جلسة
3 من أكتوبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / فتحي جودة عبد المقصود نائب رئيس المحكــمة وعضوية السادة القضاة / محمد محمد سعيد ومحمد متولي عامر نائبي رئيس المحكمة وعمر يس سالم ومحمود يحيى صديق.
------------
(70)
الطعن رقم 10708
لسنة 86 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده
" .
تقديم مذكرة
أسباب الطعن بعد الميعاد المقرر قانوناً . أثره ؟
(2) تهريب جمركي . دفوع " الدفع
ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " .
لموظفي الجمارك
أثناء تأدية وظائفهم تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل وفي نطاق
الدائرة الجمركية دون التقيد بقيود القبض والتفتيش بقانون الإجراءات الجنائية. شرط
وأثر وأساس ذلك ؟
إثارة
الدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول .
لمأمور الجمرك
الاستعانة في التفتيش بمن يرى مساعدته ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي. ما
داموا يعملون تحت إشرافه .
مثال
لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش داخل الدائرة الجمركية .
(3) حكم " ما لا يعيبه في نطاق
التدليل " .
الخطأ
في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته ؟
مثال .
(4)
استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير
جدية التحريات وكفايتها. موضوعي .
لمحكمة
الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما
ساقته من أدلة . ما دامت قد عرضت على بساط البحث .
الجدل
الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(5) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل "
.
التناقض في
أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة من أقوالهم بما
لا تناقض فيه .
(6) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في
تقدير الدليل " .
تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر .
موضوعي .
مثال .
(7) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع
" سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .
اطمئنان المحكمة إلى أن المخدر الذي
أرسل إلى المعامل الكيماوية هو الذي صار تحليله وللنتيجة التي انتهى إليها التحليل
. أثره ؟
(8) حكم " ما لا يعيبه في نطاق
التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " " المصلحة في الطعن " .
التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
الجدل في تقدير
الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
لا مصلحة للطاعنة
في النعي على الحكم في خصوص جريمة جلب الجوهر المخدر . ما دام قد دانها بجريمة إحراز جوهر مخدر دون قصد من القصود المسماة ذات العقوبة
الأخف.
(9) حكم " تسبيبه . تسبيب
غير معيب " .
عدم تعويل الحكم على ما أسفر عنه تفتيش الطاعنة لتسويغ تحريات الشرطة . أثره ؟
(10) إثبات " شهود " . حكم
" ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من
يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
تعويل الحكم على أقوال شهود الواقعة . لا يعيبه . ما دام
انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش .
(11) إجراءات " إجراءات
التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع
. ما لا يوفره " .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا
يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
العبرة عند المحاكمة بالتحقيق الذي
تجريه المحكمة بنفسها .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم
تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول.
(12) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة
" " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق
الدفاع . ما لا يوفره " .
تلفيق
الاتهام وكيديته وعدم معقولية الواقعة . دفوع موضوعية . لا تستأهل رداً . استفادة
الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت مذكرة أسباب الطعن الرابعة قدمت بعد الميعاد المحدد لذلك قانونًا،
فهي غير مقبولة شكلًا.
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن
واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها
، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة مستمدة من أقوال الضابط ... بالبحث الجنائي بإدارة شرطة ميناء القاهرة الجوي ، و....
مدير جمرك مطار القاهرة ، والشرطية / .... بإدارة تأمين الركاب ، ومما جاء
بتقرير المعامل الكيماوية ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم
عليها ، وإذ عرض الحكم للدفع ببطلان الضبط والتفتيش واطرحه بما هو مقرر في المواد
من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح
موظفي الجمارك حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة
الجمركية وفي نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي للشك أو مظنة للتهريب
فيمن يوجدون داخل تلك المناطق ، ولم يتطلب الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب
الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة
ومواردها ، والاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير ، بالنسبة
للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش الواردة في قانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط
وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ
المقررة في القانون المذكور ، بل يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط به المراقبة
والتفتيش حالة تنم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها في الحدود المعروف بها في
القانون ، فيثبت له حق الكشف عنها، فإذا عثر
على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية يعاقب عليها القانون العام ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك
الجريمة ؛ لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ، ولم يرتكب في سبيل الحصول
عليه أية مخالفة ، إذ الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس
المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية ، ويصح معها في العقل القول بقيام مظنة
التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية ، ثم استطرد الحكم إلى القول بأن
الشاهد الأول قد وردته معلومات تأكد منها بأن
المتهمة القادمة على طائرة من .... تحوز كمية من المواد المخدرة ، فأخبر السلطات
الجمركية بتلك المعلومة لاتخاذ الإجراءات الجمركية حيالها ، وعقب وصول المتهمة على
الطائرة التي تعمل رئيسة لطاقم الضيافة عليها ونفيها لحيازة ثمة أشياء تستحق عنها
رسوم جمركية أو ممنوعات ، وحال تفتيش حقائبها بمعرفة رئيس القسم المختص بتفتيش
أطقم الطائرات تحت إشراف الشاهد الثاني لاحظ ارتباكها ووجود انتفاخ في ملابسها ينم
عن شيء تخفيه أسفلها ، فتم استدعاء الشاهدة الثالثة حيث اصطحبت المتهمة إلى إحدى
الغرف المغلقة وقامت بتفتيشها ذاتيًا فعثرت
على أربعة عشر لفافة تحوي المخدر تخفيها أسفل " كورسيه " ترتديه أسفل ملابسها وداخل شراب كولون ترتديه أسفل
بنطالها ، ومن ثم خلص الحكم إلى اطراح ذلك الدفع . لما كان ذلك ، وكان مفاد
ما أورده الحكم أن تفتيش الطاعنة ذاتيًا الذي أسفر عن ضبط المخدر معها قد حدث داخل
الدائرة الجمركية بمعرفة شاهدة الإثبات الثالثة وهي شرطية تحت إشراف مدير عام
الجمرك وهو شاهد الإثبات الثاني ، وأن ذلك تم بناءً على ما تخوله القوانين لرجال
الجمارك ، وأن شرعية ذلك التفتيش مستمدة من مظنة التهريب بعد أن شاهدها الشاهد الثاني في حالة ارتباك وقلق ووجود انتفاخ
بملابسها ينم عن شيء تخفيه أسفل ملابسها ، هذا إلى أن القانون منح موظفي
الجمارك أثناء تأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل
داخل الدائرة الجمركية وفي نطاقها إذا توافرت دواعي الشك فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق ، ولم يتطلب توافر قيود القبض
والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية ، واكتفى بأن تقوم لدى الموظف
المراقب لتلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي حتى يثبت له حق الكشف عنها ، فإذا عثر على دليل يكشف عن جريمة
غير جمركية معاقب عليها في القانون العام ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل
أمام المحاكم ؛ لأنه وليد إجراء مشروع ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ،
وإذ أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما
قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في شخص - في حدود الدائرة الجمركية -
لمظنة التهريب فلا معقب عليها ، ولما كان البين أن تفتيش الطاعنة أسفر عن ضبط
المخدرات أسفل ملابسها وهي داخل الدائرة الجمركية بمعرفة الشرطية الشاهدة الثالثة
تحت إشراف مدير عام الجمرك بعد أن قامت لديه اعتبارات تؤدي إلى اشتباه في توافر
فعل التهريب في حق الطاعنة لما دلت عليه إخبارية البحث الجنائي من أنها تحرز جواهر
مخدرة ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع ، هذا فضلًا عن أن
الطاعنة لم تثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عن
ما تدعيه من بطلان التفتيش من الشرطية شاهدة الإثبات الثالثة ، ولا يقبل
منها إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، كما أن الطاعنة لا تماري في أن
الشرطية المذكورة قد فعلت ذلك بعد أن كلفها شاهد الإثبات الثاني بذلك ، ولا يؤثر
في ذلك أن يكون قد تم في غرفة مغلقة بالدائرة الجمركية ، لما هو مقرر من أن لمأمور
الجمرك أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته ولو لم يكونوا من رجال الضبط
القضائي ، ما داموا يعملون تحت إشرافه ، وأنه يصح الاستناد إلى الدليل الناتج عن
ذلك التفتيش على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونًا .
3- من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي
يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان خطأ الحكم فيما نقله
عن شاهدي الإثبات الأول والثاني أن تفتيش الطاعنة كان بناءً على إخبارية من موظفي
الجمارك في حين أنه بناءً على مذكرة طلب فيها ضابط البحث الجنائي من موظفي الجمارك
تفتيش الطاعنة ، فإنه بفرض وجوده غير مؤثر في عقيدة المحكمة من صحة إجراءات
التفتيش التي تمت بمعرفة الشاهد الثاني - مدير الجمرك - وأن التفتيش تم داخل
الدائرة الجمركية .
4- من
المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها
الأمر إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وإذ اقتنعت المحكمة بجدية
التحريات فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، كما أنه
لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها
معززة لما ساقته من أدلة ، ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ،
فإن ما أثير عن ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض .
5- من
المقرر أن التناقض في أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة
قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه - كحال الحكم
المطعون فيه - فإن ما تنعاه الطاعنة لا يكون مقبولًا .
6- من المقرر أن
تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع ، وكان ما ساقه الحكم تبريرًا لاقتناع المحكمة بعلم
الطاعنة بكنه المادة المخدرة المضبوطة كافٍ وسائغ ، فإنه لا يجوز مصادرتها
في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة الموضوع .
7- من المقرر أنه متى اطمأنت المحكمة
إلى أن المخدر الذي أرسل إلى المعامل الكيماوية هو الذي صار تحليله ، واطمأنت كذلك
إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كحال الحكم المطعون فيه - فلا تثريب عليها
إن هي قضت في الدعوى بناءً على ذلك دون النظر للاختلاف في الوزن الذي أثاره الطاعن
.
8- من
المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما
يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان الحكم قد حصل واقعة
الدعوى وأورد أقوال شهود الإثبات كما هي قائمة في الدعوى ، وساق ما قصده في اقتناع
المحكمة من عدم توافر قصد الجلب في حقها ، ولا
يعدو ما تثيره الطاعنة أن يكون جدلًا حول
سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه
واطراح ما عداه ، مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض ، هذا فضلًا عن أن
جريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود المسماة أخف في عقوبتها من جريمة جلب
الجوهر المخدر ، ومن ثم لا مصلحة للطاعنة في تعييب الحكم بسبب استبعاد قصد الجلب
عن الجريمة المسندة إليها.
9- لما
كان الحكم لم يعول على ما أسفر عنه تفتيش
الطاعنة لتسويغ تحريات الشرطة - خلافًا لما تزعمه بأسباب طعنها - فإن ما تثيره لا
يكون له محل .
10- من المقرر أن الأصل أن من يقوم
بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم قد انتهى سديدًا إلى صحة
إجراءات القبض والتفتيش ، فلا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال
شهود الواقعة ، ويكون منعى الطاعنة غير سديد .
11- لما كان ما أثارته الطاعنة نعيًا
بقصور تحقيقات النيابة العامة لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في
المرحلة السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح ان يكون سببًا للطعن ولا تأثير له على
سلامة الحكم ، والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة
بنفسها ، وما دام لم يطلب منها الدفاع استكمال ما
عساه أن يكون قد شاب التحقيق الابتدائي من نقص ، فليس له أن يتخذ من ذلك سببًا
لمنعاه ، كما لا يبين من محاضر الجلسات أن الطاعنة طلبت إجراء ثمة تحقيق ،
فليس لها من بعد النعي بقعود المحكمة عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من
جانبها حاجة لإجرائه .
12- لما كان الدفع بتلفيق الاتهام أو
كيديته ، وعدم معقولية تصوير الشهود لواقعة الضبط من الدفوع الموضوعية التي لا
تستوجب في الأصل ردًا صريحًا من الحكم ، ما دام الرد مستفادًا ضمنًا من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها
الحكم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة
العامة الطاعنة بأنها :
أولًا : جلبت جوهرًا مخدرًا ( حشيشًا ) بغير ترخيص
كتابي من الجهة الإدارية المختصة .
ثانيًا : أحرزت بغير قصدي الاتجار أو التعاطي أو
الاستعمال الشخصي جوهرًا مخدرًا ( حشيشًا ) في غير الأحوال المصرح بها قانونًا.
وأحالتها إلى
محكمة جنايات .... لمعاقبتها طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة
المذكورة قضت حضوريًا عمـلًا بالمواد 1/1 ، 2 ، 38 /1 ، 42/ 1 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل
بالقانون رقم 122 لسنة 1989 ، والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول
الأول الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة
1997 ، بمعاقبتها بالسجن المشدد لمدة خمس
عشرة سنة ، وتغريمها مبلغ مائة ألف جنيه عما أسند إليها ،
ومصادرة المخدر المضبوط ، بعد استبعاد الاتهام أولًا .
فطعنت المحكوم
عليها في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن مذكرة
أسباب الطعن الرابعة قدمت بعد الميعاد المحدد لذلك قانونًا ، فهي غير مقبولة شكلًا
.
ومن حيث إن
الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر
بغير قصد مسمى ، قد شابه القصور في التسبيب ، والتناقض ، وخالف الثابت في الأوراق
، وران عليه الفساد في الاستدلال ، وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه اطرح
بما لا يسوغ الدفع ببطلان القبض والتفتيش بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة
من حالات التلبس ، كما أن من باشر التفتيش شرطية غير مختصة على حين يوجب القانون
أن يتولى ذلك " باحثة " شرطة مختصة بذلك ، كما أن الحكم أسند إلى الشاهد
الأول أنه قام بتفتيش الطاعنة وعثر معها على المخدر بعد إخبارية من سلطات الجمارك
، وأن ذلك تم بمعرفة موظفي الجمارك وبعد إخبارية من الأمن رغم مخالفة ذلك لما شهد
به الأول والثاني ، كما تمسك المدافع عنها
بعدم جدية التحريات لكون مصدرها مجهول وخلوها من مصدر حصولها على المخدر ونشاطها وسمعتها
ومدة خدمتها بشركة مصر للطيران ، وبتناقض أقوال الشهود وعدم العلم بكنه المضبوطات
وانقطاع الصلة بها ، وأنه تم العبث بحرز المضبوطات ، وأن ما تم تحليله يغاير ما تم
ضبطه ، فضلًا عن اختلاف وزنها عند الضبط عنه بالتحقيقات وعنه بتقرير المعمل الكيميائي
، هذا وقد ركن إلى أقوال شهود الإثبات واطرحها عند تقديره لقيام القصد الجنائي ،
ورغم بطلان الإجراءات ، كما عول على ما أسفر عنه التفتيش لتسويغ تحريات الشرطة ،
هذا فضلًا عن قصور تحقيقات النيابة في شأن معاينة مكان الضبط وندب طبيب لذلك ،
وكذلك الأمر في شأن العبث بحرز المضبوطات ، وأخيرًا أعرض عن دفعها بعدم معقولية
تصوير الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها ،
وأورد على ثبوتها في حقها أدلة مستمدة من أقوال الضابط ... بالبحث الجنائي بإدارة شرطة ميناء القاهرة الجوي ، و....
مدير جمرك مطار القاهرة ، والشرطية / .... بإدارة تأمين الركاب ، ومما جاء
بتقرير المعامل الكيماوية ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم
عليها ، وإذ عرض الحكم للدفع ببطلان الضبط والتفتيش واطرحه بما هو مقرر في المواد
من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963
بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك حق تفتيش الأماكن
والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية وفي نطاق الرقابة الجمركية
إذا قامت لديهم دواعي للشك أو مظنة للتهريب فيمن يوجدون داخل تلك المناطق ، ولم
يتطلب الشارع بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها ، والاحترام الواجب للقيود المنظمة
للاستيراد والتصدير ، بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش الواردة
في قانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات
المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور ، بل يكفي
أن يقوم لدى الموظف المنوط به المراقبة والتفتيش حالة تنم عن شبهة توافر التهريب
الجمركي فيها في الحدود المعروف بها في القانون ، فيثبت له حق الكشف عنها، فإذا
عثر على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية يعاقب عليها القانون العام ، فإنه يصح
الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة ؛ لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع
في ذاته ، ولم يرتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ، إذ الشبهة في توافر التهريب
الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم
تنفيذ القوانين الجمركية ، ويصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من
شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية ، ثم استطرد الحكم إلى القول بأن الشاهد الأول
قد وردته معلومات تأكد منها بأن المتهمة القادمة على طائرة من .... تحوز كمية من المواد المخدرة ، فأخبر السلطات الجمركية بتلك
المعلومة لاتخاذ الإجراءات الجمركية حيالها ، وعقب وصول المتهمة على
الطائرة التي تعمل رئيسة لطاقم الضيافة عليها ونفيها لحيازة ثمة أشياء تستحق عنها
رسوم جمركية أو ممنوعات ، وحال تفتيش حقائبها بمعرفة رئيس القسم المختص بتفتيش
أطقم الطائرات تحت إشراف الشاهد الثاني لاحظ ارتباكها ووجود انتفاخ في ملابسها ينم
عن شيء تخفيه أسفلها ، فتم استدعاء الشاهدة الثالثة حيث اصطحبت المتهمة إلى إحدى
الغرف المغلقة وقامت بتفتيشها ذاتيًا فعثرت على أربعة عشر لفافة تحوي المخدر تخفيها أسفل " كورسيه "
ترتديه أسفل ملابسها وداخل شراب كولون ترتديه أسفل بنطالها ، ومن ثم خلص
الحكم إلى اطراح ذلك الدفع . لما كان ذلك ، وكان مفاد ما أورده الحكم أن تفتيش
الطاعنة ذاتيًا الذي أسفر عن ضبط المخدر معها قد حدث داخل الدائرة الجمركية بمعرفة
شاهدة الإثبات الثالثة وهي شرطية تحت إشراف مدير عام الجمرك وهو شاهد الإثبات
الثاني ، وأن ذلك تم بناءً على ما تخوله القوانين لرجال الجمارك ، وأن شرعية ذلك
التفتيش مستمدة من مظنة التهريب بعد أن شاهدها الشاهد الثاني في حالة ارتباك وقلق
ووجود انتفاخ بملابسها ينم عن شيء تخفيه أسفل ملابسها ، هذا إلى أن القانون منح
موظفي الجمارك أثناء تأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل
النقل داخل الدائرة الجمركية وفي نطاقها إذا توافرت دواعي الشك فيمن يوجدون بداخل
تلك المناطق ، ولم يتطلب توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات
الجنائية ، واكتفى بأن تقوم لدى الموظف المراقب لتلك المناطق حالة تنم عن شبهة في
توافر التهريب الجمركي حتى يثبت له حق الكشف
عنها ، فإذا عثر على دليل يكشف عن جريمة
غير جمركية معاقب عليها في القانون العام ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام
المحاكم ؛ لأنه وليد إجراء مشروع ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة
، وإذ أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى
الاشتباه في شخص - في حدود الدائرة الجمركية - لمظنة التهريب فلا معقب عليها ،
ولما كان البين أن تفتيش الطاعنة أسفر عن ضبط المخدرات أسفل ملابسها وهي داخل
الدائرة الجمركية بمعرفة الشرطية الشاهدة الثالثة تحت إشراف مدير عام الجمرك بعد
أن قامت لديه اعتبارات تؤدي إلى اشتباه في توافر فعل التهريب في حق الطاعنة لما
دلت عليه إخبارية البحث الجنائي من أنها تحرز جواهر مخدرة ، فإن الحكم يكون قد
أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع ، هذا فضلًا عن أن الطاعنة لم تثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عن ما تدعيه من بطلان التفتيش
من الشرطية شاهدة الإثبات الثالثة ، ولا يقبل منها إثارة ذلك لأول مرة أمام
محكمة النقض ، كما أن الطاعنة لا تماري في أن الشرطية المذكورة قد فعلت ذلك بعد أن
كلفها شاهد الإثبات الثاني بذلك ، ولا يؤثر في ذلك أن يكون قد تم في غرفة مغلقة
بالدائرة الجمركية ، لما هو مقرر من أن لمأمور الجمرك أن يستعين في إجراء التفتيش
بمن يرى مساعدته ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي ، ما داموا يعملون تحت إشرافه
، وأنه يصح الاستناد إلى الدليل الناتج عن ذلك التفتيش على اعتبار أنه نتيجة إجراء
مشروع قانونًا . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب
الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان خطأ الحكم فيما نقله عن
شاهدي الإثبات الأول والثاني أن تفتيش الطاعنة كان بناءً على إخبارية من موظفي
الجمارك في حين أنه بناءً على مذكرة طلب فيها ضابط البحث الجنائي من موظفي الجمارك
تفتيش الطاعنة ، فإنه بفرض وجوده غير مؤثر في عقيدة المحكمة من صحة إجراءات
التفتيش التي تمت بمعرفة الشاهد الثاني - مدير الجمرك - وأن التفتيش تم داخل
الدائرة الجمركية . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها
الأمر إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وإذ اقتنعت المحكمة بجدية
التحريات فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، كما أنه
لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها
معززة لما ساقته من أدلة ، ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ،
فإن ما أثير عن ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من
المقرر أن التناقض في أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة
قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه - كحال الحكم
المطعون فيه - فإن ما تنعاه الطاعنة لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع ، وكان ما
ساقه الحكم تبريرًا لاقتناع المحكمة بعلم الطاعنة بكنه المادة المخدرة المضبوطة
كافٍ وسائغ ، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام
محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه متى اطمأنت المحكمة إلى أن
المخدر الذي أرسل إلى المعامل الكيماوية هو الذي صار تحليله ، واطمأنت كذلك إلى
النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كحال الحكم المطعون فيه - فلا تثريب عليها إن
هي قضت في الدعوى بناءً على ذلك دون النظر للاختلاف في الوزن الذي أثاره الطاعن .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي
يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ،
وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى وأورد أقوال شهود الإثبات كما هي قائمة في
الدعوى ، وساق ما قصده في اقتناع المحكمة من عدم توافر قصد الجلب في حقها ، ولا
يعدو ما تثيره الطاعنة أن يكون جدلًا حول
سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه
واطراح ما عداه ، مما لا يجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض ، هذا فضلًا عن أن
جريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود المسماة أخف في عقوبتها من جريمة جلب
الجوهر المخدر ، ومن ثم لا مصلحة للطاعنة في تعييب الحكم بسبب استبعاد قصد الجلب
عن الجريمة المسندة إليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يعول على ما أسفر عنه تفتيش الطاعنة لتسويغ تحريات الشرطة - خلافًا
لما تزعمه بأسباب طعنها - فإن ما تثيره لا يكون له محل . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أن الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه إلا أن
ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ،
وإذ كان الحكم قد انتهى سديدًا إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فلا تثريب
عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال شهود الواقعة ، ويكون منعى الطاعنة غير سديد
. لما كان ذلك ، وكان ما أثارته الطاعنة نعيًا بقصور تحقيقات النيابة العامة لا
يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ، مما لا
يصح ان يكون سببًا للطعن ولا تأثير له على سلامة الحكم ، والأصل أن العبرة عند
المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها ، وما دام لم يطلب منها الدفاع
استكمال ما عساه أن يكون قد شاب التحقيق
الابتدائي من نقص ، فليس له أن يتخذ من ذلك سببًا لمنعاه ، كما لا يبين من
محاضر الجلسات أن الطاعنة طلبت إجراء ثمة تحقيق ، فليس لها من بعد النعي بقعود
المحكمة عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها حاجة لإجرائه . لما كان
ذلك ، وكان الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته ، وعدم معقولية تصوير الشهود لواقعة
الضبط من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردًا صريحًا من الحكم ، ما دام
الرد مستفادًا ضمنًا من القضاء بالإدانة
استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن
برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