الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 19 فبراير 2022

الطعن 11712 لسنة 88 ق جلسة 10 / 3 / 2021

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

دائرة الأربعاء (ه)

-----

المؤلفة برئاسة السيد القاضي / هانى مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / إبراهيم عبد الله و عبد النبى عز الرجال محمد عبد الله الجندي و صابر جمعة نواب رئيس المحكمة

وبحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد فوده .

وأمين السر السيد / حازم خيرى.

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.

في يوم الأربعاء 26 من رجب سنة 1442ه الموافق 10 من مارس سنة 2021م

أصدرت الحكم الآتي :-

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 11712 لسنة 88 قضائية.
المرفوع من
...... ( الطاعن )
ضد
النيابة العامة ( المطعون ضدها )

--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة في قضية الجناية رقم 882 لسنة 2014 مركز تمى الأمديد ( والمقيدة بالجدول الكلى برقم 49 لسنة 2014 جنوب المنصورة ) بوصف أنها في خلال الفترة من 1 من يناير سنة 2010 وحتى 25 من يوليه سنة 2013 بدائرة مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية ...
أولاً : بصفتها موظفاً عاماً ومن الصيارفة [ مندوب صرف معاشات تمثل التأمينات والمعاشات بتمي الأمديد مركز السنبلاوین " الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي " ] اختلست مبلغ 1033788٫85 جنيهاً " مليون وثلاثة وثلاثون ألف وسبعمائة وثمانية وثمانون جنيهاً وخمسة وثمانون قرشاً والمملوك لجهة عملها والمسلَّمة إليها بسبب وظيفتها وبصفتها آنفتی البيان ولصرفه لمستحقين إلا أنها اختلسته لنفسها إضراراً بأموال ومصالح لجهة عملها على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
وقد ارتبطت تلك الجناية بجنایتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر : ارتكبت تزويراً في محررات رسمية منسوبة لجهة عملها ومن كشوف صرف المعاشات بمعرفتها وكان ذلك بالاشتراك مع آخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة وبضع إمضاءات وأختام مزوَّرة وبجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة حال تأديته والمختص بوظيفته - إثبات صرف مبالغ المعاشات لمستحقيها حال كونهم متوفين في تاريخ صرفها وتزيلها من المجهول بتوقيعات أختام نُسبت زوراً إليهم بالمخالفة للحقيقة واستعملت تلك المحررات المزوَّرة فهي زُورت من أجله مع علمها بتزويرها بأن قدمتها لجهة عملها محتجة بصحَّة ما دُون بها زوراً ولإعمال أثرها ستراً لواقعة اختلاسها بالمبلغ المالي آنف البيان على النحو المبين بالتحقيقات وهو الأمر المعاقب عليه بالمواد 211 ، 213 ، 214 من قانون العقوبات .
ثانياً : بصفتها آنفة البيان حصلت لنفسها بدون وجه حق على ربح من أعمال وظيفتها بأن ارتكبت الجناية موضوع الوصف السابق ممَّا ترتب على ذلك تحصلها بدون وجه حق تمثلت على المبلغ المالي آنف البيان والمملوك لجهة عملها على النحو المبين بالتحقيقات .
ثالثا : بصفتها آنفة البيان أضرَّت عمداً بأموال ومصالح جهة عملها بأن ارتكبت الجناية موضوع الوصف أولاً وثانياً ممَّا ترتب على ذلك ضرراً تمثل في ضياع مبلغ 1194887.61 " مليون ومائة وأربعة وتسعون الف وثمانی مائة وسبعة وثمانون جنيهاً وواحد وستون قرشا " قيمة المبلغ المختلس مضافاً إليه الفائدة المستحقة عليها والمملوك لجهة عملها على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
وأحالتها إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادَّعت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مدنياً قِبل المتهمة بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت ، حضورياً ، في 12 من فبراير سنة 2018 ، وعملاً بالمواد 30 ، 112/1 ، 2 بند أ ، ب ، 115 ، 116 مكرر/1 ، 118 ، 118 مكرر ، 119/ ب ، 119 مكرر/ أ من قانون العقوبات وبعد استعمال المادتان 17 ، 32 من ذات القانون ، بمعاقبة راوية شحاته المرسى محمد بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عمَّا أُسند إليها مع إلزامها برد مبلغ 1033788.85 " مليون وثلاثة وثلاثون ألف وسبعمائة وثمانية وثمانون جنيهاً وخمسة وثمانون قرشاً " وتغريمها لمبلغ مساوي لقيمة ما اختلسته مع نشر الحكم فى جريدة الأهرام اليومية على نفقة المحكوم عليها والعزل لمدة سنة واحدة مع إلزامها بالمصاريف الجنائية .
فطعنت المحكوم عليها – بشخصها – في هذا الحكم بطريق النقض في 17 من فبراير سنة 2018 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن الطاعنة في 12 من أبريل سنة 2018 موقعٌ عليها من الأستاذ / محمد عبد السلام سلامة [ المحامي ] .
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مُبيَّن بمحضر الجلسة .

------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :-
حيث إنَّ الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إنَّ الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنَّه إذ دانها بجرائم الاختلاس حال كونها موظف عام ومن الصيارفة المرتبطة بجريمتي الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والحصول لنفسها على ربح من أعمال وظيفتها بدون وجه حق والإضرار العمد بأموال ومصالح جهة عملها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والبطلان ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنَّه اعتوره الغموض والإبهام والإجمال ولم يبين الواقعة بياناً تتحقق به أركان جريمة الاختلاس التي دانها بها ولم يورد مضمون الأدلة التي عوَّل عليها في بيانٍ كافٍ إذ اكتفى في بيان ذلك بما ورد في وصف الاتهام ، ولم يستظهر عناصر الاشتراك في التزوير وركن القصد الجنائي في تلك الجريمة ولم يدلل على توافرهما بأسباب سائغة ، واستند فيما استند إليه إلى تقرير لجنة الجرد دون أن يورد الأسانيد المؤدية إلى تلك النتيجة وعوَّل عليه في إدانتها رغم أنَّ أحد أعضائها تحيط به مظنَّة الاتهام ممَّا يبعث على الشك فيه سيَّما وأنَّ ما وقع من الطاعنة لا يعدو أن يكون مجرد إهمال في العمل ، فضلاً عن انتفاء رابطة السببية بين الأفعال التي قارفها الطاعنة وبين وقوع جريمة الاختلاس بدلالة المستندات المقدَّمة منها بجلسة المحاكمة ، كما عوَّل الحكم في الإدانة على أقوال الشاهد / عبد الغفار إسماعيل عبد الغفار رغم وجود خصومة بينه وبين الطاعنة بدلالة المستندات المقدمة منها في هذا الشأن والتي لم تحفل بها المحكمة ، وعوَّل في قضائه على رأى لسواه بأن اتخذ من التحريات وأقوال مجريها دليلاً أساسياً في الدعوى واستند إليها رغم أنها جاءت قاصرة وكاذبة ومتناقضة وحال كونها لا تعدو أن تكون رأياً لمجريها تحتمل الصدق والكذب وبالرغم من أنها مجرد ترديد لأقوال الشهود – أعضاء لجنة الجرد – ولم يفصح مجريها عن مصدرها واطرح الدفع بعدم جديَّتها بما لا يصلح لاطراحه ، كما أنَّ المحكمة لم تقم بفض حرز الأوراق المقول بتزويرها في حضور الطاعنة أو محاميها بالجلسة ولم تطلع عليها ولم تثبت بمحضرها ماهية هذه الأوراق ومضمونها وخلا حكمها المطعون فيه ومحاضر الجلسات من إثبات هذا الإجراء رغم جوهريته ، ولم يعنْ بالإشارة إلى ما تضمنه تقرير مكتب خبراء وزراء العدل المودع من أسباب تؤدى إلى براءة الطاعنة رغم تمسكها به ، وأغفل الحكم – إيراداً ورداً – دفاعها القائم على عدم ارتكابها الجرائم المسندة إليها لشواهد عدَّدتها بأسباب طعنها بدلالة المستندات الرسمية المقدمة منها بجلسة المحاكمة ، ممَّا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنَّ الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلَّة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتَّبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصَّتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أنَّ القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – فإنَّ ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وإذ كانت صيغة الاتهام المبيَّنة في الحكم تعتبر جزء منه فيكفى في بيان الواقعة الإحالة عليها ، فإنَّ النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة – بفرض صحته – يكون لا محل له . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد انتهى في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى مسئولية الطاعنة عن المبلغ محل الاختلاس أخذاً بأدلَّة الثبوت التي أوردها ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته من وقائع يفيد بذاته أنَّ الطاعنة قصدت بفعلها إضافة المال المختلس إلى ملكها ، فإنَّ ذلك كافٍ وسائغ في بيان العناصر القانونية لجناية الاختلاس التي قامت في حق الطاعنة . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثمَّ ، يكفى لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بيَّنها الحكم ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، فإنَّ ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن ينحل في الواقع إلى جدل موضوعى لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحةً وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإنَّ النعى على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنَّه أورد مؤدى تقرير لجنة الجرد والتي عوَّل عليه في قضائه بالإدانة ، فإنَّ هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنَّه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثمَّ ، تنتفى عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لمَّا كان ذلك ، وكان الأصل أنَّ تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلَّة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء مادامت قد أخذت بما جاء بها لأنَّ مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، ومن ثم َّ، فإنَّ ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لمَّا كان ذلك ، وكان النعى بأنَّ الواقعة مجرد إهمال في العمل لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها ممَّا تستقل بالفصل فيه بغير معقّب مادام قضاؤها في ذلك سليماً – كحال هذه الدعوى – لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ، مادام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إليه . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وُجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى أقوال شهود الاثبات ومن بينهم الشاهد / عبد الغفار إسماعيل عبد الغفار وعوَّل عليها ، فإنَّ النعى على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة المحكمة في استنباط معتقدها ، ممَّا لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الاثبات وتقرير لجنة الجرد ومن ثمَّ فإنَّه لم يبنْ حكمه على رأى لسواه ويضحى ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر أنَّ لمحكمة الموضوع أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلَّة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما قرره الشهود لأنَّ مفاد ذلك أنَّ مجريها قد تحقق من صدق تلك الأقوال ، كما أنَّه لا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحرى ، فإنَّ ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلَّتها ممَّا تستقل به محكمة الموضوع . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جديَّة التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى جديَّتها ، وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثارته الطاعنة في هذا الخصوص فإنَّ منعاها في هذا الشأن لا يكون له محل . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنة بجرائم الاختلاس والاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والتربح والاضرار العمد وأوقع عليها العقوبة المقررة في القانون للاختلاس باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات للارتباط فإنَّه لا يجدى الطاعنة ما تثيره بشأن عدم اطلاع المحكمة على الأوراق المدَّعى بتزويرها . لمَّا كان ذلك ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أنَّ المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلَّة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأنَّ إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها اطمئناناً إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلَّة التي اعتمدت عليها في حكمها ، وكان الحكم قد اعتمد في قضائه بالإدانة على أقوال الشهود وتقرير لجنة الجرد ، ومن ثمَّ ، فإنَّه لا يعيبه – من بعد – إغفاله الاشارة إلى تقرير مكتب خبراء وزارة العدل – بفرض إيداعه متضمناً ما زعمته الطاعنة – طالما أنه لم يكن بذى أثر في تكوين عقيدة المحكمة ، ممَّا يضحى معه منعى الطاعنة في هذا الشأن غير سديد . لمَّا كان ذلك ، وكان النعى بالتفات الحكم عن دفاع الطاعنة بعدم ارتكابها الجرائم مردوداً بأنَّ نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلَّة الثبوت التي أوردها – كما هو الحال في الدعوى – كما أنَّ لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلَّة القائمة في الدعوى – والتي تكفى لحمل قضائها – ومن ثمَّ فلا على المحكمة إن هي أشاحت عن المستندات التي قدَّمتها الطاعنة تدليلاً على نفى الاتهام أو وجود خصومة بينها وبين أحد الشهود أو انقطاع رابطة السببية ، ذلك أنَّ المحكمة غير ملزمة بالرد صراحةً على أدلَّة النفى التي يتقدم بها المتهم ، مادام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلَّة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلَّة المنتجة التي صحَّت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأنَّ مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ومن ثمَّ فإنَّ مل ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد وما ساقته من شواهد للتدليل على نفى الاتهام في حقِّها – على نحو ما ذهبت إليه في أسباب طعنها – لا يعدو – جميعه – أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل ، وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ، وهو ما لا يجوز معاودة إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ما تقدَّم ، فإنَّ الطعن برمَّته يكون على غير أساس متعيَّناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع برفضه .

الطعن 4738 لسنة 55 ق جلسة 16 / 1 / 1986 مكتب فني 37 ق 23 ص 102

جلسة 16 من يناير لسنة 1986

برياسة السيد المستشار: حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة ومصطفى طاهر ومحمد زايد وصلاح البرجي.

---------------

(23)
الطعن رقم 4738 لسنة 55 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بطلب ضم شكوى طالما لم يتمسك به الطاعن أو المدافع عنه.
 (3)ضرب. صلح. دعوى جنائية. مسئولية جنائية.
الصلح مع المجني عليه. لا أثر له على الجريمة التي وقعت أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها.

------------------
1 - إن الطاعنين الأولى والثاني وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما، ومن ثم تعين عدم قبول طعنهما شكلاً.
2 - لما كان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن - لم يتمسك بطلبه ضم الشكوى التي أشار إليها بأسباب طعنه، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محل.
3 - من المقرر أن الصلح مع المجني عليه لا أثر له على الجريمة التي وقعت أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: المتهمان الأول والثاني: - أحدثا عمداً بـ......، ....... الإصابات المبينة بالتقريرين الطبيين والتي أعجزتهما عن أشغالهما الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. المتهم الثالث: - أحدث عمداً بـ....... الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزتهما عن أشغالهما الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً وكان ذلك بعصاه وطلبت عقابهم بالمادة 242/ 1 - 3 من قانون العقوبات. ومحكمة....... الجزئية قضت حضورياً للأولى والثالث وغيابياً للثاني عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهم أسبوعين مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لكل. فاستأنف المحكوم عليهم ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الأولى والثاني وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما، ومن ثم تعين عدم قبول طعنهما شكلاً.
وحيث إن الطاعن الثالث ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب قد شابه إخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة لم تستجب لطلبه ضم الشكوى رقم 6404 لسنة 1981 إداري مصر الجديدة، والتفتت عن تنازل المجني عليها - أمه - والصلح الحاصل بينهما ولم تعمل حكم المادة 312 من قانون العقوبات - بطريق القياس، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها. لما كان ذلك وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن المدافع عن الطاعن - لم يتمسك بطلبه ضم الشكوى التي أشار إليها بأسباب طعنه، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الصلح مع المجني عليه لا أثر له على الجريمة التي وقعت أو على مسئولية مرتكبها أو على الدعوى الجنائية المرفوعة بها، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت الجريمة التي دين الطاعن بها - لا تشترك مع جريمة السرقة المنصوص عليها في المادة 312 من قانون العقوبات - فيما تقدم عليه من الحصول على المال بغير حق. ومن ثم لا يمتد إليها أثرها، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله موضوعاً.

الطعن 2173 لسنة 32 ق جلسة 5 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 36 ص 169

جلسة 5 من مارس سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: توفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي، ومختار رضوان.

-------------

(36)
الطعن رقم 2173 لسنة 32 قضائية

)أ) حريق بإهمال. خطأ. جريمة.

العقاب في جريمة الحريق بإهمال : مناطه : شخصية الخطأ . مسئولية الجاني عن أعماله الشخصية التي تندرج تحت صور الخطأ المؤثم قانوناً . والتي يتسبب عنها الضرر . عدم مسئوليته عن فعل غيره . إلا اذا ثبت ارتكابه خطأ شخصيا مرتبطا بالنتيجة ارتباط السبب بالمسبب . مثال .

)ب) حكم "تسبيبه. ما لا يعيبه": ارتباط. محاكمة.
قضاء الحكم بتبرئة متهم من جريمة. لا يسلب المحكمة حقها في نظر باقي الجرائم المرتبطة وإنزال العقاب المقرر لها. متى رأت توافر أركانها وثبوتها قبل المتهم.
(ج ، د ، هـ) دعوى مدنية. دعوى جنائية. اختصاص. إحالة. تعويض. شبه الجنحة المدنية.

)ج) اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية المرفوعة أمامها بطريق التبعية. اختصاص استثنائي. شرط قيامه: أن يكون التعويض مبنياً على الفعل ذاته المرفوعة عنه الدعوى الجنائية.
نفى الحكم وجود صلة للمتهم بالفعل الخاطئ المكون للجريمة. سقوط الدعوى المدنية التابعة بحالتها التي رفعت بها. ولو ثبت للمحكمة أن الجريمة وقعت من غير المتهم. طالما أن المسئول الحقيقي لم يعين ولم ترفع عليه الدعوى الجنائية بالطريق القانوني.
)د) الإحالة في مفهوم حكم المادة 309 إجراءات. شروطها: اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية المرفوعة إليها بطريق التبعية، وأن يكون الفصل في التعويضات يستلزم إجراء تحقيق ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية.
)هـ) القضاء بالتعويض في الدعوى المدنية - المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية - في حالة الحكم بالبراءة. شرطه: ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية وصحة نسبته إلى المتهم دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة. لا وجه لتقرير المسئولية على أساس شبه الجنحة المدنية في حالة تخلف هذا الشرط.

-------------
1 - مناط العقاب في جريمة الحريق بالإهمال هو شخصية الخطأ، فلا يسأل الجاني إلا عن أعماله الشخصية التي تندرج تحت صور الخطأ المؤثم قانوناً والتي يتسبب عنها الضرر، ولا يسأل الشخص عن فعل غيره إذا لم يثبت أنه ارتكب خطأ شخصياً مرتبطاً بالنتيجة ارتباط السبب بالمسبب. وإذ ما كان الحكم قد انتهى إلى عدم ثبوت مقارفة المطعون ضده لهذه الجريمة بنفسه ولم ينسب إليه خطأ شخصياً مما يجعله محلاً للمساءلة الجنائية عن فعل غيره، واستبعد المسئولية الافتراضية التي أساسها سوء اختيار المتبوع لتابعه وتقصيره في رقابته بوصفها لا تمت بصلة إلى الفعل الضار محل الجريمة، فإن قضاءه بتبرئته منها يكون صحيحاً.
2 - قضاء الحكم بتبرئة المطعون ضده من جريمة الحريق بالإهمال لا يسلب المحكمة حقها في النظر في باقي الجرائم المرتبطة وأن تنزل عليه العقاب المقرر لها متى رأت توافر أركانها وثبوتها قبله، وهو ما استخلصه الحكم في حقه من إقراره بأن اللافتة موضوع الإعلان - التي سببت الحريق - خاصة به، ورتب على ذلك مسئوليته عن مباشرة الإعلان على وجه مخالف للقانون.
3 - الأصل أن اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية المرفوعة أمامها بطريق التبعية هو اختصاص استثنائي لا يقوم إلا إذا كان التعويض مبنياً على الفعل ذاته المرفوعة عنه الدعوى الجنائية، فإذا تبين للمحكمة الجنائية أن الحق المدعى به عن الفعل الخاطئ المكون لهذه الجريمة لم يثبت وجود صلة للمتهم به، سقطت هذه الدعوى التابعة بحالتها التي رفعت بها مهما يكن قد صح عندها أن الجريمة وقعت من غيره، ما دام المسئول الحقيقي عن الحادث لم يعين ولم ترفع عليه الدعوى الجنائية بالطريق القانوني.
4 - الإحالة في مفهوم حكم المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية لا يؤمر بها إلا عندما تكون المحكمة الجنائية مختصة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة إليها بطريق التبعية وترى أن الفصل في التعويضات المطالب بها يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية.
5 - شرط الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية المرفوعة - بالتبعية للدعوى الجنائية في حالة الحكم بالبراءة هو ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية وصحة نسبته إلى المتهم المقامة عليه الدعوى المذكورة دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نفى مقارفة المطعون ضده الفعل المادي المكون للخطأ الذي نشأ عنه الحريق، ومن ثم فلا يكون هناك وجه لتقرير مسئوليته على أساس شبه الجنحة المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في أول يونيو سنة 1960 بدائرة مركز ميت غمر: 1 - تسبب بغير قصد ولا تعمد في حدوث حريق بالمنشآت الكهربائية المختصة بمجلس بلدية ميت غمر والمبين وصفها وقيمتها بالأوراق وكان ذلك ناشئاً عن خطئه وعدم مراعاته للقوانين بأن أقام يافطة للإعلان غير مرخص بها وفى مكان محظور به الإعلان فالتفت حول الأسلاك الكهربائية فحدث الحريق نتيجة لذلك 2 - أقام إعلاناً بغير ترخيص. 3 - أقام إعلاناً في مكان محظور فيه الإعلان. وطلبت عقابه بالمادة 360 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و 5 و7 و8 و11 من القانون رقم 66 سنة 1956. وقد ادعت وزارة الشئون البلدية قبل المتهم بمبلغ 52 جنيهاً و600 مليم بالنسبة للمتهمة الأولى. ومحكمة جنح ميت غمر قضت حضورياً بتاريخ 5/ 10/ 1960 ببراءة المتهم من المتهمين الأولى والثالثة المنسوبتين له ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها بمصروفاتها وبتغريم المتهم عن التهمة الثانية المنسوبة إليه 500 قرش بلا مصروفات جنائية عملاً بالمادة 8 من القانون 66 لسنة 1956. استأنفت النيابة والمدعية بالحق المدني هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 15/ 5/ 1961: أولاً - بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به ببراءة المتهم من التهمة الأولى وبإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف عن التهمة الثانية والثالثة وبتغريم المتهم خمسمائة قرش عنهما وبإزالة الإعلان وبرد الشيء إلى أصله في خلال أسبوعين من اليوم وبأداء ضعف الرسوم المقررة عن الترخيص عملاً بالمادة 32 عقوبات. ثانياً - وفى الدعوى المدنية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية وألزمت رافعها مصروفاتها. فطعنت إدارة قضايا الحكومة بصفتها ممثلة للمدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من تبرئة المطعون ضده من تهمة الحريق بإهمال وعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية تأسيساً على قضائه بالبراءة وعلى أن التعويض المطالب به لم يكن ناشئاً عن الفعل المسند إليه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه تناقض في التسبيب ذلك بأن جرائم الحريق بالإهمال وإقامة إعلان بغير ترخيص وفى مكان محظور فيه الإعلان التي أقيمت بها الدعوى الجنائية على المطعون ضده مرتبطة ويكمل بعضها البعض فكان من المتعين على المحكمة وقد دانته في التهمتين الثانية والثالثة - الخاصتين بإقامة الإعلان - أن تقضى بإدانته أيضاً في التهمة الأولى وموضوعها الحريق بإهمال وأن تقضى تبعا لذلك بتعويض المطالب به - إذ أن ما ذهب إليه الحكم من عدم ثبوت قيام المطعون ضده بتعليق الإعلان بنفسه لا يعفيه من المسئولية لأن المادة الثامنة من القانون رقم 66 لسنة 1956 في شأن تنظيم الإعلانات لا تستلزم للمساءلة الجنائية ثبوت قيام المخالف بوضع الإعلان بنفسه بل أنه يكفى أن يتسبب في مباشرته ويتحقق هذا إذا ما عهد المطعون ضده إلى أحد عماله بتعليق الإعلان المحظور قانوناً، وهو ما أقر به المطعون ضده مما كان يقتضى مساءلته عن جريمة الحريق بالإهمال التي ترتبت على هذا الفعل والقضاء بالتعويض الناشئ عنه. هذا فضلاً عن أن الدعوى المدنية لم تكن ناشئة عن جريمة الحريق بالإهمال فقط بل أنها ترتبت أيضاً عن الجريمتين الأخريين إذ نجمت الأضرار عن قيام المطعون ضده بتعليق الإعلان في مكان محظور وأدى هذا الفعل إلى التفاف الإعلان - بسبب وضعه بطريقة غير فنية - حول الأسلاك الكهربائية واحتراق المحول الكهربائي وهو ما كان يقتضى مساءلة المطعون ضده عن التعويض. هذا إلى أن الحكم وقد أثبت اعتراف المطعون ضده بملكيته للإعلان وقيامه بمباشرته بغير ترخيص وفى مكان محظور فيه الإعلان ونشوء احتراق التركيبات الكهربائية المملوكة للطاعنة وترتب الضرر على هذا الفعل، فإنه مع ذلك انتهى إلى عدم القضاء للطاعنة بالتعويض، في حين أن الحكم بالبراءة لا يحول دون القضاء بالتعويض على أساس أن الأفعال المطروحة تكون شبه الجنحة المدنية أو ركن الخطأ في المسئولية التقصيرية. كما أخطأ الحكم لصدوره على خلاف حكم المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية التي تقضى بأن كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجيب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعى بالحقوق المدنية طالما أنها صالحة للفصل فيها أو أن يحيلها إلى المحكمة المدنية المختصة إذا ما رأت المحكمة الجنائية أنها ليست بعد صالحة للفصل فيها، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضده بوصف أنه - أولاً - تسبب بغير قصد ولا تعمد في حدوث حريق بالمنشآت الكهربائية الخاصة بمجلس بلدية ميت غمر والمبين وصفها وقيمتها بالأوراق وكان ذلك ناشئاً عن خطئه وعدم مراعاته للقوانين بأن أقام يافطة للإعلان غير مرخص بها وفى مكان محظور فيه الإعلان فالتفت حول الأسلاك الكهربائية فحدث الحريق نتيجة لذلك. ثانياً - أقام إعلاناً بغير ترخيص. ثالثاً - أقام إعلاناً في مكان محظور فيه للإعلان. وطلبت النيابة العامة عقابه بأقصى العقوبة المقررة في المواد 360 من قانون العقوبات و1 و2 و5 و7 و8 و13 من القانون رقم 66 لسنة 1956 في شأن تنظيم الإعلانات. وادعت الطاعنة بحق مدني وطلب الحكم لها قبل المتهم بمبلغ 52 جنيهاً و 600 مليم على سبيل التعويض وذلك عن التهمة الأولى - على ما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن كما هو مبين بالمذكرة المقدمة من الطاعنة أمام المحكمة الاستئنافية بجلسة 16/ 1/ 1961، ومحكمة أول درجة قضت حضورياً ببراءة المتهم من التهمتين الأولى والثالثة المنسوبتين إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها مصروفاتها وبتغريم المتهم عن التهمة الثانية المنسوبة إليه خمسمائة قرش بلا مصروفات جنائية. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم، كما استأنفته المدعية بالحقوق المدنية (الطاعنة) وقضى في الاستئنافين حضورياً: أولاً - بقبولهما شكلاً وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة المتهم عن التهمة الأولى وبإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف عن التهمتين الثانية والثالثة وبتغريم المتهم خمسمائة قرش عنهما، وبإزالة الإعلان وبرد الشيء إلى أصله في خلال أسبوعين من يوم النطق بالحكم وبأداء ضعف الرسوم المقررة عن الترخيص. ثانياً - وفى الدعوى المدنية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية وألزمت رافعها مصروفاتها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مجمله أن مهندس البلدية أثبت في محضره أن العامل المختص أبلغه بحصول حريق في المحول الكهربائي المبين بمحضره وأن المعاينة كشفت عن أن الحريق قد نشأ بسبب التفاف لافتة قماش لمعرض المطعون ضده للخردوات. وبعد أن أستعرض الحكم أدلة الدعوى خلص إلى أنه "وقد ثبت من إقرار المتهم (المطعون ضده) في محضر ضبط الواقعة أن اللافتة تخصه ومن ثم تكون الجريمتان الثانية والثالثة ثابتتين ومتوافرتي الأركان ويتعين إدانة المتهم عنهما ذلك لثبوت أن الإعلان يخص المتهم خاصة وأن الحكم المستأنف نفسه مع أنه دان المتهم عن التهمة الثانية حالة أن التهمة الثالثة مبنية على ذات الفعل المكون للجريمة الثانية. ومن هذا يبين أن الحكم المستأنف قد جاء متناقضاً مع نفسه في قضائه بالبراءة عن التهمة الثالثة المذكورة ..." وانتهى الحكم إلى إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تبرئة المطعون ضده من التهمة الثالثة وإدانته عنها وعن التهمة الثانية - بإجماع الآراء - وإنزال عقوبة واحدة عنها طبقاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات. ثم استطرد الحكم إلى التهمة الأولى فقال: "وحيث إنه عن التهمة الأولى وأنه وإن كان الثابت من أوراق الدعوى أن الإعلان الذي أحدث الحريق خاص بالمتهم إلا أنه لم يتكشف من الأوراق أن المتهم قد أقام بنفسه هذا الإعلان ومن ثم تكون التهمة الأولى وهى تهمة الحريق بإهمال غير ثابتة قبل المتهم ويتعين لهذا رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف في قضائه بالبراءة عنها..." ثم عرض إلى الدعوى المدنية في قوله: "وحيث إن الدعوى المدنية الموجهة إلى المتهم عن الخسارة التي أصابت وزارة الشئون البلدية (الطاعنة) بسبب الجريمة الأولى فإنه وقد انتهت المحكمة إلى القضاء ببراءة المتهم منها لأن الأوراق لم تكشف عن أن المتهم هو الذي أقام اللافتة التي أحدثت الحريق. و كان القول بأن أحد توابع المتهم هو الذي علق اللافتة قد يؤدى إلى مسئولية المتهم مسئولية مفترضة هي مسئولية المتبوع عن تابعه فإنها تكون مسئولية غير ناشئة عن الفعل المكون للجريمة وهى مسئولية أخرى افترضها القانون". ورتب الحكم على ذلك عدم اختصاص المحكمة الجنائية بالفصل في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية على اعتبار أن اختصاص المحكمة الجنائية في هذا الخصوص هو استثناء من القواعد العامة ولا يصح التوسع فيه فلا يمتد إلى المطالبة المدنية القائمة على أساس المسئولية الافتراضية التي لا تتصل بالفعل المكون للجريمة وما أورده الحكم فيما تقدم سائغ وصحيح في القانون ذلك بأنه وقد انتهى إلى عدم ثبوت مقارفة المطعون ضده الفعل المادي المكون للخطأ الذي نشأ عنه الحريق - موضوع التهمة الأولى محل المطالبة بالتعويض - وقضى بتبرئته منها على هذا الأساس، فلا يصح مجادلة المحكمة في هذا التقدير الذي هو من شأنها. ولا يقدح في سلامة الحكم أن يكون قد دان المطعون ضده بجريمتي مباشرة الإعلان بدون ترخيص وفى مكان محظور فيه تلك المباشرة أخذاً بحكم المواد 1 و2 و5 و8 من القانون رقم 66 لسنة 1956 في شأن تنظيم الإعلانات - المرتبطتين بجريمة الحريق بالإهمال موضوع التهمة الأولى - ذلك بأن مناط العقاب في هذه الجريمة هو شخصية الخطأ فلا يسأل الجاني إلا عن أعماله الشخصية التي تندرج تحت صور الخطأ المؤثم قانوناً والتي يتسبب عنها الضرر، ولا يسأل الشخص عن فعل غيره إذا لم يثبت أنه ارتكب خطأ شخصياً مرتبطاً بالنتيجة ارتباط السبب بالمسبب. وإذ ما كان الحكم قد انتهى إلى عدم ثبوت مقارفة المطعون ضده لهذه الجريمة بنفسه ولم ينسب إليه خطأ شخصياً مما يجعله محلاً للمساءلة الجنائية عن فعل غيره، فإن قضاءه بتبرئة المطعون ضده من هذه الجريمة لا يسلب المحكمة حقها في النظر في باقي الجرائم المرتبطة وأن تنزل عليه العقاب المقرر بها متى رأت توافر أركانها وثبوتها قبله، وهو ما استخلصه الحكم في حقه من إقراره بأن اللافتة موضوع الإعلان خاصة به ورتب على ذلك مسئوليته عن مباشرته الإعلان على وجه مخالف للقانون واستبعد المسئولية الافتراضية التي أساسها سوء اختيار المتبوع لتابعه وتقصيره في رقابته بوصفها لا تمت بصلة إلى الفعل الضار محل الجريمة التي رفعت بها الدعوى الجنائية. لما كان ذلك، وكان الأصل أن اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية المرفوعة أمامها بطريق التبعية هو اختصاص استثنائي لا يقوم إلا إذا كان التعويض مبنياً على الفعل ذاته المرفوعة عنه الدعوى الجنائية، فإذا تبين للمحكمة الجنائية أن الحق المدعى به عن الفعل الخاطئ المكون لهذه الجريمة لم يثبت وجود صلة للمتهم به، سقطت هذه الدعوى التابعة بحالتها التي وقعت بها مهما يكن قد صح عندها أن الجريمة وقعت من غيره ما دام المسئول الحقيقي عن الحادث لم يعين ولم ترفع عليه الدعوى الجنائية بالطريق القانوني. ولا محل لما تنعاه الطاعنة على الحكم من التفاته عن إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة ذلك بأن الإحالة في مفهوم حكم المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية لا يؤمر بها إلا عندما تكون المحكمة الجنائية مختصة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة إليها بطريق التبعية وترى أن الفصل في التعويضات المطالب بها يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل الدعوى الجنائية. وهو ما لا يصدق على الواقعة المطروحة كما أنه لا محل لما تثيره الطاعنة من أنه كان من المتعين على المحكمة أن تقضى على المطعون ضده بالتعويض على الرغم من تبرئته تأسيساً على أن الأفعال المطروحة تكون شبه الجنحة المدنية ذلك بأن شرط الحكم بالتعويض في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية في حالة الحكم بالبراءة هو ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية وصحة نسبته إلى المتهم المقامة عليه الدعوى المذكورة دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة، وهو ما نفاه الحكم عن المطعون ضده، ومن ثم فلا يكون هناك وجه لتقرير مسئوليته على أساس شبه الجنحة المدنية. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة المصاريف المدنية.

الطعن 5855 لسنة 52 ق جلسة 18 / 1 / 1983 مكتب فني 34 ق 19 ص 114

جلسة 18 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد يونس ثابت، فوزي المملوك، عبد الرحيم نافع ومحمد حسن.

----------------

(19)
الطعن رقم 5855 لسنة 52 القضائية

 (1)نصب. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة النصب. مناط توافرها؟
عدم تحققها بمجرد الادعاءات والأقوال الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها.
وجوب أن يكون الكذب مصحوباً بأعمال مادية خارجية.
 (2)نصب. اشتراك. فاعل أصلي. جريمة "أركانها".
جريمة النصب بالاستعانة بآخر. شرط وقوعها.
تداخل الشخص الآخر بسعي الجاني وتدبيره وإرادته. وإلا يقتصر تأييده على مجرد ترديد لأكاذيب الفاعل.
مثال في ادعاء ببكارة الزوجة.
 (3)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد ماهيته؟

-----------------
1 - لما كان من المقرر أن جريمة النصب كما هي معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المهتم على المجني عليه بقصد خدعه والاستيلاء على ماله فيقع المجني عليه ضحية الاحتيال الذي يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب وانتحال صفة غير صحيحة أو بالتصرف في مال الغير ممن لا يملك التصرف، وكان القانون وإن نص على أن الطرق الاحتيالية تعد من وسائل النصب إلا أنه يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر في المادة 336 من قانون العقوبات المشار إليها، كما أن من المقرر أن مجرد الادعاءات والأقوال الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها لا تتحقق بها جريمة النصب باستعمال طرق احتيالية - بل يشترط القانون أن يكون الكذب مصحوباً بأعمال مادية خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته.
2 - يشترط لوقوع جريمة النصب بطريق الاستعانة بشخص آخر على تأييد الأقوال والادعاءات المكذوبة، أن يكون الشخص الآخر قد تداخل بسعي الجاني وتدبيره وإرادته لا من تلقاء نفسه بغير طلب أو اتفاق - وأن يكون تأييد الآخر في الظاهر لادعاءات الفاعل تأييداً صادراً عن شخصه هو لا مجرد ترديد لأكاذيب الفاعل. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع في الدعوى الراهنة قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية وبالأدلة السائغة أن المطعون ضدها الأولى قد تزوجت بالطاعن بمعاونة المطعون ضدهما الثاني والثالث - زواجاً حقيقياً جدياً، فإن جريمة النصب لا تكون قائمة - حتى لو صح ما ذكره الطاعن من أن المطعون ضدهم قد استولوا منه على هدايا ومبالغ على ذمة هذا الزواج لما هو مقرر شرعاً من أن اشتراط بكارة الزوجة لا يؤثر في صحة عقد الزواج - ما دام الثابت خلو الزوجة من الموانع الشرعية عند العقد - بل يبقى العقد صحيحاً ويبطل الشرط.
3 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من أن الطاعن لم يرفع دعواه إلا بعد أن عاشر زوجته أكثر من عامين بفرض أنه استخلاص ليس له مأخذ من الأوراق - فإنه لا أثر له في جوهر الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة إذ يستوي في ذلك أن يكون الطاعن قد دخل بالمطعون ضدها الأولى من تاريخ العقد أو لم يدخل بها، ما دام الحكم قد أثبت بأدلة سائغة لا ينازع الطاعن بأن لها معينها من الأوراق أن الطاعن قد تزوج بالمطعون ضدها بالفعل، وأن أركان جريمة النصب كما هي معرفة به في القانون - غير متوافرة لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بطريق الادعاء المباشر قبل المطعون ضدهم أمام جنح مصر الجديدة بوصف أنهم: استعملوا طرقاً احتيالية توصلوا بها إلى سلب بعض ثروته وذلك بأن أدلوا بوقائع مزورة حتى تحصلوا على أموال وأمتعة ومجوهرات ونقود تقدر بألفين من الجنيهات وطلب عقابهم بالمادة 336 من قانون العقوبات وبإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأولى والثاني وغيابياً للثالث عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لإيقاف التنفيذ وإلزامهم بدفع مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت
فعارض المحكوم عليه الثالث وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
واستأنف المحكوم عليهم ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين مما نسب إليهم وفي الدعوى المدنية برفضها.
فطعن الأستاذ المحامي عن المدعي بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه - إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة النصب ورفض الدعوى المدنية، فقد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد، ذلك بأنه أقام قضاءه بالبراءة على عدم توافر أركان جريمة النصب - مع أن المطعون ضدهم استولوا على بعض ثروة الطاعن باستعمال طرق احتيالية بإيهامه بأن المطعون ضدها الأولى بكراً - لم يسبق لها الزواج - على خلاف الحقيقة وبتدخل من المطعون ضده الثالث مستغلاً صفته كضابط بالقوات المسلحة. كما استند الحكم في قضائه إلى أن الطاعن تزوج بالمطعون ضدها الأولى في 6 - 5 - 1974 وباشرها ولم يرفع الدعوى إلا بعد عامين من معاشرتها - وهو استخلاص لا أصل له في الأوراق وذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى أورد تبريراً لقضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية قوله "..... وأما بالنسبة لجريمة النصب المعرفة بالمادة 336 عقوبات والمسندة إلى المتهمين فإنه يشترط لتوافر أركانها أن تستعمل طرقاً احتيالية من شأنها الإيهام والإدخال في الروع بأنها صحيحة بقصد الاستيلاء على أموال المجني عليه" ومن المقرر قانوناً أن هذه الطرق الاحتيالية لا تتحقق بمجرد الأقوال والادعاءات الكاذبة ولكن يجب أن يصاحب تلك الأقوال مظاهر مادية وخارجية تكسبها نوع من الحقيقة وتبعث على التصديق فإذا لم يتوافر ذلك الركن فقدت جريمة النصب أركانها.
وحيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت أن المدعي قد تزوج بالمتهمة الأولى في 6 - 5 - 1974 ولم يرفع هذه الدعوى إلا بعد مرور أكثر من عامين في 28 - 7 - 1976 ثم بعد أن عاشرها قرابة عامين رفع هذه الدعوى مقرراً أنها وآخرين قد ارتكبوا الجريمة المنصوص عليها في المادة 336 عقوبات فإن ذلك القول لا يمكن قبوله عقلاً ومنطقاً، ولما كان ذلك وكانت الأوراق غير كافية لإثبات التهمة في حق المتهمين وأن المدعي بالحق المدني قد عاشر زوجته زهاء عامين عن قرب ومن ثم لا يمكن له بعد ذلك أن ينفي عليها كونها بكراً أو ثيباً وقد رضي معاشرتها طوال هذه المدة. لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف قد جانبه الصواب حين قضى بمعاقبة المتهمين بهذه التهمة المسندة إليهم فإنه يتعين والأمر كذلك إلغاء هذا الحكم والقضاء ببراءة المتهمين....... لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة النصب كما هي معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المتهم على المجني عليه بقصد خدعه والاستيلاء على ماله فيقع المجني عليه ضحية الاحتيال الذي يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة أو بالتصرف في مال الغير ممن لا يملك التصرف، وكان القانون وإن نص على أن الطرق الاحتيالية تعد من وسائل النصب إلا أنه يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر في المادة 336 من قانون العقوبات المشار إليها، كما أن من المقرر أن مجرد الادعاءات والأقوال الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها لا تتحقق بها جريمة النصب باستعمال طرق احتيالية - بل يشترط القانون أن يكون الكذب مصحوباً بأعمال مادية خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته، كما يشترط لوقوع جريمة النصب بطريق الاستعانة بشخص آخر على تأييد الأقوال والادعاءات المكذوبة، وأن يكون الشخص الآخر قد تداخل بسعي الجاني وتدبيره وإرادته لا من تلقاء نفسه بغير طلب أو اتفاق - وأن يكون تأييد الآخر في الظاهر لادعاءات الفاعل تأييداً صادراً عن شخصه هو لا مجرد ترديد لأكاذيب الفاعل. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع في الدعوى الراهنة قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية وبالأدلة السائغة أن المطعون ضدها الأولى قد تزوجت بالطاعن بمعاونة المطعون ضدهما الثاني والثالث - زواجاً حقيقياً جدياً، فإن جريمة النصب لا تكون قائمة - حتى لو صح ما ذكره الطاعن من أن المطعون ضدهم قد استولوا منه على هدايا ومبالغ على ذمة هذا الزواج لما هو مقرر شرعاً من أن اشتراط بكارة الزوجة لا يؤثر في صحة عقد الزواج - ما دام الثابت خلو الزوجة من الموانع الشرعية عند العقد - بل يبقي العقد صحيحاً ويبطل الشرط لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من أن الطاعن لم يرفع دعواه إلا بعد أن عاشر زوجته أكثر من عامين بفرض أنه استخلاص ليس له مأخذ من الأوراق - فإنه لا أثر له في جوهر الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة إذ يستوي في ذلك أن يكون الطاعن قد دخل بالمطعون ضدها الأولى من تاريخ العقد أو لم يدخل بها، ما دام الحكم قد أثبت بأدلة سائغة لا ينازع الطاعن بأن لها معينها من الأوراق أن الطاعن قد تزوج بالمطعون ضدها بالفعل، وأن أركان جريمة النصب كما هي معرفة به في القانون - غير متوافرة لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1813 لسنة 36 ق جلسة 14 / 2 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 42 ص 219

جلسة 14 من فبراير سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.

----------------

(42)
الطعن رقم 1813 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) تحقيق. " مراقبة المكالمات التليفونية ". محكمة الموضوع. حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
(أ) مدلول كلمتي الخطابات والرسائل المشار إليهما في المادة 206 من قانون الإجراءات المعدلة وإباحة ضبطهما في أي مكان خارج منازل المتهمين طبقا للإحالة على الفقرة الثانية من المادة 91 من القانون المذكور يتسع في ذاته لشمول كافة الخطابات والرسائل والطرود والرسائل التلغرافية كما يندرج تحته المكالمات التليفونية.
استصدار النيابة العامة الإذن بالمراقبة التليفونية من القاضي الجزئي عمل من أعمال التحقيق سواء قامت بتنفيذ الإذن بنفسها أو عن طريق ندب من تراه من مأموري الضبط القضائي.
نص المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية نص عام مطلق. سريانه على كافة إجراءات التحقيق. شرط ذلك: أن يصدر صريحا ممن يملكه، وأن ينصب على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق - غير استجواب المتهم - دون أن يمتد إلى تحقيق قضية برمتها، وأن يكون ثابتا بالكتابة إلى أحد مأموري الضبط مكانيا ونوعيا.
(ب) تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بمراقبة المحادثات التليفونية. أمر موضوعي.
(ج) دعارة.
لا يشترط للعقاب على جريمة التحريض أو المساعدة على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو تسهيلها أو استغلال بغاء شخص أو فجوره - اقتراف الفحشاء بالفعل.
(د) تلبس. حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
حالة التلبس. ماهيتها ؟ تقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها. أمر موضوعي.
(هـ) قبض. بطلان. دفوع.
القبض الباطل لا يستفيد منه إلا من وقع عليه.
(و) دفاع. " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره ".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
)ز) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". إثبات. " إثبات بوجه عام ".
المحاكمة الجنائية: العبرة فيها باقتناع القاضي. عدم تقيده بالأخذ بدليل معين إلا بنص.
(ح، ط، ى) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". محكمة الموضوع. " سلطتها في تقدير الدليل ".
(ح) لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها الأخذ بأقوال الشاهد أو المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إليها.
(ط) أخذ المحكمة بأقوال شاهد يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(ى) التناقض في أقوال الشهود أو المتهمين. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.

--------------------
1 - تنص المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 353 لسنة 1952 الواردة في الباب الرابع من الكتاب الأول الخاص بالتحقيق بمعرفة النيابة العامة على أنه: " لا يجوز للنيابة العامة في التحقيق الذي تجريه تفتيش غير المتهمين، أو منازل غير المتهمين، أو ضبط الخطابات والرسائل في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة 91 إلا بناء على إذن من القاضي الجزئي ". وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن مدلول كلمتي الخطابات والرسائل التي أشير إليهما وإباحة ضبطهما في أي مكان خارج منازل المتهمين طبقا للإحالة على الفقرة الثانية من المادة 91 يتسع في ذاته لشمول كافة الخطابات والرسائل والطرود والرسائل التلغرافية كما يندرج تحته المكالمات التليفونية لكونها لا تعدو أن تكون من قبيل الرسائل الشفوية. ولما كان استصدار النيابة العامة الإذن بالمراقبة التليفونية من القاضي الجزئي بعد أن كانت قد اتصلت بمحضر التحريات وقدرت كفايتها لتسويغ اتخاذ الإجراء، هو عمل من أعمال التحقيق سواء قامت بتنفيذ الإذن بعد ذلك بنفسها أو عن طريق ندب من تراه من مأموري الضبط القضائي لتنفيذه عملا بالمادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية التي يجري نصها على أنه: " لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أي مأمور من مأموري الضبط القضائي ببعض الأعمال التي من خصائصه ". وهو نص عام مطلق يسري على كافة إجراءات التحقيق وينتج أثره القانوني بشرط أن يصدر صريحا ممن يملكه وأن ينصب على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق - غير استجواب المتهم - دون أن يمتد إلى تحقيق قضية برمتها وأن يكون ثابتا بالكتابة إلى أحد مأموري الضبط مكانيا ونوعيا - وهو ما جرى تطبيقه في الدعوى المطروحة - ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من رفض الدفع ببطلان الإذن الصادر من القاضي الجزئي بوضع جهاز تليفون الطاعنة تحت المراقبة سديدا في القانون.
2 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بمراقبة المحادثات التليفونية هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق وإلى القاضي الجزئي المنوط به إصدار الإذن تحت إشراف محكمة الموضوع. ولما كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية استدلالات التي بني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة والقاضي الجزئي على تصرفهما في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
3 - القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة إذ نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى على أن: " كل من حرض شخصا ذكرا كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه ". ونص في الفقرة الثانية من المادة السادسة على: " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من استغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره ". ثم نص في المادة السابعة على: " يعاقب على الشروع في الجرائم المبينة في المواد السابقة بالعقوبة المقررة للجريمة في حالة تمامها ". فقد دل بذلك على أنه لا يشترط للعقاب على التحريض أو المساعدة أو التسهيل أو الاستغلال اقتراف الفحشاء بالفعل.
4 - التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها بصرف النظر عن شخص مرتكبها، ومتى قامت في جريمة صحت إجراءات القبض والتفتيش في حق كل من له اتصال بها سواء أكان فاعلا أو شريكا. وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع. ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن ضباط مكتب الآداب لم يقبضوا على المتهمات من الثانية إلى الخامسة إلا بعد تحققهم من اتصالهن بجريمة تسهيل الدعارة واستغلال البغاء وأن ذلك كان عن طريق مشروع هو سماع الحديث الذي دار بين المتهمتين الثانية والثالثة وبين الطاعنة عن طريق تليفونها الموضوع تحت المراقبة بإذن صحيح صادر ممن يملكه وهو ما أقرته محكمة الموضوع ورأت كفايته لتسويغ القبض عليهن، فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو عدل في قضائه بالإدانة على الدليل المستمد من تلك الإجراءات والأقوال التي صدرت من أولئك المتهمات بعد ذلك.
5 - لا صفة في الدفع ببطلان القبض لغير صاحب الشأن فيه ممن وقع القبض عليه باطلا.
6 - لا يقبل من الطاعنة أن تنعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
7 - العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن كافة عناصرها المعروضة على بساط البحث، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين، إذ جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
8 - الأصل أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد أو المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى وثقت فيها وارتاحت إليها.
9 - الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
10 - التناقض في أقوال الشهود أو المتهمين لا يعيب الحكم، ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخرين بأنهم في يوم 20 نوفمبر سنة 1966 بدائرة قسم مصر القديمة (أولا): (الأولى والثانية) (أ) سهلا الدعارة للثالثة والرابعة والخامسة حالة كون الثالثة والرابعة لم تبلغا من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية (ب) استغلا بغاء الثالثة والرابعة والخامسة (ثانيا): (المتهمات الثالثة والرابعة والخامسة) اعتدن ممارسة الدعارة (ثالثا): (المتهم السادس) سهل الدعارة لمجهولات بالاشتراك مع المتهمة الأولى. وطلبت عقابهم بالمواد 1/ أب و6/ ب و9/ ج و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة الآداب الجزئية عدلت وصف التهمتين المسندتين إلى الطاعنة إلى الشروع في ارتكابهما وقضت في الدعوى بتاريخ 19 من أبريل سنة 1966 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمتين الأولى والثالثة والمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى باقي المتهمين حضوريا للمتهمات الخمسة الأول وحضوريا اعتباريا للأخير (أولا) بحبس المتهمة الأولى - الطاعنة - سنة مع الشغل وتغريمها 200 ج (مائتي جنيه) ووضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ (ثانيا) بحبس المتهمة الثالثة ثلاثة أشهر مع الشغل ووضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ. (ثالثا) ببراءة المتهمتين مما نسب إليهم. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا للأولى وغيابيا للثالثة بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بالشروع في ارتكاب جريمتي تسهيل الدعارة واستغلال البغاء قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه بطلان في الإجراءات وفساد في الاستدلال وقصور وتناقض في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها دفعت ببطلان الإذن الصادر من قاضي محكمة جنح الآداب بوضع جهاز تليفونها تحت المراقبة لضبط ما يكون مخالفا لأحكام القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة على أساس أن الاختصاص بإصدار الإذن ينعقد - وفقا للمادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية - لقاضي التحقيق دون القاضي الجزئي، ولا محل للاستناد إلى المادة 206 من ذلك القانون لأن حق النيابة العامة في طلب الإذن مشروط بأن يكون بصدد تحقيق تجريه لا بمجرد طلب يقدم إليها من الغير ولو كان أحد رجال الضبط القضائي، إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون. ثم إن المحكمة عولت في إدانة الطاعنة على أقوال المتهمتين الثانية والثالثة بمحضر التحقيق على الرغم من تضارب أقوالهما وعدولهما عنها بجلسة المحاكمة والتفتت عن دفاع الطاعنة في شأن بطلان تلك الأقوال لصدورها وليدة إجراءات ضبط باطلة. ومن ناحية أخرى فإن المحكمة على الرغم من إطراحها للدليل المستمد من الشريط المسجل فإنها اعتمدت في إدانة الطاعنة على أقوال ضابط الشرطة الذي قام بالتسمع والمراقبة مع أن أقواله لا تعدو أن تكون مجرد ترديد لما جاء بالشريط المسجل كما التفت الحكم عما أثاره الدفاع من عدم جدية التحريات التي بني عليها إذن المراقبة لأن رقم التليفون الوارد بتلك التحريات يغاير رقم تليفون الطاعنة إبان قيام رجال مكتب الآداب بتحرياتهم وهو دفاع جوهري كان يقتضي من المحكمة أن تعمل على تحقيقه. ولم يبين الحكم العناصر القانونية للجريمتين المسندتين إلى الطاعنة. وعدل وصف التهمة من فعل تام إلى شروع فيه مع أنه لا يتصور قيام حالة الشروع في ارتكاب جريمتي التسهيل واستغلال البغاء لأنهما إما ألا تقعا فيكون الفعل مجرد عمل تحضيري لا تجريم فيه. وإذ كان الفعل المسند إلى الطاعنة لا يعدو أن يكون اشتراكا في فعل أصلي هو مقارفة الفاحشة وكان هذا الفعل لم تتم مقارفته، فإنه لا يتصور وقوع الاشتراك ما دام الأصل معدوما. هذا إلى أن المحكمة لم تجب الدفاع إلى طلب الاستماع إلى شريط المسجل، ولا يغير من الأمر أن تكون المحكمة قد استبعدت الدليل المستمد من هذا الشريط لأنه في حقيقته عصب الدعوى وسببها وجودا وعدما.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما، وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة مستمدة من أقوال المقدم محمد صفوت عباس والرائد زكريا ربيع ومن أقوال المتهمات الثانية والثالثة والرابعة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. ثم عرض الحكم إلى الدفع ببطلان إذن مراقبة التليفون ورد عليه في قوله " إن رئيس مكتب حماية الآداب بعد أن تجمعت لديه المعلومات التي توصل إليها نتيجة المراقبة والتحريات التي أجراها عن المتهمة الأولى - الطاعنة - والتي أسفرت عن ارتكابها لجريمة المساعدة وتسهيل دعارة النسوة تقدم بتاريخ 9 نوفمبر سنة 1965 إلى السيد وكيل نيابة الآداب بمحضره الذي ضمنه هذه المعلومات وانتهى فيه إلى طلب الموافقة على مراقبة التليفون المركب بمسكن هذه المتهمة وقد جاء خطابه في هذا الشأن موجها رأسا إلى النيابة العامة فقامت بدورها بعد ذلك بعرض الأمر على القاضي الجزئي. وأشر وكيل النيابة على محضر التحريات بما يفيد ذلك ولا تعد هذه التأشيرة مجرد طلب ضمني من النيابة العامة للتصريح بمراقبة المكالمات التليفونية ولكنها تتضمن طلبا صريحا في هذا الخصوص وتدل في ذات الوقت على موافقة النيابة العامة على كفاية التحريات التي توصل إليها مكتب الآداب لأنها إذا كانت راغبة عن اتخاذ هذا الإجراء أو رأت عدم ضرورته ما عرضت الأمر كلية على القاضي المختص لأن ذلك من إطلاقاتها باعتبار أن مراقبة المكالمات التلفونية عمل من إجراءات التحقيق وهي صاحبة الولاية العامة في التحقيق الابتدائي وتدخل مباشرة المراقبة التليفونية بحسب الأصل في سلطتها وإن خضعت في ذلك إلى قيد الرجوع إلى القاضي الجزئي عملا بنص المادة 206 إجراءات إلا أنها تسترد بعد ذلك كامل سلطتها في مباشرة الرقابة بما يتراءى لها سواء قامت بها بنفسها أو عن طريق انتداب أحد مأموري الضبط القضائي " ويبين من الإطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا للطعن أن رئيس مكتب حماية الآداب تقدم إلى النيابة العامة في 9 نوفمبر سنة 1965 بمحضر تضمن أن تحرياته ومراقبته أسفرت عن قيام الطاعنة بتسهيل دعارة النسوة عن طريق جهاز التليفون رقم 846515 المركب في مسكنها وأنها تحدد المواعيد للراغبين من الرجال والنسوة وقد تأكدت له تلك التحريات من المراقبة التي قام بها مع بعض ضباط المكتب وطلب الموافقة على عرض الأمر على القاضي للإذن بمراقبة جهاز التليفون فأشر وكيل النيابة في اليوم ذاته بعرض الأوراق على القاضي الذي أذن في الساعة الواحدة والدقيقة العاشرة من مساء ذلك اليوم بمراقبة المخابرات السلكية عن المحادثات التي تجري من ذلك التليفون وإليه، على أن تتم المراقبة في خلال شهر من تاريخ الإذن لتسجيل وضبط ما يخالف أحكام القانون رقم 10 لسنة 1961، ثم أشر وكيل النيابة بعد ذلك بندب المقدم محمد صفوت عباس أو من يندبه من رجال الضبط القضائي لتنفيذ الإذن. ثم باشرت النيابة العامة تحقيق واقعة الضبط عند إخطارها في يوم 21 نوفمبر سنة 1965. لما كان ذلك، وكانت المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 353 لسنة 1952 - الواردة في الباب الرابع من الكتاب الأول والخاص بالتحقيق بمعرفة النيابة العامة - تنص على أنه " لا يجوز للنيابة العامة في التحقيق الذي تجريه تفتيش غير المتهمين , أو منازل غير المتهمين، أو ضبط الخطابات والرسائل في الحالة المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة 91 إلا بناء على إذن من القاضي الجزئي ". وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مدلول كلمتي الخطابات والرسائل التي أشير إليهما وإباحة ضبطهما في أي مكان خارج منازل المتهمين طبقا للإحالة على الفقرة الثانية من المادة 91 يتسع في ذاته لشمول كافة الخطابات والرسائل والطرود والرسائل التلغرافية كما يندرج تحته المكالمات التليفونية لكونها لا تعدو أن تكون من قبيل الرسائل الشفوية. وكان استصدار النيابة العامة الإذن بالمراقبة التليفونية من القاضي الجزئي بعد أن كانت قد اتصلت بمحضر التحريات وقدرت كفايتها لتسويغ اتخاذ ذلك الإجراء، هو عمل من أعمال التحقيق سواء قامت بتنفيذ الإذن بعد ذلك بنفسها أو عن طريق ندب من تراه من مأموري الضبط القضائي لتنفيذه عملا بنص المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية التي يجري نصها على أنه " لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أي مأمور من مأموري الضبط القضائي ببعض الأعمال التي من خصائصه "، وهو نص عام مطلق يسري على كافة إجراءات التحقيق وينتج أثره القانوني بشرط أن يصدر صريحا ممن يملكه وأن ينصب على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق - غير استجواب المتهم - دون أن يمتد إلى تحقيق قضية برمتها وأن يكون ثابتا بالكتابة إلى أحد مأموري الضبط مكانيا ونوعيا وهو ما جرى تطبيقه في الدعوى المطروحة. ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من رفض الدفع سديدا في القانون. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة من جدل حول استدلال الحكم بأقوال المتهمين الثانية والثالثة على الرغم من تناقضها وفي أقوالهما وعدولهما عنها بجلسة المحاكمة مردودا بأن التناقض في أقوال الشهود أو المتهمين - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه. والأصل أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد أو المتهم في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى وثقت فيها وارتاحت إليها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى دفع الطاعنة في شأن بطلان أقوال المتهمين الثانية والثالثة لصدورها وليدة إجراءات ضبط باطلة ورد عليه في قوله " الثابت من وقائع الدعوى أن ضابط مكتب الآداب المنتدب لمراقبة المحادثات التليفونية قد سمع محادثة تليفونية دارت بين المتهمتين الأوليين محورها ارتكاب جريمة تسهيل دعارة بعض النسوة المعتادات هذه الممارسة. وقد تأكد من هذه المحادثة عن المكان الذي يتم فيه تنفيذ الاتفاق الخاص بهذه الجريمة وكان اكتشافه لذلك عن طريق مشروع وهو بصدد القيام على المراقبة التليفونية المأذون بها قانونا وبذلك فإن هذه الحالة تكون حالة تلبس بالجريمة لأن الرؤية الشخصية ليس شرطا في كشف حالة التلبس بل يكفي أن يكون الشاهد قد أدرك بوقوع الجريمة بأية حاسة من حواسه ولو بطريق السمع وأنه أحس بوقوعها بطريقة لا تحتمل الشك، فقد يحصل العلم بالجريمة دون أن يشاهد فاعلها لأن ذلك التلبس وصف يلازم الجريمة نفسها بغض النظر عن شخص مرتكبها ولذلك فإن علم مأمور الضبط القضائي بوقوع الجريمة وتعرفه على تفصيلاتها ومكان وزمان وقوعها على النحو المبين بالتحقيقات يبيح له أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يدخل منزله ويفتشه، ومن ثم فقد جاء قبض ضابط مكتب الآداب على المتهمات من الثانية إلى الخامسة متفقة وأحكام القانون " وما أورده الحكم فيما تقدم سديد في القانون، ذلك بأن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها بصرف النظر عن شخص مرتكبها ومتى قامت في جريمة صحة إجراءات القبض والتفتيش في حق كل من له اتصال بها سواء أكان فاعلا أم شريكا، وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع. ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن ضباط مكتب الآداب لم يقبضوا على المتهمات من الثانية إلى الخامسة إلا بعد تحققهم من اتصالهن بجريمة تسهيل الدعارة واستغلال البغاء، وأن ذلك كان عن طريق مشروع وهو سماع الحديث الذي دار بين المتهمين الثانية والثالثة وبين الطاعنة عن طريق تليفونها الموضوع تحت المراقبة بإذن صحيح صادر ممن يملكه وهو ما أقرته محكمة الموضوع ورأت كفايته لتسويغ القبض عليهن، فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو عول في قضاءه بالإدانة على الدليل المستمد من تلك الإجراءات والأقوال التي صدرت من أولئك المتهمات بعد ذلك. على أنه لا جدوى للطاعنة من النعي على الحكم إقراره صحة القبض على المتهمات من الثانية إلى الخامسة، لأنه على فرض أن القبض عليهن وقع باطلا فإنه لا يستفيد من بطلانه سوى صاحب الشأن فيه ممن وقع القبض عليه باطلا - وهو غير الطاعنة - ومن ثم فلا شأن لها في طلب بطلان هذا الإجراء. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن كافة عناصرها المعروضة على بساط البحث، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين، إذ جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه. والأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة أخذت بشهادة الضابط زكريا ربيع من استماعه إلى الاتفاق الذي انعقد بين الطاعنة والمتهمة الثانية على أن تقوم الأولى بتقديم امرأتين إلى ضيفي مخدوم الثانية والتي تأيدت بإقرار المتهمتين الثانية والثالثة، ولم تر - بعد أن اطمأنت إلى رواية الشاهد - أن تعتمد في قضاءها على الشريط الذي سجلت عليه هذه المحادثة وغيرها, وكانت الطاعنة - وقد استمعت إلى الشريط المسجل في التحقيق - لا تزعم أن هناك تضاربا بين التسجيل وشهادة الشاهد، فإنه لا يقبل منها مصادرة المحكمة في عقيدتها أو النعي عليها أخذها بأقوال الشاهد وإطراحها الدليل المستمد من الشريط المسجل لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى دفاع الطاعنة في شأن عدم جدية التحريات التي بني عليها إذن المراقبة ورد عليه ردا سائغا أفحص به عن اطمئنان المحكمة إلى معلومات رئيس مكتب الآداب التي سطرها في محضر تحرياته وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالمراقبة. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بمراقبة المحادثات التليفونية هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق وإلى القاضي الجزئي المنوط به إصدار الإذن تحت إشراف محكمة الموضوع. وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها الإذن وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة والقاضي الجزئي على تصرفهما في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى التكييف القانوني للأفعال التي قارفتها الطاعنة وما أثاره الدفاع عنها من أنها لا تعدو أن تكون أعمالا تحضيرية غير مجرمة ورد عليه في قولها: " لا محل لما أثاره الدفاع عن المتهمة الأولى - الطاعنة - من أن محكمة أول درجة عدلت وصف التهمة إلى شروع في ارتكاب الجريمة وأن الشروع غير معاقب عليه، وترى المحكمة أن ما جاء بأسباب محكمة أول درجة كان واضحا في أن الأفعال المسندة إليها تكون جريمة مساعدة وتسهيل الدعارة، أما ما قصدت إليه محكمة أول درجة فهو أن جريمة الدعارة لم تتم إلا أنه كان هناك شروع في هذه الجريمة، وترى هذه المحكمة أنه لا يشترط للعقاب على التحريض أو المساعدة أو التسهيل ارتكاب الفحشاء بالفعل، كما تشير المحكمة في أسبابها إلى أنه حتى مع مسايرة الدفاع في هذا القول فإن الشروع أيضا في هذه الجريمة معاقب عليه بالمادة السابعة من القانون " وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم سديد في القانون، ذلك بأن القانون رقم 10 لسنة 1961 إذا نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى على أن " كل من حرض شخصا ذكرا كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه ". ونص في الفقرة الثانية من المادة السادسة على " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات كل من استغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره ". ثم نص في المادة السابعة على " يعاقب على الشروع في الجرائم المبينة في المواد السابقة بالعقوبة المقررة للجريمة في حالة تمامها ". فقد دل بذلك على أنه لا يشترط للعقاب على التحريض أو المساعدة أو التسهيل أو الاستغلال اقتراف الفحشاء بالفعل. وإذا ما كانت الوقائع التي أوردها الحكم تتحقق بها العناصر القانونية لجريمتي تسهيل الدعارة واستغلال البغاء اللتين دان الطاعنة بهما فأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما تنعاه الطاعنة على الحكم من قالة الإخلال بحقها في الدفاع بدعوى أنه لم يجبها إلى طلب سماع الشريط المسجل مردودا بأنه لا يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها أن الطاعنة أو الدفاع عنها قد تمسك أي منهما بسماع الشريط المسجل، كما أنه لا يبين من الاطلاع على مذكرتي الطاعنة المتقدمتين لدى محكمة أول درجة أن الدفاع عنها طلب من المحكمة إجراء تحقيق في هذا الشأن، ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعنة أن تنعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. لما كان تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا