الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 مايو 2023

الطعن 32 لسنة 31 ق جلسة 28 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 99 ص 730

جلسة 28 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.

---------------

(99)
الطعن رقم 32 لسنة 31 القضائية

عقد. "أركانه". "الإيجاب والقبول".
طرح وزارة الزراعة مناقصة توريد ليس إيجاباً منها وإنما مجرد دعوة إلى التعاقد. الإيجاب يصدر ممن يتقدم بعطائه بالشروط المبينة فيه. قبول الوزارة هذا الإيجاب بغير تحفظ ببرقية نوهت فيها بأن "التفصيل بالبريد". هذا التنويه لا يمنع من انعقاد العقد على أساس الإيجاب المذكور ما دام الخطاب المتضمن هذا التفصيل لم يصل إلى من تقدم بالعطاء قبل وصول البرقية.

---------------------
طرح وزارة الزراعة مناقصة توريد مادة على أساس الشروط الواردة في قائمة الاشتراطات لا يعتبر قانوناً إيجاباً منها وإنما هو مجرد دعوة إلى التعاقد أما الإيجاب فهو يصدر ممن يتقدم بعطائه بالشروط المبينة فيه، فإذا كانت الوزارة (الطاعنة) قد قبلت هذا الإيجاب الصادر من المطعون ضده بغير تحفظ ببرقية نوهت فيها بأن "التفصيل بالبريد" فإن هذا التنويه لا يمنع من انعقاد العقد على أساس الإيجاب المذكور ما دام الخطاب المتضمن هذا التفصيل لم يصل إلى المطعون ضده قبل وصول البرقية (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة "وزارة الزراعة" الدعوى رقم 1764 سنة 1954 كلي القاهرة وطلب فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 30135 ج و715 م والفوائد بواقع 5% من يوم 29 من يونيه سنة 1953 تاريخ رفع الدعوى المستعجلة رقم 411 لسنة 1953 مستعجل مصر - وقال بياناً لدعواه إنه في 4 من مارس سنة 1951 أعلنت وزارة الزراعة عن مناقصة لتوريد 125 طناً من مادة "الجامكسان" وحددت الشروط الطبيعية للمادة المطلوبة بأن تكون مسحوقة بحيث يمر 95% منها من منخل تبلغ عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة وقد اتصل المطعون ضده بالشركات التي تنتج مادة الجامكسان والتي يتعامل معها فأبلغته إحداها بأنها على استعداد لتوريد الكمية المطلوبة من مادة الجامكسان على أن تكون تلك المادة "Fondu" وعلى أثر ذلك تقدم المطعون ضده بعطائه بتاريخ 24 من مارس سنة 1951 وذكر فيه أن المادة التي يعرض توريدها هي من صنف الجامكسان المتمايع Fondu وحرص على أن يكتب ذلك بخط اليد باللغتين الفرنسية والعربية - وإذ تلقى بتاريخ 12 من إبريل سنة 1951 برقية من وزارة الزراعة تتضمن قبولها العطاء المقدم منه في حدود أربعين طناً فقد أبرق فوراً إلى الشركة المشار إليها بالموافقة وقدم الضمان اللازم للوزارة، وبتاريخ 14 من يونيه سنة 1951 وصلت كمية الجامكسان المطلوبة إلى ميناء الإسكندرية فأخطر الوزارة بذلك في 16 من يوليه سنة 1951 لتقوم باستلامها إلا أنها تباطأت في الاستلام حتى 16 و17 من أكتوبر سنة 1951 ثم أعلنته بعد ذلك برفض الجامكسان بدعوى مخالفته للمواصفات إذ أنه ليس مسحوقاً وإنما هو متمايع Fondu وإزاء ذلك رفع المطعون ضده الدعوى رقم 411 سنة 1953 مستعجل مصر بصحيفة أعلنت في 29 من يونيه سنة 1953 طلب فيها إثبات حالة المادة التي قدمها وأماكن تخزينها ومدى صلاحيتها وتقدير الضرر الذي لحقه من تخزين هذه المادة في الأماكن المذكورة وقيمته - وبيان ما إذا كانت المادة الموردة من نوع الجامكسان الذي عرضه في عطائه المكتوب أم لا. وقد ندبت المحكمة الدكتور عبد العزيز فتحي رئيس فرع الكيمياء بقسم الحشرات الطبية بوزارة الصحة خبيراً في الدعوى وعهدت إليه القيام بالمهمة السابقة فقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن المخازن ولو كانت صالحة للتخزين إلا أن التخزين يؤثر تدريجياً على مادة الجامكسان لأنها معبأة في براميل من حديد تسبب تحليلها تدريجياً وقرر الخبير أن مادة الجامكسان التي وردها المطعون ضده من النوع المصهور وتتفق مع المواصفات التي عرضها على وزارة الزراعة في عطائه المكتوب وأشار إلى أن كلمة متميع ليست ترجمة صحيحة لعبارة Fondu وأن ترجمتها الصحيحة هي "مصهور" وأن العبرة في صفة المادة هي بالتعبير الفني الكيميائي باللغة الأجنبية كما قطع بأنه لا يمكن أن تكون المادة مسحوقة ومصهورة Fondu في وقت واحد - وإذ أصرت الطاعنة على موقفها من الامتناع عن صرف ثمن الجامكسان المورد فقد أقام المطعون ضده دعواه الحالية طالباً إلزامها بالثمن والتعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية على النحو السابق بيانه - وأثناء نظر الدعوى رفعت الطاعنة دعوى فرعية طلبت فيها إلزام المطعون ضده بأن يدفع لها مبلغ 28172 ج قيمة التعويض عما تحملته من خسارة من جراء عدم توريد المطعون ضده البضاعة التي رسا عطاؤها عليه - وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1955 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى الفرعية المقامة من الوزارة الطاعنة وقبل الفصل في موضوع الدعوى الأصلية بندب الدكتور عبد العزيز فتحي خبيراً فيها لبيان مدى صلاحية الجامكسان الذي ورده المطعون ضده للاستعمال في الأغراض المخصص لها وقيمته في السوق عند الاستلام أي في يوم 16 من أكتوبر سنة 1951 - وقطعت في أسباب حكمها بأن إرادة المتعاقدين قد شابها غلط منع من انعقاد العقد فبينما شاءت الوزارة أن تشتري جامكسان ناعماً فقد انصرفت إرادة المطعون ضده إلى أن يورد جامكسان مصهوراً وهذا التعارض بين إرادتي الطرفين منع من إبرام العقد فاستحال العقد إلى واقعة مادية تولد التعويض في جانب الطرفين لوقوع خطأ مشترك منهما - وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي خلص فيه إلى أن الجامكسان المورد من المطعون ضده يصلح للأغراض المخصص لها وأنه يصلح لاستعمال الوزارة الطاعنة ويسد حاجتها فقضت المحكمة بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1956 بإلزام الطاعنة بدفع مبلغ 10662 ج و480 م قيمة النص فيما رأى الخبير أن المطعون ضده قد تحمله من خسارة بسبب رفض البضاعة الموردة منه - استأنف المطعون ضده هذين الحكمين بالاستئناف رقم 488 سنة 74 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً القضاء أصلياً بإلغاء الحكم الصادر في 30 من يونيه سنة 1955 فيما تضمنه من استبعاد المسئولية العقدية واعتباره مشتركاً في الخطأ وتعديل الحكم الصادر بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1956 على هذا الأساس وإلزام الوزارة بطلباته الأصلية - واحتياطياً - وعلى أساس المسئولية التقصيرية بتعديل الحكم الصادر في 20 من ديسمبر سنة 1956 وبإلزام الوزارة الطاعنة بأن تدفع له مبلغ 21424 ج و960 م - كما استأنفت الوزارة الحكمين الآنف ذكرهما بالاستئناف رقم 45 سنة 75 قضائية طالبة القضاء بإلغائهما والحكم برفض دعوى المطعون ضده وبإلزام المطعون ضده في الدعوى الفرعية بأن يدفع لها مبلغ 28172 ج وقد قررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين وقضت فيهما بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1960 (أولاً) في موضوع الاستئناف رقم 407 سنة 74 ق بإلغاء الحكم الصادر بتاريخ 20 من يونيه سنة 1955 فيما تضمنه من استعباد مسئولية وزارة الزراعة العقدية وبتعديل الحكم الصادر بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1956 إلى مبلغ 17800 ج يخصم منها مبلغ 1920 ج - جملة ثمن الجامكسان المبيع بالمزاد العلني بتاريخ أول فبراير سنة 1960 وبإلزام وزارة الزراعة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 15880 ج والفوائد بواقع 4% سنوياً عن مبلغ الـ 17800 ج من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 11 من إبريل سنة 1954 حتى أول فبراير سنة 1960 وعن مبلغ 15880 ج من أول فبراير سنة 1960 لغاية السداد والمصاريف الرسمية عن الدرجتين. (ثانياً) في موضوع الاستئناف رقم 45 سنة 76 ق المرفوع من وزارة الزراعة برفضه وبتأييد الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 30 من يونيه سنة 1955 فيما قضى به من رفض دعوى وزارة الزراعة الفرعية وإلزامها بالمصروفات. فطعنت وزارة الزراعة في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ أهدر الصفة الجوهرية التي اشترطت الوزارة وجوب توافرها في المادة محل التوريد قد مسخ إرادة المتعاقدين وخالف الثابت في الأوراق وقد أدى به ذلك إلى الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن إرادة المتعاقدين قد وضحت في اتجاهها إلى أن يكون الجامكسان ناعماً بحيث إن 95% منه تمر في منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة - على ما هو ثابت من شروط المناقصة الموقع عليها من المطعون ضده بما يفيد قبوله التوريد على وقفها مع شرط آخر أضافه إليها وهو أن يكون الجامكسان متمايعاً Fondu بالإضافة إلى كونه مسحوقاً ناعماً وقد قبلت الوزارة الطاعنة هذا الشرط المضاف إلى شروطها وأخطرته بذلك ببرقيتها المؤرخة 12 من إبريل سنة 1951 وضمنت هذه البرقية عبارة "والتفصيل بالبريد" وبتاريخ 14 من إبريل سنة 1951 حرر بين الطرفين كشف تفصيلي اشترط فيه أن يكون الجامكسان متمايعاً Fondu ثم ذكر به في ذات الوقت أنه يجب أن يكون مسحوقاً ناعماً مما مؤداه أن المطعون ضده قد أضاف صفة من المستحيل توافقها مع الصفة الجوهرية التي اشترطتها الوزارة في المادة محل التعاقد مما تقتضي استبعاد هذه الإضافة المستحيلة وبقاء شرط الوزارة وحده قائماً - إلا أن الحكم المطعون فيه خرج على هذه الإرادة الواضحة بتقريره أن المطعون ضده لم يقبل الشرط الخاص بصفة المادة حسبما ورد بالعطاء وإنما استبدل به شرطاً جديداً كبته بخط اليد في عطائه الذي تقدم به - وهذا القول من الحكم ينطوي على تأويل خاطئ لعبارة العقد الواضحة ومخالفة لما تقضي به المادة 150 من التقنين المدني - كما أن الحكم قد أول البرقية الصادرة من الوزارة بقوله إنها تتضمن قبولاً لإيجاب المطعون ضده بدون تحفظ عن توريد جامكسان "متمايع" فقط في حين أن هذه البرقية جاء نصها كالآتي "عطاؤكم مناقصة 24 مارس الماضي قبل عن توريد 40 طناً جامكسان والتفصيل بالبريد" - وذكر هذه العبارة الأخيرة من شأنه أن يجعل القبول غير نهائي كما أن مؤدى البرقية أن قبول الوزارة لإيجاب المطعون ضده بتوريد الجامكسان وفقاً لشروط العطاء مضافاً إليها الشرط الجديد وهو أن يكون الجامكسان متمايعاً ولم ينتظر المطعون ضده وصول التفصيل إليه بالبريد بل أسرع إلى الوزارة بعد يومين من إرسال البرقية الآنف ذكرها ووقع على كشف 14 من إبريل سنة 1951 الوارد به ذات المواصفات المفصلة السابق بيانها بشروط العطاء وقد نص فيه تحت عبارة اسم الصنف أنه جامكسان حسب المواصفات الموضحة بعد كما ذكر به كذلك الوصف الذي أراد المطعون ضده توافره في الجامكسان الذي يقوم بتوريده بالإضافة إلى هذه المواصفات وهو أن يكون متمايعاً Fondu وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أساس إهدار الشرط الجوهري الصحيح لصنف الجامكسان الذي ما قبلت الطاعنة التعاقد إلا على أساسه وإعمال الشرط المضاف من المطعون ضده فإن الحكم يكون قد مسخ إرادة المتعاقدين وخالف القانون.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل دفاع الطرفين انتهى إلى القول "ومن حيث إن الواقع في الدعوى أنه في 4 من مارس سنة 1951 أعلنت وزارة الزراعة عن مناقصة لتوريد 125 طناً من مادة "الجامكسان" وحددت شروطاً معينة لتلك المادة كان من بينها أنها مادة مسحوقة بحيث يمر 95% منها من منخل تبلغ ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة فقدم كامل عثمان عطاءه بكتاب مكتوب بخط اليد مؤرخ 24 من مارس سنة 1951 موضحاً أن الجامكسان الذي يتقدم به مختلف عن ذلك الذي تطلبه الوزارة إذ حرص أن يذكر أن الجامكسان الذي يتقدم بتوريده Fondu أي أنه "مصهور" وقد ترجمها خطأ بكلمة "متمايع" على النحو الذي أوضحه الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة - وأن ذلك يعتبر من جانب كامل عثمان رفضاً لشرط المناقصة فيما يتعلق بأن مادة الجامكسان مسحوقة يمر 95% منها في منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة - وعرضا مستجداً على الوزارة مستقلاً عن شروط المناقصة في هذا الخصوص فكامل عثمان لم يوافق على إيجاب الوزارة ولكنه أضاف شروطاً تعدل فيه وتخرج به إلى كيان جديد الأمر الذي يقطع بأنه لم يقبل توريد الجامكسان مسحوقاً على صورة تجعله ينفذ من منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة وإنما قبل توريده بشرط أن يكون الجامكسان Fondu أي مصهوراً وقد ترجمها خطأ بكلمة متمايع وقد أجابت الوزارة على هذا العرض المبتدأ بقبولها له قبولاً مجرداً عن التحفظات ببرقيتها المؤرخة 12 من إبريل سنة 1951 والتي ذكرت فيها ما نصه حرفياً "عطاؤكم مناقصة 24 مارس الماضي قبل عن توريد 40 طناً جامكسان والتفصيل بالبريد، وبهذا تم التعاقد بين الطرفين ومن ثم فعقد التوريد قد تم في الإطار الذي حدده كامل عثمان في إيجابه الموجه إلى الوزارة في 24 من مارس سنة 1951 والمشار إليه آنفاً ولا يقدح في ذلك ما تدفع به الوزارة من أن كامل عثمان قد أرفق مع العطاء المقدم منه في خطابه المؤرخ 24 من مارس سنة 1951 سالف الذكر مناقصة الجامكسان موضوع النزاع المتضمن أن يكون الجامكسان مسحوقاً يمر من منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة مما يفيد قبوله لشروط المناقصة وأنه أي كامل عثمان قد وقع على كشف مؤرخ 14 من إبريل سنة 1951 يتضمن أن الجامكسان موضوع الدعوى مسحوق يمر من منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة وأورد الحكم عبارات الخطاب... ذلك أن كامل عثمان لم يقبل الشروط التي وضعتها الوزارة في مناقصتها بل أضاف إليها شرطاً يعدل في شروط المناقصة وهو أنه لا يقبل توريد الجامكسان مسحوقاً على صورة تجعله ينفذ من منخل عدد ثقوبه 300 ثقب في البوصة المربعة وفقاً لشروط الوزارة وإنما يقبل التوريد على أن يكون الجامكسان - Fondu أي مصهوراً وقد ترجمها خطأ بكلمة "متمايع".. ثم قال الحكم "إن كامل عثمان قال في الخطاب المكتوب بخط اليد والمؤرخ 24 من مارس سنة 1954 أنه يرفق مناقصة الجامكسان حسب شروط المناقصة مع الشروط الآتية: (أولاً) أن يكون الجامكسان متمايعاً - Fondu يحتوي على 13% جاما - الأمر الذي يقطع بأنه لم يقبل الشروط التي وضعتها الوزارة في مناقصتها من أن يكون الجامكسان مسحوقاً يمر 95% منه من منخل عدد ثقوبه 300 في البوصة المربعة وإلا لما كان هناك حاجة إلى التنويه بأنه يقبل توريد الجامكسان بشرط أن يكون Fondu متمايعاً - هذا إلى أن الكشف الأول وهو كشف مطبوع من الوزارة قد أرفق به كامل عثمان كشفاً حرص على أن يكتبه بخط اليد بين فيه أنه يقبل توريد الجامكسان بشرط أن يكون Fondu متمايعاً فكان هذا دالاً بذاته على أن ما ورد بالكشف المطبوع من شروط تخالف العطاء الذي تقدم به كامل عثمان يعتبر منسوخاً - ومضى الحكم قائلاً "ومن حيث إنه فيما يتعلق بالكشف المؤرخ 14 من إبريل سنة 1951 والموقع عليه من الطرفين والذي تستند إليه الوزارة في أن كامل عثمان قد ارتضى أن يورد الجامكسان مسحوقاً ومتمايعاً - فإنه يبين من مطالعة هذا الكشف أنه قد ذكر في صدره ما يأتي حرفياً "اسم الصنف جامكسان متمايع Fondu" ثم ورد في ذيل هذا الكشف "يجب أن يكون الجامكسان مسحوقاً ناعماً بحيث إن 95% منه تمر من منخل عدد ثقوبه 300 في البوصة المربعة" وهذا الشرط الأخير فضلاً عن أنه يتعارض مع ما ورد في صدر هذا الكشف فإن كامل عثمان سبق أن رفضه أصلاً بعطائه المكتوب بخط اليد والمؤرخ 24 من مارس سنة 1951 والذي حرص فيه أن يذكر بأن الجامكسان الذي يتقدم بتوريده Fondu متمايع وأن هذا العرض المبتدأ من جانب كامل عثمان قد صادف قبولاً مطابقاً له من الوزارة ببرقيتها المؤرخة 12 من إبريل سنة 1951 وفق ما سلف بيانه" هذا وقد وقع تناقض بين العبارتين الواردتين في هذا الكشف عن صنف الجامكسان إذ "أنه ورد في صدره أن الصنف Fondu متمايع وورد في ذيله أنه مسحوق بحيث يمر 95% منه من منخل عدد ثقوبه 300 في البوصة المربعة" والقاعدة أنه إذا قام التناقض بين عبارتين اجتهد القاضي في التوفيق بينهما فلو أمكن إعمال العبارتين معاً فعل - فإذا كان التناقض يستعصى معه الجمع بين العبارتين على أية صورة اختار القاضي العبارة التي يظهر له أن المتعاقدين كانا يريدانها دون الأخرى - وقد تبين من تقرير الدكتور عبد العزيز فتحي مدير مصنع الـ د. د. ت الحكومي بقسم إبادة الحشرات بوزارة الصحة الذي قدمه للمحكمة في القضية رقم 411 لسنة 1953 مستعجل مصر المنضمة إلى ملف هذه الدعوى أن كلمة Fondu بالفرنسية معناها بالعربية مصهوراً وذلك عند استعمالها كاصطلاح كيماوي - وأن مادة الجامكسان غير متمايعة ولا يمكن أن تكون متمايعة وأن الجامكسان يكون مصهوراً وفي الوقت نفسه يكون على هيئة مسحوق ناعم فهذا ما لم تنتجه الصناعة حتى الآن ومن ثم فلا مجال لإعمال كلمتي مسحوق ومتمايع لأن مادة الجامكسان غير متمايعة ولذلك لا مجال لإعمال كلمتي مسحوق ومنصهر فهما نقيضان على ما سلف ومن ثم وجب البحث في أي العبارتين فقد اتجهت إرادة المتعاقدين إلى اختيارها - ومن المتفق عليه أن للمحكمة في تقرير ما ترى أنه مقصود العاقدين أن تستعين بظروف الدعوى وملابساتها وما قد يكون قد تقدم العقد المتنازع عليه من اتفاقات عن موضوع التعاقد ذاته" وبعد أن أورد الحكم وقائع الدعوى والظروف التي لابستها خلص إلى القول بأن إرادة المتعاقدين قد تلاقت عند توريد جامكسان مصهور وليس ناعماً وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ويتضمن الرد الكافي على جميع ما أثارته الطاعنة أمام محكمة الموضوع في شأن الصفة الواجب توافرها في مادة الجامكسان التي تم التعاقد بين الطرفين على توريدها ذلك أن العطاء الذي تقدم به المطعون ضده وقد تضمن شروطاً أخرى أضافها إلى شروط المناقصة من بينها أن المادة التي يقبل توريدها هي جامكسان متمايع Fondu فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن الشرط الوارد فيما يختص بأن يكون الجامكسان مسحوقاً ناعماً يمر 95% منه من منخل عدد ثقوبه 300 في البوصة المربعة وأعمل الشرط الذي أضافه المطعون ضده بعطائه في هذا الشأن وذلك بعد أن تبين للحكم استحالة الجمع بين الوصفين في مادة الجامكسان فإنه لا يكون قد خالف القانون ذلك أن طرح الوزارة الطاعنة صفقة الجامكسان في المناقصة على أساس الشروط الواردة في قائمة الاشتراطات لا يعتبر قانوناً إيجاباً منها وإنما هو مجرد دعوة إلى التعاقد أما الإيجاب فقد صدر من المطعون ضده بتقدمه بعطائه بالشروط المبينة فيه وإذ كانت الوزارة الطاعنة قد قبلت هذا الإيجاب في حدود أربعين طناً بغير تحفظ وذلك بالبرقية التي أرسلتها إلى المطعون ضده في 12 من إبريل سنة 1951 وكان تنويهها في هذه البرقية بأن "التفصيل بالبريد" لا يمنع من انعقاد العقد على أساس الإيجاب الصادر من المطعون ضده ما دام الخطاب المتضمن هذا التفصيل لم يصل إلى المطعون ضده قبل وصول البرقية بل ولم يصل إليه أبداً بإقرار الطاعنة، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد أعملت سلطتها في تفسير الغموض الذي نشأ بسبب ورود وصفين متناقضين للجامكسان هما Fondu ومسحوق ناعم في الإيجاب الصادر من المطعون ضده والذي قبلته الوزارة وتم العقد على أساسه وأخذت المحكمة بالمعنى الذي رأت أن إرادة الطرفين قد انصرفت إليه مستهدية في ذلك بظروف الدعوى وملابسات التعاقد وكان هذا التفسير الذي انتهت إليه المحكمة ليس فيه خروج على المعنى الظاهر لعبارات العقد ولا مسخ لإرادة المتعاقدين خلافاً لما تزعمه الطاعنة وقد بينت المحكمة الاعتبارات التي أدت بها إلى تغليب المعنى الذي أخذت به وهي اعتبارات معقولة مؤدية إلى ما انتهت إليه المحكمة سيما وأن المادة 151 من القانون المدني توجب تفسير الشك لمصلحة المدين وهو هنا المطعون ضده الملتزم - لما كان ما تقدم، وكان استظهار نية المتعاقدين مسألة موضوعية لا تدخل فيها لمحكمة النقض ما دامت الاعتبارات التي استندت إليها محكمة الموضوع مقبولة وكان لتلك المحكمة السلطة المطلقة في تفسير صيغ العقود والشروط المختلف عليها واستجلاء ما غمض فيها بما تراه أوفى إلى مقصود المتعاقدين - لما كان ما تقدم، وكانت ورقة 14 من إبريل سنة 1956 لم تأت بجديد ولم تتضمن تعديلاً لما تم التعاقد عليه بين الطرفين كما قرر الحكم المطعون فيه بحق، فإن النعي بجميع ما تضمنه يكون على غير أساس.


(1) راجع نقض 9/ 1/ 1964 مجموعة المكتب الفني س 15 ص 68.

الطعن 190 لسنة 32 ق جلسة 24 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 98 ص 723

جلسة 24 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

----------------

(98)
الطعن رقم 190 لسنة 32 القضائية

(أ) تسجيل. "تسجيل صحيفة دعوى إثبات التعاقد". دعوى. "دعوى صحة التعاقد".
تسجيل صحيفة دعوى المشتري قبل البائع بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما بشأن بيع عقار ثم التأشير بمنطوق الحكم الصادر بصحة التعاقد على هامش تسجيل الصحيفة. من شأن ذلك أن يجعل حق المشتري - الذي تقرر بالحكم - حجة على من ترتبت له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى. تسجيل الطاعن عقده الصادر إليه عن ذات العقار من نفس البائع لا يحاج به المشتري الآخر الذي سجل صحيفة دعواه قبل تسجيل الطاعن ولا يحول هذا التسجيل الأخير دون الحكم للمشتري بصحة ونفاذ عقده.
(ب) شيوع. "تصرف الشريك على الشيوع".
تصرف الشريك في حصة شائعة نافذ في مواجهة شركائه دون حاجة لموافقتهم.
(ج) صورية. "صورية تاريخ العقد". "أثرها".
صورية تاريخ العقد صورية نسبية تنصب على التاريخ وحده فلا تتعداه إلى العقد ذاته. مثال لعدم جدوى الطعن بصورية تاريخ عقد.
(د) تسجيل. "المفاضلة بين المشترين المتزاحمين".
مناط المفاضلة بين المشترين في حالة تزاحمهم هو السبق في التسجيل. الأسبق تسجيلاً يفضل على سائر المشترين ولو كان متواطئاً مع البائع على الإضرار بحقوق الغير.

