جلسة 5 من مارس سنة 1980
برئاسة السيد المستشار
أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود
الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وإبراهيم محمد فراج.
--------------
(148)
الطعن رقم 47 لسنة 48
القضائية "أحوال شخصية"
(1 و2) أحوال شخصية
"التطليق للضرر". إثبات. صلح. وكالة.
(1)التطليق للضرر. التفويض
في الصلح. مفاده أيضاً التفويض برفضه. رفض وكيل الزوجة للصلح المفوض فيه. كفاية
ذلك لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين.
(2)اختلاف الشاهدين في اللفظ
دون اختلافهما في المعنى، غير مانع من قبول شهادتهما.
-------------
1 - التفويض في الصلح
يستتبع التفويض برفضه، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن وكيل المطعون عليها
المفوض بالصلح قد رفضه، فإن ذلك يكفي لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين.
2 - المقرر في قضاء محكمة
النقض (1) أن
اختلاف الشاهدين في اللفظ الذي لا يوجب اختلاف المعنى ليس بضائر ولا يحول دون قبول
شهادتهما كبينة على الإضرار.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما
يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت
الدعوى رقم 619 لسنة 1976 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة للحكم بتطليقها من الطاعن
طلقة بائنة للضرر، وقالت شرحاً لها إنها زوجة له بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 26/ 1/
1960، وقد دأب على الإساءة إليها وهجرها والاستيلاء على أموالها بما لا يستطاع معه
دوام العشرة بينهما، وبتاريخ 6/ 2/ 1977 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق
لتثبت المطعون عليها أن الطاعن هجرها لأكثر من سنة، وبعد سماع الشهود حكمت بتاريخ
18/ 12/ 1977 بتطليق المطعون عليها من زوجها الطاعن طلقة بائنة، استأنف الطاعن هذا
الحكم بالاستئناف رقم 8 لسنة 95 ق أحوال شخصية القاهرة، وبتاريخ 23/ 5/ 1978 حكمت
محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض،
وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في
غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون،
وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الموضوع وهي بسبيل الإصلاح بين الزوجين اكتفت برفض
وكيل المطعون عليها للصلح الذي قبله الطاعن، تأسيساً على أن التوكيل الصادر منها
يبيح له إجراءه، معتبرة ذلك عجزاً منها عن الإصلاح بين الزوجين الذي أمرت به
المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929، في حين أن رفض الوكيل للصلح يقتضي
كإبرامه توكيلاً خاصاً به، وهو ما خلا منه توكيل وكيل المطعون عليها.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن التفويض في الصلح يستتبع التفويض برفضه، لما كان ذلك، وكان البين من
الأوراق أن وكيل المطعون عليها المفوض بالصلح قد رفضه، فإن ذلك يكفي لإثبات عجز
المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي
بالسببين الثاني والثالث أن الطاعن دفع الدعوى بأن المطعون عليها، قررت بأن أفعال
الإساءة المدعى بها قبله حدثت بعد فترة وجيزة من زواجهما الحاصل في سنة 1960، وأن
بعد الشقة بين هذا التاريخ وإقامتها للدعوى في سنة 1976 يفيد رضاءها بها وينفي
استحالة دوام العشرة بينهما بسبب تلك الأفعال، وقد تكفل بنفقات علاجها من شلل
أصابها سنة 1974 بما ينفي ما شهد به شاهداها من هجره لها. وإذ التفت الحكم عن تناول
هذا الدفاع رغم ما له من أثر على وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور في
التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أن البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه، أنه أقام قضاءه
بالتطليق على ما شهد به شاهدا الإثبات من دأب الطاعن على سب المطعون عليها وضربها
وهجرها، وأن في ذلك إضراراً بها يستحيل معه دوام العشرة بين أمثالهما، وهو استخلاص
موضوعي سائغ له أصله الثابت بالأوراق، ويكفي لحمل الحكم، لما كان ذلك، وكانت محكمة
الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير ملزمة بتعقب كل حجج ومناحي دفاع
الخصوم وأن ترد على كل منها استقلالاً متى أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله، فإن ما
يثيره الطاعن بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن كلاً من
شاهدي الإثبات قد شهد بوقائع تخالف الوقائع التي شهد بها الآخر، فقد شهد الأول
منهما بأن الطاعن ضرب المطعون عليها وسبها وهجر فراشها، بينما شهد الآخر برؤيته
للزوج يضرب زوجته ويطردها من منزل الزوجية ولم يحدد كلاهما تاريخ واقعة الضرب أو
يبين ألفاظ السب، مما يكون معه الحكم قد عول على بينة لم يتوافر نصابها وشروط
قبولها.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن اختلاف الشاهدين في اللفظ الذي لا يوجب
اختلاف المعنى، ليس بضائر ولا يحول دون قبول شهادتهما كبينة على الإضرار خلوها من
بيان تاريخ حصول واقعة الإضرار تحديداً طالما انصرفت الشهادة لبيان الإضرار والظرف
الحاصل فيه، لما كان ذلك، وكان الثابت من شهادة الشاهد الأول بمحضر جلسة التحقيق،
أنه شاهد الطاعن يضرب زوجته ضرباً مبرحاً وأنه هجرها منذ ست سنوات وأن الثاني شهد
برؤيته له يضربها ويطردها من منزل الزوجية، وكان مفاد هاتين الشهادتين هو اعتداء
الطاعن على المطعون عليها بالضرب وهجره لها مما يتوافر به الإضرار، فإنه لا يكون
هناك خلاف بين الشهادتين ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن.
(1)نقض 19/ 11/ 1975 مجموعة المكتب الفني السنة 26 ص 1435.