الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

الطعن 2485 لسنة 74 ق جلسة 25 / 1 / 2007 مكتب فني 58 ق 14 ص 87

برئاسة السيد القاضي/ حسام الدين الحناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ يحيى الجندي، عاطف الأعصر، إسماعيل عبد السميع نواب رئيس المحكمة ومحمود عطا.
------------
- 1  عمل "صناديق التأمين الخاصة: المزايا المالية للأعضاء: تحديدها".
النظام الأساسي لصناديق التأمين الخاصة. التزامه ببيان التعويضات والمزايا المالية التي يحصل عليها الأعضاء أو المستفيدين منه.
مفاد النص في المادتين 1، 3 من القانون رقم 54 لسنة 1975 - بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة - يدل على أن النظام الأساسي لكل صندوق من صناديق التأمين الخاصة التي يتم إنشائها يتكفل ببيان التعويضات والمزايا المالية التي يحصل عليها الأعضاء أو المستفيدين منه.
- 2  عمل "صناديق التأمين الخاصة: المزايا المالية للأعضاء: تحديدها".
المزايا التأمينية للأعضاء المشتركين بصناديق التأمين الخاصة. حسابها على أساس مدة الاشتراك في الصندوق. استحقاقها.
مفاد النص في الفقرة الأولى من المادة التاسعة الواردة بالباب الثالث الخاص بالمزايا بلائحة الصندوق أن المزايا التأمينية المقررة للأعضاء المشتركين طبقاً لهذه اللائحة تفرق بين الأعضاء الذين تقل مدة اشتراكهم عن خمس سنوات وفي هذه الحالة لا يستحقون سوى إجمالي الاشتراكات المدفوعة وبين الأعضاء الذين مضى على اشتراكهم اشتراكاً فعلياً بالصندوق مدة تزيد على خمس سنوات وفي هذه الحالة يستحق العضو مبلغ تأميني يحسب بواقع أجر 36 شهراً على أساس أجر الاشتراك الأخير على أنه في هذه الحالة الأخيرة يتم تخفيض هذا المبلغ بواقع 10% عن كل سنة متبقية على بلوغ العضو سن الستين. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده قد تقدم بطلب للاشتراك بعضوية الصندوق بتاريخ 1/7/1995 وأنه أحيل إلى المعاش المبكر في 2/10/1999، ومن ثم فإن مدة اشتراكه في الصندوق تقل عن الخمس سنوات وبالتالي فإنه لا يستحق إلا إجمالي الاشتراكات المدفوعة خلال هذه الفترة فقط وهو ما صرفه له الصندوق الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذه النظر وقضى بأحقية المطعون ضده في المزايا التأمينية بواقع 36 شهراً من أجر الاشتراك الأخير استناداً إلى ما أورده الخبير بتقريره من أن الشركة التي كان يعمل بها المطعون ضده كانت تخصم نسبة 3% من الأجر كاشتراك في حافز نهاية الخدمة منذ شهر مارس 1993 وذلك بموجب القرار الصادر منها برقم 6 لسنة 1993، ورتب الخبير على ذلك أن مدة اشتراك المطعون ضده في الصندوق تزيد على خمس سنوات، وقد سايره في ذلك الحكم المطعون فيه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن – صندوق التأمين على العاملين بالشركة ...... للمشروعات الكهربائية – وآخر الدعوى رقم ...... عمال كلي جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما أن يؤديا له مبلغ 21107 جنيهات قيمة حافز نهاية الخدمة ومبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء عدم صرف مستحقاته، وقال بياناً لها إنه كان من العاملين بالشركة وانتهت خدمته بإحالته للمعاش المبكر ولم يصرف له الصندوق سوى مبلغ 1832 جنيهاً وامتنع عن صرف باقي مستحقاته ومقدارها 21107 جنيهات فأقام الدعوى بطلباته سالفة البيان
ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره أحالت الدعوى إلى اللجنة الخماسية للعمال بمحكمة جنوب القاهرة فقيدت بجداولها برقم ...... لسنة 2003 منازعات عمال، وبتاريخ 28/12/2003 قررت اللجنة أولاً: عدم قبول الطلب لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة لمجلس إدارة الشركة، ثانياً: بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 21107.18 جنيهات قيمة حافز نهاية الخدمة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
استأنف الطاعن هذا القرار أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ...... لسنة ق، كما استأنفه المطعون ضده أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم ..... ق، وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئنافين حكمت بتاريخ 18/8/2004 بتأييد القرار المطعون فيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول إنه قضى بتأييد قرار اللجنة بأحقية المطعون ضده في صرف قيمة حافز نهاية الخدمة بواقع 36 شهراً، وأن المطعون ضده قد اشترك في الصندوق اعتباراً من 1/7/1995 وأنه أحيل إلى المعاش المبكر بتاريخ 2/10/1999 بعد أن تم شهر الصندوق بموجب القرار رقم 205 لسنة 1995، ومن ثم فإن مدة اشتراكه تكون أقل من خمس سنوات فلا يستحق إلا إجمالي الاشتراكات المدفوعة عملا بالمادة التاسعة من لائحة الصندوق، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 54 لسنة 1975 بإصدار قانون صناديق التأمين الخاصة على أن "في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بصندوق التأمين الخاص كل نظام أو جمعية أو نقابة أو هيئة أو من أفراد تربطهم مهنة أو عمل واحد أو أية صلة اجتماعية أخرى تتألف بغير رأس المال ويكون الغرض منها وفقاً لنظامه الأساسي أن تؤدي إلى أعضائه أو المستفيدين منه تعويضات أو مزايا مالية أو مرتبات دورية أو معاشات محددة ......" والنص في المادة 3 منه على أن "يجب أن تسجل صناديق التأمين الخاصة بمجرد إنشائها وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون ......" يدل على أن النظام الأساسي لكل صندوق من صناديق التأمين الخاصة التي يتم إنشائها يتكفل ببيان التعويضات والمزايا المالية التي يحصل عليها الأعضاء أو المستفيدين منه. لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة التاسعة الواردة بالباب الثالث الخاص بالمزايا بلائحة الصندوق الطاعن والذي تم تسجيله بالهيئة العامة للرقابة على التأمين تحت رقم 574 بتاريخ 8/8/1995 بموجب قرار الشهر رقم 205 لسنة 1995 على أن "في حالة انتهاء الخدمة بسبب الاستقالة أو النقل بناء على رغبة العضو أو الإحالة إلى المعاش المبكر: 1- في حالة أن تقل مدة الاشتراك الفعلي للعضو بالصندوق عن خمس سنوات يصرف للعضو إجمالي الاشتراكات المدفوعة. 2- في حالة مضي مدة اشتراك فعلي للعضو بالصندوق خمس سنوات فأكثر يصرف للعضو مبلغ تأميني يحسب بواقع أجر 36 شهراً من أجر الاشتراك الأخير ثم يخفض هذا المبلغ بواقع 10% عن كل سنة متبقية على بلوغ العضو سن الستين وبحد أدنى إجمالي اشتراكات المدفوعة" ومفاد ذلك أن المزايا التأمينية المقررة للأعضاء المشتركين طبقاً لهذه اللائحة تفرق بين الأعضاء الذين تقل مدة اشتراكهم عن خمس سنوات وفي هذه الحالة لا يستحقون سوى إجمالي الاشتراكات المدفوعة وبين الأعضاء الذين مضى على اشتراكهم اشتراكاً فعلياً بالصندوق مدة تزيد على خمس سنوات وفي هذه الحالة يستحق العضو مبلغ تأميني يحسب بواقع أجر 36 شهراً على أساس أجر الاشتراك الأخير على أنه في هذه الحالة الأخيرة يتم تخفيض هذا المبلغ بواقع 10% عن كل سنة متبقية على بلوغ العضو سن الستين. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده قد تقدم بطلب للاشتراك بعضوية الصندوق بتاريخ 1/7/1995 وأنه أحيل إلى المعاش المبكر في 2/10/1999، ومن ثم فإن مدة اشتراكه في الصندوق تقل عن الخمس سنوات وبالتالي فإنه لا يستحق إلا إجمالي الاشتراكات المدفوعة خلال هذه الفترة فقط وهو ما صرفه له الصندوق الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر. وقضى بأحقية المطعون ضده في المزايا التأمينية بواقع 36 شهراً من أجر الاشتراك الأخير استناداً إلى ما أورده الخبير بتقريره من أن الشركة التي كان يعمل بها المطعون ضده كانت تخصم نسبة 3% من الأجر كاشتراك في حافز نهاية الخدمة منذ شهر مارس 1993 وذلك بموجب القرار الصادر منها برقم 6 لسنة 1993 ورتب الخبير على ذلك أن مدة اشتراك المطعون ضده في الصندوق تزيد على خمس سنوات وقد سايره في ذلك الحكم المطعون فيه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثاني من أسباب الطعن
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، تعين القضاء في موضوع الاستئنافين رقمي .....، ...... لسنة 121 ق القاهرة بإلغاء القرار المستأنف ورفض الدعوى.

الطعن 810 لسنة 71 ق جلسة 25 / 1 / 2007 مكتب فني 58 ق 13 ص 83

برئاسة السيد القاضي/ محمد محمد طيطة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عبد المنعم عبد الغفار، رمضان أمين اللبودي، أمين محمد طموم نواب رئيس المحكمة ومصطفى ثابت.
----------
- 1  تحكيم "بطلان حكم التحكيم: نطاق البطلان".
اشتمال حكم هيئة التحكيم على مسائل خاضعة للتحكيم وأخرى غير خاضعة له أو تضمن شق منه ما يخالف النظام العام. أثره. بطلان أجزائه المتعلقة بالمسائل غير الخاضعة للتحكيم أو التي خالفت النظام العام وحدها.
مفاد النص في المادة 53 (1)/ و، (2) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم أنه إذا فصل حكم هيئة التحكيم في مسائل خاضعة للتحكيم وأخرى غير خاضعة له أو إذا تضمن ما يخالف النظام العام في بعض أجزائه أو في شق منه وأمكن فصل بعضها عن البعض الآخر، فإن البطلان لا يقع إلا على أجزاء الحكم المتعلقة بالمسائل غير الخاضعة لاتفاق التحكيم وتلك التي خالفت النظام العام وحدها دون باقي أجزاء الحكم.
- 2 تحكيم "بطلان حكم التحكيم: نطاق البطلان".
قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان حكم التحكيم على سند من مخالفته للنظام العام لقضائه بفوائد تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً في المادة 227 مدني. عدم إيراد الحكم مقدار تلك الفائدة ومد البطلان لباقي أجزاء حكم التحكيم رغم إمكان فصل الجزء المتعلق بالبطلان عنه. خطأ وقصور. علة ذلك.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان حكم التحكيم برمته لمخالفته النظام العام في مصر حين قضى بفوائد تزيد عن الحد الأقصى المقرر بالمادة 227 مدني دون أن يبين بمدوناته مقدار فائدة (الليبور + 3%) وما إذا كانت تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً من عدمه حتى يمكن القول بأنها مخالفة للنظام العام في مصر بما يعيبه بالقصور، فضلاً عن أنه مد البطلان إلى باقي أجزاء حكم هيئة التحكيم الأخرى رغم إمكان فصلها عن الأجزاء المقال ببطلانها وهو ما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
-----------
الوقائع
وحيث أن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 15 لسنة 117 ق استئناف القاهرة بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ 21/ 12/ 1999 من هيئة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس في الدعوى رقم ck / 9928 المرفوعة من الطاعنة وآخرين، وقالت بيانا لذلك إن الشركة المطعون ضدها أبرمت مع الممثل القانوني لشركة ........... - ألمانيا كرئيس لاتحاد شركات "..........." والمكون من الشركة الطاعنة وآخرين عقدين لتصميم وتوريد والإشراف على تركيب والتشغيل لمشروع تحويل خطي إنتاج الأسمنت رقمي 3، 4 من الطريقة الرطبة إلى الطريقة شبه الجافة مع إعادة استخدام تراب الأسمنت الناتج عن ذلك، وقد تضمن العقد في البند (22) منه أنه في حالة حدوث خلاف يتم تسويته عن طريق التحكيم طبقا لقواعد التوفيق والتحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس ويطبق بشأنه أحكام القانون المصري، كما تلتزم الأطراف المتعاقدة مع الشركة المطعون ضدها بتقديم خطاب ضمان بقيمة 10% من إجمالي قيمة العقد كتأمين لضمان التنفيذ، إلا أن الشركة الطاعنة والآخرين تراخوا في تنفيذ شروط التعاقد وطالبوا باسترداد قيمة خطابات الضمان المقدمة منهم بمقولة إن صلاحيتها تنتهي بمضي 54 شهرا من دخول العقد حيز التنفيذ، ثم قامت الطاعنة والشركات الأخرى بإقامة دعوى التحكيم المذكورة بطلب إعادة خطابات الضمان مع إلزام الشركة المطعون ضدها - المحتكم ضدها - بمصاريف التحكيم وأتعاب المحاماة. أقامت الشركة المطعون ضدها تحكيما مقابلا أمام ذات هيئة التحكيم بطلب رفض طلبات الطاعنة والآخرين مع إلزامهم بالتعويض لعدم تنفيذ المشروع وتحميلهم بمصاريف التحكيم. بتاريخ 21/ 12/ 1999 أصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمها أولا: بإلزام الشركة المطعون ضدها بإعادة مبلغ 1277263 مارك ألماني قيمة خطاب الضمان لشركة........... - ألمانيا، ومبلغ 420.900 ألف مارك ألماني قيمة خطاب الضمان لشركة ........... - ألمانيا والفوائد محسوبة على أساس فائدة الليبور (فائدة بنوك لندن) بالإضافة إلى 3% عن كل سنة اعتبارا من 7/ 4/ 1998 حتى تمام السداد. ثانيا: إلزام المطعون ضدها بأن تعيد للطاعنة خطابي الضمان بمبلغ 6080100 شلن نمساوي وأن تعيد لشركة ........... - ألمانيا خطاب الضمان بمبلغ 263.755 ألف مارك ألماني، ثالثا: رفض ما عدا ذلك من طلبات المحتكمين، رابعا: رفض جميع طلبات الشركة المطعون ضدها - المحتكم ضدها - في التحكيم المقابل. خامسا: تحمل المطعون ضدها 75% من مصاريف التحكيم والمصاريف القانونية الخاصة بها وكذا المصاريف القانونية للشركة الطاعنة مع تحمل الشركة الطاعنة لنسبة 25% المصاريف سالفة الذكر. بتاريخ 30/ 7/ 2001 حكمت محكمة استئناف القاهرة ببطلان حكم التحكيم سالف الذكر. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها، وأمرت الطاعنة باختصام باقي المحكوم عليهم في حكم هيئة التحكيم.
-----------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ أمين محمد طموم "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، إذ قضى ببطلان حكم التحكيم بطلانا كليا لمخالفته للنظام العام في مصر بما قضى به من إلزام المطعون ضدها بالفوائد محسوبة على أساس سعر الليبور + 3% عن كل سنة اعتبارا من 7/ 4/ 1998 حتى تمام السداد وهو ما يزيد عن الحد الأقصى المقرر قانونا في القانون المصري، في حين أنه لو صح ذلك فإنه يتعين أن يكون البطلان جزئيا فيما جاوز الحد الأقصى قانونا، طالما أمكن فصل سعر الفائدة عن هذا الحكم فالبطلان الذي شابه ينصب على هذا الجزء فقط، بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادة 53 (1) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم على أنه "لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية: (أ)........... (ب)........... (ج)........... (د)........... (هـ)........ (و) إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق. ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها. (2) "وتقضي المحكمة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية". مفاده أنه إذا فصل حكم هيئة التحكيم في مسائل خاضعة للتحكيم وأخرى غير خاضعة له أو إذا تضمن ما يخالف النظام العام في بعض أجزائه أو في شق منه وأمكن فصل بعضها عن البعض الأخر، فإن البطلان لا يقع إلا على أجزاء الحكم المتعلقة بالمسائل الغير خاضعة لاتفاق التحكيم وتلك التي خالفت النظام العام وحدها دون باقي أجزاء الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان حكم التحكيم برمته لمخالفته النظام العام في مصر حين قضى بفوائد تزيد عن الحد الأقصى المقرر بالمادة 227 مدني دون أن يبين بمدوناته مقدار فائدة الليبور + 3% وما إذا كانت تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانونا من عدمه حتى يمكن القول بأنها مخالفة للنظام العام في مصر بما يعيبه بالقصور، فضلا عن أنه مد البطلان إلى باقي أجزاء حكم هيئة التحكيم الأخرى رغم إمكان فصلها عن الأجزاء المقال ببطلانها وهو ما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

قرار وزير الداخلية 156 لسنة 1964 بشأن تنظيم استعمال الأسلحة النارية

الوقائع المصرية العدد 72 بتاريخ 29 / 3 / 1964

بعد الاطلاع على القانون رقم 14 لسنة 1923 في شأن الاجتماعات العامة والمظاهرات في الطريق العمومية،

وعلى القانون رقم 58 لسنة 1937 بإصدار قانون العقوبات والقوانين المعدلة له،
وعلى القانون رقم 296 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون،
وعلى القانون رقم 61 لسنة 1964 بإصدار قانون هيئة الشرطة،
وعلى ما ارتآه مجلس الدولة،
المادة 1

مع عدم الإخلال بحق الدفاع الشرعي عن النفس أو المال، يتعين على أفراد هيئة الشرطة عند استعمال الأسلحة النارية مراعاة القواعد الآتية:

أولاً - في حالة القبض على المحكوم عليه بعقوبة جناية أو بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو متهم بجناية أو متلبس بجنحة يجوز فيها القبض أو متهم صدر أمر بالقبض عليه إذا قاوم أو حاول الهرب:
(1) يوجه إلى المحكوم عليه أو المتهم إنذار شفوي بصوت مسموع باستخدام السلاح الناري إذا لم يكف عن المقاومة أو الهرب.
(2) إذا استحال وصول الإنذار الشفوي إلى سمع المحكوم عليه أو المتهم فيكون إنذاره بإطلاق عيار ناري في الفضاء.
(3) إذا استمر المحكوم عليه أو المتهم في مقاومته أو محاولته الهرب بعد إنذاره بإحدى هاتين الوسيلتين يطلق عليه النار.
ثانياً - عند صد أي هجوم أو أية مقاومة مصحوبين باستعمال القوة يقوم بها المسجونون أو لمنع فرارهم:
(1) تطلق القوة أعيرة نارية في الفضاء كإنذار بالكف عن المقاومة أو محاولة الفرار.
(2) إذا استمر المسجون في المقاومة أو محاولة الفرار بعد هذا الإنذار يطلق المكلفون بحراسته النار عليه.
ثالثاً - في حالة فض التجمهر أو التظاهر الذي يحدث من خمسة أشخاص على الأقل إذا عرض الأمن العام للخطر:
(1) يوجه رئيس القوة إنذار شفويا للمتجمهرين أو المتظاهرين يأمرهم فيه بالتفرق في خلال مدة مناسبة مبينا لهم الطرق التي ينبغي عليه سلوكها في تفرقهم ويحذرهم بأنه سيضطر إلى إطلاق النار عليهم إذا لم يذعنوا لهذا الأمر.
ويراعى أن يكون الإنذار بصوت مسموع أو بوسيلة تكفل وصوله إلى أسماعهم وأن ييسر للمتجمهرين أو المتظاهرين وسائل تفرقهم خلال المدة المحددة لذلك.
(2) إذا امتنع المتجمهرون عن التفرق رغم إنذارهم وانقضاء المدة المحددة لهم في الإنذار تطلق القوة النار عليهم وينبغي أن يكون إطلاق النار متقطعا لإتاحة الفرصة للمتجمهرين للتفرق.
(3) يراعى عند إطلاق النار أن تستخدم أولا البنادق ذات الرش صغير الحجم، فإذا لم تجد في فض التجمهر استخدمت الأسلحة النارية ذات الرصاص، فالأسلحة السريعة الطلقات عند الاقتضاء.
(4) يجب أن يصدر الأمر بإطلاق النار الضابط المسئول فإذا لم يعين من قبل فيصدر هذا الأمر أقدم المكلفين بالخدمة.
المادة 2

على أفراد هيئة الشرطة في جميع الأحوال التزام القواعد الآتية:

(1) أن يكون استخدام الأسلحة النارية بالقدر اللازم لمنع المقاومة أو الهرب أو لتفريق المتجمهرين أو المتظاهرين، وبشرط أن يكون إطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة لذلك.
(2) يجب ألا يلجأ إلى استعمال الأسلحة النارية إلا بعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى كالنصح واستخدام العصى أو الغازات المسيلة للدموع بحسب الأحوال وكلما كان ذلك ممكنا.
(3) ينبغي عند إطلاق النار في الفضاء مراعاة الحيطة التامة حتى لا يصاب أحد الأبرياء - ويجب أن يكون التصويب عند إطلاق النار على الساقين كلما كان ذلك مستطاعا.
المادة 3
ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية، ويعمل به من تاريخ نشره.

عدم دستورية حرمان العاملين من تسوية المؤهل الحاصلين عليه قبل الالتحاق بالوظيفة

الطعن 214 لسنة 32 ق "دستورية" جلسة 1 / 10 / 2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أكتوبر سنة 2016م، الموافق التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 214 لسنة 32 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية لوزارة النقل وملحقاتها بمجلس الدولة بحكمها الصادر بجلسة 24/1/2010 ملف الدعوى رقم 795 لسنة 51 قضائية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن السيد/ ...... كان قد أقام الدعوى رقم 795 لسنة 51 قضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة النقل وملحقاتها بمجلس الدولة ضد الهيئة القومية للبريد، طالبا الحكم بأحقيته في تسوية حالته طبقا للمؤهل الأعلى الذي حصل عليه أثناء الخدمة، وذلك على سند من أنه التحق بالعمل بالهيئة بموجب عقد مؤقت في 6/1/1996 بمؤهل متوسط، وبتاريخ 29/4/1998 تم تعيينه على وظيفة دائمة، بذات درجته، وكان قد حصل على بكالوريوس التجارة من جامعة الأزهر عام 1997 إبان عمله بموجب العقد المؤقت، فتقدم للهيئة طالبا تسوية حالته بمؤهله العالي الذي حصل عليه، طبقا لنص المادة (25) مكررا من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، فقوبل طلبه بالرفض على سند من نص المادة (19) من لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1982، فأقام دعواه رقم 795 لسنة 51 قضائية، أمام المحكمة الإدارية لوزارة النقل وملحقاتها بمجلس الدولة. وإذ تراءى لتلك المحكمة عدم دستورية نص المادة (19) من لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1982، فقد حكمت بجلسة 24/1/2010 بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية ذلك النص
وحيث إن المادة (19) من لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1982 تنص على أنه "في حالة حصول العامل أثناء الخدمة على مؤهل علمي أعلى يتناسب مع أعمال الهيئة واحتياجاتها يجوز تعيينه في وظيفة تتناسب مع مؤهله الجديد بشرط توافر متطلبات شغله لهذه الوظيفة مع استثنائه من شرطي الإعلان والامتحان اللازمين لشغل هذه الوظيفة
ويمنح العامل الذي يعين وفقا لأحكام الفقرة السابقة أول مربوط درجة الوظيفة المعين عليها وعلاوة من علاواتها أو مرتبه السابق مضافا إليه هذه العلاوة أيهما أكبر، وإن تجاوز نهاية درجة الوظيفة المعين عليها
.................". 
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، استنادا إلى أن حكم الإحالة قد أقام أسبابه على مخالفة نص المادة (19) من لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1982، تنص المادة (25) مكررا من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، فمردود:- بأن الرقابة التي تباشرها هذه المحكمة على الشرعية الدستورية، لا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونيين أيا كان موضعهما، وإنما مناطها الفصل فيما يدعى به من مخالفة النصوص القانونية - أيا كانت الجهة التي أقرتها أو أصدرتها - للدستور، ولما كانت المحكمة قد أبانت في حكم الإحالة النص المطلوب الفصل في دستوريته، وما اعتوره من مخالفات دستورية تمثلت في إهداره مبدأ المساواة المقرر دستوريا، ومن ثم يغدو الدفع المبدي من هيئة قضايا الدولة منهار الأساس جديرا بالالتفات عنه
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - مناطها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازما للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة، متى كان ذلك وكان النزاع الموضوعي ينصب على طلب المدعي في الدعوى الموضوعية تسوية حالته بالمؤهل العالي الذي حصل عليه إبان تعيينه بموجب عقد مؤقت بالهيئة القومية للبريد، وذلك بعد تعيينه على وظيفة دائمة بتلك الهيئة، وكان النص المحال هو الحاكم لموضوع النزاع، ويشترط لإعماله أن يكون العامل قد حصل على المؤهل الأعلى أثناء الخدمة، فإن المصلحة الشخصية والمباشرة في الدعوى المعروضة تكون متحققة، ويتحدد نطاقها بنص المادة (19) من لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1982، فيما تضمنه من قصر نطاق تطبيق أحكامه على العاملين بالهيئة الحاصلين أثناء الخدمة على مؤهل علمي أعلى دون العاملين بها الحاصلين على ذلك المؤهل قبل التحاقهم بالخدمة، ولم يتم معاملتهم به وظيفيا
وحيث إن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ أن هذه الرقابة تستهدف أصلا صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه التي تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها الصدارة بين قواعد النظام العام الذي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة، وكان النص المحال ما زال قائما ومعمولا بأحكامه، ومن ثم فإن حسم أمر دستوريته يتم في ضوء أحكام الدستور الحالي الصادر عام 2014
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لكل حق أوضاعا يقتضيها، وآثارا يرتبها، من بينها - في مجال حق العمل - ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها منصفا، وإنسانيا ومواتيا، فلا تنتزع هذه الشروط قسرا من محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل ذاتها، أو تناقض بأثرها ما ينبغي أن يرتبط حقا وعقلا بالشروط الضرورية لأداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها، ومن ثم لا يجوز أن تنفصل الشروط التي يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافا بها عن غايتها، يستوي في ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية
وحيث إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادتين (12، 13) منه تنظيم حق العمل، وكفالة حقوق العمال، إلا أنها لا يجوز لها أن تعطل جوهره، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطنا لإهدار حقوق يملكها، وعلى الأخص تلك التي تتصل بالأوضاع التي ينبغي أن يمارس العمل فيها، وإلا كان ذلك عدوانا منها على حقوق العامل، وإخلالا بأحد التزاماتها الجوهرية التي لا يجوز التسامح فيها، ونكولاً عن الحدود المنطقية التي ينبغي - وفقا للدستور - أن تكون إطارا لحق العمل، واستثارا بتنظيم هذا الحق للحد من مداه
وحيث إن الأصل أن يكون لكل وظيفة حقوقها وواجباتها، فلا تقابل مزاياها بغير مسئولياتها، ولا يكون وصفها وترتيبها منفصلا عن متطلباتها التي تكفل للمرافق التي يديرها عمالها حيويتها واطراد تقدمها، وقابلية تنظيماتها للتعديل وفق أسس علمية قوامها التخطيط المرن وحرية التقدير، فلا تتعثر أعمالها أو تفقد اتصالها ببعض أو تترجها فيما بينها، وشرط ذلك إعداد عمالها علميا وفنيا، فلا يلي شئونها غير القادرين حقا على تصريفها، سواء أكان عملهم ذهنيا أم مهنيا أم يدويا
وحيث إن ما تقدم مؤداه. أن لكل وظيفة تبعاتها، فلا يشغلها إلا من يستحقها على ضوء طبيعة الأعمال التي تدخل فيها، وغاياتها، والمهارة المطلوبة فيها، والمؤهل العلمي والخبرة اللازمة لها، ولا يجوز بالتالي أن يكون التعيين في وظيفة بذاتها أو الترقية منها إلى ما يعلوها، عملا آليا يفتقر إلى الأسس الموضوعية، أو منفصلا عن عوامل الخبرة والجدارة التي يتم على ضوئها اختيار من يتولاها، ولا مجرد تطبيق جامد لمقاييس صماء لا تأخذ في اعتبارها خصائص كل وظيفة ومكانتها، والحد الأدنى للتأهيل لها، وغير ذلك من مقوماتها الموضوعية المحددة تحديدا دقيقا، وعلى تقدير أن تقويم الوظيفة إنما يرتبط بأهميتها الحقيقية
وحيث إن الأصل في الأقدمية الوظيفية أن تكون معبرة عن مدة خدمة فعلية قضاها العامل قائما بأعباء عمله أو وظيفته، وهي بذلك لا تفترض، ولا يجوز حسابها على غير حقيقتها سواء بزيادتها أو إنقاصها، كما أن شروط الترقية إلى الوظائف، وبخاصة الوظائف الفنية أو العليا يجب أن تعبر عن الانحياز إلى الأصلح والأكثر عطاء، حتى لا يعهد بأعمال هذه الوظائف لغير من يؤدونها بحقها، فلا يكونون عبئا عليها يقيدها أو يضعفها، بل يثرونها من خلال خبرة سابقة وجهد خلاق يتفاعل مع مسئولياتها
وحيث إن الدستور في المادة (14) منه جعل الوظيفة العامة حقا لكل مواطن، واعتبرها في الوقت ذاته تكليفا للقائمين بها لخدمة الشعب ورعاية مصالحه، لذلك كان التطوير الدائم لها ولشاغليها، ورفع كفاءتهم العلمية والعملية التزاما قانونيا على الدولة، وواجبا على الموظف، ليغدو التمكين له والتحفيز عليه أحد وسائل الدولة في الوفاء بهذا الالتزام، وفي هذا الإطار أقر المشرع النص المحال، فأجاز تعيين العاملين الحاصلين على مؤهلات أعلى أثناء الخدمة في وظيفة تتناسب مع مؤهلهم وتتوافر لهم متطلبات شغلها، وجعل ذلك من قبيل الملاءمات التي تتمتع بها الجهة الإدارية، وكانت غايته من ذلك هو تشجيع هذه الفئة من العاملين على التزود بالعلم، بما يحقق التطوير في قدراتهم الذهنية والفنية وتنمية مهاراتهم ومواهبهم، وهو ما تعود ثماره على الوظيفة والموظف والمجتمع، ويضمن تحقيق أهداف التعليم التي رصدتها المادة (19) من الدستور وألزمت الدولة بالسعي لتحقيقها، وهذه الغايات جميعها يناقضها ما قرره النص المحال من حجب الميزات التي أتى بها، عن فئة من العاملين الحاصلين على مؤهلات أعلى من تلك التي تتطلبها الوظيفة التي يشغلونها، وذلك قبل الالتحاق بها، ويسعون حثيثا لتحسين أوضاعهم الوظيفية بالالتحاق بالوظائف التي تتناسب مع مؤهلهم الأعلى متى توافرت في شأنهم كافة متطلبات شغلها، كما يناهض تلك الغايات ما قرره النص المحال أيضا من غل يد الجهة الإدارية في تعيين تلك الفئة وفقا لأحكام هذا النص، دون مقتض أو مبرر منطقي، وهو ما يعد انتقاصا من حق العمل الذي كفلته المادة (12) من الدستور، في أحد جوانبه، ويتصادم مع الأسس الدستورية الحاكمة للوظيفة العامة، وأخصها اعتبار الكفاءة والجدارة أساسا لشغلها، لتبقى الوظيفة والموظف دوما قادرين على أداء دورهما في خدمة الشعب والمجتمع ورعاية مصالحه، ومن ثم يكون النص المحال فيما تضمنه من حرمان تلك الفئة من هذا الحق قد وقع مخالفا لنصوص المواد (12، 13، 14، 19) من الدستور
وحيث إن المسلك الذي انتهجه المشرع بالنص المحال، باعتباره الوسيلة التي اختارها لتحقيق الغايات المتقدمة، وقد تضمن حرمان فئة من العاملين بالجهة ذاتها من معاملتهم بالمؤهل الأعلى الحاصلين عليه قبل الالتحاق بالوظيفة، وتسوية أوضاعهم الوظيفية ارتكانا إليه، أسوة بأقرانهم ممن حصلوا على المؤهل الأعلى أثناء الخدمة ويفيدون من أحكام هذا النص، رغم تكافؤ مراكزهم القانونية من حيث كونهم جميعا من العاملين بالجهة ذاتها، يكون غير متصل اتصالا منطقيا بالأهداف والغايات التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، ومتضمنا - من ثم - تمييزا بين هاتين الفئتين من العاملين غير مستند إلى أسس موضوعية تبرره، ومناهضا - من ثم - لمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة التي كفلتها المواد (4، 9، 53) من الدستور، باعتبارها أساسا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية، وحقا شخصيا لكل مواطن، تلتزم الدولة بكفالته والتمكين له، مما يتعين معه القضاء بعدم دستورية هذا النص في حدود النطاق المتقدم
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (19) من لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1982، فيما تضمنه من قصر نطاق تطبيق أحكامه على العاملين بالهيئة الذين يحصلون أثناء الخدمة على مؤهل علمي أعلى دون العاملين بها الحاصلين على ذلك المؤهل قبل التحاقهم بالخدمة، ولم يتم معاملتهم به وظيفيا.

دستورية تقدير مجلس نقابة التجاريين لأتعاب عضو النقابة

الطعن 137 لسنة 32 ق "دستورية" جلسة 1 / 10 / 2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أكتوبر سنة 2016م، الموافق التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 137 لسنة 32 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة مصر الجديدة الجزئية الدائرة (3) مدني جزئي مصر الجديدة بحكمها الصادرة بجلسة 30/6/2009 ملف الدعويين رقمي 463 و464 لسنة 2003 مدني جزئي مصر الجديدة.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أنه سبق للمحاسب/ ...... أن تقدم إلى لجنة تقدير الأتعاب بنقابة التجاريين بطلب إصدار أمر تقدير أتعاب ضد السيد/ ...... بصفته رئيس مجلس إدارة شركة ...... المتحدة لخدمات الشحن الدولي قيد برقم 416/1994، أشار فيه إلى أحقيته في تقاضي مبلغ عشرة آلاف جنيه من الشركة المذكورة كأتعاب عن الأعمال التي قام بأدائها بناء على تكليف من الشركة، وبتاريخ 16/12/1996، أصدرت اللجنة قرارها بتقدير الأتعاب بواقع خمسمائة جنيه عن كل سنة من السنوات من 1979 حتى 1995، وبإجمالي سبع سنوات، وإلزام الشركة بسداد مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه كأتعاب مستحقة للمحاسب المذكور، بالإضافة إلى المصروفات وقدرها خمسمائة جنيه، وإذ لم يرتض كل من الطرفين هذا القرار فقد أقام المحاسب/ ...... الدعوى رقم 429 لسنة 1997 مدني مستأنف أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الشركة طعنا على هذا الأمر، بطلب تعديل القرار فيما قضى به من إلزام الشركة بأداء المبلغ المشار إليه، على سند من أن قيمة الأتعاب التي قدرتها اللجنة لا تتناسب مع الأعمال المسندة إليه من الشركة، وما عاد عليها من نفع نتيجة خبرته، كما أقام السيد/ ...... ضد المحاسب المار ذكره الدعوى رقم 4921 لسنة 1997 مدني كلي أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بإلغاء قرار اللجنة المشار إليه، واعتباره كأن لم يكن، وبراءة ذمة الشركة من المبلغ سالف الذكر، قولا منه: إن المحاسب لم يقم بأي عمل يستحق عنه هذه الأتعاب، وأن اللجنة لم تبين بقرارها الأسس التي بنت عليها هذا التقدير، وبجلسة 26/2/1998، قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيميا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى الدائرة (21) مدني مستأنف شمال القاهرة، ونفاذا لذلك أحيلت الدعوى إلى تلك الدائرة وقيدت أمامها برقم 525 لسنة 1998 مدني مستأنف شمال القاهرة، وبجلسة 22/4/1998، قررت المحكمة ضم الدعوى الأخيرة للدعوى رقم 429 لسنة 1997 مدني مستأنف شمال القاهرة للارتباط، وليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 30/4/2003، قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيميا بنظر الدعويين، وإحالتهما إلى محكمة مصر الجديدة الجزئية، حيث تم قيدهما أمامها برقم 463 و464 لسنة 2003 مدني جزئي مصر الجديدة، وبجلسة 30/6/2009، قضت المحكمة بوقف الدعويين، وإحالتهما إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادتين (48 و49) من القانون رقم 40 لسنة 1972 المشار إليه، وذلك لما ارتأته من مخالفتهما لنصوص المواد (40 و68 و165 و167) من دستور سنة 1971
وحيث إن المادة (48) من القانون رقم 40 لسنة 1972 بإنشاء نقابة التجاريين تنص على أن "يقدر مجلس النقابة أتعاب العضو بناء على طلبه أو طلب الموكل وذلك عند عدم الاتفاق عليها كتابة، وللمجلس أن يشكل لجنة أو أكثر تتألف كل منها من رئيس وأربعة أعضاء من أعضائه للفصل في طلبات التقدير ويكون اجتماعها صحيحا بحضور ثلاثة من أعضائها ويعتبر القرار الصادر في هذا الشأن صادرا من المجلس
ويجب أن تخطر النقابة المطلوب التقدير ضده بصورة من طلب التقدير وبالجلسة التي تحددها اللجنة بكتاب موصى عليه ليحضر أمام المجلس أو لتقديم ملاحظاته كتابة في المدة التي تحددها اللجنة كما يجب إخطار طالب التقدير بالجلسة المحددة لنظر الطلب قبل موعدها بأسبوع على الأقل ولا يجوز رفع الأمر إلى القضاء قبل عرضه على مجلس النقابة
وإذا لم يصدر أمر التقدير خلال ستين يوما من تاريخ تقديم الطلب جاز الالتجاء إلى القضاء ولا يمنع ذلك من اتخاذ الإجراءات التحفظية التي يراها كل طرف ضرورية للمحافظة على حقوقه
وعلى العضو أن يعلن موكله بصورة من أمر التقدير الصادر من مجلس النقابة بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من رئيس المحكمة الابتدائية أو الجزئية التابع لها محل إقامته حسب الأحوال ولا تكون أوامر التقدير نافذة إلا بعد انتهاء ميعاد الطعن فيها
وإذا كان المبلغ المطلوب تقديره لا يجاوز مائتي جنيه كان حق الفصل فيه لمجلس النقابة الفرعية في حدود الأحكام السابقة على أن تبلغ قراراتها إلى مجلس النقابة خلال أسبوعين من تاريخ صدورها
وفي جميع الأحوال تتبع قواعد الإثبات المقررة قانونا عند نظر الطلب
وتنص المادة (49) من هذا القانون على أن "للعضو والموكل الحق في التظلم من أمر التقدير خلال الخمسة عشر يوما التالية لإعلانه بالأمر، وذلك بتكليف خصمه بالحضور أمام المحكمة التي يقيم الأخير بدائرتها كلية كانت أو جزئية حسب قيمة الطلب". 
وحيث إن المصلحة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكان النزاع الموضوعي يدور حول الطعن على قرار لجنة تقدير الأتعاب بنقابة التجاريين، من قبل المحاسب مقدم طلب التقدير والشركة المذكورة، وكذا براءة ذمة الشركة من قيمة الأتعاب التي قررت اللجنة إلزام الشركة بأدائها للمحاسب، ومن ثم فإن المصلحة تكون متحققة في الطعن على نص الفقرة الأولى وعجز الفقرة الثانية من المادة (48) من القانون رقم 40 لسنة 1972 المشار إليه، التي تضمنت القواعد الحاكمة لتقدير أتعاب عضو نقابة التجاريين في حالة الخلاف حولها بين الموكل والعضو، بحسبان القضاء في مدى دستورية هذه الأحكام سيكون ذا أثر وانعكاس على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وبهذا النص وحده يتحدد نطاق الدعوى المعروضة، دون باقي أحكام المادتين (48 و49) من القانون المذكور
وحيث إن حكم الإحالة ينعي على النص المطعون فيه، محددا في النطاق آنف الذكر، مخالفته نصوص المواد (40 و68 و165 و167) من دستور سنة 1971، تأسيسا على أن هذا النص أسند للجنة المشار إليها اختصاصا بالفصل في منازعة ذات طبيعة قضائية رغم كونها ليست هيئة ذات اختصاص قضائي لخلو تشكيلها من العنصر القضائي، وعدم تمتع اللجنة بكيان ذاتي مستقل عن النقابة، وتشكيلها من أعضاء بحكم موقعهم على القمة من تنظيمهم النقابي، ولم يكفل لطرح المنازعة عليها الضمانات الجوهرية للتقاضي، بما يتضمن استلابا لولاية القضاء من قاضيها الطبيعي، فضلا عن إخضاع تقدير أتعاب عضو نقابة التجاريين لنظام إجرائي خاص للفصل فيه، خلافا لنظام التداعي بشأن تحديد أجر الوكيل، دون الاستناد في ذلك إلى مبرر منطقي وأسس موضوعية
وحيث إن من المقرر أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلا صون الدستور المعمول به وحمايته من الخروج على أحكامه، وإن نصوص هذا الدستور تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة، وعلى ذلك فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون فيه الذي طبق على الحالة المعروضة، وما زال قائما ومعمولا بأحكامه، وذلك من خلال الدستور الحالي الصادر بتاريخ 18/1/2014، باعتباره الوثيقة الدستورية الحاكمة للنزاع المطروح
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في كل تنظيم تشريعي أن يكون منطويا على تقسيم أو تصنيف أو تمييز من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض أو عن طريق المزايا أو الحقوق التي يكفلها لفئة دون غيرها، إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع موضوعا محددا عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التي توخاها بالوسائل منطقيا، وليس واهيا بما يخل بالأسس الموضوعية التي يقوم عليها التمييز المبرر دستوريا
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع - في مجال إنفاذ حق التقاضي - غير مقيد بأشكال إجرائية محددة تمتد إلى المنازعات جميعها حتى مع اختلاف موضوعها، ذلك أن التنظيم الإجرائي للخصومة القضائية، لا يمكن أن يعكس أنماطا جامدة موحدة لإطار الفصل فيها، وإلا كان ذلك إغراقا في الشكلية ولو كان عقمها باديا، وانحيازا لتحجر قوالبها وتزمتها ولو كان مصادما لحقائق الأشياء، نافيا ما بين أوضاعها من تغاير، وهو ما يأباه التنظيم الإجرائي للخصومة القضائية، إذ يتعين دوما أن يفاضل المشرع بين صور هذا التنظيم، ليختار منها ما يكون مناسبا لخصائص المنازعات التي يتعلق بها، ومتطلباتها إجرائيا، لتتعدد بالتالي الأشكال التي يقتضيها إنفاذ حق التقاضي، وبما لا إخلال فيه بأبعاده التي كفلها الدستور، وعلى الأخص من زاوية ضماناته الرئيسية التي تمثل إطارا حيويا لصون الحقوق على اختلافها، برد العدوان عنها، على ضوء قواعد قانونية يكون إنصافها حائلا دون تحيفها على أحد
وحيث إن النص المطعون فيه قد خول مجلس النقابة أو لجنة أو أكثر يتولى المجلس تشكيلها، الاختصاص بتقدير أتعاب عضو النقابة، بناء على طلبه أو طلب الموكل، وذلك عند عدم الاتفاق عليها كتابة، ولم يجز الالتجاء إلى القضاء قبل عرض الأمر على المجلس أو اللجنة، ويعد مجلس النقابة أو اللجنة التي يشكلها حين يباشر هذا الاختصاص من قبيل اللجان الفنية التي أولاها المشرع سلطة تقدير الأتعاب بصورة مبدئية، باعتبارها جهة خبرة في مجال إثبات ما تم إنجازه من أعمال وفقا للمواصفات الفنية، والتي يتم على ضوئها تحديد قيمة أتعاب عضو نقابة التجاريين طبقا للاتفاق أو العرف الجاري، وقد قصد المشرع من هذا التنظيم محاولة تسوية هذه المنازعات وحسمها بصورة أولية، فإن تعذر ذلك جاز لأطرافها عرض النزاع على القضاء، وقد كفل النص المطعون فيه ممارسة هذا الحق بقواعد عامة مجردة لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزا بين المخاطبين بأحكامه، كما أن الأهداف التي توخاها المشرع من تقرير هذا النص - على النحو المتقدم ذكره - تتصل اتصالا منطقيا ووثيقا بالتنظيم الذي أتى به، ومن ثم فإن إخضاع الخلاف حول تقدير الأتعاب بين الموكلين وأعضاء نقابة التجاريين لهذا التنظيم يكون مستندا إلى أسس موضوعية تبرره، ليضحى الادعاء بمخالفة النص المطعون فيه لمبدأ المساواة الذي كفلته المادتان (4، 53) من الدستور الحالي في غير محله وغير قائم على أساس سليم
وحيث إن غاية المشرع من التنظيم الذي تضمنه النص المطعون فيه أن يتم حسم المنازعات في تقدير الأتعاب بين الموكلين وأعضاء النقابة على وجه السرعة، وبإجراءات أكثر يسرا تتفق مع طبيعة تلك المنازعات، جاعلا من هذا التنظيم وسيلة أطراف النزاع إلى إنهائه وديا حول الحقوق التي يدعونها، بما قد يغني عن الخصومة القضائية، وإن كان لا يحول دونهما، ومستوجبا ولوج هذا الطريق واستنفاد ميعاد الستين يوما من تاريخ تقديم طلب تقدير الأتعاب، المحدد لإصدار أمر التقدير، كشرط لجواز طلبها قضائيا، دون أن يعد مجلس النقابة أو لجنة تقدير الأتعاب في ذلك جهة قضاء، ولا تندرج قراراتها في عداد الأعمال القضائية، بل أخضع قراراتها للمراجعة القضائية من خلال التظلم من أمر التقدير أمام المحكمة المختصة، بما لا ينال من حق التقاضي، أو ينتقص من استقلال القضاء، اللذين كفلتهما المواد (94 و97 و184) من الدستور
وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أي نص آخر في الدستور، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الدعوى.