جلسة 23 من فبراير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ عبد الله فهيم "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ نبيل فوزي، علي شرباش السيد خلف الله وجاد مبارك "نواب رئيس المحكمة"
------------------
(38)
الطعن 10584 لسنة 80 القضائية
(1) نظام عام "المسائل المتعلقة بالنظام العام: المسائل المتعلقة بالطعن في الأحكام".
قابلية الحكم للطعن فيه أو عدم قابليته وقيام الطعن على أسباب قانونية وتخلف ذلك. نظام عام. أثره. التزام المحكمة بالقضاء به من تلقاء نفسها.
(2) حكم "الطعن في الحكم: المصلحة في الطعن وفي أسبابه". نيابة عامة "تدخل النيابة العامة في الدعاوى: طعن النيابة في الأحكام".
للنائب العام الطعن في الأحكام الانتهائية لمصلحة القانون. شرطه، استقرار حقوق الخصوم فيها. عله ذلك. قصر حقه في الطعن على الأحكام المبنية على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله. مؤداه. عدم جواز طعنه في الأحكام المبنية على بطلان الحكم أو إجراءاته الواردة بالمادتين 248، 249 مرافعات. م 250 مرافعات.
(3) نيابة عامة "تدخل النيابة العامة في الدعاوى: طعن النيابة في الأحكام".
طعن النائب العام بالنقض في الحكم الابتدائي لتفويت الخصوم فيه ميعاد استئنافه استنادا للخطأ في تطبيق القانون وتأويله. م 250 مرافعات، مؤداه. قبول الطعن.
(4) قانون "تطبيق القانون"
قيام قانون خاص. مؤداه. عدم الرجوع إلى أحكام القانون العام. الاستثناء. ما فات القانون الخاص من أحكام. علة ذلك.
(5) دعوى "أنواع من الدعاوى: دعوى صحة التعاقد".
دعوى صحة التعاقد. ماهيتها. دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ونفاذه في مواجهة البائع. لازمه. أن يكون من شأن البيع نقل الملكية. مناطه.
تسجيل الحكم أو العقد. مقتضاه. فصل القاضي في أمر صحة البيع وتحققه من استيفائه الشروط اللازمة لانعقاده وصحته.
(6 ، 7) بطلان "بطلان التصرفات المخالفة للقانون 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية". بيع "بعض أنواع البيوع: بيع الأراضي الصحراوية".
(6) إدارة الأراضي الصحراوية والتصرف فيها المخصصة لأغراض الاستصلاح والاستزراع الخاضعة لأحكام ق 143 لسنة 1981 و ق 7 لسنة 1991. منوط بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وحدها. علة ذلك. خلو القانون من جواز إنابة الهيئة غيرها في إجراء هذه التصرفات. أثره. بطلان تصرف غيرها في بعض الأراضي الخاضعة لولايتها وتوقيع عقود البيع بشأنها. للمحكمة القضاء به من تلقاء نفسها. علة ذلك. الاستثناء. ما تقوم به القوات المسلحة تنفيذا لخطة الدفاع عن الدولة. م2، 3، 10 ق 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية ومذكرته الإيضاحية، م 2 ق 7 لسنة 1991 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة.
(7) ثبوت ملكية الدولة للأرض موضوع عقد البيع المطلوب الحكم بصحته ونفاذه ملكية خاصة وتخصيصها لأغراض الاستصلاح والاستزراع وخضوعها لأحكام ق رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية. إبرام مديرية الزراعة عقد البيع بناء على تفويض من المحافظ وموافقة وزير الزراعة. مؤداه. مخالفته لأحكام ذلك القانون. أثره. بطلانه بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام. قضاء الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ ذلك العقد رغم بطلانه. خطأ.
(8) حكم "الطعن الحكم: المصلحة في الطعن وفي أسبابه".
إقامة النائب العام الطعن أمام محكمة النقض لمصلحة القانون. م. 250 مرافعات. أثره.
عدم إفادة الخصوم منه وفقا للفقرة الأخيرة من ذات المادة. مقتضاه. وجوب وقوف قضاء المحكمة عند نقض الحكم المطعون فيه بصدد المسألة القانونية مع بقائه منتجا لآثاره بين الخصوم.
--------------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قابلية الأحكام للطعن فيها أو عدم قابليتها وقيام الطعن على الأسباب التي حددها القانون وتخلف ذلك من المسائل المتعلقة بالنظام العام التي يتعين على المحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد النص في المادة 250 من قانون المرافعات يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - أن المشرع استحدث نظام الطعن من النائب العام لمصلحة القانون وذلك في الأحكام الانتهائية - أيا كانت المحكمة التي أصدرتها - والتي استقرت حقوق الخصوم فيها، إما بسبب عدم جواز الطعن عليها أو لتفويت الخصوم لميعاده أو نزولهم عنه، وذلك لمواجهة الصعوبات التي تعرض في العمل وتؤدي إلى تعارض أحكام القضاء في المسألة القانونية الواحدة مما يحسن معه أن تقول المحكمة العليا كلمتها فيها، فتضع حدا لتضارب الأحكام، وقد قصر المشرع حق النائب العام في الطعن على الأحكام التي تكون مبنية على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله دون باقي الأحوال التي يكون للخصوم في الأحكام أن يطعنوا بها بطريق النقض والتي أوردتها المادتان 248، 249 من قانون المرافعات، وهو ما يتفق ومصلحة القانون التي تغياها المشرع، ومن ثم فلا يمتد حق النائب العام في الطعن في الأحكام بالأسباب التي يكون مبناها وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه صادرا من محكمة ابتدائية وقد فوت الخصوم ميعاد الطعن فيه وأصبح انتهائيا، ومن ثم فإنه يجوز الطعن فيه عن طريق النائب العام لمصلحة القانون، وكان الطعن قد أقيم على سند من الخطأ في تطبيق القانون وتأويله طبقا للمادة 250 من قانون المرافعات، ومن ثم فإنه يكون مقبول.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه مع قيام القانون الخاص لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام فلا يجوز إهدار القانون الخاص بذريعة إعمال قاعدة عامة، لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - إن الدعوى بصحة ونفاذ عقد البيع هي دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ونفاذه في مواجهة البائع، وهي تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام مقام العقد المسجل في نقل الملكية، وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع، وأن يتحقق من استيفائه للشروط اللازمة لانعقاده وصحته.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - إن مفاد نصوص المواد 2، 3، 10 من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية والمادة 2 من القانون رقم 7 لسنة 1991 بشأن الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة فإن هذه النصوص مجتمعه تدل - وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون 143 لسنة 1981 - أن المشرع رغبة منه في زيادة رقعة الأراضي الزراعية المحدودة في الوادي وما يحتمه ذلك من ضرورة الالتجاء إلى الأراضي الصحراوية المتسعة على جانبيه بهدف استصلاحها واستزراعها فقد نظم في المادة الثانية من هذا القانون كيفية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكامه بما يكفل تحقيق الأهداف المقررة سواء فيما يتعلق بالمناطق الاستراتيجية ذو الأهمية العسكرية والمناطق التي تشملها خطة ومشروعات استصلاح الأراضي أو بالنسبة للمواقع الخاصة بالمجتمعات العمرانية الجديدة ونصت المادة الثالثة على أن يكون استزراع الأراضي وكسب ملكيتها والاعتداد بها والتصرف فيها وإدارتها والانتفاع بها وفقا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له ونص على أن تكون الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية هي جهاز الدولة المسئول عن التصرف، واستغلال وإدارة هذه الأراضي في أغراض الاستصلاح والاستزراع وحظرت المادة العاشرة على أي شخص طبيعي أو معنوي أن يحوز أو يضع اليد أو يعتدي على جزء من الأراضي الخاضعة لأحكام القانون بأية صورة من الصور - فيما عدا ما تقوم به القوات المسلحة تنفيذا لخطة الدفاع عن الدولة - كما نصت على بطلان كل تصرف أو تقرير لأي حق عيني أصلي أو تبعي أو تأجير أو تمكين بأي صورة من الصور على تلك الأراضي يتم بالمخالفة لأحكامه، ومفاد ذلك فإن الجهة الوحيدة المختصة بممارسة سلطات المالك على الأراضي المخصصة لأغراض الاستصلاح والاستزراع الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية والقانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة هي الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية دون غيرها، إذ اعتبرها المشرع نائبة عن الدولة مالكة هذه الأراضي والجهاز المسئول عن إدارتها واستغلالها والتصرف فيها، وإذ خلا القانون سالف الإشارة إليه من جواز إنابة هذه الهيئة غيرها في إجراء هذه التصرفات فإن تصرف غيرها في بعض هذه الأراضي الخاضعة لولايتها وتوقيع عقود البيع بشأنها تكون باطلة بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام، ويجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لما يحقق القانون من رعاية المصلحة اقتصادية للبلاد.
7 - إذ كان البين من الأوراق أن الأرض موضوع عقد البيع الابتدائي المطلوب الحكم بصحته ونفاذه مملوكة ملكية خاصة للدولة ومخصصة لأغراض الاستصلاح والاستزراع وخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، فإن إبرام هذا العقد من قبل مديرية الزراعة بمحافظة القاهرة بناء على التفويض الصادر له من محافظ القاهرة رقم 291 لسنة 1994 وموافقة وزير الزراعة يكون قد تم بالمخالفة لأحكام هذا القانون وباطلا بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفته أو النزول عنه ولا يرتب أثره، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ ذلك العقد المؤرخ في ../ ../ .... بقالة (إنه قد توافرت له شروطه من رضاء وثمن نقدي معلوم ومحل محدد تحديدا نافيا للجهالة جائز التعامل فيه وصدوره ممن يملك التصرف فيه بما يجعله نافذا في حق طرفيه يلتزم بموجبه البائع فيه بنقل ملكية المبيع للمشتري) رغم بطلانه بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
8 - إذ كان الطعن الراهن قد أقيم من النائب العام لمصلحة القانون إعمالا لنص المادة 250 من قانون المرافعات، ولا يفيد الخصوم منه وفقا للفقرة الأخيرة منها وبالتالي لا يؤثر في حقوقهم أو مراكزهم القانونية، وهو ما يتعين معه على المحكمة أن تقف عند حد القضاء بنقض الحكم المطعون فيه بصدد المسألة القانونية التي اتخذ منها قوامة لقضائه مع بقاء الحكم منتجا لإثاره.
--------------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أولا أقاموا الدعوى رقم... لسنة 2009 مدني أمام محكمة الجيزة الابتدائية على المطعون ضده ثانيا بصفته بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ ../../.... والتسليم وقالوا بيانا لذلك إنه بموجب هذا العقد اشتروا قطعة الأرض المبينة بالصحيفة من المطعون ضده ثانيا بصفته استنادا إلى أحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأرضي الصحراوية ولعدم اتخاذه ما هو ضروري لنقل ملكيتها لهم رغم سدادهم كامل ثمنها فقد أقاموا الدعوى، وبتاريخ ../ ../ .... حكمت المحكمة بالطلبات. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض لمصلحة القانون وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فرأت أنه جدير النظر وبالجلسة المحددة لنظره بذات الغرفة التزمت النيابة رأيها.
-------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قابلية الأحكام للطعن فيها أو عدم قابليتها وقيام الطعن على الأسباب التي حددها القانون وتخلف ذلك من المسائل المتعلقة بالنظام العام التي يتعين على المحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها، لما كان ذلك، وكان النص في المادة 250 من قانون المرافعات على أنه "للنائب العام أن يطعن بطريق النقض لمصلحة القانون في الأحكام الانتهائية - أيا كانت المحكمة التي أصدرتها - إذ كان الحكم مبنية على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله وذلك في الأحوال الآتية:-
1- الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها.
2- الأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن ولا يفيد الخصوم من هذا الطعن "يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - أن المشرع استحدث نظام الطعن من النائب العام لمصلحة القانون وذلك في الأحكام الانتهائية - أيا كانت المحكمة التي أصدرتها - والتي استقربت حقوق الخصوم فيها، إما بسبب عدم جواز الطعن عليها أو لتفويت الخصوم لميعاده أو نزولهم عنه، وذلك لمواجهة الصعوبات التي تعرض في العمل وتؤدي إلى تعارض أحكام القضاء في المسألة القانونية الواحدة مما يحسن معه أن تقول المحكمة العليا كلمتها فيها، فتضع حدا لتضارب الأحكام، وقد قصر المشرع حق النائب العام في الطعن على الأحكام التي تكون مبنية على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله دون باقي الأحوال التي يكون للخصوم في الأحكام أن يطعنوا بها بطريق النقض والتي أوردتها المادتان 248، 249 من قانون المرافعات، وهو ما يتفق ومصلحة القانون التي تغياها المشرع، ومن ثم فلا يمتد حق النائب العام في الطعن في الأحكام بالأسباب التي يكون مبناها وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه صادرة من محكمة ابتدائية وقد فوت الخصوم ميعاد الطعن فيه وأصبح انتهائية، ومن ثم فإنه يجوز الطعن فيه عن طريق النائب العام لمصلحة القانون، وكان الطعن قد أقيم على سند من الخطأ في تطبيق القانون وتأويله طبقا للمادة 250 من قانون المرافعات، ومن ثم فإنه يكون مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الأرض محل العقد المؤرخ ../../.... تخضع الأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية الذي أعطى للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية دون غيرها الحق في إبرام التعاقد بشأنها ورتب البطلان المطلق على التصرفات المخالفة لأحكامه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ ذلك العقد رغم بطلانه لصدوره ممن ليس له الحق في إبرامه، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه مع قيام القانون الخاص لا يرجع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام فلا يجوز إهدار القانون الخاص بذريعة إعمال قاعدة عامة لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص، وأن الدعوى بصحة ونفاذ عقد البيع هي دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ونفاذه في مواجهة البائع وهي تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام مقام العقد المسجل في نقل الملكية وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع، وأن يتحقق من استيفائه للشروط اللازمة لانعقاده وصحته، وأن النص في المادة الثانية من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية على أن "تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام هذا القانون وفقا للأوضاع والإجراءات المبينة فيما يلي:- (أ) .... (ب) وفيما عدا الأراضي المنصوص عليها في البند (أ) يصدر الوزير المختص باستصلاح الأراضي قرارا بتحديد المناطق التي تشملها خطة ومشروعات واستصلاح الأراضي، وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير إدارة هذه الأرضي، ويكون التصرف فيها واستغلالها بمعرفة الهيئة بعد أخذ رأي وزارة الدفاع وبمراعاة ما تقرره في هذا الشأن من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة ..."، وفي المادة الثالثة على أن "... وتكون الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية هي جهاز الدولة المسئول عن التصرف واستغلال وإدارة هذه الأراضي في أغراض الاستصلاح والاستزراع دون غيرها من الأغراض ويعير عنها في هذا القانون "بالهيئة"، وفي المادة العاشرة على أن "يحظر على أي شخص طبيعي أو معنوي أن يحوز أو يضع اليد أو يتعدى على أي جزء من الأراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون، وفيما عدا ما تقوم به القوات المسلحة تنفيذا لخطة الدفاع عن الدولة يحظر إجراء أية أعمال أو إقامة أية منشآت أو غراس أو إشغال بأي وجه من الوجوه إلا بإذن الهيئة ... ويقع باطلا كل تصرف أو تقرير لأي حق عيني أصلي أو تبعي أو تأجير أو تمكين بأي صورة من الصور على تلك الأراضي يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولا يجوز شهره ولكل ذي شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ..."، والنص في المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة على أن "تكون إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية وفقا للأوضاع والإجراءات الآتية: أ- ... ب- ... وتتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي التي تخصص لأغراض الاستصلاح والاستزراع، كما تتولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي التي تخصهم لأغراض إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة، وتمارس كل هيئة من الهيئات المشار إليها سلطات المالك في كل ما يتعلق بالأملاك التي يعهد إليها بها، وتباشر مهامها في شأنها بالتنسيق مع وزارة الدفاع وبمراعاة ما تقرره من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة "فإن هذه النصوص مجتمعه تدل - وعلى ما جاء بالمفكرة الإيضاحية للقانون 143 لسنة 1981 - أن المشرع رغبة منه في زيادة رقعة الأراضي الزراعية المحدودة في الوادي وما يحتمه ذلك من ضرورة الالتجاء إلى الأراضي الصحراوية المتسعة على جانبيه بهدف استصلاحها واستزراعها فقد نظم في المادة الثانية من هذا القانون كيفية إدارة واستغلال والتصرف في الأراضي الصحراوية الخاضعة لأحكامه بما يكفل تحقيق الأهداف المقررة سواء فيما يتعلق بالمناطق الاستراتيجية ذو الأهمية العسكرية والمناطق التي تشملها خطة ومشروعات استصلاح الأراضي أم بالنسبة للمواقع الخاصة بالمجتمعات العمرانية الجديدة ونصت المادة الثالثة على أن يكون استزراع الأراضي وكسب ملكيتها والاعتداد بها والتصرف فيها وإدارتها والانتفاع بها وفقا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له ونص على أن تكون الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية هي جهاز الدولة المسئول عن التصرف واستغلال وإدارة هذه الأراضي في أغراض الاستصلاح والاستزراع وحظرت المادة العاشرة على أي شخص طبيعي أو معنوي أن يحوز أو يضع اليد أو يعتدي على جزء من الأراضي الخاضعة لأحكام القانون بأية صورة من الصور - فيما عدا ما تقوم به القوات المسلحة تنفيذا لخطة الدفاع عن الدولة - كما نصت على بطلان كل تصرف أو تقرير لأي حق عيني أصلي أو تبعي أو تأجير أو تمكين بأي صورة من الصور على تلك الأراضي يتم بالمخالفة لأحكامه، ومفاد ذلك فإن الجهة الوحيدة المختصة بممارسة سلطات المالك على الأراضي المخصصة لأغراض الاستصلاح والاستزراع الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية والقانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة هي الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية دون غيرها، إذ اعتبرها المشرع نائبة عن الدولة مالكة هذه الأراضي والجهاز المسئول عن إدارتها واستغلالها والتصرف فيها، وإذ خلا القانون سالف الإشارة إليه من جواز إنابة هذه الهيئة غيرها في إجراء هذه التصرفات، فإن تصرف غيرها في بعض هذه الأراضي الخاضعة لولايتها وتوقيع عقود البيع بشأنها تكون باطلة بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام، ويجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لما يحققه القانون من رعاية المصلحة اقتصادية للبلاد. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الأرض موضوع عقد البيع الابتدائي المطلوب الحكم بصحته ونفاذه مملوكة ملكية خاصة للدولة ومخصصة لأغراض الاستصلاح والاستزراع وخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، فإن إبرام هذا العقد من قبل مديرية الزراعة بمحافظة القاهرة بناء على التفويض الصادر له من محافظ القاهرة رقم 291 لسنة 1994 وموافقة وزير الزراعة يكون قد تم بالمخالفة لأحكام هذا القانون وباطلا بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام لا يجوز الاتفاق على مخالفته أو النزول عنه ولا يرتب أثرا، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ ذلك العقد المؤرخ ../ ../ .... بقالة إنه قد توافرت له شروطه من رضا وثمن نقدي معلوم ومحل محدد تحديدا نافيا للجهالة جائز التعامل فيه وصدوره ممن يملك التصرف فيه بما يجعله نافذا في حق طرفيه يلتزم بموجبه البائع فيه بنقل ملكية المبيع للمشتري رغم بطلانه بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، إذ كان الطعن الراهن قد أقيم من النائب العام لمصلحة القانون إعمالا النص المادة 250 من قانون المرافعات، ولا يفيد الخصوم منه وفقا للفقرة الأخيرة منها، وبالتالي لا يؤثر في حقوقهم أو مراكزهم القانونية، وهو ما يتعين معه على المحكمة أن تقف عند حد القضاء بنقض الحكم المطعون فيه بصدد المسألة القانونية التي اتخذ منها قواما لقضائه مع بقاء الحكم منتجا لإثاره.