جلسة 21 من يونيه سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ سيد عبد الرحيم الشيمي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عبد المحسن منصور، شهاوي إسماعيل عبد ربه،
د. طه عبد العليم ومحمد سراج الدين السكري نواب رئيس المحكمة.
-----------
(139)
الطعن رقم 11633 لسنة 80 القضائية
(1) دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة:
الصفة الإجرائية: تمثيل الدولة في التقاضي".
تمثيل الدولة في التقاضي. نوع من النيابة القانونية عنها. تعيين مداها
وحدودها. مصدره القانون. الوزير يمثل الدولة فيما يتعلق بوزارته. الاستثناء. إسناد
القانون إلى غيره صفة النيابة بشأن هيئة أو وحدة إدارية معينة بالحدود التي يضعها
القانون.
(2 ، 3) إصلاح زراعي "المنازعات
المتعلقة بالأراضي الزراعية: التعويض عن الأراضي المستولى عليها". تعويض
"صور التعويض: التعويض عن الأراضي الزراعية المستولى عليها".
(2) الأصل. اختصاص وزير المالية بصرف التعويضات
عن الأراضي المستولى عليها طبقا لقوانين الإصلاح الزراعي. الاستثناء. الأراضي
المستولى عليها نفاذا لأحكام ق 50 لسنة 1969 بتعيين الحد الأقصى لملكية الأسرة
والفرد. اختصاص وزير الزراعة بالتعويض عنها بصفته ممثلا لصندوق الأراضي الزراعية.
(3) ثبوت الاستيلاء على أرض النزاع طبقا لق
178 لسنة 1952 و127 لسنة 1961 بشأن الإصلاح الزراعي. أثره. التزام المطعون ضده
الأول وزير المالية بالتعويض عن الاستيلاء عليها دون مدير صندوق الإصلاح الزراعي.
قضاء الحكم المطعون بقبول الاستئنافين شكلا دون اختصام مدير صندوق الإصلاح
الزراعي. صحيح. النعي عليه بالبطلان لعدم اختصام أحد المحكوم عليهم في التزام
بالتضامن. على غير أساس. علة ذلك.
(4) حكم "بطلان الحكم".
بطلان الحكم لعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروه. م 178 مرافعات.
المقصود به القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة وفصلوا في الدعوى
دون من حضروا تلاوة الحكم.
المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم. مناطها. توقيعهم على مسودته.
وجوب إيداع مسودة الحكم عند النطق به. م 175 مرافعات. النعي على الحكم المطعون فيه
بالبطلان. على غير أساس. علة ذلك.(5) دستور "دستورية القوانين: أثر الحكم
بعدم الدستورية".
الحكم بعدم دستورية نص في القانون أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من
اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الأوضاع
والعلائق السابقة على صدوره. الاستثناء. ما استقر من مراكز وحقوق بحكم حاز قوة
الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم.(6) قوة الأمر المقضي "شروطها: أثر
اكتساب قوة الأمر المقضي".
اكتساب الحكم حجية الشيء المقضي فيه. شرطه. اتحاد الخصوم والموضوع
والسبب في الدعويين. وحدة المسألة بين الدعويين. مناطه. أن تكون المسألة أساسية لا
تتغير واستقرت حقيقتها بعد مناقشتها من الطرفين في الدعوى الأولى استقرارا مانعا.
(7 ، 8) دستور "دستورية القوانين: أثر
الحكم بعدم الدستورية".
(7) القضاء بعدم دستورية القرار بق 104 لسنة
1964 بأيلولة ملكية الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها طبقا لأحكام المرسوم
بق 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي المعدل بالقرار بق 127 لسنة 1961 إلى
الدولة دون مقابل. أثره. سقوط مانع المطالبة بالتعويض لمن استولت الدولة على أرض
مملوكة له دون تعويض وانفتاح طريق الطعن القضائي للمطالبة بهذا التعويض التحكمي.
(8) القضاء بعدم دستورية م 5 من مرسوم بق 178
لسنة 1952 و م 4 من القرار بق 127 لسنة 1961 وسقوط م 6 من الأول و م 5 من الأخير.
مؤداه. انهيار الأساس القانوني المستندة إليه وزارة المالية في تحديد قيمة التعويض
المستحق المطالب به في الدعوى الموضوعية. علة ذلك.
(9) تقادم "التقادم المسقط: وقف التقادم".
وجود مانع يستحيل معه على الدائن المطالبة بحقه في الوقت المناسب.
أثره. وقف سريان التقادم. المانع سواء كان مرجعه أسبابا شخصية أو قانونية. عدم
ورودها على سبيل الحصر. م 382/ 1 مدني.
(10) حكم "حجية الأحكام: شروط الحجية:
الشروط الواجب توفرها في الحق المدعى به".
حجية الحكم في دعوى لاحقة. شرطه. اتحاد الدعويين موضوعا وسببا وخصوما.
م 101 إثبات.
(11) دعوى "المسائل الخاصة بالإجراءات:
نطاق الدعوى: سبب الدعوى".
سبب الدعوى. ماهيته. عدم تغيره بتغير الأدلة الواقعية والحجج
القانونية للخصوم.
(12) دستور "دستورية القوانين: أثر
الحكم بعدم الدستورية".
القضاء للطاعنين بإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما بالتعويض استنادا لحكم
المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 1 ق دستورية الصادر بتاريخ 25/ 6/
1983 بعدم دستورية القرار بق 104 لسنة 1964 وتأييد ذلك الحكم استئنافيا. إقامة
الطاعنين دعوى أخرى على ذات المطعون ضدهما بصفتيهما بطلب الحكم بإلزامهما بالتعويض
بالقيمة السوقية للأطيان المستولى عليها وقت إصدار الحكم استنادا لحكم المحكمة
الدستورية العليا رقم 28 لسنة 6 ق دستورية الصادر بتاريخ 6/ 6/ 1998 بعدم دستورية
المادتين الرابعة والخامسة من المرسوم بق 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي والقرار
بق رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي. وحدة موضوعهما.
التعويض عن الأطيان الزراعية المستولى عليها. اختلافهما سببا. استناد الأولى لحكم
الدستورية العليا الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1983 لكون طلب تقدير التعويض قائما على
تقدير تحكمي وارتكان الثانية إلى حكم الدستورية العليا الصادر بتاريخ 6/ 6/ 1998
بطلب تقدير التعويض بما يمثل الفرق بين ما تقاضوه وبين ما انتهى إليه الخبير طبقا
لقيمة الأرض السوقية المستولى عليها. مؤداه. عدم حيازة الحكم السابق حجية في مسألة
طلب التعويض في الدعوى المطروحة ولا يحول دون إعادة طرحها من جديد وفقا لما سلف
بيانه. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ ومخالفة للقانون.
-------------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تمثيل الدولة في التقاضي هو
نوع من النيابة القانونية وهذه النيابة المراد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما
يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في
الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف
على شئونها والمسئول عنها الذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، إلا إذا
أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير
الوزير، فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى وبالحدود التي يضعها القانون.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه وإذ
كان النص في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 67 لسنة 1971 بشأن نقل اختصاصات
صندوق الإصلاح الزراعي المنشأ بالمرسوم بقانون رقم 350 لسنة 1952 إلى وزارة
الخزانة وبإلغاء هذا المرسوم بقانون يدل على أن المشرع اختص وزارة الخزانة -
المالية - التي يمثلها المطعون ضده الأول بصفته - وزير المالية - بصرف التعويضات
عن الأراضي المستولى عليها طبقا لأحكام قانون الإصلاح الزراعي واستثنى من هذا
الاختصاص الأراضي المستولى عليها نفاذا لأحكام القرار بقانون 50 لسنة 1969 بتعين
الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد، وجعل صرف التعويض المستحق عنها من ضمن اختصاصات
"صندوق الأراضي الزراعية" ويمثله وزير الزراعة واستصلاح الأراضي.
3 - إذ كان المطعون ضده الأول بصفته لا يماري
- أن أطيان النزاع تم الاستيلاء عليها طبقا لأحكام القانون 178 لسنة 1952 بشأن
الإصلاح الزراعي، والقانون رقم 127 لسنة 1961 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح
الزراعي، ومن ثم فإن المطعون ضده الأول بصفته هو صاحب الصفة في دعوى المطالبة
بالتعويض عن أطيان النزاع ويكون هو وحده المختص بصرف التعويض المقضي به، ولا شأن
لغيره من التابعين لوزارته، إذ إنه بصفته الرئيس الأعلى لوزارة المالية - التي نقل
إليها اختصاصات صندوق الإصلاح الزراعي - هو الذي يمثل الصندوق سالف الذكر أمام
القضاء، مما يجعل مدير صندوق الإصلاح الزراعي لا صفة له في الخصومة، وإذ قضى الحكم
المطعون فيه بقبول الاستئنافين شكلا دون اختصام مدير صندوق الإصلاح الزراعي فإنه
يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويضحى الدفع (ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم
اختصام أحد المحكوم عليهم في التزام بالتضامن) على غير أساس.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت اشتمال الحكم على أسماء القضاة الذين
أصدروه ورتبت البطلان جزاء على عدم بيان أسمائهم، فإن المقصود بالقضاة في هذه
المادة هؤلاء الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة وفصلوا في الدعوى، لا
أولئك الذين حضروا تلاوة الحكم، ولما كان مناط المداولة بين القضاة الذين أصدروا
الحكم هو توقيعهم على مسودته التي أوجب المشرع إيداعها عند النطق بالحكم على النحو
المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات، وهو إيجاب قصد به ضمان أن يكون الحكم قد
صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه واستقرت عقيدة المحكمة بشأنه على أساس ما ورد
بالمسودة التي وقعت وأودعت وقت النطق به. لما كان ذلك، وكان البين من نسخة الحكم
المطعون فيه الأصلية أنه أورد بمدوناته أسماء القضاة/ ...، ...، ... الذين سمعوا
المرافعة وفصلوا في الاستئنافين بعد المداولة التي دلت عليها مسودته المودعة
والمشتملة على أسبابه ومنطوقه وموقعا عليها من هؤلاء القضاة بينما الهيئة التي
قامت بتلاوة الحكم مشكلة من القضاة/ ...، ...، ...، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه
مبرءا من قاله البطلان، ويضحى النعي (بالبطلان لاشتراك أحد القضاة في المداولة دون
أن يسمع المرافعة) على غير أساس.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه
يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم
التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية، إلا أن عدم تطبيق النص - على ما ورد بالمذكرة
الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما
ينسحب أثره إلى الأوضاع والعلائق السابقة على صدوره طالما قد مسها وأثر في
بنيانها، فهو تقرير لزوال ذلك النص نافيا وجوده منذ ميلاده، على أن يستثنى من هذا
الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز قوة
الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه
يشترط لكي يحوز الحكم حجية الشيء المقضي فيه اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في
الدعويين، وحتى يقال بوحدة المسألة في الدعويين يجب أن تكون هذه المسألة أساسية لا
تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما
استقرارا مانعا.
7 - إذ كان المقرر أن حكم المحكمة الدستورية
الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1983 في القضية رقم 3 لسنة 1 ق "دستورية" قد انتهى
إلى أن أحكام القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 بأيلولة ملكية الأراضي الزراعية
التي تم الاستيلاء عليها طبقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن
الإصلاح الزراعي المعدل بالقرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 إلى الدولة دون مقابل قد
جاءت في مجملها مخالفة للدستور، وقضت المحكمة بعدم دستوريتها، وهو ما يسقط معه
مانع المطالبة بالتعويض لمن استولت الدولة على أرض مملوكة له دون تعويض، وينفتح به
طريق الطعن القضائي للمطالبة بهذا التعويض التحكمي.
8 - إذ كان الحكم الصادر من المحكمة
الدستورية العليا في القضية الدستورية رقم 28 لسنة 6 ق قد قضت في 6/ 6/ 1998
"أولا: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178
لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه وفقا
لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض،
وأن تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض،
وبسقوط المادة (6) من هذا المرسوم بقانون، في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر
على أساس الضريبة العقارية. ثانيا: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الرابعة من
القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي من أن
يكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يقدر
وفقا للأحكام الواردة في هذا الشأن بالمرسوم بقانون 178 لسنة 1952 المشار إليه،
وبمراعاة الضريبة السارية في 9 سبتمبر سنة 1952، وبسقوط المادة الخامسة من هذا
القرار بقانون في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة
العقارية"، ذلك أن مؤدى هذا الحكم هو انهيار الأساس القانوني التي كانت تستند
إليه وزارة المالية، في تحديد قيمة التعويض المستحق المطالب به في الدعوى
الموضوعية، إعمالا لقاعدة أن إبطال المحكمة الدستورية العليا للنصوص القانونية
المخالفة للدستور، يعتبر تقريرا لزوالها، ونافيا وجودها منذ ميلادها.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص
في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني يدل - وعلى ما ورد بالأعمال
التحضيرية للقانون المدني وجرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع نص بصفة عامة
على وقف سريان التقادم إن كان ثمة مانع يستحيل معه على الدائن أن يطالب بحقه في
الوقت المناسب ولم يرد المشرع إيراد الموانع على سبيل الحصر، بل عمم الحكم لتمشيه
مع ما يقضي به العقل، وكما يكون مرجع المانع أسبابا متعلقة بشخص الدائن فقد يرجع
إلى أسباب قانونية يتعذر - أيضا - معها عليه المطالبة بحقه.
10 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه
وفقا لحكم المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية أنه لا يحوز
الحكم السابق قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع في كل
من الدعويين، واتحد السبب المباشر الذي تولدت عنه كل منهما، فضلا عن وحدة الخصوم،
فإذا ما تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي.
11 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
السبب في معنى تلك المادة (المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية
والتجارية) هو الواقعة التي استمد منها المدعي الحق في الطلب والذي لا يتغير
بتغيير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم.
12 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الدعوى رقم
... لسنة 1987 مدني جنوب القاهرة الابتدائية (التي صدر فيها الحكم السابق) أقامها
الطاعنون بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما بالتعويض نفاذا لحكم المحكمة
الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 1 ق دستورية الصادر بتاريخ 25/6/1983 بعدم
دستورية القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 (سالف البيان)، وقد تأيد هذا الحكم
بالاستئناف رقم... لسنة 108 ق بينما الدعوى التي صدر فيها الحكم الماثل أقامها
الطاعنون على ذات المطعون ضدهما بصفتيهما بطلب الحكم بإلزامهما بالتعويض بالقيمة
السوقية للأطيان المستولى عليها وقت إصدار الحكم، وذلك نفاذا لحكم المحكمة
الدستورية العليا رقم 28 لسنة 6 ق دستورية الصادر بتاريخ 6/6/1998 بعدم دستورية
المادتين الرابعة والخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح
الزراعي، القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح
الزراعي، وإن كان موضوع الدعويين هو تعويض عن الأطيان الزراعية المستولى عليها،
إلا أن كلاهما يختلفان سببا، إذ إن الأولى تستند إلى حكم الدستورية العليا- سالف
البيان- الصادر بتاريخ 25/6/1983 كما أن طلب تقدير التعويض قائما على تقدير تحكمي
بينما الدعوى الماثلة ترتكن إلى حكم الدستورية العليا- سالف الذكر- الصادر بتاريخ
6/6/1998 بطلب تقدير التعويض بما يمثل الفرق بين ما تقاضوه وبين ما أنتهى إليه
الخبير طبقا لقيمة الأرض السوقية المستولى عليها، وبذلك فإن كلتا الدعويين يختلفان
سببا، ومن ثم فإن مؤدى ذلك أن الحكم السابق لا يحوز حجية في مسألة طلب التعويض في
الدعوى المطروحة ولا يحول دون إعادة طرحها من جديد وفقا لما سلف بيانه، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه.
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم ..... لسنة 2000 مدني جنوب القاهرة على
المطعون ضدهما بصفتيهما وآخر غير مختصم - مدير صندوق الإصلاح الزراعي - بطلب الحكم
- وفقا لطلباتهم الختامية - بإلزامهم بأن يؤدوا إليهم قيمة التعويض المستحق لهم عن
الأطيان المستولى عليها حسبما ينتهي إليه الخبير المنتدب في الدعوى والفائدة
القانونية من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد، على سند من أنه بموجب القانون 178
لسنة 1952، 127 لسنة 1961 استولى الإصلاح الزراعي على مساحة من الأطيان الزراعية
المبينة الحدود والمساحة بالصحيفة المملوكة لمورثهم، وإذ صدر حكم المحكمة
الدستورية العليا رقم 28 لسنة 6 ق بتاريخ 6/ 6/ 1998 بعدم دستورية المادتين 5 من
المرسوم بقانون 178 لسنة 1952، والمادة 4 من القانون رقم 127 لسنة 1961 بشأن أسس
تقدير التعويض في القانونين، لذا فإنه يحق لهم المطالبة بقيمة التعويض الذي يمثل
الفارق بين ما تقاضوه بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 1987 مدني جنوب
القاهرة المؤيد بالاستئناف رقم .... لسنة 108 ق القاهرة وبين ما انتهى إليه الخبير
طبقا لقيمة الأرض السوقية وقت صدور الحكم بعدم الدستورية آنف البيان، فقد أقاموا
الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا, وبعد أن أودع تقريره حكمت بالطلبات. استأنف المطعون
ضدهما بصفتيهما هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 124 ق القاهرة. ندبت المحكمة
خبيرا, وبعد أن أودع تقريره، أقام الطاعنون استئنافا فرعيا رقم .... لسنة 126 ق
القاهرة. ضمت المحكمة الاستئنافين، وقضت بتاريخ 28/ 4/ 2010 في موضوع الاستئناف
رقم .... لسنة 124
ق بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وفي موضوع الاستئناف رقم .... لسنة 126 ق
برفضه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها
الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره،
وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم
اختصام أحد المحكوم عليهم في التزام بالتضامن - مدير صندوق الإصلاح الزراعي - في
الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة
- أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية، وهذه النيابة المراد
في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن
الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول
العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئونها والمسئول عنها الذي يقوم بتنفيذ
السياسة العامة للحكومة فيها، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون
هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير، فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى
وبالحدود التي يضعها القانون، وإذ كان النص في المادة الثانية من القرار بقانون
رقم 67 لسنة 1971 - بشأن نقل اختصاصات صندوق الإصلاح الزراعي المنشأ بالمرسوم
بقانون رقم 350 لسنة 1952 إلى وزارة الخزانة وبإلغاء هذا المرسوم بقانون - يدل على
أن المشرع اختص وزارة الخزانة - المالية - التي يمثلها المطعون ضده الأول بصفته -
وزير المالية - بصرف التعويضات عن الأراضي المستولى عليها طبقا لأحكام قانون
الإصلاح الزراعي، واستثنى من هذا الاختصاص الأراضي المستولى عليها نفاذا لأحكام
القرار بقانون 50 لسنة 1969 بتعيين الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد، وجعل صرف
التعويض المستحق عنها من ضمن اختصاصات "صندوق الأراضي الزراعية" ويمثله
وزير الزراعة واستصلاح الأراضي. لما كان ذلك، وكان المطعون ضده الأول بصفته لا
يماري أن أطيان النزاع تم الاستيلاء عليها طبقا لأحكام القانون 178 لسنة 1952 بشأن
الإصلاح الزراعي، والقانون رقم 127 لسنة 1961 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح
الزراعي، ومن ثم فإن المطعون ضده الأول بصفته هو صاحب الصفة في دعوى المطالبة
بالتعويض عن أطيان النزاع، ويكون هو وحده المختص بصرف التعويض المقضي به، ولا شأن
لغيره من التابعين لوزارته، إذ أنه بصفته الرئيس الأعلى لوزارة المالية التي نقل
إليها اختصاصات صندوق الإصلاح الزراعي هو الذي يمثل الصندوق سالف الذكر أمام
القضاء، مما يجعل مدير صندوق الإصلاح الزراعي لا صفة له في الخصومة، وإذ قضى الحكم
المطعون فيه بقبول الاستئنافين شكلا دون اختصام مدير صندوق الإصلاح الزراعي، فإنه
يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويضحى الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالوجه الأول من
السبب الثاني، والسبب الثالث يبطلان الحكم المطعون فيه لعدم اختصام أحد المحكوم
عليهم في التزام بالتضامن - مدير صندوق الإصلاح الزراعي - في الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي مردود، فإنه قد سبق الرد عليه آنفا، ومن ثم فإن
المحكمة تقضي برفضه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم
المطعون فيه بالبطلان، إذ إن نسخة الحكم الأصلية تضمنت أن الهيئة التي سمعت
المرافعة وحضرت المداولة ووقعت على المسودة مشكلة من القضاة/ ….., ….., ….. رغم
أن الثابت بمحضر جلسة 28/ 4/ 2010 أن الهيئة التي سمعت المرافعة وحجزت الاستئنافين
للحكم خلا من اسم القاضي الدكتور/ ……. مما يشوب الحكم بالبطلان لاشتراكه في
المداولة دون أن يسمع المرافعة مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أن المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت اشتمال الحكم على أسماء
القضاة الذين أصدروه ورتبت البطلان جزاء على عدم بيان أسمائهم، فإن المقصود
بالقضاة في هذه المادة هؤلاء الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة وفصلوا في
الدعوى، لا أولئك الذين حضروا تلاوة الحكم، ولما كان مناط المداولة بين القضاة
الذين أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته التي أوجب المشرع إيداعها عند النطق
بالحكم على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات، وهو إيجاب قصد به ضمان
أن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه واستقرت عقيدة المحكمة بشأنه
على أساس ما ورد بالمسودة التي وقعت وأودعت وقت النطق به. لما كان ذلك، وكان البين
من نسخة الحكم المطعون فيه الأصلية أنه أورد بمدوناته أسماء القضاة/ .....,
....., ...... الذين سمعوا المرافعة وفصلوا في الاستئنافين بعد المداولة التي
دلت عليها مسودته المودعة والمشتملة على أسبابه ومنطوقه وموقعا عليها من هؤلاء
القضاة بينما الهيئة التي قامت بتلاوة الحكم مشكلة من القضاة/ ....., ....., ......،
ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مبرءا من قالة البطلان، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول بوجهيه على الحكم المطعون فيه
الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، إذ قضى برفض الدعوى على سند من
استقرار المركز القانوني بسبق القضاء بتعويض عن الأطيان المستولى عليها بموجب
القانونين رقمي 178 لسنة 1952، 127 لسنة 1961 بحكم سابق على حكم المحكمة الدستورية
العليا حائزا لقوة الأمر المقضي صادرا في الدعوى رقم ..... لسنة 1987 مدني جنوب
القاهرة الابتدائية، واستئنافها رقم .... لسنة 108 ق القاهرة، في حين أن المراكز
القانونية لم تستقر بعد بحكم حاز قوة الأمر المقضي، إذ إن القانون رقم 178 لسنة
1952 بشأن الإصلاح الزراعي نص على تعويض تحكمي, وبصدور حكم المحكمة الدستورية
العليا في القضية رقم 28 لسنة 6 ق "دستورية" بتاريخ 6/ 6/ 1998 بعدم
دستورية أسس تقدير التعويض دون مراعاة القيمة السوقية للأطيان المستولى عليه،
فيكون للطاعنين الحق في إقامة الدعوى الماثلة بطلب الفارق بين التعويض التحكمي
والتعويض بالقيمة السوقية الناشئ عن عدم دستورية أسس تقدير التعويض في القانونين
سالفي البيان، إذ إن كلاهما يختلفان سببا وموضوعا، إذ إن الأولى ترتكن إلى حكم
الدستورية الصادر سنة 1983، بينما الدعوى الماثلة ترتكن إلى حكم الدستورية سنة
1998، كما أن طلب التعويض في الأولى قائما تقديره على أساس مثل الضريبة العقارية،
بينما الطلب في الدعوى الماثلة قائما تقديره على القيمة السوقية للأطيان في الوقت
الراهن، وبالتالي فلا يعد الحكم السابق له حجية الشيء المقضي فيه، وإذ خالف الحكم
المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن المقرر أنه يترتب على الحكم بعدم
دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم
بالجريدة الرسمية، إلا أن عدم تطبيق النص - على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون
المحكمة الدستورية العليا - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب، وإنما ينسحب أثره إلى
الأوضاع والعلائق السابقة على صدوره طالما قد مسها وأثر في بنيانها، فهو تقرير
لزوال ذلك النص نافيا وجوده منذ ميلاده، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق
والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز قوة الأمر المقضي أو
بانقضاء مدة التقادم، ومن المقرر أنه يشترط لكي يحوز الحكم حجية الشيء المقضي فيه
اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين، وحتى يقال بوحدة المسألة في الدعويين
يجب أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في
الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما استقرارا مانعا. لما كان ذلك، وكان المقرر
أن حكم المحكمة الدستورية الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1983 في القضية رقم 3 لسنة 1 ق
"دستورية" قد انتهى إلى أن أحكام القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964
بأيلولة ملكية الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها طبقا لأحكام المرسوم
بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي المعدل بالقرار بقانون رقم 127
لسنة 1961 إلى الدولة دون مقابل قد جاءت في مجملها مخالفة للدستور, وقضت المحكمة
بعدم دستوريتها، وهو ما يسقط معه مانع المطالبة بالتعويض لمن استولت الدولة على
أرض مملوكة له دون تعويض، وينفتح به طريق الطعن القضائي للمطالبة بهذا التعويض
التحكمي، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في القضية الدستورية رقم
28 لسنة 6 ق قد قضت في 6/ 6/ 1998 "أولا: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة
الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي من أن يكون لمن
استولت الحكومة على أرضه وفقا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال
القيمة الإيجارية لهذه الأرض, وأن تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة
الأصلية المربوطة بها الأرض وبسقوط المادة (6) من هذا المرسوم بقانون، في مجال
تطبيقها في شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية. ثانيا: بعدم دستورية ما
نصت عليه المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام
قانون الإصلاح الزراعي من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذا لأحكام هذا
القانون الحق في تعويض يقدر وفقا للأحكام الواردة في هذا الشأن بالمرسوم بقانون
178 لسنة 1952 المشار إليه، وبمراعاة الضريبة السارية في 9 سبتمبر سنة 1952،
وبسقوط المادة الخامسة من هذا القرار بقانون في مجال تطبيقها في شأن التعويض
المقدر على أساس الضريبة العقارية"، ذلك أن مؤدى هذا الحكم هو انهيار الأساس
القانوني التي كانت تستند إليه وزارة المالية في تحديد قيمة التعويض المستحق
المطالب به في الدعوى الموضوعية إعمالا لقاعدة أن إبطال المحكمة الدستورية العليا
للنصوص القانونية المخالفة للدستور، يعتبر تقريرا لزوالها، ونافيا وجودها منذ
ميلادها، وكان المقرر أن النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني
على أن "لا يسري التقادم طالما وجد مانع أدبيا" يدل وعلى ما ورد
بالأعمال التحضيرية للقانون المدني وجرى به قضاء هذه المحكمة على أن المشرع نص
بصفة عامة على وقف سريان التقادم إن كان ثمة مانع يستحيل معه على الدائن أن يطالب
بحقه في الوقت المناسب ولم يرد المشرع إيراد الموانع على سبيل الحصر بل عمم الحكم
لتمشيه مع ما يقضي به العقل، وكما يكون مرجع المانع أسبابا متعلقة بشخص الدائن،
فقد يرجع إلى أسباب قانونية يتعذر - أيضا - معها عليه المطالبة بحقه، وكان من
المقرر - أيضا - أنه وفقا لحكم المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية
والتجارية أنه لا يحوز الحكم السابق قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا
إذا اتحد الموضوع في كل من الدعويين واتحد السبب المباشر الذي تولدت عنه كل منهما،
فضلا عن وحدة الخصوم فإذا ما تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر
المقضي، وكان السبب في معنى تلك المادة هو الواقعة التي استمد منها المدعي الحق في
الطلب والذي لا يتغير بتغيير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها
الخصوم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى رقم .... لسنة 1987 مدني
جنوب القاهرة الابتدائية (التي صدر فيها الحكم السابق) أقامها الطاعنون بطلب الحكم
بإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما بالتعويض نفاذا لحكم المحكمة الدستورية العليا في
القضية رقم 3 لسنة 1 ق دستورية الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1983 بعدم دستورية القرار
بقانون رقم 104 لسنة 1964 (سالف البيان)، وقد تأيد هذا الحكم بالاستئناف رقم ....
لسنة 108 ق بينما الدعوى التي صدر فيها الحكم الماثل أقامها الطاعنون على ذات
المطعون ضدهما بصفتيهما بطلب الحكم بإلزامهما بالتعويض بالقيمة السوقية للأطيان
المستولى عليها وقت إصدار الحكم، وذلك نفاذا لحكم المحكمة الدستورية العليا رقم 28
لسنة 6 ق دستورية الصادر بتاريخ 6/ 6/ 1998 بعدم دستورية المادتين الرابعة
والخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، القرار
بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، وإن كان موضوع
الدعويين هو تعويض عن الأطيان الزراعية المستولى عليها، إلا أن كلاهما يختلفان
سببا، إذ إن الأولى تستند إلى حكم الدستورية العليا - سالف البيان - الصادر بتاريخ
25/ 6/ 1983، كما أن طلب تقدير التعويض قائما على تقدير تحكمي بينما الدعوى
الماثلة ترتكن إلى حكم الدستورية العليا - سالف الذكر - الصادر بتاريخ 6/ 6/ 1998
بطلب تقدير التعويض بما يمثل الفرق بين ما تقاضوه وبين ما انتهى إليه الخبير طبقا
لقيمة الأرض السوقية المستولى عليها، وبذلك فإن كلتا الدعويين يختلفان سببا، ومن
ثم فإن مؤدى ذلك أن الحكم السابق لا يحوز حجية في مسألة طلب التعويض في الدعوى
المطروحة ولا يحول دون إعادة طرحها من جديد وفقا لما سلف بيانه، وإذ خالف الحكم
المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وإذ حجبه ذلك
عن بحث موضوع النزاع ودفاع الطاعنين بشأنه، فإنه يتعين نقضه لهذا السبب.