الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 نوفمبر 2023

الطعن 1027 لسنة 7 ق جلسة 19 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 27 ص 245

جلسة 19 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد الأستاذ/ حسن السيد أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وأبو الوفا زهدي المستشارين.

---------------

(27)

القضية رقم 1027 لسنة 7 القضائية

(أ) بطلان - تأديب - محاكمة تأديبية - ديوان المحاسبة 

- لا يسوغ القول بأن كل مخالفة للشكل أو الإجراءات يترتب عليها البطلان - وجوب التمييز بين ما إذا كانت المخالفة قد أصابت الشروط الجوهرية التي تمس صالح الأفراد أو اقتصرت على المساس بالشروط اللاجوهرية التي لا يترتب على إهدارها مساس بمصالحهم - ترتيب البطلان في الحالة الأولى دون الثانية - البطلان جزاء مخالفة الميعاد المقرر لرئيس ديوان المحاسبة للطعن في القرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية - لا بطلان في حالة عدم تقيد النيابة الإدارية بالميعاد المنصوص عليه في المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 لمباشرة الدعوى التأديبية.
(ب) موظف - تأديب - مخالفة مالية - ديوان المحاسبة 

- الميعاد المخول لرئيس ديوان المحاسبة وفقاً للمادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 للاعتراض على الجزء التأديبي - من مواعيد السقوط - الأصل سريانه اعتباراً من تاريخ إخطار رئيس الديوان بالقرار الصادر في شأن المخالفة المالية - طلب الديوان خلال الميعاد بعض أوراق الموضوع ومستنداته - لا يبدأ حساب الميعاد في هذه الحالة إلا من التاريخ الذي تكون الأوراق أو البيانات المطلوبة قد وصلت إلى الديوان - أساس ذلك.

----------------
1 - الأصل المسلم به قضاء وفقهاً هو أنه إذا كان نص القانون قد أوجب على جهة الإدارة أن تلتزم الأوضاع الشكلية أو الإجراءات التي أوصى المشرع باتباعها إلا أنه لا يستساغ القول بأن كل مخالفة للشكل أو للإجراءات يكون الجزاء عليها هو بطلان القرار المترتب عليها. وإنما يتعين التمييز بين ما إذا كانت المخالفة قد أصابت الشروط الجوهرية وهي التي تمس مصالح الأفراد وبين ما إذا كانت المخالفة قد مست الشروط اللاجوهرية بمعنى تلك التي لا يترتب على إهدارها مساس بمصالحهم فرتب الأصل المسلم به على المخالفة الأولى بطلان القرار لأن الأوضاع والإجراءات التي خولفت إنما هي تتعلق بمصالح الأفراد، واعتبرت وكأنها ضمانات لسلامة قصد الإدارة نحوهم بينما لا يرتب الأصل المسلم به على المخالفة الثانية بطلان القرار لأن الأوضاع والإجراءات التي خولفت إنما هي قد رسمت لصالح الجهة الإدارية وحدها فلها أن تتمسك بها إن شاءت ذلك أو تغض الطرف عنها ما دامت تلك الأوضاع والإجراءات لا تؤثر على مصالح الأفراد ومن هذا الأصل استقى المشرع المادة 25 من قانون المرافعات (يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون على بطلانه أو إذا شابه عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم). وإعمالاً لذلك الأصل وهذا النص يكون الميعاد الذي خوله نص المادة (13) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية لرئيس ديوان المحاسبة - خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف - من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على عدم مراعاتها البطلان، ذلك لأن هذا الميعاد إنما شرع لصالح الموظف المتهم الذي أوقعت عليه جهته الإدارية ما قدرته لذنبه من جزاء إداري. وغني عن البيان أن من شأن الإخلال بهذا الميعاد أثر بالغ في المركز القانوني للموظف وعاء الجزاء - والأمر على خلاف ذلك في شأن الميعاد الثاني المنصوص عليه بنفس المادة - وعلى النيابة الإدارية مباشرة الدعوى خلال الخمسة عشر يوماً التالية - فهذا الميعاد ليس إلا من قبيل المواعيد التنظيمية التي لا يترتب على إغفالها أي بطلان لأن هذا الميعاد لا يمس مصالح الأفراد ما دام تقديم الموظف للمحاكمة التأديبية قد صدر من رئيس ديوان المحاسبة في الميعاد المحدد قانوناً.
2 - إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه، قد أصاب وجه الحق إذ قرر أن الميعاد المخول لرئيس ديوان المحاسبة ليعترض فيه على الجزاء الإداري يعتبر من مواعيد السقوط إلا أن الحكم المذكور قد أخطأ صحيح فهم القانون من حيث مبدأ سريان ميعاد الخمسة عشر يوماً الأولى من الفقرة الثانية من المادة 13 سالفة الذكر صحيح أن الأصل هو أن يسري هذا الميعاد من تاريخ إخطار رئيس الديوان بالقرار الإداري الصادر في شأن المخالفة المالية إلا أن قضاء هذه المحكمة العليا قد أطرد على أن ديوان المحاسبة لا يتسنى له تقدير ملاءمة الجزاء الإداري الذي وقعته جهة الإدارة على الموظف المذنب إلا إذا كانت كافة عناصر التقدير من أوراق وتحقيقات وملابسات واقعة تحت بصره ومعروضة عليه. فإذا فات الميعاد المذكور دون أن يبادر الديوان إلى طلب موافاته بما يراه لازماً من أوراق الموضوع وما تعلق به من بيانات فإن ذلك الفوات للميعاد يعد قرينة على اكتفاء الديوان بما تلقاه من الأوراق. ولا ترتفع هذه القرينة إلا بأن يبادر الديوان خلال الميعاد المذكور بطلب ما لم يكن قد وصله من أوراق ومستندات، وفي هذه الحالة لا يبدأ حساب الميعاد إلا من التاريخ الذي تكون الأوراق المطلوبة أو البيانات قد وصلت فيه إلى الديوان.


إجراءات الطعن

في 29 من مارس سنة 1961 أودع السيد محامي الحكومة سكرتارية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1027 لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لموظفي وزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 29 من يناير سنة 1961 في الدعوى التأديبية المقيدة بالسجل العام برقم (149) لسنة 2 القضائية المقدمة من النيابة الإدارية ضد محمد علي إبراهيم امارة المهندس بالإرشاد الزراعي من الدرجة السادسة, والذي قضى: (بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد). وطلب السيد محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه (الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وإحالة الموضوع إلى المحكمة التأديبية لتقضي فيه مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل الأتعاب). وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 20 من سبتمبر سنة 1962. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25 من يناير سنة 1964 ومنها لجلسة 28 من مارس سنة 1964 ثم لجلسة 16 من مايو لضم الأوراق وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية للمرافعة بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1964 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, وقدم المطعون عليه مذكرة بدفاعه في 3 من نوفمبر سنة 1964 انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن وبتأييد الحكم المطعون فيه ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.ض


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن النيابة الإدارية أودعت سكرتارية المحكمة التأديبية لموظفي وزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين، في تاريخ سابق لجلسة 7 من أغسطس سنة 1960 قرار الاتهام وتقريره، وصورة من مذكرة ديوان المحاسبة المؤرخ 21 من إبريل سنة 1960 ضد الموظف محمد علي إبراهيم امارة مهندس الإرشاد الزراعي بوحدة فارسكور الزراعية سابقاً وحالياً مهندس المقننات بتفتيش السرو بوزارة الزراعة، وهو من الدرجة السادسة، لأنه في شهر أكتوبر عام 1957 وما بعده، بوحدة فارسكور الزراعية، بصفته موظفاً عمومياً بالوحدة: (1) باع ثلاثين علبة من مادة العقدين مملوكة للدولة، كانت في عهدته، واحتفظ بثمنها وقدره أربعة جنيهات ونصف. (2) تراخى في رد عدد (78) علبة عقدين كانت قد سلمت إليه في أكتوبر سنة 1957 إلى قسم الميكروبولوجي، إلى ما بعد انتهاء مدة صلاحيتها للاستعمال. وقررت النيابة الإدارية أن الموظف المذكور قد ارتكب المخالفات الإدارية والمالية المنصوص عليها في المواد: (73)، (82) مكرر و(83) من القانون رقم (210) لسنة 1951 والقوانين المعدلة له، وطلبت محاكمته تأديبياً على أساس هذه المواد، والفقرة الأولى من المادة (31) من القانون رقم (117) لسنة 1958. وجاء في تقرير الاتهام أن قسم الميكروبولوجيا بمراقبة الأراضي التابع لوزارة الزراعة، كان قد أرسل في شهر أكتوبر سنة 1957 للوحدة الزراعية بفارسكور عدد (108) علبة من مادة العقدين لاستعمالها في مشروع تعميم التلقيح البكتيري للمحاصيل البقولية. وقد سلمت تلك الكمية للموظف المذكور بوصفه مهندس الإرشاد الزراعي بالوحدة في ذلك الوقت، ليتولى بيعها نقداً لحساب القسم المشار إليه ولإعادة الكميات غير المباعة منها، قبل انتهاء مدة صلاحيتها للاستعمال. وفعلاً قام الموظف المذكور ببيع ثلاثين علبة بمبلغ أربعة جنيهات ونصف، بيد أنه لم يواف القسم الميكروبولوجي بالمستندات الدالة على أنه قد ورد ثمن الكميات المباعة لحساب القسم أو إعادة الكميات غير المباعة قبل انقضاء مدة الصلاحية المقررة، الأمر الذي اعتقد معه القسم بأنه قد تم بيع جميع الكمية المرسلة إليه، وراح القسم يطلب مراراً من الوحدة الزراعية بفارسكور موافاته بالأوراق والمستندات الدالة على سداد القيمة لحساب القسم دون جدوى. ومن ثم رفع الأمر إلى قسم الخدمات الإقليمية التابع لمراقبة الإرشاد الزراعي فأجرى تحقيقاً مبدئياً في الموضوع ثم أحاله إلى النيابة الإدارية المختصة فقامت بدورها بالتحقيق وسألت كلاً من: (1) الموظف محمد علي امارة، مهندس الإرشاد من الدرجة السادسة. (2) محمود أحمد لطفي وكيل قسم الميكروبولوجيا من الدرجة الثالثة. فقرر الأول (المتهم) أنه إبان اشتغاله مهندساً للإرشاد الزراعي بوحدة فارسكور الزراعية كان قد استلم عدد (108) علبة عقدين باع منها ثلاثين علبة بمبلغ أربعة جنيهات ونصف قام بتوريده، في حينه لصراف ناحية السرو. وبمواجهته بأنه بالاتصال بمديرية الدقهلية أفادت بأنه لم يتبين من يومية صراف ناحية السرو، سابقة توريد المبلغ المذكور، عدل المتهم عن أقواله وراح يقرر أنه ورد المبلغ لصراف ناحية الزرقا. وبمواجهته بأنه تبين أيضاً عدم توريد المبلغ لذلك الصراف، أصر على أنه قام بتوريد المبلغ ولكنه لا يتذكر جهة الصرف التي ورد بها، وادعى أن قسيمة التوريد قد فقدت منه، وطلب البحث بيوميات جميع صيارف مركز فارسكور للتأكد من صحة ما يدعيه. وعزا عدم إرجاعه علبة العقدين غير المباعة طوال المدة من أكتوبر سنة 1957 إلى 6 من يونيو سنة 1959 مما ترتب عليه تلفها، إلى السهو، واختتم دفاعه قائلاً إن علبة العقدين لا تكلف الوزارة، على كل حال، أكثر من ثلاثة مليمات - وبسؤال الثاني، وكيل القسم (محمود أحمد لطفي) قرر أنه بوصفه المشرف على مشروع تعميم التلقيح البكتيري للمحاصيل البقولية، وعلى توزيع مادة العقدين كان قد أرسل عدد (108) علبة لوحدة فارسكور لتقوم ببيعها للمزارعين، وإعادة العلب غير المباعة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إرسالها لأن مادة العقدين تتلف بعد تلك المدة، بيد أن الوحدة المذكورة لم تواف القسم بالمستندات الدالة على بيع العلب المرسلة إليها أو إعادتها ثانية خلال المدة المقررة على الرغم من مطالبتها بذلك مراراً، مما اضطره إلى رفع الأمر للجهات المختصة.
وبعد انتهاء هذا التحقيق أعدت النيابة الإدارية مذكرة بنتيجة التحقيق مؤرخة في 14 من ديسمبر سنة 1959 قال فيها إن الموظف (اماره) تارة يقرر أنه ورد مبلغ الأربعة جنيهات ونصف لصراف ناحية السرو، وأخرى يقرر أنه قام بتوريده لصراف ناحية الزرقا ثم يعدل عن ذلك ويطلب البحث في دفاتر جميع صرافي مركز فارسكور. ومضت النيابة الإدارية تقول أن ظاهر هذا الطلب غير جدي، وأن القصد منه هو تعطيل الإجراءات والتصرف النهائي في القضية، فضلاً عن أنه كان من واجب الموظف (اماره) أن يقدم الدليل على انتفاء مسئوليته، بعد أن أفسح التحقيق صدره إلى المدى الذي وصل إليه ليحقق دفاعه بالإضافة إلى أن تصرفه يدخل في نطاق القانون العام. واستطردت النيابة الإدارية تقول إنه ثبت من التحقيق أن قسم الميكروبولوجيا كان دائم التحرير لوحدة فارسكور الزراعية للمطالبة ببيان سداد ثمن العلب المرسلة إليه (108) علبة عقدين وأن القسم المذكور لم يرفع الأمر إلى المختصين بمجرد انتهاء مدة صلاحية مادة العقدين اعتقاداً منه أن جميع الكمية كان قد تم بيعها على المزارعين ذلك لأن الموظف (اماره) كان يعلم أن هذه المادة تفقد صلاحيتها بمضي ثلاثة شهور، ومن ثم فلا مسئولية على القسم المشار إليه في هذا الشأن، وخلصت النيابة الإدارية من تقريرها إلى أنها تقترح: (1) النظر بشدة في أمر الموظف (اماره) لأنه تصرف بالبيع في ثلاثين علبة عقدين كانت من بين ما في عهدته البالغ قدرها (108) علبة، ولم يورد ثمنها وقدره 4.5 (أربعة جنيهات ونصف) للخزانة وفضلاً عن ذلك فإنه لم يرد باقي العلب التي كانت في عهدته وقدرها (78) علبة في المدة من أواخر عام 1957 لغاية يونيو سنة 1959 مما أفقد محتويات تلك العلب صلاحيتها. (2) إبلاغ النيابة العامة بالواقعة لما تنطوي عليه من جانب جنائي، ثم إعمال وجه التعليمات المقررة بشأن تحصيل قيمة الخسارة. (3) حفظ الموضوع بالنسبة لقسم الميكروبولوجيا. - وقد وافقت الإدارة العامة للنيابة الإدارية على ما انتهت إليه تلك المذكرة ثم قامت النيابة الإدارية بإبلاغ النيابة العامة بالحادث. وبعرض أوراق الموضوع على السيد مدير عام الإدارة العامة للخدمات الزراعية الإقليمية قرر في 28 من يناير سنة 1960 ما يأتي: (1) مجازاة (محمد علي اماره) بخصم خمسة أيام من مرتبه، وتحصيل مبلغ (17.870 مليمجـ) قيمة الـ (108) علبة عقدين مضافاً إليها عشرة في المائة مصاريف إدارية. (2) حفظ الموضوع بالنسبة للسيد/ محمود أحمد لطفي.
وأخطرت الوزارة ديوان المحاسبة بقرار الجزاءات الإدارية المذكور في 4 من فبراير سنة 1960، ولكن دون إرفاق أوراق الموضوع فيما عدا صورة من مذكرة النيابة الإدارية وحدها. فبادر ديوان المحاسبة بكتابه رقم (2517) بتاريخ 17 من فبراير سنة 1960 إلى طلب موافاته بأوراق الموضوع والتحقيقات كي يتسنى له إبداء الرأي في الجزاء الإداري الموقع على الموظف المذكور. ولكن الوزارة أبلغت ديوان المحاسبة بكتابها رقم (1255) سري الذي وصل الديوان في 7 من إبريل سنة 1960 بأن الأوراق أرسلت إلى النيابة العمومية لإجراء شئونها فيها من الناحية الجنائية وذلك بكتاب النيابة الإدارية رقم (1808) في 15 ديسمبر سنة 1959. ثم قامت المراقبة القضائية، بديوان المحاسبة، بفحص الموضوع، ولاحظت أن ما وقع في الحالة المعروضة من الموظف (محمد علي اماره) يعد أمراً بالغ الخطورة والجسامة إذ الدلائل متوافرة على أنه قد عمد إلى الاستيلاء بغير حق على مبلغ أربعة جنيهات ونصف. وهي قيمة علب العقدين المباعة بواسطته، حيث عجز عن إثبات قيامه بتوريد المبلغ المذكور لحساب قسم الميكروبولوجيا بوزارة الزراعة. ولا شك أن ادعاءاته بتوريد المبلغ المذكور ما هي إلى محاولة منه لستر تلاعبه والتنصل من المسئولية. وعلى فرض صحة ما يدعيه، فإن ما وقع منه يعد إهمالاً جسيماً ومن شأنه المساس بأموال الدولة وهذا إلى أنه تسبب في تلف (78) علبة عقدين بإهماله في ردها قبل فوات المدة المقررة لصلاحية استعمالها, ومن ثم يكون الجزاء الموقع عليه إدارياً، وهو خصم خمسة أيام من راتبه، لا يتناسب في نظر ديوان المحاسبة مع ما وقع منه في الحالة المعروضة مما يستوجب إحالته إلى المحاكمة التأديبية إعمالاً لحكم المادة (13) من القانون رقم (117) لسنة 1958. كما لاحظت المراقبة القضائية بديوان المحاسبة أن الأوراق خلو من أية إشارة تفيد ما إذا كانت أحكام المادة (79) من اللائحة المالية للميزانية والحسابات قد طبقت على حالة المتهم المذكور من حيث فحص أعماله في جميع شتى خدمته من عدمه. وفيما عدا هاتين الملاحظتين فإن المراقبة القضائية ليس لها اعتراض على ما تم من تصرف. واقترحت المراقبة على السيد رئيس الديوان الموافقة على ما يأتي (1) إحالة الأوراق إلى الإدارة العامة للنيابة الإدارية لتتولى إقامة الدعوى التأديبية ضد المتهم المذكور لمحاكمته تأديبياً عما وقع منه في الحالة المعروضة وذلك عملاً بحكم المادة (13) سالفة الذكر. (2) التحرير للوزارة لتقوم بتطبيق أحكام المادة (79) من اللائحة المالية للميزانية والحسابات على حالة الموظف المذكور من حيث فحص أعماله في جميع شتى خدمته وإفادة الديوان بما يتم في هذا الصدد وبما تم في أمر تحصيل مبلغ (17.870 مليمجـ) الذي تقرر تحصيله منه، وأفادته أيضاً بنتيجة تصرف النيابة العامة في الموضوع من الناحية الجنائية. وقد أعدت هذه المذكرة بتاريخ 20 من إبريل سنة 1960 فأشر عليها في ذات التاريخ السيد (علي التمتامي) بعبارة (موافق على ما انتهت إليها هذه المذكرة، ويعرض على السيد الدكتور رئيس الديوان). وبعد ذلك أشر السيد رئيس الديوان بالموافقة في 21 من إبريل سنة 1960.
وقد عين لنظر الدعوى التأديبية أمام المحكمة التأديبية لموظفي وزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين جلسة 7 من أغسطس سنة 1960 وفيها وفي الجلسات التالية نظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر تلك الجلسة وقدم الموظف المتهم مذكرة يدفع فيها بعدم قبول الدعوى لأن ديوان المحاسبة لم يعترض على الجزاء الإداري في الميعاد المحدد في المادة (13) من القانون رقم (117) لسنة 1958 الخاص بالنيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.
وبجلسة 29 من يناير سنة 1961 حكمت المحكمة التأديبية (بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد) وأقامت قضاءها هذا على أن ديوان المحاسبة أعلن بقرار الجزاء الموقع على الموظف المتهم مرافقاً له مذكرة النيابة الإدارية في 4 من فبراير سنة 1960 ولم يعترض الديوان على هذا الجزاء الإداري إلا في 21 من إبريل سنة 1960 ومن ثم يكون اعتراض الديوان قد وقع بعد فواد الميعاد المذكور في المادة (13) من القانون رقم (117) لسنة 1958 وأن هذا الميعاد المحدد لاعتراض ديوان المحاسبة إنما هو ميعاد سقوط تمشياً مع الحكمة من ضرورة استقرار الأوضاع الإدارية وحسم المراكز القانونية والروح التي سادت وضع أحكام القانون المذكور من البت في المسائل التأديبية على وجه السرعة. وتأسيساً على ذلك يكون الدفع المقدم من الموظف المتهم قد صادف وجه القانون ويتعين الحكم بقبوله، ولا يغير من الأمر شيئاً ما استشفع به الديوان من أن السبب المباشر في تأخيره في الاعتراض هو عدم موافاته بأوراق الموضوع التي كانت قد أرسلت إلى النيابة العامة فهذا الذي ذهب إليه الديوان لا يسوغ قبوله منه لأن الميعاد المقرر للاعتراض هو ميعاد سقوط، فضلاً عن أنه كان تحت نظره قرار الجزاء متضمناً في ديباجته سببه ومحله، ومذكرة النيابة الإدارية مشتملة على ظروف الموضوع وأقوال الإشهاد وتقدير النيابة العامة الإدارية لمدى الجرم، ومن ثم فقد علم الديوان بقرار الجزاء بمحتوياته علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً يسري معه ميعاد السقوط.
طعنت الحكومة في الحكم التأديبي المذكور وطلبت الحكم بإلغائه وبإحالة الموضوع إلى المحكمة التأديبية لتقضي فيه. وأقامت الحكومة طعنها على أن الميعاد المحدد لديوان المحاسبة لممارسة اختصاصه في الاعتراض على الجزاء التأديبي الإداري المتعلق بالمخالفات المالية لا يسري في حق الديوان إلا بعد اليوم الذي يتم فيه علمه بعناصر الموضوع ليتمكن من إبداء رأيه على الوجه الذي يرضيه ولا يقدح في ذلك أن يكون الميعاد المذكور في مواعيد السقوط لأن مجرد قيام الديوان بطلب كافة أوراق الموضوع أو استيفاء أحد عناصره في الميعاد القانوني هو بمثابة مزاولة اختصاصه خلال المدة المقررة قانوناً.
ومن حيث إن المادة (13) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (117) لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية تنص على أنه (يخطر رئيس ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية والمشار إليها في المادة السابقة - 12 - ولرئيس الديوان خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار، أن يطلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية. وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الخمسة عشر يوماً التالية). على أنه ولئن كانت المذكرة الإيضاحية قد أشارت إلى أنه "نظراً لما للمخالفات المالية من أهمية خاصة بالنسبة إلى مالية الدولة، فقد أوجب المشرع إخطار رئيس ديوان المحاسبة بقرارات الجهة الإدارية الصادرة في شأن هذه المخالفات وأعطى لرئيس الديوان الحق في أن يطلب من النيابة الإدارية إقامة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة وفي هذه الحالة يتعين على النيابة الإدارية مباشرة الدعوى". لئن كان ذلك كذلك إلا أن المشرع قد أغفل النص على تقرير جزاء على مخالفة هذه الإجراءات وعلى عدم مراعاة المواعيد التي قررها النص المذكور. والأصل المسلم به قضاء وفقهاً هو أنه إذا كان نص القانون قد أوجب على جهة الإدارة أن تلتزم الأوضاع الشكلية أو الإجراءات التي أوصى المشرع باتباعها إلا أنه لا يستساغ القول بأن كل مخالفة للشكل أو للإجراءات يكون الجزاء عليها هو بطلان القرار المترتب عليها.
وإنما يتعين التمييز بين ما إذا كانت المخالفة قد أصابت الشروط الجوهرية وهي التي تمس مصالح الأفراد وبين ما إذا كانت المخالفة قد مست الشروط اللاجوهرية بمعنى تلك التي لا يترتب على إهدارها مساس بمصالحهم فرتب الأصل المسلم به على المخالفة الأولى بطلان القرار لأن الأوضاع والإجراءات التي خولفت إنما هي تتعلق بمصالح الأفراد، واعتبرت وكأنها ضمانات لسلامة قصد الإدارة نحوهم بينما لا يرتب الأصل المسلم به على المخالفات الثانية بطلان القرار لأن الأوضاع والإجراءات التي خولفت إنما هي قد رسمت للجهة الإدارية وحدها فلها أن تتمسك بها إن شاءت ذلك أو تغض الطرف عنها ما دامت تلك الأوضاع والإجراءات لا تؤثر على مصالح الأفراد. ومن هذا الأصل استقى المشرع المادة (25) من قانون المرافعات (يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون على بطلانه أو إذا شابه عيب جوهري ترتب عليه ضرر الخصم). وإعمالاً لذلك الأصل وهذا النص يكون الميعاد الذي خوله نص المادة (13) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية لرئيس ديوان المحاسبة - خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف - من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على عدم مراعاتها البطلان، ذلك لأن هذا الميعاد إنما شرع لصالح الموظف المتهم الذي أوقعت عليه جهته الإدارية ما قدرته لذنبه من جزاء إداري. وغني عن البيان أن من شأن الإخلال بهذا الميعاد أثر بالغ في المركز القانوني للموظف وعاء الجزاء - والأمر على خلاف ذلك في شأن الميعاد الثاني المنصوص عليه بنفس المادة - وعلى النيابة الإدارية مباشرة الدعوى خلال الخمسة عشر يوماً التالية - فهذا الميعاد ليس إلا من قبيل المواعيد التنظيمية التي لا يترتب على إغفالها أي بطلان. لأن هذا الميعاد لا يمس مصالح الأفراد ما دام طلب تقديم الموظف للمحاكمة التأديبية قد صدر من رئيس ديوان المحاسبة في الميعاد المحدد قانوناً.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه، قد أصاب وجه الحق إذ قرر أن الميعاد المخول لرئيس المحاسبة ليعترض فيه على الجزاء الإداري يعتبر من مواعيد السقوط إلا أن الحكم المذكور قد أخطأ صحيح فهم القانون من حيث مبدأ سريان ميعاد الخمسة عشر يوماً الأولى من الفقرة الثانية من المادة (13) سالفة الذكر. صحيح أن الأصل هو أن يسري هذا الميعاد من تاريخ إخطار رئيس الديوان بالقرار الإداري الصادر في شأن المخالفة المالية إلا أن قضاء هذه المحكمة العليا قد أطرد على أن ديوان المحاسبة لا يتسنى له تقدير ملاءمة الجزاء الإداري الذي وقعته جهة الإدارة على الموظف المذنب إلا إذا كانت كافة عناصر التقدير من أوراق وتحقيقات وملابسات واقعة تحت بصره ومعروضة عليه. فإذا فات الميعاد المذكور دون أن يبادر الديوان إلى طلب موافاته بما يراه لازماً من أوراق الموضوع وما يتعلق به من بيانات فإن ذلك الفوات للميعاد يعد قرينة على اكتفاء الديوان بما تلقاه من الأوراق. ولا ترتفع هذه القرينة إلا بأن يبادر الديوان خلال الميعاد المذكور، يطلب ما لم يكن قد وصله من أوراق ومستندات، وفي هذه الحالة لا يبدأ حساب الميعاد إلا من التاريخ الذي تكون الأوراق المطلوبة أو البيانات قد وصلت فيه إلى الديوان.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، وبالرجوع إلى أوراق هذا الطعن، يبين أن ديوان المحاسبة قد أحيط علماً بقرار الجزاء الإداري في 4 من فبراير سنة 1960 دون أن ترفق جهة الإدارة بقرارها الجزائي سوى صورة من مذكرة النيابة الإدارية من دون أوراق الموضوع فطلب الديوان بكتابه رقم (2517) والمؤرخ 17 من فبراير سنة 1960 - أي في خلال الميعاد المنصوص عليه في أول الفقرة الثانية من المادة (13) من القانون رقم (117) لسنة 1958 موافاته بأوراق الموضوع ليتسنى له إبداء رأيه في موضوع المخالفة المالية وما وقعته جهة الإدارة على الموظف المذنب من جزاء إداري. ولكن الجهة الإدارية أبلغت الديوان بكتابها رقم (1355) سري الذي وصل الديوان في 7 من إبريل سنة 1960 ما يفيد أن الأوراق المطلوبة سبق أن أرسلت إلى النيابة العامة لإجراء شئونها في الموضوع من حيث الجانب الجنائي. وعندئذ قامت المراقبة القضائية بديوان المحاسبة بفحص الموضوع على هدي ما وصل إليها من الأوراق وقررت إحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية، فوافق السيد رئيس الديوان على ذلك في 21 من إبريل سنة 1960 وبذلك يكون الديوان قد طلب تقديم الموظف الطاعن إلى المحاكمة التأديبية خلال مدة الخمسة عشر يوماً المقررة وذلك من تاريخ رد الجهة الإدارية - وزارة الزراعة - على الديوان بكتابها المؤرخ 7 من إبريل سنة 1960، وفي ذلك ما يكفي لاعتبار الدعوى التأديبية قد رفعت في الميعاد ومن ثم تكون مقبولة شكلاً.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً لصحيح فهم القانون وتأويله ولما سبق أن قضت به هذه المحكمة العليا في هذا الشأن فإنه يكون قد خالف القانون ويكون الطعن عليه في محله.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة القضية إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيها.

الطعن 698 لسنة 7 ق جلسة 19 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 26 ص 238

جلسة 19 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد الأستاذ حسن السيد أيوب وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة محمد شلبي يوسف وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

----------------

(26)

القضية رقم 698 لسنة 7 القضائية

تقادم 

- مدته بالنسبة للالتزامات التي مصدرها القانون - هي خمس عشرة سنة ميلادية ما لم ينص القانون على مدة أقصر - سريان هذه المدة على تقادم حق الحكومة في استرداد مكافأة منحت استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 2/ 1930 بعد أن أصبحت غير مستحقة وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 28/ 2/ 1923 - أساس ذلك.

---------------
إذا كان الثابت أن المكافأة منحت استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 2/ 1930 وأن الذي حرم من الأحقية منها نص قرار مجلس الوزراء الصادر في 8/ 3/ 1933 ومن ثم يكون مصدر الالتزام بالرد هو القانون وليس مصدراً غيره وإذا كان مصدر الالتزام هو القانون فيجب أن تكون مدة التقادم خمس عشرة سنة ما دام لا يوجد نص خاص يحدد مدة أخرى وذلك إعمالاً للقاعدة العامة الواردة في القانون المدني التي تنص على ما يأتي "يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون وفيما عدا الاستثناءات".
وهذه المدة تسري على كل التزام لم ينص القانون في خصوصه على مدة أخرى أقصر منها بالشروط والأوضاع التي يقررها.
ومما يظاهر هذا الرأي القضاء السابق لهذه المحكمة في العديد من أحكامها ومما اتجه إليه الفقه الإداري في فرنسا إذ فرق بين ديون الدولة قبل الغير وبين ديون الغير قبلها وقال بأن الأولى تسقط بالمدد المعتادة طبقاً لنصوص القانون المدني، أما الثانية فتسقط بمضي أربع سنوات بمقتضى قانون خاص صدر في هذا الخصوص، وذلك إن لم ينص القانون على السقوط بمدة أقصر.
ولما كانت علاقة الحكومة بموظفيها هي علاقة تنظيمية عامة مصدرها القوانين واللوائح وأن القضاء الإداري ليس ملزماً بتطبيق النصوص المدنية في التقادم أياً كان مجال تطبيقها إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك أو رأى تطبيقها على وجه يتلائم مع تلك الروابط (يراجع الطعن رقم 98 لسنة 2 ق) فإذا ما رأى تطبيق قواعد القانون المدني كانت قواعده العامة أولى بالتطبيق في حالة عدم النص على الحالات الخاصة لأن الأولى هي الواجبة التطبيق سواء في مجال القانون المدني أو القانون الإداري.
ويبين مما تقدم كله أن حق الحكومة في هذه الحالة لا يتقادم إلا بخمس عشرة سنة ميلادية ومن ثم يكون القول بسقوط حقها في مدة أقصر من غير نص قانون يبرر ذلك على غير أساس.


إجراءات الطعن

في 28 من يناير سنة 1961 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 28/ 11/ 1960 في الدعوى رقم 854 لسنة 13 ق القاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلزام الحكومة برد ما استقطعته من معاش المدعي مقابل ما استولى عليه بدون وجه حق لسقوط الحق في المطالبة طبقاً لنص المادة 187 مدني وإلزام الحكومة بالمصروفات.
وفي 14 من فبراير سنة 1961 أعلن الطعن للمطعون ضده وتعين له أولاً جلسة 3/ 11/ 1962 أمام دائرة فحص الطعون فقررت بإحالته إلى هذه الدائرة فعينت له جلسة 9/ 5/ 1964 وأخطر بها ذوو الشأن فنظرته في عدة جلسات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه.
ومن حيث إن واقعات هذه المنازعة تتحصل في أن المطعون ضده أقام دعواه آنفة الذكر طالباً الحكم برد ما استقطع من معاشه وهو مبلغ 100 جنيه صرفته إليه الطاعنة مكافأة عن مدة الخدمة الزائدة عن الحق الذي يدخل في المعاش، وبسط دعواه قائلاً إنه أحيل إلى المعاش في سنة 1952 بعد أن أمضى في خدمة الحكومة أكثر من ثلاثة وأربعين عاماً في وظائف عسكرية معينة وفي حساب المعاش لم يحسب له من هذه المدة إلا سبع وثلاثون عاماً ونصف وأما المدة الزائدة فلم تحسب له إلا مدة سنتين فقط ومنحت له مكافأة عنها مقدارها 100 جنيه بواقع نصف مرتب شهر من آخر مرتب تقاضاه وقد صرفت إليه هذه المكافأة فعلاً في 2/ 8/ 1952 وفي 20/ 5/ 1957 طالبته الوزارة برد هذا المبلغ باعتبار أنه صرف إليه مكافأة إضافية بغير وجه حق وقد بدأت فعلاً تخصم من معاشه شهرياً من يونيه سنة 1957 بواقع 16 جنيه و780 مليماً وأضاف المطعون ضده إلى الوقائع السابقة أنه لا يسوغ لها طلب رد المكافأة للأسباب الآتية:
(1) أنه صرف هذه المكافأة اعتماداً على قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 12/ 1930 الذي قدر المكافأة المستحقة للضباط الذين أحيلوا إلى المعاش في الفترة من 1/ 5/ 1928.
(2) أن نص المادة 46 من القانون 59 لسنة 1930 لا يجيز للحكومة ولا لصاحب الشأن أن ينازع في مقدار المكافأة التي دفعت إلا إذا قدمت المعارضة في خلال الستة الأشهر التالية لتاريخ صرف المكافأة.
(3) لا يسوغ تطبيق المادة 187 من القانون المدني في شأنه إذ أن مدة السقوط التي حددتها المادة المشار إليها في ثانياً وهي الواجبة التطبيق أقصر من المدة التي حددتها هذه المادة.
فردت الطاعنة على هذه الوقائع بأن المطعون ضده عمل في خدمتها مدة زمنية طويلة ثم أحيل إلى المعاش برتبة لواء في 18/ 6/ 1952 بقرار من مجلس الوزراء صدر في ذلك التاريخ مع ضم المدة الباقية لبلوغه السن القانونية في 12 من يناير سنة 1953 إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش ومنح الفرق بين الماهية والمعاش عن المدة المضافة، وأن إحالته إلى المعاش كان على أساس قانون المعاشات العسكرية رقم 59 لسنة 1930 إعمالاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 8/ 2/ 1933 الذي رخص لضباط الجيش الذين كانوا يعملون في خدمة الشرطة واختاروا المعاملة بأحكام القانون 37 لسنة 1929 بالعدول عن هذا الاختيار وتطبيق قانون المعاشات العسكرية آنف الذكر، وبتسوية معاشه وفقاً لأحكام هذا القانون استحق معاشاً مقداره 78 جنيه و150 مليماً ثم صرفت إليه مكافأة إضافية قدرها 100 جنيه عن المدة الزائدة عن الـ 37 سنة ونصف وبذا يكون هذا المبلغ قد صرف إليه دون وجه حق لأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8/ 2/ 1933 نص صراحة على عدم استحقاق من طلبوا المعاملة بقانون المعاشات العسكرية لهذه المكافأة.
ثم استطردت ذاكرة أن هذه المكافأة لا ينطبق عليها حكم المادة 46 من قانون المعاشات رقم 59 لسنة 1930 المعدل بالقانون 546 لسنة 1953 إذ هي ليست مكافأة أصلية عن مدة خدمة فعلية وإنما هي منحة لضباط الجيش قررها مجلس الوزراء في 11/ 12/ 1930 ثم ألغاها في 8/ 2/ 1933 وإذ هي صرفت بغير وجه حق فيحكمها نص المادة 187 من القانون المدني دون غيرها وقد بادرت فعلاً إلى إقامة الدعوى في إبريل سنة 1956 قبل أن تمضي المدة التي حددتها هذه المادة.
ومن حيث إن تلك المحكمة أصدرت حكمها آنف الذكر وأقامته على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 8/ 2/ 1933 رخص للضباط الذين سبق لهم اختيار قانون المعاشات المدنية أن يعدلوا عن اختيارهم ويطلبوا تطبيق قانون المعاشات العسكرية بشرط أن يقدموا طلباً بذلك في المدة التي حددها القانون 59 لسنة 1930 وألا يمنحوا المكافأة المنصوص عليها في قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 12/ 1930، وأن هذه المكافأة لا تطبق في شأنها المادة - 46 من القانون رقم 59 لسنة 1930 لأنها لم تقرر بهذا القانون وإنما الذي يحكمها هو نص المادة - 187 من القانون المدني الذي يقضي بسقوط الحق في استرداد ما دفع بغير وجه حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد، وأن الجهة الإدارية صرفت له هذه المكافأة في 2/ 8/ 1952 كما قامت بتسوية حالته في 18/ 6/ 1952 عند إحالته إلى المعاش وأن هذه الجهة لم تكن تجهل حقيقة مركزه وقت الصرف ومن ثم تحسب المدة التي حددتها هذه المادة من تاريخ الصرف ومن ثم تنتهي في 2/ 8/ 1955، وإذ تقرر الجهة الإدارية أنها لم تحرر إلى إدارة قضايا الحكومة بطلب هذه المكافأة إلا في 1/ 4/ 1956 ولم تطالبه قضائياً بأن تحرر له طلباً برد هذا المبلغ إلا بكتابها المؤرخ 20/ 5/ 1957 ومن ثم يكون حقها قد سقط بانقضاء مدة ثلاث سنوات على التفصيل السابق وبالتالي يكون ما استقطعته من معاشه على غير أساس من القانون ويتعين عليها رده إليه.
ومن حيث إن الطعن أسس على القول بأن روابط القانون العام تختلف عن روابط القانون الخاص وأنه كان على المحكمة المطعون في حكمها أن تقضي بسقوط الحق بمضي خمس عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق أو من يوم قبض المطعون ضده المبلغ غير المستحق، وأن الحق في المكافأة كان مقرراً ومستمداً من قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 12/ 1930 كما أن عدم الأحقية مستمد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8/ 2/ 1932 ومن ثم يكون مصدر الالتزام بالرد هو القانون وهو المصدر الخامس من مصادر القانون فلا تحكمه المادة 187 من القانون المدني إذ هذه المادة خاصة بالالتزامات التي مصدرها الإثراء بلا سبب وهو المصدر الرابع من مصادر القانون وهذا ما انتهى إليه حكم المحكمة الإدارية العليا (يراجع الطعن رقم 98 لسنة 2 ق بجلسة 8/ 12/ 1956) وإذ ذهبت محكمة القضاء الإداري إلى وجوب تطبيق هذه المادة مع اختلاف مصدر الالتزام يكون حكمها مخالفاً للقانون متعين الإلغاء وبالتالي رفض دعوى المطعون ضده.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها ذهبت فيه إلى القول بأن المطعون ضده لم يكن له حق في المكافأة التي قررها مجلس الوزراء في 11/ 12/ 1930 ومن ثم ليس له أن يتمسك بالحكم الذي نصت عليه المادة 46 من القانون 59 لسنة 1930 وقد أصاب الحكم المطعون فيه في تقريره ذلك ولكنه من جهة أخرى خانه التوفيق إذ قرر تطبيق المادة 187 من القانون المدني على هذه الحالة لأن المبلغ الذي صرف ليس مرتباً ولا مرتباً إضافياً ومن ثم يكون في ذمة المطعون ضده ولا تبرأ منه إلا بمضي التقادم الطويل (خمس عشرة سنة) واستشهد التقرير في هذا المقام بالحكم الصادر من هذه المحكمة في الطعن رقم 176 لسنة 5 ق بجلسة 2/ 7/ 1960 والطعن رقم 871 لسنة 5 ق بجلسة 9/ 10/ 1960 ثم قامت به حالة من حالات مخالفة القانون ويتعين إلغاؤه وبالتالي تضحى الدعوى قمينة بالرفض.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أنه لا يوجد ثمت خلاف حول وقائع هذه المنازعة السابق تباينها وعلى عدم أحقية المطعون ضده في المبلغ الذي قبض موضوع دعواه وإنما مناط الخلاف في النص القانوني الذي يحكم هذا الموضوع وهل المدة مدة سقوط أم مدة تقادم وما نوع هذا التقادم؟
ومن حيث إنه للفصل في ذلك يتعين معرفة كنه هذا المبلغ.
ومن حيث إنه لا جدال في أنه ليس مرتباً ولا مرتباً إضافياً وليس مكافأة من المكافآت التي يعنيها قانون المعاشات رقم 59 لسنة 1930 الذي يحكم حالة المطعون ضده وما دام الأمر كذلك فإن نص المادة - 46 من هذا القانون لا ينطبق في هذه الحالة وهو يتحدث عن مدة سقوط لا مدة تقادم ذلك لأن هذه المادة تحكم المكافأة المقررة بأحكامه، فلا يسوغ سحب حكمها على غيرها من المكافآت التي تقرر بمصدر آخر بل يجب الرجوع فيها إلى المصدر الذي قررها أو إلى أحكام القواعد العامة في حالة عدم نصه عليها، ولأن المطعون ضده عمل مدة طويلة في خدمة الطاعنة الأمر الذي استحق عنها معاشاً ولا يسوغ له الجمع بين معاش ومكافأة ومن ثم تكون هذه المكافأة حتماً ولزاماً غير تلك التي نصت عليها المادة آنفة الذكر وإن اتفقت معها في التسمية.
ومن حيث إن المصدر الوحيد لهذه المكافأة هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 2/ 1930 كما أن الذي حرم من الأحقية منها نص قرار مجلس الوزراء الصادر في 8/ 3/ 1933 سالف الذكر ومن ثم يكون مصدر الالتزام بالرد هو القانون وليس مصدراً غيره وإذا كان مصدر الالتزام هو القانون فيجب أن تكون مدة التقادم خمس عشرة سنة ما دام لا يوجد نص خاص يحدد مدة أخرى وذلك إعمالاً للقاعدة العامة الواردة في القانون المدني التي تنص على ما يأتي "يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فيما عدا الحالات التي ورد عنها نص خاص في القانون وفيما عدا الاستثناءات".
وهذه المدة تسري على كل التزام لم ينص القانون في خصوصه على مدة أخرى أقصر منها بالشروط والأوضاع التي يقررها.
ومن حيث إنه مما يظاهر هذا الرأي القضاء السابق لهذه المحكمة في العديد من أحكامها، ومما اتجه إليه الفقه الإداري في فرنسا إذ فرق بين ديون الدولة قبل الغير وبين ديون الغير قبلها وقال بأن الأولى تسقط بالمدد المعتادة طبقاً لنصوص القانون المدني، أما الثانية فتسقط بمضي أربع سنوات بمقتضى قانون خاص صدر في هذا الخصوص، وذلك إن لم ينص القانون على السقوط بمدة أقصر.
ومن حيث إنه لما كانت علاقة الحكومة بموظفيها هي علاقة تنظيمية عامة مصدرها القوانين واللوائح وأن القضاء الإداري ليس ملزماً بتطبيق النصوص المدنية في التقادم أياً كان مجال تطبيقها إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك أو رأى تطبيقها على وجه يتلاءم مع تلك الروابط (يراجع الطعن رقم 97 لسنة 2 ق) فإذا ما رأى تطبيق قواعد القانون المدني كانت قواعده العامة أولى بالتطبيق في حالة عدم النص على الحالات الخاصة لأن الأولى هي الواجبة التطبيق سواء في مجال القانون المدني أو القانون الإداري.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم كله أن حق الحكومة في هذه الحالة لا يتقادم إلا بخمس عشرة سنة ميلادية ومن ثم يكون القول بسقوط حقها في مدة أقصر من غير نص قانوني يبرر ذلك على غير أساس وإذ قضى الحكم المطعون فيه بسقوط حق الحكومة في مدة أقصر منها يكون حكماً مخالفاً للقانون وبالتالي يتعين إلغاؤه ورفض دعوى المطعون ضده.
ومن حيث إن المطعون ضده أصابه الخسر ومن ثم يتعين إلزامه بالمصروفات وذلك إعمالاً لنص المادة 357 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2023

الطعن 2055 لسنة 6 ق جلسة 19 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 25 ص 230

جلسة 19 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد الأستاذ حسن السيد أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم المستشارين.

-----------------

(25)

القضية رقم 2055 لسنة 6 القضائية

(أ) موظف - تقرير سنوي - محضر 

- تخفيض درجة كفاية المدعي الذي يعمل كمحضر إعلان بذريعة أنه لم يتقدم للامتحان لكي يعمل محضر تنفيذ - غير جائز قانوناً - التقارير السرية إنما شرعت للوقوف على مدى صلاحية الموظف للعمل المنوط به وليس على أساس عمل آخر لم يشغله.
(ب) موظف - تقرير سنوي - قضاء إداري 

- قضاء المحكمة الإدارية بأن تخفيض درجة الكفاية لم يكن له مبرر من الواقع أو القانون - لا ينطوي على حلول محل الجهة الإدارية فيما هو من شئونها - طلب الجهة الإدارية إعادة التقرير إليها لتجريه طبقاً للأصول السليمة - لا وجه له ما دام أن التقرير سار في خطاه المرسومة ولم يتجنب الصواب إلا من حيث المعيار الذي اتخذ أساساً للتخفيض في الوقت الذي تقر فيه الحكومة وتنادي الملابسات بصحة تقرير الرئيس المباشر.

-----------------
1 - نظراً لأنه من الثابت أن تخفيض درجة كفاية المدعي لم يكن بسبب متعلق بالعمل الذي يؤديه كمحضر إعلان والمعهود به إليه وإنما لأنه لم يتقدم للامتحان لكي يعمل محضر تنفيذ... ولما كانت التقارير السرية قد شرعت للوقوف على مدى صلاحية الموظف للعمل المنوط به ومقدار كفايته لهذا العمل وليس على أساس عمل آخر لم يشغله وقانون نظام القضاء لم يوجب هذا الامتحان وكل ما رتبه على عدم دخوله هو الحرمان من الترقية إلى درجة أعلى - وقد ظل المدعي في الدرجة الثامنة التي عين عليها مدة تربو على تسعة عشر عاماً إلى أن رقي منسياً إلى الدرجة السابعة في سنة 1948 ثم إلى الدرجة السادسة في سنة 1954 ومن ثم ما كان يجوز تخفيض درجة كفايته لأسباب خارجة عن حدود وظيفته التي يشغلها ويؤدي عملها فعلاً ولا يصح قانوناً أن تبنى التقديرات على أساس خارج هذا النطاق وبالتالي يكون التخفيض قد بني على أسباب غير مستساغة قانوناً الأمر الذي يجعل التقرير مخالفاً للقانون وكذلك كل ما يترتب عليه.
2 - ولا محل لإجابة الحكومة لمطلبها، الخاص بإعادة التقرير إلى الجهة الإدارية لتجريه طبقاً للأصول السليمة، وذلك أن التقرير سار في الخطوات المرسومة قانوناً ولم يتجنب الصواب إلا من حيث المعيار الذي اتخذته لجنة شئون الموظفين في تقدير الكفاية على النحو المتقدم ذكره هذا في الوقت الذي تقر فيه الحكومة وتنادي به الملابسات بصحة تقدير الرئيس المباشر لكفاية المدعي في حدود نطاق العمل القائم به فعلاً وعلى ذلك فإن القضاء إذا اعتبر أن تخفيض درجة الكفاية لم يكن له مبرر من الواقع فإنه لا يكون قد أحل نفسه محل السلطة الإدارية فيما هو من شئونها.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24 يوليو سنة 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيد وزير العدل سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية في 24/ 5/ 1960 في الدعوى رقم 237 لسنة 5 القضائية المقامة من السيد/ أمين حنا يعقوب ضد وزارة العدل والقاضي "بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة".
وطلب السيد الطاعن للأسباب التي أوردها في صحيفة الطعن "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
وقد أعلن هذا الطعن لذوي الشأن ثم نظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا التي بعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات أرجأت النطق بالحكم فيه لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 237 لسنة 5 القضائية في 2/ 9/ 1958 ضد: وزارة العدل طالباً الحكم بإلغاء قرار لجنة شئون الموظفين بتقدير كفاية الطالب بدرجة ضعيف في التقرير السري السنوي المقدم عن عام 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، بانياً طلبه هذا على أن الرئيس المباشر منحه 88 درجة خفضت إلى 48 درجة دون سند من أوراق ملف الخدمة أو القانون - وأن ما جاء بالتقرير السري (من أن المدعي لا يزال محضر إعلان رغم مضي أكثر من عشرين سنة في الخدمة بسبب إحجامه عن دخول امتحان المحضرين ورغم وصوله إلى الدرجة السادسة منسياً وقرب حلول دوره للترقية إلى الدرجة الخامسة وهو الأمر الذي أثر على إنتاجه....) هذا السبب لا يبرر تخفيض درجة كفايته إذ أن العبرة في الإنتاج بما يقوم به الموظف في العمل المعهود به إليه كما أن نصوص القانون رقم 147 لسنة 1949 لا تلزم المحضر بالتقدم للامتحان - والطالب في غير حاجة لأن يؤدي امتحاناً لكبر سنه وطول مدة خدمته وقرب إحالته إلى المعاش، فلا يجوز أن يكون إحجام الطالب عن دخول الامتحان سبباً في منحه تقدير ضعيف والإجحاف به في تقدير كفايته، هذا إلى أن المادة 136 من القانون 210 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 تنص على أنه (في تطبيق أحكام هذا القانون تحدد درجة كفاية الموظف بالنسبة للتقارير السرية كالآتي: (إذ حصل على 45 درجة فاقل اعتبر ضعيفاً...) وقد حصل الطالب على 48 درجة في التقرير المطعون فيه وهي تنطوي تحت تقدير مرضي. وأنه لا يجوز تعديل مراتب الكفاية كما حددتها المادة المشار إليها والنماذج التي تكتب عليها التقارير السرية السنوية والتي قررها وزير المالية تنفيذاً لحكم المادة (30) من قانون التوظف ومن ثم يكون تقدير كفاية المدعي - وهو حاصل على 48 درجة - بدرجة ضعيف قد جاء مخالفاً للقانون.... أجابت وزارة العدل على الدعوى بأن المادة (60) من القانون رقم 147 لسنة 1949 بإصدار قانون نظام القضاء تنص في فقرتها الثانية على أن (يعين المحضر تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر....) وتنص المادة (61) على أنه (يشترط فيمن يعين محضراً للتنفيذ أن يكون قد شغل وظيفة محضر مدة سنتين على الأقل وحسنت الشهادة في حقه وأن يكون قد نجح في امتحان يختبر فيه تحريرياً وشفوياً) وتنص المادة (64) على أنه (لا يرقى المحضر من الدرجة التي عين فيها إلى الدرجة التي تليها إلا إذا حسنت الشهادة في حقه وجاز الامتحان المنصوص عليه في المادة (62) كما تنص المادة (66) على أنه لا يعين محضر أول لمحكمة جزئية إلا من أمضى في وظيفة محضر للتنفيذ مدة سنتين على الأقل.... والمحضر المتظلم عين في وظيفة مندوب محضر مؤقت في 28/ 2/ 1929 بالدرجة الثامنة ووظيفة مندوب محضر كانت أول وظيفة في سلك المحضرين في الفترة التي سبقت إصدار قانون نظام القضاء التي أطلق عليها هذا القانون في الفقرة الثانية من المادة (60) تسمية (محضر تحت الاختبار) وكانت التعليمات المعمول بها قبل قانون نظام القضاء تقضي بألا يعين مندوباً لمحضر في وظيفة محضر للتنفيذ وبألا يرقى إلى الدرجة التالية لدرجة التعيين إلا إذا اجتاز امتحاناً تحريراً وشفوياً، وهذه القواعد احتفظ بها قانون نظام القضاء في المواد التي سبقت الإشارة إليها وكان تطبيق هذه القواعد سواء قبل إصدار قانون نظام القضاء أو في ظل هذا القانون يقضي بألا يتزحزح المحضر من درجة التعيين طالما أنه لم ينجح في الامتحان. وذلك تأسيساً على أن وظيفة مندوب المحضر أو المحضر تحت الاختبار مسئولياته محدودة... والمحضر المدعي لم يؤد الامتحان منذ تعيينه في سنة 1929 ولذلك ظل إلى الآن في وظيفة محضر إعلان وأصبح من المستحيل الاستفادة به.. وكان المفروض أن يظل في الدرجة التي عين فيها لولا صدور قانون المنسيين سنة 1943 وتطبيقاً لهذا القانون رقي المدعي إلى الدرجة السابعة الشخصية في 19/ 12/ 48 - وإلى الدرجة السادسة الشخصية في 28/ 2/ 1954 وهو الآن في انتظار الترقية إلى الدرجة الخامسة الشخصية بعد شهور معدودة يستكمل فيها الثلاثين من سنى خدمته، ولو أن المدعي آنس في نفسه الكفاءة لتقدم للامتحان ولتدرج في سلك الوظيفة إلى وظيفة محضر تنفيذ فمحضر أول فمفتش أو كبير محضرين، ولأصبح الآن في وظيفة يقوم فيها بعمل يتناسب مع درجته الحالية والمرتب الذي يتقاضاه... وللمدعي جزاءات بالخصم يوم في مايو سنة 1931 لغيابه مدعياً المرض وثلاثة أيام في 25/ 7/ 1931 لإهماله في أداء واجبه وإنذار في 7/ 9/ 1932 لإهماله في تسديد الأوراق الجنائية وخصم يومين لخطئه في إعلان أمر حبس في 22/ 4/ 1935 وإنذار لإهماله في عمله في 14/ 10/ 1956. ولو سار محضرو الإعلان على سنة المدعي لأجدبت أقلام المحضرين من وجود محضر واحد للتنفيذ ولتعطلت التنفيذات تماماً.. وأما قول المدعي بأن المادة 136 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 73 لسنة 1957.. تقضي بأنه إذا حصل الموظف على 45 درجة فأقل اعتبر ضعيفاً وإذا حصل على 65 درجة فأقل اعتبر مرضياً وهو يريد بهذا أن يعتبر حصوله على 48 درجة في التقرير المطعون فيه في مرتبة (مرضي) - هذا القول منه مردود عليه فإن المادة (30) من قانون نظام الموظفين قضت في فقرتها الأخيرة (بأن تكتب التقارير على النماذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد بقرار يصدره بعد أخذ رأي ديوان الموظفين) وقد صدر قرار وزير المالية والاقتصاد في 29/ 12/ 1957 وثابت فيه أن درجة الكفاية إذا قدرت أقل من 50 درجة اعتبر التقدير ضعيفاً.... أما تقدير الرئيس المباشر لكفاءة المدعي بدرجة 88 فسببه أن الرئيس أعطاه هذه الدرجة على أساس مقارنته بمحضري الإعلان الذين لا زالوا تحت الاختبار ومعنى هذا الرقم أنه قد يجيد إعلان أية ورقة... ومن ذلك يتبين أن لجنة شئون الموظفين كانت على حق في تقدير درجة كفاءة المدعي بدرجة (ضعيف) ولم يكن في ذلك أي إجحاف به إذ أنه ارتضى لنفسه أن يبقى كما هو من يوم تعيينه... والقواعد السليمة تقضي بأن يكون التقدير بقدر ما يؤديه الموظف من عمل وبقدر ما يمكن أن تفيد الدولة من خدماته وهذه هي مبررات التقدير.
وبتاريخ 24/ 5/ 1960 قضت المحكمة الإدارية المذكورة (بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الحكومة بالمصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة) بانية قضاءها على أنه تبين من الاطلاع على التقرير السنوي السري عام 1957 أن لجنة شئون الموظفين غيرت التقدير من مرتبة جيد إلى مرتبة ضعيف وأثبت مدير عام المحاكم بخانة الملاحظات أن المدعي لا يزال محضر إعلان رغم مضي أكثر من عشرين سنة على خدمته بسبب إحجامه عن دخول امتحان المحضرين ورغم وصوله إلى الدرجة السادسة منسياً وقرب حلول دوره في الترقية إلى الدرجة الخامسة مما أثر على إنتاجه رغم كبر درجته وطبقاً للمادة (31) من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 يكون تقدير كفاية الموظف منوطاً في النهاية لرأي لجنة شئون الموظفين، وطبقاً لما جرت عليه أحكام المحكمة العليا أن يكون تقرير اللجنة مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من أصول ثابتة ليكون القرار الصادر بالحرمان قائماً على سببه الذي يبرره قانوناً.. ويبدو أن لجنة شئون الموظفين قد خفضت تقدير كفاية المدعي بسبب ما لاحظه مدير المحاكم من أن المدعي لا يزال محضر إعلان.. ويستفاد من النصوص الواردة في قانون نظام القضاء أن عدم اشتراك المدعي في دخول الامتحان يحول بينه وبين الترقية إلى محضر تنفيذ كما يحول دونه والترقي إلى الدرجات المالية أسوة بزملائه الذين يؤدون الامتحان.. ومن ثم فإن الضرر يعود أولاً على المدعي... وكان في وسع الوزارة أن تنقله إلى وظيفة أخرى غير وظائف المحضرين حتى تستفيد منه بما يتناسب ودرجته المالية هذا إلى أن ملف خدمة المدعي خال مما يشينه.. ومن كل هذا يتضح إجحاف الأسس التي أقامت عليها لجنة شئون الموظفين تقديرها للمدعي بدرجة ضعيف.... وبالتالي يكون القرار الصادر بحرمان المدعي من علاوته الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1958 وقد بني على تقدير كفاية المدعي بدرجة ضعيف، قد جاء مخالفاً للقانون...
ومن حيث إن الطعن في الحكم المتقدم ذكره يقوم على أنه طبقاً للتعديل الذي أجراه المشرع بمقتضى القانون رقم 73 لسنة 1957 أصبحت لجنة شئون الموظفين هي السلطة المختصة بتقدير درجة الكفاية التي تراها - وقد رأت هذه اللجنة أن كفاية المدعي لا تؤهله إلا لدرجة ضعيف ولم يكن ذكر عدم دخوله امتحان المحضرين إلا بياناً لأسباب ما لاحظته اللجنة من ضعف إنتاجه وسوء كفايته. هذا إلى أن الترقيات والعلاوات التي تمنح للموظف إنما تمنح له على أساس أنه يزداد خبرة في عمله وأن تحمله للمسئوليات الوظيفية يزداد تبعاً لذلك.. وقد أخطأ الحكم المطعون فيه بإعادة النظر في تقدير الكفاية الذي قدرته لجنة شئون الموظفين للمدعي وخالف قضاء سابقاً للمحكمة الإدارية العليا التي قالت إن تقديرات الكفاية هي تقديرات لا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل إلى مناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة الذي ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها فيه وحتى على فرض صحة ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من فساد الأسس التي أقامت عليها لجنة شئون الموظفين تقديرها لكفاية المدعي فقد كان الواجب أن تعيد التقرير.. لجهة الإدارة لتجريه وفقاً للأوضاع السليمة حتى يمكن أن ينتج التقرير الآثار المترتبة عليه قانوناً ومنها منح المدعي علاوته الدورية أو حرمانه منها وهذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لا يملك أن يقرر منح العلاوة لأن ذلك من شأن لجنة شئون الموظفين التي لها وحدها أن تقدر قيام الموظف بعمله بكفاية كأساس لمنحه العلاوة الدورية.. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون..
ومن حيث إن هيئة المفوضين قدمت تقرير بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى أن لجنة شئون الموظفين لم تبن تقريرها على أسباب صحيحة مستمدة من الأوراق وكان الواجب على جهة الإدارة إن أرادت أن تتخذ قاعدة عامة في تقدير الكفاية للمتخلفين من المحضرين عن تأدية الامتحان أن تنبههم إلى ذلك وتثبت هذه القاعدة في محضرها كأساس في التقدير ثم تطبق آثارها على مفردات التقدير تطبيقاً سليماً..
ومن حيث إنه يبين من الأوراق المودعة ملف الطعن أن المدعي من مواليد 27/ 3/ 1902 ودخل الخدمة 28/ 2/ 1929 وقد انتهت خدمته في 2/ 7/ 1960 بموجب القانون رقم 120 لسنة 1960 وقد بلغت إجازته في سنة 1957 سبعة أيام إجازة عارضة غير الإجازة الاعتيادية السنوية وإجازة أعياد المسيحيين... ولحصوله على تقريرين متتاليين عن سنتي 1957، 1958 بدرجة ضعيف قدم إلى الهيئة المشكل منها مجلس التأديب وقد أصدرت الهيئة المذكورة في 24/ 10/ 1960 قراراً بسقوط الدعوى التأديبية ضده لتركه الخدمة بإحالته إلى المعاش ولم توقع ضده جزاءات في عام 1957 وأما الجزاءات الموقعة عليه قبل ذلك فقد سبق الإشارة إليها وهو حاصل على الشهادة الثانوية قسم أول عام وعند إحالته إلى المعاش كان يشغل الدرجة السادسة ومع ضم السنتين إلى مدة خدمته ومنحه علاوتين بالتطبيق للقانون رقم 120 لسنة 1960 بلغت ماهيته 24 جنيهاً شهرياً وبلغت مدة خدمته الفعلية 31 سنة و4 شهور ويومان والتقارير السرية السنوية الموضوعة عنه حتى نهاية سنة 1956 جميعها بحالة مرضية ولا يوجد في ملف خدمته ما يشين خاصة في سنة 1957 الموضوع عنها التقرير محل الطعن الحالي.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى هذا التقرير يبين أن الرئيس المباشر قدر كفاية المدعي بمرتبة جيد (88) درجة وقد وافق على هذا التقرير كل من المدير المحلي ورئيس المصلحة - وفي خانة الملاحظات من التقرير المذكور دون مدير عام المحاكم في 23/ 4/ 1958 الملاحظة الآتية:
"لا يزال (المدعي) محضر إعلان رغم مضي أكثر من عشرين سنة على دخوله الخدمة بسبب إحجامه عن امتحان المحضرين رغم حصوله على الدرجة السادسة منسياً وقرب حلول دوره في الترقية إلى الدرجة الخامسة مما أثر على إنتاجه رغم كبر درجته..." وفي 24/ 4/ 1958 نزلت لجنة شئون الموظفين بتقدير المدعي إلى مرتبة ضعيف (48 درجة) ولا جدال في قيام الارتباط الوثيق بين هذا التقدير والملاحظة السابق الإشارة إليها وقد أفصحت إدارة المحاكم صراحة في ردها على الدعوى بأن تقدير الرئيس المباشر لكفاءة المدعي بمرتبة جيد (88 درجة) نسبية بطبيعة الحال إذ أن الرئيس المباشر أعطاه هذه الدرجة على أساس نسبة مقارنته بمحضري الإعلان الذين لا زالوا تحت الاختبار ومعنى هذا الرقم أنه قد يجيد إعلان أية ورقة.. وتقدير لجنة شئون الموظفين على هذا الوضع ليس فيه أي إجحاف بالمدعي ما دام أنه قد ارتضى لنفسه أن يبقى كما هو من يوم تعيينه في الدرجة الثامنة حتى الآن وبعد مضى أكثر من 29 سنة.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن تخفيض درجة المدعي لم يكن بسبب متعلق بالعمل الذي يؤديه والمعهود به إليه وإنما لأنه لم يتقدم للامتحان لكي يعمل محضر تنفيذ.. ولما كانت التقارير السرية قد شرعت للوقوف على مدى صلاحية الموظف للعمل المنوط به ومقدار كفايته لهذا العمل وليس على أساس عمل آخر لم يشغله وقانون نظام القضاء لم يوجب هذا الامتحان وكل ما رتبه على عدم دخوله هو الحرمان من الترقية إلى درجة أعلى - وقد ظل المدعي في الدرجة الثامنة التي عين عليها مدة تربو على تسعة عشر عاماً إلى أن رقي منسياً إلى الدرجة السابعة في سنة 1948 ثم إلى الدرجة السادسة في سنة 1954 ومن ثم ما كان يجوز تخفيض درجة كفايته لأسباب خارجة عن حدود وظيفته التي يشغلها ويؤدي عملها فعلاً ولا يصح قانوناً أن تبنى التقديرات على أساس خارج هذا النطاق وبالتالي يكون التخفيض قد بني على أسباب غير مستساغة قانوناً الأمر الذي يجعل التقرير مخالفاً للقانون وكذلك كل ما يترتب عليه ولا محل لإجابة الحكومة لمطلبها الخاص بإعادة التقرير إلى الجهة الإدارية لتجريه طبقاً للأصول السليمة، وذلك أن التقرير سار في الخطوات المرسومة قانوناً ولم يتجنب الصواب إلا من حيث المعيار الذي اتخذته لجنة شئون الموظفين في تقدير الكفاية على النحو المتقدم ذكره هذا في الوقت الذي تقر فيه الحكومة وتنادي به الملابسات بصحة تقدير الرئيس المباشر لكفاية المدعي في حدود نطاق العمل القائم به فعلاً وعلى ذلك فإن القضاء إذ اعتبر أن تخفيض درجة الكفاية لم يكن له مبرر من الواقع أو القانون فإنه لا يكون قد أحل نفسه محل السلطة الإدارية فيما هو من شئونها.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد جاء سليماً متفقاً مع القانون ويكون الطعن غير قائم على سند صحيح مما يتعين القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة المصروفات.

الطعن 806 لسنة 7 ق جلسة 13 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 24 ص 225

جلسة 13 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد/ الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة/ الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وحسنين رفعت ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

---------------

(24)

القضية رقم 806 لسنة 7 القضائية

موظف - تقدير درجة الكفاية 

- المادة 136 من القانون 210 لسنة 1951 - وضعها حكماً انتقالياً بالنسبة إلى التقارير السنوية السابقة على العمل بأحكام القانون رقم 73 لسنة 1957 من مقتضاه إعادة تقويم الدرجات المئوية التي كانت تقدر بها كفاية الموظفين بما يقابلها من مراتب جديدة استحدثها - لا أثر لها على الأحكام الدائمة التي وضعتها المادة 30 معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 ولا تضع قيداً على سلطة وزير المالية في تحديد أسس تقدير الكفاية - صحة قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 629 سنة 1957 بشأن النموذج الخاص بتقدير كفاية موظفي الدولة - لا تعارض بين حكم هذا القرار وحكم المادة 136 من القانون 210 لسنة 1951 - لكل منهما مجال زمني يجري فيه.

---------------
إن المادة 136 من القانون رقم 210 لسنة 1951 إنما وضعت حكماً انتقالياً بالنسبة إلى التقارير السابقة على العمل بأحكام القانون رقم 73 لسنة 1957 من مقتضاه إعادة تقويم الدرجات المئوية التي كانت تقدر بها كفاية الموظفين بما يقابلها من مراتب جديدة استحدثها المشرع بموجب القانون المذكور ولذلك فلا يؤثر هذا النص على الأحكام الدائمة التي ضمنها المشرع المادة 30 من قانون التوظف معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 كما لا يضع قيداً على سلطة وزير المالية والاقتصاد في تحديد الأوضاع التي تقدر على أساسها كفاية الموظفين تنفيذاً لحكم المادة 30 المشار إليها وعلى هذا المقتضى فإن قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 629 لسنة 1957 بشأن النموذج الخاص بتقدير كفاية موظفي الدولة الصادر به تنفيذاً لأحكام المادة 30 من قانون التوظف يكون صحيحاً قانوناً ولا ينطوي على أية مخالفة لحكم المادة 136 من القانون المذكور إذ لكل منهما مجال زمني يجري فيه ومن ثم فلا تعارض البتة بين حكميهما.


إجراءات الطعن

بتاريخ 11 فبراير سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيدين وزير الصناعة ومدير عام النيابة الإدارية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 806 لسنة 7 القضائية في القرار الصادر من المحكمة التأديبية لموظفي وزارتي الأشغال والحربية بتاريخ 12 ديسمبر سنة 1960 في الطلب المقدم من النيابة الإدارية المقيد برقم 1 للسنة الثالثة القضائية والخاص بالنظر في أمر السيد/ ماهر يوسف إلياس، الموظف من الدرجة الثامنة بإدارة الكهرباء والغاز على ضوء ما تقضي به المادة 32 من القانون رقم 215 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة والقاضي برفض هذا الطلب للأسباب الواردة في القرار وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة لتقضي فيها من جديد.
وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 15 من مارس سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5 أكتوبر سنة 1963 وأبلغ الخصوم في 16 يوليو سنة 1963 بموعد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره أمامها جلسة أول نوفمبر 1964 التي أبلغ بها الخصوم في 16 سبتمبر 1964.
وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن كفاية المطعون ضده السيد/ ماهر يوسف إلياس الموظف من الدرجة الثامنة قدرت بدرجة ضعيف في التقريرين المقدمين في حقه عن عامي 1958 و1959، إذ حصل في التقرير الأول على 40 درجة من مائة وفي التقرير الثاني على 47 درجة، ومن ثم أحيل الموظف المذكور إلى المحكمة التأديبية لموظفي وزارتي الأشغال والحربية للنظر في أمره على ضوء ما تقضي به المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة وبتاريخ 12 ديسمبر سنة 1960 قررت المحكمة رفض الطلب، فطعنت إدارة قضايا الحكومة في هذا القرار بتاريخ 11 من فبراير سنة 1961 طالبة - للأسباب التي تضمنها تقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء القرار المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة لتقضي فيها من جديد. وتستند الطاعنة في طعنها إلى أن القرار المطعون فيه بني على أن حصول المطعون ضده على 47 درجة في عام 1959 لا يجعله في مرتبة ضعيف بل يعتبر في مرتبة "مرض" تطبيقاً لنص المادة 136 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي حددت الأرقام الحسابية المقابلة لمراتب الكفاية التي حددتها المادة 30 من القانون المشار إليه وبالتالي يكون المطعون ضده قد حصل على تقرير ضعيف بالنسبة لعام 1958 فقط وبذلك لا تتوفر فيه شروط تطبيق المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وتؤسس الطاعنة طعنها على أن القرار المطعون فيه أخطأ إعمال نص المادة 136 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بالنسبة إلى التقريرين السريين اللذين حررا عن سنتي 1958 و1959 إذ أن نص المادة المذكورة معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 تضمن حكماً خاصاً بالتقارير السرية السابقة على صدور القانون رقم 73 لسنة 1957 والموضوعة على نظام الدرجات وطريقة تقديرها بما يقابلها في الأحكام الجديدة من المرتبات ومن ثم فإن مجال إعمال هذا النص هو بالنسبة للتقارير السرية السابقة على سنة 1957 ولا يحكم التقارير السرية التالية لسنة 1957 والتي تمت في ظل المادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 والتي عدلت عن نظام تقدير الكفاية بالدرجات إلى التقدير بحسب المراتب، ومن ثم فإن طلب النيابة الإدارية النظر في أمر المطعون ضده لحصوله على تقدير ضعيف عن عامي 1958، 1959 في محله وتتوفر فيه شروط تطبيق المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث إنه يبين من النصوص المتعلقة بالتقارير السرية الخاصة بموظفي الدولة وما أدخل عليها من تعديلات أن المادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة كانت تنص على أنه تعد التقارير في شهر فبراير من كل عام متضمنة درجة كفاية الموظف باعتباره جيداً أو متوسطاً أو ضعيفاً، ثم عدل هذا الحكم بالقانون رقم 579 لسنة 1953 فأصبح مقنناً في المادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على الوجه الآتي:
.... وتعد هذه التقارير في شهر فبراير من كل عام على أساس تقدير كفاية الموظف بدرجات نهايتها القصوى مائة درجة، ويعتبر الموظف ضعيفاً إذا لم يحصل على 40 درجة على الأقل، ثم عدلت المادة 30 المشار إليها بالقانون رقم 73 المعمول به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 4 إبريل سنة 1957 فأصبح نصها يجري بما يأتي:
"تعد هذه التقارير في شهر فبراير من كل عام أو في أي شهر آخر يصدر بتحديده قرار من الوزير المختص بعد أخذ رأي ديوان الموظفين ويكون ذلك على أساس تقدير كفاية الموظف بمرتبة ممتاز أو جيد أو مرضي أو ضعيف" وبذلك يكون المشرع قد استبدل بنظام الدرجات الذي كان يجري في تقدير كفاية الموظف قبل القانون رقم 73 لسنة 1957 نظام مراتب الكفاية سالف الذكر.
ومن حيث إن المادة 30 وفقاً لتعديلها الأخير قد نصت أيضاً على أن تكتب هذه التقارير على النماذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد بقرار يصدر منه بعد أخذ رأي ديوان الموظفين وقد أصدر وزير المالية تنفيذاً لهذا النص وبعد الاتفاق مع ديوان الموظفين القرار رقم 629 لسنة 1957 بشأن النموذج الخاص بتقدير كفاية موظفي الدولة وقد تضمن مراتب كفاية الموظفين وعناصر تحديد هذه الكفاية وحدد لكل عنصر من هذه العناصر درجة مئوية، وقد نص البند الرابع على أن "تحول الدرجات المقدرة إلى مراتب الكفاية على النحو الآتي" : "أقل من 50 درجة (ضعيف) وهذا النص وحده هو الذي ينطبق على تقريري المطعون ضده عن عامي 1958 و1959 لكونهما موضوعين بعد العمل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 في 4 من إبريل سنة 1957.
ومن حيث إن المادة 136 من القانون رقم 210 لسنة 1951 إنما وضعت حكماً انتقالياً بالنسبة إلى التقارير السنوية السابقة على العمل بأحكام القانون رقم 73 لسنة 1957 من مقتضاه إعادة تقويم الدرجات المئوية التي كانت تقدر بها كفاية الموظفين بما يقابلها من مراتب جديدة استحدثها المشرع بموجب القانون المذكور ولذلك فلا يؤثر هذا النص على الأحكام الدائمة التي ضمنها المشرع المادة 30 من قانون التوظف معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 كما لا يضع قيداً على سلطة وزير المالية والاقتصاد في تحديد الأوضاع التي تقدر على أساسها كفاية الموظفين تنفيذاً لحكم المادة 30 المشار إليها وعلى هذا المقتضى فإن قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 629 لسنة 1957 بشأن النموذج الخاص بتقدير كفاية موظفي الدولة الصادر فيه تنفيذاً لأحكام المادة 30 من قانون التوظف يكون صحيحاً قانوناً ولا ينطوي على أية مخالفة لحكم المادة 136 من القانون المذكور إذ لكل منهما مجال زمني يجري فيه ومن ثم فلا تعارض البتة بين حكميهما.
ومن حيث إن ترتيباً على ما تقدم فإن من يحصل من الموظفين في التقرير السنوي المقدم عنه بعد العمل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 كالمطعون ضده في الدعوى الحالية على أقل من خمسين درجة وفقاً للأوضاع التي بينها وزير المالية والاقتصاد في قراره المشار إليه يعتبر في مرتبة ضعيف ويتعين معاملته على هذا الأساس، وإذ صدر الحكم المطعون على خلاف هذا المبدأ فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين من ثم القضاء بإلغائه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المطعون في حكمها لتقضي بناء على ما تقدم في موضوع الطلب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى من رفض الطلب المقدم من النيابة الإدارية وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لوزارتي الأشغال والحربية للفصل في موضوع الطلب.

الطعن 4512 لسنة 59 ق جلسة 16 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 41 ص 254

جلسة 16 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

----------------

(41)
الطعن رقم 4512 لسنة 59 القضائية

(1) تهريب ضريبي. ضريبة استهلاك. تبغ. قانون "تفسيره".
عدم الإقرار عن الضريبة المستحقة وتوريدها في المواعيد المحددة. اعتباره في حكم التهرب من الضريبة. المادة 54/ 11 من القانون 133 لسنة 1981.
التزام كل مشتر أو مستورد للدخان الخام بتقديم إقرار خلال شهر من سداد الضريبة بكيفية التصرف فيه. المادة 26 من اللائحة التنفيذية للقانون 133 لسنة 1981.
(2) تهريب ضريبي. ضريبة استهلاك. تبغ. جريمة "أركانها".
مناط التأثيم في جريمة عدم تقديم إقرار بضريبة الاستهلاك وفق حكم المادة 54/ 11 من القانون 133 لسنة 1981؟
خضوع الدخان الخام لضريبة الاستهلاك. رهن بثبوت تصنيعه.
(3) حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". ضريبة استهلاك. تبغ. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة لا يحقق غرض الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام.
مثال لتسبيب معيب لحكم بالإدانة في جريمة عدم تقديم إقرار بضريبة الاستهلاك المستحقة عن دخان مستورد.
(4) نقض "أسباب الطعن. تصدرها".
- القصور له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.

---------------
1 - إن الشارع نص في الفقرة الحادية عشرة من المادة 54 من القانون رقم 133 لسنة 1981 بشأن الضريبة على الاستهلاك على أن "يعتبر في حكم التهرب من الضريبة ويعاقب عليها بذات العقوبات المنصوص عليها في المادة 53..... عدم الإقرار عن الضريبة المستحقة وتوريدها في المواعيد المحددة "وألزمت المادة 26 من اللائحة التنفيذية للقانون كل مشتر أو مستورد للدخان الخام - وهي السلعة محل الاتهام في الدعوى - سدد عنه ضريبة الاستهلاك بواقع 4.400 مليمجـ عن كل كيلو جرام أن يقدم للمصلحة خلال شهر من تاريخ سداد الضريبة إقراراً بكيفية التصرف في كميات الدخان وللمصلحة التأكد من صحة ما ورد بإقراره، وأورد في الفقرة (هـ) من البند العاشر من الجدول المرفق بالقانون أن الضريبة المستحقة عن كل كيلو جرام من الدخان المصنع هي مبلغ 8.164 مليمجـ تخصم منها مبلغ 4.400 مليمجـ الذي سبق سداده كضريبة جمركية عن الدخان الخام.
2 - إن مناط التأثيم في الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الحادية عشرة من المادة 54 من القانون آنف الذكر هو أن تخضع السلعة لضريبة مستحقة لم يقربها الملتزم بها ولم يوردها في المواعيد المحددة وكان شرط خضوع السلعة محل الاتهام في الدعوى لضريبة الاستهلاك - الدخان الخام - على ما أفصح عنه الجدول المرفق بالقانون - على السياق المتقدم - رهناً بثبوت تصنيعها، إذ يستحق عليها عندئذ الفرق بين ما حُصل من ضريبة على الدخان الخام بمعرفة الجمارك عند استيراده وما يجب أداؤه عليها بعد تصنيعه.
3 - إذ كان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب المعتبر إيراد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له، سواء من ناحية الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل، بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة تجعله لا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن أحال في بيان واقعة الدعوى إلى مدونات الحكم المستأنف، قد اقتصر في التدليل على ثبوتها في حق الطاعن على قوله "...... وكان الثابت من مطالعة مذكرة مصلحة الضرائب وتحقيقات النيابة وجود عجز في كميات الدخان الخام ناشئ عن التصرف دون سداد فروق ضريبة الاستهلاك بما يقدر 2055.520 مليمجـ بين ما استحق عليها ابتداء لمصلحة الجمارك عند دخولها البلاد وبين المتصرف فيه وإنه في عدم توريد هذه الفروق بين الضريبة وتقديم الإقرار السلعي يجعله تهرب من الضرائب وأنه بهذا المقتضى تكون التهمة قد ثبتت وتوافرت في حق المتهم ذلك أنه يعد ممن يستحق عنهم ضريبة وأن هذه السلعة من بين السلع الخاضعة لضريبة الاستهلاك طبقاً لنص المادتين 2، 3 من ذات القانون ومن اعترافه الثابت من مذكرة مصلحة الضرائب من أنه قام بالتصرف فيها بالبيع ولم يقيدها بدفاتره. كما لم يقدم الإقرار السلعي عنها وتوريد قيمة فروق الضرائب إلى المصلحة فلا يقدح في ذلك عدم وجود آلات أو أدوات مما تستخدم في التصنيع". دون أن يستظهر أن كمية الدخان الخام قد قام الطاعن بتصنيعها بالفعل وهو مناط المسئولية الجنائية في صورة الدعوى، واتخذ من مجرد العجز في السلعة تلك دليلاً على تحقق المسئولية الجنائية، فإنه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه.
4 - إن القصور له الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وهو ملتزم بالضريبة على الاستهلاك تخلف عن تقديم الإقرار عن الضريبة المستحقة وتوريدها في المواعيد المحددة على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 3، 53، 54/ 1 من القانون رقم 133 لسنة 1981 والبند 11/ هـ من الجدول المرفق المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1982 من اللائحة التنفيذية ومحكمة جنح الأزبكية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرة جنيهات. استأنفت النيابة العامة ووزير المالية بصفته ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بإجماع الآراء بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم خمسمائة جنيه وإلزامه بأداء مبلغ 2055.520 مليمجـ نظير الضريبة المستحقة ومبلغ مساو كبدل مصادرة وبتعويض 6166.560 مليمجـ بما يعادل ثلاثة أمثال هذه الضريبة.
فطعن كل من الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه وإدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير المالية بصفته في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التخلف عن تقديم الإقرار عن الضريبة على الاستهلاك وتوريدها في المواعيد المحددة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه افترض أن العجز في كمية الدخان الذي أسفر عنه التفتيش تم التصرف فيه مصنعاً وهو افتراض خاطئ خلت الأوراق من دليل على صحته. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الشارع إذ نص في الفقرة الحادية عشرة من المادة 54 من القانون رقم 133 لسنة 1981 بشأن الضريبة على الاستهلاك على أن "يعتبر في حكم التهريب من الضريبة ويعاقب عليها بذات العقوبات المنصوص عليها في المادة 53..... عدم الإقرار عن الضريبة المستحقة وتوريدها في المواعيد المحددة" وألزمت المادة 26 من اللائحة التنفيذية للقانون كل مشتر أو مستورد للدخان الخام - وهي السلعة محل الاتهام في الدعوى - سدد عنه ضريبة الاستهلاك بواقع 4.400 مليمجـ عن كل كيلو جرام أن يقدم للمصلحة خلال شهر من تاريخ سداد الضريبة إقراراً بكيفية التصرف في كميات الدخان وللمصلحة التأكد من صحة ما ورد بإقراره، وأورد في الفقرة (هـ) من البند العاشر من الجدول المرفق بالقانون أن الضريبة المستحقة على كل كيلو جرام من الدخان المصنع هي مبلغ 8.164 مليمجـ تخصم منها مبلغ 4.400 مليمجـ الذي سبق سداده كضريبة جمركية عن الدخان الخام. وإذ كان ذلك، وكان مناط التأثيم في الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الحادية عشرة من المادة 54 من القانون آنف الذكر هو أن تخضع السلعة لضريبة مستحقة لم يقربها الملتزم بها ولم يوردها في المواعيد المحددة وكان شرط خضوع السلعة محل الاتهام في الدعوى لضريبة الاستهلاك - الدخان الخام - على ما أفصح عنه الجدول المرفق بالقانون - على السياق المتقدم - رهناً بثبوت تصنيعها، إذ يستحق عليها عندئذ الفرق بين ما حُصل من ضريبة على الدخان الخام بمعرفة الجمارك عند استيراده وما يجب أداؤه عليها بعد تصنيعه. وإذ كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً والمراد في التسبيب المعتبر إيراد الأسانيد والحجج المبني هو عليها والمنتجة هي له، سواء من ناحية الواقع أو من حيث القانون، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل، بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة تجعله لا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم. وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن أحال في بيان واقعة الدعوى إلى مدونات الحكم المستأنف، قد اقتصر في التدليل على ثبوتها في حق الطاعن على قوله "..... وكان الثابت من مطالعة مذكرة مصلحة الضرائب وتحقيقات النيابة وجود عجز في كميات الدخان الخام ناشئ عن التصرف دون سداد فروق ضريبة الاستهلاك بما يقدر 2055.520 مليمجـ بين ما استحق عليها ابتداء لمصلحة الجمارك عند دخولها البلاد وبين المتصرف فيه وأنه في عدم توريد هذه الفروق بين الضريبة وتقديم الإقرار السلعي يجعله تهرب من الضرائب وأنه بهذا المقتضى تكون التهمة قد ثبتت وتوافرت في حق المتهم ذلك أنه يعد ممن يستحق عنهم ضريبة وأن هذه السلعة من بين السلع الخاضعة لضريبة الاستهلاك طبقاً لنص المادتين 2، 3 من ذات القانون ومن اعترافه الثابت من مذكرة مصلحة الضرائب من أنه قام بالتصرف فيها بالبيع ولم يقيدها بدفاتره. كما لم يقدم الإقرار السلعي عنها وتوريد قيمة فروق الضرائب إلى المصلحة فلا يقدح في ذلك عدم وجود آلات أو أدوات مما تستخدم في التصنيع". دون أن يستظهر أن كمية الدخان الخام قد قام الطاعن بتصنيعها بالفعل وهو مناط المسئولية الجنائية في صورة الدعوى، واتخذ من مجرد العجز في السلعة تلك دليلاً على تحقق المسئولية الجنائية، فإنه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.


ثانياً: عن الطعن المقدم من المدعي بالحقوق المدنية بصفته:
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة التخلف عن تقديم إقرار الضريبة على الاستهلاك وتوريدها في الميعاد، قد خالف القانون ذلك بأنه لم يحصل بما يعادل قيمتها كبديل لمصادرتها لعدم ضبطها، بل حكم بما يساوي فرق ضريبة الاستهلاك، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه ثبت مما سلف - على السياق المتقدم - عند التصدي لطعن المحكوم عليه، أن الحكم المطعون فيه قد تعيب بالقصور في التسبيب المبطل له، وكان القصور ذلك له الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون - وهو ما يتسع له وجه الطعن - فإنه يتعين أيضاً ولما تقدم نقض الحكم المطعون فيه.

الطعن 2386 لسنة 6 ق جلسة 13 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 23 ص 209

جلسة 13 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد/ الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب المجلس وعضوية السادة/ الأساتذة الدكتور أحمد مرسي وعلي محسن مصطفى وحسنين رفعت ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

---------------

(23)

القضية رقم 2386 لسنة 6 القضائية

(أ) موظف - درجة مالية 

- نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى نقل الموظف إلى الكادر الأعلى تبعاً لنقل وظيفته بدرجتها - عدم تأثر أقدميته في الدرجة المنقولة بنقله إلى الكادر الأعلى - أساس ذلك.
(ب) ميزانية - وظيفة مخصصة - ترقية

 - التفرقة بين الترقية إلى درجات الوظائف المخصصة وبين الترقية إلى غيرها من الدرجات - ضوابط الترقية إلى الوظائف المخصصة.
(جـ) ميزانية - درجات مالية 

- رفعها إلى درجة أعلى - شغل هذه الدرجات المرفوعة لا يتم بقوة القانون تبعاً لصدور قانون الميزانية - وجوب صدور قرارات إدارية فردية بالترقية على هذه الدرجات وفقاً للقواعد المقررة للترقية.

--------------
1 - إذا كان النقل مترتباً على نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى بناء على ما رؤى لصالح العمل ولحسن سير المرفق العام أن طبيعة العملين في الوظيفتين واحدة، فقد يستفاد من نصوص القانون ضمناً أنه قصد الاحتفاظ للموظف الذي ينقل إلى الكادر العالي تبعاً لنقل وظيفته بدرجتها بأقدميته فيها، ومن ذلك الحالة التي نصت عليها الفقرة الأخيرة من المادة (47) المضافة بالقانون رقم 586 لسنة 1953 التي تقضي "وفي حالة نقل بعض الدرجات من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي بميزانية إحدى الوزارات أو المصالح يجوز بقرار من الوزير المختص نقل الموظف شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي بنفس درجته أو تسوية حالته على درجة متوسطة خالية من نوع درجته ومعادلة لها" وحكمة ذلك ظاهرة من العدالة والصالح العام، لأن نقل الوظيفة بدرجتها قد استدعته حاجة العمل والمصلحة العامة ولأنه وإن كان نقل الوظيفة من الكادر المتوسط إلى الكادر الأعلى لا يستتبع حتماً وبقوة القانون نقل من يقوم بعملها إلى الكادر الأعلى سواء من حيث الكفاءة أو المؤهل فقد أجيز لكل وزير في وزارته سلطة الترخيص في نقل أو عدم نقل كل موظف نقلت وظيفته بدرجتها إلى الكادر الأعلى، ومن ثم فإن الموظف التي تثبت صلاحيته للنقل إلى الكادر الأعلى في تلك الوظيفة ينبغي ألا تتأثر أقدميته في الدرجة المنقولة بنقله إلى الكادر الأعلى ما دام قد تم ذلك تبعاً لنقل الوظيفة بدرجتها تنظيماً للأوضاع في الوزارة أو المصلحة على الأساس المتقدم وما دام ثبتت جدارة المنقول وأهليته للنقل الذي هو بمثابة التعيين في الوظيفة ذات الطبيعة الواحدة في العمل.
2 - إن تحديد ميزانية الدولة للوظائف المختلفة وتعيين درجاتها وتوزيعها في كل وزارة أو مصلحة إنما يقوم على أساس من المصلحة العامة وفقاً لاحتياجات المرافق بما يكفل سيرها على الوجه الأمثل، غير أنه من الوظائف ما هو متميز بطبيعته بما تقتضي - بحسب تخصيص الميزانية لها - تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة، بحيث لا يقوم أفراد المرشحين - بحسب دورهم في الأقدمية - بعضهم مقام البعض الآخر في هذا الشأن، ومنها ما ليس متميزاً بطبيعته هذا التميز الخاص بما لا مندوحة معه من مراعاة هذا الفارق الطبيعي عند إجراء الترقية سواء أكانت الترقية بالأقدمية أم بالاختيار وحتى بالنسبة إلى ما يجب أن يتم منها بالأقدمية، ذلك أن إعمال الأقدمية في الترقية أو المفاضلة في الاختيار على إطلاقه لا يكون بداهة إلا في النوع الثاني من الوظائف أما بالنسبة إلى النوع الأول فلا يمكن إعمال الأقدمية أو الاختيار على إطلاقه، وإلا كان ذلك متعارضاً مع وجه المصلحة العامة الذي قصدت إليه الميزانية من هذا التخصيص، بل تجد الأقدمية أو الاختيار حدها الطبيعي في إعمال أثرها فيما بين المرشحين الذين يتوافر فيهم التأهيل الخاص والصلاحية المهنية التي يتطلبها تخصيص الميزانية فمثلاً لا يرقى مهندس حيث تتطلب الوظيفة قانونياً ولو انتظمهم جميعاً أقدمية مشتركة في وحدة إدارية قائمة بذاتها في خصوص الترقية.
3 - إذا صح أن قانون الميزانية قد اعتنق حقاً مشروع الميزانية المقدم من الطاعن، وقصد من ثم إلى رفع ثلاث من الدرجات الرابعة بالكادر الإداري إلى الدرجة الثالثة المالية تقديراً منه لأهمية وظائف المفتشين من الدرجة الثالثة فليس مقتضى ذلك أن الدرجات الرابعة المرفوعة قد تعينت من بين سائر الدرجات، وليس مؤداه بالتالي أن يستتبع الرفع المذكور ترقية شاغلي هذه الدرجات حتماً وبقوة القانون ذلك لأن قانون الميزانية لا يسند إلى الموظفين درجات أو وظائف وإنما يقرر فحسب الاعتماد اللازم لمواجهة الإنفاق على تعزيز الدرجات الثالثة المقررة في الميزانية للمفتشين من طريق رفع بعض الدرجات الرابعة الإدارية أما إجراء الترقية إلى هذه الدرجات المرفوعة فلا يكون إلا بقرارات فردية من جانب الإدارة تتوخى فيها عند اتخاذها أن تتم الترقية طبقاً للقواعد العامة - ما دامت الدرجات المذكورة داخلة في النسبة المقررة بالأقدمية وعلى ذلك لا يستحق الترقية إلى هذه الدرجات إلا أقدم المتزاحمين من أصحاب الدور في الترقية بحسب الأقدمية سواء أكانوا من بين شاغلي الدرجات المرفوعة أم من غيرهم.


إجراءات الطعن

بتاريخ 8 من أغسطس سنة 1960 أودع الأستاذ المحامي نيابة عن محمد عبد الرحمن أبو طه عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بتاريخ 9 من يونيو سنة 1960 في القضية 362 لسنة 13 ق المرفوعة من المدعي (الطاعن) ضد وزارة الأوقاف والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه ، فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة الثالثة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقد أبلغ الخصوم بالطعن في 16 من أغسطس سنة 1960 وتحدد لنظره جلسة 3 من مارس سنة 1963 أمام دائرة فحص الطعون فأحالته إلى المحكمة الإدارية العليا حيث تحدد لنظره جلسة 25 من أكتوبر سنة 1964 وفي هذه الجلسة سمعت الملاحظات على الوجه المبين بالمحاضر وإرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراقها تتحصل في أن المدعي (الطاعن) أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت سكرتاريتها في 18 من ديسمبر سنة 1958 طالباً فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر من وزير الأوقاف بتاريخ 29 من يوليو سنة 1958 والذي أصدر وكيل الوزارة قراراً بتنفيذه برقم 615 لسنة 1958 بتاريخ 13 أغسطس سنة 1958 بإجراء ترقيات إلى الدرجة الثالثة بالكادر الإداري اعتباراً من 19 يوليو سنة 1958 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه حاصل على بكالوريوس التجارة سنة 1939 والتحق بخدمة وزارة الأوقاف في 8 من مايو سنة 1940 ورقي إلى الدرجة الرابعة بالكادر الإداري اعتباراً من 31 من مارس سنة 1958 وكان ترتيبه الرابع في كشف أقدمية موظفي الدرجة الرابعة المدعي (الطاعن) أن الوزارة عندما أعدت مشروع ميزانيتها عن سنة 58/ 59 ومصطفى عطية مصطفى والآنسة سعدية عبد الحميد وهؤلاء جميعاً قد رقوا إلى الدرجة الرابعة في 31 من مارس سنة 1953 وكان ترتيبهم فيها يقوم على أساس الأسبقية في الترقية إلى الدرجات السابقة وأضاف (الطاعن) أن الوزارة عندما أعدت مشروع ميزانيتها عن سنة 58/ 59 ضمنته اقتراحاً برفع الدرجات الرابعة التي يشغلها موظفو الكادر الإداري وعددها أربعة وهي الدرجات التي يشغلها المدعي وزملاؤه الثلاثة الذين سلفت الإشارة إليهم إلى درجات ثالثة وبررت ذلك بما يلي: نظراً لأهمية وظائف الكادر الإداري ومسئوليتها وما يستوجبه ذلك من بث روح النشاط في شاغلي هذه الوظائف وتشجيعها لذلك ترى الوزارة رفع درجات موظفي الدرجة الرابعة ممن ترجع أقدميتهم إلى سنة 1953 إلى الدرجة الثالثة وعددهم أربعة منهم ثلاثة مفتشين ومحققة اجتماعية وأنه قد تمت الموافقة على مشروع الميزانية بما فيه الاقتراح المذكور فارتقب المدعي أن يرقى إلى الدرجة الثالثة التي رفعت إليها درجته في الميزانية فور العمل بالميزانية الجديدة ولكنه دهش عندما فوجئ بصدور قرار من وكيل الوزارة برقم 615 في 13 من أغسطس سنة 1958 يتضمن ترقية زملائه الثلاثة السابقين عليه في كشف الأقدمية وترقية آخرين من حملة المؤهلات المتوسطة الذين قررت الوزارة قبل صدور هذه الحركة بشهر وكسور نقلهم من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري ومن بينهم حسين مراد رئيس إداري المناقصات وعباس السيد الشرقاوي رئيس إداري لقسم الزراعة - واستطرد المدعي قائلاً إنه قد تبين له أن الموظفين الكتابيين المذكورين نقلاً عن غيرهما من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري بقرار من وكيل الوزارة تاريخه 9 من يوليو سنة 1958 برقم 503 وقد اعتبرت الوزارة أقدميتهما في الكادر الإداري راجعة إلى نفس التواريخ التي كانت عليها أقدمياتهما في الكادر الكتابي فأصبحا لذلك سابقين على المدعي وقد رقتهما الوزارة إلى الدرجات الثالثة التي رفعت إليها في الميزانية وبعد أن أوضح أنه قد تظلم من هذا التخطي إلى الوزير مضى قائلاً إن الدرجات الثالثة التي شغلتها الوزارة بقرارها رقم 615 لسنة 1958 الصادر بتاريخ 13/ 8/ 1958 اعتباراً من 29 من يوليو سنة 1958 والتي كان من بين من رقوا إليها من حاملي المؤهلات المتوسطة حسين مراد وعباس السيد الشرقاوي إنما هي درجات مرفوعة في الميزانية من الدرجة الرابعة الإدارية إلى الثالثة الإدارية وهي درجات المفتشين وقد رفعتها الوزارة خصيصاً للمفتشين الذين يشغلون الدرجة الرابعة وكان هذا التخصيص يقتضي أن تقتصر الترقية إلى هذه الدرجات المرفوعة على شاغلي الدرجات الرابعة التي رفعت إعمالاً لأحكام قانون الميزانية ولنص المادة 22 من القانون 210 لسنة 1951 وتحقيقاً للغرض الذي استهدفته الوزارة في مشروع ميزانيتها من رفع الدرجات الرابعة إلى درجات ثالثة وهي الملائمة بين الدرجة المالية وبين أهمية الوظيفة وهي وظيفة بذاتها حددتها الوزارة في صلب مشروع ميزانيتها وهو أيضاً بث روح النشاط في شاغلي هذه الوظائف وتشجيعهم لذلك فإن الوزارة إذا تصرفت في درجة من هذه الدرجات إلى موظف ليس شاغلاً لإحدى وظائف المفتشين وهما حسين مراد وعباس الشرقاوي وأي منهما لا يصلح للترقي لوظيفة مفتش أوقاف لعدم حيازته على مقومات الصلاحية لها ولا تجانس بين طبيعتها وبين الوظيفة التي يقوم على شئونها لذلك تكون الوزارة قد خالفت قانون الميزانية وقانون نظام موظفي الدولة ويتعين إلغاء قرارها المذكور فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى إحدى الدرجات الثالثة ثم أشار المدعي أنه لما كانت الوزارة من ناحية أخرى عندما نقلت السادة الموظفين الكتابيين إلى الكادر الإداري قد أرجعت أقدمياتهم في الكادر الذي نقلوا إليه إلى تواريخ سابقة على تاريخ هذا النقل واعتبرت كلاً منهم في الدرجة الرابعة الإدارية من تاريخ ترقيته إلى هذه الدرجة في الكادر الكتابي لذلك تكون الوزارة قد أخطأت في تطبيق المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لأن النقل من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري يعتبر بمثابة التعيين الجديد في الكادر الأخير وهذا التعيين الجديد لا ينتج أثره إلا من تاريخ صدوره - وإذا كانت الوزارة قد أرجعت أقدمية الموظفين الكتابيين الذين نقلتهم إلى الكادر الإداري بالقرار رقم 503 سنة 1958 إلى تواريخ سابقة على تاريخ هذا النقل فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ويتعين تصحيح الوضع باعتبار أقدمية هؤلاء الموظفين في الكادر الإداري من تاريخ نقلهم إليه لا من تاريخ ترقيتهم إلى الدرجة الرابعة في الكادر الإداري وبذلك يكون حسين مراد وعباس السيد الشرقاوي أحدث في الدرجة الرابعة الإدارية من المدعي ولا يكون لهما حق في تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثالثة إذا صح أن الترقية إلى الدرجات الثالثة التي رفعت في الميزانية تتم بالأقدمية المطلقة وأخيراً أوضح المدعي أن الوزارة لكي تسند العيب الذي شاب قرارها وهو مخالفة المادة (22) من قانون الموظفين ذكرت في قرار الترقية أمام اسم كل من المطعون في ترقيتهما عبارة (مع نقله مفتشاً) وهي عبارة فيها تمويه على أصحاب المصلحة في الطعن في القرار وعلى القضاء المختص بمراقبة مشروعيته لأن هذا النقل لم ينفذ ولم ينقل أي من المذكورين إلى وظيفة مفتش ولا يزالون إلى الآن شاغلين للوظيفة الكتابية التي كان يشغلها كل منهما قبل ترقيته وهي وظيفة تخالف في طبيعة عملها وظيفة المفتش ولا ترشح شاغليها لتولي وظيفة مفتش والمدعي لا يعلم إن كانت الوظيفة نفسها قد نقلت إلى الكادر الإداري أم لا تزال على حالتها ضمن وظائف الكادر الكتابي وسواء أكان هذا أو ذاك فإن المطعون في ترقيتهما لم تسند إلى أي منهما وظيفة مفتش كما جاء بالقرار المطعون فيه وبذلك يكون القرار قد صدر مشوباً بعيب مخالفة القانون ويتعين إلغاؤه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثالثة - فردت الوزارة على عريضة الدعوى بمذكرة مودعة بتاريخ 26 من إبريل سنة 1959 جاء بها أن المدعي حاصل على بكالوريوس التجارة سنة 1939 وعين في خدمة الوزارة في 8 من مايو سنة 1940 بوظيفة كاتب ثم تدرجت حالته بها إلى أن رقي إلى الدرجة الرابعة بالكادر الإداري في 31 من مارس سنة 1953، وأنه قد تضمنت ميزانية الوزارة للسنة المالية 58/ 1959 نقل بعض درجات الوظائف من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي ومن بين هذه الوظائف وظيفتا رئيس قلم من الدرجة الرابعة الكتابية أولاهما كان يشغلها حسين مراد وترجع أقدميته فيها إلى 30 من نوفمبر سنة 1947 وكان قائماً بالعمل بمراقبة الحسابات، والثانية كان يشغلها عباس الشرقاوي بقسم الزراعة وترجع أقدميته فيها إلى 31 من مارس سنة 1953 وقد نقلت هاتان الدرجتان إلى الكادر الإداري بوظيفتي رئيس إداري للمناقصات وتقارير ديوان المحاسبة بقسم الحسابات، ورئيس إداري بقسم الزراعة، وبتاريخ 10 من يوليو سنة 1958 أصدرت الوزارة القرار رقم 512 متضمناً نقل المذكورين إلى الكادر الإداري مع حساب أقدميتهما في درجاتهما المنقولين إليها من تاريخ حصولهما عليها في الكادر الكتابي وذلك طبقاًً لنص الفقرة الأخيرة من المادة (47) من قانون نظام موظفي الدولة المضافة بالقانون رقم 586 لسنة 1953، وفي 20، 21 من يوليو سنة 1958 اجتمعت لجنة شئون الموظفين بالوزارة ونظرت في المسائل المعروضة عليها ومنها الترقية إلى الوظائف الخالية من الدرجة الثالثة بالكادر الإداري وعددها خمس درجات واحدة منها خالية والأربع الباقية مرفوعة في الميزانية. وقد رأت اللجنة الترقية إلى هذه الدرجات جميعها بالأقدمية المطلقة وقررت ترقية السادة الآتي أسماؤهم: الاسم: حسن مراد، الوظيفة: رئيس إداري المناقصات، أقدميته في الدرجة الرابعة ترجع إلى 30/ 11/ 1947 والتقريران الأخيران: 92 درجة، 100 درجة - مأمون عبد العزيز، مفتش مالي، أقدميته في الدرجة: ترجع إلى 31/ 3/ 53 والتقريران الأخيران: 98 درجة، 100 درجة - مصطفى عطية مصطفى: الوظيفة: مفتش أملاك وأقدميته في الدرجة الرابعة: 31/ 3/ 1953 والتقريران الأخيران 100 درجة، 99 درجة - عباس السيد الشرقاوي وظيفة رئيس إداري بقسم الزراعة، أقدميته في الدرجة الرابعة: 31/ 3/ 1953 والتقريران الأخيران: 100 درجة، 100 درجة - سعدية عبد الحميد الوظيفة محققة اجتماعية بقسم الإدارة أقدميتها في الدرجة الرابعة: 31/ 3/ 1953 التقريران الأخيران: 100 درجة، 100 درجة - وقد اعتمد الوزير قرار اللجنة في 29 من يوليو سنة 1958 وصدر به القرار الإداري رقم 625 بتاريخ 13 من أغسطس سنة 1958 متضمناً ترقية هؤلاء إلى الدرجة الثالثة اعتباراً من 29 من يوليو سنة 1958 وأضافت الوزارة أن المدعي (الطاعن) تظلم من القرار السابق وأسس تظلمه على نقل حسن مراد وعباس من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري بأقدميتهما التي كانا عليها في الكادر الكتابي جاء مخالفاً للقانون كما وأن إجراء النقل قبل إجراء حركة الترقيات مما ترتب عليه ترقيتهما إلى درجتين من الدرجات المخصصة للمفتشين قد صدر مجافياً للقانون، وقد انتهت الوزارة في بحثها للتظلم إلى رفضه وأبلغت المدعي بذلك في أول يناير سنة 1959. ثم أوضحت الوزارة بالنسبة لما ذكره المدعي من أن الدرجتين اللتين رقيا إليهما المطعون ضدهما مخصصتان في الميزانية للمفتشين - أوضحت أن درجات الكادر الإداري بالوزارة ليست مخصصة لوظائف متميزة بطبيعتها حسب وضع الميزانية ذلك التخصيص المقصود بنص المادة (22) من قانون موظفي الدولة، وأضافت الوزارة أنه لما سلف فقد رأت لجنة شئون الموظفين بالوزارة الترقية إلى الدرجات الثالثة بالأقدمية المطلقة ورقي المطعون عليهما على درجتين منهما حيث أدركتهما الأقدمية بحسب دورهما في كشف الأقدمية - وأضافت الوزارة أنه لا يقبل من المدعي قوله إن المطعون في ترقيتهما لا يصلحان لتولي وظيفة مفتش إذ أن تقرير صلاحيتهما من عدمه متروك لتقدير الوزارة نفسها لأنه من صميم عملها الذي لا معقب عليها فيه، وأن الوزارة حين قررت نقل وظيفتهما إلى الكادر الإداري إنما كان لصالح العمل وبعد أن قدرت أن عملهما ذو طبيعة إدارية، كما أنها قررت نقلهما إلى الكادر الإداري بعد أن ثبت صلاحيتهما وأهليتهما لتولي وظائف هذا الكادر - وأضافت أنه بالنسبة لاعتراض المدعي (الطاعن) على استصحاب المطعون عليهما لأقدميتهما في الكادر الكتابي بأن المحكمة العليا قد استقرت في قضائها على أن نقل الموظف من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى نتيجة لنقل درجته في الميزانية يستصحب معه أقدميته في الكادر الأدنى، وطلبت الوزارة في ختام ردها رفض الدعوى - فأصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات وأسست قضاءها على أن الثابت من مطالعة ميزانية سنة 1958/ 1959 أن الوزارة طلبت نقل بعض الدرجات الكتابية والفنية والمتوسطة إلى الكادر الإداري وجاء في المذكرة أنه نظراً لأهمية وظائف الكادر الإداري ومسئولياتها وما يستوجبه ذلك من بث روح النشاط في شاغلي هذه الوظائف وتشجيعهم لذلك ترى الوزارة رفع درجات موظفي الدرجة الرابعة ممن ترجع أقدميتهم إلى سنة 1953 إلى الدرجة الثالثة وعددهم أربعة منهم ثلاثة مفتشين ومحققة اجتماعية كما يبين من الميزانية كذلك عن سنة 58/ 1959 المذكورة أنه كانت توجد في ميزانية 57/ 1958 درجات رابعة كتابية عددها خمس وعشرون درجة بميزانية الديوان العام والتفاتيش مخصصة لوظائف رؤساء أقلام ورئيس كتبة ومراجعين. وقد خفضت في ميزانية 58/ 59 إلى عشرين درجة ونقلت الخمس درجات الباقية إلى الكادر الإداري ومن بينها وظيفة رئيس إداري للمناقصات، وهي التي نقل إليها حسن مراد ووظيفة رئيس إداري بقسم الزراعة التي نقل إليها عباس السيد الشرقاوي وهذا هو الثابت من القرار الإداري الصادر في 9 من يوليو سنة 1958 وكان الأول يشغل قبل ذلك وظيفة رئيس قلم ومنتدب للحسابات، والثاني وظيفة رئيس قلم بقسم الزراعة - ثم قالت المحكمة في حكمها أن الثابت من الأوراق أن المطعون في ترقيتهما قد نقلا من الدرجة الرابعة الكتابية إلى الدرجة الرابعة الإدارية طبقاً لنقل درجتيهما في الميزانية بالقرار رقم 23 الصادر في 9 من يوليو سنة 1958 وذلك لما رؤى لصالح العمل ولحسن سير المرفق العام ومن ثم تعتبر أقدميتهما راجعة إلى تاريخ حصولهما عليها في الكادر الكتابي نظراً لأن طبيعة عملهما في الوظيفة المنقولين منها وفي الوظيفة المنقولين إليها واحدة، وأردفت محكمة القضاء الإداري تقول إنه فيما يتعلق بترقيتهما إلى الدرجة الثالثة الإدارية فإن هذه الترقية بالأقدمية المطلقة كما هو ثابت من محضر لجنة شئون الموظفين الخاص بالقرار المطعون فيه، وأضافت هذه المحكمة أنه لا وجه لما ذهب إليه الطاعن من أن المطعون في ترقيتهما لم يشغلا وظيفة مفتش المخصصة للدرجة الثالثة بالميزانية إذ أن الوظائف المخصصة للدرجات الثالثة الإدارية بالميزانية ليست من الوظائف المتميزة التي تحتاج إلى تأهيل خاص بل هي وظائف مخصصة تخصيصاً عاماً ومن بينها وظيفة مفتش، كما وأنه ليس هناك دليل في الأوراق على أنه لم تسند إلى المطعون في ترقيتهما وظيفة مفتش بل ظلا يقومان بالأعمال الكتابية كما ذهب إلى ذلك المدعي.
ومن حيث إن المدعي (الطاعن) طعن على حكم محكمة القضاء الإداري سالف الذكر بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 8 من أغسطس سنة 1960. طالباً إلغاءه والحكم له بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية وأسس طعنه أولاً، على أن لا صواب فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن طبيعة الوظيفة التي كان كل من المطعون في ترقيتهما شاغلاً لها قبل نقله إلى الكادر الإداري مماثلة لطبيعة الوظيفة التي نقل إليها - إذ المفهوم أن الوظائف الكتابية ذات طبيعة تختلف عن الوظائف الإدارية وقد بين منشور المالية رقم 1 لسنة 1954 المعيار الذي يهتدي به لتمييز الوظائف الإدارية عن الوظائف الكتابية وبتطبيق هذا المعيار على الوظيفتين اللتين كانا المطعون في ترقيتهما شاغلين لها قبل نقلهما إلى الكادر الإداري يبين أنها وظائف كتابية ومن ثم يكون نقلهما إلى الوظائف الإدارية قد اقترن باختلاف طبيعة الوظيفة المنقول منها عن الوظيفة المنقول إليها الأمر الذي يمنع من ضم مدة الخدمة في الكادر الأدنى إلى مدة الخدمة في الكادر الأعلى - ثانياً: لم يوفق الحكم المطعون فيه في التعرف على طبيعة وظيفة المفتش بتفاتيش الأوقاف وهي الوظيفة التي رفعت درجات شاغلي بعضها من الرابعة إلى الثالثة الإدارية، والصحيح في الأمر أن مفتش التفتيش في وزارة الأوقاف يمثل الوزارة في دائرة عمله ويصرف جميع الشئون الفنية والهندسية والإدارية التي تتصل بعمله وهذا أمر يتنافى مع ما جاء بالحكم من أن الوظيفة يمكن شغلها بأي موظف كفء وله خبرة سابقة، وأنه في الوقت الذي تقول فيه محكمة القضاء الإداري أنه تضمين الوزارة مشروع ميزانيتها عن سنة 58/ 1959 - وهو الذي اعتمد وأصبح ميزانية - كلاما عن وظائف المفتشين وأهميتهما ومما يستوجبه صالح العمل من بث روح النشاط في شاغلها برفع درجاتهم من الرابعة إلى الثالثة الأمر الذي يسجل حقيقتين أن الوظيفة من الوظائف المخصصة إما بالتطبيق لحكم المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1952 وإما بالتطبيق لحكم قانون الميزانية نفسه، والأخرى أن الدرجات الجديدة مخصصة لشاغلي هذه الوظائف دون غيرهم، ولا يتصور أن يعتمد المشرع المالي درجات لشاغلي وظائف مفتشي التفاتيش، ومع ذلك تتصرف الوزارة في هذه الدرجات إلى موظفين لا يشغلون شيئاً من هذه الوظائف، يأتي الحكم المطعون فيه بعد ذلك مقرراً أن الوظائف ليست مخصصة وأن الدرجات ليست وقفاً عليها - ولقد كانت هذه النقطة مقطع النزاع وعليها يتوقف الفصل في مشروعية قرار الترقية المطعون فيه أو عدم مشروعيته - ثالثاً: أخطأ الحكم إذ اتجه إلى القول بأنه ليس في الأوراق دليل على أنه لم تسند إلى المطعون في ترقيتهما وظيفة مفتش ذلك أن في الأوراق التي قدمها الطاعن ما يفيد أنهما لم يشغلا هذه الوظيفة - ثم قال المدعي إنه رقي أثناء سير الدعوى وأصبحت مصلحته قاصرة على تعديل أقدميته فيها.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة حررت مذكرة بالرد على الطعن خلصت فيها إلى أن الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون ورأت قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المطعون فيه مع إلزام الطاعن بالمصروفات - كما وأن الجهة الإدارية قدمت مذكرة طلبت فيها تأييد الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطاعن بطعنه نعى على الحكم المطعون عليه بأن لا صحة للقول بأن طبيعة الوظيفة التي كان المطعون في ترقيتهما يشغلانها متفقة في طبيعتها مع الوظيفة التي نقلا إليها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه صدر القرار الإداري رقم 503 لسنة 1958 في 9 من يوليو سنة 1958 متضمناً نقل بعض الموظفين (ومنهم المطعون في ترقيتهما) من شاغلي الدرجة الرابعة الكتابية إلى الدرجة الرابعة الإدارية وتحسب أقدميتهم في درجاتهم المنقولين إليها من تاريخ حصولهم عليها في الكادر المتوسط، وذلك كما ثبت في ديباجة القرار - أن النقل تم تبعاً لنقل درجاتهم من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري وترتب على هذا النقل أن أضحى ترتيب الطاعن السابع في أقدمية الدرجة الرابعة الإدارية - ثم اجتمعت لجنة شئون الموظفين بالوزارة في 20 من يوليو سنة 1958 ورأت اللجنة ترقية خمسة من موظفي الدرجة الرابعة الإدارية إلى الدرجة الثالثة الإدارية بالأقدمية المطلقة ومن بينهم المطعون في ترقيتهما مع نقلهما مفتشين.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون في ترقيتهما إنما نقلا من الكادر المتوسط إلى الكادر الإداري بموجب القرار رقم 503 لسنة 1958 سالف الذكر بالتطبيق للفقرة الأخيرة من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة أي تبعاً لنقل درجتيهما في الميزانية من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى وهذا واضح من استعراض ميزانية عام 1958/ 1959، كما بان للمحكمة من مطالعة ملفي خدمة المطعون عليهما أن عملهما في الكادر الأدنى يتفق مع عملهما في الكادر الأعلى الذي نقلا إليه، فقد كان عمل عباس الشرقاوي في الكادر الأدنى رئيس قلم بقسم الزراعة وفي الكادر الأعلى رئيس إداري بقسم الزراعة، وأما السيد حسن مراد فقد كان يعمل في الكادر الأدنى رئيس قلم وكان يتولى الرد على تقارير ديوان المحاسبة وندب بقسم الحسابات في 18 من ديسمبر سنة 1956 وأصبح يقوم في الكادر العالي بعمل رئيس إداري للمناقصات وتقارير ديوان المحاسبة أي أن طبيعة عمل المطعون عليهما في الكادرين واحدة - فالأول كان رئيس قلم بقسم الزراعة فأضحى رئيساً بذات القسم. كما وأن الثابت من ملف خدمته أن مدير عام التفتيش الزراعي أشر بتاريخ 25 من ينار سنة 1950 بنقل المذكور إلى درجة إدارية تتناسب مع درجته وكفايته وأنه قد يكون ممتازاً في وظائف المفتشين الماليين أو في وظائف المفتشين بأقسام القاهرة - والثاني كان يعمل بالحسابات والرد على تقارير ديوان المحاسبة ولم يتغير عمله بعد نقله كما وأن الثابت من ملف خدمته أيضاً أن مدير قسم القضايا قد أثبت في مذكرة مؤرخة في 19 من مايو سنة 1956 أنه يقوم بأعمال فنية لا تتفق مع شغله الدرجة الرابعة الكتابية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه إذا كان النقل مترتباً على نقل الوظيفة بدرجتها من الكادر الأدنى إلى الكادر الأعلى بناء على ما رؤى لصالح العمل ولحسن سير المرفق العام أن طبيعة العملين في الوظيفتين واحدة، فقد يستفاد من نصوص القانون ضمناً أنه قصد الاحتفاظ للموظف الذي ينقل إلى الكادر العالي تبعاً لنقل وظيفته بدرجتها بأقدميته فيها، ومن ذلك الحالة التي نصت عليها الفقرة الأخيرة من المادة (47) المضافة بالقانون رقم 586 لسنة 1953 التي تقضي "وفي حالة نقل بعض الدرجات من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي بميزانية إحدى الوزارات أو المصالح يجوز بقرار من الوزير المختص نقل الموظف شاغل الدرجة المنقولة من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي بنفس درجته أو تسوية حالته على درجة متوسطة خالية من نوع درجته ومعادلة لها" وحكمة ذلك ظاهرة من العدالة والصالح العام، لأن نقل الوظيفة بدرجتها قد استدعته حاجة العمل والمصلحة العامة، ولأنه وإن كان نقل الوظيفة من الكادر المتوسط إلى الكادر الأعلى لا يستتبع حتماً وبقوة القانون نقل من يقوم بعملها إلى الكادر الأعلى سواء من حيث الكفاءة أو المؤهل فقد أجيز لكل وزير في وزارته سلطة الترخيص في نقل أو عدم نقل كل موظف نقلت وظيفته بدرجتها إلى الكادر الأعلى، ومن ثم فإن الموظف التي تثبت صلاحيته للنقل إلى الكادر الأعلى في تلك الوظيفة ينبغي ألا تتأثر أقدميته في الدرجة المنقولة بنقله إلى الكادر الأعلى ما دام قد تم ذلك تبعاً لنقل الوظيفة بدرجتها تنظيماً للأوضاع في الوزارة أو المصلحة على الأساس المتقدم وما دام ثبتت جدارة المنقول وأهليته للنقل الذي هو بمثابة التعيين في الوظيفة ذات الطبيعة الواحدة في العمل.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإنه ينبغي ألا تتأثر أقدمية المطعون عليهما في الدرجة المنقولة إلى الكادر الإداري ما دام أن ذلك قد تم تبعاً لنقل الوظيفة بدرجتها تنظيماً للأوضاع في الوزارة وما دام قد ثبتت جدارتهما للنقل إلى هذه الوظيفة ذات الطبيعة الواحدة في العمل ومن ثم يكون من حقهما أن يستصحبا أقدميتهما في الكادر المتوسط عند نقلهما إلى الكادر الإداري - ولا حجة فيما يثيره المدعي في أن طبيعة عمل المطعون عليهما في الكادر الكتابي تختلف عن طبيعة عملهما الجديد بعد أن تبين من ملف خدمتيهما أن طبيعة عملهما واحدة في الكادرين، وتكون الدعوى في خصوصية هذا السبب فاقدة لأساسها القانوني.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى يتعين بيان حكم القانون فيما إذا كان الإجراء الذي اتخذته الجهة الإدارية بالترقية إلى الدرجات موضوع النزاع وفقاً للقواعد العامة قد وقع سليماً أم أنه كان يجب الترقية إلى هذه الدرجات طبقاً لنص المادة 22 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أو بحسبان أنها مخصصة لوظائف متميزة بطبيعتها حسب تخصيص الميزانية - حسبما ذهب الطاعن في دعواه.
ومن حيث إن نص المادة (22) من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957. الذي كان يجري بأن كل من يعين أو يرقى إلى درجة مخصصة لوظيفة يجب أن يقوم بعملها فعلاً، ولا يجوز بغير قرار جمهوري قيد الموظف على درجة وظيفة من الوظائف التي يكون التعيين فيها بقرار جمهوري، ليس بصالح للتحدي به في موضوع هذه المنازعة إذ لا تعلق له إلا بالدرجات المخصصة بطبيعتها أو بحسب تخصيص الميزانية لها، في حين أن الدرجتين مثار الخصومة الحاضرة لا يمكن اعتبارهما من الدرجات المخصصة على النحو المتقدم وهذا ما يتضح بجلاء مما يأتي بعد حسبما انتهت إليه هذه المحكمة.
ومن حيث إن تحديد ميزانية الدولة للوظائف المختلفة وتعيين درجاتها وتوزيعها في كل وزارة أو مصلحة إنما يقوم على أساس من المصلحة العامة وفقاً لاحتياجات المرافق بما يكفل سيرها على الوجه الأمثل، غير أنه من الوظائف ما هو متميز بطبيعته بما تقتضي - بحسب تخصيص الميزانية لها تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة، بحيث لا يقوم أفراد المرشحين بحسب دورهم في الأقدمية - بعضهم مقام البعض الآخر في هذا الشأن، ومنها ما ليس متميزاً بطبيعته هذا التمييز الخاص بما لا مندوحة معه من مراعاة هذا الفارق الطبيعي عند إجراء الترقية سواء أكانت الترقية بالأقدمية أم بالاختبار وحتى بالنسبة إلى ما يجب أن يتم منها بالأقدمية، ذلك أن إعمال الأقدمية في الترقية أو المفاضلة في الاختيار على إطلاقه لا يكون بداهة إلا في النوع الثاني من الوظائف أما بالنسبة إلى النوع الأول فلا يمكن إعمال الأقدمية أو الاختيار على إطلاقه، وإلا كان ذلك متعارضاً مع وجه المصلحة العامة الذي قصدت إليه الميزانية من هذا التخصيص، بل تجد الأقدمية أو الاختيار حدها الطبيعي في إعمال أثرها فيما بين المرشحين الذين يتوافر فيهم التأهيل الخاص والصلاحية المهنية التي يتطلبها تخصيص الميزانية فمثلاً لا يرقى مهندس حيث تتطلب الوظيفة قانونياً ولو انتظمهم جميعاً أقدمية مشتركة في وحدة إدارية قائمة بذاتها في خصوص الترقية.
ومن حيث إنه وفقاً لأحكام المواد 38، 39، 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تكون الترقية إلى الدرجة الثالثة الإدارية بالأقدمية والاختيار في حدود نسبة معينة ويرقى أقدم الموظفين مع تخطي الضعيف إذا كان قد قدم عنه تقريران سنويان متتاليان بدرجة ضعيف.
ومن حيث إنه بمطالعة ميزانية وزارة الأوقاف قسم 1 - بند - الخاص بالمرتبات والأجور والرواتب والمكافآت بالكادر الإداري (ص 135) يبين أن عدد الدرجات قد وضع لوظائف مدير عام قسم الأوقاف، ومديري أقسام الإدارة والخدمة الاجتماعية والأملاك والأحكار والنظار والسجلات والشئون العامة، ووكيل قسم الأوقاف ووكيل قسم الإدارة، ومدير إدارة الإحصاء والتخطيط والتعبئة، ووكيل ومدير إداري للشئون العامة، ووكيل قسم النظار والسجلات ووكيل قسم الأملاك والأحكار، ووكيل إدارة البيوع، ورئيس لجنة فتح العطاءات ومفتش ومحققة اجتماعية إلخ ما ورد في الكادر الإداري... كما وأن وظيفة مفتش كما هي واردة في الكادر المذكور في الدرجات الثالثة، ورادة أيضاً بين الدرجات الرابعة، والخامسة، والسادسة ومنبثة أيضاً خلال وظائف إدارية أخرى كما وأن وظيفة مفتش ليست مقصورة على مفتش التفاتيش بل تتعدى إلى مفتش الحسابات والأملاك ومفتش الإدارة (يراجع كشف أقدمية موظفي الدرجة الرابعة بالكادر الإداري قبل وبعد 6 من يوليو سنة 1957 المرافق لملف خدمة الطاعن).
ومن حيث إنه بتطبيق الأصول المتقدمة في خصوصية المنازعة الحالية يبين أن استناد الطاعن (المدعي) إلى المادة 22 من القانون 210 لسنة 1951 في غير محله، ذلك أن وظيفة مفتش بالكادر الإداري حسبما سلف بيانه من واقع الميزانية قد وردت غير متميزة من غيرها من وظائف التفتيش الأخرى مما تتماثل معها تسمية ولا تختلف عنها كياناً واختصاصاً. بل لقد ورد كل منهما في ضمن وظائف أخرى مشابهة من وظائف الديوان العام بالوزارة وله ذات الدرجة الحالية فضلاً عن اندراجه تحت ذات الوحدة الإدارية طبقاً لترتيب ميزانية وزارة الأوقاف يقطع بذلك كشف الأقدمية المشار إليه فيما سلف، ومن ثم فلا يتصور والحالة هذه أن يصدق عليها حكم التخصيص المنصوص عليه في المادة 22 من قانون نظام موظفي الدولة ولا محل للقول بأن الترقية موضوع النزاع قد تمت إلى وظيفة من الوظائف المتميزة تمييزاً خاصاً بطبيعتها بحسب تخصيص الميزانية لها، لأن هذا التمييز الخاص غير متحقق في المنازعة الحالية إذ لا تعدو وظيفتا التفتيش المرقى إليهما أن تكونا من الوظائف التي لا تتطلب تأهيلاً خاصاً وصلاحية معينة بذاتها على النحو الذي سلف إيضاحه هذا فضلاً عن أن الطاعن لا يتميز على المطعون عليهما بتأهيل خاص أو صلاحية معينة تشفع له في التفرد باستحقاق تلك الوظيفة، أما ما يستند إليه المدعي (الطاعن) من أن الاقتراح الذي تقدمت به الوزارة في مشروع ميزانيتها أريد به رفع درجات أو وظائف بعينها من الدرجة الرابعة إلى الثالثة وأن ذلك قاطع في مفهوم التخصيص المدعي بالنسبة على بعض وظائف المفتشين - هذا الذي ساقه المدعي لا يزكيه المعنى الذي قصده واضع المشروع المذكور ذلك أن نص هذا الاقتراح حسبما هو ثابت من الأوراق إنما جرى بما يأتي (نظراً لأهمية وظائف الكادر الإداري ومسئوليتها وما يستوجبه ذلك من بث روح النشاط في شاغلي هذه الوظائف وتشجيعهم لذلك ترى الوزارة رفع درجات موظفي الدرجات الرابعة الذين ترجع أقدميتهم إلى سنة 1953 وعددهم أربعة، ثلاثة مفتشين ومحققة اجتماعية) والمعنى المستفاد من هذه العبارة هو أن الوزارة قد قدرت أهمية وظائف المفتشين بالكادر الإداري في مجموعها دون نظر إلى بعض الوظائف في ذاتها واستهدفت من رفع هذه الدرجات بث روح النشاط في القائمين بالعمل في تلكم الوظائف ولم يكن مقصودها تخصيص بعض الدرجات لوظائف بعينها لا سيما أنه حسبما انتهت إليه هذه المحكمة أن ورود درجات إدارية لمفتشين في الكادر الإداري لا يقصد من ورائه تخصيص بالمعنى المتعارف وإنما هو توزيع لعدد من الوظائف والدرجات طبقاً لاحتياجات المرفق ووفقاً لمقتضيات الصالح العام أما قول الطاعن تدليلاً منه على ما يدعيه من الانحراف بالسلطة أن المطعون على ترقيتهما نقلا إلى وظائف مفتشين ولكنهما لم يشغلا هاتين الوظيفتين فهو قول مردود بأن هذه الدعوى لم يقم على صحتها دليل من الأوراق وبأن نقل المطعون عليهما من الكادر المتوسط إلى الكادر الأعلى إنما تم وفقاً لأحكام الميزانية وعلى أساس أن طبيعة عملهما واحد في الكادرين مما استتبع استصحاب أقدميتهما فمن ثم لا مندوحة للوزارة في حركة تمت بالأقدمية المطلقة من أن تعتمد بأقدمية المطعون عليهما وإلا كانت النتيجة الحتمية هي مخالفتها للقانون.
ومن حيث إنه إذا صح أن قانون الميزانية قد اعتنق حقاً مشروع الميزانية المقدم من الطاعن، وقصد من ثم إلى رفع ثلاث من الدرجات الرابعة بالكادر الإداري إلى الدرجة الثالثة المالية تقديراً منه لأهمية وظائف المفتشين من الدرجة الثالثة فليس مقتضى ذلك أن الدرجات الرابعة المرفوعة قد تعينت من بين سائر الدرجات، وليس مؤداه بالتالي أن يستتبع الرفع المذكور ترقية شاغلي هذه الدرجات حتماً وبقوة القانون ذلك أن قانون الميزانية لا يسند إلى الموظفين درجات أو وظائف وإنما يقرر فحسب الاعتماد اللازم لمواجهة الإنفاق على تعزيز الدرجات الثالثة المقررة في الميزانية للمفتشين من طريق رفع بعض الدرجات الرابعة الإدارية أما إجراء الترقية إلى هذه الدرجات المرفوعة فلا يكون إلا بقرارات فردية من جانب الإدارة تتوخى فيها عند اتخاذها أن تتم الترقية طبقاً للقواعد العامة، ما دامت الدرجات المذكورة داخلة في النسبة المقررة للترقية بالأقدمية وعلى ذلك لا يستحق الترقية إلى هذه الدرجات إلا أقدم المتزاحمين من أصحاب الدور في الترقية بحسب الأقدمية سواء أكانوا من بين شاغلي الدرجات المرفوعة أم من غيرهم وإذ قام الطعن على غير هذا النظر فإنه يكون على غير أساس القانون.
ومن حيث إنه لا يبقى بعد ما تقدم إلا استظهار هذه الأقدمية بالنسبة إلى الطاعن والمطعون عليهما، وهو ما أوضحت بحق محكمة القضاء الإداري ولا مشاحة في أن الترقية إلى الدرجتين موضوع النزاع ينبغي أن تتم وفقاً للقواعد العامة في الترقية المنصوص عليها في المواد 38، 39، 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة وإذ كان الثابت من الأوراق أن أقدمية حسن مراد في الدرجة الرابعة ترجع إلى 30 من نوفمبر سنة 1947 وأقدمية عباس الشرقاوي في الدرجة ذاتها ترجع إلى 31 من مارس سنة 1953 والخامسة إلى أول مايو سنة 1946 والسادسة إلى أول ديسمبر سنة 1933، في حين أن أقدمية الطاعن في الدرجة الرابعة ترجع إلى 31 من مارس سنة 1953 وفي الدرجة الخامسة إلى أول مايو سنة 1946 وفي السادسة إلى 12 من يونيو سنة 1938، فإن المطعون في ترقيتهما يكونان أسبق منه في أقدمية الدرجة الرابعة، وبالتالي أحق منه بالترقية على أساس الأقدمية إلى الدرجتين مثار المنازعة وذلك بالتطبيق لحكم المادة (25) من القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي تمت الترقية بالقرار المطعون فيه في ظله.
ومن حيث إنه إذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد صادف وجه الحق والقانون في قضائه ويكون الطعن من ثم على غير أساس سليم متعيناً رفضه مع إلزام المدعي (الطاعن) بجميع المصروفات..

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.