الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 31 يناير 2019

الطعن 5414 لسنة 83 ق جلسة 2 / 11 / 2013 مكتب فني 64 ق 134 ص 876

جلسة 2 من نوفمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / مصطفى صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي أبو الخير ، محمود خضر وخالد جاد نواب رئيس المحكمة وأسامة عباس .
-----------
(134)
الطعن 5414 لسنة 83 ق
(1) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تنفيذه " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
     اطراح الحكم دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولانعدام السند القانوني استناداً لإجرائهما من الضابط تنفيذاً لحكم صادر بحبسه مع النفاذ . صحيح . علة ذلك ؟
(2) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشاهد . مفاده ؟
منازعة الطاعن بشأن اطمئنان المحكمة لأقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة. جدل موضوعي في تقدير الدليل أمام محكمة النقض . غير جائز .
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولانعدام السند القانوني بأن الثابت من أقوال ضابط الواقعة التي اطمأنت إليها المحكمة ومن الشهادة الصادرة من نيابة ... بشأن القضية ... أن المتهم صدر ضده حكماً بالحبس مع الشغل والنفاذ لمدة سنة واحدة وتغريمه ألف جنيه - وهو حكم واجب التنفيذ لشموله بالنفاذ وفق منطوقه - ومن ثم كان لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم ويكون تفتيشه وقائياً صحيحاً لأن التفتيش في هذه الحالة كان لازماً لا باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق بل باعتباره من مستلزمات القبض ذاته الذي تم في حالة يجيزها القانون وتفي بالغرض منه ، وكان هذا الذي أورده الحكم في هذا الشأن كافياً في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش ويصادف صحيح القانون، ذلك أن التفتيش في خصوصية هذه الدعوى أمر لازم لأنه من وسائل التوقي والتحوط من شر من قبض عليه إذا ما سولت له نفسه ، التماساً للفرار ، أن يتعدى على غيره بما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه ، وكان الطاعن لا يماري في سابقة الحكم عليه وأنه مطلوب ضبطه ، فإن منعاه على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير سند.
2- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بعدم معقولية تصوير الواقعة كما رواها الشاهد في قوله :" وحيث أنه عن القول بعدم معقولية تصوير الواقعة فمردود بأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه هذه المحكمة تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد ضابط الواقعة واقتنعت بحصول الواقعة على الصورة التي قررها، فإن ما يثيره الدفاع في هذا الصدد لا يكون سديداً . وكان ما أورده الحكم فيما سلف كاف ويسوغ به الرد على ما أثير به من دفاع لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة الشاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها أو تكذيب أقوال الشاهد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : أحرز بقصد الإتجار مادة تخضع لقيود المواد المخدرة ( ترامادول ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 37/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والقسم الأول من الجدول رقم " 1 " المحلق بالقانون الأول والمضاف بقرار وزير الصحة رقم 125 لسنة 2012 ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه مبلغ عشرة لاف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط .
        فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مادة الترامادول المخدرة بقصد التعاطي قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن المدافع عنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لانعدام مبرراته ولافتقاره إلى السند القانوني لأن الحكم الصادر ضده لم يكن واجب التنفيذ غير أن الحكم اطرح هذا الدفع بما لا يسوغ اطراحه ولا يتفق وصحيح القانون، وعوَّل في إدانته على أقوال ضابط الواقعة رغم عدم صدقها وعدم معقولية تصويره للواقعة ورد على دفاعه في هذا الشأن برد قاصر غير سائغ ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
    وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لا يماري الطاعن في أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولانعدام السند القانوني بأن الثابت من أقوال ضابط الواقعة التي اطمأنت إليها المحكمة ومن الشهادة الصادرة من نيابة ... بشأن القضية رقم ... أن المتهم صدر ضده حكماً بالحبس مع الشغل والنفاذ لمدة سنة واحدة وتغريمه ألف جنيه - وهو حكم واجب التنفيذ لشموله بالنفاذ وفق منطوقه - ومن ثم كان لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم ويكون تفتيشه وقائياً صحيحاً لأن التفتيش في هذه الحالة كان لازماً لا باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق بل باعتباره من مستلزمات القبض ذاته الذى تم في حالة يجيزها القانون وتفي بالغرض منه ، وكان هذا الذى أورده الحكم في هذا الشأن كافياً في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش ويصادف صحيح القانون، ذلك أن التفتيش في خصوصية هذه الدعوى أمر لازم لأنه من وسائل التوقي والتحوط من شر من قبض عليه إذا ما سولت له نفسه ، التماساً للفرار ، أن يتعدى على غيره بما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه ، وكان الطاعن لا يماري في سابقة الحكم عليه وأنه مطلوب ضبطه ، فإن منعاه على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بعدم معقولية تصوير الواقعة كما رواها الشاهد في قوله :" وحيث أنه عن القول بعدم معقولية تصوير الواقعة فمردود بأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه هذه المحكمة تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ، لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد ضابط الواقعة واقتنعت بحصول الواقعة على الصورة التي قررها، فإن ما يثيره الدفاع في هذا الصدد لا يكون سديداً . وكان ما أورده الحكم فيما سلف كاف ويسوغ به الرد على ما أثير به من دفاع لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة الشاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها أو تكذيب أقوال الشاهد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 3205 لسنة 4 ق جلسة 28 / 10 / 2013 مكتب فني 64 ق 133 ص 873

جلسة 28 من أكتوبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ فتحي حجاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ربيع لبنه ، أحمد عبد الودود ، حازم بدوي ومحمد أنيس نواب رئيس المحكمة .
----------
(133)
الطعن 3205 لسنة 4 ق
(1) بناء . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم الفعل المسند للمتهم ارتكابه في جريمة بناء بدون ترخيص واستظهاره القصد الجنائي بها. لا قصور.
(2) نظام عام . دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة . من النظام العام . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . جائزة . ما دامت مدونات الحكم تشهد بصحته. نعي الطاعن في هذا الشأن. غير مقبول. ما دام الحكم المطعون فيه قد خلا مما يظاهر هذا الدفع.
(3) تقرير التلخيص . تزوير " الادعاء بالتزوير " .
ثبوت تلاوة تقرير التلخيص بالحكم . مفاده : وجوده بأوراق الدعوى . للطاعن جحد وجوده وتلاوته بالطعن بالتزوير .
(4) بناء . قانون " سريانه " " تطبيقه " .
صدور القانون رقم 119 لسنة 2008 بإلغاء القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن البناء ونشره بالجريدة الرسمية قبل رفع الدعوى . أثره : نفاذه ولو لم تصدر لائحته التنفيذية. علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استظهر الفعل المسند إلى الطاعن ارتكابه وهو إقامة بناء قبل الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة، وعاقبه بموجب نص المادتين 39 ، 102 /1 من القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء وأورد أدلة الإدانة في بيان جلى واضح من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، كما استظهر توافر القصد الجنائي لتلك الجريمة لدى الطاعن ، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور أو الخطأ في تطبيق القانون .
2- لما كان البين من الاطلاع على محاضر الجلسات أمام المحكمة بدرجتيها أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، وكان الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - مادامت مدونات الحكم تشهد بصحته – وهو الأمر الذى خلا منه الحكم المطعون فيه إذ اعتبر تاريخ وقوع الجريمة هو تاريخ تحرير محضر ضبط الواقعة فإن الدعوى الجنائية لا تكون قد انقضت بالتقادم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله .
3- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه تلاوة تقرير التلخيص ، مما مفاده وجود ذلك التقرير ضمن أوراق الدعوى ومن ثم فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من وجود التقرير وتلاوته إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله ، فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير مقبول.
4- لما كان قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 قد صدر ونشر في الجريدة الرسمية في 11/5/2008 – أي في تاريخ سابق على الدعوى الماثلة – فأصبح بذلك نافذاً ونصوصه ممكن إعمالها بغض النظر عن عدم صدور لائحته التنفيذية ولا يصح تعطيل أي نص ، مادام أن إعماله لا يتوقف على شرط ، ولما كانت المادة الثالثة منه قد نصت على إلغاء القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن إعمال نصوص القانون الأخير لا يكون له محل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 المحكمــة
من حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استظهر الفعل المسند إلى الطاعن ارتكابه وهو إقامة بناء قبل الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة ، وعاقبه بموجب نص المادتين 39 ، 102 /1 من القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء وأورد أدلة الإدانة في بيان جلي واضح من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، كما استظهر توافر القصد الجنائي لتلك الجريمة لدى الطاعن ، فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور أو الخطأ في تطبيق القانون . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على محاضر الجلسات أمام المحكمة بدرجتيها أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع أيهما بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، وكان الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - مادامت مدونات الحكم تشهد بصحته – وهو الأمر الذي خلا منه الحكم المطعون فيه إذ اعتبر تاريخ وقوع الجريمة هو تاريخ تحرير محضر ضبط الواقعة فإن الدعوى الجنائية لا تكون قد انقضت بالتقادم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه تلاوة تقرير التلخيص مما مفاده وجود ذلك التقرير ضمن أوراق الدعوى ومن ثم فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من وجود التقرير وتلاوته إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله ، فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك ، وكان قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 قد صدر ونشر في الجريدة الرسمية في 11/5/2008 – أي في تاريخ سابق على الدعوى الماثلة – فأصبح بذلك نافذاً ونصوصه ممكن إعمالها بغض النظر عن عدم صدور لائحته التنفيذية ولا يصح تعطيل أي نص ، مادام أن إعماله لا يتوقف على شرط ، ولما كانت المادة الثالثة منه قد نصت على إلغاء القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن إعمال نصوص القانون الأخير لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مفصحاً على عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 31979 لسنة 2 ق جلسة 8 / 7 / 2013 مكتب فني 64 ق 103 ص 708

جلسة 8 يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / فتحي حجاب نائب رئيس المحـكمة وعضوية السادة القضاة / جاب الله محمد ، عاصم الغايش ، محمد خير الدين ومحمد هلالي نواب رئيس المحكمة .
----------
(103)
الطعن 31979 لسنة 2 ق
 (1) تهرب ضريبي . جريمة " أنواعها " " الجريمة المستمرة " " الجريمة الوقتية " . دعوى جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . تقادم . قانون " تفسيره " . حكم . " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
وجوب تقديم إقرار شهري عن الضريبة المستحقة من المسجلين بمصلحة الضرائب خلال الثلاثين يوماً التالية لانتهاء شهر المحاسبة . أساس ذلك ؟
جريمة التهرب من الضريبة على المبيعات التي مبناها بيع السلعة أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها لمصلحة الضرائب . جريمة مستمرة . لا تبدأ مدة سقوطها إلا من التاريخ الذي تنتهي فيه حالة الاستمرار . انتهاء الحكم المطعون فيه إلى أنها جريمة وقتية والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية فيها لمضي ثلاث سنوات من وقت وقوعها حتى أول إجراء تحقيق صدر في الدعوى . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه وتصحيحه . أساس ذلك ؟
مثال .
(2) إثبات " خبرة " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . بطلان . دفاع "الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم . نعي الطاعن بمذكرة الدفاع ببطلان تحقيق النيابة لاعتماده على تقرير موظفي الضرائب رغم عدم اختصاصهم وعدم تحليفهم اليمين قبل إعداده دون طلب اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص. غير مقبول أمام النقض .
النعي على دليل مستمد من تقرير موظفي مصلحة الضرائب. غير مجد . ما دام الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه .
(3) إثبات "خبرة " . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها . موضوعي . عدم التزامها بالرد على الطعون الموجهة إليها . ما دامت قد أخذت بها . علة ذلك ؟
حضور الخصوم أثناء تأدية الخبير مأموريته . غير لازم . أساس ذلك؟
النعي على المحكمة إغفالها دفاع الطاعن في شأن الدليل المستمد من تقارير خبراء وزارة العدل بعد اطمئنانها إليه . غير قويم .
(4) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
النعي على الحكم التفاته عن أوجه دفاع الطاعن دون الكشف عنها . غير مقبول . علة ذلك ؟
 (5) حكم " بيانات التسبيب " " بطلانه " . بطلان . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفوع " الدفع بعدم الدستورية " .
خطأ الحكم في ذكر مادة العقاب. لا يبطله . مادام قد وصف الفعل وبيَّن الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق . لمحكمة النقض تصحيحه .
نعي الطاعن بصدور حكم بعدم دستورية مادة العقاب الواردة خطأً . غير مجد . علة ذلك؟
مثال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت النيابة العامة أسندت للمطعون ضده أنه في غضون شهر سبتمبر سنة 1994 حتى مايو سنة 2001 ، بصفته مسجلاً خاضعاً لأحكام الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء تلك الضريبة المقررة قانوناً والمبينة قدراً بالأوراق والمستحقة على مبيعاته من نشاطه في تصنيع المنظفات وذلك بتقديمه النشاط دون الإقرار عنه وسداد الضريبة المستحقة على النحو المبين بالأوراق ، وطلبت عقابه بالمواد 2/1 ، 3/1، 16 ، 32/1 ، 3 ، 43/1 ، 44/6 من الفقرة الثانية من القانون 11 لسنة 1991 من قانون الضريبة العامة المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 . فقضت محكمة أول درجة حضورياً بمعاقبة المطعون ضده بالحبس لمدة ثلاثة أشهر مع الشغل وإلزامه بالضريبة المستحقة بمبلغ 1,612,254 جنيهاً ، والضريبة الإضافية بواقع 1/2% عن كل أسبوع تأخير أو جزء منه من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ السداد ، وإذ استأنف المطعون ضده وهيئة قضايا الدولة ، فقضت محكمة ثاني درجة حضورياً بحكمها المطعون فيه أولاً:- بعدم قبول استئناف هيئة قضايا الدولة لرفعه من غير ذي صفة . ثانياً:- وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المطعون ضده خمسة آلاف جنيه وإلزامه بأداء الضريبة المستحقة لمصلحة الضرائب على المبيعات وقدرها 647291,19 والضريبة الإضافية بواقع 1/2% عن كل أسبوع تأخير أو جزء منه من تاريخ الاستحقاق حتى تاريخ السداد. لما كان ذلك ، وكانت المادة 16 من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لـسـنة 1996 أوجبت على كل مسجل بمصلحة الضرائب أن يقدم إقراراً شهرياً عن الضريبة المستحقة على النموذج المعد لهذا الغرض خلال الثلاثين يوماً التالية لانتهاء شهر المحاسبة وكان النص المنطبق على واقعة الدعوى هو الفقرة الثانية من المادة 44 من القانون سالف الذكر والتي تنص على أن يعد تهرباً من الضريبة ويعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة ما يلى .... 2- بيع السلعة أو استيرادها أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة. وكانت جريمة التهرب من الضريبة على المبيعات التي مبناها بيع السلعة أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها لمصلحة الضرائب هي جريمة مستمرة تظل قائمة ما بقيت حالة الاستمرار التي تنشئها إرادة المتهم أو تتدخل في تجددها وما بقى حق الخزانة في المطالبة بالضريبة المستحقة قائماً ، ولا تبدأ مدة سقوطها إلا من التاريخ الذي تنتهي فيه حالة الاستمرار. فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في مدوناته إلى انقضاء الدعوى الجنائية عن الجريمة التي اقترفها المطعون ضده خلال الفترة من شهر سبتمبر سنة 1994 حتى أغسطس سنة 1998 لمضي ثلاث سنوات من وقت وقوعها حتى أول إجراء تحقيق صدر في الدعوى على اعتبار أنها جريمة وقتية، يكون مخطئاً في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل المبلغ الذي يلزم المطعون ضده بأدائه لمصلحة الضرائب على مبيعاته خلال الفترة من شهر سبتمبر سنة 1994 حتى مايو سنة 2001 مـبلغاً قدره 1,612,254 جـنيهـاً (مليوناً وستمائة واثنا عشر ألفاً ومائتان وأربعة وخمسون جنيهاً) ، بالإضافة إلى ما قضى به من عقوبات أخرى.
2- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن بطلان تحقيقات النيابة العامة لاعتمادها على تقرير موظفي مصلحة الضرائب رغم عدم اختصاصهم وعدم تحليفهم اليمين قبل إعداد تقريرهم لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان البين من المفردات المضمومة أن الطاعن وإن أثار ذلك في مذكرة دفاعه المقدمة للمحكمة إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، ومن ثم فلا يقبل منه إثارة شيء من ذلك أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من تقرير موظفي مصلحة الضرائب ، فلا جدوى للطاعن مما ينعاه على الحكم في هذا الصدد.
3- الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن واعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير ، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تلك التقارير ، مادامت قد أخذت بما جاء بها ؛ لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق التفاتها إليها ، وكان من المقرر أن المشرع لم يستلزم في المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية ضرورة حضور الخصوم أثناء تأدية الخبير لمأموريته ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الدليل المستمد من تقرير خبراء وزارة العدل وعولت عليه في إدانة الطاعن ، فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعن في هذا الشأن ويضحى ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص غير قويم.
4- لما كان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ينبغي على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، وهل تحوى دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفى القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليها بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
5- لما كانت الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة أخذاً من أسباب الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه أن الطاعن تهرب من أداء الضريبة بقيامه ببيع سلعة دون أن يقدم إقراراً ضريبياً بشأنها ويسدد الضريبة المستحقة على ذلك النشاط ، الأمر المعاقب عليه بالمادة 43/1 والبند ثانياً من المادة 44 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وليس البند سادساً من المادة 44 من القانون سالف الذكر كما ورد خطأ بالحكم المطعون فيه ، وكان من المقرر أن الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق ، فإن خطأه في ذكر مادة العقاب لا يبطله ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال البند ثانياً من المادة 44 من القانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالبند سادساً من المادة 44 من ذات القانون عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959، ومن ثم لا يجدى الطاعن ما أثاره – في مذكرته المقدمة خلال فترة حجز الدعوى للحكم – من صدور حكم المحكمة الدستورية في الدعوى رقم 200 لسنة 27 ق بجلسة 7/4/2013 بعدم دستورية البند سادساً من المادة 44 من القانون رقم 11 لسنة 1991 لانطباق البند ثانياً من المادة 44 من القانون ذاته على واقعة الدعوى فضلاً عن عدم تقديم الطاعن للمحاكمة عن جريمة تقديم بيانات خاطئة عن المبيعات وظهرت فيها زيادة تجاوز 10% عما ورد بالإقرار التي قضى بعدم دستوريتها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
    اتهمت النيابة العامـة الطاعن بوصف أنه خلال الفترة من شهر سبتمبر سنة 1994 حتى مايو سنة 2001 بدائرة مركز .... - محافظة .... بصفته مسجلاً خاضعاً لأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء تلك الضريبة قانوناً والمبينة قدراً بالأوراق والمستحقة على مبيعاته من نشاطه في تصنيع المنظفات وذلك بتقديمة النشاط دون الإقرار عنه وسداد الضريبة المستحقة على النحو المبين بالأوراق .
وطلبت عقابه بالمواد 2 /1 ، 3/ 1 ، 16 ، 32 /1 ، 3 ، 43 /1 ، 44 /6 من القانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996.
   وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل المتهم بقيمة الضريبة المستحقة والضريبة الإضافية .
     ومحكمة جنح التهرب الضريبي قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل ، وكفالة ثلاثين ألف جنيه لإيقاف التنفيذ ، وألزمته الضريبة المستحقة بمبلغ مليون وستمائة واثني عشرة ألف ومائتين وأربعة وخمسون جنيهاً ، والضريبة الإضافية بواقع 1/2% عن كل أسبوع تأخير أو جزء منه من تاريخ الاستحقاق وحتي تاريخ السداد .
    استأنف المتهم ، كما استأنف المدعى بالحقوق المدنية بصفته ، ومحكمة .... الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً أولاً : بعدم قبول استئناف هيئة قضايا الدولة لرفعه من غير ذي صفة . ثانياً : بقبول استئناف المتهم شكلاً ، وفي الموضوع بتعديله ، والاكتفاء بتغريم المتهم خمسة آلاف جنيه ، وألزمته بأداء الضريبة المستحقة لمصلحة الضرائب على المبيعات وهو مبلغ 64791.19 ، والضريبة الإضافية بواقع 1/2 % عن كل أسبوع تأخير أو جزء منه من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ السداد .
   فطعن وكيل المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولاً:- الطعن المقدم من النيابة العامة
     حيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
     وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة عن جريمة التهرب من الضريبة التي ارتكبها المطعون ضده خلال الفترة من شهر سبتمبر سنة 1994 حتى أغسطس سنة 1998 عن طريق بيعه سلعة (منظفات ومطهرات صناعية) دون الإقرار عنها لمصلحة الضرائب وسداد الضريبة المستحقة تأسيساً على أن الجريمة وقتية مع أنها جريمة مستمرة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
        وحيث إن النيابة العامة أسندت للمطعون ضده أنه في غضون شهر سبتمبر سنة 1994 حتى مايو سنة 2001 ، بصفته مسجلاً خاضعاً لأحكام الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء تلك الضريبة المقررة قانوناً والمبينة قدراً بالأوراق والمستحقة على مبيعاته من نشاطه في تصنيع المنظفات وذلك بتقديمه النشاط دون الإقرار عنه وسداد الضريبة المستحقة على النحو المبين بالأوراق ، وطلبت عقابه بالمواد 2/1 ، 3/1، 16 ، 32/1 ، 3 ، 43/1 ، 44/6 من الفقرة الثانية من القانون 11 لسنة 1991 من قانون الضريبة العامة المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 0 فقضت محكمة أول درجة حضورياً بمعاقبة المطعون ضده بالحبس لمدة ثلاثة أشهر مع الشغل وإلزامه بالضريبة المستحقة بمبلغ 1,612,254 جنيهاً ، والضريبة الإضافية بواقع 1/2% عن كل أسبوع تأخير أو جزء منه من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ السداد ، وإذ استأنف المطعون ضده وهيئة قضايا الدولة ، فقضت محكمة ثاني درجة حضورياً بحكمها المطعون فيه أولاً:ـ بعدم قبول استئناف هيئة قضايا الدولة لرفعه من غير ذي صفة 0 ثانياً: وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المطعون ضده خمسة آلاف جنيه وإلزامه بأداء الضريبة المستحقة لمصلحة الضرائب على المبيعات وقدرها 647291,19 والضريبة الإضافية بواقع 1/2% عن كل أسبوع تأخير أو جزء منه من تاريخ الاستحقاق حتى تاريخ السداد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 16 من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 أوجبت على كل مسجل بمصلحة الضرائب أن يقدم إقراراً شهرياً عن الضريبة المستحقة على النموذج المعد لهذا الغرض خلال الثلاثين يوماً التالية لانتهاء شهر المحاسبة وكان النص المنطبق على واقعة الدعوى هو الفقرة الثانية من المادة 44 من القانون سالف الذكر والتي تنص على أن يعد تهرباً من الضريبة ويعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة ما يلى .... 2- بيع السلعة أو استيرادها أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة. وكانت جريمة التهرب من الضريبة على المبيعات التي مبناها بيع السلعة أو تقديم الخدمة دون الإقرار عنها لمصلحة الضرائب هي جريمة مستمرة تظل قائمة ما بقيت حالة الاستمرار التي تنشئها إرادة المتهم أو تتدخل في تجددها وما بقي حق الخزانة في المطالبة بالضريبة المستحقة قائماً ، ولا تبدأ مدة سقوطها إلا من التاريخ الذي تنتهي فيه حالة الاستمرار. فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في مدوناته إلى انقضاء الدعوى الجنائية عن الجريمة التي اقترفها المطعون ضده خلال الفترة من شهر سبتمبر سنة 1994 حتى أغسطس سنة 1998 لمضي ثلاث سنوات من وقت وقوعها حتى أول إجراء تحقيق صدر في الدعوى على اعتبار أنها جريمة وقتية، يكون مخطئاً في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل المبلغ الذي يلزم المطعون ضده بأدائه لمصلحة الضرائب على مبيعاته خلال الفترة من شهر سـبتمبر سـنة 1994 حتى مايو سنة 2001 مبلغاً قدره 1,612,254 جنيهاً (مليوناً وستمائة واثنا عشر ألفاً ومائتان وأربعة وخمسون جنيهاً) ، بالإضافة إلى ما قضى به من عقوبات أخرى.
ثانياً:- الطعن المقدم من المحكوم عليه :
    وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
    وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التهرب من الضريبة لبيعه سلعة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاســتـدلال والخطأ في تطـبيق القانون ذلك بأن المـدافع عنه تمسك في مذكرة دفاعه المقدمة للمحكمة ببطلان تحقيقات النيابة العامة لاعتمادها على تقرير موظفي مصلحة الضرائب رغم عدم اختصاصهم وعدم تحليفهم اليمين قبل إعداد تقريرهم ، بيد أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً أو رداً ، وعول على تقرير خبراء وزارة العدل رغم بطلانه لعدم دعوته للحضور بخطاب موصى عليه واطرح دفاعه في هذا الخصوص ، كما التفت عن أوجه دفاعه الوارد في المذكرة المقدمة للمحكمة ، ودانه الحكم مع أن الدعوى الجنائية انقضت بمضي المدة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
    وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن بطلان تحقيقات النيابة العامة لاعتمادها على تقرير موظفي مصلحة الضرائب رغم عدم اختصاصهم وعدم تحليفهم اليمين قبل إعداد تقريرهم لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان البين من المفردات المضمومة أن الطاعن وإن أثار ذلك في مذكرة دفاعه المقدمة للمحكمة إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص ، ومن ثم فلا يقبل منه إثارة شيء من ذلك أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من تقرير موظفي مصلحة الضرائب ، فلا جدوى للطاعن مما ينعاه على الحكم في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن واعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير ، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تلك التقارير ، مادامت قد أخذت بما جـــاء بـهـــا ؛ لأن مـــؤدى ذلك أنـهـا لـم تـجـــد فـي تلك المطاعن ما يستحق التفاتها إليها ، وكان من المقرر أن المشرع لم يستلزم في المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية ضرورة حضور الخصوم أثناء تأدية الخبير لمأموريته ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى الدليل المستمد من تقرير خبراء وزارة العدل وعولت عليه في إدانة الطاعن ، فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعن في هذا الشأن ويضحى ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ينبغي على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، وهل تحوى دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفى القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليها بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة فقد سبق تناوله والرد عليه عند بحث أوجه الطعن المقدمة من النيابة العامة . لما كان ذلك، وكانت الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة أخذاً من أسباب الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه أن الطاعن تهرب من أداء الضريبة بقيامه ببيع سلعة دون أن يقدم إقراراً ضريبياً بشأنها ويسدد الضريبة المستحقة على ذلك النشاط ، الأمر المعاقب عليه بالمادة 43/ 1 والبند ثانياً من المادة 44 من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996 ، وليس البند سادساً من المادة 44 من القانون سالف الذكر كما ورد خطأ بالحكم المطعون فيه ، وكان من المقرر أن الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق ، فإن خطأه في ذكر مادة العقاب لا يبطله ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال البند ثانياً من المادة 44 من القانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالبند سادساً من المادة 44 من ذات القانون عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 ، ومن ثم لا يجدي الطاعن ما أثاره – في مذكرته المقدمة خلال فترة حجز الدعوى للحكم – من صدور حكم المحكمة الدستورية في الدعوى رقم 200 لسنة 27 ق بجلسة 7/4/2013 بعدم دستورية البند سادساً من المادة 44 من القانون رقم 11 لسنة 1991 لانطباق البند ثانياً من المادة 44 من القانون ذاته على واقعة الدعوى فضلاً عن عدم تقديم الطاعن للمحاكمة عن جريمة تقديم بيانات خاطئة عن المبيعات وظهرت فيها زيادة تجاوز 10% عما ورد بالإقرار التي قضى بعدم دستوريتها . لما كان ما تقدم ، فإن هذا الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناَ رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 7427 لسنة 4 ق جلسة 7 / 7 / 2013 مكتب فني 64 ق 102 ص 704

جلسة 7 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكـمة وعضوية السادة القضاة / حسن الغزيري ، د/ عادل أبو النجا ومحمد رضوان نواب رئيس المحكمة وعادل عـمارة .
---------------
(102)
الطعن 7427 لسنة 4 ق
حكم "بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب معيب". تهرب ضريبي .
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة .
عدم بيان الحكم واقعة الدعوى واستظهار طبيعة النشاط الذي نسب للمطعون ضده التهرب من أداء الضريبة المستحقة عنه والكشف عن الأسس التي أقام عليها حسابه للضريبة المقضي بها . قصور. يوجب نقضه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد وصف النيابة العامة للتهمة المسندة إلى المطعون ضده أشار إلى بعض المبادئ القانونية واستطرد من ذلك مباشرة إلى القول:" بأنه لما كان الثابت من مطالعة سائر أوراق الدعوى وطرحها على بساط البحث عن بصر وبصيرة والإمعان بين طياتها ، فإن المحكمة تطمئن لإسناد التهمة في حق المتهم أخذاً بما جاء بتقرير الخبير الذي أثبت أن الضريبة المستحقة على المتهم مبلغ وقدره .... جنيه ، الأمر الذي تقضي المحكمة بإدانة المتهم وتأييد الحكم المستأنف" لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين واقعة الدعوى ، ولم يستظهر طبيعة النشاط الذي نسب إلى المطعون ضده التهرب من أداء الضريبة المستحقة عنه ، ولم يكشف عن الأسس التي أقام عليها حسابه للضريبة المقضي بها ، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بوصف أنه في غضون الفترة من الأول من يناير لسنة 1994 حتي 31 من ديسمبر لسنة 1994 بدائرة قسم .... ـ محافظة ..... بصفته مسجلاً خاضعاً للضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء تلك الضريبة المقررة قانوناً والمبينة قدراً بالأوراق ، والمستحقة من نشاطه في تصنيع وبيع الأثاث ، وذلك بتقديم بيانات خاطئة عن المبيعات ظهرت فيها زيادة تجاوز 10 % عما ورد بالإقرارات الضريبية المقدمة منه خلال الأشهر من الأول من يناير لسنة 1994 ، وحتى 30 من سبتمبر 1994. 2- بصفته سالفة الذكر خالف أحكام الإجراءات والنظم المنصوص عليها في هذا القانون ، دون أن يكون عملاً من أعمال التهرب ، وذلك بتقديم بيانات خاطئة عن المبيعات خلال الأشهر من 1 من أكتوبر لسنة 1994 حتى 31 من ديسمبر لسنة 1994 ظهرت فيها زيادة لا تجاوز 10 % عما ورد بالإقرارات .
وطلبت عقابه بالمواد 2/ 1 ، 3 ، 5 ، 6 ، 16 /1 ، 32/ 1 ، 41 /2 ، 44 /6 من القانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات ولائحته التنفيذية والمعدل بالقانونين رقمي 91 لسنة 1996 ، 2 لسنة 1997 .
ومحكمة جنح التهرب الضريبي قضت حضورياً بأن يؤدي لمصلحة الضرائب على المبيعات قيمة الضريبة المستحقة وقدرها 3612,29 جنيه ، بخلاف الضريبة الإضافية بواقع نصف في المائة عن كل أسبوع أو جزء منه تأخير من تاريخ الاستحقاق حتى تاريخ الأداء وتعويض تقدره المحكمة بنسبة 10 % من قيمة الضريبة المستحقة بواقع مبلغ 3612,29 جنيه أستأنف المتهم وهيئة قضايا الدولة .
ومحكمة .... الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت أولاً : بقبول استئناف المتهم شكلاً، وفي الموضوع برفضه ، وتأييد حكم أول درجة والإيقاف . ثانياً : بإلغاء الحكم المستأنف بشأن ما قضى به من تعويض لا يجاوز مثل الضريبة ، وإلزام المتهم المصروفات الجنائية . ثالثاً : بقبول استئناف هيئة قضايا الدولة شكلاً ، وفي الموضوع برفضه .
فطعن السيد المستشار / .... نائب هيئة قضايا الدولة عن السيد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات والمدعى بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة التهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات قد شابه القصور في التسبيب ، ذلك بأنه لم يمحص واقعة الدعوى ولم يحط بأدلتها ، ولم يبين الأسس التي استند إليها في تخفيض قيمة الضريبة المستحقة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد وصف النيابة العامة للتهمة المسندة إلى المطعون ضده أشار إلى بعض المبادئ القانونية واستطرد من ذلك مباشرة إلى القول:" بأنه لما كان الثابت من مطالعة سائر أوراق الدعوى وطرحها على بساط البحث عن بصر وبصيرة والإمعان بين طياتها ، فإن المحكمة تطمئن لإسناد التهمة في حق المتهم أخذاً بما جاء بتقرير الخبير الذي أثبت أن الضريبة المستحقة على المتهم مبلغ وقدره .... جنيه ، الأمر الذي تقضي المحكمة بإدانة المتهم وتأييد الحكم المستأنف " لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين واقعة الدعوى ، ولم يستظهر طبيعة النشاط الذي نسب إلى المطعون ضده التهرب من أداء الضريبة المستحقة عنه ، ولم يكشف عن الأسس التي أقام عليها حسابه للضريبة المقضي بها ، فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه في خصوص الدعوى المدنية والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 12808 لسنة 82 ق جلسة 12 / 5 / 2013 مكتب فني 64 ق 85 ص 603

جلسة 12 من مايو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / أحـمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / السعيد برغوث ، توفيق سليم وأشرف محمد مسعد نواب رئيس المحكمة وأحمد رضوان .
--------
(85)
الطعن 12808 لسنة 82 ق
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " . قصد جنائي . غسل أموال .
وجوب ألا يشوب الحكم إجمال أو إبهام يتعذر معه تبين مدى صحته من فساده . متى يكون كذلك ؟
إغفال الحكم الصادر بالإدانة في جريمة غسل الأموال بيان أفعال الجريمة وتاريخها وحجم الأموال وتحديد الخاضع منها لعمليات بنكية معقدة وحصر الشركات الوهمية المؤسسة في الداخل والخارج ومدى العقاب على تلك الجريمة في الخارج وعدم بيان علاقة السببية والركن المعنوي للجريمة . قصور .
مثال لتسبيب معيب في جريمة غسل أموال .
(2) قصد جنائي . غسل أموال . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
     القصد الجنائي في جريمة غسل الأموال . العام : هو علم الجاني بأركان الجريمة وقت ارتكابها . الخاص : هو نية إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته . وجوب استظهار الحكم له والتدليل عليه . متى كان محل منازعة . أساس ذلك ؟
     مثال لتدليل غير سائغ على توافر القصد الجنائي في جريمة غسل أموال .
(3) دعوى جنائية " وقفها " . دفوع " الدفع بالإيقاف " . غسل أموال . جريمة " أركانها " . قانون " تفسيره " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
     المادتان الأولى/ب والثانية من القانون 80 لسنة 2002 بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال المعدل . مفادهما ؟
     إثبات جريمة مصدر المال غير المشروع بحكم بات . شرط مفترض في جريمة غسل الأموال . معيار كفاية الدلائل على وقوع جريمة المصدر يتنافى ومبدأ الشرعية الجنائية . وجوب تربص المحكمة التي تنظر جريمة غسل الأموال إلى أن يتم الفصل في تلك الجريمة بحكم بات . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ في تطبيق القانون . أساس وعلة ذلك ؟
مثال .
(4) جريمة " أنواعها " " الجريمة المستمرة " " الجريمة الوقتية " . بطلان. غرامة. قانون "سريانه " . حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل".
        التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
        معيار التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة ؟
اختلاف طبيعة جريمة غسل الأموال بحسب صورة السلوك الإجرامي الذي اقترفه المتهم .
اتخاذ جريمة غسل الأموال صورة أفعال تتم وتنتهي في لحظة واحدة . أثره : اعتبارها جريمة وقتية . لا ينال من ذلك الاستعداد لمقارفة تلك الأفعال في فترة زمنية سابقة على ارتكابها واستمرار آثارها الجنائية في فترة لاحقة . علة ذلك ؟
محاسبة الطاعن عن وقائع سابقة على سريان قانون غسل الأموال وحدثت في تاريخ سابق على التاريخ الذي حدده الحكم المطعون فيه للوقائع التي دانه عنها . انسحاب أثر ذلك إلى تحديد مقدار الغرامة الأصلية والإضافية المقضي بها . أثر ذلك ؟
مثال لما يعد تناقضاً في الحكم في جريمة غسل أموال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـــ لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله " .... أن المتهم المذكور في خلال الفترة من عام 2003 حتى عام 2011 قام بغسل أموال قيمتها ما يزيد عن ستة مليارات جنيه متحصله من نشاطه الإجرامي في الجريمة الأولية " التربح والاستيلاء على المال العام " موضوع الجناية .... ، والذى يتمثل في استحواذ المتهم بغير حق بمشاركة موظفين عموميين اتفاقًا ومساعدةً تارة وفاعلاً أصلياً بصفته موظفاً عمومياً تارة أخرى على زيادة حصته في أسهم الشركة .... التي تساهم فيها الدولة وتخضع لرقابتها من 3.98 % إلى 20.89 % من خلال قصر حق الأولوية في الاكتتاب في زيادة رأسمال الشركة على نفسه وتخصيصها بالكامل باسم شركته .... دون باقي المساهمين واستغلال نفوذه بصفته رئيس مجلس إدارة شركة .... خلال الفترة من 2003 حتى عام 2005 بعقد جمعية عمومية وتخفيض رأسمال الشركة على خلاف الحقيقة مما نتج عنه أن تصبح حصته مدفوعة بالكامل .... وعلى الرغم من امتناعه عن سداد كامل قيمة مقدم ثمن الأسهم التي استولى عليها ، من علاوة ومصاريف إصدار وعن سداد الغرامة المستحقة عن تأخره في سداد القسطين الأول والثاني من قيمتها في التاريخ المحدد للسداد .... وخلال الفترة المذكورة أيضاً قام من خلال مجموعة شركاته بالاستحواذ على نسبة 29.38 % من أسهم شركة .... للصلب بشرائه أسهم المساهمين القدامى بقيمة أقل من قيمتها الحقيقية فضلاً عن قيامه بتنفيذ عمليات مبادلة بين أسهم شركة .... وأسهم شركته الأصلية تحايلاً على القانون رقم 95 لسنة 1992 المنظم للعمل بسوق رأس المال أثناء فترة الحظر القانوني لتداول الأسهم مما ترتب عليه رفع نسبة تملكه في شركة .... للصلب إلى 50.27 % والتي تربح من خلالها ما يزيد عن ستة مليارات جنيه ، وقد اتبع التفانين والحيل وألبسها رداء المكر والخديعة لتطهير هذا المبلغ وغسله بقصد إخفاء حقيقته وإظهاره وكأنه متولد من عمل مشروع ، فولى وجهه شطر المصارف بالداخل والخارج والتي بدت من خلال عمليات إيداع وسحب وربط ودائع وتحويلات لحسابات خاصة به واستبدالها بعملات وطنية ثم بأخرى أجنبية ، وبإصدار شيكات لشركات مختلفة تعمل في مجال تجارة السيارات والمقاولات والعقارات وتأسيس عدد من الشركات الوهمية بالداخل والخارج والتي لم تمارس أي نشاطاً تجارياً فعلياً وفقاً للغرض من تأسيسها وبدت من القوائم المالية أنها حققت أرباحاً بالملايين .... وإمعاناً منه في إضفاء صفة المشروعية على هذا المال الملوث وحتى يسهل التعامل معه قام بضخ جزء منه في شركات قائمة له بالفعل لزيادة أصولها وتدويرها في أنشطتها التجارية ومزجها بأموال تلك الأنشطة .... وقد تمكن من خلال هذه التصرفات الشيطانية من غسل الأموال المستولى عليها من جريمته الأولية المار بيانها ". لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى ، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو الدفوع الجوهرية أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذى ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويُعجز بالتالي محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى لم يبين الأفعال التي تم بها غسل الأموال ، وتاريخ كل فعل من تلك الأفعال ، وحجم الأموال التي تم غسلها في كل فعل ، والفترة الزمنية التي تم فيها غسل الأموال ، ومقدار كل جزء من المال الذى أخضعه الطاعن لعمليات بنكية معقدة ، وكذلك عمليات الاستبدال والتحويلات المصرفية ، والعقارات والمنقولات التي اشتراها من تلك الأموال ، وكذلك الشركات الوهمية التي تم تأسيسها بالداخل والخارج حصراً ، كما لم يبين نتائج الأفعال التي دان الطاعن بها ، وعلاقة السببية بين تلك الأفعال ونتائجها القانونية ، ولم يبين أفعال الغسل التي تمت داخل جمهورية مصر العربية وتلك التي تمت خارجها ، وعما إذا كانت الأفعال التي تمت في الخارج قد تمت في دول تعاقب على جريمة غسل الأموال من عدمه ، كما أن الحكم اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على الحديث عن الأفعال المادية التي قارفها الطاعن ، وأغفل الحديث عن الركن المعنوي ، كما لم يحدد على وجه الضبط المبالغ محل الجريمة التي ربط لها الشارع عقوبة تعادل مثلي الأموال كغرامة ، كما خلا من بيان ما إذا كان قد صدر في جريمة المصدر حكماً من عدمه الأمر الذى ينبئ عن اختلال فكرة الحكم عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذى يجعلها في حكم الوقائع الثابتة ، الأمر الذى يتعذر معه على محكمة النقض تبين مدى صحة الحكم من فساده .
2ـــ لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 2002 بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال المعدل بالقانونين رقمي 78 لسنة 2003 ، 181 لسنة 2008 تنص على أنه " يحظر غسل الأموال المتحصلة .... والجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثالث والرابع والخامس عشر والسادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات .... إلخ وذلك سواء وقعت جريمة غسل الأموال أو الجرائم المذكورة في الداخل أو الخارج بشرط أن يكون معاقباً عليها في كلا القانونين المصري والأجنبي " ، ونصت المادة الأولى/ب من هذا القانون على أن " معنى غسل الأموال هو: كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال ، أو حيازتها ، أو التصرف فيها ، أو إدارتها ، أو حفظها ، أو استبدالها ، أو إيداعها ، أو ضمانها ، أو استثمارها ، أو نقلها ، أو تحويلها ، أو التلاعب في قيمتها ، إذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون مع العلم بذلك ، متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعتــــه أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه ، أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال " . لما كـان ذلك ، وكان القصد الجنائي في الجريمة التي دين الطاعن بها يقتضى علم الجاني وقت ارتكاب الجريمة علماً يقينياً بتوافر أركانها ومنها القصد الجنائي ، فإذا ما نازع المتهم في توافر هذا القصد كان لزاماً على المحكمة استظهاره استظهاراً كافياً ، كما أنه من المستقر عليه قضاءً أن جريمة غسل الأموال تستلزم فضلاً عن القصد الجنائي العام قصدًا خاصًا وهو نية إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته - على نحو ما سلف بيانه - مما يتعين معه على الحكم استظهاره صراحة وإيراد الدليل على توافره متى كان محل منازعة من الجاني . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد أنكر التهمة المسندة إليه ، ونازع في توافر القصد الجنائي بشقيه - العام والخاص - في حقه ، وكان القدر الذى أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته على سبيل التدليل على توافر أركان جريمة غسل الأموال عموماً ومنها القصد الجنائي في حق الطاعـن لا يكفى لتوافر القصد الجنائي بشقيه في حقه ولا يسوغ الاستدلال به ، إذ اكتفى في ذلك بعبارات عامة مجملة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ولا يتحقق بها الغرض الذى قصده الشارع من استيجاب تسبيبها .
  3ـــ لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بطلب وقف دعوى غسل الأموال لحين صيرورة الحكم الصادر ضد المتهم – الطاعن – بتاريخ 15/9/2011 في القضية .... باتاً ، ولحين صدور حكم في القضية .... وصيرورته باتاً واطرحه ورد عليه بقوله " بأن نص المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى وجب وقف الأولى حتى يتم الفصل في الثانية ويشترط لحق الإيقاف الوجوبي شرطان الأول : أن تكون الخصومة الجنائية المراد وقفها قائمة أمام قضاء الحكم ، وثانيهما : أن توجد خصومة جنائية أخرى لها أسبقية قانونية على الخصومة المراد وقفها ، ويراد بالأسبقية القانونية أن يكون الفصل فيها أمراً أساسياً للفصل في الخصومة موضوع البحث لاتصاله بأحد أركان الجريمة . لما كان ذلك ، وكانت جريمة غسل الأموال جريمة قائمة بذاتها لا ترتبط بجريمة المصدر وجوداً وعدماً بل يكفى في جريمة المصدر أن يتوافر النموذج القانوني للجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من قانون غسل الأموال ولا يشترط فيها حكم بالإدانة أو بالبراءة بل تقوم جريمة غسل الأموال رغم صدور حكم بالبراءة لسبب أو لآخر في جريمة المصدر ، ومن ثم يضحى التربص لحين صدور حكم في الجريمة الأولى - جريمة المصدر - وصيرورته باتاً غير ذي أثر في جريمة غسل الأموال التي نحن بصددها ، ومن ثم يكون طلب وقف هذه الدعوى لحين صدور حكم في الجريمة الأولية لا يصادف صحيح القانون ويتعين الالتفات عنه " وهو رد غير سائغ ويخالف القانون ، فقد نصت المادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 2002 بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال المعدل بالقانونين رقمي 78 لسنة 2003 ، 181 لسنة 2008 على أنه " يحظر غسل الأموال المتحصلة من .... والجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثالث والرابع والخامس عشر والسادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، .... وذلك كله سواء وقعت جريمة غسل الأموال أو الجرائم المذكورة في الداخل أو في الخارج بشرط أن يكون معاقباً عليها في كلا القانونين المصري والأجنبي " ، كما نصت المادة الأولى/ ب من هذا القانون على أن " معنى - غسل الأموال - هو كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون مع العلم بذلك ، متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال " ومفاد هذين النصين في واضح عبارتهما وصريح دلالتهما أن المشرع المصري في قانون مكافحة غسل الأموال لم يبين طريقة إثبات الجريمة " مصدر المال " وكانت تلك الجريمة الأخيرة تعد شرطاً مفترضاً في جريمة غسل الأموال ، وترتبط معها ارتباطاً وثيقاً بل وتدور معها وجوداً وعدماً ، فلا مجال للحديث عن جريمة غسل الأموال ما لم توجد أموال متحصلة من مصدر غير مشروع ويشكل جريمة ، ولذلك يجب إذا لم تكن هناك دعوى جنائية مرفوعة بشأن جريمة المصدر أن تتولى المحكمة التي تنظر جريمة غسل الأموال إثبات جريمة المصدر أولاً ثبوتاً يقينياً لأنها شرطاً مفترضاً في جريمة غسل الأموال أما إذا كانت الدعوى الجنائية قد رفعت بشأن جريمة المصدر فيجب على المحكمة التي تنظر دعوى غسل الأموال أن تتربص حتى يصدر فيها حكماً باتاً ؛ لأن القاعدة أن الحكم الذى يفصل في مسألة أولية تكون له الحجية أمام المحكمة الجنائية حتى ولو مع عدم توافر وحدة الخصوم وفي هذه الحالة - الأخيرة - فيجب وفقًا لنص المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية وقف دعوى غسل الأموال وتتربص المحكمة إلى أن يتم الحكم في جريمة المصدر بحكم بات ؛ لأن القول بمعيار كفاية الدلائل على وقوع جريمة المصدر بمجرد توافر النموذج القانوني هو معيار غير منضبط ويتنافى مع مبدأ الشرعية الجنائية ويؤدى إلى نتائج غير مقبولة ومتناقضة في أحكام القضاء، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ لم يتربص إلى أن يصدر حكم جنائي بات في جريمة المصدر والقضاء بوقف الدعوى يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيب الحكم .
 4ـــ لما كان من المستقر عليه قضاءً أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، والذى من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيانه لواقعة الدعوى " أن المتهم - الطاعن - في خلال الفترة من 2003 حتى عام 2011 قام بغسل أموال قيمتها ما يزيد عن ستة مليارات جنيه متحصلة من نشاطه الإجرامي في الجريمة الأولية - التربح والاستيلاء على المال العام - موضوع الجناية .... ثم عاد في معرض تحصيله لمؤدى الأدلة التي صحت لديه على ثبوت الواقعة على الصورة التي اطمأن إليها وعول على ما ثبت للمحكمة من اطلاعها على الصورة الرسمية للدعوى .... - الجريمة الأولية - أنها مقيدة ضد المتهم - الطاعن - .... وآخرين لأنهم في خلال الفترة من سبتمبر عام 1999 حتى عام 2011 اشتركا مع بعض المتهمين موظفين عموميين اتفاقاً ومساعدة في الحصول لنفسه ولغيره بغير حق على ربح " ثم عاد وقضى في منطوقه بتغريم الطاعن أصلياً اثنى عشر مليار وثمانمائة وثمانية وخمسون مليون وأربعة وسبعين ألف جنيه وإضافياً مبلغ ستة مليارات وأربعمائة وتسعة وعشرين مليون وسبعة وثلاثين ألف جنيه عن وقائع في الجريمة الأولية عن الفترة من عام 1999 حتى عام 2011 ، وقضى برفض الدفع بأن الاتهام في قضية غسل الأموال تضمن وقائع لا تخضع لقانون غسل الأموال على سند أن جريمة غسل الأموال جريمة مستمرة تسرى على السلوك الإجرامي المستمر حتى وإن بدأ قبل سريان قانون غسل الأموال . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون سواء أكان هذا الفعل إيجابياً أو سلبياً ارتكاباً أو تركاً ، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهى بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة ، والعبرة في الاستمرار هنا هو تدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ، ولا عبرة بالزمن الذى يسبق هذا العمل في التهيؤ لارتكابه والاستعداد لمقارفته أو بالزمن الذى يليه والذى تستمر آثاره الجنائية في أعقابه وتحديد الطبيعة القانونية لجريمة غسل الأموال وهل هي جريمة وقتية أم جريمة مستمرة يعتمد على تحليل السلوك الإجرامي الذى ارتكبه المتهم في الواقعة المطروحة على المحكمة طبقاً لنص المشرع ، فإذا اتخذ السلوك الإجرامي صورة الإخفاء أو الحيازة أو النقل ، فإن هذه الأفعال لها صفة الاستمرار إذ يستغرق تحققها فترة طويلة من الزمن كما أنها تستلزم تدخل إرادة الجاني طوال فترة الاستمرار ، ومن ثم فهي جريمة مستمرة ، أما إذ اتخذ سلوك المتهم الإجرامي صورة التعامل أو التحويل أو الإيداع فهي أفعال تتم وتنتهى في لحظة واحدة ولا تتطلب تدخلاً لاحقاً من الجاني وبها تتحقق الجريمة ، ومن ثم فهي جريمة وقتية . لما كان ذلك ، وكان السلوك الإجرامي الذى ارتكبه المتهم في الواقعة محل الطعن يتمثل في الإيداع والسحب وربط ودائع وتحويلات واستبدال عملات محلية بعملات أجنبية والعكس وإصدار شيكات وشراء عقارات وسيارات وتأسيس شركات وزيادة أصول شركات قائمة ، ومن ثم فهي أفعال تتم وتنتهى في لحظة واحدة ولا تتطلب تدخلاً لاحقاً من الجاني - الطاعن - ومن ثم فإن جريمة غسل الأموال في الدعوى المطروحة هي جريمة وقتية ولا عبرة في هذا الشأن بالزمن الذى يسبق ارتكاب هذه الأفعال في التهيؤ لارتكابها والاستعداد لمقارفتها ولا عبرة أيضاً بالزمن الذى يلى ارتكابها والذى تستمر آثاره الجنائية في أعقابه لأنها لا تحتاج إلى تدخلاً متتابعاً متجدداً من المتهم - الطاعن - لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد تاريخ الوقائع التي دان الطاعن عنها بأنها خلال الفترة من 2003 حتى 2011 ثم عاد وحاسبه عن وقائع حدثت منذ عام 1999 حتى عام 2011 بما لذلك من أثر في الغرامة الأصلية والإضافية التي قضى بها وتحديد مقدارها تحديداً دقيقاً ورد على دفاعه بأن الاتهام المسند إلى الطاعن تضمن وقائع سابقة على تاريخ سريان قانون غسل الأموال في 23/5/2002 بما يخالف القانون ، فإن ذلك يكشف عن اختلال فكرة الحكم عن عناصر الدعوى وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذى يجعلها في حكم الوقائع الثابتة ، مما يعيب الحكم بالتناقض ويكون الأمر ليس مقصوراً على مجرد خطأ مادى بل يتجاوزه إلى اضطراب ينبئ عن اختلال فكرة الحكم من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة ، مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة ، مما يعيب الحكم بالتخاذل والاضطراب والتناقض . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة ، دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : ارتكب جريمة غسل أموال قيمتها - ستة مليارات وأربعمائة وتسعه وعشرين مليون وسبعة وثلاثين ألف جنيه – والمتحصلة من جريمتي التربح والاستيلاء على المال العام المنصوص عليهما في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات موضوع القضيتين ....، .... بأن استثمر بعض من هذه الأموال في تأسيس العديد من الشركات باسمه وزوجته/ .... وأنجاله/ .... و.... وقام بإيداع جزء من تلك الأموال في شركات قائمة مملوكة له ولسالفي الذكر لزيادة رؤوس أموالها ولتطوير أنشطتها ، وأجرى تحويلات من تلك الأموال من حساب شركاته إلى حساب شركة .... التي يديرها لدى البنك .... واستبدل أيضاً جزءاً من تلك الأموال إلى ما يعادلها من عملة بالعملة الأجنبية وأجرى عليها عدة تحويلات مصرفية للخارج إلى حساب شركة .... بسويسرا وأخرى إلى حساباته الشخصية وحساب شركته .... لدى بنوك .... و.... بإنجلترا ، .... بسويسرا ، .... بنك بإمارة .... بألمانيا ، كما أجرى تحويلات مصرفية لتلك الأموال بالداخل بالعملة الوطنية والأجنبية بين حساباته الشخصية والمشتركة مع زوجته / .... لدى بنك .... ، وتلقى على تلك الحسابات تحويلات مصرفية من حساباته الشخصية بالخارج ، وقام بتحويل جانب من حصيلة أمواله موضوع جريمتي التربح والاستيلاء إلى أموال عقارية ومنقولة اشتراها باسمه وزوجته وأنجاله وشركاته وربط ودائع بجزء منها وحاز المتبقي منها بحساباته وحسابات إحدى شركاته .... وكان القصد من ذلك السلوك إخفاء حقيقة هذه الأموال وتمويه مصدرها وطبيعتها وإضفاء صفة المشروعية عليها والحيلولة دون اكتشاف ذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى / .... مدنياً بمبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت ، كما ادعى أيضاً / .... مدنياً بمبلغ أربعين ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عمـلاً بالمواد 1/أ ، ب ، د ، 2 ، 14 ، 16 من القانون رقم 80 لسنة 2002 بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال المعدل بالقانونين رقمي 78 لسنة 2003 ، 181 لسنة 2008 أولاً :ــــ بمعاقبته بالسجن لمدة سبع سنوات وبتغريمه أصلياً مبلغ اثنى عشر مليار وثمانمائة وثمانية وخمسون مليون وأربعة وسبعون ألف جنيه وإضافياً مبلغ ستة مليارات وأربعمائة وتسعة وعشرين مليون وسبعة وثلاثين ألف جنيه ، ثانياً :ــ في الدعويين المدنيتين بعدم قبولهما وألزمت رافعيهما مصروفاتهما .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
   من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية غسل الأموال قد شابه التناقض والبطلان ، والقصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأن أسبابه جاءت مجملة وغامضة لا يبين منها ثبوت الواقعة بأركانها القانونية ، ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر القصد الجنائي في حق الطاعن ، ورفض طلبه بوجوب وقف دعوى غسل الأموال حتى يتم الفصل في جريمة المصدر ، ورد على دفاعه في هذا الشأن رداً غير سائغ ويخالف القانون ، كما خالف الحكم المطعون فيه قاعدة عدم رجعية القوانين بمعاقبة الطاعن عن وقائع سابقة على تاريخ صدور قانون غسل الأموال ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله " .... أن المتهم المذكور في خلال الفترة من عام 2003 حتى عام 2011 قام بغسل أموال قيمتها ما يزيد عن ستة مليارات جنيه متحصله من نشاطه الإجرامي في الجريمة الأولية " التربح والاستيلاء على المال العام " موضوع الجناية .... ، والذى يتمثل في استحواذ المتهم بغير حق بمشاركة موظفين عموميين اتفاقاً ومساعدةً تارة وفاعلاً أصلياً بصفته موظفاً عمومياً تارة أخرى على زيادة حصته في أسهم الشركة .... التي تساهم فيها الدولة وتخضع لرقابتها من 3.98 % إلى 20.89 % من خلال قصر حق الأولوية في الاكتتاب في زيادة رأسمال الشركة على نفسه وتخصيصها بالكامل باسم شركته .... دون باقي المساهمين واستغلال نفوذه بصفته رئيس مجلس إدارة شركة .... خلال الفترة من 2003 حتى عام 2005 بعقد جمعية عمومية وتخفيض رأسمال الشركة على خلاف الحقيقة مما نتج عنه أن تصبح حصته مدفوعة بالكامل .... وعلى الرغم من امتناعه عن سداد كامل قيمة مقدم ثمن الأسهم التي استولى عليها ، من علاوة ومصاريف إصدار وعن سداد الغرامة المستحقة عن تأخره في سداد القسطين الأول والثاني من قيمتها في التاريخ المحدد للسداد .... وخلال الفترة المذكورة أيضاً قام من خلال مجموعة شركاته بالاستحواذ على نسبة 29.38 % من أسهم شركة .... للصلب بشرائه أسهم المساهمين القدامى بقيمة أقل من قيمتها الحقيقية فضلاً عن قيامه بتنفيذ عمليات مبادلة بين أسهم شركة .... وأسهم شركته الأصلية تحايلاً على القانون رقم 95 لسنة 1992 المنظم للعمل بسوق رأس المال أثناء فترة الحظر القانوني لتداول الأسهم مما ترتب عليه رفع نسبة تملكه في شركة .... للصلب إلى 50.27 % والتي تربح من خلالها ما يزيد عن ستة مليارات جنيه ، وقد اتبع التفانين والحيل وألبسها رداء المكر والخديعة لتطهير هذا المبلغ وغسله بقصد إخفاء حقيقته وإظهاره وكأنه متولد من عمل مشروع ، فولى وجهه شطر المصارف بالداخل والخارج والتي بدت من خلال عمليات إيداع وسحب وربط ودائع وتحويلات لحسابات خاصة به واستبدالها بعملات وطنية ثم بأخرى أجنبية ، وبإصدار شيكات لشركات مختلفة تعمل في مجال تجارة السيارات والمقاولات والعقارات وتأسيس عدد من الشركات الوهمية بالداخل والخارج والتي لم تمارس أي نشاطاً تجارياً فعلياً وفقاً للغرض من تأسيسها وبدت من القوائم المالية أنها حققت أرباحاً بالملايين .... وإمعاناً منه في إضفاء صفة المشروعية على هذا المال الملوث وحتى يسهل التعامل معه قام بضخ جزء منه في شركات قائمة له بالفعل لزيادة أصولها وتدويرها في أنشطتها التجارية ومزجها بأموال تلك الأنشطة .... وقد تمكن من خلال هذه التصرفات الشيطانية من غسل الأموال المستولى عليها من جريمته الأولية المار بيانها ". لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى ، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو الدفوع الجوهرية أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذى ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويُعجز بالتالي محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى لم يبين الأفعال التي تم بها غسل الأموال ، وتاريخ كل فعل من تلك الأفعال ، وحجم الأموال التي تم غسلها في كل فعل ، والفترة الزمنية التي تم فيها غسل الأموال ، ومقدار كل جزء من المال الذى أخضعه الطاعن لعمليات بنكية معقدة ، وكذلك عمليات الاستبدال والتحويلات المصرفية ، والعقارات والمنقولات التي اشتراها من تلك الأموال ، وكذلك الشركات الوهمية التي تم تأسيسها بالداخل والخارج حصراً ، كما لم يبين نتائج الأفعال التي دان الطاعن بها ، وعلاقة السببية بين تلك الأفعال ونتائجها القانونية ، ولم يبين أفعال الغسل التي تمت داخل جمهورية مصر العربية وتلك التي تمت خارجها ، وعما إذا كانت الأفعال التي تمت في الخارج قد تمت في دول تعاقب على جريمة غسل الأموال من عدمه ، كما أن الحكم اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على الحديث عن الأفعال المادية التي قارفها الطاعن ، وأغفل الحديث عن الركن المعنوي ، كما لم يحدد على وجه الضبط المبالغ محل الجريمة التي ربط لها الشارع عقوبة تعادل مثلي الأموال كغرامة ، كما خلا من بيان ما إذا كان قد صدر في جريمة المصدر حكماً من عدمه الأمر الذى ينبئ عن اختلال فكرة الحكم عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذى يجعلها في حكم الوقائع الثابتة ، الأمر الذى يتعذر معه على محكمة النقض تبين مدى صحة الحكم من فساده . لما كان ذلك ، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 2002 بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال المعدل بالقانونين رقمي 78 لسنة 2003 ، 181 لسنة 2008 تنص على أنه " يحظر غسل الأموال المتحصلة .... والجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثالث والرابع والخامس عشر والسادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات .... إلخ وذلك سواء وقعت جريمة غسل الأموال أو الجرائم المذكورة في الداخل أو الخارج بشرط أن يكون معاقباً عليها في كلا القانونين المصري والأجنبي " ، ونصت المادة الأولى/ب من هذا القانون على أن " معنى غسل الأموال هو: كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال ، أو حيازتها ، أو التصرف فيها ، أو إدارتها ، أو حفظها ، أو استبدالها ، أو إيداعها ، أو ضمانها ، أو استثمارها ، أو نقلها ، أو تحويلها ، أو التلاعب في قيمتها، إذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون مع العلم بذلك ، متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه ، أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال " . لما كـان ذلك ، وكان القصد الجنائي في الجريمة التي دين الطاعن بها يقتضى علم الجاني وقت ارتكاب الجريمة علماً يقينياً بتوافر أركانها ومنها القصد الجنائي ، فإذا ما نازع المتهم في توافر هذا القصد كان لزاماً على المحكمة استظهاره استظهاراً كافياً ، كما أنه من المستقر عليه قضاءً أن جريمة غسل الأموال تستلزم فضلاً عن القصد الجنائي العام قصداً خاصاً وهو نية إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته - على نحو ما سلف بيانه - مما يتعين معه على الحكم استظهاره صراحة وإيراد الدليل على توافره متى كان محل منازعة من الجاني . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد أنكر التهمة المسندة إليه ، ونازع في توافر القصد الجنائي بشقيه - العام والخاص - في حقه ، وكان القدر الذى أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته على سبيل التدليل على توافر أركان جريمة غسل الأموال عموماً ومنها القصد الجنائي في حق الطاعـن لا يكفى لتوافر القصد الجنائي بشقيه في حقه ولا يسوغ الاستدلال به ، إذ اكتفى في ذلك بعبارات عامة مجملة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ولا يتحقق بها الغرض الذى قصده الشارع من استيجاب تسبيبها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بطلب وقف دعوى غسل الأموال لحين صيرورة الحكم الصادر ضد المتهم – الطاعن – بتاريخ 15/9/2011 في القضية .... باتاً ، ولحين صدور حكم في القضية .... وصيرورته باتاً واطرحه ورد عليه بقوله " بأن نص المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى وجب وقف الأولى حتى يتم الفصل في الثانية ويشترط لحق الإيقاف الوجوبي شرطان الأول : أن تكون الخصومة الجنائية المراد وقفها قائمة أمام قضاء الحكم ، وثانيهما : أن توجد خصومة جنائية أخرى لها أسبقية قانونية على الخصومة المراد وقفها ، ويراد بالأسبقية القانونية أن يكون الفصل فيها أمراً أساسياً للفصل في الخصومة موضوع البحث لاتصاله بأحد أركان الجريمة . لما كان ذلك ، وكانت جريمة غسل الأموال جريمة قائمة بذاتها لا ترتبط بجريمة المصدر وجوداً وعدماً بل يكفى في جريمة المصدر أن يتوافر النموذج القانوني للجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من قانون غسل الأموال ولا يشترط فيها حكم بالإدانة أو بالبراءة بل تقوم جريمة غسل الأموال رغم صدور حكم بالبراءة لسبب أو لآخر في جريمة المصدر ، ومن ثم يضحى التربص لحين صدور حكم في الجريمة الأولى - جريمة المصدر - وصيرورته باتاً غير ذي أثر في جريمة غسل الأموال التي نحن بصددها ، ومن ثم يكون طلب وقف هذه الدعوى لحين صدور حكم في الجريمة الأولية لا يصادف صحيح القانون ويتعين الالتفات عنه " وهو رد غير سائغ ويخالف القانون ، فقد نصت المادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 2002 بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال المعدل بالقانونين رقمي 78 لسنة 2003 ، 181 لسنة 2008 على أنه " يحظر غسل الأموال المتحصلة من .... والجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثالث والرابع والخامس عشر والسادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، .... وذلك كله سواء وقعت جريمة غسل الأموال أو الجرائم المذكورة في الداخل أو في الخارج بشرط أن يكون معاقباً عليها في كلا القانونين المصري والأجنبي " ، كما نصت المادة الأولى/ ب من هذا القانون على أن " معنى - غسل الأموال - هو كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون مع العلم بذلك ، متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال " ومفاد هذين النصين في واضح عبارتهما وصريح دلالتهما أن المشرع المصري في قانون مكافحة غسل الأموال لم يبين طريقة إثبات الجريمة " مصدر المال " وكانت تلك الجريمة الأخيرة تعد شرطاً مفترضاً في جريمة غسل الأموال ، وترتبط معها ارتباطاً وثيقاً بل وتدور معها وجوداً وعدماً ، فلا مجال للحديث عن جريمة غسل الأموال ما لم توجد أموال متحصلة من مصدر غير مشروع ويشكل جريمة ، ولذلك يجب إذا لم تكن هناك دعوى جنائية مرفوعة بشأن جريمة المصدر أن تتولى المحكمة التي تنظر جريمة غسل الأموال إثبات جريمة المصدر أولاً ثبوتاً يقينياً لأنها شرطاً مفترضاً في جريمة غسل الأموال أما إذا كانت الدعوى الجنائية قد رفعت بشأن جريمة المصدر فيجب على المحكمة التي تنظر دعوى غسل الأموال أن تتربص حتى يصدر فيها حكماً باتاً ؛ لأن القاعدة أن الحكم الذى يفصل في مسألة أولية تكون له الحجية أمام المحكمة الجنائية حتى ولو مع عدم توافر وحدة الخصوم وفي هذه الحالة - الأخيرة - فيجب وفقًا لنص المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية وقف دعوى غسل الأموال وتتربص المحكمة إلى أن يتم الحكم في جريمة المصدر بحكم بات ؛ لأن القول بمعيار كفاية الدلائل على وقوع جريمة المصدر بمجرد توافر النموذج القانوني هو معيار غير منضبط ويتنافى مع مبدأ الشرعية الجنائية ويؤدى إلى نتائج غير مقبولة ومتناقضة في أحكام القضاء ، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ لم يتربص إلى أن يصدر حكم جنائي بات في جريمة المصدر والقضاء بوقف الدعوى يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يعيب الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المستقر عليه قضاءً أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، والذى من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في بيانه لواقعة الدعوى " أن المتهم - الطاعن - في خلال الفترة من 2003 حتى عام 2011 قام بغسل أموال قيمتها ما يزيد عن ستة مليارات جنيه متحصلة من نشاطه الإجرامي في الجريمة الأولية - التربح والاستيلاء على المال العام - موضوع الجناية .... ثم عاد في معرض تحصيله لمؤدى الأدلة التي صحت لديه على ثبوت الواقعة على الصورة التي اطمأن إليها وعول على ما ثبت للمحكمة من اطلاعها على الصورة الرسمية للدعوى .... - الجريمة الأولية - أنها مقيدة ضد المتهم - الطاعن - .... وآخرين لأنهم في خلال الفترة من سبتمبر عام 1999 حتى عام 2011 اشتركا مع بعض المتهمين موظفين عموميين اتفاقاً ومساعدة في الحصول لنفسه ولغيره بغير حق على ربح " ثم عاد وقضى في منطوقه بتغريم الطاعن أصلياً اثنى عشر مليار وثمانمائة وثمانية وخمسون مليون وأربعة وسبعين ألف جنيه وإضافياً مبلغ ستة مليارات وأربعمائة وتسعة وعشرين مليون وسبعة وثلاثين ألف جنيه عن وقائع في الجريمة الأولية عن الفترة من عام 1999 حتى عام 2011 ، وقضى برفض الدفع بأن الاتهام في قضية غسل الأموال تضمن وقائع لا تخضع لقانون غسل الأموال على سند أن جريمة غسل الأموال جريمة مستمرة تسرى على السلوك الإجرامي المستمر حتى وإن بدأ قبل سريان قانون غسل الأموال . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون سواء أكان هذا الفعل إيجابياً أو سلبياً ارتكاباً أو تركاً ، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهى بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة ، والعبرة في الاستمرار هنا هو تدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ، ولا عبرة بالزمن الذى يسبق هذا العمل في التهيؤ لارتكابه والاستعداد لمقارفته أو بالزمن الذى يليه والذى تستمر آثاره الجنائية في أعقابه وتحديد الطبيعة القانونية لجريمة غسل الأموال وهل هي جريمة وقتية أم جريمة مستمرة يعتمد على تحليل السلوك الإجرامي الذى ارتكبه المتهم في الواقعة المطروحة على المحكمة طبقاً لنص المشرع ، فإذا اتخذ السلوك الإجرامي صورة الإخفاء أو الحيازة أو النقل ، فإن هذه الأفعال لها صفة الاستمرار إذ يستغرق تحققها فترة طويلة من الزمن كما أنها تستلزم تدخل إرادة الجاني طوال فترة الاستمرار ، ومن ثم فهي جريمة مستمرة ، أما إذ اتخذ سلوك المتهم الإجرامي صورة التعامل أو التحويل أو الإيداع فهي أفعال تتم وتنتهى في لحظة واحدة ولا تتطلب تدخلاً لاحقاً من الجاني وبها تتحقق الجريمة ، ومن ثم فهي جريمة وقتية . لما كان ذلك ، وكان السلوك الإجرامي الذى ارتكبه المتهم في الواقعة محل الطعن يتمثل في الإيداع والسحب وربط ودائع وتحويلات واستبدال عملات محلية بعملات أجنبية والعكس وإصدار شيكات وشراء عقارات وسيارات وتأسيس شركات وزيادة أصول شركات قائمة ، ومن ثم فهي أفعال تتم وتنتهى في لحظة واحدة ولا تتطلب تدخلاً لاحقاً من الجاني - الطاعن - ومن ثم فإن جريمة غسل الأموال في الدعوى المطروحة هي جريمة وقتية ولا عبرة في هذا الشأن بالزمن الذى يسبق ارتكاب هذه الأفعال في التهيؤ لارتكابها والاستعداد لمقارفتها ولا عبرة أيضاً بالزمن الذى يلى ارتكابها والذى تستمر آثاره الجنائية في أعقابه لأنها لا تحتاج إلى تدخلاً متتابعاً متجدداً من المتهم - الطاعن - . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد تاريخ الوقائع التي دان الطاعن عنها بأنها خلال الفترة من 2003 حتى 2011 ثم عاد وحاسبه عن وقائع حدثت منذ عام 1999 حتى عام 2011 بما لذلك من أثر في الغرامة الأصلية والإضافية التي قضى بها وتحديد مقدارها تحديداً دقيقاً ورد على دفاعه بأن الاتهام المسند إلى الطاعن تضمن وقائع سابقة على تاريخ سريان قانون غسل الأموال في 23/5/2002 بما يخالف القانون ، فإن ذلك يكشف عن اختلال فكرة الحكم عن عناصر الدعوى وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذى يجعلها في حكم الوقائع الثابتة ، مما يعيب الحكم بالتناقض ويكون الأمر ليس مقصوراً على مجرد خطأ مادى بل يتجاوزه إلى اضطراب ينبئ عن اختلال فكرة الحكم من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة ، مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة ، مما يعيب الحكم بالتخاذل والاضطراب والتناقض . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة ، دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