الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 مارس 2023

الطعن 14 لسنة 30 ق جلسة 17 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 170 ص 1179

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

-----------------

(170)
الطعن رقم 14 لسنة 30 القضائية

(أ) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "حضور الخصوم وتمثيلهم في الدعوى". محاماة.
تمثيل محامي أقلام القضايا لمصالح الحكومة أو الهيئات العامة أو وزارة الأوقاف أو المؤسسات العامة أو الهيئات التي يعينها وزير العدل. إعفاؤهم من شرط القيد في جدول المحامين. قبولهم للمرافعة أمام كافة المحاكم بما فيها محكمة النقض.
(ب) تزوير. "في قبول الادعاء بالتزوير".
شروط قبول الادعاء بالتزوير وبحث شواهده، كونه منتجاً في النزاع.

-----------------
1 - تنص المادة 26 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 على أنه "يقبل للمرافعة أمام المحكمة عن مصالح الحكومة أو الهيئات العامة أو وزارة الأوقاف أو المؤسسات العامة أو الهيئات التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل - بعد أخذ رأي لجنة قبول المحامين - محامو أقلام قضايا هذه الجهات الحاصلون على شهادة الليسانس أو ما يعادلها أو أحد المحامين". وقد أصدر وزير العدل في 21/ 5/ 1957 بالاستناد إلى هذه المادة قراراً يقضي بأن "يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن بنك الائتمان العقاري أو الشركات التي تساهم الحكومة فيها بنصيب في رأس المال أو البنك الأهلي أو بنك مصر أو مؤسساته أو الجمعية التعاونية للبترول أو البنك الصناعي أو بنك الجمهورية أو الجامعة العربية محامو أقلام قضايا هذه الجهات الحاصلون على شهادة الليسانس أو ما يعادلها أو أحد المحامين" وبذلك أعفى القانون محامي تلك الهيئات من شرط القيد في جدول المحامين المقررين أمام المحاكم أسوة بمحامي أقلام قضايا الحكومة. وإذ كان القبول أمام المحاكم قد ورد في صيغة العموم فإنه ينصرف إلى القبول أمام المحاكم كافة بما فيها محكمة النقض.
2 - يشترط - على ما تقرره المادة 384 من قانون المرافعات - لقبول الادعاء بالتزوير وبحث شواهده أن يكون منتجاً في النزاع، فإن كان غير ذي صفة أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقضى بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها إذ من العبث تكليف الخصوم إثبات ما لو ثبت بالفعل ما كان منتجاً نتيجة ما في موضوع الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 12 من إبريل سنة 1955 أقام المطعون ضدهما على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 60 سنة 1955 تجاري كلي أسيوط طالبين الحكم بإلزامها بأن تدفع لهما مبلغ 625 ج و734 م والفوائد بواقع 6% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد وذكرا في بيان دعواهما أنهما تعاقدا مع الطاعنة بوصفهما شريكين متضامنين في شركة كوناها فيما بينهما للاتجار في الأقطان على أن يبيعاً لها كميات من القطن الأشموني من محصول 1954/ 1955 وقاما بتسليمها 2218 قنطاراً و71 رطلاً على دفعات وتم الاتفاق بينهما وبينها في أيام 17 و27 من ديسمبر سنة 1954 و18 و21 من يناير سنة 1955 و4 من فبراير سنة 1955 على تحديد أسعار تلك الأقطان وبلغت جملة الثمن 27237 ج و669 م تسلما منه مبلغ 26611 ج و935 م فيكون الباقي لها في ذمة الشركة مبلغ 625 ج و734 م المرفوعة به الدعوى. دفعت الشركة الطاعنة بعدم قبول هذه الدعوى استناداً إلى عدم وجود رابطة قانونية بينها وبين رافعيها مجتمعين لأن التعاقد تم بينها وبين كل منهما منفرداً وبصفته الشخصية وليس بوصفه شريكاً في شركة - كما رفعت الشركة بدورها بتاريخ 12 يونيه سنة 1955 الدعوى رقم 125 سنة 1955 تجاري كلي أسيوط ضد المطعون ضده الثاني طالبة الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 1374 ج و495 م وفوائده بواقع 7% تأسيساً على أنه بموجب ثلاثة عقود محررة في 1 و3و30 من يناير سنة 1955 باع لها المدعى عليه المذكور كمية من القطن الأشموني على أن يحدد السعر في ميعاد غايته 31/ 1/ 1955 وأنه تنفيذاً لهذا التعاقد قام بتسليمها 1708 قناطير 70 رطلاً وسحب على حساب ثمنها مبلغ 20511 ج 935 م على دفعات وأنه إذا كان المدعى عليه لم يرغب في قطع السعر في الميعاد آنف الذكر بسبب هبوط الأسعار وأصبح مركزه مكشوفاً فقد طالبته الشركة بتقديم الغطاء الكافي ولكنه لم يفعل فأرسلت إليه إخطاراً بوجوب الحضور لتحديد سعر أقطانه في موعد غايته 15 من مارس سنة 1955 وإلا ستضطر لبيعها بالسعر الرسمي المحدد في بورصة الإسكندرية ولما انقضى هذا الأجل دون أن يحضر قامت ببيع أقطانه بسعر يوم 16 مارس سنة 1955 وبلغت جملة ثمنها 19317 ج و440 م ولما كانت المبالغ التي سحبها مضافاً إليها المصاريف تزيد على هذا الثمن بمقدار 1374 ج و495 م فقد رفعت دعواها بمطالبته بهذا المبلغ واتبعت الشركة دعواها تلك بدعوى أخرى أقامتها في 13 من يونيه سنة 1955 على المطعون ضده الأول طالبة الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 387 ج و888 م وفوائده بواقع 7% تأسيساً على أنه بموجب ثلاثة عقود محررة في 14 و20 و29 من ديسمبر سنة 1954 باع لها المدعى عليه المذكور خمسمائة قنطار من القطن الأشموني على أن يحدد سعرها في ميعاد غايته 15 من يناير سنة 1955 وأنه قام بتسليمها 510 قناطير و1 رطل وسحب على حساب ثمنها مبلغ 6100 ج وأنه هو الآخر لم يرغب في قطع السعر في هذا الميعاد ولما أصبح مركزه مكشوفاً بسبب هبوط الأسعار ولم يقدم الغطاء الكافي ولم يحضر لقطع السعر حتى يوم 15/ 3/ 1955 وهو نهاية الأجل الذي منحته له الشركة لتحديد سعر أقطانه فيه فقد قامت ببيع هذه الأقطان بسعر يوم 16/ 3/ 1955 وبلغت جملة الثمن 5712 ج و113 م وإذ كان ما سحبه يزيد على هذا الثمن بمقدار 387 ج و787 م فقد طلبت بدعواها إلزامه به - وقد ضمت المحكمة الدعاوى الثلاث وقدمت الشركة العقود الستة المشار إليها آنفاً فادعى المطعون ضده الثاني بتزوير العقدين المؤرخين في أول يناير و20 من يناير سنة 1955 قائلاً إنه وقع عليهما على بياض على أساس أن تدون فيهما الأسعار التي تم الاتفاق عليها بينه وبين الشركة لكن الشركة ملأت العقدين ببيانات تخالف ما تم الاتفاق عليه، وأن الذي حرر البيانات المزورة هو إبراهيم عبد القادر الفيل (الطاعن الثاني) الموظف بالشركة وطلب المطعون ضده الثاني التصريح له بإدخال المذكور لتكون إجراءات الادعاء بالتزوير في مواجهته وفعلاً قام المطعون ضدهما باختصامه بعريضة أعلناها إليه في 7/ 3/ 1956 ليسمع الحكم في مواجهته بتزوير المستندات المقدمة من الشركة والمحررة بخطة وبتاريخ 16 من مايو سنة 1956 قرر المطعون ضده الثاني بالطعن بالتزوير في العقدين آنفي الذكر وذكر في تقرير الطعن أن التوقيع الموقع به على هذين العقدين صحيح غير أنه وقع على بياض بعد أن أوهمته الشركة بأن هذه العقود ستملأ بالبيانات والأسعار التي تم الاتفاق عليها غير أنه بعد أن تم التوقيع على بياض ملئ العقدان ببيانات تختلف عما تم الاتفاق عليه بأن تضمنت أن الأقطان تحت القطع في حين أنه تم قطعها وتحدد سعرها بين الطرفين وفي 23/ 5/ 1956 قام مدعي التزوير بإعلان شواهد التزوير إلى الشركة الطاعنة دون الطاعن الثاني - وبتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1956 حكمت المحكمة الابتدائية: أولاً - في الدعوى رقم 60 سنة 1955 المرفوعة من المطعون ضدهما بقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. ثانياً - في الدعوى رقم 125 سنة 1955 المرفوعة من الشركة ضد المطعون ضده الثاني بقبول الادعاء بالتزوير شكلاً وبعدم قبوله موضوعاً وفي موضوع الدعوى بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للشركة المدعي مبلغ 1374 ج و495 م وفوائده بواقع 7% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. ثالثاً - في الدعوى رقم 128 سنة 1955 المرفوعة من الشركة ضد المطعون ضده الأول بإلزامه بأن يدفع للشركة مبلغ 387 ج و888 م وفوائده بواقع 7% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد - استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافهما برقم 68 سنة 32 ق تجاري وبتاريخ 5/ 5/ 1958 قضت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنفان بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أن كميات القطن المبيعة منهما للشركة المستأنف عليها قد بيعت محددة السعر في التواريخ المبينة في أوراق استلامها وفرزها وبيان تلك الأسعار وللشركة المستأنف عليها النفي بذات الطرق وإذ انقضى الميعاد الذي حدده هذا الحكم لإتمام التحقيق دون سماع الشهود فقد أعاد القاضي المنتدب للتحقيق الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المستأنفين لإصدار حكم جديد بالتحقيق وبتاريخ 11/ 1/ 1959 صدر هذا الحكم قاضياً بإحالة الدعوى من جديد إلى التحقيق لتنفيذ ما أمر به الحكم السابق وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة بتاريخ 9/ 12/ 1959 في موضوع الاستئناف: أولاً - في الدعوى رقم 125 سنة 1955 بإلغاء الحكم المستأنف وبرد وبطلان العقدين المؤرخين 1/ 1/ 1955 و20/ 1/ 1955 وبرفض الدعوى، ثانياً - في الدعوى رقم 128 سنة 1955 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. ثالثاً - في الدعوى رقم 60 سنة 1955 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع المقدم من الشركة المستأنف عليها بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها وبإلزام الشركة المستأنف عليها بأن تدفع للمستأنفين مبلغ 625 ج و734 م والفوائد بواقع 6% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد - طعنت الشركة وإبراهيم الفيل بطريق النقض في هذا الحكم وفي الحكمين الصادرين في 5 مايو سنة 1958 و11 يناير سنة 1959 بإحالة الدعوى إلى التحقيق وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى أنها ترى رفض الطعن وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره قرر الحاضر عن الطاعن الثاني إبراهيم عبد القادر الفيل بتركه الخصومة في الطعن وتمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الحاضر عن الطاعن الثاني إبراهيم عبد القادر الفيل قرر بجلسة 12/ 11/ 1964 تركه الخصومة في الطعن ولم يعترض الحاضر عن المطعون ضدهما على ذلك ومن ثم يتعين قبول هذا الترك.
وحيث إن المطعون ضدهما دفعا ببطلان الطعن استناداً إلى القول بأن الأستاذ علي سالم الذي قرر به ليس محامياً مقيداً بجدول المحامين وأن كونه وكيلاً لقلم قضايا بنك مصر لا يضفى عليه وصف المحامي ولا يجيز له التقرير بالطعن أمام محكمة النقض طالما أنه غير مقبول للمرافعة أمامها هذا إلى أنه لا شأن لبنك مصر بالشركة الطاعنة (شركة مصر لتصدير الأقطان) وذلك لاستقلال كل منهما بكيانه القانوني وبذمته المالية.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن المادة 26 من قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 تنص على أنه "يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن مصالح الحكومة أو الهيئات العامة أو وزارة الأوقاف أو المؤسسات العامة أو الهيئات التي يصدر بتعيينها قرار من وزير العدل - بعد أخذ رأى لجنة قبول المحامين - محامو أقلام قضايا هذه الجهات الحاصلون على شهادة الليسانس أو ما يعادلها أو أحد المحامين" وقد أصدر وزير العدل في 21/ 5/ 1957 بالاستناد إلى هذه المادة قراراً يقضي بأن يقبل للمرافعة أمام المحاكم عن بنك الائتمان العقاري أو الشركات التي تساهم الحكومة فيها بنصيب في رأس المال أو البنك الأهلي أو بنك مصر أو مؤسساته أو الجمعية التعاونية للبترول أو البنك الصناعي أو بنك الجمهورية أو الجامعات العربية محامو أقلام قضايا هذه الجهات الحاصلون على شهادة الليسانس أو ما يعادلها أو أحد المحامين، وبذلك أعفى القانون محامي تلك الهيئات من شرط القيد في جدول المحامين المقررين أمام المحاكم أسوة بمحامي أقلام قضايا الحكومة - ولما كان القبول أمام المحاكم قد ورد في صيغة العموم فإنه ينصرف إلى القبول أمام المحاكم كافة بما فيها محكمة النقض وإذ كان لا يشترط فيمن يقرر بالطعن بطريق النقض إلا أن يكون محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض فإنه وقد ثبت أن الأستاذ علي سالم وكيل قلم قضايا بنك مصر الذي قرر بهذا الطعن يعتبر لما سلف بيانه محامياً مقبولاً للمرافعة أمام محكمة النقض فإنه يكون له بالتالي الحق في التقرير بالطعن عن الشركة الطاعنة باعتبارها إحدى مؤسسات بنك مصر ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الأحكام الثلاثة المطعون فيها الخطأ في القانون لقبول محكمة الاستئناف الادعاء بالتزوير وتأسيس حكمها على نتيجة تحقيقه وذلك على الرغم من عدم إنتاج هذا الادعاء في النزاع وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها تمسكت لدى محكمة الموضوع بأن البيانات التي يشتمل عليها عقد أول يناير و20 يناير سنة 1955 المدعي بتزويرهما هي عين البيانات الواردة في عقد 3/ 1/ 1955 الموقع عليه من المطعون ضده الثاني - مدعي التزوير والذي أقر هو بصحته وأنه إذ كان هذا المطعون ضده يسلم بأنه اتفق مع الشركة الطاعنة على أن يبيع لها أقطانه بسعر يحدد فيما بعد واقتصر دفاعه على القول بأن هذا السعر قد تم تحديده في تواريخ لاحقه لتاريخ البيع والتسليم فيكون ما أثبت في كل من العقدين المدعي بتزويرهما من أن كمية القطن المبيعة بموجبه كانت في تاريخ تحريره تحت التحديد وأن للبائع أن يحدد سعرها لغاية 31/ 1/ 1955 - وهو البيان الذي انصب عليه الطعن بالتزوير - هذا الذي أثبت في العقدين لا يكون مخالفاً للحقيقة التي يقول بها مدعي التزوير نفسه وبالتالي فإن ادعاءه بتزوير هذا البيان لا يكون منتجاً في النزاع ولا مصلحة له فيه لأن ثبوت هذا التزوير لا يكسبه شيئاً في موضوع الدعوى لكن محكمة الاستئناف لم تلتفت إلى دفاعه هذا وقضت بقبول الادعاء بالتزوير وأمرت بتحقيقه بشهادة الشهود ثم قضت برد وبطلان العقدين المطعون فيهما بالتزوير وأسست على ذلك قضاءها في الموضوع وبذلك خالفت القانون الذي يشترط لقبول الادعاء بالتزوير أن يكون منتجاً في النزاع وتضيف الطاعنة إلى ما تقدم أن حكم التحقيق الأول الصادر في 5/ 5/ 1958 والذي أخذ بأسبابه حكم التحقيق الثاني وانبنى على نتيجته الحكم الصادر في الموضوع أشار في أسبابه إلى الشاهدين الرابع والسابع من شواهد التزوير المقدمة من مدعي التزوير وذكر أنهما يتضمنان وقائع لا يصح الالتفات عنها إن هي صحت وانتهى في منطوقه إلى القضاء بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنفان (المطعون ضدهما) بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أن كميات القطن المبيعة منهما للشركة المستأنف عليها (الطاعنة) قد بيعت محددة السعر في التواريخ المبينة في أوراق استلامها وفرزها وبيان تلك الأسعار - وأنه إذ كانت تلك الواقعة التي أمر الحكم بتحقيقها لم يتضمنها شاهدا التزوير اللذان أشار إليهما الحكم في أسبابه ولا شواهد التزوير الأخرى المقدمة من مدعي التزوير بل ولم يدعها هو أصلاً كما أنها تتعارض مع ما أقام عليه دفاعه أمام محكمة الموضوع من أن تحديد أسعار أقطانه في تواريخ لاحقه لتواريخ تسليمها فإن الحكم بقبول الادعاء بالتزوير وبتحقيق هذا الادعاء يكون مشوباً أيضاً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من أوراق الطعن أن الشركة الطاعنة تمسكت لدى محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم قبول الادعاء بالتزوير لعدم إنتاجه في الدعوى قائلة إن ثبوت التزوير المدعى به لا يفيد مدعيه (المطعون ضده الثاني) شيئاً في موضوع الدعوى لأن ما أثبت في العقدين المطعون فيهما بالتزوير من أن الأقطان المبيعة بموجبهما كانت تحت التحديد في تاريخ تحريرهما وأن للبائع الحق في قطع السعر لغاية 31/ 1/ 1955 - وهو البيان الذي انصب عليه الطعن بالتزوير - لا يتعارض مع ما قام عليه دفاع المطعون ضده الثاني في موضوع الدعوى من أن أسعار أقطانه قد حددت في تواريخ لاحقة لتاريخ بيعها - ولم تلتفت محكمة الاستئناف إلى هذا الدفاع وقضت في 5/ 5/ 1958 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنفان (المطعون ضدهما) بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أن كميات القطن المبيعة منهما للشركة المستأنف عليها (الطاعنة) قد بيعت محددة السعر في التواريخ المبينة في أوراق استلامها وفرزها وبيان تلك الأسعار وللشركة المستأنف عليها النفي بذات الطرق وذكرت المحكمة في أسباب حكمها هذا "أن النزاع يدور حول ما إذا كانت كمية الأقطان قد بيعت محددة السعر أم أنها بيعت تحت التحديد وهذه النقطة في النزاع منتجة في الادعاء بالتزوير وفي موضوع الدعويين 125 و128 سنة 1955 المرفوعتين من الشركة الطاعنة وأن المحكمة ترى قبل الفصل في الموضوع إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفي ما دونه منطوق هذا الحكم حتى ينكشف وجه النزاع وحقيقة الأمر بشكل واضح سليم". ولما كان يبين من الصور الرسمية المقدمة بملف الطعن لصحيفة الدعوى رقم 60 لسنة 1955 المرفوعة من المطعون ضدهما على الشركة الطاعنة ومذكرة شواهد التزوير المقدمة من المطعون ضده الثاني وعريضة الاستئناف المرفوع منهما عن الحكم الصادر في تلك الدعوى وفي دعويي الشركة آنفى الذكر يبين من الاطلاع على هذه الأوراق أن المطعون ضده الثاني مدعي التزوير لم يدع أمام محكمة الموضوع بدرجتيها أن الاتفاق على تحديد أسعار الأقطان المبيعة منه - سواء بالعقدين اللذين طعن فيهما بالتزوير أو بالعقد الثالث الذي أقر بصحته - قد تم وقت البيع أو في تواريخ تسليم الأقطان المبيعة وإنما قام دفاعه هو والمطعون ضده الأول على أساس أن الاتفاق على تحديد أسعار أقطانهما وقع تالياً لتواريخ بيعها وتسليمها فقد ورد في صحيفة دعواهما وفي عريضة استئنافهما وفي مذكرة شواهد التزوير "أنهما تعاقدا مع الشركة الطاعنة على بيع كميات من القطن وقاما بتسليمها 2218 قنطاراً و71 رطلاً على عدة دفعات وذلك بموجب شهادات تحت يدهما وأنه تم الاتفاق بينهما وبين الشركة على تحديد سعر أقطانهما السالفة الذكر على الوجه الآتي:
بتاريخ 17/ 12/ 1954 تحدد سعر 103 قنطاراً و86 رطلاً بسعر القنطار...... وبتاريخ 27/ 12/ 1954 تحدد سعر 406 قناطير و15 رطلاً - وهاتان الكميتان تعادلان تماماً الكمية المبيعة من المطعون ضده الأول - وبتاريخ 18/ 1/ 1955 تحدد سعر 328 قنطاراً و19 رطلاً وبتاريخ 21/ 1/ 1955 تحدد سعر 462 قنطاراً و42 رطلاً وهاتان الكميتان هما المبيعتان من المطعون ضده الثاني بموجب العقود الثلاثة الصادرة منه بتواريخ 1 و3 و20 يناير - وبتاريخ 4/ 2/ 1955 تم تحديد سعر 918 قنطاراً و9 أرطال كانا قد باعاها للشركة في 29 من يناير سنة 1955" - لما كان ذلك، فإن ما قرره الحكمان الصادران بإحالة الدعوى إلى التحقيق وأسسا عليه قضاءهما من أن النزاع يدور حول ما إذا كانت الأقطان قد بيعت محددة السعر أو أنها بيعت تحتد التحديد يكون مخالفاً للثابت في الأوراق - ولما كان ما أثبت في العقدين المدعي بتزويرهما من أن الأقطان المبيعة "تحت التحديد لغاية يوم 31/ 1/ 1955" - وهو البيان الذي انصب عليه الطعن بالتزوير - لا يعني سوى أن تلك الأقطان بيعت تحت القطع وأن للبائع الحق في قطع سعرها لغاية هذا التاريخ وليس في ذلك ما يتعارض مع ما قام عليه دفاع مدعي التزوير في موضوع الدعوى من حصول اتفاق على تحديد السعر لاحق لتاريخ البيع والتسليم، أو يقف عقبة في سبيل إثبات هذا الدفاع - لما كان ذلك، وكانت الشركة من جانبها لم تتخذ مما ورد في ذلك البيان حجة لها في دعوييها أو حجة تدفع بها دعوى المطعون ضدهما قبلها إذ هي لم تتمسك بقطع السعر في الأجل المحدد في العقدين لقطعه بل على العكس فقد قام دفاعها في الدعاوى الثلاث على أن السعر ظل بغير تحديد حتى يوم 15 مارس سنة 1955 - وانحصر الخلاف بينها وبين المطعون ضدهما في تاريخ قطع سعر أقطانهما فبينما هما يدعيان بأن هذا القطع تم في الأيام المتقدمة الذكر فإن الشركة تدعي أن الأسعار ظلت بغير تحديد حتى اضطرت لقطعها بسعر يوم 16 مارس سنة 1955 بعد أن انكشف مركز المطعون ضدهما ورفضا تقديم الغطاء الكافي - وهذا الخلاف هو الذي كان يجب أن يتجه إليه بحث محكمة الموضوع - لما كان ما تقدم، فإنه لا يكون في البيان الوارد في العقدين المدعي بتزويرهما والذي ورد عليه الطعن بالتزوير ما يضير مدعي التزوير أو يؤثر على دفاعه في موضوع الدعوى وبالتالي فإن ثبوت تزوير هذا البيان لا يفيده شيئاً في تلك الدعوى ولما كان يشترط - على ما تقرره المادة 284 من قانون المرافعات لقبول الادعاء بالتزوير وبحث شواهده أن يكون منتجاً في النزاع فإن كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها إذ من العبث تكليف الخصوم بإثبات ما لو ثبت بالفعل ما كان منتجاً نتيجة ما في موضوع الدعوى.
وحيث إنه لما تقدم، فإن حكمي التحقيق الصادر أولهما في 5/ 5/ 1958 وثانيهما في 11/ 1/ 1959 إذ قبلا الادعاء بالتزوير وأمرا بتحقيقه على الرغم من عدم إنتاجه في النزاع فإنهما يكونان قد خالفا القانون بما يستوجب نقضهما ولما كان الحكم الصادر بتاريخ 9/ 12/ 1959 في موضوع الدعاوى الثلاث رقم 60 و125 و128 سنة 1955 قد صرح في أسبابه بأنه رتب قضاءه في الموضوع على تزوير العقدين وعلى نتيجة التحقيق الذي أجرى بشأن هذا التزوير فإنه يكون هو أيضاً متعيناً نقضه وذلك بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم في خصوص الادعاء بالتزوير ولما سلف بيانه يتعين القضاء بعدم قبوله.

الطعن 493 لسنة 29 ق جلسة 17 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 169 ص 1161

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي، وعباس حلمي عبد الجواد.

--------------

(169)
الطعن رقم 493 لسنة 29 القضائية

(أ) نقض. "حالات الطعن". "مخالفة حكم سابق". خلف "خلف عام". وقف. "الاستحقاق فيه".
قضاء الحكم المطعون فيه باستحقاق المطعون عليهم في نصيب أحد المستحقين في الوقف ما كان يستحقه والدهم لو كان حياً. مناقضته حكم المحكمة العليا الشرعية الصادر بين الخصوم أنفسهم في نزاع قام بينهم بشأن استحقاق هذا النصيب بالذات والحائز لقوة الشيء المقضي. جواز الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه لمجيئه على خلاف ذلك الحكم. لا ينال من ذلك عدم اختصاص بعض المطعون ضدهم بأنفسهم في الدعوى الأولى وإنما اختصم فيها والدهم، ذلك أن المورث توفى بعد انتهاء الوقف الأهلي وصيرورته ملكاً للمستحقين فتلقى ورثته الحق عنه ميراثاً ولم ينتقل إليهم عن طريق الوقف. الحكم الصادر عليه حجة عليهم باعتبارهم خلفاً عاماً له.
(ب) وقف. "النظر عليه". "وكالة ناظر الوقف عن المستحقين". وكالة. إثبات. "حجية الأمر المقضي".
وكالة ناظر الوقف عن المستحقين. عدم امتدادهم إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق. الحكم الصادر ضد ناظر الوقف. مساسه باستحقاق مستحقين لهم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة. لا حجية للحكم عليهم.
(جـ) نقض "حالات الطعن". "مخالفة حكم سابق". وقف. "قسمة الوقف". "قرار هيئة التصرفات".
صدور قرار القسمة من هيئة التصرفات في حدود سلطتها الولائية. عدم فصلها في أية خصومة بين الطرفين. عدم جواز الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه القاضي بالاستحقاق بدعوى صدوره على خلاف حكم سابق حائز قوة الأمر المقضي.
(د) وقف. "تفسير شرط الواقف". حكم. "حجية الحكم". إثبات. "حجية الأمر المقضي".
ما كانت تصدره المحاكم الشرعية من تفسير شروط الواقفين. اعتباره أحكاماً لها حجية على من كان ممثلاً فيها.
(هـ) حكم. "حجية الحكم". إثبات. "قوة الأمر المقضي".
الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية في حدود ولايتها تحوز قوة الأمر المقضي أمام المحاكم المدنية. مثال.
(و) إثبات. "حجية الأمر المقضي". محكمة النقض. "سلطة محكمة النقض". دعوى. "سبب الدعوى".
لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها للتحقق من كون سبب الدعوى سبباً حقيقياً تتحقق به المغايرة في سبب الدعوى أم أنه مجرد سبب ظاهري أريد به الحيلولة دون الدفع بحجية الأمر المقضي.
(ز) وقف. "إنهاء الوقف على غير الخيرات". "الوقف مرتب الطبقات".
أيلولة الملكية في الوقف مرتب الطبقات إلى المستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقة المستحقين الحاليين بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق. المادة 3 من القانون 180 لسنة 1952. انطباقه على الوقف المرتب الطبقات ترتيباً جملياً دون الوقف المرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً.
(ح) وقف. "الوقف مرتب الطبقات".
الأصل في الوقف مرتب الطبقات على الذرية أنه يعتبر مرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً. لا يكون الوقف مرتب الطبقات ترتيباً جملياً إلا بنص صريح قاطع من الواقف.
(ط) نقض. "إعلان الطعن". "الصفة في الطعن". إعلان. بطلان.
وصف المطعون عليه في تقرير الطعن بأنه قاصر وتوجيه الطعن إليه في شخص الوصي عليه بعد زوال صفته في تمثيله لبلوغه سن الرشد قبل صدور الحكم المطعون فيه. تمام إعلان المطعون عليه بعد ذلك في شخصه بوصفه بالغاً. لا بطلان. لا ينال من صحة الإعلان حصوله بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 11 من القانون 75 لسنة 1959 صيرورة هذا الميعاد بعد صدور القانون 106 لسنة 1962 مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجاوزه بطلان.
(ي) نقض. "حالات الطعن". "مخالفة قواعد الاختصاص".
الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لمخالفة قواعد الاختصاص. قصره على مخالفة قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم دون تلك المتعلقة بالاختصاص النوعي.

--------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من أن المطعون عليهم يستحقون في نصيب أحد المستحقين في الوقف ما كان يستحقه والدهم لو كان حياً قد ناقض ما سبق أن قضي به الحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية بين الخصوم أنفسهم في نزاع قام بينهم بشأن استحقاق هذا النصيب بالذات وكان هذا الحكم قد حاز قوة الشيء المقضي بالنسبة لجميع المطعون عليهم لأنهم كانوا طرفاً فيه، فإن الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه لمجيئه على خلاف ذلك الحكم يكون جائزاً عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959. ولا يصح الاعتراض بأن بعض المطعون ضدهم لم يكونوا مختصمين بأنفسهم في الدعوى الأولى التي صدر فيها الحكم من المحكمة العليا الشرعية وأن اختصام والدهم في تلك الدعوى لا يجعل الحكم الصادر فيها بتحديد الاستحقاق في الوقف حجة عليهم لما هو مقرر من أن المستحق في الوقف لا يتلقى حقه من مورثه وإنما من الواقف مباشرة - ذلك أن المورث المذكور قد توفى بعد انتهاء الوقف الأهلي وصيرورته ملكاً للمستحقين فتلقى ورثته الحق عنه ميراثاً ولم ينتقل إليهم عن طريق الوقف ولذلك يكون الحكم الصادر عليه حجة عليهم باعتبارهم خلفاً عاماً لمورثهم الذي كان طرفاً فيه.
2 - وكالة ناظر الوقف عن المستحقين لا تمتد إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق مما ينبني عليه أن الحكم الذي يصدر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف ومنفذاً لكتابه ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة لا يلزم هؤلاء المستحقين ولا يعتبر حجة عليهم (1).
3 - متى كان قرار القسمة قد صدر من هيئة التصرفات في حدود سلطتها الولائية دون أن تعرض للفصل في أية خصومة بين الطرفين فإن هذا القرار لا يعتبر حكماً حائزاً لقوة الأمر المقضي وبالتالي فلا يجوز الطعن بالنقض للتناقض فيما يصدر بعده من أحكام بالاستحقاق على خلاف ما قضى به عند تحديد الأنصبة في القسمة.
4 - ما كانت تصدره المحاكم القضائية الشرعية من تفسير لشروط الواقفين في الدعاوى التي ترفع إليها بطلب هذا التفسير يعتبر أحكاماً لها حجية على من كان ممثلاً فيها.
5 - الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية في حدود ولايتها تحوز قوة الأمر المقضي أمام المحاكم المدنية. وإذ كانت المحاكم الشرعية مختصة بالفصل في دعاوي الاستحقاق في الوقف طبقاً للمادة الثامنة من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية فإن قضاءها النهائي في هذه الدعاوى تكون له قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية.
6 - لمحكمة النقض أن تعمل رقابتها للتحقق مما إذا كان سبب الدعوى هو سبب حقيقي تتحقق به المغايرة في سبب الدعوى أو أنه مجرد سبب ظاهري أريد به الحيلولة دون الدفع بحجية الأمر المقضي فلا تقوم به هذه المغايرة.
7 - نصت المادة الثالثة من قانون إنهاء الوقف الأهلي رقم 180 لسنة 1952 على أنه "إن كان الوقف مرتب الطبقات آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقة المستحقين الحاليين كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق" وقد صرحت المذكرة الإيضاحية في تعليقها على هذه المادة "بأنه رؤى في الوقف المرتب الطبقات أن تؤول الملكية إلى المستحقين الحاليين فيه وإلى ذرية من مات من ذوي الاستحقاق لأن هذه الذرية كانت محجوبة على سبيل التوقيت ومن العدل ألا يترتب على هذا الحجب أثره بالنسبية لتملك الوقف" ومفاد ذلك أن هذا النص لا ينطبق إلا على الوقف المرتب الطبقات ترتيباً جملياً لأن هذا الوقف هو الذي تحجب فيه ذرية من مات من أهل الطبقة المستحقة إلى أن تنقرض طبقة أصلهم وهذه الذرية هي التي عنتها المذكرة الإيضاحية بقولها إنها كانت محجوبة على سبيل التوقيت ورأى المشرع من العدل ألا يمنعها هذا الحجب المؤقت من أخذ حصة أصلها في الاستحقاق بعد إنهاء الوقف لأن هذه الحصة كانت ستؤول إليها بعد انقراض طبقة أصلها لو ظل الوقف قائماً ولم يصدر قانون بإنهائه وبصيرورة ما ينتهي فيه ملكاً للمستحقين الحاليين. أما في الوقف المرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً فلا تحجب فيه ذرية من مات من أهل الطبقة المستحقة بل يؤول نصيب كل من مات من هذه الطبقة إلى ذريته وبذلك فلن تضار هذه الذرية بصدور ذلك القانون.
8 - لا يكون الوقف مرتب الطبقات ترتيباً جملياً إلا بنص صريح قاطع من الواقف على ذلك. إذ نص المشرع في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 على أن جميع الأوقاف المرتبة الطبقات يعتبر ترتيباً إفرادياً بمعنى أنه لا يحجب أصل فرع غيره ومن مات صرف ما استحقه وما كان سيستحقه إلى فرعه ولو لم ينص الواقف في كتاب وقفه على هذا. كما نصت المادة 58 من قانون الوقف المذكور على أنه لا يعمل بأحكام بعض مواده ومنها المادة 32 سالفة الذكر إذ كان في كتاب الوقف نص يخالفها. ومؤدى هذين النصين أن كل وقف مرتب الطبقات على الذرية يعتبر مرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً إلا إذا نص الواقف صراحة على أنه جعل الوقف مرتباً ترتيباً جملياً.
9 - إذا كان الواقع هو أن الطاعنة وإن وصفت المطعون عليه في تقرير الطعن بأنه قاصر ووجهت إليه الطعن في شخص والدته بوصفها وصياً عليه وذلك بعد زوال صفتها في تمثيله لبلوغه سن الرشد ورفع الوصاية عنه قبل صدور الحكم المطعون فيه، إلا أنه قد تم إعلانه بالطعن بعد ذلك في شخصه بوصفه بالغاً وسلمت صورة إعلان التقرير إليه في موطنه، فإن في توجيه الإعلان إليه على هذا الوجه ما يكفي لتعريفه بالصفة الصحيحة التي اختصم بها في الطعن مما يتحقق به غرض الشارع من إيجاب ذكر البيان المتعلق بصفته في تقرير الطعن. ولا يؤثر على صحة الإعلان حصوله بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 ذلك أنه بعد صدور القانون رقم 106 لسنة 1962 المعدل له لم يعد هذا الميعاد ميعاداً حتمياً بل أضحى مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجاوزه بطلان (2).
10 - لا تجيز المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لمخالفة قواعد الاختصاص إلا إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم، فإذا كان ما تعيبه الطاعنة على الحكم المطعون فيه هو مخالفته قواعد الاختصاص النوعي فإن طعنها بهذا السبب يكون غير جائز.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن السيدتين إسعاد أحمد العروسى وبنتها عائدة حسن العروسى رفعتا على المطعون عليهم وآخرين - دعوى أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية قيدت برقم 28 تصرفات. طلبتا فيها قسمة مرتب الرزنامة وبيان نصيب كل منهما فيه بنسبة استحقاقهما في الوقف طبقاً لإنشائه وشروطه - وقد تدخلت الطاعنة في تلك الدعوى طالبة فرز وتحديد نصيبها في المرتب المذكور بمبلغ 46 ج و421 م على أساس أنها تستحق في الوقف 6 و3/ 5 قراريط من 24 قيراطاً ينقسم إليها الوقف، وقالت بياناً لذلك إن من بين ما وقفه المرحوم السيد زين الدين مصطفى العروسى بكتاب وقفه الصادر في 11 من ذي القعدة سنة 1271 هـ - المبلغ الذي كان مرتباً له سنوياً من ديوان الرزنامة والبالغ قدره 168 ج و804 م وقد جعل هذا الوقف على نفسه حال حياته ثم من بعده على أولاده الثلاثة الموجودين وقت الوقف وهم أحمد وحفيظة وفاطمة ومن سيحدثه الله له من الأولاد بالفريضة الشرعية للذكر مثل حظ الأنثيين إلا ولد البنت فلا ينتقل إليه شيء من نصيب أمه بل ينتقل نصيبها من ذلك إلى من يوجد من أخوتها وأخواتها المشاركين لها في الدرجة والاستحقاق - ثم من بعد كل منهم فعلى أولاده كذلك من أولاد الظهور دون أولاد البطون وهكذا في جميع طبقات الذرية - وقد توفى الواقف عن أولاده الثلاثة المذكورين الذين لم يعقب غيرهم ثم توفوا بعده جميعاً على التعاقب وانحصر الوقف في أولاد أحمد ابن الواقف وهم محمد وأمين وزهرة وزينب وعيشة وسكينة فانتقل استحقاق هذا الوقف إليهم وقسم بينهم بالفريضة الشرعية للذكر منهم ستة قراريط وللأنثى ثلاثة قراريط - ثم توفى أمين بن أحمد ابن الواقف عن ولديه أحمد وزكية فانتقل نصيبه إليهما ثم توفيت كل من زهرة وزينب وعائشة المذكورات بنات أحمد ابن الواقف فانتقلت أنصباؤهن وقدرها 9 ط لأخويهن محمد وسكينة وقسم بينهما بالفريضة الشرعية لمحمد الثلثان 6 ط ولسكينة الثالث 3 ط - وبذلك صار نصيب محمد الأصلي والآيل إليه من أخواته الثلاث المذكورات 12 ط من 24 ط ينقسم إليها الوقف - ونصيب سكينة الأصلي والآيل عن أخواتها 6 ط ثم توفى محمد بن أحمد ابن الواقف عن أولاده الأربعة وهم حسن "والد وجد المطعون عليهم" وعائشة وزينب ونفيسة (الطاعنة) فانتقل إليهم نصيبه في الوقف الأصلي والآيل وقدره 12 ط للذكر مثل حظ الأنثيين وبقسمته عليهم بهذه النسبة يكون لحسن 4 و4/ 5 ط ولكل بنت من أخواته الثلاث المذكورات بما فيهن السيدة نفيسة (الطاعنة) 2 و2/ 5 ط، ثم توفى حسن المذكور ابن محمد ابن الواقف عن أولاده السبعة وهم مصطفى (مورث المطعون ضدهما الأولين) وعلي وأمين ومحمود وسميرة وبهيرة وعائدة (باقي المطعون ضدهم) فانتقل نصيبه إليهم ثم توفيت سكينة المذكورة بنت أحمد ابن الواقف وليس لها أخوة ولا أخوات فانتقل نصيبها وقدره 6 ط إلى الأقرب إليها من الموقوف عليهم وهن السيدات عائشة وزينب ونفيسة (الطاعنة) بنات أخيها محمد المذكور لأنهن أقرب إليها في الدرجة من باقي الموقوف عليهم وقسم نصيبها بينهن بالتساوي لكل منهما قيراطان عملاً بشرط الواقف سالف الذكر الذي جاء فيها "فإن لم يوجد من يشاركها في الدرجة والاستحقاق انتقل نصيبها من ذلك إلى الأقرب إليها في الدرجة فالأقرب من الموقف عليهم" - وبإضافة هذا النصيب إلى النصيب الأصلي للطاعنة وقدره 2 و2/ 5 ط يكون نصيبها 4 و2/ 5 ط وقد صدر بذلك حكم نهائي من المحكمة العليا الشرعية في 3 من شهر إبريل سنة 1945 في الاستئناف رقم 114 سنة 1943 - 1944 - بين هؤلاء الخصوم أنفسهم - ثم توفيت عائشة بنت محمد بن أحمد ابن الواقف فانتقل نصيبها الأصلي والآيل إلى أختيها السيدتين زينب ونفيسة (الطاعنة) مناصفة بينهما حسب شرط الواقف لكل منهما 2 و1/ 5 وبإضافة هذا القدر إلى نصيب الطاعنة السابق بيانه يصير استحقاقها في الوقف 6 و3/ 5 ط
من 24 ط ينقسم إليها الوقف جميعه - وقد صدر بذلك أيضاً حكم نهائي من المحكمة العليا الشرعية بتاريخ 13 من شهر إبريل سنة 1948 في الاستئناف رقم 9 ملحق سنة 1946 - 1947 وأن المستحقين في الوقف ومن بينهم الطاعنة والمطعون عليهم قد ساروا على مقتضى ذينيك الحكمين وتمت قسمة الأعيان الموقوفة بينهم على هذا الأساس بموجب قرار نهائي صدر في 2 من يوليه سنة 1952 - في مادتي التصرفات رقمي 263 و607 سنة 1946/ 1947 القاهرة - ونفذ قرار القسمة المذكور بأن وضع كل مستحق يده على نصيبه بعد فرزه - وبتاريخ 9/ 12/ 1957 حكمت محكمة الأحوال الشخصية بعدم اختصاصها وبإحالة الدعوى إلى محكمة الدرب الأحمر الجزئية التي قضت في 8 من يونيه سنة 1958 بقسمة مرتب الرزنامة المذكور وتخصيص مبلغ 46 ج و421 م للمتدخلة (الطاعنة) على أساس أنها تستحق في الوقف 6 و3/ 5 ط من 24 ينقسم إليها الوقف. وقد استأنف المطعون عليهم هذا الحكم - أمام محكمة القاهرة الابتدائية بالاستئناف رقم 1534 سنة 1958 طالبين تعديل الحكم المستأنف بقصر حصة الطاعنة في مرتب الرزنامة على مبلغ 32 ج و988 م - استناداً إلى أن قرار القسمة لا حجية له عليهم وأن الطاعنة وأختها زينب لا تستقلان وحدهما بنصيب عمتهما المرحومة سكينة ونصيب أختهما المرحومة عائشة بل إنهم يشاركونهما في كل من النصيبين بما كان يستحقه أبوهم لو كان حياً - وأنهم يستمدون هذا الحق من شرط الواقف ومن المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات - وفي الأول من نوفمبر سنة 1959 حكمت المحكمة الاستئنافية بقصر نصيب الطاعنة على مبلغ 32 ج و998 م - فطعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها رأيها بقبول السبب الأول وبنقض الحكم المطعون فيه في خصوص نصيب سكينه بنت أحمد ابن الواقف - ونقضه كذلك في خصوص نصيب عائشة بنت محمد بن أحمد ابن الواقف بالنسبة للمطعون عليهم الذين كانوا ممثلين في الدعوى الشرعية - وبعدم جواز الطعن بالنسبة لباقي الأسباب وفي 2/ 4/ 1963 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة الأحوال الشخصية التي أحالته إلى هذه الدائرة - وبعد أن قام قلم الكتاب بإعلان الطعن إلى المطعون عليهم - قدم المطعون عليهم الثانية والرابع والخامس مذكرتين بدفاعهم دفعوا فيهما بعدم جواز الطعن كما دفعوا بعدم قبوله شكلاً لبطلانه وطلبوا احتياطياً رفضه موضوعاً - وقدمت النيابة مذكرة تكميلية أبدت فيها رأيها في الدفعيين بعدم صحتهما وتمسكت بالنسبة لموضوع الطعن برأيها السابق - وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صمم الخصوم والنيابة على ما ورد في مذكراتهم.
وحيث إن مبنى السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف أحكاماً انتهائية سبق صدورها بين الخصوم أنفسهم وحازت قوة الشيء المحكوم فيه وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنه بتاريخ 3/ 4/ 1945 قضت المحكمة العليا الشرعية في الاستئناف رقم 114 لسنة 43/ 1944 باستحقاقها هي وأختيها زينب وعائشة لجميع نصيب عمتهن المرحومة سكينة بنت أحمد ابن الواقف وبعدم استحقاق المطعون عليهم شيئاً في هذا النصيب كما قضت المحكمة المذكورة بتاريخ 13/ 11/ 1948 في الاستئناف رقم 9 لسنة 1946/ 1947 باستحقاق الطاعنة وأختها زينب لجميع حصة أختهما المرحومة عائشة وبأن المطعون عليهم لا يستحقون أيضاً شيئاً في هذا النصيب - وعلى أساس تحديد الأنصبة الواردة بهذين الحكمين جرت قسمة أطيان الوقف بين جميع المستحقين ومن بينهم جميع خصوم الدعوى الراهنة قسمة إفراز وتجنيب وذلك بالحكم الصادر في 2 من يونيه سنة 1952 من محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية في مادتي التصرفات رقمي 263 و607 سنة 46/ 1947 واختصت الطاعنة في الوقف بحصة قدرها 6 و3/ 5 قراريط من 24 قيراطاً وهو ما يعادل 46 ج و421 م في مرتب الرزنامة محل النزاع في الدعوى الحالية، وأنه إذ كانت الأحكام الشرعية الثلاثة المتقدمة الذكر قد صدرت بين الخصوم في هذه الدعوى وحازت قوة الأمر المقضي وقد حددت حصص الطاعنة والمطعون عليهم في الوقف على وجه نهائي فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتحديد نصيب الطاعنة في مرتب الرزنامة على خلاف ما سبق أن حددته الأحكام الشرعية الثلاثة واعتبر حصتها في الوقف 4 و1/ 2 قراريط فقط وعلى هذا الأساس اعتبر نصيبها في مرتب الرزنامة مبلغ 31 ج و650 م فإنه يكون قد خالف الأحكام الشرعية الآنفة الذكر والحائزة لقوة الأمر المقضي وبالتالي يكون الطعن فيه بالنقض جائزاً لهذا السبب رغم صدوره من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية وذلك عملاً بالمادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إنه يبين من الأوراق المقدمة بملف الطعن والتي كانت معروضة على محكمة الموضوع أنه بتاريخ 3 من إبريل سنة 1945 - أصدرت المحكمة العليا الشرعية حكماً في الاستئناف رقم 114 سنة 943/ 1944 في نزاع قام بين الطاعنة وبين المطعون عليهم الثالث والرابع والخامس والسادسة والسابعة والمرحوم مصطفى العروسى "مورث باقي المطعون عليهم" حول تفسير شرط الواقف في خصوص أيلولة نصيب المرحومة سكينه بنت أحمد ابن الواقف - ويقضي هذا الحكم بتفهيم الخصوم بأن شرط الواقف يقضي بأن نصيب سكينه المذكورة يؤول إلى الطاعنة وأختيها زينب وعائشة لأنهن أقرب الطبقات إليها من أهل هذا الوقف الموجودات على قيد الحياة وقت وفاتها ولم يوجد لها أخوة ولا أخوات ولا ينتقل شيء من هذا النصيب إلى المطعون ضدهم وذلك عملاً بشرط الواقف - كما أنه بتاريخ 13/ 4/ 1948 - أصدرت المحكمة العليا الشرعية - حكماً في الاستئناف رقم 9 ملحق لسنة 1946/ 1947 - في نزاع قام بين علي حسن العروسى (المطعون عليه الرابع) وبين نظار وقف العروسى وهم الطاعنة وإسعاد العروسى والمرحوم مصطفى حسن العروسى (مورث المطعون عليهما الأولين) - حول تفسير شرط الواقف في خصوص أيلولة نصيب المرحومة عائشة بنت محمد ابن أحمد ابن الواقف وقد قضى ذلك الحكم باستحقاق الطاعنة وأختها زينب لنصيب أختهما المرحومة عائشة مناصفة بينهما لأنهما الموجودتان على قيد الحياة وقت وفاتها وذلك عملاً بشرط الواقف الذي يقضي بأن من تموت من البنات ينتقل نصيبها لمن يوجد وقت وفاتها من أخوتها وأخواتها المشاركين لها في الدرجة والاستحقاق - وبتاريخ 2 من يوليه سنة 1952 صدر قرار في المادتين 263 و607 لسنة 1946/ 1947 تصرفات بفرز نصيب كل من المستحقين في الوقف في الأطيان - على أساس أن نصيب الطاعنة 6 و3/ 5 قراريط من 24 قيراطاً ينقسم إليها الوقف ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر هذا النصيب 4.5 قراريط مؤسساً ذلك على قوله "وحيث إن الثابت من كتاب الوقف أن الواقف اشترط الآتي: على أن من مات من الموقوف عليهم قبل دخوله في هذا الوقف واستحقاقه لشيء منه وترك ولداً أو ولد ابن أو أسفل من ذلك قام ولده أو ولد ابنه وأن سفل من ذلك مقام والده في الاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه لو كان الأصل المتوفى حيا، فدل بذلك على أن وفاة والد المستأنفين (المطعون عليهم) الحاصلة في سنة 1934 والسابقة على وفاة سكينه بنت أحمد ابن الواقف لا تمنعهم من أخذ استحقاق والدهم فيها - هذا فضلاً عن أن المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بحل الوقف قد أوردت هذا الحكم في صراحة حيث نصت على أنه إذا كان الوقف مرتب الطبقات آلت ملكيته للمستحقين الحاليين ولذويه من مات منهم من ذوي الاستحقاق في طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق. وحيث إنه لا نزاع بين الخصوم على الأنصبة التي انتقل بها الوقف من مستحق إلى آخر اللهم إلا في خصوص ما تدعى به المستأنف عليها الثالثة (الطاعنة) من أن أولاد أخيها حسن المستأنفين (المطعون ضدهم) لا يستحقون شيئاً في المرحومة سكينه بنت أحمد ابن الواقف ولا في المرحومة عائشة بنت محمد ابن أحمد ابن الواقف وهذا غير صحيح لما سلف بيانه وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم يكون حق المستأنف عليها الثالثة (الطاعنة) قاصراً على 4.5 ط من 24 قيراطاً في المرتب المطلوب قسمته أي ما يعادل مبلغ 31 ج و650 م لكن المستأنفين طلبوا تعديل الحكم إلى مبلغ 32 ج و998 م ومن ثم يتعين تعديل الحكم المستأنف إليه من رفض دعواها فيما زاد على ذلك" ولما كان الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من أن المطعون عليهم يستحقون في نصيب سكينه بنت أحمد ابن الواقف ما كان يستحقه والدهم لو كان حياً قد ناقض ما سبق أن قضى به الحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية في 3/ 4/ 1945 بين الخصوم أنفسهم في نزاع قام بينهم بشأن استحقاق هذا النصيب بالذات وكان هذا الحكم قد حاز قوة الشيء المقضي بالنسبة لجميع المطعون عليهم لأنهم كانوا طرفاً فيه فإن الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه لمجيئه على خلاف ذلك الحكم يكون جائزاً عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 ولا يصح الاعتراض بأن ورثة مصطفى حسن العروسى لم يكونوا مختصمين بأنفسهم في الدعوى الأولى التي صدر فيها الحكم من المحكمة العليا الشرعية وأن اختصام والدهم في تلك الدعوى لا يجعل الحكم الصادر فيها بتحديد الاستحقاق في الوقف حجة عليهم لما هو مقرر من أن المستحق في الوقف لا يتلقى حقه من مورثه وإنما من الواقف مباشرة - ذلك أن المورث المذكور قد توفى في سنة 1954 أي بعد انتهاء الوقف الأهلي وصيرورته ملكاً للمستحقين فتلقى ورثته الحق عنه ميراثاً - ولم ينتقل إليهم عن طريق الوقف وبذلك يكون الحكم الصادر عليه حجة عليهم باعتبارهم خلفاً عاماً لمورثهم الذي كان طرفاً فيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ انتهى كذلك إلى أن المطعون عليهم يستحقون في نصيب عائشة بنت محمد ابن أحمد ابن الواقف ما كان يستحقه والدهم لو كان حياً قد خالف أيضاً ما سبق أن قضى به الحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية في 13 من نوفمبر سنة 1948 في الاستئناف رقم 9 ملحق سنة 1946/ 1947 من عدم استحقاق المطعون عليهم شيئاً في هذا النصيب وانحصاره في الطاعنة وأختها زينب - إلا أنه لما كان الحكم السابق لا تكون له الحجة إلا بالنسبة لمن كانوا خصوماً فيه - وكان الثابت على ما تقدم ذكره أن هذا الحكم قد صدر ضد المطعون عليهم الأولى والثانية والرابع - فإنه يعتبر حجة عليهم وحدهم دون باقي المطعون عليهم الذين لم يمثلوا فيه، ولا يغير من ذلك أن نظار الوقف كانوا مختصمين في تلك الدعوى لأن وكالة ناظر الوقف عن المستحقين لا تمتد إلى ما يمس حقوقهم في الاستحقاق مما ينبني عليه أن الحكم الذي يصدر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف ومنفذاً لكتاب الواقف ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة لا يلزم هؤلاء المستحقين ولا يعتبر حجة عليهم - لما كان ذلك، فإنه في خصوص النزاع على نصيب المرحومة عائشة فإن الطعن بالنقض للتناقض لا يكون جائزاً إلا بالنسبة للمطعون عليهم - الأولى والثانية والرابع - الذين كانوا طرفاً في الحكم الشرعي آنف الذكر دون الباقين، ولما كان قرار القسمة لا حجية له أيضاً على هؤلاء الآخرين لصدوره من هيئة التصرفات في حدود سلطتها الولائية دون أن تعرض للفصل في أية خصومة بين الطرفين فإن الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه للتناقض يكون غير جائز بالنسبة للمطعون عليهم الثالث والخامس والسادس والسابعة وذلك عما قضى به ذلك الحكم في خصوص أيلولة نصيب عائشة.
وحيث إنه لا وجه لما يثيره المطعون عليهم في مذكرتهم من أن الحكم الشرعي الصادر في 3 من إبريل سنة 1945 وقد اقتصر على تفسير شرط الواقف ولم يفصل في نزاع على الاستحقاق فإنه لا يعتبر حكماً قضائياً وإنما حكم بفتوى قضائية وبالتالي لا يحوز قوة الأمر المقض وأن الأحكام الشرعية الثلاثة المقول بمخالفة الحكم المطعون فيه لها قد صدرت من جهة قضائية غير الجهة التي صدر منها الحكم الأخير بما ينتفي معه تطبيق المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959 لما يلزم لانطباقها من أن يكون الحكمان المدعي بقيام التناقض بينهما صادرين من جهة قضائية واحدة، لا وجه لهذا الدفاع بشقيه ذلك أن ما كانت تصدره المحاكم القضائية الشرعية من تفسير شروط الواقفين يعتبر أحكاماً لها حجية على من كان ممثلاً فيها - هذا إلى أن المطعون عليهم قد نازعوا الطاعنة أثناء نظر الاستئناف المرفوع منهم في الاستحقاق في نصيب المرحومة سكينه وادعوا أنهم يستحقون فيه وصدر الحكم فاصلاً في هذه الخصومة - كما أن الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية في حدود ولايتها تحوز قوة الأمر المقضي أمام المحاكم المدنية - ولما كانت المحاكم الشرعية مختصة بالفصل في دعاوي الاستحقاق في الوقف طبقاً للمادة 8 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية فإن قضاءها النهائي في هذه الدعاوى تكون له قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية.
وحيث إنه لا وجه أيضاً لما يتحدى به المطعون ضدهم من اختلاف السبب في دعويي الاستحقاق الشرعيتين عنه في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بمقولة أن الحق المدعى به في الدعويين الشرعيتين كان يستند إلى كتاب الوقف في حين أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باستحقاق المطعون عليهم في نصيب كل من سكينه وعائشة على سبب آخر للاستحقاق مستقل عن كتاب الوقف هو الحق الذي أنشأه لهم نص المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 والذي لم يسبق طرح نزاع بشأنه بين الخصوم وأنه متى كان الحكم المطعون فيه قائماً على هذا السبب الجديد وكان هذا السبب كافياً لحمل الحكم فإنه لا يجدي بعد ذلك تعييبه بأنه خالف في موضع آخر منه حكماً نهائياً سابقاً وما دام هذا التعييب غير منتج فإنه لا يكون من شأنه أن يفتح باب الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه حتى ولو كان قد أخطأ في تفسيره لنص المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 الذي اعتبره سبباً جديداً لاستحقاق المطعون عليهم ذلك أن الحكم صادر من محكمة ابتدائية بهيئة استئنافية ولا يجوز الطعن فيه لمخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه وتأويله، لا وجه لهذا التحدي ذلك أن المستفاد من سياق عبارات الحكم أنه أقيم أساساً على تفسيره لكتاب الوقف تفسيراً مخالفاً لما سبق أن قضت به المحكمة الشرعية وأنه لم يتخذ من المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 الآنف ذكرها إلا مجرة حجة لتدعيم النظر الذي انتهى إليه - مما ينتفي معه القول باختلاف السبب - على أنه لو صح ما يقول به المطعون عليهم من أن الحكم قد قصد إلى أن يتخذ من المادة المذكورة سبباً جديداً مستقلاً عن كتاب الوقف فإن ذلك لا يحول دون إعمال محكمة النقض لرقابتها للتحقق مما إذا كان هذا السبب هو سبب حقيقي تتحقق به المغايرة في سبب الدعوى أو أنه مجرد سبب ظاهري أريد به الحيلولة دون الدفع بحجية الأمر المقضي فلا تقوم به هذه المغايرة - لما كان ذلك، وكانت المادة الثالثة من قانون إنهاء الوقف الأهلي رقم 180 لسنة 1952 إذ نصت على أنه "أن كان الوقف مرتب الطبقات آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقة المستحقين الحاليين كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق" وإذ صرحت المذكرة الإيضاحية في تعليقها على هذه المادة أنه رؤى في الوقف المرتب الطبقات أن تؤول الملكية إلى المستحقين الحاليين فيه وإلى ذرية من مات من ذوي الاستحقاق لأن هذه الذرية كانت محجوبة على سبيل التوقيت ومن العدل ألا يترتب على هذا الحجب أثره بالنسبة لتملك الوقف. فإن مفاد ذلك أن هذا النص لا ينطبق إلا على الوقف المرتب الطبقات ترتيباً جملياً لأن هذا الوقف هو الذي تحجب فيه ذرية من مات من أهل الطبقة المستحقة إلى أن تنقرض طبقة أصلهم وهذه الذرية هي التي عنتها المذكرة الإيضاحية بقولها إنها كانت محجوبة على سبيل التوقيت ورأى المشرع من العدل ألا يمنعها هذا الحجب المؤقت من أخذ حصة أصلها في الاستحقاق بعد إنهاء الوقف لأن هذه الحصة كانت ستؤول إليها بعد انقراض طبقة أصلها لو ظل الوقف قائماً ولم يصدر قانوناً بإنهائه وبصيرورة ما ينتهي منه ملكاً للمستحقين الحاليين، أما في الوقف المرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً فلا تحجب فيه ذرية من مات من أهل الطبقة المستحقة بل يؤول نصيب كل من مات من هذه الطبقة إلى ذريته وبذلك فلن تضار هذه الذرية بصدور ذلك القانون، ولما كان الوقف لا يكون مرتب الطبقات ترتيباً جملياً إلا بنص صريح قاطع من الواقف على ذلك إذ نص المشرع في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 على أن جميع الأوقاف المرتبة الطبقات يعتبر ترتيبها إفرادياً بمعنى أنه لا يحجب أصل فرع غيره ومن مات صرف ما استحقه وما كان سيستحقه إلى فرعه ولو لم ينص الواقف في كتاب وقفه على هذا، كما نصت المادة 58 من قانون الوقف المذكور على أنه لا يعمل بأحكام بعض مواده ومنها المادة 32 سالفة الذكر إذا كان في كتاب الوقف نص يخالفها فإن مؤدى هذين النصين أن كل وقف مرتب الطبقات على الذرية يعتبر مرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً إلا إذا نص الواقف صراحة على أنه جعل الواقف مرتباً ترتيباً جملياً - لما كان ذلك، وكان الواضح مما أثبته الحكم المطعون فيه في أسبابه أن الوقف مثار النزاع يعتبر مرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً فإن حكم المادة الثالثة آنفة الذكر لا تنطبق في خصوصه ولا تعطي المطعون ضدهم حقاً جديداً في الاستحقاق ومن ثم يكون الاعتماد على هذا النص باعتباره سبباً جديد لاستحقاق هؤلاء المطعون ضدهم غير صحيح ومتى انتفى قيام هذا السبب انتفى بالتالي القول بحصول تغيير في سبب الدعوى يبرر مخالفة الحكم السابق.
وحيث إن المطعون عليهما الثانية والخامس دفعا بعدم قبول الطعن شكلاً لبطلانه بمقولة إن المطعون عليهما حسن ومنى ولدي مصطفى حسن العروسى بلغا سن الرشد ورفعت عنهما الوصاية قبل التقرير بالطعن ومع ذلك فقد اختصمتهما في هذا التقرير في شخص والدتهما بصفتهما وصياً عليهما مع أن صفتهما في النيابة عنهما قد زالت ببلوغهما سن الرشد فإن الطعن يكون باطلاً بالنسبة إليهما - وأنه لما كان النزاع صدر فيه الحكم المطعون فيه غير قابل للتجزئة - فإنه يترتب على بطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهما المذكورين بطلانه بالنسبة للجميع.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه وإن كان صحيحاً أن الطاعنة قد وصفت المطعون عليه حسن مصطفى العروسى في تقرير الطعن بأنه قاصر ووجهت إليه الطعن في شخص والدته بوصفها وصيا عليه، وذلك بعد زوال صفتها في تمثيله لبلوغه سن الرشد ورفع الوصاية عنه قبل صدور الحكم المطعون فيه على ما تفيده المستندات المقدمة بملف الطعن من المطعون عليها الثانية إلا أنه قد تم إعلانه بالطعن - بعد ذلك - بناء على قرار من المحكمة - وقد أعلن في شخصه بوصفه بالغاً وسلمت صورة إعلان التقرير إليه في موطنه - ولما كان في توجيه الإعلان إليه على هذا الوجه ما يكفي لتعريفه بالصفة الصحيحة التي اختصم بها في الطعن مما يتحقق به غرض الشارع من إيجاب ذكر البيان المتعلق بصفته في تقرير الطعن - وكان وصفه في التقرير بأنه قاصر ليس من شأنه أن يجهل بشخصيته بعد أن ذكر في التقرير أنه ابن المرحوم مصطفى حسن العروسى - ولا يؤثر على صحة الإعلان حصوله بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 ذلك أنه بعد صدور القانون رقم 106 لسنة 1962 المعدل له - لم يعد هذا الميعاد ميعاداً حتمياً بل أضحى مجرد ميعاد تنظيمي لا يترتب على تجازه بطلان - أما عن المطعون عليها منى فإنه ليس في أوراق الطعن ما يدل على أنها بلغت سن الرشد بعد صدور الحكم المطعون فيه - لما كان ذلك، فإن الدفع بعدم قبول الطعن لبطلانه بالنسبة لهذين المطعون عليهما يكون متعيناً رفضه.
وحيث إنه متى كان الطعن جائزاً - في الحدود المتقدمة - وقد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يتعين نقض الحكم في خصوص أيلولة نصيب المرحومة سكينه بنت أحمد ابن الواقف بالنسبة لجميع المطعون عليهم ونقضه في خصوص أيلولة نصيب المرحومة عائشة بنت محمد بن أحمد ابن الواقف بالنسبة للمطعون عليهم الأولى والثانية والرابع وحدهم دون الباقين - وذلك لمجيء الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص مخالفاً لما قضت به أحكام سابقة حازت قوة الأمر المقضي.
وحيث إنه لما كان الطعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول غير جائز في خصوص نصيب المرحومة عائشة بنت محمد بن أحمد ابن الواقف بالنسبة للمطعون عليهم الثالث والخامس والسادسة والسابعة كما سبق القول - لأنهم لم يكونوا خصوماً في الحكم الشرعي الثاني المشار إليه - فإنه يتعين بحث ما إذا كان الطعن بباقي الأسباب جائزاً بالنسبة إليهم أم لا.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بطلانه لفصله ضمناً في مسألة تتعلق باستحقاق في وقف لا تختص بنظرها المحكمة الجزئية ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 462 لسنة 1955 تنص على أن دعوى الاستحقاق في الوقف هي من اختصاص المحكمة الابتدائية ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر المحكمة الجزئية مختصة بنظر النزاع على الاستحقاق فإنه يجوز الطعن فيه بالنقض طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لمخالفة قواعد الاختصاص إلا إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم - وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم المطعون فيه هو مخالفته قواعد الاختصاص النوعي فإنها طعنها بهذا السبب يكون غير جائز.
وحيث إن حاصل السبب الثالث من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ أخذ بشرط في كتاب الوقف لا علاقة له بالنزاع كما طبق نصاً قانونياً لا ينطبق على الوقف موضوع الدعوى - ويتحصل السبب الرابع في أن الحكم المطعون فيه جاء باطلاً لعدم تدخل النيابة في الدعوى إعمالاً لحكم المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955.
وحيث إن هذين السببين - مما لا يجوز الطعن بهما أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية حتى ولو كان البطلان المدعى به مما يتصل بالنظام العام وذلك لخروجهما عن الأحوال المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 وما نصت عليه المادة الثالثة منه.
وحيث إنه لما تقدم - يكون الطعن - فيما قضى به الحكم المطعون فيه في خصوص أيلولة نصيب المرحومة عائشة بنت محمد بن أحمد ابن الواقف غير جائز بجميع أسبابه - بالنسبة للمطعون عليهم الثالث والخامس والسادسة والسابعة.


(1) راجع نقض 15/ 4/ 1964 طعن 18 س 31 ق أحوال شخصية السنة 15 ص 550.
(2) راجع نقض 5/ 3/ 1964 طعن 231 س 29 ق السنة 15 ص 303.

الطعن 38 لسنة 31 ق جلسة 16 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 أحوال شخصية ق 168 ص 1157

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، ومحمود عباس الغمراوي، وأمين أحمد فتح الله.

-------------

(168)
الطعن رقم 38 لسنة 31 "أحوال شخصية"

دعوى. "عدم سماع الدعوى". أحوال شخصية.
النص في المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على منع سماع الدعوى بمضي خمس عشرة سنة مع تمكن المدعي من رفعها وعدم العذر الشرعي في عدم إقامتها. مناط العذر الشرعي كونه مشروعاً ومانعاً للمدعي من رفع الدعوى. ترك أمر تقدير قوته وكونه مانعاً أو غير مانع لفطنة القاضي. مثال.

-----------------
بالرجوع إلى أقوال الفقهاء في خصوص الدفع بعدم سماع الدعوى لمضي المدة المانعة من سماعها مع التمكن وعدم العذر - وهو ما نصت عليه المادة 375 من اللائحة الشرعية الصادر بها القانون رقم 78 لسنة 1931 - يبين أنهم لم يوردوا الأعذار الشرعية على سبيل الحصر ولكن على سبيل المثال وجعلوا المدار فيها أن تكون مشروعة ومانعة للمدعي من رفع الدعوى وتركوا الأمر في تقدير قوتها وكونها مانعة أو غير مانعة لفطنة القاضي. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم سماع دعوى الطاعنة على أن ما تدعيه من جهل باستحقاقها في الوقف ومرضها وفقرها لا يعد عذراً شرعياً فإنه لا يكون قد خالف القانون (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة نعيمة محمد شلبي أقامت الدعوى رقم 642 سنة 1957 كلي أحوال شخصية القاهرة ضد وزارة الأوقاف والسيدة نفيسة عبد الله مظهر طلبت فيها الحكم باستحقاقها لحصة قدرها جزء من اثنين وثلاثين جزء في وقف شيخ الحرمين الأمير بشير أغا دار السعادة الصادر به الإشهاد المؤرخ في 8 من رمضان سنة 1142 هـ وقالت شرحاً لدعواها أن الواقف أنشأ وقفه على نفسه مدة حياته ومن بعده على أتباعه وعتقائه ذكوراً وإناثاً بيضاً وسوداً بالتسوية بينهم ينتفعون به مدة حياتهم ثم من بعد كل منهم على أولاده وأولاد أولاده وذريته ونسله طبقة بعد طبقة وجيلاً بعد جيل، الطبقة العليا تحجب السفلى بحيث يحجب كل أصل فرعه دون غيره...، وقد انحصر الاستحقاق أخيراً في ذرية بعض العتقاء وفي ذرية أحد الاتباع وهو الأمير حسن أغا الذي توفى عن ابنه عبد الرحمن الذي توفى عن ابنه سليمان وقد نوفى هذا الأخير عن أولاده الستة محجوب وأسيا ونفيسة وأمين وشوقي ويوسف وصفية ثم توفيت أسيا ويوسف عقيمين فآل استحقاق التابع وهو نصف ريع الوقف لأولاده الأربعة الباقين ومنهم نفيسة ويخصها فيه الثمن وقد توفيت هذه الأخيرة عن ولديها محمد شلبي وأحمد شلبي وخص كل منهما النصف في نصيبها ثم توفى محمد شلبي عن المدعية وأختها إحسان فخص كل منهما 1/ 22 من ريع الوقف، وإذ طالبت المدعية وزارة الأوقاف بوصفها حارسة على الوقف تنفيذاً لأحكام القانون رقم 180 لسنة 1952 بأداء استحقاقها وامتنعت فقد انتهت إلى طلب الحكم لها به. وردت وزارة الأوقاف بأنها لا تعرف ما إذا كانت المدعية مستحقة في الوقف أم غير مستحقة فيه، أما السيدة نفيسة عبد الله مظهر فقد دفعت بعدم سماع الدعوى لمضي المدة المانعة من سماعها ولانحصار الاستحقاق في غير المدعية، وبعد أن تدخل في الدعوى وأدخل فيها باقي المستحقين قضت المحكمة في 29/ 5/ 1957 حضورياً برفض الدفعين وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية بسائر وجوه الإثبات وفاة الواقف واستحقاق تابعه الأمير حسن أغا عبد الله لنصف ريع الوقف واستحقاق المدعية لما مقداره 1/ 32 من هذا الريع. واستأنف المدعى عليهم عدا وزارة الأوقاف هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم بعدم سماع الدعوى وقيد استئنافهم برقم 129 سنة 77 قضائية....... وبتاريخ 27/ 4/ 1961 قضت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم سماع دعوى المستأنف عليها الأولى (المطعون عليها الثانية) مع إلزامها المصروفات عن الدرجتين وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة - وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب التي ضمنتها تقرير الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها الثانية رفض الطعن، ولم تحضر المطعون عليها الأولى ولم تبد دفاعاً وصممت النيابة على ما أبدته في مذكرتيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين يتحصل: أولهما - في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ استبعد الجهالة والفقر والمرض أن تكون أعذار شرعية تمنع من عدم سماع الدعوى - وذلك لما قرره دون مناقشة وتمحيص من أن ادعاء الجهالة أمر ميسور لمن أراد أن يطلقه بغير دليل فلا ينهض عذراً شرعياً في عدم رفع الدعوى وهو مخالفة للراجح من مذهب أبي حنيفة ومؤداه أن شرط الواقف مما يخفى، ولما ذهب إليه من أن الفقر ليس بعذر لأنه كان في مقدور الطاعنة أن تتقدم بدعواها عن طريق المساعدة القضائية قبل انقضاء المدة المانعة من سماعها، وفاته أن مصاريف التقاضي الرسمية ليست وحدها هي كل مصروفات التداعي بل إن هناك مصروفات أخرى لاستخراج الإعلامات الشرعية وحجج الوقف وغيرها، وأن سلوك سبيل الإعفاء من الرسوم أمر اختياري لا محل لإجبار الطاعنة على اتخاذه، وبالنسبة لمرض الطاعنة فقد حجب نفسه عن بحثه وكان يتعين عليه أن يبحثه لأن الأعذار الشرعية المانعة من رفع الدعوى لم ترد في المادة 375 من اللائحة الشرعية على سبيل الحصر وإنما جاءت على سبيل المثال. ويتحصل: ثانيهما - في أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة من دفاع مؤداه أن الأعذار الشرعية المانعة من اتجاه الدفع بعدم السماع قائمة لديها وما رد به الحكم من أسباب في هذا الخصوص جاء قاصراً ومتخاذلاً يضاف إلى ذلك أنه لم يناقش ما عول عليه الحكم الابتدائي من أسانيد.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى أقوال الفقهاء في خصوص الدفع بعدم سماع الدعوى لمضي المدة المانعة من سماعها من التمكن وعدم العذر وهو ما نصت عليه المادة 375 من اللائحة الشرعية الصادر بها القانون رقم 78 لسنة 1931 بقولها "القضاة ممنوعون من سماع الدعوى التي مضي عليها خمس عشرة سنة مع تمكن المدعي من رفعها وعدم العذر الشرعي في عدم إقامتها وهذا كله مع إنكار الحق في تلك المدة" - يبين أنهم لم يوردوا الأعذار الشرعية على سبيل الحصر ولكن على سبيل المثال وجعلوا المدار فيها أن تكون مشروعة ومانعة للمدعي من رفع الدعوى وتركوا الأمر في تقدير قوتها وكونها مانعة لفطنة القاضي - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم سماع دعوى الطاعنة على "... أن ما تدعيه المستأنف عليها من جهلها بأمر استحقاقها في هذا الوقف مردود بأن إبداء الجهل قول ميسور لكل من يريد أن يطلقه مرسلاً بغير دليل قلا ينهض عذراً شرعياً للتواني عن رفع الدعوى وإلا فإنه كاف لتعطيل حكم المادة 375 من اللائحة الشرعية - أما مرض المستأنف عليها فإنه كذلك غير دافع لها في القعود عن رفع الدعوى طيلة المدة المنعة من سماعها شأنه في ذلك شأن الفقر الذي تقول بأنه حال دون استطاعتها أن ترفع الدعوى ذلك لأنه كان في مقدورها شأن أي فقير أن تتقدم بدعواها عن طريق لجنة المساعدة القضائية في كل محكمة فهي التي تقرر الإعفاء من الرسوم...." وهي تقريرات سائغة وفيها الرد الكافي على دفاع الطاعنة، إذ كان ذلك، فإنه لا يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه أو انطوى على قصور يعيبه، ويتعين لما تقدم رفض الطعن.


(1) راجع نقض 2/ 5/ 1962 الطعن رقم 32 س 29 ق أحوال شخصية السنة 13 ص 559.

الطعن 69 لسنة 30 ق جلسة 16 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 167 ص 1146

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمود عباس العمراوي.

--------------

(167)
الطعن رقم 69 لسنة 30 القضائية

(أ) إثبات. "إجراءات الإثبات". حق المحكمة في أن تأمر بالتحقيق من تلقاء نفسها".
حق المحكمة في أن تأمر بالتحقيق من تلقاء نفسها. أمر جوازي متروك لتقديرها.
(ب) عمل. "التزامات صاحب العمل". "أجر العامل".
سلطة رب العمل في أن يميز في الأجور بين عماله.
(ج) عمل. "التحكيم في منازعات العمل". إثبات. "القرائن القانونية". "حجة الأمر المقضي".
قرار هيئة التحكيم بأنها تهيب بالشركة أن تسهل على عمالها سكني مساكنها على الوجه الملائم. لا يخرج مخرج الإلزام ولا تنحسم به الخصومة. قرار معيب.
(د) عمل "آثار عقد العمل". "سلطة رب العمل في تنظيم منشأته". "التحكيم في منازعات العمل". "ما يخرج عن ذلك".
تصنيف الوظائف من سلطة رب العمل أو الجهات الإدارية المختصة على حسب الأحوال. طلب النقابة تصنيف الوظائف بالشركة. عدم انطوائه على نزاع خاص بالعمل. خروجه عن اختصاص هيئة التحكيم.
(هـ) عمل. "إصابات العمل". "التأمين عليها".
خروج عمال الزراعة عن نطاق أحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959، التأمين على إصابات العمل بالنسبة لطوائف معينة منهم.

---------------
1 - حق المحكمة في أن تأمر بالتحقيق من تلقاء نفسها وفقاً للمادة 190 من قانون المرافعات هو أمر جوازي لها متروك لتقديرها.
2 - من حق صاحب العمل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يميز في الأجور بين عماله لاعتبارات يراها - وليست العبرة بالتمييز بين طوائف العمال وبيان أوجهه ولكن بتوافر مبرراته ودواعيه أو عدم توافرها (1).
3 - متى كانت هيئة التحكيم قد انتهت في قرارها بخصوص ما طلبته النقابة من إلزام الشركة بإعداد مساكن صحيحة للعمال إلى أنها تهيب بالشركة أن تسهل على عمالها سكني هذه المساكن على الوجه الملائم، فإن هذا الذي انتهى إليه القرار لا يخرج مخرج الإلزام ولا تنحسم به الخصومة وفي ذلك ما يعيبه.
4 - تصنيف الوظائف من سلطة رب العمل التنظيمية أو الجهات الإدارية المختصة على حسب الأحوال. ومن ثم فإن طلب النقابة تصنيف الوظائف بالشركة لبيان العمل الزراعي من العمل الصناعي لا تختص هيئة التحكيم ابتداء بالنظر فيه إذ هو لا ينطوي على نزاع خاص بالعمل أو بشروطه.
5 - وإن كان قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 92 لسنة 1959 قد نص في المادة الثانية منه على أن يستثنى من نطاق أحكامه "العمال الذين يستخدمون للعمل في الزراعة إلا فيما يرد به من نص خاص" إلا أنه عاد وفي المادة 19 الواردة في الفصل الأول من الباب الثالث بشأن تأمين إصابات العمل فنص على أن "تسري أحكام هذا الفصل على عمال الزراعة المشتغلين في آلات ميكانيكية أو المعرضين لأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم 1 الملحق بهذا القانون" وهو بذلك يكون قد أوجب التأمين على إصابات العمل بالنسبة لطوائف معينة من عمال الزراعة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نقابة عمال ومستخدمي شركة الكروم والكحول المصرية تقدمت بشكوى إلى مكتب العمل بدمنهور تضمنت جملة طلبات منها (1) اعتبار ساعات العمل ثمان ساعات في اليوم واحتساب أجر إضافي عن الساعات الزائدة (2) المساواة بين العمال المصريين والأجانب في الأجور والسكن والميزات العينية (3) إعداد مساكن صحية للعمال (4) إيجاد وسيلة لنقل العمال كما كان متبعاً منذ إنشاء الشركة (5) تحديد وظائف العمال والمستخدمين والتمييز بين العمل الزراعي والعمل الصناعي (6) تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية على جميع العمال (7) اعتبار السائقين الذين يعملون لدى أشخاص تدعى الشركة أنهم مقاولون عمالاً بالشركة (8) إنشاء مطعم للعمال (9) إنشاء مستشفى - ولم يستطع مكتب العمل تسوية النزاع ودياً وأحاله باتفاق الطرفين إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة وقيد بجدول منازعات التحكيم برقم 42 لسنة 1958، وبتاريخ 2 يناير سنة 1960 قررت الهيئة: أولاً - رفض المطالب الخاصة بإيجاد وسائل النقل وتنفيذ قانون الادخار والتأمين على عمال الزراعة وطلب إنشاء المطعم. ثانياً - إعمال القانون بالنسبة لساعات العمل لعمال الصناعة وكذلك عن الأجر الإضافي عن ساعات العمل الزائدة عن ثمان ساعات وبالنسبة لطلب إعداد السراكي وكذلك بالنسبة للطلب الخاص بإنشاء المستشفى المطلوب إنشاؤه. ثالثاً - (1) تكليف الشركة بمراعاة المساواة بين العامل المصري والأجنبي في الأجر والسكن والمميزات الأخرى متى تساوت ظروف العمل والمؤهلات والخبرة بين كل من الاثنين عند التعيين (2) تهيب الهيئة بالشركة أن تسهل على عمالها سكني مساكنها على الوجه الملائم وأن تعمل على تيسير مدهم وتزويدهم بالمياه اللازمة وفتح دورات المياه واستعمال الطلبات المقامة وسط المساكن بطريقة تتفق والغرض الذي أقيمت من أجله (3 - 4 - 5) اعتبار سائقي سيارات الشركة المقيدين بدفاترها وسجلاتها عمالاً بها (رابعاً) عدم اختصاص الهيئة بنظر الطلب الخاص بتحديد وظائف العمال والمستخدمين لبيان العمل الزراعي من العمل الصناعي - وطعنت النقابة في هذا القرار بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ودفعت الشركة بعدم جواز نظر الطعن وطلبت من باب الاحتياط رفضه وصممت النيابة العامة على ما جاء في مذكرتيها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن الشركة دفعت بعدم جواز نظر الطعن لتنازل الطاعنة عنه استناداً إلى أنه بعد رفعه تقدمت اللجنة النقابية لعمال الشركة بجملة طلبات إلى مجلس محافظة البحيرة وقد توصلت اللجنة التي شكلها المجلس إلى تحرير اتفاق أنهى كافة المنازعات القائمة بين الطرفين والمنازعات التي شملها إقرار التحكيم ومنها الخلاف القائم حول تحديد العمال الزراعيين والعمال الصناعيين ومدى انطباق قانون التأمينات الاجتماعية على عمال الشركة وتضمن النص على حصول العمال على جميع حقوقهم وتعهدهم بالتنازل عن الدعاوى المدنية التي رفعوها ضد الشركة، وهذا التعهد يمتد ولا شك إلى الطعن الحالي وإذا صح أنه لم يستوف الشروط التي نصت عليها المادتان 91، 92 من القانون رقم 91 لسنة 1959 لعدم تسجيله لدى مكتب العمال فلا أقل من أن يعتبر عقد صلح ملزم لطرفيه وفقاً للمادة 144 من القانون المدني.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أنه ترك الخصومة وفقاً للمادة 308 من قانون المرافعات - أياً كان سببه - لا يكون إلا إذا حصل بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو بتقرير منه في قلم الكتاب أو ببيان صريح في مذكرة موقع عليها منه أو من وكيله من اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفوياً بالجلسة وإثباته في المحضر.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الطاعنة طلبت تحديد ساعات العمل بثمان ساعات في اليوم وصرف الأجور المستحقة عن الساعات الزائدة منذ سنة 1957 ورفض القرار المطعون فيه هذا الطلب استناداً إلى أنه لم يقم دليل على أن العمال اكتسبوا حقاً في تشغيلهم ثمان ساعات وقد كفل لهم القانون 91 لسنة 1959 هذا الحق بما نص عليه في المادة 114 من عدم جواز تشغيل العامل تشغيلاً فعلياً أكثر من ثمان ساعات في اليوم وبما قرره في المادتين 120, 121 من بيان الشروط والأوضاع التي يتعين فيها إعطاء العامل أجراً إضافياً عن ساعات العمل الزائدة، وهذا الذي أقيم عليه القرار قصور ومخالفة للثابت في الأوراق وللقانون من وجوه - أولها: أنه فهم أن طلب أجر الساعات الزائدة قاصراً على المستقبل في حين أنه يشمل الماضي ولو استظهر نص الطلب كما جاء في مذكرة النقابة لما انتهى إلى هذه النتيجة. وثانيها - أنه خالف الثابت في الأوراق بتقريره أنه لم يقم دليل على أن العمال اكتسبوا حقاً في تشغيلهم ثمان ساعات في حين أنه يبين من المذكرة المقدمة من النقابة المؤرخة 27/ 12/ 1955 أن مندوب الشركة أقر بأن مدة العمل اليومي في المصنع والورش هي ثمان ساعات وتضمن تقرير مكتب العمل المؤرخ 28/ 5/ 1958 ما شهد به بعض العمال من سبق اشتغالهم ثمان ساعات في اليوم. وثالثها - أنه أغفل حكم المادة 190 من قانون المرافعات وهي تخول المحكمة أن تأمر بالتحقيق من تلقاء نفسها في الأحوال التي يجيز القانون الإثبات فيها بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة وكان يتعين على هيئة التحكيم إعمال حكم هذه المادة إذا لم تر الأخذ بالأدلة المقدمة.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأن القرار المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن المرسوم بقانون رقم 147 لسنة 1935 الخاص بتحديد ساعات العمل في بعض الصناعات كان ينص في المادة الأولى منه على أنه لا يجوز تشغيل العامل تشغيلاً فعلياً أكثر من تسع ساعات في اليوم "ولم تدلل النقابة على أن الشركة درجت على تشغيل العمال ثمان ساعات في اليوم حتى يمكن اعتبار ذلك حقاً مكتسباً لهم" وأن "قانون العمل الموحد رقم 91 لسنة 1959 قد نص في المادة 114 على أنه لا يجوز تشغيل العامل تشغيلاً فعلياً أكثر من ثمان ساعات في اليوم الواحد و48 ساعة في الأسبوع لا تدخل فيها الفترات المخصصة لتناول الطاعن والراحة فيكون هذا الطلب غير ذي موضوع" ويبين من ذلك أنه تحدث عن الماضي والمستقبل لا عن المستقبل وحده وفصل فيه استناداً إلى أن النقابة لم تقدم الدليل على ما تدعيه، ومردود في الوجه الثاني بأن النقابة لم تقدم تقرير مكتب العمل المؤرخ 28/ 5/ 1958 ولا ما يدل على أن المذكرة المؤرخة 27/ 12/ 1955 كانت مودعة ملف التحكيم وتمسكت بها أمام الهيئة، ومردود في الوجه الثالث بأن حق المحكمة في أن تأمر بالتحقيق من تلقاء نفسها وفقاً للمادة 190 من قانون المرافعات وهو أمر جوازي لها متروك لتقديرها.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن النقابة طلبت تحقيق المساواة بين عمال الشركة المصريين والأجانب في الأجور والسكن والميزات العينية وقدمت لهيئة التحكيم بياناً مفصلاً لأوجه التمييز القائمة بالنسبة للأجانب ولم يستجب القرار المطعون فيه لهذا الطلب وأقر الأوضاع القائمة استناداً إلى ما ذهب إليه من أن قرارات التحكيم استقرت على عدم التدخل في الأجور طالما أن صاحب العمل التزم الحدود الدنيا لها، وإذ تبين أن الأجور لا تنزل عن الحدود المقررة فإنها لا تستطيع التدخل لرفعها بالنسبة للعامل الوطني ومساواته بزميله الأجنبي، وهذا من القرار المطعون فيه مخالفة للقانون وقصور إذ أن المساواة بين العمال الوطنيين والأجانب لا توجبها التشريعات العمالية فحسب بل كافة القوانين الأساسية وقواعد النظام العام.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن حق صاحب العمل - وعلى ما جرى به قضاء المحكمة - أن يميز في الأجور بين عماله لاعتبارات يراها، وإذ كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "قرارات هيئات التحكيم قد استقرت على عدم التدخل في الأجور طالما أن صاحب العمل قد التزم الحدود الدنيا لها والتي نصت عليها الأوامر العسكرية" وأن، "الهيئة إذا ما تبين لها أن الأجور لا تنزل عن الحدود المقررة لها فلا تستطيع التدخل لرفع هذه الأجور بالنسبة للوطني ومساواته بزميله الأجنبي إذا كانت توجد معايير ومقاييس لدى صاحب العمل وبالنسبة للوطني وزميله الأجنبي، ولكن توضح بأن على الشركة أن تراعى على وجه عام وبصفة مضطردة المساواة بين العمال جميعاً بغض النظر عن جنسيتهم وتأخذ الشركة بدفاعها... من أنها تعامل كافة عمالها على قدم المساواة مراعية في ذلك طبيعة العمل الذي يؤدونه ومراكزهم في الشركة ومدى إنتاجهم في العمل" وأنه "متى تساوت ظروف العمل والمؤهلات فتطبيقاً لهذا يتعين على الشركة أن تسوي بين العمال من كان منهم من الأجانب ومن كان منهم من المصريين، وأن تجعل الكل سواء في تقاضي الأجور التي تهيئها طبيعة العمل نفسه متى تساوت ظروف العمل والمؤهلات والخبرة بين كل من الاثنين عند التعيين" وما عول عليه القرار المطعون فيه واستظهره وانتهى إليه من ذلك لا مخالفة فيه للقانون ولا ينطوي على قصور يعيبه إذ ليست العبرة بالتمييز بين طوائف العمال وبيان أوجهه ولكن بتوافر مبرراته ودواعيه أو عدم توافرها.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن من بين طلبات النقابة إلزام الشركة بإعداد مساكن صحية للعمال المصريين لأن المنازل التي خصصتها لهم غير ملائمة للسكني ولا تتوافر فيها الشروط الصحية ومع أن هيئة التحكيم تحققت من صحة هذا الطلب بالمعاينة التي أجرتها بتاريخ 14/ 1/ 1959 وثبت فيها أن المساكن في حاجة ماسة إلى عناية الشركة واهتمامها وفتح دورات المياه حتى لا تترك دون رعاية أو إصلاح الأمر الذي يضر بصحة العمال وأسرهم إلا أنها لم تلزم الشركة بشيء من ذلك وانتهت في قرارها إلى أنها "تهيب بالشركة أن تسهل على عمالها سكني مساكنها على الوجه الملائم وأن تعمل على تيسير مدهم وتزويدهم بالمياه اللازمة وفتح دورات المياه واستعمال الطلمبات المقامة وسط المساكن بطريقة تتفق والغرض الذي أقيمت من أجله" وهي عبارة غير ملزمة ولا يعرفها القانون وتستوي في النتيجة مع رفض الطلب وهو ما يتعين معه نقض القرار المطعون فيه لمخالفته أحكام القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أنه يتضح من المعاينة التي تمت في 14 يناير سنة 1959 أن المساكن في حاجة ماسة إلى عناية الشركة واهتمامها وتزويد القاطنين بها بالمياه وفتح دورات المياه ليتردد عليه سكان العزب المقامة على أرض الشركة حتى لا تترك هذه الأماكن دون رعاية أو إصلاح الأمر الذي يضر بصحة العمال وأسرهم وأن الشركة وقد أقامت هذه المساكن فلا أقل من أن توليها العناية اللازمة للمحافظة عليها وأن تجعلها صالحة للسكن وأنه لما تقدم ولما وضح من المعاينة تهيب الهيئة بالشركة أن تسهل على عمالها سكنى هذه المساكن على الوجه الملائم وأن تعمل على تيسير مدهم وتزويدهم بالمياه اللازمة وفتح دورات المياه واستعمال الطلمبات المقامة وسط المساكن بطريقة تتفق والغرض الذي أقيمت من أجله، وهذا الذي انتهى إليه القرار ولا يخرج مخرج الإلزام ولا تنحسم به الخصومة وفي ذلك ما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن النقابة طلبت إيجاد وسيلة من وسائل النقل (سيارة أو جرار لنقل العمال على نفقة الشركة) وقد حقق مكتب العمل هذا الطلب وضمن تقريره المؤرخ 28/ 5/ 1958 أن الشركة كانت تقوم بتهيئة وسائل النقل لعمالها دون مقابل واكتسبوا حقاً في ذلك، وقضى القرار المطعون فيه برفضه استناداً إلى أن النقابة لم تدلل على قيام هذا الحق للعمال وأنه أصبح حقاً مكتسباً لهم، وهذا من القرار المطعون فيه قصور في أسبابه الواقعية إذ ينقضه تقرير مكتب عمل دمنهور.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده القرار المطعون فيه من أن النقابة "لم تدلل على قيام هذا الحق" وأنه لا إلزام بإيجاد هذه الوسيلة من وسائل النقل "ولم تقدم النقابة تقرير مكتب العمل التي استندت إليه ومن ثم فهو عار من الدليل".
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن القرار المطعون فيه قضى برفض طلب النقابة تحديد وظائف العمال والمستخدمين لبيان العمل الزراعي من العمل الصناعي استناداً إلى أن هذا التصنيف ليس من وظيفة هيئة التحكيم وهو منوط بإدارة التصنيف والتحليل المهني التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل، وهذا الذي أقيم عليه القرار مخالف لأحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 التي تجعل هيئة التحكيم هي المختصة دون غيرها بالنظر والفصل فيه واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحقيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بعدم اختصاص الهيئة بهذا الطلب على أن "الهيئة ليس من وظيفتها أن توضح وتبين وظائف العمال والمستخدمين لبيان العمل الزراعي من العمل الصناعي لأنه يجب أن تتوافر فيمن يقوم بهذا التصنيف الكفاية العلمية والدراية اللازمة بكل عمل على حدة وبيان ما إذا كان زراعياً أو صناعياً، لذلك لا تكون هيئة التحكيم هي الجهة المختصة بنظر مثل هذا الطلب إذ توجد بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل إدارة خاصة بالتصنيف والتحليل المهني وعلى النقابة أن تلجأ إليها لمعرفة طبيعة عمل كل عامل بالشركة لتعيين من هو عامل الزراعة من غيره، وهذا الذي استند إليه القرار لا مخالفة فيه للقانون إذ أن تصنيف الوظائف من سلطة رب العمل التنظيمية أو الجهات الإدارية المختصة على حسب الأحوال وطلب النقابة تصنيف الوظائف بالشركة لا ينطوي على "نزاع خاص بالعمل أو بشروطه" تختص هيئة التحكيم ابتداء بالنظر فيه.
وحيث إن حاصل السبب السادس أن النقابة الطاعنة طلبت تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية على جميع العمال، وقضى القرار المطعون فيه برفض هذا الطلب بالنسبة لعمال الزراعة، وهو خطأ ومخالفة للقانون لأن الشركة تجارية، وإذ كانت المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1959 الخاص بالتأمينات الاجتماعية قد استثنت من نطاق تطبيقه العمال الذين يستخدمون للعمل في الزراعة فهي تقصد بذلك العمال الذين يشتغلون في الزراعة لحساب الأفراد المزارعين أو لحساب المؤسسات أو الشركات الزراعية، أما من يشتغل لحساب شركة تجارية فتسري عليه أحكامه أياً كان نوع العمل الذي يزاوله.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وإن كان قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 92 لسنة 1959 قد نص في المادة الثانية منه على أن يستثنى من نطاق أحكامه "العمال الذين يستخدمون للعمل في الزراعة إلا فيما يرد به نص خاص" إلا أنه عاد في المادة 19 الواردة في الفصل الأول من الباب الثالث بشأن تأمين إصابات العمل فنص على أن "تسري أحكام هذا الفصل على عمال الزراعة المشتغلين في آلات ميكانيكية أو المعرضين لأحد الأمراض المهنية بالجدول رقم 1 الملحق بهذا القانون" وهو بذلك يكن قد أوجب التأمين على إصابات العمل بالنسبة لطوائف معينة من عمال الزراعة، وإذ كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى به في قضائه على رفض تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون 92 لسنة 1959 على عمال الزراعة - وإن كانوا يعملون بآلات ميكانيكية - فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب السابع أن النقابة طلبت اعتبار السائقين الذين يعملون لدى أشخاص تدعى الشركة أنهم مقاولون عمالاً في الشركة ومع استجابة القرار المطعون فيه لهذا الطلب في سياق أسبابه إلا أنه عاد فقضي في منطوقه "باعتبار سائقي سيارات الشركة المقيدين بدفاترها وسجلاتها عمالاً بها" وهو تناقض ومخالفة لأحكام القانون إذ أن القيد في دفاتر الشركة أمر تملكه وحدها ومن قيد في دفاترها من هؤلاء السائقين ومن لم يقيد يعتبر عاملاً لديها طالما أنه يشتغل لحسابها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه بينما طلبت النقابة اعتبار السائقين المقيدة أسماؤهم لدى مقاول الشركة عمالاً بها وقطع القرار في أسبابه بأنه يتعين إجابة هذا الطلب إلا أنه عاد فقضي في منطوقه "باعتبار سائقي سيارات الشركة المقيدين بدفاترها وسجلاتها عمالاً بها" وهو تناقض وقضاء من الهيئة فيما لم يطلب منها ولم يقم نزاع بشأنه.
وحيث إن حاصل السبب الثامن من أن القرار المطعون فيه رفض طلب النقابة بشأن المطعم استناداً إلى أن القانون لا يلزم الشركة إنشاء مطعم للعمال لأنها لا تقع في منطقة بعيدة عن العمران وهو قصور في التسبيب ومخالفة للقانون، إذ الثابت في مذكرات النقابة ومن تقرير مكتب العمل أنها لم تطلب إنشاء مطعم ولكن طلبت إعادة بناء المطعم الذي سبق أن أنشأته الشركة بناء على اتفاق تم بينها وبين مدير تفتيش العمل وأصبح حقاً مكتسباً للعمال وبذلك تكون هيئة التحكيم قد فصلت في الطلب دون الرجوع للأوراق بما انبنى عليه إغفال دفاعها وبالتالي مخالفة أحكام المادة 50 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 والمادة 6 من المرسوم بقانون رقم 91 لسنة 1959.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعنة لم تقدم الأوراق التي تستند إليها في تأييده ومن ثم فهو عار عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب التاسع أنه في خصوص طلب النقابة إنشاء مستشفى لعلاج العمال وإجراء كافة العمليات الجراحية قضى القرار المطعون فيه بإلزام الشركة بتنفيذ أحكام القانون المنصوص عليها في المادة 65 من القانون رقم 91 لسنة 1959 وفي صدد تحديد عدد العمال اللازم توافرهم لإنشائه أحال إلى المقيدين منهم في سجلات الشركة، وهو خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن القيد في سجلات الشركة أمر تملكه وحدها وكان يتعين على هيئة التحكيم أن تندب خبيراً لحصرهم واعتبار كل من تستخدمه الشركة عاملاً بها سواء كان مقيداً في سجلاتها أو غير مقيد، وأحالت في ذلك إلى تقرير مكتب عمل دمنهور المؤرخ 28/ 5/ 1958 وقد جاء فيه "وترى أنه إذا أضيف عمال المقاولين وهو يؤدون أعمالاً مستمرة ومن صميم عمل الشركة إلى عدد العمال التابعين للشركة يصل العدد إلى خمسمائة عامل وبهذا يكون للعمال الحق قانوناً في طلبهم سالف الذكر".
وحيث إن هذا النعي مردود بأن القرار المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "المادة 65 من قانون العمل الموحد رقم 91 لسنة 1959 نصت على وسائل الرعاية الطبية والصحية للعمال" وأنه "لا خلاف بين الشركة والنقابة في شأن هذه الرعاية الطبية فيلزم إعمال أحكام القانون في هذه الحالة وتوفير الرعاية الطبية اللازمة للعمال تطبيقاً للقانون" وأنه "لهذه الأسباب تلزم الشركة بتنفيذ أحكام القانون المنصوص عليها في المادة 65 منه وذلك بالرجوع إلى العدد الحقيقي للعمال المقيدين بسجلات الشركة" وهذا الذي أقيم عليه القرار لا مخالفة فيه للقانون.


(1) راجع نقض 22/ 12/ 1960 الطعن رقم 296 س 26 ق السنة 11 ص 661.

الطعن 49 لسنة 30 ق جلسة 10 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 166 ص 1140

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

---------------

(166)
الطعن رقم 49 لسنة 30 القضائية

نقض. "أسباب الطعن". "التجهيل بأسباب الطعن".
النعي على الحكم المطعون فيه بأنه لم يرد على الاعتراضات التي ذكرها الطاعن في استئنافه وأوردها في مذكراته دون بيان لها في تقرير الطعن مع وجوبه تحديداً للطعن وتعريفاً بوجوهه منذ ابتداء الخصومة. غير مقبول.

--------------
إذا كان الطاعن لم يبين في تقرير الطعن ماهية الاعتراضات التي يدعى بأن الحكم المطعون فيه أغفل مناقشتها والرد عليها، وكان لا يكفي في ذلك مجرد القول بأن الحكم لم يرد في الاعتراضات التي ذكرها الطاعن في استئنافه وأوردها في مذكراته دون بيان لها في تقرير الطعن مع أن ذلك مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجوهه منذ ابتداء الخصومة، فإن النعي بذلك يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 426 سنة 1951 تجاري كلي القاهرة ضد المرحوم يوسف لهيطة. مورث المطعون عليهم السبعة الأولين. طالباً إلزامه بأن يدفع له مبلغ 6272 جنيهاً والفوائد القانونية - وقال في بيان دعوه إنه رست عليه مناقصة عملية إنشاء منازل لموظفي الإذاعة بناحية أبي زعبل لقاء مبلغ 19450 جنيهاً كما رست عليه أيضاً عملية إنشاء مساكن للعمال بتلك الناحية بمبلغ 41780 ج - وأنه اتفق مع مورث المطعون عليهم وآخر، محمد صبحي الأتربي، بموجب عقد مؤرخ في 9 من فبراير سنة 1949 على تكوين شركة محاصة بينهم، على أن يقوم الأخيران بتمويل العمليتين بأن يساهم الأول بمبلغ 12000 ج والثاني بمبلغ 8000 ج - ويتولى الطاعن التنفيذ طبقاً للشروط والمواصفات المتفق عليها مع مصلحة السكة الحديدية، وأن يتنازل لشريكيه عن جميع المبالغ التي تستحق له عن هاتين العمليتين مقابل قيامهما بفتح اعتماد بحساب جار له بأحد البنوك بمبلغ العشرين ألف جنيه - المشار إليه - وأنه على الرغم من أنه قام من جانبه بتنفيذ التزامه إذ نزل لشريكيه عن المبالغ التي تستحق له قبل مصلحة السكة الحديدية بمقتضى إقرار مصدق عليه في 9 من فبراير سنة 1949 - فإن شريكيه المذكورين امتنعاً عن تنفيذ التزامهما فلم يقوما بفتح الاعتماد المتفق عليه - وإزاء ذلك اضطر في سبيل تنفيذ التزامه قبل المصلحة الآنف ذكرها أن يتولى الإنفاق على العملية من ماله الخاص ومن بعض مبالغ حصل عليها من مورث المطعون عليهم وبتاريخ 4 من إبريل سنة 1949 أنذر شريكيه بوجوب تنفيذ التزاماتهما المبينة بالعقد المبرم بينهما وبينه في 9 من فبراير سنة 1949 ورد ما دفعه عنهما. فرفعا عليه الدعوى رقم 1206 سنة 1949 مستعجل القاهرة قالا فيها إنه تأخر عن تنفيذ ما التزم به - وطلبا تعيين مورث المطعون عليهم حارساً قضائياً على الشركة لتنفيذ العملية وقد انتهت تلك الدعوى بإبرام عقد صلح اتفقوا فيه على أن يحل مورث المطعون عليهم محل الشريك الآخر في حصته مقابل دفعه له قيمتها وإنفاذاً لهذا الصلح سلم الطاعن إلى الحارس جميع الأوراق والمستندات المتعلقة بالمبالغ التي قام بصرفها قبل الحراسة - لرصدها بالدفاتر حتى تتم المحاسبة بينهما بشأنها - ولما كان تنفيذ العمليتين قد حقق ربحاً يقدر نصيبه فيه بمبلغ 6272 ج - وإذ امتنع مورث المطعون عليهم من أدائه إليه رغم مطالبته به - فقد رفع دعواه المشار إليها - وأقام مورث المطعون عليهم من جانبه على الطاعن الدعوى رقم 430 سنة 1951 تجاري كلي القاهرة قال في صحيفتها إن الطاعن هو الذي أخل بتنفيذ التزاماته ولم يقدم له حساباً عن المبالغ التي تسلمها منه للصرف منها على العمليتين رغم إنذاره رسمياً بذلك في 28 من ديسمبر سنة 1949 - وطلب فيها الحكم بإلزامه بأن يقدم له حساباً تفصيلياً مؤيداً بالمستندات عن المبالغ التي تسلمها - أو بتعيين خبير لفحص الحساب بينهما والحكم له بنتيجته - وبتاريخ 20 من مارس سنة 1952 قضت المحكمة في الدعويين بعد أن قررت ضمهما بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة - لتصفية الحساب بين الطرفين - وبعد أن باشر الخبير المندوب مأموريته وقدم تقريره قضت المحكمة بتاريخ 5 من ديسمبر سنة 1957 بإلزام المطعون ضدهم بوصفهم ورثة المرحوم يوسف لهيطة بأن يدفعوا من تركة مورثهم المذكور إلى المطعون ضده الأخير بصفته سنديكاً على تفليسة الطاعن الذي كان قد قضى بإشهار إفلاسه أثناء نظر الدعويين وأقفلت تفليسته لعدم كفاية أمواله - مبلغ 924 ج و576 م مع الفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 8 من فبراير سنة 1951 حتى السداد - استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 459 سنة 75 قضائية. كما رفع المطعون ضدهم استئنافاً مقابلاً قيد برقم 500 سنة 76 قضائية وبتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1959 حكمت محكمة الاستئناف برفض الاستئنافين الأصلي والمقابل وبتأييد الحكم المستأنف - وبتاريخ 27 من يناير سنة 1960 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبتاريخ 8 من ديسمبر سنة 1963 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من ثلاثة أوجه - حاصل أولها - أن محكمة الاستئناف قضت بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه - دون أن يكون تحت نظرها كافة المستندات التي قدمها مورث المطعون ضدهم أمام محكمة أول درجة - إذ أن هذه المستندات قد سحبت من الملف عقب صدور الحكم الابتدائي - وعلى الرغم من أن هذه المستندات التي اعتمدتها محكمة أول درجة وعولت عليها في قضائها كانت محل طعن ومناقشة من الطاعن وأنه تمسك بضرورة تقديمها إلى محكمة الاستئناف - إلا أن هذه المحكمة قد أغفلت هذا الطلب ولم ترد عليه مما يجعل حكمها معيباً بالقصور - وحاصل الوجه الثاني أنه كان من بين المستندات التي قدمها مورث المطعون عليهم - أمام محكمة أول درجة - إيصال يتضمن استلام المقاول حامد عرابي منه مبلغ 905 ج لحساب عملية البياض - ولما كان هذا الإيصال غير صحيح إذ من نسب إليه أنه صدر منه لم يكن إلا عاملاً ولم يستلم سوى مبلغ 67 ج - فقد طلب الطاعن إلى محكمة الاستئناف تكليف خصومه بتقديم المستندات بما فيها ذلك الإيصال حتى يتمكن من الطعن عليه بالتزوير غير أن تلك المحكمة لم تعر هذا الطلب التفاتاً ولم ترد عليه. وبذلك تكون قد أخلت بحقه في الدفاع وشاب حكمها القصور، ويتحصل الوجه الثالث في أن الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على اعتراضات الطاعن التي ضمنها عريضة استئنافه وحوتها مذكرته التي قدمها إلى المحكمة الاستئنافية في خصوص بعض المبالغ المتنازع عليها - وفي بيان ذلك يقول إن محكمة أول درجة اعتمدت للمطعون عليهم مبلغ 378 ج و805 م لحساب المصاريف القضائية ورفضت أن تحتسب للطاعن مبلغ 436 ج و156 م من المبالغ التي أنفقها من ماله الخاص في تنفيذ العملية - وقد بين اعتراضاته في هذا الشأن لأول مرة في عريضة استئنافه وفصلها في مذكرته المقدمة منه لدى محكمة الاستئناف لكن الحكم المطعون فيه أغفل مناقشة تلك الاعتراضات والرد عليها وقضى بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه التي أقيم عليها مقرراً أن الاعتراضات التي بنى عليها الطاعن استئنافه هي بذاتها الاعتراضات التي سبق أن أثارها أمام محكمة أول درجة والتي تولت تلك المحكمة الرد عليها تفصيلاً بأسباب حكمها وبينت ما دعاها لعدم الاعتداد بها. هذا في حين أن اعتراضاته المتقدمة الذكر قد أبداها لأول مرة في الاستئناف ولم تعرض على المحكمة الابتدائية حتى يقال إنها ردت عليها ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور لإغفاله الرد على تلك الاعتراضات.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود بأنه يبين من الاطلاع على المفردات المودعة ملف الطعن - أن المستندات المقدمة من الخصوم أمام محكمة أول درجة لم تسحب من الملف عقب صدور الحكم الابتدائي - كما يزعم الطاعن - وإنما بقيت على حالها وظلت تحت نظر المحكمة الاستئنافية حتى فصل في الدعوى بالحكم المطعون فيه - ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه لا يقوم على أساس من الواقع - والنعي في وجهه الثاني مردود ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أورد في شأن ما أثاره الطاعن عن الإيصال المشار إليه ما يأتي: "والمحكمة ترى أن تؤيد اتجاه الخبير محمولاً على الأسباب التي ذكرها وسلف الإشارة إليها ولا تعول المحكمة على ما ذهب إليه المدعي من أن أحد المستندات المنسوبة إلى المقاول حامد عرابي غير صحيح فيما تضمنه من استلام مبلغ 905 ج وأن ما استلمه فعلاً هو 65 ج ذلك بأن المدعي لم يتخذ طريقاً معيناً للطعن على هذا المستند فضلاً عن أن الخبير قام بتقدير التكاليف الفعلية للعمليات المذكورة ولو أن هذا القول من جانب المدعي صحيح لما فات تقرير الخبير خصوصاً وأن المبلغ الثابت بالسند كبير وهذا إلى جانب أن مؤدى الأخذ باعتراض المدعي أن العمليات المذكورة تحقق ربحاً حوالي 30% وهذه نسبة عالية وغير مقبولة عرقاً في نشاط المقاولات" ويبين من هذه الأسباب أن قضاء الحكم في هذا الخصوص لم يكن مقاماً على أن الطاعن لم يسلك إجراءات الادعاء بالتزوير بشأن الإيصال فحسب وإنما كان مقاماً أيضاً على تقرير الخبير المقدم في الدعوى فيما تضمنه من أنه اعتمد في تقدير التكاليف على قيمتها الفعلية. ومتى كان الحكم قد أخذ بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه فإن هذه الأسباب تعتبر جزءاً مكملاً لأسباب الحكم الابتدائي التي أقرها الحكم المطعون فيه واعتبرها أسباباً لقضائه وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى على النحو المتقدم إلى تقدير التكاليف بحسب القيمة الفعلية للعمليات التي نفذت فإن مفاد ذلك أنه لم يعول في احتساب تلك التكاليف على المستندات المقدمة عنها من الطرفين ومن بين هذه المستندات الإيصال الذي أشار إليه الطاعن - ولما كان الطاعن لم يضمن أسباب طعنه نعياً على الطريقة التي اتبعتها المحكمة في تقدير تلك التكاليف فإن نعيه على حكمها بالقصور لإطراحها طلبه الخاص بتكليف خصمه تقديم ذلك الإيصال حتى يتمكن من الطعن فيه بالتزوير ولإغفالها الرد على هذا الطلب يكون غير منتج إذ أن الطعن بالتزوير فيه ما كان ليجديه نفعاً ما دام أن المحكمة لم تعتد بذلك الإيصال وبالتالي لم يكن بذي أثر في قضائها - والنعي في وجهه الثالث مردود بأنه لما كان الطاعن لم يبين في تقرير الطعن ماهية الاعتراضات التي يدعى بأن الحكم أغفل مناقشتها والرد عليها وكان لا يكفي في ذلك مجرد القول بأن الحكم لم يرد على الاعتراضات التي ذكرها الطاعن في استئنافه وأوردها في مذكراته دون بيان لها في تقرير الطعن مع أن ذلك مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجوهه منذ ابتداء الخصومة - لما كان ذلك، فإن النعي بهذا الوجه يكون غير مقبول.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 37 لسنة 30 ق جلسة 3 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 165 ص 1134

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي أحمد، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي.

-----------------

(165)
الطعن رقم 37 لسنة 30 القضائية

(أ) التزام. "أسباب انقضاء الالتزام". "انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء". "المقاصة".
حق المدين في المقاصة بين ما هو مستحق عليه لدائنه وما هو مستحق له قبل هذا الدائن. مناطه، كون كل من الدينين خالياً من النزاع مستحق الأداء صالحاً للمطالبة به قضاء. مثال.
(ب) دعوى. "تكييف الدعوى". شفعة. ملكية.
الحكم النهائي القاضي بالشفعة. اعتباره سند الملكية المحكوم له للعين المشفوع فيها مقابل قيامه بدفع الثمن المحدد فيه. الدعوى بطلب سقوط حكم الشفعة. اعتبارها بمثابة طلب فسخ سند التمليك. للمحكوم له بالشفعة توقى الفسخ بدفع الثمن إلى وقت صدور الحكم النهائي في الدعوى.

-----------------
1 - للمدين طبقاً للمادة 362 من القانون المدني حق المقاصة بين ما هو مستحق عليه لدائنه وما هو مستحق له قبل هذا الدائن إذ كان كل من الدينين خالياً من النزاع مستحق الأداء صالحاً للمطالبة به قضاء. فإذا كان الطاعن مديناً للمطعون ضدها بالثمن الذي قدره حكم الشفعة ودائناً لها في ذات الوقت بمقابل أتعاب المحاماة المحكوم له بها ابتدائياً واستئنافياً في دعوى الشفعة وكذا بمصروفات تلك الدعوى التي حصل على أمر نهائي بتقديرها قبل رفع الدعوى فإن المقاصة تكون قد وقعت بين هذين الدينين لتوافر شرائطها القانونية بقدر الأقل منهما.
2 - الحكم النهائي القاضي بالشفعة يعتبر سنداً لملكية المحكوم له للعين المشفوع فيها مقابل قيامه بدفع الثمن المبين في الحكم فإذا كان هذا الحكم لم يحدد ميعاداً لدفع هذا الثمن ورفعت على المحكوم له بالشفعة دعوى بطلب سقوط حكم الشفعة لتخلفه عن دفع الثمن فإن هذه الدعوى في حقيقتها بمثابة طلب فسخ سند التمليك وللمحكوم له بالشفعة أن يتوقى الفسخ بدفع الثمن المحدد في حكم الشفعة إلى وقت صدور الحكم النهائي في هذه الدعوى (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الطعن تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن الطاعن صدر له حكم بتاريخ 3/ 3/ 1951 في القضية رقم 568 سنة 1949 مدني كلي طنطا قضى له بالشفعة في المنزل الذي اشترته المطعون عليها من آخرين لقاء ثمن قدره 468 ج و125 م وتأيد هذا الحكم استئنافياً في 26/ 2/ 1952 وبتاريخ 25/ 10/ 1955 أوقع الطاعن حجزاً تنفيذياً تحت يده وفاء لمبلغ 25 ج و485 م من ذلك 19 ج و385 م قيمة مصروفات دعوى الشفعة المقضى له بها وستة جنيهات قيمة أتعاب المحاماة المحكوم له بها في درجتي التقاضي، ولما كان الطاعن لم يدفع الثمن قبل الحكم له بالشفعة لخضوع الدعوى لأحكام الدكريتو الصادر في 23/ 3/ 1901 فقد عرض على المطعون عليها في 25/ 10/ 1955 مبلغ 442 ح و260 م عرضاً حقيقياً على يد محضر وهو الباقي من الثمن بعد خصم المبلغ السابق الذي حجز به تحت يده - ولكن المطعون عليها رفضت قبول هذا العرض متعللة بأنها طعنت في حكم الشفعة بطريق النقض ولذلك أودع الطاعن المبلغ في اليوم التالي خزانة المحكمة بعد أن خصم منه رسم الإيداع ثم قدم حكم الشفعة للتنفيذ باستلام العين فاستشكلت المطعون عليها وقضى بوقف التنفيذ تأسيساً على أن الثمن كله لم يعرض وأن المصروفات التي أوقع بها الطاعن الحجز التنفيذي تحت يده لم يصدر بها أمر تقدير - لذلك استصدر الطاعن أمراً بتقدير المصروفات بمبلغ 19 ج و385 م أعلن المطعون عليها في 24/ 4/ 1956 ولم تعارض فيه - ثم قدم الطاعن حكم الشفعة للتنفيذ مرة أخرى فاستشكلت المطعون عليها وحكم برفض إشكالها واستمرار التنفيذ - لهذا أقامت المطعون عليها الدعوى الابتدائية رقم 396 سنة 1956 مدني كلي طنطا بعريضة معلنة في 24/ 5/ 1956 طلبت فيها الحكم على الطاعن بسقوط حقه في الشفعة - وأثناء سير هذه الدعوى قام الطاعن بعرض مبلغ 4 ج و390 م قيمة رسم الإيداع السابق ولما رفضت المطعون عليها قبوله أودعه المحضر في اليوم التالي خزانة المحكمة - وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 21/ 12/ 1957 برفض الدعوى - واستأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافها برقم 50 سنة 8 ق وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 29/ 12/ 1959 بإلغاء الحكم المستأنف وسقوط الحق في التمسك بحكم الشفعة واعتباره كأن لم يكن وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم وأصدرت دائرة الفحص قرارها في 3/ 3/ 1963 بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية - وقد تحدد أخيراً لنظره أمام هذه الدائرة جلسة 19/ 11/ 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في السببين الأول والرابع الخطأ في القانون، ذلك أنه أسس قضاءه على أن الثمن لم يعرض على المطعون عليها عرضاً صحيحاً كاملاً وأن حكم الشفعة المنفذ به لم يقدر المصروفات، وأن الطاعن حين أوقع الحجز التنفيذي تحت يده وفاء لهذه المصروفات لم يكن قد حصل على أمر من القضاء بتقديرها فوقع الحجز باطلاً. ويرى الطاعن أن الحكم أخطأ في ذلك لأنه أوقع الحجز التنفيذي تحت يده وفاء لمبلغ 25 ج و485 م من ذلك 6 ج قيمة أتعاب المحاماة المعينة في حكمي الشفعة الابتدائي والاستئنافي والباقي وقدره 19 ج و385 م مبين على هامش الحكم الابتدائي وفي هذا ما يكفي لتقدير الدين المحجوز به ويقوم مقام استصدار أمر بتقدير المصروفات - أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن العرض الذي عرضه الطاعن كان عرضاً ناقصاً لا تلتزم المطعون عليها بقبوله وأن ما تلا ذلك من إيداع يعتبر باطلاً وأنه كان على الطاعن لكي يبرئ ذمته أن يحجز تحت يده بالمصروفات بعد تقديرها نهائياً أو يتمسك بإيقاع المقاصة فيها ثم يعرض الباقي عرضاً جديداً هذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون، ذلك أن الحجز الذي أوقعه الطاعن تحت يده بالمصاريف المحكوم له بها والمبينة على هامش الحكم ليس إلا تقريراً للمقاصة الواقعة بقوة القانون لتوفر شروطها بالنسبة للمصاريف وأتعاب المحاماة وأن الثمن المقضى به في حكم الشفعة قد أودع لحساب المطعون عليها إيداعاً كاملاً لم ينتقص منه سوى أتعاب المحاماة المقدرة بالحكمين الابتدائي والاستئنافي والمصاريف التي جاء أمر التقدير قبل الحكم في الدعوى مؤيداً لها - ولذلك فإن الإيداع قد وقع صحيحاً وإذ لم يعتد الحكم المطعون فيه بهذا الإيداع ورتب على ذلك سقوط حكم الشفعة فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما أورده في قوله "ومن حيث إنه لا نزاع في أن المستأنف عليه حين نفذ بالحجز تنفيذياً تحت يده على مبلغ المصروفات لم يكن قد استصدر أمراً بتقديرها حيث لم يقدرها الحكم المنفذ به كما لم يكن قد حصل على إذن من قاضي الأمور الوقتية بتقدير الدين المحجوز من أجله طبقاً للمادة 545/ 1 من قانون المرافعات - ولما كان ذلك، فإن إيقاع الحجز تنفيذياً تحت اليد وفاء لدين غير معين المقدار سواء بحسب الأصل أو بأمر القضاء يكون باطلاً ولا أثر له قانوناً لمخالفة حكم المادتين 459 و545/ 1 مرافعات - أما قول المستأنف عليه أن المستأنفة قد ارتضت هذا الحجز وتعللت في رفض المبلغ المعروض بما قالته من أنها طعنت على حكم الشفعة بطريق النقض فإنه لا يصح اعتباره إجازة للحجز الباطل لأنها غير قاطعة في الدلالة على ذلك - أما أن المستأنفة لم تعترض على هذا الحجز فمردود بأنه لا سبيل للاعتراض عليه إلا إنكاره وعدم إقراره وهو ما تمسكت به المستأنفة في إشكالها وترتيباً عليه يكون المستأنف ضده حين عرض على المستأنفة في 25/ 10/ 1955 مبلغ 442 ج و640 م يكون قد عرض عليها عرضاً ناقصاً ولا يلزمها قبوله كما أنها لا تحاج بعد ذلك بإيداعه ولا بأن المستأنف ضده قد استصدر أمراً بتقدير المصروفات ولا بعرض رسم الإيداع الذي خصم من المبلغ المعروض ولا بإيداعه هو الآخر لأن هذه كلها إجراءات تالية لعرض باطل لا شأن للمستأنف به. وكان على المستأنف عليه كي يبرئ ذمته أن يحجز تحت يده بالمصروفات بعد تقديرها نهائياً أو يتمسك بإيقاع المقاصة فيها ثم يعرض الباقي عرضاً جديداً يلزم المستأنفة - أما اعتماده على هذا العرض الباطل والإيداع التالي له فلا يفيده شيئاً ولا يجدي في براءة ذمته، ولذلك يتعين إلغاء الحكم الابتدائي والقضاء للمستأنفة بطلباتها حيث لم يؤد لها المستأنف مبلغ الثمن الذي عينه حكم الشفعة حتى الآن مما يترتب عليه سقوط حقه في الحكم المذكور". وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأسس عليه قضاءه غير صحيح في القانون، ذلك أن للمدين طبقاً للمادة 362 من القانون المدني حق المقاصة بين ما هو مستحق عليه لدائنه وما هو مستحق له قبل هذا الدائن إذا كان كل من الدينين خالياً من النزاع مستحق الأداء صالحاً للمطالبة به قضاء - ولما كان الطاعن مديناً للمطعون ضدها بالثمن الذي قدره حكم الشفعة وهو 468 ج و125 م ودائناً لها في ذات الوقت بمبلغ 6 ج مقابل أتعاب المحاماة المحكوم له بها ابتدائياً واستئنافياً في دعوى الشفعة وكذا بمصروفات تلك الدعوى التي حصل على أمر نهائي بتقديرها بمبلغ 19 ج و485 م في 16/ 4/ 1956 أي قبل رفع الدعوى فإن المقاصة تكون قد وقعت بين هذين الدينين لتوافر شرائطها القانونية بقدر الأقل منهما ويكون المبلغ الذي أودعه الطاعن قبل رفع هذه الدعوى وفي أثناء سيرها وقدره 442 ج و640 م وبقي على عرضه إلى وقت الحكم هو كل المستحق في ذمته مبرئاً له من الثمن. لما كان ذلك، وكان الحكم النهائي القاضي بالشفعة للطاعن لم يحدد ميعاداً لدفع الثمن وكان هذا الحكم يعتبر سنداً لملكيته للعين المشفوع فيها مقابل قيامه بدفع الثمن وكانت الدعوى بطلب سقوط حكم الشفعة هي في حقيقتها بمثابة طلب فسخ سند التمليك كان للمحكوم له بالشفعة أن يتوقى الفسخ بدفع الثمن المحدد في حكم الشفعة إلى وقت صدور الحكم النهائي في الدعوى - ولما كان الثابت أن الطاعن قد أبرأ ذمته من الثمن على النحو المتقدم قبل الحكم في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى بسقوط حكم الشفعة رغم ذلك يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سبق بيانه.


(1) راجع نقض 2/ 4/ 1959 طعن 348 س 24 ق، 14/ 5/ 1959 طعن 92 س 25 ق السنة العاشرة ص 290 و426، 30/ 3/ 1961 طعن 356 س 26 ق السنة 12 ص 276.

الطعن 36 لسنة 30 ق جلسة 3 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 164 ص 1127

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي أحمد، وحافظ محمد بدوي، وعباس حلمي عبد الجواد.

--------------

(164)
الطعن رقم 36 لسنة 30 القضائية

(أ) حكم. "الطعن في الحكم". "الأحكام الجائز الطعن فيها". "الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع". نقض.
الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع - عدم جواز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، مناطه، ألا يكون الحكم قد بت في مسألة موضوعية تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. بت الحكم القاضي بندب خبير في أساس الخصومة، اعتباره حكماً في صميم موضوع النزاع وأنهى بصفة قطعية جزءاً أساسياً من الخصومة يمتنع معه على المحكمة التي أصدرته إعادة النظر فيه. جواز الطعن فيه استقلالاً.
(ب) نقض. "إعلان الطعن". إعلان. "إعلان أوراق المحضرين". "الإعلان في الموطن المختار". "الصفة في الإعلان". "إعلان الشركات التجارية".
تعيين المحكوم له بورقة إعلان الحكم محلاً له غير محله الأصلي. اعتبار ذلك إيذاناً باتخاذه محلاً مختاراً يقوم مقام المحل الأصلي. جواز إعلان الطعن إليه في هذا المحل. توجيه الإعلان إلى البنك. لا يعيبه ما وقع فيه من خطأ في اسم ممثله.
(جـ) أحوال شخصية. دعوى. "إجراءات نظر الدعوى". "تدخل النيابة". بطلان. نيابة عامة. نظام عام. نقض. "أسباب الطعن". "الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
وجوب تدخل النيابة في قضايا الأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلاً. يستوي في ذلك كون الدعوى أصلاً من دعاوى الأحوال الشخصية أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة أولية متعلقة بالأحوال الشخصية. تعلق هذا البطلان بالنظام العام. لمحكمة النقض القضاء به من تلقاء نفسها.

---------------
1 - مناط عدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع هو ألا يكون الحكم قد بت في مسألة موضوعية تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. فإذا كان الحكم القاضي بندب خبير لتصفية حساب الأموال المتروكة عن الموصى قد أقام قضاءه بذلك على ما قطع به في أسبابه من مسئولية الطاعن عن أداء أموال التركة إلى المطعون عليه الأول اعتباراً بأنه قد أخطأ بتسليم هذه الأموال إلى منفذ الوصية الذي لا صفة له في تسلمها، فإن الحكم بهذه المثابة يكون قد بت في أساس الخصومة فلا يعتبر في هذا الخصوص صادراً قبل الفصل في الموضوع بل هو حكم في صميم موضوع النزاع أنهى بصفة قطعية جزءاً أساسياً من الخصومة لا تملك المحكمة التي أصدرته إعادة النظر فيه، ومن ثم فإن الطعن فيه يكون جائزاً عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات، ويترتب على جواز الطعن في هذا الحكم باعتباره حكماً في الموضوع جواز الطعن في الحكم السابق عليه القاضي برفض الدفع ببطلان الاستئناف وذلك عملاً بالمادة 378 المشار إليه (1).
2 - إذا عين المحكوم له بورقة إعلان الحكم محلاً له غير محله الأصلي فان ذلك يعتبر إيذاناً باتخاذه محلاً مختاراً يقوم مقام المحل الأصلي في إعلان الأوراق الخاصة بالحكم ومنها الطعن. فإذا كان البنك الطاعن قد عين فرعه بالإسكندرية محلاً له بورقة إعلان الحكم الابتدائي فإن إعلانه بالاستئناف في ذلك الفرع يعتبر إعلاناً في المحل المختار مما تجيزه المادة 380 من قانون المرافعات. ولا يقدح في صحة هذا الإعلان وقوع خطأ في اسم الشخص الطبيعي الذي يمثل البنك قانوناً، ذلك أن البنك بوصفه شركة مساهمة يكون له شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية ممثليه، وإذ كان الاستئناف قد وجه إليه باعتباره الأصيل والمقصود بالخصومة دون ممثليه فإن إعلانه بالاستئناف على هذا النحو بالمحل المختار يكون قد تم صحيحاً (2).
3 - أوجب المشرع بالمادة 99 مرافعات على النيابة العامة أن تتدخل في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية، كما أوجب بالمادة 349 مرافعات على المحكمة أن تبين في حكمها ضمن ما أوجبه من بيانات اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ورأي النيابة، ورتب البطلان على مخالفة كل من النصين وهو بطلان مطلق متعلق بالنظام العام يجوز الدفع به في أية مرحلة كانت عليها الدعوى، ولمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها، يستوي في ذلك أن تكون الدعوى رفعت أصلاً باعتبارها من دعاوي الأحوال الشخصية أو أن تكون قد رفعت بوصفها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة أولية متعلقة بالأحوال الشخصية (3).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 796 سنة 1955 كلي الإسكندرية ضد بنك كريدي ليونيه الذي حل محله بنك القاهرة (الطاعن) طالباً إلزامه بأن يدفع إليه مبلغ 881 ج و639 م وان يسلمه السندات المالية المبينة بالدعوى أو أن يدفع قيمتها ومقدارها 1618 ج و146 م مستنداً في ذلك إلى أن أخاه المرحوم نقولا أكونوميدس اليوناني الجنسية قد توفى في 19 يونيه سنة 1948 وترك الرصيد النقدي والسندات المالية المطالب بها وديعة بفرع البنك بالإسكندرية وقد آلت إليه بمقتضى وصية المتوفى التي عينه فيها وارثاً وخلفاً عاماً له. دفع البنك المدعى عليه ببراءة ذمته من الوديعة استناداً إلى أنه قد سلم الأموال المودعة إلى المطعون عليه الثاني بعد أن تبين أن المودع عينه في الوصية منفذاً لها وقضى في الدعوى 2143 سنة 1952 كلي أحوال شخصية الإسكندرية بتثبيت المطعون عليه المذكور منفذاً لتلك الوصية. وبجلسة 31/ 3/ 1957 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية برفض الدعوى، استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 221 سنة 13 ودفع البنك الطاعن ببطلان الاستئناف لإعلانه إليه في فرعه بالإسكندرية خلافاً لما تقضي به المادة 14/ 4 من قانون المرافعات من وجوب الإعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية في مراكز إدارة الشركة وإلى شخص الممثل القانوني لها أو من ينوب عنه، وحجزت المحكمة الدعوى للفصل في الدفع فقط ثم قضت في 14/ 3/ 1959 برفض ذلك الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً وأعادت الدعوى إلى المرافعة لنظر الموضوع وقضت في 26/ 12/ 1959 بإلغاء الحكم المستأنف وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير لتصفية حساب الشركة لدى البنك الطاعن وأقامت قضاءها بذلك على أن قانون جنسية الموصى وهو القانون اليوناني الذي تحيل إليه قاعدة الإسناد المنصوص عليها في المادة 940 من قانون المرافعات لا يعطي لمنفذ الوصية سلطة في تسلم الأموال الموصى بها وبذلك فإن البنك الطاعن يعتبر مقصراً في تسليم الأموال إلى منفذ الوصية ومخلاً بالتزامه بالمحافظة على تلك الأموال التي كانت مودعة لديه وبالتالي فإنه يكون مسئولاً عن أدائها إلى المطعون عليه الأول صاحب الحق فيها بعد تصفية الخلاف الذي استمر بين الطرفين على مقدارها بمعرفة أهل الخبرة. طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة برأيها دفعت فيها بعدم جواز الطعن في الحكمين - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 14/ 5/ 1963 وفيها تمسكت النيابة بالدفع الذي أبدته بمذكرتها، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره أمامها صممت النيابة على دفعها السابق.
وحيث إن مبنى الدفع الذي أبدته النيابة بعدم جواز الطعن هو أن الحكمين المطعون فيهما قد صدرا قبل الفصل في الموضوع ولم تنته بأحدهما الخصومة كلها أو بعضها فيكون الطعن فيهما غير جائز على استقلال عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات، ذلك أن الحكم الأول القاضي برفض الدفع ببطلان الاستئناف قد فصل في دفع متعلق بشكل الاستئناف دون مساس بالموضوع كما أن الحكم الثاني القاضي بندب خبير لتصفية حساب الشركة بذمة الطاعن ليس إلا حكماً متعلقاً بالإثبات ويعتبر على هذا الأساس صادراً قبل الفصل في الموضوع ولا يغير من طبيعته هذه أنه قطع في أسبابه بمسئولية البنك الطاعن عن أداء أموال التركة للمطعون عليه الأول إذ قد يغني الطاعن عن الطعن في هذا الحكم صدور حكم لصالحه في الموضوع بعد تصفية الحساب.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أن الحكم الصادر بجلسة 26/ 12/ 1959 بندب الخبير لتصفية حساب الأموال المتروكة عن الموصى قد أقام قضاءه بذلك على ما قطع به من أسبابه من مسئولية الطاعن عن أداء أموال التركة إلى المطعون عليه الأول اعتباراً بأنه قد أخطأ بتسليم هذه الأموال إلى منفذ الوصية الذي لا صفة له في تسلمها والحكم بهذه المثابة يكون قد بت في أساس الخصومة فلا يعتبر في هذا الخصوص صادراً قبل الفصل في الموضوع بل هو حكم في صميم موضوع النزاع وأنهى بصفة قطعية جزءاً أساسياً من الخصومة لا تملك المحكمة التي أصدرته إعادة النظر فيه، ومن ثم فإن الطعن فيه يكون جائزاً عملاً بالمادة 378 من قانون المرافعات ولا يغير من ذلك احتمال الحكم لمصلحة الطاعن في آخر الأمر بعد تصفية الحساب، لان مناط عدم جواز الطعن في هذه الصورة هو ألا يكون الحكم قد بت في مسألة موضوعية تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها ويترتب على جواز الطعن في هذا الحكم باعتباره حكماً في الموضوع جواز الطعن في الحكم السابق عليه الصادر في 14/ 3/ 1959 والقاضي برفض الدفع ببطلان الاستئناف وذلك عملاً بالمادة 378 المشار إليها.
وحيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم الصادر في 14/ 3/ 1959 مخالفة القانون ويقول في بيان ذلك أنه دفع لدى محكمة الموضوع ببطلان الاستئناف على أساس أنه قد أعلن إليه في فرع البنك بمدينة الإسكندرية وسلمت صورة الإعلان إلى مدير هذا الفرع مع أن بنك القاهرة الموجه إليه الاستئناف شركة مساهمة ويقع مركز إدارتها بمدينة القاهرة ويمثلها قانوناً رئيس مجلس إدارتها الأستاذ علي محمد علوبه وكان يتعين لصحة الإعلان أن يتم بمركز الشركة وأن يوجه إلى ممثلها القانوني عملاً بالمادة 14/ 40 من قانون المرافعات. وقد قضى الحكم برفض الدفع ببطلان الاستئناف تأسيساً على أن الحكم الابتدائي أعلن إلى المستأنف بناء على طلب مدير فرع البنك بالإسكندرية فلا يقبل من الطاعن بعد ذلك التمسك ببطلان الاستئناف الذي أعلن إليه في فرعه المذكور، مع أن إعلان الحكم الابتدائي على الوجه الذي تم عليه يجعله إعلاناً باطلاً. ولا يمكن أن يؤخذ من هذا الإعلان الباطل سبباً لتصحيح البطلان اللاحق بإعلان الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه بني قضاءه برفض الدفع على قوله "ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ورقة إعلان الحكم المستأنف المقدم من المستأنف تحت رقم 1 من حافظته رقم 10 دوسيه أنه أعلن في 25/ 5/ 1957 بناء على طلب بنك القاهرة (الكريدي ليونيه سابقاً) ويمثله مديره السيد/ خريستو اصلانجلو المقيم بمقر البنك بشارع شريف رقم 5 بالإسكندرية وقد رفع الاستئناف ضد بنك القاهرة ممثلاً في شخص ممثله الوارد بإعلان الحكم وأعلن إليه الاستئناف بهذه الصفة، فلا يقبل من البنك بعد ذلك القول بأن السيد خريستو اصلانجلو لا يمثله فإذا كانت صفته قد زالت فإن هذا لا يبطل الاستئناف وإنما يستلزم الأمر إدخال من حل محله فقط" وما انتهى إليه الحكم صحيح في القانون، ذلك أن المحكوم له إذا عين بورقة إعلان الحكم محلاً له غير محله الأصلي فإن ذلك يعتبر إيذاناً باتخاذه محلاً مختاراً يقوم مقام المحل الأصلي في إعلان الأوراق الخاصة بالحكم ومنها الطعن، ولما كان البنك الطاعن قد عين فرعه بالإسكندرية محلاً له بورقة إعلان الحكم الابتدائي فإن إعلانه بالاستئناف في ذلك الفرع يعتبر إعلاناً في المحل المختار مما تجيزه المادة 380 من قانون المرافعات، ولا يقدح في صحة هذا الإعلان أنه وجه إلى السيد/ خريستو اصلانجلو يوصفه ممثلاً للبنك الطاعن ذلك أن البنك بوصفه شركة مساهمة تكون له شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية ممثليه، وإذ كان الاستئناف قد وجه إليه باعتباره الأصيل فيه والمقصود بالخصومة دون ممثليه، فإن إعلانه بالاستئناف على هذا النحو بالمحل المختار يكون قد تم صحيحاً دون اعتداد بما ورد بالإعلان من خطأ في اسم الشخص الطبيعي الذي يمثل البنك قانوناً، سيما وأن البادي بواقعة الدعوى أن هذا الخطأ قد ترتب على خطأ البنك في بيان اسم ممثله القانوني بورقة إعلان الحكم الابتدائي إلى المحكوم عليه (المطعون عليه الأول) ويتعين لذلك رفض الطعن على الحكم الصادر في 14/ 3/ 1959.
وحيث إنه عن الحكم المطعون فيه الصادر في 26/ 12/ 1959 فإنه لما كان يبين من الوقائع على ما تقدم - أن الدعوى وإن رفعت أصلاً باعتبارها دعوى مدنية بطلب إلزام البنك الطاعن بتسليم الأموال المودعة لديه إلى المطعون عليه الأول الذي آلت إليه بمقتضى وصية المودع إلا أنه قد أثيرت لدى البحث في الموضوع مسألة أولية متعلقة بالأحوال الشخصية هي مدى سلطة منفذ الوصية الذي سلمه البنك الطاعن الأموال الموصى بها، وقد عرض الحكم المطعون فيه لتلك المسألة وفصل فيها وبني على ذلك قضاءه بإلزام البنك بأداء تلك الأموال إلى الموصى له، وكان المشرع قد أوجب بالمادة 99 مرافعات على النيابة العامة أن تتدخل في كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية كما أوجب بالمادة 349 مرافعات على المحكمة أن تبين في حكمها ضمن ما أوجبه من بيانات اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية ومراحل الدعوى ورأى النيابة ورتب البطلان على مخالفة كل من هذين النصين وهو بطلان مطلق متعلق بالنظام العام، يجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها - ويستوي في ذلك أن تكون الدعوى رفعت أصلاً باعتبارها من دعاوي الأحوال الشخصية أو أن تكون قد رفعت بوصفها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة أولية متعلقة بالأحوال الشخصية. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قد خلا من بيان اسم عضو النيابة كما خلا من بيان رأي النيابة في الدعوى فإن ذلك الحكم يكون باطلاً متعيناً نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن في ذلك الحكم.


(1) راجع نقض 17/ 1/ 1963 طعن 269 س 27 ق، 30/1/ 1963 طعن 30 س 30 ق أحوال شخصية، 4/ 4/ 1963 طعن 264 س 27 ق السنة 14 ص 130 و197 و474.
(2) راجع نقض 25/ 4/ 1963 طعن 72 س 28 ق، 30/ 5/ 1963 طعن 202 س 28 ق، 24/ 10/ 1963 طعن 306 س 28 ق السنة 14 ص 616 و769 و974.
(3) راجع نقض 17/ 6/ 1964 الطعنين رقمي 206 س 28 ق، 510 س 29 ق السنة 15 ص 836.