الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 30 نوفمبر 2023

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّةَ 2 : إِلْغَاءُ اَلتَّشْرِيعِ وَنُسَخِ أَحْكَامِهِ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ

مادة 2  (1)

لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء ، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم ، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع.


التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها ، ولكن يقابلها المادة 4 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية ونصها : " لا يبطل نص من القوانين والأوامر إلا بنص قانون أو أمر جديد يتقرر به بطلان الأول . ".

المشروع التمهيدي : (2)

مادة 4 - لا يجوز إلغاء نصوص القانون إلا بقانون لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص القانون القديم ، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده القانون القديم.

 

القضاء المصري :

مطابق : السنطة الجزئية ۳۰ مايو ۱۹۱5 مرجع القضاء ٢٤٦ ص ١٠٨ ومصر ۱۷ إبريل ۱۹۲۷ مرجع القضاء ۳۹۹۰ ص ۱۰۲۳ ، نقض ٤ ديسمبر ١٩٣٠ مرجع القضاء ۳۹۹۷ ص ۱۰۲5 واستئناف مختلط ١٤ مارس ۱۹۰۷ ب ۱۹ ص ۱5۲ و 1 أبريل ١٩٤٠ ب ٥٩ ص ٢٠٤ - وفيما يتعلق بتنظيم الموضوع بأسره من جديد ١٥ يناير ١٩١٤ ب ٢٦ ص ١٤١ .

 

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 – احتذى المشروع في هذا النص مثال التقنين المدني الإيطالي الصادر في سنة 1938 في مادته الخامسة فلم يقتصر على التصريح بالقاعدة العامة في النسخ كما تقررها المادة 4 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية بل عني بمواجهة صور النسخ الضمني وبذلك قنن القواعد التي استقر عليها قضاء المحاكم الأهلية والمختلطة من قبل .

2 - والأصل في نسخ التشريع أن يتم بنص صريح يتضمنه تشريع لاحق، وهذا هو النسخ الصريح، إلا أن النسخ قد يكون ضمنياً وللنسخ الضمني صورتان: فإما أن يصدر تشريع جديد يشتمل على نص يتعارض تعارضاً تاماً مع نص في التشريع القديم وفي هذه الحالة يقتصر النسخ على الحدود التي يتحقق فيها التعارض، وإما أن يصدر تشريع جديد ينظم تنظيما كاملاً وضعا من الأوضاع أفرد له تشريع سابق، وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخاً جملة وتفصيلاً ولو انتفى التعارض بين بعض نصوص هذا التشريع ونصوص التشريع الذي تلاه، . وقد أخذ القضاء بهذه التفرقة فقضت محكمة الاستئناف المختلطة (15 يناير سنة 1914 ب 26 ص 141) بأنه « إذا تعلق التعارض بين التشريع السابق والتشريع اللاحق بالمبدأ الذي أسس عليه التشريع السابق وجب أن يتناول النسخ أحكام هذا التشريع جميعاً وفي غير هذه الحالة لا يتناول النسخ إلا النصوص التي تتعارض تعارضاً مطلقاً مع نصوص التشريع الجديد ».

3 - وغني عن البيان أن النص على عدم جواز نسخ التشريع إلا بمقتضى تشريع آخر يستتبع عدم جواز نسخ النص التشريعي بمقتضى عرف لاحق (انظر المادة 5 من التقنين المدني الإسباني) .

المشروع في لجنة المراجعة :

تليت المادة 4 فاقرتها الجنة مع تعديلها تعديلا لفظياً ملائماً . وأصبح نصها :

لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء ، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم ، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع.

وأصبح رقمها 2 في المشروع النهائي . (3)

المشروع في مجلس النواب :

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 2 . (4)

المشروع في مجلس الشيوخ :

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت على المادة دون تعديل وأصبح رقمها 2 .

مناقشات المجلس:

وافق المجلس على المادة دون تعديل. (5)

 

 



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 193 وما بعدها .

(2) مادتان محذوفتان ۲ و ۳ :

المادة ٢ - يتعين على القاضي في جميع الأحوال أن يفصل في القضية التي تُعرض عليه وإلا عُد ممتنعاً عن أداء العدالة .

التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها ولكن يقابلها المادتان ٦٥٤ / ٧٤٦ و ٦٥٥ / ٧٤٧ من تقنين المرافعات المصري .

المادة ٦٥٤ / ٧٤٦ مرافعات : تقبل مخاصمة القضاة في الأحوال الآتية :

أولا - إذا سكت القاضي عن الحق .

والمادة ٦٥٥ / ٧٤٧ مرافعات : السكوت عن الحق هو امتناع القاضي عن الإجابة على العريضة المقدمة إليه أو امتناعه عن الحكم في قضية قابلة للحكم عند حلول دورها.

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - يعتبر الحكم الوارد في هذه المادة نتيجة منطقية لنص المادة الأولى الخاصة ببيان مصادر القانون فمتى كان للقاضي أن يلجأ إلى العرف ثم إلى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة عند عدم وجود نص في التشريع فليس له أن ينكل عن الفصل فيما يطرح عليه ، ويراعى أن المادتين ٦٥٤ / ٧٤٦ و ٦٥5 / ٧٤٧ من قانون المرافعات تبيحان اختصام القاضي إن « سكت عن الحق» وتعمدان إلى بيان المقصود « بالسكوت عن الحق» ، كما أن المادتين ۱۲۱ و ۱۲۲ من قانون العقوبات تجعلان من هذا السكوت جريمة دون أن يتضمن القانون المدني نصاً صريحاً في شأن إلزام القاضي بواجب الفصل.

2 - ولذلك حذا المشروع حذو بعض التقنينات الأجنبية وأفرد لهذا الواجب نصاً خاصاً ، وقد أغناه إيراد هذا النص عقب النص المتعلق ببيان المصادر عن التعرض لتفاصيل الأسباب التي قد يتعلل بها القاضي للامتناع عن الفصل ، فقنع بالنص على أن القاضي لا يجوز له أن ينكل عن القضاء في أي حال ولم ينقل عن التقنينات الأجنبية (م ٤ من التقنين المدني الفرنسي وم ٦ من التقنين المدني الإسباني) عبارة  « بدعوى سكوت النص أو غموضه أو قصوره » باعتبارها تزيدا في التفصيل .

3 - ويلاحظ أن واجب القاضي في الفصل لا يقتصر على حدود ما يطلب إليه القضاء فيه بمقتضى سلطته القضائية بل هو يتناول فوق ذلك سلطته الولائية ، ولذلك يحسن أن يستعاض عن عبارة « أن يفصل في القضية التي تعرض عليه» بعبارة « أن يفصل فيما يطرح عليه » تمشيا مع الأحكام المقررة في المادة ٦٥٥ / ٧٤٧ من قانون المرافعات .

المادة 3 :

(۱) تصبح القوانين نافذة في جميع أنحاء الدولة متى أصدرت وفقاً لأحكام الدستور.

(۲) وتصبح قابلة للتطبيق في كل ناحية من مصر من الوقت الذي يستطاع فيه العلم بالإصدار .

(۳) ويعتبر الإصدار معلوماً في جميع أنحاء الدولة بانقضاء ثلاثين يوماً من نشر هذه القوانين ، ويجوز إنقاص هذه المدة أو زيادتها بنص صريح .

(٤) ويكون نشر القوانين بإدراجها في الجريدة الرسمية .

التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها ولكن يقابلها المادة ٢٦ من الدستور ونصها :

« تكون القوانين نافذة في جميع القطر المصري بإصدارها من جانب الملك ويستفاد هذا الإصدار من نشرها في الجريدة الرسمية» .

وتنفذ في كل جهات القطر المصري من وقت العلم بإصدارها .

ويعتبر إصدار تلك القوانين معلوماً في جميع القطر المصري بعد نشرها بثلاثين يوماً ، ويجوز قصر هذا الميعاد أو مده بنص صريح في تلك القوانين.

--------------------

هذه المادة من المواد التي نظرتها لجنة المرحوم كامل صدقي باشا وفيما يلي مناقشات تلك اللجنة عنها :

محضر جلسة ٢٩ يناير سنة ١٩٣٨

ذكر المسيو انطونيو بنيتا أنه تبين بعد تبادل وجهات النظر ضرورة استهلال النصوص التمهيدية بإيراد القواعد الخاصة بإصدار القانون ونشره وهي المنصوص عليها في المادة ٢٦ من الدستور .

فتساءل المسيو ليون باسار وفؤاد بك حسني عما إذا كان من الضروري حقاً إعادة النص في صدر القانون المدني على قواعد وردت بشأنها نصوص دستورية عامة أم يكتفى بالإشارة إلى النصوص الدستورية الخاصة بها .

فأجاب المسيو بنيتا بأن ورود هذه القواعد في عدد كبير من دساتير الدول الأجنبية لم يمنع من تكرارها کنصوص تمهيدية في صدر القانون المدني الخاص بهذه الدول ، بل إنه يرى من المناسب جرياً على التقاليد المألوفة أن تدون هذه القواعد في مقدمة الباب التمهيدي للقانون المدني المصري .

وبعد تبادل الرأي ، وافقت اللجنة بالإجماع على إيراد نص المادة ٢٦ من الدستور المصري كمادة أولى للباب التمهيدي للقانون المدني .

ثم تلا المسيو بنيتا هذا النص محوراً على الوجه الآتي :

« تصبح القوانين نافذة في جميع أنحاء الدولة متى صدرت وفقا لأحكام الدستور ويكون نشر القوانين بإدراجها في الجريدة الرسمية ».

« وتصبح قابلة للتطبيق في كل ناحية من مصر من الوقت الذي يستطاع فيه العلم بإصدارها ».

«ويعتبر الإصدار معلوماً في جميع أنحاء الدولة بانقضاء ثلاثين يوماً من نشر هذه القوانين».

«ويجوز إنقاص هذه المدة أو زيادتها بنص صريح في القانون » .

وقد وافقت اللجنة على هذا النص .

ثم لاحظ المسيو موريس دي فوية أن هذا النص عام بحيث يكون من الأوفق إيراده مع ما يماثله من أحكام ذات صبغة عامة في باب تمهيدي تصدر به جميع القوانين.

واكتفت اللجنة بإثبات هذه الملاحظة .

القضاء المصري :

الفقرة (۱) ۲۹ إبريل ۱۹۰۸ ب ۲۰ ص ۲۲۱ ، ۳۱ مارس ۱۹۳۸ ب ٥٠ ص ۲۰۳ وفيما يتعلق بسلطة المحاكم في بحث استيفاء الشرائط الدستورية من حيث الشكل : أنظر تلا الجزئية 3 يناير ١٩٢٦ المحاماة س ٦ ص ٣٤٦ واستئناف مصر ٧ إبريل سنة ١٩٣٠ المحاماة س ١٠ ص ٨٥٨ وفيما يتعلق بعدم نفاذ المعاهدات إلا أن يصدر بذلك قانون ، استئناف مختلط ١٦ أبريل ١٩٣٨ ب ٥٠ ص ۲۳۸.

الفقرتان ( ٣,٢ ) فيما يتعلق بعدم جواز الاعتذار يجهل القانون نقض ۲۲ مايو ۱۹۳۳ مجموعة عمر ج ۳ ص ١٨٥ ، واستئناف مختلط ۱۸ فبراير ١٩١٤ ب ٢٦ ص ۲۳۳ ، 4 مارس ١٩١٤ ب ٢٦ ص ٢٥٩ ، ١٤ نوفمبر ۱۹۳۸ ب 5۱ ص ۲۱ .

الفقرة (٤) فيما يتعلق بوجوب النشر في الجريدة الرسمية - استئناف أهلي ٢٤ مايو ١٨٨٧ الحقوق ٦ ص ٢٥٩ ، استئناف مختلط ۲۷ یونیه ۱۸۹۷ ب ۹ ص ۱۳۷ .

مذكرة المشروع التمهيدي :

۱ - تتضمن هذه المادة الأحكام المتعلقة بنفاذ القانون فتحيل فقرتها الأولى إلى قواعد الدستور المقررة في هذا الشأن وتنقل عن المادة ٢٦ من الدستور المصري سائر الأحكام التي اشتملت عليها الفقرات الثانية والثالثة والرابعة مع تعديل طفيف في صياغتها ، ومتى صدر التشريع واستكملت بصدده الإجراءات التي قررها الدستور وجب على المحاكم أن تأتمر به بوصفه قانوناً ولا يجوز لها أن تبحث في دستوريته من حيث الموضوع .

2 - ويراعى من ناحية أن كل ما يراد إنزاله منزلة القانون في الإلزام لا بد أن تتبع فيه الإجراءات المقررة في المادة ٢٦ من الدستور . ولذلك لا تعتبر المعاهدات التي تعقدها الدولة مع غيرها من الدول ملزمة للأفراد في الحدود التي تقضي فيها بهذا الإلزام إلا إذا صدر بذلك قانون ( استئناف مختلط ١٦ إبريل ۱۹۳۸ ب ٥٠ ص ۳۲۸ ) .

3 - ويراعى من ناحية أخرى أن القرينة التي قررتها الفقرة ٣ فيما يتعلق بافتراض العلم بالقانون بمجرد انقضاء المدة المعينة التالية لنشره تعتبر من قبيل القرائن القاطعة كقاعدة عامة ، ولذلك تغني هذه الفقرة عن النص على القاعدة التقليدية التي لا تجيز الاعتذار بالجهل بأحكام القانون ، على أن تقرير القرينة المتقدم ذكرها لا يتنافى مع جواز التمسك بالغلط في القانون باعتباره عيباً من عيوب الرضا ( أنظر المادة ١٦٩ من المشروع ) .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادتان ۲ و ۳ واقترح حذفهما الأولى لعدم الحاجة إليها والثانية اكتفاء بورود الحكم الوارد بها في الدستور فوافقت اللجنة .

(3) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 197.

(4) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 197.

(5) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 197.

الطعن 338 لسنة 42 ق جلسة 3 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ج 2 ق 284 ص 1505

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود؛ وعضوية السادة المستشارين محمد محمد المهدي، محمد الباجوري، وصلاح الدين نصار، إبراهيم هاشم.

---------------
(284)
الطعن رقم 338 لسنة 42 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن. محكمة الموضوع.
توافر التماثل أو انعدامه بين العين المؤجرة وعين المثل. واقع يستقل بتقديره قاضي الموضوع.
(2) إيجار "إيجار الأماكن".
تحديد الحد الأقصى لأجرة الأماكن المنشأة في أول يناير 1944. مادة 4 قانون 121 سنة 1947. الاعتداد بأجرة المثل. شمول هذه الأجرة الزيادات القانونية. دلالة ذلك. شمول الأجرة المقضي بها لعين النزاع تلك الزيادات.

-----------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن توافر التماثل أو انعدامه بين العين المؤجرة وعين المثل لا يعدو أن يكون من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع طالما كان استخلاصه سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها.
2 - مفاد نص المادة الرابعة من القانون 121 سنة 1947 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجب لتعيين الحد الأقصى لأجور الأماكن المنشأة قبل أول يناير 1944 أن تزداد الأجرة بنسبة مئوية تختلف باختلاف وجوه استعمال الأماكن والطريقة التي تستغل بها وتحتسب بمعدل 45% بالنسبة للمحال المؤجرة لأغراض تجارية إذا كانت الأجرة المتفق عليها أو أجرة المثل لا تتجاوز خمسة جنيهات شهرياً، ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه حدد أجرة الدكان محل النزاع على ضوء أجرة الدكان المجاور باعتبارها مماثلة من واقع تحديدها طبقاً للثابت بالحكم الصادر في الدعوى....، وكان البين من استظهار هذا الحكم الأخير أنه حدد أجرة المثل للمحل المسترشد به عملاً بحكم المادة الرابعة من القانون 121 لسنة 1947، مما يدل على أن الأجرة المقضي بها في الحكم المطعون فيه شاملة الزيادة القانونية، وبالتالي فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 172 لسنة 1970 مدني أمام محكمة دمياط الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتحديد أجرة العين المبينة بصحيفة الدعوى بمبلغ مائتي قرش شهرياً بخلاف ما يلحقها من تخفيضات وفق القوانين المتتابعة، وقال بياناً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 4/ 1957 استأجر من الطاعن الدكان المبين بالصحيفة بأجرة شهرية قدرها ثلاثة جنيهات خفضت إلى مائتين وواحد وستين قرشاً، وإذ كانت الأجرة القانونية مائتي قرش وفق الثابت بالدعوى رقم 11 لسنة 1957 مدني دمياط الابتدائية بخلاف ما يلحقها من تخفيضات حسب القوانين المتتابعة، فقد أقام دعواه بطلبه سالف البيان. وبتاريخ 22/ 4/ 1970 حكمت المحكمة بندب أحد الخبراء لمعاينة العين موضوع النزاع وبيان تاريخ إنشائها وأجرتها أو أجرة المثل مع إجراء الإعفاءات المقررة بالقانون رقم 169 لسنة 1961 إن كان لها وجه، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 28/ 4/ 1971 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 89 لسنة 3 ق مدني المنصورة (مأمورية دمياط) طالباً إلغاءه والقضاء بطلباته. حكمت محكمة الاستئناف بتاريخ 9/ 4/ 1972 بإلغاء الحكم المستأنف وبتخفيض أجرة العين المؤجرة المبينة بعقد الإيجار المؤرخ أول أبريل سنة 1957 إلى مبلغ 109 قروش شهرياً. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى الطاعن بالوجه الأول منه على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول: إن الحكم استند في قضائه بالتخفيض إلى مماثلة عين النزاع من كافة الوجوه لدكان مجاور كائن في ذات العقار مملوك لشقيقته في حين أنه قام بتزويد عين النزاع بالمياه والنور وأجرى بها بعض الإصلاحات التي تعوز عين المثل. كما أن هذه العين الأخيرة مؤجرة من شقيقته بأقل من أجر المثل مجاملة لمستأجرها وهو خال زوجها، الأمر الذي يجعل المقارنة منتفية بينهما، ويعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن توافر التماثل أو انعدامه بين العين المؤجرة وعين المثل لا يعدو أن يكون من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع طالما كان استخلاصه سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في خصوص سبب النعي قوله".... لا محل من بعد لما ذهب إليه المستأنف ضده - الطاعن - من أنه أجرى بالعين محل المنازعة تعديلات جوهرية، وأن أجرة مثيلها روعي فيه قرابة مستأجره..... لشقيقته؛ لا محل لذلك كله لأنه فضلاً عن أن المستأنف ضده أقر صراحة بمحضر أعمال الخبير بأن محل النزاع على حالة لم يحصل فيه تعديل أو تغيير، فإن الخبير لم يثبت حصول مثل هذه التعديلات في تقريره ثم إن الإدعاء بأن أجرة عين المثل روعي فيها مجاملة المستأجر ينفيه تظلم المستأجر من هذه الأجرة وإقامة الدعوى رقم 59 لسنة 1967 كلي دمياط المتضمنة طلب تخفيضها....." وهو تقرير موضوعي سائغ ومؤد وله سنده من الأوراق، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه مع افتراض جواز الاستهداء بأجر عين المثل لتحديد أجرة العين محل النزاع فقد كان يتعين زيادة الأجرة بنسبة 45% من قيمة الإيجار الشهري عملاً بالفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947، وإذ أغفل الحكم إعمال هذه الزيادة رغم أن المكان مؤجر لأغراض تجارية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "لا يجوز أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار التي أبرمت منذ أول مايو 1941 على أجرة شهر أبريل 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر إلا بمقدار ما يأتي (أولاً) فيما يتعلق بالمحال المؤجرة لأغراض تجارية أو صناعية والمحال العامة 45% إذا كانت الأجرة المتفق عليها أو أجرة المثل لا تتجاوز خمسة جنيهات شهرياً....." يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يجب لتعيين الحد الأقصى لأجور الأماكن المنشأة قبل أول يناير 1944 أن تزاد أجرة الأساس بنسب مئوية تختلف باختلاف وجوه استعمال الأماكن والطريقة التي تستغل بها، وتحتسب بمعدل 45% بالنسبة للمحال المؤجرة لأغراض تجارية إذا كانت الأجرة المتفق عليها أو أجرة المثل لا تتجاوز خمسة جنيهات شهرياً، ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه حدد أجرة الدكان محل النزاع على ضوء أجرة الدكان المجاور باعتبارها مماثلة من واقع تحديد أجرتها طبقاً للثابت بالحكم الصادر بتاريخ 9/ 4/ 1969 في الدعوى رقم 59 لسنة 1967 مدني دمياط الابتدائية المرددة بين شقيقة الطاعن وشريكته في ملكية العقار وبين المستأجر لعين المثل، وكان البين من استظهار هذا الحكم المرفق بتقرير الخبير أنه حدد أجرة المثل للمحل المسترشد به معملاً حكم المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 آنفة الذكر، وأن الأجرة الأصلية كانت 75 قرشاً شهرياً زيدت بنسبة 45% فأصبحت مقربة بمبلغ 109 قرشاً، مما يدل على أن الأجرة المقضي بها شاملة الزيادة القانونية، وبالتالي فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّة 1 : مَصَادِر اَلْقَانُونِ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


