر استثنى أفراد هيئة الشرطة من اختصاص المحاكم العادية فيما يتعلق بجرائم القانون العام فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد يكون غير مقبول بل يعد منه دفعاً قانونياً ظاهر البطلان.
4 - لما كان الحكم قد انتهى إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم .... لسنة ..... مركزية تأسيساً على اختلاف موضوعها عن موضوع وقائع الدعوى الراهنة باعتبار أن الواقعة التي تمت محاكمة الطاعن الثاني عنها في تلك الدعوى هي مخالفة أوامر وتعليمات الضبط والربط العسكري في شأن استخدامه لجهاز غير خاص به في حين أن موضوع الاتهام المسند إليه في الدعوى الراهنة - محل الطعن - هو الارتشاء وهذا الذي أورده الحكم سائغ ويتفق وصحيح القانون وكاف في الرد على دفع ذلك الطاعن في هذا الشأن.
5 - لما كان مفاد الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن الدفع بعدم الدستورية غير جدي وردت عليه بأسباب سائغة تتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون غير سديد.
6- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن الثاني لم يفصح عن ماهية المستندات التي قدمها ولم تعرض لها المحكمة ووجه استدلاله بها حتى يتبين مدى أهميتها في الدعوى فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1- ... (طاعن) 2- ... 3- ... (طاعن) 4- ... بأنهم: أولاً: المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً. "أمين شرطة ثاني بقسم التحديث الآلي بإدارة القوائم بمصلحة الجوازات والهجرة الجنسية" طلب وأخذ لنفسه عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من المتهم الثاني بواسطة المتهمين الثالث والرابع مبلغ خمسين ألف جنيه أخذ منه مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل قيامه برفع اسم المتهم الثاني المدرج على قوائم الممنوعين من السفر من الحاسب الآلي المعد لذلك.
ثانياً: المتهم الثاني: قدم رشوة لموظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم للمتهم الأول مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه مقابل قيامه برفع اسمه المدرج على قوائم الممنوعين من السفر من الحاسب الآلي المعد لذلك.
ثالثاً: المتهمين الثالث والرابع: توسطا في جريمة الرشوة موضوع التهمة الواردة بالبند أولاً.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثالث والرابع وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 104، 107 مكرراً، 110 من قانون العقوبات مع إعمال أحكام المادة 17 من القانون ذاته: أولاً: بمعاقبة كل من .... الأول و... الثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريم كل منهما مبلغ خمسة آلاف جنيه ومصادرة مبلغ الرشوة المضبوط.
ثانياً: بمعاقبة ... الثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه.
ثالثاً: ببراءة ... الرابع مما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثالث في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان ثانيهما بجريمة طلب وأخذ رشوة وأولهما بجريمة الوساطة فيها، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه خلا من بيان دور الطاعن الأول - المتهم الثالث - في الواقعة والذي لم يحظ بدفاع جدي يتحقق به غرض الشارع من إيجاب حضور محام مع كل متهم بجناية، وردت المحكمة برد غير سائغ على دفوع الطاعن الثاني - المتهم الأول - بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص بنظرها للقضاء العسكري باعتباره أحد أفراد هيئة الشرطة، وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وبعدم دستورية نص المادة 107 من قانون العقوبات، ولم تعرض للمستندات المقدمة منه. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهمين الأول - الطاعن الثاني - والرابع وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت جريمة الوسيط المعاقب عليها بالمادة 107 مكرراً من قانون العقوبات تتحقق بتدخل الوسيط بين الراشي والمرتشي لعرض الرشوة أو لطلبها أو لقبولها أو لأخذها متى وقعت الرشوة بناء على هذا التدخل، وكان مؤدى ما حصله الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى ولأدلة الثبوت أن المتهم الثالث - الطاعن الأول - والمتهم الرابع - مستخدم المتهم الثاني - سعياً لدى موظف عمومي هو المتهم الأول - الطاعن الثاني - واتفقا معه على أن يرفع اسم المتهم الثاني من قوائم الممنوعين من السفر في مقابل رشوة يحصل عليها مقدارها خمسين ألف جنيه نصفها معجل والآخر مؤجل إلى ما بعد عودة المتهم الثاني من سفره وأن يحصل الطاعن الأول في مقابل سعيه هذا على ثلاثة آلاف جنيه من المتهم الرابع وخمسة آلاف جنيه من الطاعن الثاني وإن جريمة الرشوة وقعت نتيجة لهذا الاتفاق وذلك السعي فإن ما أورده الحكم من ذلك يتحقق به العناصر القانونية لجريمة الوساطة في الرشوة ودور الطاعن الأول فيها ويكون منعاه على الحكم بالقصور في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له - اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نبل أغراضها - أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحامي "...." الموكل الذي حضر مع الطاعن الأول قد حضر إجراءات المحاكمة من أولها إلى نهايتها وترافع في موضوع الدعوى وأبدى من أوجه الدفاع ما هو ثابت بمحضر جلسة ... فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ويكون الجدل الذي يثيره هذا الطاعن حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت المادة 99 من القانون رقم 109 لسنة 1971 في شأن هيئة الشرطة تنص على أنه "يخضع الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية لقانون الأحكام العسكرية، كما يخضع للقانون المذكور أمناء ومساعدو الشرطة وضباط الصف والجنود ورجال الخفر النظاميين في كل ما يتعلق بخدمتهم، وتوقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية ويحدد وزير الداخلية بقرار منه بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور للجهات المبينة فيه كما يصدر القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة" فقد دلت بذلك - وعلى ما يبين من وضوح عبارات النص - أنها خاصة بالجرائم النظامية فحسب وليس أدل على ذلك من النص على أن توقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية والجزاءات المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة سواء المتعلقة بالضباط أو بغيرهم كلها جزاءات تأديبية بحتة حتى جزاء الحبس أو السجن وفقاً لقانون الأحكام العسكرية المنصوص عليه في الفقرة 11 من المادة 80 التي عددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على أمناء الشرطة والفقرة 11 من المادة 92 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على ضباط الصف وجنود الدرجة الأولى وكذلك الفقرة 11 من المادة 96 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على رجال الخفر النظاميين ولا يقدح في ذلك ما جاء في المذكرة الإيضاحية للمادة 99 من القانون بأنه "..... وتوقع المحاكم العسكرية متى انعقد لها الاختصاص الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية فلها اختصاص تأديبي إلى ما لها من اختصاص جنائي ...." ذلك أن الإحالة إلى الجزاءات المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1968* بما فيها من جزاءات شبه جنائية إنما يشمل فقط تلك الجزاءات المقررة للجرائم النظامية البحتة وليست العقوبات الجنائية بالمعنى الصحيح والمقررة لجرائم القانون العام - وهذا المعنى واضح من صريح عبارات نص المادة 99 المذكور والتي لا لبس فيها ولا غموض بل وهو ما يؤكده نص المادة الأولى من قانون هيئة الشرطة والذي جاء فيه أن الشرطة هيئة مدنية نظامية بوزارة الداخلية وما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا المادة والتي جاء بها "احتفظت المادة الأولى من المشروع بتعريف هيئة الشرطة الوارد في المادة 1 من القانون رقم 61 لسنة 1964 من أن الشرطة هيئة مدنية نظامية وبذلك أكدت أن هيئة الشرطة هي هيئة مدنية، فهي جهاز من الأجهزة المدنية بالدولة وليست جهازاً عسكرياً إلا أنها تفترق عن غيرها من الأجهزة المدنية في أنها ليست مدنية بحتة وإنما هي هيئة مدنية نظامية يسود تكوينها علاقات تختلف عن العلاقات المدنية البحتة وخاصة واجب المرؤوس في طاعة رئيسه وواجب الرئيس في قيادة مرؤوسيه والسيطرة على القوة الموضوعة تحت قيادته" وإذن فمتى كان ذلك وكانت المادة 99 سالفة الذكر قد أتاحت لوزير الداخلية - بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة - تحديد جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور كما أناطت به إصدار القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة فإن هذا التفويض التشريعي ينحصر فيما نصت عليه هذه المادة ولا يجوز لوزير الداخلية أن يتعدى نطاقه بخلق اختصاصات أخرى غير المنصوص عليها في القانون وإذ كان قد صدر قرار وزير الداخلية رقم 992 لسنة 1977 بتاريخ 24 من أبريل سنة 1977 في شأن تنظيم القضاء العسكرية متضمناً في المادة الأولى منه النص على اختصاص إدارة القضاء العسكري بتنفيذ قانون الأحكام العسكرية بالنسبة لأفراد هيئة الشرطة ومن ذلك إجراء التحقيق في جرائم القانون العام في الأحوال المنصوص عليها في المادة المذكورة والتصرف في هذه القضايا، كما نص في المادة الثالثة على أن تتولى فروع الادعاء العسكري "النيابة العسكرية" اختصاصات النيابة العسكرية المنصوص عليها بالقانون رقم 25 لسنة 1966 وكذلك على اختصاص المحكمة العسكرية العليا بنظر الجنايات التي تدخل في اختصاص القضاء العسكري واختصاص المحكمة المركزية بنظر كافة الجنح والمخالفات التي تقع في اختصاصها طبقاً للقانون، فإنه يكون قد خرج بذلك عن حدود التفويض التشريعي في كل ما نص عليه متعلقاً بجرائم القانون العام. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي رهينة بعدم وجود تضارب بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية فإن النص الأول هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة. ومن ثم فإن ما ورد في قرار وزير الداخلية سالف الذكر الذي يعد خروجاً عن حدود التفويض المرسوم له في القانون لا يعتد به ولا يكون له أي أثر على اختصاصات النيابة العامة المنصوص عليها في القانون كاملة كما لا يكون له أدنى أثر على اختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة - دون سواها - بالفصل في كافة الجرائم إلا ما استثني بنص خاص عملاً بالفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ويستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص. وإذ كان من المقرر أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع. وإذ كان الثابت أن قانوناً لاحقاً لم يصدر استثنى أفراد هيئة الشرطة من اختصاص المحاكم العادية فيما يتعلق بجرائم القانون العام فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الصدد يكون غير مقبول بل يعد منه دفعاً قانونياً ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم ...... مركزية تأسيساً على اختلاف موضوعها عن موضوع وقائع الدعوى الراهنة باعتبار أن الواقعة التي تمت محاكمة الطاعن الثاني عنها في تلك الدعوى هي مخالفة أوامر وتعليمات الضبط والربط العسكري في شأن استخدامه لجهاز غير خاص به في حين أن موضوع الاتهام المسند إليه في الدعوى الراهنة - محل الطعن - هو الارتشاء وهذا الذي أورده الحكم سائغ ويتفق وصحيح القانون وكاف في الرد على دفع ذلك الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان مفاد الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن الدفع بعدم الدستورية غير جدي وردت عليه بأسباب سائغة تتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن الثاني لم يفصح عن ماهية المستندات التي قدمها ولم تعرض لها المحكمة ووجه استدلاله بها حتى يتبين مدى أهميتها في الدعوى فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1352 لسنة 78 ق جلسة 17 / 1 / 2010 مكتب قني 61 ق 7 ص 45

جلسة 17 من يناير سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عادل الشوربجي وحسين الصعيدي نائبي رئيس المحكمة وحسين حجازي وخالد صالح.
---------------
(7)
الطعن 1352 لسنة 78 ق
(1)  إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الأحكام في المواد الجنائية. تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة. 
للدفاع إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق. طالما أن باب المرافعة لا زال مفتوحاً. 
طلب الدفاع في ختام مرافعته البراءة أصلياً واحتياطياً إجراء تحقيق معين. يعتبر طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه بأسباب سائغة. متى كانت لم تنته إلى البراءة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(2)  دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية. جوهري. وجوب تعرض محكمة الموضوع له إيرادا وردا. ما دام الدفاع قد تمسك به. إغفال الحكم المطعون فيه ذلك. قصور. أثره؟
(3)  ظروف مخففة. عقوبة "تقديرها" "العقوبة المبررة". محكمة الموضوع "سطتها في تقدير العقوبة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إنزال محكمة الموضوع حكم المادة 17 عقوبات دون الإشارة إليها. لا يعيب الحكم. ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود المرسومة قانوناً وأن تقدير العقوبة من إطلاقاتها دون التزامها ببيان علة ذلك.
(4) غرامة. عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة النقض "سلطتها".
إدانة الحكم المطعون فيه المطعون ضده عن جريمة الاستيلاء على مال عام المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها وإغفاله الحكم عليه بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات. مخالفة للقانون. لا تملك محكمة النقض تصحيحه. ما دامت قد قضت بنقضه. علة ذلك؟
-------------
1 - من المقرر أن الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وكان حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخول له إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحاً، وكان طلب الدفاع في ختام مرافعته البراءة أصلياً واحتياطياً إجراء تحقيق معين يعتبر طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى البراءة. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة ... أن الحاضر مع المتهم طلب أجلا لمناقشة اللجنة واضعة التقرير فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة .... لمناقشة أعضاء لجنة الخبراء واضعة التقرير الأخير وعلى النيابة إعلان خبراء اللجنة الثلاثية بها، وبتلك الجلسة لم يحضر الشهود وتمسك الحاضر عن المتهم بمناقشة واضع التقرير في شأن سنده في القول أن المتهم قد استحصل من العملاء على المبالغ المزعوم إسناد الاستيلاء عليها إليه وتواريخ هذا الاستحصال وسنده ودليله وانتهى في مرافعته أنه يطلب أصلياً البراءة واحتياطياً يصمم على طلبه، إلا أن المحكمة أغفلته ولم تستجب إليه وقضت في الدعوى بحكمها المطعون فيه دون أن تعرض له إيراداً ورداً. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه في ختام مرافعته بطلب مناقشة أعضاء لجنة الخبراء واضعة التقرير الأخير يعد في صورة هذه الدعوى. طلباً جوهرياً يتعلق بصحة إجراءات المحاكمة. فقد كان لزاماً على المحكمة أن تجيبه إلى هذا الطلب أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدي إلى اطراحه، أما وهي لم تفعل فقد بات حكمها مشوباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
(2) لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الحاضر مع المتهم دفع بعدم قبول الدعوى المدنية لسبق التنازل عنها ولعدم وجود ضرر على المدعي المدني والالتزام المكتوب بعدم مطالبته بتعويضات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية هو من الدفوع الجوهرية التي يجب على محكمة الموضوع أن تعرض له وتقسطه حقه إيراداً له ورداً عليه ما دام الدفاع قد تمسك به، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفع ولم يقل كلمته فيه رغم إثارته أمام محكمة الموضوع، فإنه يكون معيباً بالقصور. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة في الدعويين الجنائية والمدنية، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
3 - لما كان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد واقعة الدعوى وأدلة الثبوت عليها انتهى إلى معاقبة المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وإلزامه برد مبلغ وقدره 2668310 جنيه "ستة وعشرون ألفاً وستمائة وثلاثة وثمانون جنيهاً وعشرة مليماً" وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ وقدره 501 جنيه "خمسمائة وواحد جنيه" على سبيل التعويض المدني المؤقت، وذلك عن الجرائم المسندة إليه. الاستيلاء المرتبط بجريمتي التزوير واستعمال محررات مزورة. وهي المنصوص عليها في المواد 113/ 1-2، 118، 118 مكرراً، 119 مكرراً/ أ، 214 مكرراً من قانون العقوبات مما كان يتعين معه أصلاً معاقبة المطعون ضده بالسجن المؤبد أو المشدد. إلا أنه لما كان من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذه بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله.
4 - لما كانت المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه: "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى 114، 115، 116، 116 مكرراً، 117 فقرة أولى، يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة, 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه". وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده عن جريمة الاستيلاء على مال عام المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها، وأغفل الحكم عليه بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد خالف القانون بما يتعين تصحيحه، إلا أنه لما كان ما شاب الحكم المطعون فيه من قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع لهما الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون الموجب للتصحيح فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أغفله من عقوبة الغرامة إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى إليها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعن.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عاماً "......." استولى بغير حق على المبلغ النقدي البالغ قدره (32064100 جنيه) اثنان وثلاثون ألفاً وأربعة وستون جنيهاً ومائة مليم والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير في محررات لإحدى الشركات التي تسهم الدولة في مالها بنصيب واستعمالها فيما زورت من أجله ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفته آنفة البيان ارتكب تزويراً في إيصالات 24 ح بإضافة مبالغ بالزيادة وسدادها في فيشات العملاء وبالسداد بالتكرار الوهمي بأن أثبت بحسابات العملاء السداد على خلاف الحقيقة واستعمل تلك المحررات المزورة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن أودعها جهة عمله كدليل على السداد الصحيح فتمكن بذلك من الاستيلاء على هذا المبلغ لنفسه.
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى المجني عليه ..... مدنياً قبله بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملا بالمواد 113 /1-2، 118، 118 مكرراً، 119 /2، 119 مكرراً/أ، 214 مكرراً من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وإلزامه برد مبلغ قدره 26683 جنيه ستة وعشرون ألفاً وستمائة وثلاثة وثمانون جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاستيلاء على مال عام المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها مع علمه بتزويرها وألزمه بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن تمسك بطلب مناقشة أعضاء اللجنة واضعة التقرير الأخير في الدعوى والذي اعتمدت عليه المحكمة في الإدانة لاستجلاء ظروف استيلاء الطاعن على أموال من العملاء وسندهم في القول بارتكابه جرائم التزوير والاستعمال وكيفية ارتكابها والدليل على ذلك إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه رغم جوهريته ولم ترد عليه بما يدفعه، كما التفت الحكم إيراداً ورداً عن دفعه بعدم قبول الدعوى المدنية لسابقة التنازل عنها وعدم وجود ضرر بدلالة الإقرار الصادر من المدعي بالحقوق المدنية، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وكان حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخول له إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق طالما أن باب المرافعة ما زال مفتوحاً، وكان طلب الدفاع في ختام مرافعته البراءة أصلياً واحتياطياً إجراء تحقيق معين يعتبر طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى البراءة. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى محضر جلسة .... أن الحاضر مع المتهم طلب أجلا لمناقشة اللجنة واضعة التقرير فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة ..... لمناقشة أعضاء لجنة الخبراء واضعة التقرير الأخير وعلى النيابة إعلان خبراء اللجنة الثلاثية بها وبتلك الجلسة لم يحضر الشهود وتمسك الحاضر عن المتهم بمناقشة واضع التقرير في شأن سنده في القول أن المتهم قد استحصل من العملاء على المبالغ المزعوم إسناد الاستيلاء عليها إليه وتواريخ هذا الاستحصال وسنده ودليله وانتهى في مرافعته أنه يطلب أصلياً البراءة واحتياطياً يصمم على طلبه، إلا أن المحكمة أغفلته ولم تستجب إليه وقضت في الدعوى بحكمها المطعون فيه دون أن تعرض له إيراداً ورداً. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن الذي تمسك به وأصر عليه في ختام مرافعته بطلب مناقشة أعضاء لجنة الخبراء واضعة التقرير الأخير يعد في صورة هذه الدعوى. طلباً جوهرياً يتعلق بصحة إجراءات المحاكمة. فقد كان لزاماً على المحكمة أن تجيبه إلى هذا الطلب أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدي إلى اطراحه، أما وهي لم تفعل فقد بات حكمها مشوباً بالقصور والإخلال بحق الدفاع. ومن ناحية أخرى فإنه لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الحاضر مع المتهم دفع بعدم قبول الدعوى المدنية لسبق التنازل عنها ولعدم وجود ضرر على المدعي المدني والالتزام المكتوب بعدم مطالبته بتعويضات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية هو من الدفوع الجوهرية التي يجب على محكمة الموضوع أن تعرض له وتقسطه حقه إيراداً له ورداً عليه ما دام الدفاع قد تمسك به، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفع ولم يقل كلمته فيه رغم إثارته أمام محكمة الموضوع، فإنه يكون معيباً بالقصور. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة في الدعويين الجنائية والمدنية، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:-
حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة الاستيلاء على مال عام المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها مع علمه بتزويرها وقضى بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وإلزامه برد مبلغ وقدره 2668310 جنيه "ستة وعشرون ألفاً وستمائة وثلاثة وثمانون جنيهاً وعشرة مليماً" وإلزامه بالتعويض المدني المؤقت قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه نزل بالعقوبة المقيدة للحرية عن الحد الأدنى المقرر لها وكان يتعين توقيع عقوبة السجن المؤبد أو المشدد سيما وأنه لم يستعمل الرأفة طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات، كما أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد واقعة الدعوى وأدلة الثبوت عليها انتهى إلى معاقبة المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وإلزامه برد مبلغ وقدره 2668310 جنيه "ستة وعشرون ألفاً وستمائة وثلاثة وثمانون جنيهاً وعشرة مليماً" وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ وقدره 501 جنيه "خمسمائة وواحد جنيه" على سبيل التعويض المدني المؤقت، وذلك عن الجرائم المسندة إليه. الاستيلاء المرتبط بجريمتي التزوير واستعمال محررات مزورة. وهي المنصوص عليها في المواد 113/1-2، 118، 118 مكرراً، 119 مكرراً/أ، 214 مكرراً من قانون العقوبات مما كان يتعين معه أصلاً معاقبة المطعون ضده بالسجن المؤبد أو المشدد إلا أنه لما كان من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ عاقب المطعون ضده بالسجن لمدة ثلاث سنوات فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذه بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات وإن لم تصرح بذلك في أسباب حكمها ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون في غير محله. وحيث إن المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه: "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115، 116 مكرراً، 117 فقرة أولى، يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة، 113 مكرراً فقرة أولى، 114، 115 بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه". وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده عن جريمة الاستيلاء على مال عام المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها، وأغفل الحكم عليه بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد خالف القانون بما يتعين تصحيحه، إلا أنه لما كان ما شاب الحكم المطعون فيه من قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع لهما الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون الموجب للتصحيح فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أغفله من عقوبة الغرامة إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى إليها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعن.