الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 5 أبريل 2022

الطعن 135 لسنة 24 ق جلسة 3/ 7/ 1954 مكتب فني 5 ج 3 ق 279 ص 872

جلسة 3 من يوليه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة: اسماعيل مجدى، ومصطفى حسن، وأنيس غالى, ومصطفى كامل المستشارين.

----------------

(279)
القضية رقم 135 سنة 24 القضائية

)أ) دعوى مدنية.

طلب الحكم باعتبار المدعى بالحقوق المدنية تاركا لدعواه لعدم حضوره في جلسات المرافعة. الحكم بالتعويض دون الرد على هذا الدفاع. قصور.
)ب) حكم. تسبيبه.

إيراد الأدلة على ثبوت التهمة. الرد صراحة على أدلة النفي. لا يلزم.

-----------
1 - إذا طلب المتهم الحكم باعتبار المدعى بالحقوق المدنية تاركا لدعواه لعدم حضوره في جلسات المرافعة بنفسه أو بوكيل عنه ولكن الحكم المطعون فيه قضى له بالتعويض دون أن يعرض لهذا الدفاع ويرد عليه - فإنه يكون مشوبا بالقصور.
2 - المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت على أوردها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولا - المتهم الأول ضرب خليل على عوض فأحدث به إصابته المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما. وثانيا - المتهم الثاني - ضرب المجنى عليه المذكور فأحدث إصابته المبينة بالتقرير الطبي الابتدائي والتي لا تحتاج لعلاج. وطلبت عقابهما بالمادتين 241/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. وقد ادعى بحق مدني خليل على عوض قبل المتهمين متضامين وطلب القضاء بقرش صاغ واحد تعويضا مؤقتا. ومحكمة جنح السيدة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادتي الاتهام - بتغريم المتهم الأول خمسمائة قرش وتغريم المتهم الثاني مائة قرش وإلزامهما متضامنين بدفع قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامهما بمصاريف الدعوى المدنية بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن الأول (عبد الحميد محمد الشواربي) في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن الثاني بليغ حفني الشواربي، وإن كان قد قدم تقريرا بأسباب طعنه، إلا أنه لم يقرر بالطعن فيتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلا.
وحيث إن الطعن بالنسبة إلى الطاعن الأول عبد الحميد محمد الشواربى قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الوجه الأول هو أن الدفاع عن الطاعن طلب في جلستي 32 من سبتمبر سنة 1952 و2 من ديسمبر سنة 1952 الحكم باعتبار المدعى بالحقوق المدنية نازلا عن دعواه المدنية لعدم حضوره في أية جلسة من جلسات القضية إلا في الجلسة الأولى. وذلك استنادا إلى نص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية. ولكن المحكمة لم تشر إلى هذا الطلب ولم ترد عليه.
وحيث إنه يبين من مراجعة أوراق الدعوى أن محامى الطاعن تمسك في جلستي 23 من سبتمبر و2 من ديسمبر سنة 1952 وفى جلسة 24 من مارس سنة 1953 بطلب الحكم باعتبار المدعى بالحقوق المدنية تاركا لدعواه لعدم حضوره في تلك الجلسات بنفسه أو بوكيل عنه ولكن الحكم المطعون فيه قضى له بالتعويض دون أن يعرض لهذا الدفاع ويرد عليه. مما يجعله قاصرا متعينا نقضه، لما كان ذلك، وكان الحكم في الدعوى المدنية وقد صدر بإلزام الطاعنين بالتعويض على وجه التضامن فإن نقضه بالنسبة للطاعن الأول في الدعوى المدنية يقتضى نقضه فيها بالنسبة للطاعن الثاني أيضا.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني، هو أن الحكم أسس قضاءه بالإدانة على أسباب قاصرة، هذا فضلا عن أن الطاعن تقدم للمحكمة بالحكمين الصادرين بالبراءة في القضيتين رقم 8345 و8349 جنح السيدة زينب سنة 1949، ويبين منهما أن المجنى عليه في القضية الحالية كاذب في أقواله فكان يتعين على المحكمة أن تناقش أسباب الحكمين المذكورين، وتبين وجه مخالفتها لهما.
وحيث إنه لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى، وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة مقبولة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان يبين منه أن وجه استشهاد الطاعن بالحكمين المشار إليهما آنفا هو التوصل إلى تكذيب أقوال المجنى عليه وكان ثبوت كذب الشاهد في قضية لا يمنع المحكمة من تصديقه في قضية أخرى إذ المرجع في ذلك إلى ما تقتنع هي به وتطمئن إلى صحته، وكانت المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردها، فإن الطعن الموجه على الدعوى الجنائية لا يكون له أساس ويتعين رفضه موضوعا

الطعن 141 لسنة 24 ق جلسة 3/ 7/ 1954 مكتب فني 5 ج 3 ق 280 ص 875

جلسة 3 من يوليه سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة: إسماعيل مجدي، ومصطفى حسن، وأنيس غالي، ومصطفى كامل المستشارين.

----------------

(280)
القضية رقم 141 سنة 24 القضائية

(أ) إجراءات.

محضر جمع الاستدلالات. عدم توقيع الشاهد عليه. لا يبطل الإجراءات.
)ب) مواد مخدرة.

القصد الجنائي في جريمة إحراز المواد المخدرة. علم المحرز بأن المادة مخدرة. إثباته بأدلة مؤدية إليه. مثال.
)ج) إثبات.

الأخذ بقول للمتهم في محضر البوليس دون قول آخر له في تحقيق النيابة أو أمام المحكمة. جوازه.
)د) حكم. تسبيبه.

تتبع الدفاع فيما يثيره من شبهة أو يستنتجه من ظروف الدعوى والرد عليه. لا يلزم.

------------
1 - إن عدم توقيع الشاهد على محضر جمع الاستدلالات ليس من شأنه إهدار قيمته كله كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقص أو عيب لتقدير محكمة الموضوع, ذلك لأن قانون الإجراءات الجنائية وإن كان قد أوجب في المادة 24 منه أن تكون المحاضر التي يحررها رجال الضبط القضائي مشتملة على توقيع الشهود والخبراء الذين سمعوا إلا أنه لم يرتب البطلان على إغفال ذلك.
2 - إذا كانت المحكمة قد استظهرت علم الطاعن بأن ما يحويه الجوال الذي ضبط في حيازته هو أفيون من اعترافه في محضر البوليس بأنه عرض ما في الجوال على المتهم الثاني فأخبره بأنه أفيون، وأنه ظل رغم ذلك محتفظا به حتى يسلمه عند رسو الباخرة إلى رسول المتهم الثالث بعد أن يقبض العطية التي كان قد وعده بها هذا الأخير - فإن هذا الدليل الذي ساقه الحكم يكفى لتوفر العلم.
3 - للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقول للمتهم في محضر البوليس وتعرض عن قول آخر له أبداه في تحقيق النيابة أو أمام المحكمة دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك.
4 - إن المحكمة لا تلزم بتتبع الدفاع في كل شبهة أو استنتاج وترد عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 - كوستا نيتوز ميخائيل (الطاعن الأول) و2 - كلايزاكس اندرياس و3 - حامد على غزى (الطاعن الثاني) بأنهم في 20 يناير سنة 1953 بدائرة قسم ميناء بورسعيد: جلبوا إلى الأراضي المصرية جواهر مخدرة (أفيونا) بدون مسوغ قانوني. وطلبت عقابهم بالمواد 1/ 1 و2 و35/ 6 و40 و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928 وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنح مخدرات بورسعيد الجزئية دفع الحاضر مع المتهم الأول ببطلان القبض والتفتيش لعدم صدور إذن من النيابة ولأن من قام بالتفتيش لم يكن له سلطة في الضبط، وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرها قضت عملا بمواد الاتهام: أولا - برفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش المبدى من المتهم الأول وصحتها. وثانيا - حبس كل من المتهمين الأول والثاني ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وتغريم كل منهما 1500 جنيه وثالثا – حبس المتهم الثالث خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وتغريمه 1000 جنيه ورابعا - مصادرة المضبوطات وأعفت المتهمين من المصروفات الجنائية. فاستأنف المتهمون هذا الحكم. وأمام محكمة بورسعيد الابتدائية دفع الحاضر مع المتهم بما سبق أن دفع به أمام محكمة أول درجة، وبعد نظره قضت حضوريا برفض الدفع ببطلان الإجراءات وبصحتها وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة المتهم الثاني وبراءته وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. ألخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه استند في إدانته إلى أحكام القانون رقم 21 لسنة 1928 مع أن هذا القانون قد ألغى بنص المادة 45 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 ولم يعد له وجود, والاستناد في الحكم بالإدانة إلى قانون ملغى هو استناد إلى غير نص، وإذا كانت المادة الخامسة من قانون العقوبات قد نصت على أن العقاب على الجرائم يكون بمقتضى القانون المعول به وقت ارتكابها فإن معنى ذلك أن العقوبة التي يوقعها القاضي يجب أن لا تتجاوز حدود العقوبة المقررة للجريمة في القانون المعمول به وقت ارتكابها، أما تأثيم الفعل أو توافر أركان الجريمة فلا يحكمه إلا القانون الجديد الذي يكون قائما وقت صدور الحكم.
وحيث إن واقعة الجريمة التي دين بها الطاعن قد وقعت في 20 يناير سنة 1953 وقد كان القانون رقم 21 لسنة 1928 لا يزال نافذ المفعول. أما القانون رقم 351 لسنة 1952 فمع أنه قد صدر قبل وقوع الفعل إلا أنه لم يكن قد أصبح نافذا بعد ولذا فإنه ما كان يجوز تطبيقه على الطاعن إلا فيما هو أصلح له عملا بالمادة الخامسة من قانون العقوبات، وحسبما جرى به قضاء هذه المحكمة. لما كان ذلك وكانت العقوبة المقررة له في القانون الجديد لذات الفعل الذي وقع من الطاعن أشد من العقوبة المقررة له في القانون القديم الذي ارتكبت وقت أن كان لا يزال ساريا، فإن الحكم إذ استند في إدانة الطاعن إلى هذا القانون يكون صحيحا.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو أن الطاعن طلب إلى المحكمة عدم التعويل على المحضر الذي حرره ضابط مكتب المباحث عبد الحليم بركات لامتناعه في الجلسة عن ذكر اسم المرشد الذي تولى ترجمة الحديث الذي دار بين الطاعن والضابط، ولأن الضابط لم يكن صادقا فيما أثبته في محضره من أن هذا المترجم يجيد اللغة اليونانية إجادة تامة بينما تبين أنه لا يعرف منها إلا بعض كلمات، ورغم تمسك الطاعن بهذا الدفاع في المذكرة المقدمة منه، فإن المحكمة لم ترد عليه، مما يشعر بأنها لم تطلع عليها، هذا فضلا عن أن محضري الضبط المحررين بمعرفة الضابطين عبد الحليم بركات محمد عبد العظيم جاءا خلوا من توقيع المترجم مما يجعهما باطلين حسبما تقضى به المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه يبين من مراجعة محضر الجلسة الاستئنافية أن الدفاع عن الطاعن أبدى أن المرشد المشار إليه يدعى حسن محمد أبو العطا، فلما سئل الضابط عن ذلك قرر أن المرشد الذي قام بترجمة ما دار بينه وبين الطاعن، يجيد اللغة اليونانية وهو شخص آخر ليس حسن أبو العطا، لما كان ذلك وكان امتناع الضابط عن الإفشاء بمصدر علمه بأن المتهم يحرز جواهر مخدرة، إنما يخضع لتقدير محكمة الموضوع فلا يقبل النعي عليها أمام محكمة النقض لأخذها بشهادة الشاهد، ولا تكون محكمة الموضوع قد أخطأت في القانون، إذا كانت قد صدقت شهادة الضابط في شأن ما قام به المرشد من معاونة لضبط المادة المخدرة وعولت على شهادته. ولما كان الطاعن لا يدعى في طعنه أن الترجمة التي قام بها المرشد غير صحيحة ولم يبين وجه اعتراضه عليها، وكان للطاعن عدة ترجمات أخرى تتفق في معناها مع تلك الترجمة التي قام بها المرشد، وقد أخذت المحكمة بهذه الترجمات ولم يعترض الطاعن عليها، لما كان ما تقدم وكان الغرض من محضر جمع الاستدلالات هو أن يثبت فيه مأمور الضبط القضائي ما يستطيع أن يصل إليه من استدلالات تساعد على كشف الحقيقة وتلزم للتحقيق والدعوى وكان يترتب على ذلك أن عدم توقيع الشاهد أو المترجم على هذا المحضر ليس من شأنه إهدار قيمته كله كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقص أو عيب لتقدير محكمة الموضوع، وإذا كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 24 منه أن تكون المحاضر التي يحررها رجال الضبط القضائي مشتملة على توقيع الشهود والخبراء الذين سمعوا غير أنه لم يترتب البطلان على إغفال ذلك، لما كان كل ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن في هذين الوجهين لا يكون له أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو أن الطاعن دفع بعدم علمه بحقيقة ما في الجوال وأن الأفيون كان في لفافة من ورق السلوفان لا تنفذ منه الرائحة، ولكن المحكمة لم تتعرض لنفى هذا الدفاع أو تأييده اكتفاء بما قالته من أن الطاعن لم يعلم بوجود الأفيون في الجوال إلا قبيل دخول الباخرة ميناء بورسعيد دون أن تبين الدليل على هذا العلم.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استظهرت علم الطاعن بأن ما يحويه الجوال الذي ضبط في حيازته هو أفيون من اعترافه في محضر البوليس بأنه عرض ما في الجوال على المتهم الثاني فأخبره بأنه أفيون وأنه ظل رغم ذلك محتفظا به حتى يسلمه عند رسو الباخرة إلى رسول المتهم الثالث (الطاعن الثاني) بعد أن يقبض العطية التي كان قد وعده بها هذا الأخير، ولما كان هذا الدليل الذي ساقه الحكم يكفى لتوفر العلم فان ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون سوى جدل في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ قوتها في الإثبات لا يقبل منه أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الثاني هو أن الدليل الوحيد على إدانته مستمد من أقوال المتهمين الأول والثاني اللذين لا يعرفان إلا اللغة اليونانية، وقد استعان المحققان في البوليس وفي النيابة على الترجمة باثنين من اليونانيين، واستعانت المحكمة بمترجم يوناني استقدمته من القنصلية اليونانية. ولما كان المترجم ليس إلا خبيرا فإنه كان يتعين اتباع الإجراءات التي نص عليها القانون بالنسبة لأهل الخبرة كحلف اليمين وتدوين الأسئلة والإجابة عليها كتابة بالغتين العربية واليونانية، أما وقد أغفلت هذه الإجراءات ولم تستدع المحكمة وهؤلاء المترجمين الذين عولت عليه ترجماتهم فإن حكمها يكون باطلا طبقا للمادة 331 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية لا تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات تحليف الشهود أو الخبراء اليمين إلا إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماع الشهادة بيمين، ولما كان يبين من الاطلاع على مفردات الدعوى التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أن النيابة العامة عندما تولت التحقيق مع المتهمين الأول والثاني استعانت على ترجمة أقوالهما بمترجم يوناني حلفته اليمين قبل أداء مهمته، كما يبين من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن المحكمة استعانت على مهمة الترجمة بمترجم أوفدته القنصلية اليونانية لهذا الغرض وقد استحلفته المحكمة اليمين قبل أداء مهمته، وكان الدفاع عن المتهمين قد أبدى صراحة أمام المحكمة الاستئنافية في جلسة 16 يونية سنة 1953التى سمع فيها الشهود أنه غير متمسك بسماع أقوال المترجمين، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه لا يكون مقبولا. أما ما يثيره بشأن عدم تدوين الأسئلة والإجابة عليها باللغتين العربية واليونانية، فإنه لا أساس لذلك من القانون.
وحيث إن مبنى الأوجه الثاني والثالث والرابع هو أن الحكم أقيم على أساس من الشك والاحتمال إذ أن المتهمين الأول والثاني اللذين عولت المحكمة علي أقوالهما في إدانة الطاعن قد خالف أحدهما الآخر في بعض الوقائع الهامة ولم تعرض المحكمة لهذه الخلافات وتبدى رأيها فيها، كما لم تعرض لبيان ما إذا كان الطاعن الأول باع المخدر بوصفه مالكا وحائزا أو أن المخدر كان مودعا لديه وباعه لحساب الطاعن الثاني مع أهمية التفرقة بين الحالتين في تحديد مسئولية هذا الأخير. ويضيف الطاعن أن الحكم جاء متخاذلا مضطربا فبينما يقول إن ضبط المخدر كان وليد عملية بيع صورية، يقول في موضع آخر أنه كان وديعة عند الطاعن الأول، ثم يعود ويذكر أن الطاعن الأول استولى على هذه الوديعة وباعها لحسابه الخاص. وبعد أن أشار الحكم إلى الاختلاف في أقوال الطاعن الأول رجح أقواله التي أبداها في محضر البوليس وأخذ بها ثم عاد واطرحها عندما عرض للتدليل على براءة المتهم الثاني. هذا إلى أن الحكم ذكر أن أقوال المتهمين الأول والثاني قد تطابقت في جميع أدوار التحقيق ثم عاد بعد ذلك وأشار إلى وجود خلاف بين أقوالهما.
وحيث إن الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية المكونة لجريمة جلب جواهر مخدرة إلى القطر المصري التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوت هذه الجريمة عليه, أدلة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ومن هذه الأدلة التي أوردها، أقوال المتهم الأول المؤيدة باستعرافه هو والمتهم الثاني على الطاعن عندما عرض عليهما عرضا قانونيا، والتحريات التي وردت عنه من بيروت، واستخراج المتهم الأول لاسمه من كشف ركاب الباخرة. وقد عرض الحكم لبعض الخلافات التي لابست أقوال المتهم الأول وعقب عليها بقوله إنه يأخذ بما أدلى به في تحقيق البوليس وبطرح ما عداه، وذلك للأسباب التي أوردها، ثم عرض الحكم لما يثيره الطاعن في شأن صفة المتهم الأول في بيع الأفيون فقال "أما ما ينعيه الدفاع عن أنه كيف يستساغ أن يكون المتهم الأول أمينا على البضاعة المضبوطة وبائعا لها في نفس الوقت مما يستفاد منه أن المتهم الأول كان يبيع البضاعة لحسابه وليس للمتهم الثالث أي علاقة بها فمردود عليه بأنه ولو أن التحريات التي وصلت إلى الضابط الشاهد الأول تقول إن أحد البحارة لديه كمية من المخدرات يريد بيعها فإن واقعة البيع هذه ليست ثابتة ثبوتا كافيا إذ أنها لم ترد إلا على لسان المصدر السرى للشاهد الأول ولم يستطع هذا الأخير أن يجزم بما إذا كان المتهم الأول يقبل منه المبلغ الذي عرضه عليه على سبيل أنه ثمن للبضاعة أم أنه يقبله على أساس أنه الهبة الموعود بها وفضلا عن ذلك فإنه حتى بفرض أن المتهم الأول كان ينوى بيع المخدرات التي ضبطت لديه فإنه لا مانع يمنع ذلك المتهم وقد استبطأ مندوب المتهم الثالث لاستلام بضاعته أن يتصرف فيها بالبيع حتى لا يخرج من الصفقة صفر اليدين ولا سيما وأن الباخرة كانت على وشك الإقلاع ومغادرة البلاد" ويبين من هذا الذي قاله الحكم أن المحكمة استخلصت من ظروف الدعوى أن المتهم الأول اتفق مع المرشد على تسليمه المادة المخدرة نظير استلام العطية التي وعده بها صاحبها فإذا كانت المحكمة قد استطردت بعد ذلك وافترضت احتمالا آخر هو أن يكون المتهم الأول شرع في بيع المخدر لحسابه، فإن ذلك لا تأثير له على مركز الطاعن ويظل الوضع القانوني بالنسبة له واحدا في الحالتين ما دامت المحكمة قد أثبتت عليه أنه جلب المادة المخدرة من بيروت إلى القطر المصري وعاقبته عن هذه الجريمة. لما كان ذلك وكان للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بقول للمتهم في محضر البوليس وتعرض عن قول آخر له أبداه في تحقيق النيابة أو أمام المحكمة دون أن تكوم ملزمة ببيان علة ذلك، كما أنها لا تلزم بتتبع الدفاع في كل شبهة أو استنتاج وترد عليه، فإن ما يثيره الطاعن فيما تقدم لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الأخير هو أن الطاعن دفع في المذكرة المقدمة منه بعدم الجدوى من عملية الاستعراف عليه من المتهمين الأول والثاني لسابقة معرفتها به كما دفع بأن الأوصاف التي ذكرها المتهم الأول منقولة حرفيا من جواز سفره مما يدل على تلفيق التهمة ضده، ولكن الحكم لم يتعرض لهذا الدفاع ولم يرد عليه. هذا فضلا عن أن الحكم اعتمد في إدانته على البيانات المدونة بالإخبارية التي وردت من بيروت إلى مكتب المخدرات بمصر مع مخالفة هذه البيانات لما استخلصه الحكم منها. ويضيف الطاعن أنه طلب في مذكرته تحقيق ما ورد بهذه الإخبارية لإثبات أنها غير صحيحة وذلك عن طريق لإنابة القضائية، ولكن الحكم لم يعرض لذلك ولم يرد عليه.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأنه عودا لإثارة الجدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، وإذا كانت التحقيقات قد اشتملت على عملية عرض الطاعن على المتهمين الأول والثاني فاستعرفا عليه وقالا بأنه كان من بين ركاب الباخرة وأنه هو صاحب المادة المخدرة فلا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بنتيجة هذا الاستعراف واتخذته دليلا مؤيدا لأدلة الإثبات الأخرى التي أسست عليها إدانة الطاعن، أما ما يثيره الطاعن بصدد الإخبارية التي وردت من بيروت فقد عرضت المحكمة للاختلاف بين ما ورد فيها وبين حقيقة الواقع وعللته تعليلا سائغا انتهت منه - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أن الشخص المقصود بهذه الإخبارية هو الطاعن.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

الطعن 16772 لسنة 83 ق جلسة 17 / 6 / 2015 مكتب فني 66 ق 137 ص 905

جلسة 17 من يونية سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ خالد يحيى دراز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ نبيل أحمد عثمان، عمرو محمد الشوربجي، أشرف عبد الحي القباني وعمرو ماهر مأمون نواب رئيس المحكمة.
--------------

(137)
الطعن رقم 16772 لسنة 83 القضائية.

(1 - 3) إيجار "القواعد العامة في الإيجار: الوكالة في الإيجار". محكمة الموضوع" سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لمسائل الإثبات: إجراءات الإثبات: الإحالة للتحقيق".
(1) الوكالة العامة. تخويلها الوكيل إبرام الإيجار لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات. إبرامه لمدة تزيد على ذلك. مؤداه. عدم نفاذه قبل الموكل إلا لتلك المدة. إجازة الموكل. أثرها. ارتداد آثار الإجارة من وقت إبرامها. م 701 /2 مدني. تمسك المستأجر بإجازة الموكل للعقد. دفاع جوهري. التزام المحكمة بتمحيصه وإلا كان حكمها قاصرا.
(2) محكمة الموضوع. عدم التزامها بإجابة طلب الخصوم إحالة الدعوى إلى التحقيق. شرطه. أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه.
(3) تمسك الطاعنين أمام محكمة الموضوع بإجازة المطعون ضدهما لعقد الإيجار منذ إبرامه طالبين إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك. دفاع جوهري. التفات الحكم المطعون فيه عنه بما. حجبه عن التحقق من علم المطعون ضدهما بشروط العقد وإجازته من عدمه. إخلال وقصور.

---------------

1 - إن مؤدي نص المادة 701/2 من القانون المدني أن الوكيل وكالة عامة تخوله إبرام الإيجار لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات، فإن زادت المدة عن ذلك لا ينفذ الإيجار قبل الموكل إلا لهذه المدة ما لم يجز الأخير ما يبرمه الوكيل من إجارة مجاوزا حدود وكالته صراحة أو ضمنا، فترتد آثارها من وقت إبرامه، فإذا تمسك المستأجر بإجازة الموكل وعلمه وعدم اعتراضه على العقد تعين على المحكمة تمحيص هذا الدفاع الجوهري والرد عليه بأسباب سائغة وإلا كان حكمها قاصرا.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن محكمة الموضوع وإن كانت غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق إلا أنها إذا رفضت هذا الطلب تعين عليها أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه.

3 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الموضوع بما جاء بوجه النعي من إجازة المطعون ضدهما للعقد منذ إبرامه وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض له، وحجب نفسه عن تمحيصه للتحقق من علم المطعون ضدهما بشروط عقد الإيجار وإجازتهما له منذ إبرامه رغم كونه دفاعا جوهريا قد يتغير به- إن صح- وجه الرأي في الدعوى، ورفض إحالة الدعوى إلى التحقيق دون مسوغ، مما يعيبه.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعنين الدعوى رقم .... لسنة 2010 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإنقاص مدة العقد المؤرخ 1/5/2010 بجعله ثلاث سنوات تنتهي في 30/4/2013 وببطلان العقد وتسليم الشقة المبينة بالأوراق وأضافا طلب فسخ العقد، وقالا بيانا لها إن المطعون ضدها الثانية أصدرت توكيل إدارة لوالدها المطعون ضده الأول الذي أصدر توكيلا للطاعن الثاني ليقوم بتأجير عين النزاع، فحرر هذا الأخير للطاعن الأول عقد الإيجار– سند الدعوى -، وإذ أتفق في العقد على أن مدة الإجارة عشرون عاما بالمخالفة لنص المادة 599 من القانون المدني، فإن الوكيل يكون قد تجاوز حدود الوكالة، فضلا عن تحقق الشرط الصريح الفاسخ بتقاعس المستأجر عن سداد أجرتها، ومن ثم فقد أقاما الدعوى. حكمت المحكمة بالفسخ والإخلاء، استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم ....... لسنة 128 ق القاهرة، كما استأنفه الطاعن الأول بالاستئناف رقم ........ لسنة 129 ق لدى ذات المحكمة، وبتاريخ 24/8/2013 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبجعل مدة العقد ثلاث سنوات تنتهي في 30/4/2014 وبالإخلاء والتسليم، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة– في غرفة مشورة– حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدهما علما بانعقاد عقد الإيجار منذ إبرامه ولم يعترضا عليه بما يعد إجازة منهما لذلك العقد، وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن ذلك الدفاع الجوهري، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مؤدى نص المادة 701/2 من القانون المدني أن الوكيل وكالة عامة تخوله إبرام الإيجار لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات، فإن زادت المدة عن ذلك لا ينفذ الإيجار قبل الموكل إلا لهذه المدة ما لم يجز الأخير ما يبرمه الوكيل من إجارة مجاوزا حدود وكالته صراحة أو ضمنا فترتد آثارها من وقت إبرامه، فإذا تمسك المستأجر بإجازة الموكل وعلمه وعدم اعتراضه على العقد تعين على المحكمة تمحيص هذا الدفاع الجوهري والرد عليه بأسباب سائغة وإلا كان حكمها قاصرا، كما أن المقرر أن محكمة الموضوع وإن كانت غير ملزمة بإجابة الخصوم إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق إلا أنها إذا رفضت هذا الطلب تعين عليها أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه، ولما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الموضوع بما جاء بوجه النعي من إجازة المطعون ضدهما للعقد منذ إبرامه، وطلبا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض له وحجب نفسه عن تمحيصه للتحقق من علم المطعون ضدهما بشروط عقد الإيجار وإجازتهما له منذ إبرامه رغم كونه دفاعا جوهريا قد يتغير به- إن صح- وجه الرأي في الدعوى، ورفض إحالة الدعوى إلى التحقيق دون مسوغ، مما يعيبه ويوجب نقضه.

الطعن 11633 لسنة 80 ق جلسة 21 / 6 / 2015 مكتب فني 66 ق 139 ص 916

جلسة 21 من يونيه سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ سيد عبد الرحيم الشيمي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عبد المحسن منصور، شهاوي إسماعيل عبد ربه، د. طه عبد العليم ومحمد سراج الدين السكري نواب رئيس المحكمة.
-----------

(139)
الطعن رقم 11633 لسنة 80 القضائية

(1) دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة: الصفة الإجرائية: تمثيل الدولة في التقاضي".
تمثيل الدولة في التقاضي. نوع من النيابة القانونية عنها. تعيين مداها وحدودها. مصدره القانون. الوزير يمثل الدولة فيما يتعلق بوزارته. الاستثناء. إسناد القانون إلى غيره صفة النيابة بشأن هيئة أو وحدة إدارية معينة بالحدود التي يضعها القانون.
(2 ، 3) إصلاح زراعي "المنازعات المتعلقة بالأراضي الزراعية: التعويض عن الأراضي المستولى عليها". تعويض "صور التعويض: التعويض عن الأراضي الزراعية المستولى عليها".
(2) الأصل. اختصاص وزير المالية بصرف التعويضات عن الأراضي المستولى عليها طبقا لقوانين الإصلاح الزراعي. الاستثناء. الأراضي المستولى عليها نفاذا لأحكام ق 50 لسنة 1969 بتعيين الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد. اختصاص وزير الزراعة بالتعويض عنها بصفته ممثلا لصندوق الأراضي الزراعية.
(3) ثبوت الاستيلاء على أرض النزاع طبقا لق 178 لسنة 1952 و127 لسنة 1961 بشأن الإصلاح الزراعي. أثره. التزام المطعون ضده الأول وزير المالية بالتعويض عن الاستيلاء عليها دون مدير صندوق الإصلاح الزراعي. قضاء الحكم المطعون بقبول الاستئنافين شكلا دون اختصام مدير صندوق الإصلاح الزراعي. صحيح. النعي عليه بالبطلان لعدم اختصام أحد المحكوم عليهم في التزام بالتضامن. على غير أساس. علة ذلك.
(4) حكم "بطلان الحكم".
بطلان الحكم لعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروه. م 178 مرافعات. المقصود به القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة وفصلوا في الدعوى دون من حضروا تلاوة الحكم.
المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم. مناطها. توقيعهم على مسودته. وجوب إيداع مسودة الحكم عند النطق به. م 175 مرافعات. النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان. على غير أساس. علة ذلك.(5) دستور "دستورية القوانين: أثر الحكم بعدم الدستورية".
الحكم بعدم دستورية نص في القانون أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الأوضاع والعلائق السابقة على صدوره. الاستثناء. ما استقر من مراكز وحقوق بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم.(6) قوة الأمر المقضي "شروطها: أثر اكتساب قوة الأمر المقضي".
اكتساب الحكم حجية الشيء المقضي فيه. شرطه. اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين. وحدة المسألة بين الدعويين. مناطه. أن تكون المسألة أساسية لا تتغير واستقرت حقيقتها بعد مناقشتها من الطرفين في الدعوى الأولى استقرارا مانعا.
(7 ، 8) دستور "دستورية القوانين: أثر الحكم بعدم الدستورية".
(7) القضاء بعدم دستورية القرار بق 104 لسنة 1964 بأيلولة ملكية الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها طبقا لأحكام المرسوم بق 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي المعدل بالقرار بق 127 لسنة 1961 إلى الدولة دون مقابل. أثره. سقوط مانع المطالبة بالتعويض لمن استولت الدولة على أرض مملوكة له دون تعويض وانفتاح طريق الطعن القضائي للمطالبة بهذا التعويض التحكمي.
(8) القضاء بعدم دستورية م 5 من مرسوم بق 178 لسنة 1952 و م 4 من القرار بق 127 لسنة 1961 وسقوط م 6 من الأول و م 5 من الأخير. مؤداه. انهيار الأساس القانوني المستندة إليه وزارة المالية في تحديد قيمة التعويض المستحق المطالب به في الدعوى الموضوعية. علة ذلك.
(9) تقادم "التقادم المسقط: وقف التقادم".
وجود مانع يستحيل معه على الدائن المطالبة بحقه في الوقت المناسب. أثره. وقف سريان التقادم. المانع سواء كان مرجعه أسبابا شخصية أو قانونية. عدم ورودها على سبيل الحصر. م 382/ 1 مدني.
(10) حكم "حجية الأحكام: شروط الحجية: الشروط الواجب توفرها في الحق المدعى به".
حجية الحكم في دعوى لاحقة. شرطه. اتحاد الدعويين موضوعا وسببا وخصوما. م 101 إثبات.
(11) دعوى "المسائل الخاصة بالإجراءات: نطاق الدعوى: سبب الدعوى".
سبب الدعوى. ماهيته. عدم تغيره بتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية للخصوم.
(12) دستور "دستورية القوانين: أثر الحكم بعدم الدستورية".
القضاء للطاعنين بإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما بالتعويض استنادا لحكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 1 ق دستورية الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1983 بعدم دستورية القرار بق 104 لسنة 1964 وتأييد ذلك الحكم استئنافيا. إقامة الطاعنين دعوى أخرى على ذات المطعون ضدهما بصفتيهما بطلب الحكم بإلزامهما بالتعويض بالقيمة السوقية للأطيان المستولى عليها وقت إصدار الحكم استنادا لحكم المحكمة الدستورية العليا رقم 28 لسنة 6 ق دستورية الصادر بتاريخ 6/ 6/ 1998 بعدم دستورية المادتين الرابعة والخامسة من المرسوم بق 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي والقرار بق رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي. وحدة موضوعهما. التعويض عن الأطيان الزراعية المستولى عليها. اختلافهما سببا. استناد الأولى لحكم الدستورية العليا الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1983 لكون طلب تقدير التعويض قائما على تقدير تحكمي وارتكان الثانية إلى حكم الدستورية العليا الصادر بتاريخ 6/ 6/ 1998 بطلب تقدير التعويض بما يمثل الفرق بين ما تقاضوه وبين ما انتهى إليه الخبير طبقا لقيمة الأرض السوقية المستولى عليها. مؤداه. عدم حيازة الحكم السابق حجية في مسألة طلب التعويض في الدعوى المطروحة ولا يحول دون إعادة طرحها من جديد وفقا لما سلف بيانه. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ ومخالفة للقانون.

-------------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية وهذه النيابة المراد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئونها والمسئول عنها الذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير، فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى وبالحدود التي يضعها القانون.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه وإذ كان النص في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 67 لسنة 1971 بشأن نقل اختصاصات صندوق الإصلاح الزراعي المنشأ بالمرسوم بقانون رقم 350 لسنة 1952 إلى وزارة الخزانة وبإلغاء هذا المرسوم بقانون يدل على أن المشرع اختص وزارة الخزانة - المالية - التي يمثلها المطعون ضده الأول بصفته - وزير المالية - بصرف التعويضات عن الأراضي المستولى عليها طبقا لأحكام قانون الإصلاح الزراعي واستثنى من هذا الاختصاص الأراضي المستولى عليها نفاذا لأحكام القرار بقانون 50 لسنة 1969 بتعين الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد، وجعل صرف التعويض المستحق عنها من ضمن اختصاصات "صندوق الأراضي الزراعية" ويمثله وزير الزراعة واستصلاح الأراضي.

3 - إذ كان المطعون ضده الأول بصفته لا يماري - أن أطيان النزاع تم الاستيلاء عليها طبقا لأحكام القانون 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، والقانون رقم 127 لسنة 1961 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، ومن ثم فإن المطعون ضده الأول بصفته هو صاحب الصفة في دعوى المطالبة بالتعويض عن أطيان النزاع ويكون هو وحده المختص بصرف التعويض المقضي به، ولا شأن لغيره من التابعين لوزارته، إذ إنه بصفته الرئيس الأعلى لوزارة المالية - التي نقل إليها اختصاصات صندوق الإصلاح الزراعي - هو الذي يمثل الصندوق سالف الذكر أمام القضاء، مما يجعل مدير صندوق الإصلاح الزراعي لا صفة له في الخصومة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئنافين شكلا دون اختصام مدير صندوق الإصلاح الزراعي فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويضحى الدفع (ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم اختصام أحد المحكوم عليهم في التزام بالتضامن) على غير أساس.

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت اشتمال الحكم على أسماء القضاة الذين أصدروه ورتبت البطلان جزاء على عدم بيان أسمائهم، فإن المقصود بالقضاة في هذه المادة هؤلاء الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة وفصلوا في الدعوى، لا أولئك الذين حضروا تلاوة الحكم، ولما كان مناط المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته التي أوجب المشرع إيداعها عند النطق بالحكم على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات، وهو إيجاب قصد به ضمان أن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه واستقرت عقيدة المحكمة بشأنه على أساس ما ورد بالمسودة التي وقعت وأودعت وقت النطق به. لما كان ذلك، وكان البين من نسخة الحكم المطعون فيه الأصلية أنه أورد بمدوناته أسماء القضاة/ ...، ...، ... الذين سمعوا المرافعة وفصلوا في الاستئنافين بعد المداولة التي دلت عليها مسودته المودعة والمشتملة على أسبابه ومنطوقه وموقعا عليها من هؤلاء القضاة بينما الهيئة التي قامت بتلاوة الحكم مشكلة من القضاة/ ...، ...، ...، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مبرءا من قاله البطلان، ويضحى النعي (بالبطلان لاشتراك أحد القضاة في المداولة دون أن يسمع المرافعة) على غير أساس.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية، إلا أن عدم تطبيق النص - على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب أثره إلى الأوضاع والعلائق السابقة على صدوره طالما قد مسها وأثر في بنيانها، فهو تقرير لزوال ذلك النص نافيا وجوده منذ ميلاده، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يشترط لكي يحوز الحكم حجية الشيء المقضي فيه اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين، وحتى يقال بوحدة المسألة في الدعويين يجب أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما استقرارا مانعا.

7 - إذ كان المقرر أن حكم المحكمة الدستورية الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1983 في القضية رقم 3 لسنة 1 ق "دستورية" قد انتهى إلى أن أحكام القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 بأيلولة ملكية الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها طبقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي المعدل بالقرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 إلى الدولة دون مقابل قد جاءت في مجملها مخالفة للدستور، وقضت المحكمة بعدم دستوريتها، وهو ما يسقط معه مانع المطالبة بالتعويض لمن استولت الدولة على أرض مملوكة له دون تعويض، وينفتح به طريق الطعن القضائي للمطالبة بهذا التعويض التحكمي.

8 - إذ كان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في القضية الدستورية رقم 28 لسنة 6 ق قد قضت في 6/ 6/ 1998 "أولا: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه وفقا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض، وأن تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض، وبسقوط المادة (6) من هذا المرسوم بقانون، في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية. ثانيا: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يقدر وفقا للأحكام الواردة في هذا الشأن بالمرسوم بقانون 178 لسنة 1952 المشار إليه، وبمراعاة الضريبة السارية في 9 سبتمبر سنة 1952، وبسقوط المادة الخامسة من هذا القرار بقانون في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية"، ذلك أن مؤدى هذا الحكم هو انهيار الأساس القانوني التي كانت تستند إليه وزارة المالية، في تحديد قيمة التعويض المستحق المطالب به في الدعوى الموضوعية، إعمالا لقاعدة أن إبطال المحكمة الدستورية العليا للنصوص القانونية المخالفة للدستور، يعتبر تقريرا لزوالها، ونافيا وجودها منذ ميلادها.

9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني يدل - وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني وجرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إن كان ثمة مانع يستحيل معه على الدائن أن يطالب بحقه في الوقت المناسب ولم يرد المشرع إيراد الموانع على سبيل الحصر، بل عمم الحكم لتمشيه مع ما يقضي به العقل، وكما يكون مرجع المانع أسبابا متعلقة بشخص الدائن فقد يرجع إلى أسباب قانونية يتعذر - أيضا - معها عليه المطالبة بحقه.

10 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه وفقا لحكم المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية أنه لا يحوز الحكم السابق قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع في كل من الدعويين، واتحد السبب المباشر الذي تولدت عنه كل منهما، فضلا عن وحدة الخصوم، فإذا ما تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي.

11 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن السبب في معنى تلك المادة (المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية) هو الواقعة التي استمد منها المدعي الحق في الطلب والذي لا يتغير بتغيير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم.

12 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الدعوى رقم ... لسنة 1987 مدني جنوب القاهرة الابتدائية (التي صدر فيها الحكم السابق) أقامها الطاعنون بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما بالتعويض نفاذا لحكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 1 ق دستورية الصادر بتاريخ 25/6/1983 بعدم دستورية القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 (سالف البيان)، وقد تأيد هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة 108 ق بينما الدعوى التي صدر فيها الحكم الماثل أقامها الطاعنون على ذات المطعون ضدهما بصفتيهما بطلب الحكم بإلزامهما بالتعويض بالقيمة السوقية للأطيان المستولى عليها وقت إصدار الحكم، وذلك نفاذا لحكم المحكمة الدستورية العليا رقم 28 لسنة 6 ق دستورية الصادر بتاريخ 6/6/1998 بعدم دستورية المادتين الرابعة والخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، وإن كان موضوع الدعويين هو تعويض عن الأطيان الزراعية المستولى عليها، إلا أن كلاهما يختلفان سببا، إذ إن الأولى تستند إلى حكم الدستورية العليا- سالف البيان- الصادر بتاريخ 25/6/1983 كما أن طلب تقدير التعويض قائما على تقدير تحكمي بينما الدعوى الماثلة ترتكن إلى حكم الدستورية العليا- سالف الذكر- الصادر بتاريخ 6/6/1998 بطلب تقدير التعويض بما يمثل الفرق بين ما تقاضوه وبين ما أنتهى إليه الخبير طبقا لقيمة الأرض السوقية المستولى عليها، وبذلك فإن كلتا الدعويين يختلفان سببا، ومن ثم فإن مؤدى ذلك أن الحكم السابق لا يحوز حجية في مسألة طلب التعويض في الدعوى المطروحة ولا يحول دون إعادة طرحها من جديد وفقا لما سلف بيانه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه.

------------

الوقائع

حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم ..... لسنة 2000 مدني جنوب القاهرة على المطعون ضدهما بصفتيهما وآخر غير مختصم - مدير صندوق الإصلاح الزراعي - بطلب الحكم - وفقا لطلباتهم الختامية - بإلزامهم بأن يؤدوا إليهم قيمة التعويض المستحق لهم عن الأطيان المستولى عليها حسبما ينتهي إليه الخبير المنتدب في الدعوى والفائدة القانونية من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد، على سند من أنه بموجب القانون 178 لسنة 1952، 127 لسنة 1961 استولى الإصلاح الزراعي على مساحة من الأطيان الزراعية المبينة الحدود والمساحة بالصحيفة المملوكة لمورثهم، وإذ صدر حكم المحكمة الدستورية العليا رقم 28 لسنة 6 ق بتاريخ 6/ 6/ 1998 بعدم دستورية المادتين 5 من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952، والمادة 4 من القانون رقم 127 لسنة 1961 بشأن أسس تقدير التعويض في القانونين، لذا فإنه يحق لهم المطالبة بقيمة التعويض الذي يمثل الفارق بين ما تقاضوه بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 1987 مدني جنوب القاهرة المؤيد بالاستئناف رقم .... لسنة 108 ق القاهرة وبين ما انتهى إليه الخبير طبقا لقيمة الأرض السوقية وقت صدور الحكم بعدم الدستورية آنف البيان، فقد أقاموا الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا, وبعد أن أودع تقريره حكمت بالطلبات. استأنف المطعون ضدهما بصفتيهما هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 124 ق القاهرة. ندبت المحكمة خبيرا, وبعد أن أودع تقريره، أقام الطاعنون استئنافا فرعيا رقم .... لسنة 126 ق القاهرة. ضمت المحكمة الاستئنافين، وقضت بتاريخ 28/ 4/ 2010 في موضوع الاستئناف رقم .... لسنة 124 ق بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وفي موضوع الاستئناف رقم .... لسنة 126 ق برفضه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم اختصام أحد المحكوم عليهم في التزام بالتضامن - مدير صندوق الإصلاح الزراعي - في الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية، وهذه النيابة المراد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئونها والمسئول عنها الذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير، فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى وبالحدود التي يضعها القانون، وإذ كان النص في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 67 لسنة 1971 - بشأن نقل اختصاصات صندوق الإصلاح الزراعي المنشأ بالمرسوم بقانون رقم 350 لسنة 1952 إلى وزارة الخزانة وبإلغاء هذا المرسوم بقانون - يدل على أن المشرع اختص وزارة الخزانة - المالية - التي يمثلها المطعون ضده الأول بصفته - وزير المالية - بصرف التعويضات عن الأراضي المستولى عليها طبقا لأحكام قانون الإصلاح الزراعي، واستثنى من هذا الاختصاص الأراضي المستولى عليها نفاذا لأحكام القرار بقانون 50 لسنة 1969 بتعيين الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد، وجعل صرف التعويض المستحق عنها من ضمن اختصاصات "صندوق الأراضي الزراعية" ويمثله وزير الزراعة واستصلاح الأراضي. لما كان ذلك، وكان المطعون ضده الأول بصفته لا يماري أن أطيان النزاع تم الاستيلاء عليها طبقا لأحكام القانون 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، والقانون رقم 127 لسنة 1961 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، ومن ثم فإن المطعون ضده الأول بصفته هو صاحب الصفة في دعوى المطالبة بالتعويض عن أطيان النزاع، ويكون هو وحده المختص بصرف التعويض المقضي به، ولا شأن لغيره من التابعين لوزارته، إذ أنه بصفته الرئيس الأعلى لوزارة المالية التي نقل إليها اختصاصات صندوق الإصلاح الزراعي هو الذي يمثل الصندوق سالف الذكر أمام القضاء، مما يجعل مدير صندوق الإصلاح الزراعي لا صفة له في الخصومة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئنافين شكلا دون اختصام مدير صندوق الإصلاح الزراعي، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويضحى الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الثاني، والسبب الثالث يبطلان الحكم المطعون فيه لعدم اختصام أحد المحكوم عليهم في التزام بالتضامن - مدير صندوق الإصلاح الزراعي - في الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي مردود، فإنه قد سبق الرد عليه آنفا، ومن ثم فإن المحكمة تقضي برفضه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالبطلان، إذ إن نسخة الحكم الأصلية تضمنت أن الهيئة التي سمعت المرافعة وحضرت المداولة ووقعت على المسودة مشكلة من القضاة/ ….., ….., ….. رغم أن الثابت بمحضر جلسة 28/ 4/ 2010 أن الهيئة التي سمعت المرافعة وحجزت الاستئنافين للحكم خلا من اسم القاضي الدكتور/ ……. مما يشوب الحكم بالبطلان لاشتراكه في المداولة دون أن يسمع المرافعة مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت اشتمال الحكم على أسماء القضاة الذين أصدروه ورتبت البطلان جزاء على عدم بيان أسمائهم، فإن المقصود بالقضاة في هذه المادة هؤلاء الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في المداولة وفصلوا في الدعوى، لا أولئك الذين حضروا تلاوة الحكم، ولما كان مناط المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته التي أوجب المشرع إيداعها عند النطق بالحكم على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات، وهو إيجاب قصد به ضمان أن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه واستقرت عقيدة المحكمة بشأنه على أساس ما ورد بالمسودة التي وقعت وأودعت وقت النطق به. لما كان ذلك، وكان البين من نسخة الحكم المطعون فيه الأصلية أنه أورد بمدوناته أسماء القضاة/ ....., ....., ...... الذين سمعوا المرافعة وفصلوا في الاستئنافين بعد المداولة التي دلت عليها مسودته المودعة والمشتملة على أسبابه ومنطوقه وموقعا عليها من هؤلاء القضاة بينما الهيئة التي قامت بتلاوة الحكم مشكلة من القضاة/ ....., ....., ......، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه مبرءا من قالة البطلان، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول بوجهيه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، إذ قضى برفض الدعوى على سند من استقرار المركز القانوني بسبق القضاء بتعويض عن الأطيان المستولى عليها بموجب القانونين رقمي 178 لسنة 1952، 127 لسنة 1961 بحكم سابق على حكم المحكمة الدستورية العليا حائزا لقوة الأمر المقضي صادرا في الدعوى رقم ..... لسنة 1987 مدني جنوب القاهرة الابتدائية، واستئنافها رقم .... لسنة 108 ق القاهرة، في حين أن المراكز القانونية لم تستقر بعد بحكم حاز قوة الأمر المقضي، إذ إن القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي نص على تعويض تحكمي, وبصدور حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 28 لسنة 6 ق "دستورية" بتاريخ 6/ 6/ 1998 بعدم دستورية أسس تقدير التعويض دون مراعاة القيمة السوقية للأطيان المستولى عليه، فيكون للطاعنين الحق في إقامة الدعوى الماثلة بطلب الفارق بين التعويض التحكمي والتعويض بالقيمة السوقية الناشئ عن عدم دستورية أسس تقدير التعويض في القانونين سالفي البيان، إذ إن كلاهما يختلفان سببا وموضوعا، إذ إن الأولى ترتكن إلى حكم الدستورية الصادر سنة 1983، بينما الدعوى الماثلة ترتكن إلى حكم الدستورية سنة 1998، كما أن طلب التعويض في الأولى قائما تقديره على أساس مثل الضريبة العقارية، بينما الطلب في الدعوى الماثلة قائما تقديره على القيمة السوقية للأطيان في الوقت الراهن، وبالتالي فلا يعد الحكم السابق له حجية الشيء المقضي فيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن المقرر أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية، إلا أن عدم تطبيق النص - على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب، وإنما ينسحب أثره إلى الأوضاع والعلائق السابقة على صدوره طالما قد مسها وأثر في بنيانها، فهو تقرير لزوال ذلك النص نافيا وجوده منذ ميلاده، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم، ومن المقرر أنه يشترط لكي يحوز الحكم حجية الشيء المقضي فيه اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين، وحتى يقال بوحدة المسألة في الدعويين يجب أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما استقرارا مانعا. لما كان ذلك، وكان المقرر أن حكم المحكمة الدستورية الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1983 في القضية رقم 3 لسنة 1 ق "دستورية" قد انتهى إلى أن أحكام القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 بأيلولة ملكية الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها طبقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي المعدل بالقرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 إلى الدولة دون مقابل قد جاءت في مجملها مخالفة للدستور, وقضت المحكمة بعدم دستوريتها، وهو ما يسقط معه مانع المطالبة بالتعويض لمن استولت الدولة على أرض مملوكة له دون تعويض، وينفتح به طريق الطعن القضائي للمطالبة بهذا التعويض التحكمي، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في القضية الدستورية رقم 28 لسنة 6 ق قد قضت في 6/ 6/ 1998 "أولا: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه وفقا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض, وأن تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض وبسقوط المادة (6) من هذا المرسوم بقانون، في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية. ثانيا: بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي من أن يكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذا لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يقدر وفقا للأحكام الواردة في هذا الشأن بالمرسوم بقانون 178 لسنة 1952 المشار إليه، وبمراعاة الضريبة السارية في 9 سبتمبر سنة 1952، وبسقوط المادة الخامسة من هذا القرار بقانون في مجال تطبيقها في شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية"، ذلك أن مؤدى هذا الحكم هو انهيار الأساس القانوني التي كانت تستند إليه وزارة المالية في تحديد قيمة التعويض المستحق المطالب به في الدعوى الموضوعية إعمالا لقاعدة أن إبطال المحكمة الدستورية العليا للنصوص القانونية المخالفة للدستور، يعتبر تقريرا لزوالها، ونافيا وجودها منذ ميلادها، وكان المقرر أن النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أن "لا يسري التقادم طالما وجد مانع أدبيا" يدل وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني وجرى به قضاء هذه المحكمة على أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم إن كان ثمة مانع يستحيل معه على الدائن أن يطالب بحقه في الوقت المناسب ولم يرد المشرع إيراد الموانع على سبيل الحصر بل عمم الحكم لتمشيه مع ما يقضي به العقل، وكما يكون مرجع المانع أسبابا متعلقة بشخص الدائن، فقد يرجع إلى أسباب قانونية يتعذر - أيضا - معها عليه المطالبة بحقه، وكان من المقرر - أيضا - أنه وفقا لحكم المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية أنه لا يحوز الحكم السابق قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع في كل من الدعويين واتحد السبب المباشر الذي تولدت عنه كل منهما، فضلا عن وحدة الخصوم فإذا ما تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي، وكان السبب في معنى تلك المادة هو الواقعة التي استمد منها المدعي الحق في الطلب والذي لا يتغير بتغيير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي يستند إليها الخصوم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى رقم .... لسنة 1987 مدني جنوب القاهرة الابتدائية (التي صدر فيها الحكم السابق) أقامها الطاعنون بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما بالتعويض نفاذا لحكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 1 ق دستورية الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1983 بعدم دستورية القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 (سالف البيان)، وقد تأيد هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 108 ق بينما الدعوى التي صدر فيها الحكم الماثل أقامها الطاعنون على ذات المطعون ضدهما بصفتيهما بطلب الحكم بإلزامهما بالتعويض بالقيمة السوقية للأطيان المستولى عليها وقت إصدار الحكم، وذلك نفاذا لحكم المحكمة الدستورية العليا رقم 28 لسنة 6 ق دستورية الصادر بتاريخ 6/ 6/ 1998 بعدم دستورية المادتين الرابعة والخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، وإن كان موضوع الدعويين هو تعويض عن الأطيان الزراعية المستولى عليها، إلا أن كلاهما يختلفان سببا، إذ إن الأولى تستند إلى حكم الدستورية العليا - سالف البيان - الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1983، كما أن طلب تقدير التعويض قائما على تقدير تحكمي بينما الدعوى الماثلة ترتكن إلى حكم الدستورية العليا - سالف الذكر - الصادر بتاريخ 6/ 6/ 1998 بطلب تقدير التعويض بما يمثل الفرق بين ما تقاضوه وبين ما انتهى إليه الخبير طبقا لقيمة الأرض السوقية المستولى عليها، وبذلك فإن كلتا الدعويين يختلفان سببا، ومن ثم فإن مؤدى ذلك أن الحكم السابق لا يحوز حجية في مسألة طلب التعويض في الدعوى المطروحة ولا يحول دون إعادة طرحها من جديد وفقا لما سلف بيانه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وإذ حجبه ذلك عن بحث موضوع النزاع ودفاع الطاعنين بشأنه، فإنه يتعين نقضه لهذا السبب.