جلسة 11 من ديسمبر سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/
حسن السنباطي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله،
مسعد حسين بدر، وليم رزق بدوي ومحمد مختار منصور.
-------------
(376)
الطعن رقم 411 لسنة 46
القضائية
(1)إثبات
"القرائن القانونية". حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم في دعوى
لاحقة. شرطه. اتحاد الدعويين موضوعاً وسبباً وخصوماً.
(2)دعوى "سبب الدعوى".
سبب الدعوى. ماهيته. عدم
تغييره بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية للخصوم.
(3)دفوع "قوة الأمر المقضي". نقض "ما لا يصلح سبباً
للطعن".
رفض الدفع بعدم جواز نظر
الدعوى لسابقة الفصل فيها استناد إلى اختلاف الدعويين سبباً. النعي على ما أورده
الحكم بشأن اختلاف الموضوع والخصوم. غير منتج.
(4)تقادم "التقادم المكسب". حكم "تسبيب الحكم".
محكمة الموضوع. ملكية.
اكتساب الملكية بالتقادم.
وجوب بيان الحكم للوقائع التي تؤدي إلى توافر شروط وضع اليد. لا إلزام ببيان كل
شرط على استقلال.
--------------
1 - من المقرر طبقاً
للمادة 101 من قانون الإثبات أنه لا يحوز الحكم السابق قوة الأمر المقضي بالنسبة
للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع في كل من الدعويين واتحد السبب المباشر الذي
تولدت عنه كل منهما هذا فضلاً عن وحدة الخصوم.
2 - السبب في معنى المادة
101 من قانون الإثبات هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا
يتغير بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستمد إليها الخصوم.
3 - إذ كان الحكم المطعون
فيه قد انتهى صحيحاً إلى اختلاف الدعويين من ناحية السبب الذي بني عليه كل منهما
فإن هذا الذي قرره يكفي لحمل قضائه بتأييد الحكم الابتدائي الصادر برفض الدفع بعدم
جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، ومن ثم يكون النعي عليه في شأن وحدة الموضوع
أو الخصوم وأياً كان وجه الرأي فيه غير منتج.
4 - من المقرر قانوناً
وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة (1)أنه
يتعين على الحكم المثبت للتملك بالتقادم أن يعرض لشروط وضع اليد وهي أن يكون
مقروناً بنية التملك مستمراً هادئاً وظاهراً فيبين بما فيه الكفاية الوقائع التي
تؤدي إلى توافرها بحيث يبين منه أنه تحراها وتحقق من وجودها إلا أن قاضي الموضوع
غير ملزم بأن يورد هذا البيان على وجه خاص فلا عليه إن لم يتناول كل ركن من هذه
الأركان ببحث مستقل متى بأن من مجموع ما أورده في حكمه أنه تحراها وتحقق من وجودها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما والسيدة...
أقاموا الدعوى 151 سنة 1971 مدني كلي المنصورة ضد الطاعن بطلب تثبيت ملكيتهم
للعقار المبين بصحيفة تلك الدعوى وقالوا بياناً لذلك إن مورثهم المرحوم.... يمتلك
ذلك العقار بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية منذ سنة 1930 حتى وفاته في
28/ 10/ 1965 وقد آلت ملكيته إليهم ميراثاً عن والدهم وقد زعم الطاعن أنه يمتلك
ذلك العقار بموجب عقد بيع رسمي صادر له من آخرين أوردوا فيه أن الملكية آلت إليهم
بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. قضت محكمة أول درجة في 24/ 1/ 1971 بندب
خبير لبحث تسلسل الملكية ووضع اليد وبعد أن قدم الخبير تقريره دفع الطاعن بعدم
جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 548 سنة 1968 مدني كلي المنصورة
وطلب احتياطياً الحكم برفضها. قضت محكمة أول درجة في 24/ 4/ 1974 برفض الدفع
وبجواز نظرها وبطلبات المطعون عليهما. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 300
سنة 26 ق المنصورة. قضت المحكمة بتاريخ 23/ 2/ 1976 بتأييد الحكم المستأنف. طعن
الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن
وعرض على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن أقيم على
سبين ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ
في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقول إن المطعون عليه الثاني كان قد أقام الدعوى
رقم 548 سنة 1968 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليه الأول والسيدة...... ثم أدخل
فيها الطاعن وآخرين بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 25/ 3/ 1965
الصادر له من المرحوم...... والمتضمن بيعه له العقار موضوع النزاع والتسليم
وببطلان عقد البيع المسجل رقم 1158 سنة 1967 المنصورة الصادر للطاعن من بعض الخصوم
عن حصة قدرها 5 و22 ط من 24 ط من العقار موضوع النزاع لصدوره من غير مالك وقد قضى
في هذه الدعوى بعدم اختصاص المحكمة قيمياً بنظر طلب صحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي
المؤرخ 25/ 3/ 1965 وإحالته إلى المحكمة المختصة وبرفض طلب بطلان عقد البيع المسجل
برقم 1158 سنة 1967 وصار الحكم نهائياً بالنسبة للشق الأخير لعدم استئنافه وأن
الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في
الدعوى رقم 548 سنة 1968 مدني كلي المنصورة لاختلاف الدعويين خصوماً وسبباً
وموضوعاً يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله من ثلاثة أوجه: الوجه
الأول أن الحكم المطعون فيه دلل على اختلاف الخصومة في الدعويين بأن الدعوى الأولى
قد رفعت من مدع واحد هو المطعون عليه الثاني ضد المطعون عليه الأول
والمرحومة...... أما الدعوى الحالية فقد رفعت أصلاً من الورثة الثلاثة وأن الحكم
السابق قد صدر برفض دعوى إبطال عقد الطاعن وذلك في مواجهة الخصوم جميعاً مدع ومدعى
عليه ومدخلين فيكون بذلك حجة عليهم جميعاً دون أن يؤثر في ذلك أن أحدهم كان مدعى
عليه في الدعوى الأولي وأصبح مدعياً في الدعوى الحالية وقد كان في مقدور أي من
المطعون عليهما والمرحومة....... استئناف الحكم الصادر برفض طلب بطلان عقد الطاعن
إلا أنهم لم يستأنفوه فصار نهائياً، فالقول باختلاف الخصوم في الدعويين يكون على
غير أساس. والوجه الثاني إن الحكم المطعون فيه قرر إن السبب في الدعوى الأولى هو
عقد البيع الصادر من المورث إلى المطعون عليه الثاني أما في الدعوى الحالية فهو
ملكية العقار بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وهو سبب مستقل عن سبب
الدعوى السابقة ولم يكن مطروحاً على المحكمة فيها، وهذا الذي قرره الحكم خطأ في
تطبيق القانون لأن المطعون عليه الثاني أقام دعواه السابقة على أساس تملك مورثه
لعقار النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وعلى ذلك فالسبب واحد في
الدعويين وهو ملكية المورث للعقار بالتقادم. والوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه
قرر باختلاف الموضوع في كل من الدعويين لأن الموضوع في الدعوى الأولى كان بطلب
الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع أما في الثانية فكان تثبيت الملكية بالميراث في حين أن
الأمر في الدعوى الأولى لم يقتصر على طلب الحكم بصحة ونفاذ العقد بل تعداه إلى طلب
بطلان العقد الصادر للطاعن وقد حكم نهائياً بصحته في مواجهة جميع الخصوم ومن ثم
فإن الطلب في الدعوى الثانية بتثبيت الملكية يؤدي حتماً إلى بطلان العقد المذكور
لصدوره للطاعن من غير مالك وعلى ذلك فإن الموضوع واحد في الدعويين وهو إثبات ملكية
المورث وإذا كان القضاء نهائياً في الدعوى الأولى برفض طلب بطلان عقد الطاعن بمعنى
صحة هذا العقد فإنه لا يصح الوصول إلى بطلانه بدعوى أخرى تختلف فيها الطلبات عن
السابقة ولكنها تتفق في النتيجة وهي صحة العقد وبطلانه.
وحيث إن النعي بالوجه
الثاني من السبب الأول مردود ذلك أن المقرر طبقاً للمادة 101 من قانون الإثبات أنه
لا يحوز الحكم السابق قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد
الموضوع في كل من الدعويين واتحد السبب المباشر الذي تولدت عنه كل منهما هذا فضلاً
عن وحدة الخصوم، ولما كان السبب في معني المادة 101 من قانون الإثبات هو الواقعة
التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب وهو لا يتغير بتغيير الأدلة الواقعية والحجج
القانونية التي يستند إليها الخصوم، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الدعوى
السابقة أقامها المطعون عليه الثاني ضد المطعون عليه الأول والمرحومة....... بطلب
الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له من مورثه ثم أدخل الطاعنة وآخرين وأضاف
طلباً ثانياً هو بطلان عقد البيع المسجل الصادر إلى الطاعن من بعض الخصوم المدخلين
عن حصة في العقار موضوع النزاع لصدوره من غير مالك وأن الطلب الثاني الذي قضى
برفضه هو وحده الذي يصح اتخاذه أساساً لقوة الأمر المقضي وسببه هو الواقعة التي
نشأ عنها الحق في طلب البطلان وهو صدور البيع من غير مالك بينما الحالية قد أقامها
المطعون عليهما وأخرى بطلب تثبيت ملكيتهم للعقار سالف الذكر تأسيساً على أن مورثهم
يملك العقار بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وأن ملكيتهم قد آلت إليهم من
بعده بالميراث، فإن سبب هذه الدعوى يكون وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية
والميراث وهو سبب يختلف عن سبب الدعوى السابقة، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد
انتهى صحيحاً إلى هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون وإنما طبقه سليماً ويضحى
النعي بهذا الوجه من السبب الأول على غير سند من القانون.
وحيث إنه عن النعي
بالوجهين الأول والثالث فهو غير مقبول، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه انتهى
صحيحاً إلى اختلاف الدعويين من ناحية السبب الذي بني عليه كل منهما فإن هذا الذي
قرره يكفي لحمل قضائه بتأييد الحكم الابتدائي الصادر برفض الدفع بعدم جواز نظر
الدعوى لسابقة الفصل فيها ومن ثم يكون النعي عليه في شأن وحدة الموضوع أو الخصوم
وأياً كان وجه الرأي فيه غير منتج.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في
التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية يجب أن
تقترن بأفعال مادية يجابه بها واضع اليد للمالك الأصلي وتفصح عن نية التملك وقد
قدم لمحكمة الموضوع كشوف تكليف من سنة 1918 حتى سنة 1969 تثبت أن الفضاء موضوع
النزاع في تكليف المالك الأصلي......... وأن ابنته تملكت مساحة 5 و22 في العقار
المذكور بطريق الميراث وبعقود مسجلة وهو القدر الذي باعته له بالعقد المسجل في سنة
1967، فإذا كان الحكم المطعون فيه قضى بتثبيت ملكية المطعون عليهما أخذاً بتقرير
الخبير من أن مورثهما كان يضع اليد على العقار من سنة 1930 حتى وفاته سنة 1965 ومن
بعد ورثته فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن المقرر قانوناً وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أنه يتعين على الحكم
المثبت للتملك بالتقادم أن يعرض لشروط وضع اليد وهي أن يكون مقروناً بنية التملك
ومستمراً وهادئاً وظاهراً يبين بما فيه الكفاية الوقائع التي تؤدي إلى توافرها
بحيث يبين منه أنه تحراها وتحقق من وجودها، إلا أن قاضي الموضوع غير ملزم بأن يورد
هذا البيان على وجه خاص فلا عليه إن لم يتناول كل ركن من هذه الأركان ببحث مستقل
متى كان من مجموع ما أورده في حكمه أنه تحراها وتحقق من وجودها، ولما كان الحكم
المطعون فيه قد أقام قضاءه بتثبيت ملكية المطعون عليهما للعقار موضوع النزاع وأورد
في ذلك قوله "وإذ كان الخبير قد أثبت في تقريره أن المرحوم..... مورث المدعين
(المطعون عليهما) هو واضع اليد من 10/ 10/ 1931 على العقار جمعيه بعقود بيع
ابتدائية وأن حيازتهما استمرت حتى تاريخ وفاته سنة 1965 ثم انتقلت الحيازة إلى
المدعين بصفتهم ملاكاً وأن هذه الحيازة طبقاً لأقوال الشهود وكانت هادئة ومستمرة
وبدون منازعة من أحد ومن ثم فإن الشروط القانونية لتملك العقار بالمدة الطويلة
المكسبة للملكية تكون متوافرة في حق مورث المدعين وهو من بعده كخلف له". ولما
كانت هذه الأسباب سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن
الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه قصور في التسبيب ويضحى النعي بهذا
السبب - وهو مجادلة موضوعية مما تستقل بها محكمة الموضوع - على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
القضاء برفض الطعن.
(1) الطعن 403 لسنة 40 ق - جلسة 23/ 11/ 1976 السنة 27 ص 1627.