الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 مارس 2023

الطعن 515 لسنة 29 ق جلسة 5 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 149 ص 1003

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس عبد الجواد.

----------------

(149)
الطعن رقم 515 لسنة 29 القضائية

استئناف. "نطاق الاستئناف". أمر أداء. بطلان.
استنفاد محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى. انتهاء محكمة الاستئناف إلى بطلان الحكم. عدم امتداد هذا البطلان لصحيفة افتتاح الدعوى. يتعين ألا تقف عند حد تقرير البطلان بل يجب عليها المضي في الفصل في الموضوع بحكم جديد تراعى فيه الإجراءات الصحيحة الواجبة الاتباع. انحصار منازعة الطاعن في أن الدين غير مكتمل الشروط الواجب توافرها لاستصدار أمر بالأداء. مضي محكمة الاستئناف في نظر الدعوى بعد تقريرها ببطلان الأمر. لا مخالفة فيه للقانون.

---------------
إذا استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى ورأت محكمة الاستئناف أن الحكم المستأنف باطل لعيب شابه لا يمتد لصحيفة افتتاح الدعوى التي انعقدت بها الخصومة صحيحة، فإنه يتعين على المحكمة الاستئنافية ألا تقف عند حد تقرير هذا البطلان والقضاء به بل يجب عليها أن تمضي في الفصل في موضوع الدعوى بحكم جديد تراعى فيه الإجراء الصحيح الواجب الاتباع. فإذا اقتصرت منازعة المدين الصادر ضده أمر بالأداء على أن الدين غير مكتمل الشروط الواجب توافرها لاستصدار أمر بالأداء ولم تتناول ذات إجراءات طلب الأمر، فإن محكمة الاستئناف إذ مضت في نظر موضوع الدعوى بعد التقرير ببطلان أمر الأداء وبطلان الحكم المستأنف الصادر في المعارضة التي رفعها المدين بتأييد أمر الأداء لا تكون قد خالفت القانون (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه استصدر بتاريخ 21/ 12/ 1958 أمر أداء بإلزام الطاعن أن يؤدى إليه مبلغ 785 ج قيمة الحصة التي ساهم بها عقد الشركة المبرم بين الطرفين في 13/ 2/ 1956 بعد أن انتهت مدته - وقد عارض الطاعن في أمر الأداء طالباً إلغاءه واستند إلى أن عقد الشركة أساس المطالبة لا يعتبر في ذاته سنداً بالمديونية بالمعنى المقصود في المادة 851 وما بعدها من قانون المرافعات. لأنه إذا لم تتم تصفية الشركة فإن الدين المطالب به لا يكون حال الأداء ولا خالياً من النزاع وبتاريخ 14/ 2/ 1959 أصدرت محكمة أول درجة حكمها برفض المعارضة وتأييد أمر الأداء. فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 337 سنة 26 ق استئناف القاهرة. وفي 30/ 4/ 1959 قضت محكمة الاستئناف بندب خبير لتصفية حساب الشركة. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 26/ 11/ 1959 أولاً: ببطلان أمر الأداء وبطلان الحكم المستأنف.
ثانياً: بإلزام الطاعن أن يدفع للمطعون عليه مبلغ 507 ج و124 م والمصروفات طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض بتقرير مؤرخ 26/ 11/ 1959 وقدمت النيابة مذكرة برأيها متضمنة رفض الطعن - وعرض الطعن بجلسة 17/ 3/ 1963 على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وتحدد لنظره أمام هذه الدائرة جلسة 22/ 10/ 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن قصر نعيه على مخالفة الحكمين المطعون فيهما للقانون وقال في بيان ذلك إنه أقام استئنافه ابتغاء إلغاء الحكم الابتدائي وإلغاء أمر الأداء فحسب تأسيساً على أن عقد الشركة لا تكتمل فيه شرائط الدين الذي يسوغ القانون إصدار أمر أداء به. فإذا ما قضت محكمة الاستئناف في حكمها الأول بندب خبير لتصفية حقوق الشركة والتزاماتها ثم قضت بعد ذلك في موضوع الدعوى على أساس ما أظهره الخبير فإنها تكون قد خالفت القانون بمجاوزتها نطاق الاستئناف المطروح عليها. وقد كان يتعين عليها أن تقف عن حد الحكم ببطلان أمر الأداء وبطلان الحكم المستأنف وألا تمضي في السير في الدعوى والفصل في موضوعها حتى لا يفوت على الطاعن إحدى درجتي التقاضي وحتى لا يضار من استئنافه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من قوله "إنه إذ كان من أثر الاستئناف إعمالاً لما نص عليه بالمادة 409 من قانون المرافعات أن نقل لهذه المحكمة الاستئنافية الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف. وكانت محكمة أول درجة إذ فصلت في موضوع الدعوى بالحكم المستأنف قد استنفذت ولايتها. فقد تعين ألا يقف قضاء هذه المحكمة الاستئنافية عند حد الحكم ببطلان أمر الأداء المعارض فيه وبطلان الحكم المستأنف ولتعين المضي في نظر الدعوى والفصل فيه" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأسس عليه قضاءه صحيح في القانون. ذلك أنه إذا استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى ورأت محكمة الاستئناف أن الحكم المستأنف باطل لعيب شابه لا يمتد لصحيفة افتتاح الدعوى التي انعقدت بها الخصومة صحيحة، فإنه يتعين على المحكمة الاستئنافية ألا تقف عند حد تقرير هذا البطلان والقضاء به بل يجب عليها أن تمضي في الفصل في موضوع الدعوى بحكم جديد تراعى فيه الإجراء الصحيح الواجب الاتباع - لما كان ذلك، وكانت منازعة الطاعن سواء أمام المحكمة الابتدائية أو الاستئنافية منصبة على أن الدين غير مكتمل الشروط الواجب توافرها لاستصدار أمر بالأداء دون ما نعى على ذات إجراءات طلب الأمر. فإن محكمة الاستئناف إذ مضت في نظر الدعوى بعد التقرير ببطلان أمر الأداء وبطلان الحكم المستأنف لا تكون قد خالفت القانون لأن المحكمة الابتدائية قد استنفدت ولايتها في نظر موضوع الدعوى بما يمتنع عليها نظره من جديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.


(1) راجع نقض 15/ 11/ 1962 الطعن رقم 537 س 26 ق السنة 13 ص 1012، 7/ 7/ 1964 الطعن رقم 527 س 29 ق السنة 15 ص 963.

الطعن 467 لسنة 29 ق جلسة 29 / 10 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 148 ص 996

جلسة 29 من أكتوبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

---------------

(148)
الطعن رقم 467 لسنة 29 القضائية

(أ) إثبات. "طرق الإثبات". "الإثبات بالقرائن". "القرائن القانونية". قوة الأمر المقضي.
المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضى فيها. شرطه، وحدة المسألة في الدعويين. لتوفر هذه الوحدة يلزم أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية تناقش فيها الطرفان في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر في الدعوى الثانية من حقوق متفرعة عنها. ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
(ب) حكم. "عيوب التدليل. "قصور". "ما يعد كذلك".
كون ما ساقه الحكم في أسبابه لا يواجه دفاعاً جوهرياً للطاعن مما قد مما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. تعييب الحكم بالقصور. مثال.

