الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 يناير 2023

الطعن 214 لسنة 40 ق جلسة 6 / 4 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 130 ص 547

جلسة 6 من أبريل سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد ماهر محمد حسن.

-------------

(130)
الطعن رقم 214 لسنة 40 القضائية

(أ، ب، ج، د) مواد مخدرة. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. "القصد الخاص". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". اتفاقات دولية.
(أ) عدم تحقق جريمة جلب المخدر. إلا إذا كان المخدر يفيض عن حاجة الشخص واستعماله الشخصي. أساس ذلك؟
(ب) ماهية الجلب في معنى المواد 1، 2، 3، 33/ 1، 42 من القانون 182 لسنة 1960؟
(ج) تضمن التشريعات المصرية في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها. حظر جلب المخدرات. على توال في تشديد العقوبة.
(د) حظر المشرع جلب الجواهر المخدرة. مقصود به. بسط رقابته على عمليات التجارة الدولية في شأنها.

------------
1 - جلب المخدر معناه استيراده، وهو معنى لا يتحقق إلا إذا كان الشيء المجلوب يفيض عن حاجة الشخص واستعماله الشخصي، ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس، يدل على منحى التشريع نفسه وسياسته في التدرج بالعقوبة على قدر جسامة الفعل ووضع كلمة الجلب في مقابل كلمة التصدير في ذات النص، فضلاً عن نصوص الاتفاقات الدولية التي انضمت إليها مصر قياماً منها بواجبها نحو المجتمع الدولي في القضاء على تداول المواد المخدرة وانتشارها، ولا يعقل أن مجرد تجاوز الخط الجمركي بالمخدر يسبغ على فعل الحيازة أو الإحراز معنى زائد عن طبيعته، إلا أن يكون تهريباً لا جلباً كما تقدم إذ الجلب أمر مستقل بذاته، ولكن تجاوز الخط الجمركي بالسلعة الواجبة المنع، أو موضوع الرسم شرط لتحققه. وإذ كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أطلق القول باعتبار الفعل جلباً ولو تحقق فيه قصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه والإحالة لقصوره عن استظهار هذا القصد الذي تدل عليه شواهد الحال.
2 - إن الجلب الذي عناه المشرع في المواد 1، 2، 3، 33/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، استهدف مواجهة عمليات التجارة الدولية في المواد المخدرة والقضاء على تهريبها وفاء بالتزام دولي عام، قننته الاتفاقات الدولية المختلفة ومنها اتفاقية الأفيون الدولية والبروتوكول الملحق بها والتي تم التوقيع عليها بجنيف في 19 من فبراير سنة 1925 وبدئ في تنفيذها في سبتمبر سنة 1925 وانضمت إليها مصر في 16 من مارس سنة 1926، وتعتبر هذه الاتفاقية الأصل التاريخي الذي استمد منه المشرع أحكام الاتجار في المخدرات واستعمالها.
3 - إنه على أثر توقيع مصر لاتفاقية الأفيون الدولية ووضعها موضع التنفيذ صدر القانون رقم 21 في 14/ 4/ 1928 وحظر في المادة الثالثة منه على أي شخص أن يجلب إلى القطر المصري أو يصدر منه أي جوهر مخدر، إلا بترخيص خاص من مصلحة الصحة العمومية، وحدد في المادة الرابعة منه الأشخاص الذين يمكن أن يحصلوا على رخص الجلب، وهم أصحاب الصيدليات والمعامل وتجار المخدرات المرخص لهم ومصالح الحكومة والوكلاء أو الوسطاء للمتحصلات الطبية الأقرباذينية والأطباء، ثم صدر بعد هذا القانون المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 في 25/ 12/ 1952 ثم القانون رقم 180 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، وتضمنت كلها النص على ذات الحظر في شأن الجلب، على توال في تشديد العقوبة حالاً بعد حال.
4 - يبين من نصوص القوانين أرقام 21 لسنة 1928 و351 لسنة 1952 و160 لسنة 1960 المعدل، في صريح عبارتها وواضح دلالتها أن المشرع أراد من حظر الجلب أن يبسط رقابته على عمليات التجارة الدولية في الجواهر المخدرة، فحظر جلبها وتصديرها، وفرض قيوداً إدارية لتنظيم التعامل فيها وتحديد الأشخاص الذين يسمح لهم بهذا الاستثناء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 21 من أكتوبر سنة 1968 بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة: جلب إلى الجمهورية العربية جوهراً مخدراً (حشيشاً) قبل الحصول على الترخيص المبين في القانون. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و3 و33/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم/ 1 الملحق به مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه خمسة آلاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة جلب جواهر مخدرة دون ترخيص قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب ذلك بأن جريمة جلب جواهر مخدرة المعاقب عليها بمقتضى القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 الذي دين الطاعن بمقتضاه لا يكفي فيها ثبوت قصد التعاطي بل تفترض توافر قصد الاتجار الأمر المتخلف لدى الطاعن ولم تتفطن المحكمة إلى ما تمسك به الطاعن من دفاع جوهري في هذا الشأن مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عرض لما أثاره الدفاع من أن المخدر المضبوط أحضره الطاعن معه من الخارج لا على وجه الجلب بل بقصد استعماله الشخصي ورد عليه بقوله "وحيث إن جلب المواد المخدرة لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل الجمهورية وهو يمتد في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في الفصل الثاني من القانون المذكور في المواد من 3 إلى 6 وهو ما تحقق وقوعه من المتهم لإقراره بإحضار كمية الحشيش المضبوط معه من عمان إلى حيث عثر عليها أثناء اتخاذ الإجراءات الجمركية بمطار القاهرة دون ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة وبالمخالفة لما تقضي به المواد المذكورة. فيكون جلبه المخدر قد وقع على وجه مخالف للقانون بغض النظر عن حقيقة قصده منه أو باعثه عليه". وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الجلب الذي عناه المشرع في المواد 1، 2، 3، 33/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 استهدف مواجهة عمليات التجارة الدولية في المواد المخدرة والقضاء على تهريبها وفاء بالتزام دولي عام قننته الاتفاقات الدولية المختلفة ومنها اتفاقية الأفيون الدولية والبروتوكول الملحق بها والتي تم التوقيع عليها بجنيف في 19 من فبراير سنة 1925 وبدئ في تنفيذها في سبتمبر سنة 1925 وانضمت إليها مصر في 16 من مارس سنة 1926. وتعتبر هذه الاتفاقية الأصل التاريخي الذي استمد منه المشرع أحكام الاتجار في المخدرات واستعمالها، وقد أوضحت الاتفاقية أن من بين أغراضها "إجراء مراقبة وملاحظة على التجارة الدولية" ونص في المادة 13 منها في باب مراقبة التجارة الدولية ما نصه "يجب على كل دولة من الدول المتعاقدة أن تشترط الحصول على رخصة جلب خاصة عن كل طلب لأي مادة من المواد التي تطبق عليها نصوص هذه الاتفاقية ويذكر في هذه الرخصة المقدار المطلوب جلبه واسم وعنوان الجالب وكذلك اسم وعنوان المصدر ويذكر في رخصة الجلب المدة التي يجب أن يتم فيها الجلب ويمكن أن يباح الجلب على جملة دفعات". وعلى أثر توقيع تلك الاتفاقية ووضعها موضع التنفيذ صدر القانون رقم 21 في 14/ 4/ 1928 وحظر في المادة الثالثة منه على أي شخص أن يجلب إلى القطر المصري أو يصدر منه أي جوهر مخدر إلا بترخيص خاص من مصلحة الصحة العمومية، وحدد في المادة الرابعة منه الأشخاص الذين يمكن أن يحصلوا على رخص الجلب وهم أصحاب الصيدليات والمعامل وتجار المخدرات المرخص لهم ومصالح الحكومة والوكلاء أو الوسطاء للمتحصلات الطبية الأقرباذينيه والأطباء، ثم صدر بعد هذا القانون المرسوم بقانون رقم 351 سنة 1952 في 25/ 12/ 1925 ثم القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 وتضمنت كلها النص على ذات الحظر في شأن الجلب على توال في تشديد العقوبة حالاً بعد حال. ويبين من نصوص مواد هذه القوانين في صريح عبارتها وواضح دلالتها أن المشرع أراد من حظر الجلب أن يبسط رقابته على عمليات التجارة الدولية في الجواهر المخدرة فحظر جلبها وتصديرها وفرض قيوداً إدارية لتنظيم التعامل فيها وتحديد الأشخاص الذين يسمح لهم بهذا الاستثناء. فجلب المخدر معناه إذن استيراده وهو معنى لا يتحقق إلا إذا كان الشيء المجلوب يفيض عن حاجة الشخص واستعماله الشخصي ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس، يدل على ذلك منحى التشريع نفسه وسياسته في التدرج بالعقوبة على قدر جسامة الفعل ووضع كلمة الجلب في مقابل كلمة التصدير في ذات النص فضلاً عن نصوص الاتفاقات الدولية التي انضمت إليها مصر قياماً منها بواجبها نحو المجتمع الدولي في القضاء على تداول المواد المخدرة وانتشارها، ولا يعقل أن مجرد تجاوز الخط الجمركي بالمخدر يسبغ على فعل الحيازة أو الإحراز معنى زائداً عن طبيعته إلا أن يكون تهريباً لا جلباً كما تقدم إذ الجلب أمر مستقل بذاته، ولكن تجاوز الخط الجمركي بالسلعة الواجبة المنع، أو موضوع الرسم شرط لتحققه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه أطلق القول باعتبار الفعل جلباً، ولو تحقق فيه قصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه والإحالة لقصوره عن استظهار هذا القصد الذي تدل عليه شواهد الحال، فضلاً عن أن تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق لمحكمة الموضوع دون محكمة النقض.

الطعن 1627 لسنة 41 ق جلسة 6 / 3 / 1972 مكتب فني 23 ج 1 ق 70 ص 301

جلسة 6 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود عطيفة، وإبراهيم الديوانى، وعبد الحميد الشربيني، وحسن المغربي.

---------

(70)
الطعن رقم 1627 لسنة 41 القضائية

(أ) قانون. "نفاذ القانون". "تفسير القانون". "قانون دولي".
القانون الجنائي. طبيعته: استقلاله عن غيره من النظم القانونية الأخرى. مرماه ومهمته الدفاع عن أمن الدولة وحماية المصالح الجوهرية فيها. ما يجب على المحكمة مراعاته عند تطبيقه من التقيد بإرادة الشارع فيه بغض النظر عما يفرضه القانون الدولي من قواعد ومبادئ يخاطب بها الدول الأعضاء في الجماعة الدولية.
(ب) اتفاقيات دولية. معاهدات دولية. مواد مخدرة. قانون. "تفسيره". "إلغاؤه". قرارات وزارية.
إلغاء النص التشريعي لا يجوز إلا بتشريع لاحق ينص على الإلغاء صراحة أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد موضوع ذلك التشريع.
الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الموقعة في نيويورك في 30 مارس سنة 1961 والصادر بالموافقة عليها القرار الجمهوري 1764 سنة 1966. غايتها قصر استعمال المخدرات على الأغراض الطبية والعلمية وقيام تعاون ومراقبة دوليين لتحقيقها. البين من استقرار نصوصها أنها لا تعدو مجرد دعوة إلى الدول للقيام بعمل منسق لضمان فعالية التدابير المتخذة ضد إساءة استعمال المخدرات. هي لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمنا - أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول التي تنضم إليها بل حرصت على الإفصاح عن عدم إخلال أحكامها بأحكام القوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية.
الشارع المصري لم يرد الخروج عن تعريف المواد المخدرة الواردة بالجداول الملحقة بالقانون 182 سنة 1960 من بعد العمل بتلك الاتفاقية بدلالة عدم صدور قرار وزاري طبقا للمادة 32 من القانون المذكور بالحذف أو بالإضافة أو بتغيير النسب في المواد الواردة بتلك الجداول.

)ج) إثبات. "خبرة" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". مواد مخدرة.
طلب إعادة تحليل المادة المضبوطة. عدم التزام المحكمة بإجابته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
(د) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه به ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية.

-------------
1 - القانون الجنائي هو قانون جزائي له نظام قانوني مستقل عن غيره من النظم القانونية الأخرى وله أهدافه الذاتية إذ يرمى من وراء العقاب إلى الدفاع عن أمن الدولة، ومهمته الأساسية حماية المصالح الجوهرية فيها فهو ليس مجرد نظام قانوني تقتصر وظيفته على خدمة الأهداف التي تعنى بها تلك النظم. وعلى المحكمة عند تطبيقه على جريمة منصوص عليها فيه وتوافرت أركانها وشروطها أن تتقيد بإرادة الشارع في هذا القانون الداخلي ومراعاة أحكامه التي خاطب بها المشرع القاضي الجنائي فهي الأولى في الاعتبار بغض النظر عما يفرضه القانون الدولي من قواعد أو مبادئ يخاطب بها الدول الأعضاء في الجماعة الدولية (1).
2 - من المقرر أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع وإذ كان البين مما جاء بديباجة الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الموقعة في نيويورك بتاريخ 30 من مارس سنة 1961 والتي صدر القرار الجمهوري رقم 1764 سنة 1966 في 2 مايو سنة 1966 بالموافقة عليها أن غايتها قصر استعمال المخدرات على الأغراض الطبية والعلمية وقيام تعاون ومراقبة دوليين دائمين لتحقيق تلك الغاية وكان البين من استقراء نصوص الاتفاقية وأخصها المادتان الثانية - في دعوتها الدول لبذل غاية جهدها لتطبيق إجراءات الإشراف الممكنة على المواد التي لا تتناولها الاتفاقية والتي قد تستعمل مع ذلك في صنع المخدرات غير المشروع - والفقرة الأخيرة من المادة السادسة والثلاثين فيما نصت عليه من أن "لا تتضمن هذه المادة أى حكم يخل بمبدأ تعريف الجرائم التي تنص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقا للقوانين المحلية في الدول والأطراف المعنية"، فإن هذه الاتفاقية لا تعدو مجرد دعوة إلى الدول بصفتها أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فاعلية التدابير المتخذة ضده إساءة استعمال المخدرات لأن الاتفاقية لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمنا - أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول التى تنضم إليها، بل لقد حرصت على الإفصاح عن عدم إخلال أحكامها بأحكام القوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية. وإذ كانت المادة 32 من القانون رقم 182 سنة 1960 قد خولت الوزير المختص بقرار يصدره أن يعدل في الجداول الملحقة به بالحذف أو بالإضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها فإن عدم صدور قرار بشيء من ذلك من بعد العمل بتلك الاتفاقية يعنى أن الشارع المصري لم يرد الخروج عن تعريف المواد المخدرة الواردة بتلك الجداول(1).
3 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب إعادة تحليل المادة المضبوطة ما دامت الواقعة قد وضحت لديها.
4 - من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه به ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية. وإذ كانت المحكمة قد حققت شفوية المرافعة وكان لا يبين من محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن الدفاع عن الطاعن أصر في طلباته الختامية على طلب إجراء تحقيق في الدعوى فانه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن إجابته لطلب كان قد أبداه في جلسة سابقة ولم ترد عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 16 أغسطس سنة 1969 بدائرة قسم الدقي محافظة الجيزة: أحرز جوهرا مخدرا "أمفيتامين" وكان ذلك بقصد الاتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف والمواد الواردة بأمر الإحالة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و34/ جـ و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 50 و51 و52 من الجدول رقم واحد المرفق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز وحيازة جوهر مخدر - "أمفيتامين ومشتقاته" بقصد الإتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أطرح دفعه بانعدام الجريمة لأن المادة المضبوطة ليست واردة بالجداول الملحقة بالاتفاقية الوحيدة للمخدرات الموقعة في نيويورك بتاريخ 30 من مارس سنة 1961 والتي انضمت الجمهورية العربية المتحدة إليها وأصبحت سارية المفعول فيها بصدور القرار الجمهوري رقم 1764 في 2 مايو سنة 1966 بالتصديق عليها وبنشرها في الجريدة الرسمية بمقتضى قرار وزير الخارجية الصادر بتاريخ 22 من أغسطس سنة 1966، وبسريانها تكون الجداول الملحقة بها ناسخة للجداول الملحقة بالقانون رقم 182 لسنة 1960 لأن الدول الموقعة على الاتفاقية لا تملك - طبقا لقواعد القانون الدولي العام - إلا أن تلتزم التعريف والتحديد الواردين بها للمواد المخدرة فلا تخرج عنهما في تشريعها الداخلي ولا تملك تعديلهما إلا باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 3 من الاتفاقية. فضلا عن أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة إحراز وحيازة أحد مشتقات الأمفيتامين في حين أن من مشتقات تلك المادة ما لم يرد لها ذكر في الجدول الملحق بهذا القانون هذا إلى أن المدافع عن الطاعن قد استمسك بإعادة التحليل توصلا لمعرفة كنه المادة المضبوطة فصدقت المحكمة عن ذلك كما طلب سماع أقوال بعض الشهود للتدليل على صدور إذن التفتيش بعد الضبط، وطلب معاينة منزل الطاعن لبيان ما إذا كان يمكن للواقف أمام بابه أن يرى من بحجرة الجلوس على النحو الذى شهد به شاهدا الإثبات وقد التفتت المحكمة عن هذين الطلبين الجوهريين ولم تعرض لهما في حكمها إيرادا وردا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد - أن بين واقعة الدعوى - عرض لدفاع الطاعن في شأن ما يثيره من سريان الاتفاقية الوحيدة للمخدرات الموقعة في نيويورك بتاريخ 30 مارس سنة 1961 والتي صدر القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 في 2 من مايو سنة 1966 بالموافقة عليها عملا بالفقرة الأولى من المادة 125 من دستور 1964 وصدر قرار وزير الخارجية في 22 من أغسطس سنة 1966 بنشرها والعمل بها اعتبارا من 19 من أغسطس سنة 1966، والذى نشر والاتفاقية بالعدد رقم 41 من الجريدة الرسمية في 20 من فبراير سنة 1967 - وقد أورد الحكم بعض نصوص الاتفاقية، وخلص إلى أن ما ورد بالجداول الملحقة بها من تحديد للجواهر المخدرة لم يرد على سبيل الحصر، وأن فيها ما يقطع باحتفاظها لكل دولة انضمت إليها بما تعتبره في قانونها الداخلي من المواد المخدرة ولو لم تتضمنها الجداول الملحقة بالاتفاقية. لما كان ذلك، وكان القانون الجنائي هو قانون جزائي له نظام قانوني مستقل عن غيره من النظم القانونية الأخرى وله أهدافه الذاتية إذ يرمى من وراء العقاب إلى الدفاع عن أمن الدولة ومهمته الأساسية حماية المصالح الجوهرية فيها. فهو ليس مجرد نظام قانوني تقتصر وظيفته على خدمة الأهداف التي تعنى بها تلك النظم وعلى المحكمة عند تطبيقه على جريمة منصوص عليها فيه وتوافرت أركانها وشروطها أن تتقيد بإرادة الشارع في هذا القانون الداخلي ومراعاة أحكامه التي خاطب بها المشرع القاضي الجنائي فهي الأولى في الاعتبار بغض النظر عما يفرضه القانون الدولي من قواعد أو مبادئ يخاطب بها الدول الأعضاء في الجماعة الدولية، وكانت المادة التي دين الطاعن بحيازتها تعتبر من المواد المخدرة ومؤثمة طبقا للقانون 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها والجدول رقم 1 الملحق به، وكان من المقرر أنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذى سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وكان البين مما جاء بديباجة تلك الاتفاقية من أن غايتها قصر استعمال المخدرات على الأغراض الطبية والعلمية وقيام تعاون ومراقبة دوليين دائمين لتحقيق تلك الغاية، والبين من استقراء نصوص الاتفاقية وأخصها المادتان الثانية - في دعوتها الدول لبذل غاية جهدها لتطبيق إجراءات الإشراف الممكنة على المواد التي لا تتناولها الاتفاقية والتي قد تستعمل مع ذلك في صنع المخدرات غير المشروعة، والفقرة الأخيرة من المادة السادسة والثلاثين فيما نصت عليه من أن "لا تتضمن هذه المادة أي حكم يخل بمبدأ تعريف الجرائم التي تنص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقا للقوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية". لما كان ذلك، فإن هذه الاتفاقية لا تعدو مجرد دعوة إلى الدول بصفتها أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فعالية التدابير المتخذة ضده إساءة استعمال المخدرات "لأن الاتفاقية لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمنا - أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول التى تنضم إليها، بل لقد حرصت على الإفصاح عن عدم إخلال أحكامها بأحكام القوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 قد خولت الوزير المختص بقرار يصدره ان يعدل في الجداول الملحقة به بالحذف وبالإضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها، فإن عدم صدور قرار بشيء من ذلك من بعد العمل بتلك الاتفاقية يعنى أن الشارع المصري لم يرد الخروج عن تعريف المواد المخدرة الواردة بذلك الجدول. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم في إطراحه دفاع الطاعن هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون. لما كان ذلك، وكان الجدول رقم 1 والمعدل بالقانون رقم 206 لسنة 1960 وقرارات وزارية قد اعتبر في بنوده 50 و51 و52 مواد مخدرة على التوالي : الامفيتامين "البنزورين" وأملاحه ومستحضراته بذاته مثل أكندرون. ديسامفيتامين وأملاحه ومستحضراته بذاته مثل ماكسيتون وديكسيدرون. ميثيل أمفيتامين وأملاحه ومستحضراته بذاته مثل ميثدرين. وكان البين أن المشرع قد جرم حيازة هذه المواد متى كانت غير مختلطة بمادة أخرى، وكان الحكم المطعون فيه قد رد الواقعة إلى أن ما ضبط لدى الطاعن هو سائل يحتوى على الأمفيتامين ومشتقاته من الديسامفيتامين والميثيل أمفيتامين بذاتها أي غير مختلطة بمادة أخرى واعتد في ذلك بما أثبته تقرير التحليل وشهادة من قام به وما شهد به مدير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي - وكان المشرع قد جرم حيازة هذه المواد فإن الحكم المطعون فيه يكون قد قطع بالدليل الفني أن المادة المضبوطة هي من المواد المخدرة المبينة حصرا في الجدول الملحق بالقانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب إعادة تحليل المادة المضبوطة ما دامت الواقعة قد وضحت لديها وكان ما يسوقه الطاعن من مطاعن في تقرير المعمل الكيماوي ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير قيمة هذا الدليل بما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه به ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية. وإذ كانت المحكمة قد حققت شفوية المرافعة، وكان لا يبين من محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن الدفاع عن الطاعن أصر في طلباته الختامية على طلب إجراء تحقيق في الدعوى فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن إجابته لطلب كان قد أبداه في جلسة سابقة ولم ترد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعا.


(1) هذا المبدأ مقرر أيضا في الطعن رقم 1404 لسنة 41 ق - جلسة 31/ 1/ 1972.

الطعن 1104 لسنة 45 ق جلسة 26 / 10 / 1975 مكتب فني 26 ق 141 ص 630

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار/ مصطفى محمود الأسيوطي، وعضوية السادة المستشارين: محمد عادل مرزوق، وأحمد فؤاد جنينة، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد محمد وهبه.

----------------

(141)
الطعن رقم 1104 لسنة 45 القضائية

 (4 – 1)استيراد. حصانة قضائية. جامعة الدول العربية. "حصانات موظفيها". مبعوثون سياسيون. تهريب جمركي. نقد. قصد جنائي. ارتباط. عقوبة. "العقوبة المبررة". اتفاقات دولية. اختصاص "ولائي". دعوى جنائية. "رفعها". "قيود تحريكها". نيابة عامة. جمارك. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(1) الامتيازات والحصانات القضائية المقررة للمبعوثين الدبلوماسيين. أساسها. أن لهم صفة التمثيل السياسي لبلد أجنبي لا يخضع للولاية القضائية للدولة الموفدين إليها. امتدادها بالتالي إلى أفراد أسرهم. أمناء وموظفو المنظمات الدولية ليسوا من المبعوثين الدبلوماسيين. عدم تمتعهم بتلك الامتيازات إلا بمقتضى اتفاقات وقوانين تقرر ذلك.
جامعة الدول العربية. منظمة إقليمية عربية مقرها القاهرة. ليس لها صفة التمثيل السياسي لبلد أجنبي. موظفوا الأمانة العامة بجامعة الدول العربية. تمتعهم بالحصانة القضائية بمقتضى ميثاق الجامعة المبرم 10/ 5/ 1953. والذي انضمت إليه مصر في 8/ 3/ 1954. عدم امتداد تلك الحصانة إلى زوجاتهم وأولادهم. أساس ذلك.
(2) الإجراء المنصوص عليه في المادة 9/ 4 من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد والمادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 في شأن الجمارك والمادة 10 من القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد هو في حقيقته طلب يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء من جهة مباشرة التحقيق أو جهة رفع الدعوى.
اختصاص النيابة العامة برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها بحسب الأصل. مطلق لا يرد عليه القيد ولا استثناء من نص الشارع. أحوال الطلب هي من تلك القيود. صدور الطلب. أثره: رفع القيد رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق. صدور الطلب ممن يملكه قانوناً في جريمة من جرائم النقد أو التهريب أو الاستيراد. للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها بكافة ما تتصف به من أوصاف قانونية وما يرتبط بها إجرائياً من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره متى تكشفت عرضاً أثناء التحقيق. أساس ذلك؟
(3) استيراد السلع من خارج الجمهورية بقصد الاتجار أو التصنيع. قصره على شركات وهيئات القطاع العام. المادة الأولى من القانون 95 لسنة 1963. قصد الاتجار لا يعني احتراف التجارة.
 (4)منازعة الطاعنة في ثبوت جريمة استيراد الذهب على خلاف القانون وبقصد الاتجار فيه عدم جدواه. طالما ثبت في جانبها استيراده على خلاف الأحكام المقررة في شأن السلع الممنوعة، وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد والمرتبطة بهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة في حكم المادة 32/ 2 عقوبات.
(8 – 5) تهريب جمركي. جريمة. "أركانها". جمارك. قانون. "تفسيره". "العلم بالقانون". تعويض. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(5) المراد بالتهريب هو إدخال البضاعة في إقليم الجمهورية أو إخراجها منه على خلاف القانون. انقسام التهريب - من جهة محله - إلى نوعين: نوع يرد على الضريبة الجمركية بقصد التخلص من أدائها، ونوع يرد على السلع التي لا يجوز استيرادها أو تصديرها بقصد مخالفة ذلك.
التهريب إما أن يقع فعلاً بتمام إخراج السلعة من إقليم الجمهورية أو إدخالها فيه، أو حكماً إذا صاحب جلبها أو إخراجها أفعال نص عليها الشارع اعتباراً بأن من شأنها أن تجعل تهريباً قريب الوقوع في الأغلب الأعم. فأجرى عليها حكم الجريمة التامة ومنها إخفاء البضائع عند اجتيازها الدائرة الجمركية ولو لم يتم الهرب ما أراد.
البضائع الممنوعة. هي التي لا يسمح باستيرادها أو تصديرها كلية. أو التي تخضع في ذلك لقيود من أية جهة كانت.
سبائك الذهب من البضائع التي يشملها حظر الترخيص باستيرادها لآحاد الناس عموماً بحسب القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد وقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 737 لسنة 1964.
 (6)العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له. مفترض في حق الكافة: الدفع بالجهل أو الغلط فيه لا يعدم القصد الجنائي.
 (7)وجوب الحكم فضلاً عن العقوبة بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة على السلع المهربة أو التي شرع في تهريبها. وقوع التهريب أو الشروع فيه على إحدى السلع الممنوعة. وجوب أن يكون التعويض معادلاً لمثلي قيمتها أو مثلي الضرائب المستحقة أيهما أكثر. وذلك مع مصادرة البضائع في جميع الأحوال. المادة 122 من القانون 66 لسنة 1963.
 (8)عدم التزام المحكمة بالرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان أو غير منتج في الدعوى.
مثال في تمسك بالتصالح في جريمة ارتبطت بأخرى لا يجوز التصالح فيها.

-----------------
1 - الامتيازات والحصانات القضائية المقررة بمقتضى الاتفاقيات الدولية وطبقاً للعرف الدولي للمبعوثين الدبلوماسيين، إنما تقررت لهم بحكم أن لهم صفة التمثيل السياسي لبلد أجنبي لا يخضع للولاية القضائية للدولة الموفدين إليها، وبالتالي فإنهم يتمتعون وأفراد أسرهم بالحصانة القضائية بمقتضى تلك الاتفاقيات الدولية وطبقاً للعرف الدولي. لما كان ذلك، وكانت هذه الامتيازات والحصانات قاصرة على المبعوثين الدبلوماسيين بالمعنى المتقدم ولا يستفيد منها غيرهم من أمناء وموظفي المنظمات الدولية إلا بمقتضى اتفاقيات وقوانين تقرر ذلك، وكانت الطاعنة لا تنازع في أنها زوجة سكرتير أول بجامعة الدول العربية التي هي مجرد منظمة إقليمية عربية مقرها القاهرة وليس لها صفة التمثيل السياسي لبلد أجنبي كما لا تجادل في صحة ما نقله الحكم المطعون فيه من إفادة وزارة الخارجية من أن الحكومة المصرية قد تحفظت على قبول ما جاء بالمادة الثانية والعشرين من اتفاقية مزايا وحصانات الجامعة العربية من تمتع الموظفين الرئيسيين بتلك المنظمة هم وزوجاتهم وأولادهم القصر بالمزايا والحصانات التي تمنح للمبعوثين الدبلوماسيين، مما مؤداه عدم التزامها بها فإن مؤدى ذلك أن الذي يحكم مركز الطاعنة في الخصوصية مثار البحث وعلى ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بحق هو نص المادة 20 من ميثاق جامعة الدول العربية المبرم في 10/ 5/ 1953 دون غيرها والتي يجري نصها على أن "يتمتع موظفوا الأمانة العامة بجامعة الدول العربية بصرف النظر عن جنسياتهم بالحصانة القضائية عما يصدر منهم بصفتهم الرسمية". بما مؤداه عدم تمتع من دونهم من أزواجهم وأولادهم بتلك الحصانة وهي الاتفاقية التي انضمت إليها مصر في 8/ 3/ 1954 بعد أن تحفظت على قبول ما تضمنته المادة 22 منها من تمتع الموظفين الرئيسيين بجامعة الدول العربية وزوجاتهم وأولادهم القصر بالمزايا والحصانات التي تمنح للمبعوثين الدبلوماسيين على النحو السابق ذكره. الأمر الذي يضحى معه قيام رجال الجمارك بتفتيش حقائب الطاعنة في غير حضور مندوب وزارة الخارجية بعد أن توافرت لديهم دواعي إجراء ذلك التفتيش على موجب اختصاصهم المقرر بالمواد من 26 إلى 30 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 إجراء لا شائبة فيه.
2 - استقر قضاء هذه المحكمة على أن الإجراء المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المعدل بالقوانين 157 لسنة 1950 و231 لسنة 1959 و111 لسنة 1953 والإجراء المنصوص عليه في المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 في شأن الجمارك والإجراء المنصوص عليه في المادة العاشرة من القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد كل منها في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى، وأن الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء بنص الشارع، وأن أحوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر، مما يتعين الأخذ في تفسيره بالتضييق، وأثر الطلب متى صدر، رفع القيد عن النيابة العامة رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق، وإذن فمتى صدر الطلب ممن يملكه قانوناً في جريمة من جرائم النقد أو التهريب أو الاستيراد، حق للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها، وصحت الإجراءات بالنسبة إلى كافة ما قد تتصف به من أوصاف قانونية مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه من أي جهة كانت، والقول بغير ذلك يؤدي إلى زوال القيد وبقائه معاً مع وروده على محل واحد دائراً مع الأوصاف القانونية المختلفة للواقعة عينها، وهو ما لا مساغ له من وحدة النظام القانوني الذي يجمع أشتات القوانين المالية بما تضمنته من توقف الدعوى الجنائية على الطلب، إذ أن الطلب في هذا المقام يتعلق بجرائم من صعيد واحد يصدق عليها جميعاً أنها جرائم مالية تمس ائتمان الدولة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها، وبالتالي فإن الطلب من أي جريمة منها يشمل الواقعة بجميع أوصافها وكيوفها القانونية الممكنة كما ينبسط على ما يرتبط بها إجرائياً من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره متى تكشفت عرضاً أثناء التحقيق، وذلك بقوة الأثر العيني للطلب وقوة الأثر القانوني للارتباط ما دام ما يجري تحقيقه من الوقائع داخلاً في مضمون ذلك الطلب الذي يملك صاحبه قصره أو تقييده. أما القول بأن الطلب يجب أن يكون مقصوراً على الوقائع المحددة التي كانت معلومة وقت صدوره دون ما قد يكشف التحقيق عنها عرضاً فتخصيص بغير مخصص وإلزام بما لا يلزم، والقول بغير ذلك يؤدي إلى توقف الدعوى الجنائية حالاً بعد حال كلما جد من الوقائع جديد يقتضي طلباً آخر، الأمر الذي تتأذى منه العدالة الجنائية حتماً خصوصاً إذا ترادفت الوقائع مكونة حلقات متشابكة في مشروع جنائي واحد كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم أن الطاعنة ضبطت أثناء قيامها بمحاولة تهريب سبائك الذهب عند اجتيازها الدائرة الجمركية مساء يوم 29/ 4/ 1970، وطلب مدير جمرك القاهرة بكتابه المؤرخ 30/ 4/ 1970 رفع الدعوى الجنائية قبلها عن جريمة التهريب الجمركي، فباشرت النيابة العامة التحقيق أثر صدور ذلك الطلب - وهو ما لا تماري فيه الطاعنة، فإن ذلك التحقيق يكون صحيحاً في القانون، وإذ كان ذلك التحقيق قد تكشف عن جريمة استيراد الذهب على خلاف الأحكام المقررة في شأن السلع الممنوعة وجريمة استيراده بقصد الاتجار فيه حالة أن ذلك مقصوراً على شركات وهيئات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها القطاع العام. فصدر من بعد طلب مدير عام الاستيراد في 24/ 8/ 1970 برفع الدعوى الجنائية تطبيقاً للقانون رقم 9 لسنة 1959 بناءً على ما ظهر من أمر هاتين الجريمتين اللتين دينت بهما الطاعنة أيضاً بالإضافة إلى إدانتها بجريمة التهريب الجمركي، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية عن هاتين الجريمتين يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من وقائع الدعوى استخلاصاً سائغاً ثبوت مقارفة الطاعنة لجريمتي استيراد الذهب على خلاف القانون وبقصد الاتجار فيه مستدلاً على ذلك باعترافها بإحضار السبائك الذهبية المضبوطة إلى أراضي الجمهورية على خلاف القانون بقصد بيعها فضلاً عن كبر كمية تلك السبائك ووزنها وهو ما يكفي لثبوت استيرادها بقصد الاتجار في معنى القانون رقم 95 لسنة 1963، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من أنه لم يثبت احتراف الطاعنة لتجارة الذهب يكون غير سديد. ذلك أن نص المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1963 في شأن تنظيم الاستيراد قد جرى بالآتي "يكون استيراد السلع من خارج الجمهورية بقصد الاتجار أو التصنيع مقصوراً على شركات وهيئات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها القطاع العام" ومن ثم فإنه يكفي لتوافر الجريمة المنصوص عليها في هذه المادة بالنسبة لغير شركات وهيئات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها مجرد توافر قصد الاتجار لدى الجاني، ولو لم يتخذ من الاتجار في هذه السلع حرفة له، إذ لم يجعل القانون الاحتراف ركناً من أركان هذه الجريمة.
4 - لا مصلحة للطاعنة من النعي على الحكم في خصوص إدانتها عن جريمة استيراد الذهب على خلاف القانون بقصد الاتجار فيه ما دام الحكم قد اعتبر الجرائم المسندة إليها مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة في حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات، وأوقع عليها عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً لأشد تلك الجرائم وهي جنحة استيراد الذهب من الخارج على خلاف الأحكام المقررة في شأن السلع الممنوعة المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1959 والقرار الوزاري رقم 737 لسنة 1964 موضوع التهمة الأولى، والتي يكفي لتوافرها خرق الحظر المفروض على استيراد الذهب في ذاته بغض النظر عن توافر قصد الاتجار فيه أو عدم توافره.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لجريمة التهريب الجمركي موضوع التهمة الأخيرة المسندة إلى الطاعنة، وانتهى إلى ثبوتها في حقها مستدلاً على ذلك بأدلة سائغة تمثلت فيما ثبت بمحضر ضبط الواقعة من ضبط السبائك الذهبية موضوع هذه الجريمة موزعة في حقائبها وإحداها مخفاة أسفل ثوب من ثيابها بداخل الحقيبة الأولى ومن خلو الإقرار الجمركي المحرر بمعرفتها من أية إشارة إلى وجود هذه السبائك في حوزتها بالإضافة إلى ما ضمنته هذا الإقرار من أنها لا تحمل معها ما يستحق عليه رسوم جمركية - وهو ما تتوافر به أركان هذه الجريمة كما هي معرفة به قانوناً، ذلك أن المادة 121 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك قد عرفت التهريب الجمركي بنصها على أن "يعتبر تهريباً إدخال البضائع من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. ويعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع الممنوعة ولا يمنع من إثبات التهريب عدم ضبط البضائع". وقد جرى قضاء هذه المحكمة في تفسير هذه المادة على أن المراد بالتهريب الجمركي هو إدخال البضاعة في إقليم الجمهورية أو إخراجها منه على خلاف القانون وهو ما عبر عنه الشارع بالطرق غير المشروعة، وأن التهريب الجمركي ينقسم من جهة محله إلى نوعين: أحدهما يرد على الضريبة الجمركية المفروضة على البضاعة بقصد التخلص من أدائها، ونوع يرد على بعض السلع التي لا يجوز استيرادها أو تصديرها، وذلك بقصد خرق الخطر المطلق الذي يفرضه الشارع في هذا الشأن. وفي كلا النوعين أما أن يتم التهريب فعلاً بإتمام إخراج السلعة من إقليم الجمهورية أو إدخالها فيه، وإما أن يقع حكماً إذا لم تكن السلعة الخاضعة للرسم أو التي فرض عليها المنع قد اجتازت الدائرة الجمركية، بيد أن جلبها أو إخراجها قد صحب بأفعال نص عليها الشارع اعتباراً بأن من شأن هذه الأفعال المؤثمة أن تجعل إدخال البضائع أو إخراجها قريب الوقوع في الأغلب الأعم من الأحوال، فحظرها الشارع ابتداء وأجرى عليها حكم الجريمة التامة، ولو لم يتم للمهرب ما أراده. لما كان ذلك، وكانت المادة 15 من ذات القانون قد بينت المقصود بالبضائع الممنوعة إذ نصت "تعتبر ممنوعة كل بضاعة لا يسمح باستيرادها أو تصديرها، وإذا كان استيراد البضائع أو تصديرها خاضعاً لقيود من أية جهة كانت فلا يسمح بإدخالها أو إخراجها ما لم تكن مستوفية للشروط المطلوبة". وإذ كانت سبائك الذهب موضوع الجريمة من البضائع التي يشملها حظر الترخيص باستيرادها لآحاد الناس عموماً بحسب القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد والقرار رقم 737 لسنة 1964 الصادر من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية فإنه يعتبر في حكم التهريب ما صاحب تلك السبائك من جانب الطاعنة من إخفائها عن أعين رجال الجمارك وعدم تضمينها إقرارها الجمركي ثمة إشارة إليها إلى جانب تعويلها في الإفلات من التفتيش على جواز سفر زوجها الدبلوماسي.
6 - إن ما تثيره الطاعنة من أنها لم تكن على بينة من استحقاق ضرائب جمركية على ما كانت تحمله من سبائك ذهبية لا يؤثر في مسئوليتها لأن هذا الدفاع على فرض صحته يكون غير منتج، لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا يعدم القصد الجنائي باعتبار أن العلم بالقانون وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة، وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في كثير من الأحيان - بيد أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع، ولذا قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي.
7 - لما كانت المادة 122 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك تنص على أنه: "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يقضي بها أي قانون آخر يعاقب على التهريب أو على الشروع فيه بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيه ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة. فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلاً لمثلي قيمتها أو مثلي الضرائب المستحقة أيهما أكثر، وفي جميع الأحوال يحكم علاوة على ما تقدم بمصادرة البضائع موضوع التهريب..."، وكانت الطاعنة لا تدعي أن قيمة التعويض المحكوم به يجاوز مثلي قيمة السبائك الذهبية التي حاولت تهريبها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالتعويض على أساس هذه القيمة يكون صحيحاً في القانون.
8 - لما كان الظاهر من طلب الطاعنة ضم مذكرة إدارة التشريع بوزارة الاقتصاد أنه إنما استهدف تدعيم ما ذهب إليه من أن السبائك الذهبية المضبوطة ليست من السلع المحظور استيرادها على موجب أحكام القانون رقم 9 لسنة 1959 وهو ما تصادره نصوص ذلك القانون على النحو السابق ذكره فإن هذا الدفاع يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ولا تلتزم المحكمة بالرد عليه وكذلك الحال بالنسبة لما ذهبت إليه الطاعنة من أنها كانت قد أبدت الرغبة في التصالح مع مصلحة الجمارك أثناء التحقيق وطوال مراحل المحاكمة طالما أنها لم تزعم أو تدع أن هذا التصالح قد تم بالفعل، وأن المحكمة قد فاتها ما يقتضيه ذلك من أثر قانوني لأن هذا الدفاع بدوره يكون غير منتج في الدعوى، إذ ليس من شأنه بفرض صحته - نفي مسئوليتها عن الجرائم التي قارفتها. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعاً مع مصادرة الكفالة طبقاً لنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 30 من أبريل سنة 1970 بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة. أولاً - استوردت البضائع المبينة الوصف والقيمة بالأوراق بأن أحضرتها معها عند قدومها من الخارج قبل الحصول من وزارة الاقتصاد على ترخيص باستيرادها. ثانياً - استوردت البضائع سالفة الذكر من خارج جمهورية مصر العربية بقصد الاتجار حالة كون استيراد السلع بقصد الاتجار مقصوراً على شركات وهيئات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها القطاع العام. ثالثاً - شرعت في تهريب البضائع سالفة الذكر بأن حاولت إدخالها إلى البلاد بطريقة غير مشروعة دون أن توضحها في الإقرار المقدم منها للسلطات الجمركية وكان ذلك بقصد التخلص من سداد الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتها فيه هو ضبطها متلبسة بها. وطلبت معاقبتها بالمواد 5 و13 و28 و30 و121 و122 و124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 وقرار وزير الخزانة والتخطيط والمواد 1 و7 و10 من القانون رقم 9 لسنة 1959 والمادتين 1 و3 من القانون رقم 95 لسنة 1963. وادعت مصلحة الجمارك قبل المتهمة بتعويض جمركي. ومحكمة القاهرة الجزئية للجرائم المالية والتجارية قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بتغريم المتهمة مائتي جنيه وتعويض قدره 27.600 جنيهاً لصالح الخزانة العامة ومصادرة المضبوطات. فاستأنفت. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع ببطلان الحكم المستأنف وبتغريم المتهمة مائة جنيه وإلزامها بأن تؤدي إلى مصلحة الجمارك تعويضاً قدره سبعة وعشرين ألفاً وستمائة جنيه ومصادرة سبائك الذهب المضبوطة. فطعن الأستاذ...... المحامي عن الأستاذ....... عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة (المحكوم عليها) تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم استيراد سبائك ذهبية من الخارج على خلاف الأحكام المقررة بشأن السلع الممنوعة وبقصد الاتجار فيها والشروع في تهريبها قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب وانطوى على فساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المحكمة التفتت عما دفعت به الطاعنة من تمتعها بالحصانة الدبلوماسية واعتمدت على التحقيق الذي باشرته النيابة العامة أثر صدور طلب رفع الدعوى الجنائية عن الجريمة الجمركية وقبل أن يصدر إذن بذلك بالنسبة إلى الجريمة الاستيرادية فضلاً عن أن هذه الجريمة الأخيرة يلزم لتوافرها ثبوت قصد الاتجار وهو ما لم يقم عليه دليل كما اعتد الحكم بإجراءات الضبط والتفتيش التي باشرها رجال الجمارك على الرغم من اتخاذها قبل حضور مندوب من وزارة الخارجية هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قضى بالتعويض المستحق لمصلحة الجمارك على أساس أن السبائك الذهبية المضبوطة من البضائع الممنوع استيرادها في حين أن الدفاع عن الطاعنة قد تمسك بوجهة نظر إدارة التشريع في وزارة الاقتصاد المغايرة لذلك وطلب ضم مذكرة تلك الإدارة في هذا الخصوص إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع بما لا يسوغه هذا بالإضافة إلى أن الحكم قد دان الطاعنة بجريمة الشروع في تهريب السبائك الذهبية من الضريبة الجمركية المقررة عليها مع أنها لم تعمد إلى إخفاء تلك السبائك عن رجال الجمارك ولم تكن على علم باستحقاق ضرائب عليها كما طلبت التصالح مع الجمارك طوال مراحل التحقيق والمحاكمة وإذ لم تعرض المحكمة إلى ذلك فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه بتاريخ 30/ 4/ 1970 أثبت وكيل جمرك ميناء القاهرة الجوي بمحضره المحرر في ذات التاريخ أنه في مساء 29/ 4/ 1970 قدمت المتهمة إلى ميناء القاهرة الجوي على طائرة شركة طيران الشرق الأوسط القادمة من بيروت، وعند دخولها المنطقة الجمركية حررت إقراراً أوضحت فيه أن معها حقيبتين وحقيبة أخرى بلاستيك وصندوق من الفاكهة ولا يوجد معها ما يستحق عليه رسوماً جمركية، وقد لاحظ المساعد الإداري أن حقائب المتهمة ثقيلة مما يوحي بأنها تحوي أجساماً صلبة فعرض الأمر على مأمور الجمرك الذي أنهى إليه أنه تلقى إخباراً سرياً من المباحث العامة تفيد أن المتهمة تنوي تهريب بعض الممنوعات، وإذ ذاك طلب من المتهمة تفتيش حقائبها فوافقت وبفتح إحدى الحقائب وجد بداخلها سبيكة من الذهب ملفوفة تحت ثوب من ثيابها وبتفتيش باقي حقائبها عثر بداخلها على سبائك ذهبية زنة كل واحد كيلو جرام، وبلغ عدد السبائك الموزعة في حقائبها ثلاثة وعشرون سبيكة، وإذ سئلت المتهمة اعترفت بحيازتها لسبائك الذهب المضبوطة، وقررت أنها أحضرتها معها إلى القاهرة لبيعها، وأنها اشترتها من بيروت بحوالي 42 ألف ليرة لبناني وكانت تعتقد أن هذا الذي أتته لا مخالفة فيه للقانون وأبدت موافقتها على سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها ورددت هذا القول في تحقيق النيابة، وأضافت أنها لم تدرج هذه السبائك الذهبية في الإقرار الجمركي لأنه لم ينوه سوى إلى المجوهرات وهذه السبائك لا تدخل في مدلولها، كما استبان من التحقيق أن المتهمة تحمل جواز سفر دبلوماسي خاص بزوجها السكرتير الأول بجامعة الدول العربية الذي سئل في التحقيق فقرر أنه حدث شقاق بينه وبين زوجته المذكورة وأنها تركت منزل الزوجية إلى منزل ذويها ومعها جواز سفره الدبلوماسي المدرج فيه أفراد أسرته وهي من بينهم وأنه يجهل بأمر سفرها إلى بيروت وبأمر ما أتت به من سبائك ذهبية. كما استعملت النيابة من وزارة الخارجية عن مدى تمتع المتهمة بالحصانة الدبلوماسية فأفادت بكتابها المؤرخ 20/ 12/ 1970 بأن المادة 20 من اتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية تنص في البند "أ" على تمتع موظفي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالحصانة القضائية عما يصدر عنهم بصفتهم الرسمية، ولم تشر إلى تمتع الزوجات أيضاً بهذه الحصانة، ومن ثم فإن المتهمة لا تتمتع بالحصانة القضائية أو الدبلوماسية. وكان مدير جمرك القاهرة قد طلب بكتابه المؤرخ 30/ 4/ 1970 رفع الدعوى الجنائية قبل المتهمة عن جريمة التهريب الجمركي مطالباً بتعويض قدره 27600 ج كما طلب مدير عام الإدارة العامة للاستيراد بكتابه المؤرخ 24/ 8/ 1970 رفع الدعوى الجنائية قبل المتهمة عن الجريمة الاستيرادية. وأورد الحكم المطعون فيه على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من محضر ضبط الواقعة ومن اعتراف المتهمة ومن خلو الإقرار الجمركي المحرر بمعرفتها من الإشارة إلى بيان السبائك الذهبية، وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها وتتوافر بها جميع العناصر القانونية للجرائم المنسوبة إلى الطاعنة، لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أشار إلى أن الدفاع عن المتهمة تقدم بجواز سفرها الذي اطلعت عليه المحكمة واستبانت منه أنها معفاة من أحكام القانون الخاص بإقامة الأجانب تطبيقاً لاتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية وإلى أنه قدم مذكرتين دفع فيهما ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش التي اتخذت حيال المتهمة (الطاعنة) بالدائرة الجمركية وببطلان الدليل المستمد منهما ترتيباً على أنها تحمل جواز سفر دبلوماسي ولا يجوز إجراء تفتيشها في غير حضور مندوب وزارة الخارجية، كما دفع بانتفاء ولاية المحكمة بنظر الدعوى لتمتع المتهمة بالحصانة الدبلوماسية والقضائية إعمالاً لحكم المادة 22 من اتفاقية مزايا وحصانات جامعة الدول العربية التي وافق عليها مجلس جامعة الدول العربية في 10/ 5/ 1973 والتي تنص على "علاوة على المزايا والحصانات المنصوص عليها في المادتين السابقتين يتمتع الأمين العام والأمناء المساعدون والموظفون الرئيسيون هم وزوجاتهم وأولادهم القصر بالمزايا والحصانات التي تمنح طبقاً للعرف الدولي للمبعوثين الدبلوماسيين كل بحسب درجته". وأن المتهمة نفاذاً لهذه الاتفاقية والاتفاقيات الدولية الأخرى وآخرها اتفاقية فينا تتمتع بالحصانة القضائية، كما حصل الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنة بالنسبة لموضوع الدعوى والذي انتهت فيه إلى انتفاء القصد الجنائي في جريمة التهريب الجمركي في جانبها فضلاً عن انتفاء ركنها المادي لعدم إخفائها السبائك الذهبية المضبوطة وإلى أن مذكرة إدارة التشريع بوزارة المالية والاقتصاد قد أفادت بأن التعويض المستحق عن تلك السبائك هو مبلغ 5200 ج وهو يمثل ضعفي الرسوم وإلى أن الجريمة الاستيرادية غير متوافرة في حقها لانتفاء قصد الاتجار إذ أنها ليست تاجرة في حكم قانون التجارة وإن اعترفت بأنها أحضرت تلك السبائك الذهبية لبيعها لشراء عمارة، لأن هذا التصرف لا يعتبر عملاً تجارياً إذ التجارة تعني ممارسة المهنة، كما عرض الحكم المطعون فيه بعد ذلك إلى أن المحكمة استعلمت من وزارة الخارجية عن تمتع المتهمة الحصانة الدبلوماسية على هدى المادة 22 من اتفاقية مزايا وحصانات الجامعة العربية، وأنها أفادت بكتابها المؤرخ 13/ 11/ 1973 بأن جمهورية مصر العربية قد تحفظت على ما جاء في هذه المادة وأنها لم تسحب تحفظها عليها حتى ذلك التاريخ وأن المتهمة ترتيباً على ذلك لا تتمتع بالحصانة القضائية - وخلص من كل ذلك إلى رفض ما دفعت به الطاعنة من انعدام اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بمقولة تمتعها بالحصانة الدبلوماسية وما يترتب على هذه الحصانة من بطلان إجراءات ضبطها وتفتيشها لمباشرتها على خلاف أحكام القانون وفي غير حضور مندوب وزارة الخارجية تأسيساً على أن المادة 20 من اتفاقية ومزايا وحصانات جامعة الدول العربية تقصر التمتع بالحصانة القضائية على كل موظفي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية دون زوجاتهم وفي حدود ما يصدر عنهم بصفتهم الرسمية وأن ما ذهبت إليه الطاعنة من انطباق حكم المادة 22 من هذه الاتفاقية عليها مردود بأن جمهورية مصر العربية قد تحفظت على ما أوردته تلك المادة من حصانة بالنسبة لمن ورد ذكرهم بها وهو ما يعني عدم التزامها بحكمها وسقوط مفعولها، ولا يغير من ذلك أنها كانت تحمل جواز سفر سياسي إذ البين من الأوراق أن هذا الجواز متعلق بزوجها ومدرج فيه أسماء عائلته وضمنهم هي الأمر الذي يضحى معه قيام رجال الجمارك بتفتيش حقائب الطاعنة داخل المنطقة الجمركية بعد أن شكوا في أمرها لثقلها ولورود أخبار سري من المباحث العامة بأنها تنوي تهريب بعض الممنوعات - سيما مع خلو إقرارها الجمركي من بيان أي شيء تحمله يستحق عليه رسوماً جمركية - صحيحاً وفي حدود اختصاصهم المقرر بالمواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 وما أورده الحكم المطعون فيه في ذلك صائب وسديد في القانون، ذلك أن الامتيازات والحصانات الجمركية المقررة بمقتضى الاتفاقيات الدولية وطبقاً للعرف الدولي للمبعوثين الدبلوماسيين إنما تقررت لهم بحكم أن لهم صفة التمثيل السياسي لبلد أجنبي لا يخضع للولاية القضائية للدولة الموفدين إليها، وبالتالي فإنهم يتمتعون وأفراد أسرهم بالحصانة القضائية بمقتضى تلك الاتفاقيات الدولية وطبقاً للعرف الدولي. لما كان ذلك، وكانت هذه الامتيازات والحصانات قاصرة على المبعوثين الدبلوماسيين بالمعنى المتقدم ولا يستفيد منها غيرهم من أمناء وموظفي المنظمات الدولية إلا بمقتضى اتفاقيات وقوانين تقرر ذلك، وكانت الطاعنة لا تنازع في أنها زوجة سكرتير أول بجامعة الدول العربية التي هي مجرد منظمة إقليمية عربية مقرها القاهرة وليس لها صفة التمثيل السياسي لبلد أجنبي كما لا تجادل في صحة ما نقله الحكم المطعون فيه من إفادة وزارة الخارجية من أن الحكومة المصرية قد تحفظت على قبول ما جاء بالمادة الثانية والعشرين من اتفاقية مزايا وحصانات الجامعة العربية من تمتع الموظفين الرئيسيين بتلك المنظمة هم وزوجاتهم وأولادهم القصر بالمزايا والحصانات التي تمنح للمبعوثين الدبلوماسيين، مما مؤداه عدم التزامها بها. فإن مؤدى ذلك أن الذي يحكم مركز الطاعنة في الخصوصية مثار البحث وعلى ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بحق هو نص المادة 20 من ميثاق جامعة الدول العربية المبرمة في 10/ 5/ 1953 دون غيرها والتي يجري نصها على أن "يتمتع موظفوا الأمانة العامة بجامعة الدول العربية بصرف النظر عن جنسياتهم بالحصانة القضائية عما يصدر منهم بصفتهم الرسمية". بما مؤداه عدم تمتع من دونهم من أزواجهم وأولادهم بتلك الحصانة وهي الاتفاقية التي انضمت إليها مصر في 8/ 3/ 1954 بعد أن تحفظت على قبول ما تضمنته المادة 22 منها من تمتع الموظفين الرئيسيين بجامعة الدول العربية وزوجاتهم وأولادهم القصر بالمزايا والحصانات التي تمنح للمبعوثين الدبلوماسيين على النحو السابق ذكره. الأمر الذي يضحى معه قيام رجال الجمارك بتفتيش حقائب الطاعنة في غير حضور مندوب وزارة الخارجية بعد أن توافرت لديهم دواعي إجراء ذلك التفتيش على موجب اختصاصهم المقرر بالمواد من 26 إلى 30 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 إجراء لا شائبة فيه - لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الإجراء المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد المعدل بالقوانين 157 لسنة 1950 و231 لسنة 1952 و111 لسنة 1953 والإجراء المنصوص عليه في المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 في شأن الجمارك والإجراء المنصوص عليه في المادة العاشرة من القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد كل منها في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى، وأن الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء بنص الشارع، وأن أحوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر مما يتعين الأخذ في تفسيره بالتضييق، وأن أثر الطلب متى صدر، رفع القيد عن النيابة العامة رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق، وإذن فمتى صدر الطلب ممن يملكه قانوناً في جريمة من جرائم النقد أو التهريب أو الاستيراد، حق للنيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها، وصحت الإجراءات بالنسبة إلى كافة ما قد تتصف به من أوصاف قانونية مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه من أي جهة كانت، والقول بغير ذلك يؤدي إلى زوال القيد وبقائه معاً مع وروده على محل واحد دائراً مع الأوصاف القانونية المختلفة للواقعة عينها، وهو ما لا مساغ له من وحدة النظام القانوني الذي يجمع أشتات القوانين المالية بما تضمنته من توقف الدعوى الجنائية على الطلب، إذ أن الطلب في هذا المقام يتعلق بجرائم من صعيد واحد يصدق عليها جميعاً أنها جرائم مالية تمس ائتمان الدولة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها، وبالتالي فإن الطلب من أي جريمة منها يشمل الواقعة بجميع أوصافها وكيوفها القانونية الممكنة، كما ينبسط على ما يرتبط بها إجرائياً من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره متى تكشفت عرضاً أثناء التحقيق، وذلك بقوة الأثر العيني للطلب وقوة الأثر القانوني للارتباط ما دام ما جري تحقيقه من الوقائع داخلاً في مضمون ذلك الطلب الذي يملك صاحبه قصره أو تقييده. أما القول بأن الطلب يجب أن يكون مقصوراً على الوقائع المحددة التي كانت معلومة وقت صدوره دون ما قد يكشف التحقيق عنها عرضاً فتخصيص بغير مخصص وإلزام بما لا يلزم، والقول بغير ذلك يؤدي إلى توقف الدعوى الجنائية حالاً بعد حال كلما جد من الوقائع جديد يقتضي طلباً آخر، الأمر الذي تتأذى منه العدالة الجنائية حتماً خصوصاً إذا ترادفت الوقائع مكونة حلقات متشابكة في مشروع جنائي واحد كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم أن الطاعنة ضبطت أثناء قيامها بمحاولة تهريب سبائك الذهب عند اجتيازها الدائرة الجمركية مساء 29/ 4/ 1970، وطلب مدير جمرك القاهرة بكتابه المؤرخ 30/ 4/ 1970 رفع الدعوى الجنائية قبلها عن جريمة التهريب الجمركي، فباشرت النيابة العامة التحقيق أثر صدور ذلك الطلب - وهو ما لا تماري فيه الطاعنة، فإن ذلك التحقيق يكون صحيحاً في القانون، وإذ كان ذلك التحقيق قد تكشف عن جريمة استيراد الذهب على خلاف الأحكام المقررة في شأن السلع الممنوعة وجريمة استيراده بقصد الاتجار فيه حالة أن ذلك مقصور على شركات وهيئات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها القطاع العام. فصدر من بعد طلب مدير عام الاستيراد في 24/ 8/ 1970 برفع الدعوى الجنائية تطبيقاً للقانون رقم 9 لسنة 1959 بناءً على ما ظهر من أمر هاتين الجريمتين اللتين دينت بهما الطاعنة أيضاً بالإضافة إلى إدانتها بجريمة التهريب الجمركي، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية عن هاتين الجريمتين يكون قد طبق القانون على واقعة الدعوى تطبيقاً صحيحاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من وقائع الدعوى استخلاصاً سائغاً ثبوت مقارفة الطاعنة لجريمتي استيراد الذهب على خلاف القانون وبقصد الاتجار فيه مستدلاً على ذلك باعترافها بإحضار السبائك الذهبية المضبوطة إلى أراضي الجمهورية على خلاف القانون بقصد بيعها فضلاً عن كبر كمية تلك السبائك ووزنها وهو ما يكفي لثبوت استيرادها بقصد الاتجار في معنى القانون رقم 95 لسنة 1963، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من أنه لم يثبت احتراف الطاعنة لتجارة الذهب يكون غير سديد. ذلك أن نص المادة الأولى من القانون رقم 95 لسنة 1963 في شأن تنظيم الاستيراد قد جرى بالآتي "يكون استيراد السلع من خارج الجمهورية بقصد الاتجار أو التصنيع مقصوراً على شركات وهيئات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها القطاع العام ومن ثم فإنه يكفي لتوافر الجريمة المنصوص عليها في هذه المادة بالنسبة لغير شركات وهيئات القطاع العام أو تلك التي يساهم فيها مجرد توافر قصد الاتجار لدى الجاني، ولو لم يتخذ من الاتجار في هذه السلع حرفة له، إذ لم يجعل القانون الاحتراف ركناً من أركان هذه الجريمة. هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعنة من النعي على الحكم في هذا الشأن ما دام الحكم قد اعتبر الجرائم الثلاث المسندة إليها مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة في حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات، وأوقع عليها عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً لأشد تلك الجرائم وهي جنحة استيراد الذهب من الخارج على خلاف الأحكام المقررة في شأن السلع الممنوعة المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1959 والقرار الوزاري رقم 737 لسنة 1964 موضوع التهمة الأولى، والتي يكفي لتوافرها خرق الحظر المفروض على استيراد الذهب في ذاته بغض النظر عن توافر قصد الاتجار فيه أو عدم توافره. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لجريمة التهريب الجمركي موضوع التهمة الأخيرة المسندة إلى الطاعنة، وانتهى إلى ثبوتها في حقها مستدلاً على ذلك بأدلة سائغة تمثلت فيما ثبت بمحضر ضبط الواقعة من ضبط السبائك الذهبية موضوع هذه الجريمة موزعة في حقائبها وإحداها مخفاة أسفل ثوب من ثيابها بداخل الحقيبة الأولى ومن خلو الإقرار الجمركي المحرر بمعرفتها من أية إشارة إلى وجود هذه السبائك في حوزتها بالإضافة إلى ما ضمنته هذا الإقرار من أنها لا تحمل معها ما يستحق عليه رسوما جمركية - وهو ما يتوافر به أركان هذه الجريمة كما هي معرفة به قانوناً ذلك أن المادة 121 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك قد عرفت التهريب الجمركي بنصها على أن "يعتبر تهريباً إدخال البضائع من أي نوع إلى الجمهورية أو إخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. ويعتبر في حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو إخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أي فعل آخر بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة ولا يمنع من إثبات التهريب عدم ضبط البضائع". وقد جرى قضاء هذه المحكمة في تفسير هذه المادة على أن المراد بالتهريب الجمركي هو إدخال البضاعة في إقليم الجمهورية أو إخراجها منه على خلاف القانون. وهو ما عبر عنه الشارع بالطرق غير المشروعة، وأن التهريب الجمركي ينقسم من جهة محله إلى نوعين: أحدهما يرد على الضريبة الجمركية المفروضة على البضاعة بقصد التخلص من أدائها، ونوع يرد على بعض السلع التي لا يجوز استيرادها أو تصديرها، وذلك بقصد خرق الخطر المطلق الذي يفرضه الشارع في هذا الشأن. وفي كلا النوعين أما أن يتم التهريب فعلاً بإتمام إخراج السلعة من إقليم الجمهورية أو إدخالها فيه، وإما أن يقع حكماً إذا لم تكن السلعة الخاضعة للرسم أو التي فرض عليها المنع قد اجتازت الدائرة الجمركية بيد أن جلبها أو إخراجها قد صحب بأفعال نص عليها الشارع اعتباراً بأن من شأن هذه الأفعال المؤثمة أن تجعل إدخال البضائع أو إخراجها قريب الوقوع في الأغلب الأعم من الأحوال فحظرها الشارع ابتداء وأجرى عليها حكم الجريمة التامة ولو لم يتم للمهرب ما أراده. لما كان ذلك، وكانت المادة 15 من ذات القانون قد بينت المقصود بالبضائع الممنوعة إذ نصت "تعتبر ممنوعة كل بضاعة لا يسمح باستيرادها أو تصديرها، وإذا كان استيراد البضائع أو تصديرها خاضعاً لقيود من أية جهة كانت فلا يسمح بإدخالها أو إخراجها ما لم تكن مستوفية للشروط المطلوبة". وإذ كانت سبائك الذهب موضوع الجريمة من البضائع التي يشملها حظر الترخيص باستيرادها لآحاد الناس عموماً بحسب القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد والقرار رقم 737 لسنة 1964 الصادر من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية فإنه يعتبر في حكم التهريب ما صاحب تلك السبائك من جانب الطاعنة من إخفائها عن أعين رجال الجمارك وعدم تضمينها إقرارها الجمركي ثمة إشارة إليها إلى جانب تعويلها في الإفلات من التفتيش على جواز سفر زوجها الدبلوماسي. ولا يؤثر في ذلك ما تثيره الطاعنة من أنها لم تكن على بينة من استحقاق ضرائب جمركية على ما كانت تحمله من سبائك ذهبية لأن هذا الدفاع على فرض صحته يكون غير منتج، لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا يعدم القصد الجنائي باعتبار أن العلم بالقانون وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة، وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في كثير من الأحيان - بيد أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع، ولذا قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي. لما كان ذلك، وكانت المادة 122 من القانون تنص على أنه. "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يقضي بها أي قانون آخر يعاقب على التهريب أو على الشروع فيه بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيه ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بتعويض يعادل مثلي الضرائب الجمركية المستحقة. فإذا كانت البضائع موضوع الجريمة من الأصناف الممنوعة كان التعويض معادلاً لمثلي قيمتها أو مثلي الضرائب المستحقة أيهما أكثر، وفي جميع الأحوال يحكم علاوة على ما تقدم بمصادرة البضائع موضوع التهريب..." وكانت الطاعنة لا تنعي أن قيمة التعويض المحكوم به يجاوز مثلي قيمة السبائك الذهبية التي حاولت تهريبها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالتعويض على أساس هذه القيمة يكون صحيحاً في القانون. لما كان ذلك، وكان الظاهر من طلب الطاعنة ضم مذكرة إدارة التشريع بوزارة الاقتصاد أنه إنما استهدف تدعيم ما ذهب إليه من أن السبائك الذهبية المضبوطة ليست من السلع المحظور استيرادها على موجب أحكام القانون رقم 9 لسنة 1959 وهو ما تصادره نصوص ذلك القانون على النحو السابق ذكره فإن هذا الدفاع يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ولا تلتزم المحكمة بالرد عليه وكذلك الحال بالنسبة لما ذهبت إليه الطاعنة من أنها كانت قد أبدت الرغبة في التصالح مع مصلحة الجمارك أثناء التحقيق وطوال مراحل المحاكمة. طالما أنها لم تزعم أو تدع أن هذا التصالح قد تم بالفعل، وأن المحكمة قد فاتها ما يقتضيه ذلك من أثر قانوني لأن هذا الدفاع بدوره يكون غير منتج في الدعوى، إذ ليس من شأنه بفرض صحته - نفي مسئوليتها عن الجرائم التي قارفها. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعاً مع مصادرة الكفالة إعمالاً لنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959.

الطعن 2475 لسنة 51 ق جلسة 4/ 2/ 1982 مكتب فني 33 ق 30 ص 149

جلسة 4 من فبراير سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ صلاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد ومحمد نجيب صالح وعوض جادو ومصطفى طاهر.

-----------------

(30)
الطعن رقم 2475 لسنة 51 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص صورة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهادة".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها ما دام استخلاصها سائغاً.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام شهود".
وزن أقوال الشاهد وتقدير ظروف الإدلاء بها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده: إطراحها الاعتبارات التي سقيت لحملها على عدم الأخذ بها. لها ألا تأخذ بقالة شهود النفي. ما دامت لم تطمئن إليها.
(3) مواد مخدرة. تلبس. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصاتهم". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
يكفي للقول بقيام حالة التلبس بإحراز المخدر أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ عن وقوع جريمة. تبين المادة المخدرة قبل التفتيش. عدم لزومه.
(4) مواد مخدرة. اتفاقيات دولية. معاهدات. قانون "تفسيره" "إلغاؤه".
تطبيق أحكام الاتفاقية الدولية للمخدرات الصادر بشأنها القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 لا يؤثر في مجال تطبيق أحكام قانون المخدرات المعمول به. أساس ذلك؟.

----------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها أن تعرض عن قاله شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به.
3 - من المقرر أنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شاهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها بل يكفي في تحقق تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس متى كان هذا التحقق بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً.
4 - الاتفاقية الدولية للمخدرات الموقعة في نيويورك في 30/ 3/ 1961 والتي صدر بشأنها القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 بتاريخ 2/ 5/ 1966 والتي نشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 20/ 2/ 1967 هي مجرد دعوة من الدول بصفتهم أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فاعلية التدابير المتخذة ضد إساءة استعمال المخدرات، ويبين من الاطلاع على نصوصها أنها لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمناً - أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول الموقعة عليها، وقد نصت المادة 36 منها على الأحوال التي تدعو الدول إلى تجريمها والعقاب عليها، دون أن تتعرض إلى تعريف الجرائم وإجراءات المحاكمة وتوقيع العقاب، وتركت ذلك كله إلى القوانين المحلية في الدول المنضمة إليها، يؤكد ذلك ما جرى به نص الفقرة الرابعة من تلك المادة من أنه "لا تتضمن هذه المادة أي حكم يخل بمبدأ تعريف الجرائم التي ينص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقاً للقوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية" ومن ثم فإن تطبيق أحكام هذه الاتفاقية لا يؤثر في مجال تطبيق أحكام قانون المخدرات المعمول بها في جمهورية مصر العربية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة في قضية الجناية بأنها في يوم... بدائرة قسم الشرابية محافظة القاهرة: حازت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "عقار الموثولون" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها بالمواد 1/ 1 و2/ 1 و7/ 1 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والجدول رقم واحد الملحق. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمها ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز مواد مخدرة بقصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المدافع عن الطاعنة دفع ببطلان القبض والتفتيش لأن الواقعة لم تكن في حالة تلبس إذ تم ضبط الطاعنة بمسكنها وليس بالطريق العام كما جاء بتصوير الضابط، كما أنها لم تتخل عن الكيس الذي يحوي المخدر اختياراً وإنما انتزعه الضابط منها قبل أن يتبين ما بداخله إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع الذي تأيد بأقوال شاهد النفي ورد على الدفع بالبطلان بما لا يسوغ رفضه. هذا إلى أن مادة "الميتاكوالون" المضبوطة ليست ضمن المواد المخدرة التي أوردتها الجداول الملحقة بالاتفاقية الدولية الموقعة في 30/ 3/ 1961 ومن ثم فإن إحرازها يخرج عن نطاق التأثيم، ولا يغير من ذلك ورودها ضمن قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 لمخالفته أحكام الاتفاقية التي أضحت قانوناً لا يصح تعديل أحكامه بقرار وزاري - كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الرائد.... علم من أحد مرشديه أن الطاعنة تقوم ببيع الأقراص المخدرة بشارع..... فتوجه وبصحبته المرشد إلى ذلك المكان حيث أرشد عنها. وإذ عرض الضابط عليها أن تبيعه خمسة أقراص ونقدها ستين قرشاً ثمناً لها أخرجت من ملابسها كيساً من النايلون فسارع بإمساكه حيث وجد بداخله الأقراص المضبوطة وكانت ظاهرة للعيان. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الضابط ومما ثبت من تقرير التحليل، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها – لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي تؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما تثيره الطاعنة من منازعة في صورة الواقعة لا يكون له محل. لما كان ذلك. وكان من المقرر أنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة، ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شاهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها بل يكفي في ذلك تحقق تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس متى كان هذا التحقق بطريقة يقينية لا تحمل شكاً، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما شهد به الضابط الذي أبصر الطاعنة - وقد دلت تحرياته على أنها تتجر في الأقراص المخدرة - وهي تخرج من ملابسها كيساً من النايلون يشف عن الأقراص التي طلب شرائها منها بعد أن نقدها الثمن بما يكفي لتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن وقوع جريمة إحراز مواد مخدرة فإن ما انتهى إليه الحكم من قيام حالة التلبس - التي تسوغ القبض والتفتيش - يكون صحيحاً في القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول - لما كان ذلك، وكانت الاتفاقية الدولية للمخدرات الموقعة في نيويورك في 30/ 3/ 1961 والتي صدر بشأنها القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 بتاريخ 2/ 5/ 1966 والتي نشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 20/ 2/ 1967 هي مجرد دعوة من الدول بصفتهم أشخاص القانون الدولي العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فاعلية التدابير المتخذة ضد إساءة استعمال المخدرات، ويبين من الاطلاع على نصوصها أنها لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمناً - أحكام قوانين المخدرات المعمول بها في الدول الموقعة عليها، وقد نصت المادة 36 منها على الأحوال التي تدعو الدول إلى تجريمها والعقاب عليها، دون أن تتعرض إلى تعريف الجرائم وإجراءات المحاكمة وتوقيع العقاب، وتركت ذلك كله إلى القوانين المحلية في الدول المنضمة إليها، يؤكد ذلك ما جرى به نص الفقرة الرابعة من تلك المادة من أنه "لا تتضمن هذه المادة أي حكم يخل بمبدأ تعريف الجرائم التي ينص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقاً للقوانين المحلية في الدول الأطراف المعنية" ومن ثم فإن تطبيق أحكام هذه الاتفاقية لا يؤثر في مجال تطبيق أحكام قانون المخدرات المعمول بها في جمهورية مصر العربية. لما كان ذلك، وكان المشرع في المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 قد أعمل الرخصة المتاحة له بمقتضى المادة 66 من الدستور ما ناطه بالوزير المختص على تعديل الجداول الملحقة بهذا القانون بالحذف وبالإضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها، وذلك تقريراً منه لما يتطلبه كشف وتحديد الجواهر المخدرة من خبرة فنية ومرونة في اتخاذ القرار يمكن معها مواجهة التغييرات المتلاحقة في مسمياتها وعناصرها تحقيقاً لصالح المجتمع - وإذ صدر قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مستنداً إلى المادة 32 آنفة الذكر وقد ألحق تعديلاً على تعريف المواد المخدرة الواردة بالجدول الأول الملحق بالقانون رقم 182 لسنة 1960 كان من شأنه اعتبار مادة "الميتاكوالون" من المواد المخدرة التي جرم المشرع حيازتها. فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا العدد يكون غير سديد لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.