الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 4 يوليو 2022

القضية 1 لسنة 26 ق جلسة 7 / 3 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 2 تفسير ق 1 ص 3205

جلسة 7 مارس سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وعبد الوهاب عبد الرازق،

وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-----------

قاعدة رقم (1)
الطلب رقم واحد لسنة 26 قضائية "تفسير"

(1) تفسير تشريعي "شروطه".
إن السلطة المخولة لهذه المحكمة في مجال التفسير التشريعي، مشروطة بأن تكون للنص التشريعي أهمية جوهرية تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها ووزن المصالح المرتبطة بها، وأن يكون هذا النص - فوق أهميته - قد أثار عند تطبيقه خلافاً حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه على نحو يُخل - عملاً - بعمومية القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم، والمتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليهم، ويُهدر بالتالي ما تقتضيه المساواة بينهم في مجال تطبيقها.
(2) تفسير تشريعي "حدود ولاية المحكمة الدستورية العليا في شأنه".
ولاية المحكمة الدستورية العليا في مجال ممارستها لاختصاصها بالنسبة إلى التفسير التشريعي تقتصر على تحديد مضمون النص القانوني محل التفسير لتوضيح ما أُبهِم من ألفاظه، وذلك من خلال استجلاء إرادة المشرع وتحري مقصده منه، والوقوف على الغاية التي يستهدفها من تقريره إياه.
(3) المادة (5) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب - وضوح عبارتها - سابقة التفسير - عدم قبول.
البين من استقراء نص المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المطلوب تفسيره أنه قد عدّد الشروط اللازم توافرها فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب والتي بلغت ستة شروط، وأن عبارته في بيان هذه الشروط جاءت واضحة الدلالة لا غموض فيها ولا إبهام كما أن ما تعلق منه بالبند (5) سبق أن تناولته المحكمة الدستورية العليا بالتفسير في طلب التفسير رقم (1) لسنة 24 قضائية "تفسير". أثر ذلك: عدم توافر شروط طلب التفسير.
(4) تفسير تشريعي "تفسير صدر المادة (18) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب: توافر شروط طلب التفسير".
إن الشرطان اللذين تطلبهما المشرع لقبول طلب التفسير قد توافرا بالنسبة لصدر المادة الثامنة عشرة من قانون مجلس الشعب المشار إليه.
(5) تفسير تشريعي "استظهار إرادة المشرع - تطور تشريعي - أعمال تحضيرية".
إن المحكمة الدستورية العليا في مجال تحديدها مدلول النص التشريعي محل التفسير، تلجأ إلى تحري إرادة المشرع كشفاً عن مقصده منه والذي يُفترض أن يكون ذلك النص معبراً عنه، وتستعين المحكمة في سبيل الوصول إلى هذه الغاية بالتطور التشريعي للنص المطلوب تفسيره وكذا بأعماله التحضيرية الممهدة له.
(6) تفسير تشريعي "التعويل على عبارة النص - حالات العدول عنها - التفسير لا ينطوي على رقابة الدستورية".
على هذه المحكمة وهي في مقام تفسيرها للنص المشار إليه أن تفسره بما لا يخرجه عن المعنى الذي يبين من ظاهر عبارته، إذ أنها وحدها التي تعين التعويل عليها ولا يجوز العدول عنها إلى سواها إلا إذا كان التقيد بحرفتيها يناقش أهدفها واضحة ومشروعة سعي إليها المشرع، وبمراعاة أن اختصاص هذه المحكمة بتفسير النصوص التشريعية لا يخولها حق مراقبة شرعيتها الدستورية، وإنما هي تكشف عن إرادة المشرع دون تقييم لها.
(7) تفسير تشريعي "النص واضح الدلالة لا يجوز إخراجه عن معناه - تطبيق".
المستقر عليه في أصول التفسير أنه إذا كان عبارة النص واضحة الدلالة فلا يجوز تأويلها بما يخرجها عن معناها المقصود منها، أو الانحراف عنها بدعوى تفسيرها، كما أنها إذا جاءت عامة فإنها تجري على إطلاقها، ما لم يوجد ما يقيدها أو يُخصص حكمها.

----------------
1 - إن السلطة المخولة لهذه المحكمة في مجال التفسير التشريعي، مشروطة بأن تكون للنص التشريعي أهمية جوهرية تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها ووزن المصالح المرتبطة بها، وأن يكون هذا النص - فوق أهميته - قد أثار عند تطبيقه خلافاً حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه على نحو يُخل - عملاً - بعمومية القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم، والمتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليهم، ويُهدر بالتالي ما تقتضيه المساواة بينهم في مجال تطبيقها الأمر الذي يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد يتحدد على ضوء ما قصده المشرع منها عند إقرارها ضماناً لتطبيقها تطبيقاً متكافئاً بين المخاطبين بها.
2 - حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ولايتها في مجال ممارستها لاختصاصها بالنسبة إلى التفسير التشريعي تقتصر على تحديد مضمون النص القانوني محل التفسير لتوضيح ما أُبهِم من ألفاظه، وذلك من خلال استجلاء إرادة المشرع وتحري مقصده منه، والوقوف على الغاية التي يستهدفها من تقريره إياه.
3 - حيث إن البين من استقراء نص المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المطلوب تفسيره أنه قد عدّد الشروط اللازم توافرها فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب والتي بلغت ستة شروط، وأن عبارته في بيان هذه الشروط جاءت واضحة الدلالة لا غموض فيها ولا إبهام كما أن ما تعلق منه بالبند (5) سبق أن تناولته المحكمة الدستورية العليا بالتفسير في طلب التفسير رقم (1) لسنة 24 قضائية "تفسير"، ورأت المحكمة أن عبارة هذا البند واضحة الدلالة على اشتراط أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها وفقاً لأحكام القانون فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب، وقد خلت الأوراق مما يفيد قيام خلاف في تطبيق هذا النص بعد ممارسة هذه المحكمة لولايتها في إصدار تفسير تشريعي ملزم لعبارته، ومن ثم فإن طلب تفسيره يكون غير مقبول.
4 - إن الشرطان اللذين تطلبهما المشرع لقبول طلب التفسير قد توافرا بالنسبة لصدر المادة الثامنة عشرة من قانون مجلس الشعب المشار إليه، فيما تنص عليه من أنه "إذا خلال من مكان أحد المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته يجري انتخاب تكميلي لانتخاب من يحل محله" ذلك أن هذا النص قد آثار خلافاً في تطبيقه بين بعض دوائر محكمة القضاء الإداري من ناحية والمحكمة الإدارية العليا من ناحية أخرى، إذ في حين رأت الأولى فتح باب الترشيح لجميع المرشحين في الدوائر التي تخلو لتخلف أحد الشروط التي نصت عليها المادة الخامسة من قانون مجلس الشعب إذا كان من تخلفت فيهم شروط الترشيح قد قدموا استقالاتهم وقبلها مجلس الشعب وقرر خلو دوائرهم لهذا السبب، وشايعتها إدارة الفتوى لوزارة الداخلية في هذا الرأي وأفتت بفتح باب الترشيح لكل من توافرت فيه شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب في حالة خلو مكان أحد المنتخبين أياً كان سبب وطبيعة هذا الخلو، اتجهت المحكمة الإدارية العليا وجهة أخرى مناقضة بقصرها إجراء الانتخابات التكميلية على من كان مرشحاً في الانتخابات الأولى تأسيساً على أنه لا يجوز قبول استقالة العضو الذي فاز في الانتخابات رغم تخلف أحد شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب في شأنه، ولا أن تُرَتَّب أية آثار على هذه الاستقالة، وأن إنزال صحيح حكم القانون عند اتخاذ إجراءات الانتخابات التكميلية، يقتضي قصرها على من كان مرشحاً فقط مع من وُصمت عضويته بالبطلان، وقد انعكس هذا الخلاف على وزارة الداخلية، فتضاربت قراراتها في هذا الشأن، كما أن النص محل طلب التفسير انتظمه القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب الذي يُعد أحد القوانين المكملة للدستور، ويتعلق بممارسة حق دستوري على جانب كبير من الأهمية هو حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب، ومن ثم فإن طلب تفسيره يكون مقبولاً.
5 - إن هذه المحكمة في مجال تحديدها مدلول النص التشريعي محل التفسير، تلجأ إلى تحري إرادة المشرع كشفاً عن مقصده منه والذي يُفترض أن يكون ذلك النص معبراً عنه، وتستعين المحكمة في سبيل الوصول إلى هذه الغاية بالتطور التشريعي للنص المطلوب تفسيره وكذا بأعماله التحضيرية الممهدة له.
وحيث إنه يبين من استقصاء التطور التشريعي للنص محل التفسير أنه كان يجري في أصل نص الوارد بالقانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب على أن:
"إذا لم يرشح في الدائرة الانتخابية أكثر من شخصين أحدهما على الأقل عامل أو فلاح أجري الانتخاب في ميعاده، ويعلن انتخاب المرشح إذا حصل على الأغلبية المطلقة من الأصوات الصحيحة التي أعطيت في الانتخاب بشرط ألا يقل عدد هذه الأصوات عن 20% من مجموع الناخبين".
وبصدور القانون رقم 114 لسنة 1983 متبنياً الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة الحزبية مع التمثيل النسبي في انتخاب مجلس الشعب تم تعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 وشمل التعديل نص المادة عشرة ليصبح كالتالي:
"إذا خلال من أحد الأعضاء المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته حل محله أحد الأعضاء الأصليين الذي لم يحل دوره في العضوية نتيجة عدد المقاعد التي حصلت عليها قائمته في الانتخابات فإذا لم يوجد أعضاء أصليون حل محل من انتهت عضويته العضو الاحتياطي وفي الحالتين يكون حلول العضو بترتيب ورود اسمه في القائمة التي أُنتخبت وبذات صفة سلفه.
وتستمر مدة العضو الجديد حتى يستكمل مدة عضوية سلفه".
وإذا رؤى العدول عن نظام الانتخاب بالقائمة فقد صدر القانون رقم 188 لسنة 1986 مقرراً الجمع بين نظام الانتخاب بالقائمة الحزبية ونظام الانتخاب الفردي، وتم تعديل المادة الثامنة عشرة من القانون رقم 38 لسنة 1972 المشار إليه ليصبح حكماً متسقاً مع النظام الجديد فأصبح نصها كتالي:
"إذا خلا مكان أحد الأعضاء المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته يجري انتخاب تكميلي بذات الطريقة التي تم بها انتخاب العضو الذي خلا مكانه.
وإذا كان العضو الذي خلا مكانه من بين المنتخبين بقائمة حزبية اقتصر حق الترشيح على الأحزاب الممثلة بالمجلس عن طريق الانتخاب بالقوائم، ويتعين في جميع الأحوال مراعاة نسبة الخمسين في المائة المقررة للعمال والفلاحين عن كل دائرة على حدة وتستمر مدة العضو الجديد حتى يستكمل مدة عضوية سلفه، على أن يعلن فوز القائمة التي تحصل على أكبر عدد من الأصوات الصحيحة متى كان المرشح لمقعد واحد، وإلا طُبق حكم المادة السابعة عشر".
6 - وقد أبانت المذكرة الإيضاحية لمشروع قرار رئيس الجمهورية بالقانون المشار إليه أن هذا التعديل قد اقتصر على ما يجعل حكم المادة المذكورة متسقاً مع نظام الانتخاب الفردي بعد حذف ما يتعلق بالتنظيم الخاص بخلو مكان عضو من بين المنتخبين بقائمة حزبية.
ولدى عرض قرار رئيس الجمهورية بالقانون سالف الذكر على مجلس الشعب، لم تجر بشأن النص محل التفسير أية مناقشات بين أعضائه تُعين على فهم المراد منه، وإنما وافق المجلس عليه مع نصوصه الأخرى بالصياغة التي أفرغ فيها بجلسته المنعقدة في 29 من ديسمبر سنة 1990.
وحيث إن التطور التشريعي للنص محل التفسير، وكذا مذكرته الإيضاحية لم يُفصحا عن بيان قصد المشرع من إقراره سوى ما أسفرت عنه مناقشات مجلس الشعب لدى عرض مشروع القانون رقم 188 لسنة 1986 من استبدال عبارة (يجري انتخاب تكميلي) بعبارة (أعيد الانتخاب) التي وردت بالمشروع، وذلك تأسيساً على أن الأمر لا يتعلق بإعادة انتخاب قد تم من قبل وإنما هو انتخابٌ تكميليٌ لانتخاب عضو جديد بدلاً من العضو الذي خلا مكانه، ومن ثم أصبح لزاماً على هذه المحكمة وهي في مقام تفسيرها للنص المشار إليه أن تفسره بما لا يُخرجه عن المعنى الذي يبين من ظاهر عبارته، إذ أنها وحدها التي يتعين التعويل عليها ولا يجوز العدول عنها إلى سواها إلا إذا كان التقيد بحرفيتها يُناقش أهدافاً واضحة ومشروعة سعى إليها المشرع، وبمراعاة أن اختصاص هذه المحكمة بتفسير النصوص التشريعية لا يخلوها حق مراقبة شرعيتها الدستورية، وإنما هي تكشف عن إرادة المشرع دون تقييم لها، ويقتصر عملها على رد النصوص القانونية إلى إرادة المشرع وحملها عليها سواء كان مضمونها متفقاً مع أحكام الدستور أم مناقضاً لها.
7 - حيث إن من المستقر عليه في أصول التفسير أنه إذا كان عبارة النص واضحة الدلالة فلا يجوز تأويلها بما يخرجها عن معناها المقصود منها، أو الانحراف عنها بدعوى تفسيرها، كما أنها إذا جاءت عامة فإنها تجري على إطلاقها، ما لم يوجد ما يقيدها أو يُخصص حكمها.
وحيث إن الظاهر من عبارة النص محل التفسير أنه إذا خلا مكان أحد المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته بمجلس الشعب، فإنه يتعين إجراء انتخاب تكميلي لانتخاب من يحل محله، وقد وردت عبارتا "إذا خلا مكان" و "يجري انتخاب تكميلي" عامتين ليس فيهما تخصيص لحكميهما، فإن عبارة "إذا خلا مكان" تشمل جميع حالات خلو مكان عضو مجلس الشعب أياً كان سبب هذا الخلو، كما أن عبارة الانتخاب التكميلي لا تعني سوى الانتخاب الذي نظم قانون مجلس الشعب إجراءاته والتي تبدأ بتقديم المرشحين طلباتهم إلى مديرية الأمن بالمحافظة التي يرغبون في الترشيح لإحدى دوائرها، مصحوبة بالأوراق والمستندات التي تطلب القانون تقديمها لإثبات توافر شروط الترشيح، ثم إعلان كشف المرشحين بعد الفصل في الاعتراضات المقدمة على تلك الترشيحات، وإجراء عملية الاقتراع التي تتمثل في إدلاء الناخبين بأصواتهم لاختيار من يرونه صالحاً لتمثيلهم ثم فرز الأصوات وإعلان نتيجة الانتخاب.
لا يجوز صرف عبارة النص محل التفسير عن معناها الظاهري على النحو السالف بيانه، وتفسيرها قسراً واعتسافاً على نحو يؤدي إلى انحسار حكمها عن حالة العضو الذي يخلو مكانه لبطلان عضويته لعدم استيفائه أحد شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب، ولا أن يختص ذلك العضو بحكم خاص بكيفية إجراء انتخاب من يحل محله، بحيث يتم قصر حق الترشيح لشغل الدائرة التي خلت لبطلان عضويته على من كان قد تزاحم من المرشحين على شغل مقعد هذه الدائرة وقت إجراء الانتخاب الأولى، ذلك أن النص العام لا يخصص إلا بدليل، ولا يقيد المطلق إلا بقرينة، فإذا ما انتفى ذلك الدليل وتلك القرينة، فإنه لا يجوز إسباغ معنى آخر على النص التشريعي وإلا كان تأويلاً له غير مقبول.


الإجراءات

بتاريخ السادس من يناير سنة 2004 ورد إلى المحكمة كتاب السيد المستشار وزير العدل بطلب تفسير نص المادتين الخامسة والثامنة عشر من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، وذلك بناء على طلب السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء.
وبعد تحضير الطلب أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
وقررت المحكمة إصدار القرار بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء طلب تفسير نص المادتين الخامسة والثامنة عشرة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب والتي تنص أولاهما على أن "مع عدم الإخلال بالأحكام المقررة في قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب:
1 - أن يكون مصري الجنسية، من أب مصري.
2 - أن يكون اسمه مقيداً في أحد جداول الانتخاب، وألا يكون قد طرأ عليه سبب يستوجب إلغاء قيده طبقاً للقانون الخاص بذلك.
3 - أن يكون بالغاً من العمر ثلاثين سنة ميلادية على الأقل يوم الانتخاب.
4 - أن يجيد القراءة والكتابة.
5 - أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدائها طبقاً للقانون.
6 - ألا تكون قد أسقطت عضويته بقرار من مجلس الشعب أو مجلس الشورى بسبب فقد الثقة أو الاعتبار أو بسبب الإخلال بواجبات العضوية بالتطبيق لأحكام المادة 96 من الدستور، ومع ذلك يجوز له الترشيح في أي من الحالتين الآتيتين:
أ - انقضاء الفصل التشريعي الذي صدر خلاله قرار إسقاط العضوية.
ب - صدور قرار من مجلس الشعب أو من مجلس الشورى بإلغاء الأثر المانع من الترشيح المترتب على إسقاط العضوية بسبب الإخلال بواجباتها ويصدر قرار المجلس في هذه الحالة بموافقة أغلبية أعضائه بناء على اقتراح مقدم من ثلاثين عضواً، وذلك بعد انقضاء دور الانعقاد الذي صدر خلاله قرار إسقاط العضوية".
وتنص ثانيتهما على أن "إذا خلا مكان من أحد المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته يجري انتخاب تكميلي لانتخاب من يحل محله وذلك دون إخلال بحكم الفقرة الأولى من المادة الثالثة من هذا القانون.
وإذ كان من خلا مكانه من المعينين عين من يحله محله.
وفي الحالتين تستمر مدة العضو الجديد حتى يستكمل مدة عضوية سلفه" وذلك تأسيساً على أن هذين النصين قد أثارا خلافاً في تطبيقهما وفيما ترتب عليهما من آثار، وتضاربت أحكام القضاء الإداري بشأن من له حق التشريح في الانتخاب التكميلي الذي يجري طبقاً لنص المادة الثامنة عشرة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، في الدوائر التي تخلو إعمالاً للتفسير الذي انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا فيمن تخلف في شأنه أحد الشروط التي نصت عليها المادة الخامسة من ذات القانون وسبق فوزه في الانتخابات، وهل يقتصر الترشيح على من سبق اشتراكهم في تلك الانتخابات، أم يفتح باب الترشيح أمام كل من توافر فيه شروطه وقت إجراء الانتخابات التكميلي، إذ ذهبت بعض أحكام محكمة القضاء الإداري إلى فتح باب الترشيح لكافة المرشحين الذين تتوافر فيهم شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب، إذا كان من تخلفت فيهم تلك الشروط قد قدموا استقالاتهم وقبلها مجلس الشعب وقرر خلو دوائرهم الانتخابية لهذا السبب، وأنه لا يجوز للقضاء الإداري بسط رقابته على قرار مجلس الشعب بقبول استقالة هؤلاء الأعضاء بمقولة أنه كان يتعين على المجلس تقرير بطلان عضويتهم لا قبول استقالاتهم، إذ أن هذا الأمر يتعلق بصحة العضوية ويعد من الأعمال البرلمانية التي لا يجوز للقضاء بسط رقابته عليها إعمالاً لمبدأ الفصل بين السلطات، وقد سارت إدارة الفتوى لوزارة الداخلية بمجلس الدولة على ذات الدرب. وانتهى رأيها إلى فتح باب الترشيح لكل من تتوافر فيهم شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب حال صدور قرار من ذلك المجلس ببطلان عضوية أحد أعضائه وخلو المكان طبقاً للمادة (94) من الدستور.
وأضاف السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء أن المحكمة الإدارية العليا انتهجت منهجاً مخالفاً وقضت بأن من فاز في الانتخابات رغم تخلف أحد شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب في شأنه، ولم يصدر حكم ببطلان عضويته، لا يجوز لمجلس الشعب أن يصدر قراراً بقبول استقالته، وأنه يتعين الالتفات عن هذه الاستقالة وقرار قبولها، وإنزال صحيح حكم القانون عند اتخاذ إجراءات إعادة الانتخاب لشغل مثل هذه الدائرة في ضوء بطلان ترشيح شاغلها بداءة بحيث يقتصر إجراء الانتخابات التكميلية على من كان مرشحاً في الانتخابات الأولى. ونتيجة لتضارب تلك الأحكام فقد تباينت قرارات وزارة الداخلية بشأن إجراءات فتح باب الترشيح في الدوائر التي تجرى فيها انتخابات تكميلية طبقاً لنص المادة الثامنة عشرة من قانون مجلس الشعب حال تخلف أحد الشروط التي تطلبها القانون في مادته الخامسة للترشيح لعضوية ذلك المجلس.
وإزاء اضطراب التفسير والتأويل، واختلاف التطبيق والرؤى وتضارب الأحكام القضائية بشأن تفسير نص المادتين الخامسة والثامنة عشرة من قانون مجلس الشعب، ولتعلهما بحق دستوري بالغ الأهمية هو حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب، فقد طلب السيد المستشار وزير العدل بناء على كتاب السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء عرض الأمر على هذه المحكمة لإصدار تفسير تشريعي للنصين المذكورين عملاً بما تنص عليه المادتان (26) و(33) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إن المادة (175) من الدستور تنص على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص القانونية وذلك كله على الوجه المبين في القانون". وإعمالاً لهذا التفويض نصت المادة (26) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية؛ والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية، وذلك إذا أثارت خلافاً في التطبيق، وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها".
وحيث إن السلطة المخولة لهذه المحكمة في مجال التفسير التشريعي، مشروطة بأن تكون للنص التشريعي أهمية جوهرية تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها ووزن المصالح المرتبطة بها، وأن يكون هذا النص - فوق أهميته - قد أثار عند تطبيقه خلافاً حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه على نحو يُخل - عملاً - بعمومية القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم، والمتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليهم، ويُهدر بالتالي ما تقتضيه المساواة بينهم في مجال تطبيقها الأمر الذي يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد يتحدد على ضوء ما قصده المشرع منها عند إقرارها ضماناً لتطبيقها تطبيقاً متكافئاً بين المخاطبين بها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ولايتها في مجال ممارستها لاختصاصها بالنسبة إلى التفسير التشريعي تقتصر على تحديد مضمون النص القانوني محل التفسير لتوضيح ما أُبهِم من ألفاظه، وذلك من خلال استجلاء إرادة المشرع وتحري مقصده منه، والوقوف على الغاية التي يستهدفها من تقريره إياه.
وحيث إن البين من استقراء نص المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المطلوب تفسيره أنه قد عدّد الشروط اللازم توافرها فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب والتي بلغت ستة شروط، وأن عبارته في بيان هذه الشروط جاءت واضحة الدلالة لا غموض فيها ولا إبهام كما أن ما تعلق منه بالبند (5) سبق أن تناولته المحكمة الدستورية العليا بالتفسير في طلب التفسير رقم (1) لسنة 24 قضائية "تفسير"، ورأت المحكمة أن عبارة هذا البند واضحة الدلالة على اشتراط أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها وفقاً لأحكام القانون فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب، وقد خلت الأوراق مما يفيد قيام خلاف في تطبيق هذا النص بعد ممارسة هذه المحكمة لولايتها في إصدار تفسير تشريعي ملزم لعبارته، ومن ثم فإن طلب تفسيره يكون غير مقبول.
وحيث إن الشرطان اللذين تطلبهما المشرع لقبول طلب التفسير قد توافرا بالنسبة لصدر المادة الثامنة عشرة من قانون مجلس الشعب المشار إليه، فيما تنص عليه من أنه "إذا خلال من مكان أحد المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته يجري انتخاب تكميلي لانتخاب من يحل محله" ذلك أن هذا النص قد آثار خلافاً في تطبيقه بين بعض دوائر محكمة القضاء الإداري من ناحية والمحكمة الإدارية العليا من ناحية أخرى، إذ في حين رأت الأولى فتح باب الترشيح لجميع المرشحين في الدوائر التي تخلو لتخلف أحد الشروط التي نصت عليها المادة الخامسة من قانون مجلس الشعب إذا كان من تخلفت فيهم شروط الترشيح قد قدموا استقالاتهم وقبلها مجلس الشعب وقرر خلو دوائرهم لهذا السبب، وشايعتها إدارة الفتوى لوزارة الداخلية في هذا الرأي وأفتت بفتح باب الترشيح لكل من توافرت فيه شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب في حالة خلو مكان أحد المنتخبين أياً كان سبب وطبيعة هذا الخلو، اتجهت المحكمة الإدارية العليا وجهة أخرى مناقضة بقصرها إجراء الانتخابات التكميلية على من كان مرشحاً في الانتخابات الأولى تأسيساً على أنه لا يجوز قبول استقالة العضو الذي فاز في الانتخابات رغم تخلف أحد شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب في شأنه، ولا أن تُرَتَّب أية آثار على هذه الاستقالة، وأن إنزال صحيح حكم القانون عند اتخاذ إجراءات الانتخابات التكميلية، يقتضي قصرها على من كان مرشحاً فقط مع من وُصمت عضويته بالبطلان، وقد انعكس هذا الخلاف على وزارة الداخلية، فتضاربت قراراتها في هذا الشأن، كما أن النص محل طلب التفسير انتظمه القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب الذي يُعد أحد القوانين المكملة للدستور، ويتعلق بممارسة حق دستوري على جانب كبير من الأهمية هو حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب، ومن ثم فإن طلب تفسيره يكون مقبولاً.
وحيث إن هذه المحكمة في مجال تحديدها مدلول النص التشريعي محل التفسير، تلجأ إلى تحري إرادة المشرع كشفاً عن مقصده منه والذي يُفترض أن يكون ذلك النص معبراً عنه، وتستعين المحكمة في سبيل الوصول إلى هذه الغاية بالتطور التشريعي للنص المطلوب تفسيره وكذا بأعماله التحضيرية الممهدة له.
وحيث إنه يبين من استقصاء التطور التشريعي للنص محل التفسير أنه كان يجري في أصل نص الوارد بالقانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب على أن:
"إذا لم يرشح في الدائرة الانتخابية أكثر من شخصين أحدهما على الأقل عامل أو فلاح أجرى الانتخاب في ميعاده، ويعلن انتخاب المرشح إذا حصل على الأغلبية المطلقة من الأصوات الصحيحة التي أعطيت في الانتخاب بشرط ألا يقل عدد هذه الأصوات عن 20% من مجموع الناخبين".
وبصدور القانون رقم 114 لسنة 1983 متبنياً الأخذ بنظام الانتخاب بالقائمة الحزبية مع التمثيل النسبي في انتخاب مجلس الشعب تم تعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 وشمل التعديل نص المادة عشرة ليصبح كالتالي:
"إذا خلال من أحد الأعضاء المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته حل محله أحد الأعضاء الأصليين الذي لم يحل دوره في العضوية نتيجة عدد المقاعد التي حصلت عليها قائمته في الانتخابات فإذا لم يوجد أعضاء أصليون حل محل من انتهت عضويته العضو الاحتياطي وفي الحالتين يكون حلول العضو بترتيب ورود اسمه في القائمة التي اُنتخبت وبذات صفة سلفه.
وتستمر مدة العضو الجديد حتى يستكمل مدة عضوية سلفه".
وإذا رؤى العدول عن نظام الانتخاب بالقائمة فقد صدر القانون رقم 188 لسنة 1986 مقرراً الجمع بين نظام الانتخاب بالقائمة الحزبية ونظام الانتخاب الفردي، وتم تعديل المادة الثامنة عشرة من القانون رقم 38 لسنة 1972 المشار إليه ليصبح حكماً متسقاً مع النظام الجديد فأصبح نصها كتالي:
"إذا خلا مكان أحد الأعضاء المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته يجرى انتخاب تكميلي بذات الطريقة التي تم بها انتخاب العضو الذي خلا مكانه.
وإذا كان العضو الذي خلا مكانه من بين المنتخبين بقائمة حزبية اقتصر حق الترشيح على الأحزاب الممثلة بالمجلس عن طريق الانتخاب بالقوائم، ويتعين في جميع الأحوال مراعاة نسبة الخمسين في المائة المقررة للعمال والفلاحين عن كل دائرة على حدة وتستمر مدة العضو الجديد حتى يستكمل مدة عضوية سلفه، على أن يعلن فوز القائمة التي تحصل على أكبر عدد من الأصوات الصحيحة متى كان المرشح لمقعد واحد، وإلا طُبق حكم المادة السابعة عشر".
وكان صدر هذه المادة قد ورد في مشروع القانون المعروض على مجلس الشعب ناصاً على أن:
"إذا خلا مكان أحد الأعضاء المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته أعيد الانتخاب بذات الطريقة التي تم بها انتخاب العضو الذي خلا مكانه".
وقد رؤى استبدال عبارة (يجرى انتخاب تكميلي) بعبارة (أعيد الانتخاب)، بناء على اقتراح من أحد أعضاء مجلس الشعب بعد المناقشات التي أبداها بعض الأعضاء لدى تعليقهم على نص المادة الثامنة عشرة والتي أبدوا خلالها أن الأمر في الحالة المعروضة لا يتعلق بإعادة الانتخاب من جديد وإنما انتخاب تكميلي يجرى بعد خلو مكان العضو.
وإذ عُرض أمر المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم 38 لسنة 1972 على المحكمة الدستورية العليا والتي كانت تنظم كيفية انتخاب أعضاء مجلس الشعب وذلك عن طريق الجمع في كل دائرة انتخابية بين نظام الانتخاب بالقوائم الحزبية ونظام الانتخاب الفردي، قضت بجلستها المنعقدة في 19 مايو سنة 1990 بعدم دستورية تلك المادة فيما تضمنته من النص على أن يكون لكل دائرة عضو واحد يتم انتخابه عن طريق الانتخاب الفردي ويكون انتخاب باقي الأعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية.
وتنفيذاً لذلك الحكم، وفي ضوء ما أسفرت عنه التجارب رؤى العودة إلى نظام الانتخاب الفردي الذي عايشته الحياة النيابية في مصر، واعتادت عليه أمداً طويلاً، ومن ثم كان حتماً مقتضياً أن يتم تعديل أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 لإلغاء التنظيم الخاص بالجمع بين نظام الانتخاب بالقائمة ونظام الانتخاب الفردي في إطار واحد، فصدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 201 لسنة 1990 متضمناً تعديل بعض أحكام قانون مجلس الشعب ومنها المادة الثامنة عشرة التي تنظم حالة خلو مكان عضو مجلس الشعب، والتي أصبح نصها كالتالي:
"إذا خلا مكان أحد المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته يجرى انتخاب تكميلي لانتخاب من يحل محله وذلك دون إخلال بحكم الفقرة الأولى من المادة الثالثة من هذا القانون.
وإذا كان من خلال مكانه من المعينين عُين من يحل محله.
وفي الحالتين تستمر مدة العضو الجديد حتى يستكمل مدة عضوية سلفه".
وقد أبانت المذكرة الإيضاحية لمشروع قرار رئيس الجمهورية بالقانون المشار إليه أن هذا التعديل قد اقتصر على ما يجعل حكم المادة المذكورة متسقاً مع نظام الانتخاب الفردي بعد حذف ما يتعلق بالتنظيم الخاص بخلو مكان عضو من بين المنتخبين بقائمة حزبية.
ولدى عرض قرار رئيس الجمهورية بالقانون سالف الذكر على مجلس الشعب، لم تجر بشأن النص محل التفسير أية مناقشات بين أعضائه تُعين على فهم المراد منه، وإنما وافق المجلس عليه مع نصوصه الأخرى بالصياغة التي أفرغ فيها بجلسته المنعقدة في 29 من ديسمبر سنة 1990.
وحيث إن التطور التشريعي للنص محل التفسير، وكذا مذكرته الإيضاحية لم يُفصحا عن بيان قصد المشرع من إقراره سوى ما أسفرت عنه مناقشات مجلس الشعب لدى عرض مشروع القانون رقم 188 لسنة 1986 من استبدال عبارة (يجرى انتخاب تكميلي) بعبارة (أعيد الانتخاب) التي وردت بالمشروع، وذلك تأسيساً على أن الأمر لا يتعلق بإعادة انتخاب قد تم من قبل وإنما هو انتخابٌ تكميليٌ لانتخاب عضو جديد بدلاً من العضو الذي خلا مكانه، ومن ثم أصبح لزاماً على هذه المحكمة وهي في مقام تفسيرها للنص المشار إليه أن تفسره بما لا يُخرجه عن المعنى الذي يبين من ظاهر عبارته، إذ أنها وحدها التي يتعين التعويل عليها ولا يجوز العدول عنها إلى سواها إلا إذا كان التقيد بحرفيتها يُناقش أهدافاً واضحة ومشروعة سعى إليها المشرع، وبمراعاة أن اختصاص هذه المحكمة بتفسير النصوص التشريعية لا يخلوها حق مراقبة شرعيتها الدستورية، وإنما هي تكشف عن إرادة المشرع دون تقييم لها، ويقتصر عملها على رد النصوص القانونية إلى إرادة المشرع وحملها عليها سواء كان مضمونها متفقاً مع أحكام الدستور أم مناقضاً لها.
وحيث إن النص التشريعي محل طلب التفسير تجري عبارته على أنه:
"إذا خلا مكان أحد المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته يجرى انتخاب تكميلي لانتخاب من يحل محله...".
وحيث إن من المستقر عليه في أصول التفسير أنه إذا كان عبارة النص واضحة الدلالة فلا يجوز تأويلها بما يخرجها عن معناها المقصود منها، أو الانحراف عنها بدعوى تفسيرها، كما أنها إذا جاءت عامة فإنها تجري على إطلاقها، ما لم يوجد ما يقيدها أو يُخصص حكمها.
وحيث إن الظاهر من عبارة النص محل التفسير أنه إذا خلا مكان أحد المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته بمجلس الشعب، فإنه يتعين إجراء انتخاب تكميلي لانتخاب من يحل محله، وقد وردت عبارتا "إذا خلا مكان" و"يجرى انتخاب تكميلي" عامتين ليس فيهما تخصيص لحكميهما، فإن عبارة "إذا خلا مكان" تشمل جميع حالات خلو مكان عضو مجلس الشعب أياً كان سبب هذا الخلو، كما أن عبارة الانتخاب التكميلي لا تعني سوى الانتخاب الذي نظم قانون مجلس الشعب إجراءاته والتي تبدأ بتقديم المرشحين طلباتهم إلى مديرية الأمن بالمحافظة التي يرغبون في الترشيح لإحدى دوائرها، مصحوبة بالأوراق والمستندات التي تطلب القانون تقديمها لإثبات توافر شروط الترشيح، ثم إعلان كشف المرشحين بعد الفصل في الاعتراضات المقدمة على تلك الترشيحات، وإجراء عملية الاقتراع التي تتمثل في إدلاء الناخبين بأصواتهم لاختيار من يرونه صالحاً لتمثيلهم ثم فرز الأصوات وإعلان نتيجة الانتخاب.
وحيث إنه لا يجوز صرف عبارة النص محل التفسير عن معناها الظاهري على النحو السالف بيانه، وتفسيرها قسراً واعتسافاً على نحو يؤدي إلى انحسار حكمها عن حالة العضو الذي يخلو مكانه لبطلان عضويته لعدم استيفائه أحد شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب، ولا أن يختص ذلك العضو بحكم خاص بكيفية إجراء انتخاب من يحل محله، بحيث يتم قصر حق الترشيح لشغل الدائرة التي خلت لبطلان عضويته على من كان قد تزاحم من المرشحين على شغل مقعد هذه الدائرة وقت إجراء الانتخاب الأولى، ذلك أن النص العام لا يخصص إلا بدليل، ولا يقيد المطلق إلا بقرينة، فإذا ما انتفى ذلك الدليل وتلك القرينة، فإنه لا يجوز إسباغ معنى آخر على النص التشريعي وإلا كان تأويلاً له غير مقبول، يؤيد ذلك ما يلي:
أولاً: إن حقي الترشيح والانتخاب من الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور، وهما باعتبارهما كذلك، لا يجوز المساس بهما، أو تفسير النصوص التشريعية التي تنظمهما على نحو يؤدي إلى الانتقاص من محتواهما، بل يتعين تفسيرها تفسيراً ضيقاً يؤدي إلى عدم مصادرة حق الناخبين في اختيار المرشح الذي يَرَوْنَ أنه أهلاً لتمثيلهم في مجلس الشعب، وفتح باب الترشيح أمام كل من يرغب في الترشيح لعضوية ذلك المجلس، وتَحَقُّقُ ذلك يَدْعَمُ حقي الانتخاب والترشيح معاً، أما قصره على من كان مرشحاً في الانتخابات الأولى فإنه يمثل عدواناً على الحق في الترشيح إذ يحجب كل من كان غير مرشح من قبل عن التقدم للترشيح، فضلاً عما فيه من اعتداء على حق الناخبين في اختيار ممثليهم، إذ قد يفرض عليهم اختيار مرشح رفضوا منحه أصواتهم من قبل تقديراً منهم بأنه ليس جديراً بتمثيلهم في مجلسهم النيابي، أو بسبب اختلافه معهم في توجهاته السياسية.
ثانياً: إن القيود التي تفرض على حقي الانتخاب والترشيح، لا تتقرر اجتهاداً أو استنباطاً أو قياساً، بل يتعين أن يكون مصدرها نص صريح واضح وجليِّ يفرض مثل هذه القيود - وبغض النظر عن مدى تعارضها مع أحكام الدستور -، والقول بقصر الترشيح على من كان مرشحاً في الانتخابات الأولى يتضمن وضع قيد على حق الترشيح بغير نص واضح الدلالة يُجيزه، كما أن فيه تخصيص حكم لحالة محددة - هي حالة بطلان العضوية - بالرغم من أن عبارة النص محل التفسير واضحة في انصراف حكمها ليستغرق جميع حالات خلو مكان عضو مجلس الشعب، سواء كان هذا الخلو بسبب الاستقالة أو الوفاة أو بطلان العضوية أو إسقاطها.
ثالثاً: إن القول بقصر دائرة المرشحين على من سبق ترشيحهم في الانتخابات التي أفرزت العضو الذي تقرر بطلان عضويته، يؤدي بالضرورة إلى القول بقصر عملية الإدلاء بأصوات الناخبين، على من كان منهم مدرجاً بالكشوف المعدة في ذلك الوقت، وذلك بالرغم من أنه يطرأ على بعضهم ما يوجب إلغاء قيدهن وهو قول لم يقل به أحد، كما أن هذا القول يؤدي أيضاً إلى حرمان من تم قيده بكشوف الناخبين بعد ذلك التاريخ من ممارسة حقه في انتخاب ممثله في المجلس التشريعي، وهو ما لا يجوز التسليم به لما يمثله من عدوان على حق الانتخاب.
رابعاً: إن القول بغلق دائرة الترشيح على من كان مرشحاً من قبل في الانتخابات الأولى قد يؤدي إلى نتيجة لا يمكن قبولها أو التسليم بها، وذلك في حالة ما إذا كان المرشح قد أُبطلت عضويته من العمال أو الفلاحين، وكانت قائمة المرشحين في ذلك الوقت خالية من آخرين من ذات الصفة، ففي هذه الحالة إما أن يتم اختيار عضو آخر من الفئات بدلاً من العضو الذي أُبطلت عضويته رغم اختلاف الصفة بالمخالفة لأحكام الدستور وقانون مجلس الشعب اللذين تطلبا أن يكون نصفا أعضاء مجلس الشعب على الأقل من الفلاحين والعمال، أو أنه - إزاء هذه الصعوبة العملية - لا يتم إجراء انتخاب عضو آخر محل العضو الذي أبطلت عضويته، وقد يؤدي ذلك إلى نقص عدد أعضاء مجلس الشعب عن العدد الذي تطلبه الدستور وقانون المجلس واللذين يشترطان ألا يقل هذا العدد عن ثلاثمائة وخمسين عضواً، أو أن يفتح باب الترشيح في هذه الدائرة كي يتقدم مرشحون جدد من العمال والفلاحين لاختيار أحدهم، وفي هذه الحالة يتم فتح باب الترشح في بعض الدوائر الانتخابية أمام جميع المرشحين وحجبه عن غيرهم في دوائر أخرى ممن يتم قصر الترشيح فيها على من سبق دخولهم في الانتخابات الأولى بالمخالفة لصريح دلالة النص محل التفسير والذي يقضي بفتح باب الترشيح أمام كل من يرغب في التقدم له وقت إجراء الانتخاب التكميلي.

فلهذه الأسباب

وبعد الاطلاع على صدر نص المادة الثامنة عشرة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب.
قررت المحكمة:
أن صدر نص المادة الثامنة عشرة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب يعني أنه إذا خلا مكان أحد المنتخبين قبل انتهاء مدة عضويته بسبب الاستقالة أو الوفاة أو بطلان العضوية أو إسقاطها، ويجري انتخاب تكميلي لانتخاب من يحل محله، وذلك بفتح باب الترشيح أمام جميع من تتوافر في شأنهم شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب وقت إجراء الانتخاب التكميلي.

القضية 3 لسنة 26 ق جلسة 7 / 3 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 2 تفسير ق 2 ص 3227

جلسة 7 مارس سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حمدي محمد علي ومحمد علي سيف الدين وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي،

وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

------------------

قاعدة رقم (2)
الطلب رقم 3 لسنة 26 قضائية "تفسير"

(1) تفسير تشريعي. "شروطه".
استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن اختصاصها بتفسير النصوص القانونية مشروط بأمرين: (أولهما) أن يكون للنص التشريعي المطلوب تفسيره أهمية جوهرية - لا ثانوية أو عرضية - تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها، ووزن المصالح المرتبطة بها، و(ثانيهما) أن يكون هذا النص - فوق أهميته - قد آثار عند تطبيقه خلافاً حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه، بما يفضي عملاً إلى الإخلال بوحدة القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم؛ والمتماثلة مراكزهم القانونية إزاءها؛ ويهدر بالتالي ما تقتضيه المساواة بينهم في مجال تطبيقها؛ الأمر الذي يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد يتحدد على ضوئه ما قصده المشرع منها عند إقرارها ضماناً لتطبيقها تطبيقاً متكافئاً بين المخاطبين بها.
(2) تفسير تشريعي "شموله للقرارات بقوانين - عدم انطوائه على الفصل في الدستورية - استظهار قصد المشرع والغاية من النص المطلوب تفسيره - الاستهداء بالتطور التشريعي والأعمال التحضيرية".
اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالنسبة لتفسير النصوص التشريعية لا يجوز أن ينزلق إلى الفصل في دستوريتها. سلطة تفسير النصوص التشريعية بمعناها الشامل لقرارات رئيس الجمهورية بقوانين تفسيراً تشريعياً ملزماً يكون كاشفاً عن إرادة المشرع التي صاغ على ضوئها هذه النصوص محدداً مضمونها لتوضيح ما أبهم من ألفاظها، مزيلاً ما يعتريها من تناقض قد يبدو من الظاهر بينها، مستصفياً إرادة المشرع تحرياً لمقاصده منها، ووقوفاً عند الغاية التي استهدفها من تقريره إياها بلا زيادة أو ابتسار.
(3) تفسير تشريعي - انتخابات - المقصود من عبارة "أعضاء من هيئة قضائية".
إن تحديد المقصود بعبارة "أعضاء الهيئات القضائية" في تطبيق أحكام الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون المذكور لا يمكن أن يأتي بمعزل عن تحديد قصد الدستور من عبارة "أعضاء من هيئة قضائية" الواردة بالمادة (88) منه.

-----------------
1 - المادة (175) من الدستور تنص على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص القانونية وذلك كله على الوجه المبين في القانون". وإعمالاً لهذا التفويض نصت المادة (26) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية؛ والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية، وذلك إذا أثارت خلافاً في التطبيق، وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها"، وفي ضوء هذين الحكمين استقر قضاء هذه المحكمة على أن اختصاصها بتفسير النصوص القانونية مشروط بأمرين: (أولهما) أن يكون للنص التشريعي المطلوب تفسيره أهمية جوهرية - لا ثانوية أو عرضية - تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها، ووزن المصالح المرتبطة بها، و(ثانيهما) أن يكون هذا النص - فوق أهميته - قد آثار عند تطبيقه خلافاً حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه، بما يفضي عملاً إلى الإخلال بوحدة القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم؛ والمتماثلة مراكزهم القانونية إزاءها؛ ويهدر بالتالي ما تقتضيه المساواة بينهم في مجال تطبيقها؛ الأمر الذي يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد يتحدد على ضوئه ما قصده المشرع منها عند إقرارها ضماناً لتطبيقها تطبيقاً متكافئاً بين المخاطبين بها.
2 - إن اختصاص هذه المحكمة بالنسبة لتفسير النصوص التشريعية لا يجوز أن ينزلق إلى الفصل في دستوريتها، ذلك أن المادة (26) من قانون المحكمة الدستورية العليا لا تخولها سوى استقصاء إرادة المشرع من خلال استخلاصها دون تقييم لها، وعلى أساس أن النصوص التشريعية إنما ترد دوماً إلى هذه الإرادة وتحمل عليها حملاً، سواء كان المشرع حين صاغها مجانباً الحق أو منصفاً، وسواء كان مضمونها ملتئماً مع أحكام الدستور أم كان منافياً لها، ولا يتصور بالتالي أن يكون طلب تفسير النصوص المذكور تفسيراً تشريعياً متضمناً أو مستنهضاً الفصل في دستوريتها لتقرير صحتها أو بطلانها على ضوء أحكام الدستور.
إن قرارات التفسير الصادرة من هذه المحكمة قد تواترت على أنها قد خولت سلطة تفسير النصوص التشريعية بمعناها الشامل لقرارات رئيس الجمهورية بقوانين تفسيراً تشريعياً ملزماً يكون كاشفاً عن إرادة المشرع التي صاغ على ضوئها هذه النصوص محدداً مضمونها لتوضيح ما أبهم من ألفاظها، مزيلاً ما يعتريها من تناقض قد يبدو من الظاهر بينها، مستصفياً إرادة المشرع تحرياً لمقاصده منها، ووقوفاً عند الغاية التي استهدفها من تقريره إياها بلا زيادة أو ابتسار، وتستعين المحكمة في سبيل ذلك بالتطور التشريعي للنص المطلوب تفسيره وبأعماله التحضيرية الممهدة له.
3 - تحديد المقصود بعبارة "أعضاء الهيئات القضائية" في تطبيق أحكام الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون المذكور لا يمكن أن يأتي بمعزل عن تحديد قصد الدستور من عبارة "أعضاء من هيئة قضائية" الواردة بالمادة (88) منه، وهو ما يمكن استخلاصه مما ورد معلقاً بهذه الهيئات بأحكام الفصل الرابع من الباب الخامس من الدستور، ومن الأعمال التحضيرية له، حيث يبين أن الدستور بعد أن قرر أن السلطة القضائية مستقلة وتتولها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها أشار إلى الهيئات القضائية في ثلاثة مواضع على النحو التالي:
الأول: - وقصد به تمييز بعض جهات القضاء عن جهة القضاء العادي التي تضم المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وهو ما ورد بالمادة 172 من أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى، وما ورد بالمادة 174 من أن المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها في جمهورية مصر العربية، ومقرها مدينة القاهرة.
الثاني: - وبمقتضاه فوض الدستور القانون في تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها وشروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم (المادة 167).
الثالث: - ويقضي بوجود مجلس أعلى يقوم على شئون الهيئات يرأسه رئيس الجمهورية على أن يبين القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه وأن يؤخذ رأيه في مشروعات القوانين التي تنظم شئون الهيئات القضائية (مادة 173).
ويبين مما سلف أن الدستور لما يتناول بالحصر والتحديد كل ما يعتبر هيئة قضائية وإنما خول القانون هذا التحديد، يؤيد ذلك ما ورد بمحاضر اجتماع اللجنة التحضيرية للدستور بشأن الضمانات الدستورية للقضاة وتحديد المقصود بالهيئات القضائية، إذ ظهر اتجاه إلى تحديدها في الدستور بمسمياتها: القضاء العادي والنيابة العامة ومجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة، والنيابة الإدارية، بيد أنه عدل عن هذا الاتجاه تقديراً بأن العرف لم يجر به، بحسبانه من الأمور المتروكة للتشريع العادي كما يبين أن الدستور قنن قيام المجلس الأعلى للهيئات القضائية - دستورياً - والذي كان قائماً قبل صدور الدستور وذلك بموجب قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 82 لسنة 1969 ومن بين أعضائه رئيس المحكمة الدستورية العليا، رئيس محكمة النقض، رئيس مجلس الدولة، رئيس هيئة قضائية الدولة ورئيس هيئة النيابة الإدارية.


الإجراءات

بتاريخ التاسع والعشرين من يناير سنة 2004 ورد إلى المحكمة كتاب السيد المستشار وزير العدل الرقيم 159 بطلب تفسير الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لسنة 2000 وذلك بناء على طلب السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء طلب بكتابه المؤرخ 29/ 1/ 2004 تفسير الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون رقم 73 لسنة 1956، فيما نصت عليه من أن "ويعين كل من رؤساء اللجان العامة واللجان الفرعية من أعضاء الهيئات القضائية..." وذلك تأسيساً على أن هذا النص قد أثار خلافاً في تطبيقه، فقد قررت محكمة النقض في طعون مجلس الشعب أرقام 957 و797 و222 و234 و223 لسنة 2000 أن هيئة قضايا الدولة، وهيئة النيابة الإدارية هيئتان قضائيتان في مفهومه، وسايرت الاتجاه ذاته محكمة القضاء الإداري في حكمها الصادر بجلسة 17/ 10/ 2000 في الدعوى رقم 85 لسنة 55 قضائية، بيد أن محكمة النقض عادت واتخذت منحى مغايراً بما قررته في الطعنين الرقيمين 949 و959 لسنة 2000 حاصله أن الهيئتين عينهما ليستا من الهيئات القضائية التي عنتها المادة (88) من الدستور، وإنما فرعان من فروع جهات الإدارة التابعة للسلطة التنفيذية، ممثلة في وزارة العدل، وخلصت ترتيباً على هذا النظر إلى بطلان إجراءات الانتخابات التي تمت تحت إشراف أعضاء من هاتين الهيئتين.
وأضاف طلب التفسير أن توحيد تفسير ذلك النص له أهمية بالغة لتعلقه بالشروط الواجب توافرها في أعضاء اللجان التي تشرف على عملية الاقتراع، ووجوب صحته باعتباره المدخل الطبيعي لصحة العضوية في مجلسي الشعب والشورى.
وإزاء أهمية توحيد التفسير في هذه المسألة، لتعلقها بممارسة واحد من الحقوق الدستورية الأساسية، وتنظيم مباشرتها، فقد طلب عرض الأمر على المحكمة الدستورية العليا لإصدار تفسير للنص سالف الذكر عملاً بما تنص عليه المادتان (26) و(33) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إن المادة (175) من الدستور تنص على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص القانونية وذلك كله على الوجه المبين في القانون". وإعمالاً لهذا التفويض نصت المادة (26) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية؛ والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية، وذلك إذا أثارت خلافاً في التطبيق، وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها"، وفي ضوء هذين الحكمين استقر قضاء هذه المحكمة على أن اختصاصها بتفسير النصوص القانونية مشروط بأمرين: (أولهما) أن يكون للنص التشريعي المطلوب تفسيره أهمية جوهرية - لا ثانوية أو عرضية - تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها، ووزن المصالح المرتبطة بها، و(ثانيهما) أن يكون هذا النص - فوق أهميته - قد آثار عند تطبيقه خلافاً حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه، بما يفضي عملاً إلى الإخلال بوحدة القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم؛ والمتماثلة مراكزهم القانونية إزاءها؛ ويهدر بالتالي ما تقتضيه المساواة بينهم في مجال تطبيقها؛ الأمر الذي يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد يتحدد على ضوئه ما قصده المشرع منها عند إقرارها ضماناً لتطبيقها تطبيقاً متكافئاً بين المخاطبين بها.
وحيث إن الشرطين الذين تطلبهما المشرع لقبول طلب التفسير قد توافرا بالنسبة لنص الفقرة الثانية من المادة (24) من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية المشار إليها؛ وذلك لما وقع في شأنها من خلاف في التطبيق بين دوائر محكمة النقض بعضها البعض؛ من جهة، ومحكمة القضاء الإداري من جهة أخرى، فتضاربت قراراتها وقضاؤها بشأن صحة الاقتراع في اللجان التي جرى الاقتراع فيها برئاسة أعضاء من هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية؛ كما لا جرم في أهمية هذا النص؛ تقديراً بوروده في أحد القوانين المكملة للدستور، وتعلقه بممارسة حقين دستوريين أساسيين يتبادلان التأثير فيما بينهما وهما حق الترشيح والانتخاب، ومن ثم، كان الطلب مقبولاً.
وحيث إنه غنى عن البيان أن اختصاص هذه المحكمة بالنسبة لتفسير النصوص التشريعية لا يجوز أن ينزلق إلى الفصل في دستوريتها، ذلك أن المادة (26) من قانون المحكمة الدستورية العليا لا تخولها سوى استقصاء إرادة المشرع من خلال استخلاصها دون تقييم لها، وعلى أساس أن النصوص التشريعية إنما ترد دوماً إلى هذه الإرادة وتحمل عليها حملاً، سواء كان المشرع حين صاغها مجانباً الحق أو منصفاً، وسواء كان مضمونها ملتئماً مع أحكام الدستور أم كان منافياً لها، ولا يتصور بالتالي أن يكون طلب تفسير النصوص المذكور تفسيراً تشريعياً متضمناً أو مستنهضاً الفصل في دستوريتها لتقرير صحتها أو بطلانها على ضوء أحكام الدستور.
وحيث إن قرارات التفسير الصادرة من هذه المحكمة قد تواترت على أنها قد خولت سلطة تفسير النصوص التشريعية بمعناها الشامل لقرارات رئيس الجمهورية بقوانين تفسيراً تشريعياً ملزماً يكون كاشفاً عن إرادة المشرع التي صاغ على ضوئها هذه النصوص محدداً مضمونها لتوضيح ما أبهم من ألفاظها، مزيلاً ما يعتريها من تناقض قد يبدو من الظاهر بينها، مستصفياً إرادة المشرع تحرياً لمقاصده منها، ووقوفاً عند الغاية التي استهدفها من تقريره إياها بلا زيادة أو ابتسار، وتستعين المحكمة في سبيل ذلك بالتطور التشريعي للنص المطلوب تفسيره وبأعماله التحضيرية الممهدة له.
وحيث إنه باستعراض التطور التشريعي للنص محل طلب التفسير الماثل يبين أن المشرع نظم عملية انتخاب أعضاء المجالس النيابية أولاً بموجب قانون الانتخاب الصادر بالمرسوم بقانون رقم 148 لسنة 1935 متضمناً في المادة (34) منه معدلة بالقانون رقم 11 لسنة 1943 النص على أن تناط إدارة الانتخاب في كل دائرة عامة أو فرعية بلجنة تؤلف من قاض أو عضو نيابة أو أحد موظفي الحكومة يعينه وزير العدل وتكون له الرياسة ومن مندوب من قبل وزارة الداخلية ومن ناخبين لا يقل عددهم عن ثلاثة يختارون من غير المرشحين.
وبعد صدور دستور سنة 1956 أصدر المشرع القانون رقم 72 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، ونص في المادة (24) منه على أن "يعين عدد اللجان العامة والفرعية التي تجرى فيها عملية الانتخاب أو الاستفتاء وكذلك مقارها بقرار من وزير الداخلية.
وتشكل كل من هذه اللجان من رئيس وسكرتير وثلاثة أعضاء على الأقل بحيث يكون العدد فردياً ويكون تعيين الرئيس من بين القضاة أو أعضاء النيابة أو أعضاء مجلس الدولة أو الموظفين الفنيين بإدارة قضايا الدولة أو النيابة الإدارة أو من بين الموظفين العموميين الذين لا تقل درجتهم عن السادسة أو ما يعادلها،....".
وإيضاحاً لحكم هذا النص أبانت المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور أنه ضماناً للحيدة التامة قُضى بأن يكون تعيين الرئيس من بين القضاة أو أعضاء النيابة أو أعضاء مجلس الدولة أو إدارة قضايا الحكومة أو النيابة الإدارية أو من بين الموظفين العموميين الذين لا تقل درجتهم عن السادسة أو ما يعادلها.
وإثر صدور الدستور الحالي سنة 1971 متضمناً في المادة (88) منه النص على أن: "يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب وبين أحكام الانتخاب والاستفتاء، على أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية" فقد تدخل المشرع بتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 ومن بينها حكم المادة (24) وذلك بموجب القانون رقم 23 لسنة 1972 حيث استعاض المشرع عن تعداد الأشخاص الذين يناط بهم رئاسة لجان الانتخاب باستخدام المصطلح الوارد بالمادة (88) من الدستور فنص في الفقرة الثانية من المادة المذكورة على أن "ويعين رؤساء اللجان العامة من بين أعضاء الهيئات القضائية، ويعين رؤساء اللجان الفرعية من بين العاملين في الدولة أو القطاع العام من المستوى الثاني على الأقل، ويختارون بقدر الإمكان من بين أعضاء الهيئات القضائية أو الإدارات القانونية بأجهزة الدولة أو القطاع العام".
وقد اكتفت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون (رقم 23 لسنة 1972) بالإشارة إلى أن هذا التعديل يأتي بناء على ما ورد بالمادة (88) من الدستور، وأنه كان من الممكن أن يعين رؤساء اللجان العامة من الموظفين العموميين الذين لا تقل درجاتهم عن السادسة أو ما يعادلها إلا أن المشرع (مشروع القانون) أوجب دائماً أن يكون رؤساء اللجان العامة من بين أعضاء الهيئات القضائية، كما أشار المشرع إلى أن يكون رؤساء اللجان الفرعية من بين العاملين في الدولة أو القطاع العام من المستوى الثاني على الأقل على أن يختاروا بقدر الإمكان من بين أعضاء الهيئات القضائية....
وحيث إنه يبين من الأعمال التحضيرية للقانون المذكور، أنه صدر بناء على اقتراح من أحد أعضاء مجلس الشعب يقضي باستبدال بعض مواد القانون رقم 73 لسنة 1956 من بينها المادة (24)، وقد أبديت بعض الملاحظات عليها لم يرد من بينها أي تعليق على ما تضمنته فقرتها الثانية من تعديل يقضي بإسناد رئاسة لجان الانتخاب لأعضاء الهيئات القضائية.
ورغم إدخال المشرع عدة تعديلات على حكم الفقرة المذكورة بموجب القوانين أرقام 46 لسنة 1984، 202 لسنة 1990، 13 لسنة 2000 وأخيراً القانونين رقمي 167 لسنة 2000 و1 لسنة 2002 اللذين ناطا رئاسة اللجان العامة والفرعية بأعضاء من الهيئات القضائية، فقد تمسك المشرع باستخدام مصطلح "الهيئات القضائية" على أن تتولى كله هيئة قضائية - بموجب حكم الفقرة الثالثة من ذات المادة - تحديد أعضائها الذين توافق على اختيارهم للإشراف على عملية الاقتراع. ويبدو جلياً أن تمسك المشرع بالمصطلح المذكور يأتي التزاماً منه بحكم المادة (88) من الدستور باعتبار أن الأحكام الواردة بالمادة (24) التي تحوي الفقرة محل طلب التفسير وغيرها من أحكام القانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية تقررت تنفيذاً لم استلزمته مادة الدستور من أن يبين القانون أحكام الانتخاب والاستفتاء، على أن يتم تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فإن تحديد المقصود بعبارة "أعضاء الهيئات القضائية" في تطبيق أحكام الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون المذكور لا يمكن أن يأتي بمعزل عن تحديد قصد الدستور من عبارة "أعضاء من هيئة قضائية" الواردة بالمادة (88) منه، وهو ما يمكن استخلاصه مما ورد معلقاً بهذه الهيئات بأحكام الفصل الرابع من الباب الخامس من الدستور، ومن الأعمال التحضيرية له، حيث يبين أن الدستور بعد أن قرر أن السلطة القضائية مستقلة وتتولها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها أشار إلى الهيئات القضائية في ثلاثة مواضع على النحو التالي:
الأول: - وقصد به تمييز بعض جهات القضاء عن جهة القضاء العادي التي تضم المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وهو ما ورد بالمادة 172 من أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى، وما ورد بالمادة 174 من أن المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها في جمهورية مصر العربية، ومقرها مدينة القاهرة.
الثاني: - وبمقتضاه فوض الدستور القانون في تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها وشروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم (المادة 167).
الثالث: - ويقضي بوجود مجلس أعلى يقوم على شئون الهيئات يرأسه رئيس الجمهورية على أن يبين القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه وأن يؤخذ رأيه في مشروعات القوانين التي تنظم شئون الهيئات القضائية (مادة 173).
ويبين مما سلف أن الدستور لما يتناول بالحصر والتحديد كل ما يعتبر هيئة قضائية وإنما خول القانون هذا التحديد، يؤيد ذلك ما ورد بمحاضر اجتماع اللجنة التحضيرية للدستور (لجنة نظام الحكم - الاجتماع الثالث عشر بتاريخ 27/ 6/ 1971 والاجتماع الرابع عشر في 28/ 6/ 1971) بشأن الضمانات الدستورية للقضاة وتحديد المقصود بالهيئات القضائية، إذ ظهر اتجاه إلى تحديدها في الدستور بمسمياتها: القضاء العادي والنيابة العامة ومجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة، والنيابة الإدارية، بيد أنه عدل عن هذا الاتجاه تقديراً بأن العرف لم يجر به، بحسبانه من الأمور المتروكة للتشريع العادي كما يبين أن الدستور قنن قيام المجلس الأعلى للهيئات القضائية - دستورياً - والذي كان قائماً قبل صدور الدستور وذلك بموجب قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 82 لسنة 1969 ومن بين أعضائه رئيس المحكمة الدستورية العليا، رئيس محكمة النقض، رئيس مجلس الدولة، رئيس هيئة قضائية الدولة ورئيس هيئة النيابة الإدارية.
وتنفيذاً لتوجيهات الدستور في هذا المجال أصدر المشرع قوانين بإعادة تنظيم كل من السلطة القضائية والهيئات القضائية المختلفة على الترتيب التالي تاريخياً: -
- قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ويتناول بالتنظيم ترتيب المحاكم وتنظيمها، والنيابة العامة، وتحديد ولاية المحاكم وتنظيم جلساتها والأحكام الصادرة عنها والقواعد المتعلقة بتعيين القضاة وكافة شئونهم الوظيفية.
- قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 متضمناً النص في المادة (1) منه على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل.
- قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 مقرراً بالمادة (1) منه أن المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها في جمهورية مصر العربية.
- القانون رقم 10 لسنة 1986 بتعديل القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة متضمناً النص في المادة (1) على أن هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل.
وبعد أن أشار تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن مشروع القانون المذكور إلى العبء الواقع على إدارة قضايا الحكومة، أضاف أنه لمواجهة هذا العبء وضمان الحيدة في أدائه على الوجه الأكمل كان من الواجب على الدولة أن تكفل لهذه الإرادة من الاستقلال ما كفلته لسائر الهيئات القضائية الأخرى وأن توفر لأعضائها الضمانات اللازمة التي تمكنهم من أداء عملهم باطمئنان ومن ثم رؤى استبدال عبارة "هيئة قضايا الدولة" بعبارة "إدارة قضايا الحكومة" ونص المشروع على أن هيئة قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل وأن هذا الإلحاق لا يمس استقلال الهيئة ولا ينطوي على معنى التبعية، إنما قصد به تحديد المسئول عنها سياسياً.
- القانون رقم 12 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، مادة (1) "النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل".
وقد تضمن تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن مشروع القانون المذكور أنه لمواجهة ما يقع على النيابة الإدارية من أعباء، وضماناً للحيدة في أدائها للرسالة المنوطة بها على الوجه الأكمل كان من الواجب على الدولة أن تكفل للنيابة الإدارية الاستقلال كما كفلته لسائر الهيئات القضائية، وأن توفر لأعضائها الضمانات اللازمة التي تمكنهم من أداء عملهم بحيدة واطمئنان، وتأكيداً لاستقلال النيابة الإدارية حرص المشروع على النص بالمادة (1) على أنها هيئة قضائية مستقلة تلحق بوزير العدل.
وحيث إن المستخلص مما تقدم ما يلي: - (1) أن مصطلح "الهيئة القضائية" في النظام القانوني المصري إن هو إلا اسم جنس تندرج تحته عدة أنواع، منها جهات تمسك بزمام العدالة وتنفرد على وجه الاستقلال بالفصل في القضايا على أسس موضوعية ووفقاً لقواعد إجرائية تكون منصفة في ذاتها، بما يكفل الحماية الكاملة لحقوق من يلوذون بها، وأخصها المحكمة الدستورية العليا، ومحاكم جهتي القضاء العادي والإداري بمختلف درجاتها، ومنها جهات قائمة بذاتها، وهي وإن لم يعهد إلهيا المشرع باختصاص الفصل في القضايا إلا أنه أسبغ عليها صفة الهيئة القضائية تقديراً منها بأنها هيئات - بحكم الاختصاص المنوطة بها - تسهم في سير العدالة، وهي هيئتا قضايا الدولة والنيابة الإدارية.
(2) أن العبرة في اكتساب صفة "الهيئات القضائية" - لغير جهات القضاء التي تضم المحاكم على اختلاف مسمياتها ودرجاته - هي بوجه عام بالتشريع الذي يصدر - بناء على التفويض الوارد بالمادة 167 من الدستور - بإنشاء الهيئة وتنظيمها والذي يسبغ عليها هذه الصفة ويمنحها القدر اللازم من الاستقلال، وبانضمامها إلى تشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية.

فلهذه الأسباب

وبعد الاطلاع على نص الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 167 لسنة 2000.
قررت المحكمة:
أنه يقصد بعبارة "الهيئات القضائية" الواردة بنص الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون رقم 73 لسنة 1956 المشار إليه كل هيئة يسبغ عليها الدستور أو القانون الصادر بإنشائها أو تنظيمها صفة "الهيئة القضائية" وتنضم بهذه الصفة إلى تشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية، ويصدق ذلك على هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية.

القضية 76 لسنة 18 ق جلسة 14 / 12 / 2003 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 10 ص 87

جلسة 14 ديسمبر سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي ومحمد علي سيف الدين وعبد الوهاب عبد الرازق ود. حنفي علي جبالي ومحمد عبد العزيز الشناوي وسعيد مرعي عمرو.

وحضور السيد المستشار/ رجب عبد الحكيم سليم - رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (10)
القضية رقم 76 لسنة 18 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "بيانات الصحيفة".
ضرورة اشتمال الصحيفة أو قرار الإحالة على سبب الدعوى الدستورية والنصوص المدعى مخالفتها للدستور بحسبانها أحد البيانات الجوهرية اللازم توافرها فيها.
(2) دعوى دستورية "المصلحة فيها - النص الطعين يفتح باباً للتصالح - عدم قبول".
قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية النص الطعين - بفرض صحة المطاعن الموجهة إليه - لن يكون ذا أثر على النزاع الموضوعي، فلن يحقق للمدعي نفعاً، يمكن أن يتبدل به مركزه القانوني في الدعوى الجنائية، بل سوف يوصد أمامه باب التصالح في تلك الدعوى، ولا يتبقى في حالة إدانته سوى إنزال العقاب به، ومن ثم فإن مصلحته في مخاصمة هذا النص تغدو منتفية.

--------------
1 - وحيث إن مؤدى نص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - ووفقاً للمقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أوجب لقبول الدعوى الدستورية، أن تشتمل صحيفتها على النص التشريعي الطعين، والنص الدستوري المدعى بمخالفته، والمطاعن الموجهة إلى النص المطعون فيه، والتي تمثل سبب الدعوى الدستورية، على أن تكون هذه المطاعن جلية في معناها واضحة الدلالة على المقصود منها، لا يحيطها التجهيل أو يكتنفها الغموض، باعتبار أنها تفصح عن جدية الدعوى ويتحدد بها موضوعها. لما كان ذلك، وكان المدعي لم يضمّن صحيفة دعواه طعناً على نصوص المواد 178، 179، 181 من قانون الضرائب على الدخل آنف البيان، والتي دفع بعدم دستوريتها أمام محكمة الموضوع، فإن الفصل في شأن دستورية المواد المذكورة، لا يعد مطروحاً على هذه المحكمة، وبذلك يتحدد نطاق الدعوى الماثلة - على ضوء ما تقدم - بنص المادة 191 من القانون سالف الذكر عدا فقرتها الأولى، التي أبدى المدعي دفعاً بعدم دستوريتها أمام محكمة الموضوع، وأورد أسباباً لطعنه عليها بصحيفة دعواه الدستورية.
2 - وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة، وهو كذلك يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويحدد نطاقها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ينالهم الضرر جراء سريان النص المطعون فيه عليهم. ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون عليه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تحديده ومواجهته بالترضية القضائية لتسويتهن، عائداً في مصدره إلى النص المطعون فيه. فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها، لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت الدعوى الجنائية المتهم فيها المدعي تدور حول ما نسب إليه من ارتكابه جريمة التهرب من أداء الضرائب على أنشطته التجارية خلال فترة زمنية محددة، وعدم تقديمه إقرارات بمقدار أرباحه وما لديه من ثروة، المعاقب عليها بعقوبة السجن والغرامة مع الحرمان من تقلُد الوظائف والمناصب العامة، وفقدان الثقة والاعتبار، باعتبارها جريمة مخلة بالشرف والأمانة، وإذ كان النص الطعين يتناول إجراءات الصلح في هذه الجريمة، سواء قبل إقامة الدعوى العمومية، أو بعد إقامتها وقبل صدور حكم نهائي فيها، ومن ثم فإن قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية النص - بفرض صحة المطاعن الموجهة إليه - لن يكون ذا أثر على النزاع الموضوعي، فلن يحقق للمدعي نفعاً، يمكن أن يتبدل به مركزه القانوني في الدعوى الجنائية، بل سوف يوصد أمامه باب التصالح في تلك الدعوى، ولا يتبقى في حالة إدانته سوى إنزال العقاب به، ومن ثم فإن مصلحته في مخاصمة هذا النص تغدو منتفية، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.


الإجراءات

بتاريخ الرابع من شهر يوليو سنة 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية المواد 178، 179، 181، 191 - فيما عدا الفقرة الأولى - منها من القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم: أصلياً: بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة قدمت المدعي إلى محكمة جنايات الإسكندرية متهمة إياه بصفته ممولاً خاضعاً للضريبة على الأرباح التجارية بأنه: 1 - تهرب من أداء تلك الضريبة المقررة قانوناً والمستحقة عن نشاطه في تجارة الأدوات الكهربائية خلال الأعوام من 1987 حتى 1992 باستعمال إحدى الطرق الاحتيالية بأن أخفى نشاطه عن علم مصلحة الضرائب. 2 - لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً مبيناً به مقدار أرباحه الحقيقية عن كل عام من الأعوام من 1987 حتى 1992 خلال الميعاد المقرر قانوناً. 3 - لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً مبيناً به مقدار إيراده العام الخاضع للضريبة خلال الميعاد المقرر قانوناً. 4 - لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً صحيحاً وشاملاً مبيناً به مقدار إيراده العام الخاضع للضريبة خلال الميعاد المقرر قانوناً. 5 - لم يقدم لمأمورية الضرائب المختصة إقراراً بما لديه من ثروة خلال الميعاد المقرر قانوناً. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية نصوص المواد 178، 179، 181، 191 - عدا الفقرة الأولى - من القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمواد 178، 179، 181 من قانون الضرائب على الدخل سالف البيان، استناداً إلى أن صحيفة الدعوى لم تتضمن أوجه الطعن بعدم دستورية هذه المواد، كما أبدت ذات الدفع بالنسبة للمادة 191 من القانون المار ذكره، تأسيساً على أن إلغاء هذا النص لن يوفر للمدعي فائدة عملية يمكن أن يتحول بها مركزه القانوني في الدعوى الجنائية المقامة ضده، بل إن هذا الإلغاء - إن تحقق - سوف يوصد باب التصالح في تلك الدعوى، ولن يكون محيصاً عن معاقبة المدعي بالسجن في حالة ثبوت إدانته.
وحيث إن مؤدى نص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - ووفقاً للمقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أوجب لقبول الدعوى الدستورية، أن تشتمل صحيفتها على النص التشريعي الطعين، والنص الدستوري المدعى بمخالفته، والمطاعن الموجهة إلى النص المطعون فيه، والتي تمثل سبب الدعوى الدستورية، على أن تكون هذه المطاعن جلية في معناها واضحة الدلالة على المقصود منها، لا يحيطها التجهيل أو يكتنفها الغموض، باعتبار أنها تفصح عن جدية الدعوى ويتحدد بها موضوعها. لما كان ذلك، وكان المدعي لم يضمّن صحيفة دعواه طعناً على نصوص المواد 178، 179، 181 من قانون الضرائب على الدخل آنف البيان، والتي دفع بعدم دستوريتها أمام محكمة الموضوع، فإن الفصل في شأن دستورية المواد المذكورة، لا يعد مطروحاً على هذه المحكمة، وبذلك يتحدد نطاق الدعوى الماثلة - على ضوء ما تقدم - بنص المادة 191 من القانون سالف الذكر عدا فقرتها الأولى، التي أبدى المدعي دفعاً بعدم دستوريتها أمام محكمة الموضوع، وأورد أسباباً لطعنه عليها بصحيفة دعواه الدستورية.
وحيث إن النص في المادة 191 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 - فيما عدا الفقرة الأولى منها - جرى على أنه: - "ويكون لوزير المالية أو من ينيبه حتى تاريخ رفع الدعوى العمومية الصلح مع الممول مقابل دفع مبلغ يعادل 100% مما لم يؤد من الضريبة.
فإذا كانت الدعوى العمومية قد رفعت ولم يصدر فيها حكم نهائي يكون الصلح مع الممول مقابل دفع مبلغ يعادل 150% مما لم يؤد من الضريبة. ولا يدخل في حساب النسب المنصوص عليها في هذه المادة والمادة 189 من هذا القانون قيمة الضريبة العامة على الدخل التي تستحق على الوعاء النوعي موضوع المخالفة أو بسببه.
وفى جميع الأحوال تنقضي الدعوى العمومية بالصلح".
وحيث إن المدعي ينعى على هذا النص مخالفته للمواد 8، 12، 38، 40، 64، 166 من الدستور، قولاً منه بأن الدعوى العمومية لا يجوز أن تنقضي صلحاً في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، يُحرم المحكوم عليه فيها من تولي الوظائف والمناصب العامة وتفقده الثقة والاعتبار، كما يخل النص الطعين بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، فيكفل للممول القادر مادياً فرصة الإفلات من عقوبة السجن، وبما لا يتوافر للممول الأقل قدرة، وتنتفي بذلك سيادة القانون، ويتحقق الإخلال باستقلال القضاء بإباحة الصلح في الجنايات.
وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة، وهو كذلك يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويحدد نطاقها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ينالهم الضرر جراء سريان النص المطعون فيه عليهم. ويتعين دوماً أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون عليه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تحديده ومواجهته بالترضية القضائية لتسويتهن عائداً في مصدره إلى النص المطعون فيه. فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها، لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت الدعوى الجنائية المتهم فيها المدعي تدور حول ما نسب إليه من ارتكابه جريمة التهرب من أداء الضرائب على أنشطته التجارية خلال فترة زمنية محددة، وعدم تقديمه إقرارات بمقدار أرباحه وما لديه من ثروة، المعاقب عليه بعقوبة السجن والغرامة مع الحرمان من تقلُد الوظائف والمناصب العامة، وفقدان الثقة والاعتبار، باعتبارها جريمة مخلة بالشرف والأمانة، وإذ كان النص الطعين يتناول إجراءات الصلح في هذه الجريمة، سواء قبل إقامة الدعوى العمومية، أو بعد إقامتها وقبل صدور حكم نهائي فيها، ومن ثم فإن قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية النص - بفرض صحة المطاعن الموجهة إليه - لن يكون ذا أثر على النزاع الموضوعي، فلن يحقق للمدعي نفعاً، يمكن أن يتبدل به مركزه القانوني في الدعوى الجنائية، بل سوف يوصد أمامه باب التصالح في تلك الدعوى، ولا يتبقى في حالة إدانته سوى إنزال العقاب به، ومن ثم فإن مصلحته في مخاصمة هذا النص تغدو منتفية، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.