---------------
1 - المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ولا تتوفر هذه الوحدة إلا أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وبشرط أن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد بالدعوى الثانية أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها. وينبني على ذلك أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي (1).
2 - إذا كان ما ساقه الحكم المطعون فيه في أسبابه لا يواجه الدفاع الذي أثاره الطاعن وبناه على قيام علاقة إيجارية جديدة بينه وبين المطعون عليه تحكمها قواعد القانون المدني القائم وذلك بعد انفساخ عقد الإيجار المبرم بينهما في ظل أحكام القانون المدني القديم بسبب هلاك العين المؤجرة، وكان هذا الدفاع جوهرياً مما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بقصور أسبابه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن بصفته وكيلاً لدائني تفليسة المطعون عليه الثالث أقام الدعوى رقم 3035 سنة 1957 كلي القاهرة ضد المطعون عليه الأول طالباً إلزامه بأن يؤدى إليه مبلغ 12616 ج و35 م وقال في بيان دعواه إنه بتاريخ 12/ 1/ 1947استحكر السيد زربانيللى من وقف المرحوم حنا باخوم قطعة أرض بشارع سليمان باشا بالقاهرة لمدة 22 سنة تبدأ من أول أغسطس سنة 1946 وتنتهي في آخر يوليو سنة 1968 ليقيم عليها دار للسينما عرفت فيما بعد بدار سينما راديو وقد تنازل زربانيللى عن حقه في الحكر إلى شركة المسارح المصرية، ثم أخرت هذه الشركة إلى المطعون عليه الثالث الأرض المحكرة ودار السينما التي أقيمت عليها بموجب عقد مؤرخ 8/ 4/ 1948 نص فيه على أن مدة الإيجار أربع سنوات تبدأ من أول نوفمبر سنة 1948 وتنتهي في آخر أكتوبر سنة 1952 وقابلة للتجديد لمدة ثلاث سنوات أخرى وهكذا إلى نهاية شهر يوليه سنة 1968 وذلك ما دام المستأجر لم يخطر المؤجر برغبته في عدم تجديد العقد قبل نهاية مدة السنوات الأربع الأولى أو أي من السنوات الثلاث التالية بستة أشهر على الأقل، وحددت الأجرة السنوية بمبلغ 12000 ج في المدة الأولى المقدرة بأربع سنوات وفي المدة التالية التي تمتد إليها بمقدار ثلاث سنوات ثم تعدل الأجرة بعد ذلك في المدة التالية طبقاً لما هو مبين بالعقد وبتاريخ 15/ 4/ 1948 استأجرت شركة إخوان جعفر المطعون عليها الثانية من باطن المطعون عليه الثالث دار السينما المذكورة بأجرة قدرها 16000 ج سنوياً وللمدة المحددة بعقد الإيجار الأصلي وعلى أن يكون للمستأجر من الباطن أيضاً الحق في إنهاء الإجارة في نهاية الأربع سنوات الأولى أو نهاية أي مدة من مدد الثلاث سنوات التالية. وحدث بعد ذلك أن الشركة المؤجرة الأصلية تنازلت عن عقد الإيجار إلى شركة الأملاك ذات الإيرادات التي تنازلت عنه بدورها إلى البنك التجاري المصري - المطعون عليه الأول. وقد استمر تنفيذ عقدي الإيجار الأصلي والإيجار من الباطن إلى أن وقعت بمدينة القاهرة حوادث حريق 26/ 1/ 1952 فأصيبت دار السينما المؤجرة بتخريب أدي إلى توقف الانتفاع بها واستحالة استعمالها في الغرض المؤجرة من أجله واستطرد الطاعن إلى القول بأن المطعون عليها الثانية - المستأجرة من الباطن تحملت تكاليف إصلاح وترميم العين المؤجرة والتي بلغ مقدارها بعد خصم التعويض الذي دفعته لجنة التعويضات 12616 ج و30 م وذلك مقابل تنازل المطعون عليه الثالث - المستأجر الأصلي لها - عن مبلغ 2000 ج من الأجرة السنوية حتى نهاية مدة العقد في سنة 1968 وإنه لما كانت المستأجرة من الباطن قد قامت بعمل الترميمات الضرورية في دار السينما بعد حوادث 26/ 1/ 1952 أي في ظل القانون المدني الجديد الذي يلزم المؤجر بأن يتعهد العين المؤجرة بالصيانة وأن يقوم في أثناء الإجارة بجميع الترميمات الضرورية لذلك فقد كان حقاً للمستأجرة المذكورة اقتضاء المبلغ الذي أنفقته على تلك الترميمات من المستأجر الأصلي - المطعون عليه الثالث - ويكون لهذا الأخير أن يرجع بدوره على المطعون عليه الأول المؤجر له استناداً إلى الأساس ذاته وإلى ما تفيده شروط عقد الإيجار من التزام المؤجر المذكور بالترميمات الضرورية. لهذا أقام الطاعن بصفته دعواه مطالباً المطعون عليه الأول بما تكبده المطعون عليه الثالث في سبيل ترميم العين المؤجرة وبجلسة 11/ 5/ 1958 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1172 سنة 75 ق - وقد تدخل المطعون عليه الثالث في الاستئناف منضماً إلى السنديك المستأنف. وبجلسة 25 يونيه سنة 1959 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في ذلك الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 12/ 2/ 1963 وفيها تمسكت النيابة بالرأي الذي انتهت إليه في مذكرتها والمتضمن رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 15 أكتوبر سنة 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب ويقول في بيان ذلك إنه تمسك لأول مرة لدى محكمة الاستئناف بأن عقد الإيجار المؤرخ 8/ 4/ 1948 المبرم بين المطعون عليه الأول والمطعون عليه الثالث الذي يمثله الطاعن قد انفسخ حتماً في 26/ 1/ 1952 بانعدام محله بسبب هلاك العين المؤجرة في حوادث الحريق والتخريب التي وقعت في ذلك اليوم وأن العلاقة الإيجارية وقد استمرت قائمة بين الطرفين بعد ذلك التاريخ فإن مؤدى ذلك حصول تجديد لعقد الإيجار وإذ تم هذا التجديد في ظل القانون المدني القائم فإنه يكون محكوماً بقواعده ويسري على العقد الجديد في خصوص الالتزام بعمل الترميمات حكم المادة 567 من ذلك القانون الذي يلزم المؤجر بالترميمات الضرورية، وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بعدم جواز نظره لسبق الفصل فيه بالحكم الصادر في الدعوى رقم 3434 سنة 1957 كلي القاهرة التي كان قد رفعها الطاعن بصفته ضد المطعون عليه الأول أمام دائرة الإيجارات بطلب تخفيض الأجرة المتفق عليها في عقد الإيجار المبرم بينهما إعمالاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 199 سنة 1952 إذ قضى هذا الحكم برفض الدعوى وأورد بأسبابه المرتبطة بالمنطوق أن الإيجار قد انعقد لمدة تزيد على عشر سنوات مما لا يجوز معه تخفيض الأجرة طبقاً لأحكام المرسوم بقانون المشار إليه كما أضاف الحكم المطعون فيه إنه بفرض جواز إعادة النظر في تلك المسألة التي أثارها الطاعن فإنه يأخذ بما انتهى إليه قضاء الحكم المستأنف وقضاء دائرة الإيجارات من أن عقد الإيجار قد عقد لمدة عشرين عاماً من سنة 1948 إلى 1968 وذلك للأسباب الواردة بهذين الحكمين ويقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد اخطأ في القانون فيما ذهب إليه من أن دفاع الطاعن المبني على انفساخ عقد الإيجار بهلاك العين المؤجرة قد سبق الفصل فيه بالحكم الصادر في الدعوى رقم 3434 سنة 1957 كلي القاهرة سالفة الذكر ذلك أن الطاعن كان يطلب بتلك الدعوى تخفيض الأجرة على أساس أن العقد قد انعقد لمدة لا تزيد على عشر سنوات وقض الحكم برفضها استناداً إلى أن المدة المتفق عليها في عقد الإيجار هي عشرون سنة ولم يتعرض الخصوم في تلك الدعوى ولا الحكم الصادر فيها لواقعة تخريب العين المؤجرة في حوادث 26/ 1/ 1952 ولا للأثر القانوني المترتب عليها وهو انفساخ عقد الإيجار ومن ثم لا يكون لذلك الحكم قوة الشيء المقضي في خصوص تلك المسألة ولا يكون بالتالي مانعاً من نظرها والفصل فيها في الدعوى الراهنة كذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ عاد وتعرض لذلك الدفاع الذي أثاره الطاعن وقضى برفضه لم يورد أسباباً لقضائه في هذا الخصوص وأحال بصدده إلى أسباب الحكم المستأنف وأسباب الحكم الصادر في الدعوى رقم 3434 سنة 1957 كلي القاهرة من أن الحكمين المذكورين لم يتعرضا من قريب أو من بعيد لذلك الدفاع الذي أبداه الطاعن لأول مرة أمام محكمة الاستئناف مما يجعل الحكم المطعون فيه معيباً بقصور التسبيب أيضاً.
وحيث إن هذا النعي بشقيه صحيح ذلك أنه يبين من مطالعة الدعوى رقم 3434 سنة 1957 كلي القاهرة المضمومة إلى ملف الطعن أن الطاعن أقامها ضد المطعون عليه الأول بطلب تخفيض الأجرة المتفق عليها في عقد الإيجار المؤرخ 8 إبريل سنة 1948 وذلك على أساس أن مدة هذا العقد حددت بأربع سنوات ابتداء من أول نوفمبر سنة 1948 حتى آخر أكتوبر سنة 1952 وتتجدد لمدة أخرى كل منها ثلاث سنوات حتى تنتهي في سنة 1968 بانقضاء مدة عقد الحكر الصادر من جهة الوقف إلى المستحكر وأن عقد الإيجار في هذه الصورة يخضع لأحكام المرسوم بقانون 199 لسنة 1952 التي تقضي بتخفيض أجرة الأماكن التي يسري عليها بمقدار 15% من الأجرة المتفق عليها ما دامت مدته لا تزيد على عشر سنوات. ودفع المطعون عليه الأول تلك الدعوى بأن عقد الإيجار مثار النزاع انعقد لمدة عشرين سنة ابتداء من سنة 1948 حتى سنة 1968 وبذلك لا تسري عليه أحكام المرسوم بقانون المشار إليه، وقد حصرت المحكمة في أسباب حكمها المسألة التي تنازعها الخصوم في تلك الدعوى وهي مدة عقد الإيجار وفصلت فيها بأن العقد انعقد بين الطرفين لمدة عشرين سنة وعلق على شرط فاسخ لم يتحقق هو عدم سريان الاتفاق من جهة الوقف المحكرة أو قيام المستأجر الذي يمثله الطاعن بإعلان عن رغبته في تجديد العقد قبل انتهاء أية مدة من مدده بستة أشهر وانتهت المحكمة من ذلك إلى قضائها برفض الدعوى لعدم دخول عقد الإيجار فيما تناوله أحكام المرسوم بقانون رقم 199 لسنة 1952، كما يبين - أن الدعوى الراهنة - على ما تقدم بالوقائع - قد أقامها الطاعن بصفته بطلب إلزام المطعون عليه الأول بوصفه مؤجراً بتكاليف الترميمات الضرورية التي أجراها هو - الطاعن - في العين المؤجرة وذلك بالاستناد إلى حكم المادة 567 من القانون المدني القائم وتمسك الطاعن في دفاعه لدى محكمة الاستئناف بأن عقد الإيجار المبرم في 8/ 4/ 1948 أياً كانت مدته قد انفسخ بقوة القانون في 26/ 1/ 1952 لهلاك العين المؤجرة بسبب تدميرها في حوادث الحريق التي وقعت بالقاهرة في ذلك التاريخ وأن الطرفين وقد استمرا في تنفيذ العلاقة الإيجارية بعد انفساخ العقد الأول فإن الإيجار يكون قد تجدد ويكون عقد الإيجار الجديد محكوماً بقواعد القانون المدني الجديد الذي نشأ في ظله ولما كان المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وبشرط أن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد بالدعوى الثانية أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها، لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أسس دفاعه أمام محكمة الاستئناف على انفساخ عقد الإيجار بقوة القانون وبصرف النظر عن المدة التي انعقد عليها العقد وهي مسألة لم تكن مطروحة على المحكمة في الدعوى السابقة فلم يناقشها خصوم تلك الدعوى ولم يعرض لها الحكم الصادر فيها ومن ثم فلا يكون لهذا الحكم قوة الشيء المقضي بالنسبة لتلك المسألة وبالتالي لا يكون مانعاً من نظرها والفصل فيها في الدعوى الراهنة ذلك أن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي وإذ قضى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون في هذا الخصوص، كذلك فإنه يبين من الحكم المطعون فيه إنه إذ عاد وافترض جواز نظر ذلك الدفاع الذي أبداه الطاعن فقد انتهى إلى رفضه وبني قضاءه بذلك على ما أورده في أسبابه من "أن المحكمة تأخذ بنفس الرأي الذي قضت به محكمة الإيجارات وقضى به الحكم المستأنف من أن عقد الإيجار كان محدد المدة من وقت ابتدائه وينتهي بانقضاء مدة الاثنين وعشرين عاماً المتفق عليها مع جهة الوقف ولكنه معلق على شرط فاسخ هو عدم سريان الاتفاقات مع جهة الوقف أو قيام المستأجر بالتنبيه بعدم رغبته في تجديد العقد قبل انتهاء أي مدة من المدد المشار إليها فيه وتأخذ هذه المحكمة بنفس الأسباب الواردة في حكم محكمة الإيجارات والحكم المستأنف" ولما كان ما ساقه الحكم في أسبابه المتقدمة لا يواجه الدفاع الذي أثاره الطاعن وبناه على قيام علاقة إيجارية جديدة بينه وبين المطعون عليه الأول تحكمها قواعد القانون المدني القائم وذلك بعد انفساخ عقد الإيجار المبرم بينهما في ظل أحكام القانون المدني القديم بسبب هلاك العين المؤجرة في 26/ 1/ 1952 وكان يبين من أسباب الحكم المستأنف وأسباب الحكم الصادر من دائرة الإيجارات في الدعوى رقم 3434 سنة 1957 كلي القاهرة التي أحال إليها الحكم المطعون فيه أنها لم تتناول دفاع الطاعن في ذلك الشأن أو تعرض لبحث الأساس الذي بني عليه، وكان هذا الدفاع جوهرياً مما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً أيضاً بقصور أسبابه في هذا الخصوص.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 28/ 11/ 1963 الطعن رقم 93 س 29 ق السنة 14 ص 1119.

السبت، 18 مارس 2023

الطعن 372 لسنة 29 ق جلسة 22 / 10 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 147 ص 987

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1964

برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(147)
الطعن رقم 372 لسنة 29 القضائية

(أ) إثبات. محكمة الموضوع. "تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية".
لمحكمة الموضوع سلطانها المطلق في استخلاص ما تقتنع به. خروج ذلك عن رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق.
(ب) تزوير. "دعوى التزوير". تقرير الادعاء بالتزوير". "بياناته".
تقرير مدعي التزوير أن التوقيع الموقع به على المحرر المنسوب إليه ليس بخطه. كفاية ذلك للإبانة عن موضع التزوير المدعى به.
(ج) تزوير. "دعوى التزوير". "مذكرة شواهد التزوير". "بياناتها".
بيان إجراءات التحقيق في مذكرة شواهد التزوير. إغفال ذلك، لا يترتب البطلان سقوط الادعاء بالتزوير وهو أمر جوازي للمحكمة.
(د) فوائد. "الفوائد التأخيرية". "تخفيضها". نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية".
إبانة الحكم الإجراءات التي قام بها الدائن بقصد إطالة أمد النزاع وتدليله على سوء نيته بأسباب سائغة تكفي لحمله. النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق المادة 229 مدني من قبيل الجدل الموضوعي ولا تصح إثارته أمام محكمة النقض.
(هـ) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجدير".
لا يقبل نعي لم يرد في تقرير الطعن.

--------------
1 - لمحكمة الموضوع سلطانها المطلق في استخلاص ما تقتنع به وما يطمئن إليه وجدانها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، وهي في مقام الموازنة بين أدلة الإثبات وأدلة النفي في الدعوى لها أن تأخذ ببعضها وتطرح البعض الآخر غير خاضعة في ذلك لرقابة محكمة النقض.
2 - إذا كان مدعي التزوير حين طعن بالتزوير على المحرر قرر بقلم الكتاب أن الإمضاء الموقع به على هذا المحرر والمنسوب إليه ليس بخطه فإن في ذلك ما يكفي للإبانة عن موضع التزوير المدعى به من المحرر ويكون تقرير الطعن على هذه الصورة محدداً به موضع التزوير المدعي.
3 - عدم بيان إجراءات التحقيق التي يطلب إثبات التزوير بها في مذكرة شواهد التزوير لا يترتب عليه البطلان بل سقوط الادعاء بالتزوير وهو أمر جوازي للمحكمة حسبما تقضي به المادة 281 من قانون المرافعات فلا تثريب عليها إن لم تحكم به.
4 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد بين الإجراءات التي قام بها الطاعن (الدائن) بقصد إطالة أمد النزاع ودلل على سوء نيته بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدي للنتيجة التي انتهى إليها وقضى بتخفيض الفائدة المتفق عليها وفقاً للمادة 229 من القانون المدني، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من الخطأ في تطبيق هذه المادة يكون على غير أساس.
5 - لا يقبل النعي على الحكم المطعون فيه لسبب لم يرد ذكره في تقرير الطعن (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن رفع على المطعون ضده الدعوى رقم 35 سنة 1953 أمام محكمة بني سويف الابتدائية طالبا الحكم بإلزامه بدفع مبلغ 750 ج والفوائد بواقع 7% من تاريخ الاستحقاق الحاصل في أول سبتمبر سنة 1951 حتى السداد وذلك بموجب سند إذني مؤرخ في 14 من ديسمبر سنة 1950 ومستحق السداد في أول سبتمبر سنة 1951. دفع المطعون ضده الدعوى بأن الالتزام الثابت بالسند الإذني ليس التزاماً مستقلاً بذاته بل متفرع من علاقة أصلية بينه وبين الطاعن تتمثل في سحب المطعون ضده المبلغ المبين بالسند لقاء توريده للطاعن أقطاناً من موسم سنة 1951/ 1952 وأن تلك العلاقة ثابتة بمحرر مكون من صحيفتين ثابت بالصحيفة الأولى ما سحبه من نقود على دفعتين الأولى قيمتها 750 جنيه والثانية - 1 ج و980 م وقد نوه قرين المبلغ الأول بتحرير سند إذني بقيمته وثابت بالصحيفة الثانية أن المطعون ضده ورد 27 قنطاراً و43 رطلاً من القطن من تحديد يوم 30 من نوفمبر سنة 1951 كميعاد لقطع السعر وبتحديد ثمن القطن على أساس سعر القطع في ذلك اليوم يكون ثمنه هو مبلغ 593 ج و240 م وبخصم هذا المبلغ الأخير من المبلغ المطالب به يكون ما تبقى في ذمته هو مبلغ 156 ج و760 م وانتهى إلى طلب رفض الدعوى فيما زاد على هذا المبلغ - وإذ قدم المطعون ضده صورة ذلك المحرر طعن الطاعن بالتزوير على تاريخ سعر القطن المدون به مقرراً أن المطعون ضده كان قد رغب في عدم تحدد ميعاد القطع ولذلك وضع الطاعن شرطتين في المكان المعد من المحرر لإثبات ذلك الميعاد إلا أنه إزاء انخفاض سعر القطن فقد عمد المطعون ضده إلى كشط الشرطتين وكتابة "30 من نوفمبر سنة 1951" محلهما وقد قضت محكمة بني سويف الابتدائية في 30/ 9/ 1953 بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لبيان ما إذا كان التاريخ "30 نوفمبر سنة 1951" مكتوباً من الأصل وقت تحرير العقد وبخط كاتبه أم أنه كان يوجد مكانه شرطة (-) ومحيت وكتب التاريخ المذكور محلها وقدم القسم تقريره الذي انتهى فيه إلى أنه كان يوجد بالمكان المحرر فيه تاريخ 30 نوفمبر سنة 1951 بالمحرر المطعون عليه بالتزوير خطان = كشطا وكتب مكانهما "30 نوفمبر سنة 1951" وأن هذا التاريخ كتب بخط وحبر وريشة تتفق مع الخط والحبر والريشة المحرر بها باقي عبارات صلب المحرر - إزاء ذلك تقدم الطاعن بصورة من المحرر موقع عليها بتوقيعين منسوبين إلى المطعون ضده على الصحيفتين الأولى والثانية من المحرر وقد خلت تلك الصحيفتين من تاريخ "30 نوفمبر سنة 1951" فطعن المطعون ضده على التوقيعين المنسوبين إليه بالتزوير ومحكمة بني سويف الكلية قضت في 3/ 11/ 1954 بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة التوقيعين المنسوبين إلى المطعون ضده والموقع بهما على المحرر المقدم من الطاعن على توقيعاته المستكتبة أمام المحكمة لبيان ما إذا كان توقيعاً على المحرر صحيحين أم مزورين - رد قسم أبحاث التزييف والتزوير على المحكمة بمذكرة بين فيها ضرورة موافاته بتوقيعات أخرى على أوراق رسمية أو عرفية ومعاصرة لتاريخ المحرر المطعون عليه بالتزوير إذ أن الاستكتاب المرسل وحده غير كاف لإبداء رأي قاطع وإجراء المضاهاة على الوجه الأكمل وبعد أن قدم المطعون ضده عقدي إيجار عرفيين للمضاهاة قام قسم أبحاث التزييف والتزوير بتقديم تقريره الذي انتهى فيه إلى أن التوقعين المنسوبين إلى المطعون ضده مزوران وغير صادرين من يد صاحبهما وذلك بعد إجراء المضاهاة على ورقة استكتاب المطعون ضده وعلى توقيعه وعلى تقرير الطعن بالتزوير على عقدي الإيجار المنوه عنهما والمؤرخ أحدهما في 4/ 9/ 1947 وثانيهما في 6/ 10/ 1950 وإذ رأت المحكمة الابتدائية أن عقدي لإيجار المستعملين في المضاهاة لم يعترف بهما الطاعن فقد أعادت المأمورية إلى الخبير طالبة منه إجراء المضاهاة على استكتاب المطعون ضده أمام المحكمة وعلى الأوراق العرفية والرسمية التي يعترف بها الطرفان من استبعاد عقدي الإجارة المنوه عنهما. وقسم أبحاث التزييف والتزوير رد على المحكمة بمذكرة جاء فيها أنه بعد استبعاد عقدي الإيجار يقتضي الأمر تكليف طرفي الخصومة بتقديم أوراق رسمية أو عرفية معترف بها ومؤشر عليها من المحكمة حتى يتسنى له الفحص على الوجه الأكمل لأن الاستكتاب المرسل وحده غير كاف - وإذ قدم المطعون ضده عقد بيع مسجل فقد قام مكتب أبحاث التزييف والتزوير بمأموريته التي انتهى فيها إلى أنه ما زال عند رأيه السابق من "أن التوقيعين المنسوبين إلى المطعون ضده مزوران وغير صادرين من يد صاحبهما" - وبتاريخ 19/ 2/ 1958 قضت محكمة بني سويف الابتدائية برفض الادعاء بالتزوير في شروط المعاملة التجارية المقدمة من المطعون ضده حسن محمد عبد الجواد وبرد وبطلان شروط المعاملة التجارية المقدمة من الطاعن "نجيب أسعد عبد الشهيد" ثم قضت بتاريخ 14/ 5/ 1958 في موضوع الدعوى بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعن مبلغ 158.740 جنيهاً والفوائد على أساس 2.5% عن تاريخ المطالبة الرسمية الحاصل في 30/ 12/ 1952 حتى السداد والمصروفات المناسبة. رفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 403 سنة 57 ق ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 28/ 4/ 1959 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف (الطاعن) بالمصروفات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه حين طعن على المحرر المقدم من المطعون ضده وأعلن شواهد التزوير على حصول محو الخطين وإثبات عبارة "30/ 11/ 1951" محلهما لم يقتصر في بيان شواهد التزوير على هذا المحو والإثبات بل أنه تمسك في مذكرته ودفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن وضع تاريخ "30/ 11/ 1951" يقتضي عدم الإبقاء على العبارة التالية له والمطبوعة في المحرر وهي "حفظ حق المشتري في تثمين الأقطان في أي يوم بدون اعتراض" إذ أن هاتين العبارتين لا تجتمعان لوجود التعارض بينهما كما تمسك أيضاً بأنه بتاريخ 28/ 5/ 1952 أرسل خطاباً للمطعون ضده يخبره فيه بانتهاء موسم الحليج في 30/ 4/ 1952 ويدعوه إلى تحديد سعر الأقطان الموردة منه في ميعاد أقصاه 10/ 6/ 1952 وإلا اضطر إلى تحديد سعر الأقطان حسب الأسعار الجارية ولم يرد المطعون ضده على هذا الخطاب ولو كان حقاً ما يدعيه المطعون ضده من أنه متفق بينهما على تحديد يوم 30 من نوفمبر سنة 1951 لقطع سعر القطن لبادر بالرد على هذا الخطاب بأن قطنه لم يكن تحت تحديد السعر ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذين الدليلين وإذ كان ذلك إغفالاً لأمر جوهري منتج في الدعوى بما يحتمل عند مناقشته تغيير وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب - هذا إلى أن المطعون ضده حين طعن بالتزوير على المحرر المقدم من الطاعن قد خالف أحكام المادة 281 من قانون المرافعات فلم يبين في تقرير الطعن مواضع التزوير المدعى به بل اقتصر على القول بأن الإمضاء ليست بخطة دون أن يبين مكان هذا الإمضاء من المحرر وهل هو بالصحيفة الأولى أم الثانية أم بهما معاً كما أنه لم يبين في مذكرة شواهد التزوير إجراءات التحقيق التي يطلب إثباته بها وإذ كان البطلان يترتب على مخالفة أحكام هذه المادة فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل الرد على ذلك مكتفياً بالقول في أسبابه بأن الطاعن لم يأت بجديد يكون أيضاً مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن لمحكمة الموضوع سلطانها المطلق في استخلاص ما تقتنع به وما يطمئن إليه وجدانها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت في الأوراق، وهي في مقام الموازنة بين أدلة الإثبات وأدلة النفي في الدعوى لها أن تأخذ ببعضها وتطرح البعض الآخر غير خاضعة في ذلك لرقابة محكمة النقض. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الادعاء بالتزوير على ما استخلصه من تقرير الخبير المقدم في الدعوى وكان هذا الذي استخلصه سائغاً وغير مخالف للثابت بالأوراق فإن اتخاذ الحكم تقرير الخبير أساساً لقضائه يكون فيه الرد الضمني الكافي والمبرر لإطراح القرينتين اللتين ساقهما الطاعن تدليلاً على صحة الادعاء بالتزوير. ومردود في شقه الثاني بأنه يبين من الاطلاع على صورة تقرير الطعن بالتزوير المقدمة بملف الطعن أن المطعون ضده حين طعن بالتزوير على شروط المعاملة التجارية المقدمة من الطاعن قرر بقلم الكتاب أن الإمضاء الموقع به على هذه الشروط والمنسوب إليه ليس بخطة وفي ذلك ما يكفي للإبانة عن موضع التزوير المدعى به من المحرر ويكون تقرير الطعن على هذه الصورة محدداً به موضع التزوير المدعى به - أما عن عدم بيان إجراءات التحقيق في مذكرة شواهد التزوير فلا يترتب عليه البطلان بل سقوط الادعاء بالتزوير وهو أمر جوازي للمحكمة حسبما تقضي به المادة 281 من قانون المرافعات فلا تثريب عليها إن لم تحكم به ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه إغفاله القيام بإجراء جوهري لازم للفصل في الدعوى ومخالفته نص المادتين 268 ، 286 من قانون المرافعات وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برد وبطلان التوقيعات الصادرة من المطعون ضده على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير ولما كان هذا التقرير مبناه المضاهاة على توقيعات المطعون ضده أمام المحكمة على توقيعه على تقرير الطعن بالتزوير وهي توقيعات أقر الخبير في مذكرتيه المنوه عنهما بالوقائع بأنها لا تصلح للمضاهاة ولا تؤدي إلى إبداء الرأي على الوجه الأكمل فإذا ما عاد الخبير وأقام تقريره على سند من هذه التوقيعات فإن تقريره يكون ولا سند له من الأوراق - وإن قيل بأنه قدم إليه عقد بيع مسجل في 21/ 10/ 1940 وأنه أجرى المضاهاة عليه فإن مثل هذا القول يتعارض وما سبق أن أخذ الخبير به نفسه من ضرورة معاصرة أوراق المضاهاة للمحرر المطعون عليه بالتزوير والحكم الذي يؤسس قضاءه على هذا التقرير يكون مشوباً بتخاذل أسبابه قاصراً على اتخاذ الإجراء الواجب اتخاذه للوصول إلى الحقيقة - كما أن مثل هذا الحكم يكون مخالفاً لنص المادتين 268 و286 من قانون المرافعات ذلك أن الخبير قد ألح في طلب توقيعات للطاعن بالتزوير تكون معاصرة في التاريخ للتوقيع المطعون عليه كما أن الطاعن قد طلب من المحكمة أن تكلف الخبير بإجراء المضاهاة على سند الدين موضوع الدعوى وفاتورة الحساب الموقع عليها من المطعون ضده وهما سندان معاصران لتاريخ التوقيع المطعون عليه بالتزوير ومع ذلك فإن المحكمة لم تجيبهما إلى طلبهما مما يعتبر معه الحكم باطلاً لما في ذلك من مخالفة للإجراءات التي يتعين اتخاذها للوصول إلى الحقيقة وليس فيما تضمنه الحكم المطعون فيه من أن المحكمة الابتدائية اقتنعت بكفاية عمل الخبير ما يجعل الحكم بمفازة من البطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير لم يقم تقريره على أساس إجراء مضاهاة التوقيع المطعون عليه على توقيعات المطعون ضده أمام المحكمة وعلى تقرير الطعن بالتزوير والتي قرر بعدم كفايتها لإجراء المضاهاة على الوجه الأكمل بل إنه حين أقام المضاهاة أجرها على تلك التوقيعات مضيفاً إليها توقيع المطعون ضده على عقد بيع مسجل وهو من الأوراق التي تقبل للمضاهاة في حكم المادة 269 من قانون المرافعات فعلى مجموع هذه التوقيعات أجرى المضاهاة وعليها مجتمعة أقام تقريره ومن ثم فإن النعي على الحكم بالتخاذل لأخذه بتقرير الخبير يكون على غير أساس وإذ كانت المحكمة قد اعتمدت نتيجة هذا التقرير لسلامة الأسس التي بني عليها والأسانيد التي أقيم عليها مقررة أن الأمر المتنازع عليه قد ثبت لديها من المضاهاة التي أجرها الخبير على التوقيعات المذكورة والتي اطمأنت إلى نتيجتها فإنه لا تثريب عليها إن هي لم تستجب بعد ذلك إلى ما طلبه الطاعن من إعادة المأمورية إلى الخبير لإجراء المضاهاة على أوراق عرفية مقدمة في الدعوى بحجة أن توقيع المطعون ضده على عقد البيع المسجل الذي قدمه المطعون ضده غير معاصر للتوقيع المطعون عليه بالتزوير إذ أن هذا منها تقدير موضوعي تستقل به.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق المادة 229 من القانون المدني ذلك أنه رغم اتفاق الطرفين في السند موضوع الدعوى على سريان الفوائد على أساس 8% التي خفضها القانون إلى 7% من تاريخ الاستحقاق فإن الحكم المطعون فيه قضى بتخفيض الفائدة إلى 2.5% استناداً إلى حكم المادة 229 من القانون المدني بحجة أن الطاعن تسبب بسوء نية في إطالة أمد النزاع وذلك دون سند من الأوراق ودون أن يبين الحكم الإجراء الذي اتخذه الطاعن وعده الحكم خروجاً عن حق الدفاع المشروع وبذلك أخطأ الحكم في تطبيق القانون على وقائع الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه ذكر في معرض التدليل على سوء نية الطاعن وعلى تسببه في إطالة أمد النزاع ما يأتي "إلا أن المحكمة وقد وضح لها أن المدعي (الطاعن) قد تعنت في دعواه وسلك سبيلاً يحدوها سوء النية بإطالة أمد النزاع إذ أنه قام بداءة برفع دعواه مطالباً بمبلغ 750 جنيهاً الثابت بالكمبيالة المؤرخة 14/ 12/ 1950 دون أن يشير إلى أن هذا المبلغ قد دفع للمدعي عليه (المطعون ضده) على ذمة توريد أقطان له - كما أنه طعن بالتزوير على السركي الذي قدمه هذا الأخير بحافظة مستنداته رقم 5 ملف مقرراً أن تاريخ 30 نوفمبر سنة 1951 الثابت بالسركي أنه اليوم المحدد للقطع هو تاريخ مزور فقد ظهر من تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير السابق الإشارة إليه أن هذا التاريخ مكتوب بخط وحبر وريشة تتفق مع الخط والحبر والريشة المحرر بها باقي عبارات صلب السركي إلا أن المدعي لم يكتف بذلك فتقدم بسركي موقع عليه من المدعى عليه خالياً من تاريخ سعر القطع والمودع بحافظة مستنداته رقم 14 ملف وذلك بعد أن سارت الدعوى شوطاً بعيداً وقد طعن المدعى عليه في هذا السركي بالتزوير مقرراً أن التوقيعين المنسوبين إليها على هذا السركي ليسا بتوقيعه وإنما هما مزوران عليه وقد جاء قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي سبق أن أشرنا إليه مؤيداً لقول المدعى عليه من أن التوقيعين المنسوبين إليه على السركي الذي قدمه المدعي إنما هما توقيعان مزوران عليه وبناء على ذلك كله قضت هذه المحكمة بجلسة 29/ 2/ 1958 برفض الادعاء بالتزوير في السركي المقدم من المدعى عليه وتغريم المدعي مبلغ 25 جنيهاً وبرد بطلان السركي المقدم من هذا الأخير ولما كان يبين من هذا كله مقدار التعنت وسوء النية الذي اتسم به المدعي وهو يطالب بحقه مما ترى معه المحكمة إعمال نص المادة 229 من القانون المدني" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد بين الإجراءات التي قام بها الطاعن بقصد إطالة أمد النزاع ودلل على سوء نيته بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - لما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا مبرر له إذ لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تصح إثارته أمام محكمة النقض - وأما ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه اعتبر الفوائد غير متفق عليها مخالفاً بذلك الثابت بالأوراق فإنه نعي غير مقبول لعدم ذكره في تقرير الطعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 18/ 4/ 1963 الطعن رقم 52 س 28 ق السنة 14 ص 550.

الطعن 2 لسنة 33 ق جلسة 29 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 تنازع ق 5 ص 974

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وأميل جبران، ولطفي علي أحمد، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(5)
الطلب رقم 2 لسنة 33 ق "تنازع على حكمين متناقضين"

(أ) اختصاص "اختصاص المجالس الملية (الملغاة) "أحوال شخصية". "زواج".
تحرير عقد الزواج لدى جهة ملية معينة لا يمنح هذه الجهة اختصاصاً قضائياً بالفصل في منازعات الأحوال الشخصية الناشئة عن هذا الزواج. مناط الاختصاص كون طرفي الخصومة من أبناء الملة الواحدة التابعة للمجلس الملي.
(ب) اختصاص "اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية". "التنازع بين محاكم الأحوال الشخصية".
تعارض حكم المجلس الملي الإنجيلي باعتبار عقد زواج قبطيين أرثوذكسيين قائماً، مع حكم المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس القاضي بالفصل بين الزوجين والتصريح لكل منهما بالزواج. اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية بالفصل في هذا التنازع. عدم الاعتداد بالحكم الصادر من المجلس الملي الإنجيلي لصدوره من جهة لا ولاية لها في إصداره.

----------------
1 - تحرير عقد الزواج لدى جهة ملية معينة لا يمنح هذه الجهة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - اختصاصاً قضائياً بالفصل في المنازعات الناشئة عن هذا الزواج، إذ العبرة بكون طرفي الخصومة من أبناء ملة واحدة تابعة لهذا المجلس. ومتى كان الثابت أن الطرفين قبطيان أرثوذكسيان وقد تم عقد الخطبة بينهما أمام الكنيسة التي يتبعانها ثم عقدا زواجهما أمام ذات الكنيسة وظلا يتنازعان أمام المجالس الملية للأقباط الأرثوذكس دون أن يثير أحدهما أو كلاهما نزاعاً ما حول ملتهما إلى أن قضى استئنافياً من المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس بالفصل بينهما والتصريح لكل منهما بالزواج، فإن هذا الواقع يدل على أنهما قبطيان أرثوذكسيان من أبناء ملة واحدة، ولا يغير من ذلك كونهما عقدا زواجاً ثانياً أمام الكنيسة الإنجيلية في الفترة بين الخطبة والزواج الأول.
2 - وفقاً للمادة 21 من القانون رقم 56 لسنة 1959 يتحقق اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية بالنظر في التعارض القائم بين الحكم الصادر من المجلس الملي الإنجيلي باعتبار عقد الزواج بين قبطيين أرثوذكسيين ما زال قائماً والحكم الصادر من المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس القاضي بالفصل بين الزوجين والتصريح لكل منهما بالزواج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الطلب ومن سائر الأوراق - تتحصل في أنه بموجب عقد محرر بتاريخ 22/ 5/ 1943 أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تمت الخطبة بين الطالب والمدعى عليها، وذكر فيه أنهما قبطيان أرثوذكسيان، وبتاريخ 24/ 6/ 1943 تزوجا أمام الكنيسة الإنجيلية، وفي 2/ 10/ 1947 انعقد بينهما زواج آخر أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - ثم حدث أن أقامت المدعى عليها على الطالب أمام مجلس ملي فرعي مصر للأقباط الأرثوذكس الدعوى رقم 481 سنة 1950 تطلب الحكم عليه بنفقة، وبتاريخ 26/ 1/ 1951 حكم لها المجلس بنفقة قدرها أربعة جنيهات شهرياً، فاستأنف المدعى عليها هذا الحكم طالبة زيادة النفقة المحكوم بها وبتاريخ 6/ 6/ 1951 حكم المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس في القضية رقم 88 سنة 1951 بزيادة النفقة إلى عشرة جنيهات شهرياً ابتداء من 1/ 6/ 1961 - كذلك رفع الطالب على المدعى عليها أمام نفس المجلس، دعوى تطليق قضى برفضها تأسيساً على أنهما قد يتصالحان، ثم رفع دعوى ثانية أمام المجلس نفسه قضى برفضها لنفس السبب، وأخيراً رفع دعوى ثالثة قيدت برقم 256 سنة 1953 طالباً الحكم له بالفصل بينه وبين زوجته المدعى عليها، وقد قضى في هذه الدعوى بتاريخ 30/ 4/ 1955 بالفصل بين الزوجين والتصريح لكل منهما بالزواج بعد تصديق المجلس الملي العام - استأنفت المدعى عليها هذا الحكم أمام المجلس الملي العام وقيد الاستئناف برقم 339 سنة 1954 - وبتاريخ 3/ 3/ 1955 قضى المجلس المذكور برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف - أقامت المدعى عليها، بعد ذلك، على الطالب أمام المجلس الملي الإنجيلي العام الدعوى رقم 7 سنة 1955 طالبة الحكم بصحة زواجهما المعقود أمام الكنيسة الإنجيلية، واعتبار هذا الزواج لا يزال قائماً وقد دفع الطالب هذه الدعوى بعدم اختصاص المجلس الملي الإنجيلي بنظرها مستنداً في ذلك إلى أن الخطبة تمت أمام بطريركية الأقباط الأرثوذكس وإلى أنهما تزوجا بعد ذلك أمام البطريركية المذكورة، وقال إن عقد الزواج المقدم من المدعى عليها والمقول بأنه حاصل أمام الكنيسة الإنجيلية، هو عقد مزور - لم يأخذ المجلس بدفاع الطالب، وقضى بتاريخ 20/ 10/ 1955 برفض الدفع بعدم الاختصاص، وفي الموضوع باعتبار عقد الزواج الحاصل بين الطرفين في 24/ 6/ 1943 ما زال قائماً، وهو عقد صحيح، وأسس قضاءه برفض الدفع على أن النزاع متعلق بزواج تم أمام الكنيسة الإنجيلية - طعن الطالب في هذا الحكم بطريق التماس إعادة النظر، ونظراً لإلغاء المحاكم الملية بالقانون رقم 462 لسنة 1955 أحيل هذا الالتماس إلى محكمة استئناف القاهرة وقيد برقم 109 سنة 73 ق، وبتاريخ 18/ 4/ 1956 حكمت دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة المذكورة بعدم جواز الالتماس لأن الأسباب التي بني عليها ليست من أسباب التماس إعادة النظر المحددة قانوناً - وإذ كانت المدعى عليها قد أقامت ضد الطالب الدعوى رقم 163 سنة 1955 أمام اللجنة الإنجيلية للأمور المستعجلة قضى فيها غيابياً بتاريخ 24/ 12/ 1955 بإلزامه أن يدفع لها نفقة قدرها عشرون جنيهاً شهرياً ابتداء من 1/ 11/ 1955،فقد عارض الطالب في هذه الحكم، وبمناسبة إلغاء المجالس الملية، أحيلت المعارضة إلى محكمة شبرا الجزئية وقيدت برقم 1019 سنة 1956 كما أقام الطالب الدعوى رقم 488 سنة 1956 أمام نفس المحكمة طالبا الحكم بإسقاط النفقة المحكوم بها عليه من المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس، وذلك من تاريخ صدور حكم هذا المجلس القاضي بالفصل، وقد دفعتها المدعى عليها بأنها ما زالت زوجة شرعية للطالب، استناداً إلى الحكم الذي استصدرته من المجلس الملي الإنجيلي العام في هذا الخصوص - قررت المحكمة ضم الدعويين، وبتاريخ 23/ 4/ 1958 قضت في المعارضة بإلغاء حكم النفقة الغيابي الصادر من اللجنة الإنجيلية للأمور المستعجلة، وقضت بوقف دعوى إسقاط النفقة حتى يحصل الطالب على حكم محكمة النقض بترجيح أحد الحكمين المتناقضين الانتهائيين الصادر أحدهما من المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس والقاضي بالفصل بين الزوجين، والصادر ثانيهما من المجلس الإنجيلي العام والقاضي باعتبار الزواج قائماً بينهما - استأنف الطالب هذا الحكم أمام محكمة القاهرة الابتدائية فيما قضى به من وقف الفصل في دعوى إسقاط النفقة وقيد الاستئناف برقم 1120 سنة 1958، كما استأنفته المدعى عليها أمام نفس المحكمة فيما قضى به من إلغاء حكم النفقة الصادر من اللجنة الإنجيلية وقيد استئنافها برقم 1132 سنة 1958، وضمت المحكمة الاستئنافين، وبتاريخ 27/ 3/ 1961 حكمت برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف، وأسست قضاءها في الاستئناف الأول، على أنه ثبت لها أن الطرفين من طائفة واحدة، هي طائفة الأقباط الأرثوذكس، وبذلك يكون المجلس الملي الأرثوذكسي هو المختص بالفصل في المنازعات الخاصة بهما، ويكون المجلس الإنجيلي قد جاوز حدود ولايته حيث قضى في دعوى النفقة التي أقامتها المدعى عليها أمامه - وفي الاستئناف الثاني على نص المادة 19 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 الذي كان معمولاً به وقت صدور الحكم الابتدائي، بعد تعديل هذه المادة بالقانون رقم 400 لسنة 1953 - ويقول الطالب إنه إزاء ذلك يطلب القضاء له بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المجلس الملي الإنجيلي العام بتاريخ 20/ 10/ 1955 في القضية رقم 7 سنة 1955 مؤسساً هذا الطلب على أن ذلك الحكم صادر في غير حدود ولاية المجلس الملي الإنجيلي الذي لا ينعقد له الولاية إلا إذا كان الطرفان إنجيليين، والحال أنه والمدعى عليها، قبطيان أرثوذكسيان.
وحيث إن النيابة العامة قدمت مذكرة برأيها في الطلب، خلصت فيها إلى أن حكم المجلس الملي العام الإنجيلي القاضي باعتبار زواج الطالب بالمدعى عليها صحيحاً وقائماً، ليست له حجية تناهض حجية حكم التطليق الصادر من المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس، لصدور الحكم الأول من جهة لا ولاية لها في إصداره، ولذلك يكون طلب القضاء بعدم الاعتداد بهذا الحكم في محله.
وحيث إن هذا الطلب في محله، ذلك أن تحرير عقد الزواج لدى جهة ملية معينه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنح هذه الجهة اختصاصاً قضائياً بالفصل في منازعات الأحوال الشخصية الناشئة عن هذا الزواج بل العبرة في اختصاص المجلس الملي بذلك هي بكون طرفي الخصومة من أبناء الملة الواحدة التابعة لهذا المجلس وإذ كان يبين من الأوراق أن عقد الخطبة بين الطرفين قد تم أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في 22/ 5/ 1943 وثبت فيه أنهما قبطيان أرثوذكسيان، كما أنهما عقدا بعد ذلك زواجهما أمام الكنيسة الأرثوذكسية في 2/ 10/ 1947 وأنهما ظلا يتنازعان أمام المجالس الملية للأقباط الأرثوذكسيين، وإلى أن حكم استئنافياً من المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس في 3/ 3/ 1955 بالفصل بينهما وبالتصريح لكل منهما بالزواج، فإن واقع الحال يدل على أنهما قبطيان أرثوذكسيان ومن أبناء ملة واحدة ولا يغير من هذا النظر كونهما عقدا في الفترة بين الخطبة والزواج أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية زواجاً آخر أمام الكنيسة الإنجيلية، إذ مثل هذا الزواج لا يخول المجلس الملي الإنجيلي اختصاصاً فيما يقوم بين الطرفين من نزاع طالما أنهما قبطيان أرثوذكسيان - ولما كان الحكم الصادر من المجلس الملي الإنجيلي العام بتاريخ 20/ 10/ 1955 والقاضي باعتبار عقد الزواج بين الطالب والمدعى عليها ما زال قائماً، يتعارض مع الحكم الصادر من المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس بتاريخ 3/ 3/ 1955 والقاضي بالفصل بين الزوجين والتصريح لكل منهما بالزواج وهو ما يتحقق معه اختصاص هذه المحكمة وفقاً لنص المادة 21 من القانون رقم 56 لسنة 1959 - ولما تقدم - فإنه يتعين الحكم بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من المجلس الملي الإنجيلي بتاريخ 20/ 10/ 1955 واعتباره كأن لم يكن.

الطعن 527 لسنة 29 ق جلسة 7 / 7 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 145 ص 963

جلسة 7 من يوليه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

---------------

(145)
الطعن رقم 527 لسنة 29 القضائية

أمر أداء. "طبيعته". معارضة.
أنزل المشرع أوامر الأداء منزلة الأحكام الغيابية وأنزل المعارضة فيها منزلة المعارضة في هذه الأحكام. خضوع المعارضة في أمر الأداء لأحكام المعارضة في الحكم الغيابي. المعارضة في أمر الأداء من شأنها إعادة طرح النزاع على المحكمة لتقضي في موضوعه ما لم تكن إجراءات الطلب باطلة. طلب الأمر بديل لصحيفة الدعوى.

----------------
مفاد ما نصت عليه المادتان 853 و855 من قانون المرافعات - قبل تعديلهما بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - من أن أمر الأداء يعتبر بمثابة حكم غيابي وأنه يجوز للمدين المعارضة في الأمر خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه إليه، أن المشرع قد أنزل أوامر الأداء منزلة الأحكام الغيابية وأنزل المعارضة فيها منزلة المعارضة في هذه الأحكام مما يتأدى منه أن تخضع المعارضة في أمر الأداء لأحكام المعارضة في الحكم الغيابي، وإذ كان يترتب على المعارضة في الحكم الغيابي طرح النزاع على المحكمة التي أصدرت الحكم والقضاء في موضوعه من جديد ما لم تكن صحيفة افتتاح الدعوى نفسها باطلة، فإنه يكون من شأن المعارضة في أمر الأداء إعادة طرح النزاع على المحكمة لتقضي في موضوعه ما لم تكن إجراءات الطلب - وهو بديل ورقة التكليف بالحضور - باطلاً (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن المطعون عليه تقدم في 19 من أكتوبر سنة 1958 إلى رئيس محكمة القاهرة الابتدائية طالباً الأمر بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 500 ج والمصاريف وقال بياناً لطلبه إنه بعقد مؤرخ 7 من يوليه سنة 1958 اتفق مع الشركة المذكورة على أن تشتري لحسابه سيارة بثمن قدره 1350 ج تقاضت منه مقدماً مبلغ 500 ج ولكنها لم تسلمه السيارة فحق له استرداد ما عجله لها من ثمن وأصدر رئيس المحكمة أمراً بإلزام الطاعنة أن تؤدي له المبلغ الذي طلبه فعارضت الطاعنة في هذا الأمر ودفعت ببطلانه لصدوره في غير الحالات التي يصدر فيها أمر بالأداء وطلبت من باب الاحتياط إلغاء الأمر المعارض فيه بدعوى أن المطعون عليه تعاقد مع شخص لا تربطه بها صلة وقيدت هذه المعارضة برقم 1955 سنة 1958 تجاري كلي القاهرة، وبجلسة 25 من إبريل سنة 1959 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية ببطلان أمر الأداء المعارض فيه لصدوره على غير مقتضى القانون وبإلزام الطاعنة أن تدفع للمطعون عليه مبلغ 500 ج مقيمة قضاءها ببطلان الأمر على أن الورقتين المقدمتين من المعارض ضده لإثبات دينه لا تحملان توقيع الممثل القانوني للشركة الطاعنة مما لا يعتبر معه المبلغ المطالب به ديناً ثابتاً بالكتابة، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 32 سنة 76 ق القاهرة وبجلسة 30/ 11/ 1959 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 15/ 1/ 1963 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، وفي بيان ذلك تقول إن القانون قد أوجب كقاعدة عامة أن تحصل المطالبة القضائية بتكليف بالحضور وقد استثنى المشرع من ذلك المطالبة بدين من النقود إذا كان ثابتاً بالكتابة وحال الأداء ومعين المقدار فرسم لهذه المطالبة في المادة 851 وما بعدها من قانون المرافعات طريقاً ميسراً هو الأمر بالأداء وكلا الطريقين من النظام العام والجزاء على مخالفتهما بطلان المطالبة في ذاتها مما يمتنع معه على المحكمة أن تفصل في الموضوع لأنها بالفصل فيه تكون قد فصلت في خصومة غير مطروحة ولكن الحكم المطعون فيه بأسبابه رغم ما قرره من أن دين المطعون عليه لا يعتبر ديناً ثابتاً بالكتابة بالمعنى المقصود في المادة 851 وما بعدها من قانون المرافعات وما رتبه على ذلك من بطلان أمر الأداء فإنه لم يقف عند حد القضاء ببطلان الأمر بل تصدى مع ذلك للموضوع وفصل فيه فيكون بهذا القضاء قد خالف القانون بفصله في خصومة غير مطروحة ولا يغير من ذلك ما أضافه الحكم المطعون فيه من أن الأمر بالأداء يعتبر بمثابة حكم غيابي وأن سلطة المحكمة في دعوى المعارضة في الأمر بالأداء مماثلة لسلطتها في دعوى المعارضة في الحكم الغيابي ذلك أن سلطة محكمة المعارضة في الحكم الغيابي عند الحكم ببطلان صحيفة افتتاح الدعوى تقف عند حد إلغاء الحكم المعارض فيه وبطلان صحيفة افتتاح الدعوى ولا تتجاوز ذلك إلى الحكم في موضوع الخصومة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن المادتين 853، 855 من قانون المرافعات - اللتين تحكمان واقعة الدعوى قبل التعديل الصادر به القانون رقم 100 سنة 1962 - قد نصت أولاهما على أن أمر الأداء يعتبر بمثابة حكم غيابي ونصت ثانيتهما على أنه يجوز للمدين المعارضة في الأمر خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانه إليه، ومفاد ذلك أن المشرع قد أنزل أوامر الأداء منزلة الأحكام الغيابية وأنزل المعارضة فيها منزلة المعارضة في هذه الأحكام مما يتأدى منه أن تخضع المعارضة في أمر الأداء لأحكام المعارضة في الحكم الغيابي، وإذ كان يترتب على المعارضة في الحكم الغيابي طرح النزاع على المحكمة التي أصدرت الحكم والقضاء في موضوعه من جديد ما لم تكن صحيفة افتتاح الدعوى نفسها باطلة فإنه يكون من شأن المعارضة في أمر الأداء إعادة طرح النزاع على المحكمة لتقضي في موضوعه ما لم تكن إجراءات الطلب نفسها باطلة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى ببطلان أمر الأداء لعدم توافر الشروط التي يتطلبها القانون في الدين المطالب بإصدار الأمر بأدائه فإنه لا يكون قد خالف القانون بقضائه في الموضوع، ولا محل لما ذهبت إليه الطاعنة من المحاجة بحالة المعارضة في الأحكام الغيابية التي ينتهي فيها الحكم ببطلان ورقة التكليف بالحضور ذلك أن طلب أمر الأداء هو بديل ورقة التكليف بالحضور ولم تنع الطاعنة أي عيب على هذا الطلب بل انصب نعيها على تخلف الشروط الواجب توفرها في الدين المطالب به ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب وتقول بياناً لذلك إن الحكم أسس قضاءه في الموضوع على أن المطعون عليه قد تعاقد مع من يدعى - أحمد كمال سليم - بوصفه مستخدماً لديها ونائباً عنها في التعاقد من العملاء واستدل الحكم على هذه العلاقة بما ورد في الشكوى رقم 8440 سنة 1958 إداري الأزبكية التي لا تحوي إلا زعماً من أحمد كمال سليم بأنه يمثل الطاعنة كمندوب عنها لدى مصلحة الجمارك وورقة قدمت من هذا الأخير للمحقق مسندة إليها جاء فيها أنها قد اعتمدته لدى مصلحة الجمارك والشهر العقاري وقلم المرور، ولما كانت الطاعنة قد أنكرت أمام محكمة الموضوع علاقتها بأحمد كمال سليم علاقة تجعلها مسئولة عن تصرفاته كما أنكرت الورقة المقدمة منه للمحقق وذكرت أنه بفرض صحة تلك الورقة فإنها لا تعني إلا نيابة أحمد كمال سليم عنها لدى الجهات المحددة فيها، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ كيف العلاقة بينها وبين أحمد كمال سليم بأنها علاقة استخدام تتسع لإبرام العقود والتصرفات فينصرف أثرها إلى الطاعنة وتعتبر مسئولة عنها فإنه يكون قد أخطأ في القانون وشابه قصور.
وحيث إنه ورد بأسباب الحكم الابتدائي التي أحال إليها الحكم المطعون فيه في صدد علاقة الطاعنة بأحمد كمال سليم ما يأتي: "وحيث إن المحكمة ترى من مطالعة الأوراق أن ما ذهبت إليه الشركة المعارضة - الطاعنة - من نفي صلتها بالمدعو أحمد كمال سليم الذي وقع على الأوراق نيابة عنها غير صحيح فقد ثبت في الشكوى الإدارية رقم 8440 سنة 1958 إداري الأزبكية أن عبد العزيز المليفى قرر أنه سلم سيارته لأحمد كمال سليم مندوب الشركة المعارضة ليعرضها على إدارة الجمارك لتقدير قيمتها الجمركية ثم التفاوض بعد ذلك على بيعها وأنه توجه بعد ذلك إلى محل الشركة المعارضة لمعرفة ما تم بشأن السيارة فأخبره مندوبها بأنها في حيازة المعارض ضده - المطعون عليه - فتوجه إليه وأخبره المعارض ضده بأنه استلم السيارة من شركة شاهر - الطاعنة - على ذمة شرائها وأنه دفع للشركة المذكورة مبلغ 500 ج بصفة عربون ورفض تسليمه السيارة إلا عن طريق البوليس وقد تم ذلك بعد إثبات ما تقدم، ويتضح من ذلك أن أحمد كمال سليم كان يعمل في محل الشركة المعارضة وباسمها ولحسابها وأن تحت يده أختامها وأوراقها الخاصة المطبوعة باسمها وقد تعاقد مع المعارض ضده على هذا الأساس وسلمه المبلغ المطالب به على أساس نيابته عن الشركة المعارضة بوصفه مستخدماً لديها ببيع السيارات والتعاقد مع العملاء نيابة عن الشركة ومن ثم فإن ما ينشأ عن هذا العقد من حقوق والتزامات يجب أن يضاف إلى الشركة باعتبارها الشخص الأصيل في العقد طبقاً لنص المادتين 105، 106 من القانون المدني لأن نيابة المستخدم في بيع بضاعة مخدومة في محل هذا الأخير إنما هي مفروضة حتماً ويستوي عند المعارض ضده أن يتعامل مع الأصيل أو النائب". ويبين من هذا أن المحكمة قد استخلصت بسلطتها الموضوعية من واقع الشكوى الإدارية رقم 8440 سنة 1958 الأزبكية أن أحمد كمال سليم له صفة النيابة عن الشركة الطاعنة في بيع السيارة التي تفرع عن بيعها هذا النزاع. وقد استدلت على ذلك بأسباب سائغة تؤدى عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها، وخلافاً لما تقوله الطاعنة لم تعتمد المحكمة في استخلاصها قيام علاقة النيابة من الورقة التي قدمها أحمد كمال سليم في تحقيق الشكوى الإدارية سالفة الذكر وإنما اعتمدت على الظروف المحيطة بالتعامل على نفس السيارة بين مالكها الأصلي - عبد العزيز المليفى - وبين أحمد كمال سليم باعتباره ممثلاً للشركة الطاعنة وبيعها بعد ذلك من أحمد كمال سليم إلى المطعون عليه وبذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تكييف علاقة الطاعنة بأحمد كمال سليم ولا شابه قصور في التسبيب.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 4/ 4/ 1963 الطعن 264 س 27 ق السنة 14 ص 475.

الطعن 498 لسنة 29 ق جلسة 7 / 7 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 144 ص 956

جلسة 7 من يوليه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

-------------

(144)
الطعن رقم 498 لسنة 29 القضائية

(أ) نقض "المصلحة في الطعن".
يكفي لتوافر المصلحة في الطعن قيامها وقت صدور الحكم المطعون فيه. لا يحول دون قبول الطعن زوالها بعد ذلك.
(ب) عقد. "عقد إداري". قرار إداري. اختصاص. "الاختصاص المتعلق بالولاية".
لم يعرف القانون العقود الإدارية أو القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص المميزة لها. على المحاكم إعطاء هذه العقود والقرارات وصفها القانوني توصلاً إلى تحديد اختصاصها في الفصل في النزاع المطروح عليها أو في الإجراء الوقتي المطلوب اتخاذه.
(ج) عقد. "تكييفه". "عقد إداري".
العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد. اعتبارها عقوداً إدارية. شرطه، تعلقها بتسيير مرفق عام، وإظهار الإدارة نيتها في الأخذ في شأنها بأسلوب القانون العام بتضمينها شروطاً استثنائية وغير مألوفة تنأى بها عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها على اللوائح الخاصة بها.

---------------
1 - يكفي لتحقق المصلحة في الطعن قيامها وقت صدور الحكم المطعون فيه، فلا يحول دون قبول الطعن زوالها بعد ذلك (1).
2 - إذا كان القانون لم يعرف العقود الإدارية أو القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوفر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل، فإن من وظيفة المحاكم أن تعطي هذه العقود وتلك القرارات وصفها القانوني على هدى حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم وذلك توصلاً إلى تحديد اختصاصها للفصل في النزاع المطروح عليها أو في الإجراء الوقتي المطلوب اتخاذه (2).
3 - العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقوداً إدارية إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ في شأنها بأسلوب القانون العام بأن تضمن عقدها شروطاً استثنائية وغير مألوفة تنأى بها عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها (3).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن وزارة الحربية والبحرية (سلاح المركبات) أعلنت عن بيع أدوات ومهمات رأت الاستغناء عنها وذلك بطريق المزاد وكان من بين هذه المهمات اللوطان رقما 2 و5 المشتملان على أصناف قطع جديدة وصالحة للاستعمال في السيارات، وحددت لبيعها يوم 28/ 1/ 1959، وتقدم المطعون عليه هو وآخرون للمزايدة فيها فرسا عليه العطاء في الصفقة المذكورة بمبلغ 7500 ج قام بدفعه كما قام بدفع رسوم الدلالة والملحقات الأخرى غير أن الوزارة امتنعت عن تسليمه مارسا مزاده عليه فوجه إنذاراً في 29/ 4/ 1959 إلى مدير السلاح يطالبه بالتسليم منها إلى الضرر الذي يلحقه بسبب تقلب الأسعار وارتباطه بشأن الصفقة مع آخرين، ثم أقام الدعوى رقم 6776 سنة 1959 مستعجل مصر ضد الطاعن وضد مدير سلاح المركبات طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بتسليم الأصناف التي رسا عليه مزادها في 28/ 1/ 1959 ودفعت وزارة الحربية بعدم اختصاص القضاة المستعجل لأن البيع غير معين بالذات وأصدرت محكمة الأمور المستعجلة حكمها في 26 أغسطس سنة 1959: أولاً - برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء المستعجل وباختصاصه بنظر الدعوى. ثانياً - وبصفة مستعجلة بتسليم المدعي (المطعون عليه) البضاعة التي بالمخازن الرئيسية لسلاح المركبات بالها كستب والتي كانت موضوع مزاد يوم 28/ 1/ 1959 - استأنفت وزارة الحربية هذا الحكم أمام محكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية وقيد استئنافها برقم 1371 سنة 1959 س القاهرة وأثارت في صحيفة الاستئناف دفعاً جديداً، بعدم اختصاص المحاكم لأن النزاع يدور حول عقد إداري يخرج عن اختصاص المحاكم المدنية وعلى فرض أن النزاع لا يتعلق بعقد إداري فثمة قرار إداري أصدره رئيس هيئة الإمدادات والتموين بإلغاء المزاد وإجراء مزايدة جديدة، وأن القضاء بالتسليم فيه تعرض لذلك القرار بالتعطيل فضلاً عن مساسه بأصل الحق - وأشارت الوزارة الطاعنة في مذكرتها إلى أن المزاد لم يتم طبقاً للائحة المنقصات والمزادات الصادر بها القرار الوزاري رقم 542 لسنة 1957 - وقد أصدرت المحكمة الاستئنافية حكمها في 9/ 11/ 1959 بتأييد الحكم المستأنف وبنت قضاءها على أن المزايدة تمت بإجراءات صحيحة ومطابقة للقانون وأن عقد البيع الذي انعقد نتيجة لهذه المزايدة هو عقد مدني ينطبق عليه حكم المادة 99 من القانون المدني وليس عقداً إدارياً فلا يقبل بعد انعقاده تدخلاً من جهة الإدارة ولا يرد عليه قرار إداري من شأنه أن يمس ملكية المنقولات التي انتقلت إلى الراسي عليه المزاد وتعلق بها حقه - طعن وزير الحربية في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ في 8 من ديسمبر سنة 1959 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأمامها تمسكت النيابة بمذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم وأصدرت دائرة الفحص قرارها في 16/ 4/ 1963 بإحالة الطعن إلى هذه الدائر وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون عليه دفع بعدم قبول الطعن لانعدام المصلحة فيه - ذلك أنه بعد قضاء هذه المحكمة برفض طلب وقف التنفيذ اختار الطاعن تسليم البضاعة إليه متخلياً بذلك عن متابعة إجراءات إعادة طرحها في المزاد العلني، كما أنه - المطعون عليه - قد تصرف في البضاعة فلم يعد محل لمزايدة جديدة.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه يكفي لتحقق المصلحة في الطعن قيامها وقت صدور الحكم المطعون فيه فلا يحول دون قبول الطعن زوالها بعد ذلك طبقاً لما جرى به قضاء هذه المحكمة.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص على أن من حق القضاء المستعجل فحص الأمر الإداري لبحث ما إذا كانت شروطه متوافرة فإن تبين له أن الإدارة جاوزت سلطانها واتخذت إجراء لا يطابق القانون اعتبر العمل المترتب على هذا التصرف باطلاً ويتعين محو أثره باعتباره عملاً عدوانياً يعدم القرار الإداري، وقد سجل الحكم المطعون فيه أن إجراءات البيع وقعت صحيحة طبقاً للقوانين واللوائح ورفعت لجنة البت إجراءاتها إلى مدير سلاح المركبات للتصديق عليها وتم التصديق ورتب الحكم على ذلك أن خطاب رئيس هيئة الإمدادات والتموين في 11/ 3/ 1959 بتأجيل النظر في اعتماد إجراءات البيع بالمزاد لحين البت في إجراءات مجلس التحقيق وكذلك خطابه المؤرخ في 10 أغسطس سنة 1959 بإلغاء المزاد الأول وعمل مزايدة جديدة تراعى فيها جميع اللوائح والتعليمات بفرض انطوائهما على قرارات إدارية فهي قرارات منعدمة لأنها تناولت منقولات انتقلت ملكيتها للمطعون عليها وللقضاء المستعجل أن يدرأ الخطر الناجم عنها - ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم خطأ في القانون ذلك أن المشرع رسم أحكام المزايدات والمناقصات في القانون رقم 236 لسنة 1954 ولائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بالقرار رقم 542 لسنة 1957 وحددت هذه اللائحة الجهات الإدارية التي تقرر إجراء المزايدة والتي تتولى إجراءاتها وتلك التي تبت في نتيجتها وتتولى إبرام العقود الخاصة بما تسفر عنه إجراءات المزايدة أو المناقصة - وتقضي المادتان 66، 151 منها بأن لجنة البت في المناقصات هي ذات لجنة البت في المزايدات وهي تشكل من موظفين معينين وفنيين في المصالح التي ترغب في البيع والشراء بحيث إذا شكلت اللجنة من غير هؤلاء كان تشكيلها باطلاً وقراراتها معدومة الأثر - وأضافت الوزارة أن المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 تجيز لرئيس المصلحة إلغاء قرار المفاوضة ولا شبهة في أن له هذا الحق بالنسبة للمزاد طبقاً للمادة 11 لأنه صاحب السلطة في إبرام العقود مع من يرسو عليه المزاد أو المناقصة فله بالتالي أن يلغي المناقصة وأن يمتنع عن إبرام العقد إذا شاب الإجراءات غش أو تدليس أو كانت اللجنة مشكلة تشكيلاً باطلاً ولا معقب عليه في ذلك إلا من محكمة القضاء الإداري - أما المحاكم المدنية فلا تملك التعرض لهذه القرارات بإلغاء أو تأويل - ولا يجدي الحكم ما تعلل به من أن القضاء المستعجل يمحو الأثر المترتب على تصرفات الإدارة إذا جاوزت سلطتها أو خالفت القوانين واللوائح ذلك أن المادة 8/ 6 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 تجعل المحاكم الإدارية - دون غيرها - المختصة بذلك أياً كان سبب الإلغاء - وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء القرارين الصادرين من رئيس هيئة الإمدادات والتموين بالجيش اللذين تضمنهما خطابا 11 مارس و10 أغسطس سنة 1959 تأسيساً على أن قائد سلاح المركبات قد اعتمد إجراءات لجنة البت فانتقلت بذلك ملكية المبيعات إلى المطعون عليه ورتب على ذلك بطلان القرارين المتقدمين لمساسهما بملكية المطعون عليه - إذ جري الحكم بذلك فإنه قد جاوز اختصاصه بتأويله القرارين ووقفه تنفيذهما - ولا محل لتطبيق أحكام القانون المدني في انتقال الملكية بطريق المزاد طبقاً للمادة 99 ذلك أن القانون رقم 236 لسنة 1954 ولائحة المناقصات والمزايدات هما الواجبا التطبيق وحدهما في كافة ما تجريه الحكومة من بيع أو شراء - ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن جهة الإدارة لم توقع عقداً مع المطعون عليه ببيع الأشياء الراسي علنه مزادها وأن كل ما ينسبه الحكم إلى جهة الإدارة أن رئيس سلاح المركبات قد اعتمد إجراءات لجنة البت واتخذ الحكم من ذلك سنداً لتقرير اختصاصه بنظر الدعوى وذهب إلى مناقشة قراري رئيس هيئة الإمدادات فتأولهما بأنهما قد مسا ملكية المطعون عليه في المهمات التي رسا مزادها عليه وخلص من ذلك إلى وقف تنفيذ هذين القرارين وتسليم المهمات إلى المطعون عليه فإنه يكون قد خالف قواعد الاختصاص الوظيفي وكان يتعين عليه القضاء بعدم الاختصاص تاركاً لجهة القضاء الإداري الكلمة في هذا الشأن.
وحيث إنه يبين من مطالعة حكم قاضي الأمور المستعجلة الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه أنه بني قضاءه على قوله: "وحيث إن الذي تستظهره المحكمة من أوراق الدعوى ودفاع الطرفين أن سلاح المركبات أعلن عن بيع صفقات وحدد موعداً لكل صفقة ومكانها وموضوعها - ولم يضع في ذلك الإعلان أية شروط للمزايدة بل أطلقها من كل قيد وقد سدد المدعي ثمن اللوطات المبيعة في نفس اليوم بالها كستب ومصاريف الدلالة - وهذا يدل على أن مزاد ذلك اليوم قد رسا على المدعي وأنه قام بسداد ثمنه وبذلك يكون العقد قد تم بينه وبين مدير سلاح المركبات إعمالاً لحكم المادة 99 مدني ومقتضى ذلك أن البضاعة موضوع المزاد تنتقل ملكيتها إلى المدعي ويكون من حقه استلامها طالما أن تقصيراً ما لم ينسب إليه في القيام بالتزاماته - لما كان ذلك، وكان المدعى عليهما لم يثيرا أيه منازعة في إجراءات المزاد أو شروطه وكانت البضاعة المراد تسليمها معينة بذاتها من تحديد مكان وجودها وموعد بيعها فإنه يتعين القضاء بتسليمها". ولما كان القانون لم يعرف العقود الإدارية أو القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوفر الشروط اللازمة لها ولحصانتها وصيانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل فإن من وظيفة المحاكم أن تعطي هذه العقود وتلك القرارات وصفها القانوني على هدي حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم وذلك توصلاً إلى تحديد اختصاصها للفصل في النزاع المطروح عليها أو في الإجراء الوقتي المطلوب اتخاذه - ولما كانت العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقوداًَ إداريه إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ في شأنها بأسلوب القانون العام بأن تضمن عقدها شروطاً استثنائية وغير مألوفة تنأى بها عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها - وكان واضحاً من حكم قاضي الأمور المستعجلة الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه أن الوزارة لم تضع في نشرة البيع التي أعلنت فيها عن بيع مخلفاتها أية شروط للمزايدة بل أطلقتها من كل قيد، ولم تحل فيه الوزارة على شروط لائحة المناقصات والمزايدات رقم 542 لسنة 1956 وكانت الوزارة الطاعنة لم تقدم إلى محكمة النقض ما يفيد تقديمها إلى محكمة الموضوع الدليل على أنها ضمنت إجراءات المزايدة شروطاً غير مألوفة في القانون الخاص أو أنها اشترطت التزام المزايدين بشروط وإجراءات اللائحة المتقدمة الذكر - تلك الشروط والإجراءات التي هي في حل من التخلي عنها كلها أو بعضها إذا بدا لها عدم ملاءمتها لمصلحة المزايدة - فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن علاقة المطعون عليه بالوزارة يحكمها القانون الخاص وخلص من تطبيقه لأحكام هذا القانون إلى أن العقد قد تم بإرساء المزاد والتصديق عليه من الجهة التي تملك إرساءه - ولم يعتد بالقرارين الصادرين بعد ذلك من رئيس هيئة الإمدادات والتموين بتأجيل اعتماد المزاد ثم بإلغائه فإن الحكم لا يكون مجاوزاً حدود ولايته وبالتالي يكون الطعن عليه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 7/ 3/ 1963 الطعن 16 س 28 ق السنة 14 ص 288.
(2) راجع نقض 28/ 12/ 1944 الطعن رقم 28 س 14 ق مجموعة 25 سنة ص 133.
(3) راجع نقض 6/ 2/ 1964 الطعن رقم 253 س 29 ق السنة 15 ص 213.

الطعن 497 لسنة 29 ق جلسة 7 / 7 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 143 ص 947

جلسة 7 من يوليه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمد توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي.

--------------

(143)
الطعن رقم 497 لسنة 29 القضائية

(أ) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "تقرير التلخيص".
جواز الاستدلال من الحكم على تلاوة تقرير التلخيص متى خلت محاضر الجلسات من هذا البيان.
(ب) دعوى. "الارتباط بين دعويين". محكمة الموضوع.
تقدير قيام الارتباط بين دعويين مسألة موضوعية.
(جـ) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "سقوط الخصومة". "أثره".
الحكم بسقوط الخصومة لا يترتب عليه سقوط الإجراءات السابقة على الدعوى التي صدر فيها. مثال.
(د) عقد. "تفسيره". محكمة الموضوع.
تفسير محكمة الموضوع لعبارات العقد بما تحمله وليس فيه خروج عن مدلولها الظاهر، خروجه عن رقابة محكمة النقض.
(هـ) استئناف. "الطلب الجديد".
تقرير الحكم الابتدائي أحقية المطعون ضدها في تسلم العين المبيعة على أن ترد ما قبضته من معجل الثمن. كون ذلك لا يعدو أن يكون تقريراً قانونياً لأثر الفسخ، وليس قضاء منه بإلزامها برد الثمن إلى الطاعن. عدم مطالبة الطاعن برد ما دفعه لها إلا أثناء نظرا الاستئناف. اعتبار ذلك طلباً جديداً. لا مخالفة فيه للقانون.

--------------
1 - يجوز الاستدلال من الحكم على تلاوة تقرير التلخيص في حالة خلو محاضر الجلسات من هذا البيان (1).
2 - تقدير قيام الارتباط بين دعويين هو مما يستقل به قاضي الموضوع متى بني على أسباب سائغة.
3 - الحكم بسقوط الخصومة لا يترتب عليه سقوط الإجراءات السابقة على الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم، ومن ثم فإن الإعذار الذي وجهه البائع إلى المشتري في تاريخ سابق على رفع الدعوى التي قضى بسقوط الخصومة فيها يظل صحيحاً ومنتجاً لآثاره القانونية.
4 - إذا كان تفسير محكمة الموضوع لعبارات العقد هو ما تحمله هذه العبارات وليس فيه خروج عن مدلولها الظاهر فإن يخرج عن رقابة محكمة النقض.
5 - إذا كان ما قرره الحكم الابتدائي في أسبابه من أن حق المطعون ضدها (البائعة) في تسلم العين المبيعة على أن ترد ما تقاضته من معجل الثمن لا يعدو أن يكون تقريراً قانونياً للأثر المترتب على الفسخ، وليس قضاء منه بإلزامها برد الثمن إلى الطاعن (المشتري)، وكان الطاعن لم يطالب برد ما دفعه للمطعون ضدها إلا أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف فإن الحكم المطعون فيه إذا اعتبر هذا الطلب طلباً جديداً مما تنهي المادة 411 من قانون المرافعات عن تقديمه لأول مرة في الاستئناف فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 448 سنة 1956 كلي الزقازيق على الطاعن وباقي المطعون ضدهم قالت فيها إنه بمقتضى عقد بيع ابتدائي مؤرخ 4 أكتوبر سنة 1942 باعت إلى الطاعن أطياناً زراعية مساحتها 5 ف و13 ط و15 س شائعة في 20 ف و6 ط و3 س كائنة بناحية الشوبك مركز العياط بثمن قدره 700 ج عجل منه الطاعن مبلغ 120 ج وتعهد بدفع الباقي وقدره 580 ج مقسطاً على آجال، ولما لم يقم بسداد الأقساط في المواعيد المتفق عليها فقد أنذرته رسمياً في 10/ 10/ 1943 بالوفاء بها أو بفسخ العقد، ثم أقامت الدعوى رقم 242 سنة 1947 كلي الزقازيق ضد الطاعن ومورث باقي المطعون ضدهم بطلب وضع الأطيان المبيعة تحت الحراسة وفسخ العقد، إلا أنه قضى في تلك الدعوى بسقوط الخصومة، فرفعت المطعون ضدها الأولى الدعوى الحالية تطلب فيها الحكم من جديد بفسخ عقد البيع مع تسليمها الأطيان المبيعة وطلب الطاعن إحالة الدعوى إلى محكمة الجيزة الابتدائية استناداً إلى أنه لم يضع اليد على 1 ف و13 ط و15 س من القدر المبيع لأنه في حيازة آخرين وقد أقامت المطعون ضدها الأولى ضد هؤلاء الدعوى رقم 23 سنة 1945 كلي الجيزة بتسليمها القدر المذكور، وبتاريخ 27/ 5/ 1957 أصدرت محكمة الزقازيق الابتدائية حكمها في الدعوى قاضياً في أسبابه برفض الدفع بالإحالة وفي منطوقه بطلبات المطعون ضدها، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 22 سنة 9 ق المنصورة، وبتاريخ 8/ 11/ 1959 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 7/ 12/ 1959 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 9 من إبريل سنة 1963 وفيها طلبت النيابة رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب يتحصل السبب الأول منها في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه دفع أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم الابتدائي من وجهين (الوجه الأول) أنه لا يبين على وجه اليقين أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة في الدعوى، فقد ذكر في محضر جلسة 6/ 5/ 1957 التي جرت فيها المرافعة اسم عضو اليمين على أنه القاضي محمد أبو شهبه وفوق هذا الاسم اسم القاضي مصطفى عثمان مما لا يعرف معه أيهما الذي اشترك في الهيئة التي سمعت المرافعة، وإذ كان الذي اشترك في المرافعة هو القاضي مصطفى عثمان فإن الحكم قد خلا من بيان أنه وقع على مسودته مما يترتب عليه بطلانه طبقاً للمواد 339 و342 و349 من قانون المرافعات ولم تأخذ محكمة الاستئناف بهذا الدفع بمقولة إن مسودة الحكم موقع عليها من القاضي الذي سمع المرافعة في الدعوى، وأنه لا يؤثر بعد ذلك أن تنطق بالحكم هيئة أخرى غير الهيئة التي سمعت المرافعة (والوجه الثاني) أنه لم يذكر في محضر جلسة 6/ 5/ 1957 التي سمعت فيها المرافعة أمام محكمة الدرجة الأولى أن تقرير التلخيص قد تلي قبل بدء المرافعة مما يترتب عليه بطلان الحكم طبقاً للمادة 116 مرافعات لكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع استناداً إلى أنه يكفي أن يثبت في ديباجة الحكم حصول تلاوة التقرير مع أن بيان ذلك في الحكم لا يغني عن إثباته في محضر الجلسة.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهه الأول بأنه يبين من مطالعة الصورة الرسمية لمحضر جلسة 6/ 5/ 1957 أمام محكمة الدرجة الأولى أن الهيئة التي سمعت المرافعة كانت مشكلة من القضاة محمد أسعد محمود ومصطفى عثمان وعبد الحميد الجندي وأنه وإن كان ذكر اسم القاضي محمد أبو شهبه بهذا المحضر إلا أن هذا الاسم قد وضع بين قوسين متبوعاً بلفظ "صح" بما يفيد أنه لم يشترك في سماع المرافعة كما أثبت في ديباجة الحكم أن هذه الهيئة بذاتها هي التي أصدرته ودون في نهاية الحكم بيان الهيئة التي نطقت به والمشكلة من القضاة محمد أسعد محمود ومحمد شهبه وعبد الحميد الجندي لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في تقريراته أن القاضي مصطفى عثمان وقع على مسودة الحكم، وكان كل ما أوجبته المادة 342 من قانون المرافعات في حالة ما إذا حصل مانع لأحد القضاة الذين اشتركوا في المداولة وحضور تلاوة الحكم أن يوقع على مسودته، وكان ما تتطلبه المادة 349 من قانون المرافعات هو أن يبين في الحكم أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته وكان هذان الإجراءان قد استوفيا في الحكم الابتدائي على ما سبق بيانه فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس، أما عن الوجه الثاني، فأنه وإن كانت الصورة الرسمية من محاضر جلسات محكمة الدرجة الأولى جاءت خلواً مما يفيد تلاوة تقرير التلخيص إلا أنه لما كان الثابت من بيانات الحكم حصول تلك التلاوة وكان يجوز الاستدلال من الحكم على تلاوة تقرير التلخيص في حالة خلو محاضر الجلسات من هذا البيان على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، فإن النعي بهذا الوجه يكون أيضاً على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الدرجة الأولى أنه لم يضع اليد على جزء من المبيع مساحته 1 ف و13 ط و15 س لأنه في حيازة آخرين وأن المطعون ضدها أقامت عليهم الدعوى رقم 23 سنة 1945 كلي الجيزة بطلب تسليمها القدر المذكور، وطلب الطاعن لذلك إحالة الدعوى الحالية إلى محكمة الجيزة الابتدائية لقيام الارتباط بين الدعويين، إلا أن المحكمة الابتدائية لم تفصل في الدفع استقلالاً ولم تأمر بضمه للموضوع واكتفت برفضه في أسباب حكمها مما يجعل هذا الحكم باطلاً لمخالفته نص المادة 132 مرافعات، كما أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف الثابت في الأوراق وأخطأ فيما قرره رداً على هذا الدفع من أن الطاعن لم يتمسك به في الدعوى التي حكم فيها بسقوط الخصومة وأنه لا توجد صلة تبرر جمع الدعويين أمام محكمة واحدة ذلك أن الطاعن كان قد أبدى هذا الدفع في الدعوى السابقة التي قضى بسقوط الخصومة فيها كما وأن الارتباط بين الدعويين قائم ولا يقدح في قيامه قول الحكم إن الطاعن اعترف في العقد بوضع يده على الأطيان المبيعة ذلك أنه بعد صدور هذا العقد في سنة 1942 أقرت المطعون عليها الأولى بوضع يد الغير على جزء من المبيع وأقامت دعواها أمام محكمة الجيزة بطلبه وفي هذا ما يفيد تسليمها بعدم وضع يد الطاعن على ذلك القدر، وأضاف الطاعن أنه تمسك بطلب الإحالة أمام محكمة الاستئناف كما دفع أمامها ببطلان الحكم الابتدائي لمخالفته نص المادة 132 مرافعات إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى بالإحالة إلى أسباب الحكم المستأنف مغفلاً الرد على الدفع ببطلان الحكم المذكور، كما ذكر الطاعن أنه حين طلب بمذكرته المقدمة لمحكمة الدرجة الأولى إحالة القضية لمحكمة الجيزة للارتباط حفظ لنفسه الحق في إبداء دفاعه في الموضوع إلا أن المحكمة أصدرت حكمها دون أن تمكنه من إبداء دفاعه الموضوعي وذكرت تبريراً لذلك أنه لم يكن هناك ما يحول بينه وبين إبداء جميع أوجه دفاعه في المذكرات المقدمة منه في الدعوى التي قضى فيها بسقوط الخصومة هذا في حين أنه لم يحل إطلاقاً إلى المذكرات المقدمة في تلك الدعوى وإذ جاء الحكم المطعون فيه مؤيداً للحكم الابتدائي دون أن يعني بالرد على هذا الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه برفض الدفع بالإحالة على ما قرره من "أن الدعوى المتداولة أمام محكمة الجيزة الابتدائية وإن انصبت على مساحة فدان و13 قيراطاً و15 سهماً الداخلة في عقد البيع المطالب بفسخ التعاقد عنه، كما أن دفاع المدعى عليه (الطاعن) يقوم على أنه لم يضع اليد أصلاً على هذا المقدار إلا أن المحكمة المطلوب الإحالة إليها قد رفعت الدعوى أمامها قبل إبرام عقد البيع الذي نحن بصدده وطولب بالريع فيها عن مدة سابقة ثم أرسى المتعاقدان مسألة وضع اليد في العقد المطالب بفسخه على تفصيل...... مما لا تجد معه المحكمة داعياً لقيام هذه الصلة التي تحدو إلى جمع الدعويين أمام محكمة واحدة" ثم قرر الحكم في موضع آخر ما يأتي "وحيث إنه بشأن الجدل الذي يثيره المشتري خاصاً بعدم وضع يده على مساحة فدان و13 قيراطاً و15 سهماً من الأطيان المبيعة فإن الثابت في البند الرابع من عقد البيع أن المشتري قد وضع يده فعلاً... على الأطيان موضوع العقد واتبع ذلك النص بأنه ليس لهذا المشتري الرجوع بأي حال على البائع فيما يختص بوضع اليد أو خلافه" ولما كان تقرير المحكمة الابتدائية حجز الدعوى برمتها للحكم يتضمن ضم الدفع إلى الموضوع، وكان ما استندت إليه تلك المحكمة في رفض الدفع بالإحالة من إن الطاعن قد أقر في العقد الذي أبرم تالياً لرفع الدعوى المقامة أمام محكمة الجيزة بأنه وضع يده على فدان و13 قيراطاً و15 سهماً المتنازع عليه وأنه يمتنع عليه الرجوع على البائعة فيما يختص بوضع اليد، هذا الذي استندت إليه المحكمة له أصله في الأوراق ويسوغ رفض الدفع بالإحالة، وكان تقدير قيام الارتباط بين دعويين هو مما يستقل به قاضي الموضوع متى بني على أسباب سائغة، فإن النعي في حكمها بالخطأ ومخالفة الثابت في الأوراق يكون غير صحيح وبالتالي يكون النعي على الحكم المطعون فيه لإغفاله الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص غير منتج. أما ما ينعاه الطاعن من أن المحكمة الابتدائية لم تمكنه من إبداء دفاعه في الموضوع رغم احتفاظه بالحق في إبداء هذا الدفاع وذلك في المذكرة المقدمة منه على الدفع فمردود بأنه لما كان هذا النعي وارداً على الحكم الابتدائي وكان الطاعن لم يدع أن محكمة الاستئناف حالت بينه وبين إبدائه دفاعه الموضوعي فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
وحيث إن السببين الثالث والرابع يتحصلان في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في القانون وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة الموضوع قضت بفسخ عقد البيع رغم عدم سبق إعذاره بذلك اكتفاء بما قررته من أن الإعذار السابق في الدعوى التي قضى فيها بسقوط الخصومة منتج لآثاره القانونية، مع أن هذا الإعذار قد زال أثره بحكم سقوط الخصومة. كما أن المحكمة اعتبرت الطاعن مقصراً في الوفاء بالتزامه بدفع باقي الثمن في حين أنه وجه إلى المطعون ضدها الأولى بتاريخ 11/ 12/ 1945 إنذاراً أبدى فيه استعداده لدفع الأقساط المستحقة من الثمن، ولما رفضت ذلك أودع المبلغ خزانة المحكمة على أن يصرف لها بعد قيامها بتسجيل الحكم رقم 2050 سنة 31 ق الخاص بشطب الرهون والحكم القاضي برفض طلب تثبيت ملكية حفنى فرج للقدر موضوع النزاع وأضاف الطاعن أن قضاء المحكمة بالفسخ جاء مخالفاً للبند الثالث من العقد الذي لا يخول لأحد طرفيه الفسخ إذا أخل الطرف الآخر بالتزاماته.
وحيث إنه ورد بأسباب الحكم الابتدائي التي أحال إليها الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بفسخ العقد على أن "الطاعن بوصفه مشترياً قد تأخر في تنفيذ التزاماته بالوفاء بباقي الثمن لأنه كان يجب عليه طبقاً للعقد دفع الأقساط الثلاثة الأولى وقدرها 450 ج في موعد غايته أول أكتوبر سنة 1945 وأنه أقر بأحقية المطعون ضدها الأولى في إنذاره المؤرخ 11/ 12/ 1945 في استلام الأقساط المذكورة مما يبين منه أن حق المطعون ضدها الأولى قد تعلق بالفسخ لعم قيام الطاعن بالتزامه بالنسبة لثمن الفدادين الأربعة التي لا ينازع في أنه واضع اليد عليها فعلاً - وأنه لا يمكن أن ينسب للمطعون ضدها الأولى أي تقصير لأن التزامها بإنجاز العقد إنما يتولد عندما يوفي المشتري الأقساط المذكورة وأضاف الحكم أنه ليس ثمة ما يمنع المطعون ضدها الأولى من التمسك بالإعذار السابق في الدعوى التي قضى فيها بسقوط الخصومة"، وقرر أيضاً "أن البند السادس من عقد البيع لا يحول دون إمكان المطعون ضدها الأولى طلب فسخ البيع لأن ما ورد في هذا البند من أنه ليس لأحدهما الرجوع في البيع وأن كل من يتأخر في تنفيذ ما جاء به من التزامات يكون ملزماً بدفع مبلغ مائتي جنيه مع تنفيذ العقد، لا يعدو أن يكون تحديداً لشرط جزائي عند تأخر أحد العاقدين في الوفاء بما التزم به"، ولما كان الحكم بسقوط الخصومة لا يترتب عليه سقوط الإجراءات السابقة على الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم فإن الأعذار الذي وجهته المطعون عليها (البائعة) إلى الطاعن (المشتري) في تاريخ سابق على رفع الدعوى التي قضى بسقوط الخصومة فيها يظل صحيحاً ومنتجاً لآثاره القانونية، لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من نفي التقصير عن المطعون ضدها ومن اعتبار الطاعن مخلاً بالتزامه بما يجعل للمطعون ضدها حقاً في طلب فسخ العقد - هذا الذي انتهى إليه الحكم قد بني على استخلاص سائغ ولا مخالفة فيه للقانون - وكان تفسير محكمة الموضوع لنص. البند السادس من العقد بأنه لا يعدو أن يكون اتفاقاً على شرط جزائي يسري في حالة تأخير أحد العاقدين في الوفاء بما التزم به ولا يمنع المطعون ضدها من استعمال حقها في طلب الفسخ متى قامت موجباته - هذا التفسير هو ما تحمله عبارات ذلك النص وليس فيه خروج على مدلولها الظاهر وبالتالي يخرج عن رقابة محكمة النقض لما كان ما تقدم، فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن بأنه طلب أمام محكمة الاستئناف أن يقضي له بإلزام المطعون ضدها الأولى برد معجل الثمن استناداً إلى ما قررته المحكمة الابتدائية في أسباب حكمها من أن أثر الفسخ من شأنه إعادة العاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، إلا أن المحكمة إذا اعتبرت هذا الطلب طلباً جديداً مما لا يجوز إبداؤه لأول مرة في الاستئناف هو نظر غير صحيح في القانون لأن الحكم الابتدائي أشار في أسبابه إلى أن التسليم الذي قضى به هو مقابل قيام البائعة برد ما قبضته من الثمن مما كان يقتضي من محكمة الاستئناف أن تربط بين هذين الالتزامين فتحكم للطاعن باسترداد ما دفعه من الثمن ما دامت قد حكمت للمطعون ضدها بالتسليم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما قرره الحكم الابتدائي في أسبابه من أن حق المطعون ضدها بتسليم العين المبيعة على أن ترد ما تقاضته من معجل الثمن لا يعدو أن يكون تقريراً قانونياً للأثر المترتب على الفسخ، وليس قضاء منه بإلزام المطعون ضدها الأولى برد الثمن إلى الطاعن، ولما كان الطاعن لم يطالب برد ما دفعه للمطعون ضدها إلا أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا الطلب طلباً جديداً مما تنهي المادة 411 من قانون المرافعات عن تقديمه لأول مرة في الاستئناف فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن السبب السادس يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفته القانون ذلك أنه قضى بإلزام المطعون ضدهن من الثانية إلى السادسة بتسليم العين مع أنهن أقحمن في الدعوى بغير سبب وقد طلب الطاعن من محكمة الاستئناف استبعادهن من الدعوى لأنه هو المشتري والمقر بالاستلام، إلا أنها أغفلت الرد على ذلك.
وحيث إنه لما كان ما أثير بهذا السبب هو من شأن المطعون عليهن من الثانية إلى السادسة وليس لغيرهن إثارته فإن هذا النعي يكون غير مقبول من الطاعن لانتفاء مصلحته فيه.


(1) راجع نقض 2/ 5/ 1963 الطعن 87 س 28 ق السنة 14 ص 631.

الطعن 25478 لسنة 88 ق جلسة 5 / 9 / 2021

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الأحد ( أ )
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ خالد مقلد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد قنديل و مصطفى الدخميسي وأسامة عبد الرحمن أبو سليمه و محمد غنيم نواب رئيس المحكمة

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ إسلام الشافعي .

وأمين السر السيد / هشام عبد القادر .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأحد الموافق 28 من المحرم سنة 1443ه الموافق 5 من سبتمبر سنة 2021م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 25478 لسنة 88 القضائية .

المرفوع من :
......  محكوم عليه
ضد
النيابة العامة
----------------

" الوقائع "

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 11396 لسنة ٢٠١8 قسم العطارين (والمقيدة بالجدول الكلى برقم 897 لسنة ٢٠١8) . بأنه في يوم 25 من مارس سنة ٢٠١8 بدائرة قسم العطارين - محافظة الإسكندرية .
- أحرز بقصد التعاطي أقراصاً تحوى جوهر (الترامادول) المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
- أحرز بقصد التعاطي أقراصاً تحوي مواد تخضع لبعض قيود الجواهر المخدرة (البنزهيكسول والكلونازيبام أحد مشتقات البنزوديازبين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 15 من سبتمبر سنة 2018 عملاً بالمواد ۱/۱ ، ۲ ، ۳۷/1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة ۱۹77 ، ۱۲۲ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم (١٥٢) من القسم الثاني من الجدول رقم (۱) الملحق بالقانون الأول والمضاف بقرار وزير الصحة رقم ١٢٥ لسنة ٢٠١٢ ، مع إعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات . بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمده سنة واحدة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه وبمصادرة الأقراص المخدرة المضبوطة . بعد أن استبعدت من الوصف التهمة الثانية .
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلاً عن الأستاذ/ .... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 30 من سبتمبر سنة 2018 ، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى 13 من نوفمبر سنة 2018 موقعاً عليها من الأستاذ/ .... المحامي .
وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة على النحو المبين بمحضر الجلسة .
--------------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إد دانه بجريمة إحراز عقار الترامادول المخدر بقصد التعاطي قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على إخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً بما تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ولم يورد مؤدى الأدلة في بيان كاف ، ولم يشر إلى نص القانون الذي دان الطاعن بمقتضاه ، وعول في إدانته على أقوال الضابط وحده والذي حجب دون مبرر رجال القوة المرافقة له عن الشهادة ، وخلو الأوراق من دليل آخر يساندها ، كما استند إلى اعترافه بتحقيقات النيابة العامة رغم كونه وليد اكراه ، وعدوله عنه في جلسة المحاكمة ، وعرض بما لا يسوغ للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس كون ضابط الواقعة لم يتبين كنه المادة المخدرة قبل القبض على الطاعن . بما يعيب الحكم ويستوجب نقصه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال ضابط الواقعة وما انتهى إليه تقرير المعمل الكيماوي ، لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوع فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وكان البين مما أورده الحكم كافياً في تفهم واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة ، وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وكانت الأدلة التي أوردها الحكم سائغة ومن شأنها أن تودي إلى ما رتيه عليها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين مواد الاتهام التي دان الطاعن بها - خلافاً لما يزعمه الطاعن - فإن النعي على الحكم بإغفال نص القانون يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة ، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق ، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، فإن تعويل الحكم على شهادة شاهد واحد ليس فيه ما يخالف القانون ، وينحل نعي الطاعن في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه - خلافاً لما ذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه - قد عول على اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وكذا نتيجة تحليل العينة التي قامت النيابة العامة بالحصول عليها منه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى ، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف الصادر منه ، ولا بأنه كان وليد إكراه ، فلا يُقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من ذلك القبض المدعى ببطلانه ، وإنما أقام قضاءه على الأدلة المستمدة من اعتراف الطاعن أمام النيابة العامة ومن تقرير المعامل الكيماوية لفحص العينة المأخوذة منه بمعرفة النيابة العامة ، وهي أدلة مستقلة عن القبض وما أسفر عنه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون قويماً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .