جلسة 30 من مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عبد المجيد يوسف الغايش، ومحمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.
----------------
(106)
الطعن رقم 29 لسنة 34 ق "أحوال شخصية"
(أ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "ديانة".
تغيير الطائفة أو الملة. عمل إرادي. أثره. شرطه.
(ب) أحوال شخصية. قانون. "القانون الواجب التطبيق".
الشيعة الإسلامية. هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين غير المسلمين المختلفي الطائفة والملة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن موريس عازر شنوده أقام الدعوى رقم 15 سنة 1963 سوهاج الابتدائية للأحوال الشخصية ضد نصرة أيوب سرجيوس بطلب الحكم بإثبات طلاقه لها مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه إنه تزوجها بصحيح العقد الصادر لدى مطرانية الأقباط الأرثوذكس في 9/ 9/ 1951 ودخل بها وإذ أساءت عشرته وتركت منزل الزوجية وأصبح سرياني أرثوذكسي من تاريخ انضمامه لهذه الطائفة في 13 يناير سنة 1963 ومن قبل رفع الدعوى في 16/ 2/ 1963 بينما هي قبطية أرثوذكسية وهما يدينان بالطلاق وقد أوقع عليها الطلاق بتاريخ 2/ 2/ 1963 بقوله "زوجتي نصرة أيوب سرجيوس طالق مني" فقد طلب الحكم بإثباته - ودفعت المدعى عليها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وطلبت في الموضوع رفضها مستندة في ذلك إلى أنها انضمت إلى طائفة السريان الأرثوذكس وأصبحت من أبناء هذه الطائفة من تاريخ تقديم طلب الانضمام في 2/ 1/ 1963 وهو سابق على رفع الدعوى وبذلك يكونان متحدي الطائفة والملة وبتاريخ 20 أكتوبر سنة 1963 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها (ثانياً) برفض الدعوى.
واستأنف المدعي هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه والحكم بإثبات الطلاق وقيد هذا الاستئناف برقم 17 سنة 1963 - وبتاريخ 10 مايو سنة 1964 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإثبات طلاق المستأنف عليها الصادر منه بتاريخ 2/ 2/ 1963 وألزمت المستأنف عليها مصروفات الدرجتين ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى بإثبات الطلاق تأسيساً على أن الطاعنة انضمت إلى طائفة السريان الأرثوذكس في 21/ 3/ 1963 وأثناء السير في الدعوى ولم يعتد بتاريخ تقديم طلبها الانضمام لهذه الطائفة في 2/ 1/ 1963، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، لأن الطرفين كانا من طائفة الأقباط الأرثوذكس وفي 13/ 1/ 1963 انضم المطعون عليه لطائفة السريان الأرثوذكس وفي 2/ 1/ 1963 تقدمت الطاعنة بطلب انضمامها إلى هذه الطائفة وقررت البطريركية قبولها في 21/ 3/ 1963 وهي بذلك تعتبر من أفراد هذه الطائفة من تاريخ تقديم الطلب لا من تاريخ قبوله لأنه هو اليوم الذي اعتنقت فيه المذهب الجديد... وبدأت تزاول شعائره أما قبول الطلب فهو تقرير للأمر الواقع منذ اليوم الذي اعتنقت فيه المذهب الجديد والقول بأن تغيير الطائفة لا يتم إلا من وقت قبوله من الجهة الدينية المختصة لا يسانده منطق ويترتب عليه وجود فترة من الزمن لا يكون فيها الشخص على الدين القديم أو الجديد وكذلك القول بأنه يبقى على مذهبه القديم إلى أن يتم قبوله فهو مردود بأن اعتناق المذهب الجديد لا يتوقف على مشيئة أحد بل على العقيدة وحدها وهي مسألة نفسية لا يجوز البحث فيها إلا عن طريق المظاهر الخارجية والثابت في الدعوى أنها تقدمت بالانضمام في 2/ 1/ 1963 وبذلك تكون هي والمطعون عليه متحدي الطائفة من قبل رفع الدعوى في 16/ 2/ 1963.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن تغيير الطائفة أو الملة عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة ولكن بعد الدخول فيه وإتمام طقوسه ومظاهره الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من شهادة بطريركية السريان الأرثوذكس أن الطاعنة انضمت إلى هذه الطائفة في 21/ 3/ 1963 بعد أن كانت من طائفة الأقباط الأرثوذكس ولم يعول الحكم المطعون فيه على هذا التغيير لحصوله أثناء سير الدعوى فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أنه وفقاً للمادة السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون "تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى إلا إذا كان التغيير إلى الإسلام" ومفهوم هذه المادة أنه إذا كان الطرفان من طائفة أو ملة واحدة ثم غير أحدهما طائفته أو ملته أثناء سير الدعوى فلا يعتد بهذا التغيير إلا إذا كان إلى الإسلام وهي تقصد الوحدة الطائفية قبل رفع الدعوى ثم تغييرها أثناء السير فيها لا اختلافها قبل رفع الدعوى ثم اتحادها أثناء السير فيها ففي هذه الحالة يتعين تطبيق أحكام شريعتهما لا أحكام الشريعة الإسلامية عملاً بالفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون وهي مطلقة وعامة فيما تقضي به من تطبيق شريعة المصريين غير المسلمين متى كانوا متحدي الطائفة والملة ولم تحدد الوقت الذي يكون فيه هذا الاتحاد ويستوي أن تكون الوحدة قبل رفع الدعوى أو أثناء السير فيها - ولو صح ما ذهب إليه الحكم من أن الطاعنة تعتبر من طائفة السريان الأرثوذكس من وقت قبولها في 21/ 3/ 1963 فإنهما يكونان متحدي الطائفة أثناء السير في الدعوى ويتعين تطبيق أحكام شريعتهما وهي لا تجيز الطلاق بإرادة الزوج المنفردة أو بإرادتهما وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على الحالة المعروضة وهي حالة زوجين متحدي الطائفة والملة أثناء سير الدعوى مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين غير المسلمين المختلفي الطائفة والملة وتصدر الأحكام فيها طبقاً لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى أن الطاعنة والمطعون عليه غير متحدي الطائفة والملة وطبق في شأنهما أحكام الشريعة الإسلامية ولم يعتد بالتغيير الحاصل أثناء سير الدعوى فإنه بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه إذ العبرة باتحاد الطائفة والملة أو اختلافهما وقت رفع الدعوى ما لم يكن التغيير إلى الإسلام، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) نقض 26/ 5/ 1965 الطعن رقم 25 لسنة 33 ق "أحوال شخصية" السنة 16 ص 628.