جلسة 7 من أغسطس سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / هادي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رأفت عباس، هشام والي ومحمود إبراهيم نواب رئيس المحكمة ويونس سليم .
------------
(79)
الطعن رقم 10258 لسنة 86 القضائية
(1) إثبات " خبرة " . دفوع " الدفع بانعدام المسئولية الجنائية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة المتهم العقلية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
نعي الطاعن بالتناقض بين نتيجة التقرير الطبي النفسي الشرعي وبين تعريف القانون 71 لسنة 2009 للصحة النفسية والاضطراب النفسي . غير مقبول . علة ذلك ؟
تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية . موضوعي . ما دام سائغاً .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي .
إقامة المحكمة قضاءها على التقرير الطبي النفسي عن حالة المتهم النفـسية وانتهاؤها إلى مسئـوليته عن أفعاله . عدم جواز مصادرتها في عـقيدتها ولا مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض . مطالبتها باتخاذ إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه . غير مقبول .
نعي الطاعن بأن الشذوذ الجنسي مرض نفسي يستوجب امتناع مسئولية صاحبه عن أفعاله . غير مقبول . علة ذلك ؟
(2) قتل عمد . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مثال لتدليل سائغ على توافر نية القتل في جريمة قتل عمد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن من وجود تناقض بين التقرير الطبي النفسي الشرعي وبين تعريف القانون 71 لسنة 2009 للصحة النفسية والاضطراب النفسي لا محل له ، ذلك أن التقرير الطبي النفسي قد انتهى إلى أن الطاعن لا توجد لديه أعراض دالة على وجود اضطراب نفسي أو عقلي في الوقت الحالي ولا وقت ارتكاب الواقعة محل الاتهام ، وأنه قادر على الإدراك والاختيار وسليم الإرادة والتمييز والحكم على الأمور ومعرفة الخطأ والصواب ، مما يجعله مسئولاً عن الاتهام المسند إليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية هي من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره – وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير والنظر في إعادة المأمورية إليه من عدمه سيما والثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إعادة المأمورية للخبير رغم صدور القانون 71 لسنة 2009 . وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على التقرير الطبي النفسي عن حالة المتهم النفـسية وانتهت إلى مسئـوليته عن أفعاله ، فإنه لا يجوز مصادرتها في عـقيدتها ولا مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض ، ولا مطالبتها باتخاذ إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه فإن ما ينعاه الطاعن بشأن ما تقدم يكون غير سديد ، هذا فضلاً عمَّا جاء بمذكرة أسبابه من أن منظمة الصحة العالمية قد رفعت مرض الشذوذ الجنسي بين البالغين من قائمة الأمراض النفسية – التقسيم العاشر – فليس له من بعد التحدي بأن الشذوذ الجنسي مرض نفسي يستوجب امتناع مسئولية صاحبه عن أفعاله .
2- لما كان الحكم قد رد على الدفع بعدم توافر نية القتل في حق الطاعن بما مؤداه : " إن قصد القتل هو أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والدلائل والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص نية القتل موكول للمحكمة التي اطمأنت إلى أن نية القتل قامت في نفس المتهم وتوافرت في حقه من حاصل ما طرحته من ظروف الدعوى المتمثلة في أن المتهم حال محاولة المجني عليه موالاة مواقعته جنسياً لواطاً – كما اعتاد ذلك – رفض ممارسة الفجور وعندما هَمَّ به المجني عليه زيَّن له الشيطان قتل المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كان يخفيه بين طيات ملابسه وسدد له عدة طعنات نافذة بالصدر والبطن وذبحية بالرقبة ولم يتركه إلا وقد أيقن وفاته قاصداً من كل تلك الطعنات والذبح العنقي إزهاق روحه وتستخلص المحكمة من جماع ما تقدم إلى أن قصد القتل ونية إزهاق الروح متوافرين في الواقعة متحققين في الجريمة ثابتين في حق المتهم " وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً وكافياً في التدليل على ثبوت نية القتل في حق الطاعن ، فإن ما ينعاه في هذا الصدد يكون غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- قتل المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار ، بأن بيت النية وعقد العزم على قتله ، وأعد لهذا الغرض سلاحاً أبيض " مطواة قرن غزال " قاصداً مسكنه ، وما إن ظفر به حتى سدد له عدة طعنات من السلاح حوزته سالف الذكر بمناطق مختلفة من جسده قاصداً من ذلك قتله ، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات .
2- أحرز سلاحاً أبيض " مطواة قرن غزال " دون مسوغ قانوني من ضرورة مهنية أو حرفية على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصـــف الواردين بأمـر الإحالة .
وادعى ورثة المجني عليه قبل المتهم مدنياً على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234 /1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل ، والبند رقم "5" من الجدول رقم "1" الملحق ، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المؤبد عما أسند إليه وإلزامه بالمصاريف الجنائية وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة ، وذلك بعد أن عدلت المحكمة وصف الاتهام المنسوب إلى الطاعن بجعله :
1ــــ قتل المجني عليه / .... عمداً ، بأن توجه إليه قاصداً مسكنه ، وبمحاولة المجني عليه موالاة مواقعة المتهم جنسياً لواطاً كما اعتاد أبى ، واستل سلاحاً أبيض " مطواة " يحرزه بين طيات ملابسه ، وسدد له عدة طعنات بمناطق مختلفة بجسده ، وقام بنحره قاصداً من ذلك قتله ، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .
2ــــ أحرز سلاحاً أبيض " مطواة " دون مسوغ قانوني من الضرورة المهنية أو الحرفية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد وإحراز سلاح أبيض (مطواة) دون مسوغ قانوني ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه عول في قضائه بالإدانة على التقرير الطبي النفسي الشرعي رغم تناقضه مع تعريف الصحة النفسية والاضطراب النفسي في القانون رقم 71 لسنة 2009 ، على اعتبار أن الحكم قد أورد بمدوناته أن الطاعن والمجني عليه اعتادا ممارسة الفجور لواطاً من أمدٍ بعيد وهذا الشذوذ الجنسي لدى الطاعن هو مرض نفسي مانع للمسئولية الجنائية طبقاً للقانون المشار إليه ، فضلاً عن قصور التقرير الطبي النفسي الذي اكتفى بمراقبة الطاعن مدة أربعة أيام فقط وأودع تقريره بمسئولية الطاعن عن أفعاله ، وهي مدة غير كافية ، وكان يتعين على محكمة الموضوع أن تعيد المأمورية للخبير لفحص الطاعن الزمن الكافي ، كما أن الحكم قد اطرح بما لا يسوغ دفعه بعدم توافر نية القتل لديه ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن من وجود تناقض بين التقرير الطبي النفسي الشرعي وبين تعريف القانون 71 لسنة 2009 للصحة النفسية والاضطراب النفسي لا محل له ، ذلك أن التقرير الطبي النفسي قد انتهى إلى أن الطاعن لا توجد لديه أعراض دالة على وجود اضطراب نفسي أو عقلي في الوقت الحالي ولا وقت ارتكاب الواقعة محل الاتهام ، وأنه قادر على الإدراك والاختيار وسليم الإرادة والتمييز والحكم على الأمور ومعرفة الخطأ والصواب ، مما يجعله مسئولاً عن الاتهام المسند إليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية هي من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره – وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير والنظر في إعادة المأمورية إليه من عدمه سيما والثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إعادة المأمورية للخبير رغم صدور القانون 71 لسنة 2009 . وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على التقرير الطبي النفسي عن حالة المتهم النفـسية وانتهت إلى مسئـوليته عن أفعاله ، فإنه لا يجوز مصادرتها في عـقيدتها ولا مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض ، ولا مطالبتها باتخاذ إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه فإن ما ينعاه الطاعن بشأن ما تقدم يكون غير سديد ، هذا فضلاً عمَّا جاء بمذكرة أسبابه من أن منظمة الصحة العالمية قد رفعت مرض الشذوذ الجنسي بين البالغين من قائمة الأمراض النفسية – التقسيم العاشر – فليس له من بعد التحدي بأن الشذوذ الجنسي مرض نفسي يستوجب امتناع مسئولية صاحبه عن أفعاله . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد رد على الدفع بعدم توافر نية القتل في حق الطاعن بما مؤداه : " إن قصد القتل هو أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما تستنبطه المحكمة من الظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والدلائل والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص نية القتل موكول للمحكمة التي اطمأنت إلى أن نية القتل قامت في نفس المتهم وتوافرت في حقه من حاصل ما طرحته من ظروف الدعوى المتمثلة في أن المتهم حال محاولة المجني عليه موالاة مواقعته جنسياً لواطاً – كما اعتاد ذلك – رفض ممارسة الفجور وعندما هَمَّ به المجني عليه زيَّن له الشيطان قتل المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كان يخفيه بين طيات ملابسه وسدد له عدة طعنات نافذة بالصدر والبطن وذبحية بالرقبة ولم يتركه إلا وقد أيقن وفاته قاصداً من كل تلك الطعنات والذبح العنقي إزهاق روحه وتستخلص المحكمة من جماع ما تقدم إلى أن قصد القتل ونية إزهاق الروح متوافرين في الواقعة متحققين في الجريمة ثابتين في حق المتهم " وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً وكافياً في التدليل على ثبوت نية القتل في حق الطاعن ، فإن ما ينعاه في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