جلسة 10 من يناير سنة 1959
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.
-------------------
(45)
القضية رقم 61 لسنة 4 القضائية
(أ) طعن
- صدور حكم من محكمة إدارية مجيباً المدعي إلى بعض طلباته في ظل القانون رقم 147 لسنة 1954 - طعن المدعي والجهة الإدارية في هذا الحكم أمام محكمة القضاء الإداري - صدور حكم من محكمة القضاء الإداري في الطعن المقدم من المدعي وعدم صدور حكمها في الطعن المقدم من الجهة الإدارية - طعن هيئة المفوضين في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا - ذلك يقتضي ضم الدعوى التي لا تزال منظورة أمام محكمة القضاء الإداري إلى الطعن المنظور أمام المحكمة الإدارية العليا للحكم فيهما بحكم واحد - أساس ذلك.
(ب) بدل انتقال
- تقرير بدل انتقال ثابت لبعض أطباء القسم الطبي بمصلحة السكك الحديدية - علة ذلك هو تعويضهم جزافاً ببدل ثابت نظير ما ينفقونه في الانتقال إلى منازل المرضى - هذا البدل مزية من مزايا الوظيفة العامة منوط منحه بتوافر الحكمة التي دعت إلى تقريره - القصد من تحديد البدل بمبلغ ثابت أن مقداره معين سلفاً بصفة إجمالية متى تحقق سببه - عدم جواز منحه لقاء أعمال إضافية تخرج عن نطاق هذه الغاية.
(ج) بدل انتقال
- مطالبة طبيب بمصلحة السكك الحديدية ببدل انتقال عن فترة معينة - استحقاقه لهذا البدل عن المدة التي تضمنت انتقالاته لزيارات منزلية فقط - قيامه بالزيارات المنزلية نيابة عن زملائه أثناء إجازاتهم لا يمنع من استحقاقه لهذا البدل - وجوب استنزال ما تقاضاه الموظف فعلاً من بدل انتقال من قيمة هذا البدل.
--------------------
1 - إذا كان الثابت من الأوراق أن وزارة المواصلات طعنت من جانبها في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية أمام محكمة القضاء الإداري فيما قضى به من أحقية المدعي في صرف مرتب الانتقال المقرر له عن مدة الأربعة الأشهر التي قام فيها بالزيارات المنزلية طبقاً لقرار مجلس إدارة مصلحة السكك الحديدية الصادر في 9 من مارس سنة 1953, وكانت هذه الدعوى لا تزال منظورة أمام محكمة القضاء الإداري حتى الآن - إذا كان الثابت هو ما تقدم, فإنه ينبغي ضمها إلى الطعن المقدم من رئيس هيئة مفوضي الدولة في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في طعن المدعي في حكم المحكمة الإدارية المشار إليه؛ وذلك للحكم فيهما بحكم واحد؛ نظراً إلى وحدة الموضوع لكون الدعويين وجهي طعن عن حكم واحد. ذلك أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يثير النزاع برمته في الموضوع المطروح عليها لتنزل حكم القانون فيه؛ لما لها من سلطة التعقيب على الحكم المطعون فيه؛ حتى لا تغل يدها عن إعمال سلطتها هذه, وهي آخر المطاف في نظام التدرج القضائي؛ منعاً من تضارب الأحكام, وحسماً للمنازعات بحكم تكون الكلمة العليا فيه لأعلى درجة من درجات التقاضي في النظام القضائي.
2 - إن بدل الانتقال إنما تقرر منحه لبعض أطباء القسم الطبي بمصلحة السكك الحديدية بالإضافة إلى ما يتقاضونه من مرتبات لحكمة أفصحت عنها المذكرات المتعاقبة التي تقدم بها - في مختلف المناسبات - مدير عام المصلحة إلى مجلس إدارتها ووافق عليها هذا الأخير, وهي تعويضهم بصفة إجمالية جزافية ببدل ثابت عما يتكبدونه من نفقات نظير الركائب التي يتحملونها في انتقالاتهم خارج مقر عملهم الرسمي للقيام بزيارات منزلية للكشف على المرضى من موظفي ومستخدمي وعمال المصلحة الذين يقعدهم المرض عن تقديم أنفسهم إلى أطبائها بالعيادات المصلحية. وإذا كانت علة تقرير بدل الانتقال هذا هي الانتقال الفعلي إلى منازل هؤلاء المرضى لزيارتهم فإن شرط استحقاقه هو القيام بهذه الزيارات, ويتخلف هذا الشرط بانقطاعها, ويتحدد النطاق الزمني لاستحقاق هذا البدل متجدداً بحكم طبيعته شهراً بشهر, بقطع النظر عن الزيارات أو الانتقالات الحاصلة في الشهور الأخرى قلت أو كثرت؛ ذلك أن هذا البدل هو مزية من مزايا الوظيفة العامة منوط منحه بتوافر الحكمة التي دعت إلى تقريره وهي عدم تحميل الموظف ما اقتضت طبيعة وظيفته أن ينفقه في سبيل أدائها, لا أن يكون مصدر ربح له. ومن أجل هذا نصت المادة 13 من لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال للموظفين الدائمين والمؤقتين والخارجين عن هيئة العمال التي وافق عليها مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 25 من أكتوبر سنة 1925, والمعدلة بقراري المجلس الصادرين في 27 من يونيه سنة 1936 و29 من نوفمبر سنة 1938, على أنه "يحق لموظفي الحكومة ومستخدميها أن يستردوا المصاريف التي اضطروا إلى صرفها في خدمة الحكومة عن أجرة السفر بالسكك الحديدية أو بالمراكب أو بالترامواي, وعن أجرة نقل أمتعتهم بالسكك الحديدية أو بالمراكب, وعن أجرة العربات أو الركائب وعن نقل الأمتعة وحملها وشيالتها...", كما أن المادة 55 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - وهي التي صدر تنفيذاً لها فيما بعد قرار رئيس الجمهورية بإصدار لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال في 18 من يناير سنة 1958 - نصت في صدرها على أن "للموظف الحق في استرداد المصروفات التي تكبدها في سبيل الانتقال لتأدية مهمة حكومية...". والأصل أن يقف هذا البدل عند حد استرداد المصروفات الفعلية والضرورية التي يضطر طبيب المصلحة إلى إنفاقها في سبيل انتقاله للزيارات المنزلية التي يؤديها بنفسه لعيادة المرضى والمصابين أو إسعافهم, إلا أنه رؤى - من قبيل التيسير في الإجراءات والمحاسبة وتدبير اعتمادات الميزانية بالنظر إلى طبيعة العمل في القسم الطبي بمصلحة السكك الحديدية - جعل مقدار هذا البدل ثابتاً بطريقة جزافية, كثرت الزيارات أم قلت, ما دامت قد تحققت بالفعل, وليس معنى تحديد رقم ثابت في هذه الحالة أن يكون البدل مستحقاً دائماً, وقعت الزيارات في شهر ما أم لم تقع؛ لتعارض ذلك مع الحكمة التي قام عليها منحه, وهي رد المصروفات التي أنفقها الطبيب في انتقال تم بالفعل, بل معناه أن مقداره معين سلفاً بصفة إجمالية متى تحقق سببه. ومتى كانت غايته محددة على هذا الوجه, فلا يسوغ الانحراف بها إلى منحه لقاء جهود أو أعمال إضافية تخرج عن نطاق هذه الغاية مهما بلغت مشقتها؛ ذلك أن الموظف - طبقاً لما نصت عليه المادة 73 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - مكلف أن يقوم بنفسه بالعمل المنوط به وأن يؤديه بدقة وأمانة, وأن يخصص وقت العمل الرسمي لأداء واجبات وظيفته, ويجوز تكليفه بالعمل في غير أوقاته الرسمية علاوة على الوقت المعين لها إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك.
3 - إن المرد في صرف بدل الانتقال هو حصول الزيارات المنزلية التي هي شرط استحقاق البدل. ولما كانت الكشوف الشهرية المقدمة من المدعي إلى المصلحة عن المدة موضوع المنازعة, من 8 من يناير سنة 1949 حتى 8 من مارس سنة 1953, قد بلغت خمسين كشفاً, منها كشوف عن أربعة أشهر فقط هي التي تضمنت انتقالات لزيارات منزلية, بلغ مجموعها سبعاً وعشرين زيارة دون باقي الكشوف, فإنه لا يستحق بدل انتقال إلا عن هذه الأشهر الأربعة فقط. ولا يغير من هذا أنه قام بالزيارات المنزلية خلالها نيابة عن بعض زملائه أثناء أجازاتهم, ما دام قد تحقق فيه شرط استحقاق البدل, وما دام الغائب بالإجازة لا يتقاضى هذا البدل, بل ينتقل صرفه إلى القائم بعمله بما يرتفع معه اعتراض عدم كفاية الاعتماد المالي. بيد أنه لما كان قد تقاضى بدل انتقال عن المدة المذكورة فإنه يتعين استنزال ما قبضه بالفعل من قيمة البدل الكامل المستحق له عنها والذي قضت له به المحكمة الإدارية بحكمها المطعون فيه من جانب المصلحة (وزارة المواصلات) أمام محكمة القضاء الإداري التي لا تزال منظورة؛ ومن ثم فإن كلاً من حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه وحكم المحكمة الإدارية يكون قد جانب الصواب, الأول فيما قضى به من استحقاق المدعي لمرتب الانتقال الثابت بواقع 72 جنيهاً سنوياً من تاريخ قيامه بالعمل بالقسم الطبي بمصلحة السكك الحديدية اعتباراً من 8 من يناير سنة 1949 مع ما يترتب على ذلك من آثار, والثاني فيما أغفله من القضاء بخصم ما سبق صرفه للمدعي من مرتب الانتقال المقرر له عن مدة الأربعة الأشهر التي قام فيها بزيارات منزلية, والتي قضى له بأحقيته في صرف بدل انتقال عنها, ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباستحقاق المدعي لمرتب الانتقال المقرر بمقتضى قرار مجلس إدارة مصلحة السكك الحديدية الصادر في 9 من مارس سنة 1953, وذلك عن مدة الأربعة الأشهر فقط التي قام فيها بزيارات منزلية خلال الفترة من 8 من يناير سنة 1949 حتى 8 من مارس سنة 1953, بعد خصم ما سبق صرفه إليه من هذا البدل عن تلك المدة, منعاً لازدواج البدل الذي لا يجوز أن يتعدد.
إجراءات الطعن
في 26 من ديسمبر سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 61 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 28 من أكتوبر سنة 1957 في الدعوى رقم 650 لسنة 2 القضائية المقامة من: الدكتور نجيب نقولا صالح ضد مصلحة السكك الحديدية, القاضي "بقبول الاستئناف شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف, واستحقاق المستأنف في صرف مرتب الانتقال الثابت بواقع 72 جنيهاً سنوياً من تاريخ قيامه بالعمل بالقسم الطبي لمصلحة السكك الحديدية اعتباراً من 8 من يناير سنة 1949, مع خصم ما سبق صرفه إليه من هذه المدة, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام المستأنف ضدها بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الاستئناف موضوعاً, وتأييد الحكم المستأنف, مع إلزام المستأنف المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن للمطعون عليه في 30 من ديسمبر سنة 1957, وإلى مصلحة السكك الحديدية في أول يناير سنة 1958, وفي 29 من يناير سنة 1958 أودع المطعون عليه سكرتيرية المحكمة مذكرة بملاحظاته انتهى فيها إلى طلب "رفض الطعن, مع إلزام الحكومة بالمصروفات, مع حفظ كافة الحقوق الأخرى". ولم تقدم الجهة الإدارية مذكرة ما بملاحظاتها, وبعد انقضاء المواعيد القانونية المقررة عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة أول نوفمبر سنة 1958. وفي 12 من يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة 29 من نوفمبر سنة 1958, وفيها قررت إعادة القضية للمرافعة لجلسة 13 من ديسمبر سنة 1958 لضم ملف الدعوى رقم 646 لسنة 2 القضائية (استئناف) المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري الهيئة الرابعة "ب" للفصل فيها مع هذا الطعن بحكم واحد لوحدة الموضوع, وحجزت الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات التظلم رقم 3225 لسنة 2 القضائية ضد مصلحة السكك الحديدية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 16 من فبراير سنة 1954 ذكر فيها أنه يعمل طبيباً بقسم طبي مصلحة السكك الحديدية, وأنه في 9 من مارس سنة 1953 قرر مجلس إدارة المصلحة صرف مرتب انتقال ثابت له قدره 72 جنيهاً سنوياً من تاريخ قيامه بهذا العمل. بيد أن تنفيذ هذا القرار ظل معطلاً منذ ذلك التاريخ بحجة أن القسم الطبي لم يقترح منحه مرتب انتقال من تاريخ قيامه بالعمل, مما كان يتعين معه تنفيذ القرار من تاريخ صدوره فقط, مع صرف النظر عن المدة السابقة, وأنه لم يقم إلا بزيارات قليلة للمرضى في المدة السابقة على القرار المشار إليه. كما أن انتقاله من منزله إلى قومسيون طبي المصلحة هو تماماً كانتقاله من منزله إلى مقر عمله, وأن الانتقالات التي قام بها لزيارة المرضى صرف عنها فعلاً أجور ركائب, هذا إلى أن بند مرتب الانتقال به تجاوز لا يسمح بصرف المبلغ المستحق له. إلا أنه يرد على هذا بأن زيارته للمرضى بمنازلهم, سواء بالقاهرة أو بالأقاليم, وتفتيشه المفاجئ على نظافة مرافق المصلحة, وقيامه بأعمال النوبتجية بغرف الإسعاف وأقسام المصلحة, كل ذلك كان السبب المباشر في أن تطلب المصلحة من مجلس الإدارة تقرير مرتب انتقال له من تاريخ قيامه بالعمل الحاصل فعلاً منذ 8 من يناير سنة 1949, كما هو ثابت من اعتراف مدير عام القسم الطبي في كتابه المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1952, وليس انتقاله من منزله إلى قومسيون طبي المصلحة كانتقاله من منزله إلى مقر عمله؛ إذ أنه مضطر في كل الأحوال, سواء قبل ذهابه إلى القومسيون أو بعد إنجاز عمله فيه, إلى العودة إلى مقر عمله الرسمي. أما أجور الركائب التي صرفت له فكان الواجب - طبقاً للتعليمات المالية - خصمها من مرتب الانتقال الثابت وصرف الفرق المتبقي له. وأما الزعم بنفاد الاعتماد المالي المدرج في بند مرتب الانتقال فيدحضه ما ورد بكتاب مدير عام الإيرادات والمصروفات المؤرخ 24 من سبتمبر سنة 1953 من أن هذا البند يسمح بصرف المبلغ المطلوب, وما جاء بتأشيرة مدير عام القسم الطبي على كتاب مراقبة الميزانية بالإدارة العامة المؤرخ 7 من ديسمبر سنة 1953 من الموافقة على الصرف. وخلص المتظلم من هذا إلى طلب الحكم بصرف ما يستحقه من هذا البدل تنفيذاً لقرار مجلس الإدارة الصادر في 9 من مارس سنة 1953.
ومن حيث إن مصلحة السكك الحديدية ردت على هذا التظلم بمذكرة حاصلها أن القسم الطبي لم يطلب إلى مجلس الإدارة صرف بدل انتقال للمدعي من تاريخ قيامه بالعمل في 8 من يناير سنة 1949, وإنما الإدارة العامة هي التي تقدمت للمجلس المذكور بالمذكرة رقم 53 المؤرخة 22 من فبراير سنة 1953, التي وافق عليها بجلسة 9 من مارس سنة 1953, على اعتبار أن البند الخاص بمصاريف انتقال الأطباء بالقسم الطبي به وفر يسمح بصرف هذا البدل وقدره 72 جنيهاً سنوياً. مع أن كتاب مراقبة الحسابات كان صريحاً بأن البند المذكور به وفر يسمح بصرف مرتب انتقال قدره 36 جنيهاً فقط. وأن صرف المتجمد عن المدة السابقة على تاريخ قرار مجلس الإدارة ينبني عليه حدوث تجاوز في اعتمادات البند المشار إليه. وقد كتبت مراقبة الحسابات في 17 من ديسمبر سنة 1953 بأنه يلزم التقدم للإدارة العامة بطلب تسوية لرفع الاعتماد بمقدار التجاوز المحتمل حتى نهاية السنة المالية مقابل وفر مساو من بند آخر, إلا أن تنفيذ هذا كان يتوقف على وجود وفورات في البنود المماثلة لتغطية التجاوز. كما أن تحديد المتجمد كان متوقفاً على تقديم المدعي كشوفاً شهرية بالزيارات التي أداها للمرضى في منازلهم. وقد قدم بالفعل خمسين كشفاً عن الأشهر من يناير سنة 1949 إلى مارس سنة 1953, فتبين أن خمسة وأربعين منها لا تحتوي على زيارات منزلية مطلقاً, وأن خمسة فقط هي التي بها زيارات منزلية بلغت مجموعها سبعاً وعشرين زيارة. وقد استولى على بدل انتقال عن هذه السبع والعشرين زيارة؛ لأنه قام بها أثناء توليه عمل بعض زملائه في إجازاتهم, وتقاضى بدل الانتقال المقرر لهم مقابل عدم صرفه إليهم. هذا إلى أن جميع الانتقالات التي أوردها في الخمسة والأربعين كشفاً لا تحتوي على زيارات منزلية نصها واحد, وهو انتقاله من منزله صباحاً إلى المجلس الطبي وانتقاله من منزله إلى غرفة الإسعاف بمحطة مصر وبالعكس في أيام نوبته. ولما كان حضوره إلى المجلس الطبي في الأيام المحددة له يعتبر انتقالاً إلى مقر عمله الفعلي حكمه حضوره إلى التفتيش الطبي بمقر عمله في باقي أيام الأسبوع, فلا يمكن أن يعتبر ذلك انتقالاً يتناول عنه بدل انتقال, ولا سيما أن مبنى القسم الطبي الذي كان يعقد به المجلس الطبي ومبنى التفتيش متجاوران, فهذا تحت كوبري شبرا وذاك فوقه, والمسافة من منزله إلى المبنيين واحدة بالضبط, كما أن الطبيب النوبتجي لا يكون مقره في يوم نوبته بغرفة الإسعاف حتى يقال إنه انتقال فعلي من منزله إلى غرفة الإسعاف وبالعكس كما أورد في الكشوف, وإنما الحكمة في ترتيب النوبات الموجود صورة من كشوفها بغرفة الإسعاف مع أرقام السادة الأطباء هي أن يتصل الممرض المنوب بغرفة الإسعاف بالطبيب المنوب لاستدعائه في حالة وجود حالة خطيرة تستدعي ذلك؛ الأمر الذي يدل على أن المدعي لم يقم فعلاً بالانتقالات الخاصة بغرفة الإسعاف على نحو ما ذكر في الكشوف المقدمة منه؛ ومن ثم فإنه حتى لو طبق منطوق قرار مجلس الإدارة القاضي بصرف مرتب انتقال للمذكور من تاريخ قيامه بالعمل, فإنه لا يستحق عن تلك المدة مرتباً ما؛ لأنه صرف مرتب الزيارات السبع والعشرين التي قام بها, ولأن انتقاله إلى المجلس الطبي صباحاً كان هو الانتقال الطبعي الذي ينتقله أي موظف إلى مقر عمله. هذا إلى أن اعتماد بند الانتقالات لا يسمح بصرف المتجمد.
ومن حيث إنه إعمالاً لحكم القانون رقم 147 لسنة 1954 بإنشاء وتنظيم المحاكم الإدارية أحيل التظلم إلى المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية التي حلت محل اللجنة القضائية وظل مقيداً تحت رقم 3225 لسنة 2 القضائية. وبجلسة 9 من أكتوبر سنة 1954 قال الحاضر عن المدعي إن مرتب الانتقال الذي يطالب به موكله هو مرتب ثابت يستحقه, سواء قام الطبيب بزيارات منزلية أم لا. ورد مندوب المصلحة بأن استحقاق هذا المرتب منوط بقيام الطبيب بزيارات منزلية بالفعل. وقد ثبت من الكشوف التي قدمها المدعي أنه ليس بها سوى أربعة انتقالات منزلية فقط, أما الكشوف الباقية فخاصة بانتقاله إلى مقر عمله الأصلي.
ومن حيث إن المدعي أودع مذكرة بدفاعه أبدى فيه أن البند الخاص بميزانية مصلحة السكك الحديدية كان به وفر يسمح بصرف بدل الانتقال الذي يطالب به, كما يتضح ذلك من المكاتبات المتبادلة في هذا الشأن, لو لا تعنت مدير المستخدمين بالمصلحة, على الرغم من موافقة جميع الجهات المسئولة بالمصلحة على الصرف, ومن ثبوت انتقالاته والأعمال التي قام بها بالكشوف المقدمة منه. وعلى أية حال فإنه يستحق بدل الانتقال الذي يطالب به كمرتب ثابت, كثرت الزيارات التي قام بها أو قلت, ولو زاد ما أنفقه بسببها فعلاً عن ستة جنيهات في الشهر. وخلص من هذا إلى التصميم على طلباته. وقد عقبت المصلحة على ذلك بمذكرة لا تخرج في مضمونها عما أوردته في مذكرتها السابقة, وأضافت إليه أن قرار مجلس الإدارة بمنح المدعي مرتب انتقال جعل صرف هذا المرتب رهيناً بقيام المذكور بالعمل. وقد فسرت المذكرة المقدمة للمجلس هذا بأن مبررات الصرف محصورة في الانتقال والقيام بزيارات لعيادة المرضى في منازلهم أو لإسعافهم عند الإصابة, والمستند الذي يتم الصرف على أساسه هو الكشف الشهري الذي يقدمه الطبيب عن زياراته المنزلية. والحال أن المدعي لم يكن قد تولى قسماً طبياً مستقلاً يشرف على أعماله, بل كان يعمل كطبيب بدل, أي يقوم بعمل زملائه في التفتيش أثناء إجازاتهم ويساعدهم في أعمالهم عند الضرورة, ولا علاقة لذلك مطلقاً بالزيارات المنزلية التي على أساسها وحدها بنيت الموافقة على صرف بدل انتقال ثابت لبعض أطباء المصلحة. وقد بني قرار مجلس الإدارة بصرف بدل انتقال ثابت للمدعى من 8 من يناير سنة 1949 على الظن بأنه قام بزيارات للمرضى في منازلهم بصفة منتظمة منذ ذلك التاريخ, في حين أن شيئاً من ذلك لم يحدث بالفعل, وأن ما قام به من زيارات معدودة تقاضى عنه هذا المرتب بدلاً من زملائه لقيامه بهذه الزيارات نيابة عنهم, وقد ظل ساكتاً عن المطالبة بالبدل موضوع الدعوى من تاريخ تعيينه في 8 من يناير سنة 1949 حتى 26 من أكتوبر سنة 1952, مما يدل على شعوره بعدم استحقاقه له.
ومن حيث إنه بجلسة 30 من أكتوبر سنة 1953 قضت المحكمة الإدارية في هذه الدعوى "بأحقية المدعي في صرف مرتب الانتقال المقرر له عن مدة الأربعة الأشهر التي قام فيها بزيارات منزلية طبقاً لقرار مجلس الإدارة الصادر في 9 من مارس سنة 1953, مع رفض ما عدا ذلك من طلبات". وأقامت قضاءها على أن السبب الذي رأت المصلحة من أجله تقرير مرتب انتقال لأطباء القسم الطبي بها هو ما يتكلفونه من نفقات في سبيل انتقالاتهم أثناء الزيارات المنزلية للمرضى من موظفي ومستخدمي وعمال المصلحة الذين يقعدهم المرض عن تقديم أنفسهم للعيادات المصلحية؛ ومن ثم فإنه يتعين الوقوف عند هذا السبب, بحيث لا يقوم حق الموظف في المرتب المذكور إلا بقيامه بالانتقال فعلا, ويتحدد الميعاد الزمني لاستحقاق هذا المرتب شهراً بشهر. وعلى هذا لا يقوم للمدعي حق في صرف المرتب الذي يطالب به إلا إذا تحقق شهرياً قيامه بالزيارات المنزلية, قلت هذه الزيارات أو كثرت خلال الشهور السابقة على صدور القرار بمنحه المرتب نظير قيامه بهذه الأعمال. والثابت من الكشوف التي تقدم بها المدعي نفسه أنها جميعاً خالية مما يفيد قيامه بزيارات منزلية فيما عدا أربعة منها, وهو لم ينازع في صحتها؛ الأمر الذي يجعل طلبه صرف المرتب عنها جميعاً - على الرغم من ذلك - على غير أساس سليم من القانون, وإن قام بأعمال أخرى مهما بلغت مشقتها أو تجسمت تكاليفها؛ إذ الأصل أن يضع الموظف كل جهده ووقته تحت تصرف الحكومة, سواء كان ذلك في مقر عمله الرسمي وفي أوقات هذا العمل أو في غير ذلك, وإذا كان الأمر كذلك, فإنه يجب تفسير القرار الصادر من مجلس إدارة المصلحة بمنح المدعي مرتب الانتقال في غير ما توسع, وحصر حق هذا الأخير في حدود ما تناوله ذلك القرار؛ بحيث لا يكسبه حقاً في الإفادة منه قيامه بأعمال أخرى تخرج عن نطاق تطبيقه وتتعدى حدود إعمال أحكامه. ولا وجه للاحتجاج بأن هذا المرتب يصرف لأطباء المصلحة لا يقومون بزيارات منزلية؛ لأن الخطأ في تطبيق القواعد وتفسيرها لا يقاس عليه؛ ومن ثم فإن حق المدعي في تقاضي المرتب المشار إليه لا يقوم إلا بالنسبة للشهور الأربعة التي تحقق فيها شرط صرف هذا المرتب, وهو انتقاله للزيارات المنزلية, دون غيرها من باقي الشهور عن المدة السابقة على صدور قرار مجلس الإدارة, وعلى جهة الإدارة تدبير المال اللازم لذلك.
ومن حيث إن المدعي طعن في هذا الحكم بالدعوى رقم 650 لسنة 2 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 15 من يناير سنة 1955 طلب فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بتعديل حكم المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في القضية رقم 3225 لسنة 2 القضائية, والحكم باستحقاق الطاعن لمرتب الانتقال الثابت بواقع 72 جنيهاً من 8 من يناير سنة 1949 إلى 8 من مارس سنة 1953, مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب, مع حفظ كافة الحقوق الأخرى". وقال في صحيفة طعنه إن الحكم المطعون فيه قابل للاستئناف؛ إذ أن الدعوى قيمتها 300 جنيه عبارة عن مرتب الانتقال بواقع 6 جنيهات شهرياً من 8 من يناير سنة 1949 حتى 9 من مارس سنة 1953, أي 50 شهراً. وردد في الموضوع دفاعه الذي سبق له إبداؤه أمام المحكمة الإدارية, ثم عقب على حكم المحكمة المذكورة بأنه لا أساس لما ذهب إليه من أن مرتب الانتقال خاص بالزيارات المنزلية؛ ذلك أن المذكرة رقم 53 المرفوعة إلى مجلس إدارة المصلحة بمنحه بدل الانتقال الثابت جاء بها أن طبيعة عمله تستدعي الزيارات المنزلية، وأنه مدرج بكشوف نوبتجيات الأطباء، ولم تقصر البدل على الزيارات المنزلية. كما أن طبيب الرمد يتقاضى هذا المرتب الثابت؛ لأنه ينتقل يومياً من المستشفى وهي بمبنى مصلحة التليفونات إلى القسم الطبي على كوبري شبرا, والمسافة زهاء نصف كيلو متر, فكيف يحرم هو من هذا المرتب بقصره على الزيارات المنزلية, ولا سيما أن مدير القسم الطبي ذكر صراحة في كتابه رقم 152/ 2 المؤرخ 6 من سبتمبر سنة 1952 أنه كان يقوم بالانتقالات من 8 من يناير سنة 1949, تاريخ تسلمه العمل بالقسم الطبي, وأن بند الاعتماد المالي الخاص بهذا المرتب كان به وفر يسمح بصرف المبلغ المستحق له, وأن المرتب المذكور منح لأطباء لا ينتقلون إطلاقاً, في حين أنه مدرج بكشوف نوبتجيات الأطباء وينتقل على الدوام إلى غرفة الإسعاف وفي الحالات المستعجلة؛ وأن المبالغ المرصودة بميزانية المصلحة لمصروفات الانتقال وبدل السفر غير مقيدة بشرط أن يكون الانتقال للزيارات المنزلية. وقد ردت المصلحة على ذلك بمذكرة دفعت فيها بعدم قبول الاستئناف شكلاً لقلة النصاب؛ لأن المبلغ الذي يصرف للمدعي بفرض الحكم لصالحه هو 684 م و219 ج, وهو يقل عن 250 جنيهاً, نصاب الاستئناف, كما دفعت في الموضوع بعدم أحقية المذكور في المبلغ الذي يطالب به, وأحالت في ذلك إلى مذكرتيها السابق لها تقديمهما إلى المحكمة الإدارية. ورد المدعي على الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً بمذكرة قال فيها إن جملة بدل الانتقال الذي يطالب به تبلغ 306 ج, وأن العبرة بما يطلبه المدعي, وما دامت قيمة الدعوى أكبر من 250 جنيهاً فإن الاستئناف جائز. وقد أودع السيد مفوض الدولة مذكرة بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيها - للأسباب التي أبداها - إلى طلب "الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه, وأحقية الطاعن في صرف مرتب الانتقال الثابت بواقع 72 جنيهاً سنوياً من تاريخ تسلمه العمل بالقسم الطبي لمصلحة السكك الحديدية اعتباراً من 8 من يناير سنة 1949، مع خصم ما سبق صرفه إليه في هذه المدة, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام المصلحة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
ومن حيث إنه بجلسة 28 من أكتوبر سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") "بقبول الاستئناف شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف, واستحقاق المستأنف في صرف مرتب بدل الانتقال الثابت بواقع 72 جنيهاً سنوياً من تاريخ قيامه بالعمل بالقسم الطبي لمصلحة السكك الحديدية اعتباراً من 8 من يناير سنة 1949, مع خصم ما سبق صرفه إليه من هذه المدة, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام المستأنف ضدها بالمصروفات". وأقامت قضاءها - فيما يتعلق بقبول الاستئناف - على أن قيمة ما كان يطالب به المدعي أمام المحكمة الإدارية تجاوز النصاب النهائي للمحاكم الإدارية, وأن نصاب الاستئناف يقدر وفقاً للطلبات الختامية للخصوم أمام محكمة أول درجة. وقالت - فيما يختص بالموضوع - إن المستأنف يستمد حقه في مرتب الانتقال من القرار الصادر من مجلس إدارة المصلحة في 9 من مارس سنة 1953 الذي أنشأ له هذا الحق من تاريخ قيامه بالعمل, والذي بني على المذكرة رقم 53 المرفوعة من مدير عام المصلحة إلى المجلس والتي جاء فيها أن طبيعة عمل المذكور تستدعي الزيارات المنزلية للكشف على مرضى المصلحة, وأنه مدرج بكشوف نوبتجيات الأطباء؛ ومن ثم فإنه يستحق مرتب الانتقال الثابت ومقداره 72 جنيهاً سنوياً من 8 من يناير سنة 1949, وهو تاريخ قيامه بالانتقالات والزيارات المنزلية لمرضى المصلحة, كما يبين ذلك من كتاب مدير عام القسم الطبي رقم 101/ 2 المؤرخ 8 من يونيه سنة 1953. ولا يقدح في هذا ما تقرره المصلحة من أن بند مصاريف الانتقال به تجاوز لا يسمح بصرف البدل الذي يطالب به المستأنف عن المدة السابقة على صدور قرار مجلس الإدارة؛ إذ على مصلحة السكك الحديدية أن تدبر المال اللازم لمواجهة تنفيذ قرارات مجلس إدارتها الصادرة في هذا الشأن.
ومن حيث إن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعن في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 26 من ديسمبر سنة 1957 طلب فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الاستئناف موضوعاً, وتأييد الحكم المستأنف, مع إلزام المستأنف المصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن الثابت من الكشوف التي قدمها المستأنف إلى المصلحة أنه قام في المدة من 8 من يناير سنة 1949 حتى 9 من مارس سنة 1953 بزيارات منزلية لتوقيع الكشف الطبي على المرضى من موظفي المصلحة خلال أربعة أشهر فقط, وقد صرفت له المصلحة مصاريف الانتقال الفعلية من هذه الزيارات. ويبين من مطالعة شتى قرارات مجلس إدارة مصلحة السكك الحديدية التي صدرت في خصوص الترخيص بصرف مرتب انتقال ثابت لأطباء المصلحة أن العلة في هذا الصرف هي ما ينفقه الأطباء في انتقالاتهم إلى منازل المرضى من الموظفين الذين يقعدهم المرض عن التوجه إلى عيادة المصلحة لتوقيع الكشف الطبي عليهم؛ ولذات السبب صدر قرار مجلس الإدارة بالنسبة للمدعي. فإذا كان الثابت أن المذكور لم يقم بالزيارات المنزلية إلا خلال أربعة أشهر فقط في المدة من 8 من يناير سنة 1949 حتى 9 من مارس سنة 1953, فقد انتفت العلة في صرف بدل انتقال له عن الشهور الأخرى من تلك المدة, وبخاصة إذا روعي أن المصلحة تمنع هذا المرتب عن أطبائها في مدد الإجازات؛ ومن ثم فإن الحكم المستأنف - إذ قضى باستحقاق المدعي مرتب الانتقال عن هذه الأربعة الأشهر فقط مع رفض باقي الطلبات - يكون قد أقام قضاءه على أساس سليم من القانون. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون, ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إن المدعي قد عقب على طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة بمذكرة قال فيها إن هذا الطعن لا أساس له, وإن ما أثاره من مسائل سبق أن رد عليها المدعي في مذكراته أمام المحكمة الإدارية وفي عريضة استئنافه, كما بحثها السيد مفوض الدولة تفصيلاً في تقريره المقدم إلى محكمة القضاء الإداري, وإن بدل الانتقال ليس خاصاً بالزيارات المنزلية كما تقول المصلحة وهيئة المفوضين, بل هو بدل انتقال للزيارات المنزلية وغيرها. وانتهى - بعد سرد ما قام به من أعمال وانتقالات - إلى طلب "رفض الطعن, مع إلزام الحكومة بالمصروفات".
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن وزارة المواصلات طعنت من جانبها في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية بجلسة 30 من أكتوبر سنة 1954 في الدعوى رقم 3225 لسنة 2 القضائية فيما قضى به من أحقية المدعي في صرف مرتب الانتقال المقرر له عن مدة الأربعة الأشهر التي قام فيها بالزيارات المنزلية طبقاً لقرار مجلس إدارة مصلحة السكك الحديدية الصادر في 9 من مارس سنة 1953, وقد قيد طعنها هذا تحت رقم 646 لسنة 2 القضائية (استئناف) أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة المذكورة في 13 من يناير سنة 1955 طلبت فيها "الحكم بقبول هذا الاستئناف شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في التظلم المقدم من السيد الدكتور نجيب صالح المقيد تحت رقم 3225 لسنة 2 القضائية, مع إلزامه بالمصاريف ومقابل الأتعاب". وبنت استئنافها على أن الحكم المستأنف قد خالف القانون؛ إذ قضى بأحقية المستأنف عليه في صرف بدل انتقال مقداره 24 ج عن أربعة أشهر هي سبتمبر سنة 1949 وأبريل ومايو ويونيه سنة 1950 التي قام فيها بزيارات للمرضى في منازلهم, في حين أنه قد صرف له فعلاً مبلغ 316 م و9 ج نظير قيامه بتلك الزيارات بالنيابة عن بعض زملائه في أثناء إجازاتهم وفقاً للأوضاع الصحيحة في صرف مرتبات الانتقال المستحقة عن أيام إجازاتهم لمن يقوم مقامهم في العمل أثناء هذه الإجازات. ولا تزال هذه الدعوى منظورة أمام محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") حتى الآن, وقد تقرر ضمها إلى الدعوى الحالية للحكم فيهما بحكم واحد نظراً إلى وحدة الموضوع؛ لكون الدعويين وجهي طعن عن حكم واحد؛ ذلك أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يثير النزاع برمته في الموضوع المطروح عليها لتنزل حكم القانون فيه بما لها من سلطة التعقيب على الحكم المطعون فيه؛ حتى لا تغل يدها عن إعمال سلطتها هذه, وهي آخر المطاف في نظام التدرج القضائي, منعاً من تضارب الأحكام, وحسبما للمنازعات بحكم تكون الكلمة العليا فيه لأعلى درجة من درجات التقاضي في النظام القضائي.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من رفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً لقلة النصاب, وبقبوله؛ استناداً إلى أن قيمة متجمد بدل الانتقال الذي كان يطالب به المدعي أمام المحكمة الإدارية تجاوز النصاب النهائي لهذه المحكمة؛ ذلك أن العبرة في تقدير قيمة الدعوى فيما يتعلق بنصاب الاستئناف هي طبقاً لنص المادة 400 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بأن يكون هذا التقدير على أساس آخر طلبات للخصوم أمام محكمة الدرجة الأولى, لا على أساس ما تقضي به هذه المحكمة.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن مجلس إدارة مصلحة السكك الحديدية وافق بجلسته المنعقدة في 10 من مايو سنة 1938 على ما اقترحه مدير عام المصلحة بمذكرته رقم 6 (38 - 4/ 1) المرفوعة إلى المجلس بشأن تعديل توزيع مرتبات انتقال أطباء القسم الطبي, والتي جاء فيها "تصرف المصلحة مرتبات إضافية لبعض حضرات الأطباء بالقسم الطبي نظير الركائب التي يتحملونها أثناء الزيارات المنزلية للمرضى من موظفي ومستخدمي المصلحة الذين يتعذر عليهم الحضور للعيادة. وهذا النظام متبع منذ إنشاء القسم الطبي. وقد وافقت وزارة المالية على استمرار صرف تلك المرتبات... ولما كانت حالة العمل بالقسم الطبي أصبحت تستدعي تعديل تلك المرتبات... وقد لوحظ في هذا التعديل تخفيض هذه المرتبات عن تلك التي سبق أن أقرتها وزارة المالية ومجلس الإدارة.. ولن يترتب على هذا التعديل زيادة المبلغ المقرر بالميزانية وقدره 800 جنيه في السنة". وقد تضمن البيان الذي أوردته المصلحة في هذه المذكرة مبالغ بصفة أجور ترام وعربات. وبجلسة 17 من ديسمبر سنة 1944 وافق مجلس إدارة المصلحة على مذكرة أخرى لمدير عام المصلحة هي المذكرة رقم 29 (38 - 4/ 1) التي رفعت إليه بشأن مرتبات الانتقال للأطباء بالقسم الطبي, وورد بها: "مخصص لبعض أطباء المصلحة مرتبات انتقال ثابتة نظير ما يتكلفونه في انتقالاتهم أثناء الزيارات المنزلية للمرضى من موظفي ومستخدمي وعمال المصلحة الذين يقعدهم المرض عن تقديم أنفسهم إلى حضرات الأطباء بالعيادات المصلحة... وبمناسبة بعض التعديلات التي أدخلت على نظام العمل بالقسم الطبي استدعى الأمر ضرورة منح الأطباء الذين كلفوا القيام بهذه الأعمال مرتبات ثابتة أسوة بزملائهم؛ لذلك يكون من المتعين معاملتهم معاملة زملائهم ومنحهم المرتب المقرر...". وقد تضمن البيان المدرج بهذه المذكرة "مبلغ 48 جنيهاً في السنة لطبيب قسم أبي زعبل؛ لأنه ستحال عليه الزيارات المنزلية الخاصة بمرضى أبي زعبل المقيمين بالقاهرة". وفي 26 من أكتوبر سنة 1952 تقدم المدعي بطلب إلى مدير عام القسم الطبي بالمصلحة يلتمس فيه مخابرة الجهات المختصة للموافقة على منحه مرتب انتقال ثابت أسوة بزملائه؛ حيث إنه التحق بخدمة القسم في 8 من يناير سنة 1949, ويقوم بزيارات مصلحية للمرضى من موظفي المصلحة, واسمه مدرج بكشف النوبتجيات للإسعافات. وقد استطلع مدير عام القسم الطبي في 5 من نوفمبر سنة 1952 رأي المفتش الطبي الأول بالقاهرة في هذا الطلب، فرد هذا الأخير في التاريخ ذاته بالموافقة على طلب منح المذكور مرتب انتقال ثابت أسوة بزملائه؛ حيث إنه يقوم بزيارات منزلية. وفي 18 من نوفمبر سنة 1952 كتب مدير عام القسم الطبي إلى مراقب عام المصلحة بأن طبيعة عمل المدعي تستدعي الزيارات المنزلية لمرضى المصلحة للكشف الطبي عليهم, كما أنه مدرج بكشف نوبتجيات الأطباء؛ ولذا فإنه يرجو الحصول على الموافقة اللازمة لمنحه مرتب انتقال ثابت أسوة بزملائه أطباء أقسام مصر. وبناء على هذا تقدم مدير عام المصلحة في 22 من فبراير سنة 1953 إلى مجلس إدارتها بالمذكرة رقم 53 (28/ 14/ 813) التي وافق المجلس بجلسته المنعقدة في 9 من مارس سنة 1953 على ما طلبته بها المصلحة, وقد جاء بهذه المذكرة "سبق أن وافق مجلس الإدارة على صرف مرتب انتقال ثابت لبعض حضرات الأطباء بالقسم الطبي بالمصلحة يتراوح بين 72 ج و36 ج سنوياً لمن تدعو طبيعة أعمالهم التنقل. ونظراً لأن طبيعة عمل حضرة الدكتور نجيب صالح تستدعي الزيارات المنزلية لمرضى المصلحة للكشف الطبي عليهم, كما أنه مدرج بكشف نوبتجيات الأطباء... لذلك أرجو من المجلس التفضل بالموافقة على صرف مرتب انتقال ثابت قدره 72 جنياً سنوياً لحضرة الدكتور نجيب صالح من تاريخ قيامه بهذا العمل". ثم صدر القرار الوزاري رقم 59 لسنة 1953 (سكة حديد) بتكليف مدير عام السكة الحديد تنفيذ ما قرره المجلس. وفي 22 من أبريل سنة 1953 طلب مدير عام القسم الطبي موافاته بكشوف الزيارات شهرياً ليتسنى صرف مرتب الانتقال للمدعي. وقد قام القسم بصرف بدل الانتقال إليه من 9 من مارس سنة 1953, تاريخ صدور قرار مجلس الإدارة, وتبين أن بند مصاريف الانتقال به تجاوز لا يسمح بصرف الفرق عن المدة السابقة من 8 من يناير سنة 1949 حتى 8 من مارس سنة 1953. كما ثبت من الكشوف الشهرية المقدمة من المذكور للمصلحة عن تلك المدة وعددها خمسون كشفاً أن خمسة وأربعين منها لا تحتوي على زيارات منزلية إطلاقاً, وأن خمسة فقط هي التي بها زيارات منزلية بلغت في مجموعها سبعة وعشرين زيارة قام بها في أربعة أشهر هي سبتمبر سنة 1949 وأبريل ومايو ويونيه سنة 1950, نيابة عن بعض زملائه الأطباء أثناء غيابهم في إجازاتهم, وتقاضي عنها بدل انتقال مقداره 316 م و9 ج مقابل عدم صرفه لهم.
ومن حيث إنه يخلص مما سلف إيراده أن بدل الانتقال إنما تقرر منحه لبعض أطباء القسم الطبي بمصلحة السكك الحديدية بالإضافة إلى ما يتقاضونه من مرتبات لحكمة أفصحت عنها المذكرات المتعاقبة التي تقدم بها - في مختلف المناسبات - مدير عام المصلحة إلى مجلس إدارتها ووافق عليها هذا الأخير, وهي تعويضهم بصفة إجمالية جزافية ببدل ثابت عما يتكبدونه من نفقات نظير الركائب التي يتحملونها في انتقالاتهم خارج مقر عملهم الرسمي للقيام بزيارات منزلية للكشف على المرضى من موظفي ومستخدمي وعمال المصلحة الذين يقعدهم المرض عن تقديم أنفسهم إلى أطبائها بالعيادات المصلحية. وإذا كانت علة تقرير بدل الانتقال هذا هي الانتقال الفعلي إلى منازل هؤلاء المرضى لزيارتهم، فإن شرط استحقاقه هو القيام بهذه الزيارات, ويتخلف هذا الشرط بانقطاعها, ويتحدد النطاق الزمني لاستحقاق هذا البدل متجدداً بحكم طبيعته شهراً بشهر, بقطع النظر عن الزيارات أو الانتقالات الحاصلة في الشهور الأخرى قلت أو كثرت؛ ذلك أن هذا البدل هو مزية من مزايا الوظيفة العامة منوط منحه بتوافر الحكمة التي دعت إلى تقريره، وهي عدم تحميل الموظف ما اقتضت طبيعة وظيفته أن ينفقه في سبيل أدائها, لا أن يكون مصدر ربح له. ومن أجل هذا نصت المادة 13 من لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال للموظفين الدائمين والمؤقتين والخارجين عن هيئة العمال التي وافق عليها مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 25 من أكتوبر سنة 1925, والمعدلة بقراري المجلس الصادرين في 27 من يونيه سنة 1936 و29 من نوفمبر سنة 1938, على أنه "يحق لموظفي الحكومة ومستخدميها أن يستردوا المصاريف التي اضطروا إلى صرفها في خدمة الحكومة عن أجرة السفر بالسكك الحديدية أو بالمراكب أو بالترامواي, وعن أجرة نقل أمتعتهم بالسكك الحديدية أو بالمراكب, وعن أجرة العربات أو الركائب، وعن نقل الأمتعة وحملها وشيالتها...". كما أن المادة 55 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - وهي التي صدر تنفيذاً لها فيما بعد قرار رئيس الجمهورية بإصدار لائحة بدل السفر ومصاريف الانتقال في 18 من يناير سنة 1958 - نصت في صدرها على أن "للموظف الحق في استرداد المصروفات التي يتكبدها في سبيل الانتقال لتأدية مهمة حكومية...". والأصل أن يقف هذا البدل عند حد استرداد المصروفات الفعلية والضرورية التي يضطر طبيب المصلحة إلى إنفاقها في سبيل انتقاله للزيارات المنزلية التي يؤديها بنفسه لعيادة المرضى والمصابين أو إسعافهم, إلا أنه رؤى - من قبيل التيسير في الإجراءات والمحاسبة وتدبير اعتمادات الميزانية بالنظر إلى طبيعة العمل في القسم الطبي بمصلحة السكك الحديدية - جعل مقدار هذا البدل ثابتاً بطريقة جزافية, كثرت الزيارات أم قلت, ما دامت قد تحققت بالفعل, وليس معنى تحديد رقم ثابت في هذه الحالة أن يكون البدل مستحقاً دائماً, وقعت الزيارات في شهر ما أم لم تقع؛ لتعارض ذلك مع الحكمة التي قام عليها منحه وهي رد المصروفات التي أنفقها الطبيب في انتقال تم بالفعل, بل معناه أن مقداره معين سلفاً بصفة إجمالية متى تحقق سببه. ومتى كانت غايته محددة على هذا الوجه, فلا يسوغ الانحراف بها إلى منحه لقاء جهود أو أعمال إضافية تخرج عن نطاق هذه الغاية مهما بلغت مشقتها؛ ذلك أن الموظف - طبقاً لما نصت عليه المادة 73 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - مكلف أن يقوم بنفسه بالعمل المنوط به وأن يؤديه بدقة وأمانة, وأن يخصص وقت العمل الرسمي لأداء واجبات وظيفته, ويجوز تكليفه بالعمل في غير أوقاته الرسمية علاوة على الوقت المعين لها إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك.
ومن حيث إن المكاتبات التي دارت في سنة 1952 في شأن تقرير منح المدعي مرتب انتقال ثابت أسوة بزملائه استناداً إلى أن طبيعة العمل تستدعي الزيارات المنزلية وأنه يقوم بهذه الزيارات وصدور قرار مجلس إدارة المصلحة في 9 من مارس سنة 1953 بالموافقة على صرف هذا المرتب إليه على أساس أن طبيعة عمله تستدعي تلك الزيارات لمرضى المصلحة للكشف عليهم وأنه مدرج بكشف نوبتجيات الأطباء, إنما تناولت جميعها تقرير مبدأ الاستحقاق وأساسه وإقرار تطبيقه بشروطه في حق المدعي كقاعدة مجردة مبناها طبيعة العمل الذي يقوم به, ولم تنصب على إثبات واقعة حصول الانتقالات المبررة لهذا البدل في الفترة من تاريخ قيامه بالعمل في القسم الطبي أو في وقت معين منها؛ إذ المرد في ذلك إلى حقيقة الواقع, وهو حصول الزيارات المنزلية التي هي شرط استحقاق البدل. ولما كانت الكشوف الشهرية المقدمة من المدعي إلى المصلحة عن المدة موضوع المنازعة من 8 من يناير سنة 1949 حتى 8 من مارس سنة 1953 قد بلغت خمسين كشفاً, منها كشوف عن أربعة أشهر فقط هي التي تضمنت انتقالات لزيارات منزلية بلغ مجموعها سبعاً وعشرين زيارة دون باقي الكشوف, فإنه لا يستحق بدل انتقال، لما تقدم من أسباب، إلا عن هذه الأشهر الأربعة فقط. ولا يغير من هذا أنه قام بالزيارات المنزلية خلالها نيابة عن بعض زملائه أثناء أجازاتهم, ما دام قد تحقق فيه شرط استحقاق البدل, وما دام الغائب بالإجازة لا يتقاضى هذا البدل, بل ينتقل صرفه إلى القائم بعمله، بما يرتفع معه اعتراض عدم كفاية الاعتماد المالي. بيد أنه لما كان قد تقاضى بدل انتقال عن المدة المذكورة، فإنه يتعين استنزال ما قبضه بالفعل من قيمة البدل الكامل المستحق له عنها، والذي قضت له به المحكمة الإدارية بحكمها المطعون فيه من جانب المصلحة (وزارة المواصلات) أمام محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بالدعوى رقم 646 لسنة 2 القضائية (استئناف) التي لا تزال منظورة؛ ومن ثم فإن كلاً من حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه وحكم المحكمة الإدارية يكون قد جانب الصواب, الأول فيما قضى به من استحقاق المدعي لمرتب الانتقال الثابت بواقع 72 جنيهاً سنوياً من تاريخ قيامه بالعمل بالقسم الطبي بمصلحة السكك الحديدية اعتباراً من 8 من يناير سنة 1949 مع ما يترتب على ذلك من آثار, والثاني فيما أغفله من القضاء بخصم ما سبق صرفه للمدعي من مرتب الانتقال المقرر له عن مدة الأربعة الأشهر التي قام فيها بزيارات منزلية, والتي قضى له بأحقيته في صرف بدل انتقال عنها؛ ويتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباستحقاق المدعي لمرتب الانتقال المقرر بمقتضى قرار مجلس إدارة مصلحة السكك الحديدية الصادر في 9 من مارس سنة 1953, وذلك عن مدة الأربعة الأشهر فقط التي قام فيها بزيارات منزلية خلال الفترة من 8 من يناير سنة 1949 حتى 8 من مارس سنة 1953, بعد خصم ما سبق صرفه إليه من هذا البدل عن تلك المدة؛ منعاً لازدواج البدل الذي لا يجوز أن يتعدد, ورفض ما عدا ذلك من طلبات, مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات المناسبة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وفي موضوع المنازعة باستحقاق المدعي مرتب الانتقال على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم, وألزمت الحكومة المصروفات المناسبة, ورفضت ما عدا ذلك.