------------------
1 - مفاد نصوص المادتين 15 و17 من القانون رقم 114 لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري أن تسجيل صحيفة الدعوى التي يرفعها المشتري على البائع بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما بشأن بيع عقار ثم التأشير بمنطوق الحكم الصادر بصحة التعاقد على هامش تسجيل الصحيفة من شأنه أن يجعل حق المشتري الذي - تقرر بالحكم - حجة على من ترتبت له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى فإذا كانت المطعون ضدها الأولى قد سجلت صحيفة دعواها بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لها من المطعون ضده الثاني قبل تسجيل عقد الطاعن الصادر إليه من ذات البائع فإنها لا تحاج بهذا التسجيل الأخير ومن ثم فلم تنتقل الملكية به إلى الطاعن بالنسبة لها ولا يحول هذا التسجيل دون أن يحكم لها بصحة ونفاذ عقدها حتى إذا ما أشر بهذا الحكم وفق القانون كان حجة على الطاعن.
2 - تصرف الشريك في حصة شائعة نافذ في مواجهة شركائه دون حاجة إلى موافقتهم طبقاً لنص المادة 826/ 1 من القانون المدني.
3 - صورية تاريخ العقد صورية نسبية تنصب على التاريخ وحده فلا تتعداه إلى العقد ذاته. فإذا كان الحكم قد أقام قضاءه بصحة ونفاذ العقد على أسبقية تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى على تاريخ تسجيل عقد الطاعن ولم يعول على تاريخ عقد المدعي فإن صورية تاريخ هذا العقد لا أثر لها في الدعوى.
4 - مناط المفاضلة بين المشترين في حالة تزاحمهم هو السبق في التسجيل فالأسبق تسجيلاً يفضل على سائر المشترين ولو كان متواطئاً مع البائع على الإضرار بحقوق الغير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدها الأولى رفعت على المطعون ضده الثاني الدعوى رقم 453 سنة 1956 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المبرم بينهما في 12 من أغسطس سنة 1956 قائلة في تبيان دعواها إنه بموجب العقد المذكور باع لها المطعون ضده الثاني 5 ط و6 س شيوعاً في 24 قيراطاً في أرض ومباني العقار البالغ مساحته 1530 متراً والمبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والعقد نظير ثمن قدره ثمانمائة جنيه قبض منه مبلغ ستمائة وخمسين جنيهاً عند تحرير العقد الابتدائي والباقي وقدره مائة وخمسون جنيهاً اتفق على أن تقوم المشترية بدفعه عند التوقيع على العقد النهائي ولما لم يقم المطعون ضده الثاني بتقديم المستندات اللازمة لتحرير العقد النهائي فقد اضطرت المطعون ضدها الأولى إلى رفع هذه الدعوى طالبة الحكم بالطلبات المنوه عنها وسجلت صحيفة هذه الدعوى في 4 من سبتمبر سنة 1956 ثم أودعت خزانة المحكمة بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1956 باقي الثمن وبجلسة 5 من نوفمبر سنة 1956 تدخل الطاعن في الدعوى طالباً قبوله خصماً ثالثاً مؤسساً طلبه على أنه بموجب عقد مؤرخ 24 من أكتوبر سنة 1956 ومسجل في 8 من نوفمبر سنة 1956 تحت رقم 8618 اشترى من السيدة اجلال أحمد عبد المجيد وأحمد جلال علي وآخرين 18 ط و18 س من 24 قيراطاً شيوعاً في أرض وبناء العقار الوارد بعقد المطعون ضدها الأولى نظير ثمن قدره ثلاثة آلاف وستمائة جنيه وأن القدر المبيع للمطعون ضدها الأولى يدخل في المساحة الواردة بعقد الطاعن وانتهى إلى طلب عدم قبول دعوى المطعون ضدها الأولى لانعدام مصلحتها فيها. ومحكمة الزقازيق الابتدائية قضت في 15 من نوفمبر سنة 1960:
(أولاً) بقبول فتحي عبد الهادي الضاحي (الطاعن) خصماً ثالثاً في الدعوى. (ثانياً) برفض الدفع المبدى من الخصم الثالث بعدم قبول دعوى المدعية (المطعون ضدها الأولى) لانعدام المصلحة. (ثالثاً) بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المدعى عليه (المطعون ضده الثاني) للمدعية (المطعون ضدها الأولى) والمؤرخ 12 من أغسطس سنة 1956 عن بيع الـ 5 ط 6 س من 24 قيراطاً شيوعاً في كامل أرض وبناء العقار الكائن ببندر الزقازيق البالغ مساحته 1530 متراً مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والعقد نظير ثمن قدره ثمانمائة جنيه - مؤسسة قضاءها على أن الطاعنة وقد سجلت صحيفة دعواها قبل تسجيل عقد الطاعن فإنها لا تحاج بهذا العقد. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 52 سنة 4 قضائية ومحكمة استئناف الزقازيق قضت في 12 من مارس سنة 1962 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها برفض الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه رتب على تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد أثراً لا يترتب على ذلك التسجيل إلا بعد تسجيل الحكم الصادر في تلك الدعوى بصحة التعاقد إذ أن تسجيل هذا الحكم الأخير هو الذي ينسحب به أثره إلى تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى - وإذ لم يكن قد صدر حكم بصحة عقد البيع الصادر للمطعون ضدها الأولى من نفس البائع للطاعن حين تقدم الطاعن بعقده المسجل فإنه كان يجب إعمال أثر تسجيل هذا العقد الأخير إذ بهذا التسجيل قد انتقلت الملكية إلى الطاعن فلم يعد للبائع له ملكية ينقلها إلى المطعون ضدها الأولى حتى يحكم لها بصحة عقدها ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة ونفاذ عقد المطعون ضدها الأولى قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن القانون رقم 114 لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري بعد أن بين في المادة الخامسة عشرة منه الدعاوى التي يجب تسجيلها ومن بينها دعاوى صحة التعاقد نص في المادة السابعة عشرة منه على أنه "يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها" ومفاد ذلك أن تسجيل صحيفة الدعوى التي يرفعها المشتري على البائع بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما على بيع عقار ثم التأشير بمنطوق الحكم الصادر بصحة التعاقد على هامش تسجيل الصحيفة من شأنه أن يجعل حق المشتري حجة على من ترتبت له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى ولما كانت المطعون ضدها الأولى قد سجلت صحيفة دعواها بتاريخ 4 من سبتمبر سنة 1956 قبل تسجيل عقد الطاعن في 8 من نوفمبر سنة 1956 والصادر من ذات البائع فإنها لا تحاج بهذا التسجيل الأخير ومن ثم فلم تنتقل الملكية به إلى الطاعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى وبذلك فلا يحول هذا التسجيل دون أن تحكم للمطعون ضدها بصحة ونفاذ عقدها حتى إذا أشر بهذا الحكم وفق القانون يكون حجة على الطاعن وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضدها الأولى بصحة ونفاذ عقدها لا يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب لعدم تمحيصه دفاعه والرد عليه ذلك أن الطاعن تمسك في صحيفة استئنافه بصورية عقد بيع المطعون ضدها الأولى مطلقة وساق في الأسباب الرابع والخامس والسادس من أسباب الاستئناف الأدلة على تلك الصورية مظهراً استعداده لإثباتها بكافة طرق الإثبات لكن الحكم المطعون فيه اكتفى في الرد على هذا الدفاع بأنه من قبيل القول المرسل غير المؤيد بدليل فجاء بذلك مشوباً بالقصور ومخلاً بدفاع الطاعن - كما أن الحكم إذ لم يجب طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات تلك الصورية يكون قد أغفل دفاعه مما يجعله باطلاً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعن في سبيل تأييد ما ادعاه من صورية عقد المطعون ضدها الأولى قرر في السبب الرابع من أسباب الاستئناف أن المطعون ضدها الأولى لم تضع يدها على القدر المبيع منذ شرائها وقد رد الحكم على ذلك مقرراً أن عدم وضع يدها على فرض صحته لا يحول دون الحكم لها بصحة ونفاذ عقدها وبذلك يكون الحكم قد رد رداً سليماً على دفاع الطاعن ويكون ما جاء بسبب النعي في هذا الخصوص غير صحيح - أما ما جاء بالسبب الخامس من أسباب الاستئناف عن الصورية وهو أن عقد بيع المطعون ضدها الأولى قد وقع عليه المطعون ضده الثاني البائع لها دون بقية المالكين معه على الشيوع بينما عقده قد وقع عليه المطعون ضده الثاني مع بقية الورثة مما يجعل عقده ذا أثر قانوني دون عقد المطعون ضدها الأولى كما أن أحداً من الشهود لم يوقع على عقد المطعون ضدها الأولى مما يؤكد أن تاريخه صوري - فإنه لما كانت المادة 826/ 1 من القانون المدني تنص على أن "كل شريك على الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً وله أن يتصرف فيها" مما مفاده أن تصرف الشريك في حصة شائعة نافذة في مواجهة شركائه دون حاجة إلى موافقتهم وكانت صورية تاريخ عقد المطعون ضدها الأولى بفرض ثبوتها لا أثر لها في هذه الدعوى ما دام الحكم قد أقام قضاءه بصحة ونفاذ العقد على أسبقية تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى على تاريخ تسجيل عقد الطاعن ولم يعول على تاريخ عقد المطعون ضدها الأولى. هذا إلى أن صورية تاريخ العقد إنما هي صورية نسبية تنصب على التاريخ وحده فلا تتعداه إلى العقد ذاته - لما كان ذلك، فإن هذا الذي ساقه الطاعن بالسبب الخامس من أسباب الاستئناف يكون دفاعاً غير منتج وبالتالي فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه لا يبطله - كذلك فإن ما جاء بالسبب السادس من أسباب الاستئناف وهو أن التأشير على هامش الدعوى حصل بطريق التواطؤ بين المطعون ضده الثاني البائع والمطعون ضدها الأولى بقصد ضياع حقه فإنه دفاع غير منتج أيضاً وذلك لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن مناط المفاضلة بين المشترين في حالة تزاحمهم هو السبق في التسجيل وأن الأسبق تسجيلاً يفضل على سائر المشترين ولو كان متواطئاً مع البائع على الإضرار بحقوق الغير - أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله ما طلبه بهذا السبب من أسباب الاستئناف من إحالة الدعوى إلى التحقيق فمردود بأن الطاعن لم يطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الصورية بل كل ما قرره أنه على استعداد لإثبات الصورية بكافة طرق الإثبات القانونية وهذا لا يعتبر منه طلباً صريحاً جازماً بإحالة الدعوى إلى التحقيق حتى تلتزم المحكمة بإجابته أو بتسبيب قضائها فيه عند رفضه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن محكمة الدرجة الأولى كانت قد ضمت بعض القضايا بناء على طلب الطاعن إلا أنه تبين عند نظر الاستئناف أن تلك القضايا قد سلخت من ملف القضية مما حدا بمحكمة الاستئناف إلى إصدار قرار بضم هذه القضايا لكن هذا القرار لم ينفذ وقد ترتب على ذلك أن فصلت محكمة الاستئناف في الدعوى دون الاطلاع على هذه القضايا، ولما كان لهذه القضايا دلالتها في إثبات ما تمسك به الطاعن أمام تلك المحكمة من صورية عقد المطعون ضدها الأولى صورية مطلقة بحيث لو كانت هذه القضايا تحت نظر المحكمة عند إصدار الحكم المطعون فيه لتغير وجه الرأي في الدعوى مما يعتبر معه عدم ضم هذه القضايا بعد التقرير بضمها إجراء باطلاً أثر في الحكم المطعون فيه. هذا إلى أن محكمة الاستئناف قد استبعدت الحافظة التي قدمها الطاعن والتي كانت تضم صور الأحكام الصادرة في تلك القضايا.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الطاعن لم يقدم إلى هذه المحكمة ما يدل على أن محكمة الاستئناف أصدرت قراراً بضم القضايا التي كان قد طلب ضمها ومن ثم يكون النعي بهذا الشق عارياً عن الدليل ومردود في شقه الثاني بما هو ثابت على الحافظة التي كانت تضم صور تلك الأحكام من أن محكمة الاستئناف استبعدتها لعدم ترخيصها للخصوم بتقديم مستندات في فترة حجز القضية للحكم ومتى كان الأمر كذلك فلا يكون في ذلك الاستبعاد إخلالاً بحق الدفاع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن رقم 2 لسنة 43 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " جلسة 13 / 5 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من مايو سنة 2023م، الموافق الثالث والعشرين من شوال سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 2 لسنة 43 قضائية منازعة تنفيذ

المقامة من
1- عبد الحليم فهمي عبد الحليم رابـــــع
2- سامي فهمي عبد الحليم رابــع
3- مجدي فهمي عبد الحليم رابع
4- فتحية فهمي عبد الحليم رابــع
5- أحمد فتحي فهمي عبد الحليم رابـع عن نفسيهما وبصفتيهما وريثي
6- نيفين فتحي فهمي عبد الحليم رابـع حنان زهدي عبد الغني كيالي
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- وزيـر العـــــدل
4- وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانيـــــــة الجديـــدة
5- مدير إدارة تنفيذ الأحكام القضائية بمحكمة القاهرة الجديدة
6- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية
7- رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
8- رئيس الإدارة المركزية للشئون التجارية والعقارية بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
9- المدير التنفيذي والعضو المنتدب لشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير

-------------------

" الإجراءات "
بتاريخ التاسع من يناير سنة 2021، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بالاستمرار في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما بجلسة 1/ 10/ 1994، في الدعوى رقم 20 لسنة 15 قضائية دستورية، والصادر ثانيهما بجلسة 5/ 5/ 2018، في الدعوى رقم 36 لسنة 38 قضائية تنازع، وعدم الاعتداد بالحكمين الصادرين من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 30/ 4/ 2017، في الدعوى رقم 5629 لسنة 1997 مدني كلي، ومحكمة استئناف القاهرة بجلسة 13/ 1/ 2019، في الاستئنافين رقمي 6684، 7549 لسنة 21 قضائية، وقرار محكمة النقض - في غرفة مشورة - بجلسة 14/ 7/ 2020، في الطعن رقم 4864 لسنة 89 قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وقدمت الشركة المدعى عليها التاسعة مذكرة، طلبت فيها أصليًّا: الحكم بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 11/ 3/ 2023، وفيها أودع المدعون مذكرة صمموا فيها على الطلبات، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

