الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 3 مارس 2022

الطعن 31874 لسنة 85 ق جلسة 22 / 11 / 2017 مكتب فني 68 ق 112 ص 1043

جلسة 22 من نوفمبر سنة 2017 
برئاسة السيد القاضي/ هاني مصطفي كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين ، إبراهيم عبد الله ، علي عبد البديع وسامح أبو باشا نواب رئيس المحكمة .
--------------

(112)

الطعن رقم 31874 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى لما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة . المادة 310 إجراءات جنائية .

(2) اشتراك . تزوير " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم" تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الاشتراك في جرائم التزوير . تمامه : دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة . كفاية اعتقاد المحكمة حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام سائغاً . النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد . جدل موضوعي . لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

مثال لتدليل سائغ على ثبوت الاشتراك في جريمة التزوير .

(3) تزوير " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

القصد الجنائي في جريمة التزوير. موضوعي . تحدث الحكم عنه صراحة واستقلالاً . غير لازم . ما دام ما أورده من وقائع ما يدل عليه.

مثال .

(4) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . ما لم يقيده القانون بدليل معين .

تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

مثال .

(5) تزوير " استعمال أوراق مزورة " . عقوبة " العقوبة المبررة" . نقض " المصلحة في الطعن ".

نعي الطاعن على الحكم بالقصور بشأن جريمة استعمال المحرر المزور . غير مجد . ما دامت العقوبة الموقعة مبررة بثبوت ارتكابه جريمة التزوير .

(6) إثبات " خبرة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

إثارة الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول .

تعيين المحكمة خبيراً في دعاوي التزوير . غير لازم . متي كان الأمر ثابتاً لديها من أدلة أخرى .

مثال .

(7) دفوع " الدفع ببطلان الإجراءات " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إيراد الحكم بمدوناته اطلاع المحكمة علي المستندات المزورة وعرضها علي الطاعن ومحاميه . الدفع ببطلان الإجراءات . غير مقبول . علة ذلك ؟

إثبات المحكمة ماهية الأوراق المزورة التي تحتوي عليها الأحراز بمحضر الجلسة أو في صلب الحكم . غير لازم .

(8) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

تقدير جدية التحريات . موضوعي .

للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .

ترديد التحريات لما أبلغ به المجني عليه . لا ينال من صحتها . علة ذلك ؟

(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً مبيناً ما يرمي إليه مقدمه . علة ذلك ؟

(10) أمر الإحالة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

عدم إسناد الحكم للطاعن تهماً جديدة لم ترد بأمر الإحالة . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .

(11) حكم " بيانات الديباجة" . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".

خطأ الحكم فيما نقله في ديباجته من وصف النيابة العامة للتهم المسندة إلى الطاعن . خطأ مادي . لا يعيبه . حد ذلك ؟

(12) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الطلب الجازم . ماهيته ؟

مثال .

(13) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

مثال .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بالإفادات الواردة من الهيئة العامة للتعمير ومكتب توثيق .... وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وسرَدَ مضمونَها ومؤداها في بيانٍ وافٍ وكافٍ ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استندت إليها المحكمة ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .

2- من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بيَّنها الحكمُ وكان ما أورده الحكم من أدلة وقرائن سائغاً وكافياً في التدليل على ثبوت جريمة الاشتراك في التزوير التي دان الطاعن بها فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في التسبيب وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن جدلاً موضوعياً لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .

3- لما كان القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مقام التدليل على توافر جرائم الاشتراك في التزوير في محررات واستعمالها وما استدل به على علمه بالتزوير تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجرائم التي دانه بها.

4- لما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يُكوِّن عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وإذ كان القانون الجنائي لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وكان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت الاشتراك في جرائم التزوير في محررات رسمية وعرفية واستعمالها واستعمال أختام مقلدة التي دان الطاعن بها فإن هذا حسبه ليبدأ من قالة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال .

5- لما كان لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم بالقصور في التدليل على جريمة استعمال المحرر المزور ما دامت العقوبة التي أنزلها به الحكم مبررة بثبوت ارتكابه جريمة التزوير .

6- لما كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أمام المحكمة شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشان مناقشة موظفي مكتب توثيق شهر عقاري .... وكذلك بشأن الأختام ولم يطلب من المحكمة ندب خبير للتحقيق من أن تلك الأختام مقلدة من عدمه ، ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه محض دفاع موضوعي هذا فضلاً عن أن المحكمة غير ملزمة قانوناً بأن تعيين خبيراً في دعاوى التزوير متى كان الأمر ثابتاً لديها مما يقوم في الدعوى من أدلة أخرى - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله .

7- لما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة اطلعت على المستندات المزورة وعرضتها على المتهم ومحاميه ، وكانت ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في إثبات إجراءات المحاكمة وكان الأصل أن الإجراءات روعيت ، فإن ما يثيره الطاعن من بطلان الإجراءات في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت ماهية الأوراق المزورة التي تحتوى عليها الأحراز ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة أو في صلب الحكم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .

8- لما كان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة هذا فضلاً عن أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

9- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطاعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين التحريات وأقوال شهود الإثبات الذين أشار إليهم بل ساق قولاً مجهلاً فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .

10- لما كان الحكم لم يسند إلى الطاعن تهماً جديدة لم ترد بأمر الإحالة خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه ، ومن ثم يكون منعى الطاعن غير مقبول .

11- لما كان الواضح من سياق الحكم أن المحكمة قد استخلصت من أقوال الشهود ومن التحريات أن الطاعن اشترك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها ، وكذا استعمال أختام مقلدة ، والنصب فإن خطأ الحكم فيما نقله في ديباجته من وصف النيابة العامة للتهم المسندة إلى الطاعن لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي ولا يؤثر على سلامة استدلال الحكم ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .

12- من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ولما كان البين من محضر جلسة .... أن المدافع عن الطاعن طعن بالتزوير على عقد البيع المؤرخ .... كما طلب التصريح باستخراج مستندات من الهيئة العامة لمشروعات التعمير وصرحت له المحكمة ، ولما كان البيّن من محضر جلسة .... التي تمت فيها المرافعة واختتمت بإصدار المحكمة حكمها أن المدافع الثاني الحاضر مع المتهم طلب استكتاب المتهم إلا أن المدافع الأول الحاضر مع المتهم أتم مرافعته في الدعوى دون أن يصر عل هذين الطلبين في طلباته الختامية مما يفقدهما خصائص الطلب الجازم ، فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن هذين الطلبين ولم تجبه أو ترد عليه ، ومن ثمَّ يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد .

13- من المقرر أنه ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي لم يعرض لها الحكم ، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

- ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو شهادة منسوب صدورها للهيئة العامة لمشروعات التعمير.

- ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو توكيل رسمي عام كما هو مبين بأمر الإحالة .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الورادين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 ، 3 ، 41 ، 206/3 ، 211 ، 212 ، 214 ، 215 ، 336/1 من قانون العقوبات ، وبعد إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة .... بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة .

فطعن المحكوم عليه بشخصه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ ـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها ، واستعمال أختام مزورة والنصب قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ورانه البطلان ذلك أن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً ولم يدلل على توافر عناصر الاشتراك في حقه والقصد الجنائي لديه تأسيساً على انتفاء علمه بتزوير المحررات معولاً على أقوال شهود الاثبات رغم أنها لا تدلل بذاتها على علمه بتزوير المحررات الرسمية وأن الحكم قد دانه بجريمة استعمال محررات مزورة رغم دفاعه بانتفائها فضلاً عن أنها لم تناقش موظفي مكتب توثيق شهر عقاري .... بشأن مدى صحة أختام التوكيل الرسمي المدعى تزويره هذا إلى أن الأوراق قد خلت من دليل فني وأن المحكمة لم تطلع على المحررات المزورة وتُثبت ماهيتها ، واستند الحكم على تحريات المباحث رغم أنها مجرد ترديد لأقوال المجني عليه وتناقضها مع أقوال شاهدي الإثبات الثالث والرابع ملتفتاً عن دفعه بانعدامها وأسند له تهماً جديدة لم ترد بأمر الإحالة بما يخالف الثابت بديباجة الحكم وأنه تمسك بالطعن بالتزوير على العقد المؤرخ .... إلا أن المحكمة لم تعرض لهذا الدفع إيراداً ورداً ، كما أنه طلب منها التصريح له باستخراج مستندات من الهيئة العامة للتعمير ولم تجبه إلى طلبه رغم تأجيل نظر الدعوى لاستخراجها، وأخيراً فإنها أغفلت إيراد المستندات المقدمة منه تأييداً لدفعه. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بالإفادات الواردة من الهيئة العامة للتعمير ومكتب توثيق .... وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وسرَدَ مضمونَها ومؤداها في بيانٍ وافٍ وكافٍ ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استندت إليها المحكمة ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بيَّنها الحكمُ وكان ما أورده الحكم من أدلة وقرائن سائغاً وكافياً في التدليل على ثبوت جريمة الاشتراك في التزوير التي دان الطاعن بها فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في التسبيب وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن جدلاً موضوعياً لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مقام التدليل على توافر جرائم الاشتراك في التزوير في محررات واستعمالها وما استدل به على علمه بالتزوير تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجرائم التي دانه بها . لما كان ذلك ، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يُكوِّن عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وإذ كان القانون الجنائي لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه وكان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت الاشتراك في جرائم التزوير في محررات رسمية وعرفية واستعمالها واستعمال أختام مقلدة التي دان الطاعن بها فإن هذا حسبه ليبدأ من قالة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم بالقصور في التدليل على جريمة استعمال المحرر المزور مادامت العقوبة التي أنزلها به الحكم مبررة بثبوت ارتكابه جريمة التزوير . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر أمام المحكمة شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشان مناقشة موظفي مكتب توثيق شهر عقاري .... وكذلك بشأن الأختام ولم يطلب من المحكمة ندب خبير للتحقيق من أن تلك الأختام مقلدة من عدمه ، ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه محض دفاع موضوعي هذا فضلاً عن أن المحكمة غير ملزمة قانوناً بأن تعيين خبيراً في دعاوى التزوير متى كان الأمر ثابتاً لديها مما يقوم في الدعوى من أدلة أخرى - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة اطلعت على المستندات المزورة وعرضتها على المتهم ومحاميه ، وكانت ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في إثبات إجراءات المحاكمة وكان الأصل أن الإجراءات روعيت ، فإن ما يثيره الطاعن من بطلان الإجراءات في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت ماهية الأوراق المزورة التي تحتوى عليها الأحراز ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة أو في صلب الحكم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة هذا فضلاً عن أنه لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطاعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين التحريات وأقوال شهود الإثبات الذين أشار إليهم بل ساق قولاً مجهلاً فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يسند إلى الطاعن تهماً جديدة لم ترد بأمر الإحالة خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه ، ومن ثم يكون منعى الطاعن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الواضح من سياق الحكم أن المحكمة قد استخلصت من أقوال الشهود ومن التحريات أن الطاعن اشترك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها ، وكذا استعمال أختام مقلدة ، والنصب فإن خطأ الحكم فيما نقله في ديباجته من وصف النيابة العامة للتهم المسندة إلى الطاعن لا يعدو أن يكون من قبيل الخطأ المادي ولا يؤثر على سلامة استدلال الحكم ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ولما كان البين من محضر جلسة .... أن المدافع عن الطاعن طعن بالتزوير على عقد البيع المؤرخ .... كما طلب التصريح باستخراج مستندات من الهيئة العامة لمشروعات التعمير وصرحت له المحكمة ، ولما كان البين من محضر جلسة .... التي تمت فيها المرافعة واختتمت بإصدار المحكمة حكمها أن المدافع الثاني الحاضر مع المتهم طلب استكتاب المتهم إلا أن المدافع الأول الحاضر مع المتهم أتم مرافعته في الدعوى دون أن يصر عل هذين الطلبين في طلباته الختامية مما يفقدهما خصائص الطلب الجازم ، فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن هذين الطلبين ولم تجبه أو ترد عليه ، ومن ثمَّ يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي لم يعرض لها الحكم ، حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 39340 لسنة 85 ق جلسة 22 / 11 / 2017 مكتب فني 68 ق 113 ص 1052

جلسة 22 من نوفمبر سنة 2017

(1) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .

لمأموري الضبط ومرؤوسيهم التخفي وانتحال الصفات فيها يقومون به من تحري عن الجرائم . مسايرتهم للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها . لا يعد تحريضاً عليها . حد ذلك ؟

القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . ما دام سائغاً .

سعي الضابط للحصول على إذن من النيابة العامة لضبط الطاعن وتفتيشه . غير لازم . ما دام قد أوجد نفسه طواعية بحالة تلبس .

مثال سائغ لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش .

(2) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟

تعويل الحكم على أقوال ضابط الواقعة . صحيح . ما دام انتهى لصحة إجراءات القبض والتفتيش .

(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

        استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

        تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .

سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .

        أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشاهد . مفاده ؟

  عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها استقلالاً . استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.

مثال .

(4) مواد مخدرة . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .

إحراز المخدر بقصد الإتجار . واقعة مادية . تقديرها . موضوعي . ما دام سائغاً .

(5) مواد مخدرة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

النعي بعدم وجود حرز المبلغ النقدي موضوع محاولة شراء المخدر . غير مجد . ما دام أن الحكم لم يعول عليه في قضائه .

(6) فاعل أصلي . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

نعي الطاعن على الحكم عدم استظهاره اتفاقه مع المحكوم عليه الآخر . غير مقبول . ما دام أنه دانه باعتباره فاعلاً أصلياً .

(7) إثبات " إقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

  إيراد الحكم من إقرار الطاعن بالتحقيقات ما يحقق مراد الشارع في المادة 310 إجراءات جنائية من بيان مؤدى أدلة الإدانة . لا قصور .

(8) إثبات " اعتراف " . إكراه . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " .

لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً . عدم التزامها نص اعتراف المتهم وظاهره . لها تجزئته وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها .

الاعتراف في المسائل الجنائية . لمحكمة الموضوع تقدير صحته وقيمته في الإثبات والأخذ به في أي دور من أدوار التحقيق وإن عُدل . ما دامت قد اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع .

كون كاتب التحقيق بالنيابة أمين شرطة . لا يعد إكراهاً مبطلاً للاعتراف .

(9) إثبات "أوراق رسمية" . دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".

للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.

(10) قانون " تفسيره " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

المادة 124 إجراءات جنائية . مفادها ؟

نعي الطاعن ببطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم حضور محام معه إجراءات التحقيق . غير مقبول . ما دام لم يزعم أنه عين محامياً لحضور استجوابه أو أن محاميه قد تقدم مقرراً الحضور .

(11) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم . علة ذلك ؟

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .

مثال .

(12) إثبات " إقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

النعي بشأن إقرار الطاعن بمحضر الضبط المدعى ببطلانه . غير مقبول . ما دام أن الحكم لم يستند إليه في الإدانة .

(13) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " المصلحة في الطعن " .

   لمحكمة الموضوع أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز .

    النعي بشأن عدم جدية التحريات . غير مجد . ما دامت الجريمة متلبس بها بما يبيح القبض والتفتيش .

(14) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته أو انتفاء صلة المتهم بالمخدر المضبوط . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً من الحكم . استفادته ضمناً من قضاءه بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها .

   الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(15) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

إيراد الحكم اسم الطاعن لدى تحصيله لواقعة الدعوى مغايراً لاسمه الحقيقي . لا يعيبه . ما دام لم ينازع في كونه اسمه الصحيح وأنه هو المعني بالاتهام .

(16) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

خطأ الحكم في بيان اسم المحامي المترافع عن الطاعن . لا يعيبه . طالما لم يؤثر في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها .

(17) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

مثال .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد الإتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي وإقرار الطاعن بالتحقيقات . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بما مفاده أن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية أن لقاء الضابط بالطاعن جرى في حدود إجراءات التحري المشروعة قانوناً وأن القبض على الطاعن وضبط المخدر المعروض للبيع تم بعدما كانت جناية بيع هذا المخدر متلبساً بها بعد أن أجرى ضابط الواقعة محاولة شراء وتيقنه أن المادة محل البيع هي لمسحوق الهيروين ، ولما كان من المقرر أنه لا تثريب على مأمور الضبط القضائي ومرؤوسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافي القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة وما دام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة ، وإذ كان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس التي يبيحها ، كما أنه لما كان الطاعن قد أوجد نفسه طواعية في أظهر حال من حالات التلبس ، فإن قيام الضابط بضبطه وتفتيشه يكون صحيحاً منتجاً لأثره ولا عليه إن هو لم يسع للحصول على إذن من النيابة العامة بذلك إذ لم يكن في حاجة إليه ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .

2- من المقرر الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ، ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير قويم .

3- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، كما أن التناقض في أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويرة للواقعة وحصلت أقواله بما لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لأقوال شاهد الإثبات وفي صورة الواقعة بدعوى الاستحالة في ظروف الزمان والمكان التي حصل فيها الضبط ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ولا عليها إن هي التفتت عما أبداه الطاعن من دفاع موضوعي ، ذلك أن أخذ المحكمة بشهادة ضابط الواقعة - شاهد الإثبات - يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله .

4- من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الإتجار هو واقعة مادية يستقل بها قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .

5- لما كان الحكم لم يعول في قضائه على المبلغ النقدي موضوع محاولة الشراء ، فإنه غير مجدي ما يثيره الطاعن من عدم وجود حرز ذلك المبلغ ضمن أحراز الدعوى .

6- لما كان الحكم المطعون فيه دان الطاعن باعتباره فاعلا أصليا في الجريمة المسندة إليه وليس شريكاً فيها ، ومن ثم يضحى منعاه بعدم استظهار اتفاقه مع المحكوم عليه الآخر على ارتكاب الجريمة غير قويم .

7- لما كان الحكم بعد أن أورد واقعة الدعوى وحصل أقوال شاهد الإثبات بما يتلاءم وتصويرها ، أردف ذلك بتحصيل إقرار الطاعن في قوله : - " وبسؤال المتهم الأول .... بتحقيقات النيابة أقر بإحرازه للمخدر بقصد الإتجار وأنكر المتهم الثاني ما نسب إليه " ، فإن ما أورده الحكم - فيما سلف - بالنسبة لإقرار الطاعن يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة بما ينحسر به عن الحكم المطعون فيه دعوى القصور في هذا الصدد .

8- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، إذ هي ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل أن لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه ، ومتى كانت محكمة الموضوع قد عرضت لما أبداه الطاعن وأفصحت عن اطمئنانها إلى اعترافه بتحقيق النيابة فهذا يكفي ، ولو صح ما يثيره الطاعن من أن كاتب التحقيق كان - أمين شرطة - لأن مجرد حصول ذلك لا يعدو قرين الإكراه المبطل لاعترافه لا معناً ولا حكماً ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .

9- من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات التي أشار إليها الطاعن بأسباب طعنه يكون غير سديد .

10- لما كانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية توجب على المتهم في غير أحوال التلبس أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان ، وإذ لم يزعم الطاعن أنه عين محامياً عنه وقت استجوابه أو أن محاميه تقدم للمحقق مقرراً الحضور معه وقت هذا الاستجواب ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس من القانون .

11- من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها ، ومن ثم فإن تعييب التحقيق الذي أجرته النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم ، لأن العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة ، ومادامت المحكمة قد استخلصت من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث اقتناعها وعقيدتها بشأن واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان تحقيقات النيابة لخلوها من اسم وكيل النيابة وساعة بدء التحقيق ولعدم سؤالها ضابط الواقعة عن أسماء أفراد القوة المرافقة له وعددهم ودورهم يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سائر طلبات التحقيق التي أشار إليها في أسباب طعنه فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها .

12- لما كان البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من - إقرار الطاعن بمحضر الضبط المدعى ببطلانه - وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .

13- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير مقبول ، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى مما يثيره الطاعن من عدم جدية التحريات ما دامت الجريمة في حالة تلبس تخول الضابط القبض عليه وتفتيشه ، ومن ثم يكون منعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد .

14- لما كان الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته أو انتفاء صلة المتهم بالمخدر المضبوط من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

15- لما كان إيراد الحكم لاسم الطاعن في تحصيله لواقعة الدعوى باسم يغاير الاسم الحقيقي على نحو ما أشار إليه الطاعن بأسباب طعنه لا يعيب الحكم ما دام لم ينازع في أنه هو الاسم الصحيح له ، وأنه هو المعني بالاتهام ، ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.

16- لما كان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم المطعون فيه في بيان اسم المحامي المترافع عنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر في منطق الحكم أو النتيجة التي انتهى إليها، ومن ثم يضحى هذا النعي غير سديد .

17- من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين ماهية الخلاف بين مواد القانون التي أوردها الحكم وما جاء بأمر الإحالة ، فإن ما يثيره في هذا الوجه يكون غير مقبول .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائــــع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما :

 – المتهم الأول ( الطاعن ) : أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً " الهيروين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

- المتهم الثاني : حاز بواسطة المتهم الأول بقصد الإتجار جوهراً مخدراً " الهيروين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 7/1 ، 34/1 بند أ ، 2 بند 6 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول ، وبعد إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريم كل منهما مبلغ مائتي ألف جنيه عما أسند إليهما ومصادرة المخدر المضبوط .

فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض في ... إلخ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد الإتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد ، ذلك بأنه اطرح برد غير سائغ الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة من حالات التلبس ، واختلاق ضابط الواقعة لهذه الحالة في تصوير لا يتفق مع العقل والمنطق ، وعول الحكم على الدليل المستمد من هذا الإجراء رغم بطلانه وبطلان الآثار المترتبة عليه ، واعتنق تصوير شاهد الإثبات - ضابط الواقعة - رغم عدم معقوليته إذ لا يتصور قيام الطاعن بالإتجار بالمخدر في الطريق العام بحالة ظاهرة ، كما قام دفاعه على عدم معقولية الواقعة واستحالة حدوثها وفق تصوير ضابط الواقعة وبتناقض أقواله وانفراده بالشهادة وأن لها صورة أخرى رواها الطاعن في التحقيقات ونازع في مكان وزمان ضبطه إلا أن المحكمة أغفلت ذلك الدفاع ولم تجر المحكمة تحقيقاً تستجلي به حقيقة الواقعة ، كما لم يدلل الحكم على توافر قصد الإتجار لديه ، وخلت الأوراق من حرز المبلغ النقدي موضوع محاولة الشراء ، ولم يستظهر الحكم اتفاقه على ارتكاب الجريمة مع المحكوم عليه الآخر ، ولم يورد مؤدى اعتراف الطاعن على نحو مفصل وتساند إليه رغم عدم مطابقته للواقع واجتزأ منه ما يبرر به قضاءه بالإدانة ، كما اطرح الحكم بما لا يسوغ دفعه ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة العامة لصدوره تحت تأثير إكراه معنوي كون كاتب التحقيق - أمين شرطة - فضلاً عن عدوله عن اعترافه أمام المحكمة معرضاً عن المستندات المقدمة منه في هذا الشأن ، كما دفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم حضور محام معه إجراءات التحقيق ولخلوها من ساعة بدء التحقيق واسم وكيل النيابة وعدم سؤال ضابط الواقعة عن أسماء أفراد القوة المرافقة له وعددهم ودورهم إلا أن المحكمة اطرحت دفعه هذا بما لا يسوغ اطراحه ولم تعن بتحقيقه ، كما لم يعرض الحكم لدفاع الطاعن ببطلان الإقرار المنسوب إليه بمحضر الضبط وبعدم جدية التحريات وبكيدية الاتهام وتلفيقه وانتفاء صلته بالمخدر المضبوط ، وأسند للطاعن اعترافه بإحرازه للمضبوطات بقصد الإتجار خلافاً لما هو ثابت بالأوراق ، كما أورد الحكم في تحصيله لواقعة الدعوى اسماً للطاعن يغاير اسمه الحقيقي ، كما أخطأ في بيان اسم المحامي المدافع عنه ، وأخيراً أورد مواد قانون تخالف المواد الواردة بأمر الإحالة ، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد الإتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي وإقرار الطاعن بالتحقيقات . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بما مفاده أن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية أن لقاء الضابط بالطاعن جرى في حدود إجراءات التحري المشروعة قانوناً وأن القبض على الطاعن وضبط المخدر المعروض للبيع تم بعدما كانت جناية بيع هذا المخدر متلبساً بها بعد أن أجرى ضابط الواقعة محاولة شراء وتيقنه أن المادة محل البيع هي لمسحوق الهيروين ، ولما كان من المقرر أنه لا تثريب على مأمور الضبط القضائي ومرؤوسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ، فمسايرة رجال الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافي القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة ما دام أن إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدومة وما دام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة ، وإذ كان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس التي يبيحها ، كما أنه لما كان الطاعن قد أوجد نفسه طواعية في أظهر حال من حالات التلبس ، فإن قيام الضابط بضبطه وتفتيشه يكون صحيحاً منتجاً لأثره ولا عليه إن هو لم يسع للحصول على إذن من النيابة العامة بذلك إذ لم يكن في حاجة إليه ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ، ويكون منعي الطاعن في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، كما أن التناقض في أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويرة للواقعة وحصلت أقواله بما لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لأقوال شاهد الإثبات وفي صورة الواقعة بدعوى الاستحالة في ظروف الزمان والمكان التي حصل فيها الضبط ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ولا عليها إن هي التفتت عما أبداه الطاعن من دفاع موضوعي ، ذلك أن أخذ المحكمة بشهادة ضابط الواقعة - شاهد الإثبات - يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك مادام يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان إحراز المخدر بقصد الإتجار هو واقعة مادية يستقل بها قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يعول في قضائه على المبلغ النقدي موضوع محاولة الشراء، فإنه غير مجدي ما يثيره الطاعن من عدم وجود حرز ذلك المبلغ ضمن أحراز الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه دان الطاعن باعتباره فاعل أصلي في الجريمة المسندة إليه وليس شريكاً فيها، ومن ثم يضحى منعاه بعدم استظهار اتفاقه مع المحكوم عليه الآخر على ارتكاب الجريمة غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الحكم بعد أن أورد واقعة الدعوى وحصل أقوال شاهد الإثبات بما يتلاءم وتصويرها ، أردف ذلك بتحصيل إقرار الطاعن في قوله : " وبسؤال المتهم الأول .... بتحقيقات النيابة أقر بإحرازه للمخدر بقصد الإتجار وأنكر المتهم الثاني ما نسب إليه " . فإن ما أورده الحكم - فيما سلف - بالنسبة لإقرار الطاعن يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة بما ينحسر به عن الحكم المطعون فيه دعوى القصور في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، إذ هي ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل أن لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها ولها أن تأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للواقع ولو عدل عنه ، ومتى كانت محكمة الموضوع قد عرضت لما أبداه الطاعن وأفصحت عن اطمئنانها إلى اعترافه بتحقيق النيابة فهذا يكفي ، ولو صح ما يثيره الطاعن من أن كاتب التحقيق كان - أمين شرطة - لأن مجرد حصول ذلك لا يعدو قرين الإكراه المبطل لاعترافه لا معناً ولا حكماً ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات التي أشار إليها الطاعن بأسباب طعنه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية توجب على المتهم في غير أحوال التلبس أن يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان، وإذ لم يزعم الطاعن أنه عين محامياً عنه وقت استجوابه أو أن محاميه تقدم للمحقق مقرراً الحضور معه وقت هذا الاستجواب ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس من القانون . لما كان ذلك ، وكان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها ، ومن ثم فإن تعييب التحقيق الذي أجرته النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم ، لأن العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة ، وما دامت المحكمة قد استخلصت من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث اقتناعها وعقيدتها بشأن واقعة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان تحقيقات النيابة لخلوها من اسم وكيل النيابة وساعة بدء التحقيق ولعدم سؤالها ضابط الواقعة عن أسماء أفراد القوة المرافقة له وعددهم ودورهم يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سائر طلبات التحقيق التي أشار إليها في أسباب طعنه فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . لما كان ذلك ، وكان البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من - إقرار الطاعن بمحضر الضبط المدعى ببطلانه - وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي واعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير مقبول ، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى مما يثيره الطاعن من عدم جدية التحريات ما دامت الجريمة في حالة تلبس تخول الضابط القبض عليه وتفتيشه ، ومن ثم يكون منعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الدفع بتلفيق الاتهام وكيديته أو انتفاء صلة المتهم بالمخدر المضبوط من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان إيراد الحكم لاسم الطاعن في تحصيله لواقعة الدعوى باسم يغاير الاسم الحقيقي على نحو ما أشار إليه الطاعن بأسباب طعنه لا يعيب الحكم ما دام لم ينازع في أنه هو الاسم الصحيح له ، وأنه هو المعني بالاتهام ، ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم المطعون فيه في بيان اسم المحامي المترافع عنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر في منطق الحكم أو النتيجة التي انتهى إليها ، ومن ثم يضحى هذا النعي غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في قضاء محكمة النقض أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين ماهية الخلاف بين مواد القانون التي أوردها الحكم وما جاء بأمر الإحالة ، فإن ما يثيره في هذا الوجه يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