الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 5 أبريل 2022

الطعن 8171 لسنة 81 ق جلسة 22 / 6 / 2015 مكتب فني 66 ق 140 ص 931

جلسة 22 من يونيه سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ أحمد سعيد السيسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ نبيل أحمد صادق، حسام هشام صادق، إيهاب الميداني وخالد السعدوني نواب رئيس المحكمة.
-------------

(140)
الطعن رقم 8171 لسنة 81 القضائية

(1) دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة في الدعوى: الصفة الموضوعية".
اختصام الطاعن الممثل القانوني لاتحاد الإذاعة والتليفزيون صاحب الصفة في الدعوى مع المطعون ضده الثالث رئيس قطاع القنوات المتخصصة رغم انتفاء صفة الأخير. اعتبار هذا التعدد في الخصومة تعددا صوريا. علة ذلك. الطاعن هو المعني بالخصومة. مؤداه. انصراف آثار الحكم الذي يصدر فيها إيجابا أو سلبا إليه. النعي على الحكم المطعون فيه عدم قضائه بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثالث رغم انعدام صفته. غير منتج. أثره. عدم قبوله.
(2) اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية: اختصاص المحاكم العادية: القضاء العادي صاحب الولاية العامة".
القضاء العادي صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء يجب عدم التوسع في تفسيره.
(3 ، 4) دعوى "شروط قبول الدعوى: اللجوء للجان التوفيق وفقا للقانون 7 لسنة 2000". محاكم اقتصادية "اختصاص المحاكم الاقتصادية".
(3) المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة. عدم خضوعها لأحكام القانون 7 لسنة 2000. المادتين 1، 4 من ذات القانون. علة ذلك.
(4) المنازعات التي تختص المحاكم الاقتصادية بنظرها. استثناؤها من العرض على لجان التوفيق في المنازعات المنصوص عليها في ق 7 لسنة 2000. علة ذلك. قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم عرضها على تلك اللجان. صحيح. قصوره في أسبابه القانونية. لمحكمة النقض استكمالها دون نقضه.
(5) نقض "أسباب الطعن بالنقض: الأسباب الجديدة".
اتخاذ الحكم من تقرير الخبير دليلا في الدعوى. مناطه. صدور الحكم بندبه ومباشرته مأموريته بين خصوم ممثلين فيها. علة ذلك. تمسك الطاعن بعدم حجية تقرير الخبير المودع قبل اختصامه في مواجهته. سبب جديد. إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض. أثره. عدم قبوله.
(6) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
محكمة الموضوع. سلطتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها وأعمال أهل الخبرة وتقدير التعويض الجابر للضرر. شرطه. (مثال بشأن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون للقضاء بتعويض لا يتناسب والطالبات في الدعوى).
(7 - 9) نقض "أسباب الطعن بالنقض: أسباب قانونية يخالطها واقع" "السبب المفتقر للدليل".
(7) الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع ولم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(8) الطعن بالنقض. عدم تقديم الخصوم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن. أثره. نعي مفتقر إلى دليل.
(9) خلو الأوراق من دليل على سبق تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم توثيق مستندات ملكية المطعون ضدها للمصنفات موضوع البث وخروج الخبير عن نطاق المأمورية التي حددها له الحكم. دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. النعي عليه. أثره. عدم قبوله.

---------------

1 - بقاء المطعون ضده الثالث - قطاع القنوات المتخصصة - في خصومة الدعوى بعد اختصام الطاعن - صاحب الصفة فيها - للحكم عليهما بالتعويض المطالب به رغم انتفاء صفة المطعون ضده الثالث بشأن موضوعها - إذ يمثله الطاعن - لا يعدو أن يكون تعددا صوريا ذلك أن الطاعن هو المعني بالخصومة وتتصرف إليه آثار الحكم الذي يصدر فيها إن إيجابا أو سلبا، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه عدم قضائه بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثالث رغم انعدام صفته فيها - أيا كان وجه الرأي فيه - غير منتج، ومن ثم غير مقبول.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء واردا على أصل عام، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.

3 - مفاد نص المادتين 1، 4 من القانون 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها أن المشرع قد استثنى المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية من العرض على تلك اللجان قبل رفع الدعوى.

4 - إذ كان المشرع - ورغبة منه في تشجيع الاستثمار العربي والأجنبي في البلاد - قد أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن المحاكم الاقتصادية مستهدفا منه - وفق ما جاء بالمذكرة الإيضاحية - سرعة حسم المنازعات المتعلقة بهذا المجال، واستعان في سبيل ذلك بآليات عدة، فقام بحصر القوانين التي أباح نظرها أمام المحاكم التي أنشأها لهذا الغرض، وأنشأ بكل محكمة منها هيئة لتحضير المنازعات والدعاوى التي تختص بها هذه المحكمة - فيما عدا ما استثناه منها - بدرجتيها الابتدائية والاستئنافية، وخص الأولى بالمنازعات التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه والتي ينظر استئناف الأحكام الصادرة منها أمام المحاكم الاقتصادية بهيئة استئنافية، والتي خصها في ذات الوقت بالمنازعات التي تزيد قيمتها عن خمسة ملايين جنيه وتلك غير مقدرة القيمة، والتي أجاز الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة منها كمحكمة ابتدائية، وأوجب على محكمة النقض إذا ما نقضت الحكم أن تتصدى للفصل في الموضوع ولو كان الطعن لأول مرة خلافا لما جاء بالمادة 269 من قانون المرافعات، مما مؤداه أن المشرع بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 نظم المحاكم الاقتصادية ككيان قضائي خاص داخل جهة المحاكم على شكل يختلف عن تشكيل جهة المحاكم العادية، وحدد اختصاصها بالمنازعات التي تنشأ عن تطبيق قوانين معينة، وألزم عرضها على هيئة للتحضير قبل عرضها على دوائر المحكمة، كما ميز في النصاب القيمي بين دوائرها الابتدائية والاستئنافية عنه في المحاكم العادية، الأمر الذي يفصح بجلاء عن قصد المشرع في إفراد المنازعات الداخلة في اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظام خاص يجعلها من تلك المستثناة من العرض على اللجان المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم عرضها على لجان التوفيق في المنازعات، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ولا يعيبه قصوره في أسبابه القانونية، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب دون أن تنقضه، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مناط اتخاذ الحكم من تقرير الخبير دليلا في الدعوى هو صدور الحكم بندبه ومباشرته لمأموريته بين خصوم ممثلين فيها، وأن الهدف من ذلك هو تمكينهم من إبداء دفاعهم وتحقق الغرض من إجراءات الإثبات، إلا أنه إذا انتفت هذه الحكمة المبتغاة من تطبيق تلك القاعدة بأن أهمل الخصم المودع التقرير في غيبته عن طرح أوجه دفاع جديدة لم يبحثها الخبير، فلا يكون ثمة مسوغ لتطبيقها، ومن ثم فإن دفع أحد الخصوم بأن تقرير الخبير المودع في الدعوى قبل اختصامه فيها لا يصلح حجة عليه هو من الدفوع الواجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع مع تقديم أوجه الدفاع التي لم يبحثها الخبير وإلا انتفت الحكمة من تطبيق تلك القاعدة، لا سيما وأن تقرير الطاعن في نعيه بحضور وكيله أمام الخبير واستماعه له يؤكد انتفاءها، وإذ خلت الأوراق من الدليل على سبق تمسك الطاعن بهذا الدفع أو طرحه لأوجه دفاع جديدة بعد إيداع التقرير أمام محكمة الموضوع، فإن إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض يكون سببا جديدا غير مقبول.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات وأعمال أهل الخبرة دون معقب عليها من محكمة النقض، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله لها معينها الثابت بالأوراق، وأن تقدير التعويض الجابر للضرر من سلطتها ما دام لا يوجد نص في القانون يلزمها بإتباع معايير معينة في خصوصه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى من خطأ الطاعن والمطعون ضده الثالث ببث مصنفات فنية مملوكة للمطعون ضدها الأولى دون إذن منها والذي ترتب عليه ضرر قدره بالمبلغ المقضي به، وهي أسباب سائغة تكفي لحمله، فإن النعي عليه بما ورد بالشق الأول (النعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بتعويض لا يتناسب مع الطلبات في الدعوى) لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع سلطة تقديره، بما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم غير مقبول.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع ولم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يتعين على الخصوم في الطعن بطريق النقض أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن، وإلا أصبح النعي مفتقرا إلى دليله.

9 - إذ كانت الأوراق قد خلت من الدليل على سبق تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم توثيق مستندات ملكية المطعون ضدها للمصنفات موضوع البث والتمسك بخروج الخبير عن نطاق المأمورية التي حددها له الحكم، وهو دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الشق غير مقبول.

----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم .... لسنة 1 ق اقتصادية استئنافية القاهرة بطلب الحكم بإلزام باقي المطعون ضدهم بسداد مبلغ مليون دولار تعويض، وقال بيانا لذلك إن المطعون ضده الثالث استغل 41 مصنف فني مملوك للمطعون ضدها الأولى دون إذن منها وقام ببثها على قمر النايل سات على الحيز الممنوح له من المطعون ضدها الثانية. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره أدخلت المطعون ضدها الأولى الطاعن خصما في الدعوى للحكم عليه بذات طلباتها. بتاريخ 15 مارس سنة 2011 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للشركة المطعون ضدها الثانية، وبإلزام الطاعن والمطعون ضده الثالث بمبلغ 500.000 جنيه تعويض عن الأضرار المادية والأدبية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الطاعن هو الممثل القانوني لاتحاد الإذاعة والتليفزيون وليس المطعون ضده الثالث، إذ يمثله الطاعن، ومن ثم فإن الدعوى تكون غير مقبولة بالنسبة للمطعون ضده الثالث لرفعها على غير ذي صفة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن بقاء المطعون ضده الثالث - قطاع القنوات المتخصصة - في خصومة الدعوى بعد اختصام الطاعن - صاحب الصفة فيها - للحكم عليهما بالتعويض المطالب به رغم انتفاء صفة المطعون ضده الثالث بشأن موضوعها - إذ يمثله الطاعن - لا يعدو أن يكون تعددا صوريا، ذلك أن الطاعن هو المعني بالخصومة وتنصرف إليه آثار الحكم الذي يصدر فيها إن كان إيجابا أو سلبا، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه عدم قضائه بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثالث رغم انعدام صفته فيها - أيا كان وجه الرأي فيه - غير منتج، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم سبق اللجوء للجان التوفيق في المنازعات على سند من أن أحد الخصوم - المطعون ضدها الثانية - ليس من الجهات الحكومية، في حين أن نصوص القانون رقم 7 لسنة 2000 صريحة وفي وجوب اللجوء لتلك اللجان قبل رفع الدعوى من أو على الجهات الحكومية وإلا كانت غير مقبولة، فضلا عن أن المطعون ضدها الثانية ليس لها صفة في الدعوى، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء واردا على أصل عام، ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، كما أنه من المقرر أن مفاد نص المادتين 1، 4 من القانون 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها أن المشرع قد استثنى المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية من العرض على تلك اللجان قبل رفع الدعوى. لما كان ذلك، وكان المشرع - ورغبة منه في تشجيع الاستثمار العربي والأجنبي في البلاد - قد أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن المحاكم الاقتصادية مستهدفا منه - وفق ما جاء بالمذكرة الإيضاحية - سرعة حسم المنازعات المتعلقة بهذا المجال، واستعان في سبيل ذلك بآليات عدة، فقام بحصر القوانين التي أباح نظرها أمام المحاكم التي أنشأها لهذا الغرض، وأنشأ بكل محكمة منها هيئة لتحضير المنازعات والدعاوى التي تختص بها هذه المحكمة - فيما عدا ما استثناه منها - بدرجتيها الابتدائية والاستئنافية وخص الأولى بالمنازعات التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيها، والتي ينظر استئناف الأحكام الصادرة منها أمام المحاكم الاقتصادية بهيئة استئنافية، والتي خصها في ذات الوقت بالمنازعات التي تزيد قيمتها عن خمسة ملايين جنيه وتلك غير مقدرة القيمة والتي أجاز الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة منها كمحكمة ابتدائية، وأوجب على محكمة النقض إذا ما نقضت الحكم أن تتصدى للفصل في الموضوع ولو كان الطعن لأول مرة خلافا لما جاء بالمادة 269 من قانون المرافعات، مما مؤداه أن المشرع بموجب القانون رقم 120 لسنة 2008 نظم المحاكم الاقتصادية ككيان قضائي خاص داخل جهة المحاكم على شكل يختلف عن تشكيل جهة المحاكم العادية، وحدد اختصاصها بالمنازعات التي تنشأ عن تطبيق قوانين معينة، وألزم عرضها على هيئة للتحضير قبل عرضها على دوائر المحكمة، كما ميز في النصاب القيمي بين دوائرها الابتدائية والاستئنافية عنه في المحاكم العادية، الأمر الذي يفصح بجلاء عن قصد المشرع في إفراد المنازعات الداخلة في اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظام خاص يجعلها من تلك المستثناة من العرض على اللجان المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم عرضها على لجان التوفيق في المنازعات، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ولا يعيبه قصوره في أسبابه القانونية، إذ لمحكمة النقض أن تستكمل هذه الأسباب دون أن تنقضه، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم استند في قضائه على تقرير الخبير الذي ندب وأودع تقريره في الدعوى قبل اختصامه فيها فلا يصلح دليلا ضده - وإن استمع لوكيل الطاعن الحاضر أمامه - مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وإن كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مناط اتخاذ الحكم من تقرير الخبير دليلا في الدعوى هو صدور الحكم بندبه ومباشرته لمأموريته بين خصوم ممثلين فيها، وأن الهدف من ذلك هو تمكينهم من إبداء دفاعهم وتحقق الغرض من إجراءات الإثبات، إلا أنه إذا انتفت هذه الحكمة المبتغاة من تطبيق تلك القاعدة بأن أهمل الخصم المودع التقرير في غيبته عن طرح أوجه دفاع جديدة لم يبحثها الخبير فلا يكون ثمة مسوغ لتطبيقها، ومن ثم فإن دفع أحد الخصوم بأن تقرير الخبير المودع في الدعوى قبل اختصامه فيها لا يصلح حجة عليه هو من الدفوع الواجب إبداؤها أمام محكمة الموضوع مع تقديم أوجه الدفاع التي لم يبحثها الخبير وإلا انتفت الحكمة من تطبيق تلك القاعدة، لا سيما وأن تقرير الطاعن في نعيه بحضور وكيله أمام الخبير واستماعه له يؤكد انتفاءها، وإذ خلت الأوراق من الدليل على سبق تمسك الطاعن بهذا الدفع أو طرحه لأوجه دفاع جديدة بعد إيداع التقرير أمام محكمة الموضوع، فإن إبداءه لأول مرة أمام محكمة النقض يكون سببا جديدا غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى بتعويض لا يتناسب مع الطلبات في الدعوى ذلك أن طلب المطعون ضدها الأولى - ابتداء - في الدعوى مبلغ مليون دولار تعويض عن بث عدد 41 مصنف، إلا إن الحكم المطعون فيه قضى لها بنصف ذلك المبلغ رغم قصرها الدعوى على عدد 13 مصنف فقط، كما وأن الخبير خلص في تقريره إلى ملكية المطعون ضدها الأولى لعدد 13 مصنف في حين أنها لم تقدم مستندات ملكيتها سوى لعدد خمس مصنفات فقط وباقي المستندات تنازلات من دولة لبنان غير موثقة من وزارة الخارجية المصرية، كما تطرق الخبير لتقدير قيمة المنفعة المترتبة على البث والأرباح المتحققة، وهو ما يخرج عن نطاق الخبرة، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير مقبول، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات وأعمال أهل الخبرة دون معقب عليها من محكمة النقض، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله لها معينها الثابت بالأوراق، وأن تقدير التعويض الجابر للضرر من سلطتها ما دام لا يوجد نص في القانون يلزمها بإتباع معايير معينة في خصوصه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى من خطأ الطاعن والمطعون ضده الثالث ببث مصنفات فنية مملوكة للمطعون ضدها الأولى دون إذن منها والذي ترتب عليه ضرر قدره بالمبلغ المقضي به، وهي أسباب سائغة تكفي لحمله، فإن النعي عليه بما ورد بالشق الأول لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع سلطة تقديره، بما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم غير مقبول، كما أن النعي في شقه الثاني غير مقبول، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع ولم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وأنه يتعين على الخصوم في الطعن بطريق النقض أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن وإلا أصبح النعي مفتقرا إلى دليله. لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت من الدليل على سبق تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم توثيق مستندات ملكية المطعون ضدها للمصنفات موضوع البث والتمسك بخروج الخبير عن نطاق المأمورية التي حددها له الحكم، وهو دفاع يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الشق غير مقبول.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.

الطعن 7517 لسنة 78 ق جلسة 25 / 6 / 2015 مكتب فني 66 ق 143 ص 961

جلسة 25 من يونيه سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سمير حسن، عبد الله لملوم، محمد عاطف ثابت وأبو بكر أحمد إبراهيم نواب رئيس المحكمة.
-------------

(143)
الطعن رقم 7517 لسنة 78 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص النوعي: اختصاص قاضي الأمور المستعجلة".

الاختصاص بالطلبات المستعجلة سواء قدمت للقضاء المستعجل أو للقضاء الموضوعي بالتبعية للطلبات الموضوعية المعروضة عليه. شرطه. أن يكون الإجراء المطلوب عاجلا يخشى عليه من فوات الوقت وألا يمس أصل الحق. تقدير ذلك. استقلال قاضي الموضوع به متى كان سائغا. م 45 مرافعات.

(2) نقض "أسباب الطعن بالنقض: الأسباب الموضوعية".
قضاء الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي بعدم الاختصاص بنظر طلب الطاعنة المستعجل على سند من عدم تحقق شرط الاستعجال وإن بحثه يمس أصل الحق استخلاص سائغ. النعي عليه. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.

(3) عقد "تحديد موضوع العقد: تفسير العقد".
العقد شريعة المتعاقدين. مؤداه. عدم جواز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين. عدم جواز الانحراف عن عبارات العقد الواضحة. اعتبارها من القواعد الإلزامية الخاضعة لرقابة محكمة النقض. م 147، م 150 مدني.

(4) حكم "عيوب التدليل: مخالفة الثابت بالأوراق".
مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم. ماهيتها. مثال "بشأن مخالفة الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه الثابت بالأوراق عند طلب الإلزام بالتسليم".

(5) مسئولية "المسئولية العقدية: مسئولية الناقل البري".
بطلان الاتفاق على إعفاء الناقل البري من المسئولية عن هلاك الشيء كليا أو جزئيا أو تلفه. الإعفاء من دفع كل أو بعض نفقات التأمين ضد مسئولية الناقل أو النزول له عن الحقوق الناشئة عن التأمين ضد مخاطر النقل. اعتبارهما في حكم الإعفاء من المسئولية. علة ذلك. مخالفة الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر. مخالفة للقانون وخطأ وقصور.

--------------

1 - مفاد نص المادة 45 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن الطلبات المستعجلة سواء قدمت للقضاء المستعجل المختص نوعيا بنظرها أو للقضاء الموضوعي بالتبعية للطلبات الموضوعية المعروضة عليه يشترط للاختصاص بها أن يكون الإجراء المطلوب عاجلا يخشى عليه من فوات الوقت، وألا يمس هذا الإجراء أصل الحق الذي يترك لذوى الشأن يتناضلون فيه أمام القضاء الموضوعي، ويستقل القاضي المعروض عليه الطلب المستعجل بتقدير توفر شرط الاستعجال وعدم المساس بالحق الموضوعي متى كان تقديره سائغا.

2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي في قضائه بعدم الاختصاص بنظر طلب الطاعنة المستعجل بإلزام الشركة المطعون ضدها بنقل عدد 3 وحدات ميني باص والمسلمة لها في ميناء العقبة على ما خلص إليه من عدم تحقق شرط الاستعجال، وأن بحث هذا الطلب يتطرق إلى مدى التزام الناقل "المطعون ضدها" بأداء واجبه تجاه الطرف الآخر بما يمس أصل الحق، وهو أمر محظور على محكمة الأمور المستعجلة وعلى محكمة الموضوع وهي بصدد الفصل في الشق المستعجل المقام تبعا للطلب الموضوعي، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا ويتفق وصحيح حكم القانون ويؤدي لما انتهى إليه، فإن النعي عليه بهذا السبب يضحي جدلا موضوعيا في سلطة قاضي الموضوع في تقدير مدى توفر حالة عدم المساس بأصل الحق في الطلب المستعجل المطروح عليه، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن مفاد المادتين 147، 150 من القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاقهما، وأنه إذا كانت عبارات العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عن مؤداها إلى معنى أخر تحت ستار التفسير، وأن ما تقضي به هاتان المادتان يعد من القواعد التي وضعها المشرع على سبيل الإلزام وينطوي الخروج عنها على مخالفة القانون، ويخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض.

4 - مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع الثابت ماديا ببعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفا لما هو ثابت بأوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت بالبند الأول من عقد الاتفاق المؤرخ 26/ 5/ 2005 الملحق بعقد الاتفاق الأصلي رقم (3) المؤرخ 20/ 5/ 2002 أنه نص على تعهد الطرف الثاني "الشركة المطعون ضدها" بترتيب عملية تخزين عدد 72 وحدة مينى باص محل هذا الاتفاق التكميلي ونقلها وشحنها من ميناء العقبة برا حتى تمام تسليمها إلى مخازن المرسل إليه بالجمهورية العراقية مع تعهده بتوفير الحماية اللازمة لتأمين الميني باصات محل هذا الاتفاق من الحدود العراقية حتي مخازن المشتري، كما نص في البند الخامس منه على التزام الشركة المطعون ضدها بالمحافظة على المينى باصات المسلمة إليها حتى تمام تسليمها بمخازن المرسل إليه "المشتري" سليمة بالجمهورية العراقية ، كما أرفق ضمن حافظة مستندات الطاعنة صورة كتاب الشركة المطعون ضدها الموجه إلى الطاعنة بتاريخ 7/ 5/ 2006 بتحديد موعد لصرف الشيك رقم ... المؤرخ في 27/ 7/ 2006 حتى يتسنى لها الوفاء بالتزاماتها نحو إجراءات شحن عدد 3 وحدات ميني باص المتواجدة بالحدود العراقية، وذلك كله مما يقطع باستلام الشركة المطعون ضدها لوحدات الميني باص الثلاثة محل التداعي، وإذ بني الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضاءه برفض طلب الطاعنة بتسليمها هذه الوحدات على سند أنها لم تقدم الدليل على استلام الأخيرة لها، وأن العقد المؤرخ 20/ 5/ 2002 وملحقه المؤرخ 26/ 5/ 2005 قد خلا كلاهما من الدليل على ذلك، فإنه يكون معيبا بمخالفة الثابت بالأوراق.

5 - النص في المادة 245 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن "1- يقع باطلا كل شرط يقضي بإعفاء الناقل من المسئولية عن هلاك الشيء كليا أو جزئيا أو تلفه. 2- ويعد في حكم الإعفاء من المسئولية كل شرط يكون من شأنه إلزام المرسل أو المرسل إليه بدفع كل أو بعض نفقات التأمين ضد مسئولية الناقل وكذلك كل شرط يقضي بنزول المرسل أو المرسل إليه للناقل عن الحقوق الناشئة عن التأمين ضد مخاطر النقل"، مفاده بطلان أي اتفاق يعفي الناقل من تحمل مسئوليته عن هلاك الشيء أو تلفه كليا أو جزئيا ويلحق بشروط الإعفاء من المسئولية التي تعد باطلة كل شرط ينص عليه في عقد النقل يقضي بتحمل المرسل أو المرسل إليه أقساط التأمين كلها أو بعضها ضد مسئولية الناقل أو النزول للأخير عن الحقوق الناشئة عن التأمين على الشيء ضد مخاطر النقل، وسند تحريم الشروط المشار إليها أن الناقل تكون تحت سيطرته تلك الأشياء طوال فترة النقل، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض طلب الطاعنة عن قيمة إصدار وثائق التأمين ومصاريف مد التغطية التأمينية استنادا إلى أنها التزمت بذلك بموجب البند الرابع من ملحق عقد الاتفاق المؤرخ 26/ 5/ 2005، كما رفض إلزام المطعون ضدها بأداء قيمة التلفيات والنواقص بالبضاعة استنادا إلى تنازل الطاعنة عن البند الخامس عشر من العقد الذي كان يعطي لها حق الرجوع على الناقل بأداء قيمة البضاعة أو التلف رغم بطلان هذا الشرط وذاك مخالفا بذلك ما قضت به المادة 245 من قانون التجارة سالف البيان، كما أنه إذا أورد في قضائه بأن الطاعنة لم تقدم دليلا على حدوث تلك التلفيات أو النواقص دون أن يواجه ما تمسكت به من دفاع مؤيد بالمستندات الدالة على حدوث هذه الواقعة، فإنه يكون معيبا - فضلا عن مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه - بالقصور في التسبيب.

------------

الوقائع

وحيث تتحصل الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم ... لسنة 2006 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم - وفقا لطلباتها الختامية - بإلزامها بصفة مستعجلة بنقل عدد 3 وحدات ميني باص والمسلمة لها في ميناء العقبة بالأردن واستكمال نقلها للمستفيد "الشركة ..." وفي الموضوع بإلزامها بأداء مبلغ 80138 يورو قيمة الثلاث وحدات ميني باص سالفة الذكر وعائد قانوني بواقع 5% من تاريخ 2/ 5/ 2005 وحتى تمام السداد في حالة عدم نقلها وتسليمها للمرسل إليه، وإلزامها بأداء مبلغ 1169860 جنيه قيمة إصدار وثائق التأمين عن عدد 72 ميني باص ومصاريف التغطية ومصاريف هيئة اللويدز، وعائد 5% من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 31/ 5/ 2005، وإلزامها بأداء مبلغ 203861.77جنيه قيمة التلفيات والنواقص في البضاعة وعائد 5% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وذلك على سند أنه بموجب عقد نقل بحري وبري مؤرخ 20/ 2/ 2002 وملحق اتفاق مؤرخ 26/ 5/ 2005 تعاقدت مع المطعون ضدها على نقل وشحن عدد 500 ميني باص، 60 لوري، وقطع غيار خاصة بها إلى مخازن المشتري "المرسل إليه" بالجمهورية العراقية، إلا أن المطعون ضدها لم تف بالتزاماتها فكانت دعواها، وبتاريخ 28/ 6/ 2007 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الشق المستعجل ويرفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 124 ق القاهرة وفيه قضت المحكمة بتاريخ 23/ 3/ 2008 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

----------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وبسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الشركة الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، إذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه بعدم اختصاصه بالطلب المستعجل استنادا إلى أن بحثه يتطلب المساس بأصل الحق في حين أن الإجراء المستعجل يتعلق بطلب الشركة الطاعنة بإلزام الشركة المطعون ضدها بنقل عدد ثلاث وحدات ميني باص السابق تسليمها إليها في ميناء العقبة، وهو لا يمس أصل الحق المتنازع فيه مع الشركة المطعون ضدها، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مفاد نص المادة 45 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطلبات المستعجلة سواء قدمت للقضاء المستعجل المختص نوعيا بنظرها أو للقضاء الموضوعي بالتبعية للطلبات الموضوعية المعروضة عليه، يشترط للاختصاص بها أن يكون الإجراء المطلوب عاجلا بخشي عليه من فوات الوقت، وألا يمس هذا الإجراء أصل الحق الذي يترك لذوى الشأن يتناضلون فيه أمام القضاء الموضوعي، ويستقل القاضي المعروض عليه الطلب المستعجل بتقدير توفر شرط الاستعجال وعدم المساس بالحق الموضوعي متى كان تقديره سائغة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي في قضائه بعدم الاختصاص بنظر طلب الطاعنة المستعجل بإلزام الشركة المطعون ضدها بنقل عدد 3 وحدات ميني باص والمسلمة لها في ميناء العقبة على ما خلص إليه من عدم تحقق شرط الاستعجال، وأن بحث هذا الطلب يتطرق إلى مدى التزام الناقل "المطعون ضدها" بأداء واجبه تجاه الطرف الآخر بما يمس أصل الحق، وهو أمر محظور على محكمة الأمور المستعجلة وعلى محكمة الموضوع وهي بصدد الفصل في الشق المستعجل المقام تبعا للطلب الموضوعي، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا ويتفق وصحيح حكم القانون ويؤدي لما انتهى إليه، فإن النعي عليه بهذا السبب يضحي جدلا موضوعيا في سلطة قاضي الموضوع في تقدير مدى توفر حالة عدم المساس بأصل الحق في الطلب المستعجل المطروح عليه، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويضحي النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه برفض طلبها بإلزام المطعون ضدها بأداء قيمة عدد 3 وحدات ميني باص وعائد 5% من تاريخ 2/ 5/ 2005 على سند من أن الطاعنة لم تقدم ما يفيد استلام المطعون ضدها "الناقل" لتلك الوحدات بميناء العقبة، وأن ما ورد بالعقد المؤرخ 20/ 5/ 2002 وملحقه المؤرخ 26/ 5/ 2005 أن مكان التسليم ميناء نويبع داخل جمهورية مصر العربية في حين أن الثابت - وفقا لبنود ملحق عقد الاتفاق مار الذكر - استلام المطعون ضدها لتلك الوحدات وتعهدها بالمحافظة عليها، فضلا عن المستندات التي تقيد شحن المطعون ضدها لعدد 37 وحدة "ميني باص" واستلام أجرة النقل عنها، وكذا قيام الشركة الطاعنة بسداد هذه الأجرة عن 3 وحدات "الميني باص" محل المنازعة بناء على فاكس مرسل من الشركة المطعون ضدها حتى يتسنى لها شحنها وفقا للعقد المبرم بينهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد المادتين 147، 150 من القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاقهما، وأنه إذا كانت عبارات العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عن مؤداها إلى معنى آخر تحت ستار التفسير، وأن ما تقضى به هاتان المادتان يعد من القواعد التي وضعها المشرع على سبيل الإلزام وينطوي الخروج عنها على مخالفة القانون، ويخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض، وأن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت ماديا ببعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفا لما هو ثابت بأوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت بالبند الأول من عقد الاتفاق المؤرخ 26/ 5/ 2005 الملحق بعقد الاتفاق الأصلي رقم (3) المؤرخ 20/ 5/ 2002 أنه نص على تعهد الطرف الثاني "الشركة المطعون ضدها" بترتيب عملية تخزين عدد 72 وحدة ميني باص محل هذا الاتفاق التكميلي ونقلها وشحنها من ميناء العقبة برا حتى تمام تسليمها إلى مخازن المرسل إليه بالجمهورية العراقية مع تعهده بتوفير الحماية اللازمة لتأمين الميني باصات محل هذا الاتفاق من الحدود العراقية حتى مخازن المشتري، كما نص في البند الخامس منه على التزام الشركة المطعون ضدها بالمحافظة على الميني باصات المسلمة إليها حتى تمام تسليمها بمخازن المرسل إليه "المشتري" سليمة بالجمهورية العراقية، كما أرفق ضمن حافظة مستندات الطاعنة صورة كتاب الشركة المطعون ضدها الموجه إلى الطاعنة بتاريخ 7/ 5/ 2006 بتحديد موعد لصرف الشيك رقم ... المؤرخ في 27/ 2/ 2006 حتى يتسنى لها الوفاء بالتزاماتها نحو إجراءات شحن عدد 3 وحدات ميني باص المتواجدة بالحدود العراقية، وذلك كله مما يقطع باستلام الشركة المطعون ضدها لوحدات الميني باص الثلاثة محل التداعي، وإذ بني الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضائه برفض طلب الطاعنة بتسليمها هذه الوحدات على سند أنها لم تقدم الدليل على استلام الأخيرة لها وأن العقد المؤرخ 20/ 5/ 2002 وملحقه المؤرخ 26/ 5/ 2005 قد خلا كلاهما من الدليل على ذلك، فإنه يكون معيبا بمخالفة الثابت بالأوراق مما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه برفض طلب الطاعنة بإلزام المطعون ضدها بقيمة ما تكبدته من النواقص والتلفيات في البضاعة محل التعاقد المبرم بينهما وقيمة إصدار وثائق التأمين ومصاريف مد التغطية التأمينية ومصاريف هيئة اللويدز وعائد قانوني 5% على سند أنه بموجب عقد الاتفاق المؤرخ 26/ 5/ 2005 تنازلت الطاعنة عن البند الخامس عشر من العقد المؤرخ 20/ 5/ 2002 الذي كان يخولها حق الرجوع بقيمة التلفيات والنواقص على المطعون ضدها، فضلا عن إنها لم تقدم دليلا على حدوث تلفيات بالبضاعة محل العقد، كما أنها التزمت بموجب البند الرابع من ملحق الاتفاق مار الذكر بالتأمين على البضائع من ميناء الشحن حتى مخازن العميل داخل دولة العراق في حين أن المادة 245 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 تقضي ببطلان كل شرط يقضي بإعفاء الناقل من المسئولية عن هلاك الشيء كليا أو جزئيا أو تلفه، ويعتبر في حكم الإعفاء كل شرط يلزم المرسل أو المرسل إليه بدفع كل أو بعض نفقات التأمين ضد مسئولية الناقل أو يقضي بنزولهما للناقل عن الحقوق الناشئة عن التأمين على الشيء ضد مخاطر النقل، كما أن الطاعنة قدمت المستندات الدالة على حدوث تلفيات ونواقص بالبضاعة محل التعاقد خلاف ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته سديد، ذلك أن النص في المادة 245 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن " 1- يقع باطلا كل شرط يقضي بإعفاء الناقل من المسئولية عن هلاك الشيء كليا أو جزئيا أو تلفه. 2- ويعد في حكم الإعفاء من المسئولية كل شرط يكون من شأنه إلزام المرسل أو المرسل إليه بدفع كل أو بعض نفقات التأمين ضد مسئولية الناقل وكذلك كل شرط يقضي بنزول المرسل أو المرسل إليه الناقل عن الحقوق الناشئة عن التأمين ضد مخاطر النقل"، مفاده بطلان أي اتفاق يعفى الناقل من تحمل مسئوليته عن هلاك الشيء أو تلفه كليا أو جزئيا ويلحق بشروط الإعفاء من المسئولية التي تعد باطلة كل شرط ينص عليه في عقد النقل يقضي بتحمل المرسل أو المرسل إليه أقساط التأمين كلها أو بعضها ضد مسئولية الناقل أو النزول للأخير عن الحقوق الناشئة عن التأمين على الشيء ضد مخاطر النقل، وسند تحريم الشروط المشار إليها أن الناقل تكون تحت سيطرته تلك الأشياء طوال فترة النقل، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض طلب الطاعنة عن قيمة إصدار وثائق التأمين ومصاريف مد التغطية التأمينية استنادا إلى أنها التزمت بذلك بموجب البند الرابع من ملحق عقد الاتفاق المؤرخ 26/ 5/ 2005، كما رفض إلزام المطعون ضدها بأداء قيمة التلفيات والنواقص بالبضاعة استنادا إلى تنازل الطاعنة عن البند الخامس عشر من العقد الذي كان يعطي لها حق الرجوع على الناقل بأداء قيمة البضاعة أو التلف رغم بطلان هذا الشرط وذاك مخالفا بذلك ما قضت به المادة 245 من قانون التجارة سالف البيان، كما أنه إذ أورد في قضائه بأن الطاعنة لم تقدم دليلا على حدوث تلك التلفيات أو النواقص دون أن يواجه ما تمسكت به من دفاع مؤيد بالمستندات الدالة على حدوث هذه الواقعة، فإنه يكون معيبا - فضلا عن مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه - بالقصور في التسبيب، مما يوجب نقضه - أيضا - في هذا الصدد.

نسبة السيولة

Liquidity Ratio

هي النسبة التي تحتفظ بها البنوك في الجهاز المصرفي، والمتعارف عليها في أداء الخدمة المصرفية، بين ما في حوزتها من أصول سائلة، أو أصول سائلة نسبياً شاملة (النقود، والنقود تحت الطلب وبإعلام قصير المدى، وأذون الخزانة، والأوراق التجارية) وبين ما لديها من ودائع العملاء.

وسيلة يستخدمها المصرف المركزي كأداة للرقابة، على مقدرة المصارف التجارية في إيجاد الائتمان وإدارته. ذلك أن هذه الوسيلة تؤدي إلى إلزام المصارف الاحتفاظ بنسبة معينة، من الأصول السائلة. وتُحسب هذه النسبة بواسطة قسمة مجموع النقد والأوراق المالية الحكومية المملوكة، على مجموع المطلوبات المتداولة، التي هي قيد، أو تحت، التسوية.

نسبة الربح المضافة للتكلفة

ونسبة تخفيض سعر البيع

Markups and Markdowns

ويُطلق هذا المصطلح على المقدار العادي، أو النسبة المئوية، التي تضاف إلى تكلفة السلعة للوصول إلى سعر بيعها. فعند وجود بعض السلع، التي لا تباع، وتريد الإدارة أن يبعها، فإنها تلجأ إلى تخفيض أسعارها إلى مقدار معين، أو نسبة معينة، يُطلق عليها "نسبة تخفيض سعر البيع".

نسبة تداول رأس المال العامل



Current Ratio

هي العلاقة بين الموجودات الحاضرة، والاستحقاقات الحاضرة، وهي تبين قدرة الشركة على دفع ديونها الحاضرة، وقت استحقاقها. وتحسب هذه النسبة كالآتي: قسمة المجموع الكلي للموجودات المتداولة، على المجموع الكلي للمطالب المتداولة.

نسبة الاكتفاء الذاتي



Ratio of Self-Sufficiency

يعبِّر هذا المصطلح عن النسبة بين قيمة الإنتاج المحلي وقيمة الإنتاج مضافاً إليه قيمة الواردات. وكلّما ازدادت هذه النسبة، أشارت إلى قلة اعتماد الاقتصاد القومي على الخارج، والعكس صحيح.

نسبة الاستثمار



Investment Ratio

نسبة الموارد المخصصة للاستثمار في دولة ما، أو إنها نسبة الاستثمار المنتج إلى الناتج المحلي الإجمالي

نسبة الاحتياطي المطلوب



Reserve Requirements

وسيلة يستخدمها المصرف المركزي للرقابة على مقدرة المصارف التجارية، وكأداة في إيجاد الائتمان وتنظيمه. وتقضي هذه الوسيلة بأن تحتفظ المصارف بنسبة معينة من التزاماتها الحاضرة، في صورة أرصدة دائنة لدى المصرف المركزي، وتمكينه من طريق رفع نسبة الاحتياطي، من امتصاص جزء من الطاقة التمويلية، التي يمكن للمصارف التجارية منحها للعملاء، بينما يمكن من طريق خفض هذه النسبة، إمداد المصارف التجارية بطاقة تمويلية إضافية.

نسبة الاحتياطي


Reserve Ratio

مصطلح، يُستخدم، عادة، فيما يتعلق بالنظام المصرفي، في الدلالة على النسبة بين الاحتياطيات النقدية في البنك التجاري والتزاماته. وتتحدد هذه النسبة إمّا بمقتضى القانون، وتسمى نسبة الاحتياطي القانوني Legal Reserve Ratio، كما هو الحال في مصر؛ وإمّا بمقتضى العرف السائد. وسواء كان تحديدها وفقاً للقانون أو العرف، فإن كلّ بنك تجاري، داخل النظام المصرفي، يلتزم بعدم الهبوط بنسبة احتياطيه الفعلي عن النسبة القانونية أو العرفية؛ وذلك لضمان سيولة البنك، في مواجهة طلبات عملائه لسحب ودائعهم.

الندرة


Scarcity

مصطلح نسبي، يشير إلى القصور بالنسبة للطلب. وبسبب الندرة وحدها، تحدد أسعار للسلع؛ ذلك لأن السلع مشتقة من ندرة الموارد (وسائل الإشباع)، المتاحة في أيّ مجتمع اقتصادي، سواء كانت موارد طبيعية أم موارد بشرية، تستخدم في إنتاج مختلف السلع والخدمات. وهذه الموارد هي ما يُطلق عليه عناصر أو عوامل أو أدوات الإنتاج. فالندرة، إذاً، هي طابع الحياة الاقتصادية، وجوهر المشكلة الاقتصادية.

الناتج القومي الإجمالي، بأسعار السوق


Gross National Product at Market Prices

يعني قيمة الناتج المحلي الإجمالي، بأسعار السوق، مضافاً إليها صافي الدخل من الخارج (قيمة الصادرات، مطروحاً منها قيمة الواردات، مضافاً إليها صافي الدخل من الاستثمارات الأجنبية).

الناتج الصافي



Net Output


الناتج الصافي هو القيمة المضافة Value Added من جانب المنشأة أو الصناعة إلى العملية الإنتاجية، خلال فترة زمنية معينة. ويُعَدّ الناتج الصافي مؤشراً مفيداً، في قياس أهمية الصناعة في الاقتصاد القومي.

الاثنين، 4 أبريل 2022

الناتج الإجمالي



Aggregate Output

إجمالي الإنتاج من السلع والخدمات النهائية في اقتصاد ما.
الناتج الإجمالي لمنشأة أو صناعة، هو القيمة الكلية للمبيعات من ناتجها، خلال فترة زمنية معينة. ويشمل الناتج قيمة المواد، والوقود، والإمدادات الأخرى المشتراة من منشآت أخرى خارج الصناعة. وللتوصل إلى الناتج الصافي أو قيمة الإسهام، الذي حققته الصناعة نفسها، فمن الضروري أن يُستبعد من الناتج الإجمالي ما قد أنفق على الإمدادات الآتية من خارج الصناعة؛ تفادياً لتكرار الحساب Double Counting في تقدير قيمة الناتج، الذي تسهم به المنشأة أو الصناعة فعلاً؛ وتسمى هذه الإمدادات، عادة، "بالسلع الوسيطة" Intermediate Goods.

الناتج



Output

كمية السلع المصنعة في مصنع ما، أو كمية المادة المستخرجة من منجم أو محجر...، أو خدمات منتجة خلال فترة معينة من الوقت.

صُلْحُ الْحَطِيطَةِ

قَال الْقَاضِي زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: صُلْحُ الْحَطِيطَةِ إِبْرَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لأَِنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيل عَنِ الْكَثِيرِ

الْحَطُّ لُغَةً: الْوَضْعُ، أَوِ الإِْسْقَاطُ وَهُوَ فِي الاِصْطِلَاحِ: إِسْقَاطُ بَعْضِ الدَّيْنِ أَوْ كُلِّهِ. فَالْحَطُّ إِبْرَاءٌ مَعْنًى، وَلِذَا قَدْ يُطْلَقُ الْحَطُّ عَلَى الإِْبْرَاءِ نَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ إِمَّا أَنْ يُقَيَّدَ بِالْكُل أَوِ الْجُزْءِ. وَالْغَالِبُ اسْتِعْمَال الْحَطِّ لِلإِْبْرَاءِ عَنْ جُزْءٍ مِنَ الثَّمَنِ، أَمَّا الإِْبْرَاءُ فَهُوَ عَنْ كُلِّهِ

الْحَطُّ

الْحَطُّ لُغَةً: الْوَضْعُ، أَوِ الإِْسْقَاطُ . 

وَهُوَ فِي الاِصْطِلَاحِ: إِسْقَاطُ بَعْضِ الدَّيْنِ أَوْ كُلِّهِ. فَالْحَطُّ إِبْرَاءٌ مَعْنًى، وَلِذَا قَدْ يُطْلَقُ الْحَطُّ عَلَى الإِْبْرَاءِ نَفْسِهِ، وَلَكِنَّهُ إِمَّا أَنْ يُقَيَّدَ بِالْكُل أَوِ الْجُزْءِ. وَالْغَالِبُ اسْتِعْمَال الْحَطِّ لِلإِْبْرَاءِ عَنْ جُزْءٍ مِنَ الثَّمَنِ، أَمَّا الإِْبْرَاءُ فَهُوَ عَنْ كُلِّهِ .

وَقَدْ جَاءَ فِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ تَسْمِيَةُ وَضْعِ بَعْضِ الدَّيْنِ إِبْرَاءً، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إِبْرَاءٌ جُزْئِيٌّ. وَقَال الْقَاضِي زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: صُلْحُ الْحَطِيطَةِ إِبْرَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لأَِنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيل عَنِ الْكَثِيرِ

الضَّمَانُ

الضَّمَانُ لُغَةً: الْكَفَالَةُ وَالاِلْتِزَامُ بِالشَّيْءِ. 

وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ: الْتِزَامُ حَقٍّ ثَابِتٍ فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ أَوْ إِحْضَارُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ. 

وَالضَّمَانُ عَكْسُ الإِْبْرَاءِ، فَهُوَ يُفِيدُ انْشِغَال الذِّمَّةِ فِي حِينِ يُطْلَقُ الإِْبْرَاءُ عَلَى خُلُوِّهَا.

الإِْقْرَارُ

مِنْ مَعَانِي الإِْقْرَارِ فِي اللُّغَةِ: الإِْيقَانُ وَالاِعْتِرَافُ. 

وَأَمَّا تَعْرِيفُهُ فِي الاِصْطِلَاحِ فَهُوَ: الإِْخْبَارُ بِحَقِّ الْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ.

وَالإِْقْرَارُ قَدْ يَرِدُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، فَيَكُونُ إِقْرَارًا بِالْبَرَاءَةِ؛ لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ إِمَّا إِبْرَاءُ اسْتِيفَاءٍ، وَإِمَّا إِبْرَاءُ إِسْقَاطٍ . وَكُلٌّ مِنَ الإِْقْرَارِ بِالاِسْتِيفَاءِ وَالإِْبْرَاءِ عَلَى إِطْلَاقِهِ يَقْطَعُ النِّزَاعَ وَيَفْصِل الْخُصُومَةَ. فَالْمُرَادُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ، وَلِذَا عُبِّرَ بِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنِ الآْخَرِ وَإِنْ اخْتَلَفَا مَفْهُومًا. 

وَدَعْوَى الإِْبْرَاءِ تَتَضَمَّنُ إِقْرَارًا، فَإِذَا قَال: أَبْرَأْتَنِي مِنْ كَذَا، أَوْ: أَبْرِئْنِي، فَهُوَ إِقْرَارٌ وَاعْتِرَافٌ بِشَغْل الذِّمَّةِ وَادِّعَاءٌ لِلإِْسْقَاطِ، وَالأَْصْل عَدَمُهُ. وَعَلَيْهِ بَيِّنَةُ الإِْبْرَاءِ أَوِ الْقَضَاءُ

الصُّلْحُ

الصُّلْحُ لُغَةً: التَّوْفِيقُ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْمُصَالَحَةِ. 

وَهُوَ شَرْعًا: عَقْدٌ بِهِ يُرْفَعُ النِّزَاعُ وَتُقْطَعُ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمُتَصَالِحَيْنِ بِتَرَاضِيهِمَا .

وَمِنَ الْمُقَرَّرِ فِقْهًا أَنَّ الصُّلْحَ يَكُونُ عَنْ إِقْرَارٍ أَوْ إِنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ. فَإِذَا كَانَ عَنْ إِقْرَارٍ، وَكَانَتِ الْمُصَالَحَةُ عَلَى إِسْقَاطِ جُزْءٍ مِنَ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَأَدَاءِ الْبَاقِي، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُشْبِهُ الصُّلْحُ الإِْبْرَاءَ؛ لأَِنَّهَا أَخْذٌ لِبَعْضِ الْحَقِّ وَإِبْرَاءٌ عَنْ بَاقِيهِ. أَمَّا إِنْ كَانَ الصُّلْحُ هُنَا عَلَى أَخْذِ بَدَلٍ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ.

وَكَذَلِكَ الْحَال إِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ وَتَضَمَّنَ إِسْقَاطَ الْجُزْءِ مِنْ حَقِّهِ، فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعِي إِبْرَاءٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ، فِي حِينِ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ افْتِدَاءٌ لِلْيَمِينِ وَقَطْعٌ لِلْمُنَازَعَةِ

الْهِبَةُ

الْهِبَةُ لُغَةً: الْعَطِيَّةُ الْخَالِيَةُ عَنِ الأَْعْوَاضِ وَالأَْغْرَاضِ، أَوِ التَّبَرُّعُ بِمَا يَنْفَعُ الْمَوْهُوبَ لَهُ مُطْلَقًا. 

وَهِيَ شَرْعًا: تَمْلِيكُ الْعَيْنِ بِلَا عِوَضٍ .

وَالَّذِي يُوَافِقُ الإِْبْرَاءَ مِنَ الْهِبَةِ هُوَ هِبَةُ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ، فَهِيَ وَالإِْبْرَاءُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ

الإِْسْقَاطُ

 الإِْسْقَاطُ لُغَةً: الإِْزَالَةُ، وَاصْطِلَاحًا: إِزَالَةُ الْمِلْكِ أَوِ الْحَقِّ لَا إِلَى مَالِكٍ أَوْ مُسْتَحِقٍّ. 

وَهُوَ قَدْ يَقَعُ عَلَى حَقٍّ فِي ذِمَّةِ آخَرَ أَوْ قِبَلَهُ، عَلَى سَبِيل الْمَدْيُونِيَّةِ (كَالْحَال فِي الإِْبْرَاءِ) كَمَا قَدْ يَقَعُ عَلَى حَقٍّ ثَابِتٍ بِالشَّرْعِ لَمْ تُشْغَل بِهِ الذِّمَّةُ (كَحَقِّ الشُّفْعَةِ) وَيَكُونُ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ، فَالإِْبْرَاءُ أَخَصُّ مِنَ الإِْسْقَاطِ، فَكُل إِبْرَاءٍ إِسْقَاطٌ، وَلَا عَكْسَ.

وَمِمَّا يَدُل عَلَى أَنَّ الإِْبْرَاءَ نَوْعٌ مِنَ الإِْسْقَاطِ تَقْسِيمُ الْقَرَافِيِّ الإِْسْقَاطَ إِلَى نَوْعَيْنِ، أَحَدُهُمَا: بِعِوَضٍ، كَالْخُلْعِ. وَالآْخَرُ: بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَمَثَّل لَهُ بِالإِْبْرَاءِ مِنَ الدُّيُونِ

الْمُبَارَأَةُ

الْمُبَارَأَةُ فَهِيَ مُفَاعَلَةٌ وَتَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي الْبَرَاءَةِ . 

وَهِيَ فِي الاِصْطِلَاحِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْخُلْعِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَهُوَ بَذْل الْمَرْأَةِ الْعِوَضَ عَلَى طَلَاقِهَا. لَكِنَّهَا تَخْتَصُّ بِإِسْقَاطِ الْمَرْأَةِ عَنِ الزَّوْجِ حَقًّا لَهَا عَلَيْهِ. 

فَالْمُبَارَأَةُ صُورَةٌ خَاصَّةٌ لِلإِْبْرَاءِ تَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لإِِيقَاعِ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ - إِجَابَةً لِطَلَبِ الزَّوْجَةِ غَالِبًا - مُقَابِل عِوَضٍ مَالِيٍّ تَبْذُلُهُ لِلزَّوْجِ، هُوَ تَرْكُهَا مَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقٍ مَالِيَّةٍ، كَالْمَهْرِ الْمُؤَجَّل، أَوِ النَّفَقَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي الْعِدَّةِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهَا أَيُّ حَقٍّ إِلَاّ بِالتَّسْمِيَةِ، خِلَافًا لأَِبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْقَائِلَيْنِ بِسُقُوطِ جَمِيعِ حُقُوقِهَا الزَّوْجِيَّةِ

الْبَرَاءَةُ

 الْبَرَاءَةُ : هِيَ أَثَرُ الإِْبْرَاءِ، وَهِيَ مَصْدَرُ بَرِئَ. فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لَهُ فِي الْفِقْهِ، غَيْرَ أَنَّ الْبَرَاءَةَ كَمَا تَحْصُل بِالإِْبْرَاءِ الَّذِي يَتَحَقَّقُ بِفِعْل الدَّائِنِ، تَحْصُل بِأَسْبَابٍ أُخْرَى غَيْرِهِ، كَالْوَفَاءِ وَالتَّسْلِيمِ مِنَ الْمَدِينِ أَوِ الْكَفِيل، وَتَحْصُل الْبَرَاءَةُ بِالاِشْتِرَاطِ، كَالْبَرَاءَةِ مِنَ الْعُيُوبِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالتَّبَرُّؤِ أَيْضًا

‌‌إِبْدَال

 الإِْبْدَال لُغَةً: جَعْل شَيْءٍ مَكَانَ شَيْءٍ آخَرَ، وَالاِسْتِبْدَال مِثْلُهُ، فَلَا فَرْقَ عِنْدَ أَهْل اللُّغَةِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فِي الْمَعْنَى  .

 وَكَذَلِكَ الأَْمْرُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، فَهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ اللَّفْظَيْنِ أَحَدَهُمَا مَكَانَ الآْخَرِ

الطعن 117 لسنة 42 ق جلسة 12 / 3 / 1972 مكتب فني 23 ج 1 ق 81 ص 357

جلسة 12 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، وطه دنانة.

---------------

(81)
الطعن رقم 117 لسنة 42 القضائية

(أ، ب، ج) تفتيش: "إذن التفتيش. إصداره وتنفيذه". مواد مخدرةدفوع: "الدفع ببطلان إذن التفتيش". بطلان.
(أ) اتخاذ الضابط المأذون له بالتفتيش إجراءات غسيل معدة المتهمة بمعرفة طبيب المستشفى. هو تعرض للمتهمة بالقدر الذي يبيحه إذن التفتيش وتوافر حالة التلبس في حقها لمشاهدة الضابط لها وهى تبتلع المخدر وانبعاث رائحة المخدر من فمها مما لا يقتضى استئذان النيابة.
(ب) إذن التفتيش لم يشترط القانون له شكلا معينا. خلوه من بيان محل إقامة المأذون بتفتيشه لا ينال من صحته طالما أن المحكمة اطمأنت إلى أنه الشخص المقصود بالإذن. اطراح الحكم للدفع ببطلان إذن التفتيش تأسيسا على أن محضر التحريات الصادر بمقتضاه الإذن قد ذكر مسكن المتهمة بما لا يدع مجالا للقول بتجهيله. سائغ وسديد.
(ج) اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى. عندما يكون مكان التفتيش في المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها. مراد القانون منه الحفاظ على عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست.
(د) حكم. "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". إثبات. "بوجه عام". مواد مخدرة.
نقل الحكم عن أقوال الضابط الذي قام بالتفتيش أن إحدى كفتى الميزان المضبوط وجدت ملوثة بمادة المخدر مع مخالفة ذلك لما أثبته تقرير التحليل من خلو كفتى الميزان من أية آثار لمادة مخدرة. لا يعيبه. إذ أن ما أورده من ذلك لم يكن له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها والتي عول فيها على ما اثبته تحليل الجوهر المخدر المضبوط وتحليل غسيل معدة المتهمة.
(هـ) تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". دفوع. "الدفع ببطلان إذن التفتيش". نقض. "أسباب الطعن". "ما لا يقبل منها". بطلان. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير التحريات". مواد مخدرة.
الدفع ببطلان إذن التفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته. لاقتضائه تحقيقا موضوعيا تنأى عنه وظيفة المحكمة. النعي بعدم جدية التحريات التي بنى عليها الإذن. غير مقبول. تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. لا معقب على اقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بنى عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إجرائه لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
(و) إثبات "بوجه عام". تحقيق. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحريز المضبوطات. مرجع الأمر في شأنه لمحكمة الموضوع. اطمئنانها إلى سلامة إجراءات تحريز متحصلات غسيل معدة المتهمة وإلى نتيجة تحليل هذه المتحصلات. إثارة عدم ثبوت أن الآنية التي وضعت فيها متحصلات غسيل المعدة كانت خالية من آثار المواد المخدرة. منازعة موضوعية لا يجوز التحدي بها أمام النقض.
(ز) مواد مخدرة. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة".
قصد الإتجار في إحراز المخدر. واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بحرية التقدير فيها. طالما أنه يقيمها على ما ينتجها. مثال لتدليل سائغ على توافر قصد الإتجار.
(ح) حكم. "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه. الخطأ في تحديد الحجرة التي عثر بها على المخدرات المضبوطة لا يجدى.
(ط، ى) إثبات. "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
)ط) تساند الأدلة. لا يشترط أن ينبئ كل دليل اعتمد عليه الحكم ويقطع في كل جزئيه من جزئيات الدعوى. الأدلة تكمل بعضها بعضا. منها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي. لا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة. يكفي أن تكون في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها.
)ى) حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
)ك) دفوع. "الدفع بتلفيق التهمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بتلفيق التهمة دفاع موضوعي لا يستوجب ردا صريحا.

-----------------
1 - ما يتخذه الضابط المأذون له بالتفتيش من إجراءات لغسيل معدة المتهمة بمعرفة طبيب المستشفى لا يعدو أن يكون تعرضا لها بالقدر الذي يبيحه تنفيذ إذن التفتيش وتوافر حالة التلبس في حقها بمشاهدة الضابط لها وهى تبتلع المخدر وانبعاث رائحة المخدر من فمها مما لا يقتضى استئذان النيابة في إجرائه.
2 - لم يشترط القانون شكلا معينا لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان محل إقامة المأذون بتفتيشه طالما أن المحكمة اطمأنت إلى أنه الشخص المقصود بالإذن، فاذا كان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعنة ببطلان إذن التفتيش لخلوه من تحديد عنوان مسكنها واطرحه بقوله: "أما عن القول بأن إذن التفتيش قد خلا من ذكر مسكن المتهمة على وجه التحديد فثابت من محضر التحريات الذي صدر بمقتضاه إذن التفتيش أنه ذكر مسكن المتهمة بما لا يدع مجالا للقول بتجهيله". فان ما قاله الحكم من ذلك سائغ وسديد ويستقيم به إطراح هذا الدفع.
3 - مراد القانون من اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفه أنثى عندما يكون مكان التفتيش في المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها هو الحفاظ على عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست، فاذا كان الثابت مما أورده الحكم أن الضابط لم يقم بتفتيش المتهمة بل إنها هي التي أسقطت من يدها لفافة المخدر وأن الضابط إنما اصطحبها بعد ذلك إلى المستشفى حيث تولت إحدى العاملات به تفتيشها في حجرة مستقلة فلم يعثر معها على شيء، فان النعي بخصوص عدم اصطحاب الضابط لأنثى عند التفتيش يكون في غير محله.
4 - لا يعيب الحكم ما أورده نقلا عن أقوال الضابط الذي قام بالتفتيش من أن إحدى كفتى الميزان المضبوط وجدت ملوثه بمادة مخدرة مع مخالفة ذلك لما أثبته تقرير التحليل من خلو كفتى الميزان من أية آثار لمادة مخدرة ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها والتي عول فيها على ما هو واضح في سياقه على ما أثبته تحليل ما ضبط فعلا من جوهري الأفيون والحشيش ومتحصلات غسيل معدة المتهمة فحسب.
5 - من المقرر أن الدفع ببطلان إذن التفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقا موضوعيا تنأى عنه وظيفة محكمة النقض، فلا يقبل من الطاعنة ما تثيره في طعنها بدعوى عدم جدية التحريات التي بنى عليها إذن التفتيش. هذا فضلا عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
6 - يرجع الأمر في شأن تحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة إلى تقدير محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى سلامة إجراءات تحريز متحصلات غسيل معدة المتهمة وإلى ما أسفر عنه تحليل هذه المتحصلات فإن النعي بأنه لم يثبت أن الآنية التي وضعت فيها متحصلات غسيل المعدة كانت خالية تماما من آثار المواد المخدرة لا يكون سديدا إذ هو لا يعدو أن يكون منازعة موضوعية مما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض.
7 - إحراز المخدر بقصد الإتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها. وإذ كان الحكم قد عرض إلى قصد المتهمة من إحراز وحيازة المخدر المضبوط بقوله "وحيث إن المحكمة تقر سلطة الاتهام على ما انتهت إليه من أن إحراز وحيازة المتهمة لما ضبط كان بقصد الإتجار ذلك أن ظروف الضبط وتنوع المادة المضبوطة وضخامة كميتها ووجود ميزان وصنج وقطع معدنية من فئة النصف قرش المثقوب التي تستعمل في وزن المادة المخدرة كل ذلك مع ما سجلته التحريات من نشاط المتهمة في تجارة المخدرات قاطع في أن حيازة المتهمة لما ضبط كان بقصد الإتجار" فان الحكم يكون قد دلل على هذا القصد تدليلا سائغا مما يضحى معه النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقبول.
8 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه ومن ثم فلا يجدى الطاعنة ما تنسبه إلى الحكم من خطأ في تحديد الحجرة التي عثر بها على المخدرات المضبوطة.
9 - لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة في اطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
10 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
11 - الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي تستوجب ردا صريحا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها في يوم 3/ 9/ 1970 بناحية قسم إمبابة محافظة الجيزة: حازت وأحرزت بقصد الإتجار جوهرين مخدرين - حشيشا وأفيونا - في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و34/ أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين رقمي 1 و12 من الجدول رقم 1 المرفق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمها ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه، إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهرين مخدرين بقصد الإتجار، قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وانطوى على خطأ في الإسناد وفى تطبيق القانون، ذلك بأنه استند في قضائه بالإدانة إلى ما أسفرت عنه التحريات وما شهد به شاهدا الإثبات بصدد تصوير واقعة الدعوى بالإضافة إلى ضبط ميزان أسفل سرير حجرة النوم بالمنزل الذي تقيم به الطاعنة وهذا الذي استند إليه الحكم لا يسوغ القضاء بالإدانة إذ الثابت من محضر التحريات ومن أقوال شاهدي الإثبات أن زوج الطاعنة هو الذي يتجر في المخدرات وأن الأخيرة تقتصر على مجرد مساعدته بإخفاء المخدرات في ملابسها مما لا يستساغ معه اعتبارها محرزة أو حائزة للمخدرات المضبوطة في المنزل، وخاصة أن الزوج هو المسيطر على منزل الزوجية ولا تستطيع الزوجة معارضته في أن يحوز فيه ما يشاء. كما أنه لا يصح الاستدلال في إدانة الطاعنة بضبط الميزان في المنزل إذ الثابت أن الزوج هو الذي يستخدم الميزان لأنه يعمل بقالا. هذا فضلا عن أن ما ساقه الحكم نقلا عن شهادة الضابط من أن إحدى كفتى الميزان وجدت ملوثة بمادة مخدرة ينهار بما أثبته تقرير التحليل من أن كفتى الميزان وجدتا خالتين من أية آثار لمادة مخدرة - أما استناد الحكم إلى ما ثبت من وجود آثار الأفيون في متحصلات غسيل معدة الطاعنة فهو غير كاف للتدليل على الإدانة إذ لو صح تصوير الضابط بأن الطاعنة ابتلعت كمية من الأفيون قبل إجراء غسيل معدتها بفترة وجيزة لوجد غسيل المعدة مشبعا بتلك المادة ولما اقتصر الأمر على مجرد الآثار - كما أنه لم يثبت أن الآنية التي وضعت فيها متحصلات غسيل المعدة كانت خالية تماما من آثار المواد المخدرة، وهو نقص في الإجراءات من شأنه عدم إمكان الاستناد إلى نتيجة تحليل تلك المتحصلات في إدانة الطاعنة. وما قاله الحكم من أنه قد عثر على بعض المخدرات بداخل الغرفة الثالثة التي تقع في مواجهة الداخل من الباب لا يستقيم مع ما ثبت بمحضر جلسة المحاكمة من أن الضابط الذي أجرى التفتيش ذكر أمام المحكمة أنه عثر على تلك المخدرات في الحجرة التي تقع على يمين الداخل. وعلى الرغم من أن الدفاع قد دفع بأن الاتهام ملفق للطاعنة فإن المحكمة لم تفسر هذا الخلاف. وفضلا عما تقدم فقد دفعت الطاعنة ببطلان إذن التفتيش لعدم تضمنه عنوان منزلها، غير أن المحكمة أطرحت هذا الدفع دون أن ترد عليه بما يبرر إطراحه. كما أن الإذن قد صدر دون أن تسبقه تحريات جدية مما يبطله ولا يكفى لتبرير صدوره مجرد الإشارة في محضر التحريات إلى أن المطلوب تفتيشه يتجر في المخدرات. هذا إلى أن الضابط الذي أجرى التفتيش لم يصطحب معه أنثى عند تنفيذ الإذن بل اصطحب الطاعنة إلى المستشفى وأمر إحدى الممرضات بتفتيشها كما طلب إجراء غسيل معدتها دون أن يستأذن النيابة العامة قبل القيام بهذا الإجراء. وقد انتهى الحكم إلى اعتبار حيازة الطاعنة للمخدر بقصد الإتجار دون أن يدلل تدليلا سائغا أو كافيا على توافر هذا القصد، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها "تتحصل في أن التحريات السرية التي قام بها النقيب...... رئيس قسم مكافحة مخدرات الجيزة بالنيابة دلت على أن....... المقيم بشارع يوسف البنداري رقم 43 بالمنيرة بإمبابة من تجار المخدرات المعروفين للقسم وأنه يقوم بترويج المخدرات على عملائه بمسكنه وبالطرق العامة والمقاهي وتساعده في الإتجار زوجته المتهمة....... (الطاعنة) والمقيمة معه في نفس المسكن، وأنها تخفى المخدرات في ملابسها وأنه سجل ذلك في محضر مؤرخ 25/ 9/ 1971 الساعة 9.30 مساء عرضه على النيابة العامة في ذات التاريخ فأذن وكيلها في الساعة 9.45 مساء له ومن يعاونه في ضبط وتفتيش........ وزوجته.......، وتفتيش مسكنهما، وذلك لضبط ما قد يوجد لديهما من مواد مخدرة على أن يتم ذلك لمرة واحدة خلال أسبوع، وأنه تنفيذا للإذن انتقل النقيب........ والشرطي السري...... إلى حيث تقيم المتهمة وزوجها فوصلا في الساعة 3.45 من مساء يوم 7/ 9/ 1970، ووجدا باب المنزل مفتوحا، وكذا باب الشقة الخاصة بهما ثم دخلا وشاهدا المتهمة تجلس على أرض الصالة بمفردها على يمين الداخل مسندة ظهرها للحائط، وكانت يدها اليسرى قابضة على لفافة كبيرة، وما أن شاهدتهما يدخلان من باب الشقة حتى أسرعت بالوقوف وأسقطت من يدها اليسرى اللفافة فاستقرت على الأرض بجوار قدمها اليسرى بحوالى 15 سم فأسرع النقيب...... بالتقاطها فوجدها لفافة من السلوفان الشفاف عديم اللون محاطة من الخارج بشريط لاصق أصفر بداخلها قطعة كبيرة من الأفيون، وأثناء ذلك شاهد المتهمة تضع يدها اليمنى في فتحة جلبابها من ناحية الصدر، وتخرج قطعة من الأفيون وتضعها في فمها ثم ابتلعتها وكان يفوح من فمها رائحة الأفيون، وأنهما قاما بعد ذلك بتفتيش المسكن في حضور المتهمة لعدم وجود زوجها فعثر بداخل الحجرة الثالثة التي تقع في مواجهة الداخل من الباب وأسفل الوسادة التي على السرير على لفافة كبيرة من السلوفان الأخضر الشفاف تحتوى على سبع قطع كبيرة من مادة الحشيش، كما وجد باللفافة الأولى 32 لفافة من السلوفان الأخضر الشفاف بكل منها قطعة صغيرة من الحشيش ولفافة أخرى من السلوفان الأصفر محاطة من الخارج بشريط لاصق احتوتها قطعة متوسطة الحجم من الأفيون، كما عثر أسفل السرير من الناحية الشرقية على ميزان ذي كفتين من الألمونيوم أحمر اللون وكبير نوعا وبإحدى كفتيه بعض تلوثات لمادة مخدرة ووجدت صنجتان الأولى زنة 24 درهم والثانية 12 درهم وأربع قطع معدنية من فئة نصف القرش المثقوب والتي تستعمل في وزن الجواهر المخدرة وكانت في إحدى كفتى الميزان وأنه بعد أن تم التفتيش توجه النقيب........ مع المتهمة إلى مستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية بالعجوزة حيث تولت إحدى العاملات بالمستشفى تفتيشها في غرفة مستقلة فلم تعثر معها على شيء وكلف السيد طبيب الاستقبال بعمل غسيل معدة للمتهمة فقام بإجرائه ووضع المتحصلات في علبة بلاستيك ذات غطاء وقام بغلقها بالشمع اللاصق ووقع على الحرز بإمضائه بعد كتابة البيانات. وثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي أن المادة المضبوطة من جوهر الأفيون وتزن 9ر56 من الجرامات ومن جوهر الحشيش وتزن 1ر61 من الجرامات، كما ثبت من تحليل متحصلات غسيل معدة المتهمة....... وجود سائل عكر تقدر كميته بنحو 20 سم3 عثر بهذا السائل على آثار جوهر الأفيون" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال النقيب..... والشرطي السري...... ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي. ثم عرض الحكم لدفاع الطاعنة فأطرحه بقوله: "والمحكمة لا تعول على إنكار المتهمة وتطرح دفاعها لما ساقته من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها ووثقت بها وعولت عليها على التفصيل المتقدم وهى قاطعة الدلالة على أن باب المنزل كان مفتوحا وكذلك باب الشقة وأن المتهمة حين دخل عليها رجال الشرطة ألقت المخدر وابتلعت قطعة من الأفيون وثبت من التحليل أن غسيل معدتها وجد ملوثا بآثار الأفيون وأن باقي المضبوطات لا شك في أنها ضبطت بمسكن المتهمة". لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة في اطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما هو الحال في الدعوى، وكان ما تثيره الطاعنة في شأن الأدلة التي عول عليها الحكم في الإدانة لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الثبوت القائمة في الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع، وكان لا يعيب الحكم ما أورده نقلا عن أقوال الضابط الذي قام بالتفتيش من أن إحدى كفتي الميزان المضبوط وجدت ملوثة بمادة مخدرة مع مخالفة ذلك لما أثبته تقرير التحليل من خلو كفتي الميزان من أية آثار لمادة مخدرة إذ أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها، والتي عول فيها على ما هو واضح من سياقه على ما أثبته تحليل ما ضبط فعلا من جوهري الأفيون والحشيش ومتحصلات غسيل معدة الطاعنة فحسب. لما كان ذلك، وكان الأمر في شأن تحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة يرجع إلى تقدير محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى سلامة إجراءات تحريز متحصلات غسيل معدة الطاعنة وإلى ما أسفر عنه تحليل هذه المتحصلات، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يكون سديدا إذ هو لا يعدو أن يكون منازعة موضوعية مما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض، ولما كان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردا صريحا، وكان لا يجدى الطاعنة ما تنسبه إلى الحكم من خطأ في تحديد الحجرة التي عثر بها على المخدرات المضبوطة إذ من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فان النعي على الحكم بقالة القصور في الرد على ما أثارته الطاعنة في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش، فلا ينال من صحته خلوه من بيان محل إقامة المأذون بتفتيشه طالما أن المحكمة اطمأنت إلى أنه الشخص المقصود بالإذن، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعنة ببطلان إذن التفتيش لخلوه من تحديد عنوان مسكنها وأطرحه بقوله "أما عن القول بأن إذن التفتيش قد خلا من ذكر مسكن المتهمة على وجه التحديد فثابت من محضر التحريات الذي صدر بمقتضاه إذن التفتيش أنه ذكر مسكن المتهمة بما لا يدع مجالا للقول بتجهيله" وما قاله الحكم من ذلك سائغ وسديد ويستقم به إطراح هذا الدفع، وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بنى عليها، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان إذن التفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقا تنأى عنه وظيفة محكمة النقض، فلا يقبل من الطاعنة ما تثيره في طعنها بدعوى عدم جدية التحريات التي بنى عليها إذن التفتيش هذا فضلا عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كان مراد القانون من اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى عندما يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها هو الحفاظ على عورات المرأة التي تخدش حياءها إذا مست، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن الضابط لم يقم بتفتيش الطاعنة بل إنها هى التي أسقطت من يدها لفافة المخدر لدى رؤيتها له كما ابتلعت قطعة أخرى من المخدر وأن الضابط إنما اصطحب الطاعنة بعد ذلك إلى المستشفى حيث تولت إحدى العاملات به تفتيشها في حجرة مستقلة فلم يعثر معها على شئ، فإن ما تثيره الطاعنة بخصوص عدم اصطحاب الضابط لأنثى عند التفتيش يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما اتخذه الضابط المأذون له بالتفتيش من إجراءات لغسيل معدة الطاعنة بمعرفة طبيب المستشفى لا يعدو أن يكون تعرضا للطاعنة بالقدر الذي يبيحه تنفيذ إذن التفتيش وتوافر حالة التلبس في حقها - بمشاهدة الضابط لها وهى تبتلع المخدر وانبعاث رائحة هذا المخدر من فمها مما لا يقتضى استئذان النيابة في إجرائه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى قصد الطاعنة من إحراز وحيازة المخدر المضبوط بقوله "وحيث إن المحكمة تقر سلطة الاتهام على ما انتهت إليه من أن إحراز وحيازة المتهمة لما ضبط كان بقصد الإتجار، ذلك أن ظروف الضبط وتنوع المادة المضبوطة وضخامة كميتها ووجود ميزان وصنج وقطع معدنية من فئة النصف قرش المثقوب التي تستعمل في وزن المادة المخدرة، كل ذلك مع ما سجلته التحريات من نشاط المتهمة في تجارة المخدرات قاطع في أن حيازة المتهمة لما ضبط كان بقصد الإتجار". وكان إحراز المخدر بقصد الإتجار واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم قد دلل على هذا القصد تدليلا سائغا، مما يضحى معه النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

‌‌ابْتِدَاع

 انْظُرْ: بِدْعَةً

الإِْبَانَةُ

الإِْبَانَةُ مَصْدَرُ أَبَانَ، وَمِنْ مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ الإِْظْهَارُ وَالْفَصْل. وَقَال صَاحِبُ الْمُحْكَمِ: الْقَطْعُ إِبَانَةُ أَجْزَاءِ الْجِرْمِ. وَالإِْبَانَةُ بِمَعْنَى الْفَصْل، مُرَادِفَةٌ لِلتَّفْرِيقِ. 

 وَأَغْلَبُ تَنَاوُل الْفُقَهَاءِ لَهَا بِمَعْنَى الْفَصْل وَالْقَطْعِ. وَإِبَانَةُ الزَّوْجَةِ تَكُونُ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ أَوِ الْخُلْعِ، وَحِينَئِذٍ تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، وَلَا يَحِقُّ لِلزَّوْجِ مُرَاجَعَتُهَا إِلَاّ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ

الإِْبَاقُ

الإِْبَاقُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَبَقَ الْعَبْدُ - بِفَتْحِ الْبَاءِ - يَأْبِقُ وَيَأْبُقُ، بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا، أَبْقًا وَإِبَاقًا، بِمَعْنَى الْهَرَبِ

وَالإِْبَاقُ خَاصٌّ بِالإِْنْسَانِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَبْدًا أَمْ حُرًّا.

وَفِي الاِصْطِلَاحِ: انْطِلَاقُ الْعَبْدِ تَمَرُّدًا مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا كَدٍّ فِي الْعَمَل. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ إِمَّا هَارِبٌ، وَإِمَّا ضَالٌّ وَإِمَّا فَارٌّ

لَكِنْ قَدْ يُطْلِقُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لَفْظَ الآْبِقِ عَلَى مَنْ ذَهَبَ مُخْتَفِيًا مُطْلَقًا لِسَبَبٍ أَوْ غَيْرِهِ

‌‌الصِّحَّةُ

 الصِّحَّةُ هِيَ مُوَافَقَةُ الْفِعْل ذِي الْوَجْهَيْنِ لِلشَّرْعِ

وَمَعْنَى كَوْنِهِ ذَا وَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَقَعُ تَارَةً مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ، لاِشْتِمَالِهِ عَلَى الشُّرُوطِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ، وَيَقَعُ تَارَةً أُخْرَى مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ. وَالإِْبَاحَةُ الَّتِي فِيهَا تَخْيِيرٌ بَيْنَ الْفِعْل وَالتَّرْكِ مُغَايِرَةٌ لِلصِّحَّةِ. وَهُمَا وَإِنْ كَانَا مِنَ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، إِلَاّ أَنَّ الإِْبَاحَةَ حُكْمٌ تَكْلِيفِيٌّ، وَالصِّحَّةَ حُكْمٌ وَضْعِيٌّ

‌‌الْحِل

‌‌الْحِل أَعَمُّ مِنْ الإِْبَاحَةُ شَرْعًا؛ لأَِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَا سِوَى التَّحْرِيمِ، وَقَدْ جَاءَ مُقَابِلاً لَهُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}

‌‌الْجَوَازُ

إِنَّ الْجَائِزَ يُطْلَقُ عَلَى خَمْسَةِ مَعَانٍ: الْمُبَاحِ، وَمَا لَا يَمْتَنِعُ شَرْعًا، وَمَا لَا يَمْتَنِعُ عَقْلاً، أَوْ مَا اسْتَوَى فِيهِ الأَْمْرَانِ، وَالْمَشْكُوكُ فِي حُكْمِهِ.

وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ الْجَوَازَ فِيمَا قَابَل الْحَرَامَ، فَيَشْمَل الْمَكْرُوهَ