الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 أبريل 2024

الطعن 878 لسنة 46 ق جلسة 29 / 12 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 416 ص 412

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ د. إبراهيم على صالح، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، حسن عثمان عمار، رابح لطفى جمعة.

---------------

(416)
الطعن رقم 878 لسنة 46 القضائية

(1، 2) وكالة "الوكالة الظاهرة".
(1) عقد الوكالة. جواز تلاقى إرادة طرفيه على عناصر الوكالة وحدودها صراحة أو ضمنا. خضوع العلاقة بينهما لأحكام هذا الاتفاق.
(2) الوكالة الظاهرة. ماهيتها. تصرفات الوكيل الظاهر مع الغير حسن النية. نفاذها قبل الموكل. علة ذلك.
(3) إيجار. إثبات. وكالة. "الوكالة الظاهرة".
قيام محام بتأجير جميع شقق العقار الواقع به شقة النزاع وتسليمها إلى المستأجرين وتحصيل الأجرة منهم واعتباره وكيلاً ظاهراً عن المؤجر. لا خطأ. جواز إثبات الوكالة الظاهرة بالقرائن.

---------------
1 - الأصل هو قيام المتعاقد نفسه بالتعبير عن إرادته في إبرام التصرف إلا أنه يجوز أن يتم بطريق النيابة بأن يقوم شخص نيابة عن الأصل بإبرام التصرف باسم هذا الأخير ولحسابه بحيث تنصرف آثاره إليه وفى غير الأحوال التي نص فيها القانون على قيام هذه النيابة فإنها تقوم أساساً باتفاق إرادة طرفيها على أن يحل أحدهما - وهو النائب - محل الآخر - وهو الأصيل فى إجراء العمل القانونى الذى يتم لحسابه - وتقتضى - تلك النيابة الاتفاقية ممثلة فى عقد الوكالة تلاقى إرادة طرفيها - الأصيل والنائب - على عناصر الوكالة وحدودها، وهو ما يجيز التعبير عنه صراحة أو ضمناً بما من شأنه أن يصبح الوكيل فيما يجريه من عمل مع الغير نائباً عن الموكل وتنصرف آثاره إليه. وتخضع العلاقة - بين الموكل والوكيل فى هذا الصدد من حيث مداها وآثارها لأحكام الاتفاق المبرم بينهما وهو عقد الوكالة.
2 - الغير المتعامل مع الوكيل يعتبر أجنبياً عن تلك العلاقة بين الوكيل والموكل - مما يوجب عليه في الأصل أن يتحقق من صفة من يتعامل معه بالنيابة عن الأصل ومن انصراف أثر التعامل تبعاً لذلك إلى هذا الأخير. إلا أنه قد يغنيه عن ذلك أن يقع من الأصيل ما ينبئ في ظاهر الأمر عن انصراف إرادته إلى إنابته لسواه في التعامل باسمه كأن يقوم مظهر خارجي منسوب إليه يكون من شأنه أن يوهم الغير ويجعله معذورا في اعتقاده بأن ثمة وكالة قائمة بينهما، إذ يكون من حق الغير حسن النية في هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة(1) - أن يتمسك بانصراف أثر التعامل - الذى أبرمه مع من اعتقد بحق أنه وكيل - إلى الأصيل لا على أساس وكالة حقيقية قائمة بينهما - وهى غير موجودة في الواقع بل على أساس الوكالة الظاهرة ذلك لأن ما ينسب إلى الأصيل في هذا الصدد يشكل في جانبه صورة من صور الخطأ الذي من شأنه أن يخدع الغير حسن النية في نيابة المتعامل معه عن ذلك الأصيل ويحمله على التعاقد معه بهذه الصفة وهو ما يستوجب من ثم إلزام الأصيل بالتعويض عن هذا الخطأ من جانبه، ولما كان الأصل فى التعويض أن يكون عينياً. كلما كان ممكناً. فإن سبيله فى هذه الحالة يكون بجعل التصرف الذى أجراه الغير حسن النية نافذاً فى حق الأصيل - وإذ كان ذلك وكان مؤداه أنه يترتب على قيام الوكالة الظاهرة ما يترتب على قيام الوكالة الحقيقية من آثار فيما بين الموكل والغير، بحيث ينصرف - إلى الموكل - أثر - التصرف الذى عقده وكيله الظاهر مع الغير.
3 - إذ يبين من مطالعة أوراق الطعن - أن محكمة الموضوع قد استخلصت من الوقائع الثابتة بالأوراق ومن القرائن المقدمة إليها وظروف الأحوال أن عقد الإيجار المحرر للمطعون عليه عن شقة النزاع صادر له من محام كان هو الوكيل عن الطاعن فى التأجير وأنه هو الذى قام فعلاً بتأجير جميع شقق العقار الواقع به شقة النزاع إلى مستأجريها وتحصيل أجرتها - ورتبت المحكمة على ذلك أن المحامي المذكور هو وكيل ظاهر عن الطاعن في تأجير شقة النزاع إلى المطعون عليه ومن ثم ينصرف أثر العقد إلى الطاعن - وكان قيام الوكالة الظاهرة في هذا الخصوص مما يجوز إثباته بالقرائن. ولما كان ما استخلصته محكمة الموضوع من ذلك وعلى نحو ما سلف بيانه - قيام مظهر خارجي منسوب للطاعن كان من شأنه أن أوهم المطعون عليه وجعله معذوراً في اعتقاده بأن هناك وكالة قائمه بين المؤجر له وبين الطاعن، وكان هذا الاستخلاص منها وفي حدود سلطتها الموضوعية - سائغاً ومؤدياً لما انتهت إليه وكافياً لحمل قضائها. فإنها لا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1348 سنة 1975 مدنى كلى جنوب القاهرة ضد المطعون عليه للحكم بطرده من العين المبينة بصحيفة الدعوى بمقولة أنه يضع يده عليها دون سند بأن اقتحمها دون علم الطاعن وهو ما حرر عنه المحضر رقم 274 سنة 1975 إدارى مصر القديمة الذى قرر فيه المطعون عليه أنه استأجر عين النزاع من وكيل عن الطاعن، ولما كان الطاعن ينكر هذه الوكالة ولم يقر ذلك التعاقد فإن يد المطعون عليه تضحى غاصبة ومن ثم فقد أقام دعواه. قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 2948 سنة 92 ق القاهرة. وبتاريخ 8/ 6/ 1976 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله النعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم الابتدائى - المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن المؤجر المطعون عليه يعتبر وكيلاً ظاهراً عن الطاعن له حق التأجير، ومن ثم فإن العقد الذى أبرمه ينصرف أثره إلى الموكل كما لو كانت هناك وكالة حقيقية فى حين أن الوكالة - وعلى ما جرى به نص المادة 699 من القانون المدنى - عقد يلتزم فيه الوكيل بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل مما مقتضاه وجود عقد بين الموكل والوكيل تتلاقى فيه إرادتهما، هذا فضلاًًًًً عما يشترط بالنسبة لعقود ايجار الأماكن التى أضحت غير محددة المدة بحكم قوانين الإيجارات - من أن تكون الوكالة فيها وكالة خاصة على نحو ما تقضى به المادة 702 من القانون المدنى، ولما كان المؤجر للمطعون عليه لم يصدر له أى توكيل من الطاعن، فإن عقد الإيجار الصادر منه لا يعدو أن يكون إيجاراً لملك الغير ومن ثم غير نافذ فى حق الطاعن. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر المؤجر المذكور وكيلاً عن الطاعن فى التأجير مفترضاً قيام وكالة بينهما تشابه الوكالة الحقيقية، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن الأصل هو قيام المتعاقد نفسه بالتعبير عن إرادته فى إبرام التصرف، إلا أنه يجوز أن يتم بطريق النيابة بأن يقوم شخص نيابة عن الأصيل بإبرام التصرف باسم هذا الأخير ولحسابه بحيث تنصرف آثاره إليه، وفى غير الأحوال التى نص فيها القانون على قيام هذه النيابة فإنها تقوم أساساً باتفاق إرادتى طرفيها على أن يحل أحدهما، وهو النائب - محل الآخر - وهو الأصيل - فى إجراء العمل القانونى لحسابه وأنه وإن كانت تلك النيابة الاتفاقية - ممثلة فى عقد الوكالة - تقتضى تلاقى إرادة طرفيها - الأصيل والنائب - على عناصر الوكالة وحدودها - وهو ما يجيز التعبير عنه صراحة أو ضمناً -بما من شأنه أن يصبح الوكيل فيما يجريه من عمل مع الغير نائباً عن الموكل وتصرف آثاره إليه. وكانت العلاقة بين الموكل والوكيل فى هذا الصدد خاضعة من حيث مداها وآثارها لأحكام الاتفاق المبرم بينهما - وهو عقد الوكالة - وكان الغير المتعامل مع الوكيل يعتبر أجنبيا عن تلك العلاقة مما يوجب عليه فى الأصل أن يتحقق من صفة من يتعامل معه بالنيابة عن الأصل ومن انصراف أثر التعامل تبعاً لذلك إلى هذا الأخير، إلا أنه قد يغنيه عن ذلك أن يقع من الأصيل ما ينبئ فى ظاهر الأمر عن انصراف إرادته إلى إنابته لسواه فى التعامل باسمه كأن يقوم مظهر خارجى منسوب إليه يكون من شأنه أن يوهم الغير ويجعله معذوراً فى اعتقاده بأن ثمة وكالة قائمة بينهما، إذ يكون من حق الغير حسن النية فى هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتمسك بانصراف أثر التعامل الذى أبرمه مع من اعتقد بحق أنه وكيل إلى الأصيل لا على أساس وكالة حقيقية قائمة بينهما - وهى غير موجودة فى الواقع - بل على أساس الوكالة الظاهرة، ذلك لأن ما ينسب إلى الأصيل فى هذا الصدد يشكل فى جانبه صورة من صور الخطأ الذى من شأنه أن يخدع الغير حسن النية فى نيابة المتعامل معه عن ذلك الأصيل ويحمله على التعاقد معه بهذه الصفة وهو ما يستوجب من ثم إلزام الأصيل بالتعويض عن هذا الخطأ من جانبه، ولما كان الأصل فى التعويض أن يكون عينياً كلما كان ممكناً. فإن سبيله فى هذه الحالة يكون بجعل التصرف الذى أجراه الغير حسن النية نافذاً فى حق الأصيل، وإذ كان ذلك وكان مؤداه أنه يترتب على قيام الوكالة ما يترتب على قيام الوكالة الحقيقية من آثار فيما بين الموكل والغير، بحيث ينصرف - إلى الموكل - أثر التصرف الذى عقده وكيله الظاهر - مع الغير. لما كان ما تقدم، وكان يبين من مطالعة أوراق الطعن أن محكمة الموضوع قد استخلصت من الوقائع الثابتة بالأوراق ومن القرائن المقدمة اليها وظروف الأحوال أن عقد الإيجار المحرر للمطعون عليه عن شقة النزاع صادر له من محام كان هو الوكيل عن الطاعن فى التأجير وأنه هو الذى قام فعلاً بتأجير جميع شقق العقار الواقع به شقة النزاع إلى مستأجريها وتحصيل أجرتها منهم. ورتبت المحكمة على ذلك أن المحامى المذكور هو وكيل ظاهر عن الطاعن فى تأجير شقة النزاع إلى المطعون عليه ومن ثم ينصرف أثر العقد إلى الطاعن. ولما كان قيام الوكالة الظاهرة فى هذا الخصوص مما يجوز إثباته بالقرائن، وكان ما استخلصته محكمة الموضوع من ذلك وعلى نحو ما سلف بيانه قيام مظهر خارجى منسوب للطاعن كان من شأنه أن أوهم المطعون عليه وجعله معذوراً فى اعتقاده بأن هناك وكالة قائمة بين المؤجر له وبين الطاعن، وكان هذا الاستخلاص منها وفى حدود سلطتها الموضوعية سائغاً ومؤدياً لما انتهت إليه وكافياً لحمل قضائها، فإنها لا تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون، ويكون النعى على الحكم المطعون فيه على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 22/ 11/ 1975 مجموعة المكتب الفنى السنة 26 صـ 1462.

الطعن 1468 لسنة 57 ق جلسة 19 / 11 / 1987 مكتب فني 38 ج 2 ق 184 ص 1015

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح نائب رئيس المحكمة, عوض جادو نائب رئيس المحكمة, عبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل.

---------------

(184)
الطعن رقم 1468 لسنة 57 القضائية

(1) قانون "تفسيره" "تطبيقه". اختصاص "اختصاص القضاء العسكري".
خضوع ضابط وأفراد هيئة الشرطة لقانون الأحكام العسكرية. مقصور على الجرائم النظامية البحتة أساس ذلك؟
(2) قانون "تفسيره" "التفويض التشريعي". قرارات وزارية. لوائح.
صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي. رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه.
تطبيق نص القانون. عند التعارض بينه وبين نص وارد في لائحة أو قرار. واجب. مؤدى ذلك؟
(3) قانون "إلغاؤه". اختصاص "الاختصاص الولائي". محاكم عسكرية. محاكم عادية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم إلغاء التشريع إلا بتشريع لاحق أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع الإلغاء الصريح والإلغاء الضمني للقانون؟
اختصاص المحاكم العادية بجرائم القانون العام. التي يرتكبها أفراد هيئة الشرطة. أساس ذلك؟
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" إثبات. "اعتراف". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. حق لمحكمة الموضوع.
صحة أخذ المحكمة باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة. ولو عدل عنه.
(5) دعوى مدنية "الصفة فيها". حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق ابنة المجني عليه في المطالبة بالتعويض عما أصابها من ضرر شخصي من جراء وفاة أبيها. بصرف النظر عن حقها في الميراث.
(6) ضرب "أفضى إلى موت". عقوبة "تطبيقها" نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها" "الحكم في الطعن".
إنزال الحكم بالطاعن عقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر للجريمة. خطأ في القانون. كون العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون. أثر ذلك: وجوب تصحيح الخطأ والحكم وفقاً للقانون.

---------------
1 - إن المادة 99 من القانون رقم 109 سنة 1971 في شأن هيئة الشرطة إذ نصت على أنه "يخضع الضباط بالنسبة للأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية لقانون الأحكام العسكرية، كما يخضع للقانون المذكور أمناء ومساعدو الشرطة وضباط الصف والجنود ورجال الخفر النظاميون في كل ما يتعلق بخدمتهم. وتوقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية ويحدد وزير الداخلية بقرار منه بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور للجهات المبينة فيه، كما يصدر القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة". فقد دلت بذلك - وعلى ما يبين من وضوح عبارات النص. أنها خاصة بالجرائم النظامية فحسب وليس أدل على ذلك من النص على أن توقيع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية، والجزاءات المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة سواء المتعلقة بالضباط أو بغيرهم كلها جزاءات تأديبية بحتة حتى جزاء الحبس أو السجن وفقاً لقانون الأحكام العسكرية المنصوص عليه في الفقرة 11 من المادة 80 التي عددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على أمناء الشرطة، والفقرة 11 من المادة 92 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على ضباط الصف وجنود الدرجة الأولى، وكذلك الفقرة 11 من المادة 69 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على رجال الخفر النظاميين.
2 - من المقرر أن صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية فإن النص الأول هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة، ومن ثم فإن ما ورد في قرار وزير الداخلية سالف الذكر - الذي يعد خروجاً عن حدود التفويض المرسوم له في القانون - لا يعتد به ولا يكون له أي أثر على اختصاصات النيابة العامة المنصوص عليها في القانون كاملة، كما لا يكون له أدنى أثر على اختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة دون سواها - بالفصل في كافة الجرائم إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بالفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 سنة 1972، ويستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص.
3 - من المقرر أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وإذ كان الثابت أن قانوناً لاحقاً لم يصدر استثنى أفراد هيئة الشرطة من اختصاص المحاكم العادية فيما يتعلق بجرائم القانون العام، فإن القول بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى استناداً إلى القرار الوزاري سالف الذكر والقرارات المعدلة له، غير جائز، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اتبع هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بمخالفته غير سديد.
4 - إن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، ولا يغير من ذلك عدول الطاعن عن اعترافه وإنكاره بجلسة المحاكمة الاتهام المسند إليه، إذ أنه من المقرر أنه لا على الحكم أن يأخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئناناً من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل.
5 - لما كان الحكم قد أثبت أن المدعية بالحقوق المدنية هي ابنة المجني عليه - على ما يبين من الاطلاع على بطاقتها الشخصية التي أوردها الحكم بمدوناته - وهو ما لم يجحده الطاعن، وكان ثبوت الإرث لها أو عدم ثبوته لا يقدح في صفتها كابنة المجني عليه، وكونها قد أصابها ضرر من جراء فقد والدها نتيجة الاعتداء الذي وقع عليه والذي أودى بحياته، وكانت الدعوى المدنية إنما قامت على ما أصابها من ضرر مباشر لا على انتصابها مقام والدها المجني عليه من أيلولة حقه في الدعوى إليها، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير صحيح.
6 - لما كانت عقوبة جريمة الضرب المفضي إلى الموت بغير سبق إصرار أو ترصد - كنص الفقرة الأولى من المادة 236 من قانون العقوبات هي الأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع. ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات وهي عقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه وذلك بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات فضلاً عن التعويض المدني والمصاريف المدنية والجنائية وأتعاب المحاماة المقضى بها، عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من القانون رقم 57 سنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب... عمداً بمطواة فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتلاًًًًًً ولكن الضرب أفضى إلى موته. وأحالته إلى محكمة جنايات... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت... مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه علي سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما أسند إليه وألزمته بأن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه علي سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت وإلزامه بالتعويض المدني المؤقت قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الدفاع عن الطاعن أثار دفعاً مؤداه عدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بالتحقيق مع الطاعن ومحاكمته وأن الاختصاص بذلك منعقد للقضاء العسكري طبقاً لأحكام القانون رقم 109 سنة 1971 في شأن هيئة الشرطة باعتبار أن الطاعن جندي من أفراد تلك الهيئة، إلا أن الحكم اطرح هذا الدفع ورد عليه بما لا يصلح رداً وبالمخالفة لصريح نصوص القانون والقرارات الوزارية المنفذة له. كما أن الحكم اطرح أيضاً دفاع الطاعن ببطلان الاعتراف المعزو إليه لأنه وليد إكراه مادي بما لا يسوغه وأخيراً، فإن الحكم فصل في الدعوى المدنية وقضى بالتعويض للمدعية بالحق المدني رغم الدفع بعدم قبولها لعدم توافر الدليل على صفة المدعية فيها ودون أن يستظهر انحصار الإرث فيها استناداً إلى الإعلام الشرعي. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة 99 من القانون رقم 109 سنة 1971 في شأن هيئة الشرطة إذ نصت على أنه "يخضع الضباط بالنسبة للأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية لقانون الأحكام العسكرية، كما يخضع للقانون المذكور أمناء ومساعدو الشرطة وضباط الصف والجنود ورجال الخفر النظاميون في كل ما يتعلق بخدمتهم. وتوقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية ويحدد وزير الداخلية بقرار منه بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور للجهات المبينة فيه، كما يصدر القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة". فقد دلت بذلك - وعلى ما يبين من وضوح عبارات النص. أنها خاصة بالجرائم النظامية فحسب وليس أدل على ذلك من النص على أن توقيع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية، والجزاءات المنصوص عليها في قانون هيئة الشرطة سواء المتعلقة بالضباط أو بغيرهم كلها جزاءات تأديبية بحتة حتى جزاء الحبس أو السجن وفقاً لقانون الأحكام العسكرية المنصوص عنه في الفقرة 11 من المادة 80 التي عددت الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على أمناء الشرطة، والفقرة 11 من المادة 92 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على ضباط الصف وجنود الدرجة الأولى، وكذلك الفقرة 11 من المادة 69 الخاصة بالجزاءات التي يجوز توقيعها على رجال الخفر النظاميين. ولا يقدح في ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للمادة 99 من القانون بأنه ".... وتوقع المحاكم العسكرية متى انعقد لها الاختصاص الجزاءات المقررة في هذا القانون أو في قانون الأحكام العسكرية فلها اختصاص تأديبي إلى ما لها من اختصاص جنائي..." ذلك أن الإحالة إلى الجزاءات المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية رقم 25 سنة 1966 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1968 بما فيها من جزاءات شبه جنائية إنما يشمل فقط تلك الجزاءات المقررة للجرائم النظامية البحتة وليست العقوبات الجنائية بالمعنى الصحيح والمقررة لجرائم القانون العام - وهذا المعنى واضح من صريح عبارات نص المادة 99 من القانون المذكور والتي لا لبس فيها ولا غموض بل وهو ما يؤكده نص المادة الأولى من قانون هيئة الشرطة والذي جاء فيه أن الشرطة هيئة مدنية نظامية بوزارة الداخلية, وما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذه المادة والتي جاء بها "اختصت المادة الأولى من المشروع بتعريف هيئة الشرطة الواردة في المادة 1 من القانون رقم 61 سنة 1964 من أن الشرطة هيئة مدنية نظامية وبذلك أكدت أن هيئة الشرطة هي هيئة مدنية, فهي جهاز من الأجهزة المدنية بالدولة وليس جهازاً عسكرياً، إلا أنها تفترق عن غيرها من الأجهزة المدنية في أنها ليست مدنية بحتة وإنما هي هيئة نظامية يسود تكوينها علاقات تختلف عن العلاقات المدنية البحتة وخاصة واجب المرؤوس في طاعة رئيسه وواجب الرئيس في قيادة مرؤوسيه والسيطرة على القوة الموضوعة تحت قيادته". وإذن فمتى كان ذلك، وكانت المادة 99 سالفة الذكر قد أتاحت لوزير الداخلية - بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة - تحديد جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في القانون المذكور كما أناطت به إصدار القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة، فإن هذا التفويض التشريعي ينحصر فيما نصت عليه هذه المادة ولا يجوز لوزير الداخلية أن يتعدى نطاقه بخلق اختصاصات أخرى غير المنصوص عليها في القانون رقم 992 سنة 1973 بتاريخ 24 من إبريل سنة 1977 في شأن تنظيم القضاء العسكري، متضمناً في المادة الأولى منه النص على اختصاص إدارة القضاء العسكري بتنفيذ قانون الأحكام العسكرية بالنسبة لأفراد هيئة الشرطة ومن ذلك إجراء التحقيق في جرائم القانون العام في الأحوال المنصوص عليها في المادة المذكورة والتصرف في هذه القضايا، كما نص في المادة الثالثة على أن تتولى فروع الادعاء العسكري "النيابة العسكرية اختصاصات النيابة العسكرية المنصوص عليها بالقانون رقم 25 سنة 1966 وكذلك على اختصاص المحكمة العسكرية العليا بنظر الجنايات التي تدخل في اختصاص القضاء العسكري واختصاص المحكمة المركزية بنظر كافة الجنح والمخالفات التي تقع في اختصاصها طبقاً للقانون العام، فإنه يكون قد خرج بذلك عن حدود التفويض التشريعي في كل ما نص عليه متعلقاً بجرائم القانون العام. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر في لائحته التنفيذية فإن النص الأول هو الواجب التطبيق باعتباره أصلاً للائحة، ومن ثم فإن ما ورد في قرار وزير الداخلية سالف الذكر - الذي يعد خروجاً عن حدود التفويض المرسوم له في القانون - لا يعتد به ولا يكون له أي أثر على اختصاصات النيابة العامة المنصوص عليها في القانون كاملة، كما لا يكون له أدنى أثر على اختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة - دون سواها - بالفصل في كافة الجرائم إلا ما استثنى بنص خاص عملاً بالفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية رقم 46 سنة 1972، ويستوي في ذلك أن تكون الجريمة معاقباً عليها بموجب القانون العام أو بمقتضى قانون خاص. وإذ كان من المقرر أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق له أعلى منه أو مساو له في مدارج التشريع ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وإذ كان الثابت أن قانوناً لاحقاً لم يصدر استثنى أفراد هيئة الشرطة من اختصاص المحاكم العادية فيما يتعلق بجرائم القانون العام، فإن القول بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى استناداً إلى القرار الوزاري سالف الذكر والقرارات المعدلة له، غير جائز. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اتبع هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بمخالفته غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافه بالتحقيقات، وما ورد بتحريات الشرطة وتقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان اعتراف الطاعن في التحقيقات لأنه وليد إكراه واطرحه في قوله: "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم الذي أخلد إليه أمامها وتطمئن إلى اعترافه في التحقيقات لما بان لها من ظروف الحال أنه اعتراف سليم صدر منه طواعية واختياراً أمام سلطة التحقيق المختصة بغير ما تعارض مع ما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية ومن ثم تأخذه بمدلوله مؤيداً بباقي ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت وتطرح ما أثاره المدافع عنه من قول جاء مرسلاً بلا سند صحيح من أوراق الدعوى وتحقيقاتها". وهذا الذي أورده الحكم سائغاً وكافياً للرد على هذا الدفع لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، ولا يغير من ذلك عدول الطاعن عن اعترافه وإنكاره بجلسة المحاكمة الاتهام المسند إليه، إذ أنه من المقرر أنه لا على الحكم أن يأخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئناناً من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن المدعية بالحقوق المدنية هي ابنة المجني عليه - على ما يبين من الاطلاع على بطاقتها الشخصية التي أوردها الحكم بمدوناته - وهو ما لم يجحده الطاعن، وكان ثبوت الإرث لها أو عدم ثبوته لا يقدح في صفتها كابنة المجني عليه، وكونها قد أصابها ضرر من جراء فقد والدها نتيجة الاعتداء الذي وقع عليه والذي أودى بحياته، وكانت الدعوى المدنية إنما قامت على ما أصابها من ضرر مباشر لا على انتصابها مقام والدها المجني عليه من أيلولة حقه في الدعوى إليها، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير صحيح. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. لما كان ذلك، وكانت عقوبة جريمة الضرب المفضي إلى الموت - بغير سبق إصرار أو ترصد - كنص الفقرة الأولى من المادة 236 من قانون العقوبات هي الأشغال أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع. ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات وهي عقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه وذلك بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات فضلاً عن التعويض المدني والمصاريف المدنية والجنائية وأتعاب المحاماة المقضى بها، عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون رقم 57 سنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن.

الطعن 3252 لسنة 57 ق جلسة 19 / 11 / 1987 مكتب فني 38 ج 2 ق 185 ص 1025

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح نائب رئيس المحكمة، عوض جادو نائب رئيس المحكمة، عبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل.

-----------------

(185)
الطعن رقم 3252 لسنة 57 القضائية

(1) قانون "تفسيره". جريمة "أركانها". دعارة. إثبات "بوجه عام".
القانون رقم 10 لسنة 1961 لا يستلزم لثبوت العادة في إدارة مكان للدعارة طريقة معينة من طرق الإثبات.
(2) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الإجراءات السابقة على المحاكمة لا تصلح سبباً للطعن.
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. مثال.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود". استدلالات
حق المحكمة في الأخذ بأقوال الشاهد في محضر الشرطة متى اطمأنت إليها.
(4) دعارة. جريمة "أركانها" "اعتياد". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة إدارة منزل للدعارة. من جرائم العادة. تقاضي أجر عنها. ليس ركناً من أركانها.
ما يشترط لتوافر جريمة إدارة منزل للدعارة وجريمة استغلال بغاء امرأة؟

