جلسة 3 إبريل سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وحمدي محمد علي وسامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.
--------------
قاعدة رقم (10)
القضية رقم 1 لسنة 18 قضائية "منازعة تنفيذ"
1 - تفسير الأحكام "المحكمة الدستورية العليا".
لذوي الشأن في المنازعة التي صدر فيها حكم المحكمة الدستورية العليا أن يقدموا مباشرة طلب تفسيره تفسيراً قضائياً، إعمالاً لقواعد قانون المرافعات.
2 - المحكمة الدستورية العليا "حكم: إعماله - تفسيره".
إعمال أثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا منوط بمحكمة الموضوع عند فصلها في النزاع الماثل أمامها - لمحكمة الموضوع أن تطلب من تلقاء نفسها من المحكمة الدستورية العليا تفسير حكمها أو أن تصرح لأحد الخصوم - ولو لم يكن خصماً في الدعوى الدستورية - بتقديم هذا الطلب خلال أجل تعينه.
3 - المحكمة الدستورية العليا "رخصة التصدي".
مناط إعمال رخصة التصدي المقررة لهذه المحكمة طبقاً لقانونها أن يكون النص الوارد عليه التصدي متصلاً بنزاع مطروح عليها.
4 - تدخل انضمامي "قبوله".
طلب التدخل الانضمامي تابع للدعوى الأصلية فلا يقبل إلا بقبولها ويزول بزوالها.
الإجراءات
بتاريخ 29 من سبتمبر سنة 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم (أولاً) بتفسير الحكم الصادر في الدعوى رقم 31 لسنة 10 قضائية "دستورية" القاضي برفض الطعن بعدم دستورية المادة 107 من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972؛ وبيان ما إذا كان حظر الطعن في أحكام مجلس الصلاحية - طبقاً للمادة المشار إليها - يشمل طرق الطعن غير العادية بما فيها التماس إعادة النظر، كذلك مدى جواز الطعن بالبطلان - أمام دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض - على التحقيقات والإجراءات التي بني عليها حكم مجلس الصلاحية. (ثانياً) بالتصدي لنص المادة 111 من قانون السلطة القضائية فيما تضمنه من اختصاص وزير العدل بإحالة القضاة إلى مجلس الصلاحية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم (أصلياً) بعدم قبول الدعوى؛ و(احتياطياً) برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي أحيل إلى مجلس الصلاحية - طبقاً لحكم المادة 111 من قانون السلطة القضائية، وبتاريخ 27/ 5/ 1996 قضى المجلس بنقله إلى وظيفة غير قضائية فأقام التماس إعادة النظر رقم 3 لسنة 1996، تأسيساً على أن أدلة إدانته شابها الغش والتزوير، وأنه قد ظهرت دلائل جديدة من شأنها النيل من سلامة تلك الأدلة، وبتاريخ 21/ 8/ 1996 قضى مجلس الصلاحية بعدم جواز الالتماس؛ وأقام قضاءه على سند من أن نص المادتين 107، 111 من قانون السلطة القضائية يحظر الطعن في الحكم الصادر من مجلس الصلاحية. وإذ ارتأى المدعي أن قضاء المحكمة الدستورية العليا بجلسة 7 من ديسمبر 1991 في القضية رقم 31 لسنة 10 قضائية "دستورية" برفض الطعن بعدم دستورية المواد 99، 107، 108 من قانون السلطة القضائية تأسيساً على أن قصر التقاضي على درجة واحدة لا مخالفة فيه للدستور؛ يشي بأن الحظر وارد على طرق الطعن العادية دون الطرق غير العادية للطعن في الأحكام. وعلى الأخص التماس إعادة النظر - فقد أقام دعواه الماثلة بطلباته سالفة الذكر.
وحيث إنه بجلسات المرافعة مثل طالبو التدخل وعددهم تسعة وأربعون ملتمسين قبول تدخلهم منضمين إلى المدعي في طلباته على النحو المبين بمحضر الجلسة.
وحيث إن المادة 28 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "... تسري على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها". كما تنص المادة 51 من ذلك القانون على أن "تسري على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة؛ فيما لم يرد به نص في هذا القانون القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات". ومؤدى ذلك أن نصوص قانون المرافعات - باعتباره الشريعة العامة في إجراءات التقاضي - تسري في شأن المنازعات التي تعرض على المحكمة الدستورية العليا والأحكام والقرارات الصادرة منها، فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون هذه المحكمة، وتعد تلك النصوص - بهذه المثابة - مندرجة في مضمونه؛ بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع طبيعة اختصاصات المحكمة، والأوضاع المقررة أمامها.
وحيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا خلا من نص ينظم طلبات تفسير الأحكام؛ حين عني بها قانون المرافعات؛ فنص في المادة (192) على أنه "يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام.." ومن ثم؛ غدا حكم ذلك النص متمماً لأحكام قانون المحكمة الدستورية العليا؛ في الحدود التي لا يتعارض فيها مع الأوضاع التي رتبها هذا القانون. وإعمالاً لذلك، اطرد قضاء المحكمة على إجازة اللجوء إليها مباشرة بطلب تفسير أحكامها تفسيراً قضائياً، متى كان الطلب مقدماً من أحد الخصوم وهم ذوو الشأن في المنازعة التي صدر فيها الحكم المطلوب تفسيره؛ استنهاضاً لولاية هذه المحكمة في مجال تجلية معناه، والوقوف على حقيقة قصدها منه، إذا كان الغموض أو الإبهام قد اعترى منطوقه؛ أو لحق أسبابه المرتبطة بذلك المنطوق ارتباطاً لا يقبل التجزئة.
وحيث إنه ولئن كان صحيحاً أن الخصومة الناشئة عن الدعاوى الدستورية عينية بطبيعتها، وأن للأحكام التي تصدر فيها حجية مطلقة تتعدى أطرافه إلى السلطات قاطبة وإلى الناس أجمعين، إلا أنه يبقى صحيحاً - في الوقت ذاته؛ وبالدرجة عينها - أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية ليست أراء مجردة غايتها إثراء الفكر القانوني؛ وإنما هي تصدر بقصد إعمال آثارها؛ وهو ما تتولاه محكمة الموضوع عند فصلها في النزاع الماثل أمامها على ضوء ما قضت به المحكمة الدستورية العليا؛ فإذا ادعى أحد الخصوم أمام محكمة الموضوع - ولو لم يكن خصماً في الدعوى الدستورية - غموض حكم صادر عن هذه المحكمة أو انبهامه؛ وقدرت محكمة الموضوع لزوم إعمال أثر هذا الحكم على النزاع المطروح عليها، كان لها أن تمنح الخصم أجلاً يطلب من المحكمة الدستورية العليا تفسيره؛ ولمحكمة الموضوع كذلك، وقد خولتها المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الحق في أن تحيل إلى هذه المحكمة النصوص القانونية التي يتراءى لها عدم دستوريتها واللازمة للفصل في النزاع الموضوعي المعروض عليها؛ أن تطلب من تلقاء نفسها ذلك التفسير من المحكمة الدستورية العليا؛ بحسبان أن غموض قضائها يثير خلافاً حول معناه؛ ويعوق بالتالي مهمة محكمة الموضوع في شأن إعمال أثره على الواقع المطروح عليها. لما كان ذلك؛ وكان طلب التفسير الماثل، لم تحله محكمة الموضوع، ولم يسبقه تصريح منها للمدعي برفع طلب التفسير إلى هذه المحكمة؛ وإنما قدم مباشرة من المدعي الذي لم يكن من ذوي الشأن في القضية رقم 31 لسنة 10 قضائية دستورية، فإن هذا الطلب لا يكون قد اتصل بهذه المحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً، متعيناً - والحالة هذه - القضاء بعدم قبوله.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، إن إعمالها الرخصة المقررة لها طبقاً لنص المادة 27 من قانونها، منوط بأن يكون النص الذي يرد عليه التصدي متصلاً بنزاع مطروح عليها، فإذا انتفى قيام النزاع أمامها، كما هو الحال في طلب التفسير الراهن الذي انتهت المحكمة إلى عدم قبوله، فإنه لا يكون لرخصة التصدي سند يُسِّوغ إعمالها.
وحيث إنه عن طلبات التدخل الانضمامي، فلما كانت الخصومة في هذه الطلبات لا تتمتع بذاتية مستقلة عن الدعوى الأصلية بل تعتبر تابعة لها فلا تقبل إلا بقبولها وتزول بزوالها، وكان قضاء هذه المحكمة قد خلص في الدعوى الماثلة إلى عدم قبولها، فإن مقتضى ذلك بحكم اللزوم القضاء بعدم قبول تلك الطلبات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.