جلسة 21 من سبتمبر سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ محمد حسن العبادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ يحيى عبد اللطيف موميه، أمين محمد طموم، مصطفى
ثابت عبد العال وعمر السعيد غانم نواب رئيس المحكمة
------------------
(113)
الطعن رقم 16660 لسنة 85 القضائية
(1) تعويض "دعوى التعويض: من دعاوى
التعويض: دعوى التعويض عن الخطأ التقصيري".
التعويض استنادا لأحكام المسئولية التقصيرية. لا يلزم لاستحقاقه
التكليف بالوفاء. "مثال: بشأن طلب تكملة التعويض المقضي به في الدعوى المدنية
المرتبطة بالدعوى الجنائية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد".
(2 - 7) أوراق تجارية "من صور الأوراق
التجارية: الشيك". تقادم "التقادم المسقط: وقف التقادم: المانع الموقف
لسريان التقادم". حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي". محكمة
الموضوع: سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسائل المتعلقة بالتقادم: سلطة محكمة
الموضوع بشأن الدفع بالتقادم".
(2) وقف سريان التقادم. شرطه. وجود مانع لدى
الدائن تستحيل معه المطالبة بحقه. أساس ذلك. م 383 مدني. تقدير المانع من سلطة
محكمة الموضوع. "مثال: بشأن تقادم دعاوى رجوع حامل الشيك".
(3) الدفع بالتقادم. وجوب بحث محكمة الموضوع
من تلقاء ذاتها ما يعترض مدته من انقطاع أو وقف.
(4) الدعوى الجنائية المقضي فيها بالتعويض
المؤقت في جريمة إصدار شيك بدون رصيد. اختلافها في أساسها عن دعوى المطالبة بقيمة
هذا الشيك. علة ذلك. انتهاء قاضي الموضوع إلى توقف الفصل في دعوى المطالبة بقيمة
الشيك على الحكم الجنائي. مؤداه. اعتبار الدعوى الجنائية مانعا من المطالبة بقيمة
الشيك ومن سريان تقادم الحق في المطالبة بقيمة الشيك حتى صدور الحكم الجنائي البات
أو انتهاء المحاكمة بسبب آخر. مثال.
(5) حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية
مقصورة على منطوق الحكم بالبراء أو الإدانة وعلى الأسباب المؤدية إليه بالنسبة لما
كان موضوع المحاكمة. لا حجية للأسباب غير الضرورية.
(6) جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. تحققها بمجرد
إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب. سبب إعطاء
الشيك أو الباعث عليه. لا أثر له في قيام المسئولية الجنائية وإن كان يعتد به عند
المطالبة بقيمة الشيك.
(7) الحكم الجنائي الصادر في جريمة إصدار شيك
بدون رصيد. لا يمنع المحكمة المدنية من بحث مدى الالتزام بالوفاء بقيمة الشيك.
وجوب تحقيق الدفاع المبدى بشأن السبب الدافع لإصداره. مخالفة الحكم المطعون فيه
هذا النظر والالتفات عن دفاع الطاعن بصورية الشيك وأنه حرر على بياض ضمانا لسداد
مبلغ نقدي. خطأ ومخالفة للقانون.
-----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يلزم لاستحقاق التعويض استنادا
لأحكام المسئولية التقصيرية التكليف بالوفاء، وكان المطعون ضده قد أقام دعواه
بتكملة التعويض الذي كان مقضيا به في الدعوى المدنية المرتبطة بالدعوى الجنائية في
جريمة إصدار شيك بدون رصيد وهو تعويض أساسه المسئولية التقصيرية التي لا محل
للإعذار بشأنها فلا على الحكم إن التفت عن هذا الدفاع ظاهر الفساد، ومن ثم يكون
النعي بهذا السبب غير مقبول.
2 - المقرر – فلا قضاء محكمة النقض – أن النص
في الفقرة الأولى من المادة 531 من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 المعدل
بالقانون رقم 156 لسنة 2004 - الساري في 14/ 7/ 2004 على أن "تتقادم دعاوى
رجوع حامل الشيك ..... بمضي سنة من تاريخ تقديمه للوفاء أو من تاريخ انقضاء ميعاد
تقديمه"، وأن مفاد النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني
أنه لا تسري المدة المقررة لعدم سماع الدعوى كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن
أن يطالب بحقه - على ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني - أن المشرع نص
بصفة عامة على وقف سريان التقادم كلما استحال على صاحب الحق - ماديا أو قانونيا -
أن يطالب بحقه وأن المشرع لم ير إيراد الموانع على سبيل الحصر بل عمم الحكم لتمشيه
مع ما يقضي به العقل وترك أمر تقدير قيام المانع الذي يعتبر سببا لوقف سريان
التقادم إلى محكمة الموضوع دون معقب متى اعتمدت على أسباب سائغة.
3 - المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه حسب
محكمة الموضوع أن يدفع أمامها بالتقادم حتى يتعين عليها أن تبحث شرائطه ومنها
المدة وما يعترضها من وقف وانقطاع .
4 - المقرر –
في قضاء محكمة النقض – أنه ولئن كان الحكم الجنائي الصادر بالتعويض المؤقت من
المحكمة الجنائية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يختلف في أساسه عن دعوى المطالبة
بقيمة هذا الشيك إلا أن الحكم الجنائي الصادر في تلك الجريمة قد يؤثر على المطالبة
بقيمة الشيك ومرد ذلك يرجع إلى تقدير قاضى الموضوع فإذا ما تبين له أن الفصل في
تلك المطالبة يتوقف على الحكم الجنائي اعتبرت الدعوى الجنائية مانعا في حكم المادة
382 من القانون المدني يتعذر معه على الدائن المطالبة بحقه ويكون سقوط هذا الحق
بالتقادم موقوفا حتى صدور الحكم الجنائي البات أو انتهاء المحاكمة بسبب آخر ولا
تستأنف الدعوى المدنية سيرها إلا بزوال هذا المانع ويستوي في ذلك أن تكون قد أقيمت
أثناء نظر الدعوى الجنائية أو أقيمت بعد انتهائها ورأت محكمة الموضوع – في نطاق
سلطتها التقديرية - أن تلك الدعوى الجنائية تعد مانعا مؤقتا لسريان التقادم طوال
المدة التي دامت فيها المحاكمة الجنائية. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن
الدعوى الجنائية عن جريمة إصدار شيك بدون رصيد قد صدر فيها حكم بات بتاريخ 23/ 1/
2011 وإذ أقام المطعون ضده على الطاعن دعواه الراهنة المطعون في حكمها بتاريخ 5/
5/ 2011 بطلب إلزامه بأن يؤدي له تعويضا عن إصداره شيكا لصالحه لا يقابله رصيد
قائم وقابل للسحب وأضاف إليه طلب الحكم له بقيمة الشيك فإن هذا الطلب الأخير يكون
مرتبطا بالطلب الأول ويدخل في نطاقه باعتبار أن دعوي التعويض عن جريمة إعطاء شيك
بدون رصيد تتسع للمطالبة بقيمة الشيك ومن ثم تكون الدعوى المدنية برمتها مقامة قبل
انقضاء مدة التقادم المنصوص عليه في المادة 531 من قانون التجارة سالف البيان، وإذ
انتهي الحكم المطعون فيه إلي رفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم سالف الذكر يكون قد
انتهي إلي نتيجة صحيحة في القانون ولا يعيبه ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية
خاطئة ربطت بين الحكم الجنائي والحكم بالدين وأثره على سريان أحكام التقادم إذ لمحكمة
النقض أن تقوم تلك الأسباب دون أن تنقض الحكم، ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب علي
غير أساس.
5 - المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مفاد
النص في المادة 102 من قانون الإثبات أن حجية الحكم الجنائي الصادر من المحكمة
الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية أمام المحاكم المدنية مقصورة علي منطوق الحكم
الصادر بالبراءة أو بالإدانة بالنسبة لما كان موضع المحاكمة الجنائية دون أن تلحق
بالأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه الإدانة أو تلك البراءة .
6 - المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن جريمة
إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق - وعلى ما جرى عليه قضاء الدائرة الجنائية بهذه المحكمة
- بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل
للسحب، إذ يتم بذلك طرح الشيك للتداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها
الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات
ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب الدافعة لإصدار الشيك لأنها من قبيل البواعث التي لا
تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية وإن كان يعتد بها عند المطالبة بقيمة الشيك.
7 - الحكم الصادر بإدانة الطاعن في الجنحة
رقم ... لسنة 1997 جنح مركز دمنهور والمقيدة برقم ... لسنة 1998 جنح مستأنف دمنهور
عن جريمة إعطائه للمطعون ضده شيكا بدون رصيد لا يستلزم لقيامه التعرض لبحث سبب
تحرير الشيك، ولما كان ذلك، وكان المطعون ضده قد ضمن طلباته - في دعواه الحالية -
طلب الإلزام بقيمة الشيك محل التداعي، وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه بصورية هذا
الشيك وأنه حرر على بياض ضمانا لمبلغ 3000 جنيه ثمن بيع منحل وقدم أمام محكمة
الموضوع ورقة ضد - عقد بيع بالعربون - تثبت تلك الصورية وتأيد - ذلك - بشهادة
شاهديه اللذين استمعت إليهما - محكمة أول درجة إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عن
هذا الدفاع بقالة إن الحكم الجنائي الصادر من محكمة الجنح انتهى إلي أن الشيك قد
استوفى أوضاعه المقررة قانونا وأصبح سند دين صحيح بكل ما طوي عليه من بيانات بما
فيها المبلغ المدون به - في حين أن ما أثبته الحكم الجنائي علي هذا النحو لا يمنع
المحكمة المدنية من بحث مدى التزام الطاعن بالوفاء بقيمة هذا الشيك وتحقيق دفاعه
بشأن السبب الدافع لإصداره وبأنه كان لضمان سداد ثلاثة آلاف جنيه ثمن بيع منحل باعتبار
أن سبب تحرير الشيك لا أثر له علي طبيعته ولا علي المسئولية الجنائية في صدد
المادة 337 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن تحقيق
دفاع الطاعن المشار إليه استنادا إلي حجية الحكم الجنائي يكون فضلا عن قصوره قد
خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم .... لسنة 2011 مدني دمنهور الابتدائية
على الطاعن بطلب - الحكم وفقا لطلباته الختامية - بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة
وخمسين ألف جنيه قيمة شيك ومبلغ خمسين ألف جنيه على سبيل التعويض، وقال بيانا لذلك
إن الطاعن أصدر له شيكا بتاريخ 15/ 9/ 1997 بمبلغ مائة وخمسين ألف جنيه، وإذ تبين
أنه لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب أقام ضده الجنحة رقم ..... لسنة 1997 جنح
مركز دمنهور التي صدر فيها حكم بات بالإدانة مع التعويض المؤقت، ومن ثم أقام
الدعوى، أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت لشهود الطرفين حكمت بتاريخ
29 من أبريل سنة 2014 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ مائة وخمسين ألف
جنيه قيمة الشيك ومبلغ ألف وخمسمائة جنيه كتعويض. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى
محكمة استئناف الإسكندرية "مأمورية دمنهور" بالاستئناف رقم ..... لسنة
70 ق، وبتاريخ 2 من أغسطس سنة 2015 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا
الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكره أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه،
وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسه لنظره، وفيها التزمت
النيابة رأيها.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ثلاثة، ينعي الطاعن بالأول منها على
الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه تمسك أمام
محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى لعدم سبق إعذاره إعمالا للمواد 203، 218، 219،
230 من القانون المدني وإذ لم يعن الحكم بالرد على هذا الدفع رغم أنه على سند صحيح
من القانون فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أنه لا يلزم لاستحقاق التعويض استنادا لأحكام المسئولية التقصيرية
التكليف بالوفاء، وكان المطعون ضده قد أقام دعواه بتكملة التعويض الذي كان مقضيا
به في الدعوى المدنية المرتبطة بالدعوى الجنائية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد وهو
تعويض أساسه المسئولية التقصيرية التي لا محل للإعذار بشأنها فلا على الحكم إن
التفت عن هذا الدفاع ظاهر الفساد، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، إذ إنه أقام قضاءه برفض الدفع
بسقوط الحق في المطالبة بقيمة الشيك سند الدعوى استنادا إلى عدم سريان أحكام
التقادم المنصوص عليها في المادة 531 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 لصدور حكم
جنائي مثبت للدين في حين أن هذا الحكم لم يصدر بشأن الدين المطالب به وإنما صدر في
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد ولا علاقة لهذا الحكم بالمطالبة بقيمة الشيك وإذ مضت
أكثر من ستة أشهر من تاريخ أخر إجراء صحيح بصدور حكم محكمة النقض في الدعوى
الجنائية بتاريخ 23/ 1/ 2011 على المطالبة بقيمة الشيك في 12/ 3/ 2014 فإن تلك
المطالبة تكون قد سقطت بالتقادم وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن النص في الفقرة الأولى من المادة
531 من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 المعدل بالقانون رقم 156 لسنة 2004
- الساري في 14/ 7/ 2004 على أن "تتقادم دعاوى رجوع حامل الشيك ..... بمضي
سنة من تاريخ تقديمه للوفاء أو من تاريخ انقضاء ميعاد تقديمه"، وأن مفاد النص
في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني أنه لا تسري المدة المقررة لعدم
سماع الدعوى كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه - على ما ورد
بالأعمال التحضيرية للقانون المدني - أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان
التقادم كلما استحال على صاحب الحق - ماديا أو قانونيا - أن يطالب بحقه وأن المشرع
- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لم ير إيراد الموانع على سبيل الحصر بل عمم
الحكم لتمشيه مع ما يقضي به العقل وترك أمر تقدير قيام المانع الذي يعتبر سببا
لوقف سريان التقادم إلى محكمة الموضوع دون معقب متى اعتمدت على أسباب سائغة، وأن
حسب محكمة الموضوع أن يدفع أمامها بالتقادم حتى يتعين عليها أن تبحث شرائطه ومنها
المدة وما يعترضها من وقف وانقطاع، وأنه ولئن كان الحكم الجنائي الصادر بالتعويض
المؤقت من المحكمة الجنائية في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يختلف في أساسه - وعلى
ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عن دعوى المطالبة بقيمة هذا الشيك إلا أن الحكم
الجنائي الصادر في تلك الجريمة قد يؤثر على المطالبة بقيمة الشيك ومرد ذلك يرجع
إلى تقدير قاضي الموضوع فإذا ما تبين له أن الفصل في تلك المطالبة يتوقف على الحكم
الجنائي اعتبرت الدعوى الجنائية مانعا في حكم المادة 382 من القانون المدني يتعذر
معه على الدائن المطالبة بحقه ويكون سقوط هذا الحق بالتقادم موقوفا حتى صدور الحكم
الجنائي البات أو انتهاء المحاكمة بسبب آخر ولا تستأنف الدعوى المدنية سيرها إلا
بزوال هذا المانع ويستوي في ذلك أن تكون قد أقيمت أثناء نظر الدعوى الجنائية أو أقيمت
بعد انتهائها ورأت محكمة الموضوع - في نطاق سلطتها التقديرية - أن تلك الدعوى
الجنائية تعد مانعا مؤقتا لسريان التقادم طوال المدة التي دامت فيها المحاكمة
الجنائية. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى الجنائية عن جريمة إصدار
شيك بدون رصيد قد صدر فيها حكم بات بتاريخ 23/ 1/ 2011 وإذ أقام المطعون ضده على
الطاعن دعواه الراهنة المطعون في حكمها بتاريخ 5/ 5/ 2011 بطلب إلزامه بأن يؤدى له
تعويضا عن إصداره شيكا لصالحه لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وأضاف إليه طلب
الحكم له بقيمة الشيك فإن هذا الطلب الأخير يكون مرتبطا بالطلب الأول ويدخل في
نطاقه باعتبار أن دعوى التعويض عن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتسع للمطالبة بقيمة
الشيك ومن ثم تكون الدعوى المدنية برمتها مقامة قبل انقضاء مدة التقادم المنصوص
عليه في المادة 531 من قانون التجارة سالف البيان، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه
إلى رفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم سالف الذكر يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في
القانون ولا يعيبه ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة ربطت بين الحكم
الجنائي والحكم بالدين وأثره على سريان أحكام التقادم إذ لمحكمة النقض أن تقوم تلك
الأسباب دون أن تنقض الحكم، ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والقصور في التسبيب، وقال بيانا لذلك إن الحكم الصادر بالإدانة في جريمة
إعطاء شيك بدون رصيد لا يقيد المحكمة المدنية التي تنظر دعوى المطالبة بقيمة الشيك
بحيث يجوز لها أن تبحث مسألة الأحقية في استيفاء قيمته لأن هذه الجريمة تتحقق
بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علم الساحب بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب
ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعت لإصداره لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير
لها في قيام المسئولية الجنائية إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وأسبغ
على هذا الحكم حجية تقيد المحكمة المدنية في بحث مسألة أحقية المطعون ضده في
استيفاء قيمة الشيك وقضى تبعا لذلك بتأييد الحكم المستأنف الصادر بإلزامه بأن يؤدي
للمطعون ضده قيمة هذا الشيك وحجب - بذلك - عنه بحث دفاعه بأن الشيك صوري حرر على
بياض لضمان سداد مبلغ 3000 جنيه ثمن بيع منحل وتوجد ورقة ضد تثبت صوريته وهي عقد
البيع بالعربون وهو ما تأيد بشهادة الشهود أمام محكمة أول درجة، وإذ لم يعن الحكم
يبحث هذا الدفاع رغم جوهريته التزاما بحجية الحكم الجنائي فإنه يكون معيبا بما
يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن النص في المادة 102 من قانون الإثبات
على أنه "لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل
فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضروريا" مفاده - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة
- أن حجية الحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية
أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالبراءة أو بالإدانة بالنسبة
لما كان موضع المحاكمة الجنائية دون أن تلحق بالأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم
بهذه الإدانة أو تلك البراءة، ولما كانت جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق - وعلى
ما جرى عليه قضاء الدائرة الجنائية بهذه المحكمة - بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى
المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك
للتداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه
الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات ولا عبرة بعد ذلك
بالأسباب الدافعة لإصدار الشيك لأنها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام
المسئولية الجنائية وإن كان يعتد بها عند المطالبة بقيمة الشيك، ومن ثم فإن الحكم
الصادر بإدانة الطاعن في الجنحة رقم ...... لسنة 1997 جنح مركز دمنهور والمقيدة
برقم ........ لسنة 1998 جنح مستأنف دمنهور عن جريمة إعطائه للمطعون ضده شيكا بدون
رصيد لا يستلزم لقيامه التعرض لبحث سبب تحرير الشيك، ولما كان ذلك، وكان المطعون
ضده قد ضمن طلباته - في دعواه الحالية - طلب الإلزام بقيمة الشيك محل التداعي،
وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه بصورية هذا الشيك وأنه حرر على بياض ضمانا لمبلغ
3000 جنيه ثمن بيع منحل وقدم أمام محكمة الموضوع ورقة ضد - عقد بيع بالعربون -
تثبت تلك الصورية وتأيد - ذلك - بشهادة شاهديه اللذين استمعت إليهما - محكمة أول
درجة إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عن هذا الدفاع بقالة أن الحكم الجنائي الصادر
من محكمة الجنح انتهى إلى أن الشيك قد استوفى أوضاعه المقررة قانونا وأصبح سند دين
صحيح بكل ما طوي عليه من بيانات بما فيها المبلغ المدون به - في حين أن ما أثبته
الحكم الجنائي على هذا النحو لا يمنع المحكمة المدنية من بحث مدى التزام الطاعن
بالوفاء بقيمة هذا الشيك وتحقيق دفاعه بشأن السبب الدافع لإصداره وبأنه كان لضمان
سداد ثلاثة آلاف جنيه ثمن بيع منحل باعتبار أن سبب تحرير الشيك لا أثـر له على
طبيعته ولا على المسئولية الجنائية في صدد المادة 337 من قانون العقوبات، ومن ثم
فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن تحقيق دفاع الطاعن المشار إليه استنادا إلى
حجية الحكم الجنائي يكون فضلا عن قصوره قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يعيبه
ويوجب نقضه جزئيا لهذا السبب - في خصوص قضائه بقيمة الشيك - على أن يكون مع النقض
الإحالة.