---------------
1 - من المقرر أن القانون رقم 10 سنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة لا يستلزم لثبوت العادة في إدارة مكان للدعارة طريقة معينة من طرق الإثبات.
2 - لما كان البين من مطالعة محضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر ما ينعاه من إغفال محضر الشرطة ضبط وسؤال شخص كان متواجداً في المسكن عند الضبط ولم يطلب من المحكمة إجراء في هذا الخصوص فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت من عناصر الدعوى المطروحة أمامها إلى صحة الواقعة ولا يعدو منعاه أن يكون تعييباً لإجراءات الضبط مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
3 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في محضر الشرطة متى استرسلت بثقتها إليها.
4 - لما كانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على الطاعن بوصف أنه استغل بغاء امرأة وأيضاً إدارة مكان للدعارة، وأدانه الحكم عن التهمة الثانية دون الأولى تأسيساً على خلو الأوراق من دليل على أن الطاعن قدم المتهمة الثانية إلى المتهم الثالث نظير مبالغ يتقاضاها منها، وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم لا تناقض فيه لاختلاف أركان كل من هاتين الجريمتين فجريمة إدارة منزل للدعارة هي من جرائم العادة التي لا تقوم إلا بثبوت ركن الاعتياد ولا يستوجب القانون تقاضي أجر لتجريم فعل الإدارة بينما لم يستلزم الشارع في جريمة استغلال بغاء امرأة توافر ركن الاعتياد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1 - استغل بغاء أخرى على النحو المبين بالأوراق. 2 - أدار الشقة محل الضبط في أعمال الدعارة علي النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابه طبقاً لأحكام القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة جنح الآداب ...... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل والنفاذ وبتغريمه مائة جنيه ووضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة والغلق والمصادرة عن التهمة الثانية وببراءته عن التهمة الأولى. استأنف المحكوم عليه. ومحكمة ...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إدارة محل للدعارة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك لعدم توافر ركن الاعتياد في الجريمة المسندة إليه وأن أقوال المتهمين الثانية والثالث لا تنهض دليلاً على توافره كما اعتمدت المحكمة في قضائها بالإدانة على ما هو ثابت بمحضر الشرطة على الرغم مما شابه من عيب إغفال محرره ضبط وسؤال شخص كان متواجداً في المسكن عند الضبط فضلاً عن تناقض هذا القضاء في تبرئته من جريمة استغلال بغاء المتهمة الثانية. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين وقائع الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 10 سنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة لا يستلزم لثبوت العادة في إدارة مكان للدعارة طريقة معينة من طرق الإثبات وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بإدانة الطاعن على إقرار المتهم الثالث في محضر ضبط الواقعة من أن الطاعن أسكنه في مسكنه مشاركة، وأحضر إليه فيه أكثر من مرة بعض النسوة لممارسة الجنس معهن مقابل مبلغ من المال وأيضاً على إقرار الطاعن ذاته في محضر الشرطة من أنه دأب على استحضار بعض النسوة الساقطات لمن يؤجر إليه المسكن. فإنه بحسب الحكم ذلك تدليلاً على توافر ركن الاعتياد ويكون منعى الطاعن لذلك في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر ما ينعاه من إغفال محضر الشرطة ضبط وسؤال شخص كان متواجداً في المسكن عند الضبط ولم يطلب من المحكمة إجراء في هذا الخصوص فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت من عناصر الدعوى المطروحة أمامها إلى صحة الواقعة ولا يعدو منعاه أن يكون تعييباً لإجراءات الضبط مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في محضر الشرطة متى استرسلت بثقتها إليها فإنه لا على الحكم إن هو اعتمد على شهادة الشاهد - المتهم الثالث - ضمن ما اعتمد عليه في قضائه بالإدانة - ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الجنائية قد أقيمت على الطاعن بوصف أنه استغل بغاء امرأة وأيضاً إدارة مكان للدعارة، وأدانه الحكم عن التهمة الثانية دون الأولى تأسيساً على خلو الأوراق من دليل على أن الطاعن قدم المتهمة الثانية إلى المتهم الثالث نظير مبالغ يتقاضاها منها، وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم لا تناقض فيه لاختلاف أركان كل من هاتين الجريمتين فجريمة إدارة منزل للدعارة هي من جرائم العادة التي لا تقوم إلا بثبوت ركن الاعتياد ولا يستوجب القانون تقاضي أجر لتجريم فعل الإدارة بينما لم يستلزم الشارع في جريمة استغلال بغاء امرأة توافر ركن الاعتياد. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1511 لسنة 57 ق جلسة 8 / 12 / 1987 مكتب فني 38 ج 2 ق 193 ص 1065

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة ومحمود رضوان وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.

----------------

(193)
الطعن رقم 1511 لسنة 57 القضائية

(1) تزوير. جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة التزوير في محرر رسمي. تحققها بمجرد إعطاء الورقة شكل الورقة الرسمية ومظهرها ولو نسبت زوراً إلى موظف للإيهام برسميتها. كفاية أن يتدخل الموظف في تحريرها بها يوهم أنه باشر إجراءاته في حدود سلطته.
(2) تزوير "أوراق رسمية". أحوال مدنية.
تغيير الحقيقة في السجلات والبطاقات وكافة المستندات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 260 لسنة 1960. تزوير في أوراق رسمية.
أساس ذلك؟
(3) تزوير. جريمة "أركانها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التزوير المعاقب عليه. استلزامه دراية خاصة لكشفه. غير لازم. يستوي أن يكون التزوير واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو أنه متقن. ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الناس. مثال:
(4) اشتراك. جريمة. عقوبة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لا جدوى من نعي الطاعن من أنه شريك في الجريمة وليس فاعلاً لها. ما دامت العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها المقررة للشريك. المادة 41 عقوبات.
(5) تزوير. إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع بإجابة طلب ندب خبير ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام" "اعتراف"
حق القاضي أن يأخذ بأقوال متهم في حق نفسه أو في حق غيره من المتهمين وإن عدل عنها فيما بعد.
(8) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.

----------------
1 - لما كان لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون قد صدرت فعلاً من الموظف المختص بتحريرها بل يكفي لتحقيق الجريمة - كما هو الشأن في حالة الاصطناع - أن تعطي الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفي في هذا المقام أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذي باشر إجراءاته في حدود اختصاصه.
2 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن السجلات والبطاقات وكافة المستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية تعد أوراقاً رسمية فكل تغيير فيها يعتبر تزويراً في أوراق رسمية يخضع للقواعد العامة في قانون العقوبات ويخرج عن نطاق المادة 59 من القانون رقم 260 لسنة 1960.
3 - لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يستلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الناس، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم في قضائه هذه القواعد القانونية واطرح، دفاع الطاعن في شأن تكييف الواقعة وما دفع به من عدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى للأسباب السائغة التي أوردها، فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً.
4 - لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من أنه شريك في الجريمة وليس فاعلاً لها لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها المقررة للشريك طبقاً لنص المادة 41 من قانون العقوبات.
5 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها وكان ما يسوقه الطاعن من مطاعن على تقرير أبحاث التزييف والتزوير ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير قيمة هذا الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب.
7 - لما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن من حق القاضي أن يأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه أو في حق غيره من المتهمين وإن عدل عنها بعد ذلك فإن كل ما نعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
8 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة والتي لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم من خطأ في الإسناد فيما أورده بشأن ضبط أحبار وأختام بمنزله إذ أنه بغرض قيام هذا الخطأ فإنه لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: وهو ليس من أرباب الوظائف العموميين ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو البطاقة الشخصية رقم 85554 سجل مدني الدرب الأحمر وذلك بطريق الاصطناع بأن أنشأها على غرار البطاقة الشخصية الصحيحة وأثبت بها بيانات لمتهم آخر. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
ومحكمة جنايات..... قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 211، 212 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
.فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التزوير في محرر رسمي قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد، ذلك بأن الحكم ساءل الطاعن بوصفه فاعلاً أصلياً في واقعة اصطناع البطاقة محل الدعوى طبقاً لنص المادة 211 من قانون العقوبات مع أن الأفعال التي دلل الحكم على إسنادها إليه لا تعدو الاشتراك في جنحة ينطبق عليها نص المادتين 217، 224 من قانون العقوبات والمادة 59 من القانون رقم 260 لسنة 1960 وقد دفع لهذا السبب بعدم اختصاص محكمة الجنايات نوعياً بنظرها. كما أن التغيير الذي حدث بالبطاقة الشخصية وقع مفضوحاً وبطريقة ظاهرة لا ينخدع فيها أحد مما ينتفي معه قيام جريمة التزوير. هذا بالإضافة إلى أن المحكمة دانت الطاعن أخذاً بنتيجة تقرير المعمل الجنائي بالرغم من أنه بني على الاستنتاج ولم تستجب لما طلبه المدافع عنه من إعادة القضية لقسم أبحاث التزييف والتزوير لإعادة إجراء المضاهاة. هذا فضلاً عن أن الحكم عول على أقوال الشهود على الرغم من عدم معرفتهم بالطاعن وعلى المتهم الثاني بالرغم من عدوله عنه بتحقيقات النيابة. وأخيراً فقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة في حقه من ضبط أختام وأحبار وهو ما لا أصل له في الأوراق. وكل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت في مدوناته بياناً لواقعة الدعوى وتدليلاً عليها مما محصلة أنه لدى سؤال...... بقسم الشرطة عن موقفه من التجنيد قدم للضابط الذي يسأله بطاقة شخصية تحمل رقم 85554 فاشتبه في صحة البيانات المدونة بها واتضح مما أفاد به السجل المدني المختص أن هذه البطاقة لم تصدر عنه وأن التوقيعات المدونة عليها لا تخص أياً من موظفيه - وأن الرقم المدون عليها خاص ببطاقة لـ....... وإذ سئل عن مصدرها أقر بأن...... استخرجها له لقاء مبلغ ثلاثين جنيهاً أعطاه له دون أن يحرر أية استمارات وقد اعترف المتهم....... بالتحقيقات بأن المتهم الآخر شكا إليه عدم استطاعته استخراج بطاقة شخصية فطلب منه مبلغ ثلاثين جنيهاً وبياناته وصورة شخصية واحدة وأنه سلم ذلك كله إلى الطاعن الذي سلمه البطاقة المزورة فسلمها بدوره لمن ضبطت معه - وثبت من تقرير المعمل الجنائي أن الطاعن هو المحرر للبيانات الثابتة بالبطاقة باسم ......، وقد دلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية بجريمة التزوير التي دين الطاعن بها. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون قد صدرت فعلاً من الموظف المختص بتحريرها بل يكفي لتحقق الجريمة - كما هو الشأن في حالة الاصطناع - أن تعطي الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفي في هذا المقام أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذي باشر إجراءاته في حدود اختصاصه، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن السجلات والبطاقات وكافة المستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 260 لسنة 1960 في شأن الأحوال المدنية تعد أوراقاً رسمية فكل تغيير فيها يعتبر تزويراً في أوراق رسمية يخضع للقواعد العامة في قانون العقوبات ويخرج عن نطاق المادة 59 من القانون رقم 260 لسنة 1960 ولا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يستلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الناس، وكان الحكم المطعون فيه قد ألتزم في قضائه هذه القواعد القانونية واطرح، دفاع الطاعن في شأن تكييف الواقعة وما دفع به من عدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى للأسباب السائغة التي أوردها، فإنه يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً - هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من أنه شريك في الجريمة وليس فاعلاً لها لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها المقررة للشريك طبقاً لنص المادة 41 من قانون العقوبات لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها وكان ما يسوقه الطاعن من مطاعن على تقرير أبحاث التزييف والتزوير ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير قيمة هذا الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وإذ ما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن من حق القاضي أن يأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه أو في حق غيره من المتهمين وإن عدل عنها بعد ذلك فإن كل ما نعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة فإنه لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم من خطئه في الإسناد فيما أورده بشأن ضبط أحبار وأختام بمنزله إذ أنه بغرض قيام هذا الخطأ فإنه لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 782 لسنة 57 ق جلسة 10 / 12 / 1987 مكتب فني 38 ج 2 ق 194 ص 1072

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح وعوض جادو نائبي رئيس المحكمة وصلاح عطية وعمار إبراهيم.

--------------

(194)
الطعن رقم 782 لسنة 57 القضائية

(1) محكمة النقض "سلطتها في الرجوع عن الحكم"
جواز رجوع محكمة النقض عن حكمها بسقوط الطعن. متى ثبت سقوط التزام الطاعن بالتقدم قبل إصدار حكمها.
(2) معارضة "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "ميعاد الطعن".
صدور أول قرار بتأجيل الدعوى في حضرة المتهم. يوجب عليه تتبع سيرها من جلسة إلى أخرى - دون إعلان - ما دامت متلاحقة. احتساب ميعاد الطعن في هذه الحالة من يوم صدور الحكم.

---------------
1 - من حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلسة.... بسقوط الطعن وذلك بناء على ما أبدته النيابة العامة من أن الطاعن لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليه إلى يوم الجلسة التي حددت لنظر طعنه، غير أنه تبين بعدئذ أن الطاعن كان قد نفذ العقوبة المحكوم بها عليه خلال الفترة من... حتى... كما هو ثابت من إفادة النيابة العامة المؤرخة.... مما مؤداه أن التزام الطاعن بالتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة المحددة لنظر الطعن قد سقط عنه منذ هذا التاريخ أي قبل صدور الحكم بسقوط الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة.......
2 - لما كان أول قرار بتأجيل الدعوى قد اتخذ في حضرة المتهم - الطاعن - فإنه يكون عليه بلا حاجة إلى إعلان أن يتتبع سيرها من جلسة إلى أخرى ما دامت الجلسات متلاحقة - كما هو الحال في هذه الدعوى - ويكون الطاعن إذ قرر بالطعن في الحكم بعد الميعاد محسوباً من يوم صدوره، فإن طعنه يكون غير مقبول شكلاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخر - بأنهما أحدثا عمداً بـ.... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي التي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد علي عشرين يوماً. وطلبت معاقبتهما بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح...... قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهما ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لكل منهما لوقف التنفيذ. استأنف المحكوم عليه (الطاعن) ومحكمة... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
فطعن الأستاذ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ. وبتاريخ..... قضت المحكمة بسقوط الطعن وبجلسة اليوم قررت المحكمة العدول عن الحكم الصادر - بجلسة ......


المحكمة

من حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلسة...... بسقوط الطعن وذلك بناء على ما أبدته النيابة العامة من أن الطاعن لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليه إلى يوم الجلسة التي حددت لنظر طعنه، غير أنه تبين بعدئذ أن الطاعن كان قد نفذ العقوبة المحكوم بها عليه خلال الفترة من... حتى... - كما هو ثابت من إفادة النيابة العامة المؤرخة.... مما مؤداه أن التزام الطاعن بالتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة المحددة لنظر الطعن قد سقط عنه منذ هذا التاريخ أي قبل صدور الحكم بسقوط الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره بجلسة.......
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر في معارضة الطاعن الاستئنافية بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً بتاريخ...... ولم يقرر بالطعن فيه بطريق النقض إلا بتاريخ...... كما لم يقدم أسباب طعنه إلا بتاريخ.... متجاوزاً في الأمرين الميعاد المنصوص عليه في المادة 34/ 1 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959، وقد اعتذر الطاعن بمرض زعم أنه حال دون حضوره تلك الجلسة وبالتالي دون علمه بالحكم المطعون فيه بيد أنه لم يقدم الدليل عليه. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أنه تحدد لنظر معارضة الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية جلسة.... ثم تأجلت في حضور الطاعن ومحاميه لجلسة...... وفيها لم يحضر الطاعن, فقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه, فإن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت صحيحة، ولا يغير من ذلك ما أورده الطاعن في مذكرة أسبابه من أنه لم يعلن بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، إذ أنه لما كان أول قرار بتأجيل الدعوى قد اتخذ في حضرة المتهم - الطاعن - فإنه يكون عليه بلا حاجة إلى إعلان أن يتتبع سيرها من جلسة إلى أخرى ما دامت الجلسات متلاحقة - كما هو الحال في هذه الدعوى - ويكون الطاعن إذ قرر بالطعن في الحكم بعد الميعاد محسوباً من يوم صدوره، فإن طعنه يكون غير مقبول شكلاً.

الطعن 230 لسنة 57 ق جلسة 22 / 4 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 107 ص 632

جلسة 22 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان، محمد ممدوح سالم، محمد رفيق البسطويسي (نواب رئيس المحكمة) وفتحي خليفة.

--------------

(107)
الطعن رقم 230 لسنة 57 القضائية

(1) إثبات "معاينة". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
الطلب الذي تلتزم به محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه - ماهيته؟
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل أو إثبات استحالة حصوله. عدم التزام المحكمة بإجابته.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم. لا يعيبه.
لمحكمة الموضوع الاعتماد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد واطراح ما عداها. عدم إيراد الحكم تلك التفصيلات يفيد اطراحه إياها.
(3) تفتيش "إذن التفتيش" "إصداره". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
(4) تفتيش "إجراءاته". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". تحقيق قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مجال إعمال المادة 51 إجراءات. مقصور على الحالات التي يجيز فيها القانون لمأمور الضبط دخول المنازل وتفتيشها بغير ندب من سلطة التحقيق.
- التفتيش الذي يجريه مأمور الضبط القضائي بناء على ندب من النيابة العامة. خضوعه للمواد 92، 199، 200 إجراءات.
(5) نقض "أسباب الطعن. ميعاده".
عدم جواز استكمال ما عرى من أسباب الطعن من نقض أو تحديد ما أجمل منها أو جلاء ما أبهم منها إلا في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون 57 لسنة 1959.

-----------------
1 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع الثاني عن الطاعن ولئن أبدى في مستهل مرافعته طلب إجراء معاينة الطابق الذي ضبط المخدر فيه لمعرفة شاغله، إلا أنه لم يصر عليه في ختام مرافعته ولم يضمنه طلباته الختامية، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفت عنه دون أن ترد عليه، ومع هذا فإن طلب المعاينة في صورة الدعوى لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهدان، وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
2 - من المقرر أن اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يعيبه، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحه لها، وإذ كانت المحكمة قد حصلت ضبط المخدر بصيوان بحجرة نوم الطاعن ودللت على ذلك بأقوال ابنه والضابط بما لا تناقض فيه، ولم تعن بتحديد طابق العقار الذي تم تفتيشه، فإن الحكم يكون قد أطرح أمر هذا التحديد باعتبار أنه لا أثر له في جوهر الواقعة التي اعتنقها ولا في منطقه واستدلاله.
3 - لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك - كما هو الحال في الدعوى - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - من المقرر أن مجال تطبيق المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بحصول التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك وإلا يجب أن يكون بحضور شاهدين، هو عند دخول مأموري الضبط القضائي المنازل وتفتيشها في الأحوال التي يجيز لهم فيها القانون ذلك، أما التفتيش الذي يقومون به بناء على ندبهم لذلك من سلطة التحقيق فتسري عليه أحكام المواد 92، 199، 200 من ذلك القانون والخاصة بالتحقيق بمعرفة قاضي التحقيق التي تقضي بحصول التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك، ولما كان الثابت من مدونات الحكم أن التفتيش الذي أسفر عن ضبط المخدر قد أجراه مأمور الضبط القضائي بناء على ندبه لذلك من النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق، فتكون له السلطة من ندبه ويعد محضره محضر تحقيق ويسري عليه حينئذ حكم المادة 92 لا المادة 51 إذ أن هذه المادة الأخيرة إنما تسري في غير أحوال الندب.
5 - لا يجوز للطاعن استكمال ما عرى من أسباب طعنه من نقض، أو تحديد ما أجمل منها، أو جلاء ما أبهم منها، إلا في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول الأول المرفق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة لم تستجب إلى طلب الدفاع معاينة مكان الضبط للتدليل على أنه تم في غير مسكنه وعولت في ذلك شهادة ابنه والضابط رغم تناقضهما في تحديد الطابق الذي جرى تفتيشه، واستندت إلى ما أسفرت عنه عملية الضبط في اطراح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات مع أنه لا يصلح لاطراحه وأخذت بنتيجة التفتيش الذي تم في غيبة الطاعن رغم خلو محضر الضبط مما يفيد حصوله بحضور شاهدين، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية لجريمة حيازة المخدر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع الثاني عن الطاعن ولئن أبدى في مستهل مرافعته طلب إجراء معاينة الطابق الذي ضبط المخدر فيه لمعرفة شاغله، إلا أنه لم يصر عليه في ختام مرافعته ولم يضمنه طلباته الختامية، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفت عنه دون أن ترد عليه، ومع هذا فإن طلب المعاينة في صورة الدعوى لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهدان، وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يعيبه، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحه لها، وإذ كانت المحكمة قد حصلت ضبط المخدر بصيوان بحجرة نوم الطاعن ودللت على ذلك بأقوال ابنه والضابط بما لا تناقض فيه، ولم تعن بتحديد طابق العقار الذي تم تفتيشه، فإن الحكم يكون قد أطرح أمر هذا التحديد باعتبار أنه لا أثر له في جوهر الواقعة التي اعتنقها ولا في منطقه واستدلاله، ويضحى تعيبيه في هذا الصدد ولا محل له. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك - كما هو الحال في الدعوى - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. وما استطرت إليه المحكمة من قولها "فضبط بمسكن المتهم مادة ثبت أنها لمخدر الحشيش بناء على تلك التحريات وذلك الإذن" إنما كان بعد أن أفصحت المحكمة - في تحصيلها للواقعة - عن اطمئنانها لجدية التحريات التي ابتنى عليها إذن التفتيش وشهادة من أجراها ولا يتأدى منه ما يذهب إليه الطاعن من أنه سبب اقتناع المحكمة بجديتها، فإن نعيه في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجال تطبيق المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي بحصول التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه كلما أمكن ذلك وإلا يجب أن يكون بحضور شاهدين، هو عند دخول مأموري الضبط القضائي المنازل وتفتيشها في الأحوال التي يجيز لهم فيها القانون ذلك، أما التفتيش الذي يقومون به بناء على ندبهم لذلك من سلطة التحقيق فتسري عليه أحكام المواد 92، 199، 200 من ذلك القانون والخاصة بالتحقيق بمعرفة قاضي التحقيق التي تقضي بحصول التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك، ولما كان الثابت من مدونات الحكم أن التفتيش الذي أسفر عن ضبط المخدر قد أجراه مأمور الضبط القضائي بناء على ندبه لذلك من النيابة العامة بوصفها سلطة تحقيق، فتكون له السلطة من ندبه ويعد محضره محضر تحقيق ويسري عليه حينئذ حكم المادة 92 لا المادة 51 إذ أن هذه المادة الأخيرة إنما تسري في غير أحوال الندب. ومن ثم فإن منعى الطاعن ببطلان التفتيش لحصوله في غيابه بغير حضور شاهدين، يكون غير مقبول، وما أورده في المذكرة المقدمة في الجلسة المحددة لنظر طعنه - بعد فوات الميعاد المحدد لتقديم أسباب الطعن المنصوص عليه في المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - فإنه بدوره غير مقبول، ذلك أنه لا يجوز له استكمال ما عرى أسباب طعنه من نقض، أو تحديد ما أجمل منها، أو جلاء ما أبهم منها، إلا في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 سالف الذكر. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 143 لسنة 57 ق جلسة 7 / 4 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 96 ص 576

جلسة 7 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة محمد محمد يحيى وحسن سيد حمزه ومجدي الجندي.

-----------

(96)
الطعن رقم 143 لسنة 57 القضائية

(1) ضرب "أفضى إلى موت". فاعل أصلي. اشتراك. اتفاق. سبق إصرار. مسئولية جنائية.
متى يسأل الجاني بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى موت؟
(2) اشتراك. اتفاق. توافق. إثبات "بوجه عام".
الاتفاق. تعريفه؟ وجه الاستدلال به. موضوعي.
مثال.
(3) قتل عمد. اتفاق جنائي. فاعل أصلي. مسئولية جنائية. المسئولية التضامنية. ضرب "ضرب أفضى إلى موت".
التدليل على اتفاق المتهمين من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد - واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها. وأن كلاً منهم قَصَدَ قصْد الآخر في إيقاعها ووحدة الحق المعتدى عليه. أثر ذلك؟ اعتبارهم فاعلين أصليين في الضرب المفضي إلى موت متضامنين في المسئولية سواء عرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يعرف.
(4) ضرب "ضرب أفضى إلى موت". رابطة السببية. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة "تطبيقها" "عقوبة مبررة" "ظروف مخففة" وصف التهمة. نقض "المصلحة في الطعن".
انعدام مصلحة الطاعنين من نفي مسئوليتهم عن الوفاة ما دامت العقوبة المقضي بها عليهم تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجنحة الضرب باستعمال آلة. مثال:
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(6) إثبات "معاينة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء معاينة لم تطلب منها. غير جائز.

----------------
1 - من المقرر أن الجاني يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إذ كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها.
2 - من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه.
3 - لما كان ما أورده الحكم - فيما تقدم - كاف بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على الضرب من معيتهم في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قَصَدَ قصْد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية الضرب المفضي إلى موت ويرتب بينهم في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يعرف.
4 - انعدام مصلحة الطاعنين من نفي مسئوليتهم عن الوفاة ما دامت العقوبة المقضي بها عليهم وهي الحبس لمدة ثلاث سنوات مع الشغل تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجنحة الضرب باستعمال أداة المنطبقة عليها الفقرة الثالثة من المادة 242 من قانون العقوبات، ولا يغير من ذلك كون المحكمة قد عاملتهم بالمادة 17 من هذا القانون ذلك أن المحكمة إنما قدرت مبررات الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية ذاتها بغض النظر عن وصفها القانوني، ولو أنها كانت قد رأت أن الواقعة - في الظروف التي وقعت فيها - تقضي النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لما منعها من ذلك الوصف الذي وصفتها به.
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لشهادة شهود الإثبات على النحو الذي أثاروه في أسباب طعنهم إن هو إلا محض مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض.
6 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين قد طلبوا إلى المحكمة إجراء معاينة لمكان الحادث، فليس لهم بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شهود الإثبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: قتلوا.... عمداً بأن ضربوه بآلات حادة (سنج وسكاكين) في مواضع مختلفة من جسده ورأسه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ادعى كل من والد المجني عليه ووالدته وزوجته عن نفسها وبصفتها وصية عن نجلها القاصر مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات..... قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات باعتبار أن التهمة المنسوبة ضرب أفضى إلى الموت وبإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني، في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في القانون وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يقم على توافر الاتفاق فيما بينهم على ضرب المجني عليه، والواقعة كما أوردها الحكم لا توفر سوى التوافق بينهم على ذلك مما كان مقتضاه أخذهم بالقدر المتيقن في حقهم وهو الضرب وحده وفقاً للمادة 242/ 1 من قانون العقوبات، وأغفلت المحكمة دفاعهم القائم على أن ما ثبت من معاينة النيابة لمكان الحادث من تعذر رؤية الشهود للواقعة من أماكنهم - عدا...... - يوحي بكذب شهادتهم ولم تجر هي معاينة بنفسها للتحقق من ذلك. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بقوله: "أنه في يوم 17/ 1/ 1986 وأثناء جلوس المتهم الثالث.... على مقهى...... بحي المدبح حدثت مشادة بينه وبين المجني عليه - ...... واعتدى الأخير على المتهم المذكور بالضرب بآلة حادة أصابت رأسه وفر هارباً فتعقبه المتهم وشقيقاه المتهمان الأول والثاني واتفقت إرادتهم جميعاً على ضربه وإذ لحقوه كالوا له الضربات بآلات حادة في عدة مواضع من جسده بقدميه ويديه ووجهه ورأسه ولم يقصدوا من ذلك قتله فأحدثوا به جروحاً وكسوراً بالجمجمة أدت إلى وفاته". ودلل الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق الطاعنين بأدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن إقرار المتهم الثالث بمحضر الضبط ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد تحدث عن اتفاق الطاعنين على مقارفة الجريمة في قوله ".... وحيث إن المحكمة تستشف من ظروف الحادث وأن المتهمين قد اعتدوا على المجني عليه قاصدين ضربه بعد الشجار الذي حدث بين المجني عليه والمتهم الثالث وقد نشأ ذلك الاتفاق وجعلوا يتعقبونه عدواً حتى دخل منزله فلحقوا به تحقيقاً لهدف مشترك ورداً على اعتداء سابق بالضرب هو إيذاؤه وضربه جزاء ما اقترف". لما كان ذلك وكان من المقرر أن الجاني يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إذ كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي قضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها. وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم - فيما تقدم - كاف بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على الضرب من معيتهم في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قَصَدَ قصْد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهم فاعلين أصليين في جناية الضرب المفضي إلى موت ويرتب بينهم في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يعرف. فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون له محل. هذا فضلاً عن انعدام مصلحة الطاعنين من نفي مسئوليتهم عن الوفاة ما دامت العقوبة المقضى بها عليهم وهي الحبس لمدة ثلاث سنوات مع الشغل تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجنحة الضرب باستعمال أداة المنطبقة عليها الفقرة الثالثة من المادة 242 من قانون العقوبات، ولا يغير من ذلك كون المحكمة قد عاملتهم بالمادة 17 من هذا القانون ذلك أن المحكمة إنما قدرت مبررات الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية ذاتها بغض النظر عن وصفها القانوني، ولو أنها كانت قد رأت أن الواقعة - في الظروف التي وقعت فيها - تقضي النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لما منعها من ذلك الوصف الذي وصفتها به. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لشهادة شهود الإثبات على النحو الذي أثاروه في أسباب طعنهم إن هو إلا محض مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو الخوض بشأنه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين قد طلبوا إلى المحكمة إجراء معاينة لمكان الحادث، فليس لهم بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شهود الإثبات.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 481 لسنة 57 ق جلسة 5 / 4 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 93 ص 562

جلسة 5 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح خاطر ومسعود السعداوي ومحمود عبد العال ومحمود عبد الباري.

--------------

(93)
الطعن رقم 481 لسنة 57 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) هتك عرض. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن ما لا يقبل منها".
هتك العرض. كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عنده عاطفة الحياء. لا يشترط أن يترك أثراً بالمجني عليه. يكفي أن يقوم الجاني بكشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن بفعل آخر من أفعال الفحش.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال لخطأ غير مؤثر في عقيدة المحكمة.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط تطابق أقوال الشاهد على الحقيقة بجميع تفاصيلها. كفاية أن تؤدي الشهادة إليها باستنتاج سائغ تجريه المحكمة تتلاءم به مع عناصر الإثبات الأخرى.
(5) إجراءات المحاكمة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليه.
(6) جريمة "أركانها". خطف. إثبات "بوجه عام". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إبعاد الأنثى التي تجاوزت السادسة عشرة عن مكان خطفها بقصد العبث بها. باستعمال طرق احتيالية أو أية وسيلة من شأنها سلب إرادتها. كفايته لتحقق الجريمة المنصوص عليها في المادة 290 عقوبات.
مثال.
(7) خطف. إكراه. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ركن التحيل أو الإكراه. تقديره. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.

----------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر على الطاعنين حضورياً بتاريخ 7/ 4/ 1986 فقرر المحكوم عليه..... بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ...... - في الميعاد - بيد أنه لم يقدم أسباباً لطعنه. لما كان ذلك وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه. لما كان ذلك فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً.
2 - من المقرر أن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء ويستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره أن يترك الفعل أثراً بالمجني عليه كأحداث احتكاك أو إيلاج يترك أثراً - ويكفي لتوفر تلك الجريمة أن يقوم الجاني بكشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش لما في هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري.
3 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه قيداً ووصفاً واستخلاصاً أن الطاعن الثالث هو الذي كان يحمل المطواة التي استعملها في تهديد المجني عليها فإن ما جاء بالحكم خطأ من أن الطاعن الثاني هو الذي كان يحملها لا يعدو أن يكون زلة قلم لا تأثير لها في عقيدة المحكمة فيما انتهت إليه ولا في الصورة التي اعتنقتها لوقوع الحادث، ومن ثم فلا يجدي الطاعن ما يثيره في هذا الشأن.
4 - الأصل أنه لا يشترط أن تتطابق أقوال الشاهد على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
5 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم أن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم فإن ما ينعاه الطاعنان بخصوص اختلاف أوصافهما عن تلك التي أدلى بها شاهدي الإثبات الأول والثاني لا يكون له محل.
6 - لما كانت جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل والإكراه المنصوص عليها بالمادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت فيه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها. وإذ كان الحكم المطعون فيه وهو في معرض رده على دفاع الطاعنين بانتفاء ركن الإكراه في الدعوى قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة أخذاً بأقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها وأثبت أن المتهمين قد اعترضوا طريق المجني عليها والشاهدين الأول والثاني وأشهر المتهم الثالث. مطواة مهدداً بالاعتداء على الأخيرين حتى لاذا بالفرار ثم اقتادوا المجني عليها تحت تهديد السلاح إلى حظيرة الخيل وهتكوا عرضها وقطعوا صلتها بأهلها باحتجازها بحظيرة الخيل إلى أن حضر الضابط وقام بتخليصها منهم لما كان ذلك وكانت الأدلة التي تساند إليها الحكم في قضائه منتجة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه.
7 - من المقرر أن تقدير توفر ركن التحيل أو الإكراه في جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً كما هو الحال في هذه الدعوى، فإن ما يثيره الطاعنان عن انعدام ركن الإكراه أو ما بدت عليه المجني عليها من مظهر رضاء ينحل إلى جدل موضوعي في حق المحكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: خطفوا بطريق الإكراه....... الغير مميزة بأن أمسكوا بها حال سيرها بالطريق العام واقتادوها عنوة إلى حظيرة خيل كائنة بذات الطريق وهددها المتهم الثالث بمطواة "قرن غزال" كان يحملها. ثانياً: هتكوا عرض المجني عليها سالفة الذكر بالقوة والتهديد "بمطواة قرن غزال" يحملها المتهم الثالث وذلك بأن جردوها من ملابسها وجثم كل منهم فوقها وحك سوءته في جسدها. ثالثاً: المتهم الثالث أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال). وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 268/ 1، 2، 269/ 2، 290/ 1، من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30 من القانون رقم 194 لسنة 1954 - المعدل بالقوانين 75 لسنة 1958، 26 لسنة 1978، 195 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول الملحق به مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل متهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إليهم ومصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه صدر على الطاعنين حضورياً بتاريخ 7/ 4/ 1986 فقرر المحكوم عليه..... بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ ...... - في الميعاد - بيد أنه لم يقدم أسباباً لطعنه. لما كان ذلك وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه. لما كان ذلك فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منه شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين...... و....... استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الخطف وهتك العرض قد شابه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم أورد في مدوناته فضلاً عن اعتراف الطاعن الثالث أن الطاعنين الأول والثاني اقتادا المجني عليها إلى داخل الإسطبل وخلعا عنها ملابسها ثم جثم كل منهما فوقها رغم أن أقوال الطاعن الثالث لم تتضمن ذلك بالنسبة للطاعن الثاني وكل ما قرره بشأنه أنه دخل على المجني عليها بعد الطاعن الأول وبعد أن ارتدت ملابسها وأخذ يقبلها ويحتضنها، كما أورد الحكم عند التدليل على توافر جريمة الخطف في حق الطاعن الثاني أنه أشهر مطواة وهدد بها الشاهدين الأول والثاني حتى لاذا بالفرار رغم أن أوراق الدعوى لم تتضمن ذلك، وعول الحكم على أقوال ضابط قسم الجمالية التي نقلها عن المجني عليها رغم أنها لا تنصب إلا على واقعة إدخالها الإسطبل تحت تهديد المطواة التي كان يحملها الطاعن الثالث، دون تحديد لدور واضح للطاعن الثاني. والتفت الحكم إيراداً ورداً عن دفاع الطاعن الثاني من اختلاف أوصاف الطاعنين الأول والثاني عن تلك التي قرر بها الشاهدان رغم جوهرية هذا الدفاع هذا فضلاً عن ذلك الذي أثاره الدفاع من انعدام القصد الجنائي لدى الطاعنين لأن المجني عليها كانت تبدو في حالة رضاء على نحو ما جاء بتقرير الطبيب الشرعي الذي رجح أنها كانت تعاني من حالة مرضية وتبدو مرحة عندما قابلها المتهمون ومن شأن ذلك عدم توافر ركن الإكراه في حقهما وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع ولم يرد عليه فإنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وضابط قسم الجمالية ومن اعتراف المتهم الثالث بتحقيقات النيابة وما أبان عنه التقرير الطبي الشرعي عن حالة المجني عليها وكونها تعاني من اضطراب عقلي وما جاء بتحريات الشرطة. لما كان ذلك وكان من المقرر أن هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء ويستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره أن يترك الفعل أثراً بالمجني عليه كأحداث احتكاك أو إيلاج يترك أثراً - ويكفي لتوفر تلك الجريمة أن يقوم الجاني بكشف جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش لما في هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري، وكان ما أتاه الطاعن من أفعال سواء حسبما أوردها الحكم أو ما أقر به الطاعن في أسباب طعنه ما يكفي لتوافر هذه الجريمة، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه قيداً ووصفاً واستخلاصاً أن الطاعن الثالث هو الذي كان يحمل المطواة التي استعملها في تهديد المجني عليها فإن ما جاء بالحكم الخطأ من أن الطاعن الثاني هو الذي كان يحملها لا يعدو أن يكون زلة قلم لا تأثير لها في عقيدة المحكمة فيما انتهت إليه ولا في الصورة التي اعتنقتها لوقوع الحادث، ومن ثم فلا يجدي الطاعن ما يثيره في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يشترط أن تتطابق أقوال الشاهد على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم أن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم فإن ما ينعاه الطاعنان بخصوص اختلاف أوصافهما عن تلك التي أدلى بها شاهدي الإثبات الأول والثاني لا يكون له محل لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف الأنثى يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل والإكراه المنصوص عليها بالمادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت فيه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها. وإذ كان الحكم المطعون فيه وهو في معرض رده على دفاع الطاعنين بانتفاء ركن الإكراه في الدعوى قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة أخذاً بأقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها وأثبت أن المتهمين قد اعترضوا طريق المجني عليها والشاهدين الأول والثاني وأشهر المتهم الثالث. مطواة مهدداً بالاعتداء على الأخيرين حتى لاذا بالفرار ثم اقتادوا المجني عليها تحت تهديد السلاح إلى حظيرة الخيل وهتكوا عرضها وقطعوا صلتها بأهلها باحتجازها بحظيرة الخيل إلى أن حضر الضابط وقام بتخليصها منهم لما كان ذلك وكانت الأدلة التي تساند إليها الحكم في قضائه منتجة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه. وكان من المقرر أن تقدير توفر ركن التحيل أو الإكراه في جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً كما هو الحال في هذه الدعوى، فإن ما يثيره الطاعنان عن انعدام ركن الإكراه أو ما بدت عليه المجني عليها من مظهر رضاء ينحل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعاً.

الطعن 482 لسنة 57 ق جلسة 5 / 4 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 94 ص 570

جلسة 5 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح خاطر ومسعود السعداوي وطلعت الاكيابى ومحمود عبد الباري.

--------------

(94)
الطعن رقم 482 لسنة 57 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
بيانات حكم الإدانة؟ المادة 310 إجراءات.
(2) هتك عرض. جريمة "أركانها". إثبات "أوراق رسمية" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تحديد سن المجني عليه في جريمة هتك العرض المنصوص عليها في المادة 269 عقوبات ركن هام في الجريمة. لما يترتب عليه من أثر في توقيع العقوبة.
عدم الاعتداد في إثباته إلا بوثيقة رسمية أو بواسطة خبير.

