الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2022

الطعن 1793 لسنة 51 ق جلسة 6 / 5 / 1982 مكتب فني 33 ج 1 ق 90 ص 500

جلسة 6 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة، علي السعدني، محمد مختار منصور ومحمود نبيل المنياوي.

----------------

(90)

الطعن 1793 لسنة 51 ق

دستور . قانون . مصادرة .

مصادرة المبالغ مقابل عدم إقامة الدعوى الجنائية أو التنازل عنها م14 ق 67لسنة97 عدم دستوريتها المادة 36 من الدستور أيلولة هذه المبالغ للدولة بالصلح شرطه .

-----------

1 - مؤدى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 14 من القانون 1976/97 بتنظيم التعامل في النقد الأجنبي وما قررته المحكمة العليا في طلب تفسير نص الفقرتين آنفتي البيان بقرارها الصادر بتاريخ 1978/3/8 في الطلب رقم 10 سنة 8 ق عليا أن مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة النقدية لا يتم بقرار من الجهة الإدارية مقابل عدم طلب إقامة الدعوى الجنائية أو التنازل عن السير فيها مما كانت تجيزه المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 وأصبح لا يتفق وأحكام الدستور القائم الذى حظر المصادرة الإدارية بالمادة 36 منه ، بل تؤول تلك المبالغ والأشياء إلى الحكومة بالصلح ، تتنازل بموجبه الجهة الإدارية عن الدعوى الجنائية مقابل تنازل المتهم عن تلك المبالغ والأشياء للدولة وأن تعبير الشارع عن تنازل المتهم عن المضبوطات موضوع الجريمة بلفظ المصادرة قد جاء من قبيل التجاوز استناداً إلى تماثلها من حيث الأثر وهو أيلولة المبالغ والأشياء للدولة في الحالتين ، ومفاد ذلك أن قرار التصالح الذى تصدره الجهة الإدارية بغير رضاء المتهم لا تترتب عليه أيلولة الأموال المضبوطة للدولة . لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن مدير عام إدارة النقد رفض الصلح الذى تقدم به المطعون ضده عند ضبطه في 1978/2/15 فسقط بذلك إيجاب الصلح الصادر من الأخير وأن القرار الذى أصدره وكيل وزارة الاقتصاد بالتصالح بعد ذلك لا يعدو أن يكون إيجاباً جديداً لم يصادف قبولاً من المطعون ضده . ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يرتب على هذا القرار أيلولة المبلغ المضبوط إلى الدولة .

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 7254/1978 مدني كلي جنوب القاهرة ضد السيدين رئيس الوزراء ووزير المالية بصفتهما "الطاعنين" طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 4609ج و469م وقال في بيانها أنه بتاريخ 15/2/1978 حرر له رئيس قسم الأموال العامة بمديرية أمن القاهرة محضر نسب له فيه أنه كان يعرض للبيع مبلغ 8200 دولاراً أمريكية. وقد عرض التصالح على الجهة المختصة في ذات التاريخ مقابل مصادرة المبلغ المضبوط. غير أنها رفضته وطلبت رفع الدعوى الجنائية فقيدت الأوراق برقم 366/1978 جنح شئون مالية وقدمته النيابة العامة للمحاكمة مسندة له أنه تعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف المعتمدة، وبتاريخ 28/3/1978 قضت محكمة الجنح بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح فتقدم بطلب لصرف المبلغ المضبوط فصرحت له النيابة العامة بصرف مبلغ 1547 دولاراً فقط بمقولة أن السيد وكيل وزارة الاقتصاد أصدر قراراً بمصادرة باقي المبلغ وقدره 469.4609 دولاراً ولما كانت الجهة الإدارية قد رفضت الصلح الذي عرضه وكان الحكم الجنائي لم يقضي بمصادرة باقي المبلغ فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. بتاريخ 22/12/78 قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 737 سنة 97ق طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته. بتاريخ 30/4/1981 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون ضده مبلغ 469.4609 دولاراً، فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-----------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد، ينعي به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين، وفي بيان الوجه الأول منهما يقولان أن الحكم في الجنحة رقم 366 لسنة 1978 شئون مالية يقوم على أن قرارا صدر من السيد وكيل وزارة الاقتصاد بالتصالح مقابل مصادرة المبلغ المضبوط - عدا مبلغ 1547 دولارا، وإذ فصل الحكم الجنائي في هذه الوقائع وكان فصله فيها ضروريا فإنها تقيد القضاء المدني إلا أن الحكم المطعون فيه لم يلتزم حجية الحكم الجنائي في هذا الصدد مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون. وعن الوجه الثاني يقول الطاعنان أن للوزير المختص أو من ينيبه عملا بالفقرة الأخيرة من المادة 14 من القانون 97 لسنة 1976 بشأن تنظيم التعامل في النقد الأجنبي - أن يصدر قرارا بالتصالح ويتعين في هذه الحالة مصادرة المبلغ المضبوط ولما كان المطعون ضده قد طلب التصالح وقبل التنازل عن المبلغ المضبوط مقابل عدم رفع الدعوى الجنائية وأصدر وكيل وزارة الاقتصاد قرارا بالصلح فإن ذلك يرتب مصادرة المبلغ المضبوط إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن الأثر المترتب على الصلح مما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادتين 102 من قانون الإثبات و456 من قانون الإجراءات الجنائية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعاوى المدنية إلا إذا فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل وفي إدانة المتهم في ارتكاب هذا الفعل أو عدم إدانته مما مفاده أن الحكم الجنائي الذي لا يفصل في الخصومة الجنائية بالإدانة أو بالبراءة لا حجية له أمام القضاء المدني، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتقيد بالحكم الصادر في الجنحة رقم 366/1978 شئون مالية - الذي قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح في الوقائع التي أشار إليها الطاعنان بالوجه الأول لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون النعي عليه بالوجه الأول على غير أساس. 
وعن الوجه الثاني فإنه لما كان النص في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل في النقد الأجنبي على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القواعد المنفذة له أو اتخاذ إجراء فيها ... إلا بناء على طلب الوزير المختص أو من ينيبه وللوزير المختص أو من ينيبه في حالة عدم الطلب أو في حالة تنازله عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها أن يصدر قرارا بالتصالح مقابل مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة وما قررته المحكمة العليا في طلب تفسير نص الفقرتين آنفتي البيان بقرارها الصادر بتاريخ 8/3/1978 في الطلب رقم 10 سنة 8 ق عليا، يدل على أن مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة النقدية لا يتم بقرار من الجهة الإدارية مقابل عدم طلب إقامة الدعوى الجنائية أو التنازل عن السير فيها مما كانت تجيزه المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 وأصبح لا يتفق وأحكام الدستور القائم الذي حظر المصادرة الإدارية بالمادة 36 منه، بل تؤول تلك المبالغ والأشياء إلى الحكومة بالصلح، تتنازل بموجبه الجهة الإدارية عن الدعوى الجنائية مقابل تنازل المتهم عن تلك المبالغ والأشياء للدولة وأن تعبير الشارع عن تنازل المتهم عن المضبوطات موضوع الجريمة بلفظ المصادرة قد جاء من قبيل التجاوز استناداً إلى تماثلها من حيث الأثر وهو أيلولة المبالغ والأشياء للدولة في الحالتين، ومفاد ذلك أن قرار التصالح الذي تصدره الجهة الإدارية بغير رضاء المتهم لا تترتب عليه أيلولة الأموال المضبوطة للدولة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن مدير عام إدارة النقد رفض الصلح الذي تقدم به المطعون ضده عند ضبطه في 15/2/1978 فسقط بذلك إيجاب الصلح الصادر من الأخير وأن القرار الذي أصدره وكيل وزارة الاقتصاد بالتصالح بعد ذلك لا يعدو أن يكون إيجاباً جديداً لم يصادف قبولاً من المطعون ضده، ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يرتب على هذا القرار أيلولة المبلغ المضبوط إلى الدولة، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 18445 لسنة 84 ق جلسة 17 / 11 / 2015

برئاسة السيد المستشار / جرجس عدلي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ معتز مبروك ، حازم شوقي منصور الفخراني و صلاح المنسي نواب رئيس المحكمة

بحضور رئيس النيابة السيد / عرفه عبد المنعم .

وحضور السيد أمين السر / أحمد مصطفى النقيب .

-------------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / معتز أحمد مبروك "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن البنك المطعون ضده الأول أقام على الطاعنة وباقي المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوى رقم 422 لسنة 2013 محكمة المنصورة الابتدائية " مأمورية ميت غمر " بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن بان يؤدوا له مبلغ مقداره 915000 جنيه والفوائد على سند من أن حائز السيارة المبينة بالأوراق ابرم مع الطاعنة وباقى المطعون ضدهم عقد تأمين تكميلي عليها بالمبلغ المطالب به لصالح البنك وإذ امتنعوا عن سداد ذلك المبلغ له إثر تعرض السيارة لحادث أدى الى هلاكها كليا فأقام الدعوى . حكمت المحكمة بالطلبات بحكم استأنفته الطاعنة وباقى المطعون ضدهم بالاستئناف رقم 2792 لسنة 65 ق المنصورة وفيه قضت المحكمة بالتأييد . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ تمسكت في دفاعها امام محكمة الموضوع بان المؤمن له خالف الشروط العامة والخاصة لوثيقه التأمين التكميلي بالسماح لسائق بقيادة السيارة المؤمن عليها دون أن يحمل رخصه قيادة وأنه قدم رخصه قيادة تبين انها باسم شخص أخر مما يؤدى إلى سقوط الحق في الحصول على مبلغ التأمين إعمالا لشروط الوثيقة ، ثم تبين لها بعد ذلك أن هناك اتفاق بين المؤمن له ومن قرر بعد الحادث بيومين بانه سائق للسيارة وقت الحادث وادلى بأقوال تخالف ما قرره سائقها الاول لإدخال الغش على الطاعنة للحصول على مبلغ التامين بدون حق ، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بقاله ان الحكم الجنائى الصادر في القضية رقم 7210 لسنة 2012 جنح اطفيح اصبح نهائي ولا يجوز التعرض لحجيته رغم أن ذلك الحكم قضى بانقضاء الدعوى بالتصالح ، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي سديد ، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في الدعوى الجنائية لا تكون له حجيه ملزمة أمام المحكمة المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفى الوصف القانوني للفعل ونسبته إلى فاعله وأن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي ، وان مفاد نص المادة 18 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 174 لسنة 1998 والمستبدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 أنه يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولا أثر للصلح بين المجنى عليه أو وكيله الخاص مع المتهم على الدعوى المدنية وحقوق المضرور من الجريمة وكان الثابت من الأوراق ان الحكم الجنائي الصادر في الدعوى رقم 7210 لسنة 2012 جنح أطفيح قد قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بين المجنى عليه المؤمن له والمتهمين سائقى السيارة المؤمن عليها وهو لا يعدو أن يكون حكماً بإثبات التصالح بين اطراف الدعوى الجنائية تنقضي به الدعوى الجنائية بغير حكم في الموضوع ومن ثم فلم يفصل في الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية فلا يحوز ثمه حجيه في شأن موضوع الدعوى المطروحة ولا يمنع المحكمة المدنية من بحث الحقوق المدنية الناشئة عن تلك الجريمة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بحجيه الحكم الجنائي سالف الذكر فإنه يكون قد اخطأ في تطبيق القانون وهو ما حجبه عن بحث دفاع الطاعنة الجوهري الوارد في سبب النعي الذى لو عنى الحكم ببحثه وتمحيصه لتغير به إن صح وجه الرأى في الدعوى وهو ما يعيبه أيضا بالقصور ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى اسباب الطعن .
وحيث إن التزام المطعون ضدهما الثانى والثالث مع الطاعنة قبل المطعون ضده الأول هو التزام بالتضامن فإن نقض الحكم لصالح الطاعنة يستتبع نقضه بالنسبة للمطعون ضدهما الثانى والثالث ولو لم يطعنا فيه .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف المنصورة وألزمت البنك المطعون ضده الاول بالمصاريف ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الاثنين، 7 نوفمبر 2022

الطعن 670 لسنة 26 ق جلسة 5 /6 /1956 مكتب فني 7 ج 2 ق 236 ص 853

جلسة 5 من يوليو سنة 1956

برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، وفهيم يسى الجندي، وأحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي المستشارين.

-------------

(236)

الطعن 670 لسنة 26 ق

(1) اختلاس.

الاختلاس المذكور في المادة 112ع. معناه. متى تعتبر الجريمة تامة؟

(2) اختلاس.

سريان حكم المادة 112 ع على كل موظف أو مستخدم عمومي اختلس مالا تحت يده سلم إليه بسبب وظيفته.

(3) اختلاس.

الاختلاس المذكور في المادة 112ع. ماهية تسليم الشيء للموظف المعهود إليه به.

(4) عقوبة. غرامة.

الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من القانون رقم 69 سنة 53. هي غرامة نسبية.

(5) غرامة.

الغرامة النسبية. وجوب الحكم بها على المتهمين متضامنين. عدم التنفيذ عليهم جميعا بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم. المادة 44ع.

---------------

1 - الاختلاس المذكور في المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 سنة 1953 يعني التصرف الحائز في الشيء المملوك لغيره منتوياً إضافته إلى ملكه. ويقع الاختلاس تاماً متى وضحت نية المختلس في أنه يتصرف في الشيء الموكل بحفظه تصرف المالك لحرمان صاحبه منه.

2 - أطلق الشارع حكم نص المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 سنة 1953 ليشمل كل موظف أو مستخدم عمومي يختلس مالاً مما تحت يده متى كان المال المختلس مسلماً إليه بسبب وظيفته.

3 - إن تحريم الاختلاس والعقاب عليه في المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 سنة 1953 لا يستلزم سوى وجود الشيء في حفظ الموظف الذي عهد إليه به، يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً، أو أن يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته.

4 - الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من القانون رقم 69 سنة 1953 هي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه.

5 - إعمال نص المادة 44 من قانون العقوبات يوجب الحكم على المتهمين معاً بالغرامة النسبية متضامنين ولا يستطاع التنفيذ عليهم جميعاً بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلاً منهم بنصيب منه.

---------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من ـ 1 ـ ...... و2 ـ ...... و3 ـ ..... الشهير بـ .... (الطاعن) بأنهم: المتهم الأول ـ بصفته موظفا عموميا ـ أومباشي بالجيش المصري شرع في اختلاس كمية البنزين المبينة بالمحضر المملوكة للجيش المصري وكانت قد سلمت إليه بسبب وظيفته لاستخدامها في السيارة التي عهد إليه بقيادتها وخاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادته وهو ضبطه متلبسا ـ والمتهمان الثاني والثالث اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة الشروع في الاختلاس سالفة الذكر بأن اتفقا معه على ارتكابها وأحضر إليه أولهما وعاء لنقل البنزين فيه من مخزن وقود السيارة التي كان يقودها المتهم الأول فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 45 و46 و111 و112 و118 و119 من قانون العقوبات بالنسبة للأول وبنفس المواد والمادتين 40/2 ـ 3 و41 بالنسبة للثاني والثالث ـ فقررت بذلك، وفي أثناء نظر هذه الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر عن المتهم الثاني ببطلان التحريات. والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت حضوريا عملا بالمواد 45 و46 و111 و112 و118 و119 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 19 لسنة 1953 للأول وبهذه المواد والمادتين 40/2 ـ 3 و41 من قانون العقوبات للثاني والثالث بمعاقبة كل من .... و..... و..... الشهير بـ ...... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وعزل المتهم الأول ـ وتغريم كل من المتهمين الثلاثة 500 جنيه وقد ذكرت في أسباب حكمها أن الدفع في غير محله. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

------------

المحكمة

وحيث إن محصل الأوجه الخمسة الأولى والوجهين السابع والثامن هو أن الحكم المطعون فيه معيب بالخطأ في تطبيق القانون وفساد الاستدلال والقصور, ذلك بأن المتهم الأول وهو أومباشي بالجيش اختلس كمية من البنزين المسلم إليه لاستخدامه في السيارة التي يقودها ولم يعن الحكم بيان الكمية التي كانت في عهدته ولا كيف سلمت إليه وإذا لوحظ أن السيارة كان يوضع فيها البنزين من وقت لآخر بمعرفة وحدة الجيش المكلفة بذلك وقائد السيارة لا يعد أمينا على البنزين ولا خائنا للأمانة لأن الحيازة الأصلية ما تزال في يد المصلحة التابع لها, وإذا كان ذلك هو الحال فإن الواقعة تكون شروعا في سرقة وأكثر من هذا فإن الحكم المطعون فيه أثبت أن الطاعن لم يكن موجودا وقت وقوع الحادث أما قوله وهو يتحدث عن المتهم الثاني بأنه عامل بمحل الطاعن ويشتري البنزين لحساب هذا الأخير فلا يكفي لإدانة هذا الأخير إذ يحتمل أن يكون الطاعن قد كف عن شراء البنزين الحكومي وكان يجب على المحكمة أن تقيم الدليل على علم الطاعن بأن المتهم الأول سيحضر بسيارته إلى محله في أثناء غيابه وأنه أوصى المتهم بتسليم البنزين منه, كذلك اعتمد الحكم في إدانة الطاعن على اعتراف المتهم الثاني أمام البوليس ولم تلتفت المحكمة لإنكاره أمام النيابة وما شفع به هذا الإنكار من أن المخبرين ضربوه ليدلي باعترافه, ومع أهمية هذا الدفاع فإن الحكم لم يتناوله ولم يرد عليه, هذا إلى أن المتهم الثاني ذكر في تحقيق النيابة أن المحل مملوك لسيدة سماها ولم تشأ المحكمة أن تتحدث عن ذلك أو تنفي ما للمالكة الحقيقية من المصلحة في شراء البنزين كما أنها لم تجب طلب الدفاع الاستعلام من الوحدة التابع لها المتهم الأول عن كمية البنزين الذي يسلم له يوميا واكتفت بتعليق النيابة على هذا الطلب وقولها إن خزان السيارة التي أختلس منها البنزين يسع 16 جالونا من الجائز أن يتبقى شيء من الأربعة جالونات التي توضع يوميا فيه وكان ينبغي إذا هي رأت رفض إجابة طلب الدفاع - أن تذكر ما يبرر هذا الرفض, هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن اكتفاءها بما قالته النيابة معناه أنها بنت قضاءها بالإدانة على الشك والجواز الذي أيدته سلطة الاتهام وهي تعارض طلب الدفاع, وأضاف الطاعن إلى ما سبق أن الدفاع عنه تمسك أمام محكمة الموضوع بوجوب إطراح التحريات التي قام بها البوليس قبل الحادث لظهور كذبها من التحقيق الذي بوشر فيها إذ تبين أن بعض السيارات التي دونت أرقامها بتقارير التحريات لم تكن موجودة عند محل الطاعن في الوقت المقول بمشاهدتها فيه, كذلك لم تحقق المحكمة دفاع المتهم الأول من أنه إنما حضر إلى منزل الطاعن لمناسبة مرض زوجة هذا الأخير ووجودها بالمستشفى وإنها قريبته ولو حققت المحكمة ذلك لظهر لها ما يبرر وجود المتهم الأول بمكان الحادث ولما اتخذت من وجوده دليلا قبل الطاعن, وأخيرا قضى الحكم المطعون فيه بعزل المتهم الأول حال أنه مجند بالجيش وعقوبة العزل لا توقع إلا على ذوي المؤهلات من الموظفين, أما المجندون فإن توقيع عقوبة العزل قد تكون وسيلة لتخليصهم من ملزوميتهم بالخدمة العسكرية وهو ما لا تتحقق به وظيفة هذه العقوبة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه وصل إلى علم اليوزباشي .... معاون مباحث بوليس شمال القاهرة من مصدر سري أن سائقي بعض السيارات الحكومية اعتادوا بيع البنزين الحكومي المسلم لهم في السيارات الحكومية التي يقودونها للمتهم الثالث .... الشهير بالإسكندراني (الطاعن) وهو صاحب محل للحام الكاوتشوك بشارع البرج الزفر رقم 32 وذلك بأن تحضر السيارة الحكومية بقيادة سائقها أمام المحل المذكور الذي يعطي إشارة لمن بالمحل ويستمر في السير بالسيارة حتى أول حارة على اليسار ثم يتجه إلى أول حارة على اليمين ويقف خلف عمارة الدهان بعيدا عن الأعين, عندئذ يدركه صبي المتهم الثالث الذي يقوم بتفريغ البنزين في وعاء خارجي من خزان السيارة ويسلم السائق الحكومي من 40 إلى 50 قرشا للصفيحة حسب الاتفاق وقد تأكدت هذه المعلومات من المراقبة التي قام بها الضابط ورجاله فأقام في 21/9/1954 كمينا في الوقت الذي اعتاد السائقون الحضور بسياراتهم لتنفيذ هذه الخطة فقام حوالي الساعة الواحدة مساء ومعه المخبرون ........ و....... و..... و..... و...... حيث كمنوا في المكان الذي اعتاد السائقون الحكوميون الحضور فيه لبيع البنزين الحكومي وفي الساعة 2.45 حضرت السيارة اللوري الحكومية رقم 17771 جيش ومرت أمام المتهم الثالث بسرعة قليلة ثم انحرفت إلى اليسار في أول حارة ثم انحرفت إلى اليمين في الحارة الأولى في هذا الاتجاه ووقفت أمام منزل على يمين الطريق ملاصقة للحائط وبمجرد وقوفها حضر المتهم الثاني ........ من عمال محل المتهم الثالث ورقد أسفل السيارة ومعه وعاء أفرغ فيه البنزين من خزانها ولما امتلأ الوعاء وقفله هاجمه رجال الكمين وعندئذ أسرع وفي يده وعاء البنزين والسائق الذي تبين فيما بعد أنه المتهم الأول الأمباشي .... الذي يعمل بالجيش المصري - أسرع إلى شقة بالطابق الأول إلى يسار الداخل للمنزل الواقع في ملاصقة السيارة وقد تبين فيما بعد أنها مسكن المتهم الثالث, فطاردهما رجال القوة وتمكنوا من القبض عليهما وفي يد المتهم الثاني وعاء البنزين المسروق وفي يده الأخرى مبلغ خمسون قرشا" وبعد هذا البيان أورد الحكم الأدلة على ثبوت الواقعة على المتهمين ومن بينهم الطاعن, ولما كانت المحكمة قد دانت الطاعن بوصف كونه شريكا بالاتفاق مع المتهم الأول في الشروع في اختلاس كمية من البنزين المملوك للجيش والمسلمة إليه بسبب وظيفته لاستخدامها في السيارة المعهود إليه بقيادتها ولم تتم الجريمة لسبب خارج عن إرادته وهو ضبط المتهمين الأول والثاني متلبسين وطبقت على ما ارتكبه المادتين 40 و41 من قانون العقوبات والمواد 45 و46 و111 و112 و118 و119 من هذا القانون وهي المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 - لما كان ذلك, وكان يبين من الرجوع إلى أصل تشريع المادة 112 من قانون العقوبات (وهي المقابلة للمادة 100 من قانون سنة 1883 والمادة 97 من قانون سنة 1904 والمادة 112 من قانون سنة 1937, إن هذا النص ظل على أصله من اشتراط أن تكون الأشياء مسلمة إلى الموظف بسبب وظيفته, وجاءت الصيغة الفرنسية لهذا الركن بعبارة qui etaient entre ses mains en vertu de ses fonctions أي أن يكون الشيء بين يدي الموظف بمقتضى وظيفته وهو نفس التعبير الذي استلمه الشارع الفرنسي عند صياغة المادة 169 من قانون العقوبات التي أخذت عنها المادة 112 من قانون العقوبات المصري, وفي التعبير بهذه الصيغة دلالة على أن الشارع لم يكن من مراده عند وضع النص أن يقصر الاختلاس على الحالة التي يكون فيها الشيء المختلس قد سلم إلى المختلس تسليما, وإنما أراد أن يجمع إلى هذه الصورة الأحوال التي يكون فيها عمل الموظف قد اقتضى وجود الشيء بين يديه, وفرض العقاب على عبث الموظف بالائتمان على حفظ هذا الشيء وهي صورة خاصة من صور جريمة خيانة الأمانة لا شبه بينها وبين الاختلاس الذي نص عليه الشارع في باب السرقة, إذ أن الاختلاس هناك هو انتزاع المال من حيازة شخص آخر بنية تملكه أما هنا فالاختلاس يعني تصرف الحائز في الشيء المملوك لغيره منتويا إضافته إلى ملكه, ومتى تقرر ذلك وكان الشارع عند إلغاء المادة 112 من قانون العقوبات واستبدال النص الجديد بها لم يجعله مقصورا كما كان الحال في النص الملغي - على مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة المنوطين بحساب النقود, بل أطلق حكم النص ليشمل كل موظف أو مستخدم عمومي يختلس مالا مما تحت يده متى كان المال المختلس مسلما إليه بسبب وظيفته, وهذا التعبير الأخير هو الذي كان مستقرا في صياغة هذه المادة منذ أول وضحها وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 69 لسنة 1953 أنه رؤى في صياغة المواد الجديدة ما انتهت إليه لجنة تعديل قانون العقوبات في مشروعها مع إضافة مواد أخرى جديدة يستكمل بها ما فات اللجنة استكماله من نواحي النقص وتعديل بعض المواد الأخرى من مشروع اللجنة ليلائم روح العهد الحاضر وتحقيق أهدافه بشأن القضاء على الفساد والإفساد والمحافظة على أموال الدولة وعدم التفريط فيها ...... وقد تلافت النصوص الواردة بهذا المشروع المرافق كثيرا من نواحي النقص التي أخذت على النصوص الحالية في قانون العقوبات والتي تعرض لها شراح القانون الجنائي بالنقد في مؤلفاتهم, لما كان ذلك وكان تأويل التسليم المشار إليه في النص بالأخذ المادي وحده فيه تضييق للمدى الذي يشمله تطبيقه وهو ما لا يتفق مع الاتجاه الذي أفصح عنه الشارع في المذكرة الإيضاحية ولا مع قصده عند وضع النص من أن تحريم الاختلاس والعقاب عليه في هذه المادة لا يستلزم كما هو مبين فيما سبق - سوى وجود الشيء في حفظ الموظف الذي عهد إليه به, يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليما ماديا, أو أن يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته ولا يسع محكمة النقض وهي تعرض لتفسير المادة 112 إلا أن تشير إلى أن الاختلاس المذكور في تلك المادة باعتباره صورة خاصة من صور خيانة الأمانة كما سلف القول يقع تاما متى وضحت نية المختلس في أنه يتصرف في الشيء الموكل بحفظه تصرف المالك لحرمان صاحبه منه, ومن ثم فإن الوصف الصحيح للجريمة التي وقعت من المتهم الأول والتي أثبتها الحكم وكان الطاعن شريكا فيها هي اختلاس تام لا شروع فيه كما انتهت إليه محكمة الموضوع إلا أنه لما كان الطعن مرفوعا من الطاعن وحده فلا يسوغ قانونا أن يضار بطعنه, لما كان ذلك وكان ما جاء بالوجه الثاني من الطعن من أن الطاعن لم يكن موجودا وقت وقوع الحادث هو جدل موضوعي لا تلتفت إليه هذه المحكمة ما دام الحكم قد أثبت أن الطاعن شريك بالاتفاق مع المتهم الأول وأن الاختلاس قد وقع بناء على هذا الاتفاق وكان فيما أثبته الحكم من ذلك ما يسوغ اعتقاد المحكمة بحصول الاتفاق, لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت أيضا أن الجريمة كانت في حالة تلبس وأن الشهود من رجال البوليس قد شاهدوا البنزين حال تفريغه من السيارة وكان الطاعن لم يطلب من المحكمة الاستعلام من الوحدة التي يتبعها المتهم الأول عن كمية البنزين التي تسلم إليه يوميا حتى كان يصح له (للطاعن) أن ينعي على حكمها عدم تحدثه عن هذا الطلب لما كان ذلك وكان القاضي في المواد الجنائية لا يتقيد بأدلة مخصوصة بل أن القانون خوله حرية كاملة في تكوين عقيدته عن ثبوت الواقعة الجنائية في حق المتهم من أي دليل يستخلصه من التحقيقات التي يجريها بالجلسة أو مما ورد بالأوراق وكانت المحكمة قد صدقت ما أسفرت عنه التحريات التي قام بها رجال البوليس وشهدوا بمضمونها بالجلسة فإنه لا يصح مناقشة المحكمة فيما اعتمدت عليه من ذلك خصوصا إذا كان الظاهر من الحكم أن المحكمة وهي تتحدث عن هذه التحريات قد ساقت ذلك تأييدا للأدلة الأخرى التي أوردتها أما ما يقوله الطاعن بشأن عقوبة العزل التي قضت بها على المتهم الأول وما تمسك به هذا المتهم في صدد الدفاع عن نفسه فلا مصلحة للطاعن في إثارته لعدم تعلقه به لما كان ما تقدم جميعه فإن ما يثيره الطاعن في الأوجه الخمسة الأولى وفي الوجهين السابع والثامن من طعنه لا يكون سديدا.
وحيث إن مبنى الوجه السادس من الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين قضى بتغريم كل من المتهمين مبلغ خمسمائة جنيه مع أن القانون لا يسيغ تعدد الغرامة بتعدد المتهمين في جريمة الاختلاس.
وحيث إن هذا الوجه سديد في القانون, ذلك بأن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من القانون رقم 69 لسنة 1953 هي من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حد أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه وهو المبلغ الذي قضى به الحكم ولما كانت المادة 44 المذكورة قد نصت على أنه إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد بجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل متهم على انفراده خلافا للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك وكان إعمال هذا النص يوجب الحكم على المتهمين معا بهذه الغرامة متضامنين ولا يستطاع التنفيذ عليهم جمعيا بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلا منهم بنصيب منه, لما كان ذلك فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص ما قضى به من تغريم كل من المتهمين مبلغ خمسمائة جنيه وتصحيحه بجعل هذه الغرامة واحدة ذلك بالنسبة للطاعن ولمن معه من المحكوم عليهم الذين لم يطعنوا في الحكم لأن هذا الوجه الذي بنى عليه النقض يتصل كذلك بهم وذلك تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 435 من قانون الإجراءات الجنائية.

الطعن 557 لسنة 44 ق جلسة 3 / 6 / 1974 مكتب فني 25 ق 117 ص 546

جلسة 3 من يوليو سنة 1974

برياسة السيد/ المستشار جمال صادق المرصفاوي، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم أحمد الديواني، وعبد الحميد محمد الشربيني، وحسن علي المغربي.

--------------

(117)

الطعن 557 لسنة 44 ق

(1 ، 2) اختلاس أموال أميرية . جريمة " أركانها ". قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

(1) اختلاس الموظف المال المؤتمن عليه صورة من صور خيانة الأمانة تمامه بانصراف نيته إلى التصرف فيه علي أنه مملوك له ولو لم يتم التصرف فيه بالفعل ولو لم يكن المال قد سلم له تسليما ماديا بل تسليما معنويا .

(2) كفاية إيراد الحكم ما يدل عن تحقق قصد الاختلاس .

(3 ، 4) تزوير " أوراق رسمية " . اختلاس أموال أميرية . إثبات " بوجه عام ". عقوبة " العقوبة المبررة" . ارتباط .  حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

 (3) الاستدلال علي الاشتراك في التزوير من الظروف والملابسات التي تدل عليه . كفايته .

(4) النعي على الحكم بالقصور في التدليل بالنسبة للجريمة ذات العقوبة الأخف غير مجد ما دام قد آخذ المتهم بالجريمة ذات العقوبة الأشد تطبيقا للمادة 32 عقوبات .

(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام" " خبرة".

عدم التزام المحكمة بتحديد موضوع الدليل في الدعوى ما دام له أصل فيها . مثال .

(6) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".

إدانة المتهم استنادا إلى أدلة الثبوت كفايتها ردا على دفاعه الموضوعي .

--------------

1 - يبين من الرجوع إلى أصل تشريع المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953، وهي المقابلة للمادة 100 من قانون العقوبات الصادر سنة 1883، والمادة 97 من قانون العقوبات الصادر سنة 1904، والمادة 112 من قانون العقوبات الصادر سنة 1937، أن هذا النص ظل على أصله من اشتراط أن تكون الأشياء مسلمة إلى الموظف بسبب وظيفته، وقد جاءت الصيغة الفرنسية لهذا الركن بعبارة: Qui etaient ent e ses mains en vertu de ses fonctions, بما يعني أن يكون الشيء بين يدي الموظف بمقتضى وظيفته، وهو التعبير نفسه الذي استعمله المشرع الفرنسي عند صياغة المادة 169 من قانون العقوبات التي أخذت عنها المادة 112 من قانون العقوبات المصري، وأن هذا التعبير من الشارع لآية على أنه لم يكن مراده عند وضع النص أن يجعل الاختلاس مقصوراً على الحالة التي يكون فيها الشيء قد سلم إلى الموظف تسليماً مادياً، وإنما أراد أن يجمع إلى هذه الصورة الحالات التي يكون فيها عمل الموظف قد اقتضى وجود الشيء بين يديه، وفرض العقاب على عبث الموظف بالائتمان على حفظ الشيء، وهي صورة خاصة من صور خيانة الأمانة لا شبه بينها وبين الاختلاس الذي نص عليه الشارع في باب السرقة، ذلك بأن الاختلاس في هذه الحالة الأخيرة هو انتزاع المال من الحيازة بنية تملكه أما هنا فإن الشيء في حيازة الجاني بصفة قانونية ثم تنصرف نيته إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له، فمتى وقع هذا التغيير في نية الحائز استحالت الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك وتوافرت جريمة الاختلاس تامة، وإن كان هذا التصرف لم يتم فعلاً. وإذ كان ذلك وكان الشارع عند استبدال النص الحالي للمادة 112 بالنص السابق، لم يجعله مقصور - كما كانت الحال في النص السابق - على مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة المنوطين بحساب النقود، بل أطلق حكم النص ليشمل كل موظف عام يختلس مالاً مما تحت يده متى كان مسلماً إليه بسبب وظيفته، وهذا التعبير الأخير هو الذي كان مستقراً عند صياغة هذه المادة منذ أول وضعها، وجاءت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 69 لسنة 1953 أنه رؤي في صياغة المواد الجديدة ما انتهت إليه لجنة تعديل قانون العقوبات في مشروعها مع إضافة مواد أخرى يستكمل بها ما فات اللجنة استكماله من نواحي النقص وتعديل بعض المواد الأخرى من مشروع اللجنة ليلائم روح العهد الحاضر وتحقيق أهدافه بشأن القضاء على الفساد والإفساد والمحافظة على أموال الدولة وعدم التفريط فيها. فإن تأويل التسليم المشار إليه في النص بالأخذ المادي وحده، فيه تطبيق للمدى الذي يشمله لتطبيقه، وهو ما لا يتفق مع الاتجاه الذي أفصح عنه المشرع في المذكرة الإيضاحية ولا مع ما قصده عند وضع النص من أن تجريم الاختلاس والعقاب عليه لا يستلزم - كما هو مبين فيما سبق - سوى وجود الشيء في حفظ الموظف الذي عهد إليه به، يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أن يكون بين يديه بمقتضى وظيفته ولا يسع محكمة النقض وهي تعرض لتفسير المادة 112 إلا أن تشير كما سلف القول إلى أن الاختلاس المذكور في تلك المادة - باعتباره صورة خاصة من صور خيانة الأمانة - يقع تاماً وضحت نية الحائز في أنه يتصرف في الشيء الموكل بحفظه تصرف المالك لحرمان صاحبه منه.

2 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.

3 - الاشتراك في جرائم التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.

4 - ما يثيره الطاعن بالنسبة لجريمتي الاشتراك في التزوير في أوراق رسمية لا يجديه نفعاً لأنه بافتراض قصور الحكم في التدليل عليه، لا يستوجب نقضه ما دامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها الحكم في حقه.

5 - النعي على الحكم عدم إفصاحه عن أي من تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي استند إليه، مردود بأنه ليس في القانون ما يلزم المحكمة بتحديد موضوع الدليل في الدعوى، مادام له أصل فيها.

6 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي، لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من قضائها بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت.

-------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة في .... برقم ... سنة 1967 كلا من: 1- ... .. (الطاعن الأول) و2- .... و3- ..... (الطاعن الثاني) بأنهم في الفترة من 18 مايو سنة 1967 إلى 10 من يونيه سنة 1967 بناحية مركز بسيون محافظة الغربية (المتهم الأول) (أولا) بصفته موظفا عموميا مساعد معمل وأمين وحدة الفرستق الصحية شرع في اختلاس أجولة البرغل المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة لوزارة الصحة والمسلمة إليه بسبب وظيفته وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبسا بها، (ثانيا) بصفته سالفة الذكر اختلس كمية علب الزيت المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة لوزارة الصحة والمسلمة إليه بسبب وظيفته. (ثالثا) اشترك مع مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في ورقتين أميريتين هما الاستمارتين 111 و112 ع.ح المؤرختين 18 مايو سنة 1967 بأن اتفق مع ذلك المجهول على التوقيع على هاتين الاستمارتين بدلا من الطبيب المختص بوحدة الفرستق الصحية بما يفيد اعتمادهما وساعده على ذلك بأن قدم له هاتين الاستمارتين فقام المجهول بالتوقيع عليهما بإمضاء نسب صدوره إلى طبيب وحدة الفرستق فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة (رابعا) استعمل الاستمارتين سالفتي الذكر وهو عالم بتزويرهما بأن أعادهما إلى مركز توزيع الشين دلالة على وصول المواد الثابتة بهما إليه وإضافتهما إلى عهدته بوحدة الفرستق الصحية. (خامسا) اشترك مع المتهم الثاني بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر أميري وهو الخطاب المصطنع والمنسوب صدوره إلى إدارة التموين الطبي بمديرية الصحة بالعربية بأن اتفق وإياه على اصطناع ذلك الخطاب وساعده على ذلك بان قدم له خاتم الوحدة عهدته ليضع بصمته على ذلك الخطاب فقام المتهم الأول بذلك وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (سادسا) استعمل المحرر الأميري سالف الذكر وهو عالم بتزويره بأن قدمه إلى طبيب الوحدة الصحية بالفرستق لتنفيذ ما جاء به المتهم الثاني. (أولا) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في الشروع في اختلاس أجولة البرغل سالفة الذكر بأن اتفق وإياه على اختلاسها وساعده على ذلك بأن اصطنع له الخطاب المنسوب صدوره زورا إلى إدارة التموين الطبي لإخفاء واقعة الاختلاس وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبط المتهم الأول والجريمة متلبس بها وفراره هو خشية ضبطه (ثانيا) ارتكب تزويرا في محرر أميري وهو الخطاب المنسوب صدوره زورا إلى إدارة التموين الطبي بمديرية الشئون الصحية بالغربية والمؤرخ 18 من يونيه سنة 1967 وذلك بطريق الاصطناع ووقع بإمضاء مزورة بأن اصطنع بيانات هذا الخطاب والمتضمن على خلاف الحقيقة تكليف طبيب وحدة الفرستق الصحية تسليم ما بالوحدة من مواد المعونة لمندوب التموين الطبي وشفع ذلك بوضع إمضاء مزورة نسبها زورا لمديرية التموين الطبي. (ثالثا) استعمل الخطاب المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن تقدم به إلى طبيب وحدة الفرستق الصحية باعتباره مندوب إدارة التموين الطبي لاستلام مواد المعونة بالوحدة. (رابعا) تداخل في وظيفة من الوظائف العمومية ومن غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها وأجرى عمل من مقتضيات تلك الوظيفة بأن ادعى كذبا بأنه مندوب إدارة التموين الطبي بمحافظة الغربية وأنه موفد من قبل تلك الإدارة لاستلام مواد المعونة بوحدة الفرستق الصحية. (المتهم الثالث) اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في الشروع في اختلاس أجولة البرغل سالفة الذكر بأن اتفق وإياه على ذلك وساعده على هذا بأن استحضر له سيارة لنقلها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبط المتهم الأول والجريمة متلبس بها وفراره خشية ضبطه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للمواد الموضحة بتقرير الاتهام. فقرر بذلك في 7 من مارس سنة 1968. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا بتاريخ 13 ديسمبر سنة 1973 عملا بالمواد 40/2-3 و41 و46 و112/2 و113 و118 و211 و212 و214 و152 و32/2 و17 و27 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وعزله من وظيفته. (ثانيا) بمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة. (ثالثا) بتغريم المتهمين الثلاثة متضامنين مبلغ خمسمائة جنيه وذلك عن التهم المسندة إليهم. فطعن المحكوم عليه ... ... ... في هذا الحكم بطريق النقض في 30 ديسمبر سنة 1973 ولم يقدم أسبابا لطعنه، كما طعن المحكوم عليه ... ... ... في ذلك الحكم بطريق النقض في 31 ديسمبر سنة 1973 وقدم كل من المحاميين عنهما تقريرا بالأسباب في 22 يناير سنة 1974 موقعا على كل منهما.

--------------

المحكمة

من حيث إنه لما كان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله - وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يغني أحدهما عن الآخر وكان الطاعن الثاني ....... وإن قرر بالطعن في الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول ...... قد استوفي الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجنايات اختلاس وشروع فيه واشتراك في تزوير في أوراق رسمية واستعمالها قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في القانون وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول في قضائه في جريمة اختلاس زيت المعونة، على ظهور عجز في كمية الزيت التي كانت في المخزن الذي اؤتمن عليه، في حين أن مجرد ثبوت العجز لا يعد دليلاً على الاختلاس بما يتضمنه من إضافة المال إلى ذمة المختلس بنية إضاعته على صاحبه، كما أنزل الحكم على واقعة الشروع في اختلاس "البرغل" حكم المادة 113 من قانون العقوبات دون أن يستظهر انصراف نية الطاعن وقت الاستيلاء إلى تملك المال المستولى عليه فضلاً عن جمعه بين حكم هذه المادة وحكم المادة 112 مع اختلاف الأركان التي تتطلبها كل منهما، كما أن الحكم لم يفصح عن الأفعال التي قارفها الطاعن واستدل بها على ثبوت اشتراكه في تزوير الاستمارتين رقمي 111 و112 ع ح وخطاب إدارة التموين الطبي وجاء قاصراً في استظهار القصد الجنائي، وقد التفتت المحكمة عن طلب الطاعن عرض الاستمارتين على كبير الأطباء الشرعيين لندب خبير آخر لإجراء المضاهاة ومقارنة ما ينتهي إليه بنتيجة تقرير الخبير المقدم في الدعوى أو تقديم تقرير خبير استشاري هذا إلى أن الدفاع قد نازع في قيام جريمتي الشروع في اختلاس البرغل واختلاس الزيت لأن تسليم البرغل وقع بأمر طبيب الوحدة بعد اطلاعه على الخطاب الذي يجهل الطاعن تزويره، أما الزيت فقد كان موجودا فعلا بالمخازن ولم يقم الدليل على استيلاء الطاعن عليه خاصة وقد ثبت من محضر لجنة الجرد الذي أجري في 11 من يونيه سنة 1967 أن كمية البرغل وجدت كاملة ولم تشتبه اللجنة في عدم وجود الزيت، كما أسفر الجرد الثاني الذي أجري في 15 من يونيه سنة 1967 عن وجود علب زيت المعونة ولا محل لمساءلة الطاعن عن أوصاف الزيت أو استبداله لأن الجرد أجري في الوقت الذي كان فيه الطاعن مقيد الحرية وثبت وجود عبث بالأختام التي وضعت على باب المخزن، كما أن المدافع عن الطاعن طلب ضم الدفتر رقم 118 ع.ح لبيان عهدة الطاعن وضم أوراق معينة لإعادة إجراء المضاهاة بيد أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وسكت الحكم عن الإشارة إليه مع جوهريته، كما أهدر الحكم إنكار الطاعن اطمئناناً منه إلى أقوال شهود الدعوى وما ثبت من تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير والجرد رغم أنها لا تكفي للتدليل على ثبوت أية تهمة في حق الطاعن، وأخيراً فقد نقل الحكم عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن عبارة محافظة الغربية مديرية الشئون الصحية الواردة بالخطاب المدعى بتزويره تتفق مع مثيلتها ببصمة قالب خاتم الوحدة الصحية الريفية بالفرستق دون أن يفصح الحكم عن التقرير الذي يقصده من بين التقارير الثلاثة المقدمة من قسم أبحاث التزييف والتزوير في الدعوى ومع مخالفة ذلك للثابت في أحدها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في أنه في صباح 10 من يونيه سنة 1967 استأذن المحكوم عليهما الثاني والثالث متعهد الأغذية في استخدام سيارته لقضاء بعض شئونهما فلما أذن استقلاها بقيادة الشاهد الأول وبصحبته مندوب المتعهد وتوجهوا إلى بلدة الفرستق ومروا في طريقهم بمنزل الطاعن وهو مساعد معمل وأمين وحدة الفرستق الصحية حيث استقل السيارة معهم وقبل وصولهم إلى الوحدة بقليل غادر السيارة ثم تلاه المحكوم عليه الثاني وترقب ثلاثتهم حتى وصل طبيب الوحدة وتقدم إليه المحكوم عليه الثاني زاعما أنه مندوب إدارة التموين الطبي وأيد الطاعن هذا الزعم ثم قدم ذلك المحكوم عليه للطبيب خطابا مزوراً منسوباً لإدارة التموين الطبي يتضمن طلب تسليم كمية البرغل - المملوكة لوزارة الصحة والمسلمة إلى الطاعن بسبب وظيفته والمودعة مخازن الوحدة لنقلها للإدارة الطبية فوافق الطبيب على ذلك، وقام الطاعن والمحكوم عليهما بنقل شوالات البرغل إلى السيارة وأثناء ذلك ساور الطبيب الشك في صحة الخطاب فاتصل تليفونيا بالإدارة الطبية فأنبئ بأنه غير صحيح فكلف الشاهدة الخامسة بإيقاف تسليم الشوالات وفر المحكوم عليهما الثاني والثالث على الأثر، وقد أسفر وجود عهدة الطاعن عن استلامه كمية زيت المعونة الأمريكية المسلم إليه بسبب وظيفته، كما ثبت وقوع ذلك بتزوير الاستمارتين 111 و112 ع.ح بوضع توقيع مزور لطبيب الوحدة عليهما بعد وصول هذه الكمية إلى الوحدة الريفية بالفرستق وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن كتاب مديرية الشئون الصحية ومن تقرير اللجنة التي شكلت لجرد عهدة الطاعن ومما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وأورد الحكم محصل أقوال الشهود بما يؤيد الصورة التي ارتسمت في وجدانه ثم نقل عن تقرير لجنة الجرد أن الطاعن تسلم 1463 رطلاً من زيت المعونة الأمريكية من مركز توزيع الشين بموجب الاستمارتين السابق الإشارة إليهما وأنه اختلس هذه الكمية واستبدل زيتاً آخر بها كما نقل الحكم عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي أنه ثبت أن الخطاب المدعى صدوره من إدارة التموين الطبي مزور أنه مكتوب بخط المحكوم عليه الثاني، كما ثبت أن التوقيع المذيل به الخطاب والمنسوب إلى مدير التموين الطبي مزور عليه، كما تبين أن عبارة "محافظة الغربية مديرية الشئون الصحية" بالخطاب تتفق مع نظيرتها ببصمة قالب خاتم الوحدة الصحية الريفية بالفرستق، كما ثبت تزوير توقيع طبيب الوحدة على الاستمارتين بطريق التقليد، ثم عرض الحكم لإنكار الطاعن الاتهام المسند إليه ورد عليه بأن المحكمة لا تعول على إنكاره وقد اطمأنت لأقوال الشهود وما تبين من تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير وجرد مخزن الطاعن إلى صحة ما هو مسند إليه من أفعال.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن -بما ساقه من أدلة سائغة اطمأنت إليها المحكمة- أنه اختلس كمية الزيت التي أرسلت لوحدة الفرستق الصحية بموجب الاستمارتين رقمي 111 و112 ع.ح اللتين ثبت تزويرهما بما يفيد وصول هذه الكمية على خلاف الحقيقة إلى مخازن الوحدة وإذ أحس الطاعن اكتشاف أمره وضع بالمخزن عهدته زيتاً من نوع آخر كما أثبت الحكم كذلك أن الطاعن وزميليه نقلوا البرغل من المخزن إلى السيارة، لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى أصل تشريع المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 (وهي المقابلة للمادة 100 من قانون العقوبات الصادر سنة 1883، والمادة 97 من قانون العقوبات الصادر سنة 1904 والمادة 112 من قانون العقوبات الصادر سنة 1937 أن هذا النعي ظل على أصله من اشتراط أن تكون الأشياء مسلمة إلى الموظف بسبب وظيفته، وقد جاءت الصيغة الفرنسية لهذا الركن بعبارة Qui et ataient entre ses mains en vertu des ses functions بما يعني أن يكون الشيء بين يدي الموظف بمقتضى وظيفته، وهو التعبير نفسه الذي استعمله المشرع الفرنسي عند صياغة المادة 169 من قانون العقوبات التي أخذت عنها المادة 112 من قانون العقوبات المصري، وأن في هذا التعبير من الشارع لآية على أنه لم يكن مراده عند وضع النص أن يجعل الاختلاس مقصوراً على الحالة التي يكون فيها الشيء قد سلم إلى الموظف تسليماً مادياً وإنما أراد أن يجمع إلى هذه الصورة الحالات التي يكون فيها عمل الموظف قد اقتضى وجود الشيء بين يديه، وفرض العقاب على عبث الموظف بالائتمان على حفظ هذا الشيء، وهي صورة خاصة من صور خيانة الأمانة لا شبه بينها وبين الاختلاس الذي نص عليه الشارع في باب السرقة، ذلك بأن الاختلاس في هذه الحالة الأخيرة هو انتزاع المال من الحيازة بنية تملكه، أما هنا فإن الشيء في حيازة الجاني بصفة قانونية ثم تنصرف نيته إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له، فمتى وقع هذا التغيير في نية الحائز استحالت الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك، وتوافرت جريمة الاختلاس تامة، وإن كان هذا التصرف لم يتم فعلاً، لما كان ذلك، وكان الشارع عند استبدال النص الحالي للمادة 112 بالنص السابق، لم يجعله مقصوراً -كما كانت الحال في النص السابق- على مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة المنوطين بحساب نقود، بل أطلق حكم النص ليشمل كل موظف عام يختلس مالاً مما تحت يده متى كان المال مسلماً إليه بسبب وظيفته، وهذا التعبير الأخير هو الذي كان مستقراً في صياغة هذه المادة منذ أول وضعها، وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 69 لسنة 1953 أنه رؤى في صياغة المواد الجديدة ما انتهت إليه لجنة تعديل قانون العقوبات في مشروعها مع إضافة مواد أخرى يستكمل بها ما فات اللجنة استكماله من نواحي النقص وتعديل بعض المواد الأخرى من مشروع اللجنة ليلائم روح العهد الحاضر وتحقيق أهدافه شأن القضاء على الفساد والإفساد والمحافظة على أموال الدولة وعدم التفريط فيها.. وقد تلافت النصوص الواردة في هذا المشروع المرافق كثيراً من نواحي النقص التي أخذت على النصوص الحالية في قانون العقوبات والتي تعرض لها شرائح القانون الجنائي بالنقد في مؤلفاتهم. لما كان ذلك، وكان تأويل التسليم المشار إليه في النص بالأخذ المادي وحده فيه تضييق للمدى الذي يشمله تطبيقه، وهو ما لا يتفق مع الاتجاه الذي أفصح عنه الشارع في المذكرة الإيضاحية ولا مع ما قصده عند وضع النص من أن تجريم الاختلاس والعقاب عليه لا يستلزم -كما هو مبين فيما سبق- سوى وجود الشيء في حفظ الموظف الذي عهد إليه به، يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أن يكون بين يديه بمقتضى وظيفته، ولا يسع محكمة النقض وهي تعرض لتفسير المادة 112 إلا أن تشير كما سلف القول إلى أن الاختلاس المذكور في تلك المادة -باعتباره صورة خاصة من صور خيانة الأمانة- يقع تماما متى وضحت نية الحائز في أنه يتصرف في الشيء الموكول بحفظه تصرف المالك لحرمان صاحبه منه، ومن ثم فإن الوصف الصحيح لجريمة الطاعن بالنسبة للبرغل والتي أثبتها الحكم المطعون فيه، أنها اختلاس تام لا شروع فيه -على ما ذهب إليه خطأ الحكم- إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من الطاعن وحده فلا يسوغ أن يضار بطعنه. لما كان ذلك، وكان ما تسلمه الطاعن من الزيت والبرغل تم بصفته أميناً لوحدة الفرستق الصحية، وكان الطاعن لم يزعم أن ثمة عجزاً أو خطأ حسابياً، فإن الحكم يكون قد دلل على توافر أركان جريمة الاختلاس المنصوص عليها في تلك المادة وطبق القانون على الواقعة تطبيقاً سليماً. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كاف وسائغ في بيان نية الاختلاس وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه -كما هو الحال في الدعوى المطروحة- ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل - لما كان ذلك، وكان الاشتراك في جرائم التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم -الأمر الذي لم يخطئ الحكم في تقديره- هذا فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن بالنسبة لجريمتي الاشتراك في التزوير في أوراق رسمية لا يجديه نفعاً لأنه بافتراض قصور الحكم في التدليل عليهما، لا يستوجب نقضه مادامت المحكمة قد طبقت على الطاعن حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها الحكم في حقه. لما كان ذلك، وكان النعي على الحكم عدم إفصاحه عن أي من تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي استند إليه، مردودا بأنه ليس في القانون ما يلزم المحكمة بتحديد موضع الدليل في الدعوى مادام له أصل فيها. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمنا من قضائها بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

الطعن 2310 لسنة 51 ق جلسة 26 / 12 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 226 ص 1250

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فوده، وليم رزق بدوي ومحمد لبيب الخضري.

-------------

(226)

الطعن 2310 لسنة 51 ق

(1) قانون " القانون الواجب التطبيق".

إحالة القانون إلى بيان محدد في قانون آخر . أثره . اعتباره جزءا من القانون الأول . الإحالة المطلقة . أثرها . وجوب التقيد بما يطرأ علي القانون المحال إليه في هذه الحالة من تعديل أو تغيير.

(2) تأمين " التأمين الإجباري عن حوادث السيارات ". قانون . مسئولية .

التأمين على سيارات النقل . سريانه لمصلحة الغير والركاب دون عمالها . م 5 ق 562 لسنة 1955 . لا يغير من ذلك إلغاء القانون 449 لسنة 1955 الذي أحالت إليه المادة سالفة الذكر .

(3) تأمين " التأمين عن حوادث السيارات " "المستفيد من التأمين". مسئولية .

التأمين عن المسئولية المدنية على سيارة النقل . استفادة الراكبين المسموح بركوبهما منه دون تخصيص بأن يكونا من أصحاب البضاعة المحمولة عليها أو من النائبين عنهم م 16 ق 446 لسنة 1955 . علة ذلك .

----------------

1 - المقرر في قضاء النقض أن القانون حينما يحدد نطاق بعض أحكامه بالإحالة إلى بيان محدد بعينه في قانون آخر ، فإنه بذلك يكون قد ألحق هذا البيان بذاته ضمن أحكامه هو فيضحى هذا البيان جزءاً منه يسري بسريانه دون توقف على سريان القانون الآخر الذى ورد به ذلك البيان أصلاً . أما إذا كانت الإحالة مطلقة إلى ما يبينه أو يقرره قانون آخر ، فإن مؤدى ذلك أن القانون المحيل لم يعن بتضمين أحكامه أمراً محدداً في خصوص ما أحال به و إنما ترك ذلك للقانون المحال إليه بما في ذلك ما قد يطرأ عليه من تعديل أو تغيير .

2 - تنص المادة الخامسة من القانون رقم 652* لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري على السيارات على أن " يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارات إذا وقعت في جمهورية مصر و ذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 449 لسنة 1955 " فمن ثم يكون قانون التأمين الإجباري على السيارات المذكورة قد ألحق بحكم المادة الخامسة منه ذات البيان الوارد بالمادة 6 من قانون المرور رقم 449 سنة 1955 بصدد تحديد المستفيدين من التأمين فلا يتأثر بقاء هذا البيان بإلغاء قانون المرور المذكور .
3 - مؤدى نص المادة 16/هـ من القانون رقم 449 لسنة 1955 أن التأمين عن المسئولية المدنية على سيارة النقل يفيد منه الراكبان المسموح بركوبهما أينما كانوا في داخل السيارة سواء في كابينتها أو في صندوقها صاعدين إليها أو نازلين منها دون تخصيص بأن يكونا من أصحاب البضاعة المحمولة على السيارة أو من النائبين عنهم ما دام لفظ "الراكب" قد ورد في النص عاماً و لم يقم الدليل على تخصيصه و يتعين حمله على عمومه .

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1972 سنة 1979 مدني كلي شمال القاهرة على شركة .... للتأمين الطاعنة والمطعون ضدهما الرابع والخامس بطلب الحكم بإلزام الأخيرين بالتضامن فيما بينهما وإلزام الشركة الطاعنة بالتضامن معهما بأن يؤدوا لهم مبلغ 15000ج وقالوا بيانا لها بأن تابع المطعون ضدهما الرابع والخامس تسبب بخطئه في موت مورثهم بتاريخ 15/9/1975 وحكم بإدانته بالحكم رقم 4070 سنة 1975 جنح قسم الجيزة وقد أضحى هذا الحكم باتا، وإن السيارة النقل التي نشأ عنها الحادث مؤمن عليها تأمينا إجباريا لدى الشركة الطاعنة وإذ لحقت بهم أضرار من جراء وفاة مورثهم فقد أقاموا الدعوى. وبتاريخ 17/4/1980 قضت المحكمة بإلزام المطعون ضدهما الرابع والخامس فيما بينهما والشركة الطاعنة بالتضامن بينهما أن يدفعوا للمطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مبلغ 1000 جنيه تعويضا عن الضرر المادي، والمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ 500 ج تعويضا عن الضرر الأدبي موزع بالسوية بينهم، ومبلغ 500 ج تعويضا موروثا يوزع عليهم حسب الفريضة الشرعية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 3553 لسنة 97 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضدهم الثلاثة الأول بالاستئناف رقم 5300 لسنة 97 ق القاهرة. وبعد أن ضم الاستئنافين قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة على هذا الحكم بالنقض. قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعي به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على أساس أن المادتين الثانية والفقرة (هـ) من المادة 16 من قانون المرور رقم 449 سنة 1955 أفادتا أن كل ترخيص بتسيير سيارة نقل يتضمن التصريح بوجود راكبين فيها خلاف قائدها وعمالها، وأن نص الشرط الأول من وثيقة التأمين يلزم المؤمن بتغطية المسئولية عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص، ويسري هذا الالتزام لصالح الركاب من حوادث سيارات النقل فيما يختص بالراكبين المسموح بركوبها ويعتبر الشخص راكبا سواء كان داخل السيارة أو صاعدا إليها أو نازلا منها. في حين أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم التزامها بتغطية المسئولية عن الحادث الذي أدى إلى الوفاة تأسيسا على أنه طبقا لأحكام قانون التأمين الإجباري رقم 652 لسنة 1955 الذي يحيل بدوره لأحكام قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 الذي وقع الحادث في ظل سريانه لا يغير من التأمين على سيارة النقل إلا الراكبان المسموح بركوبهما قانونا واللذان يشترط فيهما أن يكونا من أصحاب البضاعة أو من النائبين عنهم، ولكي يستفيد الركاب الآخرون من التأمين يجب وفقا للمادة 94 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الذي يحكم الواقعة أن يتم الحصول على ترخيص من قلم المرور المختص بنقل الأشخاص في سيارة النقل موضحا عددهم، والمتوفي على ما يبين من أقواله وأقوال الشهود بمحضر ضبط الواقعة لم يكن من أصحاب البضاعة أو المرافقين لها أو مصرحا له بالركوب فيها إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق قانون المرور رقم 449 سنة 1955 وأغفل إعمال قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 المعمول به قبل وقوع الحادث ورتب على ذلك مسئولية الشركة الطاعنة وإلزامها أداء التعويض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء النقض أن القانون حسبما يحدد نطاق بعض أحكامه بالإحالة إلى بيان محدد بعينه في قانون آخر، فإنه بذلك يكون قد ألحق هذا البيان بذاته ضمن أحكامه هو فيضحى هذا البيان جزء منه يسري بسريانه وإن توقف على سريان القانون الآخر الذي ورد به ذلك البيان أصلا. أما إذا كانت الإحالة مطلقة إلى ما يبينه أو يقرره قانون آخر، فإن مؤدى ذلك أن القانون المحيل لم يعن بتضمين أحكامه أمرا محددا في خصوص ما أحال به وإنما ترك ذلك للقانون المحال إليه بما في ذلك ما قد يطرأ عليه من تعديل أو تغيير، ولما كانت المادة الخامسة من القانون رقم 652* لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري على السيارات تقضي على أن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارات إذا وقعت في جمهورية مصر وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة 6* من القانون رقم 449 لسنة 55".
فمن ثم يكون قانون التأمين الإجباري على السيارات المذكورة قد ألحق بحكم المادة الخامسة منه ذات البيان الوارد بالمادة 6 من قانون المرور رقم 446 لسنة 1955 بصدد تحديد المستفيدين من التأمين، فلا يتأثر بقاء هذا البيان بإلغاء قانون المرور المذكور. لما كان ذلك – وكان نص الشرط الأول من وثيقة التأمين موضوع الدعوى الحالية المطابق للنموذج الملحق بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955 والصادر تنفيذا للمادة الثانية من القانون رقم 652 سنة 1955 بشأن التأمين الإجباري عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات قد جاء مطابقا لما نص عليه في قانون التأمين الإجباري بأن يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من الحوادث التي تقع من السيارات المؤمن عليها ويسري هذا الالتزام لصالح الغير من حوادث السيارات أيا كان نوعها ولصالح الركاب أيضا من حوادث سيارات النقل فيما يختص بالراكبين المسموح بركوبهما طبقا للفقرة (هـ) من المادة 16 من القانون رقم 449 سنة 1955، ما لم يشملها التأمين المنصوص عليه في القوانين أرقام 86 لسنة 1942، 89 سنة 1950، 157 سنة 1950 ولا يغطي التأمين المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق زوجة قائد السيارة أو أبويه أو أبنائه – ويعتبر الشخص راكبا سواء أكان داخل السيارة أو صاعدا إليها أو نازلا منها ولا يشمل التأمين عمال السيارة. فإن مؤدى ذلك أن التأمين عن المسئولية المدنية على سيارة النقل يفيد منه الراكبان المسموح بركوبهما طبقا للفقرة (هـ) من المادة 16 من القانون رقم 449 لسنة 1955 أينما كانا في داخل السيارة سواء في كبيناتها أو في صندوقها صاعدين إليها أو نازلين منها، دون تخصيص بأن يكون من أصحاب البضاعة المحمولة على السيارة أو من النائبين عنهم ولفظ الراكب قد ورد في النص عاما ولم يقم الدليل على تخصيصه ويتعين حمله على عمومه لما كان ما تقدم – وكان الثابت في الأوراق أن مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأول كان راكبا بالسيارة النقل المؤمن عليها لدى الطاعنة وحدثت وفاته بخطأ قائدها تابع المطعون ضدهما الرابع والخامس وكانت رخصة سيارة النقل تنطوي بمجرد صدورها على السماح بركوب راكبين غير عمالها بها ولم تتخذ الطاعنة بوجود أكثر من راكبين بالسيارة متى ارتكبت الحادث غير عمالها، فإن شركة التأمين الطاعنة تكون ملتزمة قانونا بمقتضى قانون التأمين الإجباري وبمقتضى الشرط الوارد في عقد التأمين بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن وفاته، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعنة بمقدار التعويض المحكوم به بالتضامم مع المطعون ضدهما الرابع والخامس قد التزم صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.