الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 29 مايو 2021

الطعن 1760 لسنة 35 ق جلسة 6/ 12/ 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 176 ص 916

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح.

-----------------

(176)
الطعن رقم 1760 لسنة 35 القضائية

(أ) ارتباط. نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". "سلطة محكمة النقض". تبديد. سلاح.
تقدير توافر الشروط المقررة في المادة 32 عقوبات أو عدم توافرها. موضوعي. كون الوقائع - كما أثبتها الحكم - تستوجب إعمال حكم تلك المادة. عدم تطبيقها يعتبر من الأخطاء التي تقتضى تدخل محكمة النقض. مثال بين جريمتي تبديد وتسليم سلاح.
(ب) إثبات. "إقرار". "إقرار غير قضائي".
الإقرار المنسوب إلى الطاعن في تحقيقات شكوى إدارية. طبيعته: إقرار غير قضائي. خضوعه من حيث قوته التدليلية لتقرير قاضى الموضوع.
(ج) إثبات. "قرينة". "قرينة بسيطة".
قرينة الحيازة في المنقول سند الملكية. قرينة بسيطة. جواز إثبات عكسها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة وقرائن الأحوال. مثال
(د) دفوع. "الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة". نظام عام.
الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة. دفع جوهري وان كان لا يتعلق بالنظام العام. على المحكمة أن تتعرض له وترد عليه ما دام أن الدفاع قد تمسك به قبل البدء في سماع أقوال الشهود. سكوت المتهم أو المدافع عنه عن التمسك به قبل الاستماع لأقوال الشهود. سقوط حقه في الدفع به.

--------------
1 - من المقرر أنه وإن كان تقدير توافر الشروط المقررة في المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توافرها أمرا داخلا في سلطة قاضى الموضوع، له أن يقرر فيه ما يراه استنادا إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، إلا أنه متى كانت واقعة الدعوى - كما أثبتها الحكم المطعون فيه - تستوجب إعمال حكم تلك المادة فان عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التي تقتضى تدخل محكمة النقض لتطبيق القانون على وجهه الصحيح استنادا إلى الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه من بيان لواقعة الدعوى يتحقق به معنى الارتباط الوارد في الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات إذ أن عبارة الحكم تفيد أن جريمتي التبديد وتسليم السلاح في صورة الدعوى قد انتظمهما فكر جنائي واحد وجمعت بينهما وحدة الغرض فشكلت منهما وحدة قانونية لها أثرها في توقيع العقاب على مرتكبهما وهو ما كان يقتضى إعمال أحكام تلك المادة واعتبار الجريمتين جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي جريمة التبديد. ولما كان الحكم قد قضى بعقوبة مستقلة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إلى الطاعن فانه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولما كان تصحيح هذا الخطأ لا يخضع لأى تقرير موضوعي بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت إسناد الواقعتين اللتين دانت الطاعن بهما فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه والاكتفاء بالعقوبة التي قضى بها الحكم عن جريمة التبديد باعتبارها الجريمة الأشد ومعاقبة الطاعن بها وحدها عن الجريمتين عملا بأحكام المادة 32 عقوبات.
2 - الإقرار المنسوب إلى الطاعن في تحقيقات شكوى إدارية يعتبر إقرارا غير قضائي يخضع من حيث قوته التدليلية لتقرير قاضى الموضوع الذى له أن يتخذ منه - متى اطمأن إليه - حجة في الإثبات، كما أن له أن يجرده من هذه الحجية دون أن يخضع في شيء من ذلك لرقابة محكمة النقض متى كان تقديره سائغا.
3 - قرينة الحيازة في المنقول سند الملكية قرينة بسيطة يجوز إثبات عكسها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة وقرائن الأحوال. ولما كان الحكم المطعون فيه قد رد على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن واعتبر أن حيازته للبندقية لا تتولد عنها تلك القرينة لأنه إنما كان يحوزها مجرد حيازة مادية بصفته خفيرا خصوصيا لدى مالكها المجنى عليه ودلل على ذلك بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال المجنى عليه وأوراق ترخيص السلاح وما استظهرته المحكمة من تحقيقات شكوى إدارية فانه لا يكون ثمة محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص.
4 - من المقرر أن الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة وإن كان لا يتعلق بالنظام العام إلا أنه من الدفوع الجوهرية التي يجب على محكمة الموضوع أن تعرض له وترد عليه ما دام أن الدفاع قد تمسك به قبل البدء في سماع أقوال الشهود وأنه إذا لم يتمسك المتهم أو المدافع عنه بذلك الدفع قبل الاستماع لأقوال الشهود فان حقه في الدفع به يسقط على اعتبار أن سكوته عن الاعتراض على سماع الشهود بغير نزوله عن حقه المستمد من القواعد المقررة للإثبات في المواد المدنية التي هي قواعد مقررة لمصلحة الخصوم وليست من النظام العام. ولما كان يبين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يعترض على سماع أقوال المجنى عليه في جنحة التبديد ولم يدفع قبل سماعه بعدم جواز الإثبات بالبينة ولم يرد الدفع بذلك إلا في مرافعة الدفاع عنه مما يفيد أنه قد نزل ابتداء عن التمسك بوجوب الإثبات بالكتابة ويمتنع عليه به العدول عن هذا التنازل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 25 من مارس سنة 1963 بدائرة مركز ديروط محافظة أسيوط: (الأول): أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن بندقية (والثاني) "الطاعن": (أولا): سلم سلاحه المرخص له بحمله آنف الذكر للمتهم الأول دون حصوله على ترخيص بحمله (ثانيا): بدد البندقية المبينة الوصف والقيمة بالمحضر سالف الذكر لعلي سليم عبد الله وكانت قد سلمت إليه لحراسة زراعة المجنى عليه فاختلسها لنفسه إضرارا بهذا الأخير. وطلبت عقابهما الأول بالمواد 1 و26/ 1 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرافق والثاني بالمواد 1 و3 و29 من القانون سالف الذكر والمادة 341 من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا بتاريخ 20 من أبريل سنة 1965 عملا بالمادتين 1 و26/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 546 لسنة 1954 والجدول رقم 2 الملحق به مع تطبيق المواد 17 و55 و56 من قانون العقوبات وذلك بالنسبة إلى المتهم الأول والمواد 1 و3 و29 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والمادة 341 من قانون العقوبات وذلك بالنسبة للمتهم الثاني "الطاعن" (أولا) بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وغرامة مائة قرش وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات (ثانيا) بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور عن التهمة الأولى وبثلاثة شهور عن التهمة الثانية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي تبديد سلاح ناري وتسليمه لآخر غير مرخص له بحمله قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن دفاع الطاعن قد بنى على أن البندقية التي نسب إليه اختلاسها مملوكة له وكانت في حيازته حيازة تعتبر سندا لملكيته وأنه لا يجوز نفى تلك القرينة المستفادة من الحيازة إلا باللجوء لقواعد الإثبات المدنية وهي لا تجيز إثبات ملكية البندقية البالغ ثمنها سبعة وعشرون جنيها بالبينة وعلى الرغم من ذلك فإن الحكم المطعون فيه اعتمد في التدليل على ملكية المجنى عليه للبندقية على غير الكتابة واستند في ذلك إلى أدلة ليس من شأنها أن تؤدى إلى ذلك الذي انتهى إليه، مطرحا الإقرار الصادر منه في الشكوى رقم 830 سنة 1963 إداري ديروط بأن تلك البندقية مملوكة للطاعن مؤسسا ذلك على مجرد إنكاره صدور هذا الإقرار منه، وهو ما يخالف قواعد الإثبات المقررة في القانون المدني ويجعل الحكم وقد دانه في جريمة التبديد موضوع التهمة الثانية المسندة إليه مخطئا في تطبيق القانون خطأ من شأنه التأثير في تكوين عقيدة المحكمة وهي بصدد الفصل في التهمة الأولى الموجهة إليه والتي ليس عليها من دليل سوى بعض القرائن القضائية التي تنهار بانهيار جريمة التبديد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها "تتحصل في أنه أثناء مرور الملازم أول عبد الفتاح السيد مرسى ضابط مباحث مركز ديروط بزمام بلدة المحمودية مركز ديروط محافظة أسيوط وذلك في يوم 25/ 3/ 1963 وبرفقته الشرطي السرى عبد الغنى أحمد حسين إذ أبصر المتهم الأول عبد الرحمن حسن عبد الرحمن حاملا بندقية بحالة ظاهرة ولما حاول الهرب تمكن من ضبطه بها بمعاونة الشرطي السالف الذكر وقد تبين أن هذه البندقية مملوكة لمن يدعى علي سليم عبد الله الذي قدم إلى المركز أوراق ترخيصها إلى المتهم الثاني عبد الوهاب درويش حسن (الطاعن) لحراسة زراعته البالغ مساحتها 31 فدانا و9 قراريط و10 أسهم وحصل له على ترخيص بذلك ثم تسلمها الأخير على سبيل الأمانة لاستخدامها في هذا الغرض ولما أراد صاحبها الاستغناء عنه وأخطر المركز بذلك في 2/ 3/ 1963 وطلب سحب البندقية منه وإيداعها مخزن المركز حتى يعين خفيرا آخر بدلا منه زعم المتهم الأخير أن هذه البندقية قد فقدت منه بأن سقطت منه في البحر اليوسفى بعد أن قام بإخفائها لدى صهره المتهم الأول الذى ضبط بها مبددا إياها إضرارا بمالكها وقد تبين أن هذه البندقية غير مششخنة الماسورة وصالحة للاستعمال". واستند الحكم في التدليل على ثبوت الواقعة بالصورة المتقدمة إلى أقوال كل من الملازم أول عبد الفتاح السيد مرسى والشرطي عبد الغنى أحمد حسين وعلى سليم عبد الله وإلى تقرير فحص السلاح بمعرفة الطبيب الشرعي وبعد أن أورد مؤدى كل دليل على هذه الأدلة عرض لدفاع الطاعن ورد عليه في قوله "وحيث إن المتهم الثاني (الطاعن) زعم أن هذه البندقية ملكه هو دون الشاهد السابق وادعى أن والده اشتراها له وأنه قام بترخيصها لنفسه ثم فقدت منه بأن سقطت في البحر اليوسفى وهو يجتازه في إحدى "المعديات" ولم يكن معه أحد وقتذاك فأبلغ بفقدها في اليوم التالي أى في 2/ 3/ 1963. وحيث إنه قد تحرر عن هذه الواقعة المحضر الإداري رقم 830 لسنة 1963 ديروط وقد ثبت منه أيضا أن مالك البندقية علي سليم عبد الله قد أبلغ المركز كتابة في ذات التاريخ أى في يوم 2/ 3/ 1963 برغبته في الاستغناء عن خدمة المتهم الثاني الذى يعمل خفيرا لحراسة زراعته لوجود بديل عنه، وطلب في أقواله في هذا المحضر إلغاء الرخصة لهذا الخفير وإيداع البندقية مخزن المركز، وفي هذا المحضر أيضا ادعى المتهم المذكور أن هذه البندقية ملكه وحيث إنه بالاطلاع على أوراق الترخيص تبين أن البندقية تحمل رقم 3273 وهي من عيار 16 خرطوش وأن هذه الأوصاف مطابقة لأوصاف البندقية المضبوطة، كما ثبت من هذه الأوراق ما يقطع في الدلالة على ملكية علي سليم عبد الله لها منذ 1953 حتى الآن حيث كانت مرخصة باسم أخ المتهم الثاني كخفير لديه ثم فصله وطلب الترخيص له بحملها لأخيه المتهم الثاني؛ وكان يتقدم في كل عام بطلب تجديد هذا الترخيص له حتى تقدم أخيرا بطلب إلغاء الترخيص وإيداع البندقية بمخزن المركز حتى يعين بدلا عنه مما يدحض ادعاء المتهم المذكور بملكيته لهذه البندقية، كما أن في إبلاغه بفقدها في ذات التاريخ الذى أبلغ فيه مالكها المركز بسحب الترخيص منه ما يدل على أنه عمد إلى هذا الادعاء نكاية بمخدومه عندما أحس بأنه بسبيل فصله عن عمله، وفي ضبط هذه البندقية ذاتها بعد ذلك بأيام مع المتهم الأول وهو يمت بصلة مصاهرة وثيقة بالمتهم الثاني أقربها في التحقيقات، ما يفيد أنه سلمها إليه منتويا اختلاسها إضرارا بمالكها وكانت قد سلمت إليه على سبيل الأمانة. وحيث إن ما جاء في محضر الشكوى 830 لسنة 1963 ديروط منسوبا إلى علي سليم عبد الله مالك البندقية ردا على سؤال وجه إليه من المحقق من أن السلاح المرخص به للخفير "أي المتهم الثاني" هو ملك له واستند الدفاع إلى هذه العبارة في ثبوت ملكية البندقية إلى هذا المتهم فإن هذه العبارة قد جحد هو أنها صدرت منه وأصر في تحقيقات النيابة بالجلسة على أنه مالك البندقية دون المذكور، وقرائن الحال وسياق التحقيق وأوراق الترخيص المنضمة إلى الأوراق تساعد على صحة ذلك من أن البندقية ملكه هو بدليل أنه يقرر في ذلك المحضر وقبيل هذه الإجابة مباشرة أنه استغنى عن خدمات هذا المتهم وأنه وجد بديلا عنه أفضل منه وأنه يطلب إلغاء الترخيص الصادر له وإلغاء رخصته وإيداع البندقية في مخزن المركز وقد ردد هذا القول في بلاغه المؤرخ 2/ 3/ 1963 الذى يطلب فيه سحب السلاح من الخفير "المتهم الثاني" وإيداعه المخزن لحين تعيين خفير آخر بدلا منه وتاريخ بلاغه هذا كان في ذات اليوم الذى زعم فيه هذا المتهم أن البندقية قد فقدت منه حتى يفوت على مالكها سحبها منه وقد زعم في شكواه أن فقدها كان في اليوم السابق على هذا الإبلاغ ولو صح هذا الزعم لأبلغ بذلك في اليوم ذاته، كما لم يشر في أقواله أنه يعمل خفيرا لدى علي سليم عبد الله رغم أن الثابت في الرخصة أنها لغفارة زراعة الأخير. وحيث إن الدفاع عن المتهم دفع أيضا بأن حيازة المتهم الثاني للبندقية قرينة على ملكيته لها، كما أن قيمتها نحو 27 جنيها بإقرار علي سليم عبد الله بأنه أعطى هذا المبلغ في سنة 1953 لوالد المتهم لشرائها لحسابه كي يرخصها لابنه ليعمل خفيرا لديه ومن ثم فلا يجوز إثبات عكس ذلك إلا بالكتابة، هذا الدفاع مردود أيضا بأن استلام المتهم لهذه البندقية كان بسبب وظيفته كخفير خصوصي لدى مالكها، فضلا عن أن الحيازة المعنوية للأخير وملكيته لها ثابتة من أوراق التلخيص رقم 42 مسلسل بأنوب الجمل مركز ديروط وقد كان المالك حريصا في كل عام منذ تاريخ الترخيص على طلب تجديده للمتهم، بل ليس أدل على هذه الملكية مما ثبت مؤشرا به على الشكوى المقدمة منه في 12/ 1/ 1955 إلى المركز والمرفقة بملف الترخيص المشار إليه التي يبدى فيها عدم رغبته في تجديد الترخيص الصادر للمتهم المذكور لسوء سلوكه ويطلب إلغاءه وعدم تسليمه البندقية ويشير فيها إلى أن هذه البندقية خاصة به وأنها مودعة في المركز وقد أدى مضمون هذه الأقوال في المحضر المؤرخ 20/ 1/ 1955 الذى أشر عليه السيد مأمور المركز إلى الملازم أحمد وفائي لسرعة سحب السلاح وإيداعه المخزن على ذمة المالك لحين تعيين البدل........." لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة وإن كان لا يتعلق بالنظام العام إلا أنه من الدفوع الجوهرية التي يجب على محكمة الموضوع أن تعرض له وترد عليه ما دام أن الدفاع قد تمسك به قبل البدء في سماع أقوال الشهود وأنه إذا لم يتمسك المتهم أو المدافع عنه بذلك الدفع قبل الاستماع لأقوال الشهود فإن حقه في الدفع به يسقط على اعتبار أن سكوته عن الاعتراض على سماع الشهود يفيد نزوله عن حقه المستمد من القواعد المقررة للإثبات في المواد المدنية التي هي قواعد مقررة لمصلحة الخصوم وليست من النظام العام. ولما كان يبين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يعترض على سماع أقوال المجنى عليه في جنحة التبديد ولم يدفع قبل سماعه بعدم جواز الإثبات بالبينة ولم يرد الدفع بذلك إلا في مرافعة الدفاع عنه مما يفيد أنه قد نزل ابتداء عن التمسك بوجوب الإثبات بالكتابة ويمتنع عليه بعدئذ العدول عن هذا التنازل ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، وكان قرينة الحيازة في المنقول سند الملكية إنما هي قرينة بسيطة يجوز إثبات عكسها بكافة طرق الإثبات بما فيه البينة وقرائن الأحوال وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن واعتبر أن حيازته للبندقية لا تتولد عنها تلك القرينة لأنه إنما كان يحوزها مجرد حيازة مادية بصفته خفيرا خصوصيا لدى مالكها المجنى عليه ودلل على ذلك بأسباب سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال المجنى عليه وأوراق ترخيص السلاح وما استظهرته المحكمة من تحقيقات الشكوى رقم 830 لسنة 1963 ديروط بالتفصيل البادي فيما تقدم، فإنه لا يكون ثمة محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم، وكان الإقرار المنسوب إلى الطاعن في تحقيقات الشكوى المذكورة يعتبر إقرارا غير قضائي يخضع من حيث قوته التدليلية لتقدير قاضى الموضوع الذى له أن يتخذ منه - متى اطمأن إليه - حجة في الإثبات كما أن له أن يجرده من هذه الحجية دون أن يخضع في شيء من ذلك لرقابة محكمة النقض متى كان تقديره سائغا وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى والتحقيقات التي تمت فيها لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي خيانة الأمانة وتسليم السلاح لآخر غير مرخص له بحمله اللتين دين الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه عليها فإن ما يثيره الطاعن في طعنه برمته لا يكون مقبولا.

وحيث إنه لما كان ما تقدم جميعه، وكان من المقرر أنه وإن كان تقدير توافر الشروط المقررة في المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توافرها أمرا داخلا في سلطة قاضى الموضوع، له أن يقرر فيه ما يراه استنادا إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، إلا أنه متى كانت واقعة الدعوى - كما أثبتها الحكم المطعون فيه - تستوجب إعمال حكم تلك المادة فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التي تقتضى تدخل محكمة النقض بتطبيق القانون على وجهه الصحيح استنادا إلى الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من بيان لواقعة الدعوى يتحقق به معنى الارتباط الوارد في الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات إذ أن عبارة الحكم تفيد أن جريمتي التبديد وتسليم السلاح في صورة الدعوى قد انتظمها فكر جنائي واحد وجمعت بينهما وحدة الغرض فشكلت منهما وحدة قانونية لها أثرها في توقيع العقاب على مرتكبها وهو ما كان يقتضى إعمال أحكام تلك المادة واعتبار الجريمتين جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وهي جريمة التبديد. ولما كان الحكم قد قضى بعقوبة مستقلة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إلى الطاعن، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولما كان تصحيح هذا الخطأ لا يخضع لأى تقرير موضوعي - بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت إسناد الواقعتين اللتين دانت الطاعن بهما، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه والاكتفاء بالعقوبة التي قضى بها الحكم عن جريمة التبديد باعتبارها الجريمة الأشد ومعاقبة الطاعن بها وحدها عن الجريمتين عملا بأحكام المادة 32 من قانون العقوبات.

الفهرس الموضوعي للنقض الجنائي المصري / أ / إثبات - إثبات بالقرائن - قرائن قضائية




2 - استعراف كلب الشرطة. قرينة. مثال لتسبيب سائغ. اتخذ من الاستعراف ومطابقة صندل عثر عليه بمكان الحادث لقدم الطاعن قرينتين.
لا جناح على الحكم إذا استند إلى استعراف كلب الشرطة كقرينة يعزز بها أدلة الثبوت التي أوردها ما دام أنه لم يتخذ من هذا الاستعراف دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل المتهمين، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه إنما استند إلى استعراف كلب الشرطة ومطابقة الصندل المعثور عليه بمكان الحادث لقدم الطاعن كقرينتين يعزز بهما أدلة الثبوت التي أوردها ولم يتخذ منها دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعن، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
1 - استعراف الكلب البوليسي. الاستناد إليه كقرينة في تعزيز الأدلة القائمة في الدعوى. صحيح.
استعراف الكلب البوليسي لا يعدو أن يكون قرينة يصح الاستناد إليها في تعزيز الأدلة القائمة في الدعوى دون أن يؤخذ كدليل أساسي على ثبوت التهمة على المتهم.

الفهرس الموضوعي للنقض الجنائي المصري / أ / إثبات - إثبات بالقرائن - قرائن قانونية



لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهما من التهمة المسندة إليهما ورفض الدعوى المدنية قبلهما على أن الوطء لم يقع فعلاً وهو الركن الأساسي في جريمة الزنا .الحكم كاملاً




من المقرر أن الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما كان منها مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ، ولا يكون للمنطوق قوام إلا به .الحكم كاملاً




مضى ثلاثة أشهر من تاريخ العلم بجريمة السب ومرتكبها قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل عن الشكوى .الحكم كاملاً




حجية الأحكام. مناطها: وحدة الخصوم والموضوع والسبب. ورودها على المنطوق وما لا يقوم إلا به من الأسباب. تقدير الدليل في دعوى لا يحوز قوة الأمر المقضي في أخرى.الحكم كاملاً




حق المدعي بالحقوق المدنية استئناف الحكم الصادر من المحكمة الجزئية فيما يختص بحقوقه المدنية وحدها. متى جاوزت النصاب الجزئي. رفعه الاستئناف يوجب على المحكمة الاستئنافية بحث عناصر الجريمة وثبوتها في حق المتهم. عدم تقيدها بحكم أول درجة ولو حاز قوة الأمر المقضي. علة ذلك.الحكم كاملاً




قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي الصادر في موضوع الدعوى الجنائية. المحاجة به تكون أمام المحاكم المدنية وليس أمام المحاكم الجنائية نفسها عند نظر الدعوى المدنية التابعة. المادة 456 إجراءات.الحكم كاملاً




الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية. له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام لم يلغ قانوناً. له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي.الحكم كاملاً




لما كان من المقرر أنه إذا فوتت النيابة العامة على نفسها حق استئناف حكم محكمة أول درجة، فإن هذا الحكم يحوز قوة الأمر المقضي وينغلق أمامها طريق الطعن بالنقض، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم الصادر - بناء على استئناف المتهم - قد جاء مؤيداً لحكم أول درجة فيصدق القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاء واحداً.الحكم كاملاً




توقيع الشيك على بياض دون إثبات قيمته أو تاريخه. لا يؤثر على صحته. مفاده: تفويض المستفيد في تحرير بياناته. افتراض هذا التفويض. ما لم يقم الدليل على خلافه.الحكم كاملاً




قبول طعن المدعي بالحقوق المدنية شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه والإعادة. يوجب على محكمة الإعادة بحث عناصر الجريمة وثبوتها في حق المتهم. عدم تقيدها بالقضاء السابق ولو كان الحكم في الدعوى الجنائية حاز قوة الأمر المقضي .الحكم كاملاً




المادة 2 من القانون رقم 48 لسنة 1941 معدلة بالقانون رقم 80 لسنة 1961. إعفاؤها التاجر المخالف من المسئولية الجنائية إذا أثبت عدم علمه بغش المواد موضوع الجريمة. وأثبت مصدرها .الحكم كاملاً




جناية الغش فى عقد التوريد المنصوص عليها فى المادة 116 مكرر عقوبات. جريمة عمدية. قيامها مشروط بتوفر القصد الجنائى باتجاه إرادة المتعاقد إلى الإخلال بالعقد أو الغش فى تنفيذه. مع علمه بذلك.الحكم كاملاً




خلو المادة 116 مكرر عقوبات من النص على قرينة افتراض العلم بالغش إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة.الحكم كاملاً




المسئولية الفرضية. لا يصح القول بها إلا بنص صريح. أو باستخلاص سائغ من استقراء النصوص وتفسيرها وفقا للأصوال المقررة.الحكم كاملاً




المادة 2 من القانون رقم 48 لسنة 1941 معدلة بالقانون 80 لسنة 1961. إعفاؤها التاجر المخالف من المسئولية الجنائية إذا أثبت عدم علمه بغش المواد موضوع الجريمة وأثبت مصدرها.الحكم كاملاً


الفهرس الموضوعي للنقض الجنائي المصري / أ / إثبات - إثبات بالقرائن - قرائن الأحوال



1 - قرائن الأحوال. هي من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية.

إن قرائن الأحوال من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية وللمحكمة أن تأخذ بها.

الحكم 👈 الطعن170 لسنة 25 ق جلسة 17 / 5/ 1955 مكتب فني 6 ج 3 ق 300 ص 1003

الطعن 170 لسنة 25 ق جلسة 17 / 5/ 1955 مكتب فني 6 ج 3 ق 300 ص 1003

جلسة 17 من مايو سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، واسحاق عبد السيد، ومحمد محمد حسنين يوسف المستشارين.

----------------

(300)
القضية رقم 170 سنة 25 القضائية

(أ) تلبس. 
تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت متلبسا بها من عدمه. موضوعي.
(ب) تلبس. 
لا ينفى قيام حالته انتقال رجل البوليس إلى محل الحادثة بعد وقوعها بزمن.
(ج) اختصاص. تحقيق. 
إجراؤه بمعرف وكيل النيابة الذى وقع الحادث بدائرة اختصاصه. مكان التحقيق. اختياره. متروك للمحقق.
)د) جريمة. 
الباعث على ارتكابها. ليس ركنا من أركانها.
)هـ)نقض. رأفة. عقوبة مبررة. 
لا جدوى من الطعن. مثال في قضية عمد مع سبق إصرار.
)و) سبق إصرار. 
مناط قيامه.
)ز) إثبات. قرائن الأحوال. 
هي من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية.

---------------
1 - إن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبسا أو غير متلبس بها موكول إلى محكمة الموضوع ولا معقب عليها في خصومه ما دامت الأسباب التي استندت إليها لها أصولها في الأوراق وتؤدى عقلا وقانونا إلى النتيجة التي رتبت عليها.
2 - لا ينفى قيام حالة التلبس كون رجل البوليس قد انتقل إلى محل الحادثة بعد وقوعها بزمن ما دام أنه بادر إلى الانتقال عقب علمه مباشرة وما دام أنه قد شاهد آثار الجريمة بادية.
3 - ما دام وكيل نيابة المركز الذى وقع بدائرته الحادث هو الذى أجرى التحقيق فيه فلا يهم بعد ذلك المكان الذى اختاره المحقق لإجراء التحقيق والذى يترك لتقديره وحسن اختياره حرصا على صالح التحقيق وسرعة إجرائه.
4 - إن الباعث على الجرائم ليس ركنا من أركانها.
5 - لا جدوى للطاعن مما يثيره من جدل حول ما يدعيه من خطأ الحكم في اعتباره فاعلا أصليا لا شريكا في جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ما دامت عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التي قضى بها عليه مقررة في القانون للاشتراك في الجريمة المذكورة، ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة قد طبقت المادة 17 من قانون العقوبات في حقه إذ أن تقدير ظروف الرأفة إنما يكون بالنسبة إلى الواقعة الجنائية التي ثبت لدى المحكمة وقوعها لا بالنسبة إلى وصفها القانوني ولو أنها رأت أن تلك الظروف كانت تقتضى منها النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لما منعها من ذلك اعتبارها الطاعن فاعلا أصليا فهي إذ لم تفعل ذلك تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها مع الواقعة التي أثبتها الحكم.
6 - إن مناط قيام سبق الإصرار هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكر وروية.
7 - إن قرائن الأحوال من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية وللمحكمة أن تأخذ بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين السبعة الأول بأنهم قتلوا عبد الحفيظ عبد الحميد دسوقي وفوزي عبد الحميد دسوقي عمدا مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتلهما وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية قاتلة واستدرجوهما إلى منزل المتهم الأول حيث أطلقوا عليهما عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهما. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 من قانون العقوبات، فقررت ذلك وقد ادعى بحق مدنى: أولا - ورثة عبد الحفيظ عبد الحميد دسوقي وهم أرملته أمينة صادق وزوجته الثانية منيرة عبد السلام وأولاده البلغ محمد عبد الحفيظ والسيدات فتاة وزوزو وفوزية وأولاده القصر صلاح مصطفى وليلى وأحمد ونبيل المشمولين بوصاية عبد العزيز عبادة على. وثانيا - ورثة فوزى عبد الحميد دسوقي وهم توحيده جلال أرملته عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر منه وهم طلعت ومحمد واحمد وجمالات وكوثر وطلبوا أن يحكم لهم قبل المتهمين السبعة الأول متضامنين بمبلغ عشرة ألاف جنيه تعويضا والمصاريف والأتعاب. وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات المنيا وجهت النيابة تهمة شهادة الزور إلى الطاعنين الثامن والتاسع لأنهما شهدا زورا لصالح المتهم الأول وطلبت عقابهما بالمادة 394 من قانون العقوبات. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة (17) من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأربعة الأول والمادة 145 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهمين الخامس والسادس والسابع والمواد 294 و55 و56 منه بالنسبة إلى المتهمين الثامن والتاسع. أولا - بمعاقبة المتهم الأول فتحي حسين يونس والثاني هاشم خليفة بدوى بالأشغال الشاقة المؤبدة. ثانيا - بمعاقبة كل من المتهمين الثالث سعد أحمد مفتاح والرابع مسعد عبد الغنى أحمد بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة، ثالثا - بمعاقبة كل من المتهمين الخامس شحاته سليمان خليفة والسادس هاشم جاد مبارك والسابع محمد أحمد مصطفى بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. رابعا - بمعاقبة كل من المتهمين الثامن سيد عبد الرحمن والتاسع صلاح سرحان بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ هذه العقوبة بالنسبة للمتهمين الأخيرين لمدة ثلاث سنين تبدأ من اليوم. خامسا - إلزام كل من المتهم الأول فتحي حسين يونس والثاني هاشم خليفة بدوى والثالث سعد أحمد مفتاح والرابع سعد عبد الغنى أحمد بأن يدفعوا متضامنين مبلغي ثلاثة آلاف من الجنيهات لورثة المجنى عليه الأول عبد الحفيظ عبد الحميد دسوقي وثلاثة آلاف من الجنيهات لورقة المجنى عليه الثاني فوزى عبد الحميد دسوقي المدعيين بالحق المدني والمصاريف المدنية و مبلغ خمسين جنيها مقابل أتعاب المحاماة ورفض الدعوى المدنية قبل المتهمين الخامس والسادس والسابع. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الخامس والسادس والسابع وإن قرروا بالطعن في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسبابا لطعنهم. وحيث إن الطعون المقدمة من باقي الطاعنين قد استوفت الشكل المقرر بالقانون. وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما محصله أنه قام بين الطاعنين الأول والثاني والمجنى عليهما تنافس وتحاسد كان من ظواهره أن أنضم فريق الطاعنين إلى أحد المرشحين في انتخابات مجلس النواب السابق وانضم فريق المجنى عليهما إلى الآخر، ورغم محاولة بعض الوسطاء في إجراء الصلح بين الطرفين في سنة 1950 فإن الخلف استمر بينهما إلى أن كان يوم 25 من أبريل سنة 1952 إذ حصل شجار بين المجنى عليه الأول والطاعن الثاني فتجدد النزاع وعمل الطاعنان الأول والثاني على الخلاص من المجنى عليهما، ودبرا الخطة لتنفيذ القتل فيهما وإزهاق روحيهما وإخفاء جثتيهما ومحو معالم الجريمة والعمل على خلق دفاع يدرأ عنهما ما عساه أن يوجه إليهما من تهمة أو شبهة، فاستعانا بالطاعنين الثالث والرابع وهما ممن يتصلون بالمجنى عليهما ويأنس هذا الأخيران إليهما، وفى الوقت نفسه هما على صلة تعارف وصداقة بالطاعنين الأول والثاني وأحدهما وهو الطاعن الثالث يمت للطاعن الثاني بصلة المصاهرة - فسعى جهده في أن يزين للمجنى عليهما الذهاب إلى اتليدم حيث يقيم الطاعنان الأول والثاني - وفى يوم الحادث اجتمع المجنى عليهما بالطاعنين الأربعة الأول بمنزل ثانيهم وبقوا فيه جميعا إلى ما بعد تناول طعام العشاء - ولما أراد المجنى عليهما الانصراف دعاهما الطاعن الأول بإلحاح إلى تمضية بعض الوقت عنده فأجابا دعوته، ولم يمض وقت طويل على دخولهما حتى أطلقت النار عليهما وقتل الاثنان في حضور الطاعنين الأربعة الأول الذين اتفقت إرادتهم وجمعوا أمرهم على قتلهما - وفى نفس الوقت الذى كان يرتكب فيه الحادث انطلق مجهولون إلى محل وجود سيارة المجنى عليهما حيث يوجد سائقها (شاهد الإثبات الأول) فأحاط به رجلان وأمسكا به ولكنه قاومهما وتمكن من التخلص منهما وفرّ إلى سطح منزل بالبلد حيث استمر مختبئا إلى الصباح ثم توجه إلى بلدة قصر هور (بلدة المجنى عليهما) مخترقا المزارع حيث أبلغ عن الحادث - وخلصت المحكمة إلى أن الاعتداء على السائق الذى لم يتم إنما كان حلقة من حلقات تدبير الجناية للخلاص من المجنى عليهما ومن السائق حتى لا ينكشف الجرم - وأنه عن للطاعنين الأربعة الأول أن يخفوا معالم الجريمة فعمدوا إلى إخراج جثتي المجنى عليهما وإلقائهما في ترعة الإبراهيمية كما عملوا على إخفاء الآثار التى تخلفت بمنزل الطاعن الأول - كما اختفت أيضا سيارة المجنى عليهما وفرّ الطاعن الأول إلى القاهرة لخلق أدلة تنفى صلته بالجريمة وبقى هاربا إلى أن تقدم للمحكمة بجلسة 26 من سبتمبر سنة 1953 - وأشهد الطاعنين الثامن والتاسع على أنه كان بعيدا عن موضع الجريمة وقت وقوعها فشهدوا زورا لمصلحته وأقامت النيابة العامة الدعوى العمومية ضدهما - كما هرب الطاعن الثاني بسيارته إلى الفيوم حيث قبض عليه فيها - وتوجه الطاعن الثالث إلى بلدته بنى عبيد في حالة إعياء ظاهر أما الطاعن الرابع فقد سافر في فجر الليلة التي ارتكب فيها الحادث إلى القاهرة - وأقر الطاعنون الخامس والسادس والسابع بأنهم حملوا إحدى جثتي المجنى عليهما يصحبهما الطاعن الثاني - وألقوها في ترعة الإبراهيمية، ووجدت الجثة الثانية داخل غرارة ومثقلة بعجلة من عجلات الكاوتشوك و أثبت الكشف الطبي وجود جرحين حيويين متعرضين بها بالبطن يسمحان بتسرب الغازات حتى لا تطفو على وجه الماء - أما الجثة الأولى فوجدت عارية من الملابس. ووجد في كلتيهما آثار الأعيرة النارية، وتبين من تشريح الجثتين أن الوفاة ناشئة عن هذه الإصابات. ثم أورد الحكم الأدلة التي استند إليها في إدانة الطاعنين كل بالجريمة المسندة إليه - فبالنسبة للطاعن الأول - تجمل هذه الأدلة أولا - فيما شهد به محمد خلف إمام سائق السيارة من أن المجنى عليهما والطاعنين الأربعة الأول قد اجتمعوا جميعا بمنزل الطاعن الثاني إلى ما بعد تناول العشاء ثم دعاهما الطاعن الأول إلى زيارته في منزله فقبلا الدعوة وذهبا معه إلى منزله بصحبة الطاعنين الثالث والرابع وبعد دخولهم بقليل سمع صوت الأعيرة النارية ثم هجم عليه شخصان وحاولا أن يمسكا به ولكنه قاومهما وتخلص منهما بعد أن ترك لهما بعض ملابسه وتمكن من الاختفاء بالبلدة إلى أن بزغ ضوء النهار فقام إلى بلدة قصر هور حيث أبلغ عن الحادث - ثم ذكر الحكم أن أقوال هذا الشاهد قد تأيدت بما شهد به عمدة قصر هور وشيخ خفرائها عن كيفية وظروف التبليغ عن الحادث - وبما هو ثابت في التحقيقات من أن الشاهد شوهد حاضرا يجرى إلى البلدة عاريا من الملابس تقريبا وحافي القدمين - وبما أثبته قاضى التحقيق في محضره من أن الشاهد أرشده عن مكان الحادث فأجرى تجربة تحقيق له منها إمكان إفلات الشاهد من بين يدى الشخصين اللذين أمسكا به عقب الحادث وإمكان تسلقه إلى سطح المنزل الذى اختبأ فيه وأن الموضع الذى اختاراه للاختفاء فيه (الكوة) يكفيه ولا يمكن لأحد أن يراه وهو في موضعه. كما أثبتت المحكمة ما بان لها من الاطلاع على دفتر المرور الذى ثبت منه صحة ما قرره الشاهد من أن المجنى عليهما توجها بالسيارة أولا إلى الفكرية ثم إلى اتليدم ولم تعد السيارة بعد ذلك و ثانيا - مما شهدت به زوجة عبد الحفيظ عبد الحميد من أنه أخبرها قبل مغادرته للمنزل بأنه مدعو لتناول الطعام عند الطاعن الثاني وما شهد به بقلا عن الشاهد الأول من وقوع الحادث في منزل الطاعن الأول - وما شهد به أيضا زوجة المجني عليه الثاني فوزي عبد الحميد من أن زوجها أخبرها هو الآخر بأنه سيتناول الطعام عند الطاعن الثاني ومعه الطاعن الثالث. وثالثا - مما قرره الطاعنون الخامس والسادس والسابع وهم خدم الطاعن الأول من أن الطاعن الثاني كان موجودا بمنزل الطاعن الأول ومعهما ضيوف آخرون - وأن مقذوفات نارية أطلقت في هذا المنزل أسفرت عن وجود جثة قتيل - ثم طلب منهم الطاعنان الأول والثاني إخراجها من الدار فحملوها وبصحبتهم الطاعن الثاني إلى ترعة الإبراهيمية حيث ألقوا بها - وتبين أنها لفوزي عبد الحميد - وأضافوا أنه بعد وقوع الجريمة غيرت معالم الحجرة التي ارتكب فيها القتل، وأزيلت آثار الدماء التي انتشرت بالمنزل وكان ذلك بحضور الطاعن الأول ورابعا - مما ثبت في تقرير الطبيب الشرعي عن المعاينة التي أجراها ونتيجة تحليل المضبوطات التي ضبطت بمعرفته والتي ضبطت بمعرفة معاون البوليس في منزل هذا الطاعن والذى خلص منه إلى أن التلوثات التي رفعت من حائط الحجرة وأكياس مخدات الكنبتين وتلك التي شوهدت على المسند الخشبي المنزوع من الكنبة والتي بالمائدة - وكذلك التلوثات المشاهدة بكسوة المساند الثلاثة وتلك التي كانت بالبلاط الأسمنت المنزوع من صالة المنزل - وجدت كلها دماء آدمية - وأنه ثبت من التحليل عن الفصائل أن التلوثات الدموية الآدمية بالكنبة والمائدة تتفق في الفصيلة مع فصيلة دم المجنى عليه عبد الحميد عبد الحفيظ - وكذلك الحال بالنسبة للقطعة النسيجية الجافة التي وجدة بكسوة أحد المساند وهى بحجم القمحة تقريبا - فإنه ثبت من تحليلها أنها من نسيج حيوي مخي وأنها تعاصر التلوثات التي تحيط بها وهى تلوثات آدمية تتفق في الفصيلة مع فصيلة دم المجنى عليه المذكور الذى أورى تشريح جثته وجود إصابة نارية اخترقت الرأس وأحدثت تهتكا وتناثرا بالمخ - وما ثبت كذلك من هذا التقرير من أن محتويات الحجرة المتطرفة بمنزل الطاعن الأول قد أبدلت بأخرى وأخفيت الآثار بطلائها بطلاء جديد - وان الرصاصتين المستقرتين بالحائط البحري في الحجرة قد أطلقتا من داخلها وفى مواجهة نفس الجدار، وأن العثور على رصاصتين بالكنبة ووجود أثر حديث لنفاذ مقذوف بالمائدة - كل هذه الاعتبارات تشير إلى أن هذه الأشياء كانت بالغرفة المتطرفة - وما ثبت في هذا التقرير أيضا من أن الجدار الشرقي لهذه الحجرة وجد ملوثا بالدماء - وتتفق فصيلة هذه التلوثات وكذلك التلوثات التي وجدت بقطع البلاط وفصيلة دم المجنى عليه فوزى عبد الحميد - وما ثبت فيه كذلك من أن الظرف المطلق الذى عثر عليه بإحدى الكنبتين من عيار 0.38 وجد مطلقا حديثا وفى وقت يتفق مع تاريخ الحادث - وأن الطلقات الأخرى المضبوطة هي من نفس النوع - وأنه نظرا لتجانس فتحات الدخول في الجثتين فإنه من الممكن أن تكون هذه الإصابات قد حصلت من مقذوفات متجانسة مع الرصاص المستخرج من الحائط والكنبة ومن مثل الظرف المطلق وبعض الطلقات المعبأة التي ضبطت بالمنزل.
ثم قرنت المحكمة هذه الأدلة بما استخلصته من هرب هذا الطاعن من بلدته عقب ارتكاب الحادث في ليلة 1/ 5/ 1952 إلى أن قدم نفسه لمحكمة الجنايات في 26/ 9/ 1953 وفسرت هذا الهروب بأنه كان يقصد به تلفيق أدلة ينفى بها الاتهام الذى قد يوجه إليه - ولكن يخفى أثر ما قد يكون قد تخلف في جسده وقت ارتكاب الجريمة - ولم تصدق المحكمة شاهدي النفي اللذين أشهدهما على أنه كان موجودا بالقاهرة وبعيدا عن محل الحادث في وقت وقوعه (وهما الطاعنان الثامن والتاسع) وقضت المحكمة بإدانتهما بجريمة شهادة الزور.
وتجمل هذه الأدلة بالنسبة للطاعن الثاني. أولا - فيما شهد به الشاهد الأول من أن المجنى عليهما كانا بمنزله إلى ما قبل ارتكاب الحادث - ثم غادراه إلى منزل الطاعن الأول بصحبته وبصحة الطاعنين الثالث والرابع وثالثا - فيما قرره الطاعنون الخامس والسادس والسابع من أنه كان موجودا بالمنزل المذكور وقت وقوع الجريمة وأنه كلفهم حمل الجثة وإلقائها بترعة الإبراهيمية بل وصحبهم أثناء قيامهم بهذا العمل خاصة وأن الطاعن لم يجرح أقوالهم بدفاع معقول. وثالثا - فيما استخلصته المحكمة من هرب الطاعن إلى سنورس عقب ارتكاب الحادث، فلما قبض عليه وسئل عن المجنى عليهما أنكر معرفته بهما وادعى أنه لم يكن موجودا ببلدته في الوقت الذى تمت فيه الجريمة وأشهد شاهدين على هذه الواقعة فكذبه أولهما وهو ضابط نقطة عزبة أباظة - وجاءت أقوال الثاني مناقضة لأقوال الطاعن المذكور بالنسبة للتاريخ الذى تقابلا فيه كما ذكرت المحكمة وهى في معرض إثبات كذب دفاع الطاعن ما ثبت بدفاتر المرور من أن سيارة الطاعن مرت بطريق الفيوم الزراعي في يوم أول مايو سنة 1952 الساعة 9 مساء ثم قرنت المحكمة هذه الأدلة مجتمعة بالقرينة المستخلصة من تعرف الكلب البوليس على الطاعن بعد أن شم المظروف المطلق الذى ضبط بمحل الحادث وهى تجمل بالنسبة للطاعنين الثالث والرابع: أولا - فيما شهد به شاهد الإثبات الأول من أن هذين الطاعنين لحقا في سيارة أولهما بالمجنى عليهما إلى منزل الطاعن الثاني وقضيا معه السهرة فيه، ولما سئل عن هذه الواقعة كل منهما على انفراد، أنكراها بتاتا - ثم عدلا عن هذا الإنكار بلسان المدافع عنهما، وأقرا بأنهما كانا موجودين مع المجنى عليهما بمنزل الطاعن الثاني ولكنهما أنكرا أنهما رافقاهما إلى منزل الطاعن الأول أو أنهما كانا حاضرين وقت ارتكاب الجريمة، ولم تأخذ المحكمة بما ذكره محاميهما من أن إنكارهما مقابلة المجنى عليهما بمنزل الطاعن الثاني كان من قبيل سوء الدفاع، وقالت إن هذا الإنكار إنما قصد به الطاعنان درء الشبهة عنهما، وثالثا - فيما ثبت للمحكمة من أن الطاعنين كانا في محل الحادث وقت ارتكابه وأضافت المحكمة بالنسبة للطاعن الثالث 1 - أنه عندما سئل عن التهمة المسندة إليه رفض الإجابة إلا بحضور محاميه - الأمر الذى خلصت منه إلى أنه أراد كسب الوقت لتلفيق دليل نفى التهمة 2 - وما ثبت في تقرير بوليس المرور من أن هذا الطاعن مر بسيارته الملاكي في الساعة 45.4 مساء بنقطة سافاى 3 - وما شهد به محمد عبد الحفيظ ابن المجنى عليه عبد الحفيظ عبد الحميد من أن الطاعن حضر مع آخر لمقابلة والده في منزله قبل الحادث بيومين وأنه لولا علاقة والده به وبالطاعن الرابع لما توجه إلى أتليدم 4 - وما استخلصته المحكمة من أن الطاعن أشهد عبد الكريم مسعود على أنه كان مدعوا عنده في ليلة الحادث وأنه كان موجودا بمنزله من الساعة 10 مساء إلى الساعة 2 صباحا - فكذبه هو والشاهد الآخر الذى أشهده على هذه الواقعة وشهد الاثنان بأنه لم يحضر إلا في وقت متأخر من الليل وبعد انصراف المدعوين - وما شهدت به توحيده جلال زوجة القتيل فوزى عبد الحميد بأنها من بلدة هذا الطاعن وهى بنى عبيد وتعلم أنه اشتهر عنه التوسط في القتل واستدراج القتيل وقد نصحت إلى زوجها كثيرا بالابتعاد عنه، وأضافت بالنسبة للطاعن الرابع أنه هرب من بلدته إلى القاهرة في الصباح المبكر غداة وقوع الحادث - إلى أن ضبط وعرض على المحقق بعد وقوعه بخمسة أيام وقالت إن هذا الهروب لا يمكن أن يفسر إلا برغبة المتهم في إبعاد نفسه عن مكان وقوع الجريمة فترة من الزمن ليرد الاتهام عنه، وخلصت المحكمة من ذلك كله إلى أن الطاعنين الثالث والرابع هما اللذان زينا للمجنى عليهما الذهاب إلى أتليدم حيث ارتكبت الجريمة بتدبير سابق بين الطاعنين الأربعة.
وتجمل هذه الأدلة بالنسبة للطاعنين الخامس والسادس والسابع فيما ذكرته المحكمة من أنها تأخذهم بالقدر المتيقن في حقهم من اعترافهم - ولا تعوّل على ما ما ذكروه في التحقيقات من أنهم فعلوا ما فعلوه مكرهين - كما لا تعوّل على إنكارهم بعد ذلك وما ادعوه من أنهم أدلوا باعترافاتهم مكرهين نتيجة تعدى رجال البوليس عليهم وساقت الأدلة على كذب هذا الدفاع.
كما تجمل الأدلة بالنسبة للمتهمين الثامن والتاسع فيما ثبت لدى المحكمة من أن الطاعن الأول كان موجودا بمحل الحادث وقت ارتكابه وأنه هرب إلى القاهرة بعد وقوع الجريمة بقصد درء التهمة عن نفسه وإلى ما ثبت لها من وجود علاقة مصاهرة تربطه بالشاهدين مما دعاهما إلى تقرير أقوال كاذبة في صالحه مع أن أولهما عندما سئل في التحقيقات لم يجزم محددا الوقت الذى حضر فيه الطاعن الأول للقاهرة.
)عن الطاعن الأول)
ومن حيث إن مبنى الوجه الأول من التقرير بأسباب الطعن المقدم منه في 17/ 11/ 1954 هو أن الحكم خالف القانون وشابه قصور في التسبيب إذ اعتبر أقوال الطاعنين الخامس والسادس والسابع دليلا على إدانة الطاعن في حين أن هذه الأقوال صدرت منهم نتيجة إكراه مادى ومعنوي سلطة عليهم رجال الإدارة - وذكر الدفاع ظروف الإكراه الذى وقع على هؤلاء الطاعنين فلم ترد المحكمة عليه ردا سائغا.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد الأدلة التي أجملتها المحكمة فيما تقدم تعرض لدفاع الطاعن الذى جرح به أقوال الشهود فقال "إن هذا الدفاع مردود بأن هؤلاء المتهمين أنفسهم نفوا أمام قاضى التحقيق أن أحدا طلب إليهم أن يفضوا بما قالوا وأنهم قرروا الحقيقة طوعا واختيارا".
ثم أورد الحكم بعد ذلك أقوال هؤلاء الشهود مفصلة كما وردت في محضر قاضى التحقيق - لما كان ذلك وكان للمحكمة مطلق الحرية في تقدير أقوال الشهود ومتى اقتنعت بها واطمأنت إليها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له ما يبرره.
ومن حيث إن مبنى الوجه الثاني من التقرير هو أن الحكم أخل بحق الدفاع عن الطاعن وشابه قصور في التسبيب إذ أقام قضاءه بإدانته على أن آثارا مادية وجدت في منزله ورغم ما ذكره الدفاع من أن الأحراز لم تكن مصونة، وأن الطبيب الشرعي لم يثبت حال كل حرز عند فتحه - ورغم طلبه استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في ذلك وفيما قرره من أن القتل ترك آثارا بالحجرة - فإن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب ولم تورد في حكمها الرد عليه والمسوغ الذى سوّغ لها اطراحه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد تناول بالرد ما أثير حول الأحراز المضبوطة على ذمة الدعوى فقال: "وأما ما أثير عن الأحراز وعدم اتباع ما نص عليه القانون بشأنها في المادتين 56 و57 من قانون الإجراءات الجنائية فهي قواعد تنظيمية لا يترتب على مخالفتها بطلان لأنها ليست من الإجراءات الجوهرية وفضلا عن ذلك فقد تولى أمرها الطبيب الشرعي وهو خبير أمين ولم تر المحكمة في أي شيء تم بالنسبة للأحراز ما يدعو مطلقا للريبة أو الشك".
ولما كان القانون حين نظم الإجراءات الخاصة بتحريز المضبوطات وفضها إنما قصد إلى تنظيم العمل والمحافظة على الدليل لعدم توهين قوته في الإثبات ولكنه لم يرتب على مخالفتها أي بطلان - وكان الأمر في مرجعه إلى تقرير محكمة الموضوع لسلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبطية القضائية - لما كان ذلك و كانت المحكمة قد اطمأنت فعلا لسلامة الأحراز فإن الحكم يكون قد أصاب في قضائه برفض هذا الدفع ويكون هذا الوجه من الطعن في غير محله ومتعينا رفضه.
ومن حيث إنه عما ذكره الطاعن من أن المحكمة أخلت بحقه في الدفاع إذ لم تجبه إلى طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته فيما كانت عليه حالة الأحراز وقت فضها وما ورد في تقريره عن تخلف آثار بالحجرة التي ارتكبت فيها الجريمة مما دعا إلى طلائها بطلاء جديد بعد الحادث، فإنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة "لم تر في التقرير الاستشاري المقدم من الطاعن ما يزعزع عقيدتها بشأن تقرير الطبيب الشرعي الأول وتقرير كبير الأطباء الشرعيين وتعتمد في هذه القضية على ما ثبت في هذين التقريرين دون غيرهما" يبين من ذلك أنها لم تأخذ بالتقرير الاستشاري وأنها اعتمدت تقرير الطبيب الشرعي الأول و تقرير كبير الأطباء الشرعيين للأسباب الواردة بهما وأنها لم تر محلا للأسباب المذكورة التي اعتمدتها وصارت جزءا من الحكم لإجابة الطلب المقدم من الطاعن وهو ما يدخل في سلطتها - لما كان ذلك فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه.
ومن حيث إن مبنى الأوجه الأربعة الأول من تقرير أسباب الطعن المقدم في 18/ 11/ 1954 هو أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ قضى برفض الدفع المقدم من الطاعن ببطلان الإذن الصادر بالتفتيش وببطلان محضر التفتيش الذى أجراه وكيل النيابة وذلك الذى أجراه معاون البوليس. ذلك بأن الجريمة لم يكن متلبسا بها فما كان يجوز لوكيل النيابة أن يصدر الإذن بالتفتيش بل كان واجبا عليه أن يتخلى عنه لقاضى التحقيق المختص بإصداره - كما أن معاون البوليس الذى استصدر الإذن بالتفتيش لم يكن قد تحقق من وقوع الجريمة مما يمتنع منه على وكيل النيابة إصدار هذا الإذن قبل التحقق من أن جريمة قد وقعت بالفعل - إعمالا لنص المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية - هذا إلى أن التفتيش الذى أجراه معاون البوليس قد وقع باطلا لأنه لم يحصل بحضور المتهم أو وكيله أو شاهدين على الأقل وهو ما توجبه المادة 51 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه رد على دفاع الطاعن بقوله "وحيث إن المحكمة ترى أن الجناية موضوع هذه القضية هي جناية تلبس ومحل وقوعها هو دار المتهم الأول وآية ذلك أن السائق محمد خلف إمام سمع الطلقات النارية تدوى في تلك الدار وفيها المجنى عليهما وجاءه شخصان يريدان القبض عليه و إمساكه ثم اختفى بعض الوقت خوفا على حياته ثم انطلق يجرى يبلغ عن الجناية التي سمع رنين طلقاتها بأذنه ولم يعد سيداه من تلك الدار ولم يعثر لهما على أثر، فسماع الطلقات النارية في هذه الحالة يعتبر كشفا للجناية واطلاعا عليها حال وقوعها عن طريق السمع وما دامت هذه الجناية هي جناية تلبس فإن الدفاع الذى أثير عن بطلان التفتيش ينهار من أساسه" لما كان ذلك وكان تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها للفصل فيما إذا كانت الجريمة متلبسا أو غير متلبس بها من اختصاص محكمة الموضوع وموكولا إليها وحدها ولا معقب عليها في خصوصه - ما دامت الأسباب التي استندت إليها لها أصولها في الأوراق وتؤدى عقلا وقانونا إلى النتيجة التي رتبت عليها وكانت الوقائع الثابتة في الحكم ومنها حضور الشاهد وقت التبليغ في حالة يكاد يكون عاريا فيها من الملابس نتيجة ما وقع عليه من اعتداء، تدل على أن معاون البوليس أبلغ بحادث القتل عقب وقوعه فبادر إلى محله وتحقق من وقع جريمة فأسرع إلى منزل المتهم لتفتيشه وكان هذا التفتيش يعتبر حاصلا في حالة تلبس فهو صحيح قانونا وليس ينفى قيام حالة التلبس كون معاون البوليس قد انتقل إلى محل الحادثة بعد وقوعها بزمن ما دام الثابت أنه بادر إلى الانتقال عقب علمه مباشرة، وما دام أنه قد شاهد آثار الجريمة بادية - لما كان ذلك كله وكان قانون الإجراءات الجنائية يضفى على مأموري الضبطية القضائية في حالة الجريمة المتلبس بها جميع السلطات التي لقاضى التحقيق فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب فيما قضى به من رفض هذا الدفع.
ومن حيث إن مبنى الوجه الخامس هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون كذلك إذ قضى برفض الدفع ببطلان محضر جمع الاستدلالات الذى استند إليه الحكم لما ثبت من أن وكيل نيابة المحرص قد تعدى اختصاصه عند ما حقق الجناية بمركز ملوى.
ومن حيث إنه لا خلاف على أن الحادث قد وقع بدائرة مركز المحرص فيكون وكيل نيابة المحرص هو المختص بإجراء التحقيق فيه ولا يهم بعد ذلك المكان الذى يختاره المحقق لإجراء التحقيق والذى يترك لتقديره وحسن اختياره حرصا على صالح التحقيق وسرعة إجرائه.
ومن حيث إن مبنى الوجه السادس هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ رفض أيضا الدفع ببطلان إجراءات تحريز المضبوطات لأن الطاعن لم يحضر أثناء فتح الأحراز بمعرفة الطبيب الشرعي لا هو ولا وكيله ولم يدع إلى ذلك وتخلف.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب في رفض هذا الدفع ذلك بأن نص المادة 85 من قانون الإجراءات الجنائية صريح في أنه يحوز في جميع الأحوال أن يؤدى الخبير مأموريته بغير حضور الخصوم. ومن ذلك فض الأحراز - وبأن القانون حين نظم الإجراءات الخاصة بتحريز المضبوطات وفضها إنما قصد التنظيم كما تقدم القول.
ومن حيث إن مبنى الوجه السابع هو أن الحكم أخطأ في القانون إذ قضى برفض الدفع ببطلان القرار الصادر من وكيل النيابة بندب الطبيب الشرعي لتشريح الجثة المقول بأنها لعبد الحفيظ دسوقي وانتداب وكيل نيابة أبى قرقاص للطبيب الشرعي لتشريح جثة فوزى دسوقي - ذلك بأن ندب الخبراء لا يكون إلا بمعرفة قاضى التحقيق فإذا صدر من وكيل النيابة وقع باطلا وترتب على ذلك بطلان التقارير المقدمة من الطبيب الشرعي وبطلان الاستدلال بها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه برفض هذا الوجه من الطعن ذلك بأن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية التي جاء نصها صريحا في أنه "لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات........ ولهم أن يستعينوا بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة ويطلبوا رأيهم شفهيا أو بالكتابة".
ومن حيث إن مبنى الوجه الثامن هو أن الحكم قد بنى على إجراء باطل وشابه قصور في التسبيب إذ لم يثبت من التحقيق أن الجثتين اللتين وجدتا في ترعة الإبراهيمية هما للمجنى عليهما.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بقوله "وحيث إن الدفاع عن المتهم الأول أثار حول جثة عبد الحفيظ عبد الحميد دسوقي غبارا أراد منه التشكيك في أن الجثة ليست لهذا الشخص - وهذا الدفاع مردود بما ثبت من العثور على هذه الجثة واستعراف ذويه عليها وأقطع دليل على أنها له وجود رخصته الخاصة بالسلاح وعليها صورته الفوتوغرافية داخل ملابسه ووجود بعض قطع ذهبية خاصة به ولم يستطع الدفاع أن ينكر آثار البلولة ظاهرة على رخصة السلاح عند فض الحرز الخاص بالجلسة بل يقول إن تلك البلولة قد عملت خصيصا، والمحكمة لا يساورها أي شك في أن الجثة هي لعبد الحفيظ عبد الحميد دسوقي - ولم يثر الدفاع شيئا عن جثة المجنى عليه فوزى عبد الحميد دسوقي وقد كانا معا ولقيا حظا واحدا." لما كان ذلك وكان ما ساقه الحكم له أصل في التحقيقات ويؤدى إلى ما رتب عليه فإن ما ادعاه الطاعن من قصور في التسبيب يكون على غير أساس ويكون هذا الوجه من الطعن متعين الرفض.
ومن حيث إن أوجه الطعن التاسع والعاشر والحادي عشر هي أن المحكمة أخلت بحق الدفاع عن الطاعن إذ طلب مناقشة الطبيب الشرعي في بعض مسائل فنية - كما طلب إعادة التجربة التي أجراها قاضى التحقيق على أن يلبس الشاهد نفس الملابس التي كان يرتديها في يوم الحادث - كما دفع بأن الدماء التي وجدت بالمنزل هي لخادمة الخاص وقد تناثرت منه عندما أصيب بجرح وطلب تحليل فصيلة دم هذا الخادم لتحقيق صحة دفاعه - ولكن المحكمة لم تجب هذه الطلبات جميعا ولم ترد عليها ردا سائغا يبرر اطراحها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه رد على طلب تحليل دم الخادم فقال "ومن حيث إن الدفاع عن المتهم الأول في سبيل اجتهاده لدحض الأدلة المادية التي وجدت في دار هذا المتهم قال إن الطرطشة التي ثبت أنها من دم آدمي والتي وجدت بالحجرة وجاء بيانها في تقرير الطبيب الشرعي أثناء إجرائه للمعاينة - قال الدفاع إنه سأل المتهم الأول عنها عند زيارته له بالسجن فأخبره المتهم المذكور بأنه كان لديه قبل الحادث خفير وكان يحمل أحد البراميل فجرحت يده وسال منها الدم......... وهذا الدفاع لا تلتفت إليه المحكمة ولا تعتد به وترى إهداره إذا الحادثة حصلت في ليلة أول مايو سنة 1952 وبقى المتهم الأول المذكور هاربا من وجه العدالة حتى شهر سبتمبر سنة 1953 وسئل في جلسة 26/ 9/ 1953 فلم يبد شيئا من هذا الدفاع ولم يبد أي محام حضر عنه شيئا عن هذا القول الجديد ولو كان هذا القول حقا وصحيحا لذكره المتهم لأول مرة، وما كان ليتردد في أن يذكره أو يثيره وقد طلب الدفاع عنه في تلك الجلسة التي حضر فيها أمام محكمة الجنايات الإذن له بتقديم تقرير طبى استشاري ولم يأت على لسان أحد ذكر لمسألة عبد السلام زايد (الخادم) والدم الذى يدعى أنه قد سال منه - ومن ثم فإن هذا الدفاع من هذه الناحية مردود وغير خليق بالاعتداد" - كما عرض للتجربة التي أجراها قاضى التحقيق - وللطعون التي وجهها التقرير الطبي الاستشاري لتقرير الطبيب الشرعي وتقرير كبير الأطباء الشرعيين مما مفاده أنه اعتمد تقرير الطبيب الشرعي وتقرير كبير الأطباء الشرعيين ولم ير محلا للأخذ بما ورد بالتقرير الطبي الاستشاري وذلك للأسباب الواردة في تقرير الطبيب الشرعي وكبير الأطباء الشرعيين التي صارت باعتماد المحكمة لها أسباب للحكم وأنها لم تر محلا للأسباب المذكورة لإجابة طلب إعادة التجربة وطلب مناقشة الطبيب الشرعي وهو ما يدخل في سلطتها - لما كان ذلك فإن هذه الأوجه من الطعن تكون كلها على غير أساس.
ومن حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن المقدم من الطاعن الثاني هو أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الدفاع عن الطاعن وشابه قصور في التسبيب إذ ارتكن في إدانته إلى أن قتل المجنى عليهما كان بحضوره في حين أنه ثابت من أقوال شاهد الإثبات محمد خلف أن الطاعن لم يغادر داره عند انصراف المجنى عليهما - وأنه لم يدخل منزل الطاعن الأول الذى وقع فيه الحادث في خلال الفترة التى مضت بين وصول الضيوف إلى هذا المنزل ووقوع الجريمة - وتمسك الدفاع بأن الطاعن لا يمكن أن يكون قد دخل من باب آخر لأن المنزل ليس له إلا باب واحد يفتح على الجهة الشرقية وهو الباب العمومي وباب آخر صغير.
مخصص للحريم يقع في الجهة القبلية من السور الشرقي ويقع على نفس الشارع وفى ذات الاتجاه وهو على مسافة قريبة جداً من المكان الذى كان ينتظر فيه الشاهد بالسيارة - وطلب من المحكمة الانتقال لمعاينة المنزل لتحقيق هذا الدفاع ولكنها لم تجب هذا الطلب ولم تناقشه في أسباب حكمها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة على إدانة الطاعن بالجريمة المسندة إليه فاستند إلى محضر المعاينة التي أجراها قاضى التحقيق ولتلك التي أجراها وكيل النيابة وأقوال الطاعنين الخامس والسادس والسابع والأدلة الأخرى التي قامت ضد الطاعن واطمأنت المحكمة إليها والمبينة فيما تقدم - وخلص من ذلك كله إلى ما قطعت به المحكمة من وجود الطاعن في منزل الطاعن الأول ومساهمته مع باقي الطاعنين في ارتكاب جريمة القتل التي دانته بها مما مفاده أنها لم تر محلا للأسباب المذكورة لإجابة
طلب المعاينة الذى تقدم به الطاعن لعدم جدواه ولعدم تأثيره على أدلة الثبوت التي قامت لديها والتي لها أصلها في التحقيقات - لما كان ذلك فإن هذا الوجه يكون على غير أساس متعينا رفضه.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والخامس من الطعن أن الحكم شابه قصور في التسبيب وخطأ في الاستدلال إذ استندت المحكمة إلى أن شجارا حصل في أحد فنادق القاهرة قبل الحادث بأيام اعتدى فيه أحد المجنى عليهما على الطاعن وطرحه أرضا - في حين أنه ثابت من التحقيق أن الشجار كان بين المجنى عليه عبد الحفيظ عبد الحميد دسوقي وشخص آخر خلاف الطاعن - وجاء التدليل على هذه الواقعة التي استند إليها الحكم غامضا و متناقضا - كما استندت المحكمة في حكمها أيضا إلى وجود صلة مصاهرة بين الطاعن الثاني والطاعن الثالث في حين أن هذه المصاهرة لا أصل لها في الواقع ولا في التحقيقات.
و من حيث إنه لا جدوى للطاعن مما يثيره من جدل في هذا الشأن لأن الباعث في الجرائم ليس ركنا من أركانها - والخطأ فيه مهما بلغ لا يؤثر على سلامة الحكم ولا ينقص من قيمة الأدلة التي أوردتها المحكمة على وقوع الجريمة فعلاً من الطاعن - كما أنه لا جدوى للطاعن أيضا مما أثاره حول ما جاء في الحكم - ويقول إنه جاء مخالفا للواقع - من وجود صلة مصاهرة بينه وبين الطاعن الثالث - ما دامت هذه الواقعة لا تؤثر على الأدلة التي قامت لدى المحكمة على مساهمة الطاعن نفسه في ارتكاب الجريمة التي دانته بها.
وحيث إن مبنى الوجهين الثالث والرابع والوجه الثاني عشر من تقرير الطاعن الأول المؤرخ 18/ 11/ 1954 هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ اعتبر الطاعنين الأربعة الأول فاعلين مع أنه لم يحدد من منهم أطلق النار على المجنى عليهما وكل ما جاء به هو أن المتهمين وإن تعددوا فإنهم يعتبرون جميعا فاعلين أصليين مع أنه لا يمكن اعتبار الطاعنين في هذه الحالة إلا في مرتبة الشركاء إذ لم يثبت الحكم في حق أحد منهم أنه قام بعمل من الأعمال المكونة للجريمة وإذا كانت المحكمة قد رأت تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للطاعن فإن عقوبته كشريك يجب أن تنزل عن الأشغال الشاقة المؤبدة - هذا إلى أن التدليل على نية القتل قد جاء قاصرا كما أنه بالنسبة لركن سبق الإصرار قد جاء معيبا لاستخلاص الدليل عليه من الأعمال التى تمت بعد وقوع الجريمة بقصد إخفاء معالمها.
ومن حيث إنه لا جدوى للطاعن مما يثيره من جدل حول ما يدعيه من خطأ الحكم في اعتباره فاعلا أصليا لا شريكا لأن عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التي قضى بها عليه مقررة في القانون للاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار - مما يستوجب رفض هذا الوجه من الطعن تطبيقا لحكم المادة 433 من قانون الإجراءات الجنائية - ولا يغير من ذلك ما ذكره الطاعن من أن المحكمة قد طبقت المادة 17 من قانون العقوبات في حقه إذ أن تقدير ظروف الرأفة إنما يكون بالنسبة إلى الواقعة الجنائية التي ثبت لدى المحكمة وقوعها لا بالنسبة إلى وصفها القانوني ولو أنها رأت أن تلك الظروف كانت تقتضى منها النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لما منعها من ذلك اعتبارها الطاعنين جميعا فاعلين أصليين فهي إذ لم تفعل ذلك تكون قد رأت تناسب العقوبة التى قضت بها مع الواقعة التي أثبتتها في الحكم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد تعرض لركن سبق الإصرار وأورد عليه أدلة لها أصولها في الأوراق - ويكفى في ذلك أن تكون المحكمة قد ذكرت أن القتل كان مدبرا ومصمما عليه وأن المتهمين الأول والثاني كانا يحقدان على المجنى عليهما وكانت خطتهما أن يحضراهما إلى بلدتهما أتليدم فاستعانا بالطاعنين الثالث والرابع على أن يزينا لهما الذهاب إليها ثم إلى دار الطاعن الأول حيث قضى عليهما فيها - كما ذكرت الظروف التي أحاطت بالحادث والتي استخلصت منها الأدلة التي أدت إلى اقتناعها بأن نية الطاعن وزملائه كانت مبيتة على القتل وكان مرد ذلك كله إلى ما هو ثابت في التحقيقات - ثم خلصت في النهاية بناء على الأدلة السائغة التي سردتها إلى أن قتل المجنى عليهما لا ريب في أنه قد تم وحصل ووقع بناء على تدبير وتنظيم سابقين ولما كان مناط قيام سبق الإصرار هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكر وروية وكانت الأدلة التي أوردها الحكم وهذا الذى قاله عن سبق الإصرار من شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن بشأن سبق الإصرار وقصور الحكم في بيانه لا يكون له محل.
ومن حيث إنه عما ذكره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد اتخذ من إخفاء معالم الجريمة ونقل جثتي المجنى عليهما مجهزين بترتيب خاص إلى ترعة الإبراهيمية لاغراقهما تحت الماء ومن هرب الطاعن بعد ذلك - وهى كلها وقائع لاحقة على حادث القتل - دليلا على توفر سبق الإصرار فإنه يبين مما تقدم أن المحكمة لم تعتمد على ذلك وحده في إثبات توافر سبق الإصرار بل اعتمدت على أدلة أخرى تؤدى إلى ما انتهت إليه، ولا جناح على المحكمة إذا هي استرشدت في ذلك بواقعة لاحقة للحادث متى كانت هذه الواقعة متصلة به وتلقى ضوءً عليه - لما كان ذلك فإن الجدل الذى يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له ما يبرره.
ومن حيث إنه عن نية القتل فقد استظهرها الحكم استظهارا كافيا إذ قال "لا ريب أن إطلاق النار على المجنى عليهما كان بقصد قتلهما وإزهاق روحهما وتستدل المحكمة على ذلك من المقذوفات العديدة التي أصابت كليهما في مواضع قاتلة من جسديهما حسبما جاء في التقرير الطبي الشرعي - وقد أعد المتهمان الأول والثاني العدة لذلك وقد وجد لدى المتهم الأول مقذوفات عديدة فوق دولاب ملابسه" - فيكون هذا الوجه من الطعن متعين الرفض - ويكون الطعن كله على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن المرفوع من الطاعن الثالث والوجهين الأول والثاني من الطعن المرفوع من الطاعن الرابع هو أن الحكم المطعون فيه شابه فساد الاستدلال إذ دانهما بأنهما فاعلان أصليان في جريمة القتل العمد لمجرد وجودهما على مسرح الجريمة وهو منزل الطاعن الأول مع أن ذلك كان يقتضى أن يقيم الحكم الدليل على أن الطاعنين - وهما ضيفان كان متآمرين مع صاحب الدار على الجريمة التي وقعت - ولكن المحكمة لم تذكر دافعا لارتكاب الجريمة - كما لم تقم الدليل على أن الطاعنين هما اللذان زينا للمجنى عليهما التوجه إلى أتليدم وكل ما جاء في الحكم لا يؤدى إلى هذه النتيجة.
و من حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما يتوافر فيه جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد الأدلة التي استخلص منها ثبوتها ضدهما - واطرح دفاعهما للاعتبارات التي ذكرها والتي لها أصلها في التحقيقات كما أجملته المحكمة فيما تقدم - لما كان ذلك وكان تقدير الليل موكولا لمحكمة الموضوع وحدها - وكان لها أن تحكم وفقا لما اقتنعت به واطمأنت إليه لا سلطان لأحد عليها - كما أن لها أن تأخذ بقرائن الأحوال - وهى من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية، لما كان كل ذلك وكانت هذه الأدلة والاعتبارات والقرائن من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها فإن ما يثيره الطاعنان لا يعدو أن يكون جدلا في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما يستقل به قاضى الموضوع وحده دون مطعن عليه ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
هذا ولا يعيب الحكم أنه لم يبين الدافع للطاعنين على ارتكاب الجريمة إذ أن الباعث على الجرائم ليس ركنا من أركانها كما تقدم القول.
و من حيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث من الطعن المرفوع من الطاعن الثالث هو أن الحكم المطعون فيه شابه الفساد في الاستدلال وخطأ في الاسناد إذ أخذ بدليلين متعارضين أولهما ما شهد به محمد خلف من أن المجنى عليهما توجها بسيارتهما مباشرة إلى أتليدم وثانيهما ما ثبت في دفاتر قلم المرور من أن سيارتهما لم تمر بنقطة أتليدم وبذلك أسقط الدليلين معا - كما نسب إلى الطاعن أنه يمت إلى الطاعن الثاني بصلة المصاهرة وهو ما ليس له أصل في الأوراق.
ومن حيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن المرفوع من الطاعن الرابع - هو أن الحكم، أخطأ في تطبيق القانون عندما دان الطاعن بجريمة القتل مع سبق الإصرار مع أن الثابت من التحقيق أن القتل لم يكن عن نية مبيتة وقد حصل في منزل الطاعن الأول طبقا للرواية التي رواها شاهد الإثبات محمد خلف فلابد أن يكون قد حصل لسبب مفاجئ، وبذلك تنعدم المسئولية التضامنية ويكون الفاعل الأصلي مجهولا.
و من حيث إن الحكم علل بأسباب سائغة ما شهد به محمد خلف وما ثبت في دفاتر المرور وانتهى إلى "أن سيارة المجنى عليهما رقم 10404 عندما حضرت إلى أتليدم وانصرفت بعد دقائق قابلت على الطريق بين نقطتي اتليدم وسافاى السيارتين رقم 13228 ملاكي وهى سيارة سعد أحمد مفتاح الطاعن الثالث والسيارة رقم 374 وهى سيارة المتهم الثاني هاشم وعادت السيارات سويا" لما كان ذلك وكانت باقي هذه الأوجه قد سبق الرد عليها في الرد على الطعن المرفوع من الطاعن الثاني فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ومن حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعنين الثامن والتاسع هو أن المحكمة أخلت بحق الدفاع عنهما كما شاب حكمها المطعون فيه قصور في التسبيب إذ دانت الطاعنين بجريمة شهادة الزور من غير أن تسألهما عن التهمة المسندة إليهما - ولم تضمن حكمها مقدمات وأركان الجريمة التي دانتهما بها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه جميع العناصر القانونية لجريمة شهادة الزور التي دان الطاعنين بها فقال "واستشهد (أى الطاعن الأول) بشاهدين (الطاعنين الثامن والتاسع) يمتان إليه بصلة المصاهرة وهما سيد عبد الرحمن وصلاح سرحان على أنه كان موجودا بالقاهرة قبل يوم الحادث وقد شهد هذان الرجلان بهذه الشاهدة مع أن أولهما لم يجزم في التحقيقات عن الوقت الذى حضر فيه هذا المتهم للقاهرة … وقد ثبت للمحكمة أن هذين الرجلين شهدا زورا وان شهادتهما في مجلس القضاء بجلسة 18/ 10/ 1954 إنما هي شهادة زور وبهتان وأنهما تعمدا هذا الافتراء لمصلحة المتهم الأول - لما كان ذلك وكانت الأسباب التي ذكرتها المحكمة تؤدى عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها ولها أصلها في التحقيقات وكان الثابت من الاطلاع على محضر المحاكمة أن المحكمة سألت الطاعنين عن جريمة شهادة الزور المسندة إليهما فأنكراها - لما كان ذلك كله فإن الطعن يكون علي غير أساس متعينا رفضه موضوعا.