الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 يونيو 2023

الطعن 2583 لسنة 42 ق جلسة 6 / 2 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 أحزاب ق 2 ص 19

جلسة 6 من فبراير سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وإدوارد غالب سيفين، وسامي أحمد محمد الصباغ - نواب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الشخصيات العامة: الأستاذ/ د. محمد عبد التواب أحمد الجندي، الأستاذ/ د. عاصم أحمد السيد الدسوقي، الأستاذ/ د. أحمد نبيل عبد الوهاب السلاوى، الأستاذ/ محمد رفقي محمد صديق والأستاذ/ فؤاد محمد أحمد بدر.

-----------------

(2)

الطعن رقم 2583 لسنة 42 قضائية. عليا

(أ) أحزاب سياسية - الدفع بعدم دستورية قانون الأحزاب برمته - الرد عليه.
المادة 30 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979.
يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة - ينبغي أن تكون هناك نصوص بعينها يحددها الدفع بعدم الدستورية وأوجه المخالفة بالنسبة إلى كل نص على حدة - إذا كان الطاعن يبغي من دفعه عدم دستورية نصوص قانون الأحزاب السياسية جميعها فإنه يتعين عليه أن يبين أوجه المخالفة المنسوبة إلى كل نص على حدة - إذا لم يقم بهذا الالتزام كان الدفع غير متسم بالجدية مما يعين رفضه. تطبيق.
(ب) أحزاب سياسية - لجنة شئون الأحزاب السياسية - تشكيلها - انتماء الأعضاء لأي حزب سياسي - أثره.
المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية.
لم يرد بقانون الأحزاب السياسية نص صريح بشأن عدم انتماء رئيس لجنة الأحزاب السياسية أو الأعضاء المحددين بصفاتهم الوظيفية إلى أي حزب سياسي قائم أو أنه يتعين عليه أو على الأعضاء التخلي عن صفتهم الحزبية عند تشكيل اللجنة - قيد عدم الانتماء إلى حزب سياسي يسري فقط بالنسبة لأعضاء اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين - لجنة الأحزاب السياسية لجنة إدارية وما يصدر عنها قرارات إدارية شكلاً وموضوعاً وتخضع للرقابة القضائية أمام المحكمة المختصة - لا يسري بشأن أعضاء هذه اللجنة ما هو مقرر بشأن القضاة من شروط تتعلق بالحيدة والتنحي والمنع من المشاركة في إصدار القرار. تطبيق.
(جـ) أحزاب سياسية - شرط تميز الحزب - مناطه.
المادة 4 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية.
قضت المحكمة الدستورية العليا بدستورية هذا الشرط - أساس ذلك - ضمان الحرية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية تسانده وأن يكون لوجوده إضافة جديدة للعمل السياسي دعماً للديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتوسعة لنطاق المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وأنسبها لها - والتميز يكمن صدقاً وحقاً في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترد في برنامج الحزب وأساليبه وسياساته التي ارتضاها لنفسه ليكون ملامح شخصية حزبية متميزة تعبر عن توجه فكري مميز في مواجهة المشاكل العامة واختيار الحلول لها. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 7/ 3/ 1996 أودع الدكتور/ ..... المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن السيد/ ..... وكيل مؤسسي حزب السادات، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2583 لسنة 42 ق عليا في القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية المشكلة طبقاً للمادة (8) من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 في اجتماعها المعقود بتاريخ 8/ 2/ 1996 والذي جاء نصه "الاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ...... بتأسيس حزب باسم "حزب السادات".
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير طعنه، إلغاء قرار الاعتراض على تكوين حزب السادات وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات، ثم اتبعت ذلك بتقرير تكميلي انتهت فيه إلى رفض الدفع بعدم دستورية القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا دائرة الأحزاب السياسية والمشكلة وفقاً لحكم المادة (8) من القانون المشار إليه وذلك على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
من حيث إنه عن شكل الطعن، فإن المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام الأحزاب السياسية تنص على أنه "يجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية التي يرأسها رئيس مجلس الدولة......".
ومن حيث إن القرار المطعون فيه صدر في 8/ 2/ 1996، وأودع الطاعن تقرير طعنه قلم كتاب هذه المحكمة في 7/ 3/ 1996 أي خلال المواعيد المقررة قانوناً، فضلاً عن استيفائه للشروط الشكلية الأخرى المقررة قانوناً، فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذا الطعن تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 8/ 10/ 1995 قدم السيد/ ....... بصفته وكيلاً عن مؤسسي حزب سياسي جديد باسم "حزب السادات" إخطاراً كتابياً إلى السيد الدكتور رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية يطلب فيه الموافقة على تأسيس هذا الحزب وأرفق بالإخطار برنامج الحزب ولائحة نظامه الأساسي وكشفاً بأسماء الأعضاء المؤسسين البالغ عددهم (73) عضواً منهم (23) من الفئات و(50) من العمال والفلاحين مصدق رسمياً على توقيعاتهم جميعاً.
وإعمالاً لنص المادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقانون رقم 221 لسنة 1994 قام السيد رئيس اللجنة بإبلاغ السيدين رئيسي مجلسين الشعب والشورى بأسماء الأعضاء المؤسسين كما قام بنشرها في صحيفتين صباحيتين يوميتين وفقاً للقانون.
وبتاريخ 21/ 10/ 1995 عرض الإخطار عن تأسيس الحزب على اللجنة وتم نظره على النحو المبين بمحاضر جلساتها ثم أصدرت قرارها في 8/ 2/ 1996 بالاعتراض على تأسيس هذا الحزب، استناداً إلى افتقاره إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي وتميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة، فبرامجه تتناول مجالات مطروحة سلفاً من قبل أحزاب أخرى أو ترديداً لبرامج وخطط قائمة يجرى تنفيذها فعلاً، وفضلاً عن ذلك فقد اعتمد في شرح برنامجه على صياغات لفظية، وعبارات إنشائية، وذلك كله يجعله غير جدير بالانتماء إلى حلبة النضال السياسي مع باقي الأحزاب القائمة لعدم توافر الشروط التي تتطلبها المادة الثانية والبند ثانياً من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية، وبالتالي الاعتراض عليه.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى برنامج الحزب الذي تقدم به وكيل المؤسسين تبين أنه استهل البرنامج بمقدمة أشار فيها إلى مؤثرات العمل الوطني الخالص لله وللوطن والذي بدى فيما نادت به ثورة 1919 من مطالبة بالاستقلال والدستور، وما نقلت به ثورة 23 يوليو 1952 البلاد من عصر إلى عصر بتغيير الخريطة الاجتماعية للبلاد، كما أن ثورة 15 مايو 1971 أنهت الشرعية الثورية وتحولت البلاد إلى شرعية دستورية يسود فيها القانون وتعمل فيها المؤسسات ومن ثم كان للعمل الوطني المخلص ثمراته خاصة إذا استهدف تحقيق رفع مستوى معيشة الطبقات العاملة المنتجة وكفل سعادتها وحريتها، وتواجدت خريطة جديدة لمصر وسياسة قومية واحدة تجاه القضايا الهامة.
ومن المقدمة انتقل المؤسسون إلى عرض برنامج الحزب، على النحو التالي:
أولاً: الشئون الخارجية: يدعو الحزب إلى تدعيم جامعة الدول العربية وتوثيق الروابط بين شعوبها والتضامن معها في استكمال حقوقها الشرعية وإنشاء محكمة العدل العربية، وتحقيق الوحدة بين شعبي مصر والسودان باعتبار وادي النيل وطناً مشتركاً. وبذل الجهد لتحقيق أهداف ميثاق الأمم المتحدة لإقرار السلام العادل لجميع شعوب المنطقة واستعادة واحة جغبوب وردها إلى أرض الوطن عن طريق المفاوضات والتحكيم الدولي.
ثانياً: الدفاع: يرى الحزب ضرورة زيادة قواتنا الدفاعية لصون استقلال الوطن وسلامة أراضيه وتمكين البلاد من المساهمة في تأييد الأمن الإقليمي والسلام العالمي.
ثالثاً: الشئون الداخلية: يطالب الحزب بإعادة بناء الدولة على أسس العدل والحق والحرية وذلك باحترام كرامة الفرد وكفالة حرية الرأي وتوطيد الحكم الديمقراطي، والدعوة إلى تعبئة عامة تشمل صفوة المفكرين من أبناء الوطن للعمل على تحقيق الأهداف القومية واستقرار الحكم الدستوري وتكوين رأي عام حر مستنير لرسم معالم الغد وذلك بتقرير حرية نقل الأنباء الصحيحة ونشر الحقائق على الشعب وإشاعة روح الشورى في البلاد وتعديل طريقة الانتخاب حتى لا تكون حكومية بل تكون شعبية يقوم أساسها على القرية والمدينة والإقليم، أما تمثيل المرأة فيكون بالطريقة التي تلائم طبيعتها.
أما بالنسبة للإدارة المحلية فينبغي إقرار الحكم الذاتي للقرى والمدن والأقاليم بحيث تقوم بكافة شئونها ومرافقها العامة والإشراف على الأعمال التعاونية وإعادة بناء إدارات الحكم المحلي وجعلها مدنية مع القضاء على المركزية.
وبالنسبة للعدالة يتعين كفالة استقلال القاضي بحيث لا تتدخل الحكومة في أمر تعيينه أو نقله أو ترقيته وتحريم كل تدخل حكومي في هذا الشأن والمطالبة بإنشاء ديوان للمظالم.
رابعاً: الشئون الاقتصادية: يدعو الحزب إلى إنشاء ديمقراطية اجتماعية واقتصادية ويتمثل ذلك في أن يكون الاقتصاد القومي قائماً على تحقيق رفاهية الفلاح والعامل ورفع مستواهما، وبزيادة الثروة القومية في مجال الزراعة والصناعة والتجارة واستغلال الموارد الطبيعية على أساس البحوث العلمية والنظم الفنية وذلك على النحو التالي:
1 - الزراعة: يرى الحزب ضرورة تنمية غلة الأرض بتنويع المحاصيل والاستعانة بكافة الوسائل العلمية والآلات الحديثة، والتوسع في استصلاح الأراضي، وأن يكون عصر سياسة زراعية سليمة تقوم على حماية الفلاح وحماية الأرض أيضاً وذلك بتوزيعها عادلاً مع تشجيع الحقول الصغيرة وإيجاد ملكيات زراعية تعاونية للشباب.
2 - الصناعة: يطالب الحزب بالنهوض بالصناعة وذلك بتدبير المواد الأولية والقوى المحركة وتوزيع المصانع في مختلف أرجاء البلاد وحماية الصناعات الناشئة، وفتح مجال العمل للشباب على أن يكون هناك تعاون وربط بين الزراعة والصناعة حيث إن الرخاء القومي لن يتحقق إلا بسياسة متوازنة بين هذين المجالين تؤدي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي.
3 - العمال الزراعيين والصناعيين: يدعو الحزب إلى حماية العامل الزراعي والصناعي وتنظيم شئونه وذلك بالتوسع في تشريعات التأمين الاجتماعي وتقرير أجور تتناسب مع وفرة الإنتاج وجودته وكفالة حياة كريمة للعمال وتنظيم علاقاتهم بأرباب الأعمال على أسس إنسانية وإنشاء هيئات تتولى النظر في أمورهم والعمل على حل مشاكلهم وإعادة إنشاء نظام الطوائف الحرفية بحيث لا يجوز مزاولة المهنة إلا عن طريق شيخ الطائفة الحرفية.
4 - المصريون العاملون بالخارج: يرى الحزب ضرورة قيام الدولة بتحقيق الرعاية للعامل الذي يسافر للخارج ولأسرته وذلك عن طريق التخفيف من القيود والإجراءات والرسوم التي يدفعها قبل سفره، وأن تعمل الدولة على حماية تنفيذ العقود المرتبطين بها وكفالة حقوقهم في الخارج عن طريق سفاراتها، وأن تساعد العائد منهم بتدبير عمل مشروع في حدود الإمكانيات وأن تؤمن لهم مقابلاً عن المخاطر التي يتعرضون لها بسبب سفرهم للعمل بالخارج.
5 - إنعاش التجارة الداخلية والخارجية: يدعو الحزب إلى إنعاش التجارة الداخلية بمحاربة الاحتكار وتنظيم السوق تشجيعاً للمنافسة، وتوجيه التجارة الخارجية وفقاً لنظام يحررها من القيود مع تشجيع التصدير بتقليل الرسوم والإجراءات الإدارية.
6 - الشئون المالية: يطالب الحزب بتوجيه مالية الدولة لخير الجميع وأن يكون تحقيق الحاجات الضرورية للسواد الأعظم من المواطنين، وتكون العناية بالمشروعات الكبرى التي تزيد من موارد الدولة وإعفاء الطبقات الفقيرة من الضرائب، وتحرير الاقتصاد المصري من القيود المفروضة عليه وتطوير سوق النقد والمال وتشجيع رؤوس الأموال المصرية على المساهمة في النهضة الاقتصادية وإيجاد تمويل ذاتي لحاجات القرية.
7 - الاستقرار الاقتصادي: ينادي الحزب بإقامة نظام اقتصادي متين لتنظيم الإنتاج وتنظيم موارد الدولة وإيجاد تعاون وثيق بين رجال الاقتصاد ورجال السياسة، مع اتخاذ التدابير التي تسمح بسرعة الإنتاج ومسايرة التعاون الاقتصادي الدولي.
8 - السياحة: يرى الحزب أن السياحة تعتبر من الموارد الهامة لمالية الدولة وفتح فرص عمل جديدة في مجالها وعليه يجب الاهتمام بالمنشآت السياحية وتشجيع زيادة عدد السياح بتوفير الأمن ووسائل الانتقال والإقامة، وتشجيع السياحة الداخلية لأبناء الوطن.
خامساً: الشئون الاجتماعية: عرض الحزب تحت هذا البند ما أسماه "المجتمع المصري" مطالباً بإقامة مجتمع على أساس الدين والأخلاق والوطنية مبدياً تصوراته بالنسبة للركائز التي يقوم عليها على النحو التالي:
1 - الدين: هو الذي يكفل للشعب أسمى المبادئ الروحية التي هي مصدر سعادته وقوته ويدعو إلى أن نقيم نهضتنا على الإخاء والتعاون مع جميع الأديان، وأن يكون الدين أساساً عملياً في تربية النشء وأن يكون التسامح والمحبة والسلام من دعائم المجتمع ويرى الحزب عدم إقامة أماكن للعبادة إلا بترخيص، ولا يعتلي الخطابة أو الإرشاد الديني في تلك الأماكن إلا الشخص المؤهل وبموافقة الجهات الرسمية.
2 - التعليم: يرى الحزب بأن يكون نشر التعليم على أساس التعاون الكامل بين الشعب والحكومة، وتقوم التربية على التعاون بين المدرسة والأسرة، وتحقيق مرحلة من التعليم موحدة في ثقافتها القومية وبث الشعور الوطني في نفوس الناشئة والعناية بالتعليم الفني والعالي، والعمل على إنشاء تعليم خاص تعاوني، وتحريم إعطاء الدروس الخصوصية ومكافحة الأمية والجهل.
3 - الصحة العامة: يدعو الحزب إلى وضع برنامج عملي لتوفير الغذاء والكساء للعامل والفلاح والطبقات الفقيرة عامة، وتوفير المياه الصالحة للشرب وتحسين حالة السكن في القرى ونشر التعاليم الصحية، وتوفير العلاج المجاني، والعناية بالطفل وإنشاء مصحات للأطفال.
4 - الأسرة: يطالب الحزب بتدعيم الأسرة وتوثيق الروابط بين أفرادها وإنشاء مجلس أعلى قومي للنظر في شئونها وتنظيم النسل، وتقرير مسئولية الآباء عن أبنائهم بدفع التعويض عن الأضرار التي يلحقونها بالغير والعمل على إنشاء مجالس عرفية بالقرى والمدن والمراكز والأقسام لحل مسائل الأحوال الشخصية ويكون قرارها إلزامياً.
5 - رعاية المعوقين: يرى الحزب أنه يجب على الدولة والجمعيات الأهلية توفير الرعاية الكاملة للمعوقين وذلك بتوفير الرعاية الصحية والسكن المناسب والعمل للقادر منهم وإدماجهم في مختلف مراحل التعليم وتبني الموهوبين منهم.
6 - الشباب: يؤمن الحزب بأن ثروة الأمة الحقيقية ومستقبلها في شبابها وأن تهيئة جيل صحيح الجسم قوي الخلق مزود بالعلم والإيمان يعد ركيزة قوية لمستقبلها، لذا يلزم إقامة النوادي الرياضية والمكتبات وقاعات الاجتماعات وإعداد جماعات المرشدين والزائرات الصحيات والمشرفات الاجتماعيات والعناية بالتعليم العسكري وتحريم بيع الدخان وتوقيع عقوبة الفصل من التعليم لكل متعاطي للمخدرات، والتدريب العسكري وشئون الإسعاف والهلال الأحمر.
7 - الإسكان: ينادي الحزب بمحاربة الجشع والمضاربة على الأراضي، وبيع الدولة لأراضيها بحق الانتفاع فقط ومنع التنازل عن الوحدات الاقتصادية المملكة لأغراض اجتماعية وتشجيع البناء الجماعي والقضاء على احتكارات بيع مواد البناء وتحريم البناء العشوائي والمحافظة على جمال البيئة وحل مشاكل أصحاب العقارات القديمة.
8 - الصحافة والإعلام: يرى الحزب أنه لا بد من احترام استقلال الصحافة كي تمارس رسالتها بحرية من أجل إعلاء شأن الكلمة الحرة وحق المعرفة التي هي من حقوق كل مواطن وأنه يرفض الرقابة على الصحف والمطبوعات أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإداري ويكون للصحفيين حق الحصول على المعلومات دون الكشف عن مصادرها، وعدم جواز الحبس الاحتياطي في جرائم النشر، وأن تكفل الدولة استقلال الإذاعة والتليفزيون في مباشرة نشاطهما ورد الصحف المؤممة لأصحابها صوناً للملكية.
9 - الأزهر: يدعو الحزب إلى أن ينتخب شيخ الأزهر من هيئة كبار العلماء وأن يستمر في منصبه طوال حياته، وفي حالة استقالته أو عجزه تنتخب الهيئة المشار إليها من يحل محله.
10 - من أجل المحافظة على القيم والأخلاق والعدالة والمساواة: تحت هذا العنوان يطالب الحزب بأن يكون لكل مواطن يعتدي على كرامته أن يرفع دعواه لديوان المظالم الذي يختص بتعدي أصحاب السلطة على المواطنين، ويحظر على عضو البرلمان طلب تسهيل أو تزكية لمواطن لما في ذلك من إخلال لمبدأ المساواة وأن تعمل دواوين الحكومة على فترتين وأن تكون اللغة العربية هي اللغة الأصلية في المدارس والجامعات وأن يكون زواج المصريات بالأجانب عن طريق مشرفات اجتماعيات لبحث حالة الزوج وتسهيل منح الجنسية لأبناء المصريات.
واختتم الحزب برنامجه بما يراه بالنسبة لنظام الحكم بأن يكون ذلك النظام الذي أعلن يوم 18 يونيو 1953 وهو النظام الجمهوري الذي يقوم على الشرعية الدستورية وليست الشرعية الثورية وطالب بمزيد من الحريات والمحافظة على السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية وكل مكاسب الشعب المصري. وأن تكون مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
ومن حيث إن لجنة شئون الأحزاب السياسية تناولت في تقريرها بالاعتراض على تكوين الحزب كافة الموضوعات التي تناولها برنامجه وقامت بالرد عليها تفصيلاً، وكان مرد اعتراضها إما لأن ما يطالب به الحزب تقوم الحكومة بتطبيقه فعلاً ضمن منهج سياستها، أو لأنه دخل ضمن برامج أحزاب قائمة أو لأنه لا يضيف جديداً للساحة السياسية أو النهج الاجتماعي أو لأن الدستور والقوانين تكفلت بتنظيم تلك المسائل، وخلص رد لجنة الأحزاب إلى أن برنامج الحزب على الوجه الذي تناولته الدراسة يكون مفتقداً لملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي وتميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة، فبرامجه تتناول مجالات مطروحة سلفاً من قبل أحزاب أخرى أو أنها ترديد لبرامج وخطط قائمة يجرى تنفيذها فعلاً، فضلاً عن الصياغات اللفظية والعبارات الإنشائية التي شرح بها برنامجه وذلك كله يجعله غير جدير بالانتماء إلى حلبة النضال السياسي مع باقي الأحزاب القائمة لعدم توافر الشروط التي تتطلبها المادة الثانية والبند ثانياً من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية.
ومن حيث إن مبنى الطعن على قرار لجنة الأحزاب السياسية يقوم على أسباب حاصلها:
أولاً: عدم دستورية أي تقييد تشريعي لحرية تكوين الأحزاب ذلك لأن حق تكوين الأحزاب السياسية في نظام ديمقراطي تعني حق المواطنين في أن يمارسوا حرية الرأي والاجتماع والجمعيات دون قيود وإلا كانت مثل هذه النصوص مشوبة بعدم الدستورية.
ثانياً: بطلان الإجراءات: ويتمثل ذلك في أنه رغم أن الطاعن يتمسك بعدم دستورية قانون الأحزاب، إلا أنه لا يجد مفراً من إتباع أحكامه لبيان عدم التزام جهة الإدارة بما ورد فيه، فلقد أراد المشرع منذ صدور القانون رقم 40 لسنة 1977 أن يظهر بمظهر المحايد في تشكيل لجنة الأحزاب رغم أن التشكيل الراهن يرجح الطابع الحزبي للجنة عندما جعل رئيسها رئيس مجلس الشورى والأعضاء الحكوميين وزراء منتمين للحزب الوطني مما يفقد اللجنة حيادها الذي افترضه القانون.
ثالثاً: عدم صحة أسباب القرار: وذلك لغرابة النصوص القانونية التي تسمح للجهة الإدارية بأن تتحكم في قيام الحزب السياسي بالنظر إلى ما يضيفه برنامجه من جديد يميزه عن برامج الأحزاب الأخرى، فهذا الشرط يصعب تحققه في كثير من الأحزاب الأخرى طالما أن القانون فرض قالباً صارماً يلزم أن يصاغ بداخله برنامج أي حزب، وعلى ذلك فإذا ما استند قرار الاعتراض على هذه النصوص التي يصعب تحققها في الواقع فإنه يكون قد قام على أسباب غير صحيحة.
يضاف إلى ذلك عدم صحة ما ذهب إليه القرار من عدم وجود إضافة أو مقترحات جديدة رغم وضوح المطالب التالية:
1 - المطالبة باستعادة واحة جغبوب المصرية.
2 - تحديد إدارة الحكم وجعلها مدنية.
3 - إقرار الحكم الذاتي للقرى والمدن والأقاليم.
4 - الإصلاح الاقتصادي.
5 - ملكية زراعية جماعية للشباب.
6 - الجمعيات التعاونية.
7 - تشجيع إقامة المصانع.
8 - إنشاء نظام الطوائف الحرفية.
9 - التأمين على المصريين العاملين بالخارج.
10 - إيجاد تمويل ذاتي لشئون القرية.
11 - عدم إقامة مباني العبادة إلا بترخيص.
12 - إنشاء تعليم خاص تعاوني.
13 - تحريم إعطاء الدروس الخصوصية.
14 - حماية الشباب من الغناء المخنث.
15 - بيع أراضي الدولة بحق الانتفاع فقط.
16 - حرية الصحافة.
17 - انتخاب شيخ الأزهر.
18 - منح الجنسية لأبناء المصريات.
19 - عودة نظام ديوان المظالم.
20 - عمل دواوين الحكومة فترتين.
21 - الدعوة للاهتمام بالريف.
وخلص الطاعن مما تقدم جميعه إلى عدم صحة قرار الاعتراض على تكوين حزب السادات.
وأثناء نظر الطعن أودع الطاعن مذكرات دفاعه تعقيباً على ما ورد في تقرير هيئة مفوضي الدولة بشأن الدفع المقدم منه بعدم دستورية قانون الأحزاب السياسية، وكذلك ما تناولته لجنة شئون الأحزاب من أسباب اعتراضها على تأسيس الحزب.
كما أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن.
ومن حيث إن هذه المحكمة تلتزم في إعمال رقابتها على القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب بالاعتراض على تأسيس الحزب، بأحكام الدستور وبالقانون رقم 40 لسنة 1977 المنظم لصلاحيات تلك اللجنة.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع الذي آثاره الطاعن بعدم دستورية القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية، فإن الطاعن أشار إلى أنه ينازع في الشرعية الدستورية للقانون بأكمله، وليس بالنسبة إلى بعض نصوصه فطعنه ينصرف إلى جوهر القانون نفسه إذ أنه يستهدف إلغاء حرية تكوين الأحزاب التي يدعي أنه ينظمها فضلاً عن أنه يجعل قيام الأحزاب رهناً بإدارة لجنة خاصة حكومية هي لجنة شئون الأحزاب.
ومن حيث إن دستور جمهورية مصر العربية الصادر سنة 1971 ينص في المادة الخامسة منه معدلة بالتعديل الدستوري الصادر في 22 مايو 1980 على أن "يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور.
وينظم القانون الأحزاب السياسية".
ومن حيث إن القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية ينص في المادة (1) على أن "للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون".
وتنص المادة الثانية على أنه "يقصد بالحزب السياسي كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك على طريق المشاركة في مسئوليات الحكم".
وتنص المادة الثالثة على أن "تسهم الأحزاب السياسية التي تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية الديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلاحين وذلك كله على الوجه المبين في الدستور.
وتعمل هذه الأحزاب باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسياً".
وتنص المادة الرابعة على أنه "يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي:
أولاً: عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع:
1 - مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع.
2 - مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971.
3 - الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية.
ثانياً: تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
وتنص المادة الثامنة على أن "تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالي:
1 - رئيس مجلس الشورى - رئيساً، 2 - وزير العدل - عضواً، 3 - وزير الداخلية - عضواً، 4 - وزير الدولة لشئون مجلس الشعب - عضواً، 5 - ثلاثة من غير المنتمين إلى أي حزب سياسي أو نوابهم من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم يصدر باختيارهم قرار من رئيس الجمهورية....... ......... ...........
وتختص اللجنة بالنظر في المسائل المنصوص عليها في هذا القانون وبفحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقاً لأحكامه.
ولا يكون اجتماع اللجنة صحيحاً إلا بحضور رئيسها وأربعة من أعضائها من بينهم الأعضاء المنصوص عليهم في البنود 2 و3 و4 من الفقرة الأولى من هذه المادة.
ومن حيث إن قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ينص في المادة (30) على أنه "يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقاً لحكم المادة السابقة، بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته، والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة".
ومؤدى هذا النص ومفاده أنه ينبغي أن تكون هناك نصوص بعينها يحددها الدفع بعدم الدستورية وأوجه هذه المخالفة بالنسبة لكل نص على حده، وعلى ذلك فإذا كان الطاعن يبغي من دفعه عدم دستورية نصوص قانون الأحزاب جميعها فقد كان يتعين عليه أن يبين وجه المخالفة بالنسبة لكل نص على حده، فإذا لم يقم بهذا الالتزام كان دفعه غير متسم بالجدية مما يتعين معه رفض طلبه، أما إذا كان يبغي من دفعه تلك النصوص التي اعتبرها مقيدة لحرية تكوين الأحزاب والتي تدور حسبما وضح من مذكرات الدفاع حول طريقة تشكيل اللجنة وما أوردته المادة الرابعة من ضرورة تميز الحزب وسياسته كشرط لقيامه في الساحة السياسية فلقد سبق لقضاء هذه المحكمة أن قضى بأن القانون رقم 40 لسنة 1977 لم يرد فيه نص صريح بشأن عدم انتماء رئيس لجنة الأحزاب أو الأعضاء المحددين بصفاتهم الوظيفية إلى أي حزب سياسي قائم أو أنه يتعين عليه أو على الأعضاء التنحي عن صفتهم الحزبية عند تشكيل اللجنة وذلك أمر لم يكن المشرع غافلاً عنه بدليل وضعه هذا القيد بالنسبة لأعضاء اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين كما أن اللجنة بحسب تكوينها واختصاصاتها وسلطاتها في البحث والتقصي هي في حقيقتها لجنة إدارية وما يصدر عنها من قرارات بالاعتراض على تأسيس الحزب لا يعدو في حقيقة تكييفه الصحيح أن يكون قراراً إدارياً شكلاً وموضوعاً وأنه خاضع للرقابة القضائية بالطعن عليه أمام المحكمة المختصة ومن ثم لا يسري بشأن أعضاء هذه اللجنة ما هو مقرر بشأن القضاة من شروط تتعلق بالحيدة والتنحي والمنع من المشاركة في إصدار القرار باعتبار أن من أسباب الطعن على القرار الإداري عامة الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها.
وكذلك الحال بالنسبة لشرط التميز المنصوص عليه بالمادة الرابعة المشار إليها والذي اعتبره الطعن عقبة تحول دون تكوين الأحزاب ومن ثم يكون مخالفاً للدستور، فلقد قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 44 لسنة 7 ق دستورية بأن هذا الشرط دستوري بحسبانه ضماناً للحرية وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية تسانده وأن يكون وجود الحزب إضافة جديدة للعمل السياسي ببرنامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتوسعة لنظام المفاضلة بينها واختيار أصلح الحلول وانسبها لها الأمر الذي يجعل الدفع المبدى في هذا الشأن حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه عن السبب الآخر من الطعن القائم على عدم صحة الأسباب التي استند إليها قرار الاعتراض المطعون فيه والتي عبرت عنها اللجنة بقولها إنه تبين لها من برنامج حزب السادات أنه يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي وتميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة فبرامجه تتناول مجالات مطروحة سلفاً من قبل أحزاب أخرى أو أنه ترديد لبرامج وخطط قائمة يجرى تنفيذها فعلاً وذلك كله يجعله غير جدير بالانتماء إلى حلبة النضال السياسي مع بقية الأحزاب القائمة لعدم توافر البند ثانياً من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 والذي يدور حول ضرورة تميز الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق أهدافه تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى. فإنه طبقاً للدستور والقانون يتعين على الأحزاب السياسية سواءً القائمة أو التي يطلب تأسيسها أن تلتزم جميعاً باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري وألا تتعارض في برامجها أو أهدافها مع مبادئ الشريعة الإسلامية أو مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971 كما تلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والمكاسب الاشتراكية، ومقتضى ذلك أن الدستور ومن بعده القانون المشار إليه تطلباً لزاماً اتفاق الأحزاب في أمور غير مسموح في شأنها بالاختلاف أو التميز، وعلى ذلك تكون دائرة التميز المطلوب كشرط لتأسيس الحزب المزمع قيامه سوف يكون خارج إطار تلك المبادئ والأهداف، كذلك فإن التميز المطلوب قانوناً وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليها لا يمكن أن يكون المقصود به الانفصال التام في برامج الأحزاب حيث إن عبارة النص ودلالته ليس فيها ما يوحي بأن التميز ينظر إليه بالمقارنة بما ورد في برامج الأحزاب جميعها وإلا كان منتهى هذا الأمر هو فرض قيد أقرب إلى تحريم تكوين الحزب ومصادرة لحق المواطنين في ممارسة الحياة السياسية. بل يكون التميز قائماً ومنتجاً لآثاره القانونية ولو وجدت بعض أوجه التشابه بين برامجه وأساليبه واتجاه الأحزاب الأخرى حيث إن جميع الأحزاب تخضع لحكم عام هو الالتزام بالمقومات الأساسية للمجتمع وعلى ذلك فإن التميز المطلوب يكمن صدقاً وحقاً في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترد في برامج الحزب وأساليبه وسياساته التي ارتضاها لنفسه ليكون ملامح شخصية حزبية متميزة تعبر عن توجه فكري مميز في مواجهة المشاكل العامة واختيار الحلول لها.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم من تحديد لشرط التميز على برنامج حزب السادات تحت التأسيس وبعد استعراض كامل للبرنامج يبين أن الحزب يدعو في مجال الشئون الخارجية إلى تدعيم جامعة الدول العربية وتوثيق الروابط بين شعوبها وإنشاء محكمة العدل العربية وتحقيق الوحدة بين مصر والسودان وتأييد السلام والأمن الدولي بمشاركة مع الأمم المتحدة والعمل على استعادة واحة جغبوب بالطرق السلمية.
وقد ردت لجنة شئون الأحزاب على ذلك بأن ما ورد في برنامج الحزب يعتبر ترديد لسياسة قائمة تنتهجها الدولة في شئونها الخارجية، فضلاً عن أن ما نادى به لم يتضمن جديداً يميزه عما ورد في برامج الأحزاب القائمة ومنها الوطني والوفد الجديد والأحرار والعمل والأمة والاتحاد الديمقراطي ومصر الفتاة والخضر.
أما عن واحة جغبوب فقد حسمت تبعيتها واستقر وضعها.
وفي مجال الدفاع: يرى الحزب بضرورة زيادة قواتنا الدفاعية لصون استقلالنا وسلامة أراضينا وتمكين البلاد من المساهمة في تأييد الأمن الإقليمي والسلام العالمي.
ورأت لجنة شئون الأحزاب في ردها بأن ما ينادي به الحزب في هذا الخصوص هو أمر حاصل فعلاً، فضلاً عن وروده ببرامج أحزاب قائمة منها الوطن والوفد الجديد والخضر والشعب الديمقراطي والعمل.
وفي مجال الشئون الداخلية: يطالب الحزب بإعادة بناء الدولة على أسس من العدل والحق والحرية واحترام كرامة الفرد وكفالة حرية الرأي ودعوة صفوة المفكرين للعمل على تحقيق الأهداف القومية واستقرار الحكم الدستوري، وتكوين رأي عام مستنير لرسم معالم الغد وتعديل طرق الانتخابات حتى تكون شعبية وليست حكومية وأن يكون تمثيل المرأة بالأسلوب الذي يلائم طبيعتها ورسالتها. وأن يكون للقرى والمدن والأقاليم حكم ذاتي عن طريق هيئات منتخبة، وتجديد إدارات الحكم المحلي والقضاء على المركزية وتكون مهمة الوزارات التوجيه والرقابة، وكفالة استقلال القضاء وتحريم كل تدخل في شئونه.
وقد ردت لجنة شئون الأحزاب على ذلك بأن ما يدعو إليه الحزب من إعادة بناء الدولة على أسس من العدل والحق والحرية وما يقترحه من تعبئة لصفوة المفكرين من أجل تحقيق الأهداف القومية هو ترديد للمبادئ العامة والأساسية التي كفلها الدستور وأن الحكومة تسير مع اتجاه الاستعانة بالصفوة عن طريق إنشاء العديد من الهيئات والمراكز القومية المتخصصة التي تضم العلماء والخبراء والمفكرين، أما عن المطالبات الأخرى في الشئون الداخلية فإن ما ينشده الحزب هو الحاصل فعلاً طبقاً لسياسة الحكومة ولا يختلف الحزب في ذلك عن غيره من الأحزاب القائمة مثل برنامج حزب العدالة الاجتماعية.
وفي مجال الشئون الاقتصادية: أوضح الحزب رأيه في مسألة الزراعة بأن طالب بتنويع المحاصيل الزراعية لتنمية غلة الأرض والاستعانة بالوسائل العلمية الحديثة وإنشاء الصناعات الزراعية والتوسع في المساحات المزروعة والاهتمام بشئون الصرف، والعمل على وجود ملكيات زراعية جماعية وتعاونية للشباب في الأراضي المستصلحة وتقديم القروض الزراعية بشروط ميسرة.
وقد رأت لجنة الرد على البرنامج بأن الحزب لم يأت بأي جديد في هذا الشأن وهو لا يعدو أن يكون دعوة لأمور كلها قائمة في سياسة الحكومة، فضلاً عن تناول برامج أحزاب قائمة للسياسة الزراعية بإسهاب.
وفي مجال الصناعة: طالب الحزب بالنهوض بالصناعة وتشجيع إقامة المصانع وحماية الصناعات الناشئة وفتح مجال العمل للشباب فيها.
وعقبت لجنة الأحزاب على ذلك بأن برنامج الحزب في هذا الصدد يتفق مع السياسة التي تسير عليها الحكومة والتي تتمثل في اهتمامها البالغ بالصناعة وزيادة الدخل القومي وتوفير فرص عمل للشباب بتشجيع القطاع الخاص على إقامة المصانع المختلفة.
أما عن إيجاد توازن بين الإنتاج الزراعي والصناعي بالقدر الذي يسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي فإن خطة الحكومة في هذا المجال تستهدف دائماً تحقيق هذا التوازن.
وبالنسبة لما يطالب به الحزب من حماية للعمال الزراعيين والصناعيين وكفالة حياة معيشية تتفق وكرامة الإنسان فإن هذا المطلب أيضاً ثابت في سياسة الحكومة بحرصها الدائم على تحقيق هذا الهدف وهو اقتراح موجود وكذلك في برامج أحزاب قائمة منها الحزب الوطني والوفد الجديد والعمل ومصر الفتاة والعدالة الاجتماعية مع اختلاف في بعض التفاصيل، أما عن إعادة إنشاء نظام الطوائف الحرفية فإنه أياً كان الرأي في هذا الاقتراح فإنه لا يمثل تميزاً في برنامج حزب سياسي.
وفي مجال التجارة: يدعو الحزب إلى إنعاش التجارة الداخلية بمحاربة الاحتكار وتنظيم السوق تشجيعاً للمنافسة لصالح المواطنين، وإلى توجيه التجارة الخارجية وفقاً لنظام يحررها من القيود.
وقد رأت لجنة الرد بأن ما يدعو إليه الحزب في هذا المجال لا يحمل جديداً عما هو حاصل فعلاً من تأمين احتياجات المواطنين من السلع وإحكام الرقابة على الأسواق والأسعار وتحرير التجارة الخارجية بتشجيع الصادرات والقضاء على المعوقات، فضلاً عن أن ما يطالب به الحزب في هذا الشأن يماثل ما ورد في برنامج حزب الوفد الجديد بالنسبة للتجارة الداخلية وحزب الشعب بالنسبة للتجارة الخارجية ومصر الفتاة لتشجيع التصدير والأحرار لمحاربة الاحتكار.
وبالنسبة للشئون المالية: فقد طالب الحزب بتوجيه مالية الدولة لخير الجميع، وتحقيق الحاجات الضرورية للمواطنين وإعفاء الطبقات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود من الضرائب وجعل الضريبة تصاعدية، وتحرير الاقتصاد المصري من القيود وتطوير سوق النقد والمال وإيجاد تمويل ذاتي من الضريبة ينفق من حصيلته على شئون القرية.
وقد رأت لجنة الرد على ذلك بأن الحكومة سائرة فعلاً في ذات الاتجاهات فهي تعمل على ترشيد الإنفاق وتحقيق العدالة الضريبية وتطوير سوق المال والسير في سياسة الإصلاح الاقتصادي بأسس ثابتة تعمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي ورفع مستوى المعيشة، وبذلك يكون ما ينادي به الحزب هو تقرير لأمر واقع فعلاً.
وبالنسبة للسياحة: يرى الحزب بأن السياحة تعتبر من الموارد الهامة لمالية الدولة وفتح فرص عمل جديدة للشباب لذا يتعين الاهتمام بالمنشآت السياحية وتشجيع زيادة عدد السياح بتوفير الأمن والطرق ووسائل الانتقال والإقامة وتشجيع السياحة الداخلية.
وترى اللجنة أن ما عرضه الحزب في هذا المجال لم يخرج عن مقترحات يتم تطبيقها فعلاً وعملاً واشتملت عليها برامج الأحزاب القائمة.
في مجال الشئون الاجتماعية: عرض الحزب تحت ما أسماه المجتمع المصري تصوراته وآرائه بالنسبة للدين والتعليم والصحة العامة والأسرة ورعاية المعوقين والشباب والإسكان والصحافة والإعلام والأزهر والمحافظة على القيم والأخلاق.
فبالنسبة للدين أكد الحزب على إقامة المجتمع المصري على أساس إحياء المبادئ الروحية وضمان حرية العقيدة والدعوة لنشر روح التسامح والأخلاق الكريمة وعدم إقامة دور للعبادة إلا بترخيص وموافقة الجهات المسئولة.
وعن التعليم يرى الحزب أن تقوم التربية على تعاون المدرسة والأسرة والعناية بتعليم الدين ومكافحة الأمية والاهتمام بالتعليم الفني وإنشاء تعليم خاص تعاوني وتحريم إعطاء الدروس الخصوصية.
وعن الصحة العامة يدعو الحزب إلى وضع برنامج لتوفير الغذاء والكساء والعلاج وتوفير مياه الشرب الصالحة ومراقبة الأطعمة والمشروبات ومكافحة الأمراض المستوطنة وتوفير العلاج المجاني ونشر التأمين الصحي.
وقد رأت لجنة الرد أنه بالنسبة لكل الطلبات السابقة فإن برنامج الحزب لم يستحدث جديداً عما تقوم به الحكومة فعلاً فهي حريصة على غرز المبادئ الروحية في عقول النشء وعلى تنظيم التعليم بمراحله المختلفة وتحريم الدروس الخصوصية والإشراف على المدارس الخاصة والاهتمام بالرعاية الصحية والتوسع في التأمين الصحي والاهتمام بصحة الطفل ونشر الوعي الصحي والغذائي بين المواطنين ومراقبة الأطعمة والمشروبات ومكافحة الأمراض المتوطنة.
وبالنسبة للأسرة: فقد طالب الحزب بتدعيمها وتوثيق الروابط بين أفرادها وتقرير مسئولية الوالدين عن الأضرار التي يحدثها الأبناء وإنشاء مجالس عرفية بالأقسام والمراكز والقرى لحل مشاكل الأحوال الشخصية.
وعن الشباب فإن الحزب يؤمن بأنه ثروة الأمة الحقيقية لأن مستقبلها في شبابها لذا يتعين تهيئة المناخ الذي يبعده عن كل ما يدفع للجريمة أو يبعث على الفساد وذلك باستغلال أوقات فراغه في التدريبات الرياضية والعسكرية والقراءة ومنع التدخين والتدريب على أعمال الإسعاف والهلال الأحمر.
وردت لجنة الأحزاب على ذلك بأن برنامج الحزب لم يضف جديداً لما ورد في برامج بعض الأحزاب القائمة منها الوطني والعدالة الاجتماعية والوفد الجديد، فضلاً عما تقوم به الحكومة من تطبيق في سياستها الاجتماعية.
وبالنسبة للإسكان: فإن الحزب ينادي بمحاربة المضاربة على الأراضي وبيع الدولة لأراضيها المعدة للبناء بحق الانتفاع فقط ومنع المنتفع من التنازل عن الوحدات الاقتصادية وتشجيع البناء في المناطق الجديدة والقضاء على احتكارات السوق في مواد البناء وتحريم البناء العشوائي وحل مشاكل أصحاب العقارات القديمة.
وقد رأت اللجنة بأن ما قدمه برنامج الحزب من حلول لمشاكل الإسكان لا يخرج في جملته عما تقوم به سياسة الحكومة من مواجهة لهذه المشكلة فضلاً عن أن تلك المقترحات تتشابه مع ما ورد في برامج أحزاب أخرى كالتجمع والعدالة الاجتماعية والوطني.
وعن الصحافة والإعلام والنشر والأزهر فقد رأى الحزب وجوب احترام استقلال الصحافة ورفع الرقابة على الصحف والمطبوعات وإطلاق حرية إصدارها وتقرير حق الصحفي في الحصول على المعلومات دون إلزام بتحديد مصدرها ومنع الحبس الاحتياطي في جرائم النشر والترخيص بإنشاء إذاعات وقنوات تليفزيونية خاصة ورد الصحف المؤممة لأصحابها.
وأن يكون اختيار شيخ الأزهر عن طريق الانتخاب بواسطة هيئة كبار العلماء وأن يستمر في منصبه طوال الحياة ما لم يستقيل أو يثبت عجزه.
وذهبت اللجنة إلى أن ما أورده الحزب في هذا الخصوص ليس فيه ما يميزه عما ورد ببرامج الأحزاب القائمة ومنها الوطني والتجمع والأحرار والوفد الجديد والشعب والتكافل.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم جميعه ومن سائر ما تضمنه برنامج الحزب طالب التأسيس ومن رد لجنة شئون الأحزاب أن المشروعات والأفكار التي عرضها لا تعدو أن تكون أفكاراً مطروحة على الساحة السياسية ومحل تطبيق في الكثير منها في خطط الحكومة التنفيذية، ومحل ترديد في الكثير من برامج الأحزاب القائمة مما يفقد البرنامج ملامح الشخصية الحزبية المتميزة والتي من شأنها أن تشكل إضافة جادة للعمل السياسي أو تميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة، ومن ثم يكون ما انتهت إليه لجنة شئون الأحزاب السياسية من افتقاد برنامج الحزب لشرط التميز الظاهر الذي يتطلبه البند ثانياً من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977، وبالتالي الاعتراض على الطلب المقدم من وكيل مؤسسي حزب السادات قائماً على سبب صحيح ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض، ولا ينال من ذلك ما عقب به الطاعن على رد لجنة شئون الأحزاب السياسية من وجود (21) نقطة سبق بيانها تعد في نظره سبباً للتميز وعلى رأسها ما أثاره بالنسبة لواحة جغبوب وأنه أول حزب يطالب باستعادتها إلى أرض الوطن، فإن ذلك المطلب قد حسمته القيادة السياسية برؤية قومية تبتعد بها عن إثارة المشاكل بين الدول العربية، وتحد بها من كثرة المنازعات الحدودية التي دأبت القوى الخارجية على إشعال الفتنة بشأنها بين الدول العربية والإسلامية ولا تصلح أن تكون عنصراً مميزاً لبرنامج الحزب فضلاً عن تعارض هذا الطلب مع توجهات الحزب ذاته من مطالبة بتضامن عربي ووحدة بين الدول المتجاورة، كما لا يصح أن يكون ذلك منهجاً حزبياً لما فيه من إثارة على الساحة السياسية.
أما عن بقية النقاط الأخرى التي يراها الطاعن محل تميز، فلقد اتضح أنها جميعها ليست جديدة على الساحة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية التي تطبقها الحكومة وأن الكثير منها متواجد في برامج الأحزاب القائمة، وكانت محل طرح منها، فلذلك جميعه يضحى الطعن على قرار الاعتراض بتأسيس حزب السادات غير قائم على سند صحيح من القانون.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: برفض الدفع بعدم دستورية قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977.
ثالثاً: برفض الطعن موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 87 لسنة 28 ق جلسة 2 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 89 ص 631

جلسة 2 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

-------------------

(89)
الطعن رقم 87 لسنة 28 القضائية

(أ) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة". "تقرير التلخيص".
جواز الاستدلال من الحكم على تلاوة تقرير التلخيص متى خلت محاضر الجلسات من هذا البيان. التمسك ببطلان الحكم يكون عارياً عن الدليل طالما لم يتقدم الطاعن بصورة من هذا الحكم.
(ب) نقض "أسباب الطعن". "السبب الجديد". بيع. ضمان. دعوى. "أساس الدعوى".
مطالبة المشتري البائع بالتعويض على أساس ضمان التعرض والاستحقاق، وعدم تمسكه أمام محكمة الموضوع بإخلال البائع بالتزامه بتسليم المبيع. اعتبار ذلك سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ج) بيع "التزامات البائع". "ضمان عدم التعرض". "التعرض القانوني".
انتهاء الحكم إلى انفكاك التزام البائع بضمان التعرض القانوني عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 441 مدني، لا يعيبه بعد ذلك وصفه التعرض بأنه مادي إذ لا تأثير لذلك على وجه الرأي في الدعوى.
(د) نقض. "المصلحة في الطعن". حكم. "الطعن في الأحكام".
مناط المصلحة في الطعن أن يكون الطاعن طرفاً في الحكم أو ألزمه الحكم بشيء ما.

----------------
1 - من المقرر أنه يجوز الاستدلال من الحكم على تلاوة تقرير التلخيص في حالة خلو محاضر الجلسات من هذا البيان، فإذا كان الطاعن لم يتقدم بصورة من الحكم ليثبت خلوه مما يفيد حصول تلك التلاوة بعد تغير الهيئة فإن نعيه على الحكم بالبطلان لعدم تلاوة التقرير من جديد يكون عارياً عن الدليل.
2 - إذا كان المشتري قد أقام مطالبته بالتعويض على أساس إخلال البائع بالتزامه بضمان التعرض والاستحقاق دون أن يؤسسها على إخلال البائع بالتزامه بتسليم المبيع ولم يتمسك بهذا الدفاع الأخير أمام محكمة الموضوع، فإن النعي على الحكم بأنه لم يبحث الدعوى على أساس إخلال البائع بهذا الالتزام يكون سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - متى كان الحكم قد انتهى إلى أن المتعرض للمشتري وهو من الغير لم يكن على حق في تعرضه وأن البائع قد باع ما يملك، فإن مؤدى ذلك أن ينفك عن البائع التزامه بضمان التعرض القانوني عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 441 من القانون المدني, ولا يعيب الحكم وصفه ذلك التعرض بأنه مادي ذلك أن وجه الرأي في الحكم لا يتغير سواء أسبغ الحكم على التعرض المذكور صفة التعرض المادي أو القانوني، لأن البائع في النهاية لا يكون ملزماً بضمان التعرض في الحالين على أساس انفكاك الضمان عن البائع إن كان تعرضاً قانونياً وعدم ترتب هذا الضمان إن كان التعرض مادياً.
4 - إذا لم يكن الطاعن طرفاً في دعوى الضمان ولم يلزمه الحكم الصادر فيها بشيء ما, فإنه لا تكون له مصلحة في النعي على قضاء الحكم في تلك الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن مسعد عوض السبع أقام الدعوى الابتدائية رقم 161 سنة 1953 كلي بنها طلب فيها الحكم: أولاً - بإلزام المطعون عليه ومحمد المعتز بالله علي فهمي متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 2000 جنيه والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة - وثانياً - بإلزام المطعون عليه بأن يدفع له مبلغ 3000 جنيه والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وقال في بيان دعواه إنه اشترى بعقد تاريخه 19 نوفمبر سنة 1952 من ادجار فرانكو (المطعون عليه) زراعة موز قائمة في 45 فداناً مبينة بالعقد لقاء ثمن قدره 11 ألف جنيه دفع منها وقت إبرام العقد ألف جنيه واتفق في العقد على تقسيط باقي الثمن على النحو الوارد به, وأنه عند تسلم الثمار المبيعة تعرض له محمد المعتز بالله علي فهمي ورجاله وحاولوا بينه وبين تنفيذ العقد بحجة أن البائع ليس له حق بيع الثمار وأنه قامت منازعات بين محمد المعتز بالله علي فهمي وبين ادجار فرانكو انتهت بعدم ثبوت حق البائع في محصول الموز الذي باعه وأنه لذلك لم يجد مندوحة من إقامة دعواه مختصماً فيها البائع باعتباره ضامناً للتعرض والاستحقاق وكذلك المتعرض، وتدخل في الخصومة الطاعن على أساس اتفاق بينه وبين المشتري في شراء صفقة الموز مناصفة بينهما وأن المشتري (المدعي) تنازل له عن جميع حقوقه في الدعوى وأثناء سير الدعوى وجه ادجار فرانكو (البائع) دعوى الضمان إلى محمد المعتز بالله علي فهمي للحكم عليه بما عساه أن تحكم به عليه، وطلب المدعيان في مذكرتهما الختامية إثبات تنازل مسعد عوض السبع عن حقه في الدعوى إلى الطاعن وإثبات تنازل المدعي (أحمد إسماعيل القفاص) عن مخاصمة محمد المعتز بالله علي فهمي والحكم بإلزام ادجار فرانكو بتعويض قدره خمسة آلاف جنيه، ثم عدل طلباته إلى إلزامه بأن يدفع له مبلغ سبعة آلاف جنيه منها ثلاثة آلاف وخمسين جنيهاً قام بدفعها إلى البائع المذكور في حين أنه لم يستول من المحصول إلا على ما يقدر بمبلغ 708 جنيهات ومنها أيضاً مبلغ 1500 جنيه دفعه لتجار تجزئة جزاء تخالفه عن توريد الموز لهم وثلاثة آلاف جنيه تعويضاً مقابل عدم قيام البائع بتنفيذ التزامه بتسليم المبيع نتيجة التعرض وبتاريخ 30 مايو سنة 1955 قضت محكمة بنها الابتدائية بإثبات تنازل مسعد عوض السبع لأحمد إسماعيل القفاص (الطاعن) وبإثبات تنازل المدعي عن مخاصمة محمد المعتز بالله علي فهمي وبإلزام ادجار فرانكو (المطعون عليه) بأن يدفع للمدعي (الطاعن) مبلغ 4550 جنيهاً و310 مليمات والمصروفات مؤسسة قضاءها على أن مسئولية ادجار فرانكو قبل المدعي ثابتة في حقه وهي مسئولية عقدية تستند إلى عقد البيع المبرم بينهما في 19 نوفمبر سنة 1952 لتوافر الخطأ والضرر وعلاقة السببية وأن الخطأ يتمثل في إقدام المطعون ضده على بيع ثمار الموز بالرغم من عدم قيامه بالالتزامات الخاصة برعاية المزرعة وخدمتها وأن ملكيته لهذه الثمار تتوقف على قيامه بهذه الالتزامات طبقاً لعقد الإيجار المؤرخ 9 سبتمبر سنة 1951 وإن الثابت من دعوى إثبات الحالة رقم 6208 سنة 1952 مستعجل مصر أن المطعون عليه لم يقم بالالتزامات الملقاة عليه وأنه يكون بالتالي غير مالك للثمار التي باعها وأن الضرر يتمثل في قيام المشتري بدفع 3050 جنيهاً من الثمن ولم يستلم من الموز إلا ما يقدر بمبلغ 708 جنيهات وأن ما فات المشتري من ربح يقدر بنسبة 20% من قيمة الثمن. استأنف ادجار فرانكو هذا الحكم بالاستئناف رقم 15 لسنة 73 ق طالباً رفض الدعوى المقامة عليه واحتياطياً الحكم على محمد المعتز بالله علي فهمي بما عساه أن يحكم به عليه. وبتاريخ 19/ 10/ 1957 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وباستجواب المستأنف عليه الثاني - مسعد عوض السبع، ثم حكمت بتاريخ 29/ 12/ 1957 بإلغاء الحكم المستأنف فيما تضمنه من إلزام لإدجار فرانكو وبرفض الدعوى قبله وفيما تضمنه من رفض دعوى الضمان الموجهة من إدجار فرانكو لمحمد المعتز بالله علي فهمي مؤسسة قضاءها في ذلك على أن حق إدجار فرانكو في بيع الثمار ثابت وأن ملكيته لهذه الثمار التي باعها غير مقيد بأي قيد وأن تعرض محمد المعتز بالله علي فهمي المؤسس على أن المذكور هو مستأجر مزرعة الموز من الأوقاف وصاحب ثمارها هو تعرض مادي لا يضمنه البائع (المطعون عليه). وبتاريخ 16 مارس سنة 1958 طعن الطاعن في الحكم المذكور بطريق النقض، وبعد استيفاء إجراءات الطعن قدمت النيابة مذكرة برأيها تضمنت طلب رفض الطعن. وبتاريخ 25/ 6/ 1961 نظر الطاعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 21/ 2/ 1963 وفيها تمسك الطاعن بما جاء في تقرير طعنه وصممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه بطلانه لإغفال الهيئة التي أصدرته إجراءاً جوهرياً من إجراءات الخصومة هو تلاوة تقرير التلخيص قبل البدء في المرافعة - وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المحكمة الاستئنافية التي نظرت الاستئناف بجلسة 17/ 3/ 1957 وهي أولى الجلسات التي نظر فيها الاستئناف المذكور كانت مشكلة من السادة المستشارين حسن حسن عبد البر رئيساً ومحمد سعيد وفرج يوسف عضوين وبعد أن تلى تقرير التلخيص بتلك الجلسة ظل الاستئناف يؤجل عدة مرات إلى أن كانت جلسة 19/ 10/ 1957 حيث حصل تغيير في تشكيل الهيئة ولم يتل تقرير التلخيص من الهيئة الجديدة التي أصدرت الحكم المطعون فيه فوقع حكمها باطلاً طبقاً للمادتين 116 و408 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كانت صور محاضر الجلسات المقدمة من الطاعن خلوا مما يفيد أن تقرير التلخيص تلي بعد أن تغيرت الهيئة إلا أنه لما كان الثابت أن الهيئة الجديدة التي أصدرت الحكم المطعون فيه كانت قد أصدرت في جلسة 19/ 10/ 1957 حكماً قضى بقبول الاستئنافين شكلاً وباستجواب المستأنف عليه الثاني وكان من الجائز أن يكون هذا الحكم قد تضمن ما يدل على حصول هذه التلاوة قبل صدوره - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن يجوز الاستدلال من الحكم على تلاوة تقرير التلخيص في حالة خلو محاضر الجلسات من هذا البيان وكان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة صورة من الحكم الذي صدر في جلسة 19/ 10/ 1957 ليثبت خلوه أيضاً مما يفيد حصول تلك التلاوة فإن نعيه على الحكم بالبطلان لعدم تلاوة المحكمة تقرير التلخيص بعد تغيير الهيئة يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن ثمار الموز التي باعها المطعون ضده كانت مملوكة له - وكان الثابت من الوقائع التي أوردها الحكم نفسه أن البائع لم يسلم المبيع إلى المشتري بسبب منازعة محمد المعتز بالله علي فهمي - فما كان يجوز قانوناً أن يعفي البائع من المسئولية رغم إخلاله بالتزامه بتسليم المبيع إلى المشتري ويكون الحكم المذكور قد خالف القانون فضلاً عن القصور إذ لم يتعرض في أسبابه إلى هذا الدفاع الجوهري.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعن لم يقدم دليلاً يفيد تمسكه بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع كما أن البادي من مطالعة الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن أن الطاعن قد أسس مطالبته بالتعويض على إخلال البائع بالتزامه بضمان التعرض والاستحقاق ولم يؤسسها على إخلال البائع بالتزامه بتسليم المبيع - لما كان ذلك، فإن النعي المتقدم يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر تعرض محمد المعتز بالله علي فهمي للطاعن في الاستيلاء على ثمار الموز المبيع تعرضاً مادياً لا يضمنه البائع (المطعون ضده) يكون قد خالف القانون - ذلك أن الحكم المطعون فيه أثبت في أسبابه أن محمد المعتز بالله تعرض في تسليم الثمار المبيعة بحجة أن المطعون ضده ليس له حق بيعها استناداً إلى أن تملكه لها مشروط بأدائه ما التزم به من القيام بخدمة المزرعة وصيانة أشجارها وثمارها الأمر الذي لم يتحقق على ما هو ثابت في دعوى إثبات الحالة رقم 6208 سنة 1952 مستعجل القاهرة ويقول الطاعن إن التعرض على الوجه الذي بينه الحكم يعتبر تعرضاً قانونياً يضمنه البائع عملاً بحكم المادة 439 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه انتهي إلى أن محمد المعتز بالله لم يكن على حق في تعرضه للطاعن وأن المطعون عليه باع ما يملك - وهذا الذي خلص إليه الحكم مؤداه أن ينفك عن البائع التزامه بضمان التعرض القانوني عملاً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة 441 من القانون المدني - وما دام الحكم قد انتهي إلى هذه النتيجة فلا يعيبه بعد ذلك وصفه التعرض بأنه تعرض مادي - ذلك أن وجه الرأي في الحكم لا يتغير سواء أسبغ الحكم على التعرض المذكور صفة التعرض المادي أو القانوني لأن البائع في النهاية لا يكون ملزماً بضمان التعرض في الحالين على أساس انفكاك الضمان عن البائع إن كان تعرضاً قانونياً وعدم ترتب هذا الضمان إن كان التعرض مادياً.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في السبب الرابع أنه انطوى على تناقض بين أسبابه ومنطوقه - وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه وقد نفى عن ادجار فرانكو المطعون عليه مسئوليته عن التعريض وانتهى إلى رفض الدعوى الأصلية قبله - فما كان يسوغ له أن يعود في منطوقه ويلغى الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى الضمان الفرعية التي كانت موجهة من ادجار فرانكو ضد محمد المعتز بالله.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعن إذ لم يكن طرفاً في دعوى الضمان ولم يلزمه الحكم في هذه الدعوى بشيء فإنه لا تكون له مصلحة في النعي على قضاء الحكم في تلك الدعوى.

الطعن 12226 لسنة 92 ق جلسة 30 / 5 / 2022 مكتب فنى 73 هيئة عامة ق 4 ص 42

جلسة 30 من مايو سنة 2023

برئاسة السيـد القاضي/ محمد عيد محجوب " رئيس محكمة النقض " وعضوية السادة القضاة/ محمود سعيد، عبد العزيز الطنطاوي، عاطف الأعصر، رفعت العزب، إسماعيل عبد السميع، حسام قرني، منصور العشري، علي عبد المنعم، محمود عطا وحازم محمود رفقي " نواب رئيس المحكمة ".

---------------

(4)

الطعن رقم 12226 لسنة 92 القضائية " هيئة عامة " 

( 1- 2 ) عمـل " حالات إنهاء خدمة العامل بالإرادة المنفردة ". 

(1) الجريمـة المخلة بالشرف والأمانـة. هي التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع. انطباق ذلك الوصف على جرائم استعراض القـوة وقطـع الطريق وإطـلاق النـار. علة ذلك.

(2) حق صاحب العمل في إنهاء عقد العمل. من بين حالاته. تـوفر الدليل على إخلال العامل بالتزامه بالمحافظة على كرامة العمل وسلوكه المسلك اللائق به وصدور حكم جنائي نهائي بإدانته بارتكاب جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة خارج دائرة العمل. إقرار الهيئة الاتجاه القائل بِعَدِّ مجرد اتهام العامل بارتكاب جرائم الانضمام إلى كيان إرهابي أو قطع الطريق أو تعطيل المواصلات العامـة أو الخاصة وحمل السلاح إضرارًا بالأمن القومي للبلاد مساسًا لشرف العامل وأمانته وكرامة عمله والمسلك اللائق به. علة ذلك. افتقاده لشـرط حسن السيرة والسمعة الواجب توفره لاستمراره في عمله. أثره. حق صاحب العمل في الاختيار بين إنهاء علاقة العمل بإرادته المنفردة أو التربص حتى صدور الحكم النهائي بالإدانة. خضوعه في تقدير ذلك لرقابة القضاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- إذ كان المشرع لم يضع تعريفًا محددًا جامعًا مانعًـا لمفهـوم الجريمـة المخلة بالشرف والأمانة إلا أنه يمكن تعريفها بأنها تلـك الجرائم التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع وهـو ما ينطبق على جريمة (استعراض القوة، قطع الطريق، إطلاق النار) والتي تمثل تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين وغيرها من الحقـوق والحريات العامة التي كفلها الدستور والقانون والإضرار بالسلام الاجتماعي.

2- إذ كان النص في المادة (110) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة ٢٠٠٣ على أنه ".... إذا كان عقد العمل غير محدد المدة جاز لكلٍ من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابةً قبل الإنهاء، ولا يجوز لصاحب العمل أن ينهي هذا العقد إلا في حدود ما ورد بالمادة (69) من هذا القانون أو ثبوت عدم كفاءة العامل طبقًا لما تنص عليه اللوائح المعتمدة.... "، والنص في المادة (١٢٩) من ذات القانون على أن " لصاحب العمل أن ينهي عقد العمل ولو كان محدد المدة أو مبرمًا لإنجاز عمل معين إذا حكم على العامل نهائيًا بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة، وذلك ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة "، مؤداه: أن لصاحب العمل - بحسب الأصل - الحق في إنهاء عقد العمل إذا ثبت لديه الدليل على ارتكاب العامل لفعل يعد من قبيل إخلاله بالتزاماته المنصوص عليها في المادة (56) الواردة بالباب الخامس من هذا القانون بشأن واجبات العامل، ومنها ما أوجبه عليه نص الفقرة (ز) من هذه المادة من " أن يحافظ على كرامة العمل، وأن يسلك المسلك اللائق به "، واستثناءً من هذا الأصل العام قيد حقه في الإنهاء حال اتهام العامل بارتكاب جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة خارج دائرة العمل بوجوب صدور حكم جنائي نهائي بإدانة العامل؛ باعتبار الحكم هو الدليل على ثبوت الواقعة في حقه، وهو حال يختلف عما إذا كان مجرد الاتهام بارتكاب العامل للفعل المكون للجناية أو الجنحة ينطوي في ذاته على مساس بكرامة العمل والمسلك اللائق به على نحو يفقده لشرط حسن السيرة والسمعة الذي هو شرط ابتداء واستمرار لعلاقة العمل، فحينئذٍ يكون لصاحب العمل الحق بالخيار فيما بين إنهاء علاقة العمل بإرادته المنفردة أو التربص حتى صدور الحكم النهائي بإدانة العامل. لما كان ذلك، فإن اتهام العامل بجرائم الانضمام إلى كيان إرهابي محظور أو قطع الطريق أو تعطيل المواصلات العامة أو الخاصة وحمل السلاح إضرارًا بالأمن القومي للبلاد يعد - ولا ريب - اتهامًا بما يمس شرف العامل وأمانته وكرامة عمله، ويفقده بالتبعية لشرط حسن السيرة والسمعة الواجب توافره فيه لاستمراره في عمله، وحينئذٍ يكون صاحب العمل في إنهائه لخدمة العامل بالخيار فيما بين التربص حتى صدور الحكم النهائي بإدانته أو استعمال حقه في الإنهاء بالإرادة المنفردة؛ تقديرًا منه لفقده شرط حسن السيرة والسمعة ومن ثم افتقاده للثقة فيه، ويخضع في تقديره لذلك - وكما هو الحال في جميع حالات الإنهاء بالإرادة المنفردة - لرقابة القضاء. ولما تقدم، فإن الهيئة - بالإجماع - تقر هذا النظر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهيئـــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، وبعد المداولة:

حيث إن الواقعات - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وأوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنـة - وهي إحدى الشركات التابعة للهيئة المصرية العامة للبترول - أنهت علاقـة العمل مع المطعون ضده إثر تقييـد حريته لما نسب إلـيه من انضمامه إلى كيان إرهابي محظـور وقطعـه للطريق وتعطيلـه للمواصلات العامة ومـن ثـم فقده شرط حسن السير والسلوك اللازم لاستمراره في العمل. أقام المطعـون ضده الدعوى رقم.... لسنة ٢٠١٥ عمال الإسكندرية الابتدائية بطلب إلغاء قرار إنهاء خدمته وإلـزام الطاعنة بصرف أجره كاملًا عن مدة حبسه والتعويض، ومحكمـة أول درجـة ألزمـت الطاعنـة أن تـؤدي إليـه أجـره الأساسي عـن مـدة حبسـه وتعويضًا عن مقابـل مـهلـة الإخطـار ورفضـت مـا عـدا ذلـك مـن طلبـات. استأنف الطرفـان هـذا الحـكـم بالاستئنافين رقمـي.... و.... لسـنة 73 ق الإسكندرية، وبتـاريخ 12/9/2018 قضـت المحكمـة بتأييـد الحكم المستأنف. طـعـن المطعـون ضـده فـي هـذا الحـكـم أمـام محكمـة الـنقض بـالطعن رقـم.... لسـنة ٨٨ ق، وبتـاريخ 21/۲/2021 نقضت المحكمـة الحكم المطعون فيـه فيمـا قضـى بـه مـن رفـض طلـب التعويض - عـن إنهاء علاقـة العمل - وأحالـت القضـية إلى محكمة الاستئناف والتي قضت بتاريخ 22/۳/2022 بإلغـاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب التعويض عن إنهاء علاقة العمل وألزمت الطاعنـة أن تؤدي للمطعـون ضده مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًـا. طعنت الطاعنـة في هـذا الحكم بطريق النقض بالطعن الراهن، وأودعـت النيابة مذكرة ارتأت فيها رفض الطعن، وبعـرض الطعـن على الدائرة المختصة قررت إحالته إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية، وذلك عملًا بنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة مـن قـانون السلطة القضائية رقـم 46 لسنة ١٩٧٢ المعدل؛ وذلك للفصل فيما إذا كانت جرائم الانضمام إلى كيان إرهابي محظور وقطـع الطريق وتعطيل المواصلات العامة والخاصة والتحريض على التظاهر خارج النطاق الذي ينظمه القانون تعد من الجرائم المخلة بالشرف تفقد مرتكبها شرط حسن السمعة والسيرة وتمثـل إخـلالًا بالالتزامات الناشئة عـن عقـد العمل وتفقد الثقة في مرتكبها من عدمه، وإذ حـددت الهيئة جلسة لنظـر الطعـن، وأودعـت النيابـة مـذكرة تكميلية ارتأت فيها عد الاتهام بـالجرائم المبينـة سلفًا ماسـة بالشرف والأمانـة تبيح إنهاء خدمة العامل بشرط صدور حكم نهائي بالإدانة.

وحيـث إن المشـرع لـم يضـع تعريفًـا مـحـددًا جامعًا مانعًـا لمفهـوم الجريمـة المخلة بالشرف والأمانـة، إلا أنـه يمكـن تعريفهـا بأنهـا تلـك الجرائم التي ترجع إلى ضعف في الخلـق وانحـراف فـي الطبـع وهـو مـا ينطبـق علـى جريمة (استعراض القـوة، قطـع الطريق، إطـلاق النـار) والتـي تمثـل تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامـة مـن ممارسـة أعمالهـا والاعتـداء علـى الحريـة الشخصية للمواطنين وغيرهـا مـن الحقـوق والحريـات العامـة التي كفلها الدستور والقانون والإضرار بالسلام الاجتماعي.

وحيث إن النص في المادة (110) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة ٢٠٠٣ على أنه ".... إذا كان عقد العمل غير محدد المدة جاز لكلٍ من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابةً قبل الإنهاء، ولا يجوز لصاحب العمل أن ينهي هذا العقد إلا في حدود ما ورد بالمادة (69) من هذا القانون أو ثبوت عدم كفاءة العامل طبقًا لما تنص عليه اللوائح المعتمدة..."، والنص في المادة (١٢٩) من ذات القانون على أن "لصاحب العمل أن ينهي عقد العمل ولو كان محدد المدة أو مبرمًا لإنجاز عمل معين إذا حكم على العامل نهائيًا بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة، وذلك ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة"، مؤداه: أن لصاحب العمل - بحسب الأصل - الحق في إنهاء عقد العمل إذا ثبت لديه الدليل على ارتكاب العامل لفعل يعد من قبيل إخلاله بالتزاماته المنصوص عليها في المادة (56) الواردة بالباب الخامس من هذا القانون بشأن واجبات العامل، ومنها ما أوجبه عليه نص الفقرة (ز) من هذه المادة من "أن يحافظ على كرامة العمل، وأن يسلك المسلك اللائق به"، واستثناءً من هذا الأصل العام قيد حقه في الإنهاء حال اتهام العامل بارتكاب جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة خارج دائرة العمل بوجوب صدور حكم جنائي نهائي بإدانة العامل؛ باعتبار الحكم هو الدليل على ثبوت الواقعة في حقه، وهو حال يختلف عما إذا كان مجرد الاتهام بارتكاب العامل للفعل المكون للجناية أو الجنحة ينطوي في ذاته على مساس بكرامة العمل والمسلك اللائق به على نحو يفقده لشرط حسن السيرة والسمعة الذي هو شرط ابتداء واستمرار لعلاقة العمل، فحينئذٍ يكون لصاحب العمل الحق بالخيار فيما بين إنهاء علاقة العمل بإرادته المنفردة أو التربص حتى صدور الحكم النهائي بإدانة العامل. لما كان ذلك، فإن اتهام العامل بجرائم الانضمام إلى كيان إرهابي محظور أو قطع الطريق أو تعطيل المواصلات العامة أو الخاصة وحمل السلاح إضرارًا بالأمن القومي للبلاد يعد - ولا ريب - اتهامًا بما يمس شرف العامل وأمانته وكرامة عمله، ويفقده بالتبعية لشرط حسن السيرة والسمعة الواجب توافره فيه لاستمراره في عمله، وحينئذٍ يكون صاحب العمل في إنهائه لخدمة العامل بالخيار فيما بين التربص حتى صدور الحكم النهائي بإدانته أو استعمال حقه في الإنهاء بالإرادة المنفردة؛ تقديرًا منه لفقده شرط حسن السيرة والسمعة ومن ثم افتقاده للثقة فيه، ويخضع في تقديره لذلك - وكما هو الحال في جميع حالات الإنهاء بالإرادة المنفردة - لرقابة القضاء.

ولما تقدم، فإن الهيئة - بالإجماع - تقر هذا النظر، مع إعادة الطعن إلى الدائرة المُحيلة؛ للفصل في الموضوع وفقًا لما بُين سلفًا وطبقًا لأحكام القانون.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثلاثاء، 6 يونيو 2023

الطعن 425 لسنة 36 ق جلسة 8 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 70 ص 459

جلسة 8 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي.

----------------

(70)
الطعن رقم 425 لسنة 36 القضائية

(أ) دعوى. "الصفة في الدعوى". شركات. حكم. "المصلحة في الطعن".
إقامة الدعوى ضد الطاعن بصفته الشخصية وبصفته صاحب شركة. التمسك بعدم تمثيله للشركة. حق الشركة وحدها في مناقشة ذلك دون الطاعن عند الشروع في تنفيذ الحكم إن صح انصراف أثره إليها.
(ب) إثبات. "إلزام الخصم بتقديم ورقه". محكمة الموضوع. "تقدير الدليل". نقض "مسائل الواقع".
طلب إلزام الخصم بتقديم مستند وندب خبير للاطلاع عليه. رفضه. من مسائل الواقع. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(ج) استئناف. "الحكم فيه". بطلان. "بطلان الحكم". حكم. "تسبيب الحكم".
النعي ببطلان الحكم الابتدائي لنقص بياناته. لا جدوى فيه طالما أن الحكم الاستئنافي قد تدارك النقص.

----------------
1 - متى كان الثابت أن الدعوى الأصلية قد أقيمت ضد الطاعن بصفته الشخصية وبصفته صاحب شركة، كما أقام هو الدعوى الفرعية بصفته الشخصية، وكان الحكم في كلاً من الدعويين الأصلية والفرعية صحيحاً بالنسبة له بصفته الشخصية لأنه كان ممثلاً فيهما بهذه الصفة، فإنه لا مصلحة له في التمسك بعدم تمثيله للشركة في الحكم المطعون فيه، لأنه إذ صح أن الحكم المذكور ينصرف أثره إلى الشركة ويعتبر حجة عليها، فالشركة وحدها صاحبة الحق في مناقشة ذلك إذا ما شرع في تنفيذ الحكم قبلها، ويكون النعي بذلك غير منتج.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في أسباب سائغة من أوراق الدعوى ودفاع الطرفين فيها وظروفها وملابساتها أنه لم تحرر وثيقة شحن بين الطرفين للبضاعة المتفق على نقلها، فإن النعي على الحكم بعدم استجابته لطلب ندب خبير للاطلاع على سند الشحن، ولطلب إلزام الخصم تقديمه، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع ولا يجوز التحدي به أمام هذه المحكمة.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد في وقائع الدعوى ومراحلها ودفاع الطرفين أمام محكمة أول درجة وما أصدرته المحكمة من أحكام، ثم استعرض أسباب الاستئناف وانتهى إلى تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به للأسباب التي أوردها وللأسباب التي أضافها، فإنه لا يجدي الطاعن التمسك بما لحق الحكم الابتدائي من بطلان لنقص في بياناته الخاصة بوقائع الدعوى وأدلتها، ذلك أنه وقد استنفذت محكمة الدرجة الأولى ولايتها بالحكم الصادر منها، وتدارك الحكم المطعون فيه ما اعتور الحكم الابتدائي من نقص في بياناته، ثم فصل في موضوع الدعوى بتأييد الحكم المستأنف بعد أن استبان أنه صحيح، فإن النعي عليه بالبطلان يكون غير سديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل - في أن السيد/ فتحي شكري عن نفسه وبصفته الممثل القانوني لأصحاب الصندل بدر أقام الدعوى رقم 1208 سنة 1962 تجاري جزئي القاهرة ضد السيد/ عبد اللطيف أحمد إبراهيم يطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 169 ج والمصروفات، وقال شرحاً لدعواه إنه بصفته أمين نقل نهري تعاقد مع المدعى عليه على نقل 130 طن كسر رخام من منجم الرخام بادفو ملك المدعى عليه إلى ساحل مصر القديمة بأجرة قدرها 120 قرشاً للطن الواحد على أن يكون الشحن والتفريغ بإشراف المدعى عليه وعلى حسابه، وأنه حجز بالصندل المساحة اللازمة لنقل الكمية المتفق عليها، ثم قام المدعى عليه بالشحن وبعد وصول الصندل إلى ساحل مصر القديمة في 28/ 12/ 1961 وتفريغ الرخام امتنع المدعى عليه عن دفع الأجرة بحجة أن الكمية المسلمة له هي 76.50 طن فقط، في حين أن الشحن والتفريغ تما بمعرفته، وإذا صح أنه لم يشحن كامل الكمية المتفق عليها ولم يشغل كامل المساحة التي خصصت لها بالصندل، فإنه يلزم رغم ذلك بدفع أجر نقلها الذي يتمثل في المبلغ المطالب به، ودفع المدعى عليه الدعوى بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة بمقولة أنه لا يمثل شركة المناجم المتحدة التي أعلن بوصفه صاحبها، بل يمثلها مديرها العام السيد/ عماد الدين كامل مرتجي، وطلب من باب الاحتياط رفض الدعوى. كما أقام دعوى فرعية طلب فيها الحكم بإلزام المدعي في الدعوى الأصلية بأن يدفع له مبلغ 336 ج و600 م تأسيساً على أن المبلغ المذكور يمثل قيمة العجز في الكمية المنقولة بعد خصم قيمة نقل ما تسلمه منها. وبتاريخ 9/ 9/ 1963 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى الفرعية لأن نصابها يجاوز اختصاص القاضي الجزئي وبإحالتها مع الدعوى الأصلية إلى محكمة القاهرة التجارية الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 673 سنة 1963 تجاري. وبعد أن صمم كل من الطرفين على طلباته حكمت المحكمة في الدعويين بتاريخ 29/ 4/ 1964. (أولاً) بضم الدفع بعدم القبول في الدعوى الأصلية للموضوع. (ثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت كل من الطرفين بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة شروط عقد النقل الذي تم بينهما وكمية الرخام المتفق على نقلها وقيمة أجرة النقل وتاريخ النقل من ادفو والكمية التي شحنت منها فعلاً على الصندل بدر والكمية الحقيقية والتي وصلت إلى القاهرة وتسلمها المرسل وقيمة الطن من الرخام المنقول على أن يكون لكل من الطرفين نفي ما يثبته الآخر بالطرق ذاتها، وبعد سماع الشهود عادت وبتاريخ 25/ 1/ 1964 فحكمت. (أولاً) بالنسبة للدعوى الأصلية برفض الدفع المبدى من المدعى عليها فيها بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة وبإلزام المدعى عليه فيها المهندس عبد اللطيف أحمد إبراهيم بأن يدفع للمدعي فتحي شكري محمد بصفته مبلغ 169 ج والمصروفات. (ثانياً) وبالنسبة للدعوى الفرعية برفضها وبإلزام المدعي فيها بالمصروفات، واستأنف المهندس عبد اللطيف أحمد إبراهيم هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم في الدعوى الأصلية بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة واحتياطياً برفضها موضوعاً، والحكم في الدعوى الفرعية بطلباته وإلزام المستأنف عليه بالمصروفات عن الدرجتين. وقيد الاستئناف برقم 45 سنة 82 ق. وبتاريخ 31 مايو سنة 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صمم الطاعن على طلب نقض الحكم وصممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أنه أعلن بصفته صاحب شركة المناجم المتحدة في حين أنه لا يمثل الشركة المذكورة وإنما الذي يمثلها هو السيد/ عماد الدين كامل مرتجي الذي عين مديراً عاماً للشركة بموجب القرار الجمهوري رقم 1251 سنة 1962، وقد حكمت المحكمة برفض هذا الدفع تأسيساً على أن القرار الجمهوري المشار إليه وإن عهد بإدارة الشركة لغير المدعى عليه إلا أنه لم يسحب ولايته عليها ولا صفته في تمثيلها. وقد تمسك الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية بأن هذه الشركة كان يمثلها رئيس مجلس إدارتها بموجب المادة 30 من قانون إنشائها الصادر به قرار جمهوري في 16/ 6/ 1956 ولم يكن الطاعن صاحبها ولا رئيس مجلس إدارتها إلى أن تحولت إلى شركة من شركات القطاع العام، وصدرت قرارات جمهورية متعاقبة بتعيين رؤساء لمجالس إدارتها ومديرين لها، ثم صدر القرار الجمهوري رقم 526 سنة 1962 بتعيين المهندس محمود إبراهيم عطية رئيساً وعضواً منتدباً لمجلس الإدارة. وأعقب ذلك صدور القرار الجمهوري رقم 1251 سنة 1962 بتعين السيد/ عماد الدين مرتجي مديراً لها. ورغم أن هذه القرارات الجمهورية كانت تحت نظر المحكمة وثابت فيها أن الشركة تابعة للقطاع العام، فإن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي وأحال إلى أسبابه دون أن يرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أن الثابت من الصورة الرسمية لصحيفة افتتاح الدعوى الأصلية المقدمة في الطعن أنها أقيمت ضد الطاعن بصفته الشخصية وبصفته صاحب شركة وهو ما سلم به في تقرير الطعن، كما أن الثابت من الصورة الرسمية لصحيفة الدعوى الفرعية أن الطاعن أقامها بصفته الشخصية عن عملية نقل رخام لحسابه شخصياً وطلب فيها الحكم لنفسه بقيمة ما طرأ على الرخام من عجز أثناء النقل. إذ كان ذلك وكان الحكم في كلا الدعويين الأصلية والفرعية صحيحاً بالنسبة له بصفته الشخصية لأنه كان ممثلاً فيهما بهذه الصفة، فإنه لا مصلحة له في التمسك بعدم تمثيله للشركة في الحكم المطعون فيه، لأنه إذا صح أن الحكم المذكور ينصرف أثره إلى الشركة ويعتبر حجة عليها، فالشركة وحدها صاحبة الحق في مناقشة ذلك إذا ما شرع في تنفيذ الحكم قبلها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقه في الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه طلب أمام محكمة الاستئناف ندب خبير حسابي للاطلاع على دفاتر الشركة التي يمثلها المطعون عليه وعلى بوليصة الشحن التي تحت يده للوصول إلى حقيقة النزاع في الدعويين الأصلية والفرعية. ولكن الحكم المطعون فيه تجاهل هذا الطلب ولم يناقشه دون أن يبين سبب ذلك. كما طلب إلزام المطعون عليه بتقديم بوليصة الشحن واستند في ذلك إلى المادة 253 مرافعات باعتبارها ورقة مشتركة مبينة لحقوق والتزامات الطرفين، وذكر أوصاف الورقة ومحتواها والدلائل التي تؤيد أنها تحت يد المطعون عليه. وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب تأسيساً على أن المطعون عليه قرر أن الاتفاق على النقل تم شفاهة وأنه كان يتعين على الطاعن أن يحتفظ بصورة البوليصة التي كانت تحت يده. وهو رد غير سائغ لأنه بني على قول مرسل للمطعون عليه ويخالف العرف التجاري المتبع في نقل البضائع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه على قوله "إن النعي على محكمة أول درجة بعدم استجابتها لطلبه بإلزام المستأنف ضده بتقديم وثيقة النقل فمردود بأنه لا جدوى من هذا الطلب بعد ما قرره المستأنف عليه أمام هذه المحكمة بجلسة 10 مايو سنة 1966 بعدم وجود أية وثيقة لديه وأن التعاقد تم بينهما شفاهة، فضلاً عن هذا فإنه لو صح ما يقول به المستأنف من وجود مثل هذه الوثيقة لاحتفظ المستأنف بالوثيقة التي تحت يده. وإن العمل جرى بأنه في حالة تحرير وثيقة النقل أن تكون من نسختين وتعتبر كل منهما أصلية يوقع على إحدى النسختين الناقل وتبقى لدى المرسل ويوقع على الأخرى المرسل ويحتفظ بها الناقل. وغالباً ما تحرر من النسخة التي تسلم إلى المرسل صورة أو عدة صور فيكون للمرسل عندئذ أن يرسل النسخة الأصلية أو صورة منها إلى المرسل إليه ليتسلم بمقتضاها البضاعة عند وصولها وإن ما يثيره المستأنف في شأن الكمية التي شحنها وقيمة النولون وهل كانت الكمية التي تم شحنها بالفعل 130 طناً أو أقل من ذلك فإنه لا خلاف بين طرفي التداعي في شأن ما انعقد عليه الاتفاق في شأن الكمية التي يتم نقلها وأنها 130 طن وإنما انحصرت المنازعة في سعر نقل الطعن والكمية التي تم شحنها بالفعل. فالمستأنف يقرر بأن سعر النقل 100 قرش للطن الواحد وأن الكمية التي شحنت هي 135 طناً وأنه وجد بها عجزاً إذ بلغت عند الاستلام 67 طناً في حين أن المستأنف عليه يجادله في ذلك مقرراً بأن الكمية التي شحنت وصلت كما هي وأن السعر المتفق عليه هو130 قرش لنقل الطن الواحد" ثم قرر الحكم أن ما استخلصته محكمة أول درجة من أقوال الشهود الذين سمعتهم في شأن الكمية التي تم الاتفاق على شحنها وسعر الطعن كان استخلاصاً سائغاً له أصله الثابت بالتحقيق وأنه إن صح ما يدعيه الطاعن من وجود عجز في البضاعة عند وصولها لبادر بإثبات حالتها وإخطار المطعون عليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في أسباب سائغة من أوراق الدعوى ودفاع الطرفين فيها وظروفها وملابساتها أنه لم تحرر وثيقة شحن بين الطرفين للبضاعة المتفق على نقلها. وأنه لا خلاف بينهما على الكمية المتفق أصلاً على نقلها وعلى سعر نقل الطن منها. وإنما الخلاف منحصر في الكمية التي نقلت فعلاً وانتهى الحكم إلى انتفاء الدليل على وجود عجز في البضاعة عند وصولها. إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم بعدم استجابته لطلب ندب خبير للاطلاع على سند الشحن ولطلب إلزام الخصم تقديمه، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع ولا يجوز التحدي به أمام هذه المحكمة.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم الابتدائي قد شابه البطلان لمخالفته للمادة 349 مرافعات، ذلك أنه لم يسرد وقائع الدعوى بل اقتصر على ذكر تاريخ إعلان صحيفتها ثم قرر"يرجع للحكم التمهيدي وينقل" وأردف ذلك بقوله إن المدعي الأصلي طلب رفض الدعوى الفرعية، دون أن يبين ما قدمه الخصوم من طلبات وأوجه دفاع ودفوع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية، وإذ لم يتنبه الحكم المطعون فيه لهذا البطلان بل تبنى الحكم الابتدائي وعول عليه في أسبابه فإنه يكون باطلاً أيضاً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أورد وقائع الدعويين الأصلية والفرعية ومراحلهما ودفاع الطرفين فيهما أمام محكمة أول درجة وما أصدرته المحكمة فيهما من أحكام. ثم استعرض أسباب الاستئناف وانتهى إلى تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به للأسباب التي أوردها وللأسباب التي أضافها. وإذ كان ذلك فإنه لا يجدي للطاعن التمسك بما لحق الحكم الابتدائي من بطلان لنقص في بياناته، ذلك أنه وقد استنفذت محكمة الدرجة الأولى ولايتها بالحكم الصادر منها وتدارك الحكم المطعون فيه ما اعتور الحكم الابتدائي من نقص في بياناته، ثم فصل في موضوع الدعوى بتأييد الحكم المستأنف بعد أن استبان أنه صحيح، فإن النعي بالبطلان يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الرابع وبالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والحكم بما لم يطلبه الخصوم، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في القضاء برفض الدعوى الفرعية إلى أن الطاعن لم يرسل إخطاراً على يد محضر أو خطاباً موصي عليه بوجود العجز في ظرف 48 ساعة من وقت تسلم البضاعة وأنه لم يبادر برفع دعواه بالتعويض خلال ثلاثين يوماً، ومؤدى ذلك أنه قضى بسقوط حق الطاعن فيما طلبه بالدعوى الفرعية، في حين أن المطعون عليه لم يدفع الدعوى المذكورة بأي دفع ولم يتمسك بأن الطاعن لم يقم دعواه خلال المدة التي حددتها المادة 99 تجاري، هذا إلى أن الحكم قد فوت بذلك على الطاعن فرصة إقامة الدليل على أن العجز في البضاعة كان مرجعه غش أو خيانة أمين النقل أو عماله، كما لم يرد الحكم على دفاع الطاعن الذي تمسك فيه بالجمع بين المسئوليتين العقدية والتقصيرية.
وحيث إن النعي برمته مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يصرح بأنه طبق أحكام المسئولية العقدية دون التقصيرية، كما لم يستند إلى الميعادين المنصوص عليهما بالمادة 99 تجاري بخصوص الإخطار عن العجز ورفع الدعوى بالتعويض، وإنما استخلص من قعود الطاعن عن الإخطار ومن تراخيه عن رفع دعواه في الميعاد وحتى أقام المطعون عليه الدعوى الأصلية أن الطاعن غير جاد فيما طلبه بدعواه الفرعية، واستند الحكم إلى ذلك وإلى ما سلف بيانه من أسباب عند الرد على السبب الثاني في رفض الدعوى الفرعية. إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون وبأنه حكم بما لم يطلبه الخصوم يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الرابع مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون لأن الطاعن استند في إثبات كمية كسر الرخام المشحون إلى إيصال صادر من رئيس الصندل جاء به أن الكمية 135 طناً، ورغم أن المطعون عليه لم يطعن في هذا الإيصال إلا أن الحكم لم يأخذ بالدلالة المستمدة منه تأسيساً على أنه لا حجية له في إثبات الكمية التي شحنت فعلاً لأنه دونت به عبارة تحت الزيادة أو العجز، في حين أن هذه العبارة لا تؤدي إلا لاحتساب عجز مقداره 5% كالعرف التجاري، ولا تؤدي لاحتساب عجز قدره 45% يمثل 58 طناً من الرخام المشحون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن عدم اعتداد الحكم بالإيصال الموقع عليه من رئيس الصندل كدليل على حقيقة مقدار الكمية التي شحنت فعلاً بعد أن ورد بالإيصال أن هذه الكمية تحت العجز والزيادة، إنما هو تقدير موضوعي للدليل المستمد من الإيصال تحتمله عبارة التحفظ الواردة به. وإذ كانت المحكمة قد استدلت من ذلك ومن الأسباب الأخرى السائغة السالف بيانها عند الرد على السبب الثالث أن الطاعن عجز عن إثبات شحنة لكامل الكمية المتفق عليها، فإن النعي لا يعدو في حقيقته أن يكون منازعة موضوعية في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

الطعن 9 لسنة 28 ق جلسة 2 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 88 ص 625

جلسة 2 من مايو سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(88)
الطعن رقم 9 لسنة 28 القضائية

إثبات "طرق الإثبات". "الإقرار". "إقرار قضائي" "تجزئته".
الإقرار بالدين مع التمسك بوقوع المقاصة فيه ينطوي على واقعتين لا ارتباط بينهما ولا تستلزم أحداهما وجود الأخرى. جواز تجزئة ذلك الإقرار.

---------------
إنه وإن كان الأصل أن الإقرار المركب لا تجوز تجزئته، إلا أن الإقرار بالدين مع التمسك بوقوع المقاصة فيه ينطوي على واقعتين لا ارتباط بينهما ولا تستلزم إحداهما وجود الأخرى ومن ثم فإن للدائن في هذه الحالة أن يجزئ الإقرار على المدين فيعتبر الإقرار قائماً فيما هو في صالحه فقط، وبذلك يكون الدين ثابتاً بالإقرار ولا يكلف الدائن عبء إثباته، أما بقية الإقرار فلا يلزم الأخذ به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 925 سنة 1949 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعن وباقي المطعون عليهم طلب فيها إلزام الطاعن والمطعون عليه الثاني بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 500 ج، وقال بياناً لدعواه إنه في غضون سنة 1942 أبرم عقد حلول بينه وبين المطعون عليه الثاني بصفته وكيلاً عن ورثة المرحوم عبد اللطيف السيد عطية تضمن حلوله محلهم فيما يستحق لهم لدى الطاعن ورغم أنه لم يستلم هذا العقد لبقائه لدى محرره الأستاذ يوسف خليل المحامي (المطعون عليه الثالث) فإنه دفع مبلغ 200 ج للمطعون عليه الثاني في 3/ 11/ 1942 وحرر إيصال في ذات التاريخ بالمبلغ المذكور مضافاً إليه مبلغ 100 ج سبق للمطعون عليه الثاني استلامها منه كما دفع له مبلغ 200 ج أخرى حرر بها إيصال فقد منه ويكون مجموع ما دفعه مقابل الحلول 500 ج وأنه نظراً لأن عقد الحلول لم يتم ولم ينفذ فإنه لم يجد مندوحة من المطالبة باسترداد المبلغ المدفوع منه للمطعون عليه الثاني وأنه اختصم الطاعن باعتباره صاحب المطحن محل الحقوق المحولة في عقد الحلول السالف البيان، وركن المطعون عليه الأول في إثبات مدعاة في شأن مبلغ المائتي جنيه التي فقد إيصالها إلى ذمة المطعون عليه الثاني الذي حضر في الدعوى وأقر باستلامه مبلغ الخمسمائة جنيه جميعها وقد وافقه الطاعن على ذلك، وبتاريخ 31/ 1/ 1954 تنازل المطعون عليه الأول عن مخاصمة الطاعن مكتفياً بطلب الحكم بالمبلغ المذكور على المطعون عليه الثاني ثم عاد وأدخل الطاعن في الخصومة بجلسة 18/ 4/ 1954 طالباً الحكم على المطعون عليه الثاني في مواجهته ثم طلب بجلسة 20/ 6/ 1954 الحكم على الطاعن والمطعون عليه الثاني متضامنين بمبلغ الخمسمائة جنيه، وقد استجوبت محكمة أول درجة الطاعن في 31/ 10/ 1954، وبعد ذلك أقام المطعون عليه الأول الدعوى رقم 2107 سنة 1954 مدني كلي الإسكندرية طلب فيها إلزام الطاعن بمبلغ 345 ج و70 م مستنداً في إثبات ذلك إلى كشف حساب بمصروفات أنفقها على المطحن وفي مصلحة الطاعن وإلى إقرار الطاعن في استجوابه، وبتاريخ 21/ 5/ 1955 قضت محكمة أول درجة بعد أن قررت ضم الدعويين إلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه الأول مبلغ 788 ج والمصروفات المناسبة. استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 355 سنة 11 ق إسكندرية وأقام الطاعن استئنافه على أن محكمة أول درجة أخطأت إذ جزأت الإقرار القضائي الذي صدر منه بجلسة 21/ 3/ 1954، وبتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1957 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف مستندة في قضائها إلى أن الإقرار الصادر من الطاعن بجلسة 31/ 10/ 1954 أمام محكمة الدرجة الأولى هو إقرار قضائي ملزم وتجوز تجزئته إذ أنه تضمن واقعتين لا ارتباط بينهما. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 9/ 1/ 1958 وقدمت النيابة مذكرة برأيها تضمنت طلب رفض الطعن. وبتاريخ 14/ 11/ 1961 نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 7/ 3/ 1963 وفيها صممت النيابة على طلبها السالف البيان.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه خالف المادة 408 من القانون المدني - وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه يشترط لكي يكون الإقرار قضائياً في حكم المادة 408 من القانون المدني أن يتضمن هذا الإقرار اعترافاً بأمر كان منكوراً من المقر وأن يقصد به اتجاه إرادة المقر نحو إحداث أثر قانوني هو ثبوت حق في ذمة المقر وإعفاء المقر له من إثبات هذا الحق وأن يتم هذا الاعتراف أمام القضاء في الخصومة المطروحة عليه - وهذه الشرائط غير متوفرة في الإقرار الذي صدر من الطاعن أمام محكمة أول درجة بجلسة 31/ 10/ 1954 ذلك أن هذا الإقرار قد صدر من الطاعن إثر سؤاله عن أدلة التخالص الذي يدعيه قبل المطعون عليه الأول ولم يكن يقصد الطاعن من هذا الإقرار أن تتجه إرادته إلى إثبات حق في ذمته وإنما كان يستهدف إبراز أدلة التخالص، كما أن الإقرار المذكور لم يصدر في الدعوى رقم 2107 سنة 1954 مدني كلي وإنما صدر في 31/ 10/ 1954 قبل أن ترفع الدعوى المذكورة عليه في 17/ 11/ 1954 وفي وقت كانت المطالبة الأولى في الدعوى رقم 925 سنة 1949 مدني كلي الإسكندرية قد انتهت بإثبات التنازل عنه فيها - ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه خالف حكم المادة 409 من القانون المدني وأخطأ في تفسيرها وتطبيقها حين اعتبر الإقرار السالف مشتملاً على وقائع متعددة لا ارتباط بينهما حالة أن الإقرار المذكور قد تضمن إقراراً بالدين وبالتخالص منه والوقائع التي تضمنها مرتبطة ببعضها ارتباطاً ولا يقبل التجزئة ووجود أحدهما يستلزم وجود الأخرى ولا يصح قانوناً وعملاً بحكم المادة 409 من القانون المدني تجزئتها.
وحيث إن النعي في وجهيه السالفين مردود بأن الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه باعتبار إقرار الطاعن في 31/ 10/ 1954 إقراراً قضائياً يجوز تجزئته على قوله: "وحيث إن المستأنف أقر بمبلغ الـ 800 جنيه في جلسة 31/ 10/ 1954 إذ قال (محمد السيد شلبي له مبلغ 500 جنيه قيمة ما دفع منه إلى يس عبد اللطيف وجريت منه مبلغ 300 جنيه على سبيل النزاع القائم بيني وبين أخي فيكون مجموع الواصل 800 جنيه وأعطيت محمد السيد شلبي نظير هذا الدين اختصاص على المطحن ولما سئل عمن كان مديناً بموجب هذا الاختصاص قال إنه هو الذي كان مديناً بموجبه إلى من يدعى عبد الحافظ السيد محروس ثم اشترى الدين والاختصاص ممن يدعي محمود مرسي الشناوي فلما سئل هل نزعت ملكيته من هذا المطحن نتيجة هذا الدين والاختصاص أجاب بالإيجاب) وترتيباً على هذا البيان يكون عبد الرازق الحبشي أعيد إدخاله في الدعوى وإذ تحرج مركزه ووجهت ضده الطلبات ثانية قرر إقراراً صريحاً قضائياً بمجلس القضاء في القضية المرفوعة ضده بالدين موضوع الدعوى بذاتها بمديونيته لمحمد السيد شلبي في مبلغ 800 جنيه وطبقاً للمادة 408 مدني يكون إقراراه قاطعاً في الإثبات على واقعة قانونية مدعي بها عليه ويعتبر بذلك حجة قاطعة طبقاً للمادة 409/ 1 مدني دون الاعتداد بالادعاء الواهي بواقعة السداد التي قصد منها التحايل على إهدار الإقرار بالمديونية... كما أنه لو سلم جدلاً بأن الإقرار الصادر من المستأنف هو إقرار مركب فإن الواقعة الأخرى الخاصة بالسداد غير مرتبطة بالواقعة الأصلية بحيث إن حصولها لا يتحتم معه وجود الأولى وبذلك تصح تجزئة الاعتراف ذلك لأن واقعة عقد الحلول التي تمت بين المستأنف عليه الأول وبين الحاج محمود مرسي الشناوي منفصلة كل الانفصال عن عملية عقد الحلول التي تمت بين المستأنف عليه الأول ويس عبد اللطيف المستأنف عليه الثاني ولا ارتباط بين العمليتين وحصول إحداهما لا يتحتم معه وجود الأخرى" وما انتهي إليه الحكم من اعتبار الإقرار الصادر من الطاعن بجلسة 31/ 10/ 1954 أمام محكمة الدرجة الأولى إقراراً قضائياً وأنه تجوز تجزئته لا مخالفة فيه للقانون - ذلك أنه وإن كان الأصل أن الإقرار المركب لا يجوز تجزئته - إلا أن الإقرار بالدين مع التمسك بوقوع المقاصة فيه - كما هو الحال في النزاع الماثل لأن الطاعن أقر بالمديونية وادعى أنه دائن للمطعون عليه الأول بمقابل الدين والاختصاص الذي تنازل عنه محمود مرسي الشناوي نيابة عنه للمطعون عليه الأول - فإنه ينطوي على واقعتين لا ارتباط بينهما ولا تستلزم إحداهما وجود الأخرى ومن ثم كان للدائن في هذه الحالة أن يجزئ الإقرار على المدين فيعتبر الإقرار قائماً فيما هو في صالحه فقط وبذلك يكون الدين ثابتاً بالإقرار ولا يكفل الدائن عبء إثباته أما بقية الإقرار فلاً يلزم الأخذ به - لما كان ذلك، وكانت الدعوى رقم 2107 سنة 1954 مدني كلي ليست إلا امتداداً للمطالبة الحاصلة بالدعوى الأولى التي صدر فيها الإقرار - فإن النعي بما ورد في السببين الأول والثاني يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث مخالفة قواعد الإثبات التي تبيح الإثبات في المواد التجارية بقرائن الأحوال، كما يعيب على الحكم القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة الموضوع وقد أهدرت المستندات المقدمة منه والدالة على حصول التخالص كان عليها أن تحيل الدعوى إلى التحقيق لإثبات التخالص المدعى به لجواز الإثبات بالبينة والقرائن في الأمور التجارية، كما أن الحكم المطعون فيه لم يضمن أسبابه المبررات الكافية التي استند إليها في إهدار المستندات المقدمة منه في شأن التخالص والتي تفيد أن المطعون عليه الأول قد حصل على المبالغ المدفوعة منه للمطعون عليه الثاني وللطاعن - هذا إلى أن الحكم المذكور لم يتناول في أسبابه إمكان عودة المطعون عليه الأول بمطالبة الطاعن بعد أن تنازل عن مقاضاته وقضى بإثبات هذا التنازل.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير مقبول إذ لم يقدم الطاعن بملف الطعن ما يدل على أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بطلب إثبات التخالص بالبينة، ومردود في شقه الثاني بأن الحكم المطعون فيه عرض لإدعاء الطاعن الوفاء ونفاه بأسباب سائغة، أما ما أثاره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه لم يبرر جواز العودة إلى المطالبة بعد إثبات التنازل فإن هذا العني مردود بأن النزول عن الدعوى لا يمس الحق المرفوعة به تلك الدعوى ولا يحول دون العودة إلى المطالبة به.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يتعين رفض الطعن.