جلسة 4 من نوفمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/
نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن
حمزة ومجدي الجندي وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة.
------------
(154)
الطعن رقم 10581 لسنة 60
القضائية
(1)دفاع
"الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. طعن "أسباب الطعن. ما
لا يقبل منها".
تعارض المصلحة الذي يوجب
إفراد كل متهم بمحام للدفاع عنه أساسه الواقع. لا ينبني على احتمال ما كان يسع كل
منهم أن يبديه من دفاع ما دام لم يبده بالفعل.
(2)اتفاق. إثبات "قرائن". اشتراك.
الاتفاق. ماهيته؟
الاستدلال عليه بالاستنتاج والقرائن.
(3)فاعل أصلي. قتل عمد. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إثبات الحكم في حق
الطاعنين الثاني والثالث مساهمتهما بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة وذلك
بتزويدها للطاعن الأول بالذخيرة حالة إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهم.
كفايته لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين.
(4)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع
"الدفع بعدم قيام حالة الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير الدليل".
حالة الدفاع الشرعي. عدم
توافرها متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه. تقدير قيام حالة
الدفاع الشرعي وانتقائها. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لانتفاء
توافر حالة الدفاع الشرعي.
---------------
1 - من المقرر أن تعارض
المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا
ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده
بالفعل.
2 - من المقرر أن الاتفاق
هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع
تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ومن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج
والقرائن التي تتوافر لديه.
3 - لما كان الحكم
المطعون فيه قد أثبت مساهمة الطاعنين الثاني والثالث في الأفعال المادية المكونة
للجريمة وذلك بقيامها بتزويد الطاعن الأول بالذخيرة حال إطلاقه الأعيرة النارية
على المجني عليهم وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها.
4 - لما كان الحكم قد عرض
للدفع لقيام حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله "أنه بخصوص ما أثاره الدفاع من
توافر حالة الدفاع الشرعي فمردود عليه بأنه لم يثبت في حق المجني عليهم أنهم
البادئون بالاعتداء على أي من المتهمين أو أقاربهم بل على العكس فإن الثابت أن
المتهم هو الذي بدأ بهذا الاعتداء حين أسرع بإحضار مسدسه وأطلق الأعيرة النارية
منه على المجني عليهم الذين كانوا مجردين من السلاح، ومن ثم تلتفت المحكمة
عنه" وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدي إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح
القانون، ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي
اعتدى على المجني عليه، إذ أن من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام
حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه
بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبها عليها - كما هو الحال في
الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين وآخر قضي ببراءته بأنهم أولاً: - المتهمون الأول والثاني والثالث: -
قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم المصمم
على ذلك وأعدوا لهذا الغرض سلاحاً نارياً مرخص به للأول وذخيرة مما تستعمل في هذا
السلاح وما أن ظفروا به حتى قام الأول بإطلاق الأعيرة النارية التي كان يعدها
الثاني والثالث قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة
التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في ذات
الزمان والمكان سالفي الذكر ( أ ) قتلوا....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا
النية على قتله وعقدوا العزم المصمم على قتله وأعدوا لذلك سلاحاً نارياً مرخص به
للأول وذخائر مما تستعمل على هذا السلاح وما أن ظفروا به حتى أطلق الأول أعيرة
نارية من الذخائر التي أمده بها الثاني والثالث قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به
الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي والتي أودت بحياته الأمر المعاقب عليه
بالمادتين 230، 231 عقوبات (ب) شرعوا في قتل...... عمداً بأن أطلق عليها الأول عدة
أعيرة نارية من سلاح ناري مرخص له بإحرازه من طلقات قدمها له الثاني والثالث
قاصدين من ذلك قتلها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي وأوقف
أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركتها بالعلاج الأمر المعاقب عليه
بالمواد 45، 46، 234/ 1 عقوبات، (ج) شرعوا في قتل........ عمداً بأن أطلق عليه
الأول عدة أعيرة نارية من سلاحه المرخص بطلقات أمده بها الثاني والثالث قاصدين من
ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي وأوقف أثر الجريمة
بسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثانياً - المتهمين
الثاني والثالث: - أحرزا بغير ترخيص ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن
يكون مرخص لأيهما بحيازة أو إحراز سلاح ناري. وأحالتهم إلى محكمة جنايات بنها
لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 234/ 2 عقوبات والمادتين 6، 26/ 5 من القانون رقم
394 لسنة 1954 المعدل مع إعمال المادتين 32، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم
الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة وبمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث
بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما نسب إليهم وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في
هذا الحكم بطريق النقض وقيد بجدول محكمة النقض برقم...... لسنة...... قضائية
ومحكمة النقض قضت أولاً: - بعدم قبول الطعنين المقدمين من الطاعنين الثاني والثالث
شكلاً، ثانياً - قبول الطعن المقدم من الطاعن الأول...... شكلاً وفي الموضوع بنقض
الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات بنها لتحكم فيها من جديد دائرة
أخرى بالنسبة له ولباقي الطاعنين، ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بمعاقبة المتهم
الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبمعاقبة كل من المتهمين الثاني
والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إليهم ومصادرة السلاح والذخيرة
المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في
هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)..... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعون
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد المقترن بجنايات قتل وشروع
فيه، ودان الثاني والثالث بجريمة إحراز ذخيرة، قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور
في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة سمحت لمحام واحد بالدفاع عنهم
جميعاً رغم تعارض المصالح بينهم، إذ قرر الثاني والثالث بالتحقيقات أن الأول هو
الذي أطلق النار على المجني عليهم ولم يدلل الحكم على اشتراك الطاعنين الثاني
والثالث في ارتكاب الجريمة، واستدل على توافر نية القتل لدى الطاعن الأول بما لا
أصل له في الأوراق وهو قيامه بتصويب المسدس تجاه المجني عليهما عند إطلاق النار،
ورد على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي بما لا يسوغ إطراحه، وهو ما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه قد حصل واقعة الدعوى فيما مفاده أنه بتاريخ 22/ 5/ 1986 احتك ابن الطاعن الأول
بسيارة كان يقودها بشقيق المجني عليه الأول....... مما أدى على نشوب مشاجرة بين
الطرفين قام الطاعن الأول خلالها بإحضار مسدسه المرخص من سكنه وأطلق منه عيارين
على المجني عليه المذكور - وكان الطاعنان الثاني والثالث يقفان بجوار شقيقهما
الطاعن الأول يشدان من أزره ويمدانه بالذخيرة قاصدين قتل المجني عليه باتفاق بينهم
كان وليد ساعته، فأحدثوا به الإصابات التي أودت بحياته واستمر الطاعن الأول في
إطلاق النار صوب المجني عليه الثاني "......" حتى أصابه بالإصابات التي
أودت بحياته، وواصل إطلاق النار - وبجواره شقيقاه وهم على نفس القصد - فأصاب كلاً
من..... و...... اللذين تم تداركهما بالعلاج، ثم ساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق
الطاعنين على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهما الأخيرين، وشهادة كل
من..... و...... و...... و...... و..... ومن اعتراف الطاعن الأول وما ورد
بالتقارير الطبية وتقرير فحص السلاح والذخيرة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي
إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان لا يبين من أسباب الحكم المطعون فيه
قيام تعارض بين مصالح الطاعنين، فإنه لا يعيب الحكم أن يتولى الدفاع عنهم محام
واحد، ذلك أن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه
أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما
دام لم يبده بالفعل، ومتى كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المحامي الذي تولى
الدفاع عن الطاعنين هو محام موكل منهم جميعاً لهذا الغرض، وأن كلاً من الطاعنين قد
أنكر التهمة ولم يلق بالاتهام على أي من الآخرين، كما أن المحكمة لم تعول في إدانة
أي منهم على أقوال الآخرين، فإن دعوى الإخلال بحقهم في الدفاع لا يكون لها محل،
لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر توافر الاتفاق بين الطاعنين على ارتكاب الجريمة
في قوله "أن الثابت من أقوال الشهود الأول والرابع والسادس أن المتهمين
الثاني والثالث كانا يقفان بجوار شقيقهما ويمدانه بالذخيرة لمواصلة الاعتداء على
المجني عليهم مما يقطع باتفاقهما مع هذا المتهم - في تلك اللحظة - على قتلهم،
وبهذا تتحقق مسئوليتهما مع المذكور كفاعلين أصليين" وكان المقرر أن الاتفاق
هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع
تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ومن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج
والقرائن التي تتوافر لديه، وكان مجمل ما أورده الحكم فيما تقدم وفي معرض تحصيله
للواقعة - من معرفة الطاعنين لبعض في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وأن كلاً
منهم قصد الآخر في إيقاع الجريمة كاف وسائغ في التدليل على توافر الاتفاق بين
الطاعنين على ارتكاب الجريمة، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد أثبت مساهمة
الطاعنين الثاني والثالث في الأفعال المادية المكونة للجريمة وذلك بقيامها بتزويد
الطاعن الأول بالذخيرة حال إطلاقه الأعيرة النارية على المجني عليهم وهو ما يكفي
لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنان المذكوران في
شأن التدليل على مشاركتها في ارتكاب الجريمة في غير محله، لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد عرض لنية القتل، واستقاها ثبوتاً في حق الطاعنين من موالاة الطاعن
الأول إطلاق الأعيرة النارية على المجني عليهما الأولين بالذخيرة التي كان شقيقاه
الطاعنين الثاني والثالث يزودانه بها، واستمرارهم في ذلك إلى أن سقط المجني عليهما
على الأرض وتأكد الطاعنون من موتهما، ومن اعتراف الطاعن الأول بالتحقيقات بأن قصده
من إطلاق النار على المجني عليهما هو قتلهما، هذا فضلاً عما أبان عنه الحكم في
معرض تحصيله لاعتراف الطاعن الأول من وجود نزاع سابق بينه وبينهما، وكان ما أورده
الحكم كاف وسائغ في التدليل على توافر تلك النية، ولا ينال منه ما سطره الحكم من
أن الطاعن الأول قام بتصويب مسدسه على المجني عليهما، وهو ما لا يعدو أن يكون
استخلاصاً - تملكه المحكمة للوقائع - قصد به التعبير عما يشهد به الواقع في الدعوى
ولا يمارى فيه الطاعنون من أن الطاعن الأول كان يطلق النار تجاه المجني عليهما
بقصد قتلهما، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص غير سديد، لما كان ذلك
وكان الحكم قد عرض للدفع لقيام حالة الدفاع الشرعي وإطراحه بقولة "أنه بخصوص
ما أثاره الدفاع من توافر حالة الدفاع الشرعي فمردود عليه بأنه لم يثبت في حق
المجني عليهم أنهم البادئون بالاعتداء على أي من المتهمين أو أقاربهم، بل على
العكس فإن الثابت أن المتهم هو الذي بدأ بهذا الاعتداء حين أسرع بإحضار مسدسه
وأطلق الأعيرة النارية منه على المجني عليهم الذين كانوا مجردين من السلاح، ومن ثم
تلتفت المحكمة عنه" وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدي إلى ما انتهت إليه المحكمة
ويتفق وصحيح القانون، ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن
المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي
يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة
الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبها عليها
- كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الصدد
يكون في غير محله، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً
رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق