الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 20 أكتوبر 2023

الطعن 16007 لسنة 87 ق جلسة 21 / 12 / 2019 مكتب فني 70 ق 112 ص 1082

جلسة 21 من ديسمبر سنة 2019

برئاسة السيد القاضي / جمال عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد الوكيل وعمرو الحناوي نائبي رئيس المحكمة وكمال عبد اللاه و د. أحمد عثمان .

------------------

 (112)

الطعن رقم 16007 لسنة 87 القضائية

(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وإيراده الأدلة التي تساند إليها في إدانته في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها . لا قصور .

مثال .

(2) قصد جنائي . مواد مخدرة .

القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل الجوهر المخدر . تحققه : بعلم المحرز أو الحائز أو الناقل بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من المواد المخدرة . تحدث المحكمة عنه استقلالاً . غير لازم . كفاية إيراد الوقائع والظروف الدالة عليه .

(3) مواد مخدرة . قصد جنائي . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

اعتبار الحكم الطاعن ناقلاً للنبات المخدر بعد تدليله على ثبوت حيازته له بغير قصد . لا عيب . علة وأساس ذلك ؟

(4) مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

لرجال حرس الحدود صفة الضبط القضائي بالنسبة لجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح في الجهات الخاضعة لاختصاصهم . حقهم في تفتيش الداخلين والخارجين عسكريين أو مدنيين من مناطق الحدود دون التقيد بقيود القبض والتفتيش المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية . العثور على دليل يكشف عن جريمة . أثره : صحة الاستدلال به أمام المحاكم . أساس وعلة ذلك ؟

إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز . علة ذلك ؟

مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش .

(5) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

النعي ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات . غير مقبول . ما دام لا يتصل بقضاء الحكم .

(6) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .

تناقض الشاهد . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الإدانة من أقواله بما لا تناقض فيه .

للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه .

إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة عند الضبط وانفراده بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير مقبول .

(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي لزوماً لإجرائه . غير مقبول .

(8) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟

تعويل الحكم على أقوال الضابط . لا يعيبه . ما دام انتهى سديداً إلى صحة ما قام به من إجراءات .

(9) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

للمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .

عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدر التحريات أو عن وسيلته في التحري . لا يعيب الإجراءات . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي .

(10) إجراءات " إجراءات التحقيق ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

نعي الطاعن بعرضه على النيابة العامة دون حرز الهاتف الجوال . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .

(11) إجراءات " إجراءات التحريز " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

إجراءات التحريز . تنظيمية . مخالفتها . لا بطلان .

النعي باختلاف الحرز المضبوط عن المُسلم للنيابة وتم تحليله . جدل موضوعي . غير مقبول أمام محكمة النقض .

(12) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها . موضوعي . نعي الطاعن بأنه طالب وفي مقتبل العمر . غير جائز أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟

(13) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

تقدير المحكمة الدليل في دعوى . لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى . ما دامت لم تطمئن إلى الدليل المقدم فيها . علة ذلك ؟

(14) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته وانتفاء صلة الطاعن بالمخدر . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . استفادته من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردها الحكم .

بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .

الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " تتحصل في أنه بتاريخ .... بدائرة قسم شرطة .... حال تواجد الملازم أول بالقوات المسلحة / .... - قائد خدمة التفتيش بخدمة تأمين المجرى الملاحي - استوقف السيارة رقم .... ملاكي .... قيادة المتهم / .... للاشتباه فيها وبتفتيشه السيارة المضبوطة تم ضبط عدد ثلاث لفافات كبيرة الحجم ملفوفين بورق شكائر أسمنت بيج اللون بكيس بلاستيك أسود اللون ومحزمين ببلاستر عريض وبفتحهم فتحة جانبية تبين بداخلهم نبات عشبي جاف أخضر اللون يشبه البانجو المخدر ومخبأين جميعاً أسفل الكبوت الأمامي للسيارة المذكورة أعلى الموتور وأثبت تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي أن المضبوطات هي لنبات الحشيش البانجو " القنب " المدرج بالجدول الأول من قانون المخدرات ووزنت خمسة كيلو جرامات وثمانية وستون جراماً " ، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال الملازم أول بالقوات المسلحة .... والنقيب / .... - بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات - وتقرير المعامل الكيماوية بالطب الشرعي وما ثبت من معاينة النيابة العامة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مودى أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية ومعاينة النيابة العامة التي تساند إليها في إدانته في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في لتسبيب ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله .

2- لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز أو الناقل بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن ، إذا كان ما أوردته في حكمها من الوقائع والظروف كافياً في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع بانتفاء هذا العلم ، فإن ما يثيره في شأن عدم استظهار الحكم علمه بكنه النبات المخدر المضبوط يكون على غير أساس .

3- لما كان الحكم قد دلل على ثبوت حيازة الطاعن المخدر بركنيه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز ، بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بحقيقة الجوهر المخدر ، وكان لا يعيب الحكم أن يكون قد اعتبر الطاعن ناقلاً للنبات المخدر ، لأن النقل في حكم المادة 38 هو فعل مادي من قبيل الأفعال المؤثمة التي ساقتها هذه المادة ومنها الحيازة الذي أثبتها الحكم في حق الطاعن ، ولا ينطوي في ذاته على قصد خاص ، فإن الحكم إذ انتهى إلى تطبيق المادة المذكورة وأنزل عقوبتها على الطاعن لا يكون قد خالف القانون ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .

4- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لصدوره من غير مختص فقد جاء في غير محله ومردود بأن المقرر طبقاً لنص المادة 12 من القانون رقم 25 لسنة 1966 أنه : " من حق رجال الضبط القضائي العسكري تفتيش الداخلين أو الخارجين مدنيين أو عسكريين في مناطق الأعمال العسكرية ووفقاً لنص المادة ۲۰ من ذات القانون وعدم التقيد في ذلك بقيود القبض والتفتيش المنصوص عليها بقانون الإجراءات الجنائية " ، ويكفي أن يكون الشخص خارج أو داخلاً في مناطق الأعمال العسكرية لثبوت الحق في تفتيشه والعثور معه أثناء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة يترتب عليه صحة الاستدلال به أمام المحاكم في تلك الجريمة . لما كان ذلك ، وكان الثابت بأوراق الدعوى أن المتهم كان يعبر المنطقة - كمين تفتيش معدية .... للسيارات شرق قناة السويس الجديدة التابع لفوج تأمين المجرى الملاحي - قادماً من الشرق إلى الغرب وهي منطقة عسكرية وفقاً لقانون الأحكام العسكرية سالف البيان ، وأنه بتفتيشه حال قيادة السيارة رقم .... ملاكي .... أثناء عبور تلك المنطقة وبمعرفة الملازم أول بالقوات المسلحة / .... - قائد طاقم التفتيش - حيث تم العثور على المخدر المضبوط بالسيارة المذكورة ووفقاً لما سلف بيانه ، ومن ثم يكون التفتيش قد تم وفق صحيح القانون ، ويكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الدفع غير سديد " . لما كان ذلك ، وكانت الواقعة - كما صار إثباتها بالحكم - قد تم ضبطها بمعرفة الملازم أول بالقوات المسلحة / .... " قائد طاقم التفتيش بمنطقة حرس الحدود " – خلافاً لما يثيره الطاعن بأسباب طعنه - ، وكان رجال حرس الحدود قد أضفى عليهم القانون رقم 114 لسنة 1953 صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ولهم عملاً بنص المادة ۲۰ من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود - عسكريين كانوا أم مدنيين - باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المار ذكره ، ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور ، بل إنه يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجاً من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبط القضائي العسكري المختص حق تفتيشه ، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة ، لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ، ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ، وكان ما أورده الحكم من أن الطاعن قد تم تفتيش السيارة قيادته والقبض عليه حائزاً للمخدر أثناء عبوره كمين حرس الحدود " معدية .... " دائرة .... وهي إحدى مناطق الأعمال العسكرية وذلك بمعرفة الملازم أول / .... - من قوات حرس الحدود - ، فإن تفتيشه يكون صحيحاً ، وإذ قضى الحكم برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش على سند مما تقدم يكون قد اقترن الصواب ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد ، هذا فضلاً عن أن ما ينعاه الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس مردود بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام هذا البطلان . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يتمسك ببطلان التفتيش لهذا السبب ، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .

5- لما كان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن بطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير مقبول .

6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض ، وكان تناقض الشاهد - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقواله بما لا تناقض فيه ، كما أن للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه ، وكان إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة عند الضبط وانفراده بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين - شاهدي الإثبات - وحصلت مؤداها بما لا يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها ويكفي بيان لوجه استدلالها بها على صحة الواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .

7- لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد طلب من المحكمة إجراء تحقيق في شأن ما أثاره بأسباب طعنه ، فلا يحق له - من بعد - أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي لزوماً لإجرائه ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .

8- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من إجراءات ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله - ضمن ما عولت عليه - في إدانة الطاعن ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم .

9- لما كان للمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوي وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع .

10- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن عرضه على النيابة العامة دون حرز الهاتف الجوال ، ومن ثم فلا يحل له - من بعد - أن يثير شيئاً عن ذلك أمام محكمة النقض ؛ إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .

11- من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً ، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل ، وإذ كان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة اطمأنت إلى أن المخدر الذي ضبط حيازة الطاعن هو بذاته الذي سُلم إلى النيابة العامة وتم تحليله ووثقت بسلامة إجراءات التحريز ، فإن النعي على الحكم في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .

12- من المقرر أن تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة التي دانه من أجلها ، فإن ما يثيره الطاعن من أنه طالب في مقتبل العمر ، فضلاً عن أنه لا يجوز إبداؤه أمام محكمة النقض لا يكون له محل .

13- لما كان تقدير المحكمة الدليل في دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى ما دامت لم تطمئن إلى الدليل المقدم فيها ؛ ذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الأدلة التي تطرح أمام المحكمة على بساط البحث بالجلسة ويقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته مستقلاً في تكوين عقيدته بنفسه بناء على ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن من سبق صدور حكم ببراءة متهمين آخرين في واقعة مشابهة لا يكون له محل .

14- من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته وانتفاء صلة الطاعن بالمخدر من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : حاز بقصد النقل نبات الحشيش " البانجو – القنب " المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 7/1 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 ، والبند رقم " 56 " من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقراري وزير الصحة رقمي 46 لسنة 1997 ، 269 لسنة 2002 ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشرة سنوات وغرامة مائة ألف جنيه عما أسند إليه وأمرت بمصادرة المضبوطات .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة " نبات الحشيش البانجو القنب " المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ومضمون الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، وخلت مدوناته من بيان قصد الطاعن من حيازة المخدر ، ولم يدلل سائغاً على ذلك القصد وعلم الطاعن بكنه المخدر المضبوط ، كما أن المدافع عن الطاعن قد دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما من غير مختص واطرحه الحكم بما لا يسوغ ، والتفت عن دفوعه بانتفاء حالة التلبس وبطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ولصدوره عن جريمة مستقبلة ، وعول على أقوال شاهدي الإثبات رغم عدم معقولية حدوث الواقعة - على نحو ما شهدا به - ، وحجب الأول أفراد الشرطة عن الشهادة وتناقض الثاني في شأن القصد من حيازة الطاعن للمخدر ، ودون أن تجري المحكمة تحقيقاً في هذا الشأن ، كما اعتمد في الإدانة على شهادة ضابط الواقعة مع أنه يمتنع قانوناً قبول شهادته على إجراء باطل قام به ، وعلى تحريات الشرطة رغم عدم الإفصاح عن مصدرها ، فضلاً عن كونها لا تصلح دليلاً للإدانة ، ولم تفطن المحكمة إلى أن المتهم عُرض على النيابة العامة دون حرز الهاتف الجوال المضبوط بحوزته ، مما يدل على امتداد يد العبث إلى الأحراز ، كما التفتت المحكمة عما قدمه الطاعن من مستندات دالة على أنه ما زال طالباً بمرحلة تعليمية ، وما قدمه من حكم صادر ببراءة متهمين في واقعة مشابهة ، وما ساقه من قرائن تشير إلى كيدية الاتهام وتلفيقه وانتفاء صلته بالمخدر المضبوط ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " تتحصل في أنه بتاريخ .... بدائرة قسم شرطة .... حال تواجد الملازم أول بالقوات المسلحة / .... - قائد خدمة التفتيش بخدمة تأمين المجرى الملاحي - استوقف السيارة رقم .... ملاكي .... قيادة المتهم / .... للاشتباه فيها وبتفتيشه السيارة المضبوطة تم ضبط عدد ثلاث لفافات كبيرة الحجم ملفوفين بورق شكائر أسمنت بيج اللون بكيس بلاستيك أسود اللون ومحزمين ببلاستر عريض وبفتحهم فتحة جانبية تبين بداخلهم نبات عشبي جاف أخضر اللون يشبه البانجو المخدر ومخبأين جميعاً أسفل الكبوت الأمامي للسيارة المذكورة أعلى الموتور وأثبت تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي أن المضبوطات هي لنبات الحشيش البانجو " القنب " المدرج بالجدول الأول من قانون المخدرات ووزنت خمسة كيلو جرامات وثمانية وستون جراماً " ، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من أقوال الملازم أول بالقوات المسلحة / .... والنقيب / .... - بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات - وتقرير المعامل الكيماوية بالطب الشرعي وما ثبت من معاينة النيابة العامة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مودى أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية ومعاينة النيابة العامة التي تساند إليها في إدانته في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز أو الناقل بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من المواد المخدرة ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن ، إذا كان ما أوردته في حكمها من الوقائع والظروف كافياً في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع بانتفاء هذا العلم ، فإن ما يثيره في شأن عدم استظهار الحكم علمه بكنه النبات المخدر المضبوط يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد دلل على ثبوت حيازة الطاعن المخدر بركنيه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز ، بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بحقيقة الجوهر المخدر ، وكان لا يعيب الحكم أن يكون قد اعتبر الطاعن ناقلاً للنبات المخدر ، لأن النقل في حكم المادة 38 هو فعل مادي من قبيل الأفعال المؤثمة التي ساقتها هذه المادة ومنها الحيازة الذي أثبتها الحكم في حق الطاعن ، ولا ينطوي في ذاته على قصد خاص ، فإن الحكم إذ انتهى إلى تطبيق المادة المذكورة وأنزل عقوبتها على الطاعن لا يكون قد خالف القانون ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لصدوره من غير مختص فقد جاء في غير محله ومردود بأن المقرر طبقاً لنص المادة 12 من القانون رقم 25 لسنة 1966 أنه : " من حق رجال الضبط القضائي العسكري تفتيش الداخلين أو الخارجين مدنيين أو عسكريين في مناطق الأعمال العسكرية ووفقاً لنص المادة ۲۰ من ذات القانون وعدم التقيد في ذلك بقيود القبض والتفتيش المنصوص عليها بقانون الإجراءات الجنائية " ، ويكفي أن يكون الشخص خارج أو داخلاً في مناطق الأعمال العسكرية لثبوت الحق في تفتيشه والعثور معه أثناء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة يترتب عليه صحة الاستدلال به أمام المحاكم في تلك الجريمة . لما كان ذلك ، وكان الثابت بأوراق الدعوى أن المتهم كان يعبر المنطقة - كمين تفتيش معدية .... للسيارات شرق قناة السويس الجديدة التابع لفوج تأمين المجرى الملاحي - قادماً من الشرق إلى الغرب وهي منطقة عسكرية وفقاً لقانون الأحكام العسكرية سالف البيان ، وأنه بتفتيشه حال قيادة السيارة رقم .... ملاكي .... أثناء عبور تلك المنطقة وبمعرفة الملازم أول بالقوات المسلحة / .... - قائد طاقم التفتيش - حيث تم العثور على المخدر المضبوط بالسيارة المذكورة ووفقاً لما سلف بيانه ، ومن ثم يكون التفتيش قد تم وفق صحيح القانون ، ويكون ما تساند عليه الدفاع في هذا الدفع غير سديد " . لما كان ذلك ، وكانت الواقعة - كما صار إثباتها بالحكم - قد تم ضبطها بمعرفة الملازم أول بالقوات المسلحة / .... " قائد طاقم التفتيش بمنطقة حرس الحدود " - خلافاً لما يثيره الطاعن بأسباب طعنه - ، وكان رجال حرس الحدود قد أضفى عليهم القانون رقم 114 لسنة 1953 صفة الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ولهم عملاً بنص المادة ۲۰ من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود - عسكريين كانوا أم مدنيين - باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المار ذكره ، ولم يتطلب الشارع بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور ، بل إنه يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجاً من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبط القضائي العسكري المختص حق تفتيشه ، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها في القانون ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة ، لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ، ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ، وكان ما أورده الحكم من أن الطاعن قد تم تفتيش السيارة قيادته والقبض عليه حائزاً للمخدر أثناء عبوره كمين حرس الحدود " معدية .... " دائرة .... وهي إحدى مناطق الأعمال العسكرية وذلك بمعرفة الملازم أول / .... - من قوات حرس الحدود - ، فإن تفتيشه يكون صحيحاً ، وإذ قضى الحكم برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش على سند مما تقدم يكون قد اقترن الصواب ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد ، هذا فضلاً عن أن ما ينعاه الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس مردود بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام هذا البطلان . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يتمسك ببطلان التفتيش لهذا السبب ، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه بشأن بطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص يضحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض ، وكان تناقض الشاهد - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقواله بما لا تناقض فيه ، كما أن للمحكمة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه ، وكان إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة عند الضبط وانفراده بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين - شاهدي الإثبات - وحصلت مؤداها بما لا يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها ويكفي بيان لوجه استدلالها بها على صحة الواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد طلب من المحكمة إجراء تحقيق في شأن ما أثاره بأسباب طعنه ، فلا يحق له - من بعد - أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي لزوماً لإجرائه ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من إجراءات ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله - ضمن ما عولت عليه - في إدانة الطاعن ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوي وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بشأن عرضه على النيابة العامة دون حرز الهاتف الجوال ، ومن ثم فلا يحل له - من بعد - أن يثير شيئاً عن ذلك أمام محكمة النقض ؛ إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً ، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل ، وإذ كان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة اطمأنت إلى أن المخدر الذي ضبط حيازة الطاعن هو بذاته الذي سُلم إلى النيابة العامة وتم تحليله ووثقت بسلامة إجراءات التحريز ، فإن النعي على الحكم في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة التي دانه من أجلها ، فإن ما يثيره الطاعن من أنه طالب في مقتبل العمر ، فضلاً عن أنه لا يجوز إبداؤه أمام محكمة النقض لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان تقدير المحكمة الدليل في دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى ما دامت لم تطمئن إلى الدليل المقدم فيها ؛ ذلك أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الأدلة التي تطرح أمام المحكمة على بساط البحث بالجلسة ويقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته مستقلاً في تكوين عقيدته بنفسه بناء على ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن من سبق صدور حكم ببراءة متهمين آخرين في واقعة مشابهة لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته وانتفاء صلة الطاعن بالمخدر من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن كل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