جلسة 23 من يونيه سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ عبد
العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة،
وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، وأحمد العروسى المستشارين.
----------------
(177)
القضية رقم 3 سنة 25
القضائية "أحوال شخصية"
(أ ) أهلية.
حرمان المحكوم عليه
بعقوبة جناية من إدارة أمواله. الأحوال التي يترتب فيها هذا الأثر على عقوبة
الجناية.
(ب) أهلية.
حرمان المحكوم عليه
بعقوبة جناية من إدارة أمواله. الحالات التي تطبق فيها المحاكم غير العادية أحكام
الكتاب الأول من قانون العقوبات.
(ج) أهلية. أعمال
السيادة.
الجرائم التي تنظرها
المحاكم غير العادية قد أثمها أمر من أوامر السيادة العليا. عدم سريان أحكام
الكتاب الأول من قانون العقوبات. علة ذلك.
(د) أعمال السيادة.
أهلية.
الأوامر الصادرة بتشكيل
محكمة الثورة وبيان الأفعال التي تعرض عليها. هي من أعمال السيادة العليا. عدم
جواز سريان أحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات بالنسبة للأحكام الصادرة منها
بعقوبة جناية.
(هـ) أعمال السيادة.
اشتمال عمل السيادة على
تشريع. اختلافه عن القانون في معنى المادة 8 عقوبات. علة ذلك.
(و) أهلية.
الحرمان المنصوص عليه في المادة
25/ 4 عقوبات. ليس مما تستلزمه طبيعة عقوبة الجناية. علة ذلك.
(ز) أهلية.
عقوبة السجن المنصوص
عليها في أمر تشكيل محكمة الثورة. اختلافها عن عقوبة السجن العادية.
)ح) أهلية.
الأمر الصادر بتشكيل
محكمة الثورة. لا يفيد الإحالة على قانون العقوبات في خصوص العقوبات التي توقعها
هذه المحكمة.
)ط) محكمة الثورة. أهلية.
أعمال السيادة.
طبيعة محكمة الثورة. هي
محكمة ذات سيادة. تشبيه عملها بعمل مجلس الشيوخ الفرنسي.
(ى) نقض. طعن. إجراءات
الطعن.
وجوب مراعاة نوع الحكم
ذاته والمحكمة التي أصدرته لا نوع المسألة التي فصل فيها.
-------------
1 - لا يستلزم حتما وبصفة
عامة كل حكم بعقوبة جناية ترتيب الأحكام الواردة في الكتاب الأول من قانون
العقوبات ومنها الحرمان المنصوص عليه في المادة 25/ 4 من هذا القانون، وإنما
القاعدة في ذلك وفقا للمادة 8 عقوبات هي مراعاة أحكام هذا الكتاب بالنسبة للجرائم
المنصوص عليها في قانون العقوبات والجرائم الواردة في القوانين الأخرى واللوائح
الخصوصية ما لم ترد في تلك القوانين أو اللوائح نصوص باستثناء تطبيق أحكام الكتاب
المذكور، وهذا الاستثناء قد يكون كليا أي مانعا من تطبيق جميع الأحكام أو جزئيا أي
مانعا من تطبيق بعضها مع سريان باقيها.
2 - على المحاكم غير
العادية أن تطبق أحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات ما لم يوجد نص صريح مخالف
أو يوجد ما يحول دون تطبيق هذه الأحكام كلها أو بعضها كأن تكون الجرائم التي تفصل
فيها هذه المحاكم لم ترد في قانون أو لائحة، وذلك عملا بنص المادة 8 من قانون
العقوبات.
3 - إذا كانت الجرائم التي
تنظرها المحاكم غير العادية قد أثمها أمر من أوامر السيادة العليا فإن الأحكام
الصادرة بعقوبة جناية من هذه المحاكم لا تسرى عليها أحكام الكتاب الأول من قانون
العقوبات، ذلك أن المادة 8 من هذا القانون لا تنطبق إلا على الجرائم المنصوص عليها
في قوانين أو لوائح خصوصية ولا يجوز قياس أمر السيادة على القانون في هذا الخصوص:
أولا - لاختلاف طبيعة كل منهما، بل قد يكون في اعتبار أمر السيادة بمثابة قانون
تفويت للغرض منه إذ أن الكتاب الأول من قانون العقوبات كما تضمن قواعد قانونية
تسرى على الجرائم والعقوبات فإنه تضمن أيضا قيودا لا تتفق مع عمل السيادة، وثانيا
- لأنه لا جريمة ولا عقوبة بغير نص، وثالثا - لأنه في مجال توقيع العقوبات لا يجوز
التوسع في التفسير.
4 - الأمران الصادران في 13
و16 من سبتمبر سنة 1953 بتشكيل محكمة الثورة وبيان الأفعال التي تعرض عليها
والعقوبات التي توقعها لم يصدر بهما قانون أو لائحة بل صدرا على أنهما عمل من
أعمال السيادة العليا التي خص بها مجلس قيادة الثورة بمقتضى المادة الثامنة من
الدستور المؤقت الصادر في 10 من فبراير سنة 1953 ولذلك لم يتبع شأنهما ما يتبع في القوانين
من نشر بالجريدة الرسمية، كما تفيد نصوص هذين الأمرين صراحة استثناء أحكام قانون
العقوبات بما فيها الكتاب الأول منه فيما استثنى تطبيقه وهى القوانين العادية
جميعها لتعارض هذا التطبيق مع الغرض الذى أنشئت من أجله المحكمة المذكورة.
5 - إذا تضمن أمر السيادة
تشريعا فإن هذا التشريع يختلف عن القانون في معنى المادة الثامنة من قانون
العقوبات وتكون له طبيعة عمل السيادة الذى يعلو على القانون ولا ينزل إلى درجته،
ومن ثم فإنه لا يجوز قياس أمر السيادة الصادر بتشكيل محكمة الثورة على القانون
للقول بسريان أحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات على الجرائم التي تضمنها هذا
الأمر.
6 - القول بأن الحرمان
المنصوص عليه في المادة 25/ 4 من قانون العقوبات هو مما تستلزمه طبيعة عقوبة
الجناية وبأن من أغراضه حماية المحكوم عليه وأنه لذلك يترتب على كل حكم بعقوبة
جناية أيا كانت المحكمة التي أصدرته وأنه لا يشترط أن يكون هذا الحكم قد صدر
بالتطبيق لأحكام قانون العقوبات وفى جرائم مما نص عليه في هذا القانون أو القوانين
واللوائح الخصوصية، هذا القول غير صحيح، ذلك أن الأحكام الصادرة من المجالس
العسكرية بعقوبة جناية لا يترتب عليها حرمان المحكوم عليه من إدارة أمواله وكذلك
الأحكام الصادرة بهذه العقوبة من المحاكم العسكرية البريطانية لم يكن يترتب عليها
هذا الحرمان رغما من أن تنفيذها كان يتم في السجون المصرية.
7 - عقوبة السجن الواردة
في المادة 3 من الأمر الصادر بتشكيل محكمة الثورة ليست هي بذاتها عقوبة السجن
المنصوص عليها في المادة العاشرة من قانون العقوبات، ذلك أن المادة 3 من أمر
التشكيل لم تعين - على خلاف أحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات - حدا أدنى وحدا
أقصى لعقوبة السجن.
8 - إن ما نص عليه في الفقرة
الثانية من المادة 2 من الأمر الصادر بتشكيل محكمة الثورة من جواز إعفاء المحاكم
العادية أو غير العادية من نظر بعض القضايا وعرضها على محكمة الثورة لا يفيد
الإحالة على قانون العقوبات في خصوص الجزاءات التي توقعها المحكمة المذكورة.
9 - محكمة الثورة هي
محكمة ذات سيادة لا تسري على الجرائم التي تحكم بها القواعد المنصوص عليها في الكتاب
الأول من قانون العقوبات سواء أكانت الجريمة التي عاقبت عليها هي مما أثمه لأول
مرة الأمر الصادر بتشكيلها أم من الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو في القوانين
الأخرى لأنها في كلتا الحالتين إذ تعاقب المتهم إنما تمارس سيادة عليا تسمو على
القوانين العادية ويمكن تشبيهها من بعض النواحي في هذا الخصوص بمجلس الشيوخ الفرنسي
حينما كان ينعقد بوصفه محكمة عليا بناء على نصوص دستور سنة 1875 لمحاكمة أي شخص
متهم بجناية من الجنايات المخلة بأمن الدولة أو المحاكمة رئيس الجمهورية بتهمة
الخيانة العظمى أو لمحاكمة الوزراء، فقد كان هذا المجلس يصدر في قضائه على أنه
محكمة عليا ذات سيادة لا تتقيد بنصوص القوانين العادية ولا بقاعدة أن "لا
جريمة ولا عقوبة بغير نص" وتقضى بتأثيم أفعال لم يرد في القانون الفرنسي نص
بتأثيمها وتضع العقوبة التي تراها وتقضي أحيانا بالإعفاء من العقوبة الأصلية أو
الحكم بالعقوبة التبعية على أنها عقوبة أصلية.
10 - لا يراعى في اتباع
إجراءات الطعن بالنقض نوع المسألة التي فصل فيها الحكم وإنما يراعى في ذلك نوع
الحكم ذاته والجهة التي أصدرته فإذا صدر حكم من المحكمة المدنية في مسألة تتعلق
بالأحوال الشخصية مما لا يدخل في اختصاصها تعين عند الطعن في حكمها اتباع
الإجراءات المقررة للطعن في المواد المدنية، وإذا صدر حكم من محكمة الأحوال
الشخصية في نزاع مدنى مما لا يدخل في اختصاصها تعين مع ذلك عند الطعن في حكمها
اتباع الإجراءات التي نص عليها قانون المرافعات في المواد 881 وما بعدها وأما
البحث فيما إذا كانت إحدى الجهتين قد جاوزت اختصاصها أم لم تتجاوزه فإنما يرد على
ذات موضوع الطعن لا على شكله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع حسبما
يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أنه في 18 من مايو سنة
1954 قدم ورثة المرحوم عبد القادر حمزة طلبا إلى رئيس نيابة جنوب القاهرة بشأن اتخاذ
الإجراءات نحو تعيين قيم على الطاعن لإدارة شئونه وقالوا في هذا الطلب إنهم كانوا
قد رفعوا على الطاعن الدعوى رقم 2053 سنة 1953 مدنى كلى مصر ثم صدر من محكمة
الثورة حكم قضى بمعاقبته بالسجن لمدة خمسة عشر عاما. وأنه في 11 من فبراير سنة
1954 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية في الدعوى المذكورة وبناء على طلب الحاضر عن
الطاعن بانقطاع سير الخصومة وأنه لذلك يتحتم تعيين قيم عليه لإدارة أمواله وتولى شئونه
مدة تنفيذ العقوبة. ولما أحيل هذا الطلب إلى سجن مصر قرر الطاعن شخصيا أنه لا يوجد
مبرر لتعيين قيم عليه لأن حكم محكمة الثورة لا يستلزم بطبيعته هذا الإجراء ثم قدمت
النيابة الطلب إلى محكمة القاهرة الابتدائية بمذكرة طلبت فيها تعيين قيم على
الطاعن بناء على نص المادة 25 فقرة رابعة من قانون العقوبات وعلى أن الطاعن كان قد
طلب في الدعوى المقامة عليه من ورثة عبد القادر حمزة أن يقضى بانقطاع الخصومة
لانعدام أهليته. قيد الطلب في جدول المحكمة المذكورة برقم 2393 سنة 1954 قوامة -
وقدم ورثة عبد القادر حمزة مذكرة أصروا فيها على طلبهم وقدموا الحكم الصادر من
محكمة القاهرة والذى قضى بانقطاع سير الخصومة في الدعوى المرفوعة منهم على الطاعن
- وطلب الطاعن أصليا الحكم بوقف النظر في طلب تعيين قيم حتى يفصل في الاستئناف
المرفوع منه عن الحكم الذى قضى بانقطاع سير الخصومة في الدعوى رقم 2053 سنة 1953
كلى مصر واحتياطيا الحكم برفض طلب تعيين القيم تأسيسا على أن محكمة الثورة هي
محكمة استثنائية لا تعتبر أحكامها أحكاما جنائية مما ينطبق عليها نص المادة 25
فقرة رابعة من قانون العقوبات وفى 28 من يوليه سنة 1954 قررت المحكمة منعقدة بهيئة
غرفة مشورة رفض طلب الوقف، وفى الموضوع بتعيين السيد جميل سراج الدين قيما على
الطاعن لإدارة أمواله وتولى شئونه خلال مدة تنفيذ العقوبة المقضي بها في الدعوى
رقم 28 سنة 1953 محكمة الثورة - رفع الطاعن استئنافا عن هذا القرار قيد في جدول
محكمة استئناف القاهرة برقم 862 سنة 71 ق حكمت المحكمة المذكورة منعقدة بهيئة غرفة
مشورة بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وبتأييد القرار المستأنف، فقرر
الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن النيابة
العامة أبدت رأيها بعدم قبول الطعن شكلا لأنه لم تتبع في إجراءاته القواعد المنصوص
عليها في المواد 430 و431 و432 من قانون المرافعات وقالت في بيان هذا الدفع إن
الحكم المطعون فيه قد صدر في نزاع متعلق بأثر الحكم الصادر على الطاعن من محكمة
الثورة بعقوبة السجن وما إذا كانت تترتب على هذا الحكم عقوبة تبعية أم لا تترتب
عليه هذه العقوبة - وليس هذا النزاع من مسائل الولاية على المال التي تختص بنظرها
محاكم الأحوال الشخصية - بل هو نزاع في مسألة مدنية بحتة مما تختص به محكمة المواد
المدنية. وقد نصت المادة 25 فقرة رابعة من قانون العقوبات على أن المحكمة المدنية هي
المختصة بتعيين القيم على المحكوم عليه بعقوبة الجناية ولا يغير من هذا النظر أن
يكون الحكم المطعون فيه قد صدر من محكمة استئناف القاهرة بوصفها محكمة الأحوال
الشخصية لأن دوائر الأحوال الشخصية بالمحاكم ليست متميزة عن باقي الدوائر المدنية
ولأن العبرة في هذا الخصوص هي بوصف النزاع ذاته لا بوصف المحكمة التي فصلت فيها -
وتأسيسا على ذلك كان يتعين على الطاعن أن يلتزم في إجراءات طعنه القواعد العامة
المقررة في قانون المرافعات بشأن الطعن في الأحكام الصادرة في المواد المدنية
والتجارية وإذ هو لم يفعل واكتفى باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المواد 881
وما بعدها من قانون المرافعات على اعتبار أن الحكم المطعون فيه قد صدر في نزاع
متعلق بالأحوال الشخصية فإن طعنه يكون غير مقبول.
ومن حيث إن هذا الدفع
مردود بأن إجراءات الطعن لا يراعى في اتباعها نوع المسألة التي فصل فيها الحكم
وإنما يراعى في ذلك نوع الحكم ذاته ومن أي جهة صدر لأن الطعن بالنقض إنما ينصب على
الحكم المطعون فيه فإذا صدر من المحكمة المدنية حكم في مسألة تتعلق بالأحوال
الشخصية مما لا يدخل في اختصاصها تعين عند الطعن في حكمها اتباع الإجراءات المقررة
للطعن في الأحكام الصادرة في المواد المدنية وإذا صدر من محكمة الأحوال الشخصية
حكم في نزاع مدنى مما لا يدخل في اختصاصها تعين مع ذلك عند الطعن في حكمها اتباع
الإجراءات التي نص عليها قانون المرافعات في المواد 881 وما بعدها. والبحث فيما
إذا كانت إحدى هاتين المحكمتين قد جاوزت اختصاصها أم لم تجاوزه إنما يرد على ذات
موضوع الطعن لا على شكل الطعن. والذى يحدد نوع المحكمة التي أصدرت الحكم هو كيفية
تشكيلها التي نص عليها القانون. ولما كان القانون رقم 126 لسنة 1951 بإضافة كتاب
رابع إلى قانون المرافعات قد أدخل في ولاية المحاكم التي تتولى الفصل في المسائل
المدنية والتجارية اختصاصا مستحدثا في مسائل الأحوال الشخصية منه مسائل الولاية
على المال، وكانت المادة 871 من هذا الكتاب المضاف قد نصت على أنه "تنظر
المحكمة في الطلب منعقدة في هيئة غرفة المشورة بحضور أحد أعضاء النيابة العامة
وتصدر حكمها علنا" مما يفيد أن تشكيل محاكم مواد الأحوال الشخصية هو تشكيل
خاص متميز عن التشكيل العادي للمحاكم المدنية التي لا يستلزم القانون حضور النيابة
فيها إلا في أحوال خاصة مما لا يسوغ معه القول بأن دائرة الأحوال الشخصية لا تتميز
عن الدوائر المدنية - لما كان ذلك وكان يبين من القرار المستأنف ومن الحكم المطعون
فيه أن محكمتي الموضوع قد انعقدت كل منهما بهيئة غرفة مشورة وبحضور أحد أعضاء
النيابة العامة فإنه يكون من الواضح أن النزاع الحالي قد عرض على هاتين المحكمتين
بوصفهما درجتي التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية وعلى اعتبار أنه نزاع يدخل في تلك
المسائل وأن النزاع فصل فيه على هذا الاعتبار وتأسيسا على ما تقدم يكون الطاعن قد
التزم حدود القانون إذ راعى في إجراءات طعنه القواعد المنصوص عليها في المواد 881
وما بعدها من قانون المرافعات - ويكون الدفع بعدم قبول الطعن متعينا رفضه.
ومن حيث إن الطعن قد
استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بنى على سبب
واحد هو مخالفة الحكم المطعون فيه للمادة 25 فقرة رابعة من قانون العقوبات والخطأ
في تطبيقها وتأويلها ويقول الطاعن في بيان ذلك إن الحرمان المنصوص عليه في هذه
الفقرة - وهو حرمان المحكوم عليه بعقوبة جناية من التصرف في أمواله وإدارتها مدة
اعتقاله - هو عقوبة يضيفها قانون العقوبات ذاته إلى كل حكم بعقوبة جناية فيجب لكى
يحدث هذا الحرمان أن يكون الحكم الجنائي قد صدر في ظل قانون العقوبات أي وفقا
للقواعد المقررة فيه وبمراعاة الأسس التي بنى عليها وباعتبار أنه هو القانون العام
للمحكمة التي أصدرت الحكم والقواعد الموضوعية المعتبرة من القانون العام هي
الأحكام العامة التي احتواها الكتاب الأول من قانون العقوبات. أما الكتب الثاني
والثالث والرابع من هذا القانون فإنها إنما تتضمن بيانا بطوائف من الجرائم الأكثر
حدوثا وهذا البيان تكمله قوانين أخرى عديدة تنص على طوائف من الجرائم لم ير المشرع
أن يضمنها قانون العقوبات إما لأنها عرضة للتغيير أو التبديل أو مخافة أن تزدحم
بها نصوص قانون العقوبات وهذه القوانين تعتبر فيما نصت عليه من جرائم جزءا من
القانون الجنائي العام لأن الجرائم المنصوص عليها في هذه القوانين يختص بها
المحاكم العادية بوصفها جهة القضاء الجنائي العام ولأن الحكم في هذه الجرائم يجرى
وفقا للقواعد العامة المنصوص عليها في الكتاب الأول من قانون العقوبات وذلك عملا
بنص المادة الثامنة من هذا القانون ولا يجوز للقاضي أن يقضى بغير هذه القواعد إلا
إذا وجد نص خاص صريح في هذه القوانين كالنص في قانون المواد المخدرة الملغى على
عدم جواز وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها والنص في قانون المواد المخدرة الحالي على
عدم جواز تطبيق المادة 17 ع الخاصة بالظروف المخففة - هذا إلى أن جوهر قانون
العقوبات وجوهر القانون الجنائي العام هو مبدأ الشرعية Légalité وكون الجريمة معروفة
عناصرها وعقوبتها معرفة نافية للجهالة بموجب نص يقيد قاضيها فإذا وقع الإخلال بهذا
المبدأ لا تكون الجريمة التي وقع فيها الإخلال به من جرائم القانون العام - ثم إن
قانون العقوبات قائم على أساس التقسيم الثلاثي للجرائم والعقوبات - جنايات وجنح
ومخالفات - فهو لا يمكن أن يكون القانون العام لمحكمة لا تتقيد بهذا التقسيم ولا
تعرفه - وقد تمسك الطاعن بذلك أمام محكمة الموضوع كما تمسك بأن محكمة الثورة هي
هيئة استثنائية لا تسري على أحكامها المادة 25 من قانون العقوبات - ولكن الحكم
المطعون فيه اعتبر أن قانون العقوبات هو القانون العام للجزاءات بالنسبة لمحكمة
الثورة وقاس الأمر الصادر بتشكيل تلك المحكمة على قانون المواد المخدرة وقرر أنه
لا عبرة بتشكيل المحكمة التي أصدرت الحكم بل العبرة بالعقوبة التي أصدرتها وغير
صحيح ما قرره الحكم من أن قانون العقوبات هو القانون العام بالنسبة لمحكمة الثورة
وذلك لسببين أولهما أن المحكمة المذكورة هي في الواقع محكمة ذات سيادة لا تتقيد بأي
قانون Cour Souveraine.وهو ما لا يتصوره القانون الجنائي العام والثاني
أن تلك المحكمة هي على أبعد الفروض محكمة عسكرية لا تقضي في ظل قانون العقوبات ولا
تتقيد بهذا القانون إلا بنص وفى حدود هذا النص - أما أن محكمة الثورة هي محكمة ذات
سيادة فإنه مستفاد من أنه لم يصدر بتشكيلها قانون وإنما أقيمت بأمر من مجلس قيادة
الثورة وهو مستقر السيادة العليا وبناء على المادة 8 من الإعلان الدستوري الصادر
في 10 من فبراير سنة 1953 التي نصت على أن قائد الثورة بمجلس قيادة الثورة يتولى
أعمال السيادة العليا وبصفة خاصة التدابير التي يراها ضرورية لحماية الثورة
والنظام القائم عليها ومستفاد أيضا من أن محكمة الثورة هيئة مشكلة من ثلاثة من
أعضاء مجلس القيادة فوضت لها سلطة كاملة في التجريم والعقاب بغير إبداء أسباب وأن
لا تتقيد بأي قانون ولا بأي مبدأ من المبادئ الأساسية في القانون الجنائي الموضوعي
أو الإجرائي وأعطيت لها الحرية في أن تحكم بما تشاء على من يقدمه إليها مجلس قيادة
الثورة وينفذ حكمها بعد التصديق عليه من هذا المجلس الذى هو مستقر السيادة العليا
ولا عمل عندها للتفرقة بين عقوبة الجناية وعقوبة الجنحة ولا للتفرقة بين العقوبة
الأصلية والعقوبة التبعية والعقوبة التكميلية ولا للتفرقة بين المصادرة العامة
والمصادرة الخاصة ولا بين مصادرة الشيء المضبوط والشيء غير المضبوط ولا للتفرقة
بين الخصم في الدعوى وبين غير الخصم - ذلك لأن هذه الأنواع من التفرقة لا تتقيد
بها إلا المحكمة العادية أو الاستثنائية التي يكون من وظيفتها تطبيق القانون ولهذا
كانت العقوبة التي تقضى بها محكمة الثورة أيا كان نوعها نافدة واجبة الاحترام
ولكنها غير قابلة لأن توصف بالأوصاف الفنية الاصطلاحية الواردة في قانون العقوبات
- وهذا بطبيعة الحال لا يمنع محكمة الثورة من أن تحيل إلى قانون العقوبات في حكم
من أحكامها فإن هي فعلت وجب احترام مشيئتها فيما أحالت إليه وفى حدود هذه الإحالة
ومراد المحكمة منها - ومجرد الحكم منها بالسجن أو بالأشغال الشاقة لا يفيد الإحالة
إلى قانون العقوبات في شيء ولا يفيد أكثر من الإحالة إلى لائحة السجون لتحديد نوع
الجزاء ونوع المعاملة في السجن التي يراد أن يخضع لها المحكوم عليه - وأما أن
محكمة الثورة هي على أبعد الفروض محكمة عسكرية وأن الأصل في القضاء العسكري أن لا
يحكم في ظل قانون العقوبات فإن هذا الأصل مستفاد من نص المادة الخامسة من قانون
العقوبات الفرنسي ومن أن "قانون" الأحكام العسكرية المعمول به في مصر
قائم على فكرة الاستكفاء الذاتي سواء فيما يتعلق بالقواعد الموضوعية أو بالإجراءات
ولا يعرف التقسيم الثلاثي للجرائم والعقوبات وله نظامه الخاص بالعقوبات التبعية
وله قواعده الخاصة فيما يتعلق بالمسئولية والاشتراك - ومستفاد أيضا من أن المادة
السابعة من قانون الأحكام العرفية رقم 15 لسنة 1923 الذى كان معمولا به وقت رفع
هذا النزاع نصت على أنه "يجرى العمل فيما يتعلق بتحقيق القضايا التي ترفع إلى
المحكمة العسكرية وبالحكم فيها وفق القواعد المعمول بها أمام المحاكم العسكرية
المصرية مع مراعاة ما قد يطرأ عليها من التعديلات بمقتضى القرار المنصوص عليه في المادة
التاسعة" وقد احتاج تطبيق قانون العقوبات على القضايا العسكرية المتعلقة بالأحكام
العرفية إلى صدور قرار من وزير الداخلية في 2 من نوفمبر سنة 1952 - ويضيف الطاعن
إلى ما تقدم كله أن الحكم المطعون فيه لا ينازع في أن عقوبة الجناية التي يترتب
عليها إعمال حكم المادة 25 من قانون العقوبات هي العقوبة التي توقع في ظل هذا
القانون وباعتباره القانون العام للمحكمة التي أصدرته وهذا لا يتأتى إذا كانت
الجريمة المحكوم فيها ليست من جرائم القانون العام ومما يقطع بذلك أن المادة 49 من
قانون العقوبات استعملت نفس الاصطلاح المنصوص عليه في المادة 25 منه فقالت
"يعتبر عائدا: أولا من حكم عليه بعقوبة جناية" وقد أجمع الشراح على أن
الحكم بعقوبة جناية المشار إليه في هذا النص هو الحكم الصادر من محكمة مصرية عادية
أو استثنائية أو عسكرية أو مخصوصة بشرط أن يكون في جريمة من جرائم قانون العقوبات
أو في جرائم القانون العام كما أن النائب العام قرر في كتابه المؤرخ في 31 من مايو
سنة 1953 المرسل إلى مدير مصلحة تحقيق الشخصية أن الأحكام الصادرة من محكمة الثورة
هي أحكام لم تصدر في جرائم من جرائم القانون العام ولذلك لا تحفظ عنها صحف سوابق -
أي لا تصلح سابقة في العود عملا بالمادة 49 عقوبات.
ومن حيث إنه يبين مما ورد
في أسباب القرار المستأنف وفي أسباب الحكم المطعون فيه أولا - أن القرار المستأنف
اعتبر أن محكمة الثورة نوع من المحاكم العسكرية العليا ووصفها الحكم المطعون فيه
بأنها محكمة استثنائية ونفى عنها وصف المحكمة ذات السيادة - ثانيا - أن محكمة
الموضوع قد اعتبرت أن قانون العقوبات هو القانون العام بالنسبة للجرائم التي صدرت
فيها أحكام من محكمة الثورة وأنه تترتب على هذه العقوبات المقضي بها منها الآثار
التي تترتب على العقوبات الأصلية المنصوص عليها في قانون العقوبات. ثم قررت أنه لا
عبرة في هذا الخصوص بنوع الجريمة ولا بالمحكمة التي وقعت العقوبة بل العبرة
بالعقوبة ذاتها وأنه طالما كان الحكم الجنائي الصادر بعقوبة الجناية قد صدر من
محكمة مصرية تطبق التشريع الخاص بها فإن هذا الحكم يستلزم حتما الحرمان من الحقوق
والمزايا المنصوص عليها في المادة 25 من قانون العقوبات - ثالثا - أن الحكم
المطعون فيه لم يستلزم لإعمال هذا الأثر للحكم بعقوبة الجناية أن تكون الجريمة
التي صدر بشأنها هذا الحكم من جرائم القانون العام.
ومن حيث انه مما يتعين
التنبيه إليه أن هذا الطعن غير وارد على ما يمس حكم محكمة الثورة الذي قضى بمعاقبة
الطاعن بالسجن لمدة خمسة عشر عاما - إذ الطاعن يقرر أنه يحترم هذا الحكم ولا مطعن
له عليه - وإنما يتعلق الطعن بأثر من آثار هذا الحكم رأت المطعون عليها الأولى
بناء على الطلب الذى قدمه إليها ورثة المرحوم عبد القادر حمزه أنه يترتب بقوة
القانون على الحكم الصادر على الطاعن بالعقوبة من محكمة الثورة على اعتبار أنه
طالما أن هذا الحكم قد قضى على الطاعن بعقوبة الجناية فإنه يترتب عليه عقوبة
الحرمان من التصرف في أمواله وإدارتها أي العقوبة التبعية التي نص عليها من بين ما
نص عليه في المادة 25 من قانون العقوبات - ومن أجل ذلك قدمت المطعون عليها الأولى
- نيابة جنوب القاهرة - طلبها إلى محكمة الدرجة الأولى بتعيين قيم على الطاعن.
ومن حيث إن الفصل في هذا
الطعن يستلزم البحث فيما إذا كانت هذه العقوبة قد لحقت الطاعن بقوة القانون أم كان
يجب لكى تلحقه أم يقضى بها صراحة من محكمة الثورة.
ومن حيث إن المادة 24 من
قانون العقوبات نصت على أن من بين العقوبات التبعية الحرمان من الحقوق والمزايا
المنصوص عليها في المادة 25 - ونصت المادة 25 من هذا القانون على أن "كل حكم
بعقوبة جناية يستلزم حتما حرمان المحكوم عليه من الحقوق والمزايا الآتية... رابعا
- إدارة أشغاله الخاصة بأمواله وأملاكه مدة اعتقاله.... ولا يجوز للمحكوم عليه أن
يتصرف في أمواله إلا بناء على إذن من المحكمة المدنية المذكورة وكل التزام متعهد
به مع عدم مراعاة ما تقدم يكون ملغى من ذاته..." - وهاتان المادتان قد وردتا
ضمن الكتاب الأول من قانون العقوبات الذى وضع أحكاما عامة في شأن الجرائم
والعقوبات والأصل أن هذا الكتاب إنما تطبق أحكامه على الجرائم التي يعاقب عليها
قانون العقوبات بمقتضى النصوص التي وردت في القسم الخاص الذى تضمنته الكتب الثلاثة
الأخرى منه ولكن المشرع رأى مع ذلك أن تطبق الأحكام العامة المشار إليها على
الجرائم المعاقب عليها بمقتضى القوانين الأخرى واللوائح الخصوصية ما لم يرد بها نص
صريح مخالف - أي أنه كما أجاز تطبيقها على الجرائم الأخرى التي لم ترد في قانون
العقوبات أجاز التحلل منها فنص في المادة 8 من قانون العقوبات ذاته التي استقاها
المشرع المصري من القانون البلجيكي والقانون الإيطالي ولا نظير لها في القانون الفرنسي
على أنه: "تراعى أحكام الكتاب الأول من هذا القانون في الجرائم المنصوص عليها
في القوانين واللوائح الخصوصية إلا إذا وجد فيها نص يخالف ذلك" - فالقاعدة
إذن أن الكتاب الأول من قانون العقوبات تراعى أحكامه في الجرائم المنصوص عليها في هذا
القانون وفى القوانين الأخرى واللوائح الخصوصية ما لم ترد بالقوانين أو اللوائح في
هذا الخصوص نصوص باستثناء تطبيق أحكام هذا الكتاب - وهذا الاستثناء قد يكون كليا أي
مانعا من تطبيق أحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات جميعها أو جزئيا أي مانعا من
تطبيق بعضها مع سريان باقيها ومن النوع الأول ما كانت تقضى به المادة السابعة من
القانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص بنظام الأحكام العرفية قبل تعديلها بالقرارين
الصادرين من وزير الداخلية في 10 من أبريل سنة 1940 و16 من أكتوبر سنة 1940 إذ نصت
على أنه "يجرى العمل في تحقيق القضايا التي ترفع إلى المحكمة العسكرية والحكم
فيها وفق القواعد المعمول بها أمام المحاكم العسكرية المصرية مع مراعاة ما قد يطرأ
عليها من التعديلات بمقتضى القرار المنصوص عليه في المادة التاسعة" وقد نص
القرار الأول على تطبيق بعض أحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات وهى الأحكام
الخاصة بقواعد المسئولية وأسباب الإباحة وموانع العقاب والعود والمجرمين الأحداث
ونص القرار الثاني على تطبيق أحكام هذا الكتاب جميعها - ومن هذا القبيل ما كانت
تقضى به الفقرة الرابعة التي أضيفت بنص القانون رقم 154 لسنة 1952 إلى المادة السادسة
من القانون رقم 15 لسنة 1923 إذ نصت على أنه "يجوز أن تؤلف المحكمة المنصوص
عليها في الفقرة الثانية من المادة 6 مكررة من ضباط يكون عددهم خمسة... وتتبع أمام
هذه المحكمة فيما يتعلق بنظر الدعوى والحكم فيها وتنفيذ العقوبة القواعد المعمول
بها أمام المجالس العسكرية" والقواعد التي أحالت عليها النصوص السابقة هي
التي وردت في مجموعة الأحكام العسكرية الصادرة في سنة 1893 والمعمول بها أمام
المجالس العسكرية وهي متقطعة الصلة بأحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات ولذلك
فإن الأحكام الصادرة من المجالس العسكرية بعقوبة الجناية أي بالأشغال الشاقة أو
السجن لا يترتب عليها العقوبات التبعية المنصوص عليها في المادة 25 من قانون
العقوبات - ومن النصوص التي تضمنت استثناء جزئيا من تطبيق أحكام الكتاب الأول من
قانون العقوبات ما سبقت الإشارة إليه مما نصت عليه المادة 7 من القانون رقم 15
لسنة 1923 بعد تعديلها بالقرار الصادر في 10 من أبريل سنة 1940 من تطبيق بعض
الأحكام الواردة في هذا الكتاب وهى الأحكام الخاصة بالمسئولية وبأسباب الإباحة
وموانع العقاب وبالعود وبالمجرمين الأحداث وذلك على خلاف ما كانت تقضى به المادة
المذكورة قبل تعديلها من وجود العمل بكافة القواعد المعمول بها أمام المجالس
العسكرية - ومن الاستثناءات الجزئية ما كانت تقضى به المادة 40 من القانون رقم 21
لسنة 1928 بشأن الإتجار بالمخدرات من عدم جواز وقف تنفيذ عقوبة الحبس لمن يحكم
عليه في جريمة من جرائم هذا القانون ومنها ما نصت عليه المادة 33 من القانون رقم
350 لسنة 1952 من عدم جواز استعمال الظروف المخففة بالتطبيق لنص المادة 17 من
قانون العقوبات في حالة إحراز المواد المخدرة لغير التعاطي.
وحيث إنه يتضح مما تقدم
أنه لا يمكن القول على وجه التعميم بأن كل حكم بعقوبة جناية يستلزم حتما ترتيب
الأحكام الواردة في الكتاب الأول من قانون العقوبات ومنها ما نصت عليه المادة 25
من هذا القانون.
ومن حيث إن القول بأن
الحرمان المنصوص عليه في المادة 25 عقوبات فقرة رابعة هو مما تستلزمه طبيعة عقوبة
الجناية وبأن من أغراضه حماية المحكوم عليه وأنه لذلك يترتب على كل حكم بعقوبة
الجناية أيا كانت المحكمة التي أصدرته ولا يشترط أن يكون هذا الحكم قد صدر
بالتطبيق لأحكام قانون العقوبات وفى جرائم مما نص عليه هذا القانون أو القوانين
واللوائح الخصوصية مما تحيل عليه المادة الثامنة من قانون العقوبات - هذا القول
غير صحيح إذ "لا جريمة ولا عقوبة بلا نص" وعقوبة الحرمان المنصوص عليها
في المادة 25 عقوبات فقرة رابعة مهما يكن الباعث على تقريرها هي عقوبة من العقوبات
التبعية التي نص قانون العقوبات عليها كاثر من آثار عقوبة الجناية التي يقضى بها
تطبيقا لأحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات ولا يجوز في مجال توقيع العقوبات
التوسع في تطبيق هذا النص، يؤيد هذا النظر أن المجالس العسكرية وهي تقضي أحيانا
بالأشغال الشاقة أو بالسجن قد تضمنت مجموعة الأحكام الخاصة بها تقرير بعض العقوبات
التبعية وليس من بينها عقوبة حرمان المحكوم عليه من إدارة أمواله مدة اعتقاله مما
يفيد أن هذه العقوبة ليست بطبيعتها من مستلزمات كل حكم يصدر بعقوبة جناية، وأن
الأحكام الصادرة بالسجن من المحاكم العسكرية المشكلة وفقا للقانون رقم 15 لسنة
1923 لم تكن تترتب عليها قبل تعديل نص المادة السابعة من القانون المذكور بالقرار
الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1940 العقوبات التبعية المنصوص عليها في المادة 25 من
قانون العقوبات وكذلك الأحكام التي صدرت بهذه العقوبة في مصر من المحاكم العسكرية
البريطانية وذلك رغما من أن تنفيذها كان يتم في السجون المصرية.
ومن حيث إنه على ضوء ما
تقدم يتعين البحث فيما إذا كان الحكم الصادر على الطاعن بعقوبة الجناية من محكمة
الثورة يمكن أن تترتب عليه العقوبة التبعية المنصوص عليها في المادة 25 عقوبات
فقرة رابعة أم أن هذه العقوبة لا تلحق الطاعن إلا بقضاء صريح من المحكمة.
ومن حيث إنه قد صدر في خصوص
إنشاء محكمة الثورة وتشكيلها أمران من مجلس قيادة الثورة أولهما الأمر الصادر في 13
من سبتمبر سنة 1953 والذى تقرر فيه إنشاء تلك المحكمة والثاني هو الأمر الصادر في 16
من سبتمبر سنة 1953 الصادر بتشكيلها وبيان الأفعال التي تعرض عليها والعقوبات التي
توقعها وغير ذلك من الأحكام الواردة فيه - وقد صدر هذا الأمر الأخير بناء على نص
المادة الثامنة من الدستور المؤقت الصادر في 10 من فبراير سنة 1953 ونصها
"يتولى قائد الثورة بمجلس قيادة الثورة السيادة العليا وبصفة خاصة التدابير
التي يراها ضرورية لحماية هذه الثورة والنظام القائم عليها لتحقيق أهدافه"
وقد نصت المادة التاسعة من هذا الأمر على أن مجلس الوزراء يتولى سلطته التشريعية،
ويبين من ذلك أن الأمرين الصادرين بتأليف محكمة الثورة وبتشكيلها لم يصدر بهما
قانون أو لائحة بل صدرا على أنهما عمل من أعمال السيادة العليا التي خص بها مجلس
قيادة الثورة بمقتضى المادة الثامنة من الدستور الموقت - ولذلك لم يتبع في شأنهما
ما يتبع في القوانين من نشر في الجريدة الرسمية - ولا يصح القول بسريان أحكام
الكتاب الأول من قانون العقوبات على الجرائم المنصوص عليها في الأمر الصادر بتشكيل
محكمة الثورة تأسيسا على أن المادة الثامنة من قانون العقوبات وإن كانت تقصر تطبيق
أحكام الكتاب الأول على الجرائم التي يوردها قانون أو لائحة إلا أن هذا الحكم يصح
أن يمتد إلى الجرائم التي تضمنها الأمر الصادر بتشكيل محكمة الثورة لأن أمر
السيادة أقوى من القانون. هذا القياس ممتنع ذلك لاختلاف طبيعة كل من أمر السيادة والقانون
في هذا الخصوص فاذا تضمن أمر السيادة تشريعا فان هذا التشريع يختلف عن القانون
وتكون له طبيعة عمل السيادة الذى يعلو على القانون ولا ينزل إلى درجته بل قد يكون
القول باعتبار أمر السيادة في هذا الخصوص بمثابة قانون تفويت للغرض فيه يؤيد ذلك
ما اتضح من الأمر الصادر بتأليف محكمة الثورة والأمر الصادر بتشكيلها على ما سيأتي
بيانه في الأسباب التالية. ذلك لأن الكتاب الأول من قانون العقوبات كما تضمن قواعد
قانونية تسرى على الجرائم والعقوبات فانه تضمن قيودا قانونية قد لا تتفق مع عمل
السيادة وإجراءاتها - هذا من جهة ومن جهة أخرى فان نصوص قانون العقوبات - ومنها
الأحكام العامة الواردة في الكتاب الأول بشأن الجرائم والعقوبات - هي مما لا يجوز
التوسع في تطبيقه أو القياس عليه - ومن قبيل ذلك عدم جواز قياس القانون على
اللائحة في حكم المادة 395 ع وبيان ذلك أن المادة 395 من قانون العقوبات تقضى بأنه
إذا لم تحو لائحة من اللوائح جزاء على الأمر أو النهى المراد بها عوقب المتهم
بغرامة لا تتجاوز خمسة وعشرين قرشا - ومن القواعد المسلمة أن هذا النص لا يجوز
التوسع فيه وإعماله في حالة ما إذا حوى قانون من القوانين أمرا أو نهيا دون النص
على عقوبة لمن يخالف هذا الأمر أو النهى بل يتحتم الحكم بالبراءة وأنه لا يصح التحدي
بأن القانون أقوى من اللائحة وأعلى شأنا منها. وقد كانت المادة السابعة من قانون
تحقيق الجنايات توجب على من عاين وقوع جناية تخل بالأمن العام أو يترتب عليها تلف
حياة إنسان أو ضرر لملكه أن يبلغ النيابة العمومية أو أحد مأموري الضبطية القضائية
- وكانت أيضا توجب على الفرد في حالة التلبس بالجناية أن يحضر الجاني أمام النيابة
أو يسلمه لأحد مأموري الضبطية إن كان ما وقع منه يستوجب القبض عليه احتياطيا ولم
يرد القانون جزاء على مخالفة ما يوجبه نص المادة المذكورة لذلك كان الرأي على عدم
جواز عقاب من يخالف هذا الأمر استنادا إلى نص المادة 395 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه لو صح القول
بأن الأمرين الصادرين بإنشاء محكمة الثورة وبتشكيلها هما بمثابة القانون فانه لا
يجوز مع ذلك تطبيق القواعد المنصوص عليها في الكتاب الأول من قانون العقوبات على
الجرائم التي وردت في أمر التشكيل - ذلك لأن تطبيق هذه القواعد إنما يكون وفقا لنص
المادة 8 من قانون العقوبات في حالة عدم وجود نص في القوانين واللوائح الخصوصية
يقضى بعدم تطبيق أحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات ولان نصوص الأمرين
المذكورين والأحكام التي أصدرتها محكمة الثورة تدل على استثناء تطبيق أحكام الكتاب
المشار إليه - وبيان ذلك أن الأمر الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1953 بتشكيل محكمة
الثورة وبيان الأفعال التي تعرض عليها والعقوبات التي توقعها نص في المادة الأولى
منه على أنه "تشكل محكمة الثورة على الوجه الوارد بالأمر الصادر من مجلس
قيادة الثورة بتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1953" ولتبين مدى هذه الإحالة يتعين
الرجوع إلى التصريح الذى أعلن به الأمر الصادر بتأليف محكمة الثورة - وقد جاء بهذا
التصريح ما يلى: "وستنظر هذه المحكمة فورا فيما يقدم إليها من متهمين بالعمل
ضد مصلحة البلاد وضد كيان الثورة... وستنظر هذه المحكمة فيما يقدم إليها من متهمين
بالعمل ضد مصلحة البلاد وضد كيان الثورة... وستصدر أحكامها باسم مجلس الثورة ولا
محل لترك ذلك للقضاء العادي وللمحاكم العادية.... وأنه مع احترامنا الشديد لجهتنا
القضائية التي نكن لها كل إجلال وإكبار نحب أن تحيطها بهالة من الهيبة والوقار...
وأنه لم يحدث في تاريخ ثورة من الثورات أن احتكمت للقضاء العادي في أمور حياتها
فللقوانين العادية قيودها وحدودها ولا يمكن لقضاتها أن يتعدوا هذه القيود والحدود
لأنها شرعت لظروف الحياة الطبيعية" - ويبين من ذلك أن هذين الأمرين قد تضمنا
نصا صريحا باستثناء أحكام قانون العقوبات - بما فيها الكتاب الأول فيما استثنى
تطبيقه وهى القوانين العادية جميعها وذلك لتعارض هذا التطبيق مع الغرض الذى أنشئت
من أجله محكمة الثورة - وعلى ذلك لا يجدى القول بأن بعض الجرائم التي عوقب من
أجلها الطاعن تقع تحت طائلة قانون العقوبات وأنه لذلك يتعين تطبيق أحكام الكتاب
الأول من هذا القانون - إذ لا تلازم بين الأمرين لأن المجالس العسكرية قد تقضى
جناية على جريمة من جرائم القانون العام ومع ذلك لا تترتب على الحكم الصادر منها
بهذه العقوبة بسبب هذه الجريمة العقوبات التبعية المنصوص عليها في الفقرة الرابعة
من المادة 25 من قانون العقوبات – والنصوص التي وردت في الأمر الصادر بتشكيل محكمة
الثورة تؤكد أن الكتاب الأول من قانون العقوبات قد استثنى تطبيقه فقد نصت المادة 2
فقرة أولى على أن محكمة الثورة تختص بالأفعال الواردة تفصيلا في هذه الفقرة ولو
كانت هذه الأفعال قد وقعت قبل العمل بهذا الأمر وهذا النص لا يتفق مع القاعدة
الواردة في المادة الخامسة من قانون العقوبات - الكتاب الأول – ونصها "يعاقب
على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها" - ونصت الفقرة الثانية
من المادة 2 من أمر التشكيل على أن المحكمة تختص بالنظر فيما يرى مجلس قيادة
الثورة عرضه عليها من القضايا أيا كان نوعها حتى ولو كانت منظورة أمام المحاكم
العادية أو غيرها من جهات التقاضي الأخرى ونصت المادة الثالثة على أنه يعاقب على
الأفعال التي تعرض على المحكمة بعقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو
المؤقتة أو السجن أو الحبس بالمدة التي تقدرها المحكمة" وظاهر من هذه النصوص
أن العقوبات المقيدة للحرية لمدة موقوتة قد ترك لمحكمة الثورة تحديد مدتها غير
مقيدة في ذلك بحد أدنى أو بحد أقصى للعقوبة - وذلك على خلاف ما ورد بالكتاب الأول
من قانون العقوبات من تعيين حد أدنى وحد أقصى للعقوبات المقيدة للحرية - وجاء
بالفقرة الأخيرة من ألأمر المشار إليه أن ألمحكمة تقرر الطريقة التي يتم بها تنفيذ
حكمها في حين أن الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون العقوبات قد تكفل ببيان
القواعد الخاصة بطريق تنفيذ العقوبات الأصلية - ويؤيد ما تقدم أيضا أنه يبين من
مراجعة الأحكام التي صدرت من محكمة الثورة أنها حكمت في 25 من أكتوبر سنة 1953 و2
من نوفمبر سنة 1953 بمعاقبة بعض المتهمين بالسجن خمسة عشر عاما مع وقف التنفيذ مع
أن قانون العقوبات لا يجيز في الكتاب الأول منه وقف تنفيذ عقوبة السجن بل لا يجيز
وقف تنفيذ عقوبة الحبس إلا إذا لم تتجاوز مدتها سنة واحدة، كما يبين من مراجعة تلك
الأحكام أن المحكمة حكمت في 31 من أكتوبر سنة 1953 بتجريد متهم من رتبته العسكرية
والنياشين وبإعفائه من عقوبة السجن لمرضه وأنها حكمت في 2 من نوفمبر سنة 1953 -
بمعاقبة متهم بعقوبة مستحدثة لم ترد في الكتاب الأول من قانون العقوبات وهى
التجريد من شرف المواطن - وتصديق مجلس قيادة الثورة - وهو الذى أصدر أمر التأليف
والتشكيل - على الأحكام الصادرة من هيئة محكمة الثورة يفيد أنه اعتبر أن هذه
الأحكام قد صدرت وفق الأمرين المذكورين.
ومن حيث إن ما نص عليه
الأمر الصادر بتشكيل محكمة الثورة في المادة 2 فقرة ثانية من جواز إعفاء المحاكم
العادية أو غير العادية من نظر بعض القضايا أيا كان نوعها وعرضها على محكمة الثورة
هذا النص لا يفيد الإحالة على قانون العقوبات في خصوص الجزاءات التي توقعها محكمة
الثورة كما توهم ذلك الحكم المطعون فيه وتابعته عليه النيابة العامة - ذلك لأن نزع
القضايا من المحاكم العادية وغيرها وعرضها على محكمة الثورة إنما يقتضى من تلك
المحكمة نظر القضايا المذكورة والفصل فيها وفقا لولايتها التي منحها إياها الأمران
الصادران في 13 من سبتمبر و16 سبتمبر من سنة 1953 وهى ولاية خاصة محررة من أحكام
الكتاب الأول من قانون العقوبات كما سبق البيان فلها أن تقضى بعقوبة الجناية على
فعل لا يعاقب عليه قانون العقوبات أو القوانين الأخرى إلا بعقوبة الجنحة.
وحيث إنه غير صحيح ما ورد
بالحكم المطعون فيه من أن عقوبة السجن المنصوص عليها في المادة 3 من أمر تشكيل
محكمة الثورة هي بذاتها عقوبة السجن المنصوص عليها في المادة العاشرة من قانون
العقوبات وذلك لما سبق بيانه من أن نص المادة الثالثة من أمر التشكيل لم يعين -
على خلاف أحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات - حدا أدنى وحدا أقصى لعقوبة السجن.
ومن حيث إن مما استند إليه
الطاعن في تقرير الطعن أن النائب العام قد وجه كتابا في 31 من مايو سنة 1953 إلى
مدير مصلحة تحقيق الشخصية متضمنا أن أحكام محكمة الثورة لم تصدر بشأن جرائم من
جرائم القانون العام وأنها لذلك لا تعتبر سوابق في خصوص تطبيق أحكام العود ولا
تحرر عنها صحف سوابق - قائلا - الطاعن - إن العود والعقوبة التبعية كلاهما من آثار
الحكم بالعقوبة الأصلية فما يسرى على العود يسرى على العقوبة التبعية إذ أن نصوص
قانون العقوبات في هذا الخصوص متماثلة فقد نصت المادة 25 في باب العقوبات التبعية
على أن "كل حكم بعقوبة جناية يستلزم حتما الحرمان..." ونصت المادة 49
فقرة أولى في باب العود على أن "أنه يعتبر عائدا: أولا من حكم عليه بعقوبة
جناية وثبت ارتكابه بعد ذلك جناية أو جنحة...".
ومن حيث إن استدلال
الطاعن في هذا الخصوص لا جدوى فيه طالما أن أحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات
- بما فيها من قواعد خاصة بالعقوبات التبعية وقواعد خاصة بالعود لا يجوز تطبيقها
كلها أو بعضها إلا بالاستناد إلى نص المادة 8 من قانون العقوبات - وهذا غير جائز
في خصوص الأحكام الصادرة من محكمة الثورة كما سبق بيانه.
ومن حيث إنه يتضح مما
تقدم: أولا - أنه وإن كان الاختصاص الجنائي للمحاكم العادية ليس اختصاصا مانعا إذ
يجوز بمقتضى قوانين خاصة تشكيل محاكم غير عادية يعهد إليها دون غيرها بالمحاكمة
على جرائم خاصة أو على الجرائم العادية التي تكون المحاكم العادية هي المختصة بها
وفقا للقانون الجنائي العام - إلا أنه على المحاكم غير العادية المشار إليها أن
تطبق أحكام الكتاب الأول من قانون العقوبات ما لم يوجد نص صريح مخالف أو يوجد ما
يحول دون تطبيق هذه الأحكام كلها أو بعضها كأن تكون الجرائم التي خول لهذه المحاكم
الفصل فيها قد وردت في غير قانون أو لائحة، ذلك لأن المادة 8 من قانون العقوبات
مقصورة الإحالة فيها على الجرائم المنصوص عليها في القوانين واللوائح الخصوصية.
ثانيا - أن محكمة الثورة هي محكمة ذات سيادة لا يسرى على الجرائم التي تحكم فيها
القواعد المنصوص عليها في الكتاب الأول من قانون العقوبات سواء كانت الجريمة التي عاقبت
عليها هي مما أثمه لأول مرة الأمر الصادر بتشكيلها أم من الجرائم المنصوص عليها في
قانون العقوبات أو في القوانين الأخرى لأنها في كلتا الحالتين إذ تعاقب المتهم
إنما تمارس سيادة عليا تسمو على القوانين العادية ولأن الأمر الصادر بتشكيلها قد
تضمن على ما سبق البيان نصا صريحا باستثناء تطبيق أحكام القوانين العادية ومنها
الكتاب الأول من قانون العقوبات - وعلى ذلك لا يكون ثمت تجاوز في القول بأن محكمة
الثورة هي محكمة ذات سيادة أو في تشبيهها من بعض النواحي بمجلس الشيوخ الفرنسي
حينما كان ينعقد بوصفه محكمة عليا بناء على نصوص دستور سنة 1875 لمحاكمة أي شخص
متهم بجناية من الجنايات المخلة بأمن الدولة أو لمحاكمة رئيس الجمهورية بتهمة
الخيانة العظمى أو لمحاكمة الوزراء على الجرائم التي يرتكبونها أثناء تأدية
وظائفهم - وقد كان المجلس المذكور يصدر في قضائه على أنه محكمة عليا ذات سيادة لا
تتقيد بنصوص القوانين العادية ولا بقاعدة "أن لا جريمة ولا عقوبة بغير
نص" ويقضى بتأثيم أفعال لم يرد في القانون الفرنسي نص بتأثيمها ويضع العقوبة
التي يراها ويقضى أحيانا بالإعفاء من العقوبة الأصلية أو بالحكم بعقوبة على أنها
عقوبة أصلية مع أنها وفقا لقانون العقوبات الفرنسي ليست إلا عقوبة تبعية.
ومن حيث إنه لا محل بعد
ذلك لمناقشة الأقوال التي أدلت بها النيابة العامة لأول مرة في الجلسة الأخيرة
للمرافعة والتي لم تودع الأوراق الخاصة بها في الميعاد ولم يسبق عرضها على محكمة
الموضوع - وهى أقوال ينازع الطاعن في جدواها.
ومن حيث إنه لما تقدم
يتعين نقض الحكم المطعون فيه لمخالفته القانون.
ومن حيث إن الدعوى صالحة
للفصل فيها.
ومن حيث إنه للأسباب
السابق بيانها يتعين إلغاء القرار المستأنف والحكم بعدم قبول الطلب المقدم من
نيابة جنوب القاهرة المطعون عليها الأولى - بشأن تعيين قيم على الطاعن.