مادة 1 (1)

1 - تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها.

2 - فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه ، حكم القاضي بمقتضى العرف ، فإذا لم يوجد ، فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية ، فإذا لم توجد ، فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.

---------------

التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها ، ولكن يقابلها المادة 29 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية . والمادة 52 من لائحة ترتيب المحاكم المختلطة . ونصهما :

المادة 29 ل . ت . م . أ : إن لم يوجد نص صريح بالقانون يحكم بمقتضى قواعد العدل ويحكم في المواد التجارية بمقتضى تلك القواعد أيضاً وبموجب العادات التجارية ".

المادة 52 ل . ت . م . م : إذا لم يوجد في القانون نص ينطبق على الحالة المعروضة أو كان النص قاصراً أو غامضاً يتبع القاضي مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدل والإنصاف .".

المشروع التمهيدي:

مادة 1 -

1 - تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها.

2 - فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه ، حكم القاضي بمقتضى العرف ، فإذا لم توجد ، فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.

3 – ويستلهم في ذلك الأحكام التي أقرها القضاء والفقه مصرياً كان أو أجنبياً وكذلك يستلهم مبادئ الشريعة الإسلامية . (2).


القضاء المصري :

الفقرة 1 – إسكندرية 20 نوفمبر 1896 القضاء 4 ص 96 ونقض جنائي 28 نوفمبر 1901 الحقوق 16 ص 285 و 9 يونيه 1906 مج ر 8 ص 74 رقم 36 و ۲۳ فبراير ۱۹۱۱ ب ۲۳ ص ۱۹4 و ۲ ديسمبر ١٩٢٦ ب ٣٩ ص ٤٤ و ٢٤ مايو ۱۹۲۷ ب ۳۹ ص ٥٠٥ و ٢٦ ديسمبر ١٩٣٣ ب ٤٦ ص ٩٥ و ١٩ فبراير ١٩٣٤ ب ٤٦ ص ۱۷۱ .

الفقرة ٢ - استئناف مصر ٩ يونيه ۱۸۹۱ الحقوق ٦ ص ١٤٥ ومصر ١١ أبريل ١٩٠٥ مج ر ٦ ص ١٤٠ واستئناف مصر ۲۷ فبراير ۱۹۲۳ المحاماة ٣ ص ٤٠٤ ومصر ٢٦ ديسمبر ۱۹۲۲ المحاماة ۳ ص ۷۷ واستئناف مصر ٥ يناير ١٩٢٤ المحاماة 5 ص ٣٢٤ وأسيوط الجزئية ١٦ فبراير ١٩٢٤ المحاماة ٤ ص ٩٤١ والزقازيق ٢٧ أكتوبر ۱۹۲۹ المحاماة ۱۰ ص ٣٣٤ و نقض مدنى ٢٨ مارس ١٩٤٠ المحاماة ٢٠ ص ١٣٧٤ ومصر ١٤ أبريل ١٩٤٠ المحاماة ۲۰ ص ۱۲۱۳ و ١٢١٤ واستئناف مختلط ۲۳ فبراير ۱۹۱۰ ب ۲۲ ص ۱6۲ و ۲۷ مايو ۱۹۳۰ ب ٤٢ ص 5۱۷ و ۱۸ ديسمبر ۱۹۳۰ ب ٤٣ ص ٩٤ و ۲۰ يناير ۱۹۳۱ ب ٤٣ ص ١٦١ و١٦ ديسمبر ١٩٣١ ب ٤٤ ص ٦٥.

وفيما يتعلق بقواعد العدالة والقانون الطبيعي استئناف مختلط ١٩ مايو ١٩١٥ ب ۲۷ ص ٣٤٢ و ١٨ أبريل ١٩٣٥ ب ٤٧ ص ٢٥٧ .

الفقرة ٣ - أنظر المنصورة الابتدائية ٢٣ سبتمبر ١٩٢٤ المحاماة ٥ ص ٣٣٧ و ۳۰ یونیه ۱۹۳۰ المحاماة ۱۱ ص ٦٢٦ واستئناف مختلط ۹ فبراير ۱۹۳۷ ب ٤٩ ص ۹۸ و ۸ یونیه ۱۹۳۷ ب ٤٩ ص ٢٥٥ وفيما يتعلق بالشريعة الإسلامية استئناف أهلي ١٠ أغسطس ۱۸۹۱ الحقوق ۷ ص ۱۰5 واستئناف مختلط ١٤ ديسمبر ١٨٩٢ ب ٥ ص ٤٦ و ۲۳ مارس ۱۹۱۱ ب ۲۳ ص ۲۳5 و ۲۹ مارس ۱۹۲۳ ب ٣٥ ص ۳۳۰ و ۳ مارس ۱۹۳۷ ب ٤٩ ص ١٢٤.


مذكرة المشروع التمهيدي : (3)

۱ - جمع المشروع في هذه المادة ما يعرف في اصطلاح الفقه بمصادر القانون واسترشد في ذلك بالتقنينات الحديثة وبالتقنين السويسري بوجه خاص . وليس يقصد من جمع المصادر على هذا النحو إلى مجرد تعدادها بل يراد بوجه خاص بيان تدرجها من حيث الأولوية في التطبيق . ولا يتضمن التشريع المصري الوضعي فيما يتعلق بهذه المصادر إلا نصوصاً مبعثرة أهمها المادة ٢٩ من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية والمادة ٥٢ من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة بيد أن هاتين المادتين يشوبهما اضطراب في الصياغة وهما بعد لا تنزلان العرف منزلة تتناسب مع أهميته كمصدر تكميلي مرن يسد جانباً من نقص التشريع ويدأب على مسايرة التطور الدائم في نطاق الروابط الاجتماعية . فالمادة ۲۹ تحيل القاضي إلى قواعد العدل" إن لم يوجد نص صريح بالقانون " مع أن الصراحة قد تعوز النص ومع ذلك ينطوي فيه الحكم التشريعي ويتيسر استخلاصه من طريق التفسير ، وهي لا تعرض لتطبيق العرف إلا أن يتخذ صورة العادات التجارية ، في مواد التجارة . والمادة ٥٢ تحيل القاضي إلى قواعد العدل والقانون الطبيعي ، إذا لم يوجد في القانون نص ... أو كان النص قاصراً أو غامضا " وتغفل العرف إغفالاً تاماً . وهي إذ تفرق بين عدم وجود النص وقصوره وغموضه لا تقصد إلا مواجهة حالة نقص التشريع ولم يعدم هذا التفريق أثراً فيما خالط آراء الفقه والقضاء من لبس وإبهام .

2 – وتقتصر الفقرة الأولى على رسم حدود سريان التشريع من حيث الموضوع وهي تطابق في عبارتها الفقرة الأولى من المادة (1) من التقنين المدني السويسري وليس للتشريع في حكم هذه الفقرة ذلك السلطان الجامع المانع الذي آمن به فقهاء الشرح على المتون في مطلع القرن التاسع عشر . وإنما هو اهم مصادر القانون دون منازع ولا سيما في ظل نظام التقنين . ولذلك يخلق بالقاضي أن يلتمس الحكم الذي يطبق على النزاع في نصوص التشريع أولاً ومتى وجد الحكم فيه أو استخلصه منه تعين أن يمضيه وامتنع عليه الأخذ بأسباب الاجتهاد.

ونصوص التشريع تسري على جميع المسائل التي ينسحب عليها حكمه سواء استخلص هذا الحكم من عبارة النص أم من روحه . وليس أدعى إلى إسلاس تطبيق القواعد التشريعية وتيسير أسباب المرونة لها من تقصي روح النص، إما بالرجوع إلى مصادره التاريخية أو أعماله التحضيرية وإما باستنباط لوازمه أو بالكشف عن حقيقة مفهومه أو دلالته بطرق التفسير المختلفة. والإشارة إلى روح النص أو فحواه . أفضل في هذا المقام من إشارة المادة 3 من التقنين المدني الإيطالي الصادر في سنة 1938 إلى نية المشرع . فهذه النية أمر مستتر ، يفترض وجوده في الغالب ، قد لا يطابق الحقيقة في كثير من الأحيان وقد لا يتاح الوقوف عليه في أحيان أخرى .

فالواقع أن النص متى خرج من يد واضعيه اتصل بالحياة وتفاعل معها وأصبح للظروف الاجتماعية في تحديد نطاقه ومراميه شأن يجاوز في خطره تلك النية التي تقدم ذكرها .

3 – وتعرض الفقرة الثانية لحالة نقص التشريع فيحيل القاضي مبدئياً إلى العرف وهي في ذلك تتفق مع الفقرة 2 من المادة 1 من التقنين المدني السويسري . والواقع أن العرف هو المصدر الذي يلي التشريع في المرتبة فمن الواجب أن يلجأ إليه القاضي مباشرة إن افتقد النص . وإذا كانت المادة 29 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية قد اقتصرت على ذكر العادات التجارية فأكبر الظن أنها قصدت بذلك إلى استظهار ما للعرف من أهمية خاصة في المعاملات التجارية لا إلى قصر نطاق تطبيق نوع من أنواع القواعد العرفية على هذه المعاملات دون غيرها ، فالعرف هو المصدر الشعبي الأصيل الذي يتصل اتصالا مباشرا بالجماعة ويعتبر وسيلتها الفطرية لتنظيم تفاصيل المعاملات ومقومات المعايير التي يعجز التشريع عن تناولها بسبب تشعبها أو استعصائها على النص . ولذلك ظل هذا المصدر وسيظل إلى جانب التشريع مصدراً تكميلياً خصباً لا يقف إنتاجه عند حدود المعاملات التجارية بل يتناول المعاملات التي تسري في شأنها قواعد القانون المدني وسائر فروع القانون الخاص والعام على السواء .

4 – فإذا لم يجد القاضي في التشريع أو العرف حكماً يمكن تطبيقه وجب أن يلجأ إلى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة وفقاً لنص الشق الثاني من الفقرة الثانية . وهذا الشق لا يستحدث جديداً وإنما ينقل العبارة الواردة في المادة 52 من لائحة التنظيم القضائي للمحاكم المختلطة دون تغيير . ولم يشأ المشروع أن يجاري التقنين المدني السويسري فيأذن للقاضي بأن يطبق في هذه الحالة ما كان يضع هو من القواعد لو عهد إليه بأمر التشريع (فقرة 2 من المادة 1) بعد أن أخذ على هذه الصيغة من ناحية الشكل أنها تخول القضاء حق إنشاء الأحكام القانونية مع أن عمله ينحصر في تطبيق هذه الأحكام فحسب . ولم يشأ المشروع كذلك أن يحيل القاضي إلى المبادئ العامة في قانون الدولة (م 3 من التقنين المدني الإيطالي الجديد) أو إلى مبادئ القانون العامة فحسب (م 1 من التقنين الصيني) بل احتفظ بعبارتي القانون الطبيعي والعدالة . وإذا كانت عبارة التقنينات الحديثة تفضل هاتين العبارتين من بعض الوجوه بسبب ما يؤخذ عليهما عادة من الإيهام إلا أن الواقع أن هذه العبارات جميعا لا ترد القاضي إلى ضابط يقيني وإنما هي تلزمه أن يجتهد رايه حتى يقطع عليه سبيل النكول عن القضاء . وهي تقتضيه في اجتهاده هذا أن يصدر عن اعتبارات موضوعية عامة لا عن تفكير ذاتي خاص فتحيله إلى مبادئ أو قواعد كلية تنسبها تارة إلى القانون الطبيعي وتارة إلى العدالة وتارة إلى قانون الدولة أو إلى القانون بوجه عام دون نعت أو تخصيص .

5 – وإزاء ذلك آثر المشروع أن يبقى على التعبير الذي استعمل في نصوص التشريع القائم ويسر للقضاء أسباب الاجتهاد في ارحب نطاق . ففي كنف مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة طبقت المحاكم المبادئ العامة في القانون المصري وأخذت ببعض أحكام الشريعة الإسلامية واتبعت بعض القواعد المقررة في تشريعات أجنبية أو معاهدات دولية بل وعمدت إلى استحداث أحكام اقتضتها طبيعة الروابط الاجتماعية دون أن يكون لها سند في سوابق التشريع أو العرف . وعلى هذا النحو لم يتقيد القضاء بضرورة التزام المبادئ العامة في القانون المصري فحسب وإنما استعان بهذه المبادئ كما استعان بغيرها متوخياً اختيار اصلح القواعد وأكثرها ملاءمة لطبيعة الأوضاع التي قصرها القانون عن تنظيمها .

6 – على أن المصادر المتقدمة جميعاً مصادر ملزمة بمعنى أن القاضي يلزم بتطبيق القواعد التي تستقى منها وفقا للترتيب المتقدم . وقد شفع المشروع تلك المصادر ببيان العناصر التي يستأنس بها في استخلاص هذه القواعد وتقصي مفهومها دون أن يكون لها قوة في الإلزام . فنصت الفقرة الثالثة على أن القاضي يستلهم في هذا الشأن الأحكام التي أقرها القضاء والفقه مصرياً كان أو أجنبياً وكذلك مبادئ الشريعة الإسلامية. والإشارة إلى القضاء والفقه بهذا التعميم لا تعدو أن تكون تقنيناً لما جرت عليه المحاكم المصرية منذ عهد بعيد فهي تستشهد بآراء المصريين والأجانب من الفقهاء وبالقضاء الوطني والأجنبي على حد سواء , أما التنويه بمبادئ الشريعة الإسلامية فهو تجديد قصد به قضاء حق الشريعة لا بوصفها مصدراً تاريخياً لشق من قواعد المشروع فحسب ، بل بوصفها مثالا فريدا من مثل الصياغة الفنية الرفيعة . وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد ظفرت بمكانة بارزة في فقه القانون المقارن وسبقت أرقى التقنينات الحديثة إلى الكشف عن نظرية التعسف في استعمال الحق وغيرها من النظريات الخلفية النزعة فما أحراها أن تكون مصدراً يستلهمه القضاء المصري ولا سيما أن اكثر أحكام المشروع يمكن تخريجه على أحكام الشريعة في مذاهبها المختلفة دون عناء .


المشروع في لجنة المراجعة : (4)

تليت المادة الأولى من المشروع واقترح السنهوري باشا تعديلاً يجعل مبادئ الشريعة الإسلامية مصدراً رسمياً ملزما ويوضع في الترتيب قبل مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة حتى يجد مجالا عند التطبيق . فوافقت اللجنة وأصبح النص كما يلي :

1 - تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها.

2 - فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه ، حكم القاضي بمقتضى العرف ، فإذا لم توجد ، فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون دون التقيد بمذهب معين , فإذا لم توجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.

3 – ويستلهم القاضي في ذلك كله الأحكام التي أقرها القضاء والفقه مصرياً كان أو أجنبياً .


المشروع في مجلس النواب :

تقرير لجنة الشئون التشريعية:

مادة 1 – (فقرة 3) حذفت اللجنة العبارة الأخيرة : " مصرياً كان أو أجنبياً ". فاصبح النص كما يأتي : " ويستلهم القاضي في ذلك كله الأحكام التي أقرها القضاء والفقه " . إذ الأمر لا يعدو مجرد الاسترشاد ، وقد يكون هناك عنت في تكليف القاضي بنص صريح أن يستلهم القضاء والفقه الأجنبيين .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة تحت رقم 1 . (5)


المشروع في مجلس الشيوخ :

مناقشات لجنة القانون المدني:

محضر الجلسة السادسة والأربعين

بدأت اللجنة (6) أعمالها ببحث الباب التمهيدي الخاص بالأحكام العامة فتليت المادة الأولى . فاعترض معالى حلمي عيسى باشا على حكم الإحالة على مبادئ الشريعة دون تقيد بمذهب معين قائلاً إن ذلك يحدث اضطراباً بين الأحكام لاختلاف المذاهب .

وأيده سعادة العشماوي باشا في ذلك وأضاف أنه يقترح الإحالة على مبادىء الشريعة بغير قيد وعلى ذلك تحذف عبارة « الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون دون تقيد بمذهب معين " لأن جوهر مبادئ الشريعة لا خلاف فيه وتقريب هذه المبادئ من أحكام القانون من اجتهاد القاضي .

ثم قال إن المادة تتكلم عن مصادر القانون فكيف يقيد الأخذ بالشريعة مع إطلاق الأخذ بالعرف .

وقد أجاب معالى السنهوري باشا على ذلك قائلاً إن المادة تتكلم عن مبادئ الشريعة أي كلياتها وهي ليست محل خلاف بين الفقهاء وطلب من اللجنة إبقاء الفقرة على أصلها لاحتمال أن تتعارض مبادئ الشريعة مع القانون فلا يؤخذ منها في هذه الحالة إلا ما كان أكثر ملاءمة للقانون .

فرد عليه رمزي بك قائلا إنه لن يحدث هذا التعارض لأن الشريعة لن تطبق إلا حيث لا يوجد نص ولن يطبق منها إلا المبادئ العامة دون الحلول التفصيلية .

قرار اللجنة :

وبعد مناقشة وافقت أغلبية اللجنة على حذف عبارة, الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون دون تقيد بمذهب معين ، من الفقرة الثانية لأنها تزيد .

واعترض رمزي بك على الفقرة الثالثة التي تنص على أن يستلهم القاضي في تطبيق ما سبق أحكام القضاء والفقه قائلا إن محكمة النقض ستأخذ هذا النص سبباً لنقض كل حكم يخالف أحكامها وبذلك يقيد القاضي بهذه الأحكام وهذا لا يجوز .

قرار اللجنة :

وبعد مناقشة قررت اللجنة حذف الفقرة الثالثة .

تقرير اللجنة :

مادة 1 - حذفت من الفقرة الثانية عبارة « الأكثر ملاءمة لنصوص هذا القانون دون تقيد بمذهب معين ، لأن حكمها مفهوم في حدود فكرة الملاءمة . ولم تر محلاً للإشارة إلى عدم التقيد بمذهب باعتبار أن الرجوع سيكون إلى المبادئ وهي لا تختلف باختلاف المذاهب

وحذفت الفقرة الثالثة لأن في القواعد العامة ما يغني عن حكمها .

مناقشات المجلس :

ووافق المجلس على المادة كما عدلتها اللجنة. (7)

 

 

 



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 183 .

(2) هذه المادة من المواد التي نظرتها لجنة المرحوم مراد سيد أحمد باشا . وفيما يلي مناقشات تلك اللجنة عنها :

جلسة 8 ابريل سنة 1936

رأى المسيو لينان دي بلفون أن تقتصر النصوص التي ترد في الباب التمهيدي على ما كان منها ذا صبغة عامة وأن تكون صياغتها واضحة موجزة .

وذكر فيما يتعلق بالنصوص الخاصة بتنازع القوانين أنه يرى تلخيصها في بضع مبادئ عامة توضح للقاضي القواعد التي يتبعها للفصل في كل تنازع يطرح عليه .

فوافق الرئيس على تركيز القواعد الخاصة بالتنازع ذي الصفة الدولية في بضع نصوص تصاغ بوضوح قائلاً بانه يتعين كذلك إضافة نصوص خاصة تعالج أنواع التنازع ذي الصفة الداخلية على أن هذه النصوص الأخيرة لا يمكن وضعها الآن لعدم معرفة اللجنة لوجهة نظر الحكومة بشأن جهات التقاضي المتعددة القائمة حاليا في البلاد .

وقد وافقت اللجنة على هذا الراي .

جلسة 16 ابريل سنة 1936

نص المادة 11 من القانون المدني المختلط :

ألقى الرئيس بيانا شفهياً عن الموضوع فتساءل ماذا يكون الحال لو فرض أن نصاً كنص المادة 11 لم يكن موجوداً في القانون . إذ أن القاضي ملزم بأن يفصل في كل نزاع يطرح عليه وإلا عد ممتنعاً عن الحكم ومنكراً للعدالة فهو إذن يتلمس الحل للنزاع المعروض أمامه بحسب شعوره بالعدالة أو يلجأ إلى تشريع أو قضاء أجنبي للاستهداء به ، وعليه فإن الفائدة من وضع نص كنص المادة 11 تنحصر في تبيان القاعدة التي يتعين على القاضي اتباعها للوصول إلى حل للنزاع وفي توحيد هذه القاعدة بالنسبة لجميع القضاة في حالة عدم وجود نص في القانون.

فالمادة 11 تحيل القاضي إلى القانون الطبيعي وقواعد العدالة ولكن يصح التساؤل عما إذا كان هناك حقاً قانون طبيعي وعما إذا كان هذا القانون ليس سوى مجموعة القواعد الجوهرية التي تقوم على أساسها كافة التشريعات والتي بدونها لا يتهيأ البقاء لأية جماعة بحيث يُعد القانون الطبيعي مندمجا في أسس القانون الوضعي ذاتها ، وإن القول بغير ذلك مؤداه أن القانون الطبيعي قانون غامض غير محدد المعالم بل إن فكرة القانون الطبيعي التي سادت في القرن التاسع عشر أصبحت اليوم فكرة عتيقة جوفاء .

أما العدالة فإنها شعور يختلف بحسب البلاد والأشخاص أكثر منها فكرة ثابتة محددة ، وهذا الشعور وإن خفف من عدم مرونة القانون في حالة معينة فإنه لا ينهض لإكمال نصوصه .

لهذا يرى الرئيس استبعاد فكرة القانون الطبيعي وقواعد العدالة على أن تستبدل بها فكرة أخرى إيجابية موضوعية

ويرى بادیء ذي بدء أن يطلب من القاضي المصري في حالة سكوت القانون أن يجتهد في حل النزاع المطروح أمامه مستهدياً بالمبادئ التي يتضمنها القانون المصري في البلاد، ومن أهم أسس هذا النظام الشريعة الإسلامية التي كانت قبل التقنين الحالي هي القانون العام للمصريين جميعاً على اختلاف دياناتهم .

وهذه الشريعة هي التي استأنس بها المشرع عند وضع القوانين الجاري العمل بها الآن . وقد يلوح للبعض ممن لا إلمام لهم بهذه الشريعة أنها قانون رجعي لم يعد يتمشى مع قواعد التقدم التي أخذت بها المدنية الحديثة . والواقع أن الأمر على خلاف ذلك فإن مبادئ الشريعة الإسلامية المجمع عليها تتمشى تماما مع تطور الجماعات الحديثة ولا تعوق بحال سير هذه الجماعات نحو التقدم .

ويتضح من الأبحاث التي قام بها الأستاذ لمبير والعلامة الألماني جولد زيشر والإيطالي دلفكيو أن كثيراً من النظريات الحديثة كانت معروفة لدى فقهاء المسلمين ، من ذلك نظرية كون الحق وظيفة اجتماعية وتطبيق هذه النظرية بصدد إساءة استعمال الحق ونسبية الحقوق .

فإن لم يتضمن القانون المصري الذي تُعد الشريعة الإسلامية ركناً من أركانه الأساسية حلاً للنزاع لجأ القاضي إلى القواعد المشتركة بين قوانين الدول للاستهداء بها - والواقع أن هناك قواعد مشتركة بين الدول ونوعا من الضمير القانوني متماثلا في الدول المتمدينة . ويبدو أثر ذلك في الفقه والقضاء بل ويتطور حتى يخلق حركة تهدف إلى توحيد القانون بين الدول . واكتفى الرئيس بالإشارة على سبيل المثال إلى الاتفاقية الخاصة بالكمبيالات التي سبق أن تحدث عنها .

فإذا كان هناك حافز إلى إبرام هذه الاتفاقية وإذا كانت هذه الاتفاقية قد نجحت فما ذلك إلا نتيجة لنشوء وتطور شعور قضائي دولي بصدد هذه النظرية .

فاذا طلب من القاضي في حالة عدم وجود نص في القانون أن يرجع إلى القواعد القانونية المشتركة بين الدول فلا يعني هذا إحالته إلى قواعد وهمية غير ملموسة وإنما إلى شيء له وجود بالفعل في مصنفات الفقهاء أبرزته نظريات وحلول قضائية جديدة .

وبعد مناقشة اشترك فيها جميع الأعضاء تلا المسيو لبنان دي بلفون النص التالي :

" يجب على القاضي أن يحكم طبقاً لنص القانون "

" فاذا كان النص غامضاً أو ناقصاً حكم القاضي طبقا لروح القانون فإذا لم يوجد نص يمكن تطبيقه حكم طبقاً للمبادئ العامة للقانون المصري " .

" فإذا ترك له القانون حرية التقدير استلهم روح العدالة " .

ثم شرح المسيو لينان هذا النص وعلق عليه بأن الفقرة الأولى منه ضرورية بسبب ميل بعض قضاة المحاكم المختلطة إلى مجافاة النص .

ووافقه المسيو دي فويه ، وقال إن من شأن النص الذي اقترحه المسيو لينان وضع حد لبعض الميول الخاصة التي بدت من بعض القضاة - وأيد صليب بك سامي الفكرة ذاكراً أن هذه الفقرة جليلة الفائدة .

وأبدى الرئيس أن الفقرة الأولى في نظره ليست سوى قاعدة أولية من قواعد التفسير وأن القضاء الوطني جرى على التزام النص قبل كل شيء طبقاً للعرف الإسلامي ولذا فانه يرى حذف هذه الفقرة - وعقب بأنه من المستحسن أن يضاف إلى النص الذي يقترحه المسيو لينان دي بلفون بشأن المبادئ العامة للقانون المصري عبارة صريحة خاصة بالشريعة الإسلامية ولو أنه من المقرر أن المبادئ العامة للقانون المصري تتضمن الالتجاء إلى قواعد الشريعة الإسلامية ولذا فإن العبارة التي يقترح إضافتها ستكون ذات فائدة في إزالة كل شك من هذه الناحية .

وبعد المناقشة قررت اللجنة صياغة النص على الوجه الآتي :

" إذا لم يوجد نص في القانون يمكن تطبيقه حكم القاضي طبقا للمبادئ العامة التي يتضمنها القانون المصري بما في ذلك الشريعة الإسلامية " .

" فإذا لم يجد القاضي في القانون المصري قاعدة تنطبق على النزاع طبق المبادئ العامة المشتركة بين الدول " .

(3) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 186 وما بعدها .

(4) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 190 .

(5) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 190 .

(6) هذه اللجنة مشكلة برئاسة حضرة الشيخ المحترم الأستاذ محمد محمد الوكيل وأعضاؤها هم حضرات أحمد رمزي بك ، جمال الدين أباظة بك ، محمد حسن العشماوي باشا ، محمد على علوبه باشا ، محمد خيرت راضي بك ، الأستاذ إسماعيل حمزة ، الأستاذ حسن عبد القادر ، محمد حلمي عيسى باشا ، محمد صبري أبو علم باشا .

وتولى السكرتارية البرلمانية لهذه اللجنة حضرة الشيخ المحترم محمد حسن العشماوي باشا يعاونه الأساتذة أحمد فتحي رفعت ، يحيي خير الدين ، محمد محمود محسب سكرتيرو اللجنة .

وقد ندب عن وزارة العدل أثناء نظر مشروع القانون في اللجنة حضرة صاحب المعالى عبد الرزاق أحمد السنهوري باشا وزير المعارف العمومية وحضرة صاحب العزة عبده محرم بك المستشار بمجلس الدولة ، ثم انضم إلى حضرتيهما أثناء نظر المشروع الدكتور حسن احمد بغدادي وكيل كلية الحقوق بجامعة فاروق الأول .

(7) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 192 .