جلسة 7 من فبراير سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور
السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد
أبو الفضل حفني.
-------------------
(35)
الطعن
رقم 1899 لسنة 36 القضائية
(أ، ب) ضرائب. حكم. " تسبيبه. تسبيب معيب ".
(أ) نسبة الحكم المطعون فيه التعويض المقضي به على الطاعن إلى مبلغ
الضريبة المفروضة عليه في السنة المالية موضوع لربط دون أن يحدد المبالغ المنسوب
إلى الطاعن الاحتيال بإخفائها. قصور.
(ب) حكم الإدانة. بياناته ؟ مثال لتسبيب معيب في جريمة استعمال طرق
احتيالية للتهرب من الضريبة.
(ج) محكمة ثاني درجة. " الإجراءات أمامها ". إجراءات
المحاكمة. دفاع. " الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره.
عدم التزام محكمة ثاني
درجة بإجراء تحقيق في الجلسة. بناء قضائها على ما تسمعه من الخصوم وما تستخلصه من
الأوراق. تقيدها في ذلك بما يجب عليها من مراعاة حقوق الدفاع طبقا لما فرضته
المادة 413 إجراءات.
---------------
1 - أوجب القانون رقم 14
لسنة 1939 في المادة 85 مكررا إلزام المتهم بتعويض لا يقل عن 25% ولا يجاوز ثلاثة
أمثال ما لم يدفع من الضريبة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد نسب التعويض المقضي
به على الطاعن إلى مبلغ الضريبة عليه في السنة المالية موضوع الربط دون أن يحدد
المبالغ المنسوب إلى الطاعن الاحتيال بإخفائها، وكان هذا الجزاء النسبي المشار
إليه في المادة سالفة الذكر إنما ينسب إلى ما لم يدفع من الضريبة في الميعاد
المقرر، وهو الجزء الذي كان عرضه للضياع على الدولة بسبب مخالفة الممول للقانون،
فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور (1) .
2 - يوجب قانون الإجراءات الجنائية بنص المادة 310 منه في كل حكم
بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان
الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من
المتهم . ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلا من هذا البيان المعتبر في القانون بما
يحدد عناصر التهمة التي دين بها وهي استعمال طرق احتيالية بإخفاء مبالغ تسري عليها
الضريبة، فلم يبين وجه اختلاف الرسوم المدفوعة من الطاعن للجمارك عن الوارد
بإقراراته وشواهد هذا الاختلاف وأدلته على ثبوت الاحتيال في جانب الطاعن، ولا حاصل
الشهادة الصادرة من مصلحة الجمارك بشأن نشاطه داخل الجمرك، وكيف اختلف ما ورد بها
عما ادعاه في الإقرار المقدم منه لمصلحة الضرائب، ولا وجه قصور هذه الشهادة عن
شمول نشاطه كله ومرجع هذا القصور، مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق
القانون على الواقعة كما أوردها الحكم.
3 - الأصل أن المحكمة الاستئنافية لا تلزم بإجراء تحقيق في الجلسة
وإنما تبنى قضاءها على ما تسمعه من الخصوم وما تستخلصه من الأوراق، إلا أن هذا
الأصل مقيد بما يجب عليها مراعاة حقوق الدفاع طبقا لما فرضته المادة 413/ 1 من
قانون الإجراءات الجنائية. ولما كان الثابت من مراجعة الأوراق أن الدفاع عن الطاعن
تمسك في مذكرته التي قدمها إلى المحكمة الاستئنافية بدفاعه المبين في وجه الطعن من
أنه لم يخف عن مصلحة الضرائب أن له مخزنا بالجمرك، بل قدم لها عقد إيجار اطلع عليه
مأمور الضرائب، كما تمسك في مذكرته الختامية التي قدمها بالجلسة التي صدر فيها
الحكم بضرورة ضم الملف الفردي لتحقيق دفاعه، وقد أجلت المحكمة الدعوى مرارا لضمه،
غير أنها قضت في الدعوى دون تنفيذ ذلك. ولما كان هذا الدفاع جوهريا لتعلقه
بالواقعة، وكونه - إذا صح - منتجا فيها، فقد كان من المتعين على المحكمة أن تحققه
بلوغا إلى غاية الأمر فيه أو ترد عليه بما ينفيه، أما وهي لم تفعل، فإنها تكون قد
أخلت بحق الطاعن في الدفاع. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه معيبا بما يبطله ويوجب نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 25 يناير سنة 1951 بدائرة
قسم الأزبكية: استعمل طرقا احتيالية للتهرب من الضريبة المستحقة عن سنة 1949.
وطلبت عقابه بالمواد 43 و48 و49 و85 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والأمرين
العسكريين 361 و362 والمادة 1/ 1 من المرسوم بقانون 105 لسنة 1945. ومحكمة الضرائب
الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 3 مارس سنة 1952 عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم 50
قرش مع زيادة ما لم يدفع من الضريبة بمقدار يعادل ثلاثة أمثالها بلا مصاريف.
استأنف المتهم هذا الحكم أمام محكمة القاهرة الابتدائية دفع الحاضر مع المتهم
بسقوط الدعوى بمضي المدة ثم قضت للمتهم المذكور حضوريا بتاريخ 29 يناير سنة 1966
(أولا) بقبول الاستئناف شكلا (ثانيا) برفض الدفع بسقوط الدعوى الجنائية بالتقادم
(ثالثا) بتعديل الحكم المستأنف وذلك بزيادة ما لم يدفع من الضريبة عن سنة 1949 وهو
مبلغ 214 ج و135 م بما مقداره 25% منه وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من
غرامه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن أنه إذا دانه بجريمة استعمال طرق احتيالية
للتهرب من الضريبة المستحقة قد أخل بحقه في الدفاع، وشابه القصور في التسبيب وأخطأ
في تطبيق القانون، ذلك بأنه عدد الطرق الاحتيالية المنسوبة إلى الطاعن في ثلاثة
(أولها) أن له مخزنا أخفى وجوده عن مصلحة الجمارك مع أن ملفه الفردي حوى ما يفيد
اطلاع مأمور الضرائب على عقد إيجار هذا المخزن، أما الطريقة الثانية فقد صاغها
الحكم بعبارة غامضة لا يعرف حقيقة ما قصده منه، وأما الطريقة الثالثة وهي تقديم
الطاعن شهادة من مصلحة الجمارك غير شاملة لأوجه نشاطه كلها، فلا محل لمسائلته عن
خطأ وقعت فيه المصلحة، قد طلب الدفاع عن الطاعن في مذكرته الختامية المقدمة منه
لجلسة 29 يناير سنة 1966 ضم الملف الفردي لتحقيق دفاعه، إلا أن المحكمة قضت في
الدعوى دون أن تحققه أو ترد عليه. كما خلا الحكم أيضا من بيان ما لم يؤد من
الضريبة، ونسب التعويض المقضي به إلى الضريبة المفروضة عن السنة موضوع الربط، مما
يعيبه بما يبطله ويجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بأنها " تخلص في أن مأمور ضرائب الأزبكية حرر في 16/
11/ 1951 محضرا ذكر فيه أن المتهم - وهو تاجر وصانع دخان - استعمل طرقا احتيالية
بقصد التخلص من مبالغ تسري عليها الضريبة بادعائه عدم وجود مخزن بالجمرك له،
واختلاف الرسوم المدفوعة للجمارك عن الوارد بإقراراته، وتقديم شهادة رسمية غير
شاملة لنشاطه داخل الجمرك، وادعائه بأنها عن جميع نشاطه " ولم يدلل الحكم على
ثبوت هذه الواقعة بشيء، ثم قضى بإلزام الطاعن بتعويض قدره 25% من الضريبة المفروضة
عليه في السنة المالية موضوع الربط دون تحديد القدر الذي لم يؤد من تلك الضريبة
والذي تتناوله الزيادة وحده. لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية يوجب بنص
المادة 310 منه في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة
بيانا تتحقق به أركان الجريمة، والظروف التي وقعت فيها، والأدلة التي استخلصت منها
المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من هذا البيان
المعتبر في القانون بما يحدد عناصر التهمة التي دين بها وهي استعمال طرق احتيالية
بإخفاء مبالغ تسري عليها الضريبة، فلم يبين وجه اختلاف الرسوم المدفوعة من الطاعن
للجمارك عن الوارد بإقراراته، وشواهد هذا الاختلاف وأدلته على ثبوت الاحتيال في
جانب الطاعن , ولا حاصل الشهادة الصادرة من مصلحة الجمارك بشأن نشاطه داخل الجمرك،
وكيف اختلف ما ورد بها عما ادعاه في الإقرار المقدم منه لمصلحة الضرائب، ولا وجه
قصور هذه الشهادة عن شمول نشاطه كله مرجع هذا القصور، مما يعجز محكمة النقض عن
مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان
القانون رقم 14 لسنة 1939 الذي دين الطعن بمقتضاه وقد أوجب في المادة 85 مكرر
إلزام المتهم بتعويض لا يقل عن 25% ولا يجوز ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة،
وكان الحكم المطعون فيه قد نسب التعويض المقدم المقضي به على الطعن إلى مبلغ
الضريبة المفروضة عليه في السنة المالية موضوع الربط دون أن يحدد المبلغ المنسوب
إلى الطاعن الاحتيال بإخفائها، وكان هذا الجزء النسبي المشار إليه في المادة سالفة
الذكر إنما ينسب إلى ما لم يدفع من الضريبة في الميعاد المقرر، وهو الجزء الذي كان
عرضة للضياع على الدولة بسبب مخالفة الممول للقانون، فإن الحكم المطعون فيه يكون
مشوبا بالقصور. لما كان ذلك، وكان الثابت من مراجعة الأوراق أن الدفاع عن الطاعن
تمسك في مذكرته التي قدمها للمحكمة الاستئنافية بجلسة 24 مايو سنة 1958 بدفاعه
المبين في وجه الطعن من أنه لم يخف عن مصلحة الضرائب أن له مخزنا بالجمرك، بل قدم
لها عقد إيجار اطلع عليه مأمور الضرائب كما تمسك في مذكرته الختامية التي قدمها
لجلسة 29/ 1/ 1966 التي صدر فيها الحكم بضرورة ضم الملف الفردي لتحقيق دفاعه، وقد
أجلت المحكمة الدعوى مرارا لضمه، غير أنها قضت في الدعوى دون تنفيذ ذلك. لما كان
هذا الدفاع جوهريا لتعلقه بالواقعة، وكونه - إذا صح - منتجا فيها، فقد كان من
المتعين على المحكمة أن تحققه بلوغا إلى غاية الأمر فيه، أو ترد عليها بما ينفيه،
أما وهي لم تفعل، فإنها تكون قد أخلت بحق الطاعن في الدفاع. ولا يقدح في هذا وما
هو مقرر من أن المحكمة الاستئنافية لا تلزم بإجراء تحقيق في الجلسة وإنما تبني
قضائها على ما تسمعه من الخصوم، وما تستخلصه من الأوراق، ذلك بأن هذا الأصل مقيد
بما يجب عليها من مراعاة حقوق الدفاع طبقا لما فرضته المادة 413/ 1 من قانون
الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك كذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما
يبطله ويوجب نقضه.
(1) هذا المبدأ مقرر أيضا في
الطعن رقم 34 لسنة 35 ق - جلسة 10/ 5/ 1965 س 16 ص 446.