--------------------
" المحكمـــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعـوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعى عليها التاسعة أقامت أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 5629 لسنة 1997 مدني كلي، ضد المدعين الخمسة الأولين، طلبًا للحكم بطردهم من قطعتي الأرض المبينتين بصحيفة الدعوى وتسليم الأرض خالية من الشواغل، على سند من أنه بموجب القرار الجمهوري رقم 193 لسنة 1995، تملكت الشركة المذكورة مساحة 22 كيلو متر مربع بالأراضي الصحراوية داخل كردون مدينة بدر شرق الحزام الأخضر، لامتداد التجمع العمراني - الشروق، وأن المدعين يضعون أيديهم على أجزاء من هذه الأرض، دون سند من القانون وأن يدهم عليها يد غاصب تستوجب ردها. وإبان نظر تلك الدعوى قدم المدعون طلبًا عارضًا بإلزام الهيئة المدعى عليها السادسة (الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية)، بوصفها البائع لقطعة الأرض الأولى، بتعويضهم بما يعادل قيمة ما تم سداده من قيمتها وقت الاستحقاق والفوائد القانونية وتعويضهم عما لحقهم من خسارة وما فاتهم من كسب في هذا الشأن. وبجلسة 30/ 4/ 2017، أصدرت محكمة شمال القاهرة الابتدائية حكمًا بطرد المدعين من قطعتي الأرض محل التداعي وتسليمهما إلى الشركة المدعى عليها التاسعة خالية من الأشخاص والشواغل، وتضمنت أسباب الحكم رفضًا للطلب العارض المقدم من المدعين. وإذ لم يرتض المدعون ذلك الحكم، طعنوا عليه أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقـــمي 6684 و7549 لسنة 21 قضائية. ضمت المحكمة الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد، وقضت بجلســـة 13/ 1/ 2019، بتعديل الحكم المستأنف وذلك بإلغاء ما قضى به بأسبابه من رفض الطلب العارض، والقضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى بشأنه وإحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص، وتأييد الحكم في الدعوى الأصلية. طعن المدعون على الحكم الاستئنافي أمام محكمة النقض بالطعن رقم 4864 لسنة 89 قضائية، فقررت المحكمة بجلسة 14/ 7/ 2020 - في غرفة مشورة - عدم قبول الطعن. وإذ تراءى للمدعين أن الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية، المؤيد استئنافيًّا، وقرار محكمة النقض - في غرفة مشورة - وقد تغاضى عما شاب القرار الجمهوري رقم 193 لسنة 1995 من عوار، لعدم نشر خريطة تحدد النطاق المكاني للأرض التي يسري عليها، إنما يُعد عقبة في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا، الصادر أولهما بجلسة 1/ 10/ 1994، في الدعـوى رقــم 20 لسنة 15 قضائية دستورية، والآخر بجلسة 5/ 5/ 2018، في الدعوى رقم 36 لسنة 38 قضائية تنازع، فيما تضمناه من أن عدم نشر خريطة تعيين الحدود التي تبين النطاق المكاني المرفقة بالقرار تفقده محل التنفيذ، وأن الاختصاص الولائي في المنازعات المتعلقة بالقانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، ينعقد لمحاكم مجلس الدولة وليس للمحاكم المدنية، مما تكون معه الأحكام الصادرة في النزاع الموضوعي عقبة تحول دون جريان آثار حكمي المحكمة الدستورية العليا السالف بيانهما، فقد فأقاموا الدعوى المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن التنفيذ لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. فمن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعــة التي تتوخـى فـي ختام مطافها إنهـاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها كاملة، في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق
- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- قد حالت فعلاً أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسناد هذه العوائق إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخصومة في الدعوى الدستورية، وهي بطبيعتها من الدعاوى العينية، قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور، تحريًّا لتطابقها معها إعلاءً للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، ويقتصر نطاق الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك الدعوى على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصـوص، حتـى لــو تطابقت في مضمونهـا، كمـا أن قــوة الأمـر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به من الأسباب اتصالاً حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة قد قضت بجلسة 1/ 10/ 1994، في الدعوى رقم 20 لسنة 15 قضائية دستورية بعدم دستورية المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 450 لسنة 1986 بإنشاء محميات طبيعية بمنطقة جبل علبة بالبحر الأحمر، وذلك فيما تضمنته من عدم تعيين الحدود التي تبين النطاق المكاني لتلك المحميات، ونُشر ذلك الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (42) بتاريخ 20/ 10/ 1994. وكان حكما محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ومحكمة استئناف القاهرة، وقرار محكمة النقض المشار إليها-، قد خلصت إلى أن أطيان النزاع تقع ضمن أملاك الشركة المدعى عليها التاسعة، المخصصة لها بموجب القرار الجمهوري رقم 193 لسنة 1995، وأن وضع يد المدعين على قطعة الأرض الأولى منها لم يقترن باستصلاحها واستزراعها حتى صدور القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه، وأن قطعة الأرض الثانية قد نص عقد بيعها - في البند السابع منه - على انتهائه خلال خمس سنوات إذا ما لزم أي جهة حكومية تلك الأطيان، وهو ما تحقق بالقرار الجمهوري السالف البيان، مما مؤداه أن أيَّا من تلك الأحكام الثلاثة، لم يستند في قضائه إلى قرار مجلس الوزراء رقم 450 لسنة 1986 المشار إليه، المقضي بعدم دستوريته في الدعوى رقم 20 لسنة 15 قضائية دستورية، وبهذه المثابة لا تُعد تلك الأحكام مصادمة لحكم المحكمة الدستورية العليا المار ذكره، لكونها منبتة الصلة به، ومن ثم لا تشكل عقبة في تنفيذه، وهو ما لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، الأمر الذى تضحى معه الدعوى المعروضة في هذا الشق منها قمينة بعدم القبول.
وحيث إن ما أثاره المدعون من مناعٍ بشأن ما قضى به حكم محكمة استئناف القاهرة - المصور عقبة في التنفيذ - في أسبابه من التفاته عن دفعهم بعدم دستورية القرار الجمهوري رقم 193 لسنة 1995، أو مخالفته وحكم محكمة شمال القاهرة الابتدائية وقرار محكمة النقض - في غرفة مشورة - لنصوص القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري ولائحته التنفيذية، والقانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، والقانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، إنما ينحل - في حقيقته - إلى طعن في تلك الأحكام، تنحسر عنه ولاية هذه المحكمة، التي تباشرها وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إن الحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، على ما جرى به نص المـادة (195) من الدستور، إنما تلحَق - نطاقًـا - بما قد تتضمنه هذه الأحكام، من تقريرات دستورية، تعرض لنصوص - بذاتها - من الوثيقة الدستورية، لها محل من الإعمال على وقائع النزاع الموضوعي، ومؤدية - لزومًا - إلى الفصل في موضوعه، بما يعكس بيان هذه المحكمة لمؤدى تلك النصوص الدستورية، وإفصاحها عن دلالتها، فيكون إلزامها للكافة وجميع سلطات الدولة، بما أقرته في شأنها مـن مفاهيم متعينًا. ولا كذلك الحال بالنسبة لغيرها من عناصر الحكم في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، التي تقضي المحكمة الدستورية العليا في أولاها بوصفها محكمة تنازع، وفى الأخرى باعتبارها قضاء تنفيذ، وذلك دون إخلال بثبوت قوة الأمر المقضي فيه لمنطوق الحكم الصادر في أي من تلك الدعاوى، والأسباب المرتبطة به ارتباطًــا حتميًّــا، قِبل أطراف خصومة الموضوع، وفى مواجهة جميع المخاطبين بتنفيذه وإعمال آثاره.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 5/ 5/ 2018، في الدعوى رقم 36 لسنة 38 قضائية تنازع، بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادي، طبقًا لقواعد توزيع الاختصاص الولائي بين جهات القضاء المختلفة، وذلك على سند من اعتبار العقد محل دعوى التنازع المشار إليها من العقود الإدارية التي يدخل الفصل في المنازعات المتعلقة بها في الاختصاص الولائي المقرر لجهة القضاء الإداري، وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 19 مكرر ( ب ) بتاريخ 13/ 5/ 2018.
وحيث إن البين من مطالعـة مدونـات حكـم هـذه المحكمـة المشـار إليــه - والمنازع في تنفيذه - عدم انطوائها على تقرير دستوري توافرت في شأنه شرائط الاحتجاج به في غير دعوى التنازع التي صدر فيها، وكانت الخصومة القضائية في الأحكام المصورة عقبة في التنفيذ تستقل بموضوعها وأطرافها عن الحكم المنازع في تنفيذه، ولا تتعدى إلى سواه، وتبعًــا لذلك فإن الأحكام الموضوعية الثلاثة المتقدم بيانها، لا تُعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المار ذكره. الأمر الذى يتعين معه، لما تقدم جميعه، القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 166 لسنة 32 ق جلسة 24 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 96 ص 701

جلسة 24 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.

-----------------

(96)
الطعن رقم 166 لسنة 32 القضائية

(أ) أمر أداء. قانون. "سريان القانون من حيث الزمان". دعوى. "طريقة رفعها".
نظام أوامر الأداء جوازي في ظل قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 265 لسنة 1953 الذي جعله وجوبياً. رفع الدعوى قبل تاريخ العمل بالقانون المذكور. سريان أحكام قانون المرافعات قبل تعديله عليها ولو كانت الدعوى قد قيدت بجدول المحكمة بعد تاريخ العمل بذلك القانون. العبرة بتاريخ رفعها بإعلان الخصم بورقتها، لا بتاريخ قيدها في جدول المحكمة. القيد إجراء لاحق لإعلان صحيفة الدعوى وبالتالي لرفعها.
(ب) اختصاص. "اختصاص نوعي". "اختصاص محلي". نظام عام.
مقتضى اتفاق الطرفين على جعل الاختصاص لمحكمة عابدين هو نقل الاختصاص المحلي من محكمة المدعى عليه - وفقاً للقواعد العامة - إلى محكمة المدعي المختصة بحسب قيمة النزاع. اتفاق جائز قانوناً. صيرورة الاختصاص لمحكمة القاهرة الابتدائية باعتبارها قد حلت محل محكمة عابدين المتفق على اختصاصها بعد صدور قانون المرافعات وجعله الاختصاص النوعي من النظام العام.
(ج) خبير. بطلان. نقض. "أسباب الطعن".
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بالبطلان الذي يدعيه لعدم إعلانه بحكم ندب خبير. عدم قبول التحدي بهذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض.

----------------
1 - متى كانت الدعوى قد رفعت قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 265 لسنة 1953 الذي جعل استصدار أوامر الأداء لاستيفاء الديون الثابتة بالكتابة وجوبياً فإنه يسري على رفع تلك الدعوى الأحكام المنصوص عليها في قانون المرافعات - قبل تعديله بالقانون الآنف ذكره - ومن ذلك أن نظام أوامر الأداء جوازي للدائن، ولا يؤثر في ذلك أن تكون الدعوى قد قيدت بجدول المحكمة بعد تاريخ العمل بذلك القانون لأن العبرة بتاريخ رفعها بإعلان الخصم بورقتها لا بتاريخ قيدها في جدول المحكمة ذلك أن هذا القيد إجراء لاحق لإعلان صحيفتها وبالتالي لرفعها.
2 - ما قرره الحكم من أنه يترتب على صدور قانون المرافعات وجعله الاختصاص النوعي من النظام العام أن يصبح الاختصاص لمحكمة القاهرة الابتدائية باعتبارها قد حلت محل محكمة عابدين الجزئية المتفق على اختصاصها أصلاً لا مخالفة فيه للقانون لأن مقتضى اتفاق الطرفين على جعل الاختصاص لمحكمة عابدين (محكمة المدعي) هو نقل الاختصاص المحلي من محكمة المدعى عليه كما تقضي بذلك القواعد العامة إلى محكمة المدعي المختصة بحسب قيمة النزاع وهو اتفاق جائز سواء في ظل قانون المرافعات القائم أو الملغي.
3 - إذا كان الثابت أن الطاعن قد حضر أمام محكمة الاستئناف بالجلسة التالية لصدور الحكم بندب الخبير ولم يثر أمام محكمة الموضوع البطلان الذي يدعيه لعدم إعلانه بهذا الحكم فإنه لا يقبل منه التحدي بهذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعن الدعوى رقم 3196 سنة 1953 مدني كلي القاهرة بصحيفة أعلنت في 20 من مايو سنة 1953 وطلبوا إلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 726 ج و455 م والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد وقال المطعون ضدهم في بيان هذه الدعوى إنه بموجب عقد إيجار محرر في الأول من يناير سنة 1948 استأجر منهم الطاعن 20 فداناً لمدة سنة تنتهي في آخر أكتوبر سنة 1948 بأجرة سنوية قدرها عشرون جنيهاً للفدان الواحد وظل العقد يتجدد حتى أول أكتوبر سنة 1950 حيث تم الاتفاق على أن تكون الأجرة بواقع ثلاثين جنيهاً واستمر العقد يتجدد بعد ذلك بهذه الأجرة حتى نهاية سنة 1951/ 1952 الزراعية - وإذ كان الطاعن لم يقم بوفاء الأجرة في موعدها فاستحق في ذمته للمطعون ضدهم المبلغ المطالب به منه مبلغ 326 ج و455 م قيمة المتأخر من الإيجار حتى سنة 1950/ 1951 الزراعية والباقي أجرة السنة التالية - فقد أقاموا عليه الدعوى الحالية بطلب المبلغ المتأخر مع فوائده - دفع الطاعن بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى لأنه يقيم في دائرة محكمة طنطا الابتدائية وفي 9 من مايو سنة 1954 قضى برفض الدفع وباختصاص محكمة القاهرة الابتدائية - وفي الموضوع دفع الطاعن بتخالصه من دين الأجرة بمقتضى مخالصة قدمها مؤرخة 26 من نوفمبر سنة 1952 وإذ أنكرت المطعون ضدها الأولى توقيعها عليها فقد ندبت المحكمة قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لتحقيق التوقيع بالمضاهاة وقدم الخبير الذي عينته المحكمة تقريراً انتهى فيه إلى أن التوقيع المطعون عليه مزور. وبتاريخ 25 من مايو سنة 1958 قضت المحكمة المذكورة برد وبطلان تلك المخالصة وحددت لنظر الموضوع جلسة 15 من يونيه سنة 1958 ثم حكمت في 26 من أكتوبر سنة 1958 للمطعون ضدهم بطلباتهم - استأنف الطاعن هذه الأحكام الثلاثة لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1268 سنة 57 ق طالباً القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني مع تمسكه بعدم اختصاص محكمة القاهرة الابتدائية محلياً بنظر الدعوى وطلب من باب الاحتياط القضاء برفض الدعوى موضوعاً - وبتاريخ 29 من يناير سنة 1962 قضت محكمة الاستئناف برفض الدفعين بعدم قبول الدعوى وبعدم اختصاص محكمة القاهرة الابتدائية محلياً وباختصاصها وقبل الفصل في الموضوع بندب ثلاثة خبراء لإجراء التحقيق بالمضاهاة وقدرت لهم أمانة قدرها ثلاثون جنيهاً ألزمت الطاعن بإيداعها خزانة المحكمة خلال أسبوعين ولما لم يقم الطاعن بإيداعها قضت في 26 من فبراير سنة 1962 بسقوط حقه في التمسك بالحكم سالف الذكر وبرفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق المنصوص عليها في المادة 851 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 265 سنة 1953 استناداً إلى أن الدعوى قد رفعت في 20 من مايو سنة 1953 أي قبل تاريخ العمل بالقانون المشار إليه الذي جعل استصدار أوامر الأداء بالديون الثابتة بالكتابة وجوبياً ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون ذلك أنه متى كانت الدعوى قد قيدت بعد العمل بالقانون رقم 265 سنة 1953 فيكون رفع الدعوى في هذه الحالة خاضعاً لأحكامه إذ لا يترتب على مجرد إعلان الدعوى قبل العمل بذلك القانون اعتبار أن الإجراءات قد تمت في ظل القانون الملغي فلا تمتد إليها طائلة القانون الجديد لأن هذه الإجراءات لا تتم إلا بقيد الدعوى بجدول المحكمة - وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن دعوى المطعون ضدهم رفعت في 20 من مايو سنة 1953 قبل يوم 28 من مايو سنة 1953 تاريخ العمل بالقانون رقم 265 سنة 1953 الذي جعل استصدار أوامر الأداء لاستيفاء الديون الثابتة بالكتابة وجوبياً ومن ثم فإنه يسري على رفع تلك الدعوى الأحكام المنصوص عليها في قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون الآنف ذكره ولا يؤثر في ذلك كون الدعوى قد قيدت بجدول المحكمة بعد تاريخ العمل بذلك القانون لأن العبرة بتاريخ رفعها لا بتاريخ قيدها في الجدول ورفع الدعوى إنما يكون بإعلان الخصم بورقتها لا بقيدها بجدول المحكمة إذ أن هذا القيد إجراء لاحق لإعلان صحيفتها وبالتالي لرفعها ولما كان إعلان الدعوى قد تم قبل العمل بالقانون رقم 265 لسنة 1953 فيكون رفعها خاضعاً لحكم المادة 851 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 265 سنة 1953 المشار إليه - وإذ كان نظام أوامر الأداء جوازياً للدائن قبل العمل بهذا القانون فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على هذا الأساس لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم اختصاص محكمة القاهرة الابتدائية بنظر الدعوى لأنه يقيم بدائرة محكمة طنطا وقد رفض الحكم هذا الدفع تأسيساً على ما قاله من أن المتعاقدين قد اتفقا في عقد الإيجار المؤرخ أول يناير سنة 1948 والذي نشأت به العلاقة الإيجارية بينهما على اختصاص محكمة عابدين الجزئية بنظر ما ينشأ عنه من منازعات وأن هذا الاتفاق جائز طبقاً لقانون المرافعات الملغي الذي تم العقد في ظله وأنه إذ كان قانون المرافعات القائم قد جعل قواعد الاختصاص النوعي من النظام العام فإن الاختصاص ينتقل إلى المحكمة التي حلت محل محكمة عابدين الجزئية نوعياً وهي محكمة القاهرة الابتدائية ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم ينطوي على مخالفة للثابت في الأوراق ذلك أن عقد الإيجار المحرر في أول يناير سنة 1948 ليس هو الذي أنشأ العلاقة بين الطرفين كما ذهب إلى ذلك الحكم إذ يبين من كشف الحساب المقدم من المطعون ضدها الأولى المؤرخ أول يناير سنة 1952 والذي يحكم العلاقة بين الطرفين أنه تضمن حساب إيجار المدة من سنة 1943 حتى 50/ 1951 مما يفيد أن العلاقة الإيجارية لم تنشأ بين الطرفين بمقتضى عقد الإيجار المذكور لأنها سابقة عليه كما أن هذه العلاقة لم تستمر طبقاً لذلك العقد وإنما استمرت استناداً إلى عقد إيجار آخر حرر عن 1951/ 1952 زيدت فيه أجرة الفدان إلى ثلاثين جنيهاً - كذلك يعيب الطاعن على الحكم الخطأ في القانون قولاً منه بأن الدعوى وقد رفعت في ظل قانون المرافعات القائم الذي ترتب عليه إلغاء الشرط الوارد في عقد الإيجار بشأن الاختصاص فإن هذا الشرط يصبح هو والعدم سواء وإذ أعمل للحكم هذا الشرط فإنه يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير صحيح ذلك أنه لما كان الطاعن قد أقر بتوقيعه على عقد إيجار أول يناير سنة 1948 والذي اعتبر الحكم المطعون فيه أنه يحكم العلاقة الإيجارية بين الطرفين ولم يقدم الطاعن دليلاً على ما ادعاه من وجود عقد آخر بحكم تلك العلاقة ويتضمن نصاً في شأن الاختصاص يختلف عن النص الوارد بالعقد الذي استند إليه الحكم وليس في كشف الحساب المحرر بين الطرفين في أول يناير سنة 1952 والذي يستند إليه الطاعن ما يعدل في الاختصاص المتفق عليه في عقد الإيجار المذكور لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق لاعتداده بالاتفاق الوارد في هذا العقد بشأن الاختصاص يكون على غير أساس - والنعي مردود في شقه الثاني بأن ما قرره الحكم من أنه يترتب على صدور قانون المرافعات وجعله الاختصاص النوعي من النظام العام أن يصبح الاختصاص لمحكمة القاهرة الابتدائية باعتبارها قد حلت محل محكمة عابدين الجزئية المتفق على اختصاصها أصلاً لا مخالفة فيه للقانون لأن مقتضى اتفاق الطرفين على جعل الاختصاص لمحكمة عابدين هو نقل الاختصاص المحلي من محكمة المدعى عليه كما تقضي بذلك القواعد العامة إلى محكمة المدعي المختصة بحسب قيمة النزاع - وهذا الاتفاق جائز سواء في ظل قانون المرافعات القائم أو الملغي.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد خالف قواعد الاختصاص النوعي إذ قضى باختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى بالنسبة للطلب الخاص بمتأخر الإيجار حتى نهاية سنة 1951 لأن المطعون ضدهم قد استندوا في المطالبة به إلى كشف الحساب المؤرخ في أول يناير سنة 1952 وهو يتضمن حساب متأخر الإيجار عن كل سنة من سنى الإيجار عن المدة من سنة 1943 حتى نهاية سنة 1951 ولم يلتزم فيه الطاعن بوفاء مجموع الأجرة المتأخرة البالغ قدرها 326 ج و455 م حتى تقدر الدعوى بهذا المبلغ كما أن الباقي من إيجار كل سنة على حدتها لا يدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية مما كان يتعين معه على تلك المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها لأن القاعدة القانونية أنه في دعاوى الإيجار تكون المحكمة الجزئية هي المختصة ولو زادت قيمة المدعى به عن نصابها ما دام أن الإيجار السنوي أو ما بقي منه لا يجاوز هذا النصاب.
وحيث إن هذا النعي عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعن إلى محكمة النقض صورة من كشف الحساب الذي أشار إليه أو ما يدل على ما ادعاه من أن قيمة النزاع تدخل في اختصاص المحكمة الجزئية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأخير على الحكم المطعون فيه وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم ذلك أن محكمة الاستئناف قضت في 29 من يناير سنة 1962 وقبل الفصل في الموضوع بندب ثلاثة خبراء لإجراء التحقيق بالمضاهاة وألزمت الطاعن بإيداع أمانة قدرها ثلاثون جنيهاً خلال أسبوعين وحددت لنظر الدعوى في حالة عدم دفع الأمانة جلسة 19 من فبراير سنة 1962 وقد تضمن منطوق حكمها أن على قلم الكتاب إعلان منطوق هذا الحكم إلى من لم يحضر النطق به إلا أن قلم الكتاب لم يقم بإعلان الطاعن بمنطوق ذلك الحكم ومع ذلك فقد حضر الطاعن بوكيل عنه بالجلسة المحددة لنظر الدعوى واستأجل لدفع الأمانة إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وإذ كان إغفال إعلان الطاعن بالحكم القاضي بتعيين الخبراء الثلاثة يعتبر بطلاناً في الإجراءات فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً لابتنائه على إجراءات باطلة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الثابت أن الطاعن قد حضر أمام محكمة الاستئناف بوكيل عنه بجلسة 19 من فبراير سنة 1962 التالية لصدور الحكم بندب الخبراء الثلاثة ولم يثر أمام محكمة الموضوع البطلان الذي يدعيه فإنه لا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين رفض الطعن .

الطعن 136 لسنة 32 ق جلسة 24 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 95 ص 695

جلسة 24 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة: وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وسليم راشد أبو زيد.

-----------------

(95)
الطعن رقم 136 لسنة 32 القضائية

(أ) صورية. "الصورية المطلقة". "أدلة الصورية". إثبات. "الإثبات بالقرائن". حكم. "حجية الأحكام".
اتخاذ الحكم من صورية إجراءات التقاضي التي انتهت بصحة ونفاذ عقد البيع قرينة أضافتها إلى قرائن أخرى دليلاً على صورية العقد صورية مطلقة. ليس في ذلك إهداراً لحق الحكم الصادر في دعوى صحة التعاقد التي لم يكن مدعي الصورية طرفاً فيها. حجية الأحكام مقصورة على أطرافها.
(ب) إثبات. "الإثبات بالقرائن". محكمة الموضوع. نقض.
تقدير مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه من قرائن متى كان استنباطه سائغاً. المجادلة في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة. جدال موضوعي لا يجوز أمام محكمة النقض.

----------------
1 - متى انتهت محكمة الموضوع بأسباب سائغة إلى أن عقد البيع صوري صورية مطلقة ثم اتخذت من صورية إجراءات التقاضي التي انتهت بصدور الحكم القاضي بصحة ونفاذ هذا العقد قرينة أخرى أضافتها إلى القرائن التي دللت بها على صورية العقد فإنها لا تكون قد أهدرت حجية الحكم الصادر في دعوى صحة التعاقد التي لم يكن مدعي الصورية طرفاً فيها إذ أن حجية الأحكام مقصورة على أطرافها.
2 - تقدير القرائن مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه من هذه القرائن متى كان استنباطه سائغاً وإذ كان لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله، فإن المجادلة في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة لا تعدو أن تكون مجادلة موضوعية لا تجوز أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الثانية استصدرت بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1959 أمر أداء بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي لها مبلغ 2300 ج والمصاريف والأتعاب وذلك بموجب شيكين محررين في 2 من سبتمبر سنة 1958 يستحق أولهما في 1/ 9/ 1959 وثانيهما في 9/ 9/ 1959 ثم أعلنت المطعون ضده الأول بتنبيه نزع ملكيته من المنزل رقم 8 بشارع فهمي بمصر الجديدة بتاريخ 7/ 5/ 1960 وسجلت هذا التنبيه في 8/ 5/ 1960 وأودعت بتاريخ 14/ 8/ 1960 قائمة شروط البيع بقلم كتاب محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت دعواها برقم 73 سنة 1960 بيوع كلي القاهرة وحددت جلسة 6/ 10/ 1960 لنظر ما يحتمل تقديمه من اعتراضات على قائمة شروط البيع - وقد اعترضت مصلحة الضرائب المطعون ضدها الثالثة على هذه القائمة وقيد اعتراضها برقم 3840 سنة 1960 مدني كلي القاهرة كما قررت الطاعنة بالاعتراض على القائمة أيضاً وقيد اعتراضها برقم 3839 سنة 1960 مدني كلي القاهرة وأقامت اعتراضها على أسباب شكلية وسبب موضوعي يتحصل في أن المنزل المنفذ عليه مملوك لها إذ باعه لها المدين بعقد محرر في 1/ 12/ 1958 حكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 39 لسنة 1960 مدني كلي الفيوم المسجلة صحيفتها في 15/ 2/ 1960 قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية وقد سجل هذا الحكم في 11/ 6/ 1960 وكان من بين ما دفعت به المطعون ضدها الثانية اعتراض الطاعنة أن عقد البيع الصادر لها من زوجها المطعون ضده الأول والمحكوم بصحته ونفاذه عقد صوري صورية مطلقة - وقد ضمت المحكمة الاعتراضين وقضت فيهما بتاريخ 16 من مايو سنة 1961 برفض أوجه البطلان الشكلية وقبل الفصل في وجه البطلان الموضوعي رقم 3839 سنة 1960 وكذلك قبل الفصل في موضوع الاعتراض رقم 3840 سنة 1960 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت مباشرة الإجراءات (المطعون ضدها الثانية) بكافة طرق الإثبات القانونية أن عقد البيع الرقيم أول سبتمبر سنة 1958 الصادر من المدين (المطعون ضده الأول) إلى المعترضة (الطاعنة) صوري صورية مطلقة لا يمثل بيعاً حقيقياً وإنما حرر بطريق التواطؤ بينهما بعد إصدار الشيكات موضوع أمر الأداء لإضاعة حقوق مباشرة الإجراءات وللمعترضة النفي - وبعد أن نفذ هذا الحكم قضت المحكمة بتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1961 في موضوع الاعتراض رقم 3839 سنة 1960 (المقام من الطاعنة) ببطلان إجراءات التنبيه وإلغاء ما ترتب على هذه الإجراءات من أثار وفي موضوع الاعتراض رقم 3840 سنة 1960 المقام من مصلحة الضرائب برفضه... استأنفت المطعون ضدها الثانية مباشرة إجراءات هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 6 سنة 79 ق وطلبت الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والحكم أصلياً بعدم قبول اعتراضات الطاعنة شكلاً واحتياطياً برفضها وفي الحالتين بالاستمرار في البيع - وبتاريخ 17 من فبراير سنة 1962 قضت محكمة الاستئناف (أولاً) برفض الدفع المبدى من المستأنفة مباشرة الإجراءات (المطعون ضدها الثانية) بعدم قبول دعوى الاستحقاق الفرعية بطريق المعارضة في قائمة شروط البيع وبقبولها، (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض اعتراضات المستأنف ضدها الثانية (الطاعنة) على قائمة شروط البيع - وأسست قضاءها على أن عقد البيع الصادر من المطعون ضده الأول إلى زوجته الطاعنة عقد صوري صورية مطلقة اصطنعه المدين بقصد تعطيل حق المطعون ضدها الثانية في التنفيذ بدينها وأنه لذلك يكون للمطعون ضدها الثانية التنفيذ على المنزل المبيع بهذا العقد باعتبار أنه لا يزال على ملك مدينها المطعون ضده الأول - وبتاريخ 17 من مارس سنة 1962 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وحدد لنظره جلسة 24 من فبراير سنة 1966 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن هذا الحكم عندما تعرض لصورية عقد البيع الصادر إليها لم يلتزم حدود ونطاق هذا القصد وإثبات جديته وصحة أو عدم صحة ما جاء به بل تعرض لإجراءات التقاضي التي تمت في دعوى صحة ونفاذ ذلك العقد وقال إنها إجراءات قصد بها الزوجان المتعاقدان تعطيل حق الدائنة ومنعها من التنفيذ على المنزل المراد التنفيذ عليه وكاد يحكم ببطلان هذه الإجراءات وأهدر حجية الحكم الصادر بصحة ونفاذ عقد البيع وتعرض لأمر خارج عن اختصاصه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه وقد تمسكت الطاعنة بالحكم الصادر لها بصحة ونفاذ عقد البيع المحرر بينها وبين زوجها المطعون ضده الأول فدفعت الدائنة مباشرة إجراءات التنفيذ (المطعون ضدها الثانية) بصورية عقد البيع الصادر عنه هذا الحكم وبصورية إجراءات التقاضي التي اتخذت في شأن هذا الحكم فإن محكمة الموضوع إذ بحثت جدية هذا العقد وانتهت للأسباب السائغة التي أوردتها في حكمها المطعون فيه إلى أنه صوري صورية مطلقة ثم اتخذت من صورية إجراءات التقاضي التي انتهت بصدور الحكم القاضي بصحة ونفاذ هذا العقد قرينة أخرى أضافتها إلى القرائن التي دللت بها على صورية العقد فإنها لا تكون قد جاوزت حدود الدعوى المطروحة عليها أو أهدرت حجية الحكم الصادر في صحة التعاقد للطاعنة ضد المطعون ضده الأول إذ أن حجية الأحكام مقصورة على أطرافها ولم تكن المطعون ضدها الثانية طرفاً في ذلك الحكم ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان تقول إن محكمة الاستئناف إذ أباحت للمطعون ضدها الثانية باعتبارها من الغير بالنسبة للعقد الذي طعنت فيه بالصورية المطلقة إثبات هذه الصورية بجميع الطرق القانونية ومن بينها القرائن اشترطت أن تكون هذه القرائن قوية ومنتجة ومتعلقة بالصورية ومع ذلك فإن المحكمة استندت في التدليل على صورية العقد إلى مجرد وقائع تافهة تختلف عما يمكن أن يستنتج منها فكما يصح أن تؤول بما ذهبت إليه المحكمة في تأويلها يمكن أن تفسر بما يؤيد عكس ذلك وبالتالي لا يمكن أن ترقى إلى مرتبة القرائن، هذا إلى أن ما اعتبرته المحكمة قرائن غير منتج في إثبات الصورية ولا يتعلق بها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه دلل على صورية عقد الطاعنة صورية مطلقة بما قاله من أن دين المطعون ضدها الثانية قبل المطعون ضده الأول سابق على عقد البيع الابتدائي الذي تتمسك به الطاعنة والمبرم بينها وبين زوجها المطعون ضده الأول وأنه ورد في هذا العقد أن المشترية قد دفعت الثمن كله وقدره 2200 جنيه إلى زوجها البائع وقت تحرير العقد وليس من المعقول أن تجازف الطاعنة بدفع هذا المبلغ الجسيم إلى زوجها قبل تسجيل العقد مع ما تدعيه من أنها كانت على خلاف معه منذ أمد بعيد سابق على تحرير العقد آنف الذكر وأنه طلقها شفاهاً على حد زعمها في 18 فبراير سنة 1958 ومع ما هو ثابت من أنها كانت تعلم بوجود حق امتياز لشركة سكة حديد مصر الكهربائية على المنزل المبيع مقابل الباقي لها من ثمن الأرض المقام عليها هذا المنزل وأن الطاعنة رغم ادعائها بدفع الثمن جميعه يوم تحرير العقد في أول فبراير سنة 1958 ظلت ساكتة ولم يظهر لهذا العقد أثر حتى رفعت الدعوى بصحته ونفاذه في 13 فبراير سنة 1960 بعد أن استصدرت المطعون ضدها الثانية أمر الأداء ضد المطعون ضده الأول بتاريخ 16 سبتمبر سنة 1959 وبعد إعلانه بهذا الأمر في 23 من الشهر المذكور وبعد القضاء من محكمة الجنح بحبسه ستة شهور لإعطائه الشيكين للمطعون ضدها الثانية دون أن يكون لهما رصيد يقابلهما، وقال الحكم المطعون فيه إن دلائل صورية عقد البيع لم تقف عند هذا الحد بل صاحبتها صورة واضحة من صور الصورية عند اتخاذ إجراءات التقاضي في دعوى صحة ونفاذ العقد إذا أقامت الطاعنة هذه الدعوى أمام محكمة الفيوم الابتدائية وأعلنت صحيفتها إلى الزوج المدعى عليه فيها مخاطباً مع شقيقة الطاعنة وفي أول جلسة حددت لنظر الدعوى تصالح الزوجان وكان الذي صدق على التصالح نيابة عن الزوج هو شقيق الطاعنة بتوكيل صادر إليه من الزوج مما يدل على عدم جدية المنازعة في تلك الدعوى وأن الزوجين قصدا بهذه الإجراءات الحيلولة بين المطعون ضدها الثانية وبين التنفيذ على المنزل المراد نزع ملكيته - ولما كانت هذه القرائن التي أوردها الحكم المطعون فيه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من صورية عقد الطاعنة صورية مطلقة وكان تقدير القرائن مما يستقل به قاضي الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه من هذه القرائن متى كان استنباطه سائغاً وكان لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله فإن ما تثيره الطاعنة بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة وهو ما لا يجوز.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.

الطعن 134 لسنة 32 ق جلسة 24 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 94 ص 688

جلسة 24 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس عبد الجواد، وإبراهيم علام.

-----------------

(94)
الطعن رقم 134 لسنة 32 القضائية

(أ) حكم. "حجية الأحكام". دعوى. "التظلم من أمر تقدير".
لا حجية للحكم إلا فيما فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المتصلة به اتصالاً وثيقاً والتي لا يقوم المنطوق بدونها. اقتصار الحكم المطعون فيه الصادر في التظلم في أمر تقدير صادر من مجلس نقابة المحاسبين على تقدير أتعاب المحاسب. عدم تناوله تصفية الحساب بين الطرفين أو واقعة التخالص. عدم حجية هذا الحكم في شأن التخالص المدعى به عن الطاعن ولا يحول دون رفعه بعد ذلك دعوى ببراءة ذمته من الأتعاب التي قدرها الحكم المذكور.
(ب) الإشكال في التنفيذ. دعوى. "دعوى براءة الذمة".
وصف الحكم دعوى براءة الذمة بأنها إشكال وتطبيقه عليها الأحكام المقررة للإشكال في التنفيذ مع أنها دعوى موضوعية. خطأ في القانون.

---------------
1 - لا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المتصلة به اتصالاً وثيقاً والتي لا يقوم المنطوق بدونها فإذا كان الحكم الصادر في التظلم من أمر تقدير صادر من مجلس نقابة المحاسبين قد اقتصر على تقدير أتعاب المطعون ضده (المحاسب) عن جميع الأعمال التي قام بها في سنوات النزاع وليس في أسبابه ما يشير إلى أنه تناول تصفية الحساب بين الطرفين أو أنه خصم ما سبق أن أداه الطاعن للمطعون ضده من الأتعاب ولم تكن واقعة التخالص عنها محل مجادلة من أحد من الخصوم أو بحث من المحكمة في دعوى التظلم، فإن هذا الحكم لا يجوز حجية في شأن التخالص المدعى به من الطاعن ولا يحول دون طلبه براءة ذمته من الأتعاب التي قدرها الحكم المذكور بدعوى يرفعها بعد صدوره.
2 - وصف الحكم دعوى براءة الذمة بأنها إشكال وتطبيقه عليها الأحكام المقررة للإشكال في التنفيذ مع أنها دعوى موضوعية، خطأ في القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده تقدم في 24 من سبتمبر سنة 1957 إلى نقابة المحاسبين والمراجعين طالباً تقدير أتعابه عن الأعمال التي قام بها لصالح الطاعن في السنوات من سنة 1943 إلى سنة 1953 - وفي 30 من أكتوبر سنة 1958 قرر مجلس النقابة (أولاً) رفض الدفع بالتقادم المبدى من الطاعن (ثانياً) تقدير أتعاب المطعون ضده عن السنوات من سنة 1943 إلى سنة 1946 بمبلغ ألف جنيه يخصم منها المسدد وقدره ستمائة جنيه (ثالثاً) تقدير أتعابه عن الأعمال التي قام بها في سنة 1947 بمبلغ 250 ج يخصم منها المسدد وقدره مائة جنيه. (رابعاً) تقدير أتعابه عن الأعمال التي قام بها في سنتي 1948، 1949 بمبلغ 150 ج (خامساً) رفض ما عدا ذلك من الطلبات مع إلزام الطاعن بالمصروفات المناسبة - تظلم الطاعن من هذا القرار أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالباً إلغاء أمر التقدير المذكور واعتباره كأن لم يكن وقيد تظلمه برقم 4540 سنة 1958 مدني كلي القاهرة وتمسك فيه بسقوط حق المطعون ضده بالتقادم بالنسبة لما طلبه من أتعاب عن السنوات من 1943 إلى سنة 1946 لانقضاء أكثر من خمس سنوات على آخر عمل قام به وذلك طبقاً لنص المادة 36 من القانون رقم 394 لسنة 1955 وأضاف أن ما دفعه إلى المطعون ضده من أتعاب وقدره سبعمائة جنيه يزيد على ما يستحقه منها - كما تظلم المطعون ضده بدوره من قرار مجلس النقابة السالف الإشارة إليه وقيد تظلمه برقم 4901 لسنة 1958 مدني كلي القاهرة وطلب فيه تأييد قرار النقابة بشأن تقدير أتعابه عن السنوات من 1943 إلى 1946 بمبلغ ألف جنيه يخصم منها المسدد وقدره ستمائة جنيه وتعديله بالنسبة لتقدير أتعابه عن أعماله في سنة 1947 وجعلها مبلغ ثلاثمائة جنيه يخصم منها المسدد وقدره مائة جنيه وتقدير أتعابه عن الأعمال التي قام بها في السنوات من سنة 1948 إلى سنة 1953 بمبلغ 500 ج وعن التخفيض الذي حققه للطاعن في تقديرات لجان الطعن بمبلغ 700 ج. وبجلسة 2 من سبتمبر سنة 1959 قررت محكمة أول درجة ضم التظلمين ليصدر فيهما حكم واحد وفي 14 من يونيه سنة 1960 حكمت فيهما أولاً بقبول كل من المعارضتين شكلاً. ثانياً وفي موضوعهما: 1 - برفض الدفع بسقوط حق المحاسب زكريا أحمد الشامي في المطالبة بأتعابه. 2 - بتقدير أتعاب المحاسب عن جميع الأعمال التي قام بها لصالح موكله رينية صوصة في جميع السنوات التي باشر فيها أعماله المذكورة بمبلغ سبعمائة جنيه. 3 - إلزام كل من الطرفين بجزء من المصاريف بحق النصف لكل منهما مع المقاصة في أتعاب المحاماة. 4 - رفض ما عدا ذلك من الطلبات - وقام المطعون ضده بإعلان هذا الحكم إلى الطاعن ثم نبه عليه في 19 من سبتمبر سنة 1960 بسداد مبلغ السبعمائة جنيه المقدرة في ذلك الحكم فبادر الطاعن في 22 سبتمبر سنة 1960 برفع إشكال أمام قاضي الأمور المستعجلة قيد برقم 9137 سنة 1960 مستعجل القاهرة طلب فيه وقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعويين رقمي 4901، 4540 لسنة 1958 مدني كلي القاهرة حتى يفصل من محكمة الموضوع في المنازعة القائمة حول سداد الأتعاب المقدرة للمطعون ضده بمقتضى ذلك الحكم واتبع الطاعن هذا الإشكال برفع الدعوى رقم 3745 لسنة 1960 أمام محكمة القاهرة الابتدائية بعريضة معلنة في 27 من سبتمبر سنة 1960 طلب فيها أصلياً الحكم ببراءة ذمته من مبلغ السبعمائة جنيه المقدرة أتعاباً للمطعون ضده بالحكم الصادر في التظلمين رقمي 4901، 4540 لسنة 1958 كلي مصر واحتياطياً تفسير الحكم الصادر في القضيتين سالفتى الذكر واعتبار أن مبلغ السبعمائة جنيه الذي قدرته المحكمة أتعاباً للمطعون ضده هو الذي أقر باستلامه وبذلك تعتبر ذمة الطاعن بريئة منه ولدى نظر الدعوى دفع المطعون ضده بعدم جواز نظر طلب براءة الذمة لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر في التظلمين رقمي 4540، 4901 لسنة 1958 كلي القاهرة بتاريخ 14 من يونيه سنة 1960 وفي 12 من ديسمبر سنة 1960 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع وببراءة ذمة المستشكل رينيه صوصة من مبلغ السبعمائة جنيه المحكوم بها للمستشكل ضده (المطعون ضده) في 14 من يونيه سنة 1960 في القضيتين رقمي 4540، 4901 لسنة 1958 مدني كلي القاهرة - استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 1002 سنة 78 ق وتمسك بدفعه الذي أبداه أمام محكمة أول درجة وهو عدم جواز نظر دعوى براءة الذمة من مبلغ السبعمائة جنيه لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر بتاريخ 14 من يونيه سنة 1960 في التظلمين السالف الإشارة إليهما - وفي 24 من فبراير سنة 1962 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في القضية رقم 3745 سنة 1960 مدني كلي القاهرة وبقبول الدفع المبدى من المستأنف (المطعون ضده) وبعدم جواز نظر دعوى براءة الذمة من مبلغ السبعمائة جنيه لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في التظلمين رقمي 4540، 4901 لسنة 1958 مدني كلي القاهرة وبرفض دعوى التفسير - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن ولدى نظره أمام المحكمة تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والبطلان في الإسناد وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم جواز نظر طلب براءة الذمة على ما أورده من أسباب حاصلها أن الإشكال في أي حكم لا يمكن رفعه من المحكوم عليه إلا إذا كان سببه حاصلاً بعد صدور هذا الحكم أما إذا كان سببه حاصلاً قبل صدوره فإنه يكون قد اندرج ضمن الدفوع في الدعوى سواء دفع به فعلاً أم لم يدفع به وأصبح في غير استطاعة المحكوم عليه التحدي به على من صدر له الحكم إذ تحول حجية الحكم دون إعادة طرحه على القضاء لما في ذلك من مساس بقوة الأحكام وأنه ترتيباً على ذلك يكون الدفع بعدم جواز نظر طلب براءة الذمة لسبق الفصل فيه في محله إذ أن الحكم الصادر في الدعويين رقمي 4540 و4901 لسنة 1958 مدني كلي القاهرة قضى بتقدير أتعاب المطعون ضده عن جميع الأعمال التي قام بها لصالح الطاعن في جميع السنوات التي باشر فيها أعماله بمبلغ سبعمائة جنيه وقد حاز هذا الحكم قوة الشيء المقضي فلا يستطيع الطاعن بعد ذلك أن يدعي ببراءة ذمته بتخالص سابق على تاريخ الحكم آنف الذكر ولو لم يتناول هذا الحكم ذلك التخالص صراحة ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه خطأ في القانون ومشوب ببطلان في الإسناد ذلك أنه لا حجية لحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، وأنه إذ كان يبين من الاطلاع على الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية بتاريخ 14 من يونيه سنة 1960 في التظلمين رقمي 4540 و4901 لسنة 1958 مدني كلي القاهرة أنه لم يشر في أسبابه إلى المبالغ التي سبق أن سددها الطاعن للمطعون ضده ولم يتناول تصفية الحساب بين الطرفين وإنما اقتصر على تقدير الأتعاب المتظلم منها فقط فإن ذلك الحكم لا يحوز حجية في شأن التخالص الذي يدعيه الطاعن ولا يحول دون طلبه براءة ذمته من الأتعاب التي قدرها الحكم المذكور بدعوى يرفعها بعد صدوره ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر دعوى براءة الذمة قد أخطأ في القانون كما أخطأ في الإسناد فيما قرره من أن الحكم الصادر في التظلم قد فصل في أمر التخالص المدعى به.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم جواز نظر دعوى براءة الذمة على قوله "وحيث إنه عن طلب براءة الذمة فإنه من المتفق عليه أن الإشكال في أي حكم لا يمكن رفعه من المحكوم عليه إلا متى كان سببه حاصلاً بعد صدور هذا الحكم أما إذا كان سببه حاصلاً قبل صدوره فإنه يكون قد اندرج ضمن الدفوع في الدعوى سواء كان قد دفع به فعلاً أم كان لم يدفع به وأصبح من غير استطاعة المحكوم عليه التحدي به على من صدر له الحكم إذ تحول حجية الحكم دون إعادة طرحه على القضاء لما في ذلك من مساس بقوة الأحكام. وعلى هدي ما تقدم يكون الدفع المبدى من المستأنف (المطعون ضده) بعدم جواز نظر طلب براءة الذمة لسبق الفصل فيه في محله إذ أن الحكم الصادر بتاريخ 14 من يونيه سنة 1960 في القضيتين رقمي 4540، 4901 لسنة 1958 مدني كلي القاهرة قضى بتقدير أتعاب المستأنف عن جميع الأعمال التي قام بها لصالح موكله المستأنف ضده (الطاعن) في جميع السنوات التي باشر عنها أعماله بمبلغ 700 ج ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وقد حاز قوة الشيء المقضي بالنسبة للوقائع السابقة على صدوره وصفى كل الوقائع ووجوه الدفاع السابقة عليه فلا يستطيع المستأنف ضده بعد ذلك أن يدعي ببراءة ذمته بتخالص سابق في تاريخه على تاريخ الحكم آنف الذكر ولو لم يتناول هذا الحكم ذلك التخالص صراحة ومن ثم فادعاء المستأنف ضده بالتخالص بناء على المبالغ المدفوعة منه إلى المستأنف مقدماً وقبل صدور الحكم المشار إليه آنفاً يمس قوة الشيء المحكوم فيه ولا تجوز إثارته من جديد لسبق الفصل فيه"، وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه بعدم جواز نظر دعوى براءة الذمة لسبق الفصل فيها غير صحيح في القانون ذلك أنه علاوة على خطأ الحكم في وصف دعوى الطاعن ببراءة ذمته وبطلب تفسير الحكم بأنها إشكال وتطبيقه عليها الأحكام المقررة للإشكالات مع أنها دعوى موضوعية أقامها الطاعن أمام المحكمة المختصة بنظر النزاع بعد رفعه إشكالاً أمام القاضي المستعجل وطلبه فيه وقف تنفيذ الحكم علاوة على ذلك فإنه يبين من الاطلاع على الحكم الصادر في التظلمين والسالف الإشارة إليه أنه اقتصر على تقدير أتعاب المطعون ضده عن جميع الأعمال التي قام بها في سنوات النزاع بمبلغ سبعمائة جنيه وليس في أسبابه ما يشير إلى أنه تناول تصفية الحساب بين الطرفين أو أنه خصم ما سبق أن أداه الطاعن من الأتعاب للمطعون ضده وقدره سبعمائة جنيه من المبلغ الذي قدره الحكم أتعاباً للأخير، بل إن واقعة التخالص بهذا المبلغ المسدد لم تكن محل مجادلة من أحد من الخصوم أو بحث من المحكمة في دعوى التظلم. ولما كان من المقرر أن لا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب المتصلة به اتصالاً وثيقاً والتي لا يقوم المنطوق بدونها فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الحكم الصادر في التظلم قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه في شأن التخالص المدعى به من الطاعن وأسس على ذلك قضاءه بعدم جواز نظر دعوى براءة الذمة وذلك على الرغم من أن الحكم الصادر في التظلم لم يفصل في هذا التخالص لا بصفة صريحة أو ضمينة بل ولم يبحثه على الإطلاق فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه في دعوى براءة الذمة ولما سلف بيانه ولما كان المطعون ضده قد أقر أمام مجلس النقابة وفي تظلمه باستلامه مبلغ سبعمائة جنيه من الطاعن وكان الحكم الصادر في التظلم بتاريخ 14 من يونيه سنة 1960 واضح الدلالة على أن مبلغ السبعمائة جنيه المقضى به هو كل ما يستحقه المطعون ضده من أتعاب عن جميع الأعمال التي أداها للطاعن وليس كما يدعي المطعون ضده هو المبلغ الذي بقي له بعد خصم ما كان قد قبضه من الأتعاب من الطاعن - لما كان ذلك، فإن دعوى الطاعن ببراءة ذمته من هذا المبلغ تكون على أساس سليم ويتعين لذلك تأييد الحكم الابتدائي المستأنف فيما قضى به من براءة ذمة الطاعن من المبلغ الذي قدره الحكم الصادر في التظلم.
وحيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى إجابة الطاعن إلى طلبه الأصلي الخاص ببراءة الذمة فلم يعد ثمة محل لبحث طلبه الاحتياطي أو ما وجهه الطاعن من نعي على قضاء الحكم في هذا الطلب الاحتياطي.

الطعن 463 لسنة 30 ق جلسة 23 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 90 ص 647

جلسة 23 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

----------------

(90)
الطعن رقم 463 لسنة 30 القضائية

(أ) عمل. "مكافأة نهاية الخدمة".
تحديد الأجر بنسبة مئوية من الأرباح أو أجر ثابت مع نسبة مئوية منها. مكافأة نهاية الخدمة. احتسابها على أساس الأجر الثابت الأخير مضافاً إليه متوسط ما استولى عليه العامل من نسبة الأرباح خلال مدة العمل.
(ب) عمل. "الدعوى بطلب مكافأة نهاية الخدمة". "تقادمها". دعوى. "تقادم الدعوى بطلب مكافأة نهاية الخدمة". تقادم. "تقادم مسقط". "بدء التقادم".
مكافأة نهاية الخدمة. اعتبار النسبة في الأرباح من عناصرها. سقوط الدعوى بطلب المكافأة بالتقادم. بدؤه. من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل أو ورثته بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد.

----------------
1 - النص في القانون رقم 41 لسنة 1944 - ومن بعده في المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 والقانون رقم 91 لسنة 1959 - على أن تحتسب مكافأة نهاية الخدمة على أساس "الأجر الأخير" إنما راعى فيه الشارع مصلحة العامل وتدرجه وزيادة أجره خلال مدة العمل، وهو يواجه الغالب الأعم من صور تحديد الأجر وملحقاته على وجه ثابت لا يبنى على احتمال ولا ينطوي على غرر ومضاربة، ولا يتأتى التزامه وتطبيقه - بحرفيته - في صورة تحديد الأجر بنسبة مئوية من الأرباح السنوية أو أجر ثابت مع نسبة مئوية منها إذ من شأنه أن يؤدي إلى وضع مرتبك لاحتمال أن تكون سنة نهاية الخدمة - أو السنة السابقة عليها - قد انتهت بخسارة فلا يستحق العامل مكافأة أو انتهت بربح استثنائي نتيجة ظروف حادثة فتحدد المكافأة بنسبة مئوية منها، وإذ كان الأصل في المكافأة أنها أجر إضافي والتزام أوجبه القانون على رب العمل عند انتهاء العقد في الأحوال التي حددها باعتبارها إحدى وسائل الضمان الاجتماعي وأحل محله "المبالغ التي يدفعها صاحب العمل في صندوق التأمين والادخار" فإنه يتعين احتساب المكافأة - في هذه الصورة - على أساس الأجر الثابت الأخير مضافاً إليه متوسط ما استولى عليه العامل من نسبة في الأرباح خلال مدة العمل.
2 - متى كانت النسبة في الأرباح عنصراً من عناصر مكافأة نهاية الخدمة، فإن مدة سقوط الدعوى بها بالتقادم لا تبدأ إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل أو ورثته بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد ولا يغني عن ذلك التصديق على الميزانية أو نشرها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة روزيت فليكس عن نفسها وبصفتها وصية على قصر مورثها المرحوم دافيد محرز أقامت الدعوى رقم 2348 سنة 1954 عمال الإسكندرية الابتدائية ضد شركة التجارة في المحاصيل المصرية بطلب مكافأة نهاية الخدمة المستحقة له وقالت بياناً لدعواها إن مورثها المذكور كان يعمل بالشركة واستمر يتدرج في وظائفها إلى أن أصبح مديراً لها بمرتب شهري قدره 80 ج مع نسبة في الأرباح قدرها 8.5% وإذ توفى في 23 إبريل 1952 ولم يصرف باقي مرتبه واستحق بوفاته مكافأة نهاية الخدمة عملاً بالمادتين 23 و24 من القانون رقم 41 لسنة 1944 وهي تعادل أجر سنة من مجموع الأجر الثابت ونسبة الربح ويلزم لتقديرها ندب خبير حسابي لمراجعة دفاتر الشركة فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بمبلغ 960 ج المكافأة المستحقة على أساس الأجر الثابت وتعيين خبير حسابي لتحديد باقي المكافأة المستحقة على أساس الربح، ودفعت المدعى عليها بسقوط الدعوى بالتقادم تأسيساً على أن علاقة العمل بينها وبين مورث المدعين انتهت بوفاته في 22/ 4/ 1952 بينما لم تقم الدعوى إلا في 10/ 11/ 1953 وطبقاً للمادة 698 من القانون المدني تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة من وقت انتهاء العقد وطلبت من باب الاحتياط رفضها. وبتاريخ 26/ 3/ 1955 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم وحددت لنظر الموضوع جلسة 14/ 5/ 1955 وفي 19/ 11/ 1955 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لتقدير المكافأة على أساس الربح الصافي الذي تدفع عنه الشركة ضريبة الأرباح التجارية والصناعية مع اتخاذ السنة السابقة على وفاة المورث أساساً لتقديره وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريراًَ انتهى فيه إلى أن المكافأة المستحقة هي 3657 ج و60 م مستنداً في ذلك إلى أن السنة المالية للشركة متداخلة وتبدأ من أول سبتمبر من كل سنة وتنتهي في آخر أغسطس من السنة التالية وقد حدثت الوفاة في إبريل سنة 1952 فحساب المكافأة يكون عن مدة سنة تبدأ في أول مايو سنة 1951 وتنتهي في آخر إبريل سنة 1952 وهذه الفترة تدخل ضمن السنتين الماليتين 1950/ 1951، 1951/ 1952 وقد ربحت الشركة في السنة الأولى 99339 ج و773 م وخسرت في السنة الثانية وأن السنة السابقة على الوفاة فيها أربعة شهور من السنة الأولى ونسبة الربح فيها 2649 ج و60 م وثمانية شهور من السنة الثانية ولا يستحق المورث شيئاً فيها لأنها انتهت بخسارة يضاف إلى ذلك 1008 ج المرتب الثابت فيكون المجموع 3657 ج و60 م، ثم عادت المحكمة وبتاريخ 31/ 12/ 1956 فأصدرت حكماً آخر بإعادة المأمورية لمكتب الخبراء ليجري حساباً كاملاً لسنة سابقة على الوفاة يكون فيها ميزانية مستقلة لا شأن لها بميزانية الشركة على أن يراعى إدخال العمليات التي قام بها المورث قبل وفاته وظهرت نتيجتها بعد ذلك وعلى الخبير أن يخرج بهذه النتيجة من واقع دفاتر الشركة لا من ميزانيتها على أن تتضمن مأمورية الخبير علاوة على ذلك بيان ما عساه يكون مستحقاً للمورث من مرتبات أو عمولة لم يقبضها، وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أنه تعذر عليه تصوير حساب المكافأة المستحقة بالوصف الذي طلبته المحكمة لأن الشركة لم تقدم له أية دفاتر تجارية يمكن عمل الحساب من واقعها واعترض وكيلها على تصوير الحساب بهذا الوصف. وبجلسة 25/ 5/ 1958 قصرت المدعية طلباتها على مكافأة نهاية الخدمة واحتفظت بحقها في رفع دعوى مستقلة بباقي الطلبات وبتاريخ 17/ 12/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي للمدعية عن نفسها مبلغ 17530 ج و188 م وبصفتها وصية على أولادها كلبرت ونيقولا وماجي وجلبرت قصر المرحوم دافيد محرز مبلغ 17530 ج و188 م والفوائد القانونية للمبلغين سالفي الذكر بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 29 من أكتوبر سنة 1956 إلى حين إتمام السداد والمصروفات المناسبة وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وألزمت المدعية بباقي مصروفات الدعوى ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات مستندة في ذلك إلى أنها لا تتقيد بالأحكام السابقة لأنها ليست من الأحكام القطعية الصادرة في موضوع النزاع وبالتالي لا تتقيد بتقريري مكتب الخبراء وأضافت أنها ترى احتساب مكافأة المورث على أساس متوسط أجره في الأربعة شهور الأخيرة من خدمته قياساً على عمال القطعة وأن الثابت من الشهادة المؤرخة 2/ 2/ 1953 والمقدمة من الشركة إلى مصلحة الضرائب أن المرتبات التي تقاضها المورث عن الأربعة شهور الأولى من سنة 1952 هي 252 جنيه + 11434.795 مليمجـ = 11686.795 مليمجـ ومتوسطها 2921 ج و698 م وهو ما يتعين احتساب المكافأة على أساسه. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 79 سنة 15 قضائية كما استأنفته السيدة روزيت طالبة تعديله والحكم بإلزام الشركة بأن تدفع لها مبلغ 37418 ج مناصفة بينها وبين أولادها وقيد هذا الاستئناف برقم 551 سنة 15 قضائية، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين. وبتاريخ 29/ 11/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع (أولاً) في الاستئناف رقم 79 سنة 15 قضائية برفضه وألزمت المستأنفة بمصروفات هذا الاستئناف (ثانياً) في الاستئناف رقم 551 سنة 15 قضائية بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الأستاذ مختار عبد العليم المحامي بصفته رئيس مجلس إدارة شركة التجارة في المحاصيل المصرية بأن يدفع للمستأنفة السيدة/ روزيت فليكس ريكس عن نفسها مبلغ 18709 ج وبصفتها وصية على ولديها القاصرين ماجي وجلبرت وبصفتها وكيلة عن بنتيها نيقولا وكلبرت أولاد المرحوم دافيد محرز مبلغ 18709 ج والفوائد القانونية للمبلغين سالفي الذكر بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 29/ 10/ 1956 حتى السداد والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ 10 ج مقابل أتعاب المحاماة عنهما مع إلزام المستأنفة عن نفسها وبصفتها بباقي المصروفات، وأسست قضاءها هذا على أن "المشرع لم يوضح في المادة 23 من القانون رقم 41 سنة 1944 كيفية احتساب الحصة في الأرباح عند تقدير المكافأة وترى المحكمة احتساب هذه الحصة على أساس ما تناوله المورث من أرباح في الثلاثة أشهر الأخيرة وذلك قياساً على القاعدة التي وضعها المشرع في المادة 22 من هذا القانون بشأن تقدير الأجر والمرتبات الإضافية عند تقدير التعويض المستحق عن الإخلال بشرط المهلة قبل الفسخ" وأنه "يبين أن محكمة أول درجة احتسبت متوسط أجر المورث على أساس أن المدة السابقة على الوفاء في سنة 1952 أربعة شهور كاملة في حين أن حقيقتها 113 يوماً إذ توفى المورث في 23 إبريل سنة 1952" وعلى هذا الأساس يكون مقدار المكافأة المستحق هو 37794 ج و30 مليماً. وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من وجوه (أولها) أنه إذ استلزم إجراء ميزانية مستقلة للشركة لفترة سابقة على وفاة مورث المطعون عليهم فإنه يكون قد خالف العقد المحرر بين الطرفين وانحرف عن عبارته الواضحة وخرج على العرف الجاري في التعامل ولم يعلل قضاءه في هذا الخصوص، إذ أن الشركة تعاقدت مع المورث على أن يعمل بها بوظيفة مدير عام مقابل أجر ثابت قدره 84 ج وحصة في الأرباح قدرها 8% وهذه الحصة إنما تحدد عند الانتهاء من مصادقة الجمعية العمومية على الميزانية السنوية للشركة وكان المورث يقبض حصته في الأرباح بعد هذه المصادقة يؤكد ذلك أن ضريبة الأرباح التجارية والصناعية تحدد عند انتهاء السنة المالية للمنشأة وجرى العرف في جميع المنشآت التي يكون للعمال نصيب في أرباحها على أن تصرف لهم هذه الحصة بعد الانتهاء من الميزانية العامة وما كان للمورث أثناء حياته أن يطالب الشركة بإعداد ميزانية خاصة تكون نهايتها تاريخ انتهاء خدمته فكذلك ومن باب أولى ورثته إذا كان سبب انتهاء العقد الوفاة لما في ذلك من خروج على العقد، وإذ توفى مورث المطعون عليهم في غضون سنة 1951 - 1952 المالية للشركة فإن تنفيذ العقد تنفيذاً صحيحاً كان يقتضي الأخذ بميزانية الشركة عن تلك السنة لتحديد ما يستحقه مورث المطعون عليهم من حصة في الأرباح إن وجدت فإن لم توجد لا يستحق ورثته شيئاً منها و(ثانيها) أنه إذ تعذر عمل ميزانية مستقلة للشركة على الوجه الثابت في الأوراق فقد بنى الحكم قضاءه بالمكافأة على افتراض أن الشركة ربحت في 113 يوماً تبدأ من أول يناير سنة 1952 وتنتهي في 23 إبريل سنة 1952 مبلغ 142934 ج وكسور حصة المورث فيها بواقع 8% هي 11434 ج بخلاف الأجر الثابت وهو مخالفة للواقع لأن خسارة الشركة في هذه السنة بلغت نصف مليون جنيه ومخالفة للأساس الذي اتفق عليه الطرفان لتحديد حصة المورث وهو الميزانية السنوية لا ميزانية خيالية هي ميزانية 113 يوماً منها ولو صح جدلاً ما ذهب إليه الحكم من أن هذه الخسارة قد تكون عن عمليات لاحقة للوفاة فإن ذلك لا يؤثر في تنفيذ العقد من واقع ما تظهره الميزانية السنوية لا من واقع عمليات بذاتها تمت في فترة معينة من السنة (وثالثها) أنه بعد أن استظهر الحكم أن المادة 23 من القانون رقم 41 لسنة 1944 لم توضح كيفية احتساب المكافأة عندما يكون أجر العامل حصة في الأرباح أكمل هذا النص بما ورد في المادة 22 عن تقدير تعويض المهلة واتخاذ متوسط ما تناوله العامل في الثلاثة أشهر الأخيرة من أجر ثابت ومرتبات إضافية أساساً له واعتد في تقدير هذا المتوسط بما رصد لحساب مورث المطعون عليهم في الأشهر الثلاثة الأخيرة مع أن الشركة منيت بخسارة في سنة الوفاة مما يقطع بأنه لم يتناول خلال هذه الفترة سوى أجره الثابت دون أي مرتب إضافي ويستتبع بالتالي احتساب مكافأته على أساس المرتب الثابت وحده، ولو صح احتساب مكافأة نهاية الخدمة على أساس الأجر الثابت والمرتبات الإضافية بما فيها "الحصة في الأرباح" فقد كان من المتعين انتظار انتهاء السنة المالية للشركة والكشف عن أرباحها وخسائرها لتحديد حصة المورث في الأرباح أو في الخسائر لا اقتطاع مدة معينة من السنة هي المدة السابقة على وفاته وتسوية المكافأة على أساسها لأن هذا الوضع لا يكشف عن مركز الشركة المالي وهو لا يتبين إلا في نهاية سنتها المالية.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في القانون رقم 41 لسنة 1944 - ومن بعده في المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 والقانون رقم 91 لسنة 1959 - على أن تحتسب مكافأة نهاية الخدمة على أساس "الأجر الأخير" إنما راعى فيه الشارع مصلحة العامل وتدرجه وزيادة أجره خلال مدة العمل، وهو يواجه الغالب الأعم من صور تحديد الأجر وملحقاته على وجه ثابت لا ينبني على احتمال ولا ينطوي على غرر ومضاربة، ولا يتأتى التزامه وتطبيقه - بحرفيته - في صورة تحديد الأجر بنسبة مئوية من الأرباح السنوية أو أجر ثابت مع نسبة مئوية منها إذ من شأنه أن يؤدي إلى وضع مرتبك لاحتمال أن تكون سنة نهاية الخدمة - أو السنة السابقة عليها - قد انتهت بخسارة فلا يستحق العامل مكافأة أو انتهت بربح استثنائي نتيجة ظروف حادثة فتحدد المكافأة بنسبة مئوية منها، وإذ كان الأصل في المكافأة أنها أجر إضافي والتزام أوجبه القانون على رب العمل عند انتهاء العقد في الأحوال التي حددها باعتبارها إحدى وسائل الضمان الاجتماعي وأحل محله "المبالغ التي يدفعها صاحب العمل في صندوق التأمين والادخار" ففي ضوء هذه الطبيعة القانونية - ومقتضيات العدالة - يتعين احتساب المكافأة في هذه الصورة على أساس الأجر الثابت الأخير مضافاً إليه متوسط ما استولى عليه العامل من نسبة في الأرباح خلال مدة العمل - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في حسابه حصة مورث المطعون عليهم في الأرباح، وبالتالي في حساب المكافأة، على أساس متوسط ما استولى عليه من أرباح "ومبالغ" في الثلاثة أشهر الأخيرة السابقة على الوفاة وبالقياس على التعويض الذي يستحق عند الإخلال بشرط المهلة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم استناداً إلى أنه "لا محل لدفع الدعوى بسقوطها بالتقادم لمضي أكثر من سنة بين وفاة المورث ورفع الدعوى استناداً إلى نص المادة 698 مدني ذلك أن المورث كان يتقاضى نسبة في الأرباح فوق أجره الثابت وهي تعتبر جزء من الأجر الذي تحتسب على أساسه مكافأة نهاية الخدمة على ما انتهت إليه المحكمة وهذه الحصة في الأرباح لم تحدد بعد كما لم يسلم رب العمل بياناتها إلى العامل أو ورثته طبقاً لما توجبه المادة 691 ومن ثم فلا تبدأ مدة التقادم في الدعوى إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه عن هذه الحصة بحسب آخر جرد وذلك على ما نصت عليه المادة 698 مدني فقرة أولى" وهو خطأ ومخالفة للقانون إذ أنه في قوانين العمل المتعاقبة حدد المشرع - أسوة بغيره - طريقة احتساب مكافأة نهاية الخدمة على أساس عناصر الأجر التي لها صفة الاستمرار والاستقرار وذلك تأميناً للعامل لكي يعرف مقدماً مقدار ما يستحقه عند انتهاء العقد ولرب العمل لكي يعرف سلفاً مدى القواعد واستبعدت مختلف التشريعات العناصر الاحتمالية - ومنها المشاركة في الربح - من عناصر الأجر الذي يتخذ أساساً لاحتساب المكافأة لأن تحقق هذا الربح لا يعتمد على مهارة العامل وحدها وإنما يتأثر حتماً باعتبارات أخرى لا دخل لمهارته فيها منها حسن الإدارة والظروف الاقتصادية والسياسية وقد خلت الأعمال التحضيرية لقوانين العمل المتعاقبة من أية إشارة إلى اعتبار الحصة في الربح ضمن عناصر الأجر الذي تحتسب على أساسه مكافأة نهاية الخدمة وإذا كانت مكافأة نهاية الخدمة تحتسب على أساس تعويض المهلة طبقاً للمادة 22 من القانون رقم 41 لسنة 1944 وهو الأجر الثابت وملحقاته الخالية من صفتي الغرر والاحتمال فكذلك مكافأة نهاية الخدمة إذ لو أدخلت الحصة في الربح ضمن عناصر الأجر الذي يتخذ أساساً للمكافأة فإن العامل قد يحرم منها إذا لم تربح المؤسسة ويستحقها ولا يحرم منها إذا ربحت وهو اضطراب في وضع العامل ورب العمل على السواء، وإذ توفى المورث في 23/ 4/ 1952 بينما أقام ورثته الدعوى بمكافأة نهاية الخدمة في 30/ 11/ 1953 فإنها تكون قد سقطت بالتقادم عملاً بالمادة 698 من القانون المدني لرفعها بعد انقضاء أكثر من سنة على انتهاء العقد.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على السببين الأول والثاني من أن النسبة في الأرباح عنصر من عناصر مكافأة نهاية الخدمة، ومن ثم فإن مدة سقوط الدعوى بالتقادم لا تبدأ إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل أو ورثته بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد والثابت في الدعوى أن الشركة لم تقدم للمطعون عليهم هذا البيان ولا يغني عن تقديمه التصديق على الميزانية أو نشرها.

الطعن 382 لسنة 30 ق جلسة 23 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 89 ص 643

جلسة 23 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

-------------

(89)
الطعن رقم 382 لسنة 30 القضائية

ضرائب. "الضريبة على المهن غير التجارية". "استئناف قرارات لجنة الطعن". "ميعاده". استئناف. "ميعاد الاستئناف".
الضريبة على أرباح المهن غير التجارية. قرارات لجنة الطعن. استئنافها. ميعاده.

--------------
ميعاد استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية طبقاً للمادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 هو ثلاثون يوماً من تاريخ إعلان الحكم. وإذ كان النزاع في الدعوى يدور حول أرباح مورث الطاعنة وهو محام خاضع للضريبة على المهن غير التجارية وصدر الحكم فيها بتاريخ 31/ 1/ 1960، واستأنفته مصلحة الضرائب بتاريخ 22/ 2/ 1960 وقضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، إذ وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 75 من هذا القانون تسري أحكام المادتين 54 و54 مكررة على قرارات لجان الطعن الخاصة بالضريبة على أرباح المهن غير التجارية وهو ما ينبني عليه أن ميعاد استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المرفوعة بشأنها يكون ثلاثين يوماً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب بورسعيد قدرت أرباح المرحوم الأستاذ علي محمد النجار وهو محام خاضع للضريبة على المهن غير التجارية في السنوات من 1952 إلى 1955 بالمبالغ 173 ج و192 ج و211 ج و185 ج على التوالي وربطت الضريبة عليه في سنة 1956 وفقاً لنظام الضريبة الثابتة وبالتطبيق للمادة الأولى من القانون رقم 642 لسنة 1955، وإذ أخطرته المأمورية بهذا الربط واعترض وعرض الخلاف على لجنة الطعن وبتاريخ 7/ 10/ 1959 أصدرت اللجنة قرارها بتأييد تقديرات المأمورية وأعلنت ورثته به، فقد أقاموا الدعوى رقم 16 سنة 1959 تجاري بورسعيد الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالبين إلغاءه واعتبار صافي إيراد مورثهم في السنوات من 1952 إلى 1956 مبلغ 70 ج و60 م و97 ج و900 م و132 ج و450 م و111 ج و60 م و52 ج و200 م على الترتيب وبتاريخ 22 ديسمبر سنة 1959 حكمت المحكمة حضورياً وفي مادة تجارية بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بتعديل قرار اللجنة المطعون فيه واعتبار صافي إيراد مورث الطاعنة في سنة 1952 مبلغ 172 ج و800 م وفي سنة 1953 مبلغ 163 ج و200 م وفي كل من سنتي 1954 و1955 مبلغ 142 ج و800 م (ثانياً) بإلغاء قرار اللجنة المطعون فيه بالنسبة لسنة 1956 وبوجوب محاسبة مورث الطاعنة على أساس أرباحه الفعلية في تلك السنة (ثالثاً) بإلزام مصلحة الضرائب بالمصروفات المناسبة ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 24 سنة 3 قضائية وبتاريخ 20/ 6/ 1960 حكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد القانوني مع إلزام المستأنف بالمصاريف وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقضه ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الاستئناف مستنداً في ذلك إلى أن الدعوى رفعت بالطعن في قرار خاص بأرباح المهن غير التجارية وطبقاً للمادة 94 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والمادة 402 من قانون المرافعات يكون ميعاد استئناف الحكم الصادر فيها عشرة أيام ولا يمنع من ذلك النص في المادة 75 من القانون على سريان أحكام المادة 54 و54 مكررة بالنسبة للضريبة على أرباح المهن غير التجارية إذ أن هذه الإحالة مقصورة على الطعن في قرارات اللجان، ولا النص في المادة 99 على أن ميعاد استئناف الأحكام الصادرة طبقاً للمادة 54 هو ثلاثون يوماً إذ أن هذا الميعاد لا يسري إلا في خصوص الأحكام الصادرة في الدعاوى المرفوعة بالطعن في قرارات اللجان الخاصة بالضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أن ميعاد استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية طبقاً للمادة 54 من القانون هو ثلاثون يوماً من تاريخ إعلان الحكم وقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 75 من القانون على سريان أحكام المادة 54 و54 مكررة فيما يتعلق بالطعن في قرارات لجان الطعن الخاصة بالضريبة على أرباح المهن غير التجارية وعلى ذلك فإن الحكم الذي يصدر فيها من المحكمة الابتدائية يخضع للميعاد المنصوص عليه في المادة 99 وبالتالي يكون ميعاد استئنافه ثلاثين يوماً لا عشرة أيام.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وفقاً للمادة 99 من القانون رقم 14 لسنة 1939 "يكون ميعاد استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية منعقدة بهيئة تجارية طبقاً للمادة 54 ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الحكم" وإذ نصت الفقرة الأخيرة من المادة 75 من القانون على أن تسري أحكام المادة 54 و54 مكررة فيما يتعلق بالطعن في قرار لجنة الطعن الخاصة بالضريبة على أرباح المهن غير التجارية، فإن ميعاد استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المرفوعة بشأنها يكون ثلاثين يوماً - وإذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن النزاع فيها يدور حول أرباح مورث الطاعنة وهو محام خاضع للضريبة على المهن غير التجارية وصدر الحكم فيها بتاريخ 31/ 1/ 1960 واستأنفته مصلحة الضرائب بتاريخ 22/ 2/ 1960 وقضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه