جلسة 14 من ديسمبر سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ عبد الله عمر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ أحمد فتحي المزين، محمد حسن عبد اللطيف وحاتم أحمد سنوسي نواب رئيس المحكمة وياسر قبيصي أبو دهب.
-------------
(162)
الطعن 5873 لسنة 73 القضائية
(1) نقض "شروط قبول الطعن: المصلحة في الطعن".
المصلحة في الطعن. مناطها. أن يكون الطاعن محكوما عليه بشيء لخصمه أو أن يكون الحكم قد أضر به بأن رتب آثارا من شأنها إنشاء التزامات جديدة أو الإبقاء على التزامات يريد التحلل منها أو حرمانه من حق يدعيه.
(2 - 4) استيلاء "العلاقة بين الجهة التي تم الاستيلاء على الأماكن لصالحها وبين ملاكها". إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: نطاق سريانها: الأماكن التي تشغل بطريق الاستيلاء".
(2) صدور قرار الاستيلاء من الجهة الإدارية المختصة على عقار صحيحا ووضع اليد عليه. أثره . اعتبار العلاقة بين الجهة الإدارية ومالك العقار علاقة تأجيرية خاضعة لتشريعات هذه العلاقة. م 6/2 من ق 49 لسنة 1977.
(3) انقضاء ثلاث سنوات من استيلاء جهة الإدارة على عقار دون اتخاذ إجراءات نزع الملكية. أثره. بقاء العقار على ملك صاحبه مع اعتباره مؤجرا طيلة فترة الاستيلاء. م 16 من ق 10 لسنة 1990.
(4) قرار وزير التربية والتعليم بالاستيلاء المؤقت على مدرستين دون نزع ملكيتهما. أثره. بقاؤهما على ملك المطعون ضدهم مع اعتبارهما مؤجرتين لوزارة التربية والتعليم طيلة فترة الاستيلاء. النعي على ذلك. على غير أساس.
(5 - 7) استئناف "آثار الاستئناف: نطاق الاستئناف، الطلبات الجديدة".
(5) الطلب الجديد في الاستئناف. ماهيته.
(6) عدم جواز فصل محكمة الاستئناف في أمر غير مطروح عليها أو أن تسوئ مركز المستأنف بالاستئناف المرفوع منه. شرطه. استئناف الحكم بكل من طرفي الخصومة. أثره. لمحكمة الاستئناف تعديل الحكم المستأنف ولو أضر ذلك بأحدهما.
(7) استئناف المطعون ضدهم فرعيا بطلب تعديل الحكم المستأنف بإلزام الطاعنين بأن يؤديا الأجرة المستحقة وما يستجد منها حتى تاريخ الحكم في الاستئناف. عدم اعتباره طلبا جديدا أمام محكمة الاستئناف واعتبار النزاع مطروحا بوجهيه أمامها. إجابة المطعون ضدهم إلى طلبهم. لا خروج عن نطاق الدعوى أو تسوئ لمركز الطاعنين بالاستئناف المرفوع منهما. النعي على ذلك. على غير أساس.
(8 - 11) إثبات "طرق الإثبات: الإقرار: ماهية الإقرار، ما لا يعد إقرارا" .إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: الأجرة في ظل تشريعات إيجار الأماكن: أحوال الزيادة في الأجرة ".تقادم ."التقادم المكسب الخمسي" .دعوى "إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري".
(8) إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم أو مجابهته بما لا يصلح ردا سائغا. قصور مبطل.
(9) خضوع الحق للتقادم الخمسي. مناطه. اتصافه بالدورية والتجدد. م 375 مدني. سريانه على الحقوق المتعلقة بالأجرة والناشئة عن عقد الإيجار.
(10) إقرار المدين بحق الدائن صراحة أو ضمنا. أثره. قطع التقادم. الإقرار. ماهيته. وفاء المدين بالقدر غير المتنازع عليه من المدين. عدم اعتباره إقرارا منه بمديونيته بالقدر المتنازع عليه من المدين أو نزولا عما انقضى من مدة التقادم بالنسبة إليه. علة ذلك. م 384 مدني.
(11) وفاء الطاعنين بأجرة أعيان النزاع الاتفاقية. لا يعد إقرارا قاطعا للتقادم بالنسبة للزيادة في الأجرة موضوع النزاع. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه برفض دفع الطاعنين بالتقادم الخمسي على سند من أن هذا الوفاء قاطع للتقادم. خطأ.
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المصلحة كما هي مناط الدعوى فهي مناط الطعن في الحكم فيشترط لقبول الطعن في الحكم أن يكون الطاعن محكوما عليه بشيء لخصمه أو أن يكون قضاء الحكم قد أضر به بأن رتب آثارا من شأنها إنشاء التزامات جديدة على الطاعن أو الإبقاء على التزامات يريد التحلل منها أو حرمانه من حق يدعيه، وكان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنين معا بالمبلغ المقضي به، ومن ثم يكون للطاعن الثاني مصلحة في الطعن على ذلك الحكم وتتوفر له الصفة في رفع الطعن لا سيما وأن حكم أول درجة قد قضى برفض الدفع المبدى منه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وحاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي التي تعلو على اعتبارات النظام العام بعدم الطعن عليه في هذا الشق من الحكم، ومن ثم يضحى الدفع المبدى من النيابة على غير أساس.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض- أن مؤدي نص المادة 6/2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر يدل على أن قرار الاستيلاء الصادر من شخص معنوي عام يخوله القانون هذا الحق لأغراض تتعلق بالمصلحة العامة يقوم مقام عقد الإيجار، وبعد صدور القرار صحيحا ووضع اليد على العقار تصبح العلاقة بين الجهة المسئولة ومالك العقار المستولى عليه علاقة تأجيرية تخضع لتشريعات هذه العلاقة.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن نص المادة 16 من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة قد جرى نصها على أن "تحدد مدة الاستيلاء المؤقت على العقار بانتهاء الغرض المستولى عليه من أجله أو بثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي أيهما أقرب، ويجب إعادة العقار في نهاية هذه المدة بالحالة التي كان عليها وقت الاستيلاء، وإذا دعت الضرورة إلى مد مدة الثلاث سنوات المذكورة وتعذر الاتفاق مع ذوي الشأن على ذلك وجب على الجهة المختصة أن تتخذ قبل مضي هذه المدة بوقت كاف إجراءات نزع الملكية ..." فإن مؤداها أنه ما لم تتخذ إجراءات نزع ملكية العقار المستولى عليه قبل مضي مدة الثلاث سنوات المشار إليها بوقت كاف فإن العقار يبقى على ملك صاحبه وإن كان يعتبر مؤجرا في خصوص تطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن على النحو المشار إليه طيلة فترة الاستيلاء.
4 - إذ كان البين من الأوراق أن قرار وزير التربية والتعليم رقم 18 لسنة 2000 هو قرار الاستيلاء المؤقت على بعض أعيان النزاع وهما مدرستا "...، ..." وخلت الأوراق مما يفيد قيام الجهة المختصة بنزع ملكية هاتين المدرستين فإنهما تبقيان على ملك المطعون ضدهم وتعتبران مؤجرتين إلى وزارة التربية والتعليم طيلة فترة الاستيلاء ويحق للمطعون ضدهم تقاضى أجرتهما، فإن دفاع الطاعنين في هذا الشأن يكون ظاهر الفساد فلا يعيب الحكم المطعون فيه الالتفات عنه، ومن ثم يضحى النعي على غير أساس.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الطلب الجديد في الاستئناف هو ما يتغير به موضوع الدعوى.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض- أن القاعدة التي تقضي بأن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط مما لا يجوز معه أن تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها أو أن تسوئ مركز المستأنف بالاستئناف الذي قام هو برفعه، هذه القاعدة رهن بحالة استئناف الحكم من أضر الحكم به وحده وفي حدود ما استأنف، أما إذا حدث وكان الحكم قد أضر بكل من طرفي الخصومة فاستأنفه كل منهما في خصوص ما صدر ضده، فإن النزاع بوجهيه يكون مطروحا على محكمة الدرجة الثانية بما يجيز لها تعديل الحكم المستأنف ولو أضر ذلك بأحدهما.
7 - إذ كان البين من الأوراق أن طلب المطعون ضدهم في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه هو ندب خبير لبيان القيمة الإيجارية لأعيان النزاع والمبالغ المستحقة في ذمة الطاعنين منذ 1/1/1982 وإلزامهما بأداء ما يسفر عنه تقرير الخبير، وإذا ما قضى حكم أول درجة لهم بمبلغ 9564.88 جنيها، فاستأنف الطاعنان هذا القضاء بطلب إلغائه، كما استأنفه المطعون ضدهم فرعيا بطلب تعديله بإلزام الطاعنين بأن يؤديا الأجرة المستحقة وما يستجد منها حتى تاريخ الحكم في الاستئناف، وكان هذا الطلب لا يختلف موضوعا أو سببا عن طلبهم المبدى أمام محكمة أول درجة، ومن ثم لا يعتبر طلبا جديدا أمام محكمة الاستئناف ويكون النزاع بوجهيه مطروحا على محكمة الدرجة الثانية، فإن هي أجابت المطعون ضدهم إلى طلبهم، لا تكون قد خرجت عن نطاق الدعوى أو سوأت مركز الطاعنين بالاستئناف المرفوع منهما، ويضحى النعي على غير أساس.
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض- أن إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم أو مجابهة هذا الدفاع بما لا يصلح ردا سائغا يترتب عليه بطلان الحكم للقصور في الأسباب الواقعية.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادة 375/1 من القانون المدني يدل على أن مناط خضوع هذا الحق "كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين كأجرة المباني والأراضي الزراعية "للتقادم الخمسي هو اتصافه بالدورية والتجدد وأن يكون بطبيعته مستمرا لا ينقطع وأن هذا التقادم يسري على الحقوق المتعلقة بالأجرة والناشئة عن عقد الإيجار في العلاقة بين طرفيه المؤجر والمستأجر.
10 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نص المادة 483 من القانون المدني أنه إذا أقر المدين بحق الدائن- إقرارا صريحا أو ضمنا- فإن من شأن هذا الإقرار أن يقطع التقادم، وأن المقصود بالإقرار هو اعتراف شخص بحق عليه لأخر بهدف اعتبار هذا الحق ثابتا في ذمته وإعفاء الآخر من إثباته، ومن مقتضى ذلك اتجاه الإرادة فيه نحو إحداث هذا الأثر القانوني فإنه يتعين لكي يتيح إقرار المدين أثره في قطع التقادم أن ينطوي على إرادة المدين النزول عن الجزء المنقضي من مدة التقادم، فمتى كان الحق المدعى به متنازعا في جزء منه وقام المدين بسداد القدر غير المتنازع فيه فإن هذا الوفاء لا ينطوي على إقراره بمديونيته بالجزء من الحق موضوع النزاع أو نزوله عما انقضى من مدة التقادم بالنسبة إليه.
11 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الدعوى الراهنة أقامها المطعون ضدهم للمطالبة بالزيادة القانونية في أجرة أعيان النزاع المقررة بموجب القانونين 136 لسنة 1981، 6 لسنة 1997، ومن ثم فإن وفاء الطاعنين بأجرة أعيان النزاع الاتفاقية المدونة بعقود الإيجار سند الدعوى لا يعد إقرارا منهما قاطعا للتقادم بالنسبة للزيادة في الأجرة موضوع النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى رفض دفع الطاعنين بالتقادم الخمسي على سند من أن هذا الوفاء منهم يعد إقرارا قاطعا للتقادم، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه نقضا جزئيا فيما قضى به من الأحقية في الزيادات في الأجرة لأعيان النزاع تجاوز أجرة الخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى.
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعنين بصفتيهما الدعوى رقم ... لسنة 1998 مدني "حكومة" سوهاج الابتدائية بطلب الحكم بندب خبير لتحديد القيمة الإيجارية لأعيان النزاع طبقا للقانونين 136 لسنة 1981، 6 لسنة 1997 وبيان المبالغ المستحقة لهم في ذمة الطاعنين من 1/1/1982 حتى تاريخ رفع الدعوى وإلزامهما بها يسفر عنه تقرير الخبير في الدعوى على سند من أنه وبموجب عقود الإيجار المؤرخة 1/6/1951، 13/11/1951، 15/12/1951، 1/10/1952، 16/1/1960 استأجرت مديرية التربية والتعليم من مورثهم المدارس المبينة بالصحيفة، وإذ زادت أجرة أعيان التداعي بموجب القانونين سالفي الذكر وامتنع الطاعنان عن سداد تلك الزيادة منذ 1/1/1982 رغم إعذارهما بذلك فقد أقاما الدعوى. دفع الطاعنان بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهما لرفعها على غير ذي صفة، وندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدفع وبإلزام الطاعنين بصفتيهما بأن يؤديا للمطعون ضدهم مبلغ 9564.88 جنيها. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 75 قضائية أسيوط "مأمورية سوهاج". ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره وجه المطعون ضدهم استئنافا فرعيا قيد برقم ... لسنة 78 قضائية بطلب تعديل الحكم المستأنف بإلزام الطاعنين بصفتيهما بأن يؤديا لهم القيمة الإيجارية لأعيان النزاع الواردة بتقرير الخبير النهائي. قضت بتاريخ 17/8/2003 برفض الاستئناف الأصلي وفي موضوع الاستئناف الفرعي بتعديل الحكم المستأنف بإلزام الطاعنين بصفتيهما بأن يؤدوا للمطعون ضدهم مبلغ 23225.340 جنيها قيمة الأجرة المطالب بها عن الفترة المبينة بتقرير الخبير من 1/1/1982 حتى 30/6/2002 وما يستجد منها حتى تاريخ صدور الحكم. طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة بالنسبة للطاعن الثاني بصفته، وأبدت الرأي بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا، وإذ عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن من الطاعن بصفته لرفعه من غير ذي صفة استنادا إلى أن الطاعن الأول بصفته هو صاحب الصفة في تمثيل وزارته دون غيره أمام القضاء، فإنه مردود، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن المصلحة كما هي مناط الدعوى فهي مناط الطعن في الحكم، فيشترط لقبول الطعن في الحكم أن يكون الطاعن محكوما عليه بشيء لخصمه أو أن يكون قضاء الحكم قد أضر به بأن رتب آثارا من شأنها إنشاء التزامات جديدة على الطاعن أو الإبقاء على التزامات يريد التحلل منها أو حرمانه من حق يدعيه، وكان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنين معا بالمبلغ المقضي به، ومن ثم يكون للطاعن الثاني مصلحة في الطعن على ذلك الحكم وتتوفر له الصفة في رفع الطعن، لا سيما وأن حكم أول درجة قد قضى برفض الدفع المبدى منه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وحاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي التي تعلو على اعتبارات النظام العام بعدم الطعن عليه في هذا الشق من الحكم، ومن ثم يضحى الدفع المبدى من النيابة على غير أساس.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالسبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، ويقولان بيانا لذلك إنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بصدور القرار رقم ... لسنة 2000 بتاريخ 28/9/2000 بالاستيلاء على مدرستين من أعيان النزاع، ومن ثم انتقال ملكيتهما إلى وزارة التربية التعليم وانفساخ عقد الإيجار المبرم بين الطرفين بشأنهما وعدم استحقاق المطعون ضدهم أجرة عنهما منذ ذلك التاريخ، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه وإذ كانت المادة 6/2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر- والذي صدر قرار الاستيلاء رقم... لسنة 2000 في ظل أحكامه- قد نصت على أن "وتعتبر الأماكن الصادر في شأنها قرارات استيلاء لشغلها مؤجرة إلى الجهات التي تم الاستيلاء لصالحها"، فإن ذلك يدل على أن قرار الاستيلاء الصادر من شخص معنوي عام يخوله القانون هذا الحق لأغراض تتعلق بالمصلحة العامة يقوم مقام عقد الإيجار وبعد صدور القرار صحيحا ووضع اليد على العقار تصبح العلاقة بين الجهة المسئولة ومالك العقار المستولى عليه علاقة تأجيرية تخضع لتشريعات هذه العلاقة، وكانت المادة 16 من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة قد جرى نصها على أن "تحدد مدة الاستيلاء المؤقت على العقار بانتهاء الغرض المستولى عليه من أجله أو بثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي أيهما أقرب، ويجب إعادة العقار في نهاية هذه المدة بالحالة التي كان عليها وقت الاستيلاء... وإذا دعت الضرورة إلى مد مدة الثلاث سنوات المذكورة وتعذر الاتفاق مع ذوى الشأن على ذلك وجب على الجهة المختصة أن تتخذ قبل مضي هذه المدة بوقت كاف إجراءات نزع الملكية... "فإن مؤداها أنه ما لم تتخذ إجراءات نزع ملكية العقار المستولى عليه قبل مضي مدة الثلاث سنوات المشار إليها بوقت كاف فإن العقار يبقى على ملك صاحبه وإن كان يعتبر مؤجرا في خصوص تطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن على النحو المشار إليه طيلة فترة الاستيلاء، وكان البين من الأوراق أن قرار وزير التربية والتعليم رقم... لسنة 2000 هو قرار الاستيلاء المؤقت على بعض أعيان النزاع وهما مدرستا "...، ..." وخلت الأوراق مما يفيد قيام الجهة المختصة بنزع ملكية هاتين المدرستين فإنهما تبقيان على ملك المطعون ضدهم وتعتبران مؤجرتين إلى وزارة التربية والتعليم طيلة فترة الاستيلاء ويحق للمطعون ضدهم تقاضى أجرتهما، فإن دفاع الطاعنين في هذا الشأن يكون ظاهر الفساد فلا يعيب الحكم المطعون فيه الالتفات عنه، ومن ثم يضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان إنه وإذ كانت طلبات المطعون ضدهم في صحيفة دعواهم قد تحددت بطلب ندب خبير لتحديد القيمة الإيجارية لأعيان النزاع والحكم بالمبالغ المستحقة لهم اعتبارا من 1/1/1982 حتى تاريخ رفع الدعوى في 12/12/1998 فإن طلبهم باستئنافهم الفرعي المبالغ المستحقة لهم حتى صدور الحكم من محكمة الاستئناف يعد طلبا جديدا يتعين عدم قبوله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضدهم بذلك الطلب، فإنه يكون قد أساء إلى مركز الطاعنين بالاستئناف الأصلي المرفوع منهما، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر أن الطلب الجديد في الاستئناف هو ما يتغير به موضوع الدعوى، وأن القاعدة التي تقضي بأن الاستئناف ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط مما لا يجوز معه أن تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها أو أن تسوئ مركز المستأنف بالاستئناف الذي قام هو برفعه، هذه القاعدة رهن بحالة استئناف الحكم من أضر الحكم به وحده وفي حدود ما استأنف، أما إذا حدث وكان الحكم قد أضر بكل من طرفي الخصومة فاستأنفه كل منهما في خصوص ما صدر ضده، فإن النزاع بوجهيه يكون مطروحا على محكمة الدرجة الثانية بما يجيز لها تعديل الحكم المستأنف ولو أضر ذلك بأحدهما، وكان البين من الأوراق أن طلب المطعون ضدهم في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه هو ندب خبير لبيان القيمة الإيجارية لأعيان النزاع والمبالغ المستحقة في ذمة الطاعنين منذ 1/1/1982 وإلزامهما بأداء ما يسفر عنه تقرير الخبير وإذا ما قضى حكم أول درجة لهم بمبلغ 9564.44 جنيها فاستأنف الطاعنان هذا القضاء بطلب إلغائه، كما استأنفه المطعون ضدهم فرعيا بطلب تعديله بإلزام الطاعنين بأن يؤديا الأجرة المستحقة وما يستجد منها حتى تاريخ الحكم في الاستئناف، وكان هذا الطلب لا يختلف موضوعا أو سببا عن طلبهم المبدى أمام محكمة أول درجة ومن ثم لا يعتبر طلبا جديدا أمام محكمة الاستئناف ويكون النزاع بوجهيه مطروحا على محكمة الدرجة الثانية، فإن هي أجابت المطعون ضدهم إلى طلبهم، لا تكون قد خرجت عن نطاق الدعوى أو سوأت مركز الطاعنين بالاستئناف المرفوع منهما، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولان إن المطعون ضدهم أقاموا دعواهم بتاريخ 12/12/1998 للمطالبة بقيمة الزيادة في أجرة أعيان النزاع منذ عام 1982، وإنهما قد تمسكا أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون ضدهم في تلك الزيادة عن الفترة السابقة على عام 1994 بالتقادم الخمسي، وإذ اطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفع على سند من قيامهما بسداد أجرة تلك الأعيان قبل وبعد عام 1994 في حين أن هذا الوفاء لا يقطع التقادم في الدعوى الراهنة، فإن الحكم يكون معيا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر أن إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم أو مجابهة هذا الدفاع بما لا يصلح ردا سائغا يترتب عليه بطلان الحكم للقصور في الأسباب الواقعية، وأن النص في المادة 375/1 من القانون المدني على أن "يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين كأجرة المباني والأراضي الزراعية..." يدل على أن مناط خضوع هذا الحق للتقادم الخمسي هو انقضائه بالدورية والتجدد وأن يكون بطبيعته مستمرا لا ينقطع وأن هذا التقادم يسري على الحقوق المتعلقة بالأجرة والناشئة عن عقد الإيجار في العلاقة بين طرفيه المؤجر والمستأجر، وأن مؤدى نص المادة 483 من ذات القانون أنه إذا أقر المدين بحق الدائن- إقرارا صريحا أو ضمنا- فإن من شأن هذا الإقرار أن يقطع التقادم، وكان المقصود بالإقرار هو اعتراف شخص بحق عليه لأخر بهدف اعتبار هذا الحق ثابتا في ذمته وإعفاء الآخر من إثباته ومن مقتضى ذلك اتجاه الإرادة فيه نحو إحداث هذا الأثر القانوني فإنه يتعين لكي يتيح إقرار المدين أثره في قطع التقادم أن ينطوي على إرادة المدين النزول عن الجزء المنقضي من مدة التقادم، فمتى كان الحق المدعى به متنازعا في جزء منه وقام المدين بسداد القدر غير المتنازع فيه، فإن هذا الوفاء لا ينطوي على إقراره بمديونيته بالجزء من الحق موضوع النزاع أو نزوله عما انقضى من مدة التقادم بالنسبة إليه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى الراهنة أقامها المطعون ضدهم للمطالبة بالزيادة القانونية في أجرة أعيان النزاع المقررة بموجب القانونين 136 لسنة 1981، 6 لسنة 1997 ومن ثم فإن وفاء الطاعنين بأجرة أعيان النزاع الاتفاقية المدونة بعقود الإيجار سند الدعوى لا يعد إقرارا منهما قاطعا للتقادم بالنسبة للزيادة في الأجرة موضوع النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى رفض دفع الطاعنين بالتقادم الخمسي على سند من أن هذا الوفاء منهم يعد إقرارا قاطعا للتقادم، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه نقضا جزئيا فيما قضى به من الأحقية في الزيادات في الأجرة لأعيان النزاع تجاوز أجرة الخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى.