الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 24 يناير 2021

الطعن 20351 لسنة 85 ق جلسة 7 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 107 ص 872

  جلسة 7 من ديسمبر سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / وجيه أديب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الرازق ، طارق بهنساوي ، عادل غازي ومحمود عمر نواب رئيس المحكمة .
-----------

(107)

الطعن رقم 20351 لسنة 85 القضائية

تفتيش " التفتيش بغير إذن " . مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " . تلبس . قبض . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " . محكمة النقض " سلطتها " " نظرها الطعن والحكم فيه " . مواد مخدرة .

المادتان 37 ، 38 إجراءات جنائية . مؤداهما ؟

اطراح الحكم الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولإجرائهما من غير مأموري الضبط القضائي استناداً لصحة تفتيش فردي أمن مقر مجلس الدولة للطاعن . خطأ في تطبيق القانون . أثره : وجوب النقض والقضاء بالبراءة . علة وأساس ذلك ؟

مثال لتسبيب معيب لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما مفاده : " أنه حال تواجد كلاً من الشاهدين الأول / .... والثاني / .... الموظفين بإدارة الأمن بمجلس الدولة أمام بوابة المجلس قدم إليهما / .... وهو يعمل أمين شرطة بمديرية أمن .... قاصداً الدخول من بوابة المجلس ممسكاً بيده شنطة بلاستيكية سوداء فطلبا منه تفتيشها وفحص محتوياتها وتوجه إليه أولهما وتحفظ عليه وقام باستدعاء شرطة حراسة المجلس وإخطار رؤسائه في العمل بشكوكه من حمله لممنوعات بتلك الشنطة واصطحبوه لمبنى المجلس وبالاستفسار منه عما تحويه تلك الحقيبة قرر لهم أن بها حبوباً وأقراصاً مخدرة فأمر أحد رؤسائه بفحصها في وجوده وقام بفتحها فعثر بداخلها على كمية من الأقراص والتي ثبت معملياً أنها لعقار الترامادول المخدر فقام وباقي زملائه بتسليمه والمضبوطات لحرس المجلس والذي قام بدوره بتسليمه لقسم .... وذلك في حضور الشاهد الثاني .... " ، ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة على النحو السالف بيانه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتي أورد مضمونها بما لا يخرج عما حصله في بيانه لواقعة الدعوى على النحو سالف البيان ، ثم عرض للدفع المبدى من المدافع عن الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولكون القائمين به ليسوا من مأموري الضبط القضائي ورد عليه بما مؤداه : " أن الثابت للمحكمة من مطالعتها لأقوال الشاهدين الأول والثاني وما استخلصته المحكمة أنهما موظفين بإدارة الأمن بمجلس الدولة ويباشران عملهما ببوابة المجلس وذلك طبقاً للتعليمات الصادرة إليهما من جهة عملهما بضرورة فحص كافة ما يحمله المترددين على المجلس خشية حملهم لثمة ممنوعات وذلك كحالة ضرورة اقتضتها الظروف الأمنية التي تمر بها البلد وما تشهده يومياً من وقوع انفجارات استهدفت دور العدالة وأقسام الشرطة وقد توجه المتهم / .... لبوابة المجلس قاصداً الدخول حاملاً معه شنطة بلاستيكية سوداء وطلب السماح له من الشاهدين السابقين بالدخول إلَّا أنهما رفضا إلَّا بعد الإفصاح عما يحمله بداخل تلك الشنطة أو فض ما بداخلها قبل دخوله كإجراء احترازي إلَّا أنه أبرز لهم تحقيق شخصيته ورفض تفتيشه وانصرف لخارج بوابة المجلس ونظراً لشك هذين الشاهدين فيه ومما قد يحمله بتلك الشنطة من مفرقعات توجه أولهما إليه حال إخباره من زملائه بمعاودة قدومه وتوقفه بخارج بوابة المجلس وتحفظ عليه وقام بإبلاغ رؤسائه وحرس المجلس بشكوكه فيما تحويه تلك الشنطة وحضر إليه زملائه وحرس المجلس واقتادوه لداخل المجلس للاستفسار منه عما تحويه تلك الشنطة وعند ذلك قرر لهم بأنها أقراص وتم تكليف الشاهد الأول بفض محتوياتها في مواجهته للتأكد مما تحوية خشية وجود ثمة مفرقعات بها فتبين أنها أقراص مخدرة فتم تسليمه لحرس المجلس والذي قام بدوره بإبلاغ قسم .... وتسليمه له . لما كان ذلك ، فإن ما آتاه موظفي إدارة الأمن بمجلس الدولة هو إجراء اقتضته ظروف ومتطلبات العمل بمجلس الدولة من ضرورة فحص كافة المترددين لداخله وفحص ما يحملونه من ثمة أشياء كإجراء ضروري لسلامة ذلك المبنى ، ويكون ذلك التفتيش الإداري مشروعاً اقتضته الضرورة ويكون ما يسفر عنه ذلك التفتيش من ثمة حيازة لما يشكل جريمة هو تفتيش صحيح قانوناً وفي نطاق المهمة الموكولة للقائم به . لما كان ذلك ، وكان ما قام به الشاهدين الأول والثاني من التحفظ على المتهم لتشككهما فيما يحمله من شنطة أمام بوابة مجلس الدولة وهما موظفي أمن المجلس المنوط بهما فحص كافة ما يحمله المترددين على المجلس وهو إجراء تحفظي إداري ليس فيه ثمة تعرض لحريته الشخصية أو قبض بالمعنى القانوني ، ومن ثم يكون إجراءً مشروعاً فإذا ما أسفر ذلك الإجراء عن اكتشاف ثمة جريمة صح القبض على المتهم وقد تم القبض عليه بمعرفة رجال الشرطة بعد أن أفصح عما تحوية تلك الشنطة من تلقاء نفسه وضبط تلك الأقراص المخدرة فعلاً بداخلها مما تنتفي معه قالة بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولانتفاء صفة القائم به مما ترفض معه المحكمة تلك الدفوع لابتنائها على غير سند من الواقع أو القانون " . لما كان ذلك ، وكان القانون قد حظر القبض على أي إنسان أو تفتيشه إلَّا بترخيص منه أو بإذن من سلطة التحقيق المختصة ، ذلك أنه من المقرر أن المادتين 37 ، 38 من قانون الإجراءات الجنائية أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي من آحاد الناس أو من رجال السلطة العامة تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور للضبط القضائي في الجنايات والجنح التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس حسب الأحوال متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس وهو إجراء بمثابة التحفظ على المتهم بما شوهد معه كيما يتم تسليمه إلى مأمور الضبط القضائي – أي مجرد التعرض المادي لما يقتضيه واجبه في التحفظ على المتهم وعلى جسم الجريمة على سند من نظرية الضرورة الإجرائية ، وليس لغير مأمور الضبط القضائي أن يجري قبضاً أو تفتيشاً على نحو ما فعل في واقعة الدعوى . لما كان ذلك ، وكان ما انتهى إليه الحكم - على نحو ما سلف بيانه - من الاعتبار بصحة تفتيش فردي أمن مقر مجلس – وهما ليسا من مأموري الضبط القضائي – للطاعن ينطوي على خطأ في تطبيق القانون ؛ لأن هذا التفتيش باطل ولا يؤبه به على السياق المتقدم . لما كان ذلك ، وكان لازم بطلان التفتيش عدم التعويل على أي دليل متسمد منه ومنها شهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ، وكانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها دليل سوى هذا الضبط الباطل ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب إليه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بنص المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

