الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 نوفمبر 2020

الطعن 43943 لسنة 85 ق جلسة 4 / 5 / 2016 مكتب فني 67 ق 55 ص 470

جلسة 4 من مايو سنة 2016

 برئاسة السيد القاضي / مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / معتز زايد ، أشرف محمد مسعد ، خالد حسن محمد وجمال حسن جودة نواب رئيس المحكمة .
----------

(55)

الطعن رقم 43943 لسنة 85 القضائية

(1) كسب غير مشروع . أمر بألَّا وجه . دعوى جنائية " انقضاؤها بالتصالح " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .

المادة 14 مكررًا ج المضافة للقانون 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع . مؤداها ؟

صدور أمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قِبَل زوجة المتهم للسداد ولوفاتها عن واقعة أساسها هو ذات أساس دعوى الكسب غير المشروع قبل المتهم . بقاؤه قائماً دون إلغاء . أثره ؟

مثال لحكم صادر من محكمة النقض بانقضاء الدعوى الجنائية في جريمة كسب غير مشروع لدى نظرها موضوع الدعوى .

(2) أمر بألَّا وجه . إجراءات " إجراءات التحقيق " . تربح . حكم " حجيته " . كسب غير مشروع . نيابة عامة . قوة الأمر المقضي . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى ".

الأمر الصادر من سلطة التحقيق بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية . له حجيته المانعة من العودة إليها . ما دام لم يلغ قانونًا . أثر وعلة ذلك ؟

حجية الأحكام . مناطها : وحدة الخصوم والموضوع والسبب .

اتحاد السبب في الدعويين . مناطه ؟

حظر محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين ولو بوصف جديد . أساس ذلك ؟

وحدة الواقعة المانعة من إعادة المحاكمة ولو تحت وصف جديد . مناطها ؟

القول بوحدة الجريمة أو بتعددها . تكييف قانوني . خضوعه لرقابة محكمة النقض .

انتهاء النيابة بعد التحقيقات إلى استبعاد شبهة جناية التربح للنفس وللغير والتعدي وتسهيل التعدي للغير على أرض مملوكة للدولة وقيد الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية . حقيقته أمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الجناية .

صدور أمر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الجناية عن إحدى جرائم العدوان علي المال العام وبقائه قائماً . أثره : عدم جواز تقديمه للمحاكمة عن ذات الواقعة بوصف الكسب غير المشروع . علة ذلك ؟

مثال لحكم من محكمة النقض بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في جريمة كسب غير مشروع لدى نظرها موضوع الدعوى .

(3) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . جريمة " أركانها " . قانون " تفسيره " . كسب غير مشروع . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .

أصل البراءة : قاعدة أساسية لا ترخص فيها . أثر ذلك : عدم ثبوت واقعة الجريمة بغير دليل يقيني جازم لا يدع مجالاً لشبهة أو شك . وجوب أن يكون الدليل مؤدياً إلى ما رتب عليه من نتائج بغير تعسف ولا تنافر .

لمحكمة الموضوع تقدير الأدلة واستخلاص ما ترى أنها مؤدية إليه من براءة أو إدانة بلا معقب . ما دام سائغاً .

وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين لا على الظـن والاحتمال .

الكسب غير المشروع . ماهيته ؟

صورتا الكسب غير المشروع وفقاً للفقرتين الأولى والثانية من المادة الثانية من القانون 62 لسنة 1975. مناط تحققهما ؟

خلو أمر الإحالة من دليل معتبر يكشف عن استغلال المتهم لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته وحصوله لنفسه ولأسرته على مال مؤثم نتيجة هذا الاستغلال . أثره ؟

مثال لحكم صادر من محكمة النقض بالبراءة في جريمة الكسب غير المشروع لدى نظرها موضوع الدعوى .

(4) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . كسب غير مشروع . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .

تشكك المحكمة في صحة إسناد الاتهام للمتهم وأن ما ارتكنت إليه سلطة الاتهام مجرد قرائن لا تطمئن إليها ولا تبلغ حد الكفاية لإثبات استغلال المتهم لوظيفته في الحصول على كسب غير مشروع أدى إلى زيادة ثروته . أثره ؟

مثال لحكم صادر من محكمة النقض بالبراءة في جريمة الكسب غير المشروع لدى نظرها موضوع الدعوى .

 (5) كسب غير مشروع . رد . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .

الفقرات الأولى والثالثة والرابعة من المادة 18 من القانون 72 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع . مؤداهم ؟

الأمر في مواجهة الزوجة والأولاد القصر الذين استفادوا من الكسب غير المشروع بتنفيذ الحكم بالرد في أموال كل منهم بقدر ما استفاد . رهن بصدور حكم بإدانة الزوج الذي حصل على كسب غير مشروع ويدور معه وجوداً وعدماً . مؤدى ذلك ؟

(6) دعوى مدنية . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .

قضاء الحكم المنقوض بعدم قبول الدعوى المدنية وعدم طعن المدعيين بالحقوق المدنية عليه . أثره ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الاتهام الوارد بالبند أولاً فقرة ( ب ) من أمر الإحالة المتضمن استغلال المتهم لسلطات وظيفته بحصوله لزوجته المتوفاة على شقة ببرج مشروع .... إلخ ، فإنه لما كان القرار بالقانون رقم 97 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع قد صدر بعد الحكم المنقوض وقبل صدور حكم بات في الدعوى ، ونص في مادته الأولى على إضافة مادة جديدة برقم 14مكرراً ( ج ) إلى قانون الكسب غير المشروع نصت على أنه " إذا كان الفعل المشكل لجريمة الكسب يشكل جرائم متعددة صدر في أي منها قرار أو حكم بانقضاء الدعوى بالتصالح أو وقف تنفيذ العقوبة نهائياً لذات السبب ، يترتب علي ذلك بقوة القانون ، انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح عن جريمة الكسب أو وقف تنفيذ العقوبة فيها نهائياً بحسب الأحوال " وكان البيِّن من الاطلاع على تحقيقات النيابة العامة ومذكرتها في القضية رقم .... - المرفق صورتهما الرسمية بالأوراق – أن من بين الوقائع التي تضمنتها - تحقيقاً وتصرفاً - واقعة حصول المرحومة / .... زوجة المتهم المتوفاة على شقة ببرج مشروع .... الذي تساهم الدولة فيه بنصيب بثمن يقل عن الثمن المعلن عنه وبتسهيلات في الدفع غير متوافرة للكافة ، وانتهت تحقيقات النيابة العامة في هذه الواقعة حسبما جاء بمذكرتها - في حقيقة أمره - إلى التقرير في الأوراق بألاّ وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل / .... للسداد ولوفاتها ، وأن هذا الأمر لازال قائماً لم يلغ ممن يملك إلغاءه ، وكان أساس هذه الواقعة - الحصول على شقة ببرج .... - هي ذات أساس الواقعة الواردة بأمر الإحالة بالبند أولاً فقرة (ب) في دعوى الكسب غير المشروع المطروحة وهي حصول المتهم لزوجته المتوفاة على ذات الشقة ، وكان السداد في شأنها صنو التصالح ، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح عن الاتهام الوارد بالبند أولاً فقرة (ب) من أمر الإحالة ، عملاً بالمادة 14 مكرراً (ج) من القانون آنف البيان ، وذلك علي نحو ما سيرد بالمنطوق .

2- لما كان الاتهامان الواردان بالبند أولاً الفقرتين (ج ، هـ) من أمر الإحالة المتضمنين استغلال المتهم سلطات وظيفته في الحصول على قطعة أرض بمدينة .... بثمن بخس وبالمخالفة لإجراءات التخصيص ، والحصول لنفسه ونجله على قطعتي أرض لبناء مقابر بالمخالفة لإجراءات التخصيص ، فإن المحكمة تقدم لقضائها فيه بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - من أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام قائماً لم يلغ ، فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى الجنائية عن الواقعة ذاتها التي صدر فيها لأن له في نطاق حجيته ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ، وأن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق ، كما أن مفاد نص المادتين 454 ، 455 من قانون الإجراءات الجنائية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه يحظر محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين ، وأنه إذا رفعت الدعوى عن واقعة معينة بوصف معين وحكم فيها فلا يجوز بعد ذلك رفع الدعوى عن تلك الواقعة ذاتها بوصف جديد ، ومناط وحدة الواقعة التي تمنع من إعادة المحاكمة ولو تحت وصف جديد أن يتحد الأساس الذي أقيمت عليه الوقائع في الدعويين ، وكان القول بوحدة الجريمة أو بتعددها هو من التكييف القانوني الذي يخضع لتقدير هذه المحكمة ، وكان يبين من الاطلاع على تحقيقات النيابة العامة ومذكرتها في القضية رقم .... - المرفق صورتهما الرسمية بالأوراق - أنها صورة منسوخة من قضية أخرى بمناسبة التحقيقات في القضية رقم .... كسب غير مشروع - موضوع الدعوى المطروحة - خصصت للتحقيق في المخالفات المنسوبة لــ .... بشأن عدوانه على المال العام بحصوله على قطعة أرض بمدينة .... بثمن بخس وبالمخالفة لإجراءات التخصيص ، وبحصوله لنفسه ونجله على قطعتي أرض لبناء مقابر بالمخالفة لإجراءات التخصيص ، وانتهت تحقيقات النيابة العامة في هاتين الواقعتين حسبما جاء بمذكرتها إلى استبعاد شبهة جناية التربح للنفس وللغير والتعدي على أرض مملوكة للدولة والتسهيل للغير التعدي المرتبطة بجريمة التزوير وقيد الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية ، تأسيساً على أنه قد ثبت من التحقيقات أن حصول .... على هذه الأراضي كان بحق ودون أي عدوان على المال العام ، ولما كان ما انتهت إليه النيابة العامة هو في حقيقته أمر بألاّ وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الجناية ، وكانت الوقائع محل القضية سالفة الذكر هي بعينها ذات الوقائع الواردة بأمر الإحالة بالبند أولاً الفقرتين (ج ، هـ) في دعوى الكسب غير المشروع المطروحة وهي استغلال المتهم سلطات وظيفته في الحصول على قطعة أرض بمدينة .... بثمن بخس وبالمخالفة لإجراءات التخصيص ، والحصول لنفسه ونجله على قطعتي أرض لبناء مقابر بالمخالفة لإجراءات التخصيص ، آية ذلك ودليله ما هو مقرر من أن جرائم العدوان على المال العام وجريمة الكسب غير المشروع - في خصوصية هذه الوقائع - وإن لزم لقيام كل منهما عناصر وأركان قانونية ذاتية تتغاير في إحداها عن الأخرى ، إلَّا أن الفعل المادي المكون للجريمتين واحد هو حصول المتهم على المال العام سواء عن طريق العدوان عليه أو كسبه بطريق غير مشروع ، ومن ثم فإن الواقعة المادية التي تتمثل في الحصول على ذلك المال هي عنصر مشترك بين كافة الأوصاف التي يمكن أن تعطى لها والتي تتباين صورها بتنوع وجه المخالفة للقانون ، ولكنها كلها ناشئة عن حصول المتهم على المال التي تمت مُخَالِفة للقانون ، وهو ذات الأساس الذي أقيمت عليه الوقائع في الدعويين ، وكان الثابت من الأوراق أن هذا الأمر لا زال قائماً لم يلغ ، فإنه ما كان ينبغي للمحكمة أن تعاقب المتهم عن الواقعتين سالفتي الذكر تحت وصف جديد ، ومن ثم فإن المحكمة تقضي في التهمتين الواردتين بأمر الاحالة في البند أولاً الفقرتين ( ج ، هـ ) بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر بألاّ وجه لإقامة الدعوى الجنائية عنهما في القضية سالفة الذكر ، وذلك علي نحو ما سيرد بالمنطوق .

3- لما كانت الاتهامات الواردة بأمر الإحالة في البند أولاً ( الفقرات أ ، د ، و ) المتضمنة استغلال المتهم سلطات وظيفته في الحصول لنفسه وأسرته على هدايا من المؤسسات الصحفية القومية ، والحصول علي تبرعات لمؤسسة .... بالقرية الذكية التي أدَارتها زوجته المتوفاة وولديه ، وكذا الحصول لزوجته الحالية على كسب غير مشروع بتمكينها من تولي وظيفة هامة حصلت من خلالها على ذلك الكسب ، فإن المحكمة تمهد لقضائها في هذه الاتهامات بما هو مقرر قانوناً من أن أصل البراءة يعتبر قاعدة أساسية فــي النظام الاتهامي ، لا ترخص فيها ، تفرضها حقائق الأشياء وتقتضيها الشرعية الإجرائية وحماية الفرد في مواجهة صور التحكم والتسلط والتحامل ، بما يحول دون اعتبار واقعة تقوم بها الجريمة ثابتة بغير دليل جاد قاطع يبلغ مبلغ الجزم واليقين ولا يدع مجالاً لشبهة انتفاء التهمة أو الشك فيها ، ودون ذلك لا ينهدم أصل البراءة ، كما أنه من اللازم في أصول الاستدلال أن يكون الدليل الذي يعوِّل عليه الحكم مؤدياً إلى ما رتبه عليه من نتائج في غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر في حكم العقل والمنطق، ولمحكمة الموضوع تقدير الأدلة واستخلاص ما ترى أنها مؤدية إليه من براءة أو إدانة من غير معقب عليها في ذلك ، مادام هذا الاستخلاص سائغاً ، ومن المقرر - كذلك - أن الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ، ولا يؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة ، وكان المقصود بالكسب غير المشروع - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كل مال تملّكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون ، مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة ، والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه رقم 62 لسنة 1975 لا يعدو صورتين الأولى :ـــــ وهي المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون المذكور وهي التي يثبت فيها في حق الموظف - ومن في حكمه أياً كان نوع وظيفته - استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه ، وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال والثانية :ـــــ وهي المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة ذاتها وهي التي لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلي على الموظف أو من في حكمه ، ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها ، وفي هذه الحالة يتعين أن يكون نوع وظيفة الموظف مما يتيح له فرص الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير ، ويتعين على قاضي الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين وهما الزيادة غير المبررة في مال الموظف ، وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرص هذا الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير مشروع .

وحيث إن المحكمة بعد أن استعرضت الأدلة التي ركنت إليها سلطة الاتهــام في خصوصية هذه الاتهامات - شهادة الشهود من الأول إلى التاسع - تبيَّن لها أن هذه الأدلة لا تصلح أن تكون سنداً لإدانة المتهم دليل ذلك وشاهده أن شهادة الشهود جميعهم خلت من بيان تفاصيل الوقائع والأفعال التي قارفها المتهم والمثبتة لارتكابه تلك الجرائم بعناصرها القانونية ، فلم يتضح للمحكمة من أقوال أيٍ من الشهود وجه استغلال المتهم نفوذه وسلطان وظيفته وكيفيته ونوعية ووقائع المصالح التي أدّاها أو سهلها للمؤسسات الصحفية القومية - .... - .... - .... - أو للقائمين على أمور إدارتها ، وكذا وجه استغلاله لنفوذ وسلطان وظيفته وكيفيته ونوعه في الحصول على تبرعات من جهات حكومية وغير حكوميــة لمؤسسة .... التي تديرها زوجته المتوفاة وولــديه ، كما خلت - أيضاً - من بيان الأفعال التي أتاها المتهم ولمن أدَّاها ، وتفصح عن تدخله لدى المسئولين بغرض تمكين زوجته الحالية من تولي الوظائف الهامة التي تتيح لها الحصول على المكافآت بالمخالفة للقانون ، ابتغاءً لنيل الهدايا والتبرعات والمكافآت ، وصلة ذلك كله بالوظائف التي تولاها والقواعد والنظم المعمول بها التي أهدرها واجترأ على مخالفتها وكيف خالف القانون لا سيما وأن سلطات وظيفته لا تخوله الرقابة أو الإشراف الفعلي المباشر على المؤسسات الصحفية القومية ، كما أنها لا تمنحه حق طلب التبرعات أو فرضها أو حق التعيين - منفرداً - بالوظائف العامة والهامة ، ومن ثم فإن ما توكأت عليه سلطة الاتهام سواء من أقوال الشهود أو من التحريات التي تضمنتها أقوال الشاهدين الأول والثاني في مقام التدليل علي مقارفة المتهم للجرائم المسندة إليه بالبند أولاً ( الفقرات أ ، د ، و ) من أمر الإحالة - على النحو سالف البيان - لا تقوم به جريمة الكسب غير المشروع في حق المتهم لوهن الأدلة وبورها من دليل معتبر يكشف عن استغلال المتهم بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه ، وحصوله كذلك بالفعل لنفسه أو لأسرته على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال ، وابتنائها على الظن والاحتمال والاستنتاج والفروض المجردة ، واتخاذها من كون المتهم قد تقلد العديد من المناصب آخرها أنه كان رئيساً لمجلس الوزراء دليلاً تحكمياً على أنه كسب من وراء ذلك كسباً غير مشروع ، وهو الأمر الذي انساقت إليه كذلك سلطة الاتهام مما حجبها عن مواجهة عناصر الدعوى الخاصة بمقارفة المتهم أو عدم مقارفته للجريمة بمظاهرها الواقعية وخصائصها المادية والتي هي مناط التأثيم وعلته ، ومن ثم فإن المحكمة تطرح هذه الاتهامات لخلو الأوراق مما يثبت على سبيل الجزم واليقين أن المتهم قارفها وتقضي ببراءته منها.

4- لما كان الاتهام الوارد بالبند ثانياً والخاص بحصول المتهم على كسب غير مشروع ، بأن طرأت على ثروته زيادة لا تتناسب مع موارده طوعتها له وظيفته ، فإن المحكمة تقدم لقضائها فيه بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة وبالمادة الثانية في فقرتها الثانية من قانون الكسب غير المشروع والذي سبقت الإشارة إليه عند التصدي للفصل في الاتهامات الثلاث آنفة الذكر والذي نحيل إليه تجنباً للتكرار . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مطالعة أوراق الدعوى أنها خلت من دليل يقيني تطمئن إليه المحكمة يؤكد أن المتهم استغل وظيفته وما طوّعتها له من سلطات في الحصول على كسب غير مشروع أدى إلى زيادة ثروته ، فيما خلا ما جاء بالتحريات وشهادة مجريها ، وأقوال خبراء إدارة الكسب غير المشروع وتقاريرهم التي ضمنتها هيئة الفحص والتحقيق ملاحظاتها بحسبانها دليلاً على تحقق جريمة الكسب غير المشروع تجاه المتهم ، وكانت المحكمة لا تطمئن إلى ما جاء بتحريات الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة ولا إلى ما جاء على لسان مجريها - الشاهدين الأول والثاني - وما ساقه كلٌّ منهما من شواهد يرى أنها تدل على أن ثروة المتهم وأسرته ناتجة عن كسب غير مشروع بسبب استغلاله سلطات وظيفته وذلك لعدم قيام دليل تستند إليه ، فضلاً عن تناقضها مع بعضها البعض في شأن بيان مفردات ومصدر ثروة المتهم وأسرته وكذا تناقضها مع ما جاء بتقارير الخبراء في خصوص وكيفية تقدير الثروة ، وورودها وأقوال مجريها في عبارات عامة مجملة ومجهلة لا تستند إلى أساس صحيح من القانون ، ولا يبين منها وقائع معينة ومحددة كسب منه المتهم كسباً غير مشروع باقترافه سلوكاً مخالفاً لنص عقابي أو للآداب العامة أدى إلى زيادة في ثروته ، وابتنائها في مجملها على الظن والاستنتاج والافتراض ، وعلى مجرد الاتهام في قضايا عديدة لم يثبت من الأوراق صدور أحكام فيها بالإدانة نهائية وباتة ، وعلى عجز المتهم عن إثبات مصدر مشروع لثروته ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون رأياً لصاحبيها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ولا تصلح دليلاً ، كما أن المحكمة لا تطمئن إلى أقوال خبراء إدارة الكسب غير المشروع وما تضمنته تقاريرهم لكونها ناقضت بعضها البعض الآخر في شأن إجمالي مبلغ المصروفات غير معلومة المصدر الذي يمثل قيمة الزيادة التي طرأت على ثروة المتهم ، وعدم اتساقها في هذ الشأن مع ما جاء بقرار الاتهام ووقائع ومستندات الدعوى ، الأمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة إسناد ذلك الاتهام للمتهم ، وترى أن ما ارتكنت إليه سلطة الاتهام لا يعدو مجرد قرائن - أسمتها أدلة - لا تطمئن إليها المحكمة وترى أنها لا تبلغ حد الكفاية لإثبات أن زيادة غير مبررة قد حدثت في مال متهم الدعوى ، وأن وظيفته قد أتاحت له فرص استغلالها ، الأمر الذي لا يصح معه افتراض أن ما عجز عن إثبات مصدره من تلك الزيادة يمثل كسباً غير مشروع وفقاً للمادة الثانية في فقرتها الثانية من قانون الكسب غير المشروع ، ومن ثم يتعين القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه في الاتهام الوارد بأمر الإحالة في البند ثانياً ، وكل ذلك عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية ، وذلك علي نحو ما سيرد بالمنطوق .

5- لما كانت الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع تنص على أن : " كل من حصل لنفسه أو لغيره على كسب غير مشروع يعاقب بالسجن وبغرامة مساوية لقيمة الكسب غير المشروع فضلاً عن الحكم برد هذا الكسب " وتنص الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها على أن : " وعلى المحكمة أن تأمر في مواجهة الزوجة والأولاد القصر الذين استفادوا من الكسب غير المشروع بتنفيذ الحكم بالرد في أموال كل منهم بقدر ما استفاد ، ويجوز لها كذلك أن تأمر بإدخال كل من استفاد فائدة جدية من غير من ذكروا في الفقرة السابقة ليكون الحكم بالرد في مواجهته ونافذاً في أمواله بقدر ما استفاد " وهو ما يدل على أن إصدار الأمر - متقدم المساق - إذا توافرت موجباته ، يتوقف على صدور حكم بإدانة الزوج الحاصل على كسب غير مشروع مرتبط به ويدور معه وجوداً وعدماً ، بحيث لا يتصور صدوره إلَّا إذا صدر حكم بإدانة الزوج ، ولا تكون له قائمة إذا ما أُلغى الحكم المذكور ومن ثم مادامت المحكمة قد انتهت - على ما سلف - إلى براءة المتهم ، فإنه يتعين إلغاء الأمر بالرد في مواجهة باقي الخصوم المدخلين ، وهو ما تقضي به المحكمة دون النص على ذلك بالمنطوق .

6- لما كانت الدعوى المدنية فقد سبق أن قضى الحكم المنقوض بعدم قبولها ولم يطعن المدعيان بالحقوق المدنية في هذا الحكم ، ومن ثم تضحى الدعوى المدنية غير مطروحة أمام هذه المحكمة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت إدارة الكسب غير المشروع المتهم بأنـه : أولاً : بصفته من العاملين في الجهاز الإداري للدولة - أستاذاً بالجامعة ووزيراً للاتصالات ثم رئيساً لمجلس الوزراء - استغل سلطات وظيفته في الحصول لنفسه ولزوجته المتوفاة السيدة / .... ، وزوجته الحالية السيدة / .... ، وولديه / .... ، .... على كسب غير مشروع بسبب استغلاله للوظائف التي تولاها ، وذلك بما مقداره مبلغ 59646435 جنيه ( تسعة وخمسين مليوناً وستمائة وستة وأربعين ألفاً وأربعمائة وخمسة وثلاثين جنيهاً ) وتمثل ذلك الاستغلال في :

أ- حصوله من المؤسسات الصحفية القومية المملوكة للدولة على هدايا عينية بلغ مقدارها 1299016 جنيه مليوناً ومائتين وتسعة وتسعين ألفاً وستة عشر جنيهاً وذلك باستغلال وظيفته وتأثيرها على مؤسسات .... و.... و.... في الحصول على تلك الهدايا وعلى النحو المبين بالتحقيقات .

ب- حصوله لزوجته المتوفاة سالفة الذكر على شقة ببرج مشروع .... والذي تساهم فيه الدولة وقتها بنصيب وذلك بثمن بخس وبتسهيلات في السداد لا تتفق مع معايير البيع التي اتبعت مع آحاد الناس ، مما ظفرها بتلك الشقة والتي تبلغ قيمتها 11580000 جنيه أحد عشر مليوناً وخمسمائة وثمانين ألف جنيه وعلى النحو المبين بالتحقيقات .

ج- حصوله لنفسه على قطعة أرض من جهاز مدينة .... بثمن بخس وبالمخالفة لإجراءات التخصيص ثم قيامه بالتنازل عنها لأجنبية بمبلغ مائتين وخمسين ألف جنيه ، فضلاً عن محاباته واستغلاله لوظيفته بعدم تحصيل رسوم التنازل البالغ مقدارها مائة ألف جنيه .

د- حصوله لمؤسسة ادعى أنها للنفع العام قام بتأسيسها وأَدَارتها زوجته المتوفاة وابناه على مبلغ 34116019 جنيه أربعة وثلاثين مليوناً ومائة وستة عشر ألفاً وتسعة عشر جنيهاً ، وذلك بأن استغل سلطات وظيفته آنفة البيان كرئيس للوزراء في الحصول على ما يسمى بتبرعات لتلك المؤسسة والتي اتخذت مظهر المؤسسة ذات النفع العام حاله أنه وذويه سالفي الذكر هم من يستأثرون بأرباحها وعلى النحو المبين بالتحقيقات .

هـ- حصوله لنفسه ولنجله مستغلاً سلطات وظيفته وما له من نفوذ على الجهة الإدارية على قطعة أرض لبناء مقابر بالمخالفة لإجراءات التخصيص المتبعة قانوناً مما مكنه من تحقيق كسب غير مشروع بلغ مقداره 130000 جنيه مائة وثلاثين ألف جنيه.

و- حصوله لزوجته الحالية مستغلاً سلطات وظيفته على كسب غير مشروع بلغ مقداره 1171000 مليون ومائة وواحد وسبعون ألف جنيه في غضون الفترة من عام .... وحتى عام .... وذلك بأن مكنها من عضوية مجلس إدارة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وحصولها على مكافآت بالمخالفة للقانون بصفتها ممثلة لشركة .... وتقاضت هذه المكافآت لنفسها حال وجوب إضافتها للجهة الممثلة لها وعلى النحو المبين بالتحقيقات .

ثانياً : بصفته آنفة البيان حصل لنفسه على كسب غير مشروع بلغ مقداره 4707098 جنيه أربعة ملايين وسبعمائة وسبعة آلاف وثمانية وتسعون جنيهاً وذلك بأن طرأت على ثروته زيادة بالمبلغ المذكور لا تتناسب مع موارده طوّعتها له وظيفته وعلى النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتـه إلى محكمة جنايات .... لمعـاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .

ومحكمة الجنايات قضت عملاً بالمواد 1 ، 2/1، 18/3،1 من القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع : أولاً : بمعاقبة / .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات ، وبتغريمه مبلغ 120, 4586 أربعة ملايين وخمسمائة وستة وثمانين ألفاً ومائة وعشرين جنيهاً ، وألزمته برد مثل هذا المبلغ في مواجهة ولديه من المرحومة / .... وهما .... ، .... قدر ما استفادا من كسب غير مشروع . ثانياً : بعدم قبول الدعوى المدنية وألزمت المدعي بالحق المدني مصاريفها شاملة .

فطعن كُلٌّ من المتهم والخصمين المدخلين الأول والثاني والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .

ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن المقدم من النيابة العامة والمحكوم عليهم شكلاً ، وفي موضوع الطعنين بنقض الحكم المطعون فيه ، وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .

ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 5 ، 10/1 ، 2/14 ، 1/18 من القانون رقم 62 لسنة 1975 ، والمادة 3/15 من قرار رئيس الجمهورية رقم 1112 لسنة 1975 واللائحة التنفيذية للقانون المذكور بمعاقبة المتهم/ .... بالسجن لمدة خمس سنوات ، وبتغريمه مبلغ 133 , 353, 53 ثلاثة وخمسين مليوناً وثلاثمائة وثلاثة وخمسين ألفاً ومائة وثلاثة وثلاثين جنيهاً ، وبرده مبلغ 347, 613, 48 ثمانية وأربعين مليوناً وستمائة وثلاثة عشر ألفاً وثلاثمائة وسبعة وأربعين جنيهاً ، وذلك في مواجهة زوجته / .... وولديه .... ، .... بقدر ما استفاد كل منهم من كسب غير مشروع .

فطعن المحكوم عليه .... ، والخصمين المدخلين .... ، .... في هذا الحكم بطريق النقض " للمرة الثانية " ، كما طعنت الخصمة المدخلة .... في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع ... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن هذه المحكمة - محكمة النقض - قضت بنقض الحكم المطعون فيه لثاني مرة وحددت جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة ( 39 /6 ) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .

من حيث إن إدارة الكسب غير المشرع أسندت للمتهم / .... بأنـه :

أولاً : بصفته من العاملين في الجهاز الإداري للدولة - أستاذاً بالجامعة ووزيراً للاتصالات ثم رئيساً لمجلس الوزراء - استغل سلطات وظيفته في الحصول لنفسه ولزوجته المتوفاة السيدة / .... ، وزوجته الحالية السيدة / .... ، وولديه / .... ، .... على كسب غير مشروع بسبب استغلاله للوظائف التي تولاها ، وذلك بما مقداره مبلغ 59646435 جنيه ( تسعة وخمسين مليوناً وستمائة وستة وأربعين ألفاً وأربعمائة وخمسة وثلاثين جنيهاً ) وتمثل ذلك الاستغلال في :

أ- حصوله من المؤسسات الصحفية القومية المملوكة للدولة على هدايا عينية بلغ مقدارها 1299016 جنيه مليوناً ومائتين وتسعة وتسعين ألفاً وستة عشر جنيهاً وذلك باستغلال وظيفته وتأثيرها على مؤسسات .... و.... و.... في الحصول على تلك الهدايا وعلى النحو المبين بالتحقيقات .

ب- حصوله لزوجته المتوفاة سالفة الذكر على شقة ببرج مشروع .... والذي تساهم فيه الدولة وقتها بنصيب وذلك بثمن بخس وبتسهيلات في السداد لا تتفق مع معايير البيع التي اتبعت مع آحاد الناس ، مما ظفرها بتلك الشقة والتي تبلغ قيمتها 11580000 جنيه أحد عشر مليوناً وخمسمائة وثمانون ألف جنيه وعلى النحو المبين بالتحقيقات .

ج- حصوله لنفسه على قطعة أرض من جهاز مدينة .... بثمن بخس وبالمخالفة لإجراءات التخصيص ثم قيامه بالتنازل عنها لأجنبية بمبلغ مائتين وخمسين ألف جنيه ، فضلاً عن محاباته واستغلاله لوظيفته بعدم تحصيل رسوم التنازل البالغ مقدارها مائة ألف جنيه.

د- حصوله لمؤسسة ادعى أنها للنفع العام قام بتأسيسها وأَدَارتها زوجته المتوفاة وابناه على مبلغ 34116019 جنيه أربعة وثلاثين مليوناً ومائة وستة عشر ألفاً وتسعة عشر جنيهاً ، وذلك بأن استغل سلطات وظيفته آنفة البيان كرئيس للوزراء في الحصول على ما يسمى بتبرعات لتلك المؤسسة والتي اتخذت مظهر المؤسسة ذات النفع العام حاله أنه وذويه سالفي الذكر هم من يستأثرون بأرباحها وعلى النحو المبين بالتحقيقات .

هـ- حصوله لنفسه ولنجله مستغلاً سلطات وظيفته وما له من نفوذ على الجهة الإدارية على قطعة أرض لبناء مقابر بالمخالفة لإجراءات التخصيص المتبعة قانوناً مما مكنه من تحقيق كسب غير مشروع بلغ مقداره 130000 جنيه مائة وثلاثون ألف جنيه.

و- حصوله لزوجته الحالية مستغلاً سلطات وظيفته على كسب غير مشروع بلغ مقداره 1171000 مليوناً ومائة وواحد وسبعين ألف جنيه في غضون الفترة من عام ... وحتى عام ... وذلك بأن مكنها من عضوية مجلس إدارة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وحصولها على مكافآت بالمخالفة للقانون بصفتها ممثلة لشركة .. وتقاضت هذه المكافآت لنفسها حال وجوب إضافتها للجهة الممثلة لها وعلى النحو المبين بالتحقيقات .

ثانياً : بصفته آنفة البيان حصل لنفسه على كسب غير مشروع بلغ مقداره 4707098 جنيه أربعة ملايين وسبعمائة وسبعة آلاف وثمانية وتسعون جنيهاً وذلك بأن طرأت على ثروته زيادة بالمبلغ المذكور لا تتناسب مع موارده طوّعتها له وظيفته وعلى النحو المبين بالتحقيقات وطلبت عقابه بالمواد 1 ، 2 ، 5 ، 10/1 ، 14/2 ، 18/1 من القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع والمادة 15/3 من قرار رئيس الجمهورية رقم 112 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية .

وقد ركنت إدارة الكسب غير المشروع في إثبات الاتهام قبل المتهم إلى شهادة كل من : (1) .... (2) .... (3) .... (4) .... (5) .... (6) .... (7) .... (8) .... (9) .... (10) .... (11) .... ، وما ورد بملاحظات هيئة الفحص والتحقيق .

فقد شهد / .... ( عضو هيئة الرقابة الإدارية ) بأن تحرياته السرية دلت على أن .... قد حصل على هدايا عينية من المؤسسات الصحفية ( .... - ....بلغ إجمالها 1299016 جنيه مليوناً ومائتين وتسعة وتسعين ألفاً وستة عشر جنيهاً وذلك خلال الفترة من عام .... حتى عام .... ، وأضاف أن رؤساء مجالس الإدارة في هذه المؤسسات هم المسئولون عن منح هذه الهدايا بالمجاملة لرئيس مجلس الوزراء لشغله ذلك المنصب ، وأن الأخير استغل سلطات وظيفته بأن قبل الهدايا ، كما توصلت تحرياته إلى أن المتهم مكّن زوجته - المتوفاة - وآخرين من تأسيس مؤسسة .... وجعلها رئيساً لمجلس إدارتها للحصول على المنافع مستغلاً صفته الوظيفية في إنشاء هذه المؤسسة ، بأن حصل لها على تبرعات من جهات حكومية وغير حكومية بمبالغ ضخمة وصل مجموعها إلى 24975000 أربعة وعشرين مليوناً وتسعمائة وخمسة وسبعين ألف جنيه ، وأن هذه التبرعات تمت بالمجاملة لرئيس الوزراء نظراً لوجود تعاملات لبعض الجهات المتبرعة مع الدولة في هذا التوقيت ولولا هذه التعاملات ما قامت هذه الجهات بالتبرع ، فضلاً أنه أصدر أكثر من قرار لخدمة أغراض هذه المؤسسة بالمخالفة للقانون وهذه القرارات محل تحقيق من قبل النيابة العامة ، كما أن التحريات أسفرت عن أن / .... - الزوجة الحالية للمتهم - بدأت حياتها موظفة بالقطاع الخاص ثم موظفة بعقد بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ثم موظفة بشركة خدمات المعلومات التشريعية ثم موظفة بوزارة الاتصالات وأخيراً نائب رئيس هيئة تنمية تكنولوجيا المعلومات ، وأنه منذ تولى المتهم مهام وظيفته سواء بموقعه بشركة خدمات المعلومات التشريعية أو وزيراً للاتصالات أصبحت المذكورة تعمل في ذات الموقع وتم تصعيدها وظيفياً مما مكّنها من الحصول علي مبالغ مالية كبيرة من خلال العمل في تلك الجهات بلغت من عام 2000 حتى عام 2011 (3660000) ثلاثة ملايين وستمائة وستين ألف جنيه وهو مبلغ تبدو فيه المجاملة ، وكذا تمكينها من العمل بتلك الجهات رغم أن خبرتها لا تتيح لها العمل بهذه المواقع ، ويضيف الشاهد قوله أن التحريات أكدت أن ممتلكات المتهم وزوجته الحالية وولديه - بعد أن سردها - من ناتج كسب غير مشروع استغلالاً لسلطات الوظيفة لكون هذه الممتلكات لا تتناسب مع مصادر دخولهم ، وأن المتهم هو مَصدر الممتلكات التي ورثها عن زوجته المتوفاة ، وساق تدليلاً علي صحة تحرياته شواهد عدة من بينها حصول المتهم على عدد ثلاث قطع من شركة .... - شركة خاصة - مقام عليها فيلات إبان فترة عمله وزيراً للاتصالات وبعد توليه منصب رئيس مجلس الوزراء تم تغيير التعاقد إلي مكان أكثر تميزاً ، ثم تبيَّن بعد ذلك قيام المسئولين بوزارة الزراعة بتقنين مخالفات شركة .... ، وكذا قيامه بتأسيس بعض الشركات العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات وتسجيلها باسم نجليه وتسهيل حصول تلك الشركات على أعمال من الجهات التي يعمل بها ، فضلاً عن اتهامه في عديد من القضايا المتعلقة بالتربح وإهدار المال العام والتي تم حبسه احتياطياً على ذمتها .

وشهد / .... ( مقدم بمباحث الأموال العامة ) بأن تحرياته السرية لم تتوصل إلى دخل المتهم الحقيقي إبان فترة عمله ولا إلى صحة ما جاء بأقوال عضو هيئة الرقابة الإدارية في شأن أن المتهم هو مَصدر الممتلكات التي ورثها عن زوجته وأنه هو الذي سجلها باسمها ، وأضاف أنه وإن كان موقع المتهم الوظيفي يسمح له باستغلال نفوذه إلَّا أن التقرير بأن مصدر ثروته هو ناتج كسب غير مشروع يرجع في تقديره إلى الخبراء ، وأنه لا يستطيع الجزم بأن ممتلكات المتهم وأسرته لا تتناسب مع دخولهم لعدم توصل التحريات إلى ذلك ، ثم عاد وقرر بأن تحرياته قد أفادت بأن المتهم حصل على ثروته من جراء استغلاله لسلطات وظيفته ، وأن شاهده في ذلك هو تعدد الممتلكات الخاصة به وبزوجتيه وتواجدها في أماكن مميزة .

وشهد / .... ( صحفي بجريدة .... وعضو بمجلس إدارة مؤسسة .... ) بأن رؤساء مجالس إدارة المؤسسة دأبوا على إرسال هدايا لكبار المسئولين ظناً منهم أنهم يساهمون في بقائهم في مناصبهم ، فضلاً عن حصولهم من المسئولين على منافع عينية أخرى مقابل ذلك ودلّل على صدق أقواله بأن ضرب عدة أمثلة منها حصول .... ، و.... على مساحات كبيرة من الأراضي بثمن ضئيل من وزير الزراعة .... وبقاء الأول فترة طويلة بمنصبه ، وأضاف أن الهدايا كانت ترسل لكبار المسئولين وأن .... من بين كبار المسئولين ، ثم عاد وقرر أمام محكمة الجنايات بمحضر جلسة .... بأنه لا يعلم ما إذا كان المتهم قد تلقى هدايا من عدمه ويُسْأل في ذلك رئيس مجلس الإدارة .

وشهد / .... ( مسئول الإعلانات والهدايا بجريدة .... ) بأن مسألة حصول .... من مؤسسة .... على هدايا عينية خلال الأعوام من .... حتى .... يرجع بشأنه إلى رئيس مجلس إدارة المؤسسة في ذلك التوقيت .

وشهد / .... ( مشرف قطاع الإعلانات وعضو مجلس الإدارة بمؤسسة .... ) بأن مجلس الإدارة يحدد مبلغاً إجمالياً للهدايا ويقوم رئيس مجلس الإدارة بتحديد الشخصيات المستفيدة من هذه الهدايا التي تمول من أموال مؤسسة .... .

وشهد / .... ( رئيس مجلس إدارة مؤسسة .... سابقاً ) بأن إرسال الهدايا لكبار المسئولين كان نظاماً متّبعاً من الثمانينات ، وكان يتم على رأس السنة الميلادية بدعوى التهنئة بالعام الجديد وبهدف تذليل العقبات والمشكلات التي قد تحدث بين المؤسسة والجهات الحكومية ، وأنه ورث هذا النظام ممن سبقوه من رؤساء مجالس الإدارة وظن أنه أمر طبيعي ومشروع ولا يمكن تغييره ، وأضاف أن ما جاء بتحريات الرقابة الإدارية من حصول .... من مؤسسة .... على هدايا عينية بلغت قيمتها في الفترة من عام .... حتى عام .... مائة وسبعة آلاف جنيه صحيح .

وشهد / .... ( مدير عام شركة .... التابعة لمؤسسة .... ) أنه عندما تولى منصبه - مار الذكر - في عام .... وجد أن العرف قد جرى على إرسال هدايا على رأس السنة الميلادية لكبار المسئولين بلغ مقدارها في عام .... إبان فترة تولي .... رئاسة المؤسسة ستة ملايين جنيه ، وكان هذا الأمر محل ملاحظة من الجهاز المركزي للمحاسبات وأوصى بوجوب وضع قواعد لشراء الهدايا ، فتم تقليل مبلغ الشراء وتشكيل لجنة لتسليم الهدايا للمسئولين بطريقة يبين منها وصف الهدايا وثمنها والحصول على مستندات تفيد الاستلام فرفض المسئولون التسلم بهذه الطريقة ، وخصص مجلس الوزراء مكتباً خلفياً لاستلام هذه الهدايا ، وأضاف أنه تم حصر الهدايا التي تلقاها .... من عام .... حتى عام .... والتي بلغت قيمتها 4645650 جنيه ستة وأربعين ألفا ًوأربعمائة وستة وخمسين جنيهاً وخمسين قرشاً .

وشهدت / .... ( أستاذ بكلية الصيدلة بجامعة .... ) أنها بعد أن ارتبطت بعلاقة صداقة مع زوجة المتهم المتوفاة عرضت عليها الأخيرة أن تكون عضواً بمجلس إدارة حضانة استبان لها فيما بعد أنها مؤسسة .... وأنها ضمن المؤسسين الذين لا تعرف أّيًّا منهم ، فضلاً عن أنها لم تسدد أية رسوم ولم تحضر أي اجتماعات خاصة بإدارة المؤسسة وأن محاضر مجلس الإدارة كانت ترد إليها بمنزلها مع السائق الخاص بالزوجة المتوفاة .

وشهدت / .... ( مراجع مالي بمديرية التضامن الاجتماعي .... وعضو اللجنة المشكلة ) بأنه بمراجعة أنشطة مؤسسة .... بالقرية الذكية تبيَّن لها أن هناك جهات متعددة من بينها جهات حكومية قامت بالتبرع للمؤسسة وبلغت قيمة التبرعات 34116019 وبأن هناك تلاعباً في الحسابات يُسْأل عنها مجلس الإدارة .

وشهد / .... ( خبير حسابي بإدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة عضو اللجنة المشكلة لفحص عناصر الذمة المالية للمتهم وزوجتيه وولديه ) بأنه قام بفحص عناصر الذمة المالية للمتهم وزوجتيه وولديه على ضوء تقارير مباحث الأموال العامة والرقابة الإدارية وانتهى - حسبما جاء بتقريره - إلى أن إجمالي قيمة المصروفات الخاصة بالمتهم وزوجتيه وولديه والخاصة بفترة الفحص والتي بدأت بعام .... تاريخ عودته من البعثة الدراسية وتعيينه مدرساً بكلية الهندسة حتى تاريخ خروجه من الوزارة عام .... هو مبلغ 5132154 وأن إجمالي قيمة الإيرادات هو مبلغ 1478719 فيكون العجز قيمته مبلغ 3653363 ثلاثة ملايين وستمائة وثلاثة وخمسين ألفاً وثلاثمائة وثلاثة وستين جنيهاً .

وشهدت / .... ( خبير حسابي بإدارة الكسب غير المشروع والأموال العامة عضو اللجنة المشكلة لفحص عناصر الذمة المالية للمتهم وزوجتيه وولديه ) بأنها قامت وأعضاء اللجنة بفحص عناصر الذمة المالية للمتهم وزوجتيه وولديه علي ضوء المستندات المرفقة بالدعوى وانتهى أعضاء اللجنة بتقريرهم بعد حصر كافة الممتلكات العقارية والمنقولة والمبالغ التي حصل عليها المذكورون من جهات عملهم تحت كافة المسميات وبعد احتساب النفقة المعيشية المناسبة لهم إلى وجود مصروفات غير معلومة المصدر - قيمة العجز - خلال فترة الفحص بمبلغ 4707098 أربعة ملايين وسبعمائة وسبعة آلاف وثمانية وتسعين جنيهاً .

وإبان جلسات المحاكمة اعترض المتهم على ما جاء بالتقرير وبأقوال الشاهدة سالفة الذكر ، وقررت المحكمة بجلسة .... إعادة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل لبحثها على ضوء الاعتراضات الواردة بمذكرة المتهم والمقدمة بذات الجلسة ، وإذ تم إعادة مباشرة المأمورية من قبل مكتب الخبراء على ضوء الاعتراضات ، وانتهت اللجنة في تقريرها إلى أن إجمالي المصروفات غير معلومة المصدر - قيمة العجز - هو مبلغ 2331816 مليونان وثلاثمائة وواحد وثلاثين ألفاً وثمانمائة وستة عشر جنيهاً.

وحيث جاءت ملاحظات هيئة الفحص والتحقيق متضمنة الإشارة إلى تقارير خبراء وزارة العدل - على النحو السالف بيانه - وتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وتقارير الجهات الرقابية التي تضمنتها شهادة الشاهدين الأول والثاني وكتب المؤسسات الصحفية في شأن الهدايا .

وحيث إنه بسؤال المتهم بالتحقيقات أنكر ما أُسند إليه من اتهام واعتصــم بذلك طوال جلسات محاكمته أمام محكمتي الجنايات وهذه المحكمة - محكمة النقض - وبجلسة المحاكمة الأخيرة حضر ومعه وكيل (محام) ترافع في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة .

وحيث إن ممثل النيابة الحاضر بالجلسة صمّم على طلب معاقبة المتهم طبقاً لمواد الاتهام وما يترتب عليه .

ومن حيث إنه عن الاتهام الوارد بالبند أولاً فقرة ( ب ) من أمر الإحالة المتضمن استغلال المتهم لسلطات وظيفته بحصوله لزوجته المتوفاة على شقة ببرج مشروع .... إلخ ، فإنه لما كان القرار بالقانون رقم 97 لسنة 2015 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع قد صدر بعد الحكم المنقوض وقبل صدور حكم بات في الدعوى ، ونص في مادته الأولى على إضافة مادة جديدة برقم 14 مكرراً ( ج ) إلى قانون الكسب غير المشروع نصت على أنه " إذا كان الفعل المشكل لجريمة الكسب يشكل جرائم متعددة صدر في أي منها قرار أو حكم بانقضاء الدعوى بالتصالح أو وقف تنفيذ العقوبة نهائياً لذات السبب ، يترتب علي ذلك بقوة القانون ، انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح عن جريمة الكسب أو وقف تنفيذ العقوبة فيها نهائياً بحسب الأحوال " وكان البيِّن من الاطلاع على تحقيقات النيابة العامة ومذكرتها في القضية رقم .... - المرفق صورتهما الرسمية بالأوراق – أن من بين الوقائع التي تضمنتها - تحقيقاً وتصرفاً - واقعة حصول المرحومة / .... زوجة المتهم المتوفاة على شقة ببرج مشروع .... الذي تساهم الدولة فيه بنصيب بثمن يقل عن الثمن المعلن عنه وبتسهيلات في الدفع غير متوافرة للكافة ، وانتهت تحقيقات النيابة العامة في هذه الواقعة حسبما جاء بمذكرتها - في حقيقة أمره - إلى التقرير في الأوراق بألاّ وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل / .... للسداد ولوفاتها ، وأن هذا الأمر لازال قائماً لم يلغ ممن يملك إلغاءه ، وكان أساس هذه الواقعة - الحصول على شقة ببرج .... - هي ذات أساس الواقعة الواردة بأمر الإحالة بالبند أولاً فقرة (ب) في دعوى الكسب غير المشروع المطروحة وهي حصول المتهم لزوجته المتوفاة على ذات الشقة ، وكان السداد في شأنها صنو التصالح ، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح عن الاتهام الوارد بالبند أولاً فقرة (ب) من أمر الإحالة ، عملاً بالمادة 14 مكرراً (ج) من القانون آنف البيان ، وذلك على نحو ما سيرد بالمنطوق .

ومن حيث إنه عن الاتهامين الواردين بالبند أولاً الفقرتين (ج ، هـ) من أمر الإحالة المتضمنين استغلال المتهم سلطات وظيفته في الحصول على قطعة أرض بمدينة .... بثمن بخس وبالمخالفة لإجراءات التخصيص ، والحصول لنفسه ونجله على قطعتي أرض لبناء مقابر بالمخالفة لإجراءات التخصيص ، فإن المحكمة تقدم لقضائها فيه بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - من أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام قائماً لم يلغ ، فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى الجنائية عن الواقعة ذاتها التي صدر فيها لأن له في نطاق حجيته ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ، وأن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق ، كما أن مفاد نص المادتين 454 ، 455 من قانون الإجراءات الجنائية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه يحظر محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين ، وأنه إذا رفعت الدعوى عن واقعة معينة بوصف معين وحكم فيها فلا يجوز بعد ذلك رفع الدعوى عن تلك الواقعة ذاتها بوصف جديد ، ومناط وحدة الواقعة التي تمنع من إعادة المحاكمة ولو تحت وصف جديد أن يتحد الأساس الذي أقيمت عليه الوقائع في الدعويين ، وكان القول بوحدة الجريمة أو بتعددها هو من التكييف القانوني الذي يخضع لتقدير هذه المحكمة ، وكان يبين من الاطلاع على تحقيقات النيابة العامة ومذكرتها في القضية رقم .... - المرفق صورتهما الرسمية بالأوراق - أنها صورة منسوخة من قضية أخرى بمناسبة التحقيقات في القضية رقم .... كسب غير مشروع - موضوع الدعوى المطروحة - خصصت للتحقيق في المخالفات المنسوبة لــ .... بشأن عدوانه على المال العام بحصوله على قطعة أرض بمدينة .... بثمن بخس وبالمخالفة لإجراءات التخصيص ، وبحصوله لنفسه ونجله على قطعتي أرض لبناء مقابر بالمخالفة لإجراءات التخصيص ، وانتهت تحقيقات النيابة العامة في هاتين الواقعتين حسبما جاء بمذكرتها إلى استبعاد شبهة جناية التربح للنفس وللغير والتعدي على أرض مملوكة للدولة والتسهيل للغير التعدي المرتبطة بجريمة التزوير وقيد الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية ، تأسيساً على أنه قد ثبت من التحقيقات أن حصول .... على هذه الأراضي كان بحق ودون أي عدوان على المال العام ، ولما كان ما انتهت إليه النيابة العامة هو في حقيقته أمر بألاّ وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الجناية ، وكانت الوقائع محل القضية سالفة الذكر هي بعينها ذات الوقائع الواردة بأمر الإحالة بالبند أولاً الفقرتين (ج ، هـ) في دعوى الكسب غير المشروع المطروحة وهي استغلال المتهم سلطات وظيفته في الحصول على قطعة أرض بمدينة .... بثمن بخس وبالمخالفة لإجراءات التخصيص ، والحصول لنفسه ونجله على قطعتي أرض لبناء مقابر بالمخالفة لإجراءات التخصيص ، آية ذلك ودليله ما هو مقرر من أن جرائم العدوان على المال العام وجريمة الكسب غير المشروع - في خصوصية هذه الوقائع - وإن لزم لقيام كل منهما عناصر وأركان قانونية ذاتية تتغاير في إحداها عن الأخرى ، إلَّا أن الفعل المادي المكون للجريمتين واحد هو حصول المتهم على المال العام سواء عن طريق العدوان عليه أو كسبه بطريق غير مشروع ، ومن ثم فإن الواقعة المادية التي تتمثل في الحصول على ذلك المال هي عنصر مشترك بين كافة الأوصاف التي يمكن أن تعطى لها والتي تتباين صورها بتنوع وجه المخالفة للقانون ، ولكنها كلها ناشئة عن حصول المتهم على المال التي تمت مُخَالِفة للقانون ، وهو ذات الأساس الذي أقيمت عليه الوقائع في الدعويين ، وكان الثابت من الأوراق أن هذا الأمر لا زال قائماً لم يلغ ، فإنه ما كان ينبغي للمحكمة أن تعاقب المتهم عن الواقعتين سالفتي الذكر تحت وصف جديد ، ومن ثم فإن المحكمة تقضي في التهمتين الواردتين بأمر الاحالة في البند أولاً الفقرتين ( ج ، هـ ) بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر بألاّ وجه لإقامة الدعوى الجنائية عنهما في القضية سالفة الذكر ، وذلك على نحو ما سيرد بالمنطوق .

ومن حيــث إنه عن الاتهامات الواردة بأمر الإحالة في البند أولاً ( الفقرات أ ، د ، و ) المتضمنة استغلال المتهم سلطات وظيفته في الحصول لنفسه وأسرته على هدايا من المؤسسات الصحفية القومية ، والحصول علي تبرعات لمؤسسة .... بالقرية الذكية التي أدَارتها زوجته المتوفاة وولداه ، وكذا الحصول لزوجته الحالية على كسب غير مشروع بتمكينها من تولي وظيفة هامة حصلت من خلالها على ذلك الكسب ، فإن المحكمة تمهد لقضائها في هذه الاتهامات بما هو مقرر قانوناً من أن أصل البراءة يعتبر قاعدة أساسية فــي النظام الاتهامي ، لا ترخص فيها ، تفرضها حقائق الأشياء وتقتضيها الشرعية الإجرائية وحماية الفرد في مواجهة صور التحكم والتسلط والتحامل ، بما يحول دون اعتبار واقعة تقوم بها الجريمة ثابتة بغير دليل جاد قاطع يبلغ مبلغ الجزم واليقين ولا يدع مجالاً لشبهة انتفاء التهمة أو الشك فيها ، ودون ذلك لا ينهدم أصل البراءة ، كما أنه من اللازم في أصول الاستدلال أن يكون الدليل الذي يعوِّل عليه الحكم مؤدياً إلى ما رتبه عليه من نتائج في غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر في حكم العقل والمنطق، ولمحكمة الموضوع تقدير الأدلة واستخلاص ما ترى أنها مؤدية إليه من براءة أو إدانة من غير معقب عليها في ذلك ، مادام هذا الاستخلاص سائغاً ، ومن المقرر – كذلك - أن الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ، ولا يؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة ، وكان المقصود بالكسب غير المشروع - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كل مال تملّكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتراء على محارم القانون ، مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة ، والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه رقم 62 لسنة 1975 لا يعدو صورتين الأولى :ـــــ وهي المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون المذكور وهي التي يثبت فيها في حق الموظف - ومن في حكمه أياً كان نوع وظيفته - استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه ، وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال والثانية :ـــــ وهي المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة ذاتها وهي التي لا يثبت فيها هذا الاستغلال الفعلي على الموظف أو من في حكمه ، ولكن يثبت أن لديه في ماله زيادة عجز عن إثبات مصدرها ، وفي هذه الحالة يتعين أن يكون نوع وظيفة الموظف مما يتيح له فرص الاستغلال على حساب الدولة أو على حساب الغير ، ويتعين على قاضي الموضوع لإعمال هذه القرينة أن يثبت في حكمه توافر هذين الأمرين وهما الزيادة غير المبررة في مال الموظف ، وكون نوع وظيفته بالذات يتيح له فرص هذا الاستغلال حتى يصح اعتبار عجزه عن إثبات مصدر الزيادة في ماله قرينة قانونية عامة على أن هذه الزيادة تمثل كسباً غير مشروع .

وحيث إن المحكمة بعد أن استعرضت الأدلة التي ركنت إليها سلطة الاتهــام في خصوصية هذه الاتهامات - شهادة الشهود من الأول إلى التاسع - تبيَّن لها أن هذه الأدلة لا تصلح أن تكون سنداً لإدانة المتهم دليل ذلك وشاهده أن شهادة الشهود جميعهم خلت من بيان تفاصيل الوقائع والأفعال التي قارفها المتهم والمثبتة لارتكابه تلك الجرائم بعناصرها القانونية ، فلم يتضح للمحكمة من أقوال أيٍ من الشهود وجه استغلال المتهم نفوذه وسلطان وظيفته وكيفيته ونوعية ووقائع المصالح التي أدّاها أو سهلها للمؤسسات الصحفية القومية - .... - .... - .... - أو للقائمين على أمور إدارتها ، وكذا وجه استغلاله لنفوذ وسلطان وظيفته وكيفيته ونوعه في الحصول على تبرعات من جهات حكومية وغير حكوميــة لمؤسسة .... التي تديرها زوجته المتوفاة وولــديه ، كما خلت - أيضاً - من بيان الأفعال التي أتاها المتهم ولمن أدَّاها ، وتفصح عن تدخله لدى المسئولين بغرض تمكين زوجته الحالية من تولي الوظائف الهامة التي تتيح لها الحصول على المكافآت بالمخالفة للقانون ، ابتغاءً لنيل الهدايا والتبرعات والمكافآت ، وصلة ذلك كله بالوظائف التي تولاها والقواعد والنظم المعمول بها التي أهدرها واجترأ على مخالفتها وكيف خالف القانون لا سيما وأن سلطات وظيفته لا تخوله الرقابة أو الإشراف الفعلي المباشر على المؤسسات الصحفية القومية ، كما أنها لا تمنحه حق طلب التبرعات أو فرضها أو حق التعيين - منفرداً - بالوظائف العامة والهامة ، ومن ثم فإن ما توكأت عليه سلطة الاتهام سواء من أقوال الشهود أو من التحريات التي تضمنتها أقوال الشاهدين الأول والثاني في مقام التدليل علي مقارفة المتهم للجرائم المسندة إليه بالبند أولاً ( الفقرات أ ، د ، و ) من أمر الإحالة - على النحو سالف البيان - لا تقوم به جريمة الكسب غير المشروع في حق المتهم لوهن الأدلة وبورها من دليل معتبر يكشف عن استغلال المتهم بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه ، وحصوله كذلك بالفعل لنفسه أو لأسرته على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال ، وابتنائها على الظن والاحتمال والاستنتاج والفروض المجردة ، واتخاذها من كون المتهم قد تقلد العديد من المناصب آخرها أنه كان رئيساً لمجلس الوزراء دليلاً تحكمياً على أنه كسب من وراء ذلك كسباً غير مشروع ، وهو الأمر الذي انساقت إليه كذلك سلطة الاتهام مما حجبها عن مواجهة عناصر الدعوى الخاصة بمقارفة المتهم أو عدم مقارفته للجريمة بمظاهرها الواقعية وخصائصها المادية والتي هي مناط التأثيم وعلته ، ومن ثم فإن المحكمة تطرح هذه الاتهامات لخلو الأوراق مما يثبت على سبيل الجزم واليقين أن المتهم قارفها وتقضي ببراءته منها .

ومن حيث إنه عن الاتهام الوارد بالبند ثانياً والخاص بحصول المتهم على كسب غير مشروع ، بأن طرأت على ثروته زيادة لا تتناسب مع موارده طوعتها له وظيفته ، فإن المحكمة تقدم لقضائها فيه بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة وبالمادة الثانية في فقرتها الثانية من قانون الكسب غير المشروع والذي سبقت الإشارة إليه عند التصدي للفصل في الاتهامات الثلاث آنفة الذكر والذي نحيل إليه تجنباً للتكرار . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مطالعة أوراق الدعوى أنها خلت من دليل يقيني تطمئن إليه المحكمة يؤكد أن المتهم استغل وظيفته وما طوّعتها له من سلطات في الحصول على كسب غير مشروع أدى إلى زيادة ثروته ، فيما خلا ما جاء بالتحريات وشهادة مجريها ، وأقوال خبراء إدارة الكسب غير المشروع وتقاريرهم التي ضمنتها هيئة الفحص والتحقيق ملاحظاتها بحسبانها دليلاً على تحقق جريمة الكسب غير المشروع تجاه المتهم ، وكانت المحكمة لا تطمئن إلى ما جاء بتحريات الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة ولا إلى ما جاء على لسان مجريها - الشاهدين الأول والثاني - وما ساقه كلٌّ منهما من شواهد يرى أنها تدل على أن ثروة المتهم وأسرته ناتجة عن كسب غير مشروع بسبب استغلاله سلطات وظيفته وذلك لعدم قيام دليل تستند إليه ، فضلاً عن تناقضها مع بعضها البعض في شأن بيان مفردات ومصدر ثروة المتهم وأسرته وكذا تناقضها مع ما جاء بتقارير الخبراء في خصوص وكيفية تقدير الثروة ، وورودها وأقوال مجريها في عبارات عامة مجملة ومجهلة لا تستند إلى أساس صحيح من القانون ، ولا يبين منها وقائع معينة ومحددة كسب منه المتهم كسباً غير مشروع باقترافه سلوكاً مخالفاً لنص عقابي أو للآداب العامة أدى إلى زيادة في ثروته ، وابتنائها في مجملها على الظن والاستنتاج والافتراض ، وعلى مجرد الاتهام في قضايا عديدة لم يثبت من الأوراق صدور أحكام فيها بالإدانة نهائية وباتة ، وعلى عجز المتهم عن إثبات مصدر مشروع لثروته ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون رأياً لصاحبيها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ولا تصلح دليلاً ، كما أن المحكمة لا تطمئن إلى أقوال خبراء إدارة الكسب غير المشروع وما تضمنته تقاريرهم لكونها ناقضت بعضها البعض الآخر في شأن إجمالي مبلغ المصروفات غير معلومة المصدر الذي يمثل قيمة الزيادة التي طرأت على ثروة المتهم ، وعدم اتساقها في هذ الشأن مع ما جاء بقرار الاتهام ووقائع ومستندات الدعوى ، الأمر الذي تتشكك معه المحكمة في صحة إسناد ذلك الاتهام للمتهم ، وترى أن ما ارتكنت إليه سلطة الاتهام لا يعدو مجرد قرائن - أسمتها أدلة - لا تطمئن إليها المحكمة وترى أنها لا تبلغ حد الكفاية لإثبات أن زيادة غير مبررة قد حدثت في مال متهم الدعوى ، وأن وظيفته قد أتاحت له فرص استغلالها ، الأمر الذي لا يصح معه افتراض أن ما عجز عن إثبات مصدره من تلك الزيادة يمثل كسباً غير مشروع وفقاً للمادة الثانية في فقرتها الثانية من قانون الكسب غير المشروع ، ومن ثم يتعين القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه في الاتهام الوارد بأمر الإحالة في البند ثانياً ، وكل ذلك عملاً بالمادة 304 /1 من قانون الإجراءات الجنائية ، وذلك على نحو ما سيرد بالمنطوق .

لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع تنص على أن : " كل من حصل لنفسه أو لغيره على كسب غير مشروع يعاقب بالسجن وبغرامة مساوية لقيمة الكسب غير المشروع فضلاً عن الحكم برد هذا الكسب " وتنص الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة ذاتها على أن : " وعلى المحكمة أن تأمر في مواجهة الزوجة والأولاد القصر الذين استفادوا من الكسب غير المشروع بتنفيذ الحكم بالرد في أموال كل منهم بقدر ما استفاد ، ويجوز لها كذلك أن تأمر بإدخال كل من استفاد فائدة جدية من غير من ذكروا في الفقرة السابقة ليكون الحكم بالرد في مواجهته ونافذاً في أمواله بقدر ما استفاد " وهو ما يدل على أن إصدار الأمر - متقدم المساق - إذا توافرت موجباته ، يتوقف على صدور حكم بإدانة الزوج الحاصل على كسب غير مشروع مرتبط به ويدور معه وجوداً وعدماً ، بحيث لا يتصور صدوره إلَّا إذا صدر حكم بإدانة الزوج ، ولا تكون له قائمة إذا ما أُلغى الحكم المذكور ومن ثم مادامت المحكمة قد انتهت - على ما سلف - إلى براءة المتهم ، فإنه يتعين إلغاء الأمر بالرد في مواجهة باقي الخصوم المدخلين ، وهو ما تقضي به المحكمة دون النص على ذلك بالمنطوق.

ومن حيث إنه عن الدعوى المدنية فقد سبق أن قضى الحكم المنقوض بعدم قبولها ولم يطعن المدعيان بالحقوق المدنية في هذا الحكم ، ومن ثم تضحى الدعوى المدنية غير مطروحة أمام هذه المحكمة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 470 لسنة 84 ق جلسة 4 / 5 / 2016 مكتب فني 67 ق 54 ص 467

جلسة 4 من مايو سنة 2016 
برئاسة السيد القاضي / مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / قدري عبد الله ، بهاء محمد إبراهيم ، أبو الحسين فتحي وخالد الشرقبالي نواب رئيس المحكمة .
---------

(54)

الطعن رقم 470 لسنة 84 القضائية

(1) دعوى مدنية . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .

عدم جواز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع . إلَّا إذا انبنى عليها منع السير في الدعوى . أساس ذلك ؟

القضاء بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة . لا يُعد منهياً للخصومة أو مانعاً من السير فيها . متى اتصلت بالمحكمة المدنية المختصة اتصالاً صحيحاً . مؤدى ذلك ؟

صدور حكم في موضوع الدعوى منهٍ للخصومة أو مانعٍ من السير فيها أمام جهة الاختصاص . شرط لانفتاح الطعن بالنقض . أثر ذلك ؟

(2) دعوى مدنية . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .

عدم جواز الطعن فيما يتعلق بالدعوى المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة لا تجاوز نصاب الطعن بالنقض المنصوص عليه في المادة 248 مرافعات وهو مائة ألف جنيه . أساس ذلك ؟

مثال .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كانت المادة 31 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد نصت على أنه " لا يجوز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ، إلَّا إذا أنبنى عليها منع السير في الدعوى " ، وكان الحكم المطعون فيه وقد قضى بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة ، فإنه لا يعد منهياً للخصومة في الدعوى المدنية أو مانعاً من السير فيها إذا ما اتصلت بالمحكمة المدنية المختصة اتصالاً صحيحاً ، ذلك أنه لم يفصل في موضوع الدعوى المدنية ، بل قضى بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة ، وتخلى بذلك عنها للمحكمة المدنية صاحبة الولاية العامة في المنازعات المدنية ، وإذ كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطعن بالنقض لا ينفتح إلَّا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منهٍ للخصومة أو حكم صادر قبل الفصل في الموضوع يبنى عليه منع السير في الدعوى أمام جهة الاختصاص ، ومن ثم فإن الطعن يكون غير جائز.

2- لما كانت المادة 30 من ذات القانون والمستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن فيما يتعلق بالدعوى المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة لا تجاوز نصاب الطعن بالنقض المنصوص عليها في المادة 248 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وهو مائة ألف جنيه ، وكان الطاعن قد ادعى مدنياً بمبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت ، وهو بهذه المثابة لا يجاوز نصاب الطعن بالنقض المار بيانه ، فإن الطعن يكون غير جائز ، ويتعين الحكم بذلك مع مصادرة الكفالة وتغريم الطاعن مبلغاً مساوياً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابـة العامـة المطعون ضدهما بأنـهما:- 1- ضربا عمداً المجني عليه / .... مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على ضربه وأعدا لذلك أدوات " ماسورة حديد ، زجاجة " وما أن ظفرا به حتى انهالا عليه ضرباً بالأدوات سالفة البيان محدثين إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وتخلف عن ذلك عاهة مستديمة تقدر بحوالي عشرين بالمائة .

2- أحرزا أداة " زجاجة ، ماسورة حديد " مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية .

وأحالتـهما إلى محكمة جنايات .... لمعـاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .

وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه علي سبيل التعويض المدني المؤقت .

ومحكمة الجنايات قضت حضورياً بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بحكم جنائي نهائي وبات في الجنحة رقم .... واستئنافها رقم .... وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة مع إرجاء البت في مصاريفها لحين صدور حكم من تلك المحكمة .

فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إنه لما كانت المادة 31 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد نصت على أنه " لا يجوز الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ، إلَّا إذا انبنى عليها منع السير في الدعوى " ، وكان الحكم المطعون فيه وقد قضى بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة ، فإنه لا يعد منهياً للخصومة في الدعوى المدنية أو مانعاً من السير فيها إذا ما اتصلت بالمحكمة المدنية المختصة اتصالاً صحيحاً ، ذلك أنه لم يفصل في موضوع الدعوى المدنية ، بل قضى بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة ، وتخلى بذلك عنها للمحكمة المدنية صاحبة الولاية العامة في المنازعات المدنية ، وإذ كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطعن بالنقض لا ينفتح إلَّا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منهٍ للخصومة أو حكم صادر قبل الفصل في الموضوع يبنى عليه منع السير في الدعوى أمام جهة الاختصاص ، ومن ثم فإن الطعن يكون غير جائز فضلاً عن أن المادة 30 من ذات القانون والمستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن فيما يتعلق بالدعوى المدنية وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة لا تجاوز نصاب الطعن بالنقض المنصوص عليها في المادة 248 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وهو مائة ألف جنيه ، وكان الطاعن قد ادعى مدنياً بمبلغ 5001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت ، وهو بهذه المثابة لا يجاوز نصاب الطعن بالنقض المار بيانه ، فإن الطعن يكون غير جائز ، ويتعين الحكم بذلك مع مصادرة الكفالة وتغريم الطاعن مبلغاً مساوياً لها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 17275 لسنة 84 ق جلسة 20 / 4 / 2016 مكتب فني 67 ق 53 ص 448

 جلسة 20 من إبريل سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / مجدي عبد الرازق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / منتصر الصيرفي ، عادل غازي ، حسام مطر وممدوح فزاع نواب رئيس المحكمة .
----------

(53)

الطعن رقم 17275 لسنة 84 القضائية

(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . جريمة " أركانها " . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . تزوير " أوراق رسمية " . إضرار عمدي .

حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات .

جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها بالمادة 113/1 عقوبات . مفادها ومناط تحققها ؟

تحدث الحكم صراحة عن كل ركن من أركان جريمة التزوير . غير لازم . ما دام أورد من الوقائع ما يدل عليه .

جريمة الإضرار العمدي المنصوص عليها بالمادة 116 مكرراً عقوبات . مناط تحققها ؟

مثال .

(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . ارتباط . نقض " المصلحة في الطعن " . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . تزوير " أوراق رسمية " . إضرار عمدي .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية لجرائم تسهيل الاستيلاء على المال العام والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام وإيراده مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور .

نعي الطاعن على الحكم بشأن جرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام . غير مجد . ما دام دانه بجريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبطة بالتزوير في محررات رسمية . أساس ذلك ؟

(3) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع . مفاده : اطراحها .

(4) إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على الحكم بشأن عدم إيراد أقوال الشاهد . غير مقبول . ما دام قد أوردها.

(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

تزيد الحكم فيما لا أثر له في منطقه أو في نتيجته . لا ينال من سلامته .

مثال .

(6) دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألَّا وجه فيها " . قوة الأمر المقضي . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى من النيابة العامة . دفع بقوة الشيء المحكوم فيه .

حجية الأحكام . مناطها : وحدة الخصوم والموضوع والسبب .

وحدة الخصوم . أن يكون المتهم الذي يحاكم هو بذاته الصادر بشأنه أمر بألَّا وجه ضمني لإقامة الدعوى الجنائية . انتفاؤه في الواقعة . يوجب رفض الدفع بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية .

مثال .

(7) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم مفردات المبالغ التي سهل الطاعن الاستيـلاء عليها دون احتساب فوائد عليها . النعي عليه خلاف ذلك . غير مقبول .

(8) قانون " تفسيره " . دعوى جنائيـة " انقضاؤها بالتصالح " . صلح . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .

المادة 18 مكرراً (ب) إجراءات جنائية المضافة بالمادة الثانية من القانون 16 لسنة 2015 . مؤداها ؟

الدفع بالجهل بالقانون أو ما أدخل عليه من تعديل أو الغلط فيه . غير مقبول . علة ذلك ؟

اتصال محكمة النقض بالطعن اتصالاً قانونيًا صحيحًا بمجرد التقرير به في الميعاد القانوني . عدم التزام قلم الكتاب أو النيابة العامة بإعلان الطاعن بجلسة الطعن .

عدم تقديم الطاعن أو وكيله الخاص ما يفيد التصالح أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض . أثره : للمحكمة الفصل في الطعن دون تطبيق النص المذكور. أساس وعلة ذلك؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى في قوله " .... في أن المتهمين .... – الطاعن – بصفته موظف عام مدير فرع .... بشركة .... " .... " وهي إحدى وحدات القطاع العام والمتهم / .... مدير الإدارة الاجتماعية بال... و.... رئيس مجلس إدارة اللجنة النقابية للعاملين المدنيين بمصلحة .... ويعمل بمصلحة .... وآخرون سبق الحكم عليهم قد توافقوا واتفقوا على العدوان على المال العام المملوك لشركة .... وهي إحدى وحدات القطاع العام المملوك للدولة بدون وجه حق سلباً وإضراراً دون وازع من ضمير أو إنسانية أو وطنية مستخدمين في مشروعهم الإجرامي الحيلة والغدر على المال العام وبتزوير أوراق رسمية وتقليد أختام تتبع جهات عملهم واستخدام محررات مزورة مع علمهم بتزويرها وتمكنوا بذلك من الاستيلاء على مبلغ 9,243,541 جنيه تسعة ملايين ومائتي وثلاثة وأربعين ألفاً وخمسمائة وواحد وأربعين جنيهاً على النحو الثابت بأقوال الشهود " ، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن على هذه الصورة أدلة استقاها من أقوال الشهود / .... و.... و.... أعضاء لجنة الخبراء بوزارة .... و.... عضو هيئة الرقابة الإدارية و .... الضابط بإدارة مكافحة جرائم المال العام بوزارة الداخلية ، وإقرار المتهمين من سئل بالتحقيقات استدلالاً والتقارير الطبية الصادرة من مصلحة الطب الشرعي التي أثبتت التزوير وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي أدان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها ثبوت وقوعها منه ، وكان من المقرر أن جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات تتحقق أركانها متى قام الموظف بنشاط إيجابي أو سلبي بقصد تسهيل استيلاء الغير على هذا المال ، فإنه وفقاً للقواعد العامة يعتبر الموظف في هذه الحالة مجرد شريك بالمساعدة للغير الذي استولى على المال العام وقد يكون هذا الغير فرداً عادياً من آحاد الناس مما يجعل جريمته سرقة عادية أو نصباً فيستفيد الموظف باعتباره شريكاً له لذلك تدخل المشرع في المادة 113 من قانون العقوبات للحيلولة دون هذه النتيجة باعتبار أن الموظف العام هو المسئول عن وقوع هذه الجريمة ولولا فعله الإجرامي لما استولى الغير على هذا المال فاعتبر الموظف العام فاعلاً أصلياً في جريمة خاصة تسمى بتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الدولة أو ما في حكمها وبناء على هذا الوصف الجديد ، فإن الغير يعتبر شريكاً للموظف العام في هذه الجريمة الخاصة ما لم يكن هذا الغير موظفاً عاماً ؛ لأنه في هذه الحالة الأخيرة يسأل بوصفه فاعلاً أصلياً في جريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام ، وكان لا يلزم الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، كما وأن جريمة الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرر من قانون العقوبات تتحقق متى قام الموظف العام أو من في حكمه بالإضرار عمداً بالأموال والمصالح المعهودة إليه ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي ويشترط في الضرر أن يكون محققاً .

2- لما كان الحكم قد أورد من الأدلة القولية والفنية والقرائن ما يكشف عن اعتقاد المحكمة أن الطاعن بصفته موظفاً عاماً ( مدير فرع .... بشركة .... " .... " ) سهل للغير الاستيلاء على المال العام وهم باقي المحكوم عليهم وارتكب بالاشتراك معهم جريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بأموال ومصالح الجهة التي تعهد بالمحافظة عليها بأن قام بتسليم كامل مشمول البضائع لكل من المتهمين الثاني والثالث خلافاً لاشتراطات العقدين الموقعين بينهما والتي توجب التسليم للمستفيدين العاملين بتلك الجهات بموجب تفويضات صدرت من المتهم الثاني بصفته مدير الإدارة الاجتماعية والتعهدات الصادرة من المختص باللجنة النقابية للعاملين .... رغم عدم اختصاصه بذلك وثبت عدم استلام أي من العاملين بالجهتين المتعاقدتين مع الشركة إدارة الطاعن للبضائع موضوع العقدين وبلغت قيمة البضائع التي سلمها الطاعن للمتهم الثاني وآخر سبق الحكم عليه مبلغ 4,222,133,45 جنيه أربعة ملايين ومائتين واثنين وعشرين ألف جنيه ومائة وثلاثة وثلاثين جنيهاً وخمسة وأربعين قرشاً كما بلغت السلع التي سلمها الطاعن للمتهم الثالث وآخر سبق الحكم مبلغ 4,760,656,30 جنيه أربعة ملايين وسبعمائة وستين ألف جنيه وستمائة وستة وخمسين جنيهاً وثلاثين قرشاً مما ألحق الضرر بالجهة التي يعمل بها الطاعن وذلك نتيجة تواطئ بين الطاعن وباقي المحكوم عليهم مستخدمين في ذلك مستندات ومحررات مزورة لتسهيل استيلائهم على أموال الشركة وأن مظاهر هذا التواطؤ تسليم البضائع لغير من تضمنتهم العقود وبأوراق مزورة والاستمرار في تسليم البضائع بالرغم من انتهاء مدة التعاقد وبدون ضمانات فعلية للشركة حتى يمكنها تحصيل مستحقاتها لدى المستفيدين ، فإن ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً وسائغاً في التدليل على توافر أركان جرائم تسهيل استيلاء الغير على المال العام والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام في حق الطاعن ، وكان يبين مما سطره الحكم المطعون فيه في إيراده لصورة الواقعة وأقوال الشهود ومدوناته أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم تسهيل الاستيلاء على المال العام بغير حق والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة الأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور يكون في غير محله ، فضلاً عن أنه لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حقه مقارفته لجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة المقررة لجريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبطة بالتزوير في محررات رسمية التي أثبتها الحكم في حقه .

3- لما كان مفاد عدم إيراد الحكم لأقوال كل من / .... و .... اطراحه لها ، إذ إن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له .

4- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد أقوال الشاهد / .... – خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - ومن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد .

5- لما كان من المقرر أن البيان المعوِّل عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن نطاق هذا الاقتناع – وأن تزيد الحكم فيما استطرد إليه – من المدعو / .... هو الموقع على التعهد المؤرخ .... ثم عودته من بعد إيراده أن هذا التوقيع مزور عليه وقد أدانت المحكمة الطاعن عن اشتراكه في تزوير ذلك المحرر ، فإن ذلك لا يعيبه ما دام أنه غير مؤثر في منطقه أو في النتيجة التي تناهى إليها ، وما دام أنه لم يوردها إلَّا بعد أن فرغ في منطق سائغ وتدليـل مقبول يكفي لحمل قضائـه بإدانة الطاعن – وهو الحال في الدعوى – بما يكون معه النعي على الحكم باشتماله على صور متعارضة غير سديد .

6- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على عدم جواز نظر الدعوى قِبـل الطاعن لصدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في حق كلاً من / .... رئيس مجلس إدارة الشركة " .... " و .... رئيس قطاعها المالي لتطابق الموقف واطرحه في قوله " وحيث إنه وعما أثاره الدفاع من عدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى .... فإن ذلك مشروط بشرطين الأول هو أن يكون هناك وحدة في الموضوع بأن تكون الواقعة الصادر بشأنها الأمر ذاتها المرفوعة عنها الدعوى والثاني هو أن تكون هناك وحدة في الخصوم بمعنى أن يكون من رفعت عليه الدعوى الجنائية هو ذاته المتهم الذي صدر بشأنه قرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ، ولما كان ذلك ، وكان الثابت بهذه المحكمة أن المراكز القانونية للمقاس والمقاس عليه اختلفت من حيث اختصاصه ودور وظيفته ودوره من الوقائع وأنه ليس ذاته المتهم المستبعد من الاتهام في مراحـل التحقيق لانتفاء دوره في الجريمة المقدم بها المتهم لهذه المحكمة ، فإنه يكون دفع فاسد تلتفت عنه المحكمة " ، لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى من النيابة العامة هو من قبيـل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه ، وكان من المقرر أن مناط الحجية هي بوحدة الخصوم والموضوع والسبب والقول بوحدة الخصوم هو أن يكون المتهم الذي يحاكم هو بذاته الصادر بشأنه أمر بألا وجه ضمني لإقامة الدعوى الجنائية حتى يحوز قوة الأمر المقضي وهو الأمر المنتفي في هذه الواقعة ، ومن ثم لا يكون لهذا الدفع محل ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون إذ قضي برفضه ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا محل له .

7- لما كان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بيَّن مفردات المبالغ التي سهل الطاعن الاستيـلاء عليها – على النحو السالف بيانه – ولم يحتسب ثمة فوائد عليها – وذلك كله خلافاً لما يزعمه الطاعن في أسباب طعنه ، ومن ثم فإن ما يرمي به الحكم في هذا الصدد لا يكون له وجه.

8- لما كان الطاعن قد عُوقب عن جريمة من الجرائم التي يجوز فيها التصالح وفقاً للقانون رقم 16 لسنة 2015 الصادر بتعديل قانون الإجراءات الجنائية والذي نص في مادته الثانية على إضافة مادة جديدة برقم 18 مكرراً ( ب ) والمعمول به من اليوم التالي لنشره في 12 من مارس سنة 2015 والتي جرى نصها على أنه " يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلَّا بهذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون لمحضر لتصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي ، ويتولى مجلس الوزراء إخطار النائب العام سواء كانت الدعوى مازالت قيد التحقيق أو المحاكمة ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين في الواقعة إذا تم الصلح قبل صيرورة الحكم باتاً ، فإذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتاً وكان المحكوم عليه محبوساً نفاذاً لهذا الحكم جاز له أو وكيله الخاص أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعاً بالمستندات المؤيدة له ، ويرفع النائب العام الطلب إلى محكمة النقض مشفوعاً بهذه المستندات ومذكرة برأي النيابة العامة وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمه ويعرض على إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة منعقدة في غرفة المشورة لنظره لتأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائياً إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في المادة ويكون الفصل في الطلب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرضه وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمحكوم عليه .... " ، وكان مؤدى هذا النص أن القانون رتب آثاراً على التصالح في هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي أشارت إليها المادة المذكورة – تختلف حسب ما إذا كان الحكم الصادر بالعقوبة لم يصبح باتاً أو أنه قد صار كذلك إذ إنه في الحالة الأولى يترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية ووقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها وينعقد الاختصاص بوقف التنفيذ للنيابة العامة بينما في الحالة الثانية يقتصر أثر التصالح على وقف تنفيذ العقوبة باعتباره أن صيرورة الحكم نهائياً يكون القضاء في موضوع الدعوى قد حاز قوة الأمر المقضي وينعقد الاختصاص بوقف التنفيذ في هذا الحالة لمحكمة النقض الدائرة الجنائية منعقدة في غرفة المشورة – ولكي ينتج التصالح أثره بوقف التنفيذ في هذه الحالة الأخيرة يجب أن يكون المحكوم عليه أو وكيله الخاص قد استوفى التصالح على النحو المبين بالنص المار ذكره فالصلح يعد – في حدود تطبيق هذا القانون – بمثابة نزول من الهيئة الاجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذي قام عليه التصالح ويحدث أثره بقوة القانون مما يقتضي من المحكمة إذا ما تم التصالح في أثناء نظر الدعوى أن تحكم بانقضاء الدعوى الجنائية أما إذا تراخى إلى ما بعد الفصل في الدعوى ، فإنه يترتب عليه وجوباً وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضي بها ، فنظام الصلح على نحو ما سلف اختياري للمتهم فهو يتيح له أن يتمسك بتطبيق القانون الأصلح عليه ويتجنب صدور حكم عليه إذا رجح الإدانة وله أن يرفضه إذا رجع البراءة بل قد يقبله حتى في الحالة الأخيرة تجنباً للمساس الأدبي به من وقوفه موقف المتهم أمام السلطات القضائية ، لما كان ذلك ، وكان قد جرى قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – على أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة ، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كما أنه لا يسوغ الدفع بالجهل بما أدخل على القانون من تعديل إذ إن ذلك حسبما يقره القانون داخلاً في علم كافة الناس ، لما كان ذلك ، وكان مجرد التقرير بالطعن في قلم الكتاب تصبح محكمة النقض متصلة بالطعن اتصالاً قانونياً صحيحاً متى تم التقرير في ميعاده القانوني – كما هو حال هذا الطعن – ويتعين على الطاعن أن يتابع طعنه دون أن يلتزم قلم الكتاب أو النيابة العامة بإعلانه ، لما كان ذلك ، وكان النص سالف الذكر وإن كان ظاهره إجرائي إلَّا أنه يقرر قاعدة موضوعية مفادها تقييد حق الدولة في العقاب بتقريره انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بدلاً من معاقبة المتهم وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح في مفهوم المادة الخامسة من قانون العقوبات ما دام قد أنشأ له وضعاً أفضل ، لما كان ذلك ، وكان القانون قد رخص للطاعن أن يتفادى الحكم عليه بالعقوبة السالبة للحرية إذا ما بادر إلى إثبات تصالحه قبل صدور حكم باتاً في الدعوى إلَّا أن الطاعن تراخى ولم يقدم أو وكيله الخاص ما يفيد إثبات تصالحه إبان نظر الطعن أمام هذه المحكمة برغم أن هذا النص من العلم العام وإزاء ذلك فإن موجب النص لم يتحقق بعد ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي انتهت إلى عدم تطبيق النص ، والقول بغير ذلك إطالة لأمد التقاضي وتعطيل الفصل في طعن بحالته صالح للفصل فيه عملاً بنص المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، كما يتعارض هذا الأمر مع العدالة الناجزة انتظاراً لتصالح الطاعن أو وكيله الخاص أو تراخيهما .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمـت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم :

أولاً : المتهمان الأول ( الطاعن ) والثاني : 

بصفتهما موظفين عامين " الأول مدير فرع ... بشركة .... والثاني بصفته مدير الإدارة الاجتماعية ... التابعة لمديرية الشئون الاجتماعية ... " سهلا للمتهمين الثالث والرابع الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على البضائع والسلع المبينة بالأوراق البالغ قيمتها 4222133,45 جنيهاً " أربعة ملايين ومائتين واثنين وعشرين ألفاً ومائة وثلاثة وثلاثين جنيهاً وخمسة وأربعين قرشاً " والمملوكة لجهة عمل المتهم الأول وكان ذلك حيلة بأن قام المتهم الأول بتسليمهما كامل مشمول تلك البضائع والسلع بالمخالفة لشروط عقد البيع بالتقسيط المبرم بين الشركة جهة عمله والجمعية التعاونية الاستهلاكية للعاملين بالشئون الاجتماعية ... جهة عمل المتهمين الثالث والرابع ولمنشورات البيع الدورية ودون الحصول على الضمانات الواردة بالعقد وبموجب محررات مزورة أصدرها المتهم الثاني فمكنهما من الاستيلاء عليها ، وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير في محررات واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفتهما آنفتي البيان اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثالث والرابع وآخر مجهول في تزوير محررات لجهة عمل المتهم الثاني هي تعهدا السداد المؤرخان .... و... والتفويض المؤرخ ... والخطاب المؤرخ .... ومحرران آخران منسوبان لجهة عمل المتهم الثالث هما محضر اجتماع الجمعية العمومية للجمعية المؤرخ ... واجتماع مجلس إدارتها المؤرخ ... وكان ذلك بطريق الاصطناع والإضافة ووضع إمضاءات مزورة وجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها حال تحريرها المختص بوظيفته بأن اتفقوا مع المجهول على تزويرها وأمدوه بالبيانات اللازمة فاصطنعها على غرار الصحيح منها وأثبت بالتعهدين والتفويض والخطاب على خلاف الحقيقة تعهد الإدارة بخصم وسداد الأقساط المستحقة على العاملين بها المستفيدين من شراء السلع من الشركة جهة عمل المتهم الأول وتفويضها المتهم الثالث في استلام البضاعة مشمول العقد وإقرارها بتمام الاستلام وتحديدها قيمة السلع المسلمة وأثبت بمحضري الاجتماع على خلاف الحقيقة تفويض المتهمين الثالث والرابع في التعاقد مع الشركة جهة عمل المتهم الأول وتعيين المتهم الرابع أميناً لصندوق الجمعية وذيل التعهد المؤرخ .... والتفويض بتوقيع نسبه زوراً لمسئول شئون العاملين بالإدارة " .... " وأضاف عبارة " بالتضامن مع الجمعية الاستهلاكية للعاملين بالشئون الاجتماعية " للتعهد المؤرخ .... وذيل محضري الاجتماع بتوقيعات عزاها زوراً للمختصين بالجمعية ، ومهر المتهم الثاني التعهدين والتفويض والخطاب بتوقيعه وبصم عليهم بخاتم شعار الجمهورية عهدته الخاص بالإدارة وأضفى على التعهدين والتفويض تواريخاً غير صحيحة ، وضمن المتهمون من الثاني للرابع في العقد تمثيل الأخير به بصفة غير صحيحة باعتباره أميناً لصندوق اللجنة ووقع المتهم الرابع على العقد بهذه الصفة ، فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة ، واستعمل المتهمون من الأول حتى الرابع المحررات المزورة آنفة البيان فيما زورت من أجله مع علمهم بتزويرها بأن قدموها للشركة جهة عمل المتهم الأول محتجين بصحة ما دون بها ولإعمال أثارها .

ثانياً : المتهمون من الأول ( الطاعن ) حتى الثالث :

بصفتهم سالفة الذكر أضروا عمداً بأموال الشركة جهة عمل المتهم الأول والتي اتصل بها المتهمان الثاني والثالث بحكم عملهما بأن ارتكبوا وقائع الاتهام المبينة بالوصفين السابقين مما أضاع على الشركة مبلغ 3516893,45 جنيهاً " ثلاثة ملايين وخمسمائة وستة عشر ألفاً وثمانمائة وثلاثة وتسعين جنيهاً وخمسة وأربعين قرشاً " قيمة المديونية المستحقة على الجمعية جهة عمل المتهم الثالث على النحو المبين بالأوراق .

ثالثاً : المتهم الأول ( الطاعن ) :

أ- بصفته سالفة الذكر سهل للمتهمين الخامس والسادس الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على البضائع والسلع المبينين بالأوراق البالغ قيمتها 4760656,30 جنيهاً " أربعة ملايين وسبعمائة وستين ألفاً وستمائة وستة وخمسين جنيهاً وثلاثين قرشاً " والمملوكة لجهة عمله وكان ذلك حيلة بأن قام بتسليمهما كامل مشمول تلك البضائع والسلع بالمخالفة لشروط عقد البيع بالتقسيط المبرم بين الشركة جهة عمله واللجنة النقابية للعاملين بقطاع مصلحة .... جهة عملهما ولمنشورات البيع الدورية ودون الحصول على الضمانات الواردة بالعقد وبموجب محررات مزورة فمكنهما من الاستيلاء عليها ، وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير في محررات واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفته آنفة البيان اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الخامس والسادس وآخر مجهول في تزوير محررات بجهتي عمل المتهمين الخامس والسادس هي ثلاثة تعهدات وإقرارات بالسداد منسوب صدورها لإدارة شئون العاملين بقطاع مصلحة .... وتعهد بالسداد منسوب صدوره للجنة النقابية سالفة الذكر ومحضرا اجتماع مجلس إدارة ذات اللجنة المؤرخ .... وعدد ثمانية عشر شيكاً منسوب صدورها لذات اللجنة لصالح الشركة جهـة عمـل المتهـم الأول وأذون الاستـلام أرقـام 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 13 ، 16 ، 17 ، 18 ، 19 ، 20 ، 21 ، 22 ، 23 ، 24 ، 25 ، 26 ، 27 ، 28 ، 29 ، 30 ، 31 ، 32 ، 33 ، 34 ، 35 ، 36 ، 37 ، وذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة وجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها حال تحريرها المختص بوظيفته بأن اتفقوا مع المجهول على تزويرها وأمدوه بالبيانات اللازمة فاصطنع التعهدات ومحضر الاجتماع وأذون الاستلام على غرار الصحيح منها وأثبت بالتعهدات الثلاثة المنسوبة لمصلحة .... تعهدها بخصم وسداد الأقساط المستحقة على العاملين بها المستفيدين من شراء السلع من الشركة جهة عمل المتهم الأول وذيلها بتوقيعات نسبها زوراً للمختصين بالمصلحة " رئيس قسم الأجور والمرتبات للمدنيين - رئيس قسم أجور الضباط والأفراد - مدير الحسابات - مدير إدارة شئون العاملين " وأثبت بالتعهد المنسوب للجنة النقابية التزامها بتحصيل الشيكات من العاملين وذيله بتوقيع نسبه زوراً لأمينة الصندوق " .... " وأثبت بمحضر اجتماع المجلس صدور قرار بالموافقة على التعاقد مع الشركة جهة عمل المتهم الأول وبتكليف المتهمين الخامس والسادس بالتوقيع على مستندات التعاقد وبتكليف المتهم الخامس وأمينة الصندوق سالفة الذكر بالتوقيع على شيكات بقيمة السلع وذيل المحضر بتوقيعات نسبها زوراً لأعضاء المجلس وأثبت بالأذون سالفة الذكر استلام المتهمين الخامس والسادس مشمول السلع وذيلها بتوقيعات عزاها زوراً للمتهم الخامس ، ومهر الشيكات بتوقيعات نسبها زوراً لأمينة الصندوق سالفة الذكر ، ومهر المتهمان الخامس والسادس التعهد المنسوب للجنة النقابية ومحضر اجتماع مجلس إدارتها بتوقيعها وبصما عليها وعلى أربعة وثلاثين إذن استلام بضاعة ببصمة خاتم مزور نسباه زورا ًلجهة عملهما كما مهر المتهم الخامس محضر الاجتماع بتوقيع عزاه زوراً لعضوة مجلس الإدارة " .... " وبصم المتهم السادس على التعهدات الثلاثة المنسوبة لإدارة شئون العاملين بمصلحة .... ببصمة خاتم شعار الجمهورية الخاص بتلك الإدارة بعد استحصاله عليه بغير حق ، فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة واستعمل المتهمون الأول والخامس والسادس المحررات المزورة آنفة البيان فيما زورت من أجله مع علمهم بتزويرها بأن قدموها للشركة جهة عمل المتهم الأول محتجين بصحة ما دون بها ولإعمال أثارها .

ب- بصفته آنفة البيان أضر عمداً بأموال جهة عمله بأن ارتكب وقائع الاتهام المبينة بالبند خامساً مما أضاع على جهة عمله مبلغ 3792656,20 جنيهاً " ثلاثة ملايين وسبعمائة واثنين وتسعين ألفاً وستمائة وستة وخمسين جنيهاً وعشرين قرشاً " قيمة المديونية المستحقة على اللجنة النقابية جهة عمل المتهمين الآخرين على النحو المبين بالأوراق .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصـف الواردين بأمر الإحالة .

وادعت الشركة المجني عليها – .... - مدنياً قِبل المتهمين بالتعويض المدني المؤقت .

ومحكمة الجنايات قضت حضورياً – للطاعن - بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وبعزله من وظيفته وبتغريمه والآخرين متضامنين مبلغ 9,234,541,64 جنيه وبرد ذات المبلغ للشركة المجني عليها وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة ، وفي الدعوى المدنية بإلزام المحكوم عليهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني مبلغ 100001 جنيهاً على سبيل التعويض المدني المؤقت .

فطعن المحكوم عليه – الطاعن - في هذا الحكم بطريق النقض .

ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة .

ومحكمة الإعادة – بهيئة مغايرة - قضت حضورياً – للطاعن - عملاً بالمواد 41 /1 ، 112/ 1 ، 113/ 2،1 ، 116 مكرراً ، 118 ، 119/ ب ، 119 مكرر / أ ، ج ، 206 /1 ، 206 مكرر / أ ، 207 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادة 32 من ذات القانون ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبعزله من وظيفته وبتغريمه والثاني مبلغ 4,222,133,45 جنيهاً أربعة ملايين ومائتين واثنين وعشرين ألف ومائة وثلاثة وثلاثين جنيهاً وخمسة وأربعين قرشاً متضامنين ، وبتغريمه والثالث مبلغ 4,760,656,30 جنيهاً أربعة ملايين وسبعمائة وستين ألف وستمائة وستة وخمسين جنيهاً وثلاثين قرشاً وبإلزام المتهمين جميعاً برد ذات المبلغ المقضي به كل للشركة المجني عليها ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة ، وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات .

فطعن المحكوم عليه – الطاعن - في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الدولة الذي ارتبط بجريمتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعمل بها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يبيِّن الأدلة والقرائن التي استخلص منها تواطؤ الطاعن واتفاقه مع باقي المحكوم عليهم للاستيلاء على المال المملوك لجهة عمله ، كما لم يدلل تدليلاً سائغاً على اشتراكه في جريمتي التزوير والاستعمال اللتين دانه بهما والإضرار العمدي بالمال العام سيما وقد خلت الأوراق مما يفيد إضراراً بأموال الشركة فجاء قاصراً في بيان الأركان القانونية للجرائم التي دانه بها ، ولم يورد مؤدى شهادة كل من / .... و.... ، و.... بالمخالفة لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، واشتمل الحكم على صورة متعارضة لواقعة الدعوى فتارة يذهب إلى أن .... هو الموقع على التعهد المؤرخ .... ثم يعود وينتهي إلى أن التوقيع المذيل به التعهد المذكور ليس توقيعه ومزور عليه وقد دانه الحكم عن اشتراكه في تزوير ذلك المحرر ، كما دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى من النيابة العامة قِبل كل من / .... رئيس مجلس إدارة الشركة المجني عليها و.... رئيس القطاع المالي بها نظراً لتماثل المراكز القانونية مع الطاعن بشأن الاتهامات الموجهة إليه إلَّا أن الحكم اطرح ذلك الدفاع بتسبيب قاصر مخالف للقانون ، ولم يبيِّن بوضوح وتفصيل المبالغ المقضي بها عليه ، فضلاً عن احتسابه للفوائد والغرامات ضمن هذه المبالغ ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى في قوله " .... في أن المتهمين .... – الطاعن – بصفته موظف عام مدير فرع .... بشركة .... " .... " وهي إحدى وحدات القطاع العام والمتهم / .... مدير الإدارة الاجتماعية بالواسطي و.... رئيس مجلس إدارة اللجنة النقابية للعاملين المدنيين بمصلحة .... ويعمل بمصلحة .... وآخرون سبق الحكم عليهم قد توافقوا واتفقوا على العدوان على المال العام المملوك لشركة .... وهي إحدى وحدات القطاع العام المملوك للدولة بدون وجه حق سلباً وإضراراً دون وازع من ضمير أو إنسانية أو وطنية مستخدمين في مشروعهم الإجرامي الحيلة والغدر على المال العام وبتزوير أوراق رسمية وتقليد أختام تتبع جهات عملهم واستخدام محررات مزورة مع علمهم بتزويرها وتمكنوا بذلك من الاستيلاء على مبلغ 9,243,541 جنيهاً تسعة ملايين ومائتي وثلاثة وأربعين ألفاً وخمسمائة وواحد وأربعين جنيهاً على النحو الثابت بأقوال الشهود " وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن على هذه الصورة أدلة استقاها من أقوال الشهود / .... و.... و.... أعضاء لجنة الخبراء بوزارة .... و.... عضو هيئة الرقابة الإدارية و .... الضابط بإدارة مكافحة جرائم المال العام بوزارة الداخلية ، وإقرار المتهمين من سئل بالتحقيقات استدلالاً والتقارير الطبية الصادرة من مصلحة الطب الشرعي التي أثبتت التزوير وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي أدان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها ثبوت وقوعها منه ، وكان من المقرر أن جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات تتحقق أركانها متى قام الموظف بنشاط إيجابي أو سلبي بقصد تسهيل استيلاء الغير على هذا المال ، فإنه وفقاً للقواعد العامة يعتبر الموظف في هذه الحالة مجرد شريك بالمساعدة للغير الذي استولى على المال العام وقد يكون هذا الغير فرداً عادياً من آحاد الناس مما يجعل جريمته سرقة عادية أو نصباً فيستفيد الموظف باعتباره شريكاً له لذلك تدخل المشرع في المادة 113 من قانون العقوبات للحيلولة دون هذه النتيجة باعتبار أن الموظف العام هو المسئول عن وقوع هذه الجريمة ولولا فعله الإجرامي لما استولى الغير على هذا المال فاعتبر الموظف العام فاعلاً أصلياً في جريمة خاصة تسمى بتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الدولة أو ما في حكمها وبناء على هذا الوصف الجديد ، فإن الغير يعتبر شريكاً للموظف العام في هذه الجريمة الخاصة ما لم يكن هذا الغير موظفاً عاماً ؛ لأنه في هذه الحالة الأخيرة يسأل بوصفه فاعلاً أصلياً في جريمة الاستيلاء بغير حق على مال عام ، وكان لا يلزم الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، كما وأن جريمة الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرر من قانون العقوبات تتحقق متى قام الموظف العام أو من في حكمه بالإضرار عمداً بالأموال والمصالح المعهودة إليه ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي ويشترط في الضرر أن يكون محققاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد من الأدلة القولية والفنية والقرائن ما يكشف عن اعتقاد المحكمة أن الطاعن بصفته موظفاً عاماً ( مدير فرع .... بشركة .... " .... " ) سهل للغير الاستيلاء على المال العام وهم باقي المحكوم عليهم وارتكب بالاشتراك معهم جريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بأموال ومصالح الجهة التي تعهد بالمحافظة عليها بأن قام بتسليم كامل مشمول البضائع لكل من المتهمين الثاني والثالث خلافاً لاشتراطات العقدين الموقعين بينهما والتي توجب التسليم للمستفيدين العاملين بتلك الجهات بموجب تفويضات صدرت من المتهم الثاني بصفته مدير الإدارة الاجتماعية والتعهدات الصادرة من المختص باللجنة النقابية للعاملين .... رغم عدم اختصاصه بذلك وثبت عدم استلام أي من العاملين بالجهتين المتعاقدتين مع الشركة إدارة الطاعن للبضائع موضوع العقدين وبلغت قيمة البضائع التي سلمها الطاعن للمتهم الثاني وآخر سبق الحكم عليه مبلغ 4,222,133,45 جنيه أربعة ملايين ومائتي واثنين وعشرين ألف جنيه ومائة وثلاثة وثلاثين جنيهاً وخمسة وأربعين قرشاً كما بلغت السلع التي سلمها الطاعن للمتهم الثالث وآخر سبق الحكم مبلغ 4,760,656,30 جنيه أربعة ملايين وسبعمائة وستين ألف جنيه وستمائة وستة وخمسين جنيهاً وثلاثين قرشاً مما ألحق الضرر بالجهة التي يعمل بها الطاعن وذلك نتيجة تواطئ بين الطاعن وباقي المحكوم عليهم مستخدمين في ذلك مستندات ومحررات مزورة لتسهيل استيلائهم على أموال الشركة وأن مظاهر هذا التواطؤ تسليم البضائع لغير من تضمنتهم العقود وبأوراق مزورة والاستمرار في تسليم البضائع بالرغم من انتهاء مدة التعاقد وبدون ضمانات فعلية للشركة حتى يمكنها تحصيل مستحقاتها لدى المستفيدين ، فإن ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً وسائغاً في التدليل على توافر أركان جرائم تسهيل استيلاء الغير على المال العام والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام في حق الطاعن ، وكان يبين مما سطره الحكم المطعون فيه في إيراده لصورة الواقعة وأقوال الشهود ومدوناته أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم تسهيل الاستيلاء على المال العام بغير حق والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة الأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور يكون في غير محله ، فضلاً عن أنه لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حقه مقارفته لجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والإضرار العمدي بالمال العام ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة المقررة لجريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبطة بالتزوير في محررات رسمية التي أثبتها الحكم في حقه . لما كان ذلك ، وكان مفاد عدم إيراد الحكم لأقوال كل من / .... و .... اطراحه لها ، إذ إن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد أقوال الشاهد / .... – خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه - ومن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ذلك من المقرر أن البيان المعوِّل عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن نطاق هذا الاقتناع – وأن تزيد الحكم فيما استطرد إليه – من المدعو / .... هو الموقع على التعهد المؤرخ .... ثم عودته من بعد إيراده أن هذا التوقيع مزور عليه وقد أدانت المحكمة الطاعن عن اشتراكه في تزوير ذلك المحرر ، فإن ذلك لا يعيبه ما دام أنه غير مؤثر في منطقه أو في النتيجة التي تناهى إليها ، وما دام أنه لم يوردها إلَّا بعد أن فرغ في منطق سائغ وتدليـل مقبول يكفي لحمل قضائـه بإدانة الطاعن – وهو الحال في الدعوى – بما يكون معه النعي على الحكم باشتماله على صور متعارضة غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على عدم جواز نظر الدعوى قِبـل الطاعن لصدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في حق كلاً من / .... رئيس مجلس إدارة الشركة " .... " و .... رئيس قطاعها المالي لتطابق الموقف واطرحه في قوله " وحيث إنه وعما أثاره الدفاع من عدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى .... فإن ذلك مشروط بشرطين الأول هو أن يكون هناك وحدة في الموضوع بأن تكون الواقعة الصادر بشأنها الأمر ذاتها المرفوعة عنها الدعوى والثاني هو أن تكون هناك وحدة في الخصوم بمعنى أن يكون من رفعت عليه الدعوى الجنائية هو ذاته المتهم الذي صدر بشأنه قرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ، ولما كان ذلك ، وكان الثابت بهذه المحكمة أن المراكز القانونية للمقاس والمقاس عليه اختلفت من حيث اختصاصه ودور وظيفته ودوره من الوقائع وأنه ليس ذاته المتهم المستبعد من الاتهام في مراحـل التحقيق لانتفاء دوره في الجريمة المقدم بها المتهم لهذه المحكمة ، فإنه يكون دفع فاسد تلتفت عنه المحكمة " ، لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى من النيابة العامة هو من قبيـل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه ، وكان من المقرر أن مناط الحجية هي بوحدة الخصوم والموضوع والسبب والقول بوحدة الخصوم هو أن يكون المتهم الذي يحاكم هو بذاته الصادر بشأنه أمر بألا وجه ضمني لإقامة الدعوى الجنائية حتى يحوز قوة الأمر المقضي وهو الأمر المنتفي في هذه الواقعة ، ومن ثم لا يكون لهذا الدفع محل ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون إذ قضي برفضه ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بيَّن مفردات المبالغ التي سهل الطاعن الاستيـلاء عليها – على النحو السالف بيانه – ولم يحتسب ثمة فوائد عليها – وذلك كله خلافاً لما يزعمه – الطاعن – في أسباب طعنه ، ومن ثم فإن ما يرمي به الحكم في هذا الصدد لا يكون له وجه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ولا يفوت المحكمة أن تشير إلى أن الطاعن قد عُوقب عن جريمة من الجرائم التي يجوز فيها التصالح وفقاً للقانون رقم 16 لسنة 2015 الصادر بتعديل قانون الإجراءات الجنائية والذي نص في مادته الثانية على إضافة مادة جديدة برقم 18 مكرر ( ب ) والمعمول به من اليوم التالي لنشره في 12 من مارس سنة 2015 والتي جرى نصها على أنه " يجوز التصالح في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ويكون التصالح بموجب تسوية بمعرفة لجنة من الخبراء يصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء ويحرر محضر يوقعه أطرافه ويعرض على مجلس الوزراء لاعتماده ولا يكون التصالح نافذاً إلَّا بهذا الاعتماد ويعد اعتماد مجلس الوزراء توثيقاً له وبدون رسوم ويكون لمحضر لتصالح في هذه الحالة قوة السند التنفيذي ، ويتولى مجلس الوزراء إخطار النائب العام سواء كانت الدعوى مازالت قيد التحقيق أو المحاكمة ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن الواقعة محل التصالح بجميع أوصافها وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها على المتهمين في الواقعة إذا تم الصلح قبل صيرورة الحكم باتاً ، فإذا تم التصالح بعد صيرورة الحكم باتاً وكان المحكوم عليه محبوساً نفاذاً لهذا الحكم جاز له أو وكيله الخاص أن يتقدم إلى النائب العام بطلب لوقف التنفيذ مشفوعاً بالمستندات المؤيدة له ، ويرفع النائب العام الطلب إلى محكمة النقض مشفوعاً بهذه المستندات ومذكرة برأي النيابة العامة وذلك خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمه ويعرض على إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة منعقدة في غرفة المشورة لنظره لتأمر بقرار مسبب بوقف تنفيذ العقوبات نهائياً إذا تحققت من إتمام التصالح واستيفائه كافة الشروط والإجراءات المنصوص عليها في المادة ويكون الفصل في الطلب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرضه وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمحكوم عليه .... " ، وكان مؤدى هذا النص أن القانون رتب آثاراً على التصالح في هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي أشارت إليها المادة المذكورة – تختلف حسب ما إذا كان الحكم الصادر بالعقوبة لم يصبح باتاً أو أنه قد صار كذلك إذ إنه في الحالة الأولى يترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية ووقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها وينعقد الاختصاص بوقف التنفيذ للنيابة العامة بينما في الحالة الثانية يقتصر أثر التصالح على وقف تنفيذ العقوبة باعتباره أن صيرورة الحكم نهائياً يكون القضاء في موضوع الدعوى قد حاز قوة الأمر المقضي وينعقد الاختصاص بوقف التنفيذ في هذا الحالة لمحكمة النقض الدائرة الجنائية منعقدة في غرفة المشورة – ولكي ينتج التصالح أثره بوقف التنفيذ في هذه الحالة الأخيرة يجب أن يكون المحكوم عليه أو وكيله الخاص قد استوفى التصالح على النحو المبين بالنص المار ذكره فالصلح يعد – في حدود تطبيق هذا القانون – بمثابة نزول من الهيئة الاجتماعية عن حقها في الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذي قام عليه التصالح ويحدث أثره بقوة القانون مما يقتضي من المحكمة إذا ما تم التصالح في أثناء نظر الدعوى أن تحكم بانقضاء الدعوى الجنائية أما إذا تراخى إلى ما بعد الفصل في الدعوى ، فإنه يترتب عليه وجوباً وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضي بها ، فنظام الصلح على نحو ما سلف اختياري للمتهم فهو يتيح له أن يتمسك بتطبيق القانون الأصلح عليه ويتجنب صدور حكم عليه إذا رجح الإدانة وله أن يرفضه إذا رجع البراءة بل قد يقبله حتى في الحالة الأخيرة تجنباً للمساس الأدبي به من وقوفه موقف المتهم أمام السلطات القضائية ، لما كان ذلك ، وكان قد جرى قضاء هذه المحكمة – محكمة النقض – على أن العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة ، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كما أنه لا يسوغ الدفع بالجهل بما أدخل على القانون من تعديل إذ أن ذلك حسبما يقره القانون داخلاً في علم كافة الناس ، لما كان ذلك ، وكان مجرد التقرير بالطعن في قلم الكتاب تصبح محكمة النقض متصلة بالطعن اتصالاً قانونياً صحيحاً متى تم التقرير في ميعاده القانوني – كما هو حال هذا الطعن – ويتعين على الطاعن أن يتابع طعنه دون أن يلتزم قلم الكتاب أو النيابة العامة بإعلانه ، لما كان ذلك ، وكان النص سالف الذكر وإن كان ظاهره إجرائي إلَّا أنه يقرر قاعدة موضوعية مفادها تقييد حق الدولة في العقاب بتقريره انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح بدلاً من معاقبة المتهم وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح في مفهوم المادة الخامسة من قانون العقوبات ما دام قد أنشأ له وضعاً أفضل ، لما كان ذلك ، وكان القانون قد رخص للطاعن أن يتفادى الحكم عليه بالعقوبة السالبة للحرية إذا ما بادر إلى إثبات تصالحه قبل صدور حكم باتاً في الدعوى إلَّا أن الطاعن تراخى ولم يقدم أو وكيله الخاص ما يفيد إثبات تصالحه إبان نظر الطعن أمام هذه المحكمة برغم أن هذا النص من العلم العام وإزاء ذلك فإن موجب النص لم يتحقق بعد ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي انتهت إلى عدم تطبيق النص ، والقول بغير ذلك إطالة لأمد التقاضي وتعطيل الفصل في طعن بحالته صالح للفصل فيه عملاً بنص المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، كما يتعارض هذا الأمر مع العدالة الناجزة انتظاراً لتصالح الطاعن أو وكيله الخاص أو تراخيهما .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