الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 27 سبتمبر 2023

الطعن 390 لسنة 5 ق جلسة 5 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 7 ص 43

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

-----------------

(7)

القضية رقم 390 لسنة 5 القضائية

إنصاف - إعانة غلاء المعيشة 

- إنصاف حملة الشهادات الأزهرية - التقدير المالي لشهادة العالمية مع إجازة التدريس قبل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 - استفادة الموظف المعين في ظل القانون المشار إليه من أحكام الكادر الجديد الملحق به - أثر ذلك - زيادة مرتبه عن المقرر لمؤهله بحسب قواعد الإنصاف المقررة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أغسطس سنة 1944 - استقطاع مقدار هذه الزيادة من إعانة غلاء المعيشة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من أكتوبر سنة 1952 - لا يغير من هذا الحكم اشتراط قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944 فيمن ينصف من خطباء وأئمة ومدرسي المساجد أن تتوافر فيه جميع شروط التوظف بالأزهر الشريف وأن يكون منقطعاً لأعمال وظيفته - أساس ذلك.

----------------
إن التقدير المالي لمؤهل شهادة العالمية مع إجازة التدريس قبل العمل بقانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الذي عين المدعي في ظله، كان 12 جنيهاً شهرياً، وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أغسطس 1944 في شأن إنصاف حملة الشهادات الأزهرية الذي قدر لحملة هذا المؤهل مرتباً 12 جنيهاً شهرياً، أما الذين يقومون منهم بالتدريس في الأزهر الشريف ووزارة التربية والتعليم فيمنحون 15 جنيهاً شهرياً - ومن ثم فإنه يكون قد أفاد من أحكام الكادر الجديد الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بزيادة في مرتبه قدرها ثلاثة جنيهات شهرياً إذ عين ابتداء بمرتب قدره 15 جنيهاً في حين أن المقدر لمؤهله بحسب قواعد الإنصاف هو 12 جنيهاً لأنه لا يقوم بالتدريس في الأزهر أو مدارس وزارة التربية والتعليم، ويتعين استقطاع مقدار هذه الزيادة من إعانة غلاء المعيشة التي يستحقها بموجب أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من أكتوبر سنة 1952 بشأن استقطاع ما يوازي الزيادة المترتبة على تنفيذ الكادر الجديد من إعانة الغلاء وعلى أن تحسب الإعانة له على أساس مرتب قدره 12 جنيهاً شهرياً، طبقاً لقرار مجلس الوزراء القاضي بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على المرتبات المقررة في شهر نوفمبر سنة 1950 - ولا يقدح في ذلك أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944 قد اشترط فيمن ينصف من خطباء أساس من المفاضلة بينه وبين المدعي ويتضح منها أن كلاً منهما قد قضى أكثر وأئمة ومدرسي المساجد أن تتوفر فيه جميع شروط التوظف بالأزهر الشريف وأن يكون منقطعاً لأعمال وظيفته، وذلك لأن قرار الإنصاف السالف قد اشترط لإفادتهم من قواعد الإنصاف أن تتوفر فيهم هذه الشروط أي أن يكونوا منقطعين لأعمال وظائفهم وأن تكون الشروط التي يتطلبها التعيين في وظائف الأزهر الشريف متوافرة فيهم، فلا يمس ذلك التقدير المالي المقرر لمؤهلهم الذي ورد صريحاً في قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أغسطس سنة 1944 وهو 12 جنيهاً إلا إذا كان حامل هذا المؤهل يشغل وظيفة في التدريس بالأزهر الشريف أو وزارة التربية والتعليم فيمنح 15 جنيهاً.


إجراءات الطعن

في يوم 28 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1958 في القضية رقم 599 لسنة 12 القضائية والقاضي باستحقاق المدعي صرف كامل إعانة غلاء المعيشة من بدء استحقاقها دون خصم أي مبلغ من تلك الإعانة على اعتبار أن أصل ماهيته 15 جنيهاً شهرياً حسب القواعد المقررة قبل العمل بقانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الأوقاف بالمصروفات. وطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب الواردة في عريضة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات" - وقد أعلن الطعن للحكومة في 18 من مايو سنة 1959 وللمدعي في 28 من يوليه سنة 1959 وعين لنظره جلسة 22 من مايو سنة 1960 وأحيل للمرافعة لجلسة 8 من أكتوبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 27 من فبراير سنة 1958 طالباً فيها الحكم بإلزام وزارة الأوقاف بصرف إعانة الغلاء الخاصة به على أساس أصل مرتبه وقدره 15 جنيهاً شهرياً مع صرف الفروق المستحقة له من تاريخ تعيينه حتى الفصل في الدعوى مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه نجح في مسابقة أجراها ديوان الموظفين للإمامة والخطابة والتدريس للدرجة السادسة الفنية بالكادر العالي وقد عين فعلاً إماماً وخطيباً ومدرساً بمساجد الأوقاف في 31/ 3/ 1955 وكان تعيينه على أساس أن أصل مرتبه 15 جنيهاً ولكن عند صرفه لمرتبه تبين أن الوزارة لم تصرف له المرتب على أساس 15 جنيهاً وإنما تصرف إعانة الغلاء على أساس 12 جنيهاً ويخصم منه مبلغ 3 جنيهات شهرياً من إعانة الغلاء، وهذا الإجراء مخالف للقانون وانتهى إلى طلب الحكم له بطلباته.
وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1958 حكمت المحكمة باستحقاق المدعي صرف كامل إعانة غلاء المعيشة من بدء استحقاقها دون خصم أي مبلغ من تلك الإعانة على اعتبار أن أصل ماهيته 15 جنيهاً حسب القواعد المقررة قبل العمل بقانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الأوقاف المصروفات. وأسست قضاءها على أن المسلم به أن أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة قد جرى العمل على مقتضاها اعتباراً من 1/ 7/ 1952 وتضمنت الميزانية العامة لسنة 1952/ 1953 المبالغ اللازمة لتنفيذ الكادر الملحق بقانون نظام موظفي الدولة سالف الذكر. كما تضمنت المذكرة الملحقة بمشروع الميزانية والتي وافق عليها مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 8 من أكتوبر سنة 1952 أن بعض الموظفين سينتفعون عند نقلهم إلى الكادر الجديد بزيادة مرتباتهم (ماهياتهم) الحالية كما أن البعض الآخر منهم سيحصل على زيادة في المرتب نتيجة الترقية أو منح علاوة وفقاً لنظام الكادر المشار إليه وذلك بحصوله على علاوة تزيد على فئة العلاوة التي كان يحصل عليها فيما لو كان قد رقي أو منح علاوة على أساس الكادر السابق وأنه ينبغي استقطاع ما يوازي هذه الزيادة مما يحصل عليه هؤلاء الموظفون من إعانة غلاء المعيشة على أن ينفذ ذلك اعتباراً من أول يوليه سنة 1952. ثم استطردت المحكمة فقالت إن استقطاع ما يوازي الزيادات المترتبة على تنفيذ الكادر الجديد من إعانة غلاء المعيشة يسري على موظفي الدولة جميعاً سواء من عين منهم قبل أول من يوليه سنة 1952 أم بعد هذا التاريخ للمساواة في المراكز القانونية وإلا لأصبح الأحدث تعييناً أعلى مرتباً من الأقدم منه واستمر هذا الأمر في شأن الترقيات والعلاوات على أن الحكمة هي التخفيف من أعباء الميزانية والاقتصاد في مواردها وعلى ذلك فإن المعينين في أول يوليو سنة 1952 أو بعد هذا التاريخ هؤلاء يمنحون إعانة الغلاء عندما يحل موعد استحقاقها على أساس المرتبات التي نالها زملاؤهم المعينون الجدد في 3 من نوفمبر سنة 1950 (تاريخ تثبيت هذه الإعانة) أو بداية الدرجة في الكادر الجديد أيهما أقل. ويخصم من الإعانة التي تستحق لهم على هذا الأساس مقدار الزيادة إن وجدت بين المرتب الذي كان مقرراً للتعيين في نفس الدرجة أو المرتب في الكادر السابق وبينه في الكادر الحالي. ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 21 من قانون موظفي الدولة تقضي بأن يمنح الموظف عند التعيين أول مربوط الدرجة المقررة للوظيفة أو المربوط الثابت على الوجه الوارد بجدول الدرجات والمرتبات الملحق بهذا القانون ولو كان المؤهل العلمي الذي يحمله الموظف يجيز التعيين فعلاً في درجة أعلا. وتنص الفقرة الثالثة على أنه "ومع ذلك فلمجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية والاقتصاد بعد أخذ رأي ديوان الموظفين أن يقرر منح مرتبات مؤهلات فنية إضافية - تتفق وأعمال الوظيفة" ولم يصدر بعد قرار مجلس الوزراء المنصوص عليه في هذه الفقرة وعلى ذلك يراعى التقدير المالي للشهادات الممتازة والإضافية الوارد بقواعد الإنصاف؛ إذ من المسلم به أن أحكام قانون المعادلات الدراسية لم تلغ سوى قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليو و2 من سبتمبر سنة 1951 بتقدير وتعديل القيمة المالية لبعض الشهادات الدراسية، وما عدا هذه القرارات فإنها تظل نافذة المفعول في نطاق تطبيقها، وفي ضوء هذه القواعد فإن شهادة العالمية مع الإجازة (للقضاء أو التدريس أو الوعظ) التقدير المالي لها هو 15 جنيهاً شهرياً بقواعد الإنصاف الصادر بها قرارا مجلس الوزراء في 29 أغسطس سنة 1944 و2 من أكتوبر سنة 1944 - ومؤدى هذا أن حملة الشهادات العالمية مع الإجازة لم يفيدوا من قانون نظام موظفي الدولة لأن التقدير المالي لمؤهلهم هو بذات البداية التي قدرت للدرجة السادسة في الكادر الجديد. ولما كان الثابت من ملف خدمة المدعي أنه حاصل على شهادة العالمية مع إجازة التدريس في العام الدراسي 1953/ 1954 وقد عين بوظيفة إمام وخطيب ومدرس بمسجد المحمدية بسوهاج في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي اعتباراً من 21 من مارس سنة 1955 بأول مربوطها وقدره 15 جنيهاً - وهذه الطائفة من الأئمة والخطباء والمدرسين بالمساجد يفيدون من قواعد الإنصاف الصادر بها قرارا مجلس الوزراء في 29/ 8 و2/ 10/ 1944 على أن تتوافر فيمن ينصف منهم جميع شروط التوظف بالأزهر الشريف والمعاهد الدينية وأن يكونوا منقطعين لأعمال وظائفهم وذلك عملاً بقرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944 - وهذا الأمر متوفر في المدعي إذ إنه منقطع لأعمال وظيفته وأن مؤهله وهو شهادة العالمية مع إجازة التدريس من المؤهلات التي تصلح للتعيين بالأزهر الشريف طبقاً للائحة الاستخدام الصادرة في 8/ 4/ 1931 وبذلك فإنه يفيد من قواعد الإنصاف. ولما كان التقدير المالي لمؤهله 15 جنيهاً شهرياً وهذا هو الذي كان مقرراً لتعيين الحاصلين على مؤهل قبل العمل بقانون موظفي الدولة فإنه والحالة هذه لم ينتفع بزيادة ما بعد تطبيق أحكام القانون المذكور وبالتالي فإن إعانة غلاء المعيشة تثبت على مرتب 15 جنيهاً ولا يجوز الخصم منه لعدم توافر أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 8/ 10/ 1952 بشأن استقطاع ما يوازي الزيادة المترتبة على تنفيذ الكادر الجديد من إعانة غلاء المعيشة، ويتعين إجابة المدعي إلى طلباته.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الثابت من قرار مجلس الوزراء الصادر في 29/ 8/ 1944 والذي تضمنه كتاب وزارة المالية رقم ف 234 - 3/ 10 المؤرخ 21 من سبتمبر سنة 1944 في شأن إنصاف حملة الشهادات الأزهرية أن شهادة العالمية مع الإجازة (للقضاء أو التدريس أو الوعظ للمتخرجين في كليات الشريعة واللغة العربية وأصول الدين على التوالي) قدر لها مرتب قدره 12 جنيهاً شهرياً على أن يمنح الذين يشتغلون بالتدريس في الأزهر أو في وزارة المعارف العمومية 15 جنيهاً شهرياً والثابت أيضاً من قرار مجلس الوزراء الصادر في 2 من أكتوبر سنة 1944 والذي تضمنه الكتاب الدوري رقم ف 234 - 3/ 10 المؤرخ 15 من أكتوبر سنة 1944 أنه إنما كان في شأن التقدير المالي للشهادة العالمية مع التخصص القديم وللشهادة الثانوية والابتدائية من الأزهر الشريف دون ما إشارة إلى التقدير المالي لشهادة العالمية مع الإجازة. وفي 23/ 11/ 1944 صدر قرار مجلس الوزراء بإفادة طائفة الأئمة والخطباء والمدرسين بالمساجد من قواعد الإنصاف الصادر بها قراراه في 29/ 8 و2/ 10/ 1944 على أن تتوافر فيمن ينصف منهم جميع شروط التوظف بالأزهر الشريف والمعاهد الدينية وأن يكونوا منقطعين لأعمال وظائفهم. ويخلص من ذلك أن التقدير المالي لشهادة العالمية مع الإجازة بالتطبيق لقواعد الإنصاف هو 12 جنيهاً شهرياً بحسب الأصل يزاد إلى 15 جنيهاً بالنسبة إلى المعينين في وظائف التدريس بالجامع الأزهر ووزارة المعارف العمومية دون غيرها من الوظائف. ولما كان المدعي قد عين في وظيفة إمام وخطيب ومدرس بأحد مساجد وزارة الأوقاف في الدرجة السادسة بأول مربوطها وقدره 15 جنيهاً شهرياً في مارس سنة 1955 وهو حاصل على شهادة العالمية مع إجازة التدريس في العام الدراسي 1953/ 1954 فإن التقدير المالي لمؤهله قبل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 يكون 12 جنيهاً شهرياً طالما أنه لم يعين في إحدى وظائف التدريس بالأزهر أو وزارة المعارف العمومية حسبما سلف البيان، ومن ثم فإنه يكون قد أفاد من أحكام القانون المشار إليه بزيادة في مرتبه قدرها 3 جنيهات شهرياً الأمر الذي يستتبع استقطاع ما يوازي هذه الزيادة من إعانة غلاء المعيشة التي يستحقها وذلك بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 8/ 10/ 1952 في هذا الشأن.
ولا اعتداد بما قد يثار من أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944 إذ اشترط فيمن ينصف من طائفة الأئمة والخطباء والمدرسين بالمساجد أن تتوافر فيهم جميع شروط التوظف بالأزهر الشريف والمعاهد الدينية وأن يكونوا منقطعين لأعمال وظائفهم، يكون قد قصد إلى التسوية بينهم وبين المعينين في وظائف التدريس بالأزهر الشريف مما ينبني عليه استحقاق الأولين للتقدير المالي المقرر للآخرين، لا اعتداد بذلك، لأن الإحالة التي قضى بها مجلس الوزراء بقراره سالف الذكر إنما عنى بها أن تكون فقط شرطاً من شروط إفادة هذه الطائفة من قواعد الإنصاف التي ما كانت تسري في شأنهم أصلاً وذلك بغير ما مساس بالتقدير المالي الذي قررته تلك القواعد على أساس موضوعي من الوظائف التي يعين فيها الحاصلون على شهادة العالمية مع الإجازة - وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي حصل على شهادة العالمية مع إجازة التدريس في عام 1954 وعين في وزارة الأوقاف في مارس سنة 1955 في وظيفة إمام وخطيب ومدرس بأحد مساجدها في وظيفة من الدرجة السادسة بأول مربوطها وقدره 15 جنيهاً شهرياً.
ومن حيث إن التقدير المالي لهذا المؤهل قبل العمل بقانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951 الذي عين المدعي في ظله، كان 12 جنيهاً شهرياً - وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أغسطس سنة 1944 في شأن إنصاف حملة الشهادات الأزهرية الذي قدر لحملة هذا المؤهل مرتباً 12 جنيهاً شهرياً، أما الذين يقومون منهم بالتدريس في الأزهر الشريف ووزارة التربية والتعليم فيمنحون 15 جنيهاً شهرياً - ومن ثم فإنه يكون قد أفاد من أحكام الكادر الجديد الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بزيادة في مرتبه قدرها ثلاثة جنيهات شهرياً إذ عين ابتداء بمرتب قدره 15 جنيهاً في حين أن المقدر لمؤهله بحسب قواعد الإنصاف هو 12 جنيهاً لأنه لا يقوم بالتدريس في الأزهر أو مدارس وزارة التربية والتعليم، ويتعين استقطاع مقدار هذه الزيادة من إعانة غلاء المعيشة التي يستحقها بموجب أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من أكتوبر سنة 1952 بشأن استقطاع ما يوازي الزيادة المترتبة على تنفيذ الكادر الجديد من إعانة الغلاء، وعلى أن تحسب الإعانة له على أساس مرتب قدره 12 جنيهاً شهرياً، طبقاً لقرار مجلس الوزراء القاضي بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على المرتبات المقررة في شهر نوفمبر سنة 1950 - ولا يقدح في ذلك أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944 قد اشترط فيمن ينصف من خطباء وأئمة ومدرسي المساجد أن تتوفر فيه جميع شروط التوظف بالأزهر الشريف وأن يكون منقطعاً لأعمال وظيفته، وذلك لأن قرار الإنصاف السالف قد اشترط لإفادتهم من قواعد الإنصاف أن تتوفر فيهم هذه الشروط أي أن يكونوا منقطعين لأعمال وظائفهم وأن تكون الشروط التي يتطلبها التعيين في وظائف الأزهر الشريف متوافرة فيهم، فلا يمس ذلك التقدير المالي المقرر لمؤهلهم الذي ورد صريحاً في قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أغسطس سنة 1944 وهو 12 جنيهاً إلا إذا كان حامل هذا المؤهل يشغل وظيفة في التدريس بالأزهر الشريف أو وزارة التربية والتعليم فيمنح 15 جنيهاً.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ ذهب مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، ويتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 19 لسنة 30 ق جلسة 11 /6 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 رجال قضاء ق 100 ص 686

جلسة 11 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم حسن علام، وعثمان زكريا.

---------------

(100)
الطلب رقم 19 لسنة 30 ق "رجال القضاء"

(أ) قضاة. "طلب رد مبالغ". قرار إداري.
طلب وزارة العدل بإلزام قاض سابق برد مبالغ صرفت له بدون وجه حق. لا يعتبر طعناً في قرار إداري. الميعاد المنصوص عليه في المادة 92 من القانون 56 لسنة 1959 لا ينطبق عليه.
(ب) قضاة. "طلب رد مبالغ". تقادم. "تقادم مسقط".
الحق الناشئ عن صرف مبالغ بدون وجه حق. سقوطه بمضي ثلاث سنوات من وقت العلم به. المادة 187 من القانون المدني.

----------------
1 - طلب وزارة العدل الحكم بإلزام قاض سابق برد مبالغ صرفت له بدون وجه حق بعد بلوغه سن الإحالة إلى المعاش، لا يعتبر طعناً في قرار إداري ومن ثم لا يسري عليه الميعاد المقرر في المادة 92 من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية إذ لا ينصرف هذا الميعاد إلا إلى الطلبات التي ترفع طعناً في قرارات إدارية.
2 - الحق الذي ينشأ عن قيام وزارة العدل بصرف مبالغ بدون وجه حق بعد إحالة قاض إلى المعاش لخطأ وقعت فيه نتيجة عدم تقديمه شهادة ميلاده، يسقط بمضي ثلاث سنوات من وقت علمها بحقها في استرداد هذه المبالغ طبقاً للمادة 187 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 3/ 5/ 1960 أودعت وزارة العدل عريضة بقلم كتاب هذه المحكمة قيدت برقم 19 سنة 30 ق رجال القضاء ضد الأستاذ....... القاضي السابق طلبت فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 51 ج و730 م والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت شرحاً لطلبها إن المدعى عليه عين وظيفة قاض ولم يقدم شهادة ميلاده ضمن مسوغات تعيينه كما لم يقدمها بعد ذلك رغم مطالبته بها، ولما تبين للوزارة أنه من مواليد 4/ 10/ 1892 وأنه بلغ سن الستين المقررة للإحالة إلى المعاش في 4/ 10/ 1952 فقد أصدرت في 9/ 5/ 1956 قراراً برفع اسمه من سجلات رجال القضاء وبإحالته إلى المعاش من تاريخ بلوغه سن الستين في 4/ 10/ 1952. ولما كان مرتبه في هذا التاريخ قد بلغ 62 ج و500 م وطرأت عليه تعديلات بلغ بها هذا المرتب 63 ج و750 م ثم 64 ج و375 م ثم 64 ج و500 م وعدل أخيراً إلى 65 ج وصرفت له الوزارة بناء على ذلك فروقاً بلغت جملتها 51 ج و731 م ما كانت لتصرفها له لو أنها كانت على بينة من حقيقة سنه، وإذ لم تجد مطالبته برد هذه الفروق، فقد تقدمت بطلباتها السابقة. دفع المدعى عليه بسقوط حق الوزارة في استرداد الفروق المطالب بها لمضي ثلاث سنوات من وقت عملها بحقيقة سنه، ورد في الموضوع بأنه قد قبض هذه الفروق في مقابل العمل الذي أداه. وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطلب شكلاً لعدم تقديمه خلال ثلاثين يوماً منذ صدور القرار بإحالة المدعى عليه إلى المعاش في 9/ 5/ 1956 طبقاً لما تقضي به المادة 92 من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية وطلبت في الموضوع الحكم برفض الطلب.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة مردود ذلك أنه لما كان الثابت أن وزارة العدل طلبت الحكم بإلزام المدعى عليه برد مبالغ قالت إنه صرفها بدون وجه حق فإن مؤدى ذلك أن الطلب المطروح لا يعتبر طعناً في قرار إداري وبالتالي فلا يسري عليه الميعاد المقرر في المادة 92 من القانون رقم 56 سنة 1959 في شأن السلطة القضائية إذ لا ينصرف هذا الميعاد إلا إلى الطلبات التي ترفع طعناً في قرارات إدارية ومن ثم يتعين رفض الدفع.
وحيث إنه عن الموضوع فإنه وإن كان الثابت أن وزارة العدل قد صرفت للمدعى عليه بعد بلوغه السن المقررة للإحالة إلى المعاش في سنة 1952 فروقاً بلغت جملتها 51 ج و371 م بسبب خطأ وقعت فيه نتيجة لعدم تقديمه شهادة ميلاده، إلا أنه لما كان المدعى عليه قد دفع بسقوط حق الوزارة في مطالبته بها بالتقادم وكان هذا الحق الذي نشأ عن قيام الوزارة بصرف هذه الفروق يسقط بمضي ثلاث سنوات من وقت علمها بحقها في استردادها طبقاً للمادة 187 من القانون المدني، وكان الثابت أن هذا العلم قد تحقق بإصدار الوزارة قرارها في 9/ 5/ 1956 برفع اسم المدعى عليه من سجلات رجال القضاء وبإحالته إلى المعاش اعتباراً من سنة 1952، وإذ قعدت الوزارة عن المطالبة برد هذه الفروق التي صرفت له حتى تاريخ تقديم عريضتها في 3/ 5/ 1960، فإن حقها في المطالبة بها يكون قد سقط مما يتعين معه قبول الدفع بسقوط هذا الحق ورفض الطلب.

الطعن 282 لسنة 5 ق جلسة 5 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 6 ص 31

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي المستشارين.

----------------

(6)

القضية رقم 282 لسنة 5 القضائية

وظيفة - اختصاص - ترقية 

- قرار وزارة التربية والتعليم رقم 7816 في 13/ 6/ 1948 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركات الترقية والنقل والتعيين - القرار الوزاري الصادر في 29/ 6/ 1947 بشأن جعل وظيفة المفتشة معادلة لوظيفة مساعد المراقب - النقل من وظيفة مدرس أول إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي - يعتبر بمثابة الترقية في مدارج السلم الإداري ولو لم يكن مصحوباً بمنح درجة مالية - اختصاص القضاء الإداري بإلغاء القرار الصادر بهذا النقل.

---------------
إنه ولئن كان التعيين في وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي لا يصحبه منح درجة مالية إلا أنه يعتبر بمثابة ترقية حقيقية لأن هذه الوظيفة، كما هو واضح من القرار الوزاري رقم 7816 الصادر من وزارة التربية والتعليم في 13 من يونيه سنة 1948 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركات الترقية والنقل والتعيين، وقد جاء النص صريحاً على أن المفتش في التعليم الثانوي يختار من بين عدة فئات منهم وكلاء المدارس الثانوية الذين يختارون بدورهم من فئات يجرى بينهم المدرسون الأوائل. كما أن القرار الوزاري الصادر في 29 من يونيه سنة 1947 جعل وظيفة المفتشة معادلة لوظيفة مساعد المراقب الذي يمنح الدرجة الثالثة عند انقضاء المدة القانونية المقررة. وعلى مقتضى ذلك يكون النقل من وظيفة مدرس أول إلى وظيفة مفتش معتبراً بمثابة الترقية في مدارج السلم الإداري مما يجعلها خاضعة لرقابة القضاء الإداري.


إجراءات الطعن

في 9 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 282 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - هيئة الترقيات والتعيينات - بجلسة 11 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 831 لسنة 7 القضائية المقامة من أحمد حسن علي ضد وزارة المعارف والذي يقضي "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه ورفض التظلم، وألزمت المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه، "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية، واعتبار أقدمية المدعي في وظيفة مفتش راجعة إلى 22 من سبتمبر سنة 1952، وما يترتب على ذلك من آثار". وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 24 من يونيه سنة 1959 وإلى الخصم في 27 منه. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 21 من فبراير سنة 1960 وفيها أحيل الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا بجلسة 14 من مايو سنة 1960 ومنها إلى 8 من أكتوبر سنة 1960 حيث سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم فيه إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 831 لسنة 7 القضائية ضد وزارة المعارف بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 14 من مارس سنة 1953 طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء قرار اللجنة القضائية لوزارتي المعارف والإرشاد القومي الصادر في التظلم رقم 39 لسنة 1 ق القاضي بعدم الاختصاص، وفي الموضوع بإلغاء قرار ترقية كل من: فهمي أحمد نجيب في وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي - والسيدة نجية محمد سراج في وظيفة مفتش بهذا التعليم، وبأحقية المدعي في الترقية إلى مفتش ثانوي، واعتبارها من تاريخ تخطيه، مع إلزام وزارة التربية والتعليم المصاريف ومقابل الأتعاب.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أن السيد وزير التربية والتعليم أصدر قراراً في 22 من سبتمبر سنة 1952 رقي بمقتضاه إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي كلاً من (فهمي أحمد نجيب) المدرس الأول بالمدرسة الثانوية العسكرية، و(السيدة نجية محمد سراج) المدرسة الأولى بمدرسة العباسية للبنات، وقال المدعي أنه أحق من الموظفين المذكورين للترقية إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي ولذلك فقد أرسل شكواه إلى الوزارة فلم يتلق رداً عليها، ثم بادر برفع تظلمه أمام اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم فأصدرت قرارها في 18 من فبراير سنة 1953 بعدم الاختصاص، وقال المدعي أن الوزارة دفعت أمام اللجنة القضائية بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر التظلم لكونه متعلقاً بترقية أدبية ولا يترتب عليها غبن مادي. وهذا الرأي يتعارض مع منطوق المادة الثانية من قانون تشكيل اللجان القضائية فهذا النص لا يفرق بين الترقية المادية والترقية الأدبية. ولما كانت وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي أرقى في مدارج السلم الإداري من وظيفة مدرس أول فإن التعيين بها يعتبر ترقية حقيقية يتبعها ترقية مادية أيضاً إذ المرقون إلى وظيفة مفتش يرقون بالتالي إلى درجة مالية قبل زملائهم في التخرج الذين يشغلون وظائف أقل في مدارج السلم الإداري. وكذلك فإن القرار الوزاري رقم 7458 الصادر في 19 من يونيه سنة 1947 جعل وظيفة المفتش معادلة لوظيفة مساعد مراقب الذي يمنح الدرجة الثالثة عند انقضاء المدة القانونية المقررة للترقية، وما دام الأمر كذلك فإن هذه المحكمة تكون مختصة بالنظر في هذا الطعن تطبيقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من قانون مجلس الدولة، ومن ثم يكون الدفع بعدم الاختصاص، في غير محله ويتعين رفضه. وفيما يتعلق بالموضوع قال المدعي أن ترقية فهمي أحمد نجيب كانت مخالفة للمادة 47/ 3 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على أنه لا يجوز النظر في ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله إذ أنه رقي عند نقله من المدرسة الثانوية العسكرية التابعة لوزارة الحربية، يضاف إلى ذلك أن هذه الترقية قد جاءت مخالفة لأحكام القرار الوزاري الصادر في يونيه سنة 1952 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركات الترقيات والنقل والتعيين بوزارة المعارف. وقد اشترطت هذه القواعد في المدرس الأول الذي يرقى إلى وظيفة مفتش ثانوي، أن يكون قد أمضى أربع سنوات على الأقل في وظيفة مدرس أول، وكان المدعي وقت صدور قرار الترقية المطعون فيه قد أمضى خمس سنوات لأنه مدرس أول منذ سبتمبر سنة 1947، بينما المطعون في ترقيته (نجيب) لم يرق مدرساً أول إلا في ديسمبر سنة 1948، ثم نقل إلى المدرسة الثانوية العسكرية التابعة لوزارة الحربية في أكتوبر سنة 1949 وصدر قرار ترقيته إلى مفتش ثانوي في 22 من سبتمبر سنة 1952 أي أن عمله في وظيفة مدرس أول في كل من الوزارتين لم يكمل مدة الأربع سنوات التي هي شرط الترقية، وفيما يتعلق بالتقديرات فإن تقارير المدعي في السنتين الأخيرتين تفوق تقارير نجيب، فقد جاء في التقرير الفني الأخير للمدعي أنه حاصل على درجة (جيد جداً وزيادة).... أما نجيب فإنه لم يظفر بأكثر من درجة (جيد جداً). وخلص المدعي إلى القول بأن تعيين نجيب من دونه ينطوي على إساءة للسلطة من مكتب تفتيش اللغة الفرنسية لأنه لم يمض في هذا التعيين وفق قواعد العدالة، وذهب المدعي إلى القول أيضاً بأنه ولئن كانت الوزارة قد دفعت تظلمه بأقدمية نجيب في التخرج على المدعي لأن نجيب حصل على الليسانس سنة 1932 إلا أن أساس الترقية هو الأقدمية في الدرجة الأخيرة أو في آخر وظيفة. وقال المدعي أن نجيباً تخرج حقاً سنة 1932 ولكنه ظل يمارس الأعمال الكتابية حتى سنة 1940 ثم عين في هذه السنة مدرساً، أما المدعي فإنه تخرج سنة 1937 حيث حصل على ليسانس الفلسفة بدرجة امتياز وهو يعادل ليسانس التخصص في اللغة الفرنسية، ثم إن المدعي أرسل في بعثة إلى الخارج وحصل على دبلوم تخصص في اللغة الفرنسية من باريس سنة 1940. وخلص المدعي من هذه المقارنة إلى أنه يفوق زميله نجيب ثقافة واستعداداً وقد أخذ هذا التفوق في الاعتبار عند ترقية المدعي إلى وظيفة مدرس أول التي سبق المدعي زميله نجيب فيها بمقدار (14) شهراً. وقال المدعي فيما يتعلق بالسيدة نجية محمد سراج أنها لم تمض في ممارسة وظيفة المدرسة الأولى سوى عشرة شهور في حين تشترط القواعد التي وضعتها الوزارة للتعيين في وظيفة مفتش ثانوي أن يمضي أربع سنوات على الأقل في وظيفة مدرس أول. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وفي الموضوع طلب الحكم بإلغاء قرار ترقية كل من زميليه (1) فهمي أحمد نجيب (2) السيدة نجية محمد سراج إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي، وبأحقيته هو، في الترقية إلى وظيفة مفتش ثانوي من تاريخ تخطيه وإلزام الوزارة المصروفات.
وفي 19 من مارس سنة 1954 قررت محكمة القضاء الإداري قبول السيدة نجية سراج خصماً ثالثاً في الدعوى، وفي 24 من مايو سنة 1954 قررت أيضاً قبول الأستاذ فهمي أحمد نجيب خصماً ثالثاً. وقدمت السيدة نجية مذكرة بدفاعها جاء فيها أن مجلس التأديب الابتدائي كان قد أصدر قراره ببراءة الأستاذ ربيع غيث المفتش بمكتب تفتيش اللغة الفرنسية بالوزارة، من التهم التي نسبت إليه وشارك فيها المدعي عندما رمى الأستاذ غيث بإساءة استعمال السلطة، وقد أيد قرار البراءة مجلس التأديب الاستئنافي. وقالت السيدة نجية في تفنيد دعوى المدعي أن مجلس التأديب كان قد سجل على المدعي أنه عصبي المزاج استناداً إلى أقوال الأستاذ عبد العزيز حلمي وإلى مفتش اللغة الفرنسية وأن المدعي كان قد رسب في الدبلوم الخاص بتجويد النطق باللغة الفرنسية، كما أن الأستاذ عبد الرحمن ناظر مدرسة حلوان الثانوية القديمة كان قد طلب نقل المدعي من المدرسة لأن نتيجة الفصل الذي كان يدرس له كانت أسوأ نتيجة بالمدرسة، كما سجل مجلس التأديب أيضاً أن ترشيح السيدة نجية محمد سراج قد تم بناء على موافقة عميد المفتشين الذي اختبرها بنفسه وأشركها معه في الامتحان الشفوي لدبلوم الدراسات العليا وبعد أن وردت له بشأنها تقارير تشهد بامتيازها - ومن ذلك كله يبين أن ما نسبه المدعي إلى الأستاذ ربيع غيث باقتراحه على عميد التفتيش اختيار السيدة نجية لا غبار عليه، وبالتالي تعين تبرئة ربيع من هذه التهمة، وقالت السيدة نجية أن مجلس التأديب الاستئنافي قرر في 30 من أكتوبر سنة 1954 تأييد قرار مجلس التأديب الابتدائي ولم يعد هناك مجال للتحامل على مكتب تفتيش اللغة الفرنسية بالوزارة. وعقدت السيدة المتدخلة خصماً ثالثاً مقارنة بين حالتها وبين حالة المدعي فقالت أنها درست بالأقسام الفرنسية في كل من المرحلتين الابتدائية والثانوية وحصلت على دبلوم مدرسة المعلمات بفرنسا وكان تقديرها مشرفاً. وقالت أن الدبلوم الذي يحمله المدعي من جامعة بواتييه ليس دبلوماً خاصاً بتدريس اللغة الفرنسية لأن جامعة باريس هي وحدها التي تمنح هذا الدبلوم، ودليل ذلك الشهادة الرسمية الصادرة من السفارة الفرنسية بالقاهرة في 26 من ديسمبر سنة 1953 - وذهبت السيدة نجية إلى القول بأنه بغض النظر عن كل ما تقدم فإن الوظيفة التي رقيت إليها هي وظيفة (مفتشة للغة الفرنسية في التعليم الثانوي للبنات) وليست الوظيفة في تعليم البنين، ولما كان القرار الصادر في يونيه سنة 1952 يستلزم فيمن يعين مفتشاً أن يكون قد أمضى على ممارسة وظيفة المدرس الأول أربع سنوات على الأقل، فإن هذا القرار ليس قراراً وزارياً، كما أنه ليس ملزماً وهو لا يعدو أن يكون قواعد توجيهية للاستئناس بها في تعليم البنين دون تعليم البنات. وقالت السيدة المتدخلة في الدعوى أنها عينت منذ عام 1946 مدرسة بمدرسة المعلمات الخاصة بالإسكندرية وهذه الوظيفة تعادل وظيفة مدرسة أولى بالتعليم الثانوي وفي مستواه، وخلصت السيدة نجية إلى طلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وقد دفعت وزارة التربية والتعليم الدعوى بمذكرة في 9 من مايو سنة 1953 جاء فيها أنه لا محل للمقارنة بين المدعي من جهة وبين السيدة نجية محمد سراج لأن الذي كان مطلوباً هو تعيين مفتشة سيدة لحاجة مدارس البنات إليها ولهذا ورد اسم السيدتين نجية سراج، وبوليني جرجس في كشف ترشيح مستقل لاختيار مفتشة بالتعليم الثانوي - أما عن الأستاذ فهمي أحمد نجيب فإنه حصل على ليسانس في التاريخ سنة 1932 وعلى ماجستير في التاريخ سنة 1947، وعلى دبلوم معهد الدراسات العليا للمعلمين، شعبة التربية سنة 1948 وكان قد دخل الخدمة في إبريل سنة 1933 وقام بتدريس اللغة الفرنسية لأول مرة سنة 1934 ثم عين مدرساً للغة الفرنسية سنة 1936 ثم عين مدرساً أول سنة 1948، وجاء تقديره الفني من المفتش العام للعامين الأخيرين (جيد جداً) ثم (جيد جداً). هذا، في حين أن المدعي أحمد حسن علي، حصل على ليسانس في الفلسفة سنة 1937 وأوفد في نفس العام إلى فرنسا في بعثة لمدة عامين للحصول على دبلوم في تدريس اللغة الفرنسية وحصل عليه سنة 1940 وكذلك نجح سنة 1945 في امتحان المسابقة للدراسات العليا للمعلمين شعبة الفلسفة. وقد دخل المدعي الخدمة سنة 1942 وعين مدرساً أول سنة 1947 وفي العامين الأخيرين كان تقديره الفني من حضرات المفتشين (جيد جداً) ثم (جيد جداً +). وقالت الوزارة أنه قد اشترط في الترقية لوظيفة مفتش قضاء ثلاث سنوات في وظيفة مدرس أول على الأقل مع مراعاة الأقدمية في الخدمة والدبلومات الشخصية. وقد توفر شرط الأقدمية في وظيفة مدرس أول للأستاذين أحمد حسن علي وفهمي أحمد نجيب. وقالت الوزارة أنه بالنسبة للأستاذ المدعي فإن مجرد دخوله الخدمة سنة 1942 كان كافياً لاستبعاده من كشف المرشحين، ولو مؤقتاً، ولبيان الأمر إيضاحاً تقول الوزارة أنه مع التقدير للجهود المشكورة التي يبذلها سيادته لينجح في عمله كمدرس أول من حسن إلى أحسن، فإن اللجنة المنعقدة برياسة العميد، وعضوية ثلاثة مفتشين عامين، واثنين من أقدم المفتشين أبدت بشأنه بعض التحفظات. إذ ترى اللجنة أن المفتش، وهو يشرف على عدد كبير من المدرسين يختلفون مزاجاً فإنه يجب أن يتوافر فيه الاتزان العاطفي والرزانة. ولهذا لم تجد الوزارة مبرراً لكي يتخطى المدعي زملاءه الأقدم منه الذين أيدت ترشيحهم.
وبجلسة 11 من إبريل سنة 1957 عدل المدعي طلباته بمذكرة جاء فيها أنه يطلب الحكم بإرجاع أقدميته في وظيفة مفتش للغة الفرنسية إلى التاريخ الذي صدر فيه القرار المطعون فيه، مع الآثار المترتبة على ذلك ما دام أنه قد رقي فعلاً إلى وظيفة مفتش وندب ليكون ناظراً على إحدى مؤسسات التعليم الفرنسية.
وبجلسة 16 من ديسمبر سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الإداري - هيئة الترقيات والتعيينات - "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وبرفض التظلم، وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها من حيث الشكل على أن المدعي قدم التظلم رقم 229 لسنة 1 ق إلى اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم طالباً إلغاء قرار وزير التربية والتعليم الصادر في 22 من سبتمبر سنة 1952 بالترقية إلى وظيفة مفتش للغة الفرنسية بالمدارس الثانوية فيما تضمنه من ترقية كل من فهمي نجيب والسيدة نجية محمد سراج المدرسين الأولين بالمدارس الثانوية وتخطى الطالب في الترقية إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي. وفي 18 من فبراير سنة 1953 قررت اللجنة القضائية عدم اختصاصها بالفصل في التظلم فطعن المدعي في هذا القرار وأودع عريضة الدعوى سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 14 من مارس سنة 1953 ومن ثم تكون الدعوى قد رفعت في الميعاد وتكون مقبولة شكلاً. أما عن قرار اللجنة القضائية بعدم اختصاصها تأسيساً على أن القرار المطعون فيه لا يتضمن سوى ترقية أدبية مما يخرج عن اختصاص اللجنة بحسب قانون إنشائها. وفي ذلك قالت المحكمة، بحق، إن التعيين في وظيفة أعلى في السلم الإداري إنما ينطوي بلا شك، على ترقية وإن لم يصاحبه نفع مادي، ومن ثم فقد كانت اللجنة مختصة بنظر التظلم على اعتبار أن القرار المطعون فيه يدخل في مدلول الترقية ولذلك تكون اللجنة أخطأت فهم القانون إذ قررت عدم اختصاصها، ولما كان هذا الاختصاص قد انتقل إلى محكمة القضاء الإداري بالتطبيق لأحكام القانون رقم 165 لسنة 1955 لأن المدعي من موظفي الفئة العالية فإنه يتعين الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه، وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى. أما من حيث موضوع الدعوى فقد أقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي يستند في دعواه إلى القرار الوزاري رقم (7896) الصادر في 13 من يونيه سنة 1948 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركة الترقيات والنقل والتعيين بوزارة المعارف. وباستعراض حالة كل من المدعي والمطعون في ترقيته يبين أن الأول عين مدرساً أول سنة 1947 وأن الثاني عين في نفس الوظيفة سنة 1948 ومن ثم يكون كل منهما قد استوفى شرط المدة؛ لأن القاعدة المقررة هي أنه يكفي قضاء ثلاث سنوات في وظيفة المدرسين الأوائل للغة الفرنسية لأن هذه الوظيفة لم تنشأ لهم إلا منذ ثلاث سنوات فقط. وقالت المحكمة أنهما قد تساويا أيضاً في درجة الكفاية لشغل وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي إذ حصل كل منهما على درجة (جيد جداً) ولا بد للمفاضلة بعد ذلك من الرجوع إلى العناصر الأخرى التي ترجح أحدهما على الآخر. وقد ظهر للمحكمة من الرجوع إلى مذكرة تفتيش اللغة الفرنسية أنه يشترط في الترقية لوظيفة مفتش قضاء ثلاث سنوات في وظيفة مدرس أول على الأقل مع مراعاة الأقدمية في الخدمة والدبلومات والشخصية، وجاء في ختام هذه المذكرة أن اللجنة المنعقدة برياسة العميد وعضوية ثلاثة من المفتشين العامين واثنين من أقدم المفتشين رأت اللجنة أن المفتش وهو يشرف على عدد كبير من المدرسين يختلفون مزاجاً يجب أن يتوفر فيه الاتزان العاطفي والرزانة وهذه الصفات لا تتوافر في المدعي، وجاء في أسباب الحكم أن مجلس التأديب الابتدائي والاستئنافي قد أقر وجهة النظر هذه بما أجراه من تحقيقات انتهت بعدم ثبوت إدانة المفتش العام للغة الفرنسية وهو الأستاذ ربيع غيث الذي كان هدفاً لطعن المدعي. وقال الحكم أيضاً أنه لا وجه لما يقول به المدعي من عدم جواز ترقية نجيب إلى وظيفة مفتش ثانوي بالتطبيق لنص المادة (47) فقرة ثانية من القانون رقم 210 لسنة 1951 لأن نجيباً كان مدرساً بالمدرسة الثانوية العسكرية ثم نقل إلى وزارة التربية والتعليم، لا وجه لهذا القول إذ أن هذا النص واجب التطبيق فيما يتعلق فقط بالترقيات المصحوبة بدرجات مالية. وقال الحكم أيضاً أنه لا وجه لمقارنة حالة المدعي بحالة السيدة نجية محمد سراج لأن اختيارها كان لوظيفة مفتش بالتعليم الثانوي للبنات وما كان يمكن أن يحل المدعي محلها، لأن مناط الاختيار لمثل هذه الوظيفة إنما يقوم على تقدير جهة الإدارة لمن تختاره لمثل هذه الوظيفة وما دام لم يثبت أن جهة الإدارة قد انحرفت في استعمال سلطتها في هذا الشأن ولم تسيء استعمالها، فإن الطعن الموجه من المدعي للقرار المطعون فيه يكون على غير أساس سليم من القانون ويتعين لذلك رفض دعوى المدعي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي تناول في مذكرة أعمال مكتب تفتيش اللغة الفرنسية والتحقيقات التي أجريت مع القائمين بأعمال هذا المكتب وقد اتضح منها أنهم قد انحرفوا في تصرفاتهم وأن الوقائع التي تضمنها تقريرهم عن المدعي غير صحيحة. وخلص الطعن إلى أن الأستاذ ربيع غيث لم يكن أميناً كل الأمانة في عرض حالة الأستاذ أحمد حسن إذ أنه في مذكرته قد أغفل ذكر أحد الدبلومات العالية التي يحملها الأستاذ أحمد حسن ولما ووجه بهذه الحقيقة قرر أن الدبلوم المشار إليه ليس في اللغة الفرنسية ولذا فإنه لم يهتم به كثيراً وبالنظر إلى الوقائع التي تضمنتها مذكرة التحقيقات بشأن تصرف الأستاذ ربيع يكون القرار المطعون فيه مشوباً. وطلب تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية، واعتبار أقدمية المدعي في وظيفة مفتش راجعة إلى 22 من سبتمبر سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه في 22 من سبتمبر سنة 1952 صدر القرار الإداري رقم 28 متضمناً في البند رقم 44 منه نقل السيدة نجية محمد سراج المدرسة الأولى بالعباسية الثانوية إلى وظيفة مفتشة بمنطقة القاهرة الشمالية، وتضمن البند رقم 45 من القرار المذكور نقل الأستاذ فهمي أحمد نجيب المدرس الأول بالثانوية العسكرية إلى وظيفة مفتش بمنطقة بني سويف ويشرف على منطقة المنيا. فطعن المدعي في هذا القرار لتخطيه في النقل إلى هذه الوظيفة وطلب الحكم بإلغاء هذا القرار لمخالفته لأحكام قواعد الترقيات التي كانت قائمة وقتذاك ولأن القرار قد انطوى على إساءة استعمال سلطة من جانب المفتش العام بمكتب تفتيش اللغة الفرنسية بالوزارة. ثم بادر المدعي إلى تعديل طالباته بعد إذ رقي إلى الوظيفة المذكورة واقتصر على طلب الحكم بإرجاع أقدميته فيها إلى تاريخ صدور القرار الإداري المطعون فيه.
ومن حيث إنه ولئن كان التعيين في وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي لا يصحبه منح درجة مالية إلا أنه يعتبر بمثابة ترقية حقيقية لأن هذه الوظيفة، كما هو واضح من القرار الوزاري رقم 7896 الصادر من وزارة التربية والتعليم في 13 من يونيه سنة 1948 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركات الترقية والنقل والتعيين، أرقى في مدارج السلم الإداري من وظيفة مدرس أول. وقد جاء النص صريحاً على أن المفتش في التعليم الثانوي يختار من بين عدة فئات منهم وكلاء المدارس الثانوية الذين يختارون بدورهم من فئات يجرى بينهم المدرسون الأوائل، كما أن القرار الوزاري الصادر في 29 من يونيه سنة 1947 جعل وظيفة المفتشة معادلة لوظيفة مساعد المراقب الذي يمنح الدرجة الثالثة عند انقضاء المدة القانونية المقررة للترقية. وعلى مقتضى ذلك يكون النقل من وظيفة مدرس أول إلى وظيفة مفتش معتبراً بمثابة الترقية في مدارج السلم الإداري مما يجعلها خاضعة لرقابة القضاء الإداري، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من إلغاء قرار اللجنة القضائية القاضي بعدم اختصاصها بالنظر في القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه خلافاً لما جاءت به صحيفة الدعوى، فإن الإدارة العامة للتعليم الثانوي بوزارة التربية والتعليم قد أفادت بكتابها المؤرخ 5 من مارس سنة 1955 بأنه لا يوجد بمكتب التفتيش الفرنسي قواعد للترقيات والتنقلات عن سنوات 1947، 1948، 1952 واقتصرت الإدارة على تقديم القرار الوزاري العام رقم 7896 الصادر في 13 من يونيه سنة 1948 بشأن القواعد التي تتبع في إجراء حركات الترقيات والتنقلات والتعيينات بوزارة التربية والتعليم. وبالاطلاع على أحكام هذا القرار التنظيمي العام يبين أن المادة الثالثة منه تنص على أن: "الترقية إلى وظيفة أعلى طبقة عن الوظيفة التي يشغلها الموظف تكون على أساس الكفاية مع مراعاة المؤهلات العلمية والأقدمية ويميز في الترقية لوظائف المفتشين والمدرسين الأوائل ومدرسي مدارس المعلمين الابتدائية ومدرسي التعليم الثانوي وما في مستواه، من لهم إنتاج علمي قيم، وكذلك الناجحون في امتحانات معهد الدراسات العليا للمعلمين، وتقدير كفاية الموظف بالرجوع إلى ملفه والاطلاع على تقارير رؤسائه عنه في السنتين الأخيرتين للوقوف على مدى استعداده العلمي والإداري ونشاطه وإخلاصه للعمل وقدرته على التصرف وعلاقته برؤسائه ومرءوسيه وسلوكه العام ويجب أن يشفع اقتراح الترشيح للترقية بخلاصة تقارير الرؤساء بما فيهم النظار والمفتشين بالنسبة لموظفي المدارس" وجاء في المادة الثامنة من القرار: "الاختيار للوظائف المبينة في المادة السابعة - ومنها مفتشو التعليم الثانوي - يكون في الأصل من الفئات المبينة فيما يلي ويجوز اختيارهم من غير هذه الفئات في حالات خاصة: (1) نظار المدارس الثانوية (2) ومفتشو التعليم الثانوي يختارون من الفئات الآتية: ( أ ) مدرسو المعاهد العالية: (ب) وكلاء المدارس الثانوية: (جـ) المدرسون الأوائل بمدارس المعلمين الابتدائية، (د) مفتشو المواد العامة الخاصة للتعليم الابتدائي: (هـ) المدرسون الأوائل في الامتياز البارز بالتعليم الثانوي" وفي 18 من يونيه سنة 1950 أصدرت الإدارة العامة للتعليم الثانوي طائفة من القواعد المنظمة للترشيح لبعض الوظائف - ومنها ما يتعلق باختيار المفتشين بالتعليم الثانوي - وجاء في البند الأول منها ما يلي: "أولاً: مفتش بالثانوي: وينتخب من (1) وكلاء المدارس الثانوية بشرط أن يكون قد قضى في وظيفته عامين وأن يكون ممتازاً في تقديراته في هاتين السنتين وأن يكون ذا شخصية قوية وألا تتجاوز سنة تخرجه عام 1932. (2) المدرسون الأوائل بشرط أن يكون قد قضى في وظيفته أربع سنوات ولا تقل تقديراته عن ممتاز في كل من السنتين الأخيرتين وأن يكون ذا شخصية قوية وألا تتجاوز سنة تخرجه عام 1936. ويكتفي بثلاث سنوات في وظيفة المدرسين الأوائل للغة الفرنسية لأن هذه الوظيفة لم تنشأ لهم إلا منذ ثلاث سنوات". وفي 4 من أغسطس عام 1952 اقترحت الإدارة العامة للتعليم الثانوي أن تتبع القواعد الآتية للترشيح للوظائف الآتية: "أولاً.... ثانياً - مفتشو التعليم الثانوي وينتخبون من (1) نظار المدارس الثانوية (2) وكلاء المدارس الثانوية بشرط أن لا تتجاوز سنة تخرجه عام 1933.. (3) المدرسون الأوائل بشرط أن يكون المرشح قد قضى أربع سنوات في وظيفته ولا تقل تقديراته عن جيد جداً في السنتين الأخيرتين وأن يكون ذا شخصية قوية وألا تتجاوز سنة تخرجه عام 1933". وجاء في ختام هذه الاقتراحات باب خاص بالتعليمات العامة وقد تضمنت القواعد الآتية: (1) إذا كان المرشح لأية وظيفة من الوظائف السابق الإشارة إليها، لديه مؤهل علمي ممتاز في مادته أو ناجحاً في الدراسات العليا، أو له إنتاج علمي بارز فيعطى أقدمية اعتبارية مدتها سنتان (3) في تقديرات المدرسين والمدرسين الأوائل تراعى تقديرات ناظر المدرسة والتفتيش الفني في المدة المحددة. (4) وفي إعداد كشوف الترشيحات يتبع ما يأتي: - (1) يرجع إلى أقدمية التخرج مع البدء بأقدم سنة ويرشح منها من تنطبق عليه الشروط المتقدمة ثم ينتقل إلى السنة التي بعدها، وهكذا إلى السنة التي لا يسمح تجاوزها. وفي 16 من أغسطس سنة 1954 صدر القرار الوزاري رقم 12245 مؤكداً تلك القواعد المقترحة التي يتم على مقتضاها الترشيح لوظائف مفتشي التعليم الثانوي. وهذا القرار الأخير، وإن كان قد صدر بعد الحركة التي يطعن فيها المدعي إلا أن ما نص عليه من قواعد وأحكام ليست إلا ترديداً لما جرى وكان يجري عليه العمل بالفعل في السنوات السابقة لتاريخ صدور القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه يبين من أوراق الدعوى أن عميد مفتشي اللغة الفرنسية قد أعد مذكرة في 17 من أغسطس سنة 1954 عن حالة المدعي جاء فيها أنه حاصل على بكالوريا دار العلوم ثم ليسانس الفلسفة سنة 1937 ثم شهادة فرنسية من بواتييه سنة 1940 ثم دراسات عليا سنة 1945 وأنه دخل الخدمة في 8 من أكتوبر سنة 1942 ثم عين مدرساً أول سنة 1947. وقال العميد الأجنبي، أن حركة الترقيات إلى وظيفة مفتش اللغة الفرنسية قد وصلت إلى من اشتغلوا بالتدريس حتى سنة 1929 فقط، والمدعي لم يشتغل بالتدريس إلا سنة 1942 وقال إنه ليس للمدعي امتياز يبرر تخطيه لمن هم أقدم منه في الاشتغال بالتدريس، لا من ناحية المادة، ولا من ناحية شخصيته. أما من حيث المادة فإنه حاصل على بكالوريا دار العلوم وليسانس الفلسفة من جامعة القاهرة وأنه رسب عدة مرات في دبلوم تدريس اللغة الفرنسية من باريس. كما رسب في دبلوم تجويد النطق باللغة الفرنسية. ولما فصل من البعثة، تقدم لجامعة بواتييه بفرنسا وحصل على شهادة تمنح للأجانب وهي بلا شك أقل مرتبة من دبلوم اللغة الفرنسية الذي يمنح من باريس. وأما من ناحية شخصيته فقد أجمع السادة المفتشون الذين قاموا بالتفتيش عليه أنه عصبي المزاج وينقصه الاتزان اللازم لوظيفة المفتش. وأما إن المدعي قد رقي إلى وظيفة مدرس أول سنة 1947 فيقول عميد تفتيش اللغة الفرنسية إنه "ليؤسفنا أن نقرر أن ذلك جاء خطأ بناء على المعلومات التي أدلى بها المدعي في أوراق رسمية إذ ذكر في الكشوف التي ترسلها المدارس لمكتب التفتيش أنه حاصل على دبلوم المعلمين من باريس سنة 1940 وقال إنه اشتغل بالتدريس منذ سنة 1940. واتضح للوزارة فيما بعد، أنه لم يحصل على دبلوم المعلمين من باريس بل من بواتييه، كما أنه لم يشتغل بالتدريس إلا سنة 1942، وليس سنة 1940 كما ذكر في بياناته. وهاتان المسألتان هما موضوع تحقيق يجرى الآن (سنة 1954) بالإدارة العامة للتحقيقات". وانتهى العميد في تقريره إلى أن مجلس التأديب الابتدائي الذي شكل لمحاكمة الأستاذ ربيع غيث المفتش العام للغة الفرنسية بناء على الشكاوى التي قدمها المدعي. هذا المجلس ذاته قد قرر عدم أحقية الأستاذ أحمد حسن علي للترقية إلى وظيفة مفتش.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه كان محلاً لبعض المآخذ التي وجهت من رؤسائه إلى عمله، من ذلك الجزاء بلفت نظره في 15 من يناير سنة 1949 وكان المدعي يشغل وظيفة مدرس أول للغة الفرنسية بمدرسة سمنود الثانوية - وجاء في كتاب تبليغ الجزاء إليه: "نظراً لتغيبكم عن المدرسة لأسباب بعضها مرضي، وبعضها عرضي، وتعمدكم ذلك رغبة في النقل إلى القاهرة مما دعا إلى سوء حال اللغة الفرنسية بالفرق التي تدرسون بها، وهي الفرق العالية مما ألجأ المدرسة إلى تغيير الجدول وسحب الفرق النهائية منكم وإبدالها بفصول السنة الثانية حتى لا يضار تلاميذ الفرق العالية. ولما كان هذا التصرف من جانبكم يتنافى والمهمة الأساسية الموكولة إليكم باعتباركم مدرساً أول، ومن واجبكم الإشراف على تدريس اللغة الفرنسية بالمدرسة والتدريس للفرق العالية بها. لهذا قررت الوزارة الاكتفاء هذه المرة بلفت نظركم على عدم العودة إلى مثل ذلك مستقبلاً. التوقيع مراقب المنطقة أحمد حسن إسماعيل".
ومن حيث إنه على ضوء ما تقدم يبين أن اختيار الأستاذ نجيب لوظيفة مفتش بالتعليم الثانوي في قرار 22 من سبتمبر سنة 1952 قد قام على من ثلاث سنوات في وظيفة مدرس أول وأن كلاً منهما قد حصل على درجة جيد جداً في العامين الأخيرين ولكن شرط الأقدمية في الخدمة قد توافر للمطعون في ترقيته دون أن يتوافر للمدعي الذي يؤكد ملف خدمته أنه لم يشتغل بالتدريس إلا من سنة 1942. وقد أجريت حركة الترقيات إلى وظائف المفتشين بالتعليم الثانوي إلى من اشتغلوا بالتدريس حتى سنة 1939 فيما عدا اختيار مفتشة لتعلم البنات. وتأسيساً على ذلك يكون القرار المطعون فيه قد جاء سليماً متفقاً مع أحكام وقواعد القرارات التنظيمية التي كانت قائمة سارية المفعول يوم صدور القرار كما سلم القرار من عيب إساءة استعمال السلطة الذي لم يوفق المدعي في إقامة الدليل عليه وليس في ملفات الخدمة ولا في أوراق التحقيقات المقدمة ما ينم عليه، خاصة وقد صدر قرار مجلس التأديب الابتدائي بجلسة 18 من مارس سنة 1954 ببراءة الأستاذ ربيع عبد الرحمن غيث المفتش العام للغة الفرنسية من جميع التهم المنسوبة إليه، وكانت أغلبها موجهة إليه من المدعي بشأن التحامل عليه وتعمده العمل على تخطيه في الترقية إلى وظيفة مفتش بالتعليم الثانوي. وقد طعن السيد وزير التربية والتعليم في قرار مجلس التأديب الابتدائي، فانعقد مجلس التأديب الاستئنافي برئاسة وكيل وزارة الشئون الاجتماعية المساعد الأستاذ حسين أصفهاني وعضوية السادة الأستاذ محمد سلامة المحامي العام والأستاذ تاج الدين يس مستشار الرأي بمجلس الدولة وأصدر المجلس قراره في 30 من أكتوبر سنة 1954 متضمناً ما يأتي: أحيل الأستاذ ربيع إلى مجلس التأديب لمحاكمته على التهم الواردة بقرار الإحالة رقم 11137 الصادر في 23 من فبراير سنة 1953 والمعدل بالقرار رقم 11306 الصادر في 23 من يونيه سنة 1953. وقد أصدر مجلس التأديب الابتدائي قراره بجلسة 18 من مارس سنة 1954 برفض الدفوع الشكلية المقدمة في القضية التأديبية وبراءة الأستاذ ربيع غيث المفتش العام للغة الفرنسية من التهم المنسوبة إليه. واستأنف السيد الوزير قرار مجلس التأديب الابتدائي في 14 من إبريل سنة 1954 وأصدر المجلس الاستئنافي قراره: من حيث إن قرار مجلس التأديب الابتدائي في محله لأسبابه التي يأخذ بها هذا المجلس ويرى فيها الرد الكافي على ما جاء بأسباب استئناف الوزارة قرر المجلس قبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المستأنف والذي قضى ببراءة السيد ربيع.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه، والطعن فيه لا يقوم على سند سليم من القانون ويتعين القضاء برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 84 لسنة 37 ق جلسة 6 / 1 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 8 ص 40

جلسة 6 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد سميح طلعت، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

---------------

(8)
الطعن رقم 84 لسنة 37 القضائية

(1) نقض. "ميعاد الطعن". قانون. "الأثر الرجعي".
ميعاد الطعن بالنقض ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه. القانون 4 لسنة 1967 سريانه ابتداء من تاريخ نشر القانون 43 لسنة 1965.
(2) عمل. "انتهاء عقد العمل". محكمة الموضوع. "سلطتها في مسائل الواقع".
تقدير المبرر لفصل العامل. مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع.
(3) حكم. "حجية الحكم". "ما لا يحوز الحجية". نيابة عامة.
قرار النيابة بالحفظ لا يكتسب حجية أمام القاضي المدني. علة ذلك.
(4) حكم. "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع. دعوى. "الدفاع في الدعوى".
عدم التزام محكمة الموضوع بلفت نظر الخصم إلى مقتضيات دفاعه. حسبها أن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله.
(5) حكم. "القصور. ما لا يعد كذلك". دعوى. "الدفاع في الدعوى".
إغفال الحكم التحدث عن دفاع لا دليل عليه. لا قصور.

----------------
1 - عدلت المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1967 الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 وقررت بأن ميعاد الطعن بالنقض يبقى 60 يوماً، وأشارت المادة الثالثة منه بأن يعمل بهذه المادة من تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965 المشار إليه وهو 22 من يوليه سنة 1965، ومؤدى ذلك هو أن العودة إلى النصوص الخاصة بالإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها أمام محكمة النقض قبل إنشاء دوائر فحص الطعون بالقانون رقم 401 لسنة 1955 لا تمتد إلى نص المادة 428 من قانون المرافعات السابق قبل تعديله بالقانونين رقمي 57 لسنة 1959، 100 لسنة 1962 فيبقى ميعاد الطعن بالنقض وهو ستون يوماً سارياً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه (1).
3 - قرار حفظ النيابة - أياً كان سببه أو مضمونه - لا يكتسب أية حجية أمام القاضي المدني لأن القرارات الصادرة من سلطة التحقيق لا تفصل في موضوع الدعوى بالبراءة أو الإدانة وإنما تفصل في توافر الظروف أو عدم توافر الظروف لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 788 لسنة 1963 كلي عمال القاهرة طالباً إلزام المطعون ضدها بأن تدفع له مبلغ 23836 جنيهاً قائلاً في بيان دعواه إنه كان يعمل صرافاً بخزينة البنك التابع للمطعون ضدها بكفر الشيخ واستمر إلى أن تقرر إيقافه عن العمل في 17/ 9/ 1962 بسبب اكتشاف عجز في عهدته مقداره 494 ج، ثم أعقب ذلك أن أنهت المطعون ضدها خدمته في 18/ 10/ 1962 قبل أن تنتهي النيابة من تحقيقها، وإذ كان هذا الفصل تعسفياً فقد رفع دعواه مطالباً بالتعويض وبباقي حقوقه القانونية التي قدرها بالمبلغ سالف الذكر بجلسة 4/ 6/ 1966 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدعوى، فاستأنف هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 955 لسنة 83 ق أمام محكمة استئناف القاهرة التي قضت في 29 ديسمبر سنة 1966 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم، وقدمت المطعون ضدها مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الدفع ورفض الطعن، وبالجلسة المحددة صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها.
وحيث إن المطعون ضدها تستند في دفعها إلى أن المادة 3/ 2 من القانون رقم 43 لسنة 1965 بشأن السلطة القضائية عادت بإجراءات الطعن بالنقض إلى القواعد التي كان معمولاً بها أصلاً في قانون المرافعات السابق ومن بينها المادة 428 منه التي حددت ميعاد الطعن بالنقض بثلاثين يوماً وأن ميعاد الطعن يبدأ من تاريخ صدور الحكم طبقاً للمادة 379 من ذات القانون المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962، وإذ صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 29 ديسمبر سنة 1966 ولم يقرر بالطعن فيه إلا في 12 فبراير سنة 1967، فإنه يكون مرفوعاً بعد الميعاد.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1967 قد عدلت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 وقررت بأن ميعاد الطعن بالنقض يبقى 60 يوماً وأشارت المادة الثالثة منه بأن يعمل بهذه المادة من تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965 المشار إليه وهو 22 من يوليه سنة 1965 فإن مؤدى ذلك هو أن العودة إلى النصوص الخاصة بالإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها أمام محكمة النقض قبل إنشاء دوائر فحص الطعون بالقانون رقم 401 لسنة 1955 لا تمتد إلى نص المادة 428 من قانون المرافعات السابق قبل تعديله بالقانونين رقمي 57 لسنة 1959، 100 لسنة 1962 فيبقى ميعاد الطعن بالنقض وهو ستون يوماً سارياً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، وإذ صدر الحكم في 29/ 12/ 1966 وكان الطاعن قد قرر بالطعن بالنقض في 12/ 2/ 1967 أي قبل ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم، فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد مما يتعين معه رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن يقوم على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تفسيره، ذلك أنه أقام قضاءه على أن ما وقع من الطاعن يعد إخلالاً بالتزاماته الجوهرية التي فرضها عليه قانون العمل، وأن هذا الإخلال يستوجب الفصل، هذا في حين أن إخلال العامل بأي التزام جوهري يشترط فيه ركن العمد، وإذ كان الواقع أن النيابة العامة انتهت من تحقيقها في محضر الجناية رقم 1803 لسنة 1962 بندر كفر الشيخ إلى انتفاء ركن العمد عن الاختلاس المنسوب إلى الطاعن، وأن الأمر لا يعدوا أن يكون خطأ مادياً غير مقصود يحصل عادة في أثناء العد عند التسليم والتسلم، وقد جرى العرف على التسامح فيه، فإن تكييف الحكم المطعون فيه لهذا الخطأ بأنه إخلال بالتزام جوهري ينطوي على خطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن الفصل ليس مستنداً إلى نتيجة تصرف النيابة في الاتهام المنسوب إلى الطاعن وإنما استند إلى إخلال الطاعن بالتزاماته الجوهرية الناشئة عن العقد، فقال أنه لا شك في أن اتهام المدعي الطاعن باختلاس مبلغ من الخزانة وقيامه بسداد العجز فور اكتشافه وثبوت خطئه وإهماله حتى بقرار لاحق من سلطة التحقيق كل ذلك يعتبر سبباً قوياً لإثارة المخاوف في نفس المدعى عليها ويكون لها فسخ العقد ويكون لهذا الفسخ ما يبرره بصرف النظر عما سيتم من تصرف من السلطة المختصة في شأن الاتهام، وقد أيد الحكم المطعون فيه هذا الحكم للأسباب التي بني عليها وأضاف "أن المستأنف عليه - المطعون ضده - كان على حق في فصل المستأنف من عمله لإخلاله بالتزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل وأن الجزاء بالفصل كان جزاء مناسباً لظهور العجز في الخزينة، بل ملائماً دون زيادة لأن الثقة غير قابلة للتجزئة، فإذا ما فقد المستأنف عليه الثقة في المستأنف كصراف فإنه يفقدها في أية وظيفة أخرى" ولما كان تقدير قيام المبرر لفصل العامل ونفي تعسف رب العمل في استعمال حق الفصل هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مسألة موضوعية يستقل بتقديرها قاضي الموضوع، وكانت تقريرات الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي في هذا الخصوص سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى نفي وصف التعسف عن قرار الفصل، وكان قرار حفظ النيابة أياً كان سببه أو مضمونه لا يكتسب أية حجية أمام القاضي المدني، لأن القرارات الصادرة من سلطة التحقيق لا تفصل في موضوع الدعوى بالبراءة أو الإدانة وإنما تفصل في توافر أو عدم توافر الظروف لإحالتها إلى المحكمة للفصل في موضوعها. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب لعدم رده على دفاع جوهري، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إنه أثار أمام محكمة الاستئناف وجود عرف جرى في البنوك على التجاوز عن خطأ الصيارفة الذي يقع بحسن نية، وإن البنوك تقوم بصرف مبلغ إضافي علاوة على المرتب يسمى عجز خزينة، وهو تسليم منها بأن مثل هذا العجز، لا ينطوي على إخلال جسيم بالتزام جوهري طالما سدد الصراف قيمة العجز، واستند إلى ما تضمنته اللائحة المالية لوزارة الخزانة في هذا الخصوص، كما استند إلى حكم المادة 63 من اللائحة الداخلية للمؤسسة التي تنص على أنه في حالة الخطأ أو الإهمال الذي يتسبب عنه ضياع حق للبنك يكون الجزاء بالخصم ثلاثة أيام، فإذا تكرر يكون الخصم خمسة أيام وإذا تكرر يجوز الفصل مع المكافأة، وانتهى الطاعن إلى أن المطعون ضدها خالفت العرف واللائحة المالية المشار إليها عندما أوقعت جزاء الفصل لدى اكتشاف أول عجز ظهر في أثناء خدمته، وأنها بذلك تكون قد تعسفت في فصله، غير أن المحكمة أغفلت الرد على هذا الدفاع مع ما له من أثر في الفصل في الدعوى فجاء حكمها معيباً لقصوره في التسبيب.
حيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الأوراق قد خلت من أن الطاعن قدم لمحكمة الموضوع الدليل على ما أثاره من وجود عرف جرى بالتجاوز عن العجز لدى الصيارفة في البنوك ومن وجود نص في لائحة المؤسسة المطعون ضدها يقضي في حالة الخطأ أو الإهمال الذي يتسبب عنه ضياع حق من حقوق البنك لأول مرة بمجازاة الموظف بالخصم من راتبه ثلاثة أيام، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع وحسبها أن أقامت قضاءها وفقاً للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفي لحمله حسبما جاء في الرد على السبب الأول. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل التحدث عن دفاع لم يقدم الطاعن المستندات التي استدل بها عليه، فإنه لا يكون قد شابه قصور في التسبيب.


(1) نقض 28/ 4/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 948.
(2) نقض 10/ 11/ 1970 مجموعة المكتب الفني س 21 ص 1130.

الطعن 637 لسنة 6 ق جلسة 29 / 10 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 5 ص 25

جلسة 29 من أكتوبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل وحسني جورجي غبريال المستشارين.

----------------

(5)

القضية رقم 637 لسنة 6 القضائية

عامل - فصله 

- لجنة شئون العمال - صدور قرار بفصل العامل دون عرض الأمر على لجنة شئون العمال قبل الفصل - لا يؤثر في القرار ما دامت هذه اللجنة رأت الفصل اعتباراً من التاريخ الذي كان فيه وأيد وكيل الوزارة ذلك.

---------------
إنه لا يغير من الأمر شيئاً كون الوزارة فيه لم تعرض أمر فصل العامل على لجنة شئون العمال إلا بعد فصله من الخدمة، ما دامت هذه اللجنة رأت الفصل اعتباراً من التاريخ الذي كان قد فصل فيه فعلاً، وأيد وكيل الوزارة ذلك.


إجراءات الطعن

في أول فبراير سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير التربية والتعليم سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 627 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1959 في الدعوى رقم 1180 لسنة 6 القضائية المقامة من حسن محمد خلف الله ضد وزارة التربية والتعليم، والقاضي "باستمرار صرف مرتب المدعي ابتداء من مرتب شهر سبتمبر سنة 1959 حتى يفصل نهائياً في موضوع دعواه وإعادة الدعوى إلى التحضير لتهيئتها من ناحية الموضوع" وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن "إحالة هذا الطعن إلى دائرة فحص الطعون لتقضي بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات والأتعاب". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده (المدعي) وعرض على دائرة فحص الطعون بجلسة 19 من يونيه سنة 1960، وفيها قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة 2 من يوليه سنة 1960 وفي هذه الجلسة حكمت المحكمة بإجماع الآراء بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة أول أكتوبر سنة 1960. وقد نظر الطعن أمام هذه المحكمة في الجلسة المذكورة وبعد سماع أقوال الطرفين قررت إصدار الحكم بجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إنه سبق الحكم بقبول الطعن شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده (المدعي) أقام الدعوى رقم 1180 لسنة 6 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم طلب فيها الحكم "أولاً- بإلغاء قرار فصل المدعي من خدمة الوزارة بتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1958 وما يترتب على ذلك من آثار، ثانياً - بصرف مرتب المدعي بصفة مستعجلة اعتباراً من تاريخ فصله وما يترتب على ذلك من آثار، ثالثاً - إلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه كان يعمل بوزارة التربية والتعليم في وظيفة سائق سيارة وكان طوال مدة عمله مثال الجد والنشاط ثم قامت الوزارة بدون سبب أو مبرر قانوني بل وبدون تحقيق بفصله من الخدمة اعتباراً من 19 من أكتوبر سنة 1958، وقد تظلم من هذا الفصل التعسفي في الموعد القانوني، وعرض تظلمه على السيد مفوض الدولة بالوزارة فرأى أن قرار الفصل صدر باطلاً لعدم عرضه على لجنة شئون العمال بالوزارة. وقد ردت الوزارة على الدعوى بمذكرة مؤرخة 22 من سبتمبر سنة 1959 ذكرت بها أن فصل المدعي جاء تطبيقاً للائحة جزاءات العمال الصادرة بالقرار الوزاري رقم 289 بتاريخ 28 من سبتمبر سنة 1955 وقد تطلبت هذه اللائحة لصحة قرار فصل العامل أن يعرض طلب الفصل بتقرير واف على اللجنة الفنية لشئون العمال لإبداء رأيها ثم يكون القرار النهائي لوكيل الوزارة بعد استئناسه برأي هذه اللجنة، وقد عرض قرار فصل المدعي على اللجنة الفنية المختصة في 15 من يوليه سنة 1959 فوافقت عليه اعتباراً من 19 من أكتوبر سنة 1958 وهو التاريخ الذي صدر فيه قرار الفصل ثم أيد الفصل السيد وكيل الوزارة في 12 من أغسطس سنة 1959. وأضافت الوزارة أنها أجرت تحقيقاً شفوياً مع المدعي في المسائل التي نسبت إليه وتقرر من أجلها فصله من الخدمة وهي وقائع - على حد تعبير الوزارة في مذكرتها - حساسة، استغل فيها المدعي صفته كسائق لسيارة السيد الوزير وأن هذا التحقيق الشفوي يقوم مقام التحقيق الكتابي طبقاً للقانون رقم 73 لسنة 1957 المعدل لقانون نظام موظفي الدولة. وانتهت الوزارة إلى طلب رفض دعوى المدعي بشقيها ثم قدمت الوزارة مذكرة تكميلية مؤرخة 15 من نوفمبر سنة 1959 ذكرت بها أن الوقائع التي نسبت إلى المدعي وفصل من أجلها تتلخص في أنه أوهم إحدى الفتيات بأنه أمير سعودي وله رصيد في بنك مصر يبلغ خمسة وثلاثين ألف جنيه ورصيد في بنك سوريا يبلغ اثنين وعشرين ألف ليرة وأنفق على هذه الفتاة مبالغ طائلة بلغت في شهر واحد ثلاثمائة جنيه واستطاع أن يغريها بالهرب من أسرتها وأن يتزوجها ولم تعلم بحقيقة أمره إلا يوم الزواج، وأضافت الوزارة أن المدعي استغل صفته كسائق لسيارة السيد الوزير المركزي في التغرير بهذه الفتاة، إذ أوهمها أنه مالك السيارة، واستطردت الوزارة قائلة أن المدعي كان دائم التغرير بالفتيات وقد ضبطت لديه صور لفتيات كثيرات أهديت له مع عبارات غرامية كما أوهم الكثيرين من أصحاب الحاجات أنه من المباحث العسكرية المرافقين للسيد الوزير وقد عثر في جيبه على عدة توصيات وأن هذه الوقائع ثابتة في مذكرة مكتب الأمن العام المؤرخة 23 من سبتمبر سنة 1958 بناء على التحريات الإدارية التي قام بها هذا المكتب، وجاء في تلك المذكرة أنه صار استجواب المدعي وكذلك الفتاة التي غرر بها ووالديها كما أجري تفتيش المدعي فوجد معه صور بعض الفتيات وتوصيات أصحاب الحاجات وأن المكتب قد سحب منه رخصة السلاح والمسدس والطلقات التي كان يحملها. وأضافت الوزارة أن التكييف القانوني الصحيح للقرار الصادر في 19 من أكتوبر سنة 1958 بفصل المدعي هو أنه ليس قرار فصل وإنما هو قرار إيقاف لصالح التحقيق ثم صدر فيما بعد قرار بفصله اعتباراً من تاريخ وقفه في 19 من أكتوبر سنة 1958.
وبجلسة 3 من ديسمبر سنة 1959 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها المطعون فيه وهو يقضي باستمرار صرف مرتب المدعي ابتداء من مرتب شهر سبتمبر سنة 1959 حتى يفصل نهائياً في موضوع دعواه وإعادة الدعوى إلى التحضير لتهيئتها من ناحية الموضوع. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الطلب المستعجل بصرف المرتب يقوم على ركنين - أولهما: حالة الاستعجال، والثاني: خاص بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية. وأنه فيما يتعلق بالركن الأول فإن الثابت من إقرار المدعي في الكشف الرسمي لممتلكاته أنه لا يمتلك شيئاً، كما يبين من باقي الأوراق أنه ليس له مورد رزق غير مرتبه؛ ومن ثم فيكون ركن الاستعجال ثابتاً وأما بالنسبة للركن الثاني فإنه يبين من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه استند إلى إجراءات وتحقيقات لم تراع فيها الأصول التي فرضها القرار رقم 289 الصادر في 29 من يونيه سنة 1955 بلائحة جزاءات العمال وبذلك يكون قرار الفصل قد صدر مخالفاً للقانون وبالتالي تكون صفة الجدية قد توافرت في الطلب دون المساس بأصل الموضوع.
وقد طعنت الوزارة في هذا الحكم مستندة إلى ذات الأسباب التي أبدتها أمام المحكمة الإدارية، وقالت إن فصل المدعي تم بناء على تحريات مكتب الأمن بوزارة التربية والتعليم وقد اشتملت هذه التحريات على سماع أقوال ودفاع المدعي والمجني عليهم، وأنه ولئن كان القرار الصادر في 19 من أكتوبر سنة 1958 قد وصف بأنه قرار فصل إلا أن هذا القرار هو في حقيقته قرار بإيقاف المدعي عن عمله لصالح التحقيق الذي كان يجريه معه مكتب الأمن، ثم عرض الأمر على لجنة شئون العمال فوافقت في 15 من يوليه سنة 1959 على فصل المدعي اعتباراً من 19 من أكتوبر سنة 1958 وأيد السيد وكيل الوزارة الفصل في 12 من أغسطس سنة 1959.
ومن حيث إن المدعي كان بخدمة وزارة التربية والتعليم ويعمل سائقاً لسيارة السيد الوزير المركزي. وفي 23 من سبتمبر سنة 1958 قدمت مذكرة سرية بتوقيع رئيس مكتب الأمن بالوزارة ومدير مكتب الوزير للشئون العامة جاء بها أنه في 20 من سبتمبر سنة 1958 وصل إلى علم مكتب الأمن أن المدعي غرر بفتاة وتزوجها بعد أن أوهمها أنه أمير سعودي وأن السيارة التي يقودها مملوكة له، وبسؤاله قرر أنه لا يوجد تفاهم بينه وبين زوجته ومنذ سنتين تعرف على هذه الفتاة وحدث أنه أساء أهلها معاملتها فقابلته وصممت على الزواج منه فاضطر إلى تحقيق رغبتها إنقاذاً لها من أهلها وأنه قابل والدتها بعد الزواج فوافقت على قيام الزوجية وأفهمها أنه موظف بوزارة التربية والتعليم ولم ينتحل أية صفة أخرى وأنه لم يستعمل السيارة في هذا الموضوع إطلاقاً، وجاء في المذكرة أنه تبين أن الفتاة المذكورة تبلغ من العمر سبعة عشر عاماً وكانت طالبة بالمدارس الثانوية وفصلت لرسوبها في السنة الأولى مرتين وسبق لمراقبة التربية الرياضية للبنات أن طلبت إبعادها عن الاشتراك في النشاط الرياضي والاجتماعي بالمعسكرات والرحلات لسوء تصرفاتها، وبأخذ أقوالها أجابت شفهاً أنها في الساعة الثامنة من مساء يوم 23 من أغسطس سنة 1958 خرجت من منزلها للذهاب إلى إحدى دور السينما فلاحظت أن السيارة رقم 16576 تعترض طريقها ويحاول قائدها أن يتصل بها ثم ركبت الأومنيبوس فتبعها ودخلت السينما فدخل هو أيضاً ولما خرجت تبعها حتى عرف عنوانها وفي اليومين التاليين كان يحضر أمام منزلها صباحاً ومساء وكانت تطل عليه من الشرفة (البلكون)، وفي يوم 26 من أغسطس سنة 1958 حضر إليها وبقى هو في السيارة وأرسل إليها شخصاً عرفت اسمه فيما بعد وشهد على عقد الزواج وصعد هذا الشخص إلى منزلها وألقى ورقة من تحت باب الشقة ذكر فيها أنه جمال فيصل من عائلة آل سعود وأنه مقيم بلوكاندة هليوبوليس بصفة سرية ويرغب في رؤيتها وأعطاها رقم تليفون شخص تستطيع أن تتصل بالمدعي عن طريقه. وفي يوم 29 من أغسطس سنة 1958 ذهبت إلى السينما مع أخوتها وفي فترة الاستراحة قابلته فأكد لها أنه يريد الزواج منها وأنه يمتلك 35 ألف جنيه في بنك مصر، 22 ألف ليرة في بنك سوريا ومستعد لتأثيث فيلا لها فطلبت منه أن يتصل بأهلها فأفهمها بأن هذا الاتصال سيكون بعد الزواج الذي لا بد أن يتم سراً، وفي اليوم التالي قابلته وأمضت معه بعض الوقت وأفهمها أنه سيسافر إلى سوريا بالطائرة على أن يعود بعد يوم أو يومين، وفي أول يونيه سنة 1958 قابلها وأفهمها أنه عدل عن السفر ليتمكن من الزواج منها وأضافت الفتاة أنها في 2 من سبتمبر سنة 1958 تسللت صباحاً من منزل أهلها وقابلت المدعي وظلت معه إلى يوم 5 من سبتمبر سنة 1958 حيث عقد عليها، وقد قرر في العقد أن اسمه حسن محمد خلف الله وأنه موظف بوزارة التربية والتعليم ومقيم بحدائق الزيتون، ومن ذلك عرفت حقيقة اسمه ووظيفته فسألته في ذلك فأجابها بأنه من رجال المباحث العسكرية وأنه يصحب وزير التربية والتعليم وأن عمله سري جداً وأن هذا هو سبب عدم إظهار شخصيته وأن ماهيته ثلاثون جنيهاً في الشهر وله عمارات في الزيتون. وقد استمرت معه وذكرت أيضاً أن المدعي يحتفظ بمسدس وعنده مدفع رشاش يحضره إلى المنزل في بعض الأحيان وقال لها أنه سوف يقتل أي شخص يتعرض لزواجهما حتى ولو كان والداها أو والدتها وأنها لاحظت أنه كان يدخن سجائر بالحشيش ويشاركه في ذلك بعض إخوانه وكان هو الذي يدفع الحساب في جميع السهرات التي كان يقضيها معها ومعهما بعض أصدقائه كما وقد دفع ثمن الأثاث الذي اشتراه وأجرة الفندق وغيرها وقد بلغت قيمة ذلك ثلاثمائة جنيه. وأضافت أنه لم يدخل بها خلال الفترة السابقة - وجاء بالمذكرة أيضاً أن والدها ووالدتها وأخواتها سئلوا جميعاً شفهاً فقرروا أنهم لا يعلمون شيئاً عن الموضوع وإنما سمعوا منها قبل هربها من المنزل أنها ستتزوج من أمير سعودي، ولم تذكر لهم شيئاً أكثر من ذلك وقررت والدتها أنها قابلت ابنتها مع المدعي ذات مرة في الطريق وكانا يركبان السيارة رقم 16576 فركبت معهما. وفهمت من المدعي أنه تزوج ابنتها وأنه موظف بوزارة التربية والتعليم فطلبت إليه أن يعيد الأمور إلى وضعها الصحيح وذلك بمقابلة والدها منعاً للفضيحة. وجاء في المذكرة أن المدعي ووجه بهذه الوقائع فأنكرها وقال إنه يعرف هذه الفتاة من مدة طويلة وهي التي صممت على الزواج منه، كذلك جاء في مذكرة مكتب الأمن أنه وجد مع المدعي صور لبعض الفتيات قال أنهن قريباته في حين أنه مدون خلف كل منها عبارة من عبارات الإهداء التي لا تصدر عن القريبات، كما وجدت معه مجموعة من الخطابات الغرامية بإمضاء الفتاة المشار إليها آنفاً وموجهة إلى شخص يدعى "أحمد" وقد قالت عنها أن هذه الخطابات كانت قد أرسلتها إلى خطيبها السابق ثم سحبتها منه وأخذها المدعي. وقد وجد معه كذلك بعض خطابات من هذه الفتاة إلى المدعي موجهة إليه باسم جمال وموقعة عليها منها باسم (جيهان) - وقد ورد في هذه المذكرة أيضاً أن مكتب الأمن وجد مع المدعي توصيات ليقوم بإنهائها خاصة بإعادة الكشف الطبي على شخص معين وقبول إحدى التلميذات بمدرسة الزيتون الإعدادية وتعيين مدرسة بالوجه البحري ونقل مدرس من مدرسة إلى أخرى بالإسكندرية ونقل مدرس آخر من البلينا إلى القاهرة وبتعيين شخص في وظيفة ساع أو فراش وبعض طلبات أخرى مشابهة وجاء في المذكرة أن المدعي طلق الفتاة المذكورة في 21 من سبتمبر سنة 1958 أي بعد زواجه منها بستة عشر يوماً وأنه صار سحب المسدسين اللذين كانا في حيازته وأنه حجز بالسجن الحربي في 21 من سبتمبر سنة 1958، واختتمت مذكرة الأمن بأن المكتب جاري البحث عن مصدر الأموال التي صرفها المدعي في هذه الفترة القصيرة.
ومن حيث إنه بناء على مذكرة مكتب الأمن المتقدمة رأى السيد الوزير فصل المدعي من الخدمة كما هو واضح من الخطاب المرسل من مدير مكتب الوزير للشئون العامة رقم 9013 بتاريخ 14 من أكتوبر سنة 1958 إلى السيد وكيل الوزارة المساعد، وقد أحال وكيل الوزارة المساعد هذا الخطاب إلى مراقب المستخدمين للتنفيذ فأصدر المراقب القرار رقم 501 بتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1958 بفصل المدعي من الخدمة بسبب التصرفات التي بدرت منه، ثم عرض الأمر فيما بعد على لجنة شئون العمال فرأت في 15 من يوليه سنة 1959 فصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 19 من أكتوبر سنة 1958 وهو تاريخ صدور قرار فصله وقد أيد وكيل الوزارة هذا الفصل في 12 من أغسطس سنة 1959.
ومن حيث إنه لا يغير من الأمر شيئاً كون الوزارة لم تعرض الأمر على لجنة شئون العمال إلا بعد فصل المدعي من الخدمة، ما دامت هذه اللجنة رأت الفصل اعتباراً من التاريخ الذي كان المدعي قد فصل فيه فعلاً، وأيد وكيل الوزارة ذلك.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه، إذ ذهب إلى أن المستفاد من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه قد صدر مخالفاً للقانون، قد جانب الصواب إذ أن المستفاد من ظاهر الأوراق عكس ذلك وهذا كله بدون المساس بأصل الموضوع.
ومن حيث إنه لذلك يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب المدعي استمرار صرف مرتبه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب استمرار صرف مرتب المدعي وألزمته بمصروفات هذا الطلب.

الطعن 587 لسنة 6 ق جلسة 29 / 10 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 4 ص 20

جلسة 29 من أكتوبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي - نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل - المستشارين.

----------------

(4)

القضية رقم 587 لسنة 6 القضائية

قرار إداري 

- قرار الخصم من المرتب - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - القرار الصادر بالخصم من مرتب الموظف لدين عليه - ليس من القرارات الإدارية القابلة للإلغاء أو وقف التنفيذ - اعتبار الدعوى في شأنه منازعة في راتب تندرج تحت الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 بتنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة اختصاصه بنظرها على هذا الاعتبار - أساس ذلك.

--------------
إن اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات منصوص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 55 لسنة 1959 الخاص بتنظيم مجلس الدولة - وهو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات ولجميع ما يتفرع منها، وبهذه المثابة تنظر المحكمة ما يكون قد صدر بشأن تلك المرتبات من قرارات أو إجراءات وذلك باعتبارها من العناصر المتفرعة عن المنازعات الأصلية في حدود اختصاصها الكامل بالنسبة إليها؛ ومن ثم فإذا استقطعت الإدارة جزءاً من راتب الموظف استيفاء لدين عليه فإن هذا الاستقطاع هو في ذاته مثار المنازعة في راتبه تختص المحكمة بنظرها بمقتضى اختصاصها الكامل - ولا يكون القرار الصادر بالخصم من المرتب من القرارات الإدارية القابلة للإلغاء والتي يجوز وقف تنفيذها طبقاً للمادة 21 من القانون سالف الذكر والتي نصت على أنه "لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه...." - ومؤدى هذا أنه لا يجوز اتخاذ طريق وقف تنفيذ القرار إلا حيث يوجد قرار متخذ بشأنه دعوى بإلغائه.


إجراءات الطعن

في يوم 26 من يناير سنة 1960 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2 من ديسمبر سنة 1959 في القضية رقم 1216 لسنة 13 القضائية المرفوعة من السيد/ حسين عطية مصطفى ضد وزارة الداخلية، والقاضي "بوقف تنفيذ القرار الصادر من المدعى عليها القاضي باستقطاع ربع مرتب المدعي شهرياً وفاء لمبلغ 157.500 جنيه وإلزام المدعى عليها مصاريف الطلب. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب الواردة في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بعدم أحقية المدعى عليها في الخصم من راتب المدعي واستحقاق المدعي لرد ما خصم من راتبه وفاء لمبلغ 157.500 جنيه وإلزام المدعى عليها المصروفات - وقد أعلن الطعن للحكومة في 26 من مارس سنة 1960 وللمدعي في 10 من إبريل سنة 1960 وعين لنظره جلسة أول مايو سنة 1960 أمام هيئة فحص الطعون ثم أحيل للمرافعة أمام المحكمة العليا لجلسة أول أكتوبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات وأرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه سبق الحكم بقبول الطعن شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 11 من أغسطس سنة 1959 طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزير الداخلية باستقطاع ربع مرتبه شهرياً وفاء لمبلغ 157.500 جنيه قيمة نصف التعويض المحكوم به ضد الوزارة بالتضامن مع القائمقام مصطفى حافظ رجب مأمور مركز أبو حمص سابقاً. وفي الموضوع بإلغاء القرار سالف الذكر وكافة الآثار المترتبة عليه واعتباره كأن لم يكن مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال شرحاً لذلك أنه في يناير سنة 52 تمكن من ضبط السيارة رقم 939 نقل بحيرة كانت تحمل مواشي سرقت بدائرة مركز أبو حمص وكان المدعي وقتئذ ضابطاً لنقطة كوم القناطر التابعة للمركز المذكور وحرر محضراً بضبطها أثبت فيه أن السيارة وجدت بحالة جيدة ولكنه تعذر عليه تسليمها في المركز بسبب تفريغ إطاراتها وهطول الأمطار فسلمها في مكان ضبطها لمأمور المركز وأقام عليها حراسة مسلحة وقد تحرر عن الحادث محضر الجنحة رقم 310 لسنة 1952 أبو حمص حكم فيها استئنافياً ببراءة صاحب السيارة المدعو بخيت رمضان الذي رفع دعوى مستعجلة لإثبات حالة السيارة قيدت برقم 69 لسنة 1952 دمنهور، وقدر الخبير الذي ندبته المحكمة مبلغ 210 جنيه للمصروفات والإتلاف ثم رفع صاحب السيارة الدعوى رقم 34 كلي دمنهور ضد وزارة الداخلية والقائمقام مصطفى حافظ رجب بصفته مأمور مركز أبو حمص مطالباً بتعويض قدره 500 ج وقد حكم فيها بإلزامهما بدفع مبلغ 300 جنيه والمصروفات المناسبة و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. ولما استؤنف هذا الحكم قضت محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 22 من ديسمبر سنة 1955 في الاستئناف رقم 8 لسنة 11 ق بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنفين بصفتهما بأن يدفعا للمستأنف عليه مبلغ 300 جنيه والمصروفات المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وعقب صدور هذا الحكم شكلت الوزارة مجلس تحقيق لتحديد المسئولية عن التعويض المحكوم به ضدها واستدعى المدعي أمام هذا المجلس وأبدى دفاعه ولكن المجلس أصدر قراره في 8 من مارس سنة 1959 باعتباره مسئولاً بالاشتراك مع القائمقام مصطفى حافظ رجب عن التعويض المحكوم به مناصفة بينهما. وأعلن بهذا القرار في 18 من مارس سنة 1959 فتظلم منه في 13 من مايو سنة 1959 ولكن الوزارة لم تستجب لتظلمه - وينعى على هذا القرار أنه صدر من سلطة لا تملكه أصلاً، وهي مجلس التحقيق، فضلاً عن مخالفته للقانون وتعديه على حكم نهائي صادر من جهة قضائية في حدود اختصاصها القضائي في دعوى التعويض التي رفعت ضد الوزارة والقائمقام مصطفى حافظ رجب ولم يختصم فيها المدعي للحكم عليه بما عساه أن يحكم ضدهما وصدر الحكم بالتعويض على هذين الأخيرين وحدهما فلا يصح لمجلس التحقيق بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على صدور هذا الحكم النهائي ويدعي لنفسه السلطة في أن يصدر حكماً تتوزع به المسئولية عن التعويض المحكوم به، بين القائمقام مصطفى حافظ وبين المدعي الذي لم توجه إليه أية مطالبة؛ والثابت من الحكم الابتدائي والاستئناف الصادر في دعوى التعويض أن المحكمة أقامت قضاءها بالتعويض على ما أثبته في محضر البوليس من أن السيارة كانت في حالة جيدة وقت تسليمها للمأمور وأنه أقام عليها حراسة مسلحة وأن ما فقد من أدواتها وما تلف من أجزائها كان بسبب إهمال الرجال الذين كانوا يتبعون المأمور في حراستها.
ويضاف إلى ذلك أن المادة 173 فقرة أولى من القانون المدني تنص على أنه "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر والشخص المسئول عنه". وقد مضت أكثر من سبع سنوات على واقعة ضبط السيارة وأكثر من ست سنوات على ثبوت الأضرار التي لحقت بها وأكثر من ثلاث سنوات على صدور الحكم الاستئنافي. وخلص المدعي من ذلك إلى أن القرار المطعون فيه قد صدر باطلاً بطلاناً مطلقاً بل إنه يعد في حكم المعدوم. وانتهى إلى طلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذه وذلك لأن استقطاع ربع مرتبه من شأنه أن يلحق به ضرراً بليغاً يؤثر في معاشه ومعاش أسرته الكبيرة العدد - وطلب في الموضوع الحكم بإلغائه - وبجلسة 2 من ديسمبر سنة 1959 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار الصادر من الوزارة المدعى عليها القاضي باستقطاع ربع مرتب المدعي شهرياً وفاء لمبلغ 157.500 جنيه وألزمت الوزارة بمصروفات هذا الطلب. وأقامت قضاءها على أنه ليس ثمة شك في أن قرار الوزارة المدعى عليها بخصم مبلغ التعويض المحكوم به عليها من راتب المدعي هو قرار إداري وأن طلب المدعي وقف تنفيذ هذا القرار يحدوه الاستعجال لما يبدو من أن راتب المدعي هو مورد رزقه الوحيد، كما أن الطلب ظاهر الجدية لأن الحكم إنما صدر ضد الوزارة ومأمور المركز وفات الوزارة إدخال المدعي في الدعوى وأن مجلس التحقيق عمد إزاء فقد محضر ضبط السيارة إلى سماع الشهود من جديد بعد أن مضى على الحادث سبع سنوات وأصدر قراره بتقرير مسئولية المدعي.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن التكييف السليم لهذه الدعوى هو أنها من دعاوى المنازعة في الراتب لا من دعاوى الإلغاء وكان يتعين على المدعي أن يطلب الحكم بعدم أحقية الحكومة في الخصم من راتبه واسترداد ما خصم منه لهذا السبب، فإذا أساء فهم الوسيلة ولم يوجه دعواه على الأساس السليم فإن ذلك لا يمنع المحكمة إذا استشفت حقيقة مقصده، من أن تصدر حكمها في الدعوى على أساس أنها من دعاوى التسوية التي لا محل للحكم فيها بوقف التنفيذ، إذ الواضح أن الخصم الذي أوقعته الوزارة على راتب المدعي في غير محله لا يعتبر قراراً إدارياً يجوز إيقاف تنفيذه، فضلاً عن أن المسئولية عن تلف السيارة وعطلها قد حددها حكم القضاء وقد ألقاها على الوزارة والمأمور ولم يحكم فيها على المدعي، وتبينت المحكمة أن المحضر الذي حرر على أثر ضبط السيارة قد فقد وقامت الوزارة بسؤال الشهود بعد مضي حوالي سبع سنوات من وقوع الحادث مما يتعذر معه الأخذ بهذا التحقيق، ولذلك يتعين الأخذ بما أثبته الحكم تحديداً للمسئولية ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون فيما انتهى إليه ويتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بعدم أحقية الوزارة في الخصم من راتب المدعي واستحقاق المدعي لرد ما خصم من راتبه وبإلزام الوزارة بالمصروفات.
ومن حيث إن اختصاص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بالمرتبات منصوص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 55 لسنة 1959 الخاص بتنظيم مجلس الدولة - وهو اختصاص مطلق شامل لأصل تلك المنازعات ولجميع ما يتفرع منها. وبهذه المثابة تنظر المحكمة ما يكون قد صدر بشأن تلك المرتبات من قرارات أو إجراءات وذلك باعتبارها من العناصر المتفرعة عن المنازعات الأصلية في حدود اختصاصها الكامل بالنسبة إليها؛ ومن ثم فإذا استقطعت الإدارة جزءاً من راتب الموظف استيفاء لدين عليه فإن هذا الاستقطاع هو في ذاته مثار المنازعة في راتبه تختص المحكمة بنظرها بمقتضى اختصاصها الكامل - ولا يكون القرار الصادر بالخصم من المرتب من القرارات الإدارية القابلة للإلغاء والتي يجوز وقف تنفيذها طبقاً للمادة 21 من القانون سالف الذكر، والتي نصت على أنه "لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه...." ومؤدى هذا أنه لا يجوز اتخاذ طريق وقف تنفيذ القرار إلا حيث يوجد قرار متخذ بشأنه دعوى بإلغائه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بوقف منطوق القرار الصادر بالخصم من راتب المدعي استيفاء لما ينشأ في ذمته بسبب يتعلق بأداء وظيفته، يكون قد خالف القانون ويتعين والحالة هذه إلغاؤه ورفض طلب وقف التنفيذ.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف التنفيذ، وألزمت المدعي بمصروفات هذا الطلب.

الطعن 47 لسنة 28 ق ، 16 لسنة 29 ق جلسة 4 /6 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 رجال قضاء ق 99 ص 678

جلسة 4 من يونيه سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين أحمد فتح الله، وإبراهيم حسن علام.

----------------

(99)
الطلب رقم 47 لسنة 28 ق و16 سنة 29 ق "رجال القضاء"

(أ) ترقية. أهلية.
أهلية الترقي إذ لم يعرفها القانون فإن للجهة المختصة أن تضع قواعد تلتزم بها بين القضاة جميعاً بما يتفق مع القانون.
(ب) تفتيش قضائي. "لائحة التفتيش القضائي".
إيراد بيان في تقرير التفتيش عن صدوره بإجماع الآراء غير واجب.
(ج) تفتيش قضائي. أهلية. "تقدير درجة الأهلية".
عدم وجوب التفتيش على القضاة قبل إعداد الحركة القضائية في كل سنة. إغفال ذلك لا يمنع من أن يكون ما في ملف القاضي من تقارير وبيانات وأوراق كافياً لتقدير درجة أهليته بالمقارنة مع زملائه.
(د) ترقية. مجلس القضاء الأعلى.
عرض جميع حالات رجال القضاء عند إجراء الحركة القضائية غير واجب.
(هـ) ترقية. "طلبات إلغاء القرارات الجمهورية بالحركة القضائية بما تضمنته من تخطي".
الطلب الثاني. اعتباره مكملاً أو منبت الصلة بالطلب الأول. مناط ذلك.
(و) ترقية. اختصاص. مجلس القضاء الأعلى. "قراراته" الحركة القضائية لسنة 1959".
اختصاص مجلس القضاء الأعلى بنظر تظلمات رجال القضاء من تخطيهم في الترقية. قراره في ذلك نهائي غير قابل للطعن فيه بأي طريق. القرار الصادر بالحركة القضائية سنة 1959 مستنداً إلى المادة 23 من قانون إصدار قانون السلطة القضائية - كقرار مجلس القضاء الأعلى -. لا سبيل للطعن عليه أمام أية جهة قضائية.

----------------
1 - إنه وإن لم يورد قانون استقلال القضاء رقم 188 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 221 لسنة 1955 الذي صدر القرار المطعون فيه في ظله تعريفاً لدرجة الأهلية التي تتخذ أساساً للترقية إلى درجة وكيل محكمة، إلا أن للجهات المختصة وهي بسبيل إجراء الحركات القضائية أن تضع قواعد تلتزمها عند تقدير الأهلية على أن يكون التزامها بها مطلقاً بين القضاة جميعاً.
2 - لا وجه لما ينعى به الطالب من وجوب أن يذكر في التقرير أنه صدر بإجماع الآراء إذ لم ينص في القانون أو لائحة التفتيش الصادرة في 17/ 4/ 1952 على وجوب ذلك.
3 - إنه وإن كانت المادة السادسة من لائحة التفتيش المشار إليها تنص على أن ينتقل المفتشون مرة على الأقل كل سنة لفحص عمل القاضي إلا أنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - ليس ما يمنع في حالة عدم تحقق ذلك أن يكون ما جاء به بملف القاضي من تقارير وبيانات وأوراق كافية لتقدير درجة أهليته تقديراً يطمأن إليه ويمكن مقارنة أهليته بأهلية زملائه التاليين له في الأقدمية (1).
4 - المادة 21 من قانون استقلال القضاء لم توجب عرض جميع حالات رجال القضاء على مجلس القضاء عند إجراء الحركة وبالتالي - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لم تضع جزاءاً على إغفال هذا العرض.
5 - إنه وإن جاز أن يعتبر الطلب الثاني من طلبات رجال القضاء الذي يرفعه الطالب لتخطيه في الترقية مكملاً للطلب الأول إلا أن ذلك لا يكون إلا في الحالات التي ترى فيها المحكمة أن الطلب الأول مقبول وأن تخطي الطالب فيه كان بغير حق حتى يلحق الطالب بطلبه الثاني زملاءه الذين تخطوه بالقرار موضوع الطعن بالطلب الأول. أما حيث يكون الطلب الأول مرفوضاً فإن الطلب الثاني يكون متعلقاً بتخطي الطالب في الترقية بزملاء يختلفون عن زملائه الذين تخطوه بموجب القرار المطعون فيه بالطلب الأول وبالتالي فإن الطلب الثاني يكون - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - منبت الصلة بالطلب الأول ويخضع على استقلال للقانون الذي يحكم موضوعه.
6 - لما كان القانون رقم 56 لسنة 1959 قد نظم في المواد 87 إلى 89 طريقة تظلم رجال القضاء الذين حل دورهم في الترقية ولم يشملهم مشروع الحركة القضائية وعقد الاختصاص بنظر هذه التظلمات لمجلس القضاء الأعلى وجعل قراره فيها نهائياً غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن أو أمام أية جهة قضائية، وكانت المادة 23 من مواد إصدار القانون رقم 56 لسنة 1959 المشار إليه وقد نصت على استثناء من الأحكام الواردة في هذا القانون وخلال ثلاثة أيام من تاريخ العمل به يكون التعيين في وظائف القضاء والنيابة والترقية والنقل والندب مما هو من اختصاص مجلس القضاء الأعلى بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير العدل، وكان القرار الجمهوري المطعون فيه بالطلب الثاني قد صدر في 22/ 2/ 1959 في الحدود المبينة بهذا النص، فإن هذا القرار يكون محصناً من الطعن فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية لأنه يعتبر بمثابة ما يصدر في هذا الشأن من قرارات يختص بها مجلس القضاء الأعلى ولا يجوز الطعن فيها على النحو السالف بيانه (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 13 من أكتوبر سنة 1958 طعن الطالب في القرار الجمهوري رقم 1124/ 1959 الصادر بتاريخ 15 سبتمبر سنة 1958 والمنشور في الجريدة الرسمية في 25 سبتمبر سنة 1958 طالباً الحكم بإلغائه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة وكيل محكمة ابتدائية أو ما يعادلها وبأحقيته في الترقية إلى هذه الدرجة اعتباراً من تاريخ القرار المطعون فيه على أن تكون أقدميته سابقة على الأستاذ رشاد ماجد وكيل المحكمة ومن يلونه ممن رقوا في ذلك القرار، وقيد الطلب بجدول المحكمة برقم 47 سنة 28 ق طلبات رجال القضاء. وأثناء نظر هذا الطلب صدر قرار جمهوري آخر في 23 فبراير سنة 1959 بترقية عدد من زملائه ممن كانوا يلونه في الأقدمية إلى درجة رؤساء محاكم فتقدم الطالب في 24/ 3/ 1959 بطلب إلغاء هذا القرار أيضاً فيما تضمنه من تخطيته في الترقية إلى درجة رئيس محكمة أو ما يعادلها وأحقيته لهذه الدرجة اعتباراً من تاريخ القرار المطعون فيه على أن تكون أقدميته قبل السيد رئيس المحكمة منير لطف لله ومن يلونه ممن رقوا في ذلك القرار، وقيد هذا الطلب برقم 16 سنة 29/ ق طلبات رجال القضاء. وينعى الطالب على القرارين الخطأ في القانون وسوء استعمال السلطة لتخطيه في الترقية فيهما رغم أنه لا يقل في الأهلية عن زملائه الذين رقوا وكانوا يلونه في الأقدمية ولأن تقديره بدرجة متوسط بالتقرير الذي أودعته إدارة التفتيش في سنة 1958 قد بني على مقدمات لا تؤدي إليه، هذا فضلاً عن أن هذا التقرير أودع ملفه السري قبل إخطاره بالملاحظات فشابه البطلان، كما أنه لم يذكر بهذا التقرير أن تقدير الطالب بدرجة متوسط قد تم بالإجماع، هذا إلى أن إدارة التفتيش قد أخطأت إذ لم تجر التفتيش على عمله منذ سنة 1953 حتى ظهور الحركة في سبتمبر سنة 1958 إلا مرة واحدة بينما قامت بالتفتيش على بعض زملائه أكثر من مرة في السنة الواحدة، على أن الوزارة من ناحية أخرى خالفت المادة 21 من المرسوم بقانون رقم 188 سنة 1952 بشأن استقلال القضاء المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 1955 إذ لم تعرض حالته على مجلس القضاء الأعلى واقتصرت الوزارة على عرض أسماء من رأت أن أهليتهم ترشحهم للترقية، وقد ناله من ذلك ضرر محقق إذ لو أن الوزارة أعملت القانون بأن أدرجت اسمه بالكشف الذي عرض على مجلس القضاء لنال الترقية أسوة بزملائه الذين يلونه في الأقدمية ولا يفضلونه في الأهلية. وردت وزارة العدل على الطلب الأول بأن الطالب لم يبلغ درجة الأهلية التي بلغها زملاؤه الذين رقوا إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها بالقرار المطعون فيه بهذا الطلب وأودعت البيانات المستخرجة من الملفات السرية لزملاء الطالب المشار إليهم، وردت على الطلب الثاني بأنه خاص بالحركة القضائية الصادرة في فبراير سنة 1959 فلا يجوز الطعن في القرارات الصادرة بها وأبدت النيابة العامة الرأي في الطلب الأول بمذكرة ضمنتها البيانات عن زملاء الطالب الذين تخطوه في الترقية بالقرار المطعون فيه لهذا الطلب وانتهت إلى رفضه وبدأت الرأي في الطلب الثاني بعدم جواز نظره لأنه عن الحركة القضائية الصادرة في فبراير سنة 1959 التي لا يجوز الطعن في القرارات الصادرة بها وصدر قرار بضم الطلبين.
وحيث إن الطلب الأول رقم 47 سنة 28 ق رجال القضاء استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على الملف السري للطالب وما احتواه من تقارير وأوراق أن التفتيش القضائي قدر أهليته في التقرير المؤرخ 9/ 5/ 1953 بدرجة "أقل من المتوسط" ثم فتش على عمله في المدة من أول يناير حتى آخر مارس سنة 1957 وقدره بدرجة متوسط وأودع هذا التقرير في 16/ 3/ 1958 ولما اعترض الطالب على هذا التقرير في 24/ 5/ 1958 قررت إدارة التفتيش في 3/ 8/ 1958 رفض الاعتراض ثم أودع ملف خدمته تقرير تفتيش في 14/ 12/ 1958 عن عمله في المدة من أول يناير حتى آخر فبراير سنة 1958 وقد رأت اللجنة أنه لم يستكمل عناصر التقدير بموجب هذا التقرير فأضافت المدة من 15 مايو سنة 1958 إلى 15 يونيه سنة 1958 للتفتيش عن عمله فيها فتبين للمفتش القضائي الذي ندب لذلك أن عمله خلال هذه المدة لا يصلح لتقدير أهليته، فرأت اللجنة ضم أعمال الطالب في شهر ديسمبر سنة 1958 لمدة التفتيش وانتهت اللجنة في تقريرها المؤرخ 18/ 5/ 1959 إلى تقدير عمله بدرجة "متوسط"، ويبين من مراجعة هذه التقارير أن النتائج التي انتهت إليها وتقديرات الكفاية المترتبة عليها تستقيم مع مقدماتها الواردة بها. ولما كانت كفاية الطالب وقت صدور القرار الجمهوري رقم 1124 سنة 1958 في 15/ 9/ 1958 لم تزد عن درجة المتوسط بينما الثابت من البيانات المستخرجة من واقع السجلات السرية لزملاء الطالب الذين تخطوه في الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها بالقرار الجمهوري المشار إليه أن حالة كل منهم كانت وقتئذ قد استقرت في درجة فوق المتوسط بتقريرين متتاليين فيما عدا أربعة زملاء حصل كل منهم على تقرير واحد قدرت فيه كفايته بدرجة فوق المتوسط. لما كان ذلك وكان قانون استقلال القضاء رقم 188 سنة 1952 المعدل بالقانون رقم 221 سنة 1955 والذي صدر القرار المطعون فيه في ظله وإن لم يورد تعريفاً لدرجة الأهلية التي تتخذ أساساً للترقية إلى درجة وكيل محكمة إلا أن للجهات المختصة وهي بسبيل إجراء الحركات القضائية أن تضع قواعد تلتزمها عند تقدير الأهلية على أن يكون التزامها بها مطلقاً بين القضاة جميعاً، وإذ وضع مجلس القضاء الأعلى معياراً مقتضاه أنه لا يجوز أن يرشح للترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها إلا من يكون حاصلاً على تقريرين متواليين استقرت حالته بهما في درجة فوق المتوسط وأجاز مجلس القضاء بصدد بعض الحركات القضائية الاكتفاء بتقرير واحد بدرجة فوق المتوسط للترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها بشرط التزام هذا المعيار في هذه الحركة بالنسبة لجميع القضاة، فإن مؤدى ذلك هو أن الطالب لم يكن قد بلغ الأهلية اللازمة للترقية إلى درجة وكيل محكمة في الحركة القضائية التي صدر بها القرار المطعون فيه. ولا محل لما ينعاه الطالب على تقرير التفتيش المودع في 16/ 3/ 1958 من أنه أودع قبل فحص اعتراضاته على الملاحظات التي وجهت إليه ما دام الثابت من الملف السري للطالب أن اللجنة قد عادت إلى الانعقاد وفحصت اعتراضاته وانتهت إلى أنها لا تزال عند رأيها الأول من تقدير كفاية الطالب بدرجة "متوسط". هذا ولا وجه لما ينعى به الطالب من وجوب أن يذكر في التقرير بأنه صدر بإجماع الآراء إذ لم ينص في القانون أو لائحة التفتيش الصادرة في 17/ 4/ 1952 على وجوب ذلك. أما في خصوص ما ينعاه الطالب من عدم التفتيش عليه من سنة 1953 حتى 1958 فمردود بأنه وإن كانت المادة السادسة من لائحة التفتيش المشار إليها تنص على أن ينتقل المفتشون مرة على الأقل كل سنة لفحص عمل القاضي إلا أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس ما يمنع في حالة عدم تحقق ذلك أن يكون ما جاء بملف القاضي من تقارير وبيانات وأوراق كافية لتقدير درجة أهليته تقديراً يطمأن إليه ويمكن معه مقارنة أهليته بأهلية زملائه التاليين له في الأقدمية. ولما كان الثابت أنه أودع ملف الطاعن تقرير عن عمله قبل وضع الحركة القضائية موضوع هذا الطلب عن المدة من أول يناير سنة 1957 حتى آخر مارس سنة 1957 قدر فيها بدرجة "متوسط" ولم تتمكن الوزارة - على ما سلف البيان - من وضع تقرير آخر له عن مدة لاحقة لهذا التفتيش وسابقة لإجراء الحركة إذ لم تجد في عمل الطالب ما يقدر به تقديراً بجعله في مستوى زملائه الذين يلونه في الأقدمية ورقوا فعلاً. لما كان ذلك فإنه لا جدوى من النعي على الوزارة إذ هي لم تجر التفتيش على عمله فترة من الزمن ما دام أنه كان مودعاً بملفه وقت الحركة تقرير كان يكفي لترقيته لو أن كفايته فيه كانت مقدرة بدرجة "فوق المتوسط" أسوة بزملائه الذين رقوا في هذه الحركة لحصولهم على تقرير واحد بهذه الدرجة. هذا وما ينعى به الطالب من أن الوزارة خالفت المادة 21 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 1955 بمقولة إن هذه المادة توجب عرض جميع حالات القضاة الذين يصيبهم الدور للترقي على مجلس القضاء الأعلى بما في ذلك من ترى تخطيهم في الترقية - فمردود بأن المادة 21 من قانون استقلال القضاء لم توجب عرض جميع حالات رجال القضاء على مجلس القضاء عند إجراء الحركة وبالتالي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لم تضع جزاءاً على إغفال هذا العرض. لما كان ما تقدم فإن تخطي الطالب في الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يعادلها بموجب القرار المطعون فيه لا يعد مخالفة للقانون ولا تعسفاً في استعمال السلطة.
وحيث إنه عن الطلب الثاني رقم 16 سنة 29 ق رجال قضاء فإنه وإن جاز أن يعتبر مكملاً للطلب الأول إلا أن ذلك لا يكون إلا في الحالات التي ترى فيها المحكمة أن الطلب الأول مقبول وأن تخطي الطالب فيه كان بغير حق حتى يلحق الطالب بطلبه الثاني زملاءه الذين تخطوه بالقرار موضوع الطعن بالطلب الأول. أما حيث يكون الطلب الأول مرفوضاً كما هو الحال بالنسبة للطالب - على ما سلف بيانه - فإن الطلب الثاني يكون متعلقاً بتخطي الطالب في الترقية بزملاء يختلفون عن زملائه الذين تخطوه بموجب القرار المطعون فيه بالطلب الأول وبالتالي فإن الطلب الثاني يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - منبت الصلة بالطلب الأول ويخضع على استقلال للقانون الذي يحكم موضوعه. ولما كان القانون رقم 56 لسنة 1959 الذي يحكم الطلب الثاني قد نظم في المواد من 87 إلى 89 طريقة تظلم رجال القضاء الذين حل دورهم في الترقية ولم يشملهم مشروع الحركة القضائية وعقد الاختصاص بنظر هذه التظلمات لمجلس القضاء الأعلى وجعل قراره فيها نهائياً غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن أو أمام أية جهة قضائية وكانت المادة 23 من مواد إصدار القانون رقم 56 لسنة 1959 المشار إليه وقد نصت على "استثناء من الأحكام الواردة في هذا القانون وخلال ثلاثة أيام من تاريخ العمل به يكون التعيين في وظائف القضاء والنيابة والترقية والنقل والندب مما هو من اختصاص مجلس القضاء الأعلى بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير العدل" وكان القرار الجمهوري المطعون فيه بالطلب الثاني قد صدر في 22 فبراير سنة 1959 في الحدود المبينة بهذا النص، فإن هذا القرار يكون محصناً من الطعن فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية لأنه يعتبر بمثابة ما يصدر في هذا الشأن من قرارات يختص بها مجلس القضاء الأعلى ولا يجوز الطعن فيها على النحو السالف بيانه مما يتعين معه الحكم في الطلب الثاني رقم 16 سنة 29 ق بعدم جواز الطعن.


(1) راجع الطلب 38 لسنة 28 ق "رجال القضاء جلسة 26/ 1/ 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 رقم 1 ص 3.
(2) راجع الطلب 28 لسنة 28 ق "رجال القضاء جلسة 26/ 1/ 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 رقم 1 ص 3.

الطعن 289 لسنة 5 ق جلسة 29 / 10 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 3 ص 12

جلسة 29 من أكتوبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي - نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور - المستشارين.

---------------

(3)

القضية رقم 289 لسنة 5 القضائية

(أ) موظف - معاش - معاش استثنائي 

- مناط اعتبار المعاش استثنائياً - مثال.
(ب) موظف - إعانة غلاء المعيشة 

- تقرير معاش استثنائي لأحد الموظفين بقرار من مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء - عدم استحقاقه إعانة غلاء المعيشة عن هذا المعاش ما لم ينص على ذلك القرار الصادر بالمعاش الاستثنائي - أساس ذلك.

-------------
1 - إن المناط في تعرف ما إذا كان المعاش استثنائياً من عدمه، لا يكون بتحري الباعث على منحه، وإنما يكون بالبحث فيما إذا كان ذلك المنح قد روعيت فيه سلامة تطبيق القواعد الخاصة بتقدير مبلغ المعاش أم أنه وقع استثناء من تلك القواعد والأحكام.
فإذا كان الثابت أن المدعي ما كان يستحق أصالة معاشاً قانونياً يتفق وأحكام قوانين المعاشات ولوائحها، فلا مشاحة بعدئذ، في أن المعاملة التي قرر مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء في 30 من سبتمبر سنة 1954 تسوية حالته على مقتضاها عند فصله من الخدمة، إنما هي معاملة استثنائية ترتب عليها إنشاء معاش استثنائي للمدعي ما كان له أصل حق فيه لو أنه فصل من الخدمة دون إجراء هذه التسوية التي أقرها في شأنه، لا على أساس أنه صاحب حق فيها، بل رفقاً بحالته وتخفيفاً من وطأة فصله من الخدمة قبل أن يقضي فيها المدة القانونية التي كانت تسمح له بربط معاش قانوني.
2 - إذا كان قرار مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء الذي أحيل بمقتضاه الموظف إلى المعاش لم يتعرض لموضوع إعانة غلاء المعيشة، فتظل هذه الإعانة محكومة بالقواعد المقررة في شأنها. وهذه القواعد صريحة في أنها لا تسمح بصرف إعانة غلاء المعيشة عن المعاشات التي تقرر بالمغايرة لأحكام قوانين المعاشات. فكتاب وزارة المالية الدوري رقم (ف 234 - 13/ 27) الصادر في 16 من أغسطس سنة 1944 بشأن تثبيت إعانة غلاء المعيشة بصفة عامة وتخفيضها في بعض الأحوال والمتضمن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1944 يقرر في الفقرة الرابعة منه "المعاشات التي تزاد بصفة استثنائية تحسب إعانة الغلاء لأربابها على واقع المعاش القانوني - ومن لم يكن له معاش قانوني أصلاً ورتب له معاش استثنائي لا تصرف له إعانة غلاء إطلاقاً - ويدخل في ذلك المعاشات التي كانت تقل عن خمسمائة مليم شهرياً وزيدت إلى هذا القدر". وفي 19 من فبراير سنة 1950 صدر قرار مجلس الوزراء برفع القيد الخاص بتثبيت إعانة غلاء المعيشة، وهذا القرار لم يمس في شيء القاعدة التي نص عليها قرار 11 من يوليه سنة 1944، بل ظلت قائمة نافذة المفعول. ثم صدر في 3 من ديسمبر سنة 1950 قرار من مجلس الوزراء قرر تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس مقدار الإعانة التي استحقت للموظف أو المستخدم أو العامل في يوم 30 من نوفمبر سنة 1950، وقد أفصح المشرع في مذكرة اللجنة المالية التي وافق عليها مجلس الوزراء في 3 من ديسمبر سنة 1950 عن نيته في استمرار العمل بمبدأ تثبيت إعانة الغلاء رجوعاً إلى أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1944 وهو القرار الذي ينهي عن صرف إعانة غلاء إطلاقاً لمن لم يكن له أصل معاش تقرره القوانين وإنما رتب له معاش استثنائي.
وفي أكتوبر سنة 1952 استفسرت الإدارة العامة لمعاشات الحكومة من اللجنة المالية عن الأمر فيما يتعلق بتسويات حالة الضباط الذين اقتضت إعادة تنظيم الجيش إبعادهم عن القوات المسلحة. فقررت اللجنة المالية بجلستها المنعقدة في 20 من نوفمبر سنة 1952 رداً على هذا الاستفسار بأنه: "تمنح إعانة الغلاء على أساس المعاش القانوني فقط ولا تمنح إعانة عن الزيادة التي نالها الضباط في المعاش نتيجة التسوية". وهذا الذي قررته اللجنة المالية صريح في عدم استحقاق إعانة غلاء المعيشة على المعاشات التي تتقرر بالمخالفة لأحكام قوانين المعاشات العامة للضباط المفصولين أو المحالين إلى المعاش.


إجراءات الطعن

في 14 من فبراير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 289 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - هيئة التسويات - بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 853 لسنة 13 القضائية المقامة من محمد الطاهر علي محمد ضد وزارتي الداخلية والخزانة والذي قضى "باستحقاق المدعي لصرف إعانة غلاء المعيشة المقررة قانوناً على معاشه وقدره أربعة وعشرون جنيهاً وثلاثمائة وخمسة وسبعون مليماً وذلك اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1954 مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 18 من فبراير سنة 1959 وإلى وزارتي الخزانة والداخلية في 21، 25 من فبراير سنة 1956. وفي 17 من فبراير سنة 1960 أخطر الخصوم بجلسة 28 من فبراير سنة 1960 المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أحالته إلى المحكمة العليا. وقد حددت له جلسة 7 من مايو سنة 1960 للمرافعة.
وبجلسة 11 من يونيه سنة 1960 طلب المدعي التأجيل إلى جلسة أول أكتوبر سنة 1960 لحضور محاميه. وفي هذه الجلسة الأخيرة سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم مع الترخيص في تقديم مذكرات. وفي 15 من أكتوبر سنة 1960 قدم الحاضر عن المدعي مذكرة انتهى فيها إلى طلب تأييد الحكم المطعون فيه مع إلزام وزارتي الداخلية والخزانة بالمصروفات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أودع في 12 من مايو سنة 1958 سكرتيرية هيئة التسويات بمحكمة القضاء الإداري عريضة الدعوى رقم 853 لسنة 12 القضائية طلب الحكم فيها بأحقيته في إعانة الغلاء المقررة على المعاش المستحق له وقدره 24.375 ج من أول أكتوبر سنة 1954 وصرف المتجمد مع إلزام المدعى عليهما - وزارتي الداخلية والخزانة - بالمصروفات ومقابل الأتعاب.
وقال شرحاً لدعواه إنه التحق بخدمة البوليس منذ تخرجه من كلية البوليس سنة 1940 ثم أحيل إلى المعاش اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1954 ومنحته الوزارة معاشاً قدره 24.375 ج دون أن تحتسب له علاوة غلاء المعيشة بدعوى أنه معاش استثنائي وهو زعم لا يستند إلى نص من القانون، فضلاً عن أن الوزارة حددت علاوة غلاء على معاش زملاء المدعي ممن أحيلوا إلى المعاش.
ردت الوزارة على الدعوى بأن المدعي من مواليد أول نوفمبر سنة 1915 وتخرج في كلية البوليس في 15 من مايو سنة 1940 وألحق بالخدمة في وظيفة ملاحظ بوليس بمديرية دمياط برتبة ملازم ثان اعتباراً من هذا التاريخ، وراح يتدرج في الترقية إلى أن وصل إلى رتبة الصاغ في أول إبريل سنة 1954 وتوقع عليه أثناء مدة خدمته ستة عشر جزاء أقلها الإنذار وأقصاها عشرة أيام خصم من مرتبه للإهمال في قضية جنحة واستعمال القسوة. وفي 30 من سبتمبر سنة 1954 صدر قرار من مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء بإحالته إلى المعاش مع ضباط آخرين مع تسوية حالته بمنحه أقصى معاش المرتب الذي كان يتقاضاه، ويتقاضى على هذا الأساس معاشاً شهرياً قدره 24.375 ج ولم يضف إلى هذا المعاش إعانة غلاء وذلك طبقاً لكتاب وزارة المالية الدوري الصادر في أغسطس سنة 1944 الذي يقضي بأن من لم يكن مستحقاً لمعاش قانوني أصلاً ورتب له معاش استثنائي لا تصرف له إعانة غلاء إطلاقاً. وقالت الوزارة أن المعاش الذي صرف للمدعي هو معاش استثنائي إذ تقرر له بمقتضى قرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 30 من سبتمبر سنة 1954 ولولا هذا القرار لما استحق المدعي معاشاً أصلاً. ومن ثم فإنه لا يستحق إعانة غلاء المعيشة طبقاً لما جاء بكتاب دوري وزارة المالية رقم ف 234 - 13/ 27. وانتهت الوزارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصروفات.
وفي 23 من سبتمبر سنة 1958 قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي في هذه المنازعة خلصت فيه إلى أحقية المدعي لإعانة غلاء المعيشة المقررة على المعاش المستحق له وقدره 24.375 ج اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1954 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق مع إلزام الحكومة بالمصروفات.
وبجلسة 15 من ديسمبر سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الإداري - هيئة التسويات - "باستحقاق المدعي لصرف إعانة غلاء المعيشة المقررة قانوناً على معاشه وقدره 24.375 ج - وذلك اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1954 مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أنه ما دامت إقالة المدعي كانت بمقتضى قرار صادر من مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء في 30 من سبتمبر سنة 1954 بإحالته إلى المعاش مع ضباط آخرين وتسوية حالته بمنحه أقصى معاش المرتب الذي كان يتقاضاها، وغني عن البيان أن مجلس قيادة الثورة كانت له السيادة العليا في البلاد أثناء فترة الانتقال بعد قيام ثورة الجيش، إذ نصت المادة الثامنة من الدستور المؤقت الصادر من قائد ثورة الجيش في 10 من فبراير سنة 1953 على أن يتولى قائد الثورة بمجلس قيادة الثورة أعمال السيادة العليا وبصفة خاصة التدابير التي يراها ضرورية لحماية هذه الثورة والنظام القائم عليها لتحقيق أهدافه وحق تعيين الوزراء وعزلهم. ونصت المادة التاسعة منه على أن يتولى مجلس الوزراء سلطته التشريعية. ومن مقتضى هذا أن ما يصدره مجلس قيادة الثورة من قرارات يعتبر عملاً من أعمال السيادة، وما يصدر عنه تكون له طبيعة السيادة التي تعلو على القانون بمعناه الأعم. ولما كان مجلس الوزراء في فترة الانتقال يتولى السلطة التشريعية فإن ما يصدر من مجلس قيادة الثورة أو مجلس الوزراء يكون له حكم القانون. وما دام منح المدعي وأمثاله معاشاً على آخر مرتب وصل إليه هو إجراء يستمد من مصدر السيادة العليا في البلاد في ظل الدستور المؤقت، فلا داعي لإقحام أحكام القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات. على أن ذات أحكام هذا القانون تقرر مزايا للموظف الذي يصبح غير قادر بسبب حوادث وقعت له أثناء الوظيفة. ومتى ثبت أن المعاش الذي يقرره مجلس قيادة الثورة أو مجلس الوزراء في فترة الانتقال للموظف المفصول ليس معاشاً استثنائياً. وإنما هو معاش قانوني ولا يؤثر على صفته عدم استحقاق الموظف المفصول معاشاً على حسب الأحكام العادية قوانين المعاشات، لأنه في الواقع من الأمر يكون بمثابة تعويض عن الفصل المفاجئ قبل بلوغ السن القانوني للتقاعد ولا يعتبر معاشاً استثنائياً في ضوء الأهداف التي أملت باتخاذ قرار الفصل. هذا وليس بشرط أن يكون المعاش مقرراً بأحكام القانون رقم 37 لسنة 1929 وإنما يجوز منح معاش لطوائف خاصة بقواعد مغايرة بحسب ما يتراءى للمشرع من مبررات لذلك.
وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 14 من فبراير سنة 1959، مؤسساً طعنه على أن المدعي أحيل إلى المعاش بقرار من مجلس قيادة الثورة الصادر في 20 من سبتمبر سنة 1954 مع منحه معاشاً قدره 24.375 جنيه وهذا المعاش لا يعدو أن يكون مزية مالية ما كان ليستحقها المدعي أصلاً وإن أسبغ عليها وصف المعاش، وهي بهذه المثابة لا تخرج عن كونها معاشاً استثنائياً يخرج بذاته عن المعاشات القانونية التي تمنح لمن يستحقها في حدود القانون، والمعاشات الاستثنائية لا يستحق عنها إعانة غلاء معيشة بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1944 الذي قضى صراحة بعدم منح إعانة غلاء معيشة على المعاشات الاستثنائية، والذي لم يقصد قرار مجلس الوزراء الصادر في 3 من ديسمبر سنة 1950 بتثبيت إعانة غلاء المعيشة إلى إلغائه بل إن المشرع قد أفصح في مذكرة اللجنة المالية التي وافق عليها مجلس الوزراء في ديسمبر سنة 1950 عن نيته في جريان العمل بمبدأ تثبيت إعانة الغلاء رجوعاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1949 السالف الإشارة إليه. وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين القضاء بإلغائه والحكم برفض دعوى المدعي مع إلزامه بالمصروفات.
وفي 20 من أكتوبر سنة 1960 تقدمت الحكومة بمذكرة انتهت فيها إلى طلب رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
من حيث إن المدعي وهو من مواليد أول نوفمبر سنة 1915، وقد تخرج في كلية البوليس في 15 من مايو سنة 1940 وتدرج في مراتب ضباط البوليس إلى أن رقي إلى رتبة الصاغ في أول إبريل سنة 1954. ثم أحيل إلى المعاش بقرار صادر من مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء في 30 من سبتمبر سنة 1954 مع طائفة قليلة من ضباط آخرين، وقد اقترنت هذه الإحالة بتسوية لحالته من مقتضاها أن يمنح المدعي أقصى معاش للمرتب الذي كان يتقاضاه في رتبة الصاغ وقد بلغ معاشه على هذا الأساس 24.375 جنيه شهرياً دون أن يتضمن هذا المبلغ إعانة غلاء المعيشة - هذا المدعي، وتلك مدة خدمته في وظائف الدولة، لا يستحق أصالة معاشاً قانونياً يتفق وأحكام قوانين المعاشات ولوائحها. فالمادة الثالثة عشرة من المرسوم بقانون رقم 37 الخاص بالمعاشات الملكية، الصادر في 28 من مايو سنة 1929، وهو القانون الذي يحكم وضع المدعي وزملائه، تنص على أنه، "يستحق الموظف أو المستخدم معاش التقاعد بعد مضي خمس وعشرين سنة كاملة في الخدمة أو عند بلوغه الخمسين من عمره مع قضائه خمس عشرة سنة كاملة في الخدمة" كما نصت الفقرة الرابعة من المادة عشرين من هذا القانون على أن "من يرفت من خدمة الحكومة من الموظفين أو المستخدمين الدائمين بسبب إلغاء الوظيفة أو الوفر أو بأمر ملكي أو بقرار خاص من مجلس الوزراء يكون له حق في المعاش أو المكافأة ويكون حساب المعاش أو المكافأة بمقتضى القواعد الآتية:.... فقرة (4) إذا كانت مدة خدمته خمس عشرة سنة أو أكثر من خمس عشرة سنة يعطى معاشاً يعادل جزءاً من خمسين جزءاً من ماهيته الأخيرة أو من متوسط الماهية حسب الحالة عن كل سنة من سني خدمته مع عدم تجاوز النهايات العظمى المقررة في المادة (17) من هذا القانون". ولا مشاحة بعدئذ في أن المعاملة التي قرر مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء في 30 من سبتمبر سنة 1954 تسوية حالة المدعي على مقتضاها عند فصله من الخدمة، إنما هي معاملة استثنائية ترتب عليها إنشاء معاش استثنائي للمدعي ما كان له أصل حق فيه لو أنه فصل من الخدمة دون إجراء هذه التسوية التي أقرها مجلس الوزراء في شأنه لا على أساس أنه صاحب حق فيها، بل رفقاً بحالته وتخفيفاً من وطأة فصله من الخدمة قبل أن يقضي فيها المدة القانونية التي كانت تسمح له بربط معاش قانوني. وغني عن البيان أن المناط في تعرف ما إذا كان المعاش استثنائياً من عدمه، لا يكون بتحري الباعث على منحه، وإنما يكون بالبحث فيما إذا كان ذلك المنح قد روعيت فيه سلامة تطبيق القواعد الخاصة بتقدير مبلغ المعاش أم أنه وقع استثناء من تلك القواعد والأحكام.
ومن حيث إن قرار مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء الذي أحيل بمقتضاه الموظف إلى المعاش لم يتعرض لموضوع إعانة غلاء المعيشة، فتظل هذه الإعانة محكومة بالقواعد المقررة في شأنها. وهذه القواعد صريحة في أنها لا تسمح بصرف إعانة غلاء المعيشة عن المعاشات التي تقرر بالمغايرة لأحكام قوانين المعاشات. فكتاب وزارة المالية الدوري رقم ( ف 234 - 13/ 27) الصادر في 16 من أغسطس سنة 1944 بشأن تثبيت إعانة غلاء المعيشة بصفة عامة وتخفيضها في بعض الأحوال والمتضمن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1944 يقرر في الفقرة الرابعة منه: "المعاشات التي تزاد بصفة استثنائية تحسب إعانة الغلاء لأربابها على واقع المعاش القانوني - ومن لم يكن له معاش قانوني أصلاً ورتب له معاش استثنائي لا تصرف له إعانة غلاء إطلاقاً - ويدخل في ذلك المعاشات التي كانت تقل عن خمسمائة مليم شهرياً وزيدت إلى هذا القدر". وفي 19 من فبراير سنة 1950 صدر قرار مجلس الوزراء برفع القيد الخاص بتثبيت إعانة غلاء المعيشة وهذا القرار لم يمس في شيء القاعدة التي نص عليها قرار 11 من يوليه سنة 1944 بل ظلت قائمة نافذة المفعول. ثم صدر في 3 من ديسمبر سنة 1950 قرار من مجلس الوزراء قرر تثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس مقدار الإعانة التي استحقت للموظف أو المستخدم أو العامل في يوم 30 من نوفمبر سنة 1950. وقد أفصح المشرع في مذكرة اللجنة المالية التي وافق عليها مجلس الوزراء في 3 من ديسمبر سنة 1950 عن نيته في استمرار العمل بمبدأ تثبيت إعانة الغلاء رجوعاً إلى أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1944 وهو القرار الذي ينهي عن صرف إعانة غلاء إطلاقاً لمن لم يكن له أصل معاش تقرره القوانين وإنما رتب له معاش استثنائي.
وفي أكتوبر سنة 1952 استفسرت الإدارة العامة لمعاشات الحكومة من اللجنة المالية عن الأمر فيما يتعلق بتسويات الضباط الذين اقتضى إعادة تنظيم الجيش إبعادهم عن القوات المسلحة. فقررت اللجنة المالية بجلستها المنعقدة في 20 من نوفمبر سنة 1952 رداً على هذا الاستفسار بأنه، (تمنح إعانة الغلاء على أساس المعاش القانوني فقط ولا تمنح إعانة عن الزيادة التي نالها الضباط في المعاش نتيجة التسوية) وهذا الذي قررته اللجنة المالية صريح في عدم استحقاق إعانة غلاء المعيشة على المعاشات التي تتقرر بالمخالفة لأحكام قوانين المعاشات العامة للضباط المفصولين أو المحالين إلى المعاش.
وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصروفات ومقابل الأتعاب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.