الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 مارس 2023

الطعن 585 لسنة 35 ق جلسة 24 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 50 ص 312

جلسة 24 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

 ---------------

(50)
الطعن رقم 585 لسنة 35 القضائية

(أ) نقض. "تقرير الطعن". بطلان.
صورة تقرير الطعن المعلنة للمطعون عليه. خلوها من بيان تاريخ التقرير واليوم والساعة أو اسم الموظف الذي تلقاه. لا بطلان.
(ب) دعوى. "سقوط الخصومة". حكم. "وقف الدعوى".
سقوط الخصومة أو انقضائها بمضي المدة. لا أثر له على الأحكام القطعية الصادرة فيها. الحكم بوقف الدعوى لحين الفصل في مسألة أخرى. حكم قطعي.

--------------
1 - إذ كان إعلان تقرير الطعن بالنقض قد تم في ميعاده على النحو المبين بالمادة 431 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955، واشتملت ورقته على جميع البيانات الواجب استيفاؤها طبقاً للمادة العاشرة من قانون المرافعات السابق والذي حصل في ظله الطعن، فإنه يكون صحيح، ولا يبطله خلو الصورة المسلمة للخصم من بيان تاريخ التقرير بالطعن بقلم الكتاب واليوم والساعة اللذين حصل فيها أو اسم الموظف الذي تلقاه، إذ أن هذه البيانات ليست من البيانات الجوهرية التي يوجب القانون اشتمال ورقة الإعلان أو صورتها عليها (1).
2 - مفاد نص المادة 304 من قانون المرافعات السابق مرتبطاً بنص المادة 307 المتعلق بانقضاء الخصومة بمضي المدة، أنه إذا صدر حكم قطعي في الدعوى، فإن هذا الحكم لا يسقط بسقوط الخصومة أو انقضائها بمضي المدة ولو كان صادراً في مسألة متعلقة بسير الخصومة، كما أن الإجراءات السابقة عليه تظل قائمة وبمنأى عن السقوط أو الانقضاء بمضي المدة، ومن ذلك صحف الدعاوى والاستئناف. ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعليق أمر الفصل في الدعوى حتى يفصل في مسألة أخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها، والحكم بوقف الدعوى لهذا السبب يجعل حكم الوقف حكماً قطعياً فيما تضمنه (2)، فإن مؤدى ذلك ألا يترتب على انقضاء الخصومة بمضي المدة سقوط مثل هذا الحكم، بل يبقى قائماً هو والإجراءات السابقة عليه ومنها صحيفة الدعوى أو صحيفة الاستئناف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول كان قد أقام الدعوى رقم 1015 سنة 1946 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليه الثاني بطلب الحكم بصحة عقد البيع الابتدائي المؤرخ 28/ 5/ 1946 والصادر له من هذا الأخير عن مساحة قدرها فدان شيوعاً في ثلاثة أفدنة مبينة الحدود والمعالم بالعقد. تدخل الطاعن في هذه الدعوى وطلب رفضها استناداً إلى أن القدر المبيع مملوك له ووارد في تكليفه، وقبلت المحكمة تدخله وحكمت في 21/ 1/ 1947 بصحة عقد البيع المشار إليه وضمنت أسباب حكمها أن الطاعن لم يقدم ما يدل على صحة ادعائه. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم 302 سنة 1 ق وقضت المحكمة بتاريخ 7/ 12/ 1950 بتأييد الحكم الابتدائي ثم أقام المطعون عليه الأول ضد الطاعن الدعوى رقم 538 سنة 1956 مدني كلي المنصورة، وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 415.5 ج قيمة ريع الفدان محل النزاع منذ تاريخ الشراء في 28/ 5/ 1946 حتى آخر أكتوبر سنة 1955 تأسيساً على أن الطاعن ظل واضعاً اليد على ذلك القدر رغم صدور الحكم بصحة العقد. دفع الطاعن هذه الدعوى بأنه تملك العين المطالب بريعها بالتقادم الطويل، وبتاريخ 14/ 3/ 1957 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليه الأول الريع وقدره 220.5 ج، استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافه برقم 260 سنة 9 ق كما استأنفه المطعون عليه الأول بالاستئناف رقم 181 سنة 9 ق طالباً زيادة الريع المقضى به، وأقام الطاعن من جانبه أثناء ذلك، الدعوى رقم 426 سنة 1958 مدني كلي المنصورة على المطعون عليهما وطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى الفدان محل النزاع استناداً إلى تملكه له بالتقادم الطويل مدة خمس عشرة سنة سابقة على عقد البيع الصادر من المطعون عليه الثاني للمطعون عليه الأول، وبتاريخ 22 إبريل سنة 1959 قضت محكمة استئناف المنصورة في الاستئنافين رقمي 181، 260 سنة 9 ق المرفوعين من الطاعن والمطعون عليه الأول عن الحكم الصادر في دعوى الريع رقم 538 سنة 1956 مدني كلي المنصورة بعد ضمهما بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بوقفهما حتى يفصل بحكم نهائي في الدعوى رقم 426 سنة 1958 مدني كلي المنصورة التي سبق أن أقامها الطاعن بملكيته للعقار محل النزاع، وبتاريخ 1/ 4/ 1964 قضت محكمة المنصورة الابتدائية في الدعوى رقم 426 سنة 1958 بتثبيت ملكية الطاعن إلى فدان من الأرض الزراعية شيوعاً في 2 ف و21 ط و22 س والذي تضمنه عقد البيع الابتدائي الصادر من المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليه الأول في 28/ 5/ 1946، استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم 182 سنة 16 ق. وبتاريخ 8/ 11/ 1965 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 538 سنة 1956 مدني كلي المنصورة. وفي 20/ 12/ 1965 قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون عليه الأول ببطلان إعلان تقرير الطعن إذ خلت الصورة المعلنة له من تاريخ التقرير بالطعن بالنقض كما خلت من اليوم والساعة اللذين حصل فيهما التقرير واسم الموظف الذي تلقاه. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع ونقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن كل ما تشترطه المادة 431 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانون رقم 401 سنة 1955 والمنطبقة على هذا الطعن بصحة إعلان الطعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم الطعن وأن يكون هذا الإعلان بورقة من أوراق المحضرين وبالأوضاع العادية وأن يتم هذا الإعلان في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن، فكلما تحقق أن الإعلان قد تم في ميعاده على هذا النحو واشتملت ورقته على جميع البيانات الواجب استيفاؤها طبقاً للمادة العاشرة من قانون المرافعات السابق والذي حصل في ظله الطعن فإنه يكون صحيح، ولا يبطله خلو الصورة المسلمة للخصم من بيان تاريخ التقرير بالطعن بقلم الكتاب واليوم والساعة اللذين حصل فيهما أو اسم الموظف الذي تلقاه إذ أن هذه البيانات ليست من البيانات الجوهرية التي يوجب القانون اشتمال ورقة الإعلان أو صورتها عليها. لما كان ذلك وكان الثابت أن الطعن قد أعلن للمطعون عليهما في الميعاد القانوني واشتملت الصورة المعلنة للمطعون عليه الأول على كافة البيانات التي توجب المادة العاشرة من قانون المرافعات السابق اشتمال ورقة الإعلان عليها، فإنه لا يؤثر في صحة الإعلان عدم اشتمال تلك الصورة على تاريخ التقرير بالطعن واليوم والساعة اللذين حصل فيهما واسم الموظف الذي تلقاه. لما كان ما تقدم وكان المطعون عليه الأول لم ينازع في صحة التاريخ الذي حصل فيه التقرير بالطعن والوارد في أصل التقرير فإن الدفع ببطلان إعلان التقرير بالطعن يكون في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بإلغاء الحكم الصادر لصالحه من محكمة أول درجة وبقبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها تأسيساً على أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 538 سنة 1956 مدني كلي المنصورة التي أقامها المطعون عليه الأول بطلب ريع العقار المتنازع عليه سبق أن فصل في ملكية الطاعن لهذا العقار وأطرح ادعاءه بتملكه له بالتقادم الطويل وعلى أن هذا الحكم قد اعتبر انتهائياً بعد أن انقضت الخصومة بمضي خمس سنوات على آخر إجراء صحيح اتخذ في تلك الدعوى منذ أن صدر الحكم فيها بتاريخ 22/ 4/ 1959 بوقف الاستئنافين رقمي 181، 260 سنة 9 ق المنصورة. هذا في حين أن ذلك الحكم الصادر بوقف الفصل في الاستئنافين حتى يفصل نهائياً في النزاع الدائر حول الملكية يعتبر حكماً قطعياً له حجيته، فهو بذلك لا يسقط بانقضاء الخصومة بمضي المدة، كما لا تسقط الإجراءات السابقة عليه ومنها صحيفة الاستئناف رقم 260 سنة 9 ق المنصورة الذي أقامه الطاعن متمسكاً بأنه مالك للعين المطالب بريعها بالتقادم الطويل مما يترتب عليه ألا يعتبر الحكم الصادر من محكمة أول درجة في دعوى الريع رقم 538 سنة 1956 مدني كلي المنصورة انتهائياً غير أن الحكم المطعون فيه قضى على خلاف ذلك مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الثابت من تدوينات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأول كان قد أقام على الطاعن الدعوى رقم 538 سنة 1956 مدني كلي المنصورة مطالباً بريع العقار محل النزاع منذ 28/ 5/ 1946 وهو تاريخ شرائه لهذا العقار حتى آخر أكتوبر سنة 1955، فنازعه الطاعن بدعوى تملكه له بالتقادم الطويل مدة خمس عشرة سنة سابقة على عقد البيع، وقد أطرحت محكمة أول درجة هذا الادعاء وقضت على الطاعن بالريع، فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم 260 سنة 9 ق وطلب إلغاء الحكم الابتدائي على أساس الادعاء بملكية العقار محل النزاع. كما استأنفه المطعون عليه الأول طالباً زيادة مقدار الريع المحكوم به وقيد استئنافه برقم 181 سنة 9 ق وقررت محكمة استئناف المنصورة ضم الاستئنافين وقضت بتاريخ 22 إبريل سنة 1959 بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بوقفهما حتى يفصل حكم نهائي في الدعوى رقم 426 سنة 1958 مدني كلي المنصورة وهي التي كان الطاعن قد أقامها أثناء نظر دعوى الريع طالباً الحكم بتثبيت ملكيته للعقار المتنازع عليه. ولما كانت المادة 304 من قانون المرافعات السابق المنطبق على واقعة النزاع والواردة في الفصل الثالث من الباب الثامن في سقوط الخصومة وانقضائها بمضي المدة تنص على أن "الحكم بسقوط الخصومة لا يسقط الحق في أصل الدعوى ولا في الأحكام القطعية الصادرة فيها ولو كانت غيابية ولا في الإجراءات السابقة لتلك الأحكام أو الإقرارات الصادرة من الخصوم أو الأيمان التي حلفوها" وكان مفاد هذا النص مرتبطاً بنص المادة 307 المتعلق بانقضاء الخصومة بمضي المدة لسريانه أيضاً عليها أنه إذا صدر حكم قطعي في الدعوى فإن هذا الحكم لا يسقط بسقوط الخصومة أو انقضائها بمضي المدة ولو كان صادراً في مسألة متعلقة بسير الخصومة كمما أن الإجراءات السابقة عليه تظل قائمة وبمنأى عن السقوط أو الانقضاء بمضي المدة ومن ذلك صحف الدعاوى والاستئناف، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تعليق أمر الفصل في الدعوى حتى يفصل في مسألة أخرى ترى المحكمة ضرورة الفصل فيها والحكم بوقف الدعوى لهذا السبب يجعل حكم الوقف حكماً قطعياً فيما تضمنه، فإن مؤدى ذلك ألا يترتب على انقضاء الخصومة بمضي المدة سقوط مثل هذا الحكم بل يبقى قائماً هو والإجراءات السابقة عليه ومنها صحيفة الدعوى أو صحيفة الاستئناف. لما كان ذلك فإن الحكم الصادر من محكمة استئناف المنصورة بتاريخ 22 إبريل سنة 1959 بوقف الفصل في الاستئنافين رقمي 260، 181 سنة 9 ق حتى يفصل بحكم نهائي في دعوى الملكية رقم 426 سنة 1958 مدني كلي المنصورة التي أقامها الطاعن يظل هذا الحكم قائماً هو والإجراءات السابقة عليه ومنها صحيفة الاستئناف رقم 260 سنة 9 ق الذي أقامه الطاعن طالباً إلغاء الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 538 سنة 1956 تأسيساً على أنه يملك بالتقادم الطويل العين المطالب بريعها مما يترتب عليه ألا يعتبر الحكم الابتدائي الصادر في دعوى الريع انتهائياً لتوقف حجيته برفع الاستئناف عنه وبقاء صحيفة هذا الاستئناف قائمة على ما سلف البيان. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يقم اعتباراً لما حكم به من وقف الخصومة في هذا الاستئناف وعدم سقوط هذا الحكم هو والإجراءات السابقة عليه ومنها صحيفة الاستئناف رقم 260 سنة 9 ق المنصورة بمضي المدة، ورتب الحكم على ذلك أن النزاع بين الطاعن والمطعون عليهما حول ملكية العقار قد فصل فيه انتهائياً وقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 538 سنة 1956 مدني كلي المنصورة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يقتضي نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) نقض 21 يناير 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 135.
(2) نقض 21 مارس 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 337.

الطعن 535 لسنة 35 ق جلسة 24 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 49 ص 306

جلسة 24 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

---------------

(49)
الطعن رقم 535 لسنة 35 القضائية

(أ) إثبات. "القرائن". صورية. وصية.
مجرد تسليم المستند - المطعون عليه بأنه وصية - للمستفيد منه لا يدل بمجرده على تنجيز التصرف.
(ب) حكم. "عيوب التدليل. قصور".
عرض الحكم للمستندات في الدعوى، دون مناقشة دلالتها. قصور.
(ج) حكم. "عيوب التدليل. فساد الاستدلال" صورية.
اعتبار الحكم أن التصرف منجزاً استناداً إلى ما ورد بنصوصه في هذا الخصوص. فساد في الاستدلال.

--------------
1 - تسليم المستند الذي يتضمن التصرف المطعون عليه بأنه ينطوي على وصية للمستفيد منه، ليس من شأنه أن يدل بمجرده على تنجيز التصرف.
2 - يتعين على المحكمة أن تبحث مجموع المستندات المتعلقة بالنزاع والصادرة من ذوي الشأن، ولا يشفع في ذلك إحالة الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم الابتدائي في شأن هذه المستندات ما دام أن ذلك الحكم قد وقف عند حد عرضه لهذه المستندات دون مناقشة دلالتها.
3 - إذ أقام الحكم قضاءه بأن الإقرار - المطعون عليه بأنه ينطوي على وصية - يتضمن تصرفاً منجزاً على مجرد القول بأن نصوصه صريحة في هذا الخصوص، مع أن هذا الإقرار هو بذاته محل الطعن بأنه يخفي وصية، الأمر الذي يكون معه ما جاء بذلك الحكم في هذا الخصوص مصادرة على المطلوب والحكم على الدليل قبل تحقيقه، ويكون الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها بصفتها وصية على ابنتها هبة الله محمد زكي الجزيري استصدرت من رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد نفسها وضد الطاعنين باعتبارهم ورثة المرحوم محمد زكي الجزيري أمراً بأن يؤدوا لها من تركة مورثهم مبلغ 40000 ج قيمة سند مؤرخ 7 يناير 1957 أقر فيه ذلك المورث بمديونيته في هذا المبلغ لابنتها المذكورة التي أنجبتها منه. تظلم الطاعنون من هذا الأمر بالدعوى رقم 838 سنة 1963 مدني كلي الإسكندرية طالبين إلغاءه، تأسيساً على أن المورث قصد بإقراره في السند المشار إليه الإيصاء لابنته بالمبلغ الوارد به فلا ينفذ إلا في ثلث التركة، وبتاريخ 10 من إبريل سنة 1964 قضت محكمة أول درجة برفض التظلم وتأييد أمر الأداء. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 319/ 20 ق، وبتاريخ 22 مارس سنة 1965 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن مورثهم لم يقصد بإقراره السابق الذكر تصرفاً منجزاً بل قصد به الوصية، وبعد سماع شهود الطاعنين قضت المحكمة وبتاريخ 21 يونيه 1965 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن نية مورثهم المرحوم محمد زكي الجزيري اتجهت عند تحرير إقرار المديونية موضوع النزاع لابنته هبة الله إلى الإيصاء لها بالمبلغ الوارد به تأسيساً على أن المورث المذكور كان قد اضطر إلى الزواج من السيدة فهيمة إبراهيم يوسف - الطاعنة الرابعة - بعد أن رزق منها بإبنة تدعى ميرفت، وأنه من أجل ذلك بيت النية على التنكر لهذا الزواج بأن وقع على وثيقته بيده اليسرى وبتوقيع اختصر فيه لقبه، وادعى فعلاً بتزوير تلك الوثيقة، مما كان محلاً لتحقيق أجرته النيابة العامة، وأنه وإن اعترف بالزواج من السيدة المذكورة وببنوة الطفلة منه، إلا أنه عمد بعد ذلك إلى تطليق الطاعنة الرابعة وإلى التهديد بحرمان ابنته المذكورة من تركته بعد وفاته، وتنفيذاً لوعيده أصدر عقداً لزوجته الأولى - المطعون عليها - ولابنته منها هبة الله ضمنه بيعه لها 22 ف و12 ط بجهة المنتزه بحق النصف لكل منهما، مقابل ثمن قدره 5625 ج أقر في العقد وعلى خلاف الحقيقة بأنه قبضه منهما وأتبع ذلك بأن أقر بمديونيته المذكورة بمبلغ 40000 ج وهو موضوع النزاع في الدعوى الحالية، واستدل الطاعنون من هذه الوقائع ومن المستندات المقدمة منهم لتأييدها ومن القرائن المستمدة من عدم المطالبة بالمبلغ موضوع الإقرار حال حياة المورث رغم استحقاقه وقت الطلب ومن أنه لم يكن لابنته هبه الله مال تستطيع أن تفرضه لوالدها - استدلوا بذلك على أن المورث لم يكن يقصد إخراج هذا المبلغ من ملكه إلى ابنته حال حياته، وأن إقراره بالمديونية يعد منه تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت، وأنه لم يتصرف في الأطيان ولم يقر بالمديونية إلا لمجرد الرغبة في ترضية زوجته المطعون عليها وابنته منها هبة الله عما نشأ من زواجه بالطاعنة الرابعة توصلاً إلى هدوء العيش معهما بعد أن ساءت صحته، وأنه لا يعقل أن يكون قد قصد تنجيز التصرفين السابق ذكرهما حال أن من شأنهما أن يخرجاه من جميع ماله الذي قدر عند وفاته بمبلغ 45740 ج وهو مصدر كسبه الوحيد بما يترتب عليه أن يصبح عالة على المطعون ضدها وابنتها. غير أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى هذا الدفاع الذي ساقه الطاعنون ولم يرد على القرائن المستمدة منه والمستندات المؤيدة له، وأقام قضاءه باعتبار التصرف منجزاً تأسيساً على أن سند المديونية كان محفوظاً لدى المطعون عليها بخزانتها في بنك مصر وهو قول لا يؤدي في ظل الوقائع التي تناولها دفاعهم المشار إليه، إلى ما انتهى إليه الحكم مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن الإقرار الصادر من مورثهم بمديونيته لابنته هبة الله بالمبلغ موضوع النزاع في الدعوى الحالية ينطوي على تصرف غير منجز قصد به المورث إضافته إلى ما بعد الموت، واستدلوا على ذلك بأن مورثهم ومورث المطعون عليها وابنتها منه هبة الله كان قد اضطر إلى أن يعقد زواجه على الطاعنة الرابعة بعد أن رزق منها بابنته ميرفت، وأنه لعدم رغبته في هذا الزواج قد أضمر التنكر له فوقع على وثيقته بيده اليسرى وباسم محمد زكي صالح مستبعداً لقبه منه وتذرع بذلك للادعاء بتزوير توقيعه على تلك الوثيقة وإنكار نسب ابنته ميرفت منه، ولكنه وإن اضطر بعد التحقيق الذي أجرته النيابة في هذا الادعاء إلى أن يعترف بتوقيعه على وثيقة الزواج وبنسب ابنته ميرفت، إلا أنه عمد إلى تطليق زوجته فهيمة - الطاعنة الرابعة - وهدد بحرمان ابنته ميرفت من تركته بعد وفاته، وقام فعلاً بتنفيذ ما توعد به بأن أصدر لزوجته الأولى السيدة وجدان عبد العزيز سيف النصر المطعون عليها ولابنته منها هبة الله عقداً باعهما بموجبه 22 ف و12 ط بجهة المنتزه بحق النصف لكل منهما مقابل مبلغ 5625 ج وأتبع ذلك بأن أصدر إقراراً بمديونيته في مبلغ 40000 ج لابنته هبة الله. وقدم الطاعنون للتدليل على هذا الدفاع الذي تمسكوا به صورة من صحيفة الدعوى رقم 1588 سنة 1958 مدني كلي الإسكندرية التي رفعتها المطعون عليها عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها هبة الله بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 15 فبراير سنة 1957 الصادر إليهما من مورثهما ببيع 22 ف و12 ط موضحة الحدود والمعالم بتلك الصحيفة، وصورة من الحكم الصادر في تلك الدعوى بصحة ونفاذ ذلك العقد، وأخرى من الحكم الصادر في الاستئنافين رقمي 27، 45 سنة 17 ق الإسكندرية المرفوعين عن ذلك الحكم بتأييده، والنموذج الخاص بتقدير صافي تركة المرحوم محمد زكي الجزيري مورث الطرفين بمبلغ 45740 جنيه وعقد صلح مصدق عليه في القضية رقم 118/ 57 أحوال شخصية العطارين باتفاق المورث مع الطاعنة الرابعة على حسم النزاع بينهما الادعاء بتزوير وثيقة الزواج التي كانت الطاعنة الرابعة قد قدمتها في تلك الدعوى، وذلك بتطليقها على الإبراء مع تقدير نفقة للطفلة ميرفت، وصورة معلنة من مذكرة شواهد التزوير وتضمنت إنكار المورث نسب هذه الابنة منه. واستند الطاعنون إلى هذا الدفاع وإلى المستندات المقدمة منهم لتأييده على النحو السالف بيانه، وإلى القرائن المستمدة من عدم توجيه المطالبة إلى المورث حال حياته بالمبلغ موضوع الإقرار بالمديونية المشار إليه وهو المستحق السداد وقت الطلب ومن أنه لم يكن لابنته هبة الله مال تستطيع أن تقرضه لوالدها وأن من شأن التصرفين المشار إليهما ببيع المورث لأطيانه إلى زوجته الأولى وابنته منها وبإقراضه من هذه الأخيرة للمبلغ موضوع الإقرار السالف الذكر - من شأن هذين التصرفين أن يجرداه من أمواله وهي مصدر كسبه الذي يصبح بغيره عالة على المطعون عليها وعلى ابنته منها - استندوا إلى ذلك للقول بأن المورث قصد بهذين التصرفين مجرد إرضاء زوجته المطعون عليها وابنته منها هبة الله حتى يضمن هدوء العيش معهما في شيخوخته بعد أن أغضبهما زواجه من الطاعنة الرابعة وإنجابه منها للطفلة ميرفت وذلك بإيثارهما بجميع أموال تركته بعد وفاته وحرمان ابنته المذكورة دون أن يقصد نقل ملكية هذه الأموال إليهما حال حياته. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في تبرير ما انتهى إليه من أن إقرار المديونية موضوع النزاع هو تصرف منجز بقوله "إن أقوال الشاهد الثاني الأستاذ صالح الجزيري من أن هذا السند كان في حوزة المستأنف عليها (المطعون ضدها) وقت الوفاة وكانت تحتفظ به في خزانتها الخاصة ببنك مصر وتقدمها به في محضر حصر التركة لمما يقطع بأن المورث وقت تحرير هذا السند انصرفت نيته إلى جعله منجزاً وحالاً بدلالة تسليمه في الحال إلى المستأنف عليها" وكان تسليم المستند الذي يتضمن التصرف المطعون عليه بأنه ينطوي على وصية للمستفيد منه ليس من شأن هذا التسليم أن يدل بمجرده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على تنجيز التصرف وإنما يتعين بحث مجموع المستندات المتعلقة بالنزاع والصادرة من ذوي الشأن، وإذ التفت الحكم عن بحث المستندات المقدمة من الطاعنين والسالف بيانها لتأييد دفاعهم وحجب نفسه بذلك عن فهم دلالتها بما أدى إلى عدم مواجهة ما تمسك به الطاعنون من القرائن التي ساقوها للتدليل على أن التصرف الذي تضمنه الإقرار بمديونيته موضوع النزاع لم يكن منجزاً، وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وكان لا يشفع للحكم المطعون فيه أن أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي في شأن المستندات المشار إليها ما دام أن ذلك الحكم قد وقف عند حد عرضه لهذه المستندات دون مناقشة دلالتها في تنجيز التصرف أو عدم تنجيزه، واعتمد ذلك الحكم فيما انتهى إليه من أن الإقرار المذكور يتضمن تصرفاً منجزاً على مجرد القول بأن نصوصه صريحة في هذا الخصوص، مع أن هذا الإقرار هو بذاته محل الطعن بأنه يخفي وصية، الأمر الذي يكون معه ما جاء بذلك الحكم في هذا الخصوص مصادرة على المطلوب والحكم على الدليل قبل تحقيقه. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 24 نوفمبر 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1730.

الطعن 522 لسنة 35 ق جلسة 24 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 48 ص 295

جلسة 24 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد, وإبراهيم علام, ومحمد أسعد محمود.

---------------

(48)
الطعن رقم 522 لسنة 35 القضائية

(أ) نقض. "تقرير الطعن". وكالة. "الطعن في النقض". بطلان. محاماة.
وجوب التقرير بالطعن من محام موكل عن الطاعن لا من الطاعن نفسه ولو كان محامياً. القانون 57 لسنة 1959 وإلى ما بعد تعديله بالقانون 106 لسنة 1962 يقتضي المغايرة بين الطاعن والمحامي المقرر بالطعن. مخالفة ذلك. أثره. بطلان الطعن.
(ب، ج) اختصاص. "اختصاص ولائي". حكم. "الطعن في الحكم". استئناف. "الأحكام غير الجائز استئنافها". نزع الملكية للمنفعة العامة.
ولاية المحكمة الابتدائية عند نظر الطعون في قرارات لجان المعارضات في نزع الملكية، قاصرة على النظر في هذه الطعون. وهي ليست هيئة مختصة بتقدير التعويض ابتداء. الحكم فيها هو حكم انتهائي. عدم جواز الطعن في الحكم تطبيقاً لنص المادة 396 من قانون المرافعات السابق بدعوى بطلان الحكم أو قيامه على إجراءات باطلة.
(د) استئناف. "الأحكام الجائز استئنافها". حكم. "الطعن في الحكم".
جواز استئناف أي حكم صادر في حدود النصاب الانتهائي. مناطه. صدوره على خلاف حكم سابق لم يجز قوة الأمر المقضي في النزاع.
(هـ) نقض. "سلطة محكمة النقض". محكمة الموضوع. قوة الأمر المقضي.
بحث تحقق اتحاد الموضوع أو عدم تحققه في الدعويين. أمر يستقل به قاضي الموضوع.
(و) حكم. "تسبيب الحكم".
كفاية إحدى الدعامات سنداً للحكم. تعييبه في باقي الدعامات. غير منتج.

---------------
1 - مؤدى نص المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قبل تعديلها بالقانون رقم 106 لسنة 1966 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجب أن يكون التقرير بالطعن بالنقض من محام موكل عن الطاعن، لا من الطاعن نفسه، وأن هذا الإجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان الطعن. ولا يغير من هذا النظر ما طرأ على هذه المادة من تعديل بمقتضى القانون رقم 106 لسنة 1962 والنص فيها على أن يرفع الطعن بتقرير يودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقعه محام مقبول أمام محكمة النقض، ذلك أن هذا التعديل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه - إنما أريد به إلغاء ما كانت تشترطه من ضرورة حصول المحامي المقرر بالطعن على توكيل سابق على التقرير، وما ورد بهذا التعديل من أن تقرير الطعن يوقعه محام مقبول أمام محكمة النقض، يدل بمفهومه ويقتضي هو الآخر المغايرة بين الطاعن والمحامي الحاصل منه التقرير بالطعن، ولا عبرة بكون الطاعن الذي قرر بالطعن محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض، ذلك أن تحقيق المغايرة في الطعن بالنقض يستوجب ألا يتولى الخصوم بأنفسهم التقرير بالطعن، وإنما يجب عليهم أن ينيبوا عنهم في هذا الخصوص من يختارونه من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض (1).
2 - مقتضى نص المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، أن المشرع رسم إجراءات خاصة للطعن على قرارات لجان المعارضات التي تصدرها في شأن تعويضات نزع الملكية للمنفعة العامة وحدد ولاية المحكمة الابتدائية فجعلها مقصورة على النظر في هذه الطعون تأسيساً على أنها ليست هيئة مختصة بتقدير التعويض ابتداء، وإنما هي هيئة تنظر في طعن في قرار أصدرته إحدى اللجان المشار إليها. وإذ رتب المشرع على ذلك اعتبار الحكم الذي تصدره المحكمة الابتدائية بتقدير التعويض حكماً انتهائياً، فإن مؤدى ذلك في نطاق هذا الذي رسمه المشرع وحدد مداه ورتبه عليه، أن يكون الحكم الذي تصدره المحكمة الابتدائية في الطعن في قرار اللجنة المطروح عليها، غير قابل للاستئناف.
3 - نص المادة 396 من قانون المرافعات السابق لا ينفتح به طريق الطعن بالاستئناف في الأحكام التي تصدرها المحاكم الابتدائية بالتطبيق للمادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة بدعوى أنها أحكام باطلة أو قائمة على إجراءات باطلة، ذلك أن هذا القانون الأخير يعد تشريعاً خاصاً انفردت نصوصه بقواعد متماسكة في ذاتها، وهي بذلك منبتة الصلة عن حكم المادة 396 المشار إليها، ولا سبيل إلى المساس بها إلا بتشريع خاص ينص على ذلك. ولا يجوز الاستناد إلى ما لحق المادة 396 المذكورة من تعديل بالقانون رقم 137 لسنة 1956 إذ أن كل ما قصد بهذا التعديل هو النص على جواز الطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الابتدائية أسوة بأحكام المحاكم الجزئية الانتهائية فيما يتعلق بالاستئناف، كما لا يجوز الاستناد إلى التعديل الذي لحق بهذه المادة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 إذ المقصود بهذا التعديل الأخير - على ما أوضحته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - هو دفع اللبس الذي ثار حول معنى عبارة بصفة نهائية التي وردت بنص هذه المادة بعد تعديلها بالقانون رقم 137 لسنة 1956، فرأى المشرع أن يستبدل بها عبارة "في حدود نصابها الانتهائي".
4 - ما قررته المادة 397 من قانون المرافعات السابق من جواز استئناف أي حكم صادر في حدود النصاب الانتهائي، مشروط بأن يكون هناك حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته موضوعاً وسبباً بين الخصوم أنفسهم ولم يجز هذا الحكم قوة الأمر المقضي.
5 - بحث أمر تحقق اتحاد الموضوع في الدعويين يعد فصلاً في مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع ولا معقب على حكمه فيها متى كان قد اعتمد على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها (2).
6 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا أقيم الحكم على دعامات متعددة وكانت إحدى هذه الدعامات كافية وحدها ليستقيم بها، فإن تعييبه في باقي الدعامات أياً كان وجه الرأي فيها يكون غير مؤثر فيه (3).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الحربية نزعت ملكية عدة عقارات مملوكة للطاعنين كائنة بمنطقة سراي الرمل بالإسكندرية وقدرت المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية التعويض المستحق عن هذه العقارات بواقع ثمن المتر المربع في القطعة الأولى المملوكة للطاعن الأول مبلغ 5 ج و500 م، وفي القطعة الثانية المملوكة للطاعن الثاني مبلغ ثمانية جنيهات، وفي القطعة الثالثة المملوكة للطاعنين من الثاني إلى السابعة مبلغ ستة جنيهات، وفي القطعة الرابعة المملوكة للطاعنين من الثامنة إلى العاشرة مبلغ سبعة جنيهات، فاعترض الطاعنون على هذا التقرير وعرضت معارضاتهم على لجنة الفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات والمنصوص عليها في المادة 13 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع الملكية للمنفعة العامة، وقررت هذه اللجنة في 25 من ديسمبر سنة 1965 قبول هذه المعارضات شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد التقدير المعارض فيه، فأقام الطاعنون الدعاوى رقم 183، 184، 226, 244، 246، 242، 225، 245، 187 سنة 1962 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد وزير الحربية والبحرية ومفتش المساحة بالإسكندرية "المطعون ضدهما" طاعنين في قرار لجنة المعارضات وطلبوا رفع التقدير إلى مبلغ 14 ج و222 م للمتر المربع في القطعتين الأولى والثالثة وإلى مبلغ 17 ج و777 م في القطعة الثانية، وإلى مبلغ 16 ج و500 م في القطعة الرابعة. وبتاريخ 8 من أكتوبر سنة 1963 قضت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل ليعهد إلى أحد خبرائه المهندسين بتقدير ثمن العقارات المنزوعة ملكيتها وقت صدور قرار نزع الملكية. وقد باشر الخبير المنتدب مأموريته وقدم تقريره. وبتاريخ 24 من مارس سنة 1964 وبعد أن ضمت المحكمة هذه الطعون ليصدر فيها حكم واحد للارتباط بينها، قضت في الطعن 183 سنة 1962 مدني كلي الإسكندرية بتعديل القرار المطعون فيه واعتبار ثمن المتر من الأرض المنزوع ملكيتها بمبلغ سبعة جنيهات، وفي الطعن 184 سنة 1962 مدني كلي الإسكندرية بتعديل القرار المطعون فيه واعتبار ثمن المتر المربع من الأرض المنزوع ملكيتها مبلغ 11 جنيهاً، وفي الطعون 226، 244، 245، 246، 247 سنة 1962 مدني كلي الإسكندرية بتعديل القرار المطعون فيه واعتبار ثمن المتر المربع من الأرض المنزوع ملكيتها مبلغ 7 ج و750 م، وفي الطعن 187 سنة 1962 كلي الإسكندرية برفضه وتأييد القرار المطعون فيه. استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 364 سنة 20 ق تأسيساً على أن الحكم المستأنف وقع باطلاً لخلوه من التسبيب وعلى أنه جاء مخالفاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم في القضية رقم 519 سنة 1957 مدني كلي الإسكندرية ولم يحز قوة الشيء المقضي. دفع المطعون ضدهما بعدم جواز الاستئناف لرفعه عن حكم انتهائي بنص المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954, ومحكمة الاستئناف حكمت في 6 من نوفمبر سنة 1965 بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة العامة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن رفع بتقرير من الأستاذ شهدي عبده "الطاعن الأول" عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الطاعنين، وذكر في صدر التقرير أن المقرر بالطعن محام مقبول أمام محكمة النقض. ولما كانت المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قبل تعديلها بالقانون رقم 106 لسنة 1962، قد نصت على أن، "يحصل الطعن بتقرير يكتب في قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقعه المحامي المقبول أمامها الموكل عن الطالب ويشمل التقرير.... فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه حكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه" فإن المشرع قد دل بهذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه يجب أن يكون التقرير بالطعن بالنقض من محام موكل عن الطاعن لا من الطاعن نفسه، وعلى أن هذا الإجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان الطعن. ولا يغير من هذا النظر ما طرأ على هذه المادة من تعديل بمقتضى القانون رقم 106 لسنة 1962 والنص فيها على أن يرفع الطعن بتقرير يودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم ويوقعه محام مقبول أمام محكمة النقض، ذلك أن هذا التعديل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه - "إنما أريد به إلغاء ما كانت تشترطه من ضرورة حصول المحامي المقرر بالطعن على توكيل سابق على التقرير" وعلته "أن المحامي قد يضطر في كثير من الأحيان إلى المبادرة بالتقرير بالطعن قبل إتمام إجراءات التوكيل على أن ذلك بطبيعة الحال لا يعفى المحامي من إبراز التوكيل فيما بعد" ولم يجاوز المشرع هذا النطاق، ولأن ما ورد بهذا التعديل من أن تقرير الطعن يوقعه محام مقبول أمام محكمة النقض" يدل بمفهومه ويقتضي هو الآخر المغايرة بين الطاعن والمحامي الحاصل منه التقرير بالطعن. لما كان ذلك وكان التقرير بالطعن بالنقض لم يحصل من محام موكل عن الطاعن الأول، فإن مقتضى ذلك هو بطلان الطعن بالنسبة له. ولا عبرة بكون الطاعن الأول الذي قرر بالطعن محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض ذلك أن تحقيق المغايرة في الطعن بالنقض يستوجب ألا يتولى الخصوم بأنفسهم التقرير بالطعن، وإنما يجب عليهم أن ينيبوا عنهم في هذا الخصوص من يختارونه من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض، وإن جاز - على ما سلف بيانه - أن يبادر المحامي باتخاذ إجراءات التقرير بالطعن بالنقض قبل إتمام إجراءات التوكيل. وإذ كان الموضوع قابلاً للتجزئة فإن بطلان الطعن بالنقض بالنسبة للطاعن الأول لا يتعداه إلى باقي الطاعنين.
وحيث إن الطعن بالنسبة لمن عدا الطاعن الأول قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة أوجه، يتحصل أولها في أن الحكم قضى بعدم جواز الاستئناف، استناداً إلى أن الحكم المستأنف انتهائي بنص القانون فلا يطبق بصدده نص المادة 396 من قانون المرافعات السابق لأن تطبيق هذا النص قاصر على الأحكام الصادرة من المحاكم الجزئية أو المحاكم الابتدائية في حدود نصابها الانتهائي بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم دون الأحكام التي ينص المشرع صراحة على انتهائيتها في جميع الأحوال مهما تكن قيمة الدعوى، هذا في حين أن حكمة التشريع من فتح طريق الطعن في الأحكام الباطلة أو المبنية على إجراءات باطلة قائمة في الحالين سواء أكانت الأحكام صادرة في حدود النصاب الانتهائي أم كان قد نص في تشريع خاص على انتهائيتها، وذلك بغير تفرقة بينهما لما تؤدي إليه هذه التفرقة من نتيجة غير مستساغة بتحقيق غرض المشرع في معالجة البطلان في الحالة الأولى دون الثانية، وهو ما لم يقصده. وأضاف الطاعنون أن المشرع قد عدل نص المادة 396 المشار إليه بالقانونين رقمي 137 لسنة 1956، 100 لسنة 1962 بما مؤداه أنه من الجائز استئناف الأحكام الانتهائية، سواء أكانت صادرة في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة، أو بالنص في تشريع خاص على انتهائيتها، ولو جاوزت حدود نصابها الابتدائي. غير أن الحكم المطعون فيه قضى على خلاف هذا النظر مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون. ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم المطعون فيه اعتبر إيداع الكفالة المنصوص عليها في المادة 396 من قانون المرافعات إجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان الاستئناف، دون أن يبين ما إذا كان قد لحق الخصم من جراء ذلك ضرر أم لا ودون أن يأمر بتصحيح هذا الإجراء إعمالاً لنص المادة 25 من قانون المرافعات وذلك بتكليف الطاعنين بإيداع الكفالة، كما أن الحكم وقد اعتبر هذه الكفالة في حكم الرسوم، فإنه كان يجب ترتيباً على ذلك استبعاد القضية من رول الجلسة، وفقاً لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية، غير أن الحكم قضى رغم ذلك بعدم جواز الاستئناف مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة قد نصت على أن "لكل من المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية ولأصحاب الشأن الحق في الطعن في قرار لجنة المعارضات أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقارات خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم بالقرار المذكور وتنظر المحكمة في الطعن على وجه الاستعجال ويكون حكمها نهائياً" وكان يبين من هذا النص أن المشرع رسم إجراءات خاصة للطعن في قرارات لجان المعارضات التي تصدرها في شأن تعويضات نزع الملكية للمنفعة العامة من حيث الاختصاص، إذ جعل المحكمة الابتدائية تختص بنظر الطعون التي تقدم إليها سواء من المصلحة القائمة بإجراءات نزع الملكية أو من أصحاب الشأن في قرارات تلك اللجان وحدد المشرع ولاية المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص, فجعلها مقصورة على النظر في هذه الطعون تأسيساً على أنها ليست هيئة مختصة بتقدير التعويض ابتداء، وإنما هي هيئة تنظر في طعن في قرار أصدرته إحدى اللجان المشار إليها، ورتب المشرع على ذلك اعتبار الحكم الذي تصدره المحكمة الابتدائية بتقدير التعويض حكماً انتهائياً، فإن مؤدى ذلك في نطاق هذا الذي رسمه المشرع وحدد مداه ورتبه عليه، أن يكون الحكم الذي تصدره المحكمة الابتدائية في الطعن في قرار اللجنة المطروح عليها غير قابل للاستئناف. ولا محل للاستناد في هذا الخصوص إلى نص المادة 396 من قانون المرافعات السابق لفتح طريق الطعن بالاستئناف في الأحكام التي تصدرها المحاكم الابتدائية بالتطبيق للمادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة بدعوى أنها أحكام باطلة أو قائمة على إجراءات باطلة، ذلك أن هذا القانون الأخير يعد تشريعاً خاصاً انفردت نصوصه - وعلى ما سلف البيان - بقواعد متماسكة في ذاتها وهي بذلك منبتة الصلة عن حكم المادة 396 المشار إليها، ولا سبيل إلى المساس بها إلا بتشريع خاص ينص على ذلك. ولا يجوز الاستناد إلى ما لحق المادة 396 المذكورة من تعديل بالقانون رقم 137 لسنة 1956 إذ أن كل ما قصد بهذا التعديل هو النص على جواز الطعن في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من المحاكم الابتدائية أسوة بأحكام المحاكم الجزئية الانتهائية" فيما يتعلق بالاستئناف، كما لا يجوز الاستناد إلى التعديل الذي لحق بهذه المادة بالقانون رقم 100 لسنة 1962، إذ المقصود بهذا التعديل الأخير - على ما أوضحته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - هو دفع اللبس الذي ثار حول معنى عبارة "بصفة نهائية" التي وردت بنص هذه المادة بعد تعديلها بالقانون رقم 137 لسنة 1956 للسابق الإشارة إليه، فرأى المشرع أن يستبدل بها عبارة "في حدود نصابها الانتهائي" حتى يوضح أن المقصود بالنص هو استئناف الأحكام الصادرة في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية في الطعن الذي رفع إليها بشأن التعويض الذي قدرته لجنة المعارضات، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون بالوجه الأول يكون على غير أساس. والنعي في وجهه الثاني مردود أيضاًً، ذلك أنه لما كان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن المادة 396 من قانون المرافعات لا تنطبق أصلاً على واقعة الدعوى هو قول يتفق مع التطبيق الصحيح للقانون ويكفي بذاته لحمل قضائه فإنه لا يجدي الطاعنين النعي بهذا الوجه على ما قرره الحكم، من أن دفع الكفالة المنصوص عليها بالمادة 396 من قانون المرافعات السابق يعتبر إجراء جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أو أنها تعتبر في حكم الرسوم بما كان يستوجب استبعاد القضية من رول الجلسة لا الحكم بعدم جواز الاستئناف، ذلك أنه أياً كان وجه الرأي فيما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص فإنه وارد على ما استطرد إليه الحكم تزيداً بعد أن انتهى صحيحاً تأسيساً على دعامته الأخرى على ما سلف البيان في الرد على الوجه الأول.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث، أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف المؤسس على نص المادة 397 من قانون المرافعات على أن الطاعنين لم يقدموا الدليل على أن الحكم الصادر في القضية رقم 519 لسنة 1957 كلي الإسكندرية لم يصبح بعد انتهائياً - كما أن الحكم أقام قضاءه على اختلاف الخصوم والموضوع في الدعويين، هذا في حين أنه كان يتعين على المحكمة أن تكلف المطعون ضدهما بإقامة الدليل على أن الحكم السابق لم يصبح بعد نهائياً، وفي حين أن شرط وحدة الخصوم في الدعويين كان متوافراً باتحاد الخصمين الحقيقيين فيهما وهما الطاعن الثاني ووزارة الحربية - وأنه وإن كان موضوع الحكم الصادر في الدعوى رقم 519 سنة 1957 مدني كلي الإسكندرية هو طلب التعويض عن الحرمان من الانتفاع بالأرض المنزوع ملكيتها، وموضوع النزاع الحالي هو طلب التعويض عن نزع ملكية الأرض ذاتها، إلا أن الأساس المشترك في الدعويين واحد بما يتوافر به شرط وحدة الموضوع، ويقول الطاعنون أنه متى كان الحكم المستأنف قد جاء مخالفاً للحكم السابق الذي صدر بين الخصوم أنفسهم عن ذات النزاع ولم يكن الحكم السابق قد حاز قوة الأمر المقضي عند رفع الاستئناف، فإن هذا الحكم الأخير يكون مما يجوز استئنافه ولو كان نهائياً بنص القانون وذلك إعمالاً لنص المادة 397 من قانون المرافعات السابق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان ما قررته المادة 397 من قانون المرافعات السابق من جواز استئناف أي حكم صادر في حدود النصاب الانتهائي مشروطاً بأن يكون هناك حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته موضوعاً وسبباً بين الخصوم أنفسهم وألا يحوز هذا الحكم قوة الأمر المقضي، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص ما يثيره الطاعنون بهذا الوجه على عدة دعامات منها أن الموضوع في الدعويين مختلف واستند الحكم في ذلك إلى قوله "إن موضوع الدعوى رقم 519 لسنة 1957 كان عن تقدير التعويض عن عدم انتفاع المستأنف الثاني (الطاعن الثاني) بأرضه في المدة المطالب بها في تلك الدعوى والتي اتخذ الحكم من تقدير ثمنها في سنة 1958 بمعرفة أحد الخبراء عنصراً من عناصر تقدير هذا التعويض، ولم يكن هو العنصر الوحيد لذلك التقدير بينما أن موضوع الدعوى الحالية هو تقدير ثمن هذه الأرض في تاريخ نزع الملكية في سنة 1961 وهو وقت يغاير الوقت الذي تم فيه تقدير ثمنها في سنة 1958 لتطور الظروف الاقتصادية من آن لآن، ومن ثم فلا وحدة بين الموضوعين مما لا يجوز معه القول باتحاد الموضوع بينهما" وكان بحث أمر تحقق اتحاد الموضوع أو عدم تحققه في الدعويين يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - فصلاً في مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع ولا معقب على حكمه فيها متى كان قد اعتمد على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكانت الأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه - على النحو السالف بيانه - تؤدي إلى القول بعدم اتحاد الموضوع في الدعويين، فإن استئناف الحكم الثاني يكون غير جائز استناداً إلى المادة 397 من قانون المرافعات السابق، وذلك لتخلف أحد شروطها السابق بيانها. لما كان ما تقدم وكان من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا أقيم الحكم على دعامات متعددة وكانت إحدى هذه الدعامات كافية وحدها ليستقيم بها، فإن تعييبه في باقي الدعامات، أياً كان وجه الرأي فيها، يكون غير مؤثر فيه، ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يكون غير سديد.


(1) نقض 31 مايو 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1180.
(2) نقض 3 يناير 1962 مجموعة المكتب الفني السنة 13 ص 13.
(3) نقض 28 مايو 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 1018.

الطعن 138 لسنة 35 ق جلسة 11 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 46 ص 284

جلسة 11 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا علي، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

----------------

(46)
الطعن رقم 138 لسنة 35 القضائية

(أ) حكم. "تسبيب الحكم". "ما لا يعد تناقض". استئناف. "الحكم في الاستئناف".
صدور الحكم الاستئنافي على خلاف الحكم الابتدائي الذي ألغاه لا يعد من قبيل التناقض في أسباب الحكم الواحد.
(ب) عمل." إعادة العامل الموقوف".
لا يوجب قانون العمل إعادة العامل الموقوف إلى عمله قبل صدور قرار من السلطة المختصة بعدم تقديمه للمحاكمة أو القضاء ببراءته. فسخ العقد لسبب آخر جائز لصاحب العمل.

-----------------
1 - متي كان صدور الحكم المطعون فيه على خلاف الحكم الابتدائي الذي ألغاه لا يعد من قبيل التناقض في أسباب الحكم الواحد، وإنما يهدر أسباب الحكم الابتدائي، ويتضمن الرد المسقط لها متي أقام قضاءه على أسباب تكفي لحمله، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور والتناقض يكون على غير أساس.
2 - مؤدي نص المادة 67 من القانون 91 لسنة 1959 أن لصاحب العمل الحق في وقف العامل من تاريخ إبلاغ السلطة المختصة بارتكابه إحدى الجرائم المحددة فيه، وأنه لا يجب على صاحب العمل إعادته إلى عمله قبل صدور قرار منها بعدم تقديم العامل للمحاكمة أو القضاء ببراءته، ولم يوجد لدى صاحب العمل سبب آخر لفسخ العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن صبحي حسن علي أقام الدعوى رقم 1079 سنة 1963 عمال إسكندرية الابتدائية، طالباً فيها الحكم بإلزام الشركة العربية المتحدة للملاحة البحرية بأن تدفع له مبلغ 1381 ج و221 م على سبيل التعويض المادي والأدبي، وقال بياناً للدعوى إن الشركة المدعى عليها أصدرت في 19/ 12/ 1961 قراراً بوقفه عن العمل استناداً إلى نص المادة 67 من القانون رقم 91 لسنة 1959، في حين أن البلاغ الذي قدمته إلى النيابة العامة في 13/ 12/ 1961 لا يتضمن توجيه أي اتهام إليه وإنما توجه إلى موظف آخر يدعى فوزي مرقص كان قد سلمه مبلغ 250 ج بموجب إيصال لصرفه في الأعمال الجمركية على إثر نقل المدعي من قسم المارينا إلى قسم المخازن، وأنه قدم الإيصال مع إيصالات أخرى بمبلغ 50 ج إلى اللجنة التي أمرت النيابة بتشكيلها لفحص العهدة، ورغم أن هذا الموظف اعترف باستلام المبلغ منه وأصدرت اللجنة قرارها بسلامة العهدة، فإن المدعى عليها أصدرت قرارها بوقفه من العمل، فيكون قرارها باطلاً، كما أنه ظل موقوفاً حتى أعادته الشركة إلى عمله في 2/ 2/ 1963 مع أن النيابة حفظت الشكوى في 15 يناير سنة 1962، فحرم من مرتبه مدة اثنى عشر شهراً دون مسوغ وهو ما يعتبر عسفاً من جانب الشركة. ونظراً لأن ما يتقاضاه من المرتب والملحقات خلال فترة الإيقاف يبلغ 881 ج و221 م وأنه ترتب على الإيقاف حرمانه من هذا المبلغ والمساس بكرامته فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وبتاريخ 11 مارس سنة 1964 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 500 ج والمصاريف المناسبة ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأعفت المدعي من باقي المصروفات. استأنفت المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً تعديله والحكم بطلباته وقيد استئنافه برقم 222 سنة 20 قضائية كما استأنفته الشركة المدعى عليها طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 290 سنة 20 قضائية وقررت المحكمة ضم الاستئنافين، وبتاريخ 14 يناير سنة 1965 حكمت بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف وأعفته من المصروفات عن الدرجتين. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلبت المطعون عليها رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني، أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى، مستنداً في ذلك إلى أن الثابت من الشهادة المؤرخة 19/ 1/ 1963 والتي قدمها الطاعن أنه بعد صدور قرار من نيابة الإسكندرية بحفظ الشكوى، ورد إليها من الشركة المطعون ضدها تقرير من لجنة الفحص يتضمن وقائع تكون جرائم، فتولت تحقيقها وأرسلت الأوراق إلى نيابة أمن الدولة للتصرف فيها دون توجيه اتهام إلى الطاعن، ثم أعيدت إليها الأوراق للاستيفاء، وأن تحقيق النيابة لم يقفل حتى تاريخ تحرير هذه الشهادة وإن موقف الطاعن لا يتحدد إلا إذا اتخذت النيابة قرارها النهائي في نتيجة التحقيق، وهذا من الحكم خطأ في فهم الوقائع وقصور في التسبيب، إذ الثابت بالأوراق أن الشركة المطعون ضدها أمرت بوقف الطاعن عن العمل في 19/ 12/ 1961 دون أن توجه إليه الاتهام بارتكاب جناية أو جنحة داخل دائرة العمل، وإن البلاغ الذي قدمته إلى نيابة الإسكندرية بتاريخ 13/ 12/ 1961 لا يتضمن إخطاراً بحادث معين، وإنما ينصب على أن مبلغ 300 ج سلم إلى الطاعن للصرف منه على البواخر التابعة للشركة ولا يوجد منه بالعهدة مبلغ 250 ج قرر أنه سلمه بمقتضى إيصال إلى موظف يدعى فوزي مرقص ويخشى أن يكون قد بدد ما تحت يده من مال الشركة لأنه غاب عن عمله منذ 9/ 12/ 1961 دون إذن، وثابت بمحضر لجنة الفحص أنها وجدت العهدة سليمة وتتضمن المبلغ موضوع الإيصال، وأن اللجنة قدمت تقريرها في 16/ 12/ 1961 فيكون القرار الصادر بوقفه عن العمل في 19/ 12/ 1961 قراراً باطلاً، لانتفاء ما يبرره وقت صدوره، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتمد على وقائع لاحقة أوردتها لجنة الفحص في تقريرها، وقرر أن الشركة أعادت الطاعن إلى عمله بمجرد علمها بحفظ التحقيق، في حين أن هذا التحقيق لم يكن سند الطاعن في دعواه، وأن قرار الوقف لم يكن يستند إلى وقائع تالية لصدوره، وأن خطأ الشركة هو في إصدار قرار الوقف وليس التأخير في إعادة الطاعن إلى عمله، وقد أقيمت الدعوى على أساس خطأ الشركة في إصدار هذا القرار ولم يستند فيها الطاعن إلى التأخير الذي يخرج عنها ولا يصلح دليلاً فيها كما أن الحكم أغفل الرد على الحكم الابتدائي الذي ألغاه وتناقض مع هذا الحكم الذي استوعب الوقائع الثابتة بالأوراق وهو تناقض من شأنه أن يمحو أسباب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الثابت من صحيفة الدعوى، وعلى ما سلف سرده في الوقائع، أن الطاعن أقام دعواه على أساس أن القرار الذي أصدرته الشركة بوقفه عن العمل في 19/ 12/ 1961 هو قرار باطل، لأنها لم توجه إليه أي اتهام في البلاغ الذي قدمته للنيابة العامة في 13/ 12/ 1961. كما أن الشركة رفضت إعادته إلى عمله فور القرار الذي أصدرته النيابة بحفظ الشكوى في يناير سنة 1962 وأعادته إلى عمله في 2/ 2/ 1963 بعد أن ظل موقوفاً أكثر من ثلاثة عشر شهراً بلا مسوغ من القانون. وبالرجوع إلى البلاغ المقدم من الشركة والمودع صورته بالأوراق، يبين أن الشركة قررت فيه أن اللجنة التي قامت بجرد أعمال الموظفين الذين شملتهم حركة التنقلات فيها قد تبين لها أن الطاعن استلم بتاريخ 1/ 1/ 1961 مبلغ 300 ج عهدة ثابتة للصرف على بواخر الشركة وأنه لا يوجد مع الطاعن سوى مبلغ خمسين جنيهاً، وقرر أن باقي المبلغ سلمه إلى موظف يدعى فوزي مرقص وقدم بذلك إيصالاً مؤرخاً 1/ 1/ 1961، وأن اللجنة قامت باستدعائه يوم 7/ 12/ 1961 فوجدته بإجازة عارضة وأنه وعد المراقب المالي بتسوية العهدة عند حضوره يوم 9/ 12/ 1961، إلا أنه لم ينفذ تعهده وغاب عن عمله بعد هذا اليوم دون إذن، وأنهت الشركة بلاغها بعرض الأمر على النيابة العامة لاتخاذ ما تراه من إجراءات ضد الطاعن وزميله، وثابت من الشهادة المؤرخة 19/ 1/ 1963 - والصادرة إلى الطاعن من القلم الجنائي بنيابة المنشية - أنه بعد موافقة نيابة أمن الدولة على حفظ الشكوى وقيدها برقم 454 سنة 1962 إداري المنشية ورد من الشركة تقرير من لجنة الفحص مؤرخ 15/ 1/ 1962 وطلبت نيابة أمن الدولة تحقيق ما ورد به من وقائع تكون جرائم وأرسلت إليها الأوراق بعد التحقيق بمذكرة لم يوجه فيها اتهام إلى الطاعن وأعيدت إليها ثانية للاستيفاء وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه بعد أن عرض هذه الوقائع أقام قضاءه على قوله "وحيث إنه يبين مما تقدم أن بلاغ الشركة كان ضد المستأنف وفوزي مرقص باعتبار أن الأول هو الذي كان في عهدته وديعة الصرف على بواخر الشركة فسلمها لفوزي مرقص ثم جاء تقرير فحص أعمالها كاشفاً عن جرائم لم يتم تحقيقها ولم تتبين الشركة عدم اتصال المستأنف بها إلا في 27/ 1/ 1963 فأعادته على الفور لعمله، ومن ثم فلا اعتساف من جانب الشركة إذ لم تبت في أمر إعادته للعمل قبل التاريخ الأخير" وهي تقريرات موضوعية سائغة لها أصلها المستمد من الثابت بالأوراق ولا تخالف البلاغ المقدم من الشركة إلى النيابة العامة والذي يتضمن توجيه الاتهام إلى الطاعن وزميله في شأن الوديعة التي سلمتها الشركة إلى الطاعن للصرف على بواخرها، كما أنها لا تغير من الأساس الذي رفعت به الدعوى واستند فيه الطاعن - على ما هو ثابت بصحيفتها - إلى تأخير الشركة في إعادته إلى العمل ثلاثة عشر شهراً دون مسوغ وتنفي عن الشركة العسف في التأخير. إذ كان ذلك وكان صدور الحكم المطعون فيه على خلاف الحكم الابتدائي الذي ألغاه لا يعد من قبيل التناقض في أسباب الحكم الواحد، وإنما يهدر أسباب الحكم الابتدائي ويتضمن الرد المسقط لها متي أقام قضاءه على أسباب تكفي لحمله، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور والتناقض يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى، على اعتبار أن الشركة المطعون عليها نسبت إليه في بلاغها المقدم للنيابة العامة ارتكاب جنحة وأعادته إلى عمله فور الانتهاء من التحقيق، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وقصور في التسبيب من ثلاثة وجوه (أولها) أن الشركة لم تقدم ضده هذا البلاغ قبل صدور قرارها بالوقف حتى تنتظر نتيجة التحقيق فيه، فلا يجوز لها استعمال الرخصة المقررة لصاحب العمل بنص المادة 67 من القانون رقم 91 لسنة 1959، وقد سكت الحكم عن بيان تاريخ البلاغ وماهية الجرائم اللاحقة التي لم يتم تحقيقه، وهي تختلف عن سبب الوقف و(ثانيها) أن الحكم تناقض في استناده إلى ما جاء في تقرير اللجنة من الكشف عن هذه الجرائم، لأن البحث في أعمال الموظف لا يكون إلا بناء على توجيه الاتهام إليه، ومبنى دعوى الطاعن أن قرار الوقف كان عدماً لانعدام البلاغ السابق الذي لم توجه فيه الشركة الاتهام إليه و(ثالثها) أن الحكم اعتمد في نفي مسئولية الشركة على تفسير خاطئ لشكوى تقدمت من الطاعن بالتظلم من قرار وقفه وبذلك بني على استنتاج ظني ليس في أوراق الدعوى ما يسانده.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن النص في المادة 67 من القانون رقم 91 لسنة 1959 على أنه "إذا نسب إلى العامل ارتكاب جناية أو جنحة إضراب غير مشروع أو التحريض عليه أو ارتكابه أية جنحة داخل دائرة العمل جاز لصاحب العمل وقفه من تاريخ إبلاغ الحادث إلى السلطة المختصة لحين صدور قرار منها في شأنه فإذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضي ببراءته وجبت إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً" يدل - بلفظه ومعناه - على أن لصاحب العمل الحق في وقف العامل من تاريخ إبلاغ السلطة المختصة بارتكابه إحدى الجرائم المحددة فيه، وأنه لا يجب على صاحب العمل إعادته إلى عمله قبل صدور قرار منها بعدم تقديم العامل للمحاكمة أو القضاء ببراءته، ولم يوجد لدى صاحب العمل سبب آخر لفسخ العقد. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - على ما سلف الرد به - قد أقام قضاءه على أن البلاغ المقدم من الشركة المطعون عليها بتاريخ 13/ 12/ 1961 تضمن توجيه الاتهام إلى الطاعن بشأن الوديعة التي سلمتها إليه للصرف على بواخرها، وأن قرار وقفه عن العمل صدر بناء على هذا البلاغ ولم يتم تحقيق الوقائع التي كشفت عنها لجنة الفحص حتى تاريخ 19/ 1/ 1963 الصادر فيه الشهادة التي استخرجها الطاعن من النيابة وأنه أقر في شكواه المؤرخة 11/ 6/ 1962 عن تظلمه من قرار الفصل أن النيابة هي التي طلبت تشكيل لجنة لفحص أعماله، وكان غير صحيح ما يقوله الطاعن من أن الحكم لم يذكر تاريخ البلاغ المقدم من الشركة، ولا يعيب الحكم إغفال بيان الوقائع التي كشفتها اللجنة بعد البلاغ وفي سبيل تحقيقه وما دامت الشركة قد أعادت الطاعن إلى عمله فور علمها بصدور قرار النيابة في شأن التحقيق بعد انتهائه، فإن الحكم إذ رفض القضاء بالتعويض عن قرار الوقف لحين انتهاء التحقيق لا يكون مشوباً بالقصور أو مخالفاً القانون.

الطعن 265 لسنة 32 ق جلسة 11 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 45 ص 277

جلسة 11 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا علي، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي، وأحمد طوسون حسين.

-------------

(45)
الطعن رقم 265 لسنة 32 القضائية

(أ) ضرائب. "إلغاء قرار لجنة الطعن". حكم. "الأحكام الجائز الطعن فيها".
الحكم بإلغاء قرار لجنة الطعن لبطلانه ينهي المنازعة في القرار ويحسم الخصومة الأصلية أمام المحكمة. جواز الطعن فيه استقلالاً. عدم جواز تقدير أرباح الممول ابتداء بعد إلغاء قرار اللجنة.
(ب) ضرائب. "الضريبة العامة على الإيراد". بريد. "لائحة البريد". إعلان. "إجراءات إعلان ممولي الضرائب بالبريد".
إجراءات الإعلان أمام لجنة الطعن تختلف عن إجراءات قانون المرافعات. لائحة البريد تقضي بتسليم الرسائل المسجلة إلى شخص المرسل إليه أو نائبه أو خادمه أو أحد أقاربه أو أصهاره الساكنين معه عند غيابه. امتناع أحدهم عن تسلم المراسلات لا أثر له في صحة الإعلان. عدم وجوب بيان الشخص المخاطب معه أو اتباع الإجراءات المقررة في قانون المرافعات.

---------------
1 - الحكم الصادر بإلغاء قرار لجنة الطعن على أساس بطلانه، ينهي المنازعة في القرار الذي أصدرته، ويحسم الخصومة في الطعن الذي رفع بشأنه إلى المحكمة الابتدائية، ولا تملك المحكمة تقديرً أرباح الممول ابتداء بعد إلغاء قرار اللجنة، ذلك أن هذا الحكم يكون قد أنهى الخصومة الأصلية في الخلاف موضوع هذا القرار، ويجوز الطعن فيه استقلالاًَ، وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق الذي يحكم إجراءات هذا الطعن. فلا وجه للقول بأن الحكم صادر ببطلان قرار اللجنة، قبل الفصل في موضوع المنازعة في التقدير، لأن حظر الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع، مناطه ألا تكون الخصومة قد انتهت كلها أو بعضها. ولا يغير من هذا النظر ما قرره الحكم في منطوقه، من إعادة الخلاف إلى لجنة الطعن للفصل فيه من جديد، ذلك أن الرجوع إلى السلطة المختصة أصلاً بالفصل في التقدير، لا يعتبر استمراراً للمنازعة التي انحسمت بإلغاء قرار اللجنة الصادر فيها، ولا يكون الطعن في القرار الذي تصدره اللجنة من جديد استمراراً للخصومة الأصلية التي كانت مرددة بين الطرفين في شأن المنازعة السابقة في التقدير، وإنما هي خصومة جديدة لا تطرح على محكمة أول درجة إلا بطعن يرفع إليها عن هذا القرار الجديد، وتقتصر ولايتها على النظر فيه.
2 - مؤدى نص المادة 96 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1950 والواجب الاتباع في شأن الضريبة العامة على الإيراد وفقاً للمادة 24 من القانون رقم 99 لسنة 1949، أن المشرع وضع إجراءات خاصة بالإعلان أمام لجنة الطعن عند الفصل في أوجه الخلاف بين الممول ومصلحة الضرائب، وهي إجراءات تختلف عن الإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات، كما تختلف عن نظام الإعلان على يد محضر الذي كان ينص عليه قانون المرافعات السابق في المواد 15 إلى 19 قبل إلغائها بالقانون رقم 100 لسنة 1962. وقد جعل المشرع الإعلان المرسل من اللجنة إلى الممول أو مصلحة الضرائب بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول، في قوة الإعلان الذي يتم بالطرق القانونية، ولم يشأ أن يقيد اللجنة بإجراءات الإعلان التي فرضها قانون المرافعات واعتبر الإعلان صحيحاً ولو رفض الممول استلام الخطاب بالإعلان حتى يكون علم الوصول حجة عليه، كما هو حجة في حالة غلق المنشأة أو غياب صاحبها، كذلك. وبالرجوع إلى اللائحة الصادرة بالاستناد إلى المادة الثانية عشرة من الدكريتو المؤرخ 29 مارس سنة 1879 الخاص بتنظيم مصلحة البوستة، يبين أن اللائحة عملت على توفير الضمانات الكفيلة لوصول الرسائل المسجلة إلى المرسل إليهم، ووضعت الإجراءات التي فرضت على عامل البريد اتباعها في حالة امتناعهم عن استلامها في خصوص المراسلات الواردة من مصلحة الضرائب لتكون حجة عليهم في الآثار المترتبة عليها. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضي ببطلان قرار اللجنة، لأن الكتاب الذي أرسلته إلى الممول بموعد الجلسة المحددة لنظر الخلاف بينه وبين مصلحة الضرائب، قد ارتد مؤشراً عليه برفض الاستلام، دون بيان الشخص المخاطب معه ودون اتباع الإجراءات المقررة في قانون المرافعات، وكان الثابت أن عامل البريد أشر على مظروف هذا الكتاب بتاريخ 11/ 7/ 1960 بعبارة رفض الاستلام موقعاً عليها بإمضائه، فإن الحكم يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب بلقاس قدرت صافي الإيراد العام للسيد حامد عطا الله حشيش في كل من سنتي 1949 و1950 بمبلغ 1007 ج و160 م، وفي سنة 1951 بمبلغ 1159 ج و622 م، وفي كل من سنوات 1952 حتى سنة 1955 بمبلغ 1505 ج و326 م، وفي كل من سنوات 1956 حتى 1958 بمبلغ 1855 ج و534 م، وإذ لم يوافق على هذه التقديرات وأحيل الخلاف على لجنة الطعن التي حددت لنظره جلسة 21/ 7/ 1960 وأخطرته بتحديد هذه الجلسة بخطاب موصى عليه بعلم الوصول، وقد رد عامل البريد الخطاب إلى المأمورية بعد أن أشر عليه بعبارة "رفض الاستلام"، وقامت اللجنة بنظر الطعن في هذه الجلسة وقررت في غيبته قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، فقد أقام الدعوى رقم 298 سنة 1960 تجاري المنصورة الابتدائية بالطعن في هذا القرار، طالباً إلغاءه، ودفع أثناء نظر الدعوى ببطلان قرار اللجنة، وانتهى إلى طلب الحكم في الموضوع أصلياً - بقبول الدفع ببطلان القرار وإعادة الأوراق إلى لجنة الطعن للفصل في الخلاف من جديد، واحتياطياً (أولاً) بسقوط حق مصلحة الضرائب في اقتضاء الضرائب المستحقة عن سنوات 1949 إلى 1953 بالتقادم (ثانياً) باعتبار أن صافي إيراداته في كل من سنوات 1954 إلى 1958، قبل خصم الأعباء العائلية قيمة المبالغ الآتية على التوالي 1086 ج - 1086 ج - 1086 ج - 1148 ج - 959 ج مع إلزام مصلحة الضرائب المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة واستند في الدفع إلى أنه لم يخطر بالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام اللجنة، وأن خطاب الإخطار ارتد مؤشراً عليه بعبارة "رفض الاستلام"، ولكن اللجنة أصدرت قرارها في غيبته وترتب على ذلك حرمانه من حقه في الدفاع. وبتاريخ 23 فبراير سنة 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه لبطلانه وإعادة الأوراق ثانية إلى لجنة طعن ضرائب المنصورة، لتفصل في طعن الطاعن المرفوع إليها بشأن تقديرات مأمورية ضرائب بلقاس لصافي إيراده العام في السنوات من 1949 إلى 1958، وذلك بإجراءات جديدة في القانون، وألزمت مصلحة الضرائب المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، واستأنفت مصلحة الضرائب هذه الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه والحكم بتأييد قرار لجنة الطعن، وقيد هذا الاستئناف برقم 78 سنة 13 قضائية. وبتاريخ 24 إبريل سنة 1962 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة المصروفات ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة، دفعت فيها بعدم جواز الطعن وطلبت في الموضوع قبول الطعن.
وحيث إن مبنى الدفع الذي أبدته النيابة العامة، أن الحكم المطعون فيه صادر قبل الفصل في الموضوع وغير منه للخصومة كلها أو بعضها، فلا يجوز الطعن فيه إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع مردود، بأن المطعون عليه رفع دعواه بوصفها طعناً في قرار لجنة تقدير الضرائب، واستند في طلب إلغاء قرارها على طعون شكلية وموضوعية، وصدر الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الابتدائي في قضائه بإلغاء قرار اللجنة لبطلان الإجراءات في إعلان الطاعن بالحضور. ولما كان الحكم الصادر بإلغاء قرار لجنة الطعن على أساس بطلانه ينهي المنازعة في القرار الذي أصدرته، ويحسم الخصومة في الطعن الذي رفع بشأنه إلى المحكمة الابتدائية ولا تملك المحكمة تقدير أرباح الممول ابتداء بعد إلغاء قرار اللجنة، فإن هذا الحكم يكون قد أنهى الخصومة الأصلية في الخلاف موضوع هذا القرار ويجوز الطعن فيه استقلالاًَ وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات السابق الذي يحكم إجراءات هذا الطعن، ولا وجه للقول بأن الحكم صادر ببطلان قرار اللجنة قبل الفصل في موضوع المنازعة في التقدير، لأن حظر الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع، مناطه ألا تكون الخصومة قد انتهت كلها أو بعضها. ولا يغير من هذا النظر ما قرره الحكم في منطوقه من إعادة الخلاف إلى لجنة الضرائب للفصل فيه من جديد، ذلك أن الرجوع إلى السلطة المختصة أصلاً بالفصل في التقدير لا يعتبر استمراراً للمنازعة التي انحسمت بإلغاء قرار اللجنة الصادر فيها، ولا يكون الطعن في القرار الذي تصدره اللجنة من جديد استمراراً للخصومة الأصلية التي كانت مرددة بين الطرفين في شأن المنازعة السابقة في التقدير، وإنما هي خصومة جديدة لا تطرح على محكمة أول درجة إلا بطعن يرفع إليها عن هذا القرار الجديد، وتقتصر ولايتها على النظر فيه، ولا تملك أن تعود إلى النظر في موضوع المنازعة في التقدير الذي صدر فيه الحكم بإلغاء قرار اللجنة، ومن ثم يكون الدفع على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء قرار لجنة الضرائب، مستنداً في ذلك إلى أن المطعون عليه أعلن بالجلسة التي حددتها اللجنة بخطاب موصى عليه ارتد مؤشراً عليه من عامل البريد بعبارة "رفض الاستلام"، ولم تتبع بشأنه الإجراءات التي رسمها قانون المرافعات لإعلان الأوراق بطريق البريد، فيكون الإعلان باطلاً طبقاً لنص المادة 24 من ذلك القانون وهذا من الحكم مخالف للقانون، ذلك أن المادة 96 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المعدلة بالقانون، رقم 146 لسنة 1950 تجعل للإعلان المرسل بخطاب موصى عليه مع علم الوصول قوة الإعلان الذي يتم بالطرق القانونية وتعتبر الإعلان صحيحاً ولو رفض الممول استلامه، وهي لا توجب على عامل البريد اتباع الإجراءات التي رسمها قانون المرافعات في إعلان الأوراق بطريق البريد، يؤكد ذلك أنها وضعت إجراءات مخالفة لهذا القانون في حالة غلق المنشأة أو غياب صاحبها، كما أن عامل البريد يخضع لإجراءات لائحة البريد ولا يجب عليه أن يثبت إلا ما تم بشأن استلام خطاب الإعلان، وهو ليس مكلفاً باتخاذ إجراء آخر أو التحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان ممن ورد بيانهم في المادة 12 من قانون المرافعات، طالما أن هذا الشخص قد خوطب في موطن المراد إعلانه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 96 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 1950 والواجب الاتباع في شأن الضريبة العامة على الإيراد وفقاً للمادة 24 من القانون رقم 99 لسنة 1949 على أن "يكون للإعلان المرسل بخطاب موصى عليه مع علم الوصول قوة الإعلان الذي يتم عادة بالطرق القانونية ويعتبر الإعلان صحيحاً ولو رفض الممول استلامه، وفي حالة غلق المنشأة أو غياب صاحبها يثبت ذلك بموجب محضر يحرره أحد موظفي مصلحة الضرائب ممن لهم صفة الضبطية القضائية وينشر عن ذلك في لوحة المأمورية المختصة"، يدل على أن المشرع وضع إجراءات خاصة بالإعلان أمام لجنة الطعن عند الفصل في أوجه الخلاف بين الممول ومصلحة الضرائب، وهي إجراءات تختلف عن الإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات، كما تختلف عن نظام الإعلان على يد محضر الذي كان ينص عليه قانون المرافعات، السابق في المواد 15 إلى 19 قبل إلغائها بالقانون رقم 100 لسنة 1962، وقد جعل المشرع الإعلان المرسل من اللجنة إلى الممول أو مصلحة الضرائب بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول في قوة الإعلان الذي يتم بالطرق القانونية، ولم يشأ أن يقيد اللجنة بإجراءات الإعلان التي فرضها قانون المرافعات، واعتبر الإعلان صحيحاً ولو رفض الممول استلام الخطاب بالإعلان حتى يكون علم الوصول حجة عليه، كما هو حجة في حالة غلق المنشأة أو غياب صاحبه، كذلك وبالرجوع إلى اللائحة الصادرة بالاستناد إلى المادة الثانية عشرة من الدكريتو المؤرخ 29 مارس سنة 1879 الخاص بتنظيم مصلحة البوستة والمصدق عليها من مجلس النظار بتاريخ أول يناير سنة 1880 والمعدلة في 27 مارس سنة 1886، يبين أن النص في البند التاسع والخمسين على "أن المرسلة إليهم المراسلات لهم الحق في رفضها بشرط أن يحصل ذلك بحال استلامها وقبل فتحها" والنص في المادة 285 من التعليمات العمومية عن الأشغال البريدية المطبوعة في سنة 1963 على أن "المراسلات تسلم بموجب إيصال إلى المرسلة إليهم أو إلى من ينوب عنهم بناء على توكيل بذلك فيما عدا الرسائل الواردة من الضرائب فيطبق عليها التعليمات الواردة بشأنها بالبند 258" والنص في البند 258 على أن "المراسلات المسجلة الواردة من مصلحة الضرائب تسلم إلى المرسل إليهم أنفسهم وفي حالة عدم وجود المرسل إليه تسلم المراسلة المسجلة إلى نائبه أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره بعد التحقق من صفتهم والتوقيع منهم وذلك تمشياً مع قانون المرافعات وعند امتناع المرسل إليهم أو الأشخاص المذكورة أيضاً عن تسلم المراسلات المشار إليها يتعين على موزعي البريد إثبات امتناعهم على المظروف وعلى دفتر الإيصالات وأن يكتب موزع البريد اسمه واضحاً ويوقع على التأشير بخط واضح مع إثبات التاريخ" يدل على أن اللائحة عملت على توفير الضمانات الكفيلة بوصول الرسائل المسجلة إلى المرسل إليهم، ووضعت الإجراءات التي فرضت على عامل البريد اتباعها في حالة امتناعهم عن استلامها في خصوص المراسلات الواردة من مصلحة الضرائب لتكون حجة عليهم في الآثار المترتبة عليها. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضاءه ببطلان قرار اللجنة لأن الكتاب الذي أرسلته إلى الممول بموعد الجلسة المحددة لنظر الخلاف بينه وبين مصلحة الضرائب قد ارتد مؤشراً عليه برفض الاستلام دون بيان الشخص المخاطب معه، ودون اتباع الإجراءات المقررة في قانون المرافعات، وكان الثابت أن عامل البريد أشر على مظروف هذا الكتاب بتاريخ 11/ 7/ 1960 بعبارة رفض الاستلام موقعاً عليها بإمضائه، فإن الحكم يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.


(1) نقض 2/ 11/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1592.

الطعن 587 لسنة 35 ق جلسة 10 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 44 ص 271

جلسة 10 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(44)
الطعن رقم 587 لسنة 35 القضائية

(أ) حكم. "تسبيب كاف". استئناف. "الحكم في الاستئناف".
تعديل المحكمة الاستئنافية للحكم الابتدائي دون إلغائه. كفاية ذكر الأسباب التي اقتضت التعديل. عدم لزوم الإحالة الصريحة فيما أيدت فيه الحكم الابتدائي.
(ب) تقادم. "تقادم مسقط". حكم. "الطعن في الحكم". استئناف. "الأحكام غير الجائز استئنافها". "نطاق الاستئناف".
القضاء برفض الدفع بسقوط الحق بالتقادم. عدم جواز الطعن عليه إلا مع الحكم الصادر في الموضوع. عندئذ يعتبر مطروحاً على المحكمة الاستئنافية.
(ج) إثبات. "إجراءات الإثبات". "المانع الأدبي". محكمة الموضوع.
قيام المانع الأدبي. لا يوجب على المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق.
(د) سند إذني. "بيانات السند". أوراق تجارية. تقادم. "التقادم الصرفي".
خلو السند الإذني من بيان ميعاد الاستحقاق. فقده صفته كورقة تجارية وصيرورته سنداً عادياً لا تسري عليه أحكام قانون الصرف. إصلاح العيب في بيان منفصل. غير جائز. لا يدخل هذا السند المعيب في مدلول عبارة "الأوراق المحررة لأعمال تجارية" الواردة بالمادة 194 من قانون التجارة.

----------------
1 - لئن كانت المحكمة الاستئنافية ملزمة قانوناً بذكر الأسباب التي اعتمدت عليها في قضائها، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من إحالة صريحة على حكم محكمة أول درجة فيما يتعلق بقضائه الذي أيده برفض الدفع بالتقادم، إلا أنه وقد اقتصر الحكم المطعون فيه على تعديل الحكم الابتدائي دون إلغائه كلية، فإنه لا يكون ملزماً إلا بذكر الأسباب التي اقتضت هذا التعديل، ويعتبر أن كل ما لم يتناوله التعديل مؤيداً، وتبقى أسباب الحكم الابتدائي قائمة بالنسبة له (1).
2 - القضاء برفض الدفع بسقوط الحق بالتقادم، لا تنتهي به الخصومة كلها أو في شق منها، ولا يجوز الطعن عليه وفق المادة 378 من قانون المرافعات السابق إلا مع الحكم الصادر في الموضوع، مما مؤداه أنه يعتبر مطروحاً على المحكمة الاستئنافية.
3 - قيام المانع الأدبي لا يوجب على المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق، وحسبها ما تقرره في هذا الخصوص - بأسباب سائغة - لتبرير رفض الإحالة إلى التحقيق.
4 - مؤدى نص المادة 190 من قانون التجارة أنه يجب أن يحتوي السند الإذني على البيانات الإلزامية التي يتطلبها القانون ومن بينها أن يتضمن ميعاداً للاستحقاق معيناً أو قابلاً للتعيين، وأن السند الذي يخلو من ميعاد الاستحقاق يفقد صفته كورقة تجارية ويصبح سنداً عادياً، لا تسري عليه أحكام قانون الصرف - ومنها التقادم الخمسي - إنما تسري قواعد القانون العامة. وإذ كان البين من الحكم أن السند موضوع النزاع لم يثبت فيه ميعاد الاستحقاق، فإنه يصبح سنداً معيباً ولا يصحح ما اعتراه من عيب أن يذكر الدائن - في طلب استصدار أمر الأداء - أنه مستحق السداد وقت الطلب، لأنه قد نشأ باطلاً كسند صرفي ولا يتأتى إصلاح العيب في بيان منفصل عنه، ولا يمكن أن يعد هذا السند بحالته تلك، من قبيل ما أشارت إليه المادة 194 من قانون التجارة بعبارة "وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية" لأن هذه العبارة لا تعني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الأوراق التي أفقدها العيب اللاحق بها إحدى الخصائص الذاتية الجوهرية للأوراق التجارية، ومن بينها تحديد ميعاد الاستحقاق في أجل معين (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه تقدم في يوم 8 من يوليو سنة 1964 بطلب إلى رئيس محكمة بنها الابتدائية، لاستصدار أمر أداء ضد الطاعن بمبلغ 962 ج و500 م. واستند إلى أن مورث الطرفين - والدهما - كان يداين الطاعن بقيمة سندين أحدهما بمبلغ 2300 ج محرر في 16 من فبراير 1954 والثاني بمبلغ 3200 ج محرر في 19 من مايو 1958 وإلى أن نصيبه الميراثي فيهما هو المبلغ المطالب به. رفض رئيس المحكمة الطلب، وقيدت الدعوى برقم 219 سنة 1964 كلي بنها. دفع الطاعن بسقوط الحق في المطالبة بقيمة السندين للتقادم لمضي أكثر من خمس سنوات على استحقاقهما وفقاً للمادة 194 من قانون التجارة، كما دفعها بوفاء قيمتهما، وطلب إثبات ذلك بالبينة عملاً بالمادة 403/ 2 من القانون المدني لوجود المانع الأدبي. حكمت محكمة أول درجة في 9 من يناير 1965 برفض الدفع بالسقوط، بالنسبة للسند المحرر بتاريخ 19 من مايو 1958، وقبل الفصل في هذا الدفع، بالنسبة للسند المحرر بتاريخ 16 من فبراير 1954 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن ذلك السند حرر بين تاجرين وبمناسبة عملية تجارية. وبعد سماع أقوال شاهدي الطاعن حكمت المحكمة في 27 من مارس سنة 1965 برفض الدفع بالسقوط بالنسبة للسند المحرر بتاريخ 16 من فبراير سنة 1954 أيضاً وبإلزام الطاعن بالمبلغ المطالب به بأكمله. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 238 لسنة 15 ق طنطا، ومحكمة الاستئناف قضت في 28 من أكتوبر 1965 بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 560 ج، وهو قيمة نصيبه في السند المؤرخ 19 من مايو سنة 1958 دون السند الآخر المؤرخ 16 من فبراير سنة 1954. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه اقتصر على بحث الدفع بالسقوط بالنسبة للسند الإذني المؤرخ 16 من فبراير 1954، في حين أن الثابت من صحيفة الاستئناف أن الطاعن تمسك بالدفع بالسقوط، وطالب بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الوفاء بالنسبة للسندين الإذنيين موضوع التداعي، عملاً بالمادة 403/ 2 من القانون المدني لوجود المانع الأدبي، وإذ التفت الحكم عن الرد على هذين الدفعين بالنسبة للسند الإذني المؤرخ 19 من مايو سنة 1958 ودون أن يحيل إلى الأسباب التي استندت إليها محكمة أول درجة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كانت المحكمة الاستئنافية ملزمة قانوناً بذكر الأسباب التي اعتمدت عليها في قضائها، ولئن كان الحكم المطعون فيه قد خلا من إحالة صريحة على حكم محكمة أول درجة فيما ورد به من رفض الدفع بالسقوط المتعلق بالسند المؤرخ 19 من مايو 1958، إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على تعديل الحكم الابتدائي دون إلغائه كلية، فإنه لا يكون ملزماً إلا بذكر الأسباب التي اقتضت هذا التعديل، ويعتبر أن كل ما لم يتناوله التعديل مؤيداً، وتبقى أسباب الحكم الابتدائي قائمة بالنسبة له - ولما كان حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 9 من يناير سنة 1965 عرض للدفع بسقوط الحق بالتقادم بالنسبة للسند المؤرخ 19 من مايو 1958، ولطلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات التخالص من قيمته بقوله... "إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، فإنه متى كان الثابت من إقرار المدعي أن السندين موضوع الدعوى كانا مودعين بخزينة المورث وقت الوفاة واستولت عليها مصلحة الضرائب مع باقي أوراق المورث بمناسبة جرد التركة، ثم استلمها المدعي أثناء فترة حراسته على تركة المورث من مصلحة الضرائب، فهذا الإقرار يفيد أن الدين الثابت بالسندين لم ينقض وإلا سلما للمدين.... وللرد على الدفع بالسقوط للتقادم الخمسي، فمتى كان الثابت من مطالعة السند الإذني المحرر بتاريخ 19/ 5/ 1958 أنه لم يذكر فيه تاريخ الاستحقاق وهو من البيانات الإلزامية التي يترتب على عدم ذكرها كما قدمنا أن يعتبر السند معيباً وبالتالي يعتبر سنداً عادياً وبذلك لا يخضع التقادم به وفقاً لنص المادة 194 تجاري، وإنما يتقادم الحق الثابت به بالتقادم الطويل وفقاً للقواعد العامة..." وكان هذا القضاء لم تنته به الخصومة كلها أو في شق منها، وما كان يجوز الطعن عليه وفق المادة 378 من قانون المرافعات السابق، إلا مع الحكم الصادر في الموضوع بتاريخ 27 من مارس 1965، مما مؤداه أنه يعتبر مطروحاً على المحكمة الاستئنافية. لما كان ذلك، وكان قيام المانع الأدبي لا يوجب على المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق، وحسبها ما قررته في هذا الخصوص لتبرير رفض الإحالة إلى التحقيق، من أن وجود سند الدين لدى المورث يشير إلى عدم الجد في هذا الادعاء، لما كان ما تقدم، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب بالخطأ في تطبيق القانون وبالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه على فرض أن الحكم المطعون فيه قد أحال ضمناً إلى الحكم الابتدائي الصادر في 9 من يناير 1965 برفض الدفع بالسقوط بالنسبة للسند الإذني المؤرخ 19 من مايو سنة 1958، فإن ذلك الحكم قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن السند المشار إليه سند معيب لم يذكر فيه تاريخ الاستحقاق، وأنه يعتبر من أجل ذلك سند مديونية عادي يخضع للتقادم الطويل، في حين أن المطعون عليه سلم في طلب استصدار أمر الأداء بأنه مستحق السداد وقت الطلب، وفي حين أن مفاد المادتين 108 و194 من قانون التجارة، أن تخضع السندات الإذنية المعيبة شكلاً لبعض قواعد القانون الصرفي كالتقادم الخمسي، وهو مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 190 من قانون التجارة إذ تنص على أن "يبين في السند الذي تحت إذن تاريخ اليوم والشهر والسنة المحرر فيها والمبلغ الواجب دفعه واسم من تحرر تحت إذنه والميعاد الواجب الدفع فيه ويذكر فيه أن القيمة وصلت وتوضع عليه إمضاء أو ختم من حرره" قد دلت على أنه، يجب أن يحتوي السند على البيانات الإلزامية التي يتطلبها القانون، ومن بينها أن يتضمن ميعاداً للاستحقاق معيناً أو قابلاً للتعيين، وأن السند الذي يخلو من ميعاد الاستحقاق يفقد صفته كورقة تجارية ويصبح سنداً عادياً لا تسري عليه أحكام قانون الصرف، وإنما قواعد القانون العام. ولما كان البين من الحكم أن السند موضوع النزاع والمؤرخ 19 من مايو سنة 1958 لم يثبت فيه ميعاد الاستحقاق، وهو من البيانات الأساسية التي يستطيع الحامل بموجبها تعيين وقت حلول حقه، فهو بهذه المثابة يصبح سنداً معيب، ولا يصحح ما اعتراه من عيب أن يذكر الدائن أنه مستحق السداد وقت الطلب لأنه قد نشأ باطلاً كسند صرفي، ولا يتأتى إصلاح العيب في بيان منفصل عنه. لما كان ذلك، وكان لا يمكن أن يعد هذا السند بحالته تلك من قبيل ما أشارت إليه المادة 194 من قانون التجارة بعبارة "وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية" لأن هذه العبارة لا تعني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الأوراق التي أفقدها العيب اللاحق بها، إحدى الخصائص الذاتية الجوهرية للأوراق التجارية، ومن بينها تحديد ميعاد الاستحقاق في أجل معين. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بقيمة هذا السند بالتقادم الخمسي، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 25 أكتوبر 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1564.
(2) نقض 23 يناير 1947 مجموعة الأحكام في 25 سنة بند 11 ص 327.

الطعن 526 لسنة 35 ق جلسة 10 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 43 ص 262

جلسة 10 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

-----------------

(43)
الطعن رقم 526 لسنة 35 القضائية

(أ) محل مختار. استئناف. "إعلان الاستئناف".
الموطن المختار المبين في ورقة إعلان الحكم الابتدائي. هو الذي يعتد به عنه إعلان الاستئناف.
(ب) إعلان. "الإعلان في مواجهة النيابة".
وجوب اشتمال الإعلان في مواجهة النيابة على آخر موطن معلوم للمعلن إليه سواء في مصر أو في الخارج.
(ج) دعوى. "نظر الدعوى". بطلان. "بطلان إجراءات المرافعات". إعلان. "بطلان الإعلان". استئناف. "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن".
حضور الخصم بالجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف بناء على الإعلان الباطل أثره. زوال البطلان واعتبار الإعلان صحيحاً من تاريخ حصوله. القضاء برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. صحيح.
(د) إصلاح زراعي. "الحقوق العينية على الأرض المستولى عليها" فوائد. "فوائد الدين بعد الاستيلاء على الأرض المرهونة". تأمينات عينية.
وجود دين مضمون برهن أو اختصاص أو امتياز على الأرض المستولى عليها. اتخاذ الدائن الإجراءات المبينة باللائحة التنفيذية لقانون الإصلاح الزراعي لإثبات حقوقه في الميعاد القانوني. أثره. انقضاء التزام المدين الأصلي وحلول التزام الحكومة محله. تحملها - دون المدين - بفوائد الدين من تاريخ قرار الاستيلاء الأول حتى تاريخ سدادها للدين.
صدور القانون 104 لسنة 1964. لا أثر له.

----------------
1 - الموطن المختار الذي يعتد به عند إعلان الاستئناف، هو ذلك الذي يعينه الخصم في ورقة إعلان الحكم الابتدائي، عملاً بالمادة 380 من قانون المرافعات السابق.
2 - يتعين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تشتمل ورقة الإعلان في مواجهة النيابة على آخر موطن معلوم للمعلن إليه في مصر أو في الخارج، حتى تستطيع النيابة الاهتداء إليه وتسليمه الصورة، ولتراقب المحكمة مدى ما استنفد من جهد في سبيل التحري عن موطنه، وذلك بغير تفرقة بين الأشخاص المقيمين في مصر وأولئك الذين غادروها للخارج.
3 - حضور الطاعن - المستأنف عليه - بالجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف بناء على الإعلان الباطل، يزيل البطلان الذي لحق الإعلان الحاصل خلال الميعاد المحدد قانوناً لإعلان الاستئناف، وذلك عملاً بالمادة 140 من قانون المرافعات السابق بعد إلغاء المادة 406 مكرر وبعد تعديل المادة 405 منه بالقانون رقم 100 لسنة 1962، ويعتبر بذلك الإعلان صحيحاً من تاريخ حصوله، تأسيساً على ما تقضي به المادة 405 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها من أن رفع الاستئناف يكون بتكليف بالحضور تراعى فيه الأوضاع المقررة بصحيفة افتتاح الدعوى، ويكون الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إذ قضى برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن.
4 - مفاد نصوص المادة السابعة والفقرة الأخيرة من المادة 13 مكرر من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي والمادتين 7 و33 من اللائحة التنفيذية لهذا المرسوم بقانون، أنه إذا كانت الأرض المستولى عليها مثقلة برهن أو اختصاص أو امتياز، فإن للدائن الخيار بين عدم اتخاذ الإجراءات التي نصت عليها اللائحة التنفيذية لقانون الإصلاح الزراعي فتبرأ ذمة الحكومة قبله ويبقى الالتزام قائماً في ذمة صاحب الأرض، وبين أن يتخذ تلك الإجراءات خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر قرار الاستيلاء النهائي في الجريدة الرسمية، وفي هذه الحالة تستنزل الحكومة من قيمة التعويض المستحق لصاحب الأرض ما يعادل كامل الدين المضمون الذي تتحمله الأرض المستولى عليها، وتصبح الحكومة ملزمة بأن تحل محل المدين، أو أن تستبدل بالعين سندات عليها بفائدة تعادل فائدة الدين، ويكون هناك تغيير للمدين إما بحوالة قانونية، أو تجديد قانوني بغير حاجة لرضاء الدائن، وذلك من تاريخ قرار الاستيلاء الأول وهو التاريخ الذي تعتبر فيه الحكومة مالكة للأرض المحددة بقرار الاستيلاء النهائي، ويستحق فيه صاحب الأرض التعويض عنها، وينقضي فيه تبعاً لذلك التزام المدين الأصلي، ويحل محله التزام الحكومة بالدين ذاته فيجوز لها أن توفى به قبل حلول أجله استعمالاً لحقوق المدين الأصلي، أو تحل محله التزامها بالسندات وتتحمل هي بوصفها المدين الجديد دون المدين الأصلي بالفوائد منذ تاريخ صدور قرار الاستيلاء الأول. وإذ كانت التأمينات التي كان يتمتع بها الدائنون قد زالت منذ هذا التاريخ، بانتقال ملكية الأطيان التي كانت مثقلة بها إلى الحكومة واستحقاقها لريعها وحصول مالكي الأطيان على سندات التعويض، فإنه لا يجوز بالنسبة للفوائد التي تستحق بعد ذلك، وحتى تقوم الحكومة بسداد الدين إلى الدائن، إلزام المدين بها وربط حق الدائن في هذا الخصوص - وبعد أن تجرد من تأميناته - بمدينه، وذلك حتى لا تنصرف آثار القوانين الاشتراكية إلى الدائنين، وهم في الغالب الأعم من البنوك المؤممة التي لم يقصد المشرع المساس بحقوقها. ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 104 لسنة 1964 بأيلولة ملكية الأراضي الزراعية المستولى عليها إلى الدولة دون مقابل، ذلك أنه وقد تمت الإجراءات صحيحة في ظل القانون المعمول به وقتذاك، فإن الحكومة تظل هي الملزمة بأداء الفوائد التي استحقت منذ تاريخ قرار الاستيلاء الأول حتى سداد الدين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 455/ 1960 مدني كلي الإسكندرية ضد البنك العقاري المصري المطعون عليه قال فيها إنه بمقتضى عقد محرر في سنة 1950 تحت رقم 23004/ 41571 اقترض من البنك المذكور مبلغ 30.000 ج بضمان رهن عقاري على أطيانه الزراعية البالغة مساحتها 972 ف و3 ط و23 س، كما اقترض منه في سنة 1952 مبلغ 25.000 ج بموجب العقد رقم 23504/ 42097 بضمان رهن عقاري على ذات الأطيان، ثمن استولت الحكومة واعتباراً من أول نوفمبر سنة 1954 على 775 ف و8 ط و20 س من هذه الأطيان طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 وسلمته سندات بقيمة التعويض عن الأرض المستولى عليها بعد أن استنزلت من هذا التعويض مبلغ 49009 ج و684 م يمثل قيمة الدين الذي تتحمله المساحة المستولى عليها من الأطيان المرهونة، وإذ طالبه البنك بفوائد هذا المبلغ عن المدة من 31 أكتوبر سنة 1954 وهو تاريخ الاستيلاء الفعلي على أطيانه حتى قيام الحكومة في 31 ديسمبر سنة 1957 بسداد الدين وفوائده المستحقة عليه إلى تاريخ الاستيلاء الفعلي المشار إليه وذلك على الرغم من أن العلاقة بينه وبين البنك كانت قد انقطعت باستنزال مبلغ الدين وفوائده على النحو السالف بيانه من التعويض اعتباراً من تاريخ الاستيلاء الفعلي، وأصبحت الحكومة هي المسئولة عن الفوائد من هذا التاريخ، وإذ قام الطاعن بسداد باقي الأقساط من القرضين السابق الإشارة إليهما بالنسبة للمساحة التي لم تستول الحكومة عليها، فقد أقام دعواه بطلب الحكم ببراءة ذمته من قيمة القرضين المشار إليهما والفوائد والملحقات المستحقة عنهما وبانقضاء الرهنين المرتبين على أطيانه ضماناً لها وبشطبهما، وبتاريخ 4 من إبريل سنة 1962 قضت محكمة أول درجة للطاعن بطلباته. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 534/ 18 ق. ودفع الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن تأسيساً على أنه لم يعلن بصحيفته إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثين يوماً من تقديم هذه الصحيفة إلى قلم المحضرين عملاً بالمادة 405/ 2 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962، وبتاريخ 7 يونيه سنة 1965 قضت محكمة الاستئناف برفض الدفع وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن في السببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضي برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، إعمالاً لنص المادة 405/ 2 من قانون المرافعات السابق المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 على أساس أن الطاعن كان قد عين لنفسه محلاً مختاراً في عقدي القرض وأن من حق البنك عملاً بالمادة 43 من القانون المدني أن يعلنه بالدعوى التي تنشأ عن هذين العقدين في هذا المحل ما دام أن الطاعن لم يخطره بتركه، بينما تقضي المادة 380 من قانون المرافعات بعدم جواز إعلان الطعن في الموطن المختار إلا إذا كان معيناً في ورقة إعلان الحكم، وإذ يعد هذا النص الخاص بإعلان الطعن في الأحكام استثناء من النص العام الذي أوردته المادة 43 من القانون المدني المشار إليها فإنه يتعين عدم الاعتداد بالمحل المختار المعين في عقدي القرض عند إعلان الاستئناف. هذا إلى أن المطعون عليه قد قام بإعلان الاستئناف إلى الطاعن، في النيابة فور الإجابة بأنه غادر القطر المصري عند إعلانه في شركة الغربية العقارية بشارع قصر النيل، وهو المحل المختار الوارد في عقدي القرض دون أن يقوم المطعون عليه بالتحريات الدقيقة التي تؤدي إلى التعرف على محل إقامة الطاعن، مما يترتب عليه اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. غير أن الحكم المطعون فيه أجاز رغم ذلك إعلان الاستئناف بالمحل المختار المشار إليه بعقدي القرض، ولم يتطلب التحري عن محل إقامة الشخص قبل إعلانه بالنيابة إذا كان قد غادر القطر المصري، وهو مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه أياً كان وجه الرأي فيما قرره الحكم من جواز إعلان صحيفة الاستئناف في الموطن المبين بعقدي القرض باعتباره موطناً مختاراً، في حين أن الموطن المختار الذي يعتد به عند إعلان الاستئناف هو ذلك الذي يعينه الخصم في ورقة إعلان الحكم الابتدائي عملاً بالمادة 380 من قانون المرافعات السابق، ولئن أخطأ الحكم إذ أقام قضاءه بصحة إعلان الطاعن في مواجهة النيابة تأسيساً على أن الإجابة التي وردت عند إعلانه بموطنه المختار الوارد في عقدي القرض بأنه غادر القطر المصري، لا توجب على المطعون عليه التحري عن محل إقامة الطاعن وأن مجال هذا التحري أن يكون الشخص المراد إعلانه قد انتقل إلى محل آخر في مصر، في حين أنه يتعين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تشتمل ورقة الإعلان في مواجهة النيابة على آخر موطن معلوم للمعلن إليه في مصر أو في الخارج حتى تستطيع النيابة الاهتداء إليه وتسليمه الصورة، ولتراقب المحكمة مدى ما استنفد من جهد في سبيل التحري عن موطنه وذلك بغير تفرقة بين الأشخاص المقيمين في مصر وأولئك الذين غادروها للخارج، إلا أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن حضر بالجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف بناء على هذا الإعلان, وكان هذا الحضور يزيل البطلان الذي لحق الإعلان الحاصل خلال الميعاد المحدد قانوناً لإعلان الاستئناف، وذلك عملاً بالمادة 140 من قانون المرافعات السابق بعد إلغاء المادة 406 مكرر وبعد تعديل المادة 405 منه بالقانون رقم 100 لسنة 1962 النافذ المفعول من 29 مايو سنة 1962، والساري على الاستئناف الحالي الذي رفع في 3 من أغسطس سنة 1962, ويعتبر بذلك الإعلان صحيحاً من تاريخ حصوله، تأسيساً على ما تقضي به المادة 405 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها, من أن رفع الاستئناف يكون بتكليف بالحضور تراعى فيه الأوضاع المقررة بصحيفة افتتاح الدعوى. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انتهى صحيحاً إذ قضى برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن ويكون النعي عليه بما يثيره الطاعن بسببي الطعن غير منتج.
وحيث إن حاصل السببين الثالث والرابع خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على أن مفاد نص المادة السابعة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 أن العلاقة بين البنك الدائن والمدين الطاعن تظل قائمة يحكمها عقد الرهن حتى يستوفي البنك حقه بالفعل من التعويض الذي يعطى لصاحب الأرض المستولى عليها، مما يترتب عليه أن يسأل الطاعن عن الفوائد التي استحقت على الدين منذ الاستيلاء الفعلي على الأطيان حتى قيام الحكومة بالسداد إلى البنك في 31 أكتوبر سنة 1957. هذا في حين أن مفاد نص المادة السابعة والفقرة الأخيرة من المادة 13 مكرر من قانون الإصلاح الزراعي المشار إليه، أنه ما دامت قد اتخذت الإجراءات التي نصت عليها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، فإن الحكومة تصبح هي المدينة بهذا الدين والمسئولة عن الوفاء به، ولها إما أن تحل محل المدين الأصلي أو أن تستبدل بالدين سندات عليها، ويجوز لها في حالة الحلول أن تدفع الدين قبل ميعاد استحقاقه، وفي الحالتين يحصل تجديد الدين، فتبرأ منه ذمة المدين الأصلي من تاريخ قرار الاستيلاء الأول على الأطيان ولا يسأل عن فوائده بعد ذلك، وإذ اختارت الحكومة الحلول محل المدين الطاعن، وقامت بدفع الدين نقداً إلى البنك، فلا يجوز لهذا الأخير أن يطالب المدين بالفوائد التي تستحق على هذا المبلغ نتيجة تأخير الحكومة في سداده عن فترة لاحقة على تاريخ قرار الاستيلاء الأول، وإنما تسأل عنها الحكومة، وأضاف الطاعن أن هذا الوضع لم يتغير بعد صدور القانون رقم 104 لسنة 1964 الذي قضى بأيلولة الأرض المستولى عليها إلى الدولة دون مقابل، إذ أن هذا القانون لا يسري على الماضي فتظل التصرفات التي تمت قبل صدوره صحيحة ومنها استنزال قيمة الديون العقارية من السندات.
وحيث إنه لما كانت المادة السابعة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي الذي تم الاستيلاء على أرض الطاعن تنفيذاً لأحكامه، قد نصت على أنه "إذا كانت الأراضي التي استولت عليها الحكومة مثقلة بحق رهن أو اختصاص أو امتياز استنزل من قيمة المستحق لصاحب الأرض ما يعادل كامل الدين المضمون بهذا الحق وللحكومة إذا لم تحل محل المدين في الدين أن تستبدل به سندات عليها تعادل فائدة الدين على أن تستهلك هذه السندات في مدة لا تزيد على أربعين سنة وإذا كان الدين ينتج فائدة سعرها يزيد على 3% تحملت الحكومة الزيادة في سعر الفائدة بعد خصم ما يوازي مصاريف التحصيل وتبعة الديون المعدومة وعلى الدائنين في هذه الحالة أن يتخذوا الإجراءات التي تنص عليها اللائحة التنفيذية لهذا القانون وإلا برئت ذمة الحكومة قبلهم في حدود ما يتم صرفه من التعويض" ونصت الفقرة الأخيرة من المادة 13 مكرر من المرسوم بقانون المشار إليه على أنه "وتعتبر الحكومة مالكة للأرض المستولى عليها المحددة بقرار الاستيلاء النهائي وذلك من تاريخ الاستيلاء الأول ويصبح العقار خالصاً من جميع الحقوق العينية وكل منازعة من أولي الشأن تنتقل إلى التعويض المستحق على الأطيان المستولى عليها وتفصل فيها جهات الاختصاص، وذلك مع مراعاة ما تقضي به اللائحة التنفيذية من إجراءات في هذا الشأن وإلا برئت ذمة الحكومة في حدود ما يتم صرفه من التعويض" ونصت المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لهذا المرسوم بقانون على أنه "يبلغ صاحب الشأن بقرار الاستيلاء الأول بالطريق الإداري ويكون للحكومة الحق في الريع من تاريخ صدور قرار الاستيلاء المشار إليه" ونصت المادة 33 من اللائحة المذكورة على أنه "على كل من أصحاب الحقوق المشار إليها في المادتين الخامسة فقرة أخيرة والسابعة من قانون الإصلاح الزراعي أن يقدم للهيئة العامة بمقرها في القاهرة بياناً مكتوباً يتضمن مقدار حقوقهم المرتبة على العقار ويشفع البيان بكافة المستندات المثبتة لهذه الحقوق على أن يتم ذلك كله خلال ثلاثة اشهر من تاريخ نشر قرار الاستيلاء النهائي في الجريدة الرسمية". وكان مفاد هذه النصوص مرتبطة، أنه إذا كانت الأرض المستولى عليها مثقلة برهن أو اختصاص أو امتياز فإن للدائن الخيار بين عدم اتخاذ الإجراءات التي نصت عليها اللائحة التنفيذية لقانون الإصلاح الزراعي فتبرأ ذمة الحكومة قبله, ويبقى الالتزام قائماً في ذمة صاحب الأرض، وبين أن يتخذ تلك الإجراءات خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشر قرار الاستيلاء النهائي في الجريدة الرسمية، وفي هذه الحالة تستنزل الحكومة من قيمة التعويض المستحق لصاحب الأرض ما يعادل كامل الدين المضمون الذي تتحمله الأرض المستولى عليها وتصبح الحكومة ملزمة بأن تحل محل المدين أو أن تستبدل بالدين سندات عليها, بفائدة تعادل فائدة الدين، ويكون هناك تغيير للمدين إما بحوالة قانونية أو تجديد قانوني بغير حاجة لرضاء الدائن، وذلك من تاريخ قرار الاستيلاء الأول, وهو التاريخ الذي تعتبر فيه الحكومة مالكة للأرض المحددة بقرار الاستيلاء النهائي ويستحق فيه صاحب الأرض التعويض عنها، وينقضي فيه تبعاً لذلك التزام المدين الأصلي ويحل محله التزام الحكومة بالدين ذاته فيجوز لها أن توفى به قبل حلول أجله استعمالاً لحقوق المدين الأصلي أو تحل محله التزامها بالسندات وتتحمل هي بوصفها المدين الجديد دون المدين الأصلي بالفوائد منذ تاريخ صدور قرار الاستيلاء الأول. لما كان ذلك وإزاء ما قرره المشرع في المادة السابعة سالفة البيان من تحميل الحكومة بقيمة الزيادة في الفوائد إذا كان الدين ينتج فائدة تزيد على 3% ولأن التأمينات التي كان يتمتع بها الدائنون قد زالت منذ هذا التاريخ بانتقال ملكية الأطيان التي كانت مثقلة بها إلى الحكومة واستحقاقها لريعها وبحصول مالكي الأطيان على سندات التعويض، فإنه لا يجوز بالنسبة للفوائد التي تستحق بعد ذلك - وحتى تقوم الحكومة بسداد الدين إلى الدائن - إلزام المدين بها وربط حق الدائن في هذا الخصوص - وبعد أن تجرد من تأميناته - بمدينه، وذلك حتى لا تنصرف آثار القوانين الاشتراكية إلى الدائنين وهم في الغالب الأعم من البنوك المؤممة التي لم يقصد المشرع المساس بحقوقها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وقرر أن الطاعن يسأل عن الفوائد التي استحقت من تاريخ الاستيلاء الأول عن مبلغ الدين المضمون الذي تتحمله الأرض المستولى عليها رغم ما ثبت من قيام الحكومة بسداد الدين إلى البنك بعد اتخاذه الإجراءات التي نصت عليها اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، وقيام العلاقة بينه وبين الحكومة على هذا الأساس، ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعن ببراءة ذمته من هذه الفوائد، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه. ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 104 لسنة 1964, الذي يقضي في مادته الأولى بأن الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 تؤول ملكيتها إلى الدولة دون مقابل - ذلك أنه وقد خصم دين البنك من قيمة التعويض الذي استحق للطاعن عن أرضه المستولى عليها طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه وأصبحت الحكومة ملزمة بهذا الدين من تاريخ قرار الاستيلاء الأول على هذه الأرض وقامت بسداده فعلاً إلى البنك، وإذ تمت هذه الإجراءات صحيحة في ظل القانون المعمول به وقتذاك، فإن الحكومة تظل هي الملزمة بأداء الفوائد التي استحقت منذ تاريخ قرار الاستيلاء الأول حتى سداد الدين، ولا أثر في ذلك للقانون رقم 104 لسنة 1964 المشار إليه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 4 من إبريل سنة 1962، والذي قضى ببراءة ذمة الطاعن من القرضين موضوع النزاع وانقضاء الرهنين المترتبين على أطيان الطاعن ضماناً لهما وشطبهما.

الطعن 186 لسنة 35 ق جلسة 4 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 42 ص 257

جلسة 4 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبري أحمد فرحات، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

----------------

(42)
الطعن رقم 186 لسنة 35 القضائية

ضريبة. "ضريبة الملاهي". "وعاء الضريبة".
ضريبة الملاهي تفرض - وعلى سبيل الحصر - على مقابل الدخول أو أجور الأماكن المعينة في القانون رقم 221 لسنة 1951، وعلى الفرق بين مقابل إيجار أماكن الملابس أو ثمن ما يورد للعملاء، وبين القيمة الحقيقية لهذه الخدمة أو للشيء المورد. المنافع التي قد يحصل عليها صاحب المحل أو مستغله خلاف ما ذكر لا يخضع للضريبة.

----------------
مؤدى نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي، أن هذه الضريبة إنما تفرض على مقابل الدخول أو أجور الأماكن التي يدفعها المترددون على الدور والمحال المعينة في الجدولين الملحقين بالقانون المذكور على سبيل الحصر، كل دار وكل محل وفقاً للفئة المقدرة له، وأن هذه الضريبة تفرض على سبيل الحصر كذلك على الفرق بين ما يحصله أصحاب المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي والمستغلون لها مقابل إيجار أماكن الملابس أو حفظها وبين القيمة الحقيقية لهذه الخدمة، والفرق بين ما يتقاضاه هؤلاء ثمناً لما يوردونه للعملاء وبين قيمته الحقيقية، ولا يتعدى ذلك إلى غيره من منافع قد يحصل عليها صاحب العمل أو مستغله ولا تخضع للضريبة بنص صريح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المساهمة المصرية للتعمير والإنشاءات في المنتزه والمقطم أقامت الدعوى رقم 97 سنة 1958 الإسكندرية الابتدائية ضد كل من مأمور مالية ضواحي الإسكندرية ومدير مصلحة الأموال المقررة ومحافظ الإسكندرية ووزير المالية، تطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 10988 ج و150 م والفوائد بواقع 4% من تاريخ دفع هذا المبلغ حتى السداد مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة، وقالت شرحاً لدعواها إنها بموجب عقد أبرم بينها وبين الحكومة حصلت على امتياز استغلال قصر المنتزه بالإسكندرية استغلالاً سياحياً، وفي شهر فبراير سنة 1956 طالبتها مصلحة الأموال المقررة بضريبة ملاهي عن دخول القصر والمنشآت القائمة فيه بمختلف أنواعها، فامتنعت عن أدائها لعدم التزامها بهذه الضريبة طبقاً لأحكام القانون رقم 221 لسنة 1951، ولكن المصلحة هددتها بتوقيع الحجز الإداري فاضطرت إلى دفع مبلغ 1500 ج عن المدة من 15/ 4/ 1955 إلى 14/ 4/ 1956، 3358 ج و815 م عن المدة من 15/ 4/ 1956 إلى 1/ 8/ 1956 و6124 ج 335 م عن المدة من 2/ 8/ 1956 إلى شهر يوليو سنة 1957 مع حفظ حقها في استرداد هذه المبالغ، وإذ كانت غير ملزمة قانوناً بدفع ضريبة ملاهي ولها استرداد ما أدته منها بغير حق، فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباته. وطلب المدعى عليهم الحكم برفض الدعوى. وبتاريخ 5/ 3/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للشركة المدعية مبلغ 4858 و815 م والمصاريف المناسبة ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة والفوائد بواقع 4% سنوياً اعتباراً من 17/ 2/ 1957 حتى السداد، ورفضت طلب التضامن وشملت الحكم في حدود مبلغ 1500 ج فقط بالنفاذ المعجل بلا كفالة (ثانياً) وقبل الفصل في باقي أوجه النزاع بندب مكتب خبراء وزارة العدل المحاسبين بالإسكندرية، للاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها وما قد يقدمه لها الطرفان من مستندات أو أوراق أخرى أو يرى لزوم الاطلاع عليه في أي جهة حكومية أو غير حكومية، وذلك لبيان مقدار ما سددته الشركة المدعية من مبالغ كرسوم ملاه أو محال فرجة بعد 2/ 8/ 1956 وحتى شهر يوليو سنة 1957 على أن يكون البيان بشكل يفصل مقدار ما سدد عن كل نوع من أنواع الدخول في قصر المنتزه مستقلاً عن غيره من الأنواع. وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره عادت وبتاريخ 31/ 1/ 1961 فحكمت حضورياً برفض باقي طلبات المدعية وألزمتها بالمصروفات المناسبة وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. استأنفت الشركة هذا الحكم الأخير لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم بإلزام المستأنف عليهم بأن يدفعوا لها مبلغ 7177 ج و60 م والفوائد بواقع 4% سنوياً والمصاريف عن الدرجتين، وقيد هذا الاستئناف برقم 238 سنة 17 قضائية. وبتاريخ 18/ 1/ 1965 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت الشركة المستأنفة بالمصاريف وبمبلغ 10 جنيه مقابل أتعاب المحاماة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسببين المبينين في التقرير, وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم الحكم برفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنها كانت قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن ما تباشره من نشاط في حديقة قصر المنتزه لا يخضع للضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي المقررة بالقانون رقم 221 لسنة 1951، لأن حديقة القصر في ذاتها لا تعد من حدائق الفرجة والملاهي فلا يخضع رسم دخول الأفراد أو السيارات إليها لهذه الضريبة، وأن الاستحمام في مياه البحر الطبيعية نشاط مغاير للاستحمام في أحواض السباحة الصناعية فلا ضريبة عليه، وأن صيد السمك رياضة شخصية وفردية بحتة يمارسها صاحبها بنفسه بأدوات من عنده فهي بذلك هواية لا تلهي، وإدارة متحف الملك السابق الموجود بالحديقة إن هي إلا خدمة عامة تؤديها الشركة الطاعنة عن الدولة وتتحمل مصاريف الإدارة والصيانة مقابل رسم تتقاضاه من الجمهور، وليس في القانون ما يقرر ضريبة على رسوم زيارة المتاحف، وأن حدائق النباتات النادرة التي يضمها القصر هي مجرد مزرعة للنباتات التي يحتاج نموها لجو معين، فلا تعد لذلك من حدائق الفرجة أو الملاهي، كما أن الشركة لا تدير المطعم ولا صالة المراهنات فلا تسأل عنهما، فضلاً عن أنهما لا يفتحان أبوابهما إلا ليلاً، والضريبة المطلوب استردادها إنما حصلت جميعها عن أنواع الدخول نهاراً، ولكن الحكم المطعون فيه اكتفى بتحديد هذه الأمكنة وقضى باعتبارها جملة من قبيل الملاهي، دون أن يحقق شيئاً من دفاع الطاعنة أو يحفل بالرد عليه أو يورد سبباً يحمل قضاءه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي على أن "تفرض ضريبة على كل دخول أو أجرة مكان في الدور والمحال المبينة بالجدولين أ، ب الملحقين بهذا القانون وفقاً للفئات الواردة فيهما" يدل على أن هذه الضريبة إنما تفرض على مقابل الدخول أو أجور الأماكن التي يدفعها المترددون على الدور والمحال المعينة في الجدولين الملحقين بالقانون المذكور على سبيل الحصر، كل دار وكل محل وفقاً للفئة المقررة له، ولا يغير من ذلك ما جرت به المادة الثانية من نفس القانون من أنه" إذا حصل علاوة على أجرة الدخول مبلغ مقابل إيجار أو حفظ ملابس أو ثمناً لما يورد فرضت الضريبة على المبلغ الزائد على قيمة الخدمة أو الشيء المورد على أساس الفئات المقررة زيادة على الضريبة المستحقة على أجرة الدخول" ذلك أن هذه الضريبة بدورها إنما تفرض وعلى سبيل الحصر كذلك، على الفرق بين ما يحصله أصحاب المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي والمستغلون لها مقابل إيجار أماكن الملابس أو حفظها، وبين القيمة الحقيقية لهذه الخدمة، والفرق بين ما يتقاضاه هؤلاء ثمناً لما يوردونه للعملاء، وبين قيمته الحقيقة، ولا يتعدى ذلك إلى غيره من منافع قد يحصل عليها صاحب المحل أو مستغله ولا تخضع للضريبة بنص صريح - إذ كان ذلك وكان الحكم الابتدائي - الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه - قد قضى بخضوع رسم الدخول إلى حديقة قصر المنتزه بالإسكندرية وإلى كل منشأة فيها للضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي، مستنداً في ذلك على ما قرره من أن "عبارة حدائق الملاهي تنصرف بطبيعة الحال إلى أية حديقة تحتوي خلاف الزهور والأشجار والنباتات على وسائل أخرى للتسلية واللهو يمكن أن يستغلها الجمهور، وعلى ذلك فإذا توافرت للحديقة مقومات الثروة النباتية وأسباب أخرى للتسلية وفرض المستغل رسماً لدخولها أو لاستخدام أسباب اللهو بها، تعين إخضاع ذلك لضريبة الملاهي" وأن "التفرقة بين أنواع الدخول المختلفة ووسائل اللهو الموجودة بها وإخضاع كل منها إلى فقرة خاصة من فقرات الجدولين الملحقين بالقانون رقم 221 لسنة 1951 فإنه لا محل لذلك، لأن جميع أنواع النشاط الذي تشمله الحديقة ينطوي تحت الفقرة الثالثة من الجدول ب من القانون المذكور الخاصة برسم الدخول إلى حدائق الفرجة، يؤكد ذلك نص المادة الثانية من القانون رقم 221 لسنة 1951 التي وضعت خصيصاً لمواجهة مثل هذه الحالة، وفرضت الضريبة أيضاً على كل ما يحصل داخل الأمكنة المبينة بالجدولين الملحقين بالقانون" وأنه "على ذلك فلا محل لمناقشة ما إذا كانت أنواع الدخول الأخرى بحديقة قصر المنتزه تستحق أيضاً الاستناد إلى فقرات أخرى أم لا" وأن "تحصيل ضريبة الملاهي على أجر دخول الحديقة ومزاولة أي تسلية بها هو إجراء مطابق للقانون رقم 221 لسنة 1951" فإنه يكون قاصراً عن تحديد كل من الدور والمحال التي أخضع أجرة دخولها للضريبة، وسبب هذا الخضوع، وفئة الضريبة المقررة لكل منها، قصوراً يعجز هذه المحكمة عن مراقبة تطبيق القانون على وقائع النزاع، ويتعين نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.