---------------
1 - من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ وإلا كان الحكم قاصراً.
2 - لما كان تحديد سن المجني عليه في جريمة هتك العرض المنصوص عليها في المادة 269 من قانون العقوبات ركناً هاماً في الجريمة لما يترتب عليه من أثر في توقيع العقوبة، والأصل في إثبات السن لا يعتد فيه إلا بوثيقة رسمية، أما إذا ثبت عدم وجودها فتقدر السن بواسطة خبير، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يكشف عن سنده في تقدير سن المجني عليها وأطلق القول بأن سنها لم يبلغ ثماني عشرة سنة كاملة ولم يعن البتة باستظهار سن المجني عليها وقت وقوع الجريمة من واقع وثيقة رسمية أو الاستعانة بخبير عند عدم وجودها مع أنه ركن جوهري في الجريمة موضوع المحاكمة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: - هتك عرض المجني عليها..... التي لم تبلغ سنها ثماني عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد بأن أولج سوءته في دبرها حالة كونه من المتولين تربيتها وممن لهم سلطة عليها (شقيق والدها وزوج أمها) وذلك على النحو الموضح بالتحقيقات وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 267/ 2، 269/ 1، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض فتاة لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أن تحصيله لواقعة الدعوى جاء مبتوراً لا يبين منه توافر عناصر الجريمة التي دانه بها - مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد أدلة الثبوت فيها خلص إلى إدانة الطاعن بجريمة هتك عرض المجني عليها التي لم تبلغ سنها ثماني عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد حالة كونه من المتولين تربيتها وممن لهم سلطة عليها طبقاً للمادتين 267/ 2 و269 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ وإلا كان الحكم قاصراً. وكان تحديد سن المجني عليه في جريمة هتك العرض المنصوص عليها في المادة 269 من قانون العقوبات ركناً هاماً في الجريمة لما يترتب عليه من أثر في توقيع العقوبة، والأصل في إثبات السن لا يعتد فيه إلا بوثيقة رسمية، أما إذا ثبت عدم وجودها فتقدر السن بواسطة خبير، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يكشف عن سنده في تقدير سن المجني عليها وأطلق القول بأن سنها لم يبلغ ثماني عشرة سنة كاملة ولم يعن البتة باستظهار سن المجني عليها وقت وقوع الجريمة من واقع وثيقة رسمية أو الاستعانة بخبير عند عدم وجودها مع أنه ركن جوهري في الجريمة موضوع المحاكمة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور - الذي يتسع له وجه الطعن - مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى كما صار إثباتها بالحكم ومن ثم يتعين نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 109 لسنة 57 ق جلسة 1 / 4 / 1987 مكتب فني 38 ج 1 ق 88 ص 530

جلسة 1 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان، محمد ممدوح سالم، محمد رفيق البسطويسي (نواب رئيس المحكمة) وفتحي خليفة.

--------------

(88)
الطعن رقم 109 لسنة 57 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". "نظر الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها.
(2) إعدام. نيابة عامة. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام؟
(3) اختصاص "اختصاص مكاني" "اختصاص إقليمي". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سريان أحكام قانون العقوبات المصري على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه.
مكان ارتكاب الجريمة هو الذي يتحقق فيه الركن المادي أو جزء منه. قيامه على ثلاثة عناصر الفعل والنتيجة وعلاقة السببية فيها. مؤدى ذلك؟
(4) محاماة. قتل عمد. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم التزام المحامي بخطة الدفاع التي يرسمها المتهم لنفسه. وله أن يسلك في القيام بهذه المهمة الخطة التي يرى هو بمقتضى شرف مهنة المحاماة وتقاليدها أن في اتباعها ما يحقق مصلحة من وكل إليه الدفاع عنه.
لا يصح في مقام الإدانة أن يؤخذ المتهم بأقوال محاميه ما دامت خطة الدفاع متروكة لرأيه.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟

---------------
1 - حق النيابة العامة عرض القضية بمذكرة على المحكمة دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على مراعاة ميعاد الأربعين يوماً المحدد في المادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتتبين - من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته.
2 - وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي من تلقاء نفسها نقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان.
3 - لما كانت المادة الأولى من قانون العقوبات قد نصت على أن "تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه" ونصت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه"، وكان مكان ارتكاب الجريمة هو المكان الذي يتحقق فيه ركنها المادي أو جزء من هذا الركن والذي يقوم على ثلاثة عناصر، الفعل والنتيجة وعلاقة السببية بينهما، وتعتبر الجريمة أنها ارتكبت في المكان الذي وقع فيه الفعل المادي وفي المكان الذي حدثت فيه النتيجة وفي كل مكان تحققت فيه الآثار المباشرة للفعل والتي تتكون منها الحلقات السببية التي تربط بين الفعل والنتيجة.
4 - لما كان وجود محام بجانب المتهم في المواد الجنائية للدفاع عنه لا يقتضي أن يلتزم المحامي خطة الدفاع التي يرسمها المتهم لنفسه، بل له أن يسلك في القيام بهذه المهمة، الخطة التي يرى هو بمقتضى شرف مهنة المحاماة وتقاليدها - أن في اتباعها ما يحقق مصلحة من وكل إليه الدفاع عنه، فإنه لا يجوز للمحكمة أن تستند إلى شيء من أقواله هو في إدانة موكله، إذ لا يصح - في مقام الإدانة - أن يؤخذ المتهم بأقوال محاميه، ما دامت خطة الدفاع متروكة لرأي الأخير وتقديره وحده، وإذ كان الحكم قد عول في الإدانة - من بين ما عول عليه - على ما ورد على لسان محامي المحكوم عليها - على السياق المتقدم - فإنه يكون قد اعتمد في قضائه على دعامة فاسدة تبطله وتوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدم من المحكوم عليها. ولا يعصم الحكم من البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداهما أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة في قضية الجناية بأنها: قتلت كل من..... و ..... و...... ومجهولين عمداً مع سبق الإصرار بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلاً أو آجلاً بأن استحضرت علبة حلاوة طحينية وخلطت بها مبيداً حشرياً من مركبات الكلور العضوية السامة وأرسلتها لزوجها المجني عليه الأول مع........ بدولة العراق قاصدة قتله فتناول منها والمجني عليهم سالفي الذكر فحدثت بهم الإصابات والأعراض الموصوفة بالتقارير الطبية الشرعية والتي أودت بحياتهم. وأحالتها إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من..... و..... مدنياً قبل المتهمة بإلزامها بأن تؤدي لهما مبلغ 101 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنايات المنصورة وبإجماع الآراء أحالت أوراق المتهمة إلى فضيلة مفتي الجمهورية وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادتين 231، 233 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمة بالإعدام شنقاً وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض. كما عرضت النيابة العامة القضية على هذه المحكمة بمذكرة مشفوعة برأيها.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة - رأت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها - إعمالاً لنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على مراعاة ميعاد الأربعين يوماً المحدد في المادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتبين - من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف البيان تنص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام المتقدمة إذا كان الحكم صادراً حضورياً بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها وذلك في الميعاد المبين في المادة 34 وتحكم المحكمة طبقاً لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة 35 والفقرتين الثانية والثالثة من المادة 39" ومفاد ذلك أن وظيفة محكمة النقض في شأن الأحكام الصادرة بالإعدام ذات طبيعة خاصة تقتضيها أعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة موضوعية وشكلية وتقضي من تلقاء نفسها ينقض الحكم في أية حالة من حالات الخطأ في القانون أو البطلان.
ومن حيث إن طعن المحكوم عليها استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الدعوى الجنائية قد رفعت على المحكوم عليها بوصف أنها في يوم 16/ 8/ 1984 بدائرة مركز المنصورة قتلت كلاً من......... وآخرين عمداً مع سبق الإصرار بجواهر تسبب عنها الموت بأن استحضرت علبة حلاوة طحينية وخلطت بها مبيداً حشرياً..... وأرسلتها لزوجها المجني عليه الأول إلى دولة العراق قاصدة قتله فتناول منها والمجني عليهم فحدثت بهم الإصابات التي أودت بحياتهم. لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من قانون العقوبات قد نصت على أن "تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه" ونصت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه"، وكان مكان ارتكاب الجريمة هو المكان الذي يتحقق فيه ركنها المادي أو جزء من هذا الركن والذي يقوم على ثلاثة عناصر، الفعل والنتيجة وعلاقة السببية بينهما، وتعتبر الجريمة أنها ارتكبت في المكان الذي وقع فيه الفعل المادي وفي المكان الذي حدثت فيه النتيجة وفي كل مكان تحققت فيه الآثار المباشرة للفعل والتي تتكون منها الحلقات السببية التي تربط بين الفعل والنتيجة. وإذ كانت واقعة الدعوى كما وردت في أمر الإحالة وفي الحكم هي أن المحكوم عليها سلمت علبة الحلوى المسمومة إلى.... ليسلمها بدوره إلى زوجها بالعراق، وأن التسليم قد تم بدائرة مركز المنصورة، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن المحكوم عليها تقيم بها وقبض عليها فيها، فإن محكمة جنايات المنصورة تكون مختصة بنظر الدعوى إعمالاً لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية آنفة الذكر اعتباراً بأنها المحكمة التي أفرغت المحكوم عليها نشاطها الإجرامي كله في دائرتها، ولا يحول دون ذلك أن يكون المجني عليهم قد تناولوا الحلوى المسمومة وقضوا نحبهم في العراق ما دامت واقعة تسليم المادة السامة - وهي حلقة من حلقات النشاط الإجرامي التي أودت بحياة المجني عليهم - قد تمت بدائرة مركز المنصورة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد عول - من بين ما عول عليه - في التدليل على علم المحكوم عليها بوجود السم في الحلوى على قوله "رغم اعتراف المتهمة بلسان محاميها بالجلسة بإرسالها علبة الحلاوة لزوجها فلم تحاول تبرير وجود المادة السامة فيها أو حتى تحاول البحث عن فاعل غيرها لهذه الجريمة البشعة ولكل الذي فعلته عن طريق عشيقها....." لما كان ذلك، وكان وجود محام بجانب المتهم في المواد الجنائية للدفاع عنه لا يقتضي أن يلتزم المحامي خطة الدفاع التي يرسمها المتهم لنفسه، بل له أن يسلك في القيام بهذه المهمة، الخطة التي يرى هو بمقتضى شرف مهنة المحاماة وتقاليدها - أن في اتباعها ما يحقق مصلحة من وكل إليه الدفاع عنه، فإنه لا يجوز للمحكمة أن تستند إلى شيء من أقواله هو في إدانة موكله، إذ لا يصح - في مقام الإدانة - أن يؤخذ المتهم بأقوال محاميه، ما دامت خطة الدفاع متروكة لرأي الأخير وتقديره وحده، وإذ كان الحكم قد عول في الإدانة - من بين ما عول عليه - على ما ورد على لسان محامي المحكوم عليها - على السياق المتقدم - فإنه يكون قد اعتمد في قضائه على دعامة فاسدة تبطله وتوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدم من المحكوم عليها. ولا يعصم الحكم من البطلان ما قام عليه من أدلة أخرى، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد يتعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.