الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 21 سبتمبر 2024

الطعن 770 لسنة 44 ق جلسة 2 / 2 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 ق 71 ص 359

جلسة 2 من فبراير سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدي، والدكتور عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري، وصلاح نصار.

---------------

(71)
الطعن رقم 770 لسنة 44 القضائية

(1 - 7) نقض "حالات الطعن". قانون. قوة الأمر المقضي. حكم "تصحيح الأحكام".
(1) الطعن بالنقض. المقصود به مخاصمة الحكم النهائي. حالاته. بيانها على سبيل الحصر في المادتين 248، 249 مرافعات.
(2) جواز الطعن بالنقض في أي حكم انتهائي أيا كانت المحكمة التي أصدرته. م 249 مرافعات. حالة استثنائية. شرطها. صدوره على خلاف حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي.
(3) الأحكام الصادرة من محكمة النقض. باتة قاطعة. عدم جواز الطعن فيها بدعوى مخالفتها لحكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضي. م 262 مرافعات.
(4) جواز تصحيح الأخطاء المادية في الحكم بالرجوع إلى ذات المحكمة التي أصدرته. الأخطاء غير المادية عدم جواز الالتجاء إلى ذات المحكمة لتصحيحها.
(5) الادعاء بوجود تقصير في تشريع المرافعات بشأن الطعن في أحكام محكمة النقض. طلب الطاعن الاستهداء بالمصادر الأخرى للتشريع المشار إليها في المادة الأولى من القانون المدني. لا محل له. علة ذلك.
(6) أحكام محكمة النقض بمنأى عن أي طعن. الاستثناء. قيام سبب من أسبب عدم الصلاحية بأحد قضاتها. ما جرت عليه الدائرة الجنائية بمحكمة النقض من سحب الحكم عند وقوع خطأ مادي في قضائها. لا يجوز مباشرته في الدائرة المدنية. علة ذلك.
(7) الطعن في الحكم الصادر من محكمة النقض بدعوى تضمنه عدولا عن مبادئ قانونية سابقة أو بطلان صحيفة الطعن لعدم التوقيع عليها من محام. لا يندرج ضمن أسباب عدم الصلاحية التي يجوز بسببها الطعن في الحكم.

-----------------
1 - الطعن بالنقض طريق غير عادى لم يجزه القانون للطعن في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بينها بيان حصر في المادتين 248، 249 من قانون المرافعات. وترجع كلها إما إلى مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، أو وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، ويقصد به في واقع الأمر مخاصمة الحكم النهائي الذى يطعن عليه بهذا الطريق، فيتعين أن يلجأ بصدده إلى محكمة مغايرة لتلك التي أصدرته على أن تكون أعلى منها، حددها المشرع أنها محكمة النقض التي تعتبر قمة السلطة القضائية في سلم ترتيب المحاكم.
2 - قصرت المادة 248 من قانون المرافعات الطعن بالنقض أصلا على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في الأحوال التي بينتها، وما قررته المادة 249 من ذات القانون من أجازة الطعن بالنقض استثناء في أي حكم انتهائي - أيا كانت المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع سابق خلاقا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقض يندرج ضمن مخالفة القانون باعتباره مخالفة للقاعدة القانونية المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 ويقصد بها الأحكام الحائزة قوة الأمر المقضي وهي مرتبة يصل إليها الحكم إذا أصبح أثره الملزم نهائيا غير قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن الاعتيادية، وأن ظل قابلا للطعن فيه بطريق غير عادى.
3 - الأحكام التي تصدرها محكمة النقض لا تعد من الأحكام التي تعنيها المادة 249 من قانون المرافعات - اعتبارا - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن محكمة النقض هي خاتمة المطاف وأن أحكامها باتة قاطعة لا تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية، يؤيد ذلك النظر أن المشرع نص في المادة 250 من قانون المرافعات على أن للنائب العام أن يطعن بطريق النقض لمصلحة القانون في الأحكام الانتهائية - أيا كانت المحكمة التي أصدرتها... "وهي ذات العبارة التي يستند إليها الطاعن في المادة 249 آنفة الذكر - مع أن المادة 250 استحدثت نظام الطعن لمصلحة القانون دون أن يفيد منها الخصوم لمواجهة صعوبات تعرض في العمل وتؤدي إلى تعارض أحكام القضاء في المسائل القانونية الواحدة، وأريد بها أن تعرض هذه المسائل على محكمة النقض لتقول فيها كلمتها فتضع حدا لتضارب الأحكام، ولا يتصور بمقتضاها الطعن في أحكام محكمة النقض بالذات، لما كان ذلك وكان النص في المادة 272 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من الطعن" إنما جاء أقصاها عن هذا المعنى، وعن المشرع بإبرازه في كافة القوانين التي صاحبت إنشاء محكمة النقض، وكانت هذه المادة بعمومها وإطلاقها تنصب على كافة الأحكام التي تصدرها محكمة النقض، وتختلف في نطاقها ومجالها وموضوعها عن الأحكام المشار إليها في المادة 249 مرافعات، وكان نصها بهذه المثابة باقيا على عمومه لم يدخله التخصص، بل واطلق عن قرينة تمنح من إرادة تخصيصه، فأن ما يتذرع به الطاعن من إجازة الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة النقض بدعوى مخالفتها الحكم نهائي حائز قوة الأمر المقضي ينطوي على مجاوزة لمراد الشارع.
4 - إذ كان الأصل ألا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء، أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن المقررة في القانون، وكانت المادة 191 من قانون المرافعات قد أجازت استثناء من هذا الأصل - وللتيسير - الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم وقصرته على تصحيح ما عساه أن يقع في منطوق الحكم أو أسبابه من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية، فإن مفهوم مخالفة هذا النص قاطع في أن الأخطاء غير المادية لا يجوز الرجوع فى شأنها إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم، إذ فيه ابتداع لطريق من طرق الطعن لم يأذن به الشارع أو ينظمه القانون.
5 - إذ كانت القوانين المتعلقة بالتنظيم القضائي والمرافعات المدنية وهى المشتملة على الإجراءات والأوضاع التي تلزم مراعاتها عند الالتجاء إلى القضاء وكيفية الفصل في الدعوى وقواعد إصدار الأحكام والطعن فيها وتنفيذها لا شأن لها بجوهر الحقوق الموضوعية ولا بالنصوص القانونية المنظمة لها، وكان المصدر الوحيد لهذه القوانين هو التشريع المتمثل أساسا في مجموعة المرافعات المدنية والتجارية الصادر بها القانون رقم 13 لسنة 1968، التشريعات المكملة دون ما اعتداد بأية مصادر أخرى، فإنه لا محل للحاجة في هذا المجال بما تقضي به المادة الأولى من التقنين المدني من استناد إلى بعض المصادر عند تخلف النص التشريعي، باعتبار القانون الأخير من القوانين الموضوعية المقررة للحقوق التي تبينها وتحدد كيفية نشوئها وطريقة انقضائها، بينما قانون المرافعات يقرر الوسيلة التي بمقتضاها تؤدي هذه الحقوق، بحيث تلزم الشكلية كي يطمئن الأفراد إلى المحافظة على حقوقهم متى اتخذوا الأوضاع التي نص عليها القانون ضمانا لسير القضاء ومنعا من أن يترك الأمر فيه لمطلق التقدير.
6 - لم يخول المشرع حق السحب لمحكمة النقض بصريح نص المادة 147 من قانون المرافعات القائم. والمقابلة للمادة 314 من قانون المرافعات السابق - إلا في حالة قيام سبب من أسباب عدم الصلاحية بأحد قضاتها الذين أصدروا الحكم وأوردت المذكرة الإيضاحية إنه "زيادة في الاطمئنان والتحوط لسمعة القضاء نص على أنه إذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها سحب الحكم وإعادة نظر الطعن وهي استثناء من الأصل العام الذي يجعل أحكام محكمة النقض بمنجى من الطعن"، مما مفاده أن هذه هي الحالة الوحيدة التي يحق فيها للدائرة المدنية بالمحكمة أن ترجع عن قضائها وتسحب فيها. ولئن ذهبت الدائرة الجنائية لمحكمة النقض إلى سحب الأحكام الصادرة فيها إذا وقع فيها خطأ مادي بناء على تظلم المحكوم عليه، فإن القضاء الجنائي يتعلق في صميمه بالأرواح والحريات وللنيابة العامة دور هام فيها باعتبارها الممثلة للمجتمع، بخلاف القضاء المدني الذي تعرض عليه خصومات مرددة بين الأفراد وتتصل بأموالهم، ويدعى كل خصم فيها حقا يناهض حق الآخر، ويوازن القاضي بين دفاع كل منهما ويرجح أحدهما، الأمر الذي يستلزم بطبيعة الحال استقرار المراكز القانونية وعدم قلقلتها، فلا تجوز الحاجة بما درجت عليه الدائرة الجنائية للمحكمة في هذا الخصوص.
7 - إذ كانت أحكام محكمة النقض - طبقا للمستقر في قضاء هذه المحكمة - لا يجوز تعييبها بأي وجه من الوجوه، وهى واجبة الاحترام فيما خلصت إليه أخطأت أم أصابت وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 7/ 5/ 1974 من أنه تضمن العدول عن مبادئ قانونية قررتها أحكام سابقة دون إحالة على الهيئة العامة خلافا لما يقضى به قانون السلطة القضائية أو أن من حقه طلب سحب الحكم لارتكازه أساسا على بطلان صحيفة الطعن تبعا لعدم التوقيع عليها من محام مقرر أمام محكمة النقض لا تندرج ضمن أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها تحديدا وحصرا في المادة 147 من قانون المرافعات فان الطعن يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام ضد الطاعن الدعوى رقم 2807 لسنة 1965 مدنى أمام محكمة القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتخفيض أجرة الشقة استئجاره المبينة بصحيفة الدعوى إلى مبلغ 11 ج و700 مليم من بداية العقد حتى آخر فبراير سنة 1965 وإلى مبلغ 8 ج و500 مليم عن المدة التالية وبرد المبلغ 381 ج و678 مليما قيمة فروق الأجرة، وقال شرحا لدعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 15/ 2/ 1964 استأجر من الطاعن الشقة رقم 11 من العقار رقم 101 بشارع ..... نظير أجرة شهرية مقدارها 23 ج و500 مليم، وإذ تبين له من واقع دفاتر الجرد أن الأجرة التي كان يدفعها المستأجر السابق هي 17 ج و500 مليم وأنه تسرى عليها أحكام القانونين رقم 169 لسنة 1961 ورقم 7 لسنة 1965؛ ورفض الطاعن إجراء التخفيض بموجبهما فقد أقام دعواه وبتاريخ 14/ 4/ 1966 حكمت المحكمة بندب أحد الخبراء لبيان الأجرة الفعلية لشقة النزاع خلال السنة السابقة على العمل بأحكام القانون رقم 55 لسنة 1958 مخفضة بنسبة 20% وفى حالة تعذر ذلك فعليه بيان أجرة المثل، مع مراعاة ما تتمتع به الشقة من مزايا خاصة، وبيان ما يلحقها من تخفيض تطبيقا للقانونين رقمي 169 لسنة 1971 و7 لسنة 1965، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت فحكمت في 25/ 1/ 1968 بتخفيض أجرة شقة النزاع إلى 15 ج و880 مليما اعتبارا من أول مارس 1964 وإلى 12 ج و704 مليمات اعتبارا من أول مارس سنة 1965، وبإلزام الطاعن دفع مبلغ 304 ج و653 مليما استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 282 لسنة 85 ق القاهرة طالبا إلغاءه، وبتاريخ 20/ 4/ 1968 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن المطعون عليه فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 333 لسنة 38 ق. دفع الطاعن ببطلان الطعن تأسيسا على أن التوقيع على تقريره المنسوب إلى محامى الطاعن مزور عليه وسلك سبيل الادعاء بالتزوير، وبتاريخ 7/ 5/ 1974 حكمت محكمة النقض (أولا) برفض الادعاء بالتزوير. (ثانيا) بنقض الحكم المطعون فيه. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض. دفع المطعون عليه بعدم جواز الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بعدم جواز الطعن. عرض الطعن عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليه أن صريح نص المادة 272 من قانون المرافعات قاطع في عدم جواز الطعن في أحكام محكمة النقض مهما كانت الاعتبارات وهى خاتمة المطاف أمام القضاء، مما ينبني عليه أن يكون الطعن الماثل غير جائز.
وحيث إن الطاعن يستند في جواز الطعن بطريق النقض على الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 7/ 5/ 1974 في الطعن رقم 333 لسنة 38 ق على المادة 249 من قانون المرافعات التي تقضي بأن للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي - أيا كانت المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع خلافا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، وإلى أن المشروع قدر لمخالفة قوة الأمر المقضي خطورة خاصة تستدعى استثناءها من قصر الطعن بالنقض على أحكام محكمة الاستئناف وفق المادة 248 السابقة عليها، فجعل الطعن بالنقض جائزا في كل حكم انتهائي أيا كانت المحكمة التي أصدرته حتى ولو كان صادرا من محكمة النقض ذاتها، لا يمنع من ذلك عدم نص المادة 272 من قانون المرافعات على حظر الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق، لأن المنع الوارد بها مقصود به أحكام النقض التي لا مخالفة فيها لقوة الأمر المقضي، لما هو مسلم به في علم الأصول من أن النص العام يحتمل أن يخصص بدليل يبين منه أن مراد الشارع من العام ابتداء هو بعض إقراره أن البعض الآخر يختص يحكم مغاير، وهو ما تستلزمه ضرورة المواءمة عند تحديد نطاق كل من المادتين 249، 272 من قانون المرافعات خاصة وقد وردتا فى تشريع واحد بما لا يمكن معه القول بنسخ أحداها للأخرى. وقد جاء حكم محكمة النقض آنف الذكر مخالفا لحكمين انتهائين صادرين من محكمة الاستئناف بتاريخ 30/ 4/ 1968 و2/ 11/ 1969 فى الاستئنافين رقمي 421، 714 لسنة 85 ق القاهرة، قضيا برفض دعوى تخفيض أجره أقامها مستأجران آخران في ذات العقار المملوك للطاعن وأسساها على نفس الأسانيد التي ساقها المطعون عليه في دعواه، وفصل الحكمان بذلك في مسألة كلية مناطها عدم انطباق التشريع الاستثنائي على العقار بأكمله، ويحاج بها ذلك الأخير أخذا بقاعدة عينية الأجرة حتى ولو اختلف الخصوم. وإذا كانت المادة 191 من قانون المرافعات خولت المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية وسكتت عن تصحيح الأخطاء غير المادية بمقولة اللجوء في صدرها إلى سلوك طرق الطعن المقررة قانونا، وكان هذا التعليل لا يصدق على الأحكام التي تصدر بصفة انتهائية وفى مقدمتها أحكام محكمة النقض، فانه لا يتصور الإبقاء على الأخطاء غير المادية التي تقع في أحكام تلك المحكمة لمجرد عدم تنظيم طريق للطعن فيها أمام هيئة أعلا، بل يعتبر سكوت المشرع عن علاج هذه الحالة قصورا في التشريع يجب على القضاء سده بأعمال المادة الأولى من القانون المدني استهداء بالعرف ورجوعا إلى مبادئ الشريعة الإسلامية والقانون الطبيعي وقواعد العدالة. والعرف قائم في قضاء الدائرة الجزائية لمحكمة النقض التي عهدت إلى سحب أحكامها والرجوع عن قضائها لتصحيح أخطاء شابت أحكامها من غير الأخطاء المادية البحتة. ولئن أطلق على هذا الطريق وصف السحب فهو في الواقع لا يعدو أن يكون إلغاءً للحكم بسبب ما وقع فيه من بطلان، ولا يهم أن يسمى سحبا أو رجوعا أو إلغاء أو تصحيحا أو نقضا طالما يستهدف تدارك ما وقع فيه الحكم من خطأ غير مادى بواسطة ذات المحكمة التي أصدرت الحكم. وقد لجأت الدوائر الجنائية إلى هذا الطريق لتصحيح الأحكام دون سند من نص مباشر عليه فى القانون، وإنما طبقت قواعد العدالة. وقد اقتصرت المادة 272 من قانون المرافعات على تحريم الطعن بطريق النقض فى أحكام محكمة النقض مما يفيد جواز طلب سحبها، وطلب السحب فى الطعن الحالي يرتكز أساسا على مسألة شكلية هي بطلان صحيفة الطعن رقم 333 لسنة 38 لعدم التوقيع عليها من محام مقرر أمام محكمة النقض. بالإضافة إلى أن قضاء المحكمة محل النعي انطوى على مخالفة العديد من المبادئ القانونية التى سبق أن قررتها محكمة النقض ذاتها واستقر عليها قضاؤها على الرغم من أن قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 الصادر فى 5/ 10/ 1972 لا يجيز لها العدول عن هذه المبادئ من تلقاء نفسها ويستوجب عرض الأمر على الهيئة العامة للمواد المدنية التجارية. ويكون الحكم المنعى عليه قد صدر بهذه المثابة من هيئة لم يكن لها ولاية فى إصداره باعتبارها لا تملك العدول منفردة عن مبادئ مقررة سابقة، وهو ما يجيز للطاعن الطعن على ذلك الحكم.
وحيث إن الدفع المبدى فى محله، ذلك أن الطعن بالنقض طريق غير عادى لم يجزه القانون للطعن فى الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بينها بيان حصر فى المادتين 228، 249 من قانون المرافعات، وترجع كلها أما إلى مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله، أو إلى وقوع بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فيه ويقصد به فى واقع الأمر مخاصمة الحكم النهائي الذى يطعن عليه بهذا الطريق، يتعين أن يلجأ فصدده إلى محكمة مغايره لتلك التي أصدرته على أن تكون أعلى منها، حددها المشرع أنها محكمة النقض التي تعتبر قمة السلطة القضائية في سلم ترتيب المحاكم، ولما كانت المادة 248 من قانون المرافعات تقصر الطعن بالنقض أصلا على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في الأحوال التي بينتها، وكان ما قررته المادة 249 من ذات القانون من أجازة الطعن بالنقض استثناء في أي حكم انتهائي - أيا كانت المحكمة التي أصدرته - فصل في نزاع سابق خلافا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، يتدرج ضمن مخالفة القانون باعتباره مخالفة للقاعدة القانونية المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، ويقصد بها الأحكام الحائزة قوة الأمر المقضي، وهي مرتبة يصل إليها الحكم إذا أصبح أثره الملزم نهائيا غير قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن الاعتيادية وأن ظل قابلا للطعن فيه بطريق غير عادى، وكانت الأحكام التي تصدرها محكمة النقض لا تعد من الأحكام التي تعينها المادة 249 المشار إليها اعتبارا - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بأن محكمة النقض هي خاتمة المطاف وأن أحكامها باتة قاطعة لا تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية تؤيد ذلك النظر أن المشرع نص في المادة 250 من قانون المرافعات على أن "للنائب العام أن يطعن بطريق النقض لمصلحة القانون في الأحكام الانتهائية - أيا كانت المحكمة التي أصدرتها - ...." - وهي ذات العبارة التي يستند إليها الطاعن في المادة 249 - آنفة الذكر - مع أن المادة استحدثت نظام الطعن لمصلحة القانون دون أن يفيد منها الخصوم لمواجهة صعوبات تعرض في العمل تؤدي إلى تعارض أحكام القضاء في المسائل القانونية الواحدة، وأريد بها أن تعرض هذه المسائل على محكمة النقض لتقول فيها كلمتها فتضع حدا لتضارب الأحكام، ولا يتصور بمقتضاها الطعن في أحكام محكمة النقض بالذات، وكان النص في المادة 272 "لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن" إنما جاء إفصاحا عن هذا المعنى وعنى المشرع بإبرازه في كافة القوانين التي صاحبت إنشاء محكمة النقض، وكانت هذه المادة بعمومها وإطلاقها تنصب على كافة الأحكام التي تصدرها محكمة النقض، وتختلف في نطاقها ومجالها وموضوعها عن الأحكام المشار إليها في المادة 219 على ما سلف بيانه، وكان نصها بهذه المثابة باقيا على عمومه لم يلحقه التخصص بل وأطلق عن قرينة تمنع من إرادة تخصيص، فان ما يتذرع به الطاعن من إجازة الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة النقض بدعوى مخالفتها لحكم نهائي حائز قوة الأمر المقضي ينطوي على مجاوزة لمراد الشارع. لما كان ذلك وكان الأصل ألا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن المقررة في القانون، وكانت المادة 191 من قانون المرافعات قد أجازت استثناء من هذا الأصل وللتيسير الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم وقصرته على تصحيح ما عساه أن يقع في منطوق الحكم أو أسبابه من أخطاء مادية بحته كتابية أو حسابية، فيكون مفهوم مخالفة هذا النص قاطع فى أن الأخطاء غير المادية لا يجوز الرجوع في شأنها إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم، إذ فيه ابتداع لطريق من طرق الطعن لم يأذن به الشارع أو ينظمه القانون بل أنه قرر واقع الدعوى طالما صار نقض حكم محكمة الاستئناف فان مجال إثارة الدفع بالعينية استنادا إلى حكمين نهائيين سابقين سيجد مجاله الطبيعي أمام محكمة الإحالة. لما كان ما تقدم كانت القوانين المتعلقة بالتنظيم القضائي والمرافعات المدنية وهي المشتملة على الإجراءات والأوضاع التي تلزم مراعاتها عند الالتجاء إلى القضاء وبكيفية الفصل في الدعوى وقواعد إصدار الأحكام والطعن فيها وتنفيذها لا شأن لها بجوهر الحقوق الموضوعية ولا بالنصوص القانونية المنظمة لها، وكان المصدر الوحيد لهذه القوانين هو التشريع المتمثل أساسا في مجموعة المرافعات المدنية والتجارية الصادر بها القانون رقم 13 لسنة 1968 والتشريعات المكملة دون ما اعتداد بأية مصادر أخرى، فأنه لا محل للمحاجة في هذا المجال بما تقتضى به المادة الأولى من التقنين المدني من استناد إلى بعض المصادر عند تخلف النص التشريعي، باعتبار القانون الأخير من القوانين الموضوعية المقررة للحقوق التي تبينتها وتحدد كيفية نشوئها وطريقة انقضائها، بينما قانون المرافعات يقرر الوسيلة التي بمقتضاها تؤدى هذه الحقوق، بحيث تلزم الشكلية كي يطمئن الأفراد إلى المحافظة على حقوقهم متى اتخذوا الأوضاع التي نص عليها القانون ضمانا لسير القضاء ومنعا من أن يترك الأمر فيه لمطلق التقدير ولما كان المشرع لم يخول حق السحب لمحكمة النقض، بصريح نص المادة 147 من قانون المرافعات القائم - والمقابلة للمادة 314 من قانون المرافعات السابق - إلا في حالة قيام سبب من أسباب عدم الصلاحية بأحد قضاتها الذين أصدروا الحكم، وأوردت المذكرة الإيضاحية أنه "زيادة في الاحتياط والتحوط لسمعة القضاء نص على أنه إذا وقع هذا البطلان في حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها سحب الحكم وإعادة نظر الطعن، وهذا استثناء من الأصل العام الذي يجعل أحكام محكمة النقض بمنجى من الطعن" مما مفاده أن هذه هي الحالة الوحيدة التي يحق فيها للدائرة المدنية بالمحكمة أن ترجع عن قضائها وتسحب حكمها ولئن ذهبت الدائرة الجنائية لمحكمة النقض إلى سحب الأحكام الصادرة فيها إذا وقع فيها خطأ مادى بناء على تظلم المحكوم عليه، فإن القضاء الجنائي يتعلق في صميم بالأرواح والحريات وللنيابة العامة دور هام فيها باعتبارها الممثلة للمجتمع بخلاف القضاء المدني الذي تعرض عليه خصومات مرددة بين الأفراد وتتصل بأموالهم ويدعى كل خصم فيها حقا يناهض حق الآخر، ويوازن القاضي بين دفاع كل منهما ويرجح أحدهما، الأمر الذى يستلزم بطبيعة الحال استقرار المراكز القانونية وعدم قلقلتها، فلا تجوز المحاجة بما درجت عليه الدائرة الجنائية للمحكمة في هذا الخصوص. لما كان ما سلف وكانت أحكام محكمة النقض - طبقا للمستقر في قضاء هذه المحكمة - لا يجوز تعييبها بأي وجه من الوجوه، وهى واجبة الاحترام فيما خلصت إليه أخطأت أم أصابت، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 7/ 5/ 1974 من أنه تضمن العدول عن مبادئ قانونية قررتها أحكام سابقة دون إحالة على الهيئة العامة خلافا لما يقضى به قانون السلطة القضائية، أو أن من حقه طلب سحب الحكم لارتكازه أساسا على بطلان صحيفة الطعن تبعا لعدم التوقيع عليها من محام مقرر أمام محكمة النقض لا تندرج ضمن أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها تحديدا وحصرا في المادة 147 من قانون المرافعات، فإن الطعن يكون غير مقبول.

الطعن 23 لسنة 44 ق جلسة 5 / 1 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 أحوال شخصية ق 45 ص 189

جلسة 5 من يناير سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمن عياد، وصلاح نصار، وأحمد صلاح الدين وهدان.

-----------------

(45)
الطعن رقم 23 لسنة 44 ق "أحوال شخصية"

(1، 2، 3) أحوال شخصية "الولاية على المال". أهلية. محكمة الموضوع.
(1) العته. آفة تصيب العقل فتعيبه وتنقص من كماله. لمحكمة الموضوع سلطة تقدير قيام حالة العته. مرجعها في ذلك. خبرة المختصين وشواهد الحال.
(2) عدم التزام محكمة الموضوع بتفنيد كل قرينة مناهضة يدلي بها الخصم. حسبها أن تقيم قضاءها على ما يحمله.
(3) توقيع الحجر للصفة. لا محل لتعليق الحكم به على ثبوت حصول تصرفات تدل على فساد التدبير. كفاية تحقق موجبة بقيام حالة العته.

------------------
1 - العته آفة تصيب العقل فتعيبه وتنقص من كماله، والمرجع في ذلك وعلى ما أوردته المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال - هو خبرة المختصين في الآفات العقلية وشواهد الحال إذ كان ذلك وكان ما يعنى محكمة الولاية على المال وهي بسبيل بحث طلب الحجر هو التحقيق من قيام عارض من عوارض الأهلية يستوجبه، وفي نسبة العته إلى شخص بعينه تنحصر مهمتها فى تمحيص مدى تأثير هذا المرض على أهليته بما لا يمكنه معه من أن يستبين وجه المصلحة فيما يبرمه من تصرفات وفي إدارته لأمواله وفى فهمه للمسائل المالية الخاصة به، وهي في هذا الشأن لها مطلق الحرية في تقدير قيام حالة العته باعتبارها تتعلق بفهم الواقع في الدعوى فلا تخضع في قضائها هذا لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغا.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد خلص استنادا إلى تقرير الطب الشرعي إلى أن الطاعن مصاب بعته يمنعه من ادراك الأمور إدراكا كاملا وصحيحا، فعاب عليه إن هو لم يأخذ أو لم يرد على بعض ما يسوقه الطاعن من قرائن مناهضة إذ ليس على الحكم أن يفند كل قرينة ما دام أنه انتهى إلى قيام حالة العته بدليل يحمل قضاءه، لأن أخذه بهذا الدليل يتضمن الرد المسقط لما يخالفه.
3 - إذ كان الحجر للعته لا يقصد منه توقيع عقوبة على من اعتراه هذا العارض من عوارض الأهلية، وإنما يستهدف المشرع حماية أمواله بأن يدرأ عنه ما قد تؤدي إليه حالته فيصبح عيالا على المجتمع ومن ثم فليس بلازم أن يعلق توقيع الحجر على ثبوت حصول تصرفات للطاعن تدل على فساد التدبير طالما تحقق بموجب الحجر بقيام حالة العته لديه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أنه بتاريخ 3/ 1/ 1973 قدم المطعون عليه الأول إلى نيابة شبين الكوم للأحوال الشخصية طلبا لتوقيع الحجر على جده الطاعن، وقال بيانا للطلب أن الطاعن أصيب بشلل واعتراه مرض عقلي أفقده إدراكه وأنه أصدر توكيلا لحفيده..... فوضع الحفيد يده على أمواله وراح يتصرف في بعضها تصرفات ضارة بالطاعن. حققت النيابة الطلب وقدمته إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية منتهية إلى توقيع الحجر على الطاعن وتعيين ابنته المطعون عليها الثانية قيمة عليه، وقيدت الدعوى برقم 5 ب لسنة 1972 وبتاريخ 8/ 3/ 1972 حكمت المحكمة بندب الطبيب الشرعي للكشف على الطاعن وبيان ما إذا كان مصابا بمرض عقلي ونوعه وأثر ذلك على تصرفاته، وبعد أن قدم الطبيب الشرعي تقريره عادت وحكمت بتاريخ 31/ 10/ 1973 بتوقيع الحجر على الطاعن بالعته وتعيين ابنته المطعون عليها الثانية قيمة عليه. استأنف الطاعن هذا الحكم طالبا إلغاءه والقضاء برفض الدعوى وقيد استئنافه برقم 1 لسنة 7 ق أحوال شخصية مال طنطا "مأمورية شبين الكوم" وبتاريخ 27/ 5/ 1974 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاؤه استنادا إلى تقرير الطبيب الشرعي وحده مع أن هذا التقرير لم يكشف عن مدى تأثير إصابة الطاعن بالشلل وعجزه الشيخوخي على قواه العقلية كما جاء هذا التقرير متضاربا وقاصرا إذ قرر في موضع أن الطاعن فاقد النطق وفى موضع آخر أنه لا يجيب على الأسئلة إلا بالتهتهة وفي موضع ثالث بأنه لا يمكنه أن يجيب على ما يوجه إليه من أسئلة وأرجع التقرير مرض العجز الشيخوخي إلى ارتفاع ضغط الدم مع أنه يعتبر ظاهرة عادية لمن في سن الطاعن ودون أن يورد لما ذكره من أن الطاعن لا يمكنه إدارة أمواله بنفسه، هذا إلى أن هذا الحكم المطعون فيه أغفل بيان الأسباب المسوغة لما انتهى إليه من أن الطاعن مصاب بعته يمنعه من إدراك الأمور بالإضافة إلى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه في حالة عقلية طيبة وأن تقرير طبيبه الأخصائي في الأمراض العقلية أثبت أنه غير مصاب بالعته كما لم ينسب إليه أي تصرف يدل على فساد تدبيره وإذا لم يرد الحكم على هذا الدفاع فإنه يكون مشوبا بالقصور والفساد علاوة على الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أن العته آفة تصيب العقل فتصيبه وتنقص من كماله، والمرجع في ذلك - وعلى ما أوردته المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال - هو خبرة المختصين في الآفات - العقلية وشواهد الحال. ولما كان ما يعنى محكمة الولاية على المال وهى بسبيل بحث طلب الحجر هو التحقق من قيام عارض من عوارض الأهلية يستوجبه، وفى حالة نسبة العته إلى شخص بعينه تنحصر مهمتها في تمحيص مدى تأثير هذا المرض على أهليته بما لا يمكنه معه أن تستبين وجه المصلحة فيما يبرمه من تصرفات وفى إدارته لأمواله وفى فهمه للمسائل المالية الخاصة به، وهي في هذا الشأن لها مطلق الحرية فى تقدير قيام حالة العته باعتبارها تتعلق بفهم الواقع في الدعوى فلا تخضع فى قضائها هذا لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغا. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قيام حالة العته لدى الطاعن بما جاء بتقرير الطب الشرعي، وكان هذا التقرير قد أورد "ووجدنا المذكور (الطاعن) يبلغ من العمر 70 - 75 سنة ومريضا بشلل نصفى أيمن قديم مع فقد النطق ولا يمكنه الإجابة على أي سؤال موجه إليه إلا بالتهتهة ولا يعرف اليوم ولا يمكنه الإجابة على أي سؤال وجه إليه. ولا حظنا أنه سريع التأثر والتهيج ووجدنا النبض 100 في الدقيقة ومنظم وضغط الدم 180/ 100 ويحس بتصلب الشرايين الكعبرية والشريان الصدغي" ثم خلص التقرير فى نتيجة إلى أنه "تبين لنا من مناقشة المطلوب الحجر عليه - الطاعن - والكشف عليه أن عنده شلل نصفى أيمن وعجز شيخوخى عقلى نتيجة ارتفاع بضغط الدم وتصلب للشرايين بالمخ، وهذه الآفة العقلية من المنتظر تفاقمها بمرور الوقت، ومثله لا يمكن إدارة أمواله بنفسه الأمر الذى يستوجب وضعه تحت الرعاية والحجر على تصرفاته مراعاة لحالته وحفظا لأمواله" وكان التقرير على هذا النحو لا يتضمن تناقضا أو قصورا خلافا لادعاء الطاعن، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص استنادا إليه إلى أن الطاعن مصاب بعته يمنعه من إدراك الأمور إدراكا كاملا وصحيحا، فلا يعاب عليه أن هو لم يأخذ أو لم يرد على بعض ما يسوقه الطاعن من قرائن مناقضة، إذ ليس على الحكم أن يفقد كل قرينة ما دام أنه انتهى إلى قيام حالة العته بدليل يحمل قضاءه، لأن أخذه بهذا الدليل يتضمن الرد المسقط لما يخالفه. لما كان ما تقدم وكان الحجر للعته لا يقصد منه توقيع عقوبة على من اعتراه هذا العارض من عوارض الأهلية، وإنما يستهدف المشرع حماية أمواله بأن يدرأ عنه ما قد تؤدي إليه حالته فيصبح عيالا على المجتمع، ومن ثم فليس بلازم أن يعلق توقيع الحجر على ثبوت حصوله تصرفات للطاعن تدل على فساد التدبير طالما تحقق موجب الحجر بقيام حالة العته لديه، ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 499 لسنة 44 ق جلسة 1 /12 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 ق 298 ص 1738

جلسة أول ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، والدكتور عبد الرحمن عباد ومحمد فاروق راتب، وإبراهيم فودة.

----------------

(298)
الطعن رقم 499 لسنة 44 القضائية

حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. مسئولية. تعويض.
حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. مناطها. استبعاد الحكم الجنائي مساهمة المجنى عليه في الخطأ أو تقريره مساهمته فيه. لا حجية له أمام القاضي المدني عند بحث التعويض المستحق للمضرور.

-----------------
مفاد نص المادة (456) من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 102 من قانون الإثبات. إن الحكم الجنائي تقتصر حجيته أمام المحاكم المدنية على المسائل التي كان الفصل فيها ضرورياً لقيامه وهي خطأ المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والضرر، ومن ثم فإن استبعاد الحكم الجنائي مساهمة المجنى عليه في الخطأ أو تقريره مساهمته فيه يعتبر من الأمور الثانوية بالنسبة للحكم بالإدانة ذلك أن تقرير الحكم قيام هذه المساهمة من المجنى عليه ونفيها لا يؤثر إلا في تحديد العقوبة بين حديها الأدنى والأقصى والقاضي غير ملزم ببيان الأسباب التي من أجلها قدر عقوبة معينة طالما أن هذه العقوبة بين الحدين المنصوص عليهما في القانون إذ كان ذلك فإن القاضي المدني يستطيع أن يؤكد دائماً أن الضرر نشأ عن فعل المتم وحده دون غيره وأن يلزمه بدفع كل التعويض المستحق للمجنى عليه حتى ولو كان الحكم الجنائي قد قرر أن المجنى عليه أو الغير قد ساهما في أحداث الضرر كما أن له أن يقرر أن المجني عليه أو الغير قد أسهم في أحداث الضرر رغم نفى الحكم الجنائي ثمة خطأ في جانبه يراعى ذلك في تقدير التعويض أعمالاً للمادة 216 من القانون المدني التي تنص على أنه " يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في أحداث الضرر أو زاد فيه.(1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأول عن نفسها وبصفتها وصية على ابنها القاصر رمزي أقامت الدعوى رقم 144 لسنة 1973 مدنى كلى جنوب القاهرة ضد شركة مصر للتأمين (الطاعنة) وهيئة النقل العام بالقاهرة (المطعون عليها الثانية) للحكم بإلزام المدعى عليها الأولى في مواجهة المدعى عليها الثانية بأن تدفع لها مبلغ ستين ألفا من الجنيهات وقالت بياناً للدعوى أن أحمد عطوه تسبب أثناء قيادته سيارة الأتوبيس رقم 2548 المملوكة للمطعون عليها الثانية في قتل زوجها المرحوم منير رمزي تادرس وتحرر عن الحادث قضية الجنحة رقم 7156 لسنة 1970 الوايلي التي قضى فيها بإدانة المتهم وبإلزامه والمطعون عليها الثانية متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليها الأول مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت وإذ أصاب الأخيرة عن نفسها وبصفتها أضرار مادية وأدبية نتيجة الحادث وكانت السيارة مؤمناً عليها لدى الطاعنة فقد أقامت المدعية الدعوى للحكم بطلباتها، وبتاريخ 10/ 3/ 1973 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة فى مواجهة المطعون عليها الثانية بأن تدفع للمطعون عليها الأولى مبلغ عشرة آلاف من الجنيهات والفوائد بواقع 4% عن المبلغ الذى يقضى به نهائياً، استأنفت والمطعون عليها الأول هذا الحكم طالبة تعديله إلى الحكم بطلباتها وقيد الاستئناف برقم 3212 سنة 90 ق، كما استأنفته الطاعنة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 3262 سنة 90 ق وبتاريخ 11/ 3/ 1974 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها الأولى مبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص ما جاء بالسبب الأول.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها بأن المرحوم ......... مورث المطعون عليها الأولى أسهم بخطئه في وقوع الحادث إلا أن الحكم المطعون فيه لم يناقش هذا الدفاع بقوله إن صدور الحكم الجنائي النهائي بإدانة المتهم يلزم القاضي المدني الذي يمتنع عليه البحث عن أي خطأ آخر يكون قد أسهم في وقوع الحادث في حين أن المادة 216 من القانون المدني تنص على أنه " يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك في أحداث الضرر أو زاد فبه "وهو ما يعيب الحكم بالقصور والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله ذلك أن النص في المادة (456) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها..." وفي المادة 102 من قانون الإثبات على أنه " لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً" مفاده أن الحكم الجنائي تقتصر حجيته أمام المحاكم المدنية على المسائل التي كان الفصل فيها ضرورياً لقيامه وهي خطأ المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والضرر، ومن ثم فإن استبعاد الحكم الجنائي مساهمة المجني عليه في الخطأ أو تقريره مساهمته فيه يعتبر من الأمور الثانوية بالنسبة للحكم بالإدانة ذلك أن تقرير الحكم قيام هذه المساهمة من المجنى عليه ونفيها لا يؤثر إلا فى تحديد العقوبة بين حديها الأدنى والأقصى والقاضي غير ملزم ببيان الأسباب التى من أجلها قدر عقوبة معينة طالما أن هذه العقوبة بين الحدين المنصوص عليهما فى القانون، إذ كان ذلك فإن القاضي المدني يستطيع أن يؤكد دائماً أن الضرر نشأ عن فعل المتم وحده دون غيره وأن يلزمه بدفع كل التعويض المستحق للمجنى عليه حتى ولو كان الحكم الجنائي قد قرر أن المجنى عليه أو الغير قد ساهما في أحداث الضرر كما أن له أن يقرر أن المجنى عليه أو الغير قد أسهم فى أحداث الضرر رغم نفى الحكم الجنائي ثمة خطأ فى جانبه- ليراعى ذلك في تقدير التعويض أعمالاً للمادة 216 من القانون المدني التي تنص على أنه " يجوز للقاضي أن ينقص مقدار التعويض أو ألا يحكم بتعويض ما إذا كان الدائن بخطئه قد اشترك فى أحداث الضرر أو زاد فيه" لما كان ذلك وكانت الطاعنة على ما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه قد نعت على الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه جنوحه إلى المغالاة في تقدير التعويض حين أغفل مشاركة المجنى عليه فى الخطأ المسبب للضرر وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع بقوله "..... ولما كان الثابت من الحكم الجنائي النهائي - وعلى النحو الذى أورده الحكم المستأنف - أن خطأ ما لم يقع من المجنى عليه وأن المتهم تابع المستأنف عليه الثاني هو المسئول مسئولية كاملة بخطئه عن الحادث الذي أودى بحياة المجنى عليه مورث المستأنفين في الاستئناف الأول فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى في الدعوى على أساس أن القاضي المدني يرتبط بما يقرره الحكم الجنائي من نفس نسبة الخطأ للمجنى عليه بما حجبه عن تحقيق دفاع الطاعنة الذى لو ثبت لتغير وجه الرأي في تقدير التعويض بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 7/ 12/ 1976 مجموعة المكتب الفني سنة 27 صـ 1716.

الطلب رقم 4 لسنة 2023 هيئة عامة جلسة 18 / 10 / 2023

باسم الشعب

محكمة النقض

الهيئة العامة للمواد الجنائية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المؤلفة برئاسة السيد القاضي /  حسني عبد اللطيف         رئيس محكمة النقض

وعضوية السادة القضاة

 

عـــــــــــــادل الكناني

 

وحمد عبد اللطيف

 

 

وعاصـــــــــم الغايش

 

ومنصور القـاضي

 

 

ومحمد سامي إبراهيم

 

ومحمد عبد العـال

 

 

وعابـــــــــــد راشــــد

 

و د. علي فرجاني

 

 

ونبيه زهـــــــــــــران

 

ومصطفى حسـان

                               نواب رئيس محكمة النقض

وبحضور المحامي العام لدى محكمة النقض السيد / معتز خليفة .

وأمين السر السيد /  أحمد سيف الدين .        

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر محكمة النقض بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .

في يوم الأربعاء 3 من ربيع الثاني سنة 1445 هـ  الموافق 18 من أكتوبر سنة 2023 م .

أصدرت الحكم الآتي

في الطلب رقم 4 لسنة 2023 هيئة عامة في الطعن المقيد بجدول محكمة جنايات القاهرة منعقدة في غرفة المشورة برقم 14370 لسنة 13 القضائية .

المرفوع من

...........                                                        " طاعن "

ضــد

1- النيابة العامة                                                       

2- .....

3- .......                           " مدعيين بالحق المدني - مطعون ضدهما "

-----------------

" الوقائع "

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم 24790 لسنة 2021 العجوزة والمقيدة برقم 9049 لسنة 2022 جنح مستأنف شمال الجيزة .

بوصف أنه في يوم 28 من يوليو سنة 2019 بدائرة قسم العجوزة ـــــ محافظة الجيزة :-

1- قذف بإحدى الطرق العلنية المجني عليهما / ..... ، و ...... بأن أسند إليهما أمورًا لو صحت لأوجبت عقابهما قانونًا ، واحتقارهما لدى أهل وطنهما
كما قام بسبهما علانية بأن وجه إليهما عبارات تخدش شرفهما واعتبارهما على النحو المبين بالتحقيقات .

وطلبت عقابه بالمواد 171/ 3 ، 4 ، 302 /1 ، 303 /1 ، 306 ، 308 من قانون العقوبات .

ومحكمة جنح العجوزة قضت حضوريًا بجلسة 17 من أبريل سنة 2022 عملًا بالمواد 171 ، 302 ، 303 من قانون العقوبات ، بمعاقبة المتهم أولًا : بتغريمه عشرة آلاف جنيه والمصروفات الجنائية ، ثانيًا : إلزامه أن يؤدي للمدعيين بالحق المدني عشرة آلاف جنيه تعويضًا مدنيًا مؤقتًا ، ورفض الادعاء المدني المقابل المبدى من المتهم ، وألزمته المصروفات المدنية وأتعاب المحاماة خمسين جنيهًا في الدعويين .
فاستأنف المحكوم عليه وقيد استئنافه برقم 9049 لسنة 2022 جنح مستأنف شمال الجيزة .

ومحكمة الجيزة الابتدائية – بهيئة استئنافية - قضت حضوريًا بجلسة 26 من يونيه سنة 2022 بقبول الاستئناف شكلًا وفي الموضوع برفضه ، وتأييد الحكم المستأنف ، وألزمت المتهم المصاريف المدنية والجنائية ومبلغ خمسة وسبعين جنيهًا أتعاب المحاماة .

فطعن المحكوم عليه – بوكيل عنه – في هذا الحكم بطريق النقض في 24 من أغسطس
سنة 2022 ، وقيد طعنه برقم 14370 لسنة 13 قضائية " طعون نقض الجنح " .

وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالنقض في 24 أغسطس سنة 2022 موقع عليها من المحامي/ ..... .

ومحكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة – منعقدة في غرفة مشورة – قررت بجلسة 12 من أغسطس سنة 2023 بإحالة الطعن للهيئة العامة للمواد الجنائية للفصل فيه عملًا بالمادة 36 مكرراً من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل .
-----------------

" الهيئة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة قانونًا.

ومن حيث إن النص في المادة 36 مكرر بند 2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – المستبدلة بالقانون رقم 7 لسنة 2016 – على أن " يكون الطعن في أحكام محكمة الجنح المستأنفة أمام محكمة أو أكثر من محاكم الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة ، منعقدة في غرفة مشورة ، لتفصل بقرار مسبب فيما يفصح من هذه الطعون عن عدم قبوله شكلًا أو موضوعًا ، ولتقرير إحالة الطعون الأخرى لنظرها بالجلسة أمامها وذلك على وجه السرعة ، ولها في هذه الحالة أن تأمر بوقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية إلى حين الفصل في الطعن ، وتسري أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على الطعون التي تختص بنظرها هذه المحاكم . ومع ذلك فإذا رأت المحكمة قبول الطعن وجب عليها إذا كان سبب الطعن يتعلق بالموضوع أن تحدد جلسة تالية لنظر الموضوع وتحكم فيه . وعلى تلك المحاكم الالتزام بالمبادئ القانونية المستقرة المقررة في قضاء محكمة النقض فإذا رأت العدول عن مبدأ قانوني مستقر قررته محكمة النقض وجب عليها أن تحيل الدعوى ، مشفوعة بالأسباب التي ارتأت من أجلها ذلك العدول ، إلى رئيس محكمة النقض لإعمال ما تقضي به المادة رقم ( 4 ) من قانون السلطة القضائية .... " يدل على أن الشارع قصر اختصاص غرفة المشورة بمحكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة على الطعون في أحكام محكمة الجنح المستأنفة ، وأن ما يفصح من هذه الطعون عن عدم قبوله شكلًا أو موضوعًا ، تصدر فيه قرارًا مسببًا بعدم قبوله ، وما عداه تحيله لنظره بالجلسة أمامها ، ولهذه المحكمة وحدها - دون غرفة المشورة – إذا ما رأت العدول عن مبدأ قانوني مستقر قررته محكمة النقض ، أن تحيل الطعن إلى الهيئة العامة ، وقد نص البند رقم " 2 " من المادة 36 مكررًا سالف البيان صراحة على حق محاكم الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة في إحالة الطعون التي لا تفصح عن عدم قبولها شكلًا أو موضوعًا لنظرها بالجلسة أمامها – لتأخذ مسيرتها شأنها شأن الطعون في الأحكام الصادرة في مواد الجنايات – ونص فيه أيضًا على سريان أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على الطعون التي تختص بنظرها هذه المحاكم ، مما مفاده حق محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة في نقض الحكم ونظر موضوعه أو تصحيح الخطأ القانوني والحكم بمقتضى القانون بل وفي رفض الطعن إذا رأت أنه على غير أساس وهو حق أصيل لها لا يجوز حرمانها منه ، والقول بغير ذلك ينطوي على مخالفة لنص المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، ومن ثم فلا يجوز للهيئة العامة أن تحل محل محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة في إحالة الطعن إليها . لما كان ذلك ، وكانت غرفة المشورة قد خالفت هذا النظر وأحالت الطعن مباشرة إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية للفصل فيه ، فإنه يتعين – والحالة هذه – إعادته إليها .

فلهذه الأسباب

قررت الهيئة العامة للمواد الجنائية:

إعادة الطعن إلى محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة منعقدة في غرفة مشورة 

الطعن 584 لسنة 44 ق جلسة 7 /12 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 ق 301 ص 1759

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجورى، وصلاح نصار، ومحمود رمضان، وإبراهيم فراج.

-----------------

(301)
الطعن رقم 584 لسنة 44 القضائية

(1، 2، 3 ) استئناف. إعلان. بطلان. نظام عام.
(1) أوراق المحضرين. بياناتها. خلو صورة الإعلان من بعضها. أثره . بطلان الإعلان علة ذلك. قيام الصورة مقام الأصل بالنسبة للمعلن إليه.
(2) بطلان صحيفة الاستئناف لخلو صورتها من بيان تاريخ الإعلان ووقته واسم المحضر وتوقيعه. لا يزول بحضور المعلن إليه بالجلسة المحددة. علة ذلك. عدم تحقق الغاية من الإجراء .
(3) بطلان الصحيفة الناشئ عن إغفال توقيع المحضر على صورة الإعلان. متعلق بالنظام العام لا يسقط بحضور المعلن إليه ولا بالنزول عنه.

-----------------
1 - مفاد نص المادتين التاسعة والتاسعة عشرة من قانون المرافعات على أن الشارع أوجب أن تشتمل أوراق إعلان الدعاوى والاستئنافات على بيان خاص بتحديد تاريخ ووقت حصول الإعلان وبيان باسم المحضر الذى باشر الإعلان والمحكمة التي يتبعها وتوقيعه على كل من الصورة والأصل، لما كان ذلك وكان من المقرر أن للمعلن إليه أن يتمسك ببطلان الصورة المعلنة ولو خلا أصلها من أسباب البطلان باعتبار أن الصورة بالنسبة إليه تقوم مقام الإعلان، ولا يجوز تكملة النقص الموجود بورقة التكليف بالحضور بدليل غير مستمد من الورقة ذاتها.
2 - إذ كان الثابت من الدعوى أن صورة صحيفة الاستئناف المعلنة للمطعون عليه قد خلت من بيان تاريخ الإعلان ووقت حصوله واسم المحضر الذى باشر الإعلان وتوقيعه فإن الحكم إذ قضى ببطلان هذا الإعلان وبالتالي اعتبار الاستئناف كأن لم يكن تبعاً لعدم إعلان الصحيفة للمطعون عليه إعلاناً صحيحاً خلال الثلاثة الأشهر لإيداعها قلم الكتاب يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يقدح في سداد هذا النظر بثبوت حضور المطعون عليه بالجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف ما دام أن هذا الحضور لا يحقق الغاية من استلزام توافر البيانات المذكورة إذ الغرض من بيان تاريخ الإعلان هو معرفة الوقت الذى تبدأ فيه الآثار التي رتبها القانون على إعلان الورقة والمواعيد التي تسري من وقت الإعلان والغرض من بيان اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها هو التحقيق من أن للشخص الذى قام بإعلان الورقة صفة في مباشرة هذا العمل في حدود اختصاصه، وأما توقيع المحضر فهو الذي يكسب الورقة صفتها الرسمية ولذلك أوجب الشارع توقيعه على أصل الإعلان وصورته، وهذه الأغراض لا ترتبط بما قصد به من استلزام البيانات الأخرى من دعوة المعلن إليهم للحضور إلى مكان محدد في وقت معين، ومن ثم فإن حضور المعلن عليه بالجلسة المعلن إليها لا يصحح البطلان الناشئ عن النقص فى البيانات السالف بيانها، بما لا مجال معه لإعمال نص المادة 114 من قانون المرافعات التي ترتب على حضور المعلن إليه في الجلسة أو إيداعه مذكرة بدفاعه زوال بطلان صحف الدعاوى وإعلانها وبطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو في تاريخ الجلسة.
3 - إغفال البيان الخاص بتوقيع المحضر على صورة الإعلان يعدم ذاتيتها كورقة رسمية فيكون البطلان الناشئ عنه متعلقاً بالنظام العام فلا يسقط بالحضور ولا بالنزول عنه وإنما يكون للخصم أن يحضر الجلسة وأن يتمسك به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 2103 لسنة 1971 مدنى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب فسخ عقد الإيجار المؤرخ 15/ 2/ 1960 وإخلاء الطاعن من العين المؤجرة تأسيسا على عدم وفائه بالأجرة عن المدة من 1/ 11/ 1962 حتى أول ديسمبر سنة 1966 وبتاريخ 23/ 10/ 1972 حكمت المحكمة بإخلاء الطاعن من العين المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 15/ 2/ 1960 استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 4477 لسنة 89 ق القاهرة طالباً إلغاءه، دفع المطعون عليه ببطلان صحيفة الاستئناف واعتبار الاستئناف كأن لم يكن، وبتاريخ 11/ 4/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على سند من أن المطعون عليه لم يعلن بصحيفة الاستئناف إعلاناً صحيحاً خلال الثلاثة الأشهر التالية لإيداعها خلافاً لنص المادة 70 من قانون المرافعات، وأن الإعلان الحاصل خلالها وقع باطلاً تبعاً لخلو الصورة المعلنة من بعض البيانات المنصوص عليها في المادة التاسعة من ذات القانون، وأن حضور المعلن بالجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف لا يزيل هذا البطلان المترتب على ما شاب الإعلان من عيب خلو الصورة المعلنة من بيان تاريخ الإعلان واسم المحضر وتوقيعه لأن الحضور لا يصحح سوى العيوب في البيانات التي يكون الهدف منها حضور المعلن إليه، حالة أن الثابت من أصل صحيفة الاستئناف أن إعلانها استوفى كافة البيانات المنصوص عليها في المادة التاسعة سالفة الذكر، وأنها أعلنت خلال العشرة أيام التالية لإيداعها بقلم الكتاب، وهى ورقة رسمية لها حجيتها ولا يجوز مخالفة ما دون بها إلا عن طريق الادعاء بالتزوير هذا إلى أن شهادة قسم الشرطة تضمنت ما يفيد تسليم المطعون عليه صورة الصحيفة في تاريخ الإعلان الحاصل في 12/ 12/ 1972 بالإضافة إلى أن التطبيق الصحيح للمادتين (20، 114) من قانون المرافعات يوجب ترتيب زوال البطلان في أوراق التكليف بالحضور متى حضر المعلن إليه بالجلسة، المحددة تبعاً لتحقق الغاية من الإجراء بوصول العلم به للمعلن إليه وحضوره بالجلسة وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة التاسعة من قانون المرافعات على أنه " يجب أن تشتمل الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها على البيانات الآتية: 1- تاريخ اليوم والشهر والساعة التي حصل فيها الإعلان 2 - ..... 3 - اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها 4 - ..... 5 - ...... 6 - توقيع المحضر على كل من الأصل والصورة" وفى المادة 19 منه على أنه "يترتب البطلان على عدم مراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها فى المواد (6، 7، 9، 10، 11، 13)" يدل على أن الشارع أوجب أن تشتمل أوراق إعلان الدعاوى والاستئنافات على بيان خاص بتحديد تاريخ ووقت حصول الإعلان وبيان باسم المحضر الذى باشر الإعلان والمحكمة التى يتبعها وتوقيعه على كل من والأصل والصورة، لما كان ذلك وكان من المقرر أن للمعلن إليه أن يتمسك ببطلان الصورة المعلنة ولو خلا أصلها من أسباب البطلان باعتبار أن الصورة بالنسبة إليه تقوم مقام الأصل وذلك دون ما حاجة للادعاء بتزوير أصل الإعلان، ولا يجوز تكملة النقص الموجود بورقة التكليف بالحضور بدليل غير مستمد من الورقة ذاتها لما كان ما تقدم وكان الثابت فى الدعوى أن صورة صحيفة الاستئناف المعلنة للمطعون عليه قد خلت من بيان تاريخ الإعلان وقت حصوله واسم المحضر الذى باشر الإعلان وتوقيعه فإن الحكم إذ قضى ببطلان هذا الإعلان وبالتالي اعتبار الاستئناف كأن لم يكن تبعاً لعدم إعلان الصحيفة للمطعون عليه إعلاناً صحيحاً خلال الثلاثة الأشهر لإيداعها قلم الكتاب يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يقدح في سداد هذا النظر بثبوت حضور المطعون عليه بالجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف ما دام أن هذا الحضور لا يحقق الغاية من استلزام توافر البيانات المذكورة إذ الغرض من بيان تاريخ الإعلان هو معرفة الوقت الذى تبدأ فيه الآثار التي رتبها القانون على إعلان الورقة والمواعيد التى تسرى من وقت الإعلان والغرض من بيان اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها هو التحقيق من أن للشخص الذى قام بإعلان الورقة صفة في مباشرة هذا العمل فى حدود اختصاصه، وأما توقيع المحضر فهو الذى يكسب الورقة صفتها الرسمية ولذلك أوجب الشارع توقيعه على أصل الإعلان وصورته، وهذه الأغراض لا ترتبط بما قصد به من استلزام البيانات الأخرى من دعوة المعلن إليهم للحضور إلى مكان محدد في وقت معين، ومن ثم فإن حضور المعلن عليه بالجلسة المعلن إليها لا يصحح البطلان الناشئ عن النقص في البيانات السالف بيانها، بما لا مجال معه لإعمال نص المادة 114 من قانون المرافعات التي ترتب على حضور المعلن إليه في الجلسة أو إيداعه مذكرة بدفاعه زوال بطلان صحف الدعاوى وإعلانها وبطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو في تاريخ الجلسة، لاسيما وأن إغفال البيان الخاص بتوقيع المحضر على صورة الإعلان يعدم ذاتيتها كورقة رسمية فيكون البطلان الناشئ عنه متعلقاً بالنظام العام فلا يسقط بالحضور ولا بالنزول عنه وإنما يكون للخصم أن يحضر الجلسة وأن يتمسك به، ولما كان ما تقدم فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 917 لسنة 91 ق جلسة 9 / 11 / 2022 مكتب فني 73 ق 78 ص 735

جلسة 9 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / حاتم حميدة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي أحمد عبد القادر ، أحمد أنور الغرباوي ومحمد حمدي متولي نواب رئيس المحكمة وأيمن صالح السباعي .
----------------
(78)
الطعن رقم 917 لسنة 91 القضائية
(1) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
الدفاع المكتوب في مذكرة متمم للشفوي منه أو بديل عنه . حد وأثر ذلك ؟
التفات المحكمة بدرجتيها عن تحقيق أو الرد على دفاع الطاعن الجوهري في خصوص الدعوى أن العينات التي تم ضبطها لمنتج أولي غير معروض بالأسواق . إخلال بحقه في الدفاع . يوجب نقض الحكم .
(2) حماية المستهلك . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
إدانة الطاعن بجريمة عدم وضع البيانات باللغة العربية على السلع التي توجبها المواصفات القياسية المصرية أو اللائحة التنفيذية للقانون بشكل واضح تسهل قراءته رغم ثبوت أن العينات المضبوطة لمنتج أولي غير معروض بالأسواق أو مطروح للبيع . خطأ في تطبيق القانون . يوجب إلغاءه والقضاء ببراءته . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن الدفاع المكتوب في مذكرة هو متمم للدفاع الشفوي المبدى بجلسة المرافعة أو هو بديل عنه إن لم يكن قد أبدي فيها ، ومن ثم يكون للمتهم أن يضمنها ما يشاء من أوجه الدفاع ، بل إن له إذا لم يسبقها دفاع شفوي أن يضمنها ما يعن له من طلبات التحقيق المنتجة في الدعوى والمتعلقة بها . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن الطاعن قدم مذكرة بدفاعه للمحكمة بدرجتيها ضمنها دفاعه بأن العينات التي تم ضبطها وتحريزها لتحليلها ما هي إلا عينات لمنتج أولي (مستحضر فاكهة) في مرحلة التجهيز لإعادة تصنيعه وتصديره ولم تكن لمنتج نهائي مطروح للبيع بالأسواق ، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه لم يعن بتحقيقه أو الرد عليه ، وهو دفاع يعد - في خصوص الدعوى المطروحة - مهماً وجوهرياً يترتب عليه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ، بما ينبغي معه على المحكمة تمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو الرد عليه بما يدفعه ، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه .
2- لما كانت المادة الأولى من القانون رقم ٦٧ لسنة ۲۰۰٦ بشأن حماية المستهلك قد عرفت مصطلح المنتجات : بأنها السلع والخدمات المقدمة من أشخاص القانون العام أو الخاص ، وتشمل السلع المستعملة التي يتم التعاقد عليها من خلال مورد ، وعرفت مصطلح المستهلك بأنه : كل شخص تقدم إليه أحد المنتجات لإشباع احتياجاته الشخصية أو العائلية أو يجري التعامل أو التعاقد معه بهذا الخصوص ، كما عرفت مصطلح المورد بأنه : كل شخص يقوم بتقديم خدمة أو بإنتاج أو استيراد أو توزيع أو عرض أو تداول أو الاتجار في أحد المنتجات أو التعامل عليها ، وذلك بهدف تقديمها إلى المستهلك أو التعاقد أو التعامل معه عليها بأية طريقة من الطرق ، وقد نصت المادة الثالثة من القانون سالف الذكر على أنه : ( على المنتج أو المستورد - بحسب الأحوال - أن يضع باللغة العربية على السلع البيانات التي توجبها المواصفات القياسية المصرية أو أي قانون آخر أو اللائحة التنفيذية لهذا القانون ، وذلك بشكل واضح تسهل قراءته ، وعلى النحو الذي يتحقق به الغرض من وضع تلك البيانات حسب طبيعة كل منتج وطريقة الإعلان عنه أو عرضه أو التعاقد عليه ، وعلى مقدم الخدمة أن يحدد بطريقة واضحة بيانات الخدمة والتي يقدمها وأسعارها ومميزاتها وخصائصها ) ، كما نصت المادة الرابعة والعشرين من القانون المشار إليه على أنه : ( مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر ودون الإخلال بحق المستهلك في التعويض ، يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون المنصوص عليها في المواد 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، 11 ، 18 والفقرة الأخيرة من المادة ۲۳ بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه وفي حالة العود تضاعف الغرامة بحديها ، ويعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري المخالف بذات العقوبة إذا ثبت علمه بالمخالفة وكان إخلاله بالواجبات التي تفرضها عليه تلك الإدارة قد أسهم في وقوع الجريمة .... ) . لما كان ذلك ، وكان يؤخذ من استقراء نصوص القانون رقم ٦٧ لسنة ۲۰۰٦ بشأن حماية المستهلك آنف البيان - الساري على وقائع الدعوى قبل إلغائه بالقانون رقم ۱۸۱ لسنة ۲۰۱٨ - أن الشارع حين نص على تجريم عدم التزام المنتج أو المستورد بحسب الأحوال - بوضع البيانات على السلع أو الخدمات المقدمة للمستهلك التي توجبها المواصفات القياسية المصرية أو اللائحة التنفيذية للقانون باللغة العربية بشكل واضح تسهل قراءته ، إنما قصد أن تكون السلعة أو الخدمة المقدمة معلناً عنها أو أن تكون معدة للتوزيع أو العرض أو التداول أو التعامل عليها أو مطروحة للبيع فعلاً بالأسواق المصرية لجمهور المستهلكين ، وهو الأمر الذي يكتمل معه النموذج الإجرامي المنصوص عليه في المادتين 3 ، ٢٤ من القانون المشار إليه . وإذ كان ذلك ، وكان الاتهام المسند إلى المتهم هو عدم التزامه - بوصفه المدير المسئول عن شركة ( .... ) - بوضع البيانات على السلع التي توجبها المواصفات القياسية المصرية أو اللائحة التنفيذية للقانون باللغة العربية بشكل واضح تسهل قراءته ، وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن العينات التي تم تحريزها عبارة عن ( مستحضر فاكهة ) ضبطت من داخل مصنع الشركة سالفة الذكر - مقر عمل المتهم - كمنتج أولي ، وأنها كانت في مرحلة إعادة التصنيع ، ولم تكن سلعة معروضة بالأسواق المصرية على جمهور المستهلكين أو أنها طرحت للبيع بعد ، وإذ خلت الأوراق من دليل على أن المضبوطات كانت متداولة بالأسواق أو أنها كانت مطروحة للبيع ، الأمر الذي يكون معه الركن المادي للجريمة المثارة بالأوراق منتفياً في حق المتهم ، ويكون الحكم المستأنف إذ قضى بإدانته قد خالف صحيح القانون مما يتعين معه إلغائه والقضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه من اتهام عملاً بنص المادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- لم يضع باللغة العربية على السلع البيانات التي توصي بها المواصفات القياسية المصرية أو أي قانون آخر بشكل واضح يسهل قراءته على نحو يحقق الغرض منه .
وأحالته إلى محكمة جنح .... الجزئية ، وطلبت عقابه طبقاً للمواد 1 ، 3 /1 ، 24 من القانون رقم 67 لسنة 2006 .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة خمسين جنيه لإيقاف التنفيذ مؤقتاً وتغريمه عشرة آلاف جنيه والمصادرة ونشر الحكم في جريدتين يوميتين على نفقته مع إلزامه بالمصاريف الجنائية .
فاستأنف المتهم هذا القضاء ، وقضت محكمة جنح مستأنف .... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى نوعياً وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها نحو إرسالها للمحكمة الاقتصادية المختصة .
وإذ أحيلت الدعوى لمحكمة جنح .... الاقتصادية ، فقضت غيابياً بتغريم المتهم مبلغ عشرين ألف جنيه ونشر الحكم الصادر بالإدانة على نفقته في جريدتي الأهرام والأخبار والمصادرة وألزمته المصاريف الجنائية .
فعارض المتهم ، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وإلزام المتهم المعارض بالمصاريف الجنائية .
فاستأنف المتهم وقيد استئنافه برقم .... ، وإذ إنه أثناء تداول الدعوى بالجلسات قررت محكمة استئناف .... الاقتصادية ضم الاستئنافات في الجنح أرقام .... ، .... ، .... مستأنف .... الاقتصادية إلى الاستئناف الراهن للارتباط وليصدر فيها حكمٌ واحدٌ .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، 3 /1 ، ٢٤ من القانون رقم ٦٧ لسنة ٢٠٠٦ ، مع إعمال المادة ٣٢ من قانون العقوبات ، في الجنحة الضامة والجنح المضمومة معاً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والقضاء فيهم جميعاً بتغريم المتهم مبلغ عشرين ألف جنيه ونشر ملخص الحكم الصادر بالإدانة على نفقته في جريدتي الأهرام والأخبار والمصادرة وإلزامه بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه - بوصفه المدير المسئول عن الشركة المنتجة - بجريمة عدم التزامه بأن يضع باللغة العربية على السلع البيانات التي توجبها المواصفات القياسية المصرية أو اللائحة التنفيذية بشكل واضح يسهل قراءته قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن الطاعن دفع بانتفاء أركان الجريمة حقه في على اعتبار أن العينات التي تم ضبطها وتحريزها لتحليلها ما هي إلا عينات لمنتج أولي ( مستحضر فاكهة ) في مرحلة التجهيز لإعادة تصنيعه وتصديره ولم تكن لمنتج نهائي معروض للبيع بالأسواق ، وقدم المستندات الدالة على ذلك ، إلا أن المحكمة لم تعن بالرد على الدفع ولم تعرض للمستندات المقدمة ، وهو مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن المقرر أن الدفاع المكتوب في مذكرة هو متمم للدفاع الشفوي المبدى بجلسة المرافعة أو هو بديل عنه إن لم يكن قد أبدي فيها ، ومن ثم يكون للمتهم أن يضمنها ما يشاء من أوجه الدفاع ، بل إن له إذا لم يسبقها دفاع شفوي أن يضمنها ما يعن له من طلبات التحقيق المنتجة في الدعوى والمتعلقة بها . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن الطاعن قدم مذكرة بدفاعه للمحكمة بدرجتيها ضمنها دفاعه بأن العينات التي تم ضبطها وتحريزها لتحليلها ما هي إلا عينات لمنتج أولي ( مستحضر فاكهة ) في مرحلة التجهيز لإعادة تصنيعه وتصديره ولم تكن لمنتج نهائي مطروح للبيع بالأسواق ، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه لم يعن بتحقيقه أو الرد عليه ، وهو دفاع يعد - في خصوص الدعوى المطروحة - مهماً وجوهرياً يترتب عليه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ، بما ينبغي معه على المحكمة تمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو الرد عليه بما يدفعه ، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه . لما كان ذلك ، وكانت الدعوى بحالتها هذه صالحة للفصل في موضوعها دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظرها ، فإن هذه المحكمة - محكمة النقض - تعرض لموضوع الدعوى عملاً بحقها المقرر بموجب نص الفقرة الأخيرة من المادة ٣٩ من القانون رقم ٥٧ لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد تعديلها بالقانون رقم ۱۱ لسنة 2017 .
ومن حيث إنه سبق الحكم بقبول الاستئناف شكلاً .
ومن حيث إنه عن الموضوع ، فإن المحكمة تمهد لقضائها بأن المادة الأولى من القانون رقم ٦٧ لسنة ۲۰۰٦ بشأن حماية المستهلك قد عرفت مصطلح المنتجات : بأنها السلع والخدمات المقدمة من أشخاص القانون العام أو الخاص ، وتشمل السلع المستعملة التي يتم التعاقد عليها من خلال مورد ، وعرفت مصطلح المستهلك بأنه : كل شخص تقدم إليه أحد المنتجات لإشباع احتياجاته الشخصية أو العائلية أو يجري التعامل أو التعاقد معه بهذا الخصوص ، كما عرفت مصطلح المورد بأنه : كل شخص يقوم بتقديم خدمة أو بإنتاج أو استيراد أو توزيع أو عرض أو تداول أو الاتجار في أحد المنتجات أو التعامل عليها ، وذلك بهدف تقديمها إلى المستهلك أو التعاقد أو التعامل معه عليها بأية طريقة من الطرق ، وقد نصت المادة الثالثة من القانون سالف الذكر على أنه : ( على المنتج أو المستورد - بحسب الأحوال - أن يضع باللغة العربية على السلع البيانات التي توجبها المواصفات القياسية المصرية أو أي قانون آخر أو اللائحة التنفيذية لهذا القانون ، وذلك بشكل واضح تسهل قراءته ، وعلى النحو الذي يتحقق به الغرض من وضع تلك البيانات حسب طبيعة كل منتج وطريقة الإعلان عنه أو عرضه أو التعاقد عليه ، وعلى مقدم الخدمة أن يحدد بطريقة واضحة بيانات الخدمة والتي يقدمها وأسعارها ومميزاتها وخصائصها ) ، كما نصت المادة الرابعة والعشرين من القانون المشار إليه على أنه : ( مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر ودون الإخلال بحق المستهلك في التعويض ، يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون المنصوص عليها في المواد 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، 11 ، 18 والفقرة الأخيرة من المادة ۲۳ بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه وفي حالة العود تضاعف الغرامة بحديها ، ويعاقب المسئول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري المخالف بذات العقوبة إذا ثبت علمه بالمخالفة وكان إخلاله بالواجبات التي تفرضها عليه تلك الإدارة قد أسهم في وقوع الجريمة .... ) . لما كان ذلك ، وكان يؤخذ من استقراء نصوص القانون رقم ٦٧ لسنة ۲۰۰٦ بشأن حماية المستهلك آنف البيان - الساري على وقائع الدعوى قبل إلغائه بالقانون رقم ۱۸۱ لسنة ۲۰۱٨ - أن الشارع حين نص على تجريم عدم التزام المنتج أو المستورد - بحسب الأحوال - بوضع البيانات على السلع أو الخدمات المقدمة للمستهلك التي توجبها المواصفات القياسية المصرية أو اللائحة التنفيذية للقانون باللغة العربية بشكل واضح تسهل قراءته ، إنما قصد أن تكون السلعة أو الخدمة المقدمة معلناً عنها أو أن تكون معدة للتوزيع أو العرض أو التداول أو التعامل عليها أو مطروحة للبيع فعلاً بالأسواق المصرية لجمهور المستهلكين ، وهو الأمر الذي يكتمل معه النموذج الإجرامي المنصوص عليه في المادتين 3 ، ٢٤ من القانون المشار إليه . وإذ كان ذلك ، وكان الاتهام المسند إلى المتهم هو عدم التزامه - بوصفه المدير المسئول عن شركة ( .... ) - بوضع البيانات على السلع التي توجبها المواصفات القياسية المصرية أو اللائحة التنفيذية للقانون باللغة العربية بشكل واضح تسهل قراءته ، وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن العينات التي تم تحريزها عبارة عن ( مستحضر فاكهة ) ضبطت من داخل مصنع الشركة سالفة الذكر - مقر عمل المتهم - كمنتج أولي ، وأنها كانت في مرحلة إعادة التصنيع ، ولم تكن سلعة معروضة بالأسواق المصرية على جمهور المستهلكين أو أنها طرحت للبيع بعد ، وإذ خلت الأوراق من دليل على أن المضبوطات كانت متداولة بالأسواق أو أنها كانت مطروحة للبيع ، الأمر الذي يكون معه الركن المادي للجريمة المثارة بالأوراق منتفياً في حق المتهم ، ويكون الحكم المستأنف إذ قضى بإدانته قد خالف صحيح القانون مما يتعين معه إلغائه والقضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه من اتهام عملاً بنص المادة 304 /1 من قانون الإجراءات الجنائية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 16539 لسنة 91 ق جلسة 10 / 11 / 2022 مكتب فني 73 ق 80 ص 751

جلسة 10 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / محمد عيد محجوب رئيس محكمة النقض وعضوية السادة القضاة / محمد العكازي ، عبد الله فتحي ، عصام إبراهيم ووليد أبو ليلة نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(80)
الطعن رقم 16539 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وإيراده على ثبوتها في حقها أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) محكمة استئنافية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
للمحكمة الاستئنافية تأييد الحكم المستأنف لأسبابه . بيانها لتلك الأسباب . غير لازم . كفاية الإحالة عليها . علة ذلك ؟
(3) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي .
عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء أو ندب خبير آخر . علة ذلك ؟
مثال .
(4) دعوى مدنية . ضرر .
ليس في القانون ما يمنع أن يكون المضرور من الجريمة شخص آخر غير المجني عليه . حد ذلك ؟
(5) بطلان . إعلان . نظام عام . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور وميعاده ليست من النظام العام . أساس وأثر ذلك؟
مثال .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير الدليل . موكول لمحكمة الموضوع . متى اقتنعت به واطمأنت إليه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي . استفادته من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها .
بحسب الحكم إيراده الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة للمتهم . تعقبه في كل جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) حماية المستهلك . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
إدانة المطعون ضدها بجرائم خداع المجني عليه بشأن الخدمة المتعاقد عليها وعدم إبلاغه ببيان أعمال صيانة وإصلاح المنتج ومدتها وتكلفتها والامتناع عن رد مقابل الخدمة المقدمة التي قد شابها عيب وعدم تنفيذ قرار جهاز حماية المستهلك خلال المدة المحددة وإغفال القضاء برد قيمة الخدمة . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحُكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحُكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنة بها ، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المُقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحُكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحُكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك مُحققاً لحُكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنة في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- من المُقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحُكم المستأنف للأسباب التي بُني عليها ، فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها ، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها ، ومن ثم فإن ما تُثيرهُ الطاعنة في هذا الشأن يكون غير مقبول .
3- من المُقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعهُ إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ؛ لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، ودون أن تلتزم بندب خبير آخر ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ، ما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء بتقرير الخبير المقدم في الدعوى ، فلا يجوز مجادلتها في ذلك ، وكان القانون قد حدد جهة الفصل في مسألة وجود عيب بالسلعة من عدمه ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير جهاز حماية المستهلك من وجود تقصير في عملية الصيانة ، فإنه لا تثريب عليها إن هي عولت على ما انتهى إليه ذلك التقرير ، ويكون منعى الطاعنة في هذا الشأن غير قويم .
4- من المُقرر أنه ليس في القانون ما يمنع أن يكون المضرور من الجريمة شخص غير المجني عليه ؛ ما دام قد ثبُت قيام هذا الضرر وكان ناتجاً عن الجريمة مباشرة ، فإن النعي على الحُكم في هذا الخصوص يكون في غير محله .
5- من المُقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور وميعاده ليست من النظام العام ، فإذا حضر المُتهم بنفسه أو بوكيل عنه ، فليس له أن يتمسك بهذا البطلان ، وإنما له طبقاً لما تنص عليه المادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه وإعطائه ميعاد لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى ، وكان البيّن من مطالعة محاضر جلسات المُحاكمة أمام محكمة أول درجة حضور وكيل الطاعنة ، فإن ما تُثيرهُ الطاعنة في هذا الخصوص يكون في غير محله .
6- من المُقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا مُعقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحُكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنة للجرائم التي دانها بها ، فإن ما تُثيرهُ الطاعنة في هذا الصدد من خلو الأوراق من ثمَّة دليل على إدانتها لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلَّتها ممَّا تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان لا يعيب الحُكم سكوته عن التعرض للمستندات التي قدمتها الطاعنة تدليلاً على نفي الاتهام المُسند إليها ؛ ذلك أنه من المُقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المُتهم ما دام الرد عليها مُستفاداً ضمناً من الحُكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحُكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المُتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما تُثيرهُ الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز معاودة إثارته أمام محكمة النقض .
8- لما كانت المادة 73 من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 تنص على أنه : ( فضلاً عن العقوبات المُقررة في هذا القانون يجب الحُكم على المورد برد قيمة المنتج محل المخالفة للمستهلك في كل حالة يكون للمستهلك الحق في استرداد القيمة ، ما لم يكن قد استردها قبل صدور الحُكم ولا يحول تطبيق الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات دون تطبيق عقوبة الرد المنصوص عليها بالفقرة السابقة ) ، وكانت المادة الأولى من ذات القانون تنص على أنه : ( في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المُبيّن قرين كل منها : 1- .... 4- المنتجات : السلع والخدمات المقدمة من أشخاص القانون العام أو الخاص وتشمل السلع المستعملة التي يتم التعاقد عليها من خلال مورد عدا الخدمات المالية والمصرفية المنظمة بأحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي وقانون تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية 5- المورد : كل شخص يمارس نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً يقدم خدمة للمستهلك أو ينتج سلعة أو يصنعها أو يستوردها أو يصدرها أو يبيعها أو يؤجرها أو يعرضها أو يتداولها أو يوزعها أو يسوقها ، وذلك بهدف تقديمها إلى المستهلك أو التعامل أو التعاقد معه عليها بأي طريقة من الطرق بما في ذلك الوسائل الإلكترونية وغيرها من الوسائل التقنية الحديثة ) ، وكان الحُكم المطعون فيه قد دان المطعون ضدها عن جرائم خداع المجني عليه بشأن الخدمة المتعاقد عليها وعدم إبلاغه ببيان بأعمال الصيانة والإصلاح اللازمة للمنتج ومدة الإصلاح وتكلفته والامتناع عن رد مقابل الخدمة المقدمة حال كونها قد شابها عيب وعدم تنفيذ قرار جهاز حماية المستهلك خلال المدة المحددة ، وأغفل الحُكم عليها برد قيمة الخدمة محل المخالفة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 73 من قانون حماية المستهلك ، ولما كان الثابت من الصورة الرسمية للمفردات المرفقة بملف الطعن أن قيمة هذه الخدمة مبلغ ستين ألف جنيه ، فإنه يتعين نقض الحُكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلزام المطعون ضدها برد هذه القيمة للمجني عليه بالإضافة إلى ما قضى به الحُكم المطعون فيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها :
أولاً : بصفتها مورد - المسئول عن شركة .... للتجهيزات الطبية والتوريدات ومركز خدمة وصيانة السيارات - أتبعت سلوكاً خادعاً بشأن أسعار مُنتجاتها ونوع الخدمة وصفاتها الجوهرية على النحو المُبيّن بالأوراق .
ثانياً : بصفتها السابقة لم تلتزم بإعادة تقديم الخدمة للمستهلك / .... أو تقديم ما يُجبر النقص فيها حال كونها قد شابها عيب ونقص وفقاً لطبيعة الخدمة وشروط التعاقد على النحو المُبيّن بالأوراق .
ثالثاً : بصفتها السابقة لم تلتزم بإبلاغ المستهلك ببيان أعمال الصيانة والإصلاح اللازمة للمنتج محل الشكوى ومدة الإصلاح وتكلفته وذلك على النحو المُبيّن بالأوراق .
رابعاً : بصفتها السابقة لم تلتزم بتعديل الوضع وإزالة المخالفة المنوه عنها بالاتهامات السابقة بأن امتنعت خلال المدة المُقررة قانوناً عن تنفيذ القرار الصادر من جهاز حماية المستهلك بحقها وذلك على النحو المُبيّن بالأوراق .
وأحالته لمحكمة جنح .... الاقتصادية ، وطلبت عقابها بالمواد 1/ 4 ، 5 ، 10 ، 9 /1 بند (7) ، 25 ، 33/ 1 ، 56 / 1 ، 64 ، 65 ، 66 ، 73 ، 74 ، 75 من القانون رقم ١٨١ لسنة ۲۰۱٨ في شأن حماية المستهلك .
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المُتهمة بمبلغ أربعين ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً ، بتغريم المُتهمة / .... مبلغ مائتي ألف جنيه عن الاتهامات جميعاً للارتباط وبنشر الحُكم الصادر بالإدانة على نفقة المحكوم عليها في جريدة الأهرام والمواقع الإلكترونية واسعة الانتشار وألزمتها بأن تؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
فعارضت المحكوم عليها وقضت محكمة جنح .... الاقتصادية بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحُكم المعارض فيه وألزمت المُتهمة المعارضة بالمصاريف الجنائية .
فاستأنفت النيابة العامة والمحكوم عليها هذا القضاء ، ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحُكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المُتهمة خمسين ألف جنيه عما أسند إليها والتأييد فيما عدا ذلك وألزمتها بالمصاريف .
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : عن الطعن المقدم من المحكوم عليها :
حيث إن الطاعنة تنعى على الحُكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم خداع المجني عليه بشأن الخدمة المُتعاقد عليها وعدم إبلاغه ببيان بأعمال الصيانة والإصلاح اللازمة للمنتج ومدة الإصلاح وتكلفته والامتناع عن رد مقابل الخدمة المقدمة حال كونها قد شابها عيب وعدم تنفيذ قرار جهاز حماية المستهلك ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يُبيّن واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانها بها ولم يورد مضمون ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، مُكتفياً بتأييد الحُكم المستأنف لأسبابه ، وعول في قضائه بالإدانة على تقرير جهاز حماية المُستهلك رغم بطلانه لشواهد عددتها ، مُلتفتاً عن طلب الطاعنة بندب خبير آخر في الدعوى ، ولم يعرض لدفوعها بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها من غير ذي صفة ، وبطلان إعلان الدعوى المدنية لمخالفته لأحكام قانون المرافعات ، وخلو الأوراق من ثمة دليل للإدانة ، كما لم يعن بتمحيص ما قدمته من مُستندات تدليلاً على نفي الاتهام في حقها ، مما يعيب الحُكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحُكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحُكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنة بها ، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المُقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحُكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحُكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، كان ذلك مُحققاً لحُكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنة في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحُكم المستأنف للأسباب التي بُني عليها ، فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها ، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها ، ومن ثم فإن ما تُثيرهُ الطاعنة في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعهُ إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ؛ لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، ودون أن تلتزم بندب خبير آخر ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء بتقرير الخبير المقدم في الدعوى ، فلا يجوز مجادلتها في ذلك ، وكان القانون قد حدد جهة الفصل في مسألة وجود عيب بالسلعة من عدمه ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير جهاز حماية المستهلك من وجود تقصير في عملية الصيانة ، فإنه لا تثريب عليها إن هي عولت على ما انتهى إليه ذلك التقرير ، ويكون منعى الطاعنة في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أنه ليس في القانون ما يمنع أن يكون المضرور من الجريمة شخص غير المجني عليه ؛ ما دام قد ثبُت قيام هذا الضرر وكان ناتجاً عن الجريمة مباشرة ، فإن النعي على الحُكم في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور وميعاده ليست من النظام العام ، فإذا حضر المُتهم بنفسه أو بوكيل عنه ، فليس له أن يتمسك بهذا البطلان ، وإنما له طبقاً لما تنص عليه المادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه وإعطائه ميعاد لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى ، وكان البيّن من مطالعة محاضر جلسات المُحاكمة أمام محكمة أول درجة حضور وكيل الطاعنة ، فإن ما تُثيرهُ الطاعنة في هذا الخصوص يكون في غير محله . لم كان ذلك ، وكان من المُقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا مُعقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحُكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنة للجرائم التي دانها بها ، فإن ما تُثيرهُ الطاعنة في هذا الصدد من خلو الأوراق من ثمَّة دليل على إدانتها لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلَّتها ممَّا تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحُكم سكوته عن التعرض للمستندات التي قدمتها الطاعنة تدليلاً على نفي الاتهام المُسند إليها ؛ ذلك أنه من المُقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المُتهم ما دام الرد عليها مُستفاداً ضمناً من الحُكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحُكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المُتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما تُثيرهُ الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز معاودة إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته المُقدم من المحكوم عليها يكون على غير أساس مُتعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة .

ثانياً : عن الطعن المقدم من النيابة العامة :
حيث إن النيابة العامة – الطاعنة - تنعى على الحُكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدها بجرائم خداع المجني عليه بشأن الخدمة المتعاقد عليها وعدم إبلاغه ببيان بأعمال الصيانة والإصلاح اللازمة للمنتج ومدة الإصلاح وتكلفته والامتناع عن رد مقابل الخدمة المقدمة حال كونها قد شابها عيب وعدم تنفيذ قرار جهاز حماية المستهلك قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه أغفل توقيع عقوبة رد قيمة الخدمة محل المخالفة للمستهلك تطبيقاً للمادة 73 من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 ، مما يعيب الحُكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه لما كانت المادة 73 من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 تنص على أنه : ( فضلاً عن العقوبات المُقررة في هذا القانون يجب الحُكم على المورد برد قيمة المنتج محل المخالفة للمستهلك في كل حالة يكون للمستهلك الحق في استرداد القيمة ، ما لم يكن قد استردها قبل صدور الحُكم ولا يحول تطبيق الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات دون تطبيق عقوبة الرد المنصوص عليها بالفقرة السابقة ) ، وكانت المادة الأولى من ذات القانون تنص على أنه : ( في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المُبيّن قرين كل منها : 1- .... 4- المنتجات : السلع والخدمات المقدمة من أشخاص القانون العام أو الخاص وتشمل السلع المستعملة التي يتم التعاقد عليها من خلال مورد عدا الخدمات المالية والمصرفية المنظمة بأحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي وقانون تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية 5- المورد : كل شخص يمارس نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً يقدم خدمة للمستهلك أو ينتج سلعة أو يصنعها أو يستوردها أو يصدرها أو يبيعها أو يؤجرها أو يعرضها أو يتداولها أو يوزعها أو يسوقها ، وذلك بهدف تقديمها إلى المستهلك أو التعامل أو التعاقد معه عليها بأي طريقة من الطرق بما في ذلك الوسائل الإلكترونية وغيرها من الوسائل التقنية الحديثة ) ، وكان الحُكم المطعون فيه قد دان المطعون ضدها عن جرائم خداع المجني عليه بشأن الخدمة المتعاقد عليها وعدم إبلاغه ببيان بأعمال الصيانة والإصلاح اللازمة للمنتج ومدة الإصلاح وتكلفته والامتناع عن رد مقابل الخدمة المقدمة حال كونها قد شابها عيب وعدم تنفيذ قرار جهاز حماية المستهلك خلال المدة المحددة ، وأغفل الحُكم عليها برد قيمة الخدمة محل المخالفة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 73 من قانون حماية المستهلك ، ولما كان الثابت من الصورة الرسمية للمفردات المرفقة بملف الطعن أن قيمة هذه الخدمة مبلغ ستين ألف جنيه ، فإنه يتعين نقض الحُكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلزام المطعون ضدها برد هذه القيمة للمجني عليه بالإضافة إلى ما قضى به الحُكم المطعون فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