الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 مارس 2023

الطعن 115 لسنة 30 ق جلسة 14 / 1 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 ق 10 ص 57

جلسة 14 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(10)
الطعن رقم 115 لسنة 30 القضائية

(أ) إثبات. "القرائن القانونية". "حجية الأمر المقضي".
حكم بندب خبير. عدم فصله على وجه قطعي في أية نقطة من نقط النزاع. لا حجية له في موضوع النزاع تلتزمها المحكمة بعد تنفيذه. مثال.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "الإثبات بالكتابة". "القرائن القضائية".
إثبات واقعة التوقيع على الورقة العرفية بالبينة. جواز إثباتها كذلك بالقرائن.
(ج) إثبات. "إجراءات الإثبات". "طرق الإثبات". "الإثبات بالكتابة". "إنكار التوقيع". محكمة الموضوع.
إنكار التوقيع على الورقة العرفية. عدم التزام المحكمة بإجراء تحقيق متى رأت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لإقناعها بصحة التوقيع.
(د) إثبات. "طرق الإثبات". "الإثبات بالكتابة". "الأوراق العرفية".
انتهاء المحكمة إلى أن الطاعن قد وقع بإمضائه على المحرر الذي أنكر توقيعه عليه. اعتباره صادراً منه وحجة عليه. لا يقبل تحلله منه إلا بالطعن فيه بالتزوير.
(هـ) إثبات. "طرق الإثبات". "الإثبات بالكتابة". "الأوراق العرفية". "الرسائل".
الرسائل الموقع عليها حجة على المرسل بصحة المدون فيها إلى أن يثبت عكسها. الاحتجاج بها غير قاصر على المرسل إليه. لكل من تتضمن الرسالة دليلاً لصالحه الاحتجاج بها على المرسل متى حصل عليها بطريقة مشروعة.

--------------------
1 - متى كانت المحكمة قد قصدت بندب الخبير مجرد استظهار وجه المصلحة في إقامة الدعوى بعد أن دفع المطعون ضده بانتفاء هذه المصلحة، ولم تفصل على وجه قطعي في حكمها القاضي بندب هذا الخبير في أي نقطة من نقط النزاع، فلا تكون لهذا الحكم حجية في خصوص تقدير مسئولية المطعون ضده عن التعويض المطالب به تأسيساً على غصبه قطعة الأرض موضوع النزاع وانفراده بالتبرع بها تلتزم بها المحكمة بعد تنفيذه.
2 - إذا يجوز إثبات واقعة التوقيع على الورقة العرفية بشهادة الشهود على ما تقرره المادة 274 من قانون المرافعات، فإن إثباتها بالقرائن يكون جائزاً أيضاً عملاً بالمادة 407 من القانون المدني.
3 - قاضي الموضوع - على ما يستفاد من المادة 262 من قانون المرافعات - غير ملزم في حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية بإجراء التحقيق المشار إليه في هذه المادة، بل له إذا رأى في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لإقناعه بأن التوقيع المذكور صحيح أن يرد على المنكر إنكاره ويأخذ بالورقة من غير إجراء هذا التحقيق لأن الغرض من هذا الإجراء هو اقتناع المحكمة برأي ترتاح إليه في حكمها فإذا كان هذا الاقتناع موجوداً بدونه فلا لزوم له.
4 - متى كانت المحكمة قد انتهت إلى أن الطاعن قد وقع بإمضائه على المحرر الذي أنكر توقيعه عليه فإن هذا المحرر يعتبر صادراً منه وحجة عليه بما فيه ولا يجوز له بعد أن أخفق في إنكاره أن يتحلل من نسبة هذه الورقة إليه إلا بالطعن فيها بالتزوير.
5 - تنص المادة 396 من القانون المدني على أن "تكون للرسائل الموقع عليها قيمة الورقة العرفية". ومقتضى ذلك أن تكون لهذه الرسائل قوة الدليل الكتابي فتكون حجة على المرسل بصحة المدون فيها إلى أن يثبت هو العكس بالطرق المقررة قانوناً للإثبات. وحق الاحتجاج بالرسالة الموقع عليها غير مقصور على المرسل إليه بل إن لكل من تتضمن الرسالة دليلاً لصالحه أن يحتج بها على المرسل متى كان قد حصل عليها بطريقة مشروعة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 358 سنة 1953 مدني كلي دمنهور بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له ألفين من الجنيهات، وقال في بيان دعواه إنه كان يملك قطعة أرض فضاء تجاور قطعة أخرى يملكها المطعون ضده واتفقا بعقد مؤرخ 20 أكتوبر سنة 1951 على أن يكون العقاران المذكوران مملوكين لهما على الشيوع مناصفة بينهما. ونص في هذا العقد على أنه لا يجوز لأيهما إقامة مبان أو غيرها أو التأجير إلا بقبول الطرف الآخر وشرط تعويض قدره 500 ج في حالة مخالفة شروط العقد، ولكن المطعون ضده بدافع رغبته في تشييد عمارة على قطعة أرض أخرى مجاورة لأرضهما وحتى يوفر لهذه العمارة سبل الضوء والهواء عمد إلى الاتفاق سراً مع بعض الأهالي على إقامة مسجد من دور واحد على قطعة الأرض الأولى البحرية ثم أعلن في 11/ 1/ 1953 عن تبرعه بهذه القطعة لهذا الغرض ولما كان في تصرفه هذا مخالفة لما التزم به في العقد آنف الذكر فقد بادر الطاعن بالشكوى إلى الشرطة في 8/ 1/ 1953، ولما لم يجد التحقيق الذي أجري في هذه الشكوى في منع المطعون ضده من الاستمرار في أعمال الحفر والبناء حتى تم بناء المسجد فقد أقام دعواه الحالية بطلب تعويضه عن الأضرار التي لحقته بسبب غصب المطعون ضده نصيبه في تلك الأرض وقد أنكر المطعون ضده الدعوى مقرراً أن أهالي أبو حمص كونوا من بينهم لجنة لعمارة بيوت الله واتفق أعضاؤها ومنهم الطاعن على إقامة مسجد على قطعة الأرض محل النزاع وأرسلت اللجنة إلى وزارة الأوقاف خطاباً تطلب فيه معاونتها في تنفيذ هذا المشروع الخيري واشترك الطاعن في تحرير هذا الخطاب ووقع عليه بإمضائه وقامت اللجنة بتشييد المسجد بعد أن تبرع هو - المطعون ضده - بنصيبه في قطعة الأرض وبعد أن قبل الطاعن التخلي عن نصيبه فيها مقابل وعد من رئيس اللجنة بتعويضه بمبلغ من المال يقدره هذا الأخير فيما بعد ولكن الطاعن ما لبث أن نكل هذا الاتفاق وقدم شكواه ثم رفع دعواه عندما تباطأ رئيس اللجنة في تقدير التعويض المستحق له. وانتهى المطعون ضده في دفاعه إلى أن تبرعه مقصور على نصيبه وأنه لم يغتصب شيئاً من ملك الطاعن - وبجلسة 31/ 5/ 1955 قضت محكمة الدرجة الأولى بندب خبير للانتقال إلى قطعتي الأرض المشاع بين الطرفين وبيان قيمة كل منهما على حده في 8/ 1/ 1953 وقيمة النقص أو الزيادة المترتبة على إنشاء مسجد في القطعة الأمامية والاطلاع على دفاتر مصلحة الأملاك فيما يتعلق بالثمن الذي رست به هاتين القطعتين على الطرفين، وبعد أن باشر الخبير هذه المأمورية وقدم تقريره أصدرت المحكمة في 29/ 4/ 1958 حكماً آخر بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليه (المطعون ضده) بكافة الطرق القانونية أن المدعي (الطاعن) وافق على تشييد المسجد على قطعة الأرض الأمامية واشترك في اللجنة المنوط بها تنفيذ المشروع على تلك الأرض وساهم في إرسال الخطاب الموجه إلى وزارة الأوقاف طلباً للموافقة على ذلك وأنه أي المطعون ضده إنما تبرع بنصيبه فقط في قطعة الأرض دون أن يقوم بتنفيذ المشروع وأن اللجنة المشكلة لذلك هي التي نهضت به - وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت بتاريخ 30/ 12/ 1958 برفض الدعوى - فاستأنف الطاعن طالباً إلغاء هذا الحكم والحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 29/ 4/ 1958 والقضاء له بطلباته وقيد الاستئناف برقم 43 لسنة 15 ق إسكندرية - وبتاريخ 30/ 1/ 1960 قضت محكمة الاستئناف: أولاً - بإلغاء الحكم التمهيدي المستأنف الصادر في 29/ 4/ 1958 فيما قضى به من تكليف المستأنف عليه (المطعون ضده) إثبات أن المستأنف (الطاعن) وافق على تشييد المسجد على قطعة الأرض الأمامية وأنه ساهم في إرسال الخطاب الموجه من اللجنة إلى وزارة الأوقاف بطلب الموافقة على المشروع وتأييده فيما عدا ذلك: ثانياً - تأييد الحكم القطعي المستأنف الصادر بجلسة 30/ 12/ 1958 - فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في خصوص قضائه برفض الاستئناف وتأييد الحكم الابتدائي - وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى أنها ترى رفض الطعن. وبجلسة 26/ 10/ 1963 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك: أولاً - إن محكمة الدرجة الأولى قد قطعت في حكمها الصادر بتاريخ 31 من مايو سنة 1955 بثبوت مسئولية المطعون ضده عن تصرفه في نصيب الطاعن في الأرض محل النزاع وندبت من أجل ذلك خبيراً لتقدير التعويض المستحق له، ومن ثم يكون قضاؤها بعد ذلك بتاريخ 29/ 4/ 1958 بإحالة الدعوى إلى التحقيق تمهيداً للفصل في ثبوت المسئولية وقضاؤها القطعي الصادر في 30/ 12/ 1958 في موضوع الدعوى برفضها تأسيساً على انتفاء مسئولية المطعون ضده قد جاءا مهدرين لقضائها القطعي السابق وبالتالي مخالفين للقانون، وأنه أي الطاعن قد تمسك في صحيفة استئنافه بحجية هذا القضاء القطعي الذي تضمنته أسباب حكم 31/ 5/ 1955 والذي أصبح نهائياً بعدم استئنافه ولكن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى ذلك وقضى بتأييد الحكم الابتدائي الأخير القاضي برفض الدعوى فخالف بذلك القانون كما شابه القصور لإغفاله الرد على هذا الدفاع. ثانياً - أنه إذا اعتبر الحكم الفرعي الصادر بتاريخ 31/ 5/ 1955 من المحكمة الابتدائية تمهيدياً وغير منطو على قضاء قطعي، فإن محكمة الدرجة الأولى إذ عدلت عن هذا الحكم دون أن تبين سبب هذا العدول سواء في حكمها التمهيدي الصادر في 29/ 4/ 1958 أو في حكمها القطعي الصادر في الموضوع، فإن قضاءها يكون مخالفاً نص المادة 165 مرافعات، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد هذا القضاء فإنه يكون قد خالف القانون. ثالثاً - إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون فيما قرره من أن الخطاب المؤرخ 4/ 11/ 1952 المرسل إلى وزارة الأوقاف يعتبر حجة على الطاعن في إثبات تصرفه في قطعة الأرض محل النزاع إلى أن يطعن على هذا الخطاب بالتزوير. ذلك أنه ما دام أن المطعون ضده قد تمسك بهذا الخطاب وادعى أنه كان للطاعن توقيعاً عليه وأن هذا الإمضاء قد طمس فإنه يكون عليه إثبات وجود هذه الإمضاء، كما أن ادعاءه بطمس الإمضاء هو ادعاء منه بوقوع تزوير في الخطاب فيقع عليه عبء إثبات هذا التزوير مما كان يقتضي أن يتخذ هو لا الطاعن إجراءات الطعن بالتزوير في هذه الورقة. رابعاً - أخطأ كلا الحكمين الابتدائي والاستئنافي حكم القانون في مدى حجية الخطابات - ذلك أن الخطاب المذكور على فرض أنه يحمل إمضاء للطاعن غير مطموس فهو مرسل لوزارة الأوقاف لا للمطعون ضده وبالتالي فلا يصح لهذا المطعون ضده الاحتجاج به، كما أن ما ورد بهذا الخطاب لا يبلغ مبلغ الإقرار الكتابي الصادر من الطاعن.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الثابت من مطالعة الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بتاريخ 31/ 5/ 1955 أنه قضى قبل الفصل في الموضوع بندب خبير هندسي للانتقال إلى قطعتي الأرض موضوع النزاع ومعاينتهما وبيان قيمة كل منهما بتاريخ 8/ 1/ 1953 وقيمة النقص أو الزيادة المترتبة على إنشاء مسجد في القطعة الأمامية منهما واستند الحكم في ذلك إلى ما أورده بأسبابه من أنه "إزاء ما أثاره المدعى عليه (المطعون ضده) من أنه على فرض أنه قد تصرف في القطعة الأمامية بالتبرع لإقامة مسجد عليها فإنه لم يثبت أن النصف الباقي لا يفي بنصيب المدعي (الطاعن) وأن مصلحته غير قائمة إذا لم يتبين أن ثمة ضرر أصابه من التصرف إذا ما استأثر بالنصف الباقي من الأرض" ثم استطردت المحكمة قائلة "إنها ترى قبل أن تتوغل في الدعوى أن تعين وجه مصلحة رافعها فيها بأن تندب خبيراً لأداء المهمة المبينة بالمنطوق" - وهذا الذي أورده الحكم سواء في منطوقه أو في أسبابه لا ينطوي على قضاء قطعي بثبوت مسئولية المطعون ضده عن التعويض المطالب به تأسيساً على غصبه قطعة الأرض موضوع النزاع وانفراده بالتبرع بها. ذلك أن الحكم قصد بندب الخبير - على ما صرح به في أسبابه - مجرد استظهار وجه المصلحة في إقامة الدعوى بعد أن دفع المطعون ضده احتياطياً بانتفاء هذه المصلحة على سبيل الفرض الجدلي بصحة دفاع الطاعن - لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تفصل على وجه قطعي في حكمها آنف الذكر في أية نقطة من نقط النزاع فلا تكون لهذا الحكم حجية في خصوص تقرير مسئولية المطعون ضده تلتزم بها المحكمة بعد تنفيذه ومن ثم يكون كل ما يرتبه الطاعن في سبب الطعن على قيام هذه الحجية منهار الأساس - وإذ كان الثابت من الصورة الرسمية لصحيفة الاستئناف التي يدعي الطاعن بأنه تمسك فيها بقيام هذه الحجية وبإصدار الحكم الابتدائي الصادر في الموضوع لها - أنه لم يرد ذكر لهذا الدفاع في تلك الصحيفة كما أن بيانات الحكم المطعون فيه خلو مما يفيد تمسك الطاعن به - فإن النعي على هذا الحكم بالقصور لإغفاله الرد عليه يكون أيضاً على غير أساس - والنعي في شقه الثاني مردود بأن المحكمة الابتدائية - خلافاً لما يقول الطاعن - لم تعدل عما أمرت به في حكمها الصادر في 31 مايو سنة 1955 من ندب خبير بل مضت في تنفيذه وباشر الخبير مأموريته فعلاً وقدم تقريره، ومن ثم يكون النعي بمخالفة المادة 165 من قانون المرافعات فيما نصت عليه من وجوب بيان أسباب العدول في حالة ما إذا رأت المحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات على غير أساس - والنعي في شقه الثالث مردود بأن الحكم المطعون فيه انتهى من فحص المحكمة للخطاب المؤرخ 4 نوفمبر سنة 1952 المرسل إلى وزارة الأوقاف ومن التحقيق الذي أجري في الشكوى الإدارية رقم 144 سنة 1953 مركز أبي حمص المقدمة من الطاعن وبعد أن أقر النتيجة التي خلصت إليها المحكمة الابتدائية من أقوال الشهود في التحقيق الذي أجرته تلك المحكمة فيما يختص بالوقائع المادية التي تناولها هذا التحقيق - انتهى الحكم المطعون فيه من ذلك إلى القول "فيكون مؤدى ذلك أن هذا المحرر (الخطاب) تم إنشاؤه ووقع عليه أعضاء الجمعية ومن بينهم المستأنف (الطاعن) ثم شابه تزوير بأن غيرت الحقيقة فيه بطمس إمضاء المستأنف فلا يستطيع الأخير فكاكاً من هذه الإمضاء المنسوبة إليه والتي تلزمه بما تضمنه الخطاب إلا إذا قضى برد وبطلان هذا السند بعد الطعن عليه بالتزوير ولكن وقد أمسك المستأنف عن اتخاذ هذا الإجراء فإن ما تضمنه الخطاب يكون مقيداً له - ولما كان يجوز إثبات واقعة التوقيع على الورقة العرفية بشهادة الشهود على ما تقرره المادة 274 من قانون المرافعات وبالتالي يكون إثباتها بالقرائن جائزاً أيضاً عملاً بالمادة 407 من القانون المدني، وكان قاضي الموضوع - على ما يستفاد من المادة 262 من قانون المرافعات - غير ملزم في حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية بإجراء التحقيق المشار إليه في هذه المادة بل أن له إذا رأى في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لإقناعه بأن التوقيع المذكور صحيح أن يرد على المنكر إنكاره ويأخذ بالورقة من غير إجراء هذا التحقيق ومن ثم فإنه بفرض اعتبار مسلك الطاعن أمام محكمة الموضوع بالنسبة للخطاب ينطوي على طعن فيه بالإنكار فإن فيما أورده الحكم المطعون فيه في أسبابه ما يفيد أن تلك المحكمة قد وجدت في وقائع الدعوى والأدلة القائمة فيها ما أقنعها بأن هذا الإنكار غير صحيح وأن الطاعن قد وقع على هذا الخطاب بإمضائه، فلا عليها بعد ذلك إذا هي لم تأمر بالتحقيق لأن الغرض من هذا الإجراء هو اقتناع المحكمة برأي ترتاح إليه في حكمها فإذا كان هذا الاقتناع موجوداً بدونه فلا لزوم له ومتى كانت المحكمة قد انتهت إلى أن الطاعن قد وقع بإمضائه على الخطاب الذي أنكر توقيعه عليه، فإن هذا الخطاب يعتبر صادراً منه وحجة عليه بما فيه ولا يجوز له بعد أن أخفق في إنكاره أن يتحلل من نسبة هذه الورقة إليه إلا بالطعن فيها بالتزوير، كما قال الحكم - المطعون فيه بحق - ولم يكن المطعون ضده بعد ذلك بحاجة إلى أن يتخذ من جانبه إجراءات الطعن في هذا الخطاب بالتزوير فيما يختص بطمس الإمضاء لأن هذا الطمس لا يؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم ما دام قد أثبت حصول التوقيع فعلاً وأن الطمس وقع في أحد أصلي الخطاب بعد إرسال الأصل الثاني إلى وزارة الأوقاف ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص بالخطأ في القانون على غير أساس. والنعي في شقه الرابع مردود بأن المادة 396 من القانون المدني تنص على أن "تكون للرسائل الموقع عليها قيمة الورقة العرفية من حيث الإثبات" ومقتضى ذلك أن تكون لهذه الرسائل قوة الدليل الكتابي فتكون حجة على المرسل بصحة المدون فيها إلى أن يثبت هو العكس بالطرق المقررة قانوناً للإثبات، وحق الاحتجاج بالرسالة الموقع عليها غير مقصور على المرسل إليه بل إن لكل من تتضمن الرسالة دليلاً لصالحه أن يحتج بها على المرسل متى كان قد حصل عليها بطريقة مشروعة ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ أقر حق المطعون ضده في الاحتجاج على الطاعن بما هو وارد في الخطاب المرسل إلى وزارة الأوقاف بعد أن أثبت أن الطاعن قد وقع على هذا الخطاب فإنه لا يكون قد خالف القانون ما دام الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع ولا في أسباب طعنه في شرعية الطريقة التي قدم بها هذا الخطاب إلى المحكمة.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد فيما استخلصه من الخطاب آنف الذكر، ذلك أنه اعتمد على هذا الخطاب فيما قرره من حصول تصرف من الطاعن في نصيبه في الأرض محل النزاع وقبوله تصرف المطعون ضده في هذه الأرض مع أن ما تضمنه الخطاب لا يفيد أكثر من أن فكرة تكونت لدى عدد من الناس لإنشاء مسجد وقد خلا الخطاب من الإشارة إلى حصول تنازل أو تبرع من الطاعن بل وخلا أيضاً من الإشارة إلى العقار محل النزاع وبذلك يكون الحكم قد انتزع وقائع من مصدر لا ينتجها.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن كل ما استخلصه من الخطاب آنف الذكر قد أورده في قوله "وحيث إن المستأنف عليه (المطعون ضده) في أقواله بالشكوى الإدارية أشار إلى أن لجنة كونت في ليلة 4/ 11/ 1952 وأن المستأنف (الطاعن) كان من بين أعضائها وأن مهمة اللجنة كانت بناء مسجد على أرض النزاع وأن اللجنة كتبت إلى وزارة الأوقاف تنهي إليها هذا النبأ - وحيث إن هذه الأقوال ثبتت صحتها من المستند رقم 30 ملف وهو خطاب موجه إلى وزير الأوقاف ينهي إليه فيه مرسلوه أن جمعية كونت بأبي حمص لعمارة بيوت الله وإقامة مسجد ودار لتحفيظ القرآن وأن الجمعية حازت قطعة أرض وسط البندر لهذا الغرض وأن أعضائها جمعوا من بعضهم خمسمائة جنيه بصفة نواة لتنفيذ المشروع وأنهم يطلبون إلى الوزارة إعانتهم لإتمام المشروع وذيل هذا الخطاب بأسماء أعضاء الجمعية وعددهم عشرة من بينهم المستأنف (الطاعن) والمستأنف عليه (المطعون ضده) وقرين كل اسم وقع صاحبه بإمضائه غير أنه لوحظ قرين اسم المستأنف (الطاعن) أثر لإمضاء مطموس - وحيث إن هذا الخطاب لا يغفل شأنه فقد حوى اعترافاً صريحاً من أعضاء الجمعية بأنهم هم الذين حازوا قطعة أرض لبناء مسجد عليها - ولا جدال في أن هذه القطعة بذاتها هي أرض النزاع - فتنتفي بذلك مظنة غصب المستأنف عليه (المطعون ضده) نصيب شريكه المستأنف. كذلك قد حوى الخطاب الدليل على أن المستأنف (الطاعن) كان أحد أعضاء هذه الجمعية التي اضطلعت بالمشروع "ومن هذا يبين أن الحكم المطعون فيه لم يستخلص من الخطاب ما يسنده إليه الطاعن من وقائع في سبب النعي. وإذ كان حقيقة ما استخلصه الحكم من ذلك الخطاب على النحو الوارد في أسبابه المتقدمة الذكر تؤدي إليه عبارات الخطاب التي نقلها الحكم في هذه الأسباب، وكان الطاعن لم يقدم إلى محكمة النقض هذا الخطاب أو صورة رسمية منه ليدلل على أن هذا الذي استخلصه الحكم منه لا سند له فيه، كما لم يقدم من ناحية أخرى ما يدل على أنه جادل أمام محكمة الموضوع في أن قطعة الأرض المشار إليها في الخطاب هي غير الأرض محل النزاع فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في الاستدلال ويقول في بيان ذلك إن الحكم المطعون فيه نفى في أسبابه واقعة الغصب التي أسندها الطاعن إلى المطعون ضده، الأمر الذي لا يتفق والدليل الكتابي الثابت بالشكوى الإدارية والمستمد من قول المطعون ضده فيها بأنه لم يتصرف في قطعة الأرض لأحد ولكنه وهبها لإنشاء جامع، ولا يتفق أيضاً وما أدلى به المطعون ضده من دفاع في الدعوى مبناه أن تصرفه كشريك في كامل القطعة موقوف على القسمة وأن الأرض ما زالت في تكليفه وما شهد به السيد/ عبد العزيز مخيون من أن المطعون ضده تبرع بقطعة الأرض من حسابه الخاص وكان مزمعاً إرضاء الطاعن بمبلغ نقدي، وما ثبت من أن الطاعن اعترض على بناء المسجد في أرضه منذ تاريخ الشكوى ومن قبل أن يشرع في البناء - ويتحصل النعي بالوجه الثاني من هذا السبب في أن الحكم المطعون فيه قد شابه تناقض - ذلك أنه ألغى الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في 29/ 4/ 1958 بإحالة الدعوى إلى التحقيق وبذلك يكون قد أسقط الدليل المستمد من شهادة الشهود الذين سمعتهم تلك المحكمة - وإذ عاد وأقام قضاءه على ما استمده من ذلك التحقيق من دليل على مساهمة الطاعن في إرسال الخطاب الموجه لوزارة الأوقاف واشتراكه في مشروع اللجنة المنوط بها إنشاء المسجد فإنه يكون مشوباً بالتناقض.
وحيث إن النعي بالوجه الأول مردود بأن الحكم المطعون فيه قد استند في نفي ما أسنده الطاعن إلى المطعون ضده من غصب نصيبه في أرض النزاع إلى ما أورده في أسبابه من أن الطاعن "لم يقدم دليلاً مقبولاً على أن خصمه قد تبرع بأرض النزاع كاملة أو أنه هو الذي غصبها وأقام المسجد عليها" وأن الذي ثبت للمحكمة ينقض ذلك إذ تبين لها من الخطاب آنف الذكر أن اللجنة التي كان الطاعن أحد أعضائها هي التي اضطلعت بمشروع إنشاء المسجد عليها كما أحال الحكم المطعون فيه في نفي الغصب المدعى به إلى ما أورده الحكم الابتدائي في هذا الخصوص واستمده من أقوال الشهود الذين سمعتهم محكمة أول درجة بصدد هذه الواقعة المادية - ولما كان هذا الذي استند إليه الحكم المطعون فيه في نفي الغصب المدعى به يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص وكان قاضي الموضوع حراً في أن يأخذ ما يطمئن إليه من الأدلة وأن يطرح ما عداه بغير معقب عليه في ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
والنعي بالوجه الثاني مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يلغ الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في 29/ 4/ 1958 بإحالة الدعوى إلى التحقيق إلا بالنسبة لما قضى به من تكليف المطعون ضده بأن يثبت بكافة طرق الإثبات موافقة الطاعن على تشييد المسجد على الأرض محل النزاع ومساهمته في إرسال الخطاب الموجه من اللجنة إلى وزارة الأوقاف بطلب الموافقة على المشروع - وذلك لما تراءى لمحكمة الاستئناف من أن هذه الوقائع تنطوي على تصرفات قانونية تزيد قيمتها على عشرة جنيهات فلا يجوز إثباتها إلا بالكتابة - أما ما عدا ذلك من الوقائع المادية التي أمر الحكم المذكور بإثباتها ومن بينها أن المطعون ضده لم يقم بتنفيذ مشروع تشييد الجامع وأن اللجنة المشكلة لذلك والتي كان الطاعن أحد أعضائها هي التي نهضت بهذا المشروع - فإن الحكم المطعون فيه لم يتناول قضاء ذلك الحكم في شأنها بالإلغاء بل إنه اعتمده وأقر النتيجة التي خلصت إليها المحكمة الابتدائية من أقوال الشهود من حيث ثبوت هذين الأمرين - أما عن واقعة مساهمة الطاعن في إرسال الخطاب الموجه إلى وزارة الأوقاف فقد اعتمد الحكم المطعون فيه في ثبوتها على ما ورد في هذا الخطاب ذاته ومن ثم يكون النعي على هذا الحكم بالتناقض غير صحيح.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 74 لسنة 30 ق جلسة 14 / 1 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 ق 9 ص 52

جلسة 14 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.

--------------

(9)
الطعن رقم 74 لسنة 30 القضائية

شفعة. "العقار المشفوع فيه".
قاعدة عدم تجزئة العقار المطلوب أخذه بالشفعة. مناطها. أن يكون المبيع عقاراً أو عقارات متعددة متصلة، أو منفصلة بشرط أن تكون مخصصة لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة بحيث يكون استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى جزء منها يجعل الباقي غير صالح لما أعد له من الانتفاع. مثال.

----------------
محل تطبيق قاعدة عدم جواز تجزئة العقار المطلوب أخذه بالشفعة أن يكون المبيع عقاراً أو عقارات متعددة متصلة - أي متلاصقة - أو منفصلة بشرط أن تكون مخصصة لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة بحيث يكون استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى جزء منها يجعل الباقي غير صالح لما أعد له من الانتفاع. وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الجزء من العقار المبيع والمحكوم فيه بالشفعة قائم منفرد بذاته عن الجزء الذي أكله النهر ولم يكن مخصصاً هو والجزء الذي أكله النهر لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة فإنه لا يصح النعي بأن قصر الحكم بالشفعة على ذلك الجزء فيه تجزئة للعقار المشفوع فيه (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضده رفع على الطاعن والمطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 556 سنة 1951 أمام محكمة سوهاج الابتدائية طالباً الحكم بأحقيته في أخذ العشرين فداناً والخمسة عشر قيراطاً والتسعة عشر سهماً المبينة بصحيفة الدعوى بالشفعة وتسليمها إليه نظير دفع الثمن الوارد بالعقد ومقداره ألف وتسعمائة وواحد وستون جنيهاً وملحقاته القانونية أو الثمن الحقيقي ومقداره سبعون جنيهاً للفدان تأسيساً على أنه علم أن المطعون ضدها الثانية باعت للطاعن القدر المذكور بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 4/ 12/ 1950 ولما كان قد اشترى من أخت المطعون ضدها الثانية نصيبها على الشيوع في ذات العقار بموجب عقد البيع المسجل في مايو سنة 1943 فإنه يكون له الحق في أخذ العقار المبيع بالشفعة باعتباره شريكاً على الشيوع - دفع الطاعن الدعوى بأن كلا العقارين المشفوع به والمشفوع فيه قد أكلهما النهر فلا وجود لهما على الطبيعة ومن ثم فلا تجوز الشفعة إذ أن حق كل من الطاعن والمطعون ضده الأول قد أصبح مجرد أمل في الحصول على أرض محل تلك التي أكلها النهر وبتاريخ 13/ 1/ 1952 قضت محكمة سوهاج الابتدائية بندب مكتب خبراء وزارة العدل لمعاينة كل من العقار المشفوع به والعقار المشفوع فيه لبيان ماذا كانا موجودين على الطبيعة كليهما أو بعضهما مع بيان مساحة ما يكون موجوداً على الطبيعة وحدوده وقد قدم مكتب الخبراء تقريره الذي انتهى فيه إلى أنه يوجد على الطبيعة من العقار المشفوع فيه ثمانية أفدنة وعشرة قراريط وسبعة أسهم ومن العقار المشفوع به ثلاثة أفدنة وستة قراريط وستة أسهم - وبتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1958 قضت المحكمة المذكورة برفض الدعوى مؤسسة قضاءها على أن حق الطاعن في الجزء الذي أكله النهر هو مجرد حق احتمالي فلا تجوز فيه الشفعة وأن الحكم بالشفعة للمطعون ضده الأول في الأطيان التي ما زالت موجودة على الطبيعة يترتب عليه تجزئة الصفقة على المشتري - رفع المطعون ضده الأول استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 280 سنة 33 ق وتمسك بطلباته السابق إبداؤها أمام المحكمة الابتدائية وطلب على سبيل الاحتياط القضاء له بأحقيته في أن يأخذ بالشفعة الأطيان الموجودة فعلاً على الطبيعة طبقاً لتقرير الخبير المنتدب ومقدارها ثمانية أفدنة وعشرة قراريط وسبعة أسهم نظير ثمنها الوارد بالعقد المؤرخ في 4/ 12/ 1950 وقدره ثمانمائة جنيه وسبعمائة وخمسون مليماً أو ما يثبت أنه الثمن الحقيقي بواقع سبعين جنيهاً للفدان وملحقاته القانونية. ومحكمة استئناف أسيوط قضت في 9/ 1/ 1960 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف (المطعون ضده الأول) في أخذ الثمانية أفدنة والعشرة قراريط والسبعة أسهم المبينة بالصحيفة وبتقرير الخبير المؤرخ 24/ 2/ 1958 بالشفعة نظير الثمن البالغ ثمانمائة جنيه وسبعمائة وخمسين مليماً والملحقات القانونية والتسليم - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظرها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه قضى بجواز الشفعة في العقار المشفوع فيه مع أن الثابت بالدعوى أن العقار المبيع بعضه موجود على الطبيعة والبعض الآخر وهو الجزء الأكبر قد أكله النهر وأصبح حق الطاعن بالنسبة لهذا الجزء الأخير مجرد حق احتمالي يتمثل في الحصول على تعويض عيني طبقاً لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1932 المنطبق على هذه الدعوى وبذلك خالف الحكم المطعون فيه نص المادة 935 من القانون المدني التي لا تجيز الشفعة إلا في العقار دون الحقوق. وأضاف الطاعن أنه لا يغير من ذلك ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من قصره الحكم بالشفعة على الأطيان الموجودة على الطبيعة إذ أن في ذلك تجزئة للصفقة على المشتري مما يضر به مع أن الشفعة لا تقبل التجزئة. هذا إلى أن المادة 945 من القانون المدني تقضي بأن يحل الشفيع قبل البائع محل المشتري، مما مفاده أن الشفيع يصبح بالشفعة خلفاً للبائع وبهذه الخلافة تنفصم الصلة بين المشتري والبائع، والحكم المطعون فيه - حين أجاز الشفعة في بعض العقار المبيع دون البعض الآخر قد أبقى على هذه الصلة بالنسبة لبعض العقار الذي أكله النهر والذي أصبح حق الطاعن فيه حقاً احتمالياً وهو أمر لو توقعه المشتري لما أقدم على الصفقة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه حين قضى بالشفعة للمطعون ضده الأول قد قصر قضاءه على الجزء من العقار المبيع والذي ما زال موجوداً على الطبيعة ولم يتناوله أكل النهر وهو قضاء صحيح ما دامت شروط الشفعة متوافرة في ذلك الجزء ولا يمنع من ذلك كون بعض العقار المطلوب أخذه بالشفعة قد أكله النهر وأصبح حق الطاعن فيه مجرد حق احتمالي، ومن ثم فلا يصح النعي على الحكم في هذا الخصوص كما لا يصح النعي عليه بأنه بقضائه هذا قد جزأ الصفقة ذلك أن محل تطبيق قاعدة عدم جواز تجزئة العقار المطلوب أخذه بالشفعة أن يكون المبيع عقاراً أو عقارات متعددة متصلة - أي متلاصقة - أو منفصلة بشرط أن تكون مخصصة لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة بحيث يكون استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى جزء منها يجعل الباقي غير صالح لما أعد له من الانتفاع. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الجزء من العقار المبيع والمحكوم فيه بالشفعة قائم منفرد بذاته عن الجزء الذي أكله النهر ولم يكن مخصصاً هو والجزء الذي أكله النهر لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة فإنه لا يصح النعي بأن في قصر الحكم بالشفعة على ذلك الجزء فيه تجزئة للعقار المشفوع فيه. ولا يغير من ذلك أن تبقى الصلة بين البائعة والمشتري بالنسبة للجزء الذي لم يتناوله حكم الشفعة، ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه لم يرد على ما تمسك به أمام محكمة الموضوع من أن قصر القضاء بالشفعة على الجزء الذي لم يتناوله أكل النهر فيه تجزئة للعقار المطلوب أخذه بالشفعة، واكتفى بالقول بأن الأطيان التي لم يتناولها أكل النهر هي محل الشفعة وليس معها غيرها من الأطيان حتى يقتضي الأمر بحث قاعدة عدم تجزئة العقار المطلوب أخذه بالشفعة، وذلك من الحكم مصادرة على المطلوب تشوبه بالقصور - هذا إلى أن دعوى الشفعة من الدعاوى التي نص القانون على اتباع إجراءات خاصة تبدأ من جانب الشفيع بإعلان الرغبة الذي يحدد فيه طلباته، وإذ حدد الشفيع طلباته في إعلان الرغبة وفي صحيفة الدعوى الابتدائية بأخذ العقار المبيع جميعه بالشفعة فإنه لا يجوز له أن يعدل في تلك الطلبات بقصر الشفعة على الجزء الذي لم يتناوله أكل النهر في صورة طلب احتياطي أمام محكمة الاستئناف إذ يجب أن تظل الطلبات دون تعديل حتى يفصل في دعوى الشفعة.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما جاء في الرد على السبب الأول وبما تضمنه الحكم المطعون فيه من أسباب انتهى بها إلى أنه لا مجال في هذه الدعوى لتطبيق قاعدة عدم جواز تجزئة العقار المطلوب أخذه بالشفعة وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد رد على ما يثيره الطاعن بما ينفي عنه القصور. ومردود في شقه الثاني بأنه أياً كان الرأي في جواز أو عدم جواز تعديل طلب الشفعة أمام محكمة الاستئناف في نطاق وقائع هذه الدعوى فإن الحكم المطعون فيه حين قصر القضاء بالشفعة على الجزء الذي لم يتناوله أكل النهر لم يكن ذلك منه استجابة لما أبداه المطعون ضده الأول من طلب احتياطي أمام محكمة الاستئناف بل كان ذلك لما ارتآه من توافر شروط الشفعة في الجزء المحكوم به بغض النظر عن تمسك المطعون ضده الثاني بطلب الشفعة في العقار جميعه أو بطلبه الاحتياطي الذي تضمن طلب الحكم بالشفعة في الجزء المحكوم به ومن ثم يكون هذا النعي غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 13/ 5/ 1948 الطعن رقم 12 س 17 ق مجموعة 25 سنة س 713 قاعدة 47.

الطعن 576 لسنة 35 ق جلسة 26 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 60 ص 368

جلسة 26 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(60)
الطعن رقم 576 لسنة 35 القضائية

(أ) بيع. "دعوى صحة التعاقد". دعوى. "نطاق الدعوى". تسجيل. صورية.
دعوى صحة ونفاذ العقد. دعوى موضوعية. تستلزم أن يكون من شأن البيع نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد. مقتضى ذلك أن يفصل القاضي في أمر صحة العقد. اتساع نطاق الدعوى لبحث كل ما يتعلق بوجود العقد أو انعدامه أو بصحته أو بطلانه وكذلك صوريته صورية مطلقة أو التنازل عنه. اختلافها في ذلك عن دعوى صحة التوقيع.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة".
محكمة الموضوع هي وحدها صاحبة الحق في تقدير الأدلة وترجيح ما تطمئن إليه منها.

---------------
1 - دعوى صحة ونفاذ العقد هي دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه وتستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها، وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة العقد وبالتالي فإن تلك الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب تتعلق بوجود العقد وانعدامه وبصحته أو بطلانه ومنها أنه غير جدي أو حصل التنازل عنه، إذ من شأن هذه الأسباب لو صحت أن يعتبر العقد غير موجود قانوناً فيحول ذلك دون الحكم بصحته ونفاذه ومن ثم فلا صحة للقول بأن ولاية القاضي في هذه الدعوى قاصرة على فحص ما إذا كان التصرف في المال موضوع النزاع قد صدر أم لم يصدر، إذ هي تختلف عن دعوى صحة التوقيع التي لا تعدو أن تكون دعوى تحفظية الغرض منها تطمين من بيده سند عرفي إلى أن صاحب التوقيع عليه لا يستطيع بعد الحكم فيها بصحة توقيعه أن ينازع في التوقيع ويمتنع فيها على القاضي أن يتعوض للتصرف المدون في السند من جهة صحته وعدم صحته ووجوده أو انعدامه وزواله بل يقتصر بحثه على صحة التوقيع فقط (1).
2 - محكمة الموضوع هي وحدها صاحبة الحق في تقدير ما يقدم إليها في الدعوى من الأدلة وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها واستخلاص ما ترى أنه واقعة الدعوى دون رقابة عليها لمحكمة النقض في ذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن بهية أحمد رمزي عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها سامية وسميحة وسراج الدين وسعود وفيصل قصر المرحوم فهمي عقل، ومفيد فهمي عقل أقاما الدعوى رقم 2160 سنة 1964 كلي القاهرة ضد حكمت عنايت عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر سامي وسعاد وبكر وعنايت أولاد المرحوم فهمي عقل طالبين الحكم بصحة ونفاذ العقد الابتدائي المؤرخ 1/ 6/ 1963 الصادر لهما من المورث ببيع العقار الموضح بالعريضة بثمن مدفوع قدره 2000 ج مع إلزام المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وقالا في بيان دعواهما أنهما اشتريا من المرحوم فهمي عقل كامل أرض وبناء المنزل رقم 33 شارع جعفر بحلوان نظير ثمن قدره 2000 ج دفع نقداً للبائع الذي أقر في العقد بقبضه وقدم بنفسه طلباً للشهر العقاري لتسجيله، إلا أنه توفى قبل التسجيل. وإذ رفضت المدعى عليها التصديق على العقد فقد أقاما الدعوى للحكم لهما بطلباتهما، وردت المدعى عليها بأن المدعية الأولى أقرت في 18/ 12/ 1963 وهو اليوم التالي لوفاة المورث فهمي عقل بأن المنزل من بين تركته، وأيدت هذا الإقرار في 7/ 3/ 1964 أمام معاون المحكمة الحسبية، وفي 28/ 9/ 1964 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 6/ 1963 الصادر من المرحوم فهمي عقل الشهير بمحمد عقل للمدعوة بهية عن نفسها وبصفتها وصية على القصر وللمدعي الثاني سعيد محمد فهمي عقل ببيع العقار رقم 33 شارع جعفر بحلوان لقاء ثمن قدره 2000 ج وألزمت المدعى عليها الأولى بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة، واستأنفت السيدة/ حكمت عنايت هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 1677 سنة 81 ق، وفي 29/ 6/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليهما مع إلزامهما بالمصروفات عن الدرجتين ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنهما. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكم، وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنان في أولها على الحكم المطعون فيه البطلان لتأسيسه على أسانيد غير صحيحة وغير قائمة ومقدمة بطريق الغش والتدليس، وفي بيان ذلك يقولان إن ولاية القضاء في دعوى صحة ونفاذ العقد قاصرة على فحص التعاقد وهل صدر من المتصرف في المال موضوع التصرف أم لم يصدر فإذا ثبت لها صدوره منه فإن القضاء بصحة العقد يكون واجباً وحتمياً وليس للمطعون عليها إلا أن تطعن على العقد بالتجهيل، ولقد تناقض الحكم في أسبابه بشأن صحة العقد إذ قرر في موضع بأنه عقد صادر من المورث وموقع عليه منه وهو ما يفيد اعتباره صحيحاً، ثم عاد في موضع آخر واعتبره عقداً غير جدي استناداً إلى ما استخلصه من بعض صفحات ملف النيابة الحسبية من أن الطاعنين تنازلا عنه دون أن يتبين وجه الحق فيما استخلصه، إذ لو اطلعت المحكمة على ملف النيابة الحسبية كله لتبينت أن في هذا الملف ما يفيد عدم التنازل، إذ الثابت أن كاتب محضر الجرد أشار في محضره إلى المنزل موضوع النزاع دون أن يعلم بأن هذا المنزل قد تم التصرف فيه فبادر الطاعنان إلى التمسك بالعقد الصادر لهما وبخروج المنزل من التركة وعندئذ كلفتهما الجهات الحسبية بتسجيله، ومن ثم فإن الحكم يكون مشوباً بالبطلان لقيامه على أسباب غير حقيقية أدى إليها إنكار المطعون عليها للعقد رغم علمها به وتقديمها صورة بعض المحاضر دون الباقي وما انطوى عليه ذلك من غش وتدليس.
وحيث إن النعي مردود في الشق الأول منه، بأن دعوى صحة ونفاذ العقد هي - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ومداه ونفاذه وتستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها، وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة العقد، وبالتالي فإن تلك الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب تتعلق بوجود العقد وانعدامه وبصحته أو بطلانه ومنها أنه غير جدي أو حصل التنازل عنه، إذ من شأن هذه الأسباب لو صحت أن يعتبر العقد غير موجود قانوناً فيحول ذلك دون الحكم بصحته ونفاذه، ومن ثم فلا صحة للقول بأن ولاية القاضي في هذه الدعوى قاصرة على فحص ما إذا كان التصرف في المال موضوع النزاع قد صدر أم لم يصدر إذ هي تختلف عن دعوى صحة التوقيع التي لا تعدو أن تكون دعوى تحفظية الغرض منها تطمين من بيده سند عرفي إلى أن صاحب التوقيع عليه لا يستطيع بعد الحكم فيها بصحة توقيعه أن ينازع في التوقيع، ويمتنع فيها على القاضي أن يتعرض للتصرف المدون في السند من جهة صحته وعدم صحته ووجوده أو انعدامه وزواله، بل يقتصر بحثه على صحة التوقيع فقط. إذ كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعنين قد رفعا دعواهما للحكم بصحة ونفاذ العقد الصادر لهما من المورث وكان للقاضي على هذا الاعتبار أن يفصل رغم ثبوت توقيع المورث على العقد في أمر جديته أو صوريته ووجوده أو التنازل عنه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس. ومردود في الشق الثاني بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في النزاع على ما قرره من أن "الواضح من مطالعة عقد البيع موضوع الدعوى أنه حرر في 1/ 6/ 1963 وتوقع عليه من المورث ومن المستأنف عليهما، وأنه بتاريخ 18/ 12/ 1963 وهو اليوم التالي للوفاة اجتمع إخوة المورث مع ورثته جميعاً وحرروا محضر جرد بالتركة وقسمة وأجروا اتفاقاً بين الورثة مفاده أن المنزل الذي كان يقطنه المورث بناحية حلوان شارع جعفر 33 مملوك للمورث ويعتبر من تركته ويخص الطرف الأول وهو المستأنف عليها الأولى 14 ط و1 س والطرف الثاني وهو المستأنفة 7 ط و18 س والطرف الثالث وهو المستأنف عليه الثاني 2 ط و5 س وأن ريعه الشهري 18 ج يخص الطرف الثاني فيه ستة جنيهات شهرياً، وتراضى الجميع على هذا التقسيم وأثبت بالمحضر إقرار من الورثة بأن المورث ليست له حقوق ولا عليه ديون لهم أو للغير، وأنه إذا ظهر أي شيء لمصلحة أي منهم يعتبر لاغياً ولا يعمل به وتوقع على المحضر من المستأنفة والمستأنف عليهما، كما أنه يبين من صورة محضر الجرد والمحرر بمعرفة سعاد حسين المعاونة المنتدبة من نيابة الأحوال الشخصية والمحرر بتاريخ 7/ 3/ 1964 في حضور الورثة أن المنزل موضوع الدعوى يدخل ضمن التركة وتوقع عليه من الطرفين (المستأنفة والمدعى عليها الأولى) وأن اعتراف المستأنف عليهما بأن المنزل موضوع النزاع يدخل ضمن التركة وقبولهما قسمتها على هذا الأساس ودرج المنزل في قائمة الجرد باعتباره عنصراً من عناصر التركة مما يدل على أن عقد البيع موضوع الدعوى لم يقصد منه أن يكون بيعاً جدياً ولم يستكمل مقوماته القانونية، وإلا لما تنازل المستأنف عليهما عنه بمحضر القسمة الموقع عليه منهما في اليوم التالي للوفاة، ولما قبلا أن يدخل ضمن محضر جرد التركة بعد حصول الوفاة بثلاثة شهور كاملة" ويبين من هذا الذي قرره الحكم أنه استخلص صورية عقد البيع وعدم جديته من محضر 18/ 3/ 1963 الموقع عليه من الطاعنين والذي أقرا فيه بأن المنزل محل النزاع مملوك للمورث ويدخل ضمن التركة وقبولهما قسمته بين جميع الورثة، إذ كانت هذه الدعامة تكفي وحدها لحمل قضائه ولم تكن محل نعي من الطاعنين، فإن النعي عليه فيما استخلصه من محاضر جرد النيابة الحسبية وأوراقها يكون غير منتج ولا جدوى فيه إذ هو من قبيل التزيد الذي يستقيم الحكم بدونه.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولان إن المحكمة الاستئنافية أهدرت العقد لأسباب غير قانونية وغير صحيحة وكان يتعين عليها صوناً لحقهما في الدفاع أن تصدر قراراً أو حكماً بالاستجواب أو بالاطلاع على أصل ملف النيابة الحسبية أو تصدر حكماً بندب خبير للانتقال وفحص الملكية والأوراق أو وضع اليد أو حكماً بالإحالة إلى التحقيق خاصة وقد أثارت المطعون عليها الصورية ومرض الموت والوصية لوارث ووضع اليد، إلا أنها أعرضت عن كل ذلك ولم تقبل حتى تحقيق التجهيل أو الدفع باعتبار العقد وصية فأخلت بدفاعهما إذ قررا بملف المحكمة الحسبية بأن العقد موجود ووعدا بتسجيله.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت محكمة الموضوع هي وحدها صاحبة الحق في تقدير ما يقدم إليها في الدعوى من الأدلة وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها واستخلاص ما ترى أنه واقعة الدعوى دون رقابة عليها لمحكمة النقض في ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد حصلت من محضر الجرد والقسمة المحرر بعد وفاة البائع في 28/ 12/ 1963 أن عقد البيع غير جدي وأن المنزل موضوع ذلك العقد يعتبر تركة عن المورث على ما جاء في الرد على الشق الثاني من السبب الأول، وكان ذلك يحمل الرد الضمني على ما تمسك به الطاعنان من أن العقد جدي، ومن ثم فلا على المحكمة إن لم تر موجباً لإجراء أي تحقيق أو انتقال لفحص أوراق أخرى غير تلك المقدمة إليها ما دامت قد رأت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي للفصل فيها، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه تناقض أسبابه وتسبيبه تسبيباً غير صحيح، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم أهدر عقد البيع رغم تكامل أركانه القانونية دون أن يبين الأسباب التي استند إليها في ذلك أو يرد على ما ورد بمذكرتهما خاصاً بصحة ونفاذ العقد، أو على ما جاء بحكم محكمة أول درجة في الوقت الذي قالت المطعون عليها فيه أن التصرف إن كان بيعاً فهو ينطوي على وصية لوارث مما مؤداه أن العقد يعتبر قائماً ولكن على أساس أنه وصية لا بيعاً مما كان يتعين معه على المحكمة مراعاته.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما سبق الرد به على الشق الثاني من السبب الأول. والنعي غير سديد في شقه الثاني، ذلك أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى اعتبار العقد غير قائم فإنه يستوي أن يكون بيعاً منجزاً أو مخفياً لوصية، وبالتالي فلم تكن به حاجة إلى الرد على هذا الدفاع الاحتياطي، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 13 مايو سنة 1965 - مجموعة المكتب الفني س 16 ص 577.
ونقض أول مارس سنة 1966 - مجموعة المكتب الفني س 17 ص 486.

الطعن 71 لسنة 30 ق جلسة 7 / 1 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 ق 8 ص 44

جلسة 7 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.

--------------

(8)
الطعن رقم 71 لسنة 30 القضائية

(أ) نزع الملكية للمنفعة العامة. "القانون رقم 5 لسنة 1907". تعويض. "تقديره". محكمة الموضوع. نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية".
استيلاء الحكومة على الأرض جبراً عن صاحبها. عدم اتباعها الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية. سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض المستحق لمالكها. مسألة موضوعية.
(ب) نزع الملكية للمنفعة العامة. تعويض. "الحكم فيه". حكم. "حجيته". إثبات. "حجية الأمر المقضي".
ترخيص الحكم في أسبابه للطاعن في صرف المبلغ المودع كتعويض عن نزع ملكيته متى قدم شهادة بخلو العين من الرهون. اعتبار ذلك قضاء يصرفه. لا مسوغ للقضاء بالإلزام طالما لم يثبت امتناع الجهة المودع لديها المبلغ عن صرفه.

-----------------
1 - لمحكمة الموضوع أن تقدر التعويض الذي يستحقه المالك مقابل ريع أرضه التي استولت عليها الحكومة جبراً عنه وأضافتها إلى المنافع العامة بغير اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية - على الوجه الذي تراه المحكمة مناسباً، فتحكم بهذا التعويض مبلغاً متجمداً أو في صورة فائدة تعويضية، وهي فيما تفعله من ذلك وفي تحديدها لسعر هذه الفائدة لا تخضع لرقابة محكمة النقض (1).
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد رخص في أسبابه للطاعن المنزوعة ملكيته في صرف المبلغ المودع الذي اعتبره يمثل القيمة الحقيقية للأرض المستولى عليها متى قدم شهادة بخلو العين من الرهون وهي الشهادة التي تستوجب المادة الثامنة من القانون رقم 5 لسنة 1907 تقديمها لإمكان صرف التعويض المستحق عن نزع الملكية فلا مسوغ بعد ذلك للقضاء بالإلزام طالما أنه لم يثبت امتناع الجهة المودع لديها المبلغ عن صرفه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه بتاريخ 17/ 4/ 1951 أقام الطاعن على وزارتي الأشغال والخزانة الدعوى رقم 374 سنة 1951 مدني كلي أسيوط طالباً الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 3182 ج والمصروفات. وقال في بيان دعواه إن المطعون ضدها الأولى استولت على أطيانه الموضحة بالصحيفة والتي تبلغ مساحتها 6 ف و22 ط و3 س وقدرت لها ثمناً لا يتناسب مع حقيقة قيمتها إذ أن ثمن الفدان منها لا يقل عن المائتي جنيه فتكون جملة ثمن المساحة المستولى عليها 1400 ج ولما كان الاستيلاء على أطيانه هذه قد تم منذ عام 1939 دون أن يدفع له ريعها أو تعويض عن حرمانه من الانتفاع بها. وكان متوسط ريع الفدان في السنة يقدر بمبلغ 25 ج فإن الريع السنوي للأطيان المستولى عليها يكون 162 ج. وتكون جملة الريع منذ الاستيلاء حتى رفع الدعوى 1782 ج وبإضافة هذا المبلغ إلى ثمن الأطيان يكون مجموع ما يستحقه هو مبلغ 3182 ج وهو ما طلب الحكم له به - وتحصل دفاع وزارة الأشغال في أن الأطيان موضوع النزاع قد تداخلت في مشروعات ري وصرف في المنطقة وأنها لم تقم بالاستيلاء عليها إلا بعد أن ندبت اللجان الفنية لمعاينتها وتقدير ثمنها بحسب موقعها ومعدنها ومعاملات الأهالي في الأطيان المجاورة، ومع مراعاة الفائدة التي عادت على باقي أطيان الطاعن في نفس المنطقة والبالغ مساحتها 212 فداناً، وأنها عرضت على الطاعن التعويض الذي قدرته عن نزع الملكية ومقداره 616 ج و51 م ولما لم يقبله قامت بتاريخ 23/ 10/ 1944 بإيداعه خزانة المحكمة ليصرف إليه بعد تقديم الشهادات العقارية الدالة على ملكيته للأطيان المستولى عليها وخلوها من الحقوق العينية للغير وأن هذا الإيداع من شأنه أن يبرئ ذمتها من كل تعويض مستحق عن نزع ملكية تلك الأطيان - وبتاريخ 3/ 4/ 1954 قضت محكمة الدرجة الأولى بندب خبير لمعاينة الأطيان المستولى عليها وبيان مساحتها وتقدير ثمنها وقت الاستيلاء مع مراعاة نص المادتين 13 و 14 من قانون نزع الملكية وإسقاط قيمة ما عسى أن يكون قد عاد من منفعة على باقي أطيان الطاعن نتيجة تنفيذ المشروعات التي جرى الاستيلاء من أجلها. كما كلفت المحكمة الخبير بتقدير ريع الأطيان المستولى عليها من تاريخ الاستيلاء حتى صدور ذلك الحكم. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 14/ 12/ 1957 بإلزام المطعون ضدها الأولى (وزارة الأشغال) في مواجهة المطعون ضدها الثانية (وزارة الخزانة) بأن تؤدي للطاعن مبلغ 3103 ج و39 م منه مبلغ 622 ج و812 م قيمة الأطيان المستولى عليها ومبلغ 2280 ج و227 م قيمة ريعها من تاريخ الاستيلاء حتى آخر سنة 1955 - فاستأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 163 سنة 33 ق أسيوط وطلبتا إلغاء الحكم المستأنف والقضاء أصلياًًًًً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أن رافعها لم يقدم ما يثبت أنه مالك للأطيان المستولى عليها واحتياطياً تقدير التعويض المستحق بمبلغ 616 ج و59 م وبتاريخ 3/ 1/ 1960 قضت محكمة الاستئناف - بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضدهما بأن يدفعا للطاعن مبلغ 470 ج و569 م (وهو قيمة الريع المستحق له من أول سنة 1940 الزراعية حتى سنة 1944 - الفترة السابقة على الإيداع) والفوائد بواقع 5% سنوياً عن مبلغ 616 ج و59 م الذي قدرته المحكمة ثمناً للأطيان المستولى عليها وذلك من تاريخ إيداعه الحاصل في 23 من أكتوبر سنة 1944 حتى 14 أكتوبر سنة 1959 وبواقع 4% من 15/ 10/ 1949 حتى تاريخ صدور الحكم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ أول فبراير سنة 1960. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 2/ 2/ 1963 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره عدلت النيابة عن رأيها السابق وتمسكت بما ورد بمذكرتها التكميلية التي انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن في الثلاثة الأولى منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والتناقض ومخالفة الثابت بالأوراق، ويقول في بيان ذلك إنه تمسك في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف بأنه لما كانت الوزارة المطعون ضدها الأولى قد نزعت أطيانه من تحت يده بغير الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 ولم تودع المبلغ الذي قدرته ثمناً لها إلا في 23/ 10/ 1944 بعد الاستيلاء عليها بنحو خمس سنوات ولم تخطره بهذا الإيداع، فإن ذلك الإيداع لا يمكن الاحتجاج به عليه ولا يعفي المطعون ضدها المذكورة من غلة الأطيان المستولى عليها، وقد أغفل الحكم المطعون فيه هذا الوجه من أوجه دفاعه ولم يرد عليه مما يجعله مشوباً بالقصور، كما أنه إذ اعتبر الإيداع على النحو المتقدم وفاء للثمن مانعاً من استحقاق الطاعن لغلة العين عن المدة اللاحقة لهذا الإيداع فإنه يكون مخالفاً للقانون - كما خالف الثابت بالأوراق فيما قرره من أن الإيداع الذي قامت به الحكومة في 23/ 10/ 1944 لم يكن مشروطاً بشروط تقيده أو تمنع الطاعن من صرف المبلغ المودع وأن من شأن هذا الإيداع أن ينتج أثره القانوني، ذلك أنه شرط بمحضر الإيداع للصرف تقديم ما يثبت فض النزاع القائم بين الطاعن وآخرين وتقديم مستندات التمليك وشهادة بعدم وجود حقوق عينية على العقارات المستولى عليها - وهي قيود تجعل من المتعذر على الطاعن صرف المبلغ المودع - كذلك فقد شاب الحكم المطعون فيه تناقض إذ على الرغم من أنه اعتبر الإيداع آنف الذكر مسقطاً لحق الطاعن في الريع بعد تاريخ هذا الإيداع بمقولة إن الوزارة كانت على حق في إيداع المبلغ خزانة المحكمة بعدم قبول الطاعن له ولعدم تقديمه لها الدليل على ملكيته للأطيان المستولى عليها حتى تاريخ هذا الإيداع، فإن الحكم عاد بعد ذلك وقضى له بفوائد عن المبلغ المودع من تاريخ الإيداع حتى تاريخ صدوره تأسيساً على ما قاله من أن الطاعن كان في حالة لا يستطيع معها قبول الثمن المعروض عليه لأنه شرط عليه الإبراء رغم استحقاقه للغلة عن المدة السابقة على الإيداع وأخيراً يعيب الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب لأنه ألغى قضاء الحكم الابتدائي بأحقية الطاعن للريع عن المدة اللاحقة لتاريخ الإيداع دون أن يبين الأسباب التي دعته إلى مخالفة وجهة نظر الحكم الابتدائي في هذا الخصوص.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن قرر أن المبلغ المودع من الحكومة في 23/ 10/ 1944 على ذمة الطاعن وقدره 616 ج و59 م يمثل الثمن الحقيقي للأرض المستولى عليها، أثبت أحقية الطاعن في ريع هذه الأرض عن المدة من تاريخ الاستيلاء حتى تاريخ الإيداع وقدر الريع المستحق في هذه الفترة بمبلغ 470 ج و569 م أخذاً بتقدير الخبير الذي عينته المحكمة الابتدائية ثم قال الحكم في شأن استحقاق الطاعن للريع عن المدة اللاحقة للإيداع ما يأتي "وحيث إنه بالنسبة للمدة التالية للإيداع فإنه من المقرر أن دفع الثمن يحول دون تقدير ريع عن الأرض المستولى عليها. إذ أن حكم القانون في هذا الخصوص هو دفع الثمن، والغلة حتى دفع الثمن - على أنه من ناحية أخرى فإنه لما كان المستأنف ضده (الطاعن) في حالة لا يستطيع معها قبض الثمن المعروض عليه لأنه شرط عليه الإبراء رغم استحقاقه للغلة السابقة على تاريخ الإيداع. فإن المحكمة ترى في هذه الحالة أن للمستأنف عليه (الطاعن) حق طلب فائدة لتعويضه عن هذا المبلغ وترى تقديرها بالفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ الإيداع الحاصل في 23/ 10/ 1944 حتى 15/ 10/ 1949 وبواقع 4% من هذا التاريخ حتى تاريخ صدور هذا الحكم المنهي للنزاع". وانتهى الحكم المطعون فيه في منطوقه إلى القضاء بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين (المطعون ضدهما) بأن يدفعا للطاعن مبلغ 470 ج و569 م (قيمة الريع عن المدة السابقة على الإيداع) والفوائد عن مبلغ 616 ج و59 م بواقع 5% من تاريخ الإيداع الحاصل في 23/ 10/ 1944 حتى 14/ 10/ 1949 وبواقع 4% من 15/ 10/ 1949 حتى تاريخ صدور هذا الحكم - ومن هذا يبين أن الحكم المطعون - خلافاً لما يقوله الطاعن - لم يعتد بالإيداع الحاصل في 23/ 10/ 1944 بل إنه انتهى إلى عدم جواز احتجاج الحكومة به في انتفاء مسئوليتها عن ريع الأطيان المستولى عليها في المدة اللاحقة له - وإن كان قد بنى ذلك على سبب آخر غير عدم إخطار الطاعن بالإيداع - وقضى فعلاً للطاعن بتعويض مقابل حرمانه من غلة العين المستولى عليها في تلك المدة وأجرى هذا التعويض مجرى الفائدة وحدد سعرها بما يوازي سعر الفائدة القانونية. ولما كان لمحكمة الموضوع أن تقدر التعويض الذي يستحقه المالك مقابل ريع أرضه التي استولت عليها الحكومة جبراً عنه وأضافتها إلى المنافع العامة بغير اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية - على الوجه الذي تراه المحكمة مناسباً؛ فتحكم بهذا التعويض مبلغاً متجمداً أو في صورة فائدة تعويضية وهي فيما تفعله من ذلك وفي تحديدها لسعر هذه الفائدة لا تخضع لرقابة محكمة النقض - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخالفاً للقانون في هذا الخصوص. وإذ كان هذا الحكم قد انتهى إلى عدم الاعتداد بالإيداع في نفي التزام وزارة الأشغال بالريع في المدة اللاحقة لهذا الإيداع لما رآه من أن صرف المبلغ المودع كان معلقاً على شرط غير جائز هو إبراء الطاعن للحكومة من باقي التعويض المستحق له، فإن الحكم إذ انتهى إلى هذه النتيجة لم يكن عليه بعد ذلك أن يبحث دفاع الطاعن الخاص بعدم إخطاره بالإيداع ما دام الطاعن كان يهدف من هذا الدفاع الوصول إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم فعلاً من حيث عدم جواز الاحتجاج بالإيداع في انتفاء مسئولية الحكومة عن الريع في المدة اللاحقة للإيداع وبالتالي يكون النعي على الحكم المطعون فيه لإغفاله الرد على ذلك الدفاع على غير أساس كما يكون النعي عليه بالقصور لعدم بيانه الأسباب التي دعته إلى مخالفة الحكم الابتدائي فيما قرره هذا الحكم من أحقية الطاعن للريع في المدة اللاحقة للإيداع نعياً لا يصادف محلاً لأن الحكم المطعون فيه لم يخالف الحكم الابتدائي في هذا الخصوص. كذلك فإنه متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى على ما سلف القول - إلى النتيجة التي يهدف الطاعن من نعيه بباقي الأسباب المتقدم ذكرها الوصول إليها فإن هذا النعي بفرض صحته - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع التناقض ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أولاً: إن الحكم المطعون فيه رغم قضائه بالفوائد المستحقة عن المبلغ المودع مقابل قيمة الأطيان المستولى عليها فإنه لم يقض لا بإلزام وزارة الأشغال بأداء هذا المبلغ ولا بصرفه للطاعن. ثانياً - أن الحكم لم يقض بالفوائد المستحقة عن ذلك المبلغ حتى تمام السداد وإنما قضى بها حتى يوم صدوره. ثالثاً - أن الحكم فرق بين المبلغ المودع مقابل قيمة العين والمبلغ المستحق مقابل الريع عن المدة السابقة للإيداع فقضى بفائدة عن الأول ولم يقض بفائدة عن الثاني.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الحكم المطعون فيه بعد أن سجل في تقريراته أن المحكمة ترى أن المبلغ السابق إيداعه من الحكومة في 23/ 10/ 1944 على ذمة الطاعن وقدره 616 ج و59 م يمثل فعلاً الثمن الحقيقي للأرض المستولى عليها - قال الحكم "وحيث إن إيداع الحكومة هذا المبلغ لم يكن مشروطاً إلا بتقديم مستندات الملكية وشهادة بخلو العين من الرهون والحقوق العينية وهي شروط مستساغة للإيداع. مما ترى معه المحكمة أن مثل هذا الإيداع من شأنه أن يعمل أثره القانوني وبوسع المستأنف عليه (الطاعن) أن يعمل على صرفه من الخزانة - وحيث إن الثابت أن المستأنف ضده لم يقبل هذا المبلغ ومن ثم فقد كانت المستأنفة على حق في إيداعه الخزانة سيما وأن المستأنف ضده لم يكن قد تقدم بعد بدليل ملكيته ولم يقدم هذا الدليل إلا أخيراً في مرحلة الاستئناف" ومن هذا يبين أن الحكم المطعون فيه قد رخص للطاعن في صرف المبلغ المودع الذي اعتبره يمثل القيمة الحقيقية للأرض المستولى عليها متى قدم الطاعن شهادة بخلو العين من الرهون وهي الشهادة التي تستوجب المادة الثامنة من القانون رقم 5 لسنة 1907 تقديمها لإمكان صرف التعويض المستحق عن نزع الملكية لمستحقيه - ومن ثم يكون إدعاء الطاعن بأن الحكم لم يقض له بصرف هذا المبلغ على غير أساس ولا يهم أن يكون القضاء بذلك في الأسباب إذ يجوز أن يكون بعض المقضي به وارداً في أسباب الحكم وما دام الحكم قد رخص للطاعن في صرف المبلغ المودع فلا مسوغ بعد ذلك للقضاء بالإلزام طالما أنه لم يثبت امتناع الجهة المودع لديها المبلغ عن صرفه - والنعي في باقي ما تضمنه مردود بأن التناقض المدعى به لا وجود له في الحكم المطعون فيه إذ الفوائد التي قضى بها عن قيمة العين المستولى عليها هي فوائد تعويضية مقابل حرمان الطاعن من الغلة في المدة التالية للإيداع وليست فوائد تأخيرية كما أن الطاعن وقد اقتصر في دعواه على طلب إلزام المطعون ضدها بقيمة الأرض المستولى عليه وريعها اللذين قدرهما بمبلغ 3182 ج مع المصاريف والأتعاب ولم يطلب الحكم له بأية فوائد تأخيرية فإنه لا يكون له بعد ذلك أن يعيب على الحكم المطعون فيه عدم القضاء له بتلك الفوائد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس فيتعين رفضه.


(1) راجع نقض 21/ 11/ 1963 الطعن رقم 238 س 29 ق السنة 14 ص 1073.

الطعن 570 لسنة 35 ق جلسة 26 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 59 ص 364

جلسة 26 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(59)
الطعن رقم 570 لسنة 35 القضائية

(أ) نقض. "حالات الطعن". قوة الأمر المقضي.
جواز الطعن بالنقض لمخالفة حكم سابق. يشترط فيه أن يكون الحكم المطعون فيه قد فصل في النزاع على خلاف ما فصل فيه الحكم السابق الحائز لقوة الشيء المحكوم فيه.
(ب) قوة الأمر المقضي.
حجية الشيء المحكوم فيه لا تلحق إلا بمنطوق الحكم ولا يلحق بأسبابه إلا ما كان منها مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً وفيما فصل فيه الحكم بصفته صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها. ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
(ج) حكم "حجية الحكم". "قوة الأمر المقضي". بيع "دعوى صحة التعاقد" عقد "فسخ العقد". دعوى. "الطلبات في الدعوى".
اختلاف دعوى صحة العقد عن دعوى الفسخ سبباً وموضوعاً.

---------------
1 - النص في المادة الثالثة من القانون 57 سنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، على أن للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي، أياً كانت المحكمة التي أصدرته فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم فيه، يدل على أنه يشترط لجواز الطعن بالنقض لهذا السبب أن يكون الحكم المطعون فيه قد فصل في النزاع على خلاف ما فصل فيه الحكم السابق والذي يكون قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه.
2 - الأصل أن حجية الشيء المحكوم فيه لا تلحق إلا بمنطوق الحكم ولا تلحق بأسبابه إلا ما كان منها مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً، وفيما فصل فيه الحكم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، ومن ثم فإن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
3 - تختلف دعوى صحة العقد عن دعوى الفسخ سبباً وموضوعاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدتين حميدة وروحية أبو زيد شلبي باعتا في 20 إبريل سنة 1953 بعقد ابتدائي أربعة قراريط وستة أسهم في أرض ومباني المنزل الواقع بشارع مرزوق إلى السيدة/ نبوية محمد محمد أحمد بثمن قدره مائة وثلاثون جنيهاً، عجل منه ثلاثون جنيهاً على أن يكون أداء الباقي وقت التوقيع على العقد النهائي، إلا أن المشترية أقامت الدعوى 1512 سنة 1952 مدني جزئي شبرا تطلب الحكم لها بصحة ونفاذ هذا العقد وتسليم المبيع إليها في الوقت الذي كان ما زال باقياً من الثمن مبلغ 85 جنيهاً، ولما أجابتها المحكمة إلى طلبها وحكمت بصحة التعاقد والتسليم وتقاعست عن أداء باقي الثمن أقامت البائعتان الدعوى 1419 سنة 1962 مدني جزئي شبرا تطلبان الحكم بفسخ عقد البيع لعدم الوفاء بباقي الثمن، ودفعت المشترية الدعوى بأن الحكم الصادر لصالحها بصحة العقد إذ أصبح نهائياً فإن حجيته تمنع من إجابة طلب الفسخ، وبتاريخ أول ديسمبر سنة 1963 حكمت تلك المحكمة برفض الدعوى أخذاً بحجية الحكم الصادر في دعوى صحة العقد، واستأنفت البائعتان هذا الحكم لدى محكمة القاهرة الابتدائية وطلبتا إلغاءه والحكم لهما بفسخ العقد وقيد الاستئناف برقم 204 سنة 1964 مصر، وبتاريخ 30 يونيه سنة 1965 حكمت تلك المحكمة بهيئة استئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ عقد البيع. طعنت المشترية في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم كما أصرت المطعون ضدهما على طلب رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرتها التي طلبت فيها الحكم بعدم جواز الطعن لوروده على حكم صادر من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصر كل على رأيه.
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم جواز الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ صدر من المحكمة الابتدائية (بهيئة استئنافية) في دعوى فسخ عقد بيع بعد صدور حكم نهائي سابق بصحة هذا العقد، وكان الحكم الأول لم يتعرض لواقعة وفاء المشتري بثمن المبيع فلا يكون هناك تناقض بين ما يقرره الحكم المطعون فيه من فسخ هذا العقد لعدم الوفاء بالثمن وبين سبق الحكم بصحة هذا العقد لأن موضوع سداد باقي الثمن لم يكن موضع بحث في دعوى صحة ونفاذ العقد، وإذ انتفى التناقض بين الحكمين فإن الطعن بالنقض على الحكم المطعون فيه يكون غير جائز.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أن النص في المادة الثالثة من القانون 57 سنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - الذي يحكم هذا الطعن - على أن "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم فيه" يدل على أنه يشترط لجواز الطعن بالنقض لهذا السبب أن يكون الحكم المطعون فيه قد فصل في النزاع على خلاف ما فصل فيه الحكم السابق، والذي يكون قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه، وإذ كان الحكم المطعون فيه صدر من محكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) في دعوى المطعون عليهما بفسخ عقد البيع المؤرخ 20 إبريل سنة 1953 لعدم وفاء المشترية (الطاعنة) بكامل الثمن، وكان الحكم الصادر بين الخصوم أنفسهم في الدعوى 1512 سنة 54 مدني شبرا الجزئية والذي أصبح نهائياً قضى بصحة هذا العقد دون أن يبت في أمر المتبقى من ثمن المبيع، فإن النزاع حول هذا الباقي من الثمن أو الآثار المترتبة عليه لا تحوز حجية ما تحول دون نظر دعوى الفسخ لعدم الوفاء بهذا الثمن، ويكون سبب الطعن القائم على أن الحكم المطعون فيه والصادر بفسخ عقد البيع جاء على خلاف الحكم النهائي الصادر بصحة هذا العقد لا سند له، ذلك أن الأصل أن حجية الشيء المحكوم فيه لا تلحق إلا بمنطوق الحكم ولا تلحق بأسبابه إلا ما كان منها مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً وفيما فصل فيه الحكم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية، سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، ومن ثم فإن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، ولما كان الحكم الصادر في الدعوى 1512 سنة 54 مدني شبرا الجزئية لم يفصل في أمر الباقي من ثمن المبيع بل تركه دون البت فيه، فإن حق البائعتين في المطالبة بباقي هذا الثمن يظل قائماً، وكذلك يبقى لهم حقهم في طلب إعمال الآثار المترتبة على عدم الوفاء به والمطالبة بفسخ العقد جزاء عدم تنفيذ هذا الالتزام، دون أن يؤثر في قيام هذا الحق صيرورة حكم صحة العقد نهائياً لاختلاف دعوى صحة العقد عن دعوى الفسخ المذكورة سبباً وموضوعاً، ويتخلف بذلك شرط جواز الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه لصدوره على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به.

الطعن 408 لسنة 29 ق جلسة 6 / 1 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 ق 7 ص 40

جلسة 6 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، وأحمد حسن هيكل، والدكتور محمد حافظ هريدي.

-------------------

(7)
الطعن رقم 408 لسنة 29 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "ربط الضريبة".
تقدير الأرباح. صيرورته نهائياً. عدم جواز اتخاذ إجراءات جديدة لإعادة التقدير.

---------------
متى تم الاتفاق بين مصلحة الضرائب والممول على تقدير أرباحه أو كانت مصلحة الضرائب قد اتخذت الإجراءات المنصوص عليها في القانون لتقديرها وتمت وأصبحت نهائية فإن مركز الممول - وهو مركز قانوني - يكون قد تحدد واستقر عند هذا الوضع مما لا يجوز معه اتخاذ إجراءات جديدة لإعادة التقدير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 6/ 4/ 1950 أصدرت لجنة تقدير ضرائب الإسكندرية قراراً بتحديد صافي أرباح منشأتي عبد الحميد أبو جاموس وعبد الفتاح أبو جاموس لتجارة الحلويات الجافة والمحمصة عن سنة 1947 بمبلغ 896 ج وطعن الممولان في هذا القرار أمام محكمة دمنهور الابتدائية وبتاريخ 25/ 4/ 1951 حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد وأعلنت مصلحة الضرائب هذا الحكم إلى الممولين ولم يستأنفاه. وبتاريخ 30 سبتمبر سنة 1952 عادت مأمورية ضرائب دمنهور وأخطرت الممول الأول وحده بالنموذج رقم 18 ضرائب وبمقتضاه حددت أرباحه عن ذات السنة من تجارة الحلويات فقط بمبلغ 360 ج واعترض الممولان على هذا الإخطار لقيام شركة تضامن بينهما وأقرتهما المأمورية على ذلك وفي 29/ 11/ 1952 أخطرتهما بالنموذج رقم 19 ضرائب بربط الضريبة عليهما واعتبار نصيب كل منهما في صافي الربح مبلغ 180 ج وطعنا على هذا الربط وعرض الخلاف على اللجنة وبتاريخ 9/ 2/ 1953 أصدرت اللجنة قرارها بتقدير صافي أرباح منشأتيهما عن سنة 1947 بمبلغ 270 ج ولم تطعن المصلحة في هذا القرار لمناسبة تنفيذ المرسوم بقانون رقم 240 سنة 1952 أخطرت المأمورية الممولين بربط الضريبة على أرباحهما عن السنوات من سنة 1948 حتى سنة 1951 باعتبارها مبلغ 896 ج قياساً على أرباحهما في سنة 1947 واعترضا على هذا الإخطار وتمسكا بقرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 9 فبراير سنة 1953 والذي حدد صافي أرباحهما في سنة 1947 بمبلغ 270 ج وأحالت المأمورية الخلاف إلى لجنة الطعن حيث تمسكت بأن قرار 6/ 4/ 1950 كان عن ربط أصلي قاصر على نشاط الممولين في تجارة الحلويات بينما قرار 9/ 2/ 1953 هو عن ربط إضافي عن نشاطهما في المحمصة وأنه بذلك يكون ربحهما في سنة 1947 هو مجموع التقديرين. وبتاريخ 5/ 5/ 1956 قررت اللجنة قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع تحديد وعاء الضريبة على الطاعنين في كل من السنوات من 1947 إلى 1951 بمبلغ 896 ج بواقع النصف لكل منهما مستندة في ذلك على ما ثبت لها من أن كلاً من تقديري 6 إبريل سنة 1950 و9 فبراير سنة 1953 تناول نشاط الممولين في تجارة الحلويات والمحمصة معاً بما لا محل معه لإجراء ربط إضافي ويتعين اتخاذ التقدير الأول الذي أصبح نهائياً أساساً لربط الضريبة عليهما. وأقام الممولان الدعوى رقم 46 سنة 1956 تجاري كلي دمنهور بالطعن في هذا القرار طالبين الحكم ببطلانه واعتبار أرباح سنة 1947 مبلغ 270 ج واتخاذ هذا الربح أساساً لربط الضريبة في السنوات التالية طبقاً للمرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1950. وبتاريخ 12/ 5/ 1958 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد القرار المطعون فيه وإلزام الطاعنين المصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف الممولان هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبين إلغاءه والحكم لهما بطلباتهما وقيد هذا الاستئناف برقم 258 سنة 14 ق الإسكندرية. وبتاريخ 21/ 5/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان قرار لجنة طعن ضرائب الإسكندرية - الدائرة الأولى - الصادر بجلسة 5/ 5/ 1956 واعتبار وعاء الضريبة على المستأنفين مبلغ 270 ج واتخاذ هذا الربح أساساً للسنوات التالية طبقاًً لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 وألزمت المستأنف عليها المصروفات وعشرة جنيهات أتعاباً للمحاماة عن الدرجتين. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهما رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من اعتبار أرباح المطعون عليهما في سنة 1947 هي مبلغ 270 ج طبقاً لقرار لجنة الطعن الصادر في 9/ 2/ 1953 واتخاذ هذه الأرباح أساساً لربط الضريبة في السنوات التالية إذ أنه وقد سلم بأن قرار لجنة التقدير الصادر بتاريخ 6/ 4/ 1950 تناول أرباح المطعون عليهما في سنة 1947 عن نشاطهما في تجارة الحلويات الجافة والمحمصة وأن هذا التقدير أصبح نهائياً فإن مؤدى ذلك هو بطلان إجراءات إعادة تقدير الأرباح عن ذات السنة سواء من جانب مصلحة الضرائب أو من جانب لجنة الطعن لمجاوزة كل منهما اختصاصها، ولا وجه للقول بأن المصلحة عدلت عن قرار لجنة التقدير لأنها لا تملك العدول عن قرار تعلق به حق الخزانة العامة كما لا وجه للقول بأنها لم تطعن في قرار لجنة الطعن الصادر في 9/ 2/ 1953 إذ هو قرار باطل تجاوزت به اللجنة حدود اختصاصها ولا يصحح من بطلانه قبول مصلحة الضرائب له.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه متى تم الاتفاق بين مصلحة الضرائب والممول على تقدير أرباحه أو كانت مصلحة الضرائب قد اتخذت الإجراءات المنصوص عليها في القانون لتقديرها وتمت وأصبحت نهائية فإن مركز الممول - وهو مركز قانوني - يكون قد تحدد واستقر عند هذا الوضع بما لا يجوز معه اتخاذ إجراءات جديدة لإعادة تقديرها، وإذ كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أنه بعد أن أصدرت لجنة التقدير قرارها في 6/ 4/ 1950 بتحديد أرباح المطعون عليهما عن سنة 1947 بمبلغ 896 ج عادت المصلحة فاتخذت إجراءات جديدة لتقدير أرباح هذه السنة وأصدرت لجنة الطعن قرارها المؤرخ 9/ 2/ 1953 بتقديرها بمبلغ 270 ج وجرى الحكم المطعون فيه على اعتماد قرار اللجنة الثاني دون الأول فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.

الطعن 320 لسنة 29 ق جلسة 6 / 1 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 ق 6 ص 36

جلسة 6 من يناير سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، والدكتور محمد حافظ هريدي.

---------------

(6)
الطعن رقم 320 لسنة 29 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "إجراءات ربط الضريبة". "الطعن في الربط". "ميعاده".
ميعاد الطعن في قرارات لجان التقدير. سريانه في شأن الدعاوى التي ترفع بالطعن في تقديرات اللجان دون غيرها. الدعوى ببراءة الذمة من دين الضريبة وبطلان قرار اللجنة الصادر بإعادة التقدير. لا محل لمراعاة هذا الميعاد.

---------------
الميعاد المنصوص عليه في المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قبل تعديلها بالقانون رقم 149 لسنة 1950 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - إنما يسري في شأن الدعاوى التي ترفع بالطعن في تقديرات اللجان دون غيرها من الدعاوى. ومن ثم فإن الدعوى ببراءة ذمة الممول من دين الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية المطالب بها لسبق الاتفاق على تقديرها وسدادها وبطلان قرار اللجنة الصادر بإعادة تقدير تلك الأرباح، لا تخضع في رفعها لهذا الميعاد (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم فؤاد جرجس مورث المطعون عليهم أقام الدعوى رقم 86 سنة 1948 تجاري الإسكندرية الابتدائية ضد مصلحة الضرائب - بالطعن في قرار لجنة التقدير الصادر بتاريخ 27/ 9/ 1948 طالباً الحكم ببطلانه فيما قضى به من تحديد أرباحه ورأسماله المستثمر في السنوات من 1939 إلى 1945 وبراءة ذمته من الضريبة المستحقة عنها مع إلزام المصلحة بالمصاريف والأتعاب وقال شرحاً لدعواه إنه في خصوص أرباح السنوات من 1939 إلى سنة 1943 سبق الاتفاق بينه وبين المصلحة على تقديرها وسدد الضريبة المستحقة عنها فلا يجوز إعادة النظر في هذا التقدير وفي خصوص أرباح سنتي 1944، 1945 استبعدت اللجنة بعض المصروفات الواردة في إقراراته وخفضت نسبة الاستهلاك التي سبق أن اعتمدتها في السنوات السابقة وحددت رأسماله المستثمر مع أن هذا التحديد من حقه. ودفعت مصلحة الضرائب بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939، وطلبت من باب الاحتياط رفضها وتأييد قرار اللجنة. وبتاريخ 31/ 5/ 1950 حكمت المحكمة حضورياً: أولاً - برفض الدفع بعدم قبول دعوى المدعي بالنسبة لطعنه في قرار لجنة تقدير الضرائب الصادر بتاريخ 27/ 9/ 1948 عن تحديد أرباحه في السنوات من 1939 إلى 1943 وقبولها شكلاً وتحديد جلسة 20/ 9/ 1950 لنظر الطعن موضوعاً. ثانياً - بقبول الدفع وبعدم قبول دعوى المدعي شكلاً بالنسبة لطعنه في قرار لجنة تقدير الضرائب السالف ذكره عن تحديد أرباحه في سنتي 1944، 1945 وألزمته المصاريف المناسبة عن هذا الطعن ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة - ثم عادت وبتاريخ 6/ 12/ 1952 فحكمت في موضوع الطعن بإلغاء قرار لجنة التقدير بشأن أرباح السنوات من 1939 إلى 1943 وبعدم جواز إعادة الربط عنها وبراءة ذمة الطاعن من الضريبة في تلك السنوات وألزمت المصلحة بالمصروفات، 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة - واستأنفت مصلحة الضرائب هذين الحكمين لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءهما والحكم بعدم قبول الدعوى ومن باب الاحتياط رفضها وقيد هذا الاستئناف برقم 53 سنة 6 ق كما استأنف ورثة الممول الحكم الأول طالبين إلغاءه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة لأرباح سنتي 1944، 1945 وقيد هذا الاستئناف برقم 60 سنة 11 ق وتقرر ضم الاستئنافين للارتباط - وبتاريخ 26/ 2/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكمين الصادرين في 31/ 5/ 1950، 6/ 12/ 1952 وألزمت كل مستأنف بمصاريف استئنافه وبالمقاصة في أتعاب المحاماة - وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أنه في خصوص أرباح السنوات من 1939 إلى 1943 قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد استناداً إلى أن اختصاص اللجنة بتقدير الأرباح يقتصر على الحالات التي لا يتم فيها الاتفاق بين المصلحة والممول على تحديد وعاء الضريبة بحيث إذا تم الاتفاق بينهما ثم أعادت المصلحة تقدير الأرباح وأصدرت اللجنة قراراً بشأنها جاز للممول أن يطعن فيه بدعوى مبتدأة غير مقيد في ذلك بالميعاد المنصوص عليه في المادة 54 من القانون 14 لسنة 1939، وهذا الذي استند إليه الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن مأمورية الضرائب المختصة كانت قد أجرت تعديلات على إقرارات مورث المطعون عليهم عن السنوات من 1939 إلى 1943 وربطت الضريبة على مقتضاها ثم استبان لها - وهي في صدد تحديد رأس المال تمهيداً لربط الضريبة الخاصة - أنها أخطأت في تقدير وعاء الضريبة على الأرباح التجارية فأعادت ربط الضريبة وإذ لم يوافق الممول على هذا الربط الجديد وأحيل الخلاف على اللجنة ولم يعترض أمامها وأصدرت اللجنة قرارها المطعون فيه وأعلن هذا القرار للمورث ولم يطعن فيه في الميعاد فإنه يتعين عدم قبول الدعوى إذ أن ولاية اللجنة تتصل بكل نزاع يقوم بين المصلحة والممول أياً كان سببه وسواء تعلق هذا السبب بتقدير الأرباح أو بإعادة الربط أو بمبدأ الخضوع للضريبة، وولاية المحكمة لا تتصل بقرار اللجنة إلا عن طريق المعارضة فيه طبقاً للأوضاع وفي المواعيد المقررة في المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الميعاد المنصوص عليه في المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 قبل تعديلها بالقانون رقم 146 لسنة 1950 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما يسري في شأن الدعاوى التي ترفع بالطعن في تقديرات اللجان دون غيرها من الدعاوى، وإذ كانت دعوى مورث المطعون عليهم ضد مصلحة الضرائب هي دعوى براءة ذمة من دين الضريبة المطالب بها عن أرباح السنوات من 1939 إلى 1943 لسبق الاتفاق على تقديرها وسداد الضريبة المستحقة عنها وبطلان قرار اللجنة الصادر بإعادة تقدير هذه الأرباح وهي على هذه الصورة لا تخضع في رفعها للميعاد المنصوص عليه في المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 وكان الحكم الطعون فيه قد قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى استناداً إلى أنه "استبان من المستندات التي قدمها المستأنف ضده أن المصلحة قدرت عليه أرباح السنوات من 1939 إلى 1943 وأعلنته عن كل سنة بالنموذج 4 ضرائب منذرة إياه بالدفع فامتثل وسدد وفقاً لهذه النماذج وهذا السداد أمر لم تجحده المصلحة وبعد السداد جاءت المصلحة وأخطرت المستأنف ضده بقرار اللجنة بإعادة التقدير عن هذه السنوات والتجاء المصلحة أو مأمور الضرائب إلى لجنة التقدير بعد هذا الاتفاق الذي لا شك أنه قد تم بين الطرفين على ما سلف البيان أمر يتنافى مع صراحة نص المادة 54 من القانون رقم 14 لسنة 1939 من أنه "إذا تيقن وجود الاتفاق انعدمت ولاية لجنة التقدير في نظر هذا النزاع خصوصاً بعد أن سدد المستأنف ضده الضريبة نزولاً على هذا الاتفاق" - إذ كان ذلك، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


(1) راجع نقض 1/ 4/ 1964 الطعن 207 س 29 ق السنة 15 ص 492.

الطعن 560 لسنة 35 ق جلسة 26 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 58 ص 358

جلسة 26 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف, وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

---------------

(58)
الطعن رقم 560 لسنة 35 القضائية

(أ) محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة". عقد. "تكييف العقد". نقض. "سلطة محكمة النقض".
سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى عند التعرف على حقيقة العقد والتحري عن قصد المتصرف في تصرفه. لا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك.
(ب) بيع. "الاحتفاظ بحق الانتفاع". وصية. إثبات. "الإقرار". خلف. وارث. عقد. "تكييف العقد".
احتفاظ المورث بحقه في الانتفاع بالمبيع مدى حياته. لا يحتم ذلك وجوب اعتبار التصرف وصية ولا يتعارض مع تنجيز التصرف متى كانت أدلة الدعوى تفيد هذا التنجيز. إقراره بأنه قصد من التصرف الوصية لا حجية له في حق المتصرف إليهم. لا يعتبرون في خصوص هذا التصرف ورثة أو خلفاء عامين للمورث بل هم خلف خاص له.

------------------
1 - لمحكمة الموضوع وهي في سبيل التعرف على حقيقة العقد والتحري عن قصد المتصرف من تصرفه، سلطة تقدير الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به منها، متى كان استخلاصها سائغاً متفقاً مع الثابت بالأوراق وهي إذ تباشر سلطتها في تقدير الأدلة تملك الأخذ بنتيجة دون أخرى، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كانت الأدلة التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة.
2 - إذ خلصت محكمة الموضوع إلى أن نية العاقدين قد اتجهت في العقد إلى التنجيز ونقل الملك الفوري إلى الورثة المشترين على أساس البيع أو الهبة، ودلل الحكم على ذلك بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها, ومن ثم فلا يقبل من الطاعنات القول بأن الحكم أخطأ في تكييف العقد استناداً إلى سبق إقرار المورث في صحيفة دعوى أخرى أو طلب شهر عقاري بأنه قصد من التعاقد الوصية دون غيرها من التصرفات بدليل احتفاظه لنفسه في العقد بحق الانتفاع بالعقار مدى الحياة، ذلك لأن احتفاظ البائع بحقه في الانتفاع بالمبيع مدى حياته لا يتحتم معه وجوب اعتبار التصرف وصية ولا يتعارض مع تنجيز التصرف، متى كانت أدلة الدعوى تفيد هذا التنجيز. ولا وجه للتحدي بالإقرار الصادر من المورث في شأن تكييف التصرف الصادر منه إلى المطعون عليهم - الورثة المشترين - والقول بأن هذا الإقرار ملزم لهم باعتبارهم من ورثته، ذلك أنهم في خصوص هذا التصرف لا يعتبرون ورثة أو خلفاء عامين للمورث بل هم خلف خاص له، فلا حجية لإقراره في حقهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيدات منيرة ونفيسه وصديقه حسن محمد الشافعي "الطاعنات" أقمن الدعوى رقم 2518 سنة 54 ك القاهرة ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى 7 و7/ 32 ط شيوعاً في 24 قيراط في العقارات المبينة بصحيفة الدعوى وذلك بالسوية بينهن مع التسليم وإلغاء عقدي البيع الصادرين من والدهن إلى المطعون عليهم الخمسة الأول في 5/ 4/ 1945 و5/ 10/ 1950 ومحو التسجيل المترتب على تلك العقارات، وقلن شرحاً للدعوى إن المرحوم حسن محمد القاضي مورثهن ومورث المطعون عليهم المذكورين توفى بتاريخ 27/ 2/ 1954 وترك العقارات المبينة بصحيفة الدعوى وانحصر إرثه فيهن وفي زوجته المطعون عليها الأولى وأولادها منه وهم باقي المطعون عليهم عدا الأخيرة، وقد امتنع المدعى عليهم عن تسليمهن نصيبهن في تلك العقارات بدعوى أن المورث باع إليهم كل ما يملك بموجب عقدي بيع رسميين صدر أولهما في 5/ 4/ 1945 ببيع النصف على الشيوع في تلك العقارات إلى المطعون عليهم وصدر الثاني في 5/ 10/ 1950 ببيع النصف الآخر إلى زوجته المطعون عليها الأولى، وإذ كان هذان العقدان باطلين لأنهما يستران وصية قصد بها حرمان المدعيات من حقهن في الإرث، فقد أقمن هذه الدعوى بطلباتهن سالفة البيان. وطلب المدعى عليهم رفض الدعوى استناداً إلى أن العقدين إنما يتضمنان بيعاً صحيحاً طبقاً لنصوصهما الصريحة وما أثبته الموثق الذي حررهما من دفع معظم الثمن أمامه وقيامهم بتسجيل العقدين حال حياة البائع وقيام المدعى عليها الأولى بالتصرف فيما اشترته بموجب العقد الأول إلى ولدها المدعى عليه الثاني في حياة المورث وبغير اعتراض منه، وفي 29/ 2/ 1956 حكمت المحكمة في مواجهة المدعى عليها الأخيرة (أولجا لطف الله شنياره) بطلبات المدعين، واستأنف المدعى عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى. وقيد هذا الاستئناف برقم 283 سنة 74 ق، وفي 28 ديسمبر سنة 1958 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف في شطره الخاص بالعقد الأول المؤرخ 15/ 4/ 1945 وتعديله في شطره المتعلق بالعقد الثاني الصادر في 5/ 10/ 1950 وببطلان هذا العقد فيما زاد عن ثلث التركة واعتبار الأربعة قراريط الباقية من الاثنى عشر قيراطاً موضوع هذا العقد تركة للبائع، ولما طعن المحكوم ضدهم في ذلك الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 167 سنة 29 ق حكمت هذه المحكمة في 14/ 5/ 1964 بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة. وبتاريخ 14/ 3/ 1965 قضت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المستأنف ضدهن (الطاعنات حالياً) أن تصرف مورثهن إلى المستأنفين بالعقدين سالفى الذكر كان القصد به الإيصاء، وأنهم في الحقيقة لم يدفعوا ثمناً وأن المبلغ المدفوع أمام الموثق لم يكن من مالهم وإنما أفرغ في هذه الصورة لتصوير غير الواقع، وخولت المستأنفين نفي ذلك بذات الطرق. ونفذ هذا الحكم بسماع شهود المستأنف عليهن وذلك لامتناع المستأنفين عن إعلان شهود اكتفاء بالمستندات المقدمة منهم، وفي 20/ 6/ 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وألزمت المستأنف ضدهن المصروفات و1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وطلب المطعون عليهم رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال, وفي بيان ذلك تقول الطاعنات إن محكمة الاستئناف أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن التصرف قصد به الوصية وأنهن أشهدن كلاً من حسن موسى ومحمود علي الشافعي ومحمود يوسف موسى وجاءت شهادتهم قاطعة في أن المورث لم يكن في حاجة لهذا البيع، وأن المبيع ظل تحت يده حتى وفاته وأنهم لم يعلموا بهذا البيع في حياة المورث ولم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذه الأقوال استناداً إلى أنها اقتصرت على عدم علم الشهود بالتصرف إلا بعد وفاة المورث وأن جهلهم بالتصرف فور حصوله بنفي معرفتهم بحقيقة الظروف والملابسات التي تم فيها التعاقد كما ينفي إلمامهم بحقيقة الدافع إليه فلا يمكن الاطمئنان إلى أقوالهم للتعرف على قصد المتعاقدين، وهذا الذي استخلصه الحكم وأقام عليه قضاءه يخالف الوقائع الثابتة في الدعوى والمستندات المقدمة فيها، إذ الثابت من هذه المستندات أن المطعون عليهم كانوا لا يملكون مالاً وقت الشراء وأن الثمن المدفوع أمام الموثق كان من والي محمد محمد منتصر في العقد الأول سداداً لدين يوسف راغب وكان في العقد الثاني من أولجا شنياره سداداً لدين محمد منتصر وأن المبلغ المدفوع لكل دائن يتفق مع الثمن الوارد في العقد وأن قيام البائع طوال حياته بالاحتفاظ بمظاهر الملكية من تأجير وإقامة أبنية في العقار برخصة صادرة باسمه وطبع إيصالات بالأجرة، هما أدلة قاطعة على أن إرادة المورث لم تنصرف إلى اعتبار البيع تصرفاً منجزاً يخفي هبة وإنما انصرفت إلى إضافته إلى ما بعد الموت، ولا يغير من ذلك أن أحداً من الشهود لم يشهد صراحة بأن العقد يخفي وصية لأن شهادتهم بعدم علمهم بصدور التصرف من المورث حال حياته وهم أقرب الأشخاص إليه وبأنه لم يكن في حاجة إلى البيع تدل بذاتها على صحة دفاع الطاعنات في هذا الشأن، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بما يخالف هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في الاستدلال وأخطأ كذلك في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أن لمحكمة الموضوع وهي في سبيل التعرف على حقيقة العقد والتحري عن قصد المتصرف من تصرفه سلطة تقدير الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً متفقاً مع الثابت بالأوراق, وهي إذ تباشر سلطتها في تقدير الأدلة تملك الأخذ بنتيجة دون أخرى, ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كانت الأدلة التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أشار إلى أن أحداً من الشهود لم يشهد صراحة بحقيقة التصرف وأنهم جميعاً جنحوا إلى القول، بأنهم علموا بالتصرف بعد وفاة المورث ورتب على ذلك عدم إلمامهم بالظروف والملابسات التي تم فيها التعاقد وبحقيقة الدافع إليه، رد على قولهم بعدم يسار المطعون عليهم بأن "ليس في الأوراق ما يقطع بصحته فضلاً عن أنه ليس ما يمنع قانوناً أن يكون هذا البيع يستر هبة لأن الفارق بين الهبة المستورة والوصية هو اتجاه قصد المتعاقدين إلى تنجيز التصرف" ثم انتهى إلى أن "دلائل الدعوى وقرائنها تؤدي إلى القول بأن التصرف كان منجزاً في العقدين بدليل مسارعة المستأنفين "المطعون عليهم" إلى تسجيل العقدين ومن تصرف المستأنفة الأولى إلى ابنها وتسجيل هذا التصرف في حياة المورث وأن إقرار المتصرف باستلام جزءاً من الثمن من المستأنفة الأولى ينبئ عن اتجاه النية إلى تنجيز العقد وأنه ليس ما يمنع في القانون أن يحتفظ المتصرف لنفسه بحق المنفعة إذ لا تلازم بين استيفاء حق المنفعة وتنجيز العقد" فإنه يكون قد أقام قضاءه على قرائن متساندة مستخلصة من الأوراق تؤدي في مجموعها إلى ما انتهى إليه من أن العقدين الصادرين من المورث لورثته "المطعون عليهم" هما عقدان منجزان ولا يخفيان وصية، ولا يعدو أن يكون النعي جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الطاعنات تمسكن لدى محكمة الموضوع بأن إقرارات المورث تعتبر صحيحة وملزمة له ولورثته من بعده ما لم يقيموا الدليل على عدم صحتها، وطلبن اعتبار تصرف المورث للورثة المطعون عليهم وصية استناداً إلى إقراره الثابت بصحيفة الدعوى التي أقامها ضدهم لدى محكمة القاهرة باعتبار عقد البيع الصادر في سنة 1945 وصية وإثبات عدوله عنها وإلى إقراره الآخر الثابت في طلبه المقدم لمأمورية الشهر العقاري بالسيدة زينب بتاريخ 25/ 4/ 1954، وبالرغم من تقديم هذين الإقرارين وعجز المطعون عليهم عن إثبات عدم صحتهما وثبوت احتفاظ المورث بحق المنفعة مدى حياته في العقد فقد أخذ الحكم المطعون فيه بدفاع المطعون عليهم اكتفاء بما قرره من أن دلائل الدعوى تؤدي إلى القول بأن هذا التصرف كان منجزاً مقصوداً به التمليك الفوري وأنه ليس ما يمنع في القانون من أن يحتفظ المتصرف لنفسه بحق المنفعة إذ لا تلازم بين استبقاء هذا الحق وتنجيز التصرف دون أن يعرض الحكم للإقرارين المقدمين من الطاعنات رغم وضوح أثرهما في تكييف الدعوى، إذ العبرة في تكييف التصرف هو بما ثبت لدى المحكمة من إرادة المتعاقدين، ومتى كان الثابت من الإقرارين المشار إليهما أن البيع الصادر من المورث قد قصد به الوصية وأن المورث قد أظهر رغبته في العدول عنه حال حياته فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن إرادة المتعاقدين قد اتجهت إلى تنجيز التصرف يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، إذ يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن سردت وقائع النزاع وعرضت لأوجه دفاع الطرفين أعملت حقها في التعرف على حقيقة ما عناه المتعاقدون في العقدين الصادرين من المورث وخلصت إلى أن نية المتعاقدين قد اتجهت فيهما إلى التنجيز ونقل الملك الفوري إلى الورثة المشترين على أساس البيع أو الهبة، ودلل الحكم على ذلك بأدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها, ومن ثم فلا يقبل من الطاعنات القول بأن الحكم أخطأ في تكييف هذين العقدين استناداً إلى أن المورث سبق أن أقر في صحيفة دعوى أقامها على المشترين أو في طلب قدمه للشهر العقاري بأنه قد قصد من التعاقد الوصية دون غيرها من التصرفات بدليل احتفاظه لنفسه في العقد بحق الانتفاع بالعقار المبيع مدى الحياة، ذلك لأن احتفاظ البائع بحقه في الانتفاع بالمبيع مدى حياته لا يتحتم معه وجوب اعتبار التصرف وصية ولا يتعارض مع تنجيز التصرف متى كانت أدلة الدعوى تفيد هذا التنجيز, ولا وجه للتحدي بالإقرار الصادر من المورث في شأن تكييف التصرفين الصادرين منه للمطعون عليهم والقول بأن هذا الإقرار ملزم لهم باعتبارهم من ورثته، ذلك أنهم في خصوص هذين التصرفين لا يعتبرون ورثة أو خلفاء عامين للمورث بل هم خلف خاص له، فلا حجية لإقراره في حقهم. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 9 لسنة 32 ق جلسة 11 / 3 / 1965 مكتب فني 16 ج 1 رجال قضاء ق 5 ص 29

جلسة 11 من مارس سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي أحمد، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.

------------------

(5)
الطعن رقم 9 لسنة 32 ق "رجال القضاء"

مرتب. "إعانة غلاء المعيشة".
الأصل تحديد إعانة غلاء المعيشة بنسبتها إلى المرتب الفعلي. تثبيتها عند الحد الذي بلغته في وقت معين فهو استثناء. قرار مجلس الوزراء في 3/ 12/ 1950 يثبت إعانة الغلاء على أساس مرتب آخر نوفمبر سنة 1950. مناطه الموظف الذي يتمتع بمركز قانوني من حيث تقاضيه مرتباً معيناً في الوقت الذي اتخذ أساساً للتثبيت. مثال.

----------------
الأصل تحديد إعانة غلاء العيشة بنسبتها إلى المرتب الفعلي أما الاستثناء فهو تثبيت تلك الإعانة عند الحد الذي بلغته في وقت معين بحيث أن أية زيادة تطرأ على المرتب بعد ذلك لا تقابلها زيادة في قيمة الإعانة، على أنه في مجال هذا الاستثناء - الوارد بقرار مجلس الوزراء الصادر في 3 ديسمبر سنة 1950 بشأن تثبيت إعانة الغلاء على أساس المرتبات المستحقة في آخر نوفمبر سنة 1950 - فلا يرد هذا التثبيت إلا على موظف يتمتع بمركز قانوني من حيث تقاضيه مرتباً معيناً في الوقت الذي اتخذ أساساً للتثبيت ومن ثم فإذا كان الموظف قد عين بعد 30 نوفمبر سنة 1950 فإنه لا يصدق عليه هذا الوصف لأنه لم يكن يتمتع بمركز قانوني من حيث المرتب في شهر نوفمبر سنة 1950 الذي اتخذ المرتب المستحق عنه أساساً للتثبيت وبالتالي فلا يسري عليه قرار مجلس الوزراء سالف الذكر بشأن تثبيت إعانة غلاء المعيشة. ولا محل للتحدي بأن التنظيم الذي صدرت به قرارات إعانة غلاء المعيشة تهيمن عليه قاعدة أساسية هي عدم امتياز الموظف الجديد على الموظف القديم لأن هذه القاعدة لم يرد لها ذكر إلا في خصوصيتين بعينهما تدخل فيهما الشارع وأصدر بشأنهما تشريعات بتحقيق حكم هذه القاعدة ومن ثم فلا يصح القياس عليهما فيما لم يرد بشأنه تشريع خاص يحقق تلك الغاية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي وهو رئيس محكمة بمحكمة الإسكندرية الابتدائية تقدم بطلبه هذا قائلاً إنه عين قاضياً بالقرار الجمهوري الصادر في 5/ 12/ 1954 بمرتب شهري قدره خمسة وأربعون جنيهاً وأن وزارة العدل قد ثبتت إعانة غلاء المعيشة المستحقة له على أساس هذا المرتب الذي يعادل المرتب المقرر لزميله في ذات الوظيفة في 30/ 11/ 1950 وهو التاريخ المحدد لتثبيت إعانة غلاء المعيشة لكن وزارة العدل قد أخطرته أخيراً بوساطة رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية بأن إدارة الفتوى والتشريع لرئاسة الجمهورية قد أفتت بتاريخ 14/ 12/ 1961 بأن تثبيت إعانة غلاء المعيشة المقررة لرجال القضاء الذين يعينون من الخارج في كادر القضاء بعد 30/ 11/ 1950 يكون على أساس مرتب قدره خمسة عشر جنيهاً وهو أول مربوط أدنى درجات كادر القضاء - وأن الوزارة أجرت تعديل إعانة غلاء المعيشة المقررة له على هذا الأساس ابتداء من مرتب شهر سبتمبر سنة 1962 فاستحق عليه في المدة من تاريخ تعيينه في 5/ 12/ 1954 حتى 31 من أغسطس سنة 1962 فروق بلغ مجموعها 119 ج و637 م وطلب إليه سداد هذا المبلغ وألا يصير خصمه من مرتبه ابتداء من مرتب شهر ديسمبر سنة 1962 وإذ كان المدعي يرى أن قرار رئيس المحكمة المتقدم الذكر مخالف للقانون فقد تقدم بطلبه هذا وضمنه طلب الحكم: أولاً - بقبول الطلب شكلاً. وثانياً - بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مؤقتاً. ثالثاً - وفي الموضوع أصلياً: بإلغاء القرار المطعون فيه بكافة ما يترتب على ذلك من الآثار واحتياطياً بتثبيت إعانة غلاء المعيشة الخاصة بالطالب على أساس المرتب المقرر لزميله المماثل له والمستحق في 30/ 11/ 1950 - ومن باب الاحتياط الكلي: بعدم إرجاع تاريخ تعديل إعانة غلاء المعيشة المستحقة له إلى مرتب شهر ديسمبر سنة 1954 وتحديد هذا التاريخ بمرتب شهر أغسطس سنة 1962 مع ما ينتج عن ذلك من آثار.
وحيث إن الطالب يستند في طلبه هذا إلى أن مجلس الوزراء أصدر بتاريخ 3/ 12/ 1950 قراراً بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس الماهيات والمرتبات والأجور المستحقة للموظفين والمستخدمين والعمال في آخر نوفمبر سنة 1950 ثم أصدر قراراً آخر في 6 من يناير سنة 1952 نص فيه على أن الموظفين الذين تثبت إعانة الغلاء لهم على أساس ماهيتهم في 30/ 11/ 1950 ثم حصلوا على شهادات دراسية أعلى في هذا التاريخ أو بعده وعينوا بالدرجات والماهيات المقررة للمؤهلات الجديدة هؤلاء يعاملون على أساس منحهم إعانة الغلاء على الماهية الجديدة من تاريخ الحصول عليها ويرى الطالب أنه يتأدى من هذين القرارين في مجموعهما أنهما في خصوص تثبيت إعانة غلاء المعيشة - قد صدرا بتقرير قاعدة قانونية تقوم على أساس المرتب الشخصي وليس على أساس مرتب المثل فجعلا الإعانة المستحقة للموظف عن شهر نوفمبر سنة 1950 هي أساس التثبيت ونظراً لأن هذه بدورها تنسب إلى الماهية المستحقة له عن هذا الشهر فإنه ينبغي اتخاذ هذه الماهية بذاتها دون سواها أساساً لتثبيت إعانة الغلاء الخاصة به وذلك دون الاعتداد بماهية زميله الذي كان في الخدمة في 30 من نوفمبر سنة 1950 والمماثل له في وضعه وظروفه وحالته الاجتماعية ويخلص المدعي من ذلك أنه فيما يتعلق برجال القضاء الذين يعينون لأول مرة من الخارج في الكادر القضائي بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 ينبغي احتساب وتثبيت إعانة الغلاء المستحقة لهم على أساس الماهية التي يمنحونها ومن تاريخ تعيينهم في وظائفهم وليس على أساس أول مربوط أدنى درجات الكادر القضائي وقدره خمسة عشرة جنيهاً كما ترى الوزارة.
وحيث إن دفاع وزارة العدل يقوم على أساس ما ورد في فتوى قسم الرأي بمجلس الدولة من أن هناك قاعدة أساسية تهيمن على التنظيم الذي صدرت به قرارات إعانة غلاء المعيشة وهي عدم امتياز الجديد على القديم وقد أشار إلى هذه القاعدة قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1944 وقراره الصادر في 6/ 1/ 1952 ومن ثم فإنه لما كانت إعانة غلاء المعيشة قد تثبت على أساس الماهية المستحقة في آخر نوفمبر سنة 1950 بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 3/ 12/ 1950 فإن مقتضى الأصل المشار إليه أن تثبيت إعانة غلاء المعيشة لمن عين من الموظفين بعد 30 من نوفمبر سنة 1950 - وهو تاريخ تثبيت الإعانة - على أساس المرتبات المقررة لأمثالهم في هذا التاريخ حتى لا يمتاز جديد على قديم على أن قاعدة مرتب المثل لها معنى خاص في مفهوم قرارات مجلس الوزراء الخاصة بإعانة غلاء المعيشة فهي تتحدد بالماهية المقررة لمؤهل الموظف في التاريخ المتخذ أساساً لتثبيت إعانة غلاء المعيشة وهذا المعنى ظاهر من الكتاب الدوري لوزارة المالية بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1941 ومن مذكرة وزارة المالية التي صدر بالموافقة عليها قرار مجلس الوزراء في 6 من يناير سنة 1952.
وحيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطلب شكلاً ثم تنازلت عن هذا الدفع بجلسة 28/ 11/ 1964 وصممت على ما جاء بمذكرتها من تأييد وجهة نظر الوزارة وعلى نفس الأساس.
وحيث إنه للفصل في هذا الطلب يتعين تحديد مجال تطبيق كل من قرارات مجلس الوزراء الخاصة بمنح إعانة غلاء المعيشة وقراراته الخاصة بتثبيت إعانة غلاء المعيشة وذلك لا يتأتى إلا ببيان الظروف والملابسات التي حدت إلى إصدار تلك القرارات.
وحيث إنه بتاريخ أول ديسمبر سنة 1941 أصدر مجلس الوزراء قراراً بتوسيع نطاق الانتفاع بإعانة غلاء المعيشة من حيث الأشخاص وبهذا القرار شملت الإعانة الموظفين العاملين بصفة منتظمة الذين لا تجاوز مرتباتهم الشهرية ثلاثين جنيهاً وحددت الإعانة بنسبة مئوية من المرتب الفعلي الذي يتقاضاه الموظف على أن تتبع الإعانة المرتب فتتغير بتغييره - ونظراً لاطراد الارتفاع في تكاليف المعيشة رفعت نسبة إعانة الغلاء واتسع شمولها بالنسبة للأشخاص - عدة مرات وذلك بمقتضى قرارات أصدرها مجلس الوزراء وكان مقدار الإعانة يحدد في كل مرة على الأساس المتقدم ذكره - على أنه حينما اتجهت النية بعد ذلك إلى التخفيف من أعباء الميزانية أصدر مجلس الوزراء في 11 من يوليه سنة 1944 قراراً بتثبيت إعانة الغلاء على أساس الماهيات المستحقة في هذا التاريخ مجردة مما منح للموظف من زيادة نتيجة الكادرات الخاصة أو قواعد الإنصاف بمعنى ألا تزيد الإعانة تبعاً للزيادة الطارئة على الماهية لأي سبب من الأسباب إلا أنه نظراً لاستمرار موجة الغلاء في الارتفاع فقد أصدر مجلس الوزراء قراراً في 19 من فبراير سنة 1950 برفع القيد الخاص بتثبيت إعانة الغلاء وبمنحها على أساس المرتب الفعلي الذي يتقاضاه الموظف ونظراً لما أصاب مرتبات الموظفين بعد ذلك من ارتفاع بنسبة واضحة نتيجة لتطبيق قرار التيسير فقد أصدر مجلس الوزراء في 3/ 12/ 1950 قراراً بتثبيت إعانة غلاء المعيشة على أساس المرتبات المستحقة في آخر نوفمبر سنة 1950 بحيث أن أية زيادة يحصل عليها الموظف بعد 30/ 11/ 1950 لا يترتب عليها زيادة في إعانة الغلاء وبتاريخ 6/ 1/ 1952 أصدر مجلس الوزراء قراراً تضمن أن الموظفين الذين تثبت إعانة غلاء المعيشة لهم على أساس ماهياتهم في 30/ 11/ 1950 ثم حصلوا على شهادات دراسية أعلى في هذا التاريخ أو بعده وعينوا بالدرجات والماهيات المقررة للمؤهلات الجديدة هؤلاء يعاملون على أساس منحهم إعانة الغلاء على الماهية الجديدة من تاريخ الحصول عليها حتى لا يمتاز جديد على قديم - ويبين من نهج المشرع على النحو السابق أن الأصل هو تحديد إعانة غلاء المعيشة بنسبتها إلى المرتب الفعلي وأن الاستثناء هو تثبيت تلك الإعانة عند الحد الذي بلغته في وقت معين بحيث أن أية زيادة تطرأ على المرتب بعد ذلك لا تقابلها زيادة في قيمة الإعانة على أنه في مجال إعمال هذا الاستثناء فإن التثبيت لا يرد إلا على موظف يتمتع بمركز قانوني من حيث تقاضيه مرتباً معيناً في الوقت الذي اتخذ أساساً للتثبيت وإذ كان الموظف الجديد الذي يعين بعد 30/ 11/ 1950 لا يصدق عليه هذا الوصف لأنه لم يكن يتمتع بمركز قانوني من حيث المرتب في شهر نوفمبر سنة 1950 الذي اتخذ المرتب المستحق عنه أساساً للتثبيت فإن قرار مجلس الوزراء الصادر في 3/ 12/ 1950 الخاص بتثبيت إعانة غلاء المعيشة لا يسري عليه لأن الأمر في تقرير الإعانة بالنسبة له لا يكون تثبيتاً لإعانة كان يتقاضاها من قبل وإنما تحديداً لمقدار الإعانة التي يستحقها لأول مرة - لما كان ذلك، وكان قرار مجلس الوزراء المشار إليه بتثبيت الإعانة وإن كان يهدف إلى تثبيت إعانة الغلاء عند الحد الذي بلغته في الشهر المتخذ أساساً للتثبيت فإنه ليس من شأنه أن يلغي قرار مجلس الوزراء الصادر في 19/ 2/ 1950 فيما نص عليه من منح الإعانة على أساس المرتب الفعلي الذي يتقاضاه الموظف وذلك ما دام أنه لم ينص على هذا الإلغاء وما دام ليس في قرارات مجلس الوزراء التالية له ما يتعارض مع أحكامه فيظل هذا القرار الأخير قائماً ونافذاً بالنسبة للموظفين الذين يعينون بعد آخر نوفمبر سنة 1950 فيمنح ذلك الموظف إعانة غلاء المعيشة منسوبة إلى المرتب الفعلي الذي يتقاضاه طبقاً لما يقضي به هذا القرار ورجوعاً إلى الأصل من القاعدة - ولا يقدح في صحة هذا النظر أن الأخذ به قد يؤدي في بعض الأحوال إلى أن يمتاز الموظف الجديد على القديم ذلك أن من القواعد الأصلية في التفسير وجوب النزول على حكم دلالة منطوق النص ولا يصح صرف النظر عنه بحجة اعتبارات العدالة - على أنه إن بدا أن هذا التمييز ليس له ما يبرره فإن علاج هذه المسألة ليس بالأمر الذي يتوجه فيه إلى القضاء بل التوجه فيه يكون إلى التشريع - كما أنه لا محل لما تتحدى به الوزارة في هذا المقام من أن التنظيم الذي صدرت به قرارات إعانة غلاء المعيشة تهيمن عليه قاعدة أساسية هي عدم امتياز الجديد على القديم ذلك أن هذه القاعدة لم يرد لها ذكر إلا في خصوصيتين الأولى في الكتاب الدوري لوزارة المالية الصادر في 16 من أغسطس سنة 1944 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1944 وذلك بمناسبة الموظفين الجدد الذين رفعت الماهيات الابتدائية المقررة لمؤهلاتهم طبقاً لقواعد الإنصاف فقد نص على منحهم إعانة غلاء على أساس الماهيات التي كانت تمنح لمؤهلاتهم قبل الإنصاف أو التحسين حتى لا يمتاز جديد على قديم، والثانية في الكتاب الدوري الصادر في 19/ 3/ 1952 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 6/ 1/ 1952 وذلك بمناسبة الموظفين الذين ثبتت إعانة غلاء المعيشة لهم على أساس ماهياتهم في 30/ 11/ 1950 ثم حصلوا على شهادات دراسية أعلى في هذا التاريخ أو بعده وعينوا بالدرجات والماهيات المقررة للمؤهلات الجديدة فقد نص على منحهم إعانة الغلاء على أساس الماهية الجديدة من تاريخ الحصول عليها حتى لا يمتاز جديد على قديم - وظاهر من ذلك أن تلك القاعدة التي تستند إليها الوزارة إنما ورد ذكرها في خصوصيتين بعينهما تدخل فيهما الشارع وأصدر بشأنهما تشريعات لتحقيق حكم هذه القاعدة فلا يصح إذن القياس عليهما فيما لم يرد بشأنه تشريع خاص يحقق تلك الغاية.
وحيث إنه لما تقدم يكون ما طلبه المدعي من احتساب علاوة غلاء المعيشة المستحقة له على أساس مرتبه الفعلي عند تعيينه قاضياً على أساس صحيح من القانون ويتعين لذلك إجابته لهذا الطلب ولا محل بعد ذلك للتعرض للطلبات الاحتياطية ما دام المدعي قد أجيب إلى طلبه الأصلي.

الطعن 557 لسنة 35 ق جلسة 26 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 57 ص 352

جلسة 26 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

--------------

(57)
الطعن رقم 557 لسنة 35 القضائية

(أ) استيلاء. "الاستيلاء لأغراض التعليم". مسئولية. تعويض. إيجار.
الاستيلاء على عقار ليكون مدرسة. إساءة استعماله وإحداث تغيير به وقطع بعض أشجاره. لا يدخل في نطاق الاستعمال غير العادي بل هو خطأ جسيم يستوجب تعويضاً مستقلاً عن الضرر الناشئ عنه.
(ب) استيلاء. "الاستيلاء لأغراض التعليم. تعويض. "تقدير التعويض". إيجار.
وجوب التزام القواعد المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 عند تقدير مقابل الانتفاع بالأماكن المستولى عليها واستبعاد أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 الخاصة بتحديد الأجرة وما يرد عليها من زيادة أو خفض.

---------------
1 - متى كان ما نسبته الطاعنة إلى وزارة التربية والتعليم من إساءة استعمال العقار - المستولى عليه ليكون مدرسة - وإحداث تغيير به وقطع بعض أشجاره, لا يدخل في نطاق الاستعمال غير العادي، بل يكون إن صح وقوعه خطأ جسيماً يستوجب تعويضاً مستقلاً عن الضرر الناشئ عنه، لا تشمله الزيادة المقررة مقابل مصاريف الصيانة والاستهلاك غير العاديين، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى على خلاف هذا النظر, فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور يعيبه ويستوجب نقضه في هذا الخصوص.
2 - وإن نصت المادة 7 من القانون رقم 121 لسنة 1947 على أن الأماكن الصادرة في شأنها قرارات استيلاء تعتبر فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون مؤجرة إلى الجهات التي تم الاستيلاء لصالحها، إلا أن القانون رقم 76 لسنة 1947 الذي خول لوزير التربية والتعليم سلطة إصدار قرارات استيلاء على الأماكن اللازمة لشئون وزارته والذي استمر العمل به بالمرسوم الصادر في 11/ 7/ 1948، قد نص في مادته الأولى على أن تتبع في تقدير التعويض عن الأماكن المستولى عليها الأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، وإذ وضع هذا المرسوم الأخير قواعد خاصة لتقدير التعويض عن الانتفاع بالأشياء المستولى عليها على أساس فائدة رأس المال المستثمر وفقاً للسعر العادي الجاري بالسوق في تاريخ حصول الاستيلاء مضافاً إليها مصروفات الاستهلاك والصيانة للمباني أو للمنشئات، وكانت تلك القواعد تغاير الأسس التي اتخذها القانون رقم 121 لسنة 1947 لتحديد أجرة الأماكن التي يسري عليها، فإنه يتعين التزام القواعد المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 عند تقدير مقابل انتفاع الأماكن المستولى عليها واستبعاد ما ورد بالقانون رقم 121 سنة 1947 من أحكام خاصة بتحديد الأجرة وما يرد عليها من زيادة أو خفض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نبويه صادق أقامت الدعوى رقم 154 سنة 1951 كلي القاهرة ضد وزارة التربية والتعليم طالبة إلزامها بأن تدفع لها مبلغ 2000 ج على سبيل التعويض مع زيادة القيمة الإيجارية للعقار الذي استولت عليه إلى 12 ج في الشهر وإلزامها بفرق نسبة الزيادة القانونية للقيمة الإيجارية ابتداء من تاريخ رفع الدعوى بواقع 25%، وقالت في بيان دعواها إنها تملك السراي رقم 121 بشارع العباسية وأن وزارة التربية استولت عليها في أوائل سنة 1946 لتجعلها مدرسة ثانوية للبنات مقابل أجرة شهرية قدرها 92 ج و400 م، إلا أن الوزارة قد أساءت استعمال العين المؤجرة وخربت مبانيها وقطعت أشجارها وأزالت بعض أجزائها وأحدثت أبنية فيها مما اضطرها لإقامة دعوى إثبات الحالة رقم 1743 سنة 1950 مستعجل القاهرة، طالبة ندب خبير لإثبات حالة العقار وملحقاته وتحقيق الأضرار الفعلية وتقرير ما يقابلها من تعويض، فحكم في 6/ 6/ 1950 بندب خبير لإثبات حالة المبنى، وإذ قدم الخبير تقريره وثبت منه حصول تخريب ببعض المباني وببياض الجدران الداخلية والخارجية ودورات المياه وتلف بأرضيات الحجرات الخشبية، ترتب عليه حصول خلل بالأسقف والجدران أخذ يتزايد يوماً بعد يوم نتيجة لسوء استعمال المبنى، كما استعملت ملحقاته وحديقته استعمالاً سيئاً وزائداً عما يقتضيه الانتفاع العادي بقطع أشجار الفاكهة المثمرة وأشجار الزينة النادرة وهدم الأكشاك وتكعيبة العنب وجزء من الفسقية وإقامة فصول جديدة من الأخشاب والمباني، فقد أقامت هذه الدعوى للحكم لها بطلباتها سالفة البيان، ودفعت الوزارة بعدم قبول دعوى التعويض لرفعها قبل انتهاء مدة الإيجار ورد العين المؤجرة، وبتاريخ 28/ 12/ 1953 حكمت المحكمة (أولاً) وفي طلب التعويض برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وقبل الفصل في موضوعه بندب الخبير الهندسي عبد العزيز والي صاحب الدور للانتقال إلى العين موضوع النزاع ومعاينتها وإثبات حالتها وبيان ما حدث فيها من التلف المدعى به في المبنى وملحقاته وإيضاح أسبابه تفصيلاً، ورد هذه الأسباب إلى الاستعمال العادي أو غير العادي وتقدير قيمة ما يلزم لإعادة الشيء إلى أصله عند بدء التأجير وتحقيق وجه الضرر الذي أصاب المدعية وتقدير التعويض اللازم عنه بمراعاة المدة اللازمة للإصلاح. (ثانياً) برفض الدعوى بالنسبة للطلب الثاني الخاص برفع أجرة العقار من 92 ج و400 م إلى 120 ج شهرياً وتأجيل الدعوى بالنسبة للطلب الثالث الخاص بإضافة الزيادة القانونية إلى الأجرة. وقدم الخبير المنتدب تقريراً قدر فيه التعويض المستحق عن إساءة الاستعمال المباشر وغير المباشر بمبلغ 1100 ج وقدر المدة اللازمة للإصلاح بأربعة أشهر بأجر كامل، وبتاريخ 21/ 10/ 1957 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لمباشرة المأمورية المبينة بمنطوق الحكم الصادر في 18/ 12/ 1953 وتحديد أجرة العقار موضوع النزاع في شهر إبريل سنة 1941 أو أجرة المثل، وبعد أن قدم الخبير تقريراً قدر فيه تكاليف إصلاح ما بالعقار من تلف بمبلغ 1200 جنيه والمدة اللازمة للإصلاح بستة أشهر، كما قدر الأجرة الشهرية للعقار بمبلغ 92 جنيه، عادت وبتاريخ 20/ 4/ 1964 فحكمت بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعية مبلغ 500 جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المناسبة و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنفت وزارة التربية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 1181 سنة 81 ق، كما استأنفته نبوية صادق استئنافاً مقابلاً طالبة تعديله بإلزام الوزارة بأن تدفع لها مبلغ 1200 جنيه قيمة التعويض الذي أظهرته تقارير الخبراء وفرق زيادة الأجرة بنسبة 25% تطبيقاً للقانون رقم 121 سنة 1947 ابتداء من أول يناير سنة 1951 وقيد استئنافها برقم 1284 سنة 81 ق القاهرة، وبتاريخ 19/ 6/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع (أولاً) برفض استئناف نبوية صادق وألزمتها بمصروفاته (ثانياً) بقبول استئناف الوزارة وبإلغاء الحكم المستأنف الصادر في 20/ 4/ 1964 ورفض دعوى نبوية صادق وإلزامها بالمصاريف عن الدرجتين وعشرة جنيهات أتعاب محاماة عنهما. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وأصرت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه في السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في الإسناد وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنها استندت في طلب التعويض إلى أن الوزارة المطعون عليها قد أساءت استعمال المبنى المستولى عليه وأجرت به تخريباً وتلفاً وتغييراً كما أهملت إهمالاً جسيماً في صيانته وأنها تستحق تعويضاً عن ذلك إلا أن الحكم المطعون فيه قد رفض الدعوى استناداً إلى أنه ليس لها الحق في هذا التعويض لأنها اقتضت ما يقابله بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 207 سنة 1947 الذي حدد أجرة العقار بمبلغ 84 جنيه شهرياً وأضاف إليها 10% مقابل استعماله كمدرسة، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون وفساد في الاستدلال، ذلك أن الوزارة ملزمة قانوناً بالمحافظة على العقار المستولى عليه وممنوعة من استعماله استعمالاً سيئاً وإحداث أي تغيير به، كما أن الثابت من الحكم 207 سنة 1947 أن زيادة الـ 10% على الأجرة كانت مقابل الضرر الناتج عن الاستعمال غير العادي وليست مقابل الضرر الناتج عن سوء الاستعمال وما قد يحدث بالمبنى من تغيير.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 207 سنة 1947 كلي مصر يبين أنه قدر نسبة الـ 10% من الأجرة الشهرية البالغة 84 ج مقابل مصاريف الصيانة والاستهلاك غير العاديين. إذ كان ذلك، وكان ما نسبته الطاعنة إلى المطعون عليها من إساءة استعمال العقار
وإحداث تغيير به وقطع بعض أشجاره لا يدخل في نطاق الاستعمال غير العادي بل يكون إن صح وقوعه خطأ جسيماً يستوجب تعويضاً مستقلاً عن الضرر الناشئ عنه ولا تشمله الزيادة المشار إليها, وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور يعيبه ويستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الاستئناف أخطأت حين رفضت زيادة الأجرة المقررة بالقانون رقم 121 سنة 1947 بنسبة 25% استناداً إلى ما استنتجته تلقائياً من أن الطاعنة قد تنازلت عن هذه الزيادة بقبولها الأجرة طوال المدة السابقة على طلبها، وهذا الذي ذهبت إليه مشوباً بالقصور ومخالف للقانون، إذ فضلاً عن أن الحق في طلب الزيادة لم يكن قد مضت عليه خمس سنوات منذ تاريخ صدور القانون رقم 121 سنة 1947 في 14/ 7/ 1947 إلى تاريخ المطالبة به فإن الوزارة لم تدفع بسقوط الحق في طلبها مما يمتنع معه على المحكمة إجراء ذلك السقوط تلقائياً، وإذ كان يتعين عليها إعمال النص والقضاء بالحق المستمد منه، فإن ما ذهبت إليه يكون فضلاً عن مخالفته للقانون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أنه وإن نصت المادة السابعة من القانون رقم 121 سنة 1947على أن الأماكن الصادرة في شأنها قرارات استيلاء تعتبر فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون مؤجرة إلى الجهات التي تم الاستيلاء لصالحها، إلا أن القانون رقم 76 سنة 1947 الذي خول لوزير التربية والتعليم سلطة إصدار قرارات استيلاء على الأماكن اللازمة لشئون وزارته والذي استمر العمل به بالمرسوم الصادر في 11/ 7/ 1948 قد نص في مادته الأولى على أن تتبع في تقدير التعويض عن الأماكن المستولى عليها الأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 15 سنة 1945 الخاص بشئون التموين, وإذ وضع هذا المرسوم الأخير قواعد خاصة لتقدير التعويض عن الانتفاع بالأشياء المستولى عليها على أساس فائدة رأس المال المستثمر وفقاً للسعر العادي الجاري بالسوق في تاريخ حصول الاستيلاء مضافاً إليها مصروفات الاستهلاك والصيانة للمباني أو للمنشآت، وكانت تلك القواعد تغاير الأسس التي اتخذها القانون رقم 121 سنة 1947 لتحديد أجرة الأماكن التي يسري عليها، فإنه يتعين التزام القواعد المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 سنة 1945 عند تقدير مقابل انتفاع الأماكن المستولى عليها واستبعاد ما ورد بالقانون رقم 121 سنة 1947 من أحكام خاصة بتحديد الأجرة وما يرد عليها من زيادة أو خفض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن خالف هذا النظر وأقيم على ما استخلصه من تنازل الطاعنة عن الزيادة المقررة في القانون بقبولها الأجرة وعدم اعتراضها عليها طوال الأربع سنوات التالية لصدور القانون إلا أنه قد صدر صحيحاً في نتيجته ويبرره ما نص عليه في القانون 76 سنة 1947 والمرسوم بقانون رقم 15 سنة 1945 فلا أهمية بعد ذلك لما ورد في أسبابه من أخطاء قانونية ما دام منطوقه متفقاً مع التطبيق الصحيح للقانون على الوقائع الثابتة فيه، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون غير منتج ولا جدوى منه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم في خصوص ما جاء بالسبب الأول.