 اتهمــت النيابة العامة الطاعن بأنه :

أحرز عقار " الترامادول" المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 25 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند المضاف من الجدول رقم 1 الملحق بالأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 والمعدل بالقرار رقم 125 لسنة 2012 ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز عقار الترامادول المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه الخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما لكون من أجراهما ليس من مأموري الضبط القضائي وفي غير أحوال التلبس بيد أن الحكم اطرحه بما لا يسوغ به اطراحه ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده : " أنه حال تواجد كلاً من الشاهدين الأول / .... والثاني / .... الموظفين بإدارة الأمن بمجلس الدولة أمام بوابة المجلس قدم إليهما / .... وهو يعمل أمين شرطة بمديرية أمن .... قاصداً الدخول من بوابة المجلس ممسكاً بيده شنطة بلاستيكية سوداء فطلبا منه تفتيشها وفحص محتوياتها وتوجه إليه أولهما وتحفظ عليه وقام باستدعاء شرطة حراسة المجلس وإخطار رؤسائه في العمل بشكوكه من حمله لممنوعات بتلك الشنطة واصطحبوه لمبنى المجلس وبالاستفسار منه عما تحويه تلك الحقيبة قرر لهم أن بها حبوباً وأقراصاً مخدرة فأمر أحد رؤسائه بفحصها في وجوده وقام بفتحها فعثر بداخلها على كمية من الأقراص والتي ثبت معملياً أنها لعقار الترامادول المخدر فقام وباقي زملائه بتسليمه والمضبوطات لحرس المجلس والذي قام بدوره بتسليمه لقسم .... وذلك في حضور الشاهد الثاني / .... " ، ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة على النحو السالف بيانه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتي أورد مضمونها بما لا يخرج عما حصله في بيانه لواقعة الدعوى على النحو سالف البيان ، ثم عرض للدفع المبدى من المدافع عن الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولكون القائمين به ليسوا من مأموري الضبط القضائي ورد عليه بما مؤداه : " أن الثابت للمحكمة من مطالعتها لأقوال الشاهدين الأول والثاني وما استخلصته المحكمة أنهما موظفين بإدارة الأمن بمجلس الدولة ويباشران عملهما ببوابة المجلس وذلك طبقاً للتعليمات الصادرة إليهما من جهة عملهما بضرورة فحص كافة ما يحمله المترددين على المجلس خشية حملهم لثمة ممنوعات وذلك كحالة ضرورة اقتضتها الظروف الأمنية التي تمر بها البلد وما تشهده يومياً من وقوع انفجارات استهدفت دور العدالة وأقسام الشرطة وقد توجه المتهم / .... لبوابة المجلس قاصداً الدخول حاملاً معه شنطة بلاستيكية سوداء وطلب السماح له من الشاهدين السابقين بالدخول إلَّا أنهما رفضا إلَّا بعد الإفصاح عما يحمله بداخل تلك الشنطة أو فض ما بداخلها قبل دخوله كإجراء احترازي إلَّا أنه أبرز لهم تحقيق شخصيته ورفض تفتيشه وانصرف لخارج بوابة المجلس ونظراً لشك هذين الشاهدين فيه ومما قد يحمله بتلك الشنطة من مفرقعات توجه أولهما إليه حال إخباره من زملائه بمعاودة قدومه وتوقفه بخارج بوابة المجلس وتحفظ عليه وقام بإبلاغ رؤسائه وحرس المجلس بشكوكه فيما تحويه تلك الشنطة وحضر إليه زملائه وحرس المجلس واقتادوه لداخل المجلس للاستفسار منه عما تحويه تلك الشنطة وعند ذلك قرر لهم بأنها أقراص وتم تكليف الشاهد الأول بفض محتوياتها في مواجهته للتأكد مما تحوية خشية وجود ثمة مفرقعات بها فتبين أنها أقراص مخدرة فتم تسليمه لحرس المجلس والذي قام بدوره بإبلاغ قسم .... وتسليمه له . لما كان ذلك ، فإن ما آتاه موظفي إدارة الأمن بمجلس الدولة هو إجراء اقتضته ظروف ومتطلبات العمل بمجلس الدولة من ضرورة فحص كافة المترددين لداخله وفحص ما يحملونه من ثمة أشياء كإجراء ضروري لسلامة ذلك المبنى ، ويكون ذلك التفتيش الإداري مشروعاً اقتضته الضرورة ويكون ما يسفر عنه ذلك التفتيش من ثمة حيازة لما يشكل جريمة هو تفتيش صحيح قانوناً وفي نطاق المهمة الموكولة للقائم به . لما كان ذلك ، وكان ما قام به الشاهدين الأول والثاني من التحفظ على المتهم لتشككهما فيما يحمله من شنطة أمام بوابة مجلس الدولة وهما موظفي أمن المجلس المنوط بهما فحص كافة ما يحمله المترددين على المجلس وهو إجراء تحفظي إداري ليس فيه ثمة تعرض لحريته الشخصية أو قبض بالمعنى القانوني ، ومن ثم يكون إجراءً مشروعاً فإذا ما أسفر ذلك الإجراء عن اكتشاف ثمة جريمة صح القبض على المتهم وقد تم القبض عليه بمعرفة رجال الشرطة بعد أن أفصح عما تحوية تلك الشنطة من تلقاء نفسه وضبط تلك الأقراص المخدرة فعلاً بداخلها مما تنتفي معه قالة بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولانتفاء صفة القائم به مما ترفض معه المحكمة تلك الدفوع لابتنائها على غير سند من الواقع أو القانون " . لما كان ذلك ، وكان القانون قد حظر القبض على أي إنسان أو تفتيشه إلَّا بترخيص منه أو بإذن من سلطة التحقيق المختصة ، ذلك أنه من المقرر أن المادتين 37 ، 38 من قانون الإجراءات الجنائية أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي من آحاد الناس أو من رجال السلطة العامة تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور للضبط القضائي في الجنايات والجنح التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس حسب الأحوال متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس وهو إجراء بمثابة التحفظ على المتهم بما شوهد معه كيما يتم تسليمه إلى مأمور الضبط القضائي – أي مجرد التعرض المادي لما يقتضيه واجبه في التحفظ على المتهم وعلى جسم الجريمة على سند من نظرية الضرورة الإجرائية ، وليس لغير مأمور الضبط القضائي أن يجري قبضاً أو تفتيشاً على نحو ما فعل في واقعة الدعوى . لما كان ذلك ، وكان ما انتهى إليه الحكم - على نحو ما سلف بيانه - من الاعتبار بصحة تفتيش فردي أمن مقر مجلس – وهما ليسا من مأموري الضبط القضائي – للطاعن ينطوي على خطأ في تطبيق القانون ؛ لأن هذا التفتيش باطل ولا يؤبه به على السياق المتقدم . لما كان ذلك ، وكان لازم بطلان التفتيش عدم التعويل على أي دليل متسمد منه ومنها شهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ، وكانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها دليل سوى هذا الضبط الباطل ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب إليه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بنص المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 37284 لسنة 85 ق جلسة 28 / 11 / 2016 مكتب فني 67 ق 106 ص 864

 جلسة 28 من نوفمبر سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / ربيع لبنه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين ، حازم بدوي ، حسن كفافي وعبد المنعم مسعد نواب رئيس المحكمة .
----------

(106)

الطعن رقم 37284 لسنة 85 القضائية

(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .

التقرير بالطعن في الميعاد دون إيداع الأسباب . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
(2) سلاح . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

جريمة حيازة سلاح ناري . تحققها : بمجرد الحيازة المادية للسلاح أيًا كان الباعث عليها.

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان الجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .

مثال .

(3) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

للمحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغًا .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟

تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .

ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصيلها . غير لازم . حد ذلك ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

مثال .

(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .

أقوال متهم على آخر . في حقيقتها شهادة . للمحكمة التعويل عليها في الإدانة . متى وثقت فيها .

(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية .

(6) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير جائز .

إثارة الدفع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .

مثال .

(7) دستور . محكمة دستورية . قانون " سريانه " .

        إعمال المحكمة المادة 17 عقوبات بعد زوال حظر استعمالها بحكمي المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 26 من المرسوم بقانون 6 لسنة 2012 . النعي على الحكم إدانة الطاعن بباقي مواد المرسوم بقانون آنف البيان . غير مقبول . علة ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان يبين من الأوراق أن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد ، إلَّا أنه لم يودع أسبابًا لطعنه ، ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً .

 2- لما كان الحكم المطعون فيه قد حصّل واقعة الدعوى بما مفاده أنه حال قيام شهود الإثبات الثلاثة الأول بضبط المتهم الثالث بمسكنه نفاذًا لحكم صادر ضده شاهدوا سلاح ناري يظهر من أسفل أحد المقاعد فقاموا بضبطه ، وأقر المتهم بتحصله عليه من الطاعن ، وأخبرهم أن الأخير سرق سيارة الشاهد الرابع ، وأنه يحتفظ بداخلها بأسلحة أخرى ، وأرشدهم إلى مكان وجودها ، وباستدعاء مالكها قام بفتحها ، وعثروا بداخلها على بندقيتين آليتين ، وبندقية خرطوش ، وطلقات مما تستعمل على الأسلحة المضبوطة ، وأن تحرياتهم دلت على أن المتهم الأول والطاعن يحوزان الأسلحة النارية والذخائر لاستخدامها في أعمال البلطجة ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين ، أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وتقرير الأدلة الجنائية ، ثم أورد الحكم مؤدى كل دليل من هذه الأدلة في بيان كاف ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وكان يكفي لتحقق جريمة حيازة سلاح ناري ، مجرد الحيازة المادية له ، أيًا كان الباعث على حيازته ، ولو كان لأمر عارض ، أو طارئ ، فإن ذلك الذي أورده الحكم – على السياق المتقدم – واضح وكاف في بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان جرائم حيازة السلاح التي دين الطاعن بها ، وينبئ بجلاء عن ثبوتها في حقه ، فإن منعاه بعدم بيان الحكم أركان هذه الجرائم وأدلتها يكون لا محل له .

3- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بحيازة الطاعن للأسلحة والذخيرة المضبوطة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات ، وتعويل الحكم على شهادتهم رغم أنها لا تنبئ عن ارتكابه للجريمة لعدم ضبطه متلبسًا بإحراز الأسلحة والذخيرة المضبوطين ، أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .

4- كان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هي في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعوّل عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليه ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدًا .

5- من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله .

6- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن والمدافع عنه لم يثيرا شيئًا بخصوص الحكم الصادر ببراءته من تهمة سرقة السيارة التي ضبطت بها الأسلحة التي دانه الحكم المطعون بحيازتها ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة ، قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ، ولا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع الموضوعي ، لأول مرة أمام محكمة النقض .

7- لما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل حكم المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للطاعن إعمالاً لحكمي المحكمة الدستورية واللذين رفعا الحظر الذي كان مفروضًا على القاضي بشأن استعمال هذه المادة ، فإن قضاء المحكمة تلك بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 26 من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 بشأن الجريمتين اللتين دين الطاعن بهما ، لا يطال سواها ، وتبقى باقي نصوصه قائمة ، ولا يجوز بحال وقف سريانها ، ما دامت لم تبطلها المحكمة الدستورية العليا ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون بعيدًا عن محجة الصواب .

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 الوقائــــع

اتهمت النيابة العامة الطاعنيْن – وآخر قُضي ضده غيابيًا – بأنهم :

أولاً - المتهمان الأول والثاني " الطاعنان " :

1- حازا سلاحين ناريين مششخنين " بندقيتين آليتين " مما لا يجوز الترخيص بحيازتهما أو إحرازهما .

2- حازا سلاحًا ناريًا غير مششخنًا " بندقية خرطوش " بغير ترخيص .

3- حازا ذخائر " تسع وثمانون طلقة " مما تستعمل في السلاحين الناريين محل التهمة الأولى حال كونهما من الأسلحة التي لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها . 4- حازا ذخائر " تسع وثلاثون طلقة " مما تستعمل على السلاح الناري محل التهمة الثانية دون أن يكون مرخصاً لهما في حيازته أو إحرازه .

ثانياً - المتهم الثالث :

1- حاز سلاحًا ناريًا غير مششخنًا " بندقية خرطوش " بغير ترخيص .

2- حاز ذخائر " طلقتين " مما تستعمل في السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصًا له في حيازته أو إحرازه .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة قضت حضوريًا للأول والثاني وغيابيًا للثالث عملاً بالمواد 1/1 ، 6 ، 26/1-3-4 ، 30/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 ، والجدول رقم (2) والبند " ب " من القسم الثاني من الجدول رقم " 3 " الملحقين بالقانون الأول ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبته للأول والثاني بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمهما خمسة آلاف جنيه ، وبمعاقبة الثالث بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه .

فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

أولاً : عن الطعن المقدم من الطاعن - .... :

        حيث يبين من الأوراق أن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد ، إلَّا أنه لم يودع أسبابًا لطعنه ، ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً .

ثانيًا : عن الطعن المقدم من الطاعن - .... :

        من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة سلاحين ناريين مما لا يجوز الترخيص بهما ، وآخر غير مششخن بغير ترخيص وذخائر مما تستعمل فيهم قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى وأدلتها بيانًا تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ، وعوّل في إدانته على أقوال شهود الإثبات مع تناقضها وعدم رؤيتهم للواقعة سيما أنه لم يضبط متلبسًا بارتكابه الجريمة ، كما عوّل في إدانته على أقوال المتهم الثالث وعلى تحريات الشرطة على الرغم من عدم صلاحيتهما كدليلين للإدانة ، وأغفلت المحكمة دلالة صدور حكم من محكمة الجنح ببراءته من تهمة سرقة السيارة التي ضبط بها الأسلحة والذخائر محل الجريمة ، ودانه بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 المعدل للقانون رقم 394 لسنة 1954 على الرغم من قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة 26 منه بما يصم ذلك المرسوم بعدم الدستورية ، كل ذلك يعيبه ويستوجب نقضه .

 من حيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه حال قيام شهود الإثبات الثلاثة الأول بضبط المتهم الثالث بمسكنه نفاذًا لحكم صادر ضده ، شاهدوا سلاح ناري يظهر من أسفل أحد المقاعد فقاموا بضبطه ، وأقر المتهم بتحصله عليه من الطاعن ، وأخبرهم أن الأخير سرق سيارة الشاهد الرابع ، وأنه يحتفظ بداخلها بأسلحة أخرى ، وأرشدهم إلى مكان وجودها ، وباستدعاء مالكها ، قام بفتحها ، وعثروا بداخلها على بندقيتين آليتين ، وبندقية خرطوش ، وطلقات مما تستعمل على الأسلحة المضبوطة ، وأن تحرياتهم دلت على أن المتهم الأول والطاعن يحوزان الأسلحة النارية والذخائر لاستخدامها في أعمال البلطجة . وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين ، أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ، وتقرير الأدلة الجنائية ، ثم أورد الحكم مؤدى كل دليل من هذه الأدلة في بيان كاف ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وكان يكفي لتحقق جريمة حيازة سلاح ناري ، مجرد الحيازة المادية له ، أيًا كان الباعث على حيازته ، ولو كان لأمر عارض أو طارئ ، فإن ذلك الذي أورده الحكم – على السياق المتقدم – واضح وكاف في بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان جرائم حيازة السلاح التي دين الطاعن بها ، وينبئ بجلاء عن ثبوتها في حقه ، فإن منعاه بعدم بيان الحكم أركان هذه الجرائم وأدلتها يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بحيازة الطاعن للأسلحة والذخيرة المضبوطة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات ، وتعويل الحكم على شهادتهم رغم أنها لا تنبئ عن ارتكابه للجريمة لعدم ضبطه متلبسًا بإحراز الأسلحة والذخيرة المضبوطين ، أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هي في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعوّل عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليه ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدًا . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن والمدافع عنه لم يثيرا شيئًا بخصوص الحكم الصادر ببراءته من تهمة سرقة السيارة التي ضبطت بها الأسلحة التي دانه الحكم المطعون بحيازتها ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة ، قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ، ولا يقبل منه التحدي بهذا الدفاع الموضوعي ، لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل حكم المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للطاعن إعمالاً لحكمي المحكمة الدستورية واللذين رفعا الحظر الذي كان مفروضًا على القاضي بشأن استعمال هذه المادة، فإن قضاء المحكمة تلك بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 26 من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 بشأن الجريمتين اللتين دين الطاعن بهما ، لا يطال سواها ، وتبقى باقي نصوصه قائمة ، ولا يجوز بحال وقف سريانها ، ما دامت لم تبطلها المحكمة الدستورية العليا ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون بعيدًا عن محجة الصواب . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن – برمته – يكون على غير أساس ، متعينًا القضاء برفضه موضوعًا .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عدم دستورية تخويل الوزير سلطة حل الجمعيات التعاونية الإنتاجية وحل مجلس إدارتها

الدعوى رقم 1 لسنة 42 ق "دستورية" جلسة 5 / 12 / 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من ديسمبر سنة 2020م، الموافق العشرين من ربيع الآخر سنة 1442 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 42 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى – موضوع" بحكمها الصادر بجلسة 7/9/2019، ملف الطعن رقم 96318 لسنة 61 قضائية عليا.

المقام من

وزير الدولة للتنمية المحلية

ضد

1- محمد جابر صالح، بصفته رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الإنتاجية لنجارة الأثاث والعمارة بمغاغة

2- مدير عام الاتحاد التعاونى الإنتاجى المركزى بالقاهرة


الإجراءات

بتاريخ الخامس من يناير سنة 2020، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الطعن رقم 96318 لسنة 61 قضائية "عليا"، بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى – موضوع" بجلسة 7/9/2019، بوقف الطعن، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية نصى المادتين (77، 84) من قانون التعاون الإنتاجى الصادر بالقانون رقم 110 لسنة 1975، فيما تضمناه من تخويل الوزير المختص سلطة حل مجلس إدارة المنظمة التعاونية، وحل الجمعية التعاونية الإنتاجية.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمادة (77) من قانون التعاون الإنتاجي، ثانيًا: برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الإنتاجية لنجارة الأثاث والعمارة بمغاغة - بمحافظة المنيا، أقام الدعوى رقم 50953 لسنة 64 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير التنمية المحلية رقم 95 لسنة 2010 مع ما يترتب على ذلك من آثار. على سند من أنه فوجئ بتاريخ 1/8/2010، بصدور القرار المطعون فيه بحل وتصفية الجمعية التي يرأسها، دون مبرر قانوني، مما حدا به إلى إقامة دعواه، ناعيًا على هذا القرار مخالفته لقانون التعاون الإنتاجي الصادر بالقانون رقم 110 لسنة 1975، وافتقاده للأسباب المبررة لإصداره، وعدم اتباع الإجراءات التي نص عليها هذا القانون لحل الجمعية. وقد قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنيا للاختصاص، وقيدت الدعوى بجدول تلك المحكمة برقم 8711 لسنة 3 قضائية، وبجلسة 23/6/2015، قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه. وشيدت قضاءها – بعد أن استعرضت نصوص المواد (73، 77، 84) من قانون التعاون الإنتاجي المشار إليه – تأسيسًا على أن القرار المطعون فيه قد صدر بحل وتصفية الجمعية بسبب توقفها عن مباشرة نشاطها بانتظام. ولما كان المشرع قد اشترط لصحة قرار الحل استطلاع رأى الاتحاد التعاوني الإنتاجي، وسبق إجراء تحقيق كتابي، يُسمع فيه دفاع أعضاء المجلس، وفقًا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة (73) من القانون المشار إليه. وإذ خلت الأوراق من ذلك، حال أنه إجراء جوهري، يترتب على إغفاله بطلان القرار الصادر بحل مجلس الإدارة، ومن ثم يضحى القرار المطعون فيه مفتقرًا لسببه المبرر له قانونًا. وإذ لم ترتض الجهة الإدارية هذا الحكم، فقد أقامت الطعن رقم 96318 لسنة 61 قضائية عليا، أمام المحكمة الإدارية العليا، ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله. وقد تراءى لتلك المحكمة عدم دستورية نصي المادتين (77، 84) من قانون التعاون الإنتاجي الصادر بالقانون رقم 110 لسنة 1975، فيما تضمناه من منح الوزير المختص سلطة حل مجلس إدارة المنظمة التعاونية، وحل الجمعيات المنشأة طبقًا لأحكام ذلك القانون، لمخالفتهما حكم المادة (37) من الدستور، فقضت بجلسة 7/9/2019، وقف الطعن، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية هذين النصين.

وحيث إن المادة (77) من قانون التعاون الإنتاجي الصادر بالقانون رقم 110 لسنة 1975 تنص على أنه " للوزير المختص، بعد أخذ رأي الاتحاد التعاوني الإنتاجي المركزي، أن يصدر قرارًا مسببًا بحل مجلس إدارة المنظمة التعاونية إذا تعذر على المجلس مواصلة عمله بانتظام بسبب الانقسام بين أعضائه أو بسبب خروجه على أحكام القوانين واللوائح أو على النظام الداخلي أو اللوائح المعمول بها في المنظمة التعاونية أو على قرارات الجمعية العمومية أو القرارات أو التعليمات التي تضعها الجهة الإدارية المختصة في حدود اختصاصها أو بسبب عدم توخي العدالة في أداء الخدمات أو الإهمال في المطالبة بحقوق المنظمة التعاونية قبل الأعضاء أو العاملين بها أو الغير.

ويجب أن يسبق قرار الحل تحقيق كتابي يُسمع فيه دفاع أعضاء المجلس وفقًا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة (73)".


وتنص المادة (84) من القانون ذاته على أنه " يجوز بقرار مسبب من الوزير المختص، بعد أخذ رأي الاتحاد التعاوني الإنتاجي المركزي، حل الجمعية التعاونية الإنتاجية في أحد الأحوال الآتية:

1- إذا طرأت ظروف تحول دون استمرارها في مباشرة نشاطها بانتظام.

2- ضياع رأس المال كله أو بعضه، أو تحقق الخسارة الحتمية من الاستمرار في النشاط.

3- عدم اجتماع الجمعية العمومية رغم تكرار دعوتها إلى الانعقاد مرتين على الأقل".


وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة. والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه: أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ينصب على طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير التنمية المحلية رقم 95 لسنة 2010 فيما نص عليه من حل الجمعية التعاونية الإنتاجية لنجارة الأثاث والعمارة بمغاغة – محافظة المنيا، لما نسب إليها من توقفها عن مباشرة نشاطها، وهى السلطة المخولة للجهة الإدارية بمقتضى نص المادة (84) من القانون رقم 110 لسنة 1975 المشار إليه، ومن ثم تتوافر المصلحة في الدعوى المعروضة، بحسبان الفصل في دستورية النص المشار إليه، فيما تضمنه من تخويل الوزير المختص سلطة حل الجمعيات التعاونية الإنتاجية، سوف يكون له انعكاس عند الفصل في الطلبات المطروحة أمام محكمة الموضوع.



وحيث إن السلطة المخولة للوزير المختص بحل الجمعية التعاونية الإنتاجية، إنما ينعكس بالضرورة على الوجود القانوني لمجلس إدارتها، ومن ثم فإن نص المادة (77) من القانون المشار إليه، يكون مطروحًا حكمًا على هذه المحكمة للفصل في دستوريته. وبذلك يتحدد نطاق الدعوى المعروضة في نصي المادتين (77، 84) من قانون التعاون الإنتاجي الصادر بالقانون رقم 110 لسنة 1975 (النصين المحالين). وفى ضوء ما تقدم يغدو الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى بالنسبة لنص المادة (77) من ذلك القانون في غير محله، جديرًا بالالتفات عنه.





وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى الذي يرسى القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها. ومن ثم فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفي عليه السيادة والسمو بحسبانه كفيل الحريات وموئلها وعماد الحريات الدستورية وأساس نظامها، وحق لقواعده أن تستوي على القمة من البناء القانوني للدولة وتتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التي يتعين على الدولة التزامها في تشريعاتها وفى قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية، دون أية تفرقة أو تمييز في مجال الالتزام بها، بين السلطات العامة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. وإذ كان خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور أصلاً مقررًا وحكمًا لازمًا لكل نظام ديمقراطي سليم، فإنه يتعين على كل سلطة عامة، أيًّا كان شأنها وأيًّا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، أن تنزل على قواعد الدستور ومبادئه وأن تلتزم حدوده وقيوده، فإن هي خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور، وخضعت - متى انصبت المخالفة على قانون أو لائحة - للرقابة القضائية التي عهد بها الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا بوصفها الجهة القضائية العليا التي اختصها دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح، بغية الحفاظ على أحكام الدستور، وصونها وحمايتها من الخروج عليها.



وحيث إن الدستور حفل بالملكية التعاونية، بالنص عليها في الفصل الثاني من بابه الثاني، الذي تناول المقومات الاقتصادية للدولة، فأورده في المادتين (27 و33) منه التزام النظام الاقتصادي بكفالة الأنواع المختلفة للملكية، وناط بالدولة حمايتها. وأفرد المادة (37) للملكية التعاونية، التي جرى نصها على أن "الملكية التعاونية مصونة، وترعى الدولة التعاونيات، ويكفل القانون حمايتها، ودعمها، ويضمن استقلالها. ولا يجوز حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي". وبمقتضى هذا النص ألقى الدستور على عاتق الدولة واجب رعاية التعاونيات، وحمايتها ، ودعمها، وضمان استقلالها، بحسبان المؤسسات التعاونية على وجه العموم، والمؤسسات التعاونية الإنتاجية على وجه الخصوص، تُعد أحد الروافد المهمة للاقتصاد القومي، فهدف التعاون الإنتاجي، كما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون التعاون الإنتاجي، هو تنمية طاقات الإنتاج في مجال الصناعات الحرفية والخدمات الإنتاجية، وتدعيم تلك الطاقات في كافة المجالات، مع تأكيد وجوب الالتزام بمبدأ ديمقراطية الإدارة وسائر المبادئ التعاونية المتعارف عليها دوليًّا، والخضوع لأحكام الخطة العامة للدولة من أجل تدعيم الاقتصاد القومي، وتنمية المصالح المشتركة لأعضاء الجمعيات التعاونية.





وحيث إن المادة (1) من قانون التعاون الإنتاجي الصادر بالقانون رقم 110 لسنة 1975، عرفت التعاون الإنتاجي بأنه فرع من فروع القطاع التعاوني، يعمل على تنظيم وتنمية طاقات الإنتاج في الصناعات الحرفية والخدمات الإنتاجية، ويتولى دعمها فنيًّا واقتصاديًّا وإداريًّا، بهدف خدمة الاقتصاد القومي في إطار الخطة العامة للدولة، وفى ظل المبادئ التعاونية. كما عرفت المادة (2) من هذا القانون الجمعيات التعاونية الإنتاجية بأنها منظمات جماهيرية، تتكون ممن يباشرون نشاطهم في مجال الصناعات الحرفية والخدمات الإنتاجية. وتباشر الجمعية العامة التعاونية الإنتاجية الأساسية نشاطها وفقًا لأحكام المواد (5، 6، 11) من هذا القانون، وما ورد في نظامها الداخلي، الذي يضعه مؤسسوها، وتسعى إلى تحقيق المصالح المشتركة لأعضائها، اقتصاديًّا وفنيًّا. وتتمتع الجمعية بالشخصية الاعتبارية بمجرد شهر ملخص عقد تأسيسها ونظامها الأساسي. وتعتبر الجمعية العمومية لها هي السلطة العليا فيها. ويقوم على إدارتها، إعمالاً لنص المادة (29) من ذلك القانون، مجلس إدارة يتولى تسيير شئونها طبقًا لنظامها الداخلي. وبذلك غدت تلك الجمعيات داخلة في عداد الجمعيات الصناعية والحرفية، التي اعتبرها الدستور بمقتضى نص المادة (42) منه، أحد صور الجمعيات التعاونية، وتندرج، من ثم، ضمن التعاونيات، التي ضمنها الدستور نص المادة (37) منه، وألقى على الدولة التزامًا دستوريًّا برعايتها، وأوجب على القانون كفالة حمايتها ودعمها وضمان استقلالها. كما حرص على تقديم الضمانات الدستورية لبقائها واستمرارها في مزاولة نشاطها، بحظره حل الجمعية أو مجلس إدارتها إلا بحكم قضائي، مستبدلاً إجراءات التقاضي المنتهية بالحكم القضائي، بالإجراءات الإدارية المنتهية بقرار الوزير المختص بحل الجمعية أو مجلس إدارتها، تقديرًا من الدستور بأن القضاء يُعد الضمانة الأساسية لحماية الحقوق والحريات، وفقًا لنص المادة (94) منه، وهى ضمانة موضوعية لتلك الحقوق والحريات، ترتبط بالنسبة للأشخاص التعاونية بوجود وبقاء الشخص القانوني واستمراره، ليغدو اللجوء إلى القاضي الطبيعي في هذه الحالة، هو الطريق الوحيد الذي عينه الدستور لذوى الشأن لترتيب هذا الأثر، في إطار حق التقاضي الذي كفلته المادة (97) منه للكافة، باعتبار هذا التنظيم أحد وسائله؛ لحماية تلك التعاونيات ودعمها وضمان استقلالها.





وحيث كان ما تقدم، وكان ما نصت عليه المادتان (77، 84) من قانون التعاون الإنتاجي المشار إليه، من تخويل الوزير المختص سلطة حل الجمعية أو مجلس إدارتها، متضمنًا مساسًا باستقلالها، وإخلالاً من المشرع بالتزامه المقرر بنص المادة (37) من الدستور، بكفالة الحماية، والدعم والاستقلال لتلك الجمعيات، بما يوقعهما في حومة مخالفة نصوص المواد (27، 33، 37، 42، 92، 94، 97) من الدستور، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم دستوريتهما، في حدود نطاقهما المتقدم.



وحيث إن القضاء بعدم دستورية نصي المادتين (77، 84) من القانون المشار إليه، يستتبع بحكم اللزوم سقوط نصوص المواد (85، 92، 93، 94، 95) من هذا القانون، وذلك في مجال انطباقها على النصين السالفي الذكر، لارتباطها بهما ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة.



فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:

أولاً: بعدم دستورية ما نصت عليه المادتان (77، 84) من قانون التعاون الإنتاجي الصادر بالقانون رقم 110 لسنة 1975، من تخويل الوزير المختص سلطة حل الجمعيات التعاونية الإنتاجية، وحل مجلس إدارتها.

ثانيًا: سقوط نصوص المواد (85، 92، 93، 94، 95) من هذا القانون، في مجال انطباقها على نصي المادتين السالفي الذكر.









دستورية تحصيل طوابع الدمغة الهندسية على الأوراق والرسومات والعقود (رغم عدم تقديم خدمة)

الدعوى رقم 16 لسنة 38 ق "دستورية" جلسة 5 / 12 / 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من ديسمبر سنة 2020م، الموافق العشرين من ربيع الآخر سنة 1442 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 16 لسنة 38 قضائية "دستورية".

المقامة من

رئيس مجلس إدارة شركة أسمنت أسيوط ( ش. م. م )

ضد

1 – رئيس الجمهورية

2 – رئيس مجلس الوزراء

3 – نقيب المهندسين

4 – رئيس مجلس إدارة نقابة المهندسين الفرعية بأسيوط


الإجراءات

بتاريخ الثالث والعشرين من فبراير سنة 2016، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية نصي البندين (5، 8) من المادة (45)، والبنود (ب، ج، د) من المادة (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين.

وقدمت نقابة المهندسين مذكرة، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.

كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أولاً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة بشأن الطعن على دستورية البنود (ب، ج، د) من المادة (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 المشار إليه. ثانيًا: برفض الدعوى.

وقدمت الشركة المدعية مذكرة، تمسكت فيها بطلباتها الواردة بصحيفة الدعوى الدستورية.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 7/11/2020، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوع، قدمت فيه نقابة المهندسين مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه الرابع، كان قد أقام الدعوى رقم 505 لسنة 2014 مدنى كلى، أمام محكمة أسيوط الابتدائية، ضد الشركة المدعية، طالبًا الحكم بإلزامها بأن تؤدى للنقابة قيمة الدمغات الهندسية المستحقة عليها، والرسوم المقررة على كل شيكارة أسمنت وزن 50 كيلو جرامًا، قامت بإنتاجها خلال الفترة من 1/1/1999 حتى 31/12/2013، والفوائد القانونية بنسبة 4% حتى تمام السداد، وذلك استنادًا لنصى المادتين (45، 46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين. وأثناء نظر الدعوى دفعت الشركة بعدم دستورية البندين (5، 8) من المادة (45)، والبنود (ب، ج ، د) من المادة (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 المشار إليه، وبجلسة 13/2/2016، قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى المعروضة.

وحيث إن المادة (45) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين، تنص على أن "تتكون إيرادات النقابة من :

(1) ..........(2) ........ (3)......... (4)..........

(5) حصيلة رسم قدره مليم واحد على إنتاج كل شيكارة أسمنت وزن 50 كيلو جرامًا.

(6) ......... (7) .............

(8) حصيلة طوابع الدمغة الهندسية على الأوراق والدفاتر والرسومات والعقود الهندسية.

(9) ...... (10) ....... (11).......".

وتنص المادة (46) من القانون ذاته على أن "يكون لصق دمغة النقابة إلزاميًّا على الأوراق والدفاتر والرسومات الآتية :

(أ) .............

(ب) أصول عقود الأعمال الهندسية وأوامر التوريد الخاصة بها وكذلك صورها التي تعتبر مستندًا، ويعتبر العقد أصلاً إذا حمل توقيع الطرفين مهما تعددت الصور.

وتعتبر الفواتير الخاصة بهذه التوريدات كعقود إذا لم تحرر لها عقود.

(ج) عقود التوريد عن السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الهندسية وكذلك عقود الأعمال الهندسية الأخرى على اختلاف أنواعها كالآلات والأدوات والأجهزة والمعدات وذلك كله طبقًا لما يحدده النظام الداخلى للنقابة.

(د) تقارير الخبراء الهندسية ورسومات رخص المحلات والمواقع.

وتكون فئة الدمغة المستحقة طبقًا للفقرات السابقة كما يأتى :

مليم جنيه

100 - للرسومات والعقود والتقارير الهندسية التي لا تزيد قيمتها على 100 جنيه.

500 - للرسومات والعقود والتقارير الهندسية التي تزيد قيمتها على 100 جنيه ولا تتجاوز 500 جنيه.

- 1 للرسومات والعقود والتقارير الهندسية التي تزيد قيمتها على 500 جنيه ولا تتجاوز 1000 جنيه، وتزاد خمسمائة مليم عن كل ألف تزيد على الألف الأولى.

(ه) ........... (و) ...............

ويتحمل الدمغة الطرف المسند إليه تنفيذ الأعمال أو التوريد أو مقدم الشكوى أو طلب تقدير الأتعاب ورافع الدعوى بحسب الأحوال، ........".


وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون الحكم في المسألة الدستورية، لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يتعلق بطلب نقابة المهندسين الفرعية بأسيوط، إلزام الشركة المدعية بأن تؤدى لها قيمة الدمغات الهندسية المستحقة عليها، وكذا الرسوم المقررة على كل شيكارة أسمنت وزن 50 كيلو جرامًا، قامت بإنتاجها خلال الفترة من 1/1/1999 حتى 31/12/2013. وتلك الطلبات ينطبق بشأنها نص البند (5) من المادة (45)، ونصوص البنود (ب)، (ج)، (د) من المادة (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين، في مجال إعمال أحكامها على البند (8) من المادة (45) من ذلك القانون. ومن ثم، فإن الفصل في دستورية تلك النصوص يرتب انعكاسًا أكيدًا، وأثرًا مباشرًا على الطلبات في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتتوافر للشركة المدعية مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن عليها. ويتحدد نطاق الدعوى المعروضة في تلك النصوص دون سواها. وفى ضوء ما تقدم يغدو الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للبنود (ب، ج، د) من المادة (46) من القانون المشار إليه، في غير محله، جديرًا بالالتفات عنه.





وحيث إن الشركة المدعية تنعى على نصى المادتين المطعون فيهما – في حدود النطاق المتقدم – مخالفة نصوص المواد (38، 124، 126) من الدستور، بقالة إن الفريضة المالية المقررة بهما، تُعد ضريبة وليست رسمًا، إذ لا تقابلها خدمة تؤديها الجهة المفروضة لصالحها، ولما كانت حصيلة هذه الضريبة لا تدخل في الموازنة العامة للدولة، ولا تُعرض على السلطة التشريعية بحسبانها أحد موارد تلك الموازنة، لتتولى هي توزيعها، مستهدفة بذلك تحقيق الصالح العام، فإنها تكون، تبعًا لذلك، قد خالفت أحكام الدستور، وهو ما سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت به في الدعويين رقمي 86 لسنة 17 قضائية "دستورية"، بجلسة 7/2/1998، و128 لسنة 22 قضائية "دستورية"، بجلسة 6/6/2004، في نصوص مماثلة للنصوص المطعون فيها.





وحيث إن من المقرر- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها، إسهامًا من جهتهم في أعبائها وتكاليفها العامة، وهم يدفعونها لها بصفة نهائية، دون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها، يكون الشخص العام قد بذلها من أجلهم، وعاد عليهم مردودها. ومن ثم كان فرضها مرتبطًا بمقدرتهم التكليفية، ولا شأن لها بما آل إليهم من فائدة بمناسبتها، وإلا كان ذلك خلطًا بينها وبين الرسم، إذ يستحق مقابلاً لنشاط خاص أتاه الشخص العام- وعوضًا عن تكلفته- وإن لم يكن بمقدارها. متى كان ذلك، وكانت الفريضة المالية الواردة بنصي المادتين (45)، (46) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين – في النطاق المحدد سلفًا - لا تقابلها خدمة فعلية، بذلتها النقابة لمن يتحملون بها، فإنها تنحل إلى ضريبة عامة من الناحية القانونية.





وحيث إنه عن النعي بمخالفة الفريضة المالية الواردة بالنصين المطعون فيهما للدستور، لكونها مخصصة مباشرة لصالح نقابة المهندسين، حال أنها ضريبة عامة فرضها القانون على الملتزمين بها، دون أن تؤدى لهم خدمة مقابلها، مما كان لزامه أن تدخل في الموازنة العامة للدولة، فذلك النعي مردود بأن مؤدى عجز نص الفقرة الرابعة من المادة (38) من الدستور من أن "يحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب، والرسوم، وأي متحصلات سيادية أخرى، وما يودع منها في الخزانة العامة للدولة"، أن الدستور وإن كان قد أوجب أصلاً عامًا يقتضى أن تصب حصيلة الضرائب العامة وغيرها من الإيرادات العامة في الخزانة العامة للدولة، لتتولى تحديد مصارفها تحت رقابة المؤسسة التشريعية، بقصد تحقيق الصالح العام، على ما نصت عليه المادة (124) من الدستور، بيد أنه يستفاد من هذا النص بدلالة المخالفة - على ما أفصحت عنه مناقشات لجنة الخمسين التي أعدت مشروع الدستور - أن مقتضى هذا النص، أن الدستور قد أجاز للمشرع، على سبيل الاستثناء، وفي أضيق الحدود، أن يحدد ما لا يودع من حصيلة الموارد العامة في الخزانة العامة، ليكون إعمال هذه الرخصة – بحسبانها استثناء من الأصل العام- أداته القانون، وفى حدود تنضبط بضوابط الدستور، فلا يصح هذا التخصيص إلا إذا كان الدستور ذاته قد نص في صلبه على تكليف تشريعي صريح ذي طبيعة مالية، قدَّر لزوم وفاء المشرع به، وأن يتصل هذا التكليف بمصلحة جوهرية أولاها الدستور عناية خاصة، وجعل منها أحد أهدافه، وأن يقدر المشرع، استنادًا إلى أسباب جدية، صعوبة تخصيص هذا المورد من الموازنة العامة في ظل أعبائها. فمتى استقام الأمر على هذا النحو، جاز للمشرع تخصيص أحد الموارد العامة إلى هذا المصرف تدبيرًا له، إعمالاً لأحكام الدستور، وتفعيلاً لمراميه.





وحيث إن الدستور اتخذ من تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير سبل التكافل الاجتماعي، أحد أهم ركائزه الأساسية، قاصدًا من ذلك، وعلى ما أفصحت عنه المادة (8) منه، ضمان الحياة الكريمة لجميع المواطنين، وناط بالقانون تنظيم القواعد التي تحقق هذا الهدف، وألزمت المادة (17) الدولة بتوفير خدمات التأمين الاجتماعي، بما يضمن لكل مواطن حياة كريمة، هو وأسرته.





وحيث إن الدستور قد اتخذ من النظام الضريبي وسيلة لتحقيق أهدافه، فنص في المادة (38) على تعيين تلك الأهداف بتنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية. وكان إنشاء النقابات على أساس ديمقراطي حقًا يكفله القانون، بما لها من شخصية اعتبارية تمارس من خلالها نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم. والأمر ذاته بالنسبة للنقابات المهنية، فينظم القانون إنشاءها وإدارتها على أساس ديمقراطي يكفل استقلالها ويحدد مواردها، وفقًا لنصى المادتين (76، 77) من الدستور، بما يشمله ذلك من ضرورة توفير الرعاية الاجتماعية لأعضائها وتقرير المعاشات التي تؤمن حياتهم في حاضرها ومستقبلها. ومن ثم فإن هذا الواجب يُعد من التكليفات الدستورية التي يتعين على المشرع العادي القيام عليها والوفاء بها.





وحيث كان ذلك، وكانت المادة (1) من قانون إنشاء نقابة المهندسين، قد نصت على إنشائها بوصفها نقابة لها شخصية اعتبارية. وبينت المادة (2) من هذا القانون أهدافها، التي من بينها الارتقاء بالمستوى العلمي والمهني للمهندسين، والمحافظة على كرامة المهنة، ووضع وتطبيق الأسس الكفيلة بتنظيم ممارستها وأداء أعضائها لواجبهم في خدمة البلاد ومراقبة تنفيذها، وتعبئة قوى أعضاء النقابة وتنظيم جهودهم في خدمة المجتمع لتحقيق الأهداف القومية وأهداف التنمية الاقتصادية ومواجهة مشكلات التطبيق واقتراح الحلول المناسبة لها، والاشتراك الإيجابي في العمل الوطني، والعمل على رفع مستوى الأعضاء من النواحي الهندسية والاجتماعية والمادية وتأمين حياتهم، ورعاية أسرهم اجتماعيًّا واقتصاديًّا وصحيًّا وثقافيًّا، والإسهام في دراسة خطط التنمية الاقتصادية والمشروعات الصناعية والهندسية، والعمل على ربط البحوث العلمية والهندسية بمواقع الإنتاج، وذلك بدراسة أساليب الإنتاج ووسائل تحسينه وزيادته وخفض تكاليفه والعمل على نشر الوعى الهندسي. كما نصت المادة (75) من هذا القانون على إنشاء صندوق للمعاشات والإعانات يتولى منح معاشات وإعانات لأعضاء النقابة. وجعل من موارد هذا الصندوق – على ما تضمنته المادة (76) منه – نصف الرسم المحصل من إنتاج الأسمنت، وحصيلة طوابع الدمغة الهندسية على الأوراق والدفاتر والرسومات والعقود الهندسية.





وحيث كان ما تقدم، وكان المشرع قد خصص بموجب النصين المطعون فيهما – في حدود النطاق المحدد سلفًا- موردًا ماليًّا لنقابة المهندسين، وهى نقابة أُنشئت بموجب القانون رقم 66 لسنة 1974 المشار إليه، وفق أحكام المادتين (76، 77) من الدستور، الذي جعل من بين أهدافها الدفاع عن حقوق أعضائها وحماية مصالحهم. وكانت هذه النقابة قد مُنِحَت قسطًا من السلطة العامة بالقدر الذي يُمَكِّنُها من أداء رسالتها، ومن ثم فإنها تُعد من الأشخاص الاعتبارية العامة، ومن ثمَّ فقد جاز للمشرع العادي أن يرصد لصالحها حصيلة الضريبة التي يحددها، متى توافرت في شأنها الضوابط الدستورية المقررة، سواء فيما يتعلق بأداة فرضها، أو بوعائها، أو بمقدارها، وذلك حتى تقوم هذه النقابة على تحقيق أهدافها المبتغاة من إنشائها، دون اشتراط أيلولة حصيلة هذه الضريبة إلى الخزانة العامة. وكان هذا التخصيص قد تم بالأداة التي عينها الدستور، وهي القانون، وبهدف توفير مورد يكفل للنقابة القيام بالمهام الملقاة على عاتقها، وتقديم الخدمات المنوطة بها، التي تُعد كفالتها واجبًا والتزامًا على الدولة، غايته تحقيق مصلحة جوهرية أولاها الدستور اهتمامه وعنايته، فإن هذا التخصيص على هذا النحو يكون قد وافق الغايات الصريحة للدستور.





وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن اختيار المشرع للمال محل الضريبة هو مما يخضع لسلطته التقديرية، وفق الشروط التي يقدر معها واقعية الضريبة وعدالتها، بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور. وكان النصان المطعون فيهما قد تضمنا تحديد وعاء الضريبة المفروضة على نحو قاطع لا لبس فيه ، ممثلاً في حصيلة الرسم المنصوص عليه في البند (5) من المادة (45) من القانون رقم 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين، وحصيلة طوابع الدمغة الهندسية على أصول عقود الأعمال الهندسية وأوامر التوريد الخاصة بها، وصورها التي تعتبر مستندًا، وعقود التوريد عن السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الهندسية، وعقود الأعمال الهندسية الأخرى، وتقارير الخبراء الهندسية، ورسومات رخص المواقع. وحدد المشرع سعر هذه الضريبة بنسبة الرسم المقرر بالبند (5) من المادة (45) من القانون المشار إليه، وقيمة طوابع الدمغة الهندسية على النحو المبين بالمادة (46) من القانون ذاته، وهي نسبة معتدلة لا تخل بقواعد العدالة الضريبية، ولا ترهق المكلفين بها. الأمر الذي تكون معه هذه الضريبة قد استوفت شرائطها الموضوعية، من حيث اختيار المال الخاضع للضريبة، ووضوح التكليف بها وتحديده، وعدالة سعرها، ومن ثمَّ فإن النعي بمخالفة النصين المطعون فيهما لأحكام المادة (38) من الدستور يكون مفتقدًا لسنده.



وحيث إن المشرع قد نظَّم بموجب أحكام القانون المشتمل على النصين المطعون فيهما، قواعد تحصيل هذه الأموال وجبايتها، كما فصَّل قواعد صرفها، ضمانًا لإنفاقها في الأغراض التي خُصصت لها، إعمالاً لمقتضى نص المادة (126) من الدستور، فضلاً عن خضوعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وفقا لأحكام قانون ذلك الجهاز الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988. ومن ثم، فإن النصين المطعون فيهما يتوافقان مع أحكام الدستور، المنظمة لفرض الضرائب إجرائيًّا وموضوعيًّا.



وحيث إن النصين المطعون فيهما لا يخالفان أي حكم آخر في الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.


فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.