جلسة 10 من إبريل سنة 1994
برئاسة السيد المستشار/
محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم
الطويلة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم - نواب رئيس المحكمة، وخيري فخري
---------------
(128)
الطعن رقم 506 لسنة 62
القضائية
(1، 2) خبرة.
إثبات "ندب الخبراء". محكمة الموضوع. بطلان "بطلان التقرير".
(1) ندب ثلاثة خبراء. وجوب
اشتراكهم جميعاً في الأعمال التي تقتضيها المأمورية المعهودة إليهم وفي المداولة
وتكوين الرأي. انتفاء ذلك. أثره. بطلان التقرير. علة ذلك. أن المسألة المطلوب الاستعانة
فيها بالخبرة لا يكفي فيها خبير واحد ولا تستطيع المحكمة أن تندب خبيرين فقط. م
135 إثبات.
(2) جواز استقاء المحكمة
المعلومات التي تبين لها صحتها من تقرير باطل. شرطه. ألا يكون قضاؤها مؤسساً على
هذه المعلومات وحدها وألا يكون هذا التقرير الباطل الأساس الوحيد الذي بُني عليه
حكمها. لا ينال من ذلك ما للمحكمة من سلطة في تقدير نتيجة عمل الخبراء وبحوثهم.
علة ذلك.
---------------
1 - مفاد نص الماد 135 من
قانون الإثبات أنه إذا ندبت المحكمة ثلاثة خبراء وجب أن يشتركوا جميعاً في الأعمال
التي تقتضيها المأمورية المعهود إليهم بها وأن يشتركوا أيضاً في المداولة وتكوين
الرأي فإذا ثبت أنهم لم يشتركوا معاً في تلك الأعمال أو في المداولة وتكوين الرأي
كان التقرير باطلاً، ذلك أن ندب المحكمة ثلاثة خبراء يفيد بذاته أن المسألة التي
رأت أنها في حاجة إلى الاستعانة فيها بأهل الخبرة لا يكفي فيها خبير واحد، وما
كانت لتستطيع أن تندب خبيرين فقط طبقاً لمفهوم نص المادة 135 سالفة الذكر.
2 - ولئن كان للمحكمة أن
تستقي من تقرير باطل المعلومات التي يتبين لها صحتها إلا أن ذلك مشروط بأن لا يكون
قضاؤها مؤسساً أصلاً على هذه المعلومات وحدها وألا يكون هذا التقرير الباطل هو
الأساس الوحيد الذي بُني عليه حكمها بل يتعين أن يكون التقرير الذي تستند إليه
دليلاً سليماً لا يشوبه بطلان، لا يقدح في ذلك أن الأمر في عمل الخبراء مرده إلى
المحكمة التي لها الرأي الأعلى في تقدير نتيجة عملهم وبحوثهم في المسائل المتنازع
عليها، إذ أن سلطة المحكمة في تقدير أراء الخبراء محلها أن تكون هذه الآراء قد
قدمت لها في تقرير صحيح، لا في تقرير باطل مناف للمقصود من تعيين ثلاثة خبراء.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى
رقم 2105 سنة 1988 مدني قنا الابتدائية - مأمورية الأقصر - بطلب الحكم بإلزام
الطاعن بأن يؤدي له مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً وقال بياناً لذلك إنه لجأ إليه
ليعالجه من مغص كلوي متكرر وبعد توقيع الكشف الطبي عليه وعمل الأشعة اللازمة شخص
الطاعن حالته بوجود حصوات في الكلية اليسرى وأجرى له في عيادته الخاصة عملية
جراحية لاستخراجها ثم بعد ذلك فوجئ بأن إعفاءه من أداء الخدمة العسكرية كان بسبب
فقدان كليته اليسرى كقرار القومسيون الطبي في 2/ 5/ 1984، ولما تقدم بشكوى ضد
الطاعن إلى النيابة العامة قيدت برقم 83 سنة 1985 وحفظت إدارياً في 25/ 11/ 1986
أقام هذا الأخير ضده الدعوى رقم 201 سنة 1987 مدني كلي الأقصر يطالبه فيها بتعويض
عما أصابه من أضرار للإبلاغ ضده كذباً والتشهير به والإساءة إلى سمعته وفيها ندبت
المحكمة ثلاثة خبراء من الأطباء أساتذة الجراحة وأورى تقرير الخبرة أنه لم يكن
هناك ثمة مبرر لاستئصال الكلية والذي تم على نحو لا يتفق مع الأصول العلاجية وكان
يتعين على الطبيب إخباره بعد العملية بما تم حتى يكون على دراية بحالته ولا يهمل
في الحفاظ على الكلية المتبقية لديه وقد قضى في تلك الدعوى برفضها بتاريخ 27/ 1/
1988، وإذ لحقته من جراء فعل الطاعن أضرار مادية وأدبية بقدر التعويض عنها بالمبلغ
المطالب به فقد أقام الدعوى. بتاريخ 24/ 2/ 1991 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن
يؤدي للمطعون عليه مبلغ عشرين ألف جنيه، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف
قنا بالاستئناف رقم 271 سنة 10 ق، وبتاريخ 8/ 12/ 1991 حكمت المحكمة بتعديل الحكم
المستأنف بتخفيض التعويض المقضي به إلى مبلغ عشرة آلاف جنيه. طعن الطاعن في هذا
الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه
وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره
وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك
يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاع حاصله بطلان تقرير الخبرة المقدم في
الدعوى رقم 201 سنة 1987 مدني كلي الأقصر - المنضمة - والذي اتخذه الحكم أساساً
لقضائه. إذ قضت المحكمة في تلك الدعوى بندب ثلاثة أطباء من الجراحين المختصين
بكلية طب جامعة أسيوط وتكليفهم بأداء المأمورية الموضحة تفصيلاً في منطوق حكمها
إلا أن اثنين فقط هما اللذان انفردا بالمأمورية وقاما بتحرير تقرير وقعاه معاً
وقدماه للمحكمة ولم يشترك معهما ثالث في وضعه وتوقيعه بما يستحيل معه إمكان
الترجيح بينهما عند اختلافهما في الرأي غير أن الحكم المطعون فيه لم يواجه هذا
الدفاع الجوهري وأغفل الرد عليه وأقام قضاءه بإلزامه بالتعويض على سند من ثبوت
الخطأ في جانبه من هذا التقرير وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في
محله، ذلك أن مفاد نص الماد 135 من قانون الإثبات أنه إذا ندبت المحكمة ثلاثة
خبراء وجب أن يشتركوا جميعاً في الأعمال التي تقتضيها المأمورية المعهود إليهم بها
وأن يشتركوا أيضاً في المداولة وتكوين الرأي فإذا ثبت أنهم لم يشتركوا معاً في تلك
الأعمال أو المداولة وتكوين الرأي كان التقرير باطلاً، ذلك أن ندب المحكمة ثلاثة
خبراء يفيد بذاته أن المسألة التي رأت أنها في حاجة إلى الاستعانة فيها بأهل
الخبرة لا يكفي فيها خبير واحد، وما كانت لتستطيع أن تندب خبيرين فقط طبقاً لمفهوم
نص المادة 135 سالفة الذكر، ولئن كان للمحكمة أن تستقي من تقرير باطل المعلومات
التي يتبين لها صحتها إلا أن ذلك مشروط بأن لا يكون قضاؤها مؤسساً أصلاً على هذه
المعلومات وحدها وألا يكون هذا التقرير الباطل هو الأساس الوحيد الذي بُني عليه
حكمها بل يتعين أن يكون التقرير الذي تستند إليه دليلاً سليماً لا يشوبه بطلان، لا
يقدح في ذلك أن الأمر في عمل الخبراء مرده إلى المحكمة التي لها الرأي الأعلى في
تقدير نتيجة عملهم وبحوثهم في المسائل المتنازع عليها، إذ أن سلطة المحكمة في
تقدير أراء الخبراء محلها أن تكون هذه الآراء قد قدمت لها في تقرير صحيح، لا في
تقرير باطل مناف للمقصود من تعيين ثلاثة خبراء. وكان البين من أوراق الدعوى
المنضمة رقم 201 سنة 1987 مدني كلي الأقصر أن الحكم التمهيدي الصادر فيها بتاريخ
20/ 12/ 1987 قضى بندب ثلاثة خبراء من الأساتذة الجراحين المختصين بكلية طلب جامعة
أسيوط لأداء المأمورية المبينة تفصيلاً بمنطوق ذلك الحكم وكان الثابت من محاضر
الأعمال وتقرير الخبرة المقدم فيها أن الذي باشر المأمورية اثنان فقط من الأساتذة
الجراحين بالكلية وقاما بتحرير التقرير ووقعاه معاً وقدماه للمحكمة ولم يشترك
معهما في ذلك ثالث، لما كان ما تقدم وكان الثابت أن الطاعن تمسك ببطلان هذا
التقرير في الدعوى الماثلة أمام محكمة الاستئناف للأسباب التي ساقها بوجه النعي
إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل ذلك الدفاع ولم يعرض له واتخذ من هذا التقرير
الباطل عماداً أساسياًً وسنداً وحيداً لقضائه بثبوت الخطأ في جانب الطاعن وإلزامه
بالتعويض المحكوم به، فإنه يكون فضلاً عن قصوره قد أخطأ في القانون بما يوجب نقضه
لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق