الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 23 أكتوبر 2021

الطعن 29 لسنة 46 ق جلسة 7 / 3 / 1979 مكتب فني 30 ج 1 أحوال شخصية ق 138 ص 753

جلسة 7 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر؛ وإبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

--------------

(138)
الطعن رقم 29 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"

(1)نقض. أحوال شخصية. "الطعن بالنقض". بطلان.
الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية. وجوب إيداع صورة رسمية من الحكم الابتدائي متى أحال إليه الحكم المطعون فيه. إغفال ذلك. أثره. بطلان الطعن. لا محل لإعمال هذا الجزاء متى استحال الحصول على هذه الصورة. مثال بشأن فقد الملف الابتدائي.
(2)حكم. "بيانات الحكم". بطلان.
بيانات الحكم الجوهرية. هي التي يكون ذكرها ضرورياً للفصل في الدعوى. إغفالها. أثره. بطلان الحكم. لا محل لبيان تفصيل خطوات ومراحل النزاع أمام المحكمة. م 178 مرافعات معدلة بق 13 لسنة 1973.
(3)أحوال شخصية. "النسب". إثبات.
النسب. ثبوته في حق الرجل بالفراش وبالبينة وبالإقرار. الإقرار بالبنوة. شرط صحته. أن يكون الولد مجهول النسب. تعلق حق الولد بهذا الإقرار.
(4)أحوال شخصية. حكم. "حجية الحكم".
الأحكام المنشئة دون المقررة لحالة مدنية. حجة على الناس كافة. الحكم بتقدير السن في دعوى القيد بدفاتر المواليد لإثبات نسبه الولد لوالديه. حكم مقرر.
(5) أحوال شخصية "نفقة الأقارب". حكم. "حجية الحكم".
نفقة الأقارب. سببها. قرابة الرحم المحرمية مع الأهلية للميراث. الحكم بالنفقة للغريب. حجة على ثبوت صلة القرابة بين طرفي الدعوى. علة ذلك.

-----------------
1 - توجب المادة 255 من قانون المرافعات والمادة 881 الواردة بالكتاب الرابع المضاف إليه على من يطعن بالنقض في الأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية أن يودع قلم كتاب محكمة النقض وقت التقرير بالطعن صورة طبق الأصل من الحكم الابتدائي متى أحال الحكم المطعون فيه إليه في أسبابه، وهو إجراء جوهري يترتب على إغفاله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان الطعن، إلا أنه لا محل لإعمال هذا الجزاء المترتب على الامتناع عن اتخاذ إجراء معين، متى ثبت أن عنصر الإرادة الذي يمكن بمقتضاه تحقق القول بالامتناع السلبي غير متوافر، فإذا استحال الحصول على صورة مطابقة للأصل من حكم الواجب تقديمها فإن الأثر القانوني وهو البطلان لا يتحقق إذ لا تكليف إلا بميسور. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الملف الابتدائي فقد قبل نظر الدعوى بمعرفة المحكمة الاستئنافية مما دعاها إلى الاستعاضة عنه بالصورة الرسمية من الحكم الابتدائي المقدمة من المطعون عليه، وبما قدمه الطرفان من صور المستندات السابق عرضها على محكمة أول درجة، ومن ثم فقد استحال على الطاعنة الحصول على صورة طبق الأصل من الحكم الابتدائي فلا يترتب البطلان على عدم تقديمها وقت التقرير بالطعن بالنقض.
2 - التعديل الذي جرى على المادة 178 من قانون المرافعات بمقتضى القانون رقم 13 لسنة 1973 قد استهدف - وعلى ما جلته المذكرة الإيضاحية - وجوب الاقتصار على اشتمال الحكم لعرض وجيز لوقائع النزاع، وإجمال للجوهري من دفاع طرفيه، وإيراد الأسباب التي تحمل قضاء الحكم فيه، أما تفصيل الخطوات والمراحل التي قطعها النزاع أمام المحكمة فإنه تزيد لا طائل من ورائه، قد يضيع في غمارها أمام القاضي معالم الطريق إلى نقاط النزاع الجوهرية، ولذلك فإنه يغني عن الإشارة إليها ما تسجله محاضر الجلسات. ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين لاعتبار البيان جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أن يكون ذكره ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها باعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الطرفين نزاع بشأنه.
3 - النسب كما يثبت في جانب الرجل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة بالفراش وبالبينة يثبت بالإقرار، ويشترط لصحة الإقرار بالبنوة أن يكون الولد مجهول النسب لا يعرف له أب، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي ولا ينفك بحال، كما أن الإقرار يتعلق به حق المقر له في أن يثبت نسبه من المقر وينتفي به كونه من الزنا. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند ضمن ما استند عليه في قضائه بثبوت نسب المورث من والده... إلى إقرار الأخير ببنوته في دعوى قيده بدفاتر المواليد، وكان هذا الإقرار بالبنوة قد تعلق به حق المورث في أن يثبت نسبه من والده المشار إليه، ولا يبطله أن يكون تاريخ وثيقة زواج والديه لاحقاً على تاريخ ميلاده التقديري، أو أن يسبق التاريخ الأخير إقرار والدته بانقضاء عدتها من طلاقها رجعياً من زوج سابق طالما لم يدع المذكور بنوته. لا يقدح في ذلك، أن مقتضى إقرار المرأة بانقضاء العدة أنها ليست بحامل، وأن عدة الحامل لا تنقضي إلا بوضع الحمل، وأن الولد الذي تأتي به بعد ذلك لا يلزم إسناده إلى حمل حادث بعد الإقرار، لأن مفاد ما خلص إليه الحكم أنه طالما تصادق الزوجان على نسبة المورث لهما بقيده في دفتر المواليد، فإن إقرار والدة المورث بانقضاء عدتها من مطلقها يسند إلى ما قبل الولادة، ورتب على ذلك أن المورث ولد على فراش زوجية صحيحة بالزوج الثاني، ونسبه موصول بهذا الأخير، وهو استخلاص موضوعي سائغ لدلالة الإقرار يستقل به قاضي الموضوع.
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأحكام التي تنشئ الحالة المدنية هي وحدها التي تكون حجة على الناس كافة دون تلك التي تقرها، والحكم الصادر بتقدير سن المورث وتحديد تاريخ ميلاده التقريبي يقرر حاله ولا ينشئها، باعتبار أنه لا يقصد منه سوى إثبات ميلاد المطلوب قيد اسمه بدفاتر المواليد ونسبته إلى أمه وأبيه.
5 - علة وجوب النفقة بالقرابة هو سد حاجة القريب ومنعه من السؤال صلة لرحمه، والسبب فيها هو قرابة الرحم المحرمية مع الأهلية للميراث، ومن ثم فإن موضوع النسب يكون قائماً في الدعوى بطلب نفقة القريب باعتباره سبب الالتزام بها لا تتجه إلى المدعى عليه إلا به، فيكون ماثلاً فيها وملازماً لها وتتبعه وجوداً وعدماً، لما كان ذلك. وكان حكم النفقة الذي استصدرته والدة المطعون عليه لصالحه في الدعوى رقم... صدر ضد والد المورث تأسيساً على أنه عم شقيق للمطعون عليه، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو استدل مما اشتمل عليه حكم النفقة من قضاء على ثبوت صلة قرابة المطعون عليه بالمورث وأنه ابن عم شقيق له باعتبارها سبب الالتزام بالنفقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 537 لسنة 1973 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه وآخر طالبة الحكم ببطلان الإشهادين الشرعيين رقمي 178 لسنة 1969 و230 لسنة 1970 الصادر أولهما من محكمة الموسكي الجزئية في 28/ 2/ 1969 والثاني من محكمة الدقي الجزئية في 23/ 10/ 1970 وبعدم التعرض لها بهما، وثبوت وفاة... في 19/ 9/ 1969 وانحصار إرثه فها وحدها بصفتها زوجته واستحقاقها جميع تركته فرضاً ورداً والأمر بعدم التعرض لها في ذلك، وقالت شرحاً لدعواها إن زوجها... توفى بتاريخ 19/ 9/ 1969 وترك ما تورث عنه شرعاً، وانحصر إرثه فيها بصفتها زوجته وتستحق جميع تركته فرضاً ورداً، وإذ استصدر المطعون عليه الإشهاد الشرعي رقم 230 لسنة 1970 وراثات الدقي باعتباره وارثه الوحيد بصفته ابن عم له، كما استصدر المدعى عليه الآخر الإشهاد الشرعي رقم 178 لسنة 1969 وراثات الموسكي باستحقاقه باقي التركة بعد نصيبها المفروض بصفته ابن خاله، وكان المذكوران لا يمتان بصلة قرابة لزوجها المتوفى، فقد أقامت الدعوى. كما أقام المطعون عليه الدعوى رقم 127 لسنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام ذات المحكمة ضد الطاعنة بطلب الحكم ببطلان الإشهاد الشرعي الصادر في المادة رقم 228 لسنة 1969 وراثات باب الشعرية تأسيساً على أنها ادعت فيه بأنها الوارثة الوحيدة وتستحق تركته فرضاً ورداً في حين أنه ابن عم شقيق لزوجها المتوفى ويستحق باقي تركته تعصيباً بعد نصيبها المفروض بصفتها زوجته. وبعد ضم الدعويين، حكمت المحكمة في 17/ 10/ 1973 بالإحالة إلى التحقيق لتثبت الطاعنة أنها الوراثة الوحيدة للمتوفى بوصفها زوجته وأن المطعون عليه والمدعى عليه الآخر ليسا من ورثته وليثبتا أنهما من ورثته ويستحقان في تركته، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 23/ 4/ 1973 بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت الطاعنة أن مورثها... ليس ابناً للمرحوم... وعقب سماع شهود الطرفين عادت فحكم في 17/ 2/ 1974 (أولاً) ببطلان الإشهادات الشرعية أرقام 178 لسنة 1969 الموسكي و228 لسنة 1969 باب الشعرية و270 لسنة 1970 الدقي (ثانياً) بوفاة... في 19/ 9/ 1969 وانحصار إرثه في زوجته الطاعنة وتستحق ربع تركته فرضاً وفي ابن عمه المطعون عليه ويستحق باقي تركته تعصيباً. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 3 لسنة 92 ق القاهرة طالبة إلغاءه والقضاء بطلباتها، وبتاريخ 6/ 6/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن وأبدت الرأي في الموضوع برفضه. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة ببطلان الطعن، أن الطاعنة لم تودع قلم الكتاب وقت تقديم تقرير الطعن صورة مطابقة للأصل من الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إليه في أسبابه، واكتفت بإيداع صورة عرفية منه مخالفة المادة 881 من قانون المرافعات.
وحيث إن الدفع مردود، ذلك أنه وإن كانت المادة 255 من قانون المرافعات والمادة 881 الواردة بالكتاب الرابع المضاف إليه توجبان على من يطعن بالنقض في الأحكام المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية أن يودع قلم كتاب محكمة النقض وقت التقرير بالطعن صورة طبق الأصل من الحكم الابتدائي متى أحال الحكم المطعون فيه إليه في أسبابه، وهو إجراء جوهري يترتب على إغفاله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان الطعن، إلا أنه لا محل لإعمال هذا الجزاء المترتب على الامتناع عن اتخاذ عمل إجراء معين، متى ثبت أن عنصر الإرادة الذي يمكن بمقتضاه تحقق القول بالامتناع السلبي غير متوافر، فإذا استحال الحصول على صورة مطابقة للأصل من حكم واجب تقديمها فإن الأثر القانوني وهو البطلان لا يتحقق إذ لا تكليف إلا بميسور. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الملف الابتدائي فقد قبل نظر الدعوى بمعرفة المحكمة الاستئنافية مما دعاها إلى الاستعاضة عنه بالصورة الرسمية من الحكم الابتدائي المقدمة من المطعون عليه، وبما قدمه الطرفان من صور المستندات السابق عرضها على محكمة أول درجة ومن ثم فقد استحال على الطاعنة الحصول على صورة طبق الأصل من الحكم الابتدائي، فلا يترتب البطلان على عدم تقديمها وقت التقرير بالطعن بالنقض، ويكون الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم خلا من الإشارة إلى واقعة فقد الملف الابتدائي بكل ما اشتمل عليه من أوراق ومستندات ومذكرات وأحكام إثبات وتحقيقات، واقتصر على إيراد أسباب الاستئناف، وخلص إلى أنها مردودة بما جاء بأسباب الحكم الابتدائي التي تبناها واتخذها أسباباً له، بما يوهم على غير الثابت بالأوراق أن العناصر الواقعية التي كانت مطروحة أمام محكمة أول درجة واستمدت عقيدتها منها عرضت على محكمة الدرجة الثانية، وأنها أعملت سلطتها في مراقبة المحكمة الابتدائية من حيث سلامة استخلاصها، في حين أن مشتملات الملف الابتدائي لم تكن تحت بصرها مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد جاء مبهماً على نحو يعجز محكمة النقض عن مراقبته سواء من حيث سلامة الإجراءات أو حسن الاستخلاص، وهو ما يعيبه بالبطلان فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن التعديل الذي جرى على المادة 178 من قانون المرافعات بمقتضى القانون رقم 13 لسنة 1973 قد استهدف - وعلى ما جلته المذكرة الإيضاحية - وجوب الاقتصار على اشتمال الحكم لعرض وجيز لوقائع النزاع وإجمال للجوهري من دفاع طرفيه، وإيراد الأسباب التي تحمل قضاء الحكم فيه، أما تفصيل الخطوات والمراحل التي قطعها النزاع أمام المحكمة فإنه تزيد لا طائل من ورائه، قد يضيع في غمارها أمام القاضي معالم الطريق إلى نقاط النزاع الجوهرية، ولذلك فإنه يغني عن الإشارة إليها ما تسجله محاضر الجلسات. ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين لاعتبار البيان جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أن يكون ذكره ضرورياً للفصل في الدعوى لتعلقه بسير الخصومة فيها باعتباره حلقة من حلقاتها قام بين الطرفين نزاع بشأنه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن واقعة فقد الملف الابتدائي أدرجت بمحاضر جلسات محكمة الاستئناف، وكانت المحكمة المذكورة - وعلى ما سلف بيانه - وجدت في الصورة الرسمية من الحكم الابتدائي المقدمة من المطعون عليه وفي صور المستندات السابق تقديمها من الطرفين أمام محكمة أول درجة ما يغني عن الملف المفقود، وكانت الطاعنة لم تنازع أمام محكمة الدرجة الثانية في مطابقة الصورة الرسمية المقدمة من الحكم الابتدائي للأصل مما يجعلها حجة قبلها إعمالاً للفقرة ( أ ) من المادة 130 من قانون الإثبات كما لم تدع قصوراً أو نقصاً في أسباب الحكم المذكور الواقعية أو مخالفتها للثابت بالأوراق، فإنه لا على الحكم المطعون فيه إذا لم يورد بأسبابه واقعة فقد الملف الابتدائي اكتفاء بإثباتها بمحاضر الجلسات ولا عليه أيضاً إن هو أحال بصدد الوقائع والمستندات المقدمة أمام محكمة أول درجة إلى ما أورده حكمها في هذا الخصوص ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني، وبالوجهين الثاني والثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن الثابت أن والدة المورث طلقت من زوجها الأول في 3/ 5/ 1905 وأنها تزوجت ثانية بالمنسوب بنوة المورث إليه في 21/ 2/ 1908، وإذ صادفت ولادة المورث محلها في 17/ 5/ 1907 أي في تاريخ سابق على زواجها الثاني، وقبل مضي سنتين على طلاقها من زوجها الأول فإنه ينسب إلى هذا الأخير عملاً بالراجح من مذهب أبي حنيفة المعمول به وقتذاك قبل صدور القانون رقم 25 لسنة 1929، وقد رد الحكم على هذا الدفاع بأن اتخذ من إقرار والدة المورث بانقضاء عدتها في عقد الزواج الثاني ما يفيد أن المورث غير معلوم النسب لآخر، مع أن هذا الإقرار لا يعني أنها رزقت بابنها من الزواج الثاني بل أن مولده قبله هو الذي يتفق ومؤداه، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه ساير الحكم الابتدائي في الاستدلال بشهادة قيد ميلاد المورث وبطاقته العائلية، في حين أن هذه البيانات مستقاة من الحكم الصادر من محكمة الصف الجزئية الذي يبين منه أن تاريخ ميلاده السابق على الزواج الثاني لوالدته، وهو حكم يحوز حجية الأمر المقضي في مواجهة الكافة. بالإضافة إلى أن هذا الحكم وقد اتخذت إجراءاته بواسطة المدعي بأنه والده فإنه يكون منطوياً على إقرار من هذا الأخير ينفي أبوته للصغير. إذ لو قصد ذلك لحدد تاريخاً لميلاده تالياً لتاريخ زواجه من والدته، وإذ لم يرد الحكم على هذا الدفاع فإنه علاوة على خطئه في تطبيق القانون يكون قاصر التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان النسب كما يثبت في جانب الرجل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالفراش وبالبينة يثبت بالإقرار، ويشترط لصحة الإقرار بالبنوة أن يكون الولد مجهول النسب لا يعرف له أب، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي ولا ينفك بحال، كما أن الإقرار يتعلق به حق المقر له في أن يثبت نسبه من المقر وينتفي به كونه من الزنا. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استند ضمن ما استند عليه في قضائه بثبوت نسب المورث من والده... إلى إقرار الأخير ببنوته في دعوى قيده بدفاتر المواليد، وكان هذا الإقرار بالبنوة قد تعلق به حق المورث في أن يثبت نسبه من والده المشار إليه، ولا يبطله أن يكون تاريخ وثيقة زواج والديه لاحقاً على تاريخ ميلاده التقديري، أو أن يسبق التاريخ الأخير إقرار والدته بانقضاء عدتها من طلاقها رجعياً من زوج سابق طالما لم يدع المذكور بنوته ولا يقدح في ذلك، أن مقتضى إقرار المرأة بانقضاء العدة أنها ليست بحامل، وأن عدة الحامل لا تنقضي إلا بوضع الحمل، وأن الولد الذي تأتي به بعد ذلك لا يلزم إسناده إلى حمل حادث بعد الإقرار، لأن مفاد ما خلص إليه الحكم أنه طالما تصادق الزوجان على نسبة المورث لهما بقيده في دفتر المواليد، فإن إقرار والدة المورث بانقضاء عدتها من مطلقها يسند إلى ما قبل الولادة، ورتب على ذلك أن المورث ولد على فراش زوجية صحيحة بالزوج الثاني، ونسبه موصول بهذا الأخير، وهو استخلاص موضوعي سائغ لدلالة الإقرار يستقل به قاضي الموضوع، ويكون النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال على غير أساس. لما كان ما تقدم، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأحكام التي تنشئ الحالة المدنية هي وحدها التي تكون حجة على الناس كافة دون تلك التي تقرها، وكان الحكم الصادر بتقدير سن المورث وتحديد تاريخ ميلاده التقريبي يقر حاله ولا ينشأها باعتبار أنه لا يقصد منه سوى إثبات ميلاد المطلوب قيد اسمه بدفاتر المواليد ونسبته إلى أمه وأبيه، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثارته الطاعنة بسبب النعي في قوله "... أما السن التقديرية للمورث الثابتة بالمستخرج الرسمي وبناء على حكم قضائي فإنه كما قالت محكمة أول درجة وبحق فإن تقدير السن إنما يخضع للظواهر الجسمانية والتي تختلف من شخص لآخر وذلك أمر ملموس للآن ولم يقطع به الطب العلمي برأي قاطع فلا يستطيع أحد تقدير السن بما يطابق واقع تاريخ الميلاد عند جهالته ومن أجل هذا جرى فقهاء المذهب الحنفي على أنه لا يحلف على السن لأنه كما سبق القول مما لا يدخل تحت العلم اليقيني الذي يرد عليه التحليف". وكان هذا الذي أورده الحكم يكفي للرد على دفاع الطاعنة المؤسس على واقعة ظنية لا يسوغ ابتناء الأحكام عليها، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أنه اكتفى رداً على أسباب الاستئناف بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي أقيم على ما استخلصته المحكمة من أقوال شاهدي المطعون عليه التي اطمأنت إليها، في حين أن هذه الأقوال لم تكن تحت بصر محكمة الدرجة الثانية تبعاً لفقد الملف الابتدائي، مما يفيد افتقار لمحكمة أول درجة في هذا الاستخلاص وهو ما ينطوي على إخلال الحكم المطعون فيه بالأثر الناقل للاستئناف، وتخليه عن تقدير الدليل مما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أيد الحكم الابتدائي فيما أقام عليه قضاءه من أن بنوة المورث من... قام عليها الدليل مما أثبتت ببطاقته العائلية، وما يستشف من دلالة الحكم الصادر بقيده في دفاتر المواليد وما شهد به شاهدا المطعون عليه على هذه البنوة وأنها ثمرة زواج صحيح من والديه، وكانت المحكمة الاستئنافية قد أفصحت عن مبررات أخذها بأقوال الشاهدين بأنها وافقت المستندات التي كونت اقتناعها، وكانت الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الاستئناف بمخالفة ما حصلته محكمة أول درجة من أقوال الشهود للثابت بالأوراق أو فساد ما استخلصته منها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه إحالته إلى الحكم الابتدائي في هذا الخصوص دون الرجوع إلى أصلها من الأوراق لمراقبة تقدير الدليل المستمد منها يكون وارداً على غير محل.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الرابع من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه، الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن المحكمة لم تستجب لطلبها المبدى في فترة حجز الدعوى للحكم بإتاحة الفرصة لها لإبداء دفاعها وضرورة الإحالة إلى التحقيق حتى تخضع أقوال الشهود لرقابتها بعد فقدان الملف الابتدائي، وباعتبار أن البينة كانت هي دعامة الحكم الابتدائي، وأن باقي الأدلة لا تكفي لتكوين عقيدتها، وهو ما يعيب الحكم بالإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا انعقدت الخصومة بإعلان الخصوم على الوجه المنصوص عليه في قانون المرافعات واستوفى كل خصم دفاعه وحجزت الدعوى للحكم انقطعت صلة الخصوم بها، ولم يبق لها اتصال بالدعوى إلا بالقدر الذي تصرح به المحكمة. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن مذكرة الطاعنة التي تضمنت طلباً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لم تقدم إلا بعد أن حجزت الدعوى للحكم دون التصريح بتقديم مذكرات، فإنه لا على المحكمة إذا لم تعرض لهذه المذكرة ولم تستجب لما تضمنته من طلبات وأوجه دفاع، ويكون النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الخامس من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه استدل على صلة القرابة التي يدعيها المطعون عليه بحجية حكم النفقة رقم 1271 لسنة 25/ 1926 الذي استصدرته والدة المطعون عليه لصالحه ضد والد المورث باعتباره عماً له، في حين أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية لا تكون إلا للأحكام المنشئة للحالة المدنية دون تلك التي تقررها، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت علة وجوب النفقة بالقرابة هو سد حاجة القريب ومنعه من السؤال صلة لرحمه، وكان السبب فيها هو قرابة الرحم المحرمية مع الأهلية للميراث، فإن موضوع النسب يكون قائماً في الدعوى بطلب نفقة القريب باعتباره سبب الالتزام بها لا تتجه إلى المدعى عليه إلا به، فيكون ماثلاً فيها وملازماً لها وتتبعه وجوداً وعدماً، لما كان ذلك. وكان حكم النفقة الذي استصدرته والدة المطعون عليه لصالحه في الدعوى رقم 1271 لسنة 25/ 1926 شرعي مصر صدر ضد والد المورث تأسيساً على أنه عم شقيق للمطعون عليه، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو استدل بما اشتمل عليه حكم النفقة من قضاء على ثبوت صلة قرابة المطعون عليه بالمورث وأنه ابن عم شقيق له باعتبارها سبب الالتزام بالنفقة، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 21 لسنة 28 ق جلسة 27 / 10 / 1960 مكتب فني 11 ج 3 أحوال شخصية ق 84 ص 540

جلسة 27 من أكتوبر سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمود القاضي، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.

------------------

(84)
الطعن رقم 21 سنة 28 ق أحوال شخصية

أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمصريين" "النفقة". نفقة. إثبات "قوة الأمر المقضي". نقض "حالات الطعن" "الطعن بمخالفة حكم سابق".
الحكم الصادر بالنفقة يجوز حجية مؤقتة. يرد عليه التغيير والتبديل كما يرد عليه الإسقاط بسبب تغيير دواعيها. هذه الحجية تظل باقية طالما أن دواعي النفقة وظروف الحكم بها لم يتغير. الحكم الذي ينكر هذه الحجية رغم أنه لم يحصل تغيير مادي أو قانوني في مركز الطرفين. مخالف للقانون. جواز الطعن فيه بالنقض عملاً بالم 426 مرافعات.

---------------------
الأصل في الأحكام الصادرة بالنفقة أنها ذات حجية مؤقتة لأنها مما يقبل التغيير والتبديل وترد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف كما يرد عليها الإسقاط بسبب تغير دواعيها - إلا أن هذه الحجية المؤقتة تظل باقية طالما أن دواعي النفقة وظروف الحكم بها لم تتغير، فالحكم الذي ينكر هذه الحجية يكون قد خالف القانون ويجوز الطعن فيه بالنقض عملاً بالمادة 426 من قانون المرافعات. فإذا كان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن محكمة الدرجة الأولى إنما رددت في أسباب حكمها المراحل التي انتهت بصدور حكم المجلس الملي العام - الذي قضى برفض دخول الطاعنة في طاعة زوجها وقضى لها بالنفقة - ولم تستند في القضاء بإسقاطها إلى سبب استجد بعد صدور ذلك الحكم وإنما استندت إلى ذات الظروف التي قضى المجلس الملي العام رغم قيامها بوجوب النفقة فإن الحكم المطعون فيه إذا قضى بإسقاط النفقة تأسيساً على النشوز يكون قد خالف القانون بإنكاره حجية حكم النفقة السابق ولأنه صدر على خلاف ذلك الحكم على الرغم من أنه لم يحصل تغيير مادي أو قانوني في مركز الطرفين يسوغ الحكم بإسقاط النفقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى 1075 لسنة 1956 أمام محكمة المنيا الجزئية للأحوال الشخصية يطلب الحكم بتخفيض النفقة المقررة للطاعنة بالحكم رقم 426 لسنة 1955 مجلس ملي عالي مصر لعدم مناسبة هذا المبلغ لحالته المالية بعد وفاة والده وإلغائه بالنسبة للكفيل (والده) لوفاته - كما أقامت الطاعنة من جانبها الدعوى 1102 سنة 1956 لدى محكمة المنيا الجزئية للأحوال الشخصية ضد زوجها المطعون عليه بطلب الحكم بزيادة النفقة المقررة بالحكم الملي الآنف ذكره إلى الحد المناسب لها ولولدها محب تأسيساً على أن حالة زوجها المالية قد تحسنت بوفاة والده وأثناء سير الدعوى عدل المطعون عليه طلباته إلى الحكم أصلياً بإسقاط حكم النفقة المشار إليه واحتياطياً تخفيض هذا الحكم بما يتناسب وحالته المالية ضمت الدعويان وتحدد لنظر النزاع جلسة 4 ديسمبر سنة 1956 للاطلاع على المستندات المقدمة من المطعون عليه والرد عليها ولضم قضايا ولحضور الطاعنة شخصياً. ولم تحضر الطاعنة. وأصدرت محكمة أول درجة حكمها في 25 ديسمبر سنة 1956 حضورياً بإسقاط نفقة الطاعنة بصفتها زوجة من تاريخ صدور الحكم ورفض دعواها الخاصة بالزيادة وبإلزام المطعون عليه بأن يدفع للطاعنة بصفتها حاضنة لولدها محب مبلغ عشرة جنيهات كنفقة - استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة المنيا الابتدائية للأحوال الشخصية وقيد استئنافها برقم 5 سنة 1957 وطلبت القضاء بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والقضاء برفض دعوى زوجها والحكم لها بالنفقة التي طلبتها وأسست استئنافها على أنها غير ناشز لأن الثابت من قضاء المجلس الملي أن الزوج سيء السلوك وأن هذا الزوج أقام الدعوة بتطليقها فقضى برفضها وثبت في هذا الحكم عدم صحة ما نسب إليها وأن والدها عرض أثناء نظر النزاع أمام المجلس الملي العالي أن تعيش معه إذا اختار لها سكناً بعيداً عن أهل السوء حتى يتسنى مراقبته ويصلح شأنه ولذلك لا محل لاعتبارها ناشزاً وإسقاط نفقتها بل أنها تستحق الزيادة بسبب يسار زوجها بعد وفاة أبيه - وأصدرت محكمة المنيا الابتدائية حكمها في 29 من مايو سنة 1958 بتأييد الحكم المستأنف للأسباب التي أوردتها محكمة الدرجة الأولى - فطعنت الزوجة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في 15 يونيه سنة 1958 بقلم كتاب هذه المحكمة - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1959 وفيها حضر وكيل الطاعنة وأصر على طلباته كما صممت النيابة العامة على مذكرتها المتضمنة رأيها بنقض الحكم - وأصدرت دائرة الفحص قرارها بتلك الجلسة بإحالة الطعن إلى دائرة الأحوال الشخصية وأعلن تقرير الطعن بعد ذلك إلى المطعون عليه في الميعاد القانوني وأودعت الطاعنة كذلك في الميعاد القانوني أصل ورقة إعلان الطعن مع المذكرة الشارحة. وقدمت النيابة مذكرة تكميلية صممت فيها على رأيها السابق ثم حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 13 أكتوبر سنة 1960 وفيها أصرت الطاعنة والنيابة العامة على رأيهما.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في السبب الأول أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإسقاط النفقة المقررة للطاعنة بموجب حكم المجلس الملي العام رقم 426 لسنة 1955 - القاضي برفض دخول الطاعنة في طاعة زوجها والحكم لها بالنفقة قد فصل في النزاع على خلاف حكم المجلس الملي العام وهو صادر بين الطرفين في ذات النزاع وحائز لقوة الشيء المحكوم فيه - وفي بيان ذلك تقول إنه جاء بأسباب حكم المجلس الملي العام المرتبطة بالمنطوق والتي تحوز قوة الشيء المحكوم فيه "أن القضاء للزوجة بالنفقة صحيح في ذاته. وبالرغم من أنها ترفض الإقامة مع زوجها ببلدة الفكرية لما ثبت من الاطلاع على الأوراق من أن الزوج يجنح إلى سلوك يبرر مسلك الزوجة في عدم رضائها الإقامة معه في تلك المدينة. إلا أن المجلس يرى تخفيض النفقة إلى 25 جنيهاً..." ومفاد ذلك أن الطاعنة تستحق النفقة رغماً من رفضها الإقامة مع زوجها. وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من إعادة بحث قيام المسوغ الشرعي لرفض الزوجة الإقامة مع زوجها وهو ما قطع فيه المجلس الملي العام برأيه خطأ في القانون لصدوره على خلاف ذلك. الحكم النهائي - ومساسه بقوة الشيء المحكوم فيه خاصة وأن الظروف لم تتغير.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أنه وإن كان الأصل في الأحكام الصادرة بالنفقة أنها ذات حجية مؤقتة لأنها مما يقبل التغيير والتبديل. وترد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف كما يرد عليها الإسقاط بسبب تغير دواعيها إلا أن هذه الحجية المؤقتة تظل باقية طالما أن دواعي النفقة وظروف الحكم بها لم تتغير. فالحكم الذي ينكر هذا الحجية يكون قد خالف القانون ويجوز الطعن فيه بالنقض عملاً بالمادة 426 من قانون المرافعات - ومن كان ذلك وكان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن محكمة الدرجة الأولى إنما رددت في أسباب حكمها المراحل التي انتهت بصدور حكم المجلس الملي العام الصادر في 21 ديسمبر سنة 1955 ولم تستند في القضاء بإسقاط النفقة إلى سبب استجد بعد صدور ذلك الحكم - وإنما استندت في القضاء بإسقاط النفقة إلى سبب استجد بعد صدور ذلك الحكم - وإنما استندت إلى ذات الظروف التي قضى المجلس الملي العام رغم قيامها بوجوب النفقة. فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإسقاط النفقة تأسيساً على النشوز يكون قد خالف القانون بإنكاره حجية حكم النفقة السابق، ولأنه صدر على خلاف ذلك الحكم على الرغم من أنه لم يحصل تغيير مادي أو قانوني في مركز الطرفين يسوغ الحكم بإسقاط النفقة. وعلى ذلك فإنه يتعين نفض الحكم والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف الصادر من محكمة المنيا الجزئية فيما قضى به من إسقاط النفقة وبعدم جواز نظر هذا الطلب لسابقة الفصل فيه.

الطعن 532 لسنة 26 ق جلسة 30 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 24 ص 189

جلسة 30 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد ذكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

------------------

(24)
الطعن رقم 532 لسنة 26 القضائية

(أ ) أحوال شخصية. "زواج". حق. "حق مكتسب".
لا يكسب عقد الزواج أياً من الزوجين فيما يختص بالطلاق أو التطليق حقاً مكتسباً في استبقاء عروة الزوجية معقودة طبقاً للقانون الذي كان يحكم به قبل تغيير الزوج ديانته.
(ب) أحوال شخصية. "طلاق". "نفقة". "حجية حكم النفقة" تعويض.
الحكم الصادر بالنفقة يحوز حجية مؤقتة. يرد عليه التغيير والتبديل كما يرد عليه الإسقاط. باعتناق الزوج الإسلام لا يكون لحكم النفقة السابق صدوره وجود فيما جاوز مدة السنة بعد إيقاعه الطلاق. اعتبار لحكم أن إيقاع الطلاق قصد به تحقيق مصلحة غير مشروعة هي إسقاط حكم النفقة ورتب على ذلك الحكم بالتعويض عن الطلاق مخالفة للقانون.

----------------
1 - لا يكسب عقد الزواج أياً من الزوجين - فيما يختص بالطلاق أو التطليق حقاً مستقراً ومن ثم فلاً يصح التحدي من أحد الزوجين قبل الآخر بأن له حقاً مكتسباً في استبقاء عروة الزوجية معقودة طبقاً للقانون الذي كان يحكم به قبل تغيير الزوج ديانته.
2 - الحكم الصادر بالنفقة يجوز حجية مؤقتة فيرد عليه التغيير والتبديل كما يرد عليه الإسقاط بسبب تغيير دواعيها. فإذا كان الثابت من الأوراق أنه مع اعتناق الطاعن (الزوج) الإسلام لم يعد الحكم النفقة السابق صدوره قبله من المجلس الملي، وجود فيما جاوز مدة السنة بعد إيقاعه الطلاق وكان الثابت أيضاً أن المطعون عليها (الزوجة) قد استوفت حقها في هذا الخصوص فإنه لا يكون لها بعد ذلك أن تتحدى بقيام حكم النفقة سالف الذكر كسبب لطلبها التعويض عن طلاقها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن إيقاع الطاعن للطلاق كان قد قصد به تحقيق مصلحة غير مشروعة وهي إسقاط حكم النفقة فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 2001 سنة 1952 مصر ضد الطاعن والسيد/ أنطوان عساف ووزير العدل طلبت فيها الحكم: أولاً ببطلان حكم محكمة مصر الشرعية في القضية الاستئنافية رقم 2678 سنة 51 واعتباره كأن لم يكن. ثانياً - إلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف والأتعاب والنفاذ وقالت شرحاً لدعواها إنها تزوجت من الطاعن في 9 أكتوبر سنة 1941 أمام بطريركية الطائفة المارونية وعاشت معه فترة من الزمن عيشة هادئة وسلمته مالها ولكنه تنكر لها بتحريض المدعى عليه الثاني وهو ولد عاق لها من زوج آخر فطالبت الطاعنة بالنفقة أمام المجلس الملي وقضى لها بذلك إلا أنه أرهقها في اقتضائها ثم عمد إلى إشهار إسلامه ليتحلل من حكم النفقة ولجأ إلى القضاء الشرعي طالباً إثبات طلاق المطعون عليها منه طلاقاً مكملاً للثلاث فقضى له بذلك ولما كان إسلامه صورياً لأنه لا زال يتردد على دور عبادة ديانته الأولى ولم يكن يهدف من إسلامه المزعوم إلا ليتخلص من المطعون عليها ومن التزامه بنفقتها فإنهما يظلان خاضعين للقضاء الملي ولا يعتد بتغير الديانة المدعى به وتكون المحكمة الشرعية غير مختصة بالنظر في الدعوى ويكون حكمها قد صدر باطلاً وحق للمطعون عليها أن تطالب بالتعويض عما أصابها من ضرر بسبب ذلك وبسبب تعسف الطاعن في طلاقها ثم تنازلت عن مخاصمة المدعى عليه الثاني وقد دفعت وزارة العدل بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لانعدام ولايتها وقضت المحكمة في 22 نوفمبر سنة 1954 برفض الدفع بعدم الاختصاص وبرفض الدعوى فطعنت المطعون عليها في هذا الحكم بطريق الاستئناف وقيد استئنافها برقم 129 سنة 72 ق استئناف القاهرة ضد الطاعن وحده طالبة إلغاء الحكم المستأنف في خصوص ما قضى به من رفض طلب التعويض وفي 20 نوفمبر سنة 1956 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها مبلغ ألفي جنيه بصفة تعويض فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 26 ديسمبر سنة 1956 طالباً نقضه للأسباب الواردة بتقرير الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 4 فبراير سنة 1961 إحالته على هذه الدائرة حيث صمم الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وصممت النيابة على طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أنه أقام قضاءه بالتعويض على أن الطاعن استعمل حق الطلاق استعمالاً غير مشروع قصد به تحقيق مصلحة غير مشروعة هي إسقاط حكم النفقة الصادر للمطعون عليها طبقاً لشريعة العقد وهذا القضاء يخالف أحكام القانون التي توجب تطبيق أحكام الشريعة الغراء وهى ديانة الزوج عند إيقاع الطلاق كم يخالف ما استقر عليه القضاء من عدم وجود حقوق مكتسبة استناداً إلى القانون الذي أبرم الزواج في ظله.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالتعويض على أن المحكمة "ترى أن الزوج في استعمال حق الطلاق - وذلك بقطع النظر في جدية إسلامه أو عدم جديته وما ثبت من أن الزوج تردد على دار العبادة للدين الذي كان يعتنقه حين الزواج رغم إشهار إسلامه المزعوم - ترى في استعمال حق الطلاق هذا استعمالاً غير مشروع قصد به تحقيق مصلحة غير مشروعة وهى إسقاط حكم النفقة الصادر للمستأنفة طبقاً لأحكام شرعية العقد ويتعارض مع قواعد النظام العام التي تقرر قداسة الحقوق المكتسبة بقدر تقريرها حرية العقيدة" وهذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون ذلك أن الحكم الصادر بالنفقة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يجوز حجية مؤقتة يرد عليه التغيير والتبديل كما يرد عليه الإسقاط بسبب تغيير دواعيها كما أن عقد الزواج لا يكسب أياً من الزوجين فيما يختص بالطلاق أو التطليق حقاً مستقراً ولا يصح التحدي من أحد الزوجين قبل الآخر بأن له حقاً مكتسباً في استبقاء عروة الزوجية معقودة طبقاً للقانون الذي كان يحكم به قبل تغيير الزوج ديانته والثابت من الأوراق أنه مع اعتناق الطاعن الإسلام لم يعد لحكم النفقة الصادر من المجلس الملي وجود فيما جاوز مدة السنة بعد إيقاع الطاعن الطلاق على ما قضت به محكمة النقض بهيئتها العامة بين الطرفين في 25 فبراير سنة 1956 في القضية رقم 4 سنة 25 ق وقد استوفت المطعون عليها حقها في هذا الخصوص فليس لها بعد ذلك - أن تتحدى بقيام حكم هذه النفقة المقضي لها بها من المجلس الملي المشار إليه والحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر واعتبر أن إيقاع الطاعن للطلاق كان قد قصد به تحقيق مصلحة غير مشروعة وهى إسقاط حكم النفقة المشار إليه يكون قد خالف القانون مما تستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 4 لسنة 40 ق جلسة 24 / 5 / 1972 مكتب فني 23 ج 2 أحوال شخصية ق 156 ص 1003

جلسة 24 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وحامد وصفي، وعثمان حسين عبد الله.

-----------------

(156)
الطعن رقم 4 لسنة 40 ق "أحوال شخصية"

(أ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "طلاق".
شريعة الأقباط الأرثوذكس. إجازتها طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته نحوه متى أدى ذلك إلى استحكام النفور والفرقة ثلاث سنين متوالية على ألا يكون الخطأ في جانب طالب التطليق.
(ب) أحوال شخصية "حجية حكم النفقة". حكم. "حجية الحكم".
أحكام النفقة. حجيتها مؤقتة لأنها مما تقبل التغيير بسبب تغير الظروف.
(ج) حكم. "تسبيب الحكم".
المحكمة غير ملزمة بتتبع حجج الخصوم والرد على كل منها استقلالاً. يكفي أن تقيم قضاءها على أسباب كافية لحمله.
(د) قضاة. "صلاحية القاضي". أحوال شخصية. "دعوى الأحوال الشخصية".
سبق نظر القاضي دعوى النفقة. ليس ثمة سبب لعدم الصلاحية يمنعه من نظر دعوى التطليق للفرقة.

-------------------

1 - تجير المادة 57 من مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية الأقباط الأرثوذكس، طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته نحوه إخلالاً جسيماً أدى إلى استحكام النفور بينهما، وانتهى الأمر بافتراقهما ثلاث سنين متوالية (1)، على ألا يكون ذلك الخطأ من جانب طالب التطليق حتى لا يستفيد من خطئه.
2 - الأصل في الأحكام الصادرة بالنفقة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (2) - أنها ذات حجية مؤقتة، لأنها مما تقبل التغيير والتعديل، وترد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف، كما يرد عليها الإسقاط بسبب تغير دواعيها.
3 - متى كانت المحكمة قد بينت الحقيقة التي اقتنعت بها، وأقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمل الحكم، فلا تكون بعد ملزمة بأن تتبع جميع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم وأن ترد على كل منها استقلالاً، لأن قيام الحقيقة التي استخلصتها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها.
4 - نظر القاضي دعوى النفقة، لا يمنعه من نظر دعوى التطليق للفرقة، لاختلاف كل من الدعويين عن الأخرى، وبالتالي لا يكون هناك سبب لعدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 734 سنة 1967 ملي القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها منه، وقالت بياناً لدعواها إنها تزوجته بتاريخ 17/ 11/ 1960 طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس، ورزقت منه بطفلة إلا أنه أساء معاشرتها مما اضطرها إلى ترك منزل الزوجية منذ أول شهر مايو سنة 1962، وأقامت عليه الدعوى رقم 674 لسنة 1962 أحوال شخصية روض الفرج تطالبه بنفقتها ونفقة ابنتها منه، ثم أقامت عليه الدعوى رقم 15 لسنة 1966 أمام نفس المحكمة تطالبه بزيادة النفقة المحكوم بها لابنتها، وقضي فيها بزيادة هذه النفقة إلى ستة جنيهات شهرياً غير أنه كان يحاول عرقلة تنفيذ أحكام النفقة التي صدرت ضده، وإذ استمرت الفرقة أكثر من خمس سنوات متوالية، واستحالت الحياة الزوجية بينهما بخطئه، فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها، وبتاريخ 16/ 3/ 1968 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن أساء معاشرتها وأخل بواجبات الزوجية نحوها، وافترق عنها مدة تزيد على ثلاث سنوات واستحكم الخلاف بينهما خلالها بصورة جعلت عودة الحياة الزوجية مستحيلة، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 30/ 11/ 1968 فحكمت بتطليق المطعون عليها من الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 97 لسنة 85 ق القاهرة للأحوال الشخصية "ملي" طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وبتاريخ 24/ 11/ 1969 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثلاثة الأولى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن الحكم قضى بتطليق المطعون عليها منه استناداً إلى أنه هجر منزل الزوجية وامتنع عن الإنفاق على المطعون عليها، واستدل الحكم على ذلك بأن الطاعن لم يستجب للإنذار الذي وجهته إليه المطعون عليها بتاريخ 22/ 12/ 1964 وطلبت فيه استئناف الحياة الزوجية، في حين أنه ثبت من الشكوى رقم 2541 لسنة 1962 إداري روض الفرج أن الطاعن هو الذي طرد من منزل الزوجية بعد أن اعتدت عليه والدة المطعون عليها وأخوتها بالضرب كما أن حكم النفقة الصادر في الدعوى رقم 674 لسنة 1962 روض الفرج للأحوال الشخصية قد ألغي استئنافياً بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 137 لسنة 1963 مستأنف ملي القاهرة، لأن المطعون عليها ناشز تسقط عنها نفقتها وقد حاز هذا الحكم قوة الشيء المحكوم فيه، وتمسك الطاعن في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأنه لا يجوز الاستناد في الحكم بالتطليق إلى الادعاء بالامتناع عن الاتفاق، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد هذا الدفاع الجوهري، وقضى بالتطليق مهدراً حجية الحكم المشار إليه ورغم أن الزوجة هي المخطئة مما يعيبه بمخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، هذا إلى أنه لا يجوز الاستناد إلى الإنذار المؤرخ 22/ 12/ 1964 لأن المطعون عليها ضمنته شروطاً تتنافى مع الأصول الجوهرية للزواج مما لا يستفاد منه رغبتها في عودة الحياة الزوجية، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 57 من مجموعة سنة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي طبقها الحكم المطعون فيه على واقعة الدعوى تجيز طلب الطلاق إذا أساء أحد الزوجين معاشرة الآخر أو أخل بواجباته نحوه إخلالاً جسيماً أدى إلى استحكام النفور بينهما وانتهى الأمر بافتراقهما ثلاث سنين متوالية على ألا يكون ذلك بخطأ من جانب طالب التطليق حتى لا يستفيد من خطئه، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون عليها من الطاعن على ما قرره من "أن الثابت من أقوال شاهدي المدعية - المطعون عليها - التي تطمئن إليها المحكمة أن الزوجين عاشا معاً في سلام في مبدأ حياتهما الزوجية حتى شب النزاع بينهما في خلال سنة 1962 بسبب جفوة الزوج وسوء معاملته لزوجته مقتراً شحيح الإنفاق رغم قدرته، فهو يعمل موظفاً ويتقاضى عن ذلك أجراً، وقد تكدرت الحياة الزوجية بسبب ذلك، ومن ثم يكون الهجر من جانب المدعى عليه ومرده إليه فهو الذي ترك منزل الزوجية ورفض استئناف الحياة الزوجية، وعدم الإنفاق على الزوجة ثابت من تحرير الإيصالات المشار إليها آنفاً بمحافظة المدعية، الأمر الذي اضطرها لرفع دعوى تطالبه فيها بالنفقة الواجبة لها، وقد أبدت الزوجة رغبتها في استئناف الحياة الزوجية في الإنذار الذي وجهته إلى المدعى عليه بتاريخ 22/ 12/ 1964 ورغبتها في عود الحياة الزوجية إلى حالتها الطبيعة، ولا تدل عقود الإيجار المقدمة من المدعى عليه على أنه هيأ لها مسكناً مستقلاً، فهي عقود عرفية من السهل اصطناعها، وإذ كان الثابت أن عدم استئناف الحياة الزوجية كان بخطأ الزوج المدعى عليه وحمله زوجته على الإقامة بمنزل والدتها وتركها فيه بلا نفقة ولا إنفاق وطلبه الطلاق منها في مقابل جعل من المال، مما يؤكد أنه عازف عن بقاء رابطة الزوجية غير راغب في استمرارها، وأنه وقف من الزوجة موقفاً معادياً ينطوي على الإعنات وعلى سوء خلق لا يتفق ومسلك الزوج الأمين، مع أنها لم ترتكب خطأ يبرر هجر زوجها لها ويستدعى تلك الفرقة التي طال أمدها لأكثر من ثلاث سنوات، وهى ما تشترطه المادة 57 المشار إليها، فإن تصدع الحياة الزوجية يعود إليه ومن جانبه هو فليس له أن يفيد مما أثم، وإن كان ثمة خطأ يسنده المدعى عليه إلى زوجته من أنها ناشز فقد ثبت عكس ذلك، إذ ثبت للمحكمة أنه هو الذي قام بطردها من منزل الزوجية إلى منزل والدتها، وحيث أنه لما تقدم جميعه وقد استمرت الفرقة بين الطرفين لمدة تربو على الست السنوات لم ينفع في خلالها مسعى التوفيق وأصبح استمرار العشرة بينهما مستحيلاً تكون دعوى الطلاق مقبولة لقيامها على أساس سليم من الواقع والقانون وتعين إجابة المدعية إلى ما طلبته"، لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم أن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها التقديرية أن تصدع الحياة الزوجية كان بخطأ الطاعن، واستندت في ذلك إلى أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه، ولما كان الأصل في الأحكام الصادرة بالنفقة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنها ذات حجية مؤقتة، لأنها مما تقبل التغيير والتبديل وترد عليها الزيادة والنقصان بسبب تغير الظروف، كما يرد عليها الإسقاط بسبب تغير دواعيها، وكان يبين مما قرره الحكم على النحو سالف البيان أنه أشار إلى امتناع الطاعن عن الإنفاق على زوجته كمظهر لإخلاله بواجباته نحوها بالإضافة إلى المظاهر الأخرى التي ساقها، واستدل الحكم على ذلك بالإيصالات التي حررها الطاعن على نفسه وتعهد فيها قبل رفع دعوى النفقة بدفع مبالغ معينة لزوجته وابنته منها في مقابل السكن ونفقات المعيشة، مما لا محل معه للتحدي بحجية الحكم الصادر بعد تحرير تلك الإيصالات في الدعوى رقم 137 لسنة 1963 مستأنف ملي القاهرة بإسقاط حق المطعون عليها في النفقة لنشوزها، ولما كان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من الشكوى رقم 2541 لسنة 1962 إداري روض الفرج والإنذار المؤرخ 22/ 12/ 1964، مما يكون نعيه فيما أثاره بشأنهما عارياً عن الدليل. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالثلاثة الأسباب الأولى يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور يبطله، ذلك أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون عليها بتحريض من والدتها عملت على حل عقدة زواجها، فأقامت ضده الدعوى رقم 1101 لسنة 1962 أحوال شخصية القاهرة الابتدائية تطلب الحكم ببطلان عقد الزواج للعنة وقضى فيها بالرفض، وقد ثبت بعد التحقيق الذي أجرته المحكمة في الدعوى رقم 137 لسنة 1163 مستأنف ملي الخاصة بالنفقة أن المطعون عليها اشترطت للصلح أن يحصل الطاعن على شهادة من مكتب التأهيل بصلاحيته للمعاشرة الجنسية فاستجاب لطلبها، ولكنها طعنت على الشهادة التي أحضرها فأمرت المحكمة بعرضه على الطبيب الشرعي، وثبت من تقريره أن الطاعن في حالة طبيعة ولكن المطعون عليها أصرت على موقفها من عدم رغبتها في استئناف الحياة الزوجية، غير أن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع الجوهري مما يعيب حكمها بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت مما سلف بيانه في الرد على ثلاثة الأسباب الأولى أن المحكمة بينت الحقيقة التي اقتنعت بها، وهى أن استحكام النفور بين الزوجين واستمرار الفرقة بينهما أكثر من ثلاث سنوات متصلة كان بخطأ الطاعن، وأقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمل الحكم فلا تكون بعد ملزمة بأن تتبع جميع حجج الخصوم وأوجه دفاعهم وأن ترد على كل منها استقلالاً لأن قيام الحقيقة التي استخلصتها فيه الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات والقصور، ذلك أن الأستاذ لويس عزيز أبادير أحد القضاة الذين أصدروا الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه غير صالح لنظر الدعوى، لأنه سبق أن أصدر حكم النفقة لصالح الزوجة في الدعوى رقم 674 لسنة 1962 روض الفرج للأحوال الشخصية، وقد ألغى الحكم في الاستئناف خاصة وأن الحكم الابتدائي قد استند في التطليق لذات الوقائع التي كانت أساس حكم النفقة، فيكون الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان، وقد تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بهذا الدفاع غير أنها أغلفت الرد عليه مما يعيب حكمها بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت الفقرة الخامسة من المادة 146 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 تنص على أن يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى شهادة فيها، ولما كان نظر القاضي دعوى النفقة لا يمنعه من نظر دعوى التطليق للفرقة لاختلاف كل من الدعويين عن الأخرى، وبالتالي لا يكون هناك سبب لعدم الصلاحية، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.


 (1) نقض 22 من إبريل 1970 مجموعة المكتب الفني السنة 21 ص 673.
 (2) نقض 30 يناير سنة 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 189.

الطعــن 19806 لسنة 87 ق جلسة 19 / 1 / 2020

 باســم الشعــب

محكمــة النقــض

دائـــرة الأحد ( أ ) الجنائية

الطعــن رقم ١٩٨٠٦ لسنة ٨٧ قضائية

جلسـة الأحـد الموافق١٩من يناير سنة ٢٠٢٠

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيد القاضي / حمـد عبد اللطيف نائب رئيس المحكمـــة وعضوية السادة القضاة / خالـد مقلـد ، محمد قنديل و أسـامة عبد الرحمن أبو سليمه نواب رئيس المحكمة ، محمد غنيــم

ــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) استيقاف . مرور . قانون " تفسيره ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

المادتان ١٢ و ٤١ من القانون ٦٦ لسنة ١٩٧٣ المعدل بإصدار قانون المرور . مفادهما ؟

لرجل الشرطة أو المرور استيقاف أي مركبة للاطلاع على رخصتي التسيير والقيادة دون التقيد بوقت معين أو ظروف خاصة .

الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه . موضوعي . مادام سائغاً .

مثال لرد سائغ من الحكم على الدفع ببطلان الاستيقاف .

(٢) استيقاف . تلبس . مرور . مواد مخدرة . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر حالة التلبس" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

المادة ٦٦ من قانون المرور ٦٦ لسنة ١٩٧٣ المعدلة . مفادها ؟

تقدير توافر حالة التلبس . موضوعي .

ايقاف مأمور الضبط القضائي للسيارة قيادة الطاعن للاطلاع على تراخيصها. مشروع . ظهور علامات على الطاعن دالة على أنه تحت تأثير مخدر وموافقته على إجراء تحليل بمعرفة الكيميائي المصاحب للحملة أسفر عن تعاطيه لمخدر . يبيح القبض عليه .

مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس .

(٣) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء ". نقض " أسباب الطعن . مالا يُقبل منها ".

تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه لتقاريرهم من مطاعن . موضوعي .

المجادلة في تقرير الخبير الذي اطمأنت له المحكمة أمام محكمة النقض . غير جائزة .

مثال .

(٤) إثبات " شهود ". بطلان . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

من يقوم بإجراء باطل . لا تُقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟

للمحكمة أن تعول على أقوال ضابط الواقعة . متى كان لا بطلان فيما قام به من إجراءات .

(٥) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . مالا يوفره ". حكم " مالا يعيبه في نطاق التدليل ".

عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع المبدى في عبارة مرسلة لا تشتمل على بيان المقصد منها .

مثال .

(٦) إثبات " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود ". نقض " أسباب الطعن . مالا يُقبل منها ".

النعي على الحكم تعويله على أقوال شاهد سبق اتهامه في قضية رشوة . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(٧) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . مالا يوفره ".

الدفع بعدم معقولية الواقعة ونفي الاتهام وانقطاع الصلة بالعينة محل التحليل . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائــع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ..... لسنة ٢٠١٦ مركز مطوبس (والمقيدة بالجدول الكلي برقم ..... لسنة ٢٠١٦) بوصف أنه في يوم ١٨ من سبتمبر سنة ٢٠١٦ بدائرة مركز مطوبس ــــ محافظة كفر الشيخ .

ـــــ أحرز بقصد التعاطي جوهر الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

ـــــ قاد مركبة آلية ـــ سيارة ـــ تحت تأثير المخدر موضوع الاتهام السابق وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

وأحالته إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ٢٧ من مايو سنة ٢٠١٧ عملاً بالمواد ١ ، ٢ ، ٣٧/١ ، ٤٢/١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانونين رقمي ٦١ لسنة ١٩٧٧ ، ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم ٥٦ والمضاف من القسم الثاني من الجدول رقم ١ الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقراري وزير الصحة والسكان رقمي ٤٦ لسنة ١٩٩٧ ، ١٢٥ لسنة ٢٠١٢، والمواد ١ ، ٣ ، ٤ ،٦٦ ، ٧٦/١ ، ٧٨ من القانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٧٣ المعدل مع إعمال المواد ١٧ ، ٣٢ ، ٥٥ ، ٥٦ من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه مبلغ عشرة آلاف جنيهاً وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها فقط لمدة ثلاث سنوات على أن تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم .    

فطعن الأستاذ/ المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في ٢٢ من يوليو سنة ٢٠١٧ ، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ذات التاريخ موقعاً عليها من المقرر .

وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة على النحو المبين بمحضر الجلسة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونــاً .

حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .

وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تعاطي جوهر الحشيش المخدر وقيادة مركبة آلية تحت تأثير المخدر ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه أطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان الاستيقاف لانتفاء مبرراته وبطلان القبض عليه لانتفاء حالة التلبس في حقه ، وعول في إدانته على نتيجة التحليل الصادر عن المركز الإقليمي لمديرية الشئون الصحية رغم عدم صلاحيته لاعتماده طرق فنية غير معتمدة من المعمل الكيماوى بمصلحة الطب الشرعى ، كما عول على أقوال ضابط الواقعة رغم بطلان الإجراءات التي قام بها ، فضلاً عن بطلان إجراءات أخذ العينة ، وأطرح دفاعه بعدم معقولية تصوير الواقعة وأن شهادة شاهد الإثبات الثاني غير ذات قيمة في الإثبات لاتهامه في جريمة رشوة وفق ما قدمه الطاعن من مستندات ، وفى الأخير أن العينة التى تم تحليلها لم تؤخذ منه . مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الإقليمي لمديرية الشئون الصحية بكفر الشيخ وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان الاستيقاف وأطرحه بقوله : " .... لما كان ذلك ، وكان ضابط الواقعة قد استوقف المتهم حال سيره بالسيارة قيادته لفحص التراخيص دون تعرض مادي منه عليه أو مساس بحريته الشخصية وقد ظهرت على المتهم علامات الريبة والظن في وقوعه تحت تأثير المخدر مما ينبئ بذاته عن إدراك ضابط الواقعة بصورة يقينية على وجود اتهام يبرر استيقافه وطلبه إجراء التحليل وعدم اعتراض المتهم على ذلك مما يكون معه والحال كذلك أن شروط الاستيقاف قد توافرت وأن ما أتاه ضابط الواقعة من إجراءات قد تمت وفق صحيح القانون متعيناً رفض الدفع " . لما كان ذلك ، وكانت المادة ١٢ من القانون ٦٦ لسنة ١٩٧٣ بإصدار قانون المرور والمعدلة بالقانون رقم ١ لسنة ١٩٨٨ قد نصت في فقرتها الثانية على أنه " ويجب أن تكون رخصة المركبة بها دائماً ولرجال الشرطة والمرور أن يطلبوا تقديمها في أي وقت " كما جرى نص المادة ٤١ في الفصل الثانى من القانون المذكور والمعنون " رخص قيادة مركبات النقل السريع " على أنه على المرخص له حمل الرخصة أثناء القيادة وتقديمها لرجال الشرطة أو المرور كلما طلبوا ذلك ، ومفاد هذا أن لرجل الشرطة أو المرور أن يطلب الاطلاع على رخصتي المركبة والقيادة للتحقق من سلامتها وسريانها ومطابقتها لما تطلبه القانون بشأنها ويستوى في ذلك أن تكون المركبة سيارة خاصة ــــ ملاكى ــــ أو معدة للإيجار أو أي مركبة نقل سريع ولم يقيد القانون هذا الحق بوقت معين أو ظروف خاصة وبديهى ألا يتأتى مباشرة هذا الحق إلا بعد استيقاف المركبة ، وإذ كان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ــــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ــــ على ما سلف الإيضاح ، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض لعدم توافر حالة التلبس وأطرحه بما مفاده أنه عقب استيقاف شاهد الإثبات الأول ــــ مأمور الضبط القضائى ــــ للطاعن الاطلاع على تراخيص السيارة قيادته اشتبه في تعاطيه للمواد المخدرة لوجود دلائل في ضعف التركيز والاتزان فطلب منه تحليل عينة بول والتى ثبت تحليلها تعاطيه للمواد المخدرة . لما كان ذلك ، وكانت المادة ٦٦ من قانون المرور ٦٦ لسنة ١٩٧٣ المعدلة بالقانون رقم ١٢١ لسنة ٢٠٠٨ قد جرى نصها على أنه " يحظر قيادة أية مركبة على من كان واقعاً تحت تأثير خمر أو مخدر، ولمأمور الضبط القضائي عند التلبس بمخالفة الفقرة الأولى من هذه المادة في إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة ٣٠ من قانون الإجراءات الجنائية أن يأمر بفحص حالة قائد المركبة بالوسائل الفنية التي يحددها وزير الداخلية بالاتفاق مع وزير الصحة ، دون إخلال باتخاذ ما يراه من إجراءات وفقاً للقانون ، وكان تقدير حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التى أثبتتها في حكمها ، وكان الحكم قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي من إيقاف السيارة التي يقودها الطاعن للاطلاع على تراخيصها ــــ على السياق المتقدم ــــ وظهور علامات تدل على أنه تحت تأثير مخدر ووافق على إجراء التحليل بمعرفة الكيمائي المصاحب للحملة وفقاً لقانون المرور الذى أسفر عن تعاطيه لمخدر وهو ما يبيح له القبض على المتهم ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التى لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليها منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقرير ، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير المعمل الإقليمي بمديرية الشئون الصحية بكفر الشيخ واستندت إلى الرأي الفني به من أن عينة بول الطاعن التي تم تحليلها أسفرت عن إيجابيتها لمخدر الحشيش فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تُقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من إجراءات ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هى عولت على أقواله ــــ ضمن ما عولت عليه ــــ في إدانة الطاعن ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن دفع ببطلان إجراءات أخذ العينة إلا أنه لم يبين أساس دفعه ، بل أطلقه في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منه ، ومن ثم فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد عليه ، إذ يلزم لذلك أن يُبدى الدفع المذكور في عبارة تشتمل على بيان المراد منه ، ويضحى منعاه على الحكم غير سديد . لما كان ذلك ، وكان رمى الحكم بالفساد في الاستدلال لتعويله على أقوال الشاهد الثاني بمقولة سبق اتهامه في قضية رشوة غير مقبول إذ هو في حقيقته جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم معقولية الواقعة ونفي التهمة ــــ انقطاع صلة الطاعن بالعينة التى تم تحليلها ـــ لا تعدو أن تكون أوجه دفاع موضوعية لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل يستفاد من أدلة الثبوت التى أوردها ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

فلهــذه الأسبــاب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .