الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 مايو 2023

الطعن 29 لسنة 34 ق جلسة 30 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 أحوال شخصية ق 106 ص 792

جلسة 30 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عبد المجيد يوسف الغايش، ومحمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

----------------

(106)
الطعن رقم 29 لسنة 34 ق "أحوال شخصية"

(أ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "ديانة".
تغيير الطائفة أو الملة. عمل إرادي. أثره. شرطه.
(ب) أحوال شخصية. قانون. "القانون الواجب التطبيق".
الشيعة الإسلامية. هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين غير المسلمين المختلفي الطائفة والملة.

--------------
1 - تغيير الطائفة أو الملة هو عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة ولكن بعد الدخول فيه وإتمام طقوسه ومظاهره الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، وإذ كان الثابت أن الطاعنة انضمت إلى طائفة السريان الأرثوذكس بعد أن كانت من طائفة الأقباط الأرثوذكس ولم يعول الحكم المطعون فيه على هذا التغيير لحصوله أثناء سير الدعوى، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو خطأ في تطبيقه.
2 - الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين غير المسلمين المختلفي الطائفة والملة وتصدر الأحكام فيها طبقاً لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى أن الطاعنة والمطعون عليه غير متحدي الطائفة والملة وطبق في شأنهما أحكام الشريعة الإسلامية ولم يعتد بالتغيير الحاصل أثناء سير الدعوى فإنه بذلك - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه (1) إذ العبرة باتحاد الطائفة والملة أو اختلافهما وقت رفع الدعوى ما لم يكن التغيير إلى الإسلام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن موريس عازر شنوده أقام الدعوى رقم 15 سنة 1963 سوهاج الابتدائية للأحوال الشخصية ضد نصرة أيوب سرجيوس بطلب الحكم بإثبات طلاقه لها مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه إنه تزوجها بصحيح العقد الصادر لدى مطرانية الأقباط الأرثوذكس في 9/ 9/ 1951 ودخل بها وإذ أساءت عشرته وتركت منزل الزوجية وأصبح سرياني أرثوذكسي من تاريخ انضمامه لهذه الطائفة في 13 يناير سنة 1963 ومن قبل رفع الدعوى في 16/ 2/ 1963 بينما هي قبطية أرثوذكسية وهما يدينان بالطلاق وقد أوقع عليها الطلاق بتاريخ 2/ 2/ 1963 بقوله "زوجتي نصرة أيوب سرجيوس طالق مني" فقد طلب الحكم بإثباته - ودفعت المدعى عليها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وطلبت في الموضوع رفضها مستندة في ذلك إلى أنها انضمت إلى طائفة السريان الأرثوذكس وأصبحت من أبناء هذه الطائفة من تاريخ تقديم طلب الانضمام في 2/ 1/ 1963 وهو سابق على رفع الدعوى وبذلك يكونان متحدي الطائفة والملة وبتاريخ 20 أكتوبر سنة 1963 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها (ثانياً) برفض الدعوى.
واستأنف المدعي هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه والحكم بإثبات الطلاق وقيد هذا الاستئناف برقم 17 سنة 1963 - وبتاريخ 10 مايو سنة 1964 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإثبات طلاق المستأنف عليها الصادر منه بتاريخ 2/ 2/ 1963 وألزمت المستأنف عليها مصروفات الدرجتين ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى بإثبات الطلاق تأسيساً على أن الطاعنة انضمت إلى طائفة السريان الأرثوذكس في 21/ 3/ 1963 وأثناء السير في الدعوى ولم يعتد بتاريخ تقديم طلبها الانضمام لهذه الطائفة في 2/ 1/ 1963، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، لأن الطرفين كانا من طائفة الأقباط الأرثوذكس وفي 13/ 1/ 1963 انضم المطعون عليه لطائفة السريان الأرثوذكس وفي 2/ 1/ 1963 تقدمت الطاعنة بطلب انضمامها إلى هذه الطائفة وقررت البطريركية قبولها في 21/ 3/ 1963 وهي بذلك تعتبر من أفراد هذه الطائفة من تاريخ تقديم الطلب لا من تاريخ قبوله لأنه هو اليوم الذي اعتنقت فيه المذهب الجديد... وبدأت تزاول شعائره أما قبول الطلب فهو تقرير للأمر الواقع منذ اليوم الذي اعتنقت فيه المذهب الجديد والقول بأن تغيير الطائفة لا يتم إلا من وقت قبوله من الجهة الدينية المختصة لا يسانده منطق ويترتب عليه وجود فترة من الزمن لا يكون فيها الشخص على الدين القديم أو الجديد وكذلك القول بأنه يبقى على مذهبه القديم إلى أن يتم قبوله فهو مردود بأن اعتناق المذهب الجديد لا يتوقف على مشيئة أحد بل على العقيدة وحدها وهي مسألة نفسية لا يجوز البحث فيها إلا عن طريق المظاهر الخارجية والثابت في الدعوى أنها تقدمت بالانضمام في 2/ 1/ 1963 وبذلك تكون هي والمطعون عليه متحدي الطائفة من قبل رفع الدعوى في 16/ 2/ 1963.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن تغيير الطائفة أو الملة عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة ولكن بعد الدخول فيه وإتمام طقوسه ومظاهره الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من شهادة بطريركية السريان الأرثوذكس أن الطاعنة انضمت إلى هذه الطائفة في 21/ 3/ 1963 بعد أن كانت من طائفة الأقباط الأرثوذكس ولم يعول الحكم المطعون فيه على هذا التغيير لحصوله أثناء سير الدعوى فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أنه وفقاً للمادة السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 لا يؤثر في تطبيق الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون "تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى إلا إذا كان التغيير إلى الإسلام" ومفهوم هذه المادة أنه إذا كان الطرفان من طائفة أو ملة واحدة ثم غير أحدهما طائفته أو ملته أثناء سير الدعوى فلا يعتد بهذا التغيير إلا إذا كان إلى الإسلام وهي تقصد الوحدة الطائفية قبل رفع الدعوى ثم تغييرها أثناء السير فيها لا اختلافها قبل رفع الدعوى ثم اتحادها أثناء السير فيها ففي هذه الحالة يتعين تطبيق أحكام شريعتهما لا أحكام الشريعة الإسلامية عملاً بالفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون وهي مطلقة وعامة فيما تقضي به من تطبيق شريعة المصريين غير المسلمين متى كانوا متحدي الطائفة والملة ولم تحدد الوقت الذي يكون فيه هذا الاتحاد ويستوي أن تكون الوحدة قبل رفع الدعوى أو أثناء السير فيها - ولو صح ما ذهب إليه الحكم من أن الطاعنة تعتبر من طائفة السريان الأرثوذكس من وقت قبولها في 21/ 3/ 1963 فإنهما يكونان متحدي الطائفة أثناء السير في الدعوى ويتعين تطبيق أحكام شريعتهما وهي لا تجيز الطلاق بإرادة الزوج المنفردة أو بإرادتهما وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على الحالة المعروضة وهي حالة زوجين متحدي الطائفة والملة أثناء سير الدعوى مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للمصريين غير المسلمين المختلفي الطائفة والملة وتصدر الأحكام فيها طبقاً لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى أن الطاعنة والمطعون عليه غير متحدي الطائفة والملة وطبق في شأنهما أحكام الشريعة الإسلامية ولم يعتد بالتغيير الحاصل أثناء سير الدعوى فإنه بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه إذ العبرة باتحاد الطائفة والملة أو اختلافهما وقت رفع الدعوى ما لم يكن التغيير إلى الإسلام، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 26/ 5/ 1965 الطعن رقم 25 لسنة 33 ق "أحوال شخصية" السنة 16 ص 628.

الطعن 20 لسنة 34 ق جلسة 30 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 أحوال شخصية ق 105 ص 782

جلسة 30 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عبد المجيد يوسف الغايش، ومحمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس.

----------------

(105)
الطعن رقم 20 لسنة 34 ق "أحوال شخصية"

(أ، ب) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين". "طلاق". "ردة". اختصاص. "اختصاص نوعي". "اختصاص المحاكم الابتدائية".
(أ) دعاوى الطلاق والخلع والمبارأة والفرقة بين الزوجين. اختصاص. المادة الثامنة من القانون رقم 462 لسنة 1955.
(ب) فرقة. ردة. حكمها. وجوب الفرقة بين الزوجين بمجرد تحقق سببها. دعوى الفرقة. عدم اعتبارها من منازعات الزواج.
(ج) أحوال شخصية. "الحسبة".
الحسبة. فعل ما يحتسب عند الله. من فروض الكفاية. صدورها عن ولاية شرعية أضفاها الشارع عن كل من أوجبها عليه.
(د) أحوال شخصية. "الحسبة". دعوى. "شروط قبول الدعوى". "دعوى الحسبة".
دعوى الحسبة. عدم تقييدها بشرط الإذن أو التفويض من ولي الأمر.
(هـ) أحوال شخصية. "مسائل الأحوال الشخصية". "القانون الواجب التطبيق". حق. دعوى. "دعوى الأحوال الشخصية". "القانون الواجب التطبيق".
مسائل الأحوال الشخصية. الحق والدعوى به. تطبيق نصوص اللائحة الشرعية وأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة وما وردت بشأنه قواعد خاصة في قوانينها.
(و) أحوال شخصية. "القانون الواجب التطبيق". قانون. "مسائل الأحوال الشخصية". "القانون الواجب التطبيق".
الشريعة الإسلامية. القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية. صدور الأحكام طبقاً لما هو مدون بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية ولأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة أو لما ورد بالقوانين الخاصة. عدم النص في تلك القوانين على قواعد خاصة. وجوب الرجوع إلى أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة.

---------------
1 - طبقاً للمادة الثامنة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية أصبحت دعاوى النسب في غير الوقف والطلاق والخلع والمبارأة "والفرقة بين الزوجين بجميع أسبابها" من اختصاص المحاكم الابتدائية بعد أن كانت وفقاً للمادة السادسة من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من اختصاص المحاكم الجزئية.
2 - الردة - وهي الرجوع عن دين الإسلام - سبب من أسباب الفرقة، ومن أحكامها أنه ليس لمرتد أن يتزوج أصلاً، لا بمسلم ولا بغير مسلم، إذ هي في معنى الموت وبمنزلته والميت لا يكون محلاً للزواج وهي لو اعترضت على الزواج رفعته وإذا قارنته تمنعه من الوجود؛ وفقه الحنفية على أن المرأة إذا ارتدت ثم تزوجت لا ينعقد لها زواج وإذا تزوجت ثم ارتدت انفسخ العقد ووجبت الفرقة بين الزوجين بمجرد تحقق سببها وبنفس الردة وبغير توقف على قضاء القاضي - وإذ كانت دعوى المطعون عليه هي دعوى فرقة سببها ردة الطاعنة الثانية وزواجها بعد ردتها من الطاعن الأول وأنهما يتعاشران معاشرة الأزواج بينما لم ينعقد بينهما زواج، فإنها بذلك تكون من اختصاص المحاكم الابتدائية ولا تعتبر من منازعات الزواج والمواد المتعلقة بالزوجية التي تختص بها المحاكم الجزئية.
3 - الحسبة هي فعل ما يحتسب عند الله وفي اصطلاح الفقهاء هي أمر بمعروف إذا ظهر تركه ونهي عن منكر إذا ظهر فعله، وهي من فروض الكفاية وتصدر عن ولاية شرعية أصلية - أو مستمدة - أضفاها الشارع على كل من أوجبها عليه وطلب منه القيام بها وذلك بالتقدم إلى القاضي بالدعوى والشهادة لديه أو باستعداء إلى المحتسب أو والي المظالم. ودعوى الحسبة تكون فيما هو حق الله أو فيما كان حق الله فيه غالباً كالدعوى بإثبات الطلاق البائن وبالتفريق بين زوجين زواجهما فاسد.
4 - جمهور الفقهاء على عدم تقييد دعوى الحسبة بشرط الإذن أو التفويض من ولي الأمر.
5 - الحق والدعوى به في مسائل الأحوال الشخصية التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية تحكمه نصوص اللائحة الشرعية وأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة وما وردت بشأنه قواعد خاصة في قوانينها.
6 - الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية وعملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية تصدر الأحكام فيها طبقاً لما هو مدون بهذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة وذلك فيما عدا الأحوال التي وردت بشأنها قوانين خاصة للمحاكم الشرعية - ومنها قانون الوصية وقانون المواريث - تضمنت قواعد مخالفة للراجح من هذه الأقوال فتصدر الأحكام فيها طبقاً لتلك القواعد، ومؤدى ذلك أنه ما لم تنص تلك القوانين على قواعد خاصة تعين الرجوع إلى أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة وهو ما لا يجوز معه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - القول بأن سكوت القانون أو خلوه من النص على حكم في مسألة من هذه المسائل إنما أراد به المشرع أن يخالف نصاً في القرآن أو السنة الصحيحة أو حكماً اتفق عليه فقهاء المسلمين - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وطبق أحكام الردة على زواج الطاعنة الثانية بعد ردتها وقضى ببطلانه وأمر بالتفريق بينها وبين الطاعن الأول محافظة على حقوق الله وصيانة لها من العبث وهي أمور لا تتصل "بحرية العقيدة" ولكن بما رتبه الفقهاء عليها من آثار، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن فهمي أحمد البنا المطعون عليه أقام الدعوى رقم 64 سنة 1958 المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد أنطون فهمي أنطون وبدور عبده صالح الطاعنين بطلب الحكم ببطلان عقد زواجهما والتفريق بينهما مع إلزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه إن المدعى عليهما يتعاشران معاشرة الأزواج مع أن الأول مسيحي والثانية كانت مسلمة وارتدت عن الإسلام بمقتضى المحضر المؤرخ 17/ 11/ 1951 والمودع بمطرانية المنوفية للأقباط الأرثوذكس. وبتاريخ 25/ 11/ 1951 قام القمص حنا مرقص كاهن الكنيسة المرقصية بالقاهرة بعقد زواجها بالمدعى عليه الأول باعتبارها قبطية أرثوذكسية ولما كان زواج المرتدة لا ينعقد شرعاً ويجب التفريق بينها وبين زوجها مسلماً كان أو غير مسلم بدعوى حسبة وابتغاء وجه الله ولم يمثلا لطلب التفريق فقد انتهى إلى طلب الحكم ببطلان هذا الزواج وأمرهما بأن يفترقا أمراً مشمولاً بالنفاذ - ودفع المدعى عليه الأول بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبعدم سماعها لأن المدعي ليس خصماً شرعياً لأحد من المدعى عليهما ولا تربطه بهما صلة أبوة أو بنوة أو قرابة ولم يأذن بالخصومة فيها وفي الموضوع طلب رفضها. وبتاريخ 2/ 3/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً للمدعى عليه الأول وغيابياً للمدعى عليها الثانية: (أولاً) برفض الدفع بعدم سماع الدعوى وبسماعها. (ثانياً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها. (ثالثاً) بإبطال عقد الزواج الحاصل بين المدعى عليه الأول والمدعى عليها الثانية بتاريخ 25 نوفمبر سنة 1951 والتفريق بينهما وشملت الحكم بالنفاذ. واستأنف المدعى عليهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد استئنافهما برقم 7 سنة 1959. وبتاريخ 7/ 4/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصاريف وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة - وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقيد هذا الطعن برقم 21 سنة 30 قضائية. وبتاريخ 17/ 10/ 1962 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية على محكمة استئناف المنصورة وجدد المستأنفان السير فيه. وبتاريخ 25/ 3/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً: (أولاً) ببطلان الحكم المستأنف. (ثانياً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى وباختصاصها والدفع بعدم سماع الدعوى وبسماعها. (ثالثاً) ببطلان الزواج المبرم بين المستأنف الأول والمستأنفة الثانية بتاريخ 25/ 11/ 1951 واعتباره كأن لم يكن والتفريق بينهما وشمول الحكم بالنفاذ مع إلزامهما بالمصروفات عن الدرجتين وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى استناداً إلى ما نصت عليه المادة الثامنة من القانون رقم 462 لسنة 1955 من أن دعوى النسب في غير الوقف والطلاق والخلع والمبارأة والفرقة بين الزوجين بجميع أسبابها والمشار إليها في المادة السادسة من اللائحة الشرعية تكون دائماً من اختصاص المحاكم الابتدائية، وقد وردت عبارة هذه المادة عامة دون قيد أو تخصيص وهي تدل على أن ما كان من اختصاص المحكمة الجزئية أصبح من اختصاص المحكمة الابتدائية فيما يتعلق بالطلاق والخلع والمبارأة والفرقة بين الزوجين بجميع أسبابها. وهذا النظر غير سديد إذ بمقارنة نصوص لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والقانون رقم 462 لسنة 1955 يتضح بجلاء أن الاختصاص بنظر دعوى الفرقة لبطلان الزواج يكون للمحكمة الجزئية لا للمحكمة الابتدائية وفقاً للمادة السادسة من اللائحة الشرعية وقد نصت على اختصاص المحكمة الجزئية بنظر مواد معينة منها "الزواج والمواد المتعلقة بالزوجية غير ما سبق" كما نصت على اختصاصها بالنظر ابتدائياً في دعاوى الطلاق والخلع والمبارأة والفرقة بين الزوجين بجميع أسبابها، وأصبحت الآن وبمقتضى المادة الثامنة من القانون رقم 462 لسنة 1955 ومن تاريخ العمل به من اختصاص المحاكم الابتدائية ومؤدى ذلك أن تختص المحاكم الابتدائية بنظر دعوى الفرقة بين زوجين انعقد بينهما زواج صحيح ثم قام لديهما سبب من أسباب الفرقة للشقاق أو الضرر أما حيث يدور النزاع على صحة العقد أو بطلانه ووجوده أو انعدامه فإن الاختصاص بالنظر فيه يكون للمحكمة الجزئية باعتباره من مسائل "الزواج والمواد المتعلقة بالزوجية" والنزاع في الدعوى يدور حول فسخ زواج الطاعنين لوقوعه باطلاً شرعاً وهي على هذه الصورة لا تعتبر من دعاوى الفرقة بين زوجين انعقد بينهما زواج صحيح ثم قام به سبب من أسباب التفريق التي تختص بها المحاكم الابتدائية بل تعتبر من دعاوى الزواج التي نصت اللائحة على أن تختص بها المحاكم الجزئية وهو اختصاص من النظام العام تقضي فيه المحكمة من تلقاء نفسها ولا يمنع من ذلك عدم تمسك الطاعنين به أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وفقاً للمادة الثامنة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية أصبحت دعاوى النسب في غير الوقف والطلاق والخلع والمبارأة "والفرقة بين الزوجين بجميع أسبابها" من اختصاص المحاكم الابتدائية بعد أن كانت وفقاً للمادة السادسة من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من اختصاص المحاكم الجزئية، وإذ كانت الردة وهي الرجوع عن دين الإسلام سبباً من أسباب الفرقة ومن أحكامها أنه ليس لمرتد أن يتزوج أصلاً لا بمسلم ولا بغير مسلم إذ هي في معنى الموت وبمنزلته والميت لا يكون محلاً للزواج وأنها "لو اعترضت على الزواج رفعته وإذا قارنته تمنعه من الوجود" وفقه الحنفية على أن المرأة إذا ارتدت ثم تزوجت لا ينعقد لها زواج وإذا تزوجت ثم ارتدت انفسخ العقد ووجبت الفرقة بين الزوجين بمجرد تحقق سببها وبنفس الردة وبغير توقف على قضاء القاضي - إذ كان ذلك، وكانت دعوى المطعون عليه هي دعوى فرقة سببها ردة الطاعنة الثانية وزواجها بعد ردتها من الطاعن الأول وأنهما يتعاشران معاشرة الأزواج بينما لم ينعقد بينهما زواج وهي بذلك تكون من اختصاص المحاكم الابتدائية ولا تعتبر من منازعات "الزواج والمواد المتعلقة بالزوجية" التي تختص بها المحاكم الجزئية - إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أن "الدفع الذي أبداه المستأنفان بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية نوعياً بنظر الدعوى مردود عليه بما تقضي به المادة الثامنة من القانون رقم 462 لسنة 1955 التي تنص صراحة على أن دعوى النسب في غير الوقف والطلاق والخلع والمبارأة والفرقة بين الزوجين بجميع أسبابها والمشار إليها في المادة السادسة من القانون رقم 78 لسنة 1931 فإنها تكون دائماً من اختصاص المحكمة الابتدائية وقد جاءت عبارة هذا النص مطلقة دون تخصيص أو قيد" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعنين دفعا بعدم سماع الدعوى لانعدام المصلحة فيها ولعدم استئذان وزارة العدل في رفعها وقضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع مستنداً في ذلك إلى أن الدعوى مرفوعة حسبة وبحق من حقوق الله ويجوز لأي فرد رفعها إزالة للمنكر ومنعاً للضرر والمصلحة مفترضة في رفعها ولا يمنع من سماعها تعليمات وزارة العدل بضرورة استئذانها في رفعها، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، إذ لو صح أن المحاكم الشرعية كانت تسمع دعاوى الحسبة وفقاً للأحكام الشرعية إلا أن هذه المحاكم ألغيت وأصبحت المحاكم الوطنية هي المختصة بالنظر في منازعات الأحوال الشخصية وهي تنظرها وفقاً لأحكام قانون المرافعات فيما عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ودعوى المطعون عليه يحكمها قانون المرافعات وقد نص في المادة الرابعة منه على أنه "لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون" وهي واجبة التطبيق على جميع الدعاوى التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية وأصبحت من اختصاص المحاكم الوطنية وهذه المحاكم لا تعرف دعوى الحسبة وليس في نصوص اللائحة الشرعية ما يشير إلى جواز رفعها وما نص عليه في المادة 28 من أن "الإذن بالخصومة في غير الأوقاف بجميع مقتضياته من اختصاص رؤساء المحاكم والقضاة الجزئيين" يتعين تحديد مداه على ضوء المادة 4 من قانون المرافعات وقد رفع المطعون عليه الدعوى دون استصدار هذا الإذن - ومن جهة أخرى فالمقصود من دعوى الحسبة هو رفع المنكر لا التشهير بالغير والانتقام والثابت من الأوراق أن المطعون عليه أقام ضد الطاعنين دعوى طرد أمام دائرة الإيجارات بمحكمة المنصورة لبطلان زواجهما وحكم برفضها لأن زواجهما صحيح ويحميه دستور الدولة ثم عاد وبقصد إعادة النظر في هذا الحكم فأقام الدعوى الحالية أمام دائرة الأحوال الشخصية وهو لا يبغي منها إلا الكيد وحملهما على إخلاء الشقة التي يسكنانها بمنزله ومثله لا يقال إنه يرفع دعواه حسبة وابتغاء وجه الله ولمثل دعواه صدر منشور وزارة العدل رقم 35 في 3/ 12/ 1918 بوجوب إحالة إعلانات هذا النوع من الدعاوى إلى الوزارة لتأمر بالسير فيها.
وحيث إن هذا النعي مردود (أولاً) بما سبق من أن المرأة إذا ارتدت ثم تزوجت لا ينعقد لها زواج ووجبت الفرقة بين الزوجين بمجرد تحقق سببها وبنفس الردة ولا تتوقف على قضاء القاضي، ومردود (ثانياً) بأن الحسبة هي فعل ما يحتسب عند الله وفي اصطلاح الفقهاء أمر بمعروف إذا ظهر تركه ونهي عن منكر إذا ظهر فعله وهي من فروض الكفاية وتصدر عن ولاية شرعية أصلية - أو مستمدة - أضفاها الشارع على كل من أوجبها عليه وطلب منه القيام بها وذلك بالتقدم إلى القاضي بالدعوى والشهادة لديه أو باستعداء إلى المحتسب أو وإلى المظالم "تبليغ النيابة العامة" ودعوى الحسبة تكون فيما هو حق الله أو فيما كان حق الله فيه غالباً كالدعوى بإثبات الطلاق البائن وبالتفريق بين زوجين زواجهما فاسد وجمهور الفقهاء على عدم تقييدها بشرط الإذن أو التفويض من ولي الأمر، مردود (ثالثاً) بأن الحق والدعوى به في مسائل الأحوال الشخصية التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية تحكمه نصوص اللائحة الشرعية وأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة وما وردت بشأنه قواعد خاصة في قوانينها.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى بالتفريق بين الطاعنين وببطلان عقد زواجهما وطبق في شأنهما أحكام الشريعة الإسلامية مستنداً في ذلك إلى أنها واجبة التطبيق ولا يوجد في القوانين الوضعية ما يتعارض مع أحكامها وهو نظر غير سديد لأن أحكام الشريعة الإسلامية إنما تطبق حيث لا تصطدم بشريعة أخرى أولى منها بالتطبيق وهي شريعة الأقباط الأرثوذكس التي عقد زواج الطاعنين طبقاً لأحكامها بعد أن اعتنقت المطعون عليها الثانية تلك الشريعة وصدر قرار مجلس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بقبولها وأصبحت تؤدي طقوس وتعاليم تلك الكنيسة وبهذا يكون الطاعنان مسيحيين وتطبق عليهما تلك الشريعة التي تنظم أحوالهما الشخصية طالما أنها لا تصطدم مع النظام العام في الدولة ولم يقل أحد أن اعتناق المسيحية فيه إخلال بالنظام العام ولا يجوز تطبيق أحكام شريعة أخرى باعتبار ما كان من أمر هذه السيدة وما آل إليه أمرها - وغني عن البيان أن الشريعة الإسلامية إنما تطبق في حالة اختلاف الطائفة أو الملة - والطاعنان ينتميان لملة واحدة وطائفة واحدة هي طائفة الأقباط الأرثوذكس ومن ثم فإن شريعة هذه الطائفة تكون هي الواجبة التطبيق ومن جهة أخرى فإن هذا النظر من الحكم يتعارض مع المادة 12 من الدستور التي تنص على حرية العقيدة والفكر وحرية الأديان بالنسبة لجميع المواطنين مسلمين وغير مسلمين ومن مقتضى هذه الحريات أن يترك للشخص كامل الحرية في اختيار الدين الذي يرتاح إليه ويتعين على القضاء الوقوف عند بحث توافر المظاهر الخارجية الرسمية لاعتناق الدين الجديد، وجرى قضاء محاكم الأحوال الشخصية على عدم تطبيق أحكام الردة في الشريعة الإسلامية طالما أنه لم يصدر قانون ينظمها وطالما أن أحكام الدستور قد كفلت حرية الاعتقاد بكافة ما يترتب عليها من أوضاع سواء تعلقت بإرث أو زواج أو بغيرهما وهو ذات النظر الذي انتهى إليه مجلس الدولة بصدد زواج البهائيين وقد أفتى باختصاص الموثق بعقد زواجهم مستنداً إلى المادة 12 من الدستور وما تنص عليه من أن حرية الاعتقاد مطلقة وأن لكل إنسان حرية تكوين عقيدته الدينية أياً كانت هذه العقيدة ومن باب أولي يجب أن يباح زواج المسيحية التي ارتدت عن دين الإسلام ودخلت في دين آخر تقره الدولة وهو الدين المسيحي، هذا ولقد كانت المادة 6 من مشروع قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 تتضمن النص على منع إرث المرتد من غيره واعترضت لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب على هذا النص وانتهى الأمر بحذفه ووعد وزير العدل بإعداد مشروع خاص بأحكام الردة وإلى الآن لم يصدر قانون في تنظيم هذه الأحكام ومن ثم فلا مناص من التزام أحكام الدستور، وإذ طبق الحكم المطعون فيه أحكام الشريعة في زواج المرتدة فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية وعملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية تصدر الأحكام فيها طبقاً لما هو مدون بهذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة وذلك فيما عدا الأحوال التي وردت بشأنها قوانين خاصة للمحاكم الشرعية - ومنها قانون الوصية وقانون المواريث - تضمنت قواعد مخالفة للراجح من هذه الأقوال فتصدر الأحكام فيها طبقاً لتلك القواعد ومؤدى ذلك أنه ما لم تنص تلك القوانين على قواعد خاصة تعين الرجوع إلى أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة وهو ما لا يجوز معه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - القول بأن سكوت القانون أو خلوه من النص على حكم في مسألة من هذه المسائل إنما أراد به المشرع أن يخالف نصاً في القرآن أو السنة الصحيحة أو حكماً اتفق عليه فقهاء المسلمين - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وطبق أحكام الردة على زواج الطاعنة الثانية بعد ردتها وهو في فقه الحنفية زواج لا ينعقد وقضى ببطلانه وأمر بالتفريق بينها وبين الطاعن الأول محافظة على حقوق الله وصيانة لها من العبث وهي لا تتصل بحرية العقيدة ولكن بما رتبه الفقهاء عليها من آثار - فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.

الطعن 16 لسنة 34 ق جلسة 30 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 أحوال شخصية ق 104 ص 772

جلسة 30 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عبد المجيد يوسف الغايش، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

-----------------

(104)
الطعن رقم 16 لسنة 34 ق أحوال شخصية

(أ وب) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". "نسب". دعوى. "دعوى النسب". "سماع الدعوى".
( أ ) نسب. ثبوت.
(ب) دعوى النسب. سماعها مجردة. شرطه. أن يكون المدعى عليه بالنسب حياً وليس فيها تحميل النسب على الغير.
(ج) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". "نسب". "ثبوت النسب".
نسب. ثبوته في جانب المرأة. ثبوته في جانب الرجل.
(د) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". "انقضاء العدة". "سن اليأس". "مدته".
سن اليأس. مناطه. معرفته بالاجتهاد والمماثلة في تركيب البدن.

-----------------
1 - ثبوت نسب الولد حق أصلي للأم كحق الولد لأنها تعير بولد ليس له أب معروف.
2 - الأصل في دعوى النسب أنها تسمع ولو كانت مجردة وليست ضمن حق آخر متى كان المدعى عليه بالنسب حياً وليس فيها تحميل النسب على الغير.
3 - النسب في جانب المرأة يثبت بالولادة ولا مرد لها وهو إذا ثبت يلزم ولا يحتمل النفي أصلاً، وفي جانب الرجل يثبت بالفراش وبالإقرار وبالبينة وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي لأن النفي يكون إنكاراً بعد الإقرار فلا يسمع.
4 - اختلف فقهاء الحنفية في الإياس وهو عند الجمهور خمس وخمسون سنة وعليه الفتوى وقيل الفتوى على خمسين وفي ظاهر الرواية لا تقدير فيه بل أن تبلغ المرأة من السن ما لا يحيض مثلها فيه وذلك يعرف بالاجتهاد والمماثلة في تركيب البدن والسمن والهزال (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن فاطمة الشهيرة بعزيزة إبراهيم ريحان أقامت الدعوى رقم 103 سنة 1956 بورسعيد الجزئية للأحوال الشخصية ضد علي إبراهيم شراره تطلب الحكم عليه بفرض نفقة لابنها منه إبراهيم المولود في 12/ 9/ 1954 وأنكر المدعى عليه نسب هذا الولد إليه وقررت المحكمة وقف السير فيها حتى تستصدر المدعية حكماً بثبوت النسب ومن ثم فقد أقامت الدعوى رقم 24 سنة 1957 بورسعيد الابتدائية للأحوال الشخصية تطلب الحكم عليه بثبوت نسب الولد المذكور إليه وأمره بعدم التعرض لها في ذلك مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ودفع المدعى عليه بعدم قبول الدعوى (أولاً) لأن المدعية لا صفة لها فيها وعلى فرض أن لها صفة فهي دعوى مجردة. (ثانياً) لأن الظاهر يكذبها إذ هي عقيم لا تلد وجاوزت سن اليأس المقررة شرعاً. وبتاريخ 3/ 4/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض ما دفع به المدعى عليه الدعوى (ثانياً) وفي الموضوع للمدعية على المدعى عليه بثبوت نسب الولد إبراهيم المذكور منه وبنوته له منها وأمرت بعدم التعرض للمدعية في ذلك وألزمته بمصاريف الدعوى وبعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف المدعى عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى ومن باب الاحتياط رفضها وقيد استئنافه برقم 18 سنة 1958 وبتاريخ 8/ 2/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصاريف وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعن علي إبراهيم شراره في هذا الحكم بطريق النقض وقيد هذا الطعن برقم 11 سنة 29 قضائية. وبتاريخ 22/ 11/ 1961 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه لإغفاله ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي في القضية وأحالتها على محكمة استئناف المنصورة وعجل المستأنف نظر الاستئناف وقيد برقم 1 سنة 1962 مأمورية بورسعيد. وبتاريخ 7/ 6/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بقبول الاستئناف شكلاً. (ثانياً) ببطلان الحكم المستأنف لإغفاله الإشارة إلى رأي النيابة العامة في الدعوى. (ثالثاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المؤسس على أنها دعوى نسب مجرد وبقبولها (رابعاً) وقبل الفصل في الموضوع بندب السيد الدكتور صلاح الدين حفني ناصف مدير عام الطب الشرعي بوصفه نائباً لكبير الأطباء الشرعيين بالإدارة العامة بمصلحة الطب الشرعي بالقاهرة خبيراً في الدعوى لتوقيع الكشف الطبي على كل من المستأنف عليها والمستأنف والطفل إبراهيم بعد التحقق من شخصيتهم بالبصمات والصور الشمسية لهم وذلك لبيان ما إذا كانت ثمة دلائل علمية أو مادية في المستأنف عليها تقطع بأنه سبق لها أو لم يسبق لها الحمل المكتمل لأشهره الرحمية والذي انتهى بوضع هذا الطفل إبراهيم في التاريخ الذي قررته وهو 12/ 9/ 1954 أو أنه لا توجد بها ما يثبت أو ينفي الحمل والوضع لذلك الطفل في هذا التاريخ وهل يوجد ما يثبت أو ينفي نسب هذا الطفل بالذات إلى المستأنف عليها والمستأنف وبجلسة 6 أكتوبر سنة 1963 قرر الحاضر عن المستأنف أنه توفى وحضر عنه ورثته قدرية علي إبراهيم شرارة وإبراهيم إبراهيم شرارة. وبعد أن باشر الخبير مأموريته وبتاريخ 9/ 3/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً: (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المؤسس على أن الظاهر يكذب دعوى المستأنف عليها لأنها عجوز عاقر لا تلد وبقبولها. (ثانياً) وفي الموضوع بثبوت نسب الولد إبراهيم من المرحوم علي إبراهيم شرارة وبثبوته له من المستأنف عليها وأمرت المستأنفين بعدم التعرض للمستأنف عليها في ذلك وألزمتهما مصروفات الدعوى عن الدرجتين وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعن الطاعنان في هذا الحكم وفي الحكم الصادر بتاريخ 7/ 6/ 1962 بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكمين وطلبت المطعون عليها رفض الطعن - وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن. وحيث إن حاصل السبب الأول والشق الأول من السبب الثاني أن الحكم الصادر في 7/ 6/ 1962 قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لأنها دعوى نسب مجردة مخالفاً بذلك أرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة ومقتضاها والأصل فيها أنه ليس للحاضنة حق المخاصمة عن الصغير فيما يرجع إلى نفسه أو ماله واستثنوا من ذلك حقها في طلب نفقة الصغير بجميع أنواعها وإنفاقها عليه لما لها من ولاية اليد والإنفاق كما استثنوا منه أن تدعي الحاضنة بحق له ضمن دعوى تملكها كأن تدعي النسب ضمن دعوى النفقة أو الحضانة لأن النسب سبب لا محالة للحق الذي تدعيه وليس لها أن تخاصم في ميراثه ولا في إثبات نسبه في دعوى نسب مجرد ليست ضمن دعوى تملكها وكان عليها أن تلجأ إلى المحكمة المختصة لتقيمها وصي خصومة عن الصغير ومن ذلك تكون دعواها غير مقبولة شرعاً. والقول من الحكم بأن دعوى المطعون عليها تشتمل على حق آخر هو النفقة فساد في الاستدلال مردود بما هو ثابت من أن المطلوب فيها ثبوت نسب الولد إبراهيم للمدعى عليه وأمره بعدم التعرض لها في ذلك وما أورده الحكم من أن هناك دعوى نفقة رفعت أمام محكمة بورسعيد الجزئية قيدت برقم 103 سنة 1956 وتقرر وقف السير فيها لا يبرر السير في دعوى النسب المجرد أمام المحكمة الابتدائية إذ هي ليست مختصة بالنظر فيها وكان واجباً على المحكمة وقد دفع أمامها بعدم سماعها أن تطالب المدعية بما يثبت صفتها في الخصومة عن الصغير.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن ثبوت نسب الولد حق أصلي للأم كحق الولد لأنها تعير بولد ليس له أب معروف والأصل في دعوى النسب أنها تسمع ولو كانت مجردة وليست ضمن حق آخر متى كان المدعى عليه بالنسب حياً وليس فيها تحميل النسب على الغير - وإذ كان ذلك، وكان الثابت أن المطعون عليها وهي أم الصغير قد طلبت في دعواها إثبات نسب الصغير لأبيه المدعى عليه وقضى الحكم الصادر في 7 من يونيه سنة 1962 برفض الدفع بعدم قبولها المؤسس على أنها دعوى نسب مجرد فإنه يكون صحيحاً فيما انتهى إليه من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها ممن لا تملك الخصومة فيها.
وحيث إن حاصل الشق الثاني من السبب الثاني أن المحكمة بحكمها الصادر في 7 يونيه سنة 1962 ندبت الدكتور صلاح الدين حفني مدير عام الطب الشرعي خبيراً في الدعوى لتوقيع الكشف الطبي على كل من المستأنف عليها والمستأنف والطفل إبراهيم ولبيان ما إذا كانت ثمة دلائل علمية أو مادية في المستأنف عليها تقطع بأنها سبق لها أو لم يسبق لها الحمل المكتمل لأشهره الرحمية والذي انتهى بوضع الطفل أو أنه لا يوجد ما يثبت أو ينفي الحمل والوضع وباشر الدكتور مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن الدلائل الفنية التي وجدت بالمستأنف عليها تشير في مجموعها إلى سبق حملها ولم يقطع بعدد الأشهر التي صارت لهذا الحمل على وجه التحديد ولا يوجد فنياً ما ينفي أن تكون أشهره الرحمية قد كانت مكتملة ولا ما ينفي أن يكون قد انتهى بوضع مثل الطفل إبراهيم في التاريخ المقول به وأن إثبات أو نفي نسب الولد يتوقف على فحص الدم، وجاء في تقرير الدكتور بشرى عبد الحميد "أن نتيجة الفحص المعملي تسمح بجواز نسب الطفل إلى المدعوة فاطمة إبراهيم ريحان وتقطع بعدم جواز بنوته لعلي إبراهيم شرارة" ومع ذلك فقد أهدر الحكم الموضوعي الصادر في 9 مارس سنة 1964 هذا التقرير كما أهدر تقرير الطب الشرعي بالزقازيق وقضى بثبوت النسب مستنداً إلى تقرير الدكتور صلاح الدين حفني وهو بذلك يكون قد بني على غير دليل.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه منها وفي استخلاص ما يرى أنه هو واقعة الدعوى دون أن يكون لمحكمة النقض أية رقابة عليه في ذلك أو أن تستأنف النظر بالموازنة والترجيح بين ما قدمه الخصوم من الدلائل والبيانات وقرائن الأحوال إثباتاً ونفياً ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا صورة واحدة هي أن يثبت القاضي مصدراً للواقعة التي يستخلصها يكون وهمياً لا وجود له أو يكون موجوداً ولكنه متناقض لما أثبته أو غير متناقض ولكن يستحيل عقلاً استخلاص الواقعة منه كما فعل هو، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في خصوص التقارير الطبية المقدمة والترجيح بينها على أن "المحكمة ترى الأخذ بتقرير الدكتور صلاح الدين حفني ناصف كبير الأطباء الشرعيين المؤرخ 19 من ديسمبر سنة 1962 والثابت به بعد الكشف على المستأنف عليها وللأسباب الواردة به أن الدلائل الفنية التي وجدت بالمستأنف عليها السيدة/ فاطمة إبراهيم ريحان تشير في مجموعها إلى سبق حملها على ما سلف بيانه ومع كفاية هذا التقرير في الرد على ما ذهب إليه المستأنف ومن بعده وارثاه السالفا الذكر من أن المستأنف عليها عجوز عقيم لا تلد وتضيف المحكمة أن نفس هذه النتيجة انتهى إليها كبير الأطباء الشرعيين في تقريره المؤرخ 12 يوليه سنة 1955 حيث قرر أن المستأنف عليها سبق لها الحمل الذي امتد إلى الأشهر الأخيرة والذي انتهى في الراجح بالولادة في تاريخ قد يتفق وتاريخ ميلاد الطفل في 12 من سبتمبر سنة 1954. هذا علاوة على ما جاء بالتقرير الاستشاري المؤرخ 2 من إبريل سنة 1955 وأنه "بالنسبة لتقرير تحليل الفصائل فإنه فضلاً عن تناقضه في ما أثبت من أن فصيلة دم المستأنف عليها؟ A وفصيلة دم المستأنف أصلاً B فقد أجاز التقرير أن تكون فصيلة دم الولد منهما O وأثبت التقرير أن فصيلة دم الصغير إبراهيم O ثم عاد التقرير ونفى نسبة الصغير إلى والده المذكور - فضلاً عن ذلك فإن تحاليل فصائل الدماء تختلف على نتيجتها بين العلماء وطرق إجراءات تجاربها أكثر من واحدة يناقض بعضها بعضاً في نتائجها ومن ثم فلم ترق بعد هذه التجارب إلى درجة اليقين والدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال"، فإنه بذلك يكون قد أقام قضاءه في الدعوى على ما اطمأنت إليه نفسه من أدلة وبما له من سلطة تامة في تقديرها والترجيح بينها ولم يحكم فيها بغير دليل.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى بثبوت النسب استناداً إلى أن الثابت من أوراق الدعوى أن المستأنف عليها تزوجت بالمرحوم علي إبراهيم شرارة بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 14 من ديسمبر سنة 1947 ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلى تاريخ ولادتها الطفل إبراهيم ولم يغب عنها مدة سنة سابقة على الوضع وأن ثمرة الزواج هي الأولاد وأول ما يثبت لهم من حقوق هو حق ثبوت النسب وقد اعترف الزوج بحمل زوجته ووضعها على فراش الزوجية الصحيحة ونسبة الولد إليه من محضر التحقيقات الإدارية وتبليغه بدفتر المواليد فلا يقبل منه شرعاً إنكاره بعد هذا الإقرار وغاية ما يحدثه الرجوع فيه وجود شبهة في ثبوت النسب والنسب من الحقوق التي تثبت مع الشبهة. وهذه الأسباب لا صلة لها بموضوع النزاع لأنه لم يكن يدور حول الزواج وثمرته وحقوق الأولاد وما يلزمهم وهل غاب الزوج عن زوجته سنة فأكثر أم لا - ومحضر التحقيق الذي استند إليه الحكم ليس إلا محضر جمع استدلالات حرره ضابط في خلوة مع زوج أخت المدعية وهو ضابط بوليس مثله وحملوا المورث على التوقيع عليه ولو سلم جدلاً بأنه أقر في هذا المحضر بما نسب إليه فإن المنصوص عليه شرعاً وقانوناً أن الإقرار الصحيح هو الذي لا يكذبه الحس والواقع وقد ثبت من تقرير الطبيب الشرعي بالزقازيق ومن تقرير فحص الدم الأخير بأن هذا الولد ليس ابناً له وهو إذن إقرار باطل لم تعول عليه المحكمة في حكمها التمهيدي ثم عولت عليه في حكمها القطعي وجعلته دليلاً وبهذا يكون الحكم قد بني على غير دليل.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النسب في جانب المرأة يثبت بالولادة ولا مرد لها وهو إذا ثبت يلزم ولا يحتمل النفي أصلاً وفي جانب الرجل يثبت بالفراش وبالإقرار وبالبينة وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي لأن النفي يكون إنكاراً بعد الإقرار فلا يسمع، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بثبوت النسب على جملة دعامات منها "أن المستأنف عليها - المطعون عليها - تزوجت بالمرحوم علي إبراهيم شراره بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 14 من ديسمبر سنة 1947 ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلى تاريخ ولادتها الطفل إبراهيم ولم يغب عنها مدة سنة سابقة على الوضع" وأن "ثمرة الزواج هي الأولاد وأول ما يثبت لهم من حقوق هو حق ثبوت النسب وقد اعترف الزوج المذكور بحمل زوجته ووضعها على فراش الزوجية الصحيحة ونسبة الولد إليه في محضر التحقيقات الإدارية وكذا في تبليغه بدفتر المواليد فلا يقبل منه شرعاً بعدئذ إنكاره لهذا الإقرار أو رجوعه عنه أو عدوله إلى غيره". وأن "شروط النسب حال قيام الزوجية الصحيحة إذا أتت به الزوجة لستة أشهر فأكثر من وقت الزوج كما هو الحال في خصوصية هذه الدعوى ثلاث (أولها) أن يولد مثل الولد لمثل من ينسب إليه والثابت من أوراق الدعوى إقرار المرحوم علي إبراهيم شراره بأنه كان يتلاقى مع المستأنف عليها إلى وقت الوضع وأن مثل الصغير يولد لمثله. (وثانيها) ألا ينفي نسبه بشرط ألا يسبق منه ما يدل على الإقرار الصحيح أو الضمني والثابت من أوراق الدعوى أن الزوج المذكور اعترف وأقر بصحة نسب الصغير إليه في التحقيقات الإدارية المشار إليها وفي دفتر المواليد كما تقبل التهاني بالمولود كما هو ثابت من مستندات المستأنف عليها في البرقيات المقدمة منها" وأن "من المقرر شرعاً أن إقرار الرجل بأن فلاناً ابنه ملزم له ويثبت به النسب إذا كان يولد مثله لمثله وكان الصغير مجهول النسب ولم يذكر المقر بأنه ولد من زنا ولا شك أن واقعة هذه الدعوى أكبر درجة من هذه الصورة التي ذكرها الشرع في باب أولى يثبت نسب الصغير إبراهيم من المرحوم علي إبراهيم شرارة والمستأنف عليها المعروفة حيث ولد على فراش الزوجية الصحيحة لأكثر من ستة أشهر حال قيام المعاشرة الزوجية الصحيحة وبعد إقراره في المحضر الرسمي المشار إليه ودفتر المواليد المنصوص عليه شرعاً أن الولد للفراش ولم يستثن من ذلك إلا ما نص عليه في المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 من أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى نسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد ولا لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها ولا لولد المطلقة والمتوفى عنها زوجها إذا أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق أو الوفاة. وهذه الحالات الثلاث لا تدخل تحت إحداها واقعة الدعوى" ثم أضاف الحكم أنه يرى الأخذ بتقرير الدكتور صلاح الدين حفني ناصف كبير الأطباء الشرعيين على ما سبق بيانه. ولا وجه بعد ذلك للقول بأن الحكم بني على غير دليل.
وحيث إن حاصل السبب الرابع - أن الحكم المطعون فيه أهدر القرائن والأدلة القاطعة التي ساقها الطاعنان ومورثهما للاستدلال على أن الدعوى يكذبها الظاهر وهي: 1 - أن المطعون عليها تزوجت الطاعن وسنها تزيد عن 42 سنة ومكثت على عصمته تسع سنوات لم تحمل فيها فلما بلغت الخمسين وانتهى سن إخصابها مثلت تلك الرواية بالحمل والولادة. 2 - وأنها كانت متزوجة قبل المستأنف بمحمد غزى وبقيت على عصمته 18 سنة ولم ينجب منها وأنجب من غيرها. 3 - وأن الطاعن لم يرزق إلا ببنت واحدة ولا يتصور أن تكون سنه ستين عاماً وينعم الله عليه بولد فيجحده. 4 - ومن غير المعقول أن تتم الولادة في كابينة للتصييف لا في منزل الزوجية. 5 - وأن تكون المطعون عليها ولدت ولا تعرف من ولدها.
وحيث إن هذا النعي مردود (أولاً) بأن فقهاء الحنفية اختلفوا في الإياس "وهو عند الجمهور خمس وخمسون سنة وعليه الفتوى وقيل الفتوى على خمسين وفي ظاهر الرواية لا تقدير فيه بل أن تبلغ المرأة من السن ما لا يحيض مثلها فيه وذلك يعرف بالاجتهاد والمماثلة في تركيب البدن والسمن والهزال" وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص بقوله إنه "يبين من الاطلاع على شهادة ميلاد المستأنف عليها التي قدمها مطلقها أنها من مواليد 2 سبتمبر سنة 1905 وأن التاريخ الذي وضعت فيه هو 12 سبتمبر سنة 1954 فإذا كانت مدة الحمل تسعة أشهر أخذا بالغالب من أمر الناس لأن الأحكام الشرعية كأحكام القوانين عامة تبنى على الغالب تكون سنها وقت الحمل أقل من خمسين سنة قمرية ورأى الجمهور وعليه الفتوى الأيسة من بلغت الخمس والخمسين سنة" وقد أثبت نائب كبير الأطباء الشرعيين في تقريره أن الدلائل التي وجدت بالمطعون عليها تشير في مجموعها إلى سبق حملها ومردود. (ثانياً) بما سبق بيانه من أن الحكم المطعون فيه قضى بثبوت النسب للأسباب التي أوردها وفيها الرد الكافي والضمني على ما تمسك به الطاعنان من قرائن وأدلة على نفيه وجرى قضاء هذه المحكمة على أنه بحسب قاضي الموضوع أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يذكر دليلها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله وما عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مناحي أقوالهم ومختلف حججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه في مرافعاتهم ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها - وأورد دليلها فيه التعليل الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وفي الموضوع بثبوت نسب الطفل إبراهيم من المرحوم علي إبراهيم شرارة وبنوته له من المستأنف عليها، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وقضاء بما لم يطلبه الخصوم، وإذ طلب الطاعنان إلغاء الحكم المستأنف وطلبت المطعون عليها تأييده وكان يتعين على المحكمة التزام هذه الطلبات لا أن تحكم بما لا يطلب منها.
وحيث إن هذا السبب في غير محله ذلك أن الحكم الصادر في 7/ 6/ 1962 قضى بقبول الاستئناف شكلاً وببطلان الحكم المستأنف لإغفاله ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي في القضية فكان على الحكم الموضوعي الصادر في 9/ 3/ 1964 أن ينشئ حكماً بالوراثة بدلاً من الحكم الابتدائي الذي أبطل - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 23/ 5/ 1962. الطعن رقم 39 لسنة 29 ق "أحوال شخصية". السنة 13 ص 662.

الطعن 8 لسنة 32 ق جلسة 30 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 أحوال شخصية ق 103 ص 764

جلسة 30 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عبد المجيد يوسف الغايش، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات.

------------------

(103)
الطعن رقم 8 لسنة 32 ق أحوال شخصية

(أ) أحوال شخصية. "دعوى الأحوال الشخصية". "تدخل النيابة في الدعوى".
اعتبار النيابة العامة طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية. القانون رقم 628 لسنة 1955.
(ب) أحوال شخصية. "دعوى الأحوال الشخصية". "تدخل النيابة في الدعوى". "إبداء الرأي".
وجوب تدخل النيابة العامة في قضايا الأحوال الشخصية. إبداء الرأي فيها. مثال.

----------------
1 - بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 ومن تاريخ العمل به أصبحت النيابة العامة طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية، حيث أوجب القانون تدخلها فيها وخولها ما للخصوم من حق الطعن في الأحكام والقرارات الصادرة فيها.
2 - متى كان يبين من الحكم الابتدائي أن النيابة العامة فوضت الرأي للمحكمة لترجيح أي الجانبين من الشهود وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنها قدمت مذكرة قالت فيها إن المستأنف لم يقدم أوراقاً تؤيد دعواه وتساند بينته وقد يكون لديه من الأوراق ما يفيد الدعوى وطلبت فتح باب المرافعة لتكليف المستأنف بتقديم أوراق رسمية تؤيد دعواه، فإنها بذلك تكون قد أبدت رأيها في القضية بما مؤداه تفويض الرأي للمحكمة في تقدير أقوال الشهود والترجيح بينها وأن الطاعن لم يقدم أوراقاً تؤيد دعواه وتساند بينته، وبما يحقق غرض الشارع من وجوب تدخلها وإبداء الرأي في قضايا الأحوال الشخصية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن إبراهيم شحاته محمد المكباتي أقام الدعوى رقم 193 سنة 1957 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد ليلى عبد اللطيف المكباتي وآخرين قال فيها إنه في سنة 1916 توفى المرحوم محمد بن محمد عبد الرحمن المكباتي وانحصر إرثه في زوجته نفيسة يوسف محمد وفي أولاده منها عبد اللطيف ومحمد وهدايات وفي سنة 1917 توفى محمد وانحصر إرثه في أمه نفيسة وفي ولديه شحاتة وأحمد وفي سنة 1924 توفى عبد اللطيف وانحصر إرثه في أمه نفيسة وزوجته عزيزة ماهر وبناته منها ليلى وسعاد وسميرة وفي أخته الشقيقة هدايات وفي سنة 1927 توفيت نفيسة يوسف وانحصر إرثها في بنتها هدايات وفي شحاته وأحمد ولدي ابنها محمد وفي ليلى وسعاد وسميرة بنات ابنها عبد اللطيف المكباتي وفي سنة 1941 توفى أحمد محمد المكباتي وانحصر إرثه في زوجته بخاطرها حسن علي وفي أخيه الشقيق شحاته وفي سنة 1944 توفيت هدايات محمد المكباتي وانحصر إرثها الشرعي في زوجها أبو الفرج أبو الفرج محمد عبد الرحمن وفي شحاته ابن أخيها الشقيق محمد المكباتي وفي سنة 1945 توفى شحاته محمد محمد المكباتي وانحصر إرثه في زوجته أمينة محمد مصطفى وفي أولاده منها محمد والسيد وأحمد وعبد القادر وخميس وإحسان وزينب وإبراهيم المدعي وإذ وضع المدعى عليهم أيديهم على التركة وأنكروا وراثته وامتنعوا من تسليمه نصيبه فيها فقد طلب الحكم بثبوت وفاة كل من محمد وعبد اللطيف محمد المكباتي ونفيسة يوسف محمد وأحمد وهدايات محمد المكباتي وشحاتة محمد محمد المكباتي وأنه من ورثته ويستحق في تركته ثلاثة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً. وأنكر المدعى عليهم الدعوى ودفعوا بعدم سماعها بالنسبة لمحمد محمد المكباتي ونفيسة وهدايات وبتاريخ 26/ 1/ 1959 حكمت المحكمة بعدم سماع دعوى وراثة محمد محمد المكباتي وثبوت وفاة عبد اللطيف المكباتي وأن من ورثته أخته الشقيقة هدايات وتستحق قيراطاً واحداً من أربعة وعشرين قيراطاً تنقسم إليها تركته ثم عادت وبتاريخ 17/ 10/ 1960 فقضت بإثبات ترك الدعوى بالنسبة إلى المتوفى محمد محمد عبد الرحمن وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المدعي وفاة المرحومة نفيسة يوسف محمد في سنة 1917 وأن من ورثتها شحاته محمد محمد المكباتي بصفته ابن ابن لها يستحق في تركتها 3 ط و3/ 7 س ووفاة المرحوم أحمد محمد المكباتي في سنة 1941 وأن من ورثته شقيقه شحاته ويستحق في تركته 18 ط ووفاة المرحومة الست هدايات في سنة 1944 وأن من ورثتها ابن أخيها الشقيق شحاته محمد محمد المكباتي ويستحق في تركتها النصف تعصيباً ووفاة المرحوم شحاتة محمد محمد المكباتي في سنة 1945 ومن ورثته إبراهيم ويستحق في تركته ثلاثة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً تنقسم إليها تركته ولينفي المدعى عليهم ذلك. وسمعت المحكمة شهود الطرفين وبتاريخ 23/ 1/ 1961 حكمت حضورياً برفض الدفع بعدم السماع بالنسبة إلى ذرية الست نفيسة وإلى ذرية الست هدايات وبرفض الدعوى موضوعاً وألزمت رافعها بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد استئنافه برقم 28 سنة 78 قضائية. وبتاريخ 28 يناير سنة 1962 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنف بمصروفات هذا الاستئناف ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهم. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن - وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن النيابة العامة لم تبد رأيها في القضية وهو بطلان في الإجراءات ومخالفة لأحكام المواد 99 و104 و107 من قانون المرافعات إذ بالرجوع إلى الحكم الابتدائي نجد أن النيابة العامة قدمت مذكرة مؤرخة 8/ 1/ 1961 فوضت فيها الرأي للمحكمة وهي بهذا التفويض تعتبر وكأنها لم تبد رأياً قاطعاً بقبول الدعوى أو رفضها وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه نجد أن المحكمة لم تطلب من النيابة رأيها إلا بعد إقفال باب المرافعة وحجز القضية للحكم لجلسة 20/ 1/ 1962 مع التصريح بتقديم مذكرات في ثلاثة أسابيع مثالثة الأول للمستأنف والثاني للمستأنف عليهم وللنيابة الأسبوع الثالث بطريق الإيداع وهو بطلان جوهري صاحبه بطلان آخر هو أن النيابة في مذكرتها المؤرخة 9/ 1/ 1962 لم تبد رأيها في القضية لا إيجاباً ولا سلباً بل طلبت فتح باب المرافعة وتكليف المستأنف بتقديم مستندات رسمية لإثبات بعض وقائع الدعوى وأرجأت إبداء الرأي إلى ما بعد ذلك وفي هذه المذكرة ما يدل على أنها لم تطلع على مذكرة الطاعن بعد حجز القضية للحكم ولا المستندات الرسمية التي قدمها معها، وصدور الحكم في موضوع الدعوى دون أن تبدي النيابة رأياً قاطعاً فيها وفي المستندات الجديدة مما يوجب بطلانه لأن إبداء رأي النيابة في الموضوع وكخصم منضم من الأمور الجوهرية التي رتب عليها القانون بطلان الحكم.
وحيث إن هذا السبب مردود (أولاً) بأنه بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 ومن تاريخ العمل به أصبحت النيابة العامة طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية وقد أوجب القانون تدخلها فيها ولها ما للخصوم من حق الطعن في الأحكام والقرارات الصادرة فيها، ومردود (ثانياً) بأنه يبين من الحكم الابتدائي أن "السيد رئيس النيابة إبراهيم النجار قدم مذكرة بطلب تفويض الرأي للمحكمة بالنسبة لترجيح أي الجانبين من الشهود" كما يبين من الحكم المطعون فيه أن "السيد رئيس النيابة الأستاذ زكي سرور قدم مذكرة برأي النيابة العامة محررة في 9/ 1/ 1962 موقعة باسمه قال فيها إن المستأنف لم يقدم أوراقاً تؤيد دعواه وتساند بينته ثم قال قد يكون لدى المستأنف من الأوراق ما يفيد الدعوى لذلك يرى فتح الباب المرافعة لتكليف المستأنف تقديم أوراق رسمية تدل على وجود أخ للمرحوم عبد اللطيف المكباتي يدعى "محمد" وهو الذي يدعي المستأنف اتصال نسبه إليه" ورفضت المحكمة هذا الطلب وقالت إنه "لا محل له بعد أن حجزت الدعوى للحكم فيها لا سيما وأن المستأنف ذاته لم يطلب فتح باب المرافعة للسبب الذي أبدته النيابة بل قدم كل ما لديه من مستندات من تاريخ رفع الدعوى في 30/ 12/ 1956 إلى ما بعد قفل باب المرافعة في 23/ 12/ 1961 وإن كان لدى المستأنف أوراقاً مما أشارت إليها النيابة لما توانى في تقديمها أو طلب ذلك على اعتبار أنها القاطعة في النزاع ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن هذا الطلب وترى الفصل في الدعوى بحالتها" وهي بذلك تكون قد أبدت رأيها في القضية بما مؤداه تفويض الرأي للمحكمة في تقدير أقوال الشهود والترجيح بينها وأن الطاعن لم يقدم أوراقاً تؤيد دعواه وتساند بينته وأنها ترى إعادة القضية للمرافعة وتكليفه بتقديم ما يدل على وجود الأخ "محمد" الذي يدعي اتصال نسبه إليه وبما يحقق غرض الشارع من وجوب تدخل النيابة وإبداء الرأي في قضايا الأحوال الشخصية ومردود (ثالثاً) بأن النيابة العامة قدمت مذكرتها الاستئنافية في الميعاد وبعد أن أودع الطاعن مذكرته وأرفق معها مستندات جديدة طلب فتح باب المرافعة لتقديمها ورفضت المحكمة هذا الطلب "لأنها غير قاطعة ولا جدوى منها في الإثبات" وهو حقها وفقاً للمادة 107 من قانون المرافعات.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه قصور في التسبيب من وجهين (أولهما) أنه عول في قضائه على أقوال شهود النفي مع أن أحداً منهم لم يشهد بواقعة تنفي ما شهد به شهود الإثبات بل شهدوا بنفي مطلق غير مقيد بزمان أو مكان أو حادثة والشهادة بالنفي المطلق غير صحيحة شرعاً وغير جائزة قانوناً فقد أجمع علماء الحنفية على أن البينات شرعت للإثبات لا للنفي المطلق وعللوا ذلك بأنها شهادة بمستحيل لا يجوز سماعها ولا قبولها لما يستلزمه النفي المطلق من الإحاطة بجميع الأزمنة والأمكنة والظروف والملابسات في كل الأحوال وهو مستحيل عقلاً وإنما تسمع شهادة النفي إذا شهد الشاهد بواقعة يترتب على ثبوتها انتفاء الواقعة التي شهد بها شهود الإثبات، وهذه الأحكام - واجبة التطبيق عملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وبما نصت عليه المادة 186 من أنه "إذا قدم أحد الخصوم بينة لإثبات واقعة كان للخصم الآخر الحق في إثبات عدم صحة تلك الواقعة بكافة طرق الإثبات" وهو بعينه ما قررته المادة 192 من قانون المرافعات، وبالرجوع إلى أقوال شهود النفي يرى أنه لم يشهد واحد منهم بأية واقعة إيجابية تنفي نسب الطاعن وأن جده محمد المكباتي أخ شقيق للمرحوم عبد اللطيف المكباتي والمرحومة هدايات واقتصرت شهادة كل من الأول والثاني على أنه لم يسمع بالنسب المدعى به وشهادة الثاني غير مقبولة لأنه شهد بنفي مطلق (وثانيهما) أنه أطلق القول جزافاً فيما ذهب إليه من الاقتناع بصدق شهادة شهود النفي والتعويل عليها في رفض الدعوى دون أن يبين سبباً لذلك ودون أن يرد على ما تمسك به الطاعن من أن الشهادة بالنفي غير مسموعة شرعاً وقانوناً وهذا من الحكم قصور يبطله طبقاً للمادة 349 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على عجز الطاعن عن إثبات دعواه والشك وعدم الاطمئنان لأقوال شهوده والأوراق التي قدمها مع مذكرته الأخيرة وذلك فيما أورده من أن "أقوال شهود الإثبات لم تخرج عما ورد من سلسلة النسب المدونة في الإعلام الشرعي المقدم من المستأنف بنصها وحذافيرها ولا يتصور أن يكون هؤلاء الشهود مقيمين في الإسكندرية ولا يمتون بأي صلة قرابة أو نسب إلى عائلة المكباتي وغير مختلطين بالأسرة المقيمة بالفاروقية مركز دكرنس بمحافظة الدقهلية أن يشهدوا بمثل ما شهدوا به خصوصاً وأن الشاهد الأول إبراهيم سليمان داود قرر أنه لم ير ولم يقابل المرحومة الست نفيسة ولا أحداً من الورثة الآخرين وأنه لا يعرف أن للست هدايات أولاد عم وأن الشاهد الثاني محمد علي الترابي قرر أنه استقى معلوماته من الجيزة ومعاشرة عائلة شحاتة وأن الشاهد الثالث محمد أحمد ويعمل كاتباً تجارياً قرر أنه لم يختلط بالأسرة في الفاروقية وأن معلوماته مستمدة من اطلاعه ومشاهداته وهي أقوال كلها تبعث إلى الشك مما لا تطمئن إليها المحكمة" - وانتقل الحكم إلى دفاع الطاعن ومستنداته ورد عليها بأن "قول المستأنف أن أقوال شهود الإثبات قد تأيدت بالشهادة الإدارية الموقع عليها من رجال الإدارة مردود بأن هذه الشهادة لا قيمة لها لأنها صدرت (أولاً) من شيخ حارة بقسم الجمرك وشيخ الجمرك وهما أبعد الناس عن معرفة سلسلة النسب للجد الجامع للمتوفى المرحوم محمد المكباتي بن محمد عبد الرحمن المكباتي (ثانياً) أنهم غير مختصين@ بإعطاء مثل هذه الشهادة وهي فضلاً عن ذلك مؤرخة 10/ 11/ 1956 ولم يذكر أن ما دون فيها نتيجة معلومات شخصية أو نتيجة التحري وإذا كان عن طريق التحري فما مصدر هذا التحري ومن ثم فإن المحكمة تطرح هذه الشهادة ولا تعول عليها في الإثبات" وأن المحكمة "لا ترى لزوماً لإعادة الدعوى للمرافعة لمناقشة الأوراق التي قدمها أخيراً المستأنف لأن هذه الأوراق لا تصلح بذاتها في إثبات نسب أبيه إلى محمد المكباتي بن محمد بن عبد الرحمن المتوفى سنة 1916" ومن جهة أخرى "فإن شحاته والد المستأنف الذي توفى عن 75 عاماً كما ورد في شهادة الوفاة المقدمة لم يطالب بثبوت هذا النسب ولا هذه الوراثة مع أنه عاصر أباه محمد الذي قيل إنه توفى سنة 1917 وأنه إذا ثبت هذا النسب لكان قد ورث منه ومن شقيقه أحمد ثروة طائلة تقدر بعشرات الألوف من الجنيهات وليست هذه الثروة مما يتصور أن يتركها الوارث تضيع هباء حتى مماته لقد سكت شحاته عن إثبات نسبه والمطالبة بتلك الثروة الضخمة وسكت ابنه المستأنف منذ وفاة أبيه من سنة 1946 عن هذا الإثبات مع أنه كان قد بلغ سن الرشد ولم يقم العذر الشرعي على أن هناك مانعاً من إثبات وفاة والده وإثبات وراثته ولم يقدم المستأنف إشهاداً مثبتاً لذلك إلا حينما حصل عليه في 10/ 11/ 1957 أي بعد رفع دعواه بسنة تقريباً" وأنه "لا محل لقول المستأنف أن دعواه بالنسبة إلى وفاة ووراثة محمد بن محمد المكباتي ابن المرحوم محمد عبد الرحمن لم يتركها بعد صدور حكم انتهائي قضى بعدم سماعها وبعد أن ثبت بمحضر جلسة 13/ 6/ 1960 أمام محكمة أول درجة أن المستأنف يقصر طلبه على ثبوت وفاة المرحومة السيدة/ نفيسة يوسف محمد وأن من ورثتها أحمد وشحاته ابني ولدها محمد وسارت المحكمة في الدعوى على هذا الأساس" ثم انتقل إلى مناقشة دفاع الطاعن بشأن شهادة شهود النفي ورد عليه بأن كذب الشهادة أو صدقها متروك إلى تقدير المحكمة، وليس في القانون ما يوجب فرض الشهادة على المحكمة، وأن محكمة أول درجة إذا اقتنعت بصدق شهادة شهود النفي واعتمدت عليهم في الإثبات وفي رفض الدعوى للأسباب التي ذكرتها فإن هذه المحكمة تؤيدها فيما قضت به من رفض الدعوى لأنه لم يقم عليها دليل مقنع تطمئن إليه المحكمة وقد تبين مما سلف أن شهود الإثبات لا قيمة لشهادتهم وأنه لهذه الأسباب وللأسباب التي بني عليها الحكم المستأنف يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى" وهذه التقريرات الموضوعية من الحكم سائغة وتكفي لحمله ولم تكن محل طعن - والقول من الطاعن بأن المحكمة عولت في قضائها على شهود النفي بينما وردت أقوالهم على نفي مطلق والشهادة بالنفي المطلق غير جائزة شرعاً وغير صحيحة قانوناً مردود (أولاً) بأنه لم يبين وجه "النفي المطلق" في أقوال هؤلاء الشهود ومردود (ثانياً) بأن الحكم المطعون فيه أحال في شهادتهم على الحكم الابتدائي وبالرجوع إليه يبين أنه استظهر شهادتهم وقد وردت على أمر وجودي أحاط به علمهم وهي في معنى الإثبات.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 419 لسنة 31 ق جلسة 29 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 102 ص 757

جلسة 29 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إميل جبران، وأحمد حسن هيكل، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

-----------------

(102)
الطعن رقم 419 لسنة 31 القضائية

(أ) وكالة "التوكيل في الخصومة" "التوكيل في الحضور أمام القضاء".
جواز التوكيل في الخصومة ولو لم يكن الوكيل محامياً أو قريباً أو صهراً للموكل. حكم المادة 81 مرافعات في جواز التوكيل في الحضور أمام القضاء قاصر على المحامين والأقارب والأصهار إلى الدرجة الثالثة.
(ب) إثبات "إجراءات الإثبات". "استجواب الخصم".
استخلاص محكمة الاستئناف أن العقد بيع وليس سنداً بالمديونية وأنه لم يحصل تفاسخ عنه. مفاد ذلك أنها رأت كفاية أدلة الدعوى دون حاجة إلى اتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات. اعتبار ذلك بياناً ضمنياً بسبب عدول المحكمة عن تنفيذ حكم مناقشة الخصوم.
(ج) حكم "بيانات الحكم" "مراحل الدعوى" بطلان.
بيان مراحل الدعوى. اعتباره بياناً جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان إذا كان ذكره ضرورياً للفصل فيها. عدول المحكمة عن تنفيذ حكم مناقشة الخصوم لعدم ضروريته للفصل في الدعوى. عدم اعتبار ذلك بياناً جوهرياً يتحتم ذكره في الحكم.

----------------
1 - التوكيل في الحضور جائز طبقاً للقواعد العامة في الوكالة ولو لم يكن الوكيل محامياً أو قريباً أو صهراً للموكل. أما ما تنص عليه المادة 81 من قانون المرافعات من أنه "في اليوم المعين لنظر الدعوى يحضر الخصوم أنفسهم أو يحضر عنهم من يوكلونه من المحامين بمقتضى توكيل خاص أو عام وللمحكمة أن تقبل في النيابة عنهم من يختارونه من الأقارب أو الأصهار إلى الدرجة الثالثة" فإن مفاده أن هذه المادة قاصرة على تحديد من يجوز توكيله في الحضور أمام القضاء وهم المحامون والأقارب والأصهار إلى الدرجة الثالثة.
2 - متى انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن العقد محل النزاع هو عقد بيع وليس سنداً بالمديونية وأنه لم يحصل تفاسخ بين الطرفين في هذا العقد فإن مفاد ذلك أن محكمة الاستئناف رأت في الاستناد إلى أدلة الدعوى القائمة أمامها والتي أشارت إليها في حكمها ما يغني عن اتخاذ أي إجراء آخر من إجراءات الإثبات، وفي هذا ما يعتبر بياناً ضمنياً لسبب عدول المحكمة عن تنفيذ حكم المناقشة إذ هو يدل على أنها رأت أن لا جدوى من اتخاذ هذا الإجراء وأن في أوراق الدعوى وما قدم منها من أدلة ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة إليه.
3 - وإن أوجبت المادة 349 من قانون المرافعات أن يتضمن الحكم بيانات معينة من بينها ذكر "مراحل الدعوى" إلا أنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يتعين لاعتبار هذا البيان جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان، أن يكون ذكره ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها باعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الطرفين نزاع بشأنه. وإذا كانت محكمة الموضوع قد عدلت ضمناً عن تنفيذ حكم المناقشة ولم يكن تنفيذ هذا الحكم محل نزاع بين طرفي الخصومة فلا على المحكمة إن هي لم تضمن حكمها المطعون فيه بياناً متعلقاً بحكم المناقشة بعد أن أصبح غير ضروري للفصل في الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 370 سنة 1955 كلي مصر ضد الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 22/ 10/ 1952 والمتضمن بيع الطاعن إليه الأطيان والعقارات الموضحة بصحيفة الدعوى ومقدارها 7 ف و1 ط و10 س مقابل ثمن قدره 700 ج والتسليم. وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 20/ 10/ 1952 اتفق الطاعن معه على أن يبيعه نصيبه في وقف قفطان باشا الذي قدر وقتئذ بمساحة تبلغ 4 ف و16 ط و4 س من الأطيان الزراعية وحصة تبلغ 1 ف و5 ط و2 و2/ 3 س بواقع الثلث في مباني العزبة والجرن والطريق والأرض الفضاء وجملة ذلك 5 ف و21 ط و6 و2/ 3 س على الشيوع نظير ثمن يبلغ 700 ج للقدر كله استلم منه الطاعن مبلغ 150 ج عند الاتفاق وتعهد المطعون عليه الأول بأن يدفع إليه الباقي وقدره 550 ج عند تحرير العقد الابتدائي، وقد حرر هذا العقد في 22/ 10/ 1952 وأقر فيه الطاعن بقبضه كامل الثمن وأحقية المطعون عليه الأول في ريع العقار المبيع وأنه وكل الدكتور حسن حسين سامي في اتخاذ إجراءات شهر الوقف بالنسبة لنصيب البائع وإتمام العقد النهائي، وإذ تم البيع على أساس نصيب الطاعن في دعوى القسمة الذي حدد بحصة قدرها 7 ف و1 ط و10 س فإن من حقه - المطعون عليه الأول - أن يطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع بالنسبة لهذا القدر، غير أنه إزاء محاولة الطاعن التحلل من هذا العقد متعللاً بأنه ليس بيعاً بل مجرد سند بالمديونية يخفي فوائد ربوية - فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته، واختصم فيها المطعون عليهما الثاني والثالث - وهما يمثلان وزارة الأوقاف التي توجد الأطيان المبيعة تحت يدها - ليمتنعا عن صرف ريع نصيب الطاعن إليه حتى يفصل في الدعوى. وطلب كل من المطعون عليهما الرابع والخامسة التدخل في الدعوى طالبين رفضها تأسيساً على أنهما اشتريا نفس القدر من الطاعن وبتاريخ 30/ 11/ 1958 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون عليهما الرابع والخامسة خصوماً في الدعوى، وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 22/ 10/ 1952 والمتضمن بيع الطاعن للمطعون عليه الأول 5 ف و21 ط و6 و2/ 3 س الموضحة بالعقد نظير ثمن قدره 700 ج وبتسليم هذا القدر إليه ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1011 سنة 76 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون عليهما الرابع والخامسة بالاستئناف رقم 1451 سنة 77 ق القاهرة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى، ورفع المطعون عليه الأول أيضاً استئنافاً مقابلاً قيد برقم 143 سنة 77 ق القاهرة طالباً تعديل الحكم المستأنف والقضاء له بصحة ونفاذ العقد بالنسبة للقدر البالغ مساحته 7 ف و1 ط و10 س ومحكمة الاستئناف قضت في 13/ 11/ 1961 برفض الاستئنافات الثلاثة وتأييد الحكم المستأنف. وفي 13/ 12/ 1961 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17/ 4/ 1965، وفيها صممت النيابة العامة على رأيها الذي ضمنته مذكرتها بطلب رفض الطعن. وبعد أن قررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة قدم المطعون عليه الأول مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن وفي الموضوع طلب رفضه، وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية طلبت فيها رفض الدفع وصممت على رأيها في الموضوع. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم القبول أن الطعن بالنقض يستلزم أن يكون المحامي الذي يقرر به مقبولاً أمام محكمة النقض وموكلاً من الطاعن نفسه أو من وكيل عنه تتوافر فيه شروط الوكالة في الخصومة القضائية المنصوص عنها في المادة 81 من قانون المرافعات ومقتضاها أن يكون وكيل الطاعن غير المحامي قريباً أو صهراً له إلى الدرجة الثالثة، وأنه إذ كان السيد/ عبد الفتاح حافظ زعبل وكيل الطاعن الذي صدر عنه التوكيل للمحامي الذي قرر بالطعن لا تربطه بالطاعن صلة قرابة أو مصاهرة إلى الدرجة الثالثة فيكون الطعن غير مقبول شكلاً.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن التوكيل في الخصومة جائز طبقاً للقواعد العامة في الوكالة ولو لم يكن الوكيل محامياً أو قريباً أو صهراً للموكل، ولا محل للتحدي في هذا الخصوص بنص المادة 81 مرافعات ذلك أنها وقد نصت على أنه "في اليوم المعين لنظر الدعوى يحضر الخصوم بأنفسهم أو يحضر عنهم من يوكلونه من المحامين بمقتضى توكيل خاص أو عام، وللمحكمة أن تقبل في النيابة عنهم من يختارونه من الأقارب أو الأصهار إلى الدرجة الثالثة" فإن مفاد ذلك أنها قاصرة على تحديد من يجوز توكيله في الحضور أمام القضاء وهم المحامون والأقارب والأصهار إلى الدرجة الثالثة - لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن الطاعن قد وكل عنه السيد/ عبد الفتاح حافظ زعبل وأذن له في التوكيل الغير للتقرير بالطعن بالنقض وأن السيد/ عبد الفتاح حافظ زعبل بهذه الصفة قد وكل الأستاذ محمد أبو النجا المحامي الذي قرر بالطعن - لما كان ما تقدم، فإن الدفع بعدم قبول الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما قصور الحكم المطعون فيه في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان عقد البيع المؤرخ 22/ 10/ 1952 لأنه في حقيقته عقد قرض يخفي فوائد ربوية مما يخالف النظام العام وأنه أورد عدة قرائن للاستدلال بها على أن سبب هذا العقد غير مشروع، وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك، ولكن المحكمة لم تستجب لطلبه وسايرت محكمة أول درجة فيما قررته من أن هذا العقد هو عقد بيع استوفى أركانه القانونية، كما تمسك الطاعن بالتفاسخ عن هذا العقد واستدل على ذلك بالخطاب المؤرخ 18/ 3/ 1953 ولكن الحكم المطعون فيه نفى عن هذا الخطاب دلالته على حصول التفاسخ استناداً إلى أن المطعون عليه الأول أبدى فيه استعداده للفسخ مقروناً بشرط دفع تعويض قدره 250 ج وأن الطاعن لم يوافق عليه، هذا في حين أن ما قرره الحكم لا يتفق مع مضمون هذا الخطاب، فضلاً عن أنه ليس في الأوراق ما يفيد عدم موافقة الطاعن على ما ورد به، الأمر الذي يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في خصوص ما ادعاه الطاعن من أن العقد المؤرخ 22/ 10/ 1952 الصادر إلى المطعون عليه الأول ليس بيعاً وإنما هو سند بالمديونية - على ما قرره من "أنه باستقراء مستندات المدعي - المطعون عليه الأول - يخلص منها أنه حينما قبض البائع - الطاعن - مبلغ المائة وخمسين جنيهاً الأولى فقد وصفت في سند قبضها بأنها عربون للبيع الذي تحدد لانعقاده تاريخ لاحق بيومين ثم أردف على ذلك البائع بتوكيل الدكتور حسن سامي باتخاذ إجراءات شهر نصيبه في الوقف وإجراءات إشهار العقد النهائي وجاء عقد البيع واضح الدلالة في هذا المعنى معلناً الثمن والمبيع بل وصرح البائع للمشتري بقبض استحقاقه في ريع القدر المبيع من وزارة الأوقاف، فلا مشاحة بعد تصريحه بنقل الملكية والحق في الاستيلاء على ثمرات المبيع بأن العقد إنما هو بيع بات لا رجوع فيه على حد تعبيرهما في متنه". وقد أخذ الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب وأضاف إليها قوله "إن خطاب المستأنف - الطاعن - المرسل بتاريخ 25/ 2/ 1953 - إلى الدكتور حسن حسين سامي ثم خطابه الثاني المرسل بتاريخ 9/ 3/ 1953 إلى المستأنف عليه الأول - المطعون عليه الأول - قاطعان في سلامة العقد المبرم بين الطرفين باعتباره بيعاً وباعتبار ما دفع من نقود هو ثمن القدر المبيع وليس ديناً وكل ما يعيبه المستأنف على هذا الثمن هو ضآلته وإجحافه به، وهو أمر لا يعيب التعاقد قانوناً طالما أن رضاء الطرفين غير مشوب بما يؤثر في سلامة وفي صحة التعاقد المبرم". ولما كان يبين من ذلك أن محكمة الموضوع اعتبرت العقد المؤرخ 22/ 10/ 1952 عقد بيع وليس سنداً بالمديونية، وكانت الأسباب التي استندت إليها تكفي لحمل قضائها في هذا الخصوص، فلا عليها بعدئذ إن هي لم تستجب إلى طلب الإحالة إلى التحقيق، وحسبها أنها قضت بالتكييف الصحيح استناداً إلى أسباب سائغة إذ يعد قضاؤها على هذا النحو رفضاً ضمنياً لطلب الإحالة إلى التحقيق لعدم الحاجة إليه باعتبار أن فيما هو موجود بين يدي المحكمة من عناصر الدعوى الماثلة أمامها ما يكفي لتكوين عقيدتها، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا الوجه على غير أساس. والنعي في وجهه الثاني مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أشار في تقريراته إلى أن الطاعن تمسك في صحيفة استئنافه بأن الطرفين اتفقا على فسخ العقد بأن وافق المطعون عليه الأول بخطابه المؤرخ 18/ 3/ 1953 على الفسخ مقابل رد الـ 700 ج المدفوعة بمقتضى العقد وتعويض قدره 250 ج وأن الطاعن عاب عليه طلب التعويض فلم يجيبه المطعون عليه الأول - ورد الحكم على هذا الدفاع بقوله "وليس صحيحاً أن فسخاً قد تم باتفاق الطرفين فإن خطاب المستأنف عليه الأول - المطعون عليه الأول - المؤرخ 18/ 3/ 1953 المرسل إلى المستأنف - الطاعن - أبدى فيه استعداداً مشروطاً للفسخ لم يوافق عليه المستأنف فلا محل للاستناد إليه بحال للقول بوقوع الفسخ"، وهذا الذي أورده الحكم يبين منه أنه استخلص من الخطاب المؤرخ 18/ 3/ 1953 ومن أوراق الدعوى أن الطاعن لم يوافق على الشرط الذي عرضه المطعون عليه الأول لفسخ العقد ورتب على ذلك أن إرادة المتعاقدين لم تتفق على الفسخ، وهو استخلاص موضوعي سائغ لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه شابه بطلان في الإجراءات أثر فيه ذلك أن محكمة الاستئناف كانت قد قضت بتاريخ 15/ 5/ 1961 بمناقشة المستأنفين والمستأنف عليه في الاستئناف الأصلي - الطاعن والمطعون عليهم الأول والرابع والخامسة - في بعض النقط اللازمة، ولم ينفذ هذا الحكم لعدم حضور المطعون عليه الأول، ولكن المحكمة لم تبين الأسباب التي أوجبت هذا العدول، ولم يشر الحكم المطعون فيه ضمن بياناته إلى حكم المناقشة والعدول عن تنفيذه وأسباب هذا العدول.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى - على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - إلى أن العقد محل النزاع هو عقد بيع وليس سنداً بالمديونية وأنه لم يحصل تفاسخ بين الطرفين في هذا العقد، فإن مفاد ذلك أن محكمة الاستئناف رأت في الاستناد إلى أدلة الدعوى القائمة أمامها والتي أشارت إليها في حكمها ما يغني عن اتخاذ أي إجراء آخر من إجراءات الإثبات، وفي هذا ما يعتبر بياناً ضمنياً لسبب عدول المحكمة عن تنفيذ حكم المناقشة إذ هو يدل على أنها رأت أن لا جدوى من اتخاذ هذا الإجراء وأن في أوراق الدعوى وما قدم فيها من أدلة ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة إليه. أما النعي على الحكم المطعون فيه بأنه لم يشر ضمن بياناته إلى حكم المناقشة والعدول عن تنفيذه فهو مردود بأنه وإن أوجبت المادة 349 من قانون المرافعات أن يتضمن الحكم بيانات معينة من بينها ذكر "مراحل الدعوى" إلا أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يتعين لاعتبار هذا البيان جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أن يكون ذكره ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها باعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الطرفين نزاع بشأنه، ولما كانت المحكمة قد عدلت ضمناً عن تنفيذ حكم المناقشة الصادر في 15/ 5/ 1961 على ما سلف بيانه، وإذ لم يكن تنفيذ هذا الحكم محل نزاع بين طرفي الخصومة فلا على المحكمة إن هي لم تضمن حكمها المطعون فيه بياناً متعلقاً بحكم المناقشة بعد أن أصبح غير ضروري للفصل في الدعوى. ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.

الطعن 319 لسنة 31 ق جلسة 29 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 101 ص 751

جلسة 29 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إميل جبران، وأحمد حسن هيكل، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

---------------

(101)
الطعن رقم 319 لسنة 31 القضائية

نزع الملكية للمنفعة العامة. "التعويض عنه". قانون. "سريان القانون من حيث الزمان". دعوى. "طريقة رفع الدعوى".
عدم سريان أحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة الخاصة بالفصل في المعارضات على التعويضات المرفوع بشأنها دعاوى أمام المحاكم أو المحالة على الخبراء وفقاً للقانون رقم 5 لسنة 1907. مجرد إحالة أوراق نزع الملكية إلى رئيس المحكمة الابتدائية في تاريخ سابق على بدء العمل بالقانون رقم 577 لسنة 1954 لا تعتبر رفعاً للدعوى أمام المحكمة رفع الدعوى لا يكون إلا بصحيفة تعلن إلى المدعى عليه على يد محضر. م 69 مرافعات.

------------------
تنص الفقرة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة على أنه "لا تسري الأحكام المذكورة - أي الأحكام الواردة فيه الخاصة بالفصل في المعارضات - على التعويضات المرفوع بشأنها دعاوى أمام المحاكم أو المحالة على الخبراء". وهذا الاستثناء يقرر حكماً وقتياً ينطبق على جميع التعويضات المرفوع بشأنها دعاوى وفقاً للأحكام التي كانت مقررة في القانون رقم 5 لسنة 1907 وكانت عند العمل بأحكام القانون الجديد محالة على الخبراء المعينين من رئيس المحكمة الابتدائية طبقاً لما كان متبعاً في القانون القديم أو مطروحة على المحكمة الابتدائية - فتلك الطعون لا تسري عليها الأحكام الواردة في القانون 577 لسنة 1954 في شأن الفصل في المعارضات وإنما تظل خاضعة للأحكام التي كانت مقررة بالقانون رقم 5 لسنة 1907 في هذا الشأن. ولا يصح القول بأنه بمجرد إحالة أوراق نزع الملكية إلى رئيس المحكمة الابتدائية في تاريخ سابق على بدء العمل بأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 تعتبر الدعوى بشأن التعويض مرفوعة أمام المحكمة قبل أن توضع أحكام هذا القانون موضع التنفيذ ويسري عليها الاستثناء المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 30 سالفة الذكر ذلك أن هذا القول لو صح لما كان هناك ما يدعو إلى النص على هذا الاستثناء، كما أن الدعوى بشأن التعويض هي كسائر الدعاوى التي لا ترفع أمام المحاكم - على ما تقضي به المادة 69 من قانون المرافعات - إلا بصحيفة تعلن للمدعى عليه على يد أحد المحضرين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وغيره من الأوراق - تتحصل في أنه في أواخر عام 1945 قامت الحكومة بتنفيذ مشروع حفر سيل طرة، وإذ تداخل في هذا المشروع 19 ف و20 ط من الأرض المملوكة للشركة المطعون عليها وتعذر الاتفاق بين الطرفين على التعويض فقد أحيلت الأوراق إلى رئيس محكمة الجيزة الابتدائية عملاً بالمادة التاسعة من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 5 لسنة 1907 - وبتاريخ 6/ 3/ 1955 ندب رئيس المحكمة خبيراً لتقدير التعويض، وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً قدر فيه قيمة الأرض المنزوعة ملكيتها، غير أن الشركة لم ترتض هذا التقدير وطعنت فيه أمام محكمة الجيزة الابتدائية بالمعارضة رقم 384 سنة 1956 وقدم الحاضر عن وزارة الأشغال ومصلحة المساحة الطاعنتين في الطعن الحالي - مذكرة دفع فيها ببطلان المعارضة استناداً إلى أن أمر رئيس محكمة الجيزة بتعيين خبير لتقدير التعويض ومعارضة الشركة في تقرير هذا الخبير قد حصلا بعد إلغاء القانون رقم 5 لسنة 1907 وسريان القانون رقم 577 لسنة 1954 المعمول به اعتباراً من 4/ 12/ 1954، وأنه كان يتعين أن تطبق في هذا الخصوص الأحكام والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون الأخير دون القانون السابق - وبتاريخ 17/ 2/ 1960 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وبتقدير قيمة التعويض بمبلغ 64153 ج و178 م. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف رقم 250 سنة 78 ق القاهرة طالبتين إلغاءه والحكم أصلياً ببطلان المعارضة المرفوعة من الشركة ومن باب الاحتياط رفض هذه المعارضة، ومحكمة الاستئناف قضت في 14/ 5/ 1961 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد تنعى به الطاعنتان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أنه قضى برفض الدفع ببطلان المعارضة التي أقامتها الشركة المطعون عليها وخول للمحكمة ولاية الفصل فيها استناداً إلى أن إحالة أوراق نزع الملكية إلى رئيس المحكمة الابتدائية في 13/ 7/ 1954 تعتبر بدءاً للمنازعة في تقدير التعويض ويترتب عليها عملاً بالمادة 30 من القانون رقم 577 لسنة 1954 الذي عمل به اعتباراً من 4/ 12/ 1954 عدم سريان أحكامه وإجراءاته عليها وبقاء المعارضة في تقدير التعويض خاضعة للقانون القديم رقم 5 لسنة 1907 هذا في حين أن إرسال الأوراق من الجهة الإدارية إلى رئيس المحكمة الابتدائية في حالة الخلاف مع الحكومة على تقدير التعويض هو إجراء إداري تقوم به هذه الجهة من نفسها دون تدخل ممن تنزع ملكيته، فلا تبدأ به أية خصومة قضائية تتصل بها المحكمة وتكون مانعة من تطبيق أحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 عملاً بالحكم الوقتي المنصوص عليه في المادة 30 منه - غير أن الحكم المطعون فيه لم يطبق هذا القانون على المنازعة في تقدير التعويض محل الطعن مع أن الخصومة القضائية بشأنه لم تبدأ طبقاً للمادة 30 المشار إليها إلا في 10/ 6/ 1956 عندما رفعت الشركة معارضتها في تقرير الخبير الذي ندبه رئيس المحكمة، ولم يندب رئيس المحكمة هذا الخبير إلا في 6/ 3/ 1955 وذلك بعد أن أصبح القانون رقم 577 لسنة 1954 نافذاً ابتداء من 4/ 12/ 1954.
وحيث إنه يبين من الأوراق أنه بتاريخ 14/ 2/ 1954 أصدر وزير الأشغال القرار رقم 8659 بنزع ملكية 19 ف و20 ط من الأرض المملوكة للشركة المطعون عليها لتداخل هذه المساحة في مشروع حفر سيل طره بناحية البساتين مركز الجيزة، وقد اجتمعت لجنة نزع الملكية بمديرية الجيزة في 13/ 7/ 1954 وعرضت على مندوب الشركة التعويض الذي قدرته مصلحة المساحة فلم يقبله، وأحيلت أوراق نزع الملكية إلى رئيس محكمة الجيزة الابتدائية في 13/ 7/ 1954 عملاً بالمادة التاسعة من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 5 لسنة 1907 وبتاريخ 6/ 3/ 1955 ندب رئيس المحكمة خبيراً لتقدير التعويض وبعد أن باشر الخبير مأموريته قدم تقريراً قدر فيه قيمة الأرض المنزوع ملكيتها، وإذ لم تقبل الشركة هذا التقدير عارضت فيه أمام محكمة الجيزة الابتدائية - وأعلنت الحكومة الطاعنتين بهذه المعارضة في 10/ 6/ 1956 ودفعت الطاعنتان ببطلان المعارضة تأسيساً على أنه وقد صدر القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة في 4/ 11/ 1954 وعمل بها ابتداء من 4/ 12/ 1954 فإنه كان يتعين اتباع أحكامه في المعارضة في تقدير التعويض واعتبار الإجراء الذي اتخذه رئيس المحكمة بندب خبير لتقدير التعويض عملاً بأحكام القانون القديم رقم 5 لسنة 1907 إجراءاً باطلاً، وبالتالي اعتبار المعارضة في تقرير هذا الخبير المرفوعة تبعاً لهذا الإجراء الباطل وبالتطبيق لأحكام القانون ذاته باطلة أيضاً ومحكمة أول درجة قضت برفض هذا الدفع وتأييد هذا الحكم استئنافياً، وأقام الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الخصوص على ما قرره من أن لجنة نزع الملكية اجتمعت بديوان مديرية الجيزة لتقدير التعويض بالاتفاق عليه بين الشركة والحكومة ولما تعذر هذا الاتفاق قررت اللجنة بتاريخ 13/ 7/ 1954 إحالة أوراق نزع الملكية إلى محكمة الجيزة الابتدائية عملاً بالمادة التاسعة من القانون رقم 5 لسنة 1907 وبذلك يعتبر النزاع على التعويض قد رفع أمام القضاء من الوقت الذي صدر فيه قرار اللجنة بإحالة الأوراق إلى محكمة الجيزة لأن هذه الإحالة تعتبر الخطوة الأولى لتقدير التعويض تقديراً قضائياً، وإذ كان القانون رقم 577 لسنة 1954 لم يصبح ساري المفعول إلا اعتباراً من 4/ 12/ 1954 فإن النزاع وقد أحيل إلى المحكمة الابتدائية قبل ذلك فإن الدعوى بشأنه تعتبر مرفوعة في وقت سابق على التاريخ الذي وضع فيه هذا القانون موضع التنفيذ وتكون الشركة وقد سلكت في المعارضة التي رفعتها إجراءات الطعن في التقرير المنصوص عليه في القانون رقم 5 لسنة 1907، وتكون إجراءات المعارضة لا مطعن عليها قانوناً". ولما كان القانون رقم 77 لسنة 1954 قد تناول في أحكامه الوقتية العقارات التي أدخلت في المشروعات التي يتم تنفيذها وقت العمل به بأن نص في المادة 29 على الأحكام التي تتبع في تقدير التعويض بالنسبة لهذه العقارات. ونص بالفقرة الأولى من المادة 30 على أنه إذا لم يقبل ذوو الشأن في هذه العقارات التعويضات المقدرة لها فإنه يكون لهم الحق في المعارضة بالطرق المبينة في هذا القانون في الميعاد الذي حددته هذه المادة، ويفصل في هذه المعارضات طبقاً للأحكام الخاصة بها في هذا القانون. وأورد بالفقرة الثانية من هذه المادة استثناء جاء به أنه "لا تسري الأحكام المذكورة - أي الأحكام الواردة فيه الخاصة بالفصل في المعارضات - على التعويضات المرفوع بشأنها دعاوى أمام المحاكم أو المحالة على الخبراء". وهذا الاستثناء يقرر حكماً وقتياً ينطبق على جميع التعويضات المرفوع بشأنها دعاوى وفقاً للأحكام التي كانت مقررة في القانون رقم 5 لسنة 1907 وكانت عند العمل بأحكام القانون الجديد محالة على الخبراء المعينين من رئيس المحكمة الابتدائية طبقاً لما كان متبعاً في القانون القديم أو مطروحة على المحكمة الابتدائية - فتلك الطعون لا تسري عليها الأحكام الواردة في القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن الفصل في المعارضات وإنما تظل خاضعة للأحكام التي كانت مقررة في القانون رقم 5 لسنة 1907 في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان يبين مما تقدم ذكره أنه وقت العمل بأحكام القانون الجديد رقم 577 لسنة 1954 لم يكن التعويض محل النزاع الحالي مرفوعاً بشأنه دعوى أمام المحاكم أو محالاً على خبير ندبه رئيس المحكمة الابتدائية وفقاً للأحكام التي كانت مقررة في القانون رقم 5 لسنة 1907 فإنه لا يسري عليه الاستثناء السابق الإشارة إليه وبالتالي لا تنطبق على الطعن فيه أحكام القانون القديم رقم 5 لسنة 1907 وإنما تخضع للقانون الجديد رقم 577 لسنة 1954 عملاً بحكم المادة 30 سالفة الذكر. وليس صحيحاً ما قرره الحكم من أنه وقد تعذر الاتفاق بين الحكومة والشركة المطعون عليها على تقدير التعويض وأحيلت أوراق نزع الملكية إلى رئيس المحكمة الابتدائية في تاريخ سابق على بدء العمل بأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 فإنه بمجرد هذه الإحالة تعتبر الدعوى بشأن التعويض مرفوعة أمام المحكمة قبل أن توضع أحكام هذا القانون موضع التنفيذ ويسري عليها الاستثناء المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 30 من هذا القانون، ذلك أن هذا القول لو صح لما كان هناك ما يدعو إلى النص في هذه الفقرة من المادة المذكورة على الاستثناء الآخر الخاص بالتعويضات التي تكون محالة على الخبراء لأن تعيين رئيس المحكمة الابتدائية للخبراء لا يكون إلا بعد إحالة أوراق نزع الملكية إليه بعد تعذر الاتفاق على التعويض - هذا إلى أن الدعوى بشأن التعويض هي كسائر الدعاوى التي لا ترفع أمام المحاكم - على ما تقضي به المادة 69 من قانون المرافعات - إلا بصحيفة تعلن للمدعى عليه على يد أحد المحضرين - لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه على ما سبق بيانه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما سلف يتعين الحكم ببطلان المعارضة المرفوعة من الشركة المطعون عليها.

الطعن 26 لسنة 32 ق جلسة 28 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 100 ص 740

جلسة 28 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس عبد الجواد، وإبراهيم علام.

-----------------

(100)
الطعن رقم 26 لسنة 32 القضائية

(أ) تزوير. "إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير".
للمدعى عليه في تزوير ورقة أن ينهي إجراءات الادعاء بالتزوير في أية حالة تكون عليها هذه الإجراءات بنزوله عن التمسك بالورقة بغير توقف على قبول مدعي التزوير. للأخير ضبط الورقة أو حفظها متى كانت له مصلحة مشروعة.
(ب) تزوير. "النزول عن الورقة المطعون فيها". إثبات. "حجية الأوراق العرفية".
ليس لمدعي التزوير الذي ينكر صدور الورقة كلها منه والتي نزل المطعون ضده عن التمسك بها أن يستدل بشيء مما حوته. له أن يتمسك بما لم يتناوله الطعن بالتزوير.
(ج) تزوير. "أدلة التزوير".
لقاضي الموضوع سلطة تقدير أدلة التزوير. لا يلزمه القانون إجراء تحقيق متى اطمأن إلى عدم جدية الطعن بالتزوير ووجد في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لإقناعه بصحة الورقة.
(د) إثبات. "الإثبات بالكتابة". حجية الأوراق العرفية.
النص في السند على أن يكون الإيصال الدال على السداد محرراً بخط الدائن. المقصود منه اشتراط الدليل الكتابي على السداد بأن يكون الإيصال موقعاً عليه من الدائن. ليس بلازم أن يكون صلب الإيصال محرراً بخطه.

---------------
1 - لمن ادعى ضده بتزوير ورقة مقدمة منه أن ينهي إجراءات الادعاء بالتزوير في أية حالة تكون عليها هذه الإجراءات بنزوله عن التمسك بتلك الورقة وذلك بغير توقف على قبول مدعي التزوير ولا يكون لهذا سوى أن يطلب من المحكمة ضبط الورقة أو حفظها متى كانت له مصلحة مشروعة في ذلك.
2 - ما دام الطاعن قد أسس ادعاءه بالتزوير على إنكار صدور الورقة كلها منه. وطعن في التوقيع المنسوب إليه عليها بالتزوير فإنه لا يكون له بعد ذلك وبعد أن نزل المطعون ضده عن التمسك بهذه الورقة أن يستدل بشيء مما حوته إذ أن هذا الاستدلال يتنافى مع ادعائه بتزوير ما هو موضع للاستدلال وإنما يكون لمدعي التزوير بعد نزول خصمه عن التمسك بالورقة المدعى تزويرها أن يتمسك بما لم يدع تزويره من الورقة لو كان التزوير المدعى به وارداً على جزء منها فقط.
3 - لقاضي الموضوع سلطة تقدير أدلة التزوير ولا يلزمه القانون بإجراء تحقيق متى اطمأن إلى عدم جدية الادعاء بالتزوير ووجد في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لإقناعه بصحة الورقة المدعى تزويرها.
4 - المقصود من النص في سند الدين على أن يكون الإيصال الدال على السداد محرراً بخط الدائن، هو اشتراط الدليل الكتابي على السداد بأن يكون الإيصال موقعاً عليه من الدائن وليس بلازم أن يكون صلب الإيصال محرراً بخطه لأن الإيصال يعتبر حجة عليه متى ثبت صحة توقيعه عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته قيماً على والده استصدر في 25 من فبراير سنة 1959 من محكمة القاهرة الابتدائية أمر أداء بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي له بصفته المذكورة مبلغ 7422 ج و835 م قيمة سندين إذنيين محررين في 6 مارس سنة 1954 لصالح المحجور عليه ومستحقين في أول يناير سنة 1955 وموقع عليهما من المطعون ضده بصفته مديناً - وقد عارض الأخير في أمر الأداء المذكور بالدعوى رقم 1029 سنة 1955 كلي القاهرة وأسس معارضته على التخالص من هذا الدين وقدم إثباتاً لذلك: 1 - محضر تسوية ثابت التاريخ في 3 يوليه سنة 1954 يتضمن تصالحه مع دائنيه ومنهم محجور الطاعن على أساس تخفيض ديونهم إلى 65% من قيمتها. 2 - مبايعة مؤرخة 2 من أغسطس سنة 1954 وثابتة التاريخ في 29 من يناير سنة 1955 تحمل توقيع المحجور عليه وفيها يقر بأنه باع الدين المحرر به السندان الإذنيان سالفا الذكر إلى محمد السيد بحبح واستلم منه قيمة هذين السندين نقداً وأن المذكور حل محله في هذا الدين ومدون بذيل هذه المبايعة إقرار من محمد السيد بحبح باستلامه مبلغ 4824 ج و840 م من المطعون ضده وأنه بذلك أصبحت ذمة الأخير بريئة من الدين المحرر به السندان المشار إليهما. 3 - إيصال مؤرخ 2 من أغسطس سنة 1954 وثابت التاريخ في 29 من يناير سنة 1955 وموقع عليه من المحجور عليه بما يفيد استلامه قيمة السندين المذكورين اللذين صدرت عنهما المبايعة ووجود السندين طرفه لمحمد السيد بحبح - وقد ادعى الطاعن بتزوير تلك الأوراق الثلاث بتقرير في قلم الكتاب أثبت فيه أن التوقيع المنسوب إلى والده المحجور عليه على محضر التسوية لم يصدر منه وإنما هو مزور عليه. أما الورقتان الأخريان فقد أقام طعنه بالتزوير فيهما على أن والده وقعهما على بياض وأن المطعون ضده قام بعد ذلك بتحرير صلبهما على النحو الوارد بهما وبما يخالف ما حصل الاتفاق عليه بينهما وأعلن الطاعن شواهد التزوير في 23 من مايو سنة 1959 وانتهى إلى طلب رد وبطلان الأوراق الثلاث المدعى تزويرها وبتاريخ 21 من يونيه سنة 1959 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع ببطلان أمر الأداء الصادر في 25 من فبراير سنة 1959 المعارض فيه وإلغائه واعتباره كأن لم يكن - وأسست قضاءها بذلك على قيام منازعة جدية من المدين في الدين الصادر به الأمر مما يترتب عليه تخلف شرط حلول الأداء اللازم قانوناً لصدور أمر الأداء. فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 879 سنة 76 ق وبتاريخ 28 من إبريل سنة 1960 حكمت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في المعارضة. ولدى نظر هذه المعارضة من جديد أمام المحكمة الابتدائية تنازل المطعون ضده عن التمسك بالمستند الأول المدعى تزويره وهو محضر التسوية وبرر هذا التنازل بأن الورقتين الأخريين يغنيان عن هذا المحضر لأنهما لاحقتان عليه ولم تكن التسوية المشار إليها في الورقة التي تنازل عنها سوى مشروع صلح وهي لا تدل على التخالص. وبتاريخ 8 من يناير سنة 1961 حكمت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير بالنسبة لمحضر التسوية المطعون عليه بالتزوير وبضبط هذه الورقة. (ثانياً) بقبول شواهد التزوير شكلاً بالنسبة للورقتين الأخريين المدعى بتزويرهما وبرفض الادعاء بالتزوير وبصحة هاتين الورقتين وتغريم الطاعن 25 جنيهاً لصالح الخزانة. (ثالثاً) بإلغاء أمر الأداء المعارض فيه وبرفض دعوى الطاعن بصفته مع إلزامه بالمصروفات. فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 276 سنة 78 ق. وبتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1961 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ولما عرض على دائرة فحص الطعون قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن دفاع المطعون ضده قام منذ بدء الخصومة على حصول تسوية بينه وبين دائنيه ومنهم المحجور عليه الذي يمثله الطاعن وذلك على أساس نزولهم عن 35% من ديونهم والاكتفاء باقتضاء الباقي منها وأنه تنفيذاً لهذه التسوية المنسوب إلى المحجور عليه التوقيع على محضرها سخر المطعون ضده محمد السيد بحبح ليشتري من المحجور عليه الدين الثابت بالسندين الإذنيين المطالب بقيمتهما بما يمثل 65% من قيمتهما وهو مبلغ 4824 ج و840 م وأن هذا الشراء تم في 2 من أغسطس سنة 1954 نظير ذلك المبلغ وحصل من المحجور عليه على مبايعة ومخالصة في هذا التاريخ قدمهما المطعون ضده مع محضر التسوية للمحكمة ولما واجهه الطاعن بالأدلة القاطعة على تزوير محضر التسوية لم يجد المطعون ضده بداً من التنازل عن التمسك بهذا المحضر مع إصراره على التمسك بالورقتين الأخريين وهما المبايعة والمخالصة اللتين طالما ادعى أنهما تمتا تنفيذاً للتسوية المزعومة، وقد تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن تنازل المطعون ضده عن التمسك بمحضر التسوية لا يستتبع إنهاء إجراءات التزوير بالنسبة لهذه الورقة ما دام المطعون ضده اعتبرها أساساً للورقتين الأخريين اللتين ما زال يتمسك بهما لأن الأوراق الثلاث وحدة لا تتجزأ، كما تمسك الطاعن بأن إنهاء إجراءات التزوير بالنسبة لمحضر التسوية لا يمكن أن يهدر دلالة هذه الورقة على كذب المطعون ضده فيما كان قد ادعاه من توقيعها من المحجور عليه - لكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع - تأسيساً على ما قاله من أن كل ورقة من الأوراق الثلاث المدعى تزويرها مستقلة بذاتها وأن محضر التسوية يعتبر بعد التنازل عن التمسك به وإنهاء إجراءات التزوير بشأنه غير موجود في الدعوى ويرى الطاعن أن هذا القول من الحكم خطأ ذلك أنه متى قام الارتباط بين الأوراق الثلاث على النحو السالف بيانه فإن المطعون ضده لا يملك إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير بالنسبة لمحضر التسوية ما دام بقي متمسكاً بالورقتين الأخريين المتفرعتين عن ذلك المحضر كما أن إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير بالنسبة للمحضر المذكور لا يستتبع اعتبار هذه الورقة وكأنها غير موجودة في الدعوى لأن المادة 289 من قانون المرافعات لا تنص على هذا الأثر ومما يؤكد صلاحية الورقة التي حصل التنازل عن التمسك بها بعد الطعن عليها بالتزوير - لترتيب الدلالات التي يرى فيها الطاعن مصلحة له حرصت الفقرة الثالثة من المادة 289 مرافعات على النص على حق المحكمة في هذه الحالة في أن تأمر بضبط الورقة أو بحفظها إذا طلب مدعي التزوير ذلك لمصلحة مشروعة إذ أن الأمر بضبط الورقة يغدو ضرباً من العبث إذا امتنع على مدعي التزوير أن يستدل بالورقة فيما ينفعه - هذا إلى أن إنهاء إجراءات التزوير بالنسبة لمحضر التسوية لا يمكن أن يهدر دلالة مسلك المطعون ضده على كذب جميع المزاعم المستندة إلى الأوراق الثلاث إذ أن هذه قرينة قضائية مستقلة عن دلالة وآثار الورقة التي أنهيت إجراءات التزوير بشأنها.
وحيث إنه ورد بالحكم المطعون فيه في شأن ما يثيره الطاعن بهذا السبب ما يلي: "وحيث إنه عما تحدث عنه المستأنف (الطاعن) في السبب الأول من أسباب الاستئناف بخصوص التسوية المطعون عليها بالتزوير فإن هذا التحدث أصبح غير ذي موضوع بعد أن تنازل المستأنف ضده (المطعون ضده) عن التمسك بها إذ بهذا التنازل تصبح هذه التسوية وكأنها غير موجودة في الدعوى سواء أكانت هذه التسوية أساس المبايعة والمخالصة المقدمتين من المستأنف ضده أم لم تكن هذه الورقة أساساً لهما فإن المبايعة تحمل في ذاتها - إذا ما كانت صحيحة - قيام تسوية للدين موضوع النزاع على الصورة المبينة بهذه المبايعة التي لا تحمل أي إشارة إلى وجود ورقة التسوية المطعون عليها بالتزوير وسواء كانت هذه التسوية المطعون عليها قدمت إلى محكمة الصلح الواقي أم لم تقدم وسواء تصالح المستأنف مع جميع دائنيه أو لم يتصالح مع جميعهم وسواء كانت هذه التسوية مزورة على المستأنف أو على غيره من الموقعين عليها وسواء يبغي المستأنف ضده من التنازل عنها الهرب من تزويرها أو كان تنازله لعدم جدواها في إثبات التخالص فإن كل ذلك أصبح التحدث عنه والبحث فيه غير ذي أثر وليس للمستأنف أن يمنع المستأنف ضده من إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير في هذه الورقة بالتنازل عن التمسك بها إذ أن ذلك حقه وكل ما للمستأنف في هذه الحالة هو طلب ضبط هذه الورقة على ما جرى عليه نص المادة 289 من قانون المرافعات وقد استعمل حقه في طلب ضبطها وأجابته المحكمة إلى ما طلب فليس له بعد هذا أن يجادل في حق المستأنف ضده المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر وليس في إثبات تزوير هذه الورقة ما يدل على تزوير المبايعة والمخالصة كما يدعي المستأنف إذ كل ورقة من هذه الأوراق الثلاث قائمة بذاتها لا يستتبع تزوير إحداها تزوير الأخرى". وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ولا يشوبه خطأ في الاستدلال ذلك أنه وقد نفت محكمة الموضوع الارتباط الوثيق الذي ادعى الطاعن قيامه بين محضر التسوية الذي تنازل المطعون ضده عن التمسك به وبين المبايعة والمخالصة واستندت المحكمة في ذلك إلى خلو المبايعة والمخالصة من الإشارة إلى محضر التسوية وأن لكل من هذه الأوراق الثلاث كيانه واستقلاله الذاتي عن الأخرى وأن المبايعة متى ثبت صدورها من المدين الذي يمثله الطاعن إنها تكفي بذاتها وبصرف النظر عن محضر التسوية لإثبات قيام تسوية للدين موضوع النزاع على الصورة المبينة بهذه المبايعة. ولما كانت هذه الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه في نفي الارتباط بين محضر التسوية وبين المبايعة والمخالصة سائغة وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا مخالفة فيها لما هو ثابت بهذه الأوراق الثلاث فإن ما يثيره الطاعن في نعيه على أسباب الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ومتى انتفى الارتباط بين محضر التسوية وبين المبايعة والمخالصة فإنه يكون للمطعون ضده طبقاً لنص المادة 289 من قانون المرافعات بعد أن ادعى الطاعن تزوير محضر التسوية أن ينهي إجراءات هذا الادعاء في أية حالة كانت عليها هذه الإجراءات بنزوله عن التمسك بتلك الورقة وذلك بغير توقف على قبول الطاعن ولا يكون لهذا الأخير سوى أن يطلب من المحكمة الأمر بضبط الورقة أو بحفظها متى كانت له مصلحة مشروعة في ذلك ومن ثم فإن اعتراض الطاعن على قضاء محكمة الموضوع بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير بالنسبة لمحضر التسوية يكون على غير أساس لما ينطوي عليه من مصادرة حق خوله القانون للمطعون ضده وأجاز له استعماله في أية حالة تكون عليها إجراءات الادعاء بالتزوير أما قول الطاعن بأنه لا يترتب عليه إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير بشأن محضر التسوية اعتبار هذه الورقة وكأنها غير موجودة في الدعوى وأن له أن يستدل بهذه الورقة فيما ينفعه حتى بعد إنهاء إجراءات الادعاء بشأنها هذا القول مردود بأنه ما دام الطاعن قد أسس ادعاءه بتزوير محضر التسوية على إنكار صدوره كله منه ومن باقي الدائنين الموقعين عليه وطعن في التوقيع المنسوب إليه على هذا المحضر بأنه مزور فإنه لا يكون له بعد ذلك وبعد أن نزل المطعون ضده عن التمسك بهذه الورقة أن يستدل بشيء مما حوته إذ أن هذا الاستدلال يتنافى مع ادعائه بتزوير ما هو موضع للاستدلال وإنما يكون لمدعي التزوير بعد نزول خصمه عن التمسك بالورقة المدعى تزويرها أن يتمسك بما لم يدع تزويره من الورقة لو كان التزوير المدعى به وارداً على جزء منها فقط أما عن قول الطاعن بأن إنهاء إجراءات التزوير بالنسبة لمحضر التسوية لا يمنعه من أن يتخذ من مسلك المطعون ضده في النزول عن التمسك بهذا المحضر بعد الادعاء بتزويره قرينة على كذب جميع مزاعمه فإن الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه لم ينفيا حقه في تقديم هذه القرينة.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده استغل غفلة المحجور عليه واحتال عليه حتى حصل على توقيعه على بياض على ورقتي المبايعة والمخالصة المطعون عليهما بالتزوير وقدم الطاعن الأدلة العديدة على ذلك مستمدة من الحكم الصادر بتوقيع الحجر الذي أثبت غفلة المحجور عليه لجماعة من المحتالين من بينهم المطعون ضده - ومن أقوال هذا المطعون ضده في محضر تحقيق طلب الحجر ومن حصول المطعون ضده من المحجور عليه على شيكات مسحوبة من حسابه وطلب الطاعن استناداً إلى هذه الأدلة تحقيق طعنه بالتزوير على صلب المبايعة والمخالصة لكن محكمة أول درجة رفضت هذا الطلب استناداً إلى قاعدة قانونية أخطأت في تطبيقها على واقعة النزاع هي أنه لا يمكن إثبات ما يخالف ما كتب في الورقة الموقعة على بياض إلا بالكتابة إلا إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة أو ثبت وقوع غش أو طرق احتيالية أمكن الحصول بها على تلك الورقة أو إذا كان الالتزام تجارياً ففي هذه الحالات الثلاث يجوز الإثبات بشهادة الشهود وقد تمسك الطاعن لدى محكمة الاستئناف بأن الواقعة موضوع النزاع تندرج تحت هذه الاستثناءات لأن وجود السند تحت يد محجورة غير مؤشر عليه بالسداد ينهض على الأقل مبدأ ثبوت بالكتابة ولأن النزاع الحالي تجاري ولتوفر الأدلة على استغلال المطعون ضده لغفلة المحجور عليه واحتياله عليه لكسب ثقته لكن محكمة الاستئناف تبنت التطبيق القانوني المعيب للقاعدة القانونية سالفة الذكر على واقعة النزاع ثم أضافت أن الأدلة المقدمة من الطاعن لا تثبت أن المحجور عليه وقع المبايعة والمخالصة على بياض كما لا تثبت استغلال المطعون ضده غفلة المحجور عليه واحتياله عليه وقد جاء هذا القول من الحكم معيباً بالقصور ومناقضاً لما هو ثابت بالحكم الصادر بالحجر ومخالفاً الثابت في محضر تحقيق طلب الحجر كما شاب الحكم المطعون فيه القصور أيضاً لإغفاله الرد على ما تمسك به الطاعن من تجارية النزاع التي تسوغ الإحالة إلى التحقيق لإثبات ما يخالف الكتابة المنسوبة إلى المحجور عليه في المبايعة والمخالصة.
وحيث إن النعي بهذا السبب مردود في أوجهه المتقدمة الذكر وفي أوجهه الأخرى المذكورة في تقرير الطعن والتي تنحصر في تعييب الحكم المطعون فيه في أسبابه المتضمنة نفي الغش والاحتيال عن المطعون ضده ورفض الإحالة إلى التحقيق بناء على ذلك - هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه وإن قرر كلاهما القاعدة التي تقضي بأنه لا يجوز إثبات ما يخالف المدون في الورقة المدعي بتوقيعها على بياض بغير الكتابة إلا إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة أو حصل غش أو احتيال أمكن الحصول بواسطتهما على تلك الورقة أو كان الالتزام تجارياً إلا أن الحكمين لم يقفا عند حد تقرير تلك القاعدة ويمتنعا عن بحث الادعاء بالتزوير لعدم تقديم الدليل الكتابي بل إنهما بحثا هذا الادعاء بفرض جواز إثبات التزوير المدعي بغير الكتابة وانتهيا إلى عدم جديته فقد جاء بالحكم الابتدائي ما يأتي "وحيث إن المعارض ضده (الطاعن) لم يقدم أي دليل لا يرقى إليه شك على أنه وقع للمعارض (المطعون ضده) على بياض أو يقدم سبباً مقبولاً يكون قد دفعه للقيام بذلك وهو الذي يداين هذا في مبلغ يربو على السبعة آلاف جنيه ولما يسدده بهذا الدين بعد ويخشى أن يستعمل إمضاءه على بياض فيما يضر به فإذا ما أضيف إلى هذا سكوت المعارض ضده عن المطالبة بدينه زهاء أربع سنوات دون مبرر. وتحريره إيصالين لصالح المعارض في تاريخ لاحق لاستحقاق دينه بما يفيد مديونيته للأخير في مبلغ خمسمائة جنيه وهو الذي يدعي أنه لا يزال يداينه في المبلغ المطالب به الأمر الذي يستبعد حصوله إذ أن من المتعارف عليه في مثل هذه الحالة أن يخصم الذي في ذمته للمعارض من المبلغ الذي له في ذمة هذا وما ثبت للمحكمة من الاطلاع على الورقتين المطعون عليهما بالتزوير من أنه لا يوجد بأيهما تحشير أو إضافة أو ما يستشف منه أن صلبهما حرر بعد التوقيع عليهما ولا يغير من هذا الوضع كون صلب الورقة الخاصة بوجود الكمبيالتين موضوع الخصومة لدى المعارض ضده محرر بمداد يغاير المداد المحرر به التوقيع - فمن كل ما تقدم ترى المحكمة وقد اطمأن وجدانها إلى عدم جدية دفاع المعارض ضده (الطاعن) في الادعاء بالتزوير ألا تجيبه إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات ما يدعيه". كما جاء بالحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ما يأتي: "وحيث إنه عما أثاره المستأنف (الطاعن) في السبب الثاني من أسباب الاستئناف مستدلاً به على أن محكمة أول درجة أخطأت في رفضها تحقيق الطعن بالتزوير على المبايعة والمخالصة فإنه وإن كانت محكمة أول درجة قد بررت ما فعلت بما تقره عليها هذه المحكمة إلا أنها تتناول دفاع المستأنف الذي أجهد نفسه في إبرازه ليصل إلى إثبات أن ورقة المبايعة وورقة المخالصة قد وقعهما والده على بياض ثقة منه في المستأنف عليه ولكن الأخير استغلهما كما استغل غيرهما من الأوراق الموقعة على بياض وكتب عليهما صيغة المبايعة والمخالصة المطعون عليهما بالتزوير". ثم أخذ الحكم يفند الادعاء بتزوير هاتين الورقتين وما قدمه الطاعن من قرائن على صحة هذا الادعاء إلى أن قال الحكم "وليس فيما قالته محكمة أول درجة من أن المستأنف (الطاعن) لم يقدم دليلاً لا يرقى إليه الشك على أنه وقع للمستأنف ضده على بياض ما يعتبر تجاوزاً للقانون في هذا التعبير الذي جرى به الحكم المستأنف كما يقول المستأنف إذ من المعلوم أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل الاستدلال به بل إن الثابت من الأوراق جميعها أنه ليس هناك احتمال في أن المستأنف وقع للمستأنف ضده أوراقاً على بياض وكل ما ساقه المستأنف للتدليل على ما يقوله كان أساسه الفرض واعتبار هذا الفرض حقيقة ثم اتخاذ هذه الحقيقة أساساً للجدل ولا يعاب على محكمة أول درجة ما قررته من أنه بان لها من الاطلاع على المبايعة والمخالصة أنه ليس فيهما تحشير أو إضافة أو ما يستشف منه أن صلبهما حرر بعد التوقيع عليهما إذ أن ذلك صحيح كما هو ثابت من الاطلاع على المبايعة والمخالصة" وانتهى الحكم المطعون فيه إلى القول "وحيث إنه لما تقدم وما ذكر في الحكم المستأنف في صدد ما تقدم يكون ما انتهى إليه هذا الحكم في رفض الادعاء بالتزوير ورفضه الإحالة إلى التحقيق صواباً لا مرية فيه" وإذ كان الثابت أن محكمة الموضوع قد بحثت الادعاء بتزوير الورقتين المدعى بتزويرهما على فرض جواز إثبات هذا التزوير بغير الكتابة وانتهت في حدود سلطتها التقديرية وللأسباب السائغة التي أوردتها في حكمها إلى رفض هذا الادعاء ورفض طلب الإحالة إلى التحقيق وكان القانون قد أطلق لقاضي الموضوع السلطة في تقدير أدلة التزوير ولم يلزمه بإجراء تحقيق متى كان قد اطمأن إلى عدم جدية الادعاء بالتزوير ووجد في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لإقناعه بصحة الورقة المدعى تزويرها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لعدم إجابته إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات التزوير الذي ادعاه يكون على غير أساس كما يكون غير منتج كل ما ساقه في أسباب الطعن من نعي على أسباب الحكم المتضمنة نفي الغش والاحتيال عن المطعون ضده ونعى على الحكم لإغفاله الرد على ما تمسك به من تجارية النزاع وذلك ما دام القصد من هذا النعي هو الوصول إلى إجازة إثبات التزوير بكافة طرق الإثبات وأن الحكم قد بحث التزوير المدعى على اعتبار أن إثباته جائز بهذه الطرق وانتهى إلى عدم جديته وإلى صحة الورقتين المدعى تزويرهما.
وحيث إن ما يصفه الطاعن في السبب الثالث بأنه قصور في تسبيب الحكم بصحة الورقتين المطعون عليهما بالتزوير وما يصفه في السبب الخامس بأنه قصور من الحكم في تسبيب قضائه باعتبار السند الإذني المؤرخ 10 يناير سنة 1956 المقدم من المطعون ضده قرينة على صحة المبايعة والمخالصة ذلك كله لا يعدو أن يكون في حقيقته مجادلة موضوعية في تقدير المحكمة للأدلة التي اطمأنت إليها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه اعتبر المبايعة والمخالصة دالين على براءة ذمة المطعون ضده من الدين المطالب به مع أنه منصوص بالسندين الإذنيين المحررين بقيمة هذا الدين على أن ذمة المدين (المطعون ضده) لا تبرأ إلا باستلامه الكمبيالة موقعاً عليها بالسداد بخط الدائن نفسه أو بإبراز إيصال منه بخطه أيضاً ومقتضى ذلك أن تغدو المبايعة والمخالصة غير ذي حجة على المحجور عليه ما دامت عباراتهما لم تدون بخطه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه متى كانت المحكمة قد انتهت إلى صحة المبايعة والمخالصة بعد الطعن عليهما بالتزوير وكانت هاتان الورقتان موقعتين من المحجور عليه الدائن وصريحتين في تخالصه عن دينه المحرر به السندان الإذنيان فإنهما تكونان حجة عليه في شأن هذا التخالص ولا صحة لما يقوله الطاعن من أن النص الوارد في السندين يتطلب أن يكون الإيصال الدال على السداد محرراً بخط الدائن المحجور عليه إذ المقصود بهذا النص هو اشتراط الدليل الكتابي على السداد بأن يكون الإيصال موقعاً عليه من الدائن وليس بلازم أن يكون صلب الإيصال محرراً بخطه لأن الإيصال يعتبر حجة عليه متى ثبت صحة توقيعه عليه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه .