الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 15 أكتوبر 2020

الطعن 1430 لسنة 48 ق جلسة 20 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ق 167 ص 809

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عبد الواحد الديب، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وعادل برهان نور، وشرف الدين خيري، ومحمد وهبه.

-------------

(167)
الطعن رقم 1430 لسنة 48 القضائية

(1) سرقة بإكراه. قتل عمد. فاعل أصلي. اشتراك. قصد جنائي. "القصد الاحتمالي". مسئولية جنائية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مسئولية الفاعل أو الشريك عن جميع الجرائم المحتمل حصولها. ولو كانت غير ذلك التي قصد ارتكابها. متى وقعت بالفعل كنتيجة محتملة للجريمة التي اتفق على ارتكابها.
 (2)قصد جنائي. "القصد الاحتمالي". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير كون الجريمة الثانية. نتيجة محتملة للجريمة الأولى المتفق عليها. موضوعي. مثال.
 (3)قصد جنائي. "القصد الاحتمالي". "سرقة بإكراه". قتل عمد. فاعل أصلي. اشتراك. مسئولية جنائية. إثبات. "بوجه عام".
قصد القتل. أمر داخلي متعلق بالإرادة. تقدير توافره. موضوعي.
اتفاق المتهمين على ارتكاب جريمة سرقة. ارتكاب أحدهم جناية قتل عمد. مساءلتهم جميعاً عن الجريمتين. متى تبين أن جناية القتل وقعت نتيجة محتملة لجريمة السرقة التي اتفق المتهمون على ارتكابها.
(4) قصد جنائي. عقوبة "تطبيقها". "العقوبة المبررة". ظروف مخففة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جدوى النعي على الحكم في استظهار قصد القتل. متى أوقع على الطاعن عقوبة السرقة بإكراه المسندة إليه بالإضافة لجريمة القتل عمداً. أساس ذلك؟
تقدير العقوبة. في الحدود المقررة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها. موضوعي.
(5) إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفال بعض الوقائع. مفاده إطراحها لها.
(6) نيابة عامة. إعدام. نقض. "ميعاده".
قبول عرض النيابة قضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر لذلك.
(7) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. إعدام.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره.

---------------
1 - من المقرر في القانون أن الفاعل أو الشريك يتحمل مع فاعل الجريمة المسئولية الجنائية عن الجريمة التي يرتكبها هذا الأخير ولو كانت غير التي قصد ارتكابها وتم الاتفاق عليها متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للجريمة الأخرى التي اتفق الجناة على ارتكابها فاعلين كانوا أم شركاء، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني من اقتصار المسئولية عن النتائج المحتملة على الشريك دون الفاعل لا يكون سديداً في القانون.
2 - إن معيار الجريمة المحتملة هو أمر موضوعي متعلق بالوقائع تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون، وإذا ما كان الحكم قد استخلص في منطق سائغ أن جناية قتل المجني عليها كانت نتيجة محتملة لجناية السرقة بإكراه التي كانت مقصودة بالاتفاق وساهم المتهمون - ومن بينهم الطاعن الثاني - في ارتكابها، واستدل على ذلك بما أورده في مدوناته وفي تحصيله للواقعة من أن طعن المتهم الثالث للمجني عليها إنما كان على أثر استغاثتها حال ارتكاب الطاعنين جريمة السرقة لتحول دون وقوعها مما دفع الطاعن الثالث - خشية افتضاح الأمر - إلى قتلها، وهو ما يبين من تسلسل الوقائع على صورة تجعلها متصلة آخرها بأولها، ومن ثم يكون الحكم سديداً إذ آخذ الطاعن الثاني بجناية القتل على اعتبار أنها نتيجة محتملة لجريمة السرقة بإكراه وفقاً للمجرى العادي للأمور، إذ أنه مما تقضيه طبيعة الأمور أن من يحمل سلاحاً إنما يتوقع منه إذا أتي جريمة وأحس بانكشاف أمره ومحاولة الغير لضبطه أن يلجأ إلى التخلص من ذلك من طريق استعمال السلاح الذي يحمله، ومن ثم فإن مجادلة الطاعن الثاني فيما استخلصه الحكم من اعتبار جريمة القتل نتيجة محتملة للسرقة يكون في غير محله.
3 - لما كانت نية القتل من الأمور الموضوعية التي يستظهرها القاضي في حدود سلطته باعتبارها أمراً داخلياً متعلقاً بالإرادة ويرجع تقدير توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في تقدير الوقائع، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل في حق مقترفها يكفي لحمل قضائه، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها أن الطاعنين الثلاثة قد اتفقوا على ارتكاب جريمة السرقة التي وقعت جريمة القتل نتيجة محتملة لها، ودلل على توافر نية القتل في حق الطاعن الثالث باعتباره الفاعل الأصلي في جريمة القتل العمد فذلك حسبه، إذ ينعطف حكمه على من اتفق معه على ارتكاب جريمة السرقة مع علمه باحتمال وقوع جريمة القتل نتيجة محتملة لها بغض النظر عن مقارفته هذا الفعل بالذات أو عدم مقارفته ما دامت المحكمة قد دللت تدليلاً سليماً على أن جريمة القتل وقعت نتيجة محتملة لجريمة السرقة التي اتفق الطاعنون الثلاثة على ارتكابها.
4 - لا يجدي الطاعن النعي بدعوى القصور في استظهار نية القتل بالنسبة له أو عدم الرد على دفاعه بانتفائها لديه، ولا التحدي بطلب تطبيق المادة 235 من قانون العقوبات، لانتفاء مصلحته منه ذلك بأن البين من مدونات الحكم أنه أوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة عن الجريمتين المسندتين إليه - جريمة القتل العمد وجريمة السرقة بإكراه الذي ترك بالمجني عليه أثر جروح - وهي العقوبة المقررة لهذه الأخيرة بنص الفقرة الثانية من المادة 314 من قانون العقوبات كما أنها مبررة بنص المادة 235 من ذات القانون. ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة قد أخذته بقسط من الرأفة في نطاق ما يجري به نص المادة 17 من قانون العقوبات، إذ أنها لم تنزل بالعقوبة إلى حدها الأدنى الذي تجيزه تلك المادة، مما مفاده أنها قدرت تناسب العقوبة المقضي بها مع الواقعة الثابتة لديها. لما كان ذلك، وكان النعي بأن المحكمة لم تعامله بمزيد من الرأفة مردوداً بما هو مقرر من أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن - على ما سلف بيانه - تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً للجريمة التي دانه بها، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة.
5 - من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها، واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه، وهي بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها.
6 - إنه وإن كانت النيابة العامة قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون، إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً، وعلى أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة مذكرة برأيها أو لم تقدم وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده.
7 - متى كان يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق. ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من الطاعن الثاني، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مقتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو خطأ في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فيتعين لذلك قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم قتلوا عمداً...... بأن اتفقت إرادتهم على سرقة محتويات مسكن زوجها.... فتوجهوا لتنفيذ السرقة وتمكنوا من دخول المسكن وعندما حاولت المجني عليها الاستغاثة طعنها المتهم الثالث بآلة حادة (مدية) في أجزاء مختلفة من جسمها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وكانت جريمة القتل نتيجة محتملة لجريمة السرقة وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا مبلغ خمسين جنيهاً ومنقولات مملوكة...... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن أوثقوا يديه وقدميه وطعنه أحدهم بمدية في رقبته فشلوا بذلك مقاومته وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة وقد ترك الإكراه بالمجني عليه أثر الجروح المبينة بالتقرير الطبي. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قررت بإحالة أوراق المتهم........ إلى مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة للنطق بالحكم ثم قضت حضورياً وعملاً بالمادتين 43 و234/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بالنسبة للمتهمين الأول والثاني أولاً - وبإجماع الآراء بمعاقبة...... بالإعدام. ثانياً - بمعاقبة كل من...... و...... بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين الأول والثالث وأن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنيهما ومن ثم فإن الطعن المقدم من كل منهما يكون غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجناية القتل العمد المقترن بجناية سرقة بإكراه ترك أثر الجروح قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم وإن انتهى إلى أن الطاعن فاعل أصلي في جريمة السرقة إلا أنه ساءله أيضاً عن جريمة القتل التي اقترفها الطاعن الثالث وحده باعتبارها نتيجة محتملة لجريمة السرقة المتفق عليها مع أن المسئولية عن النتيجة المحتملة لا تقوم طبقاً لنص المادة 43 من قانون العقوبات إلا في مواجهة الشريك وقد حجبه هذا الخطأ عن بيان مدى توافر أركان الاشتراك المبينة في المادة 40 من ذات القانون في حقه، كما أنه لم يتوقع عقلاً وبحسب المجرى العادي للأمور، اقتراف القتل الذي انفرد به المتهم الثالث، فضلاً عن انقطاع الصلة بين قتل المجني عليها في حجرة نومها وبين السرقة التي تمت، وأن كل ما يمكن مساءلته عنه هو الاشتراك في جناية الضرب المفضي إلى الموت والسرقة بالإكراه، كما أخطأ الحكم إذ اعتبره فاعلاً أصلياً في جريمة القتل العمد الاحتمالية وطبق في حقه نص المادة 234/ 2 من قانون العقوبات مع أنه في صحيح القانون يعد شريكاً فيها مما كان يوجب معاملته بمقتضى المادة 235 من ذات القانون التي تنص على عقوبة مخففة بالنسبة للشريك إذا حكم على فاعل هذه الجريمة بالإعدام بالإضافة إلى حسن معاملته لزوج المجني عليها، وأنه اقترف الجريمة وهو في سن العشرين، غير أن الحكم لم يأخذه بالرأفة وعاقبه بالأشغال الشاقة المؤبدة، هذا إلى أن ما ساقه الحكم في بيان نية القتل لا يكفي لإثبات توافرها بصفة عامة فضلاً عن اقتصاره في ذلك على المتهم الثالث وحده، ملتفتاً بذلك عن دفاعه هو بانتفاء هذه النية لديه كما أوجز الحكم في سرد واقعة الدعوى حيث أغفل واقعة حضور...... وطرقه باب مسكن المجني عليهما، وإرشاد المجني عليه حينذاك المتهمين إلى طريق الهروب من السطح واستطاعته فك وثاق نفسه بنفسه. وعدم إنجابه من زوجته القتيلة ومرضها الغير قابل للشفاء فجاءت الوقائع مبتسرة لا يبين منها وجه الحق في الدعوى. كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين وقعة الدعوى في قوله: "إن المتهم الثالث....... - الطاعن الثالث المحكوم بإعدامه - كان يعمل في متجر للبقالة واعتاد التردد على منزل المجني عليهما...... و..... لتوصيل ما يطلبان شراءه من هذا المتجر ونظراً لكبر سنهما ولاعتقاد هذا المتهم في ثرائهما فقد اتفق مع المتهمين الأول....... - الطاعن الأول والثاني........ - الطاعن الثاني - على سرقة محتويات مسكنهما، وفي يوم 6/ 7/ 1976 وتنفيذاً لهذا الاتفاق توجه ثلاثتهم إلى مسكن المجني عليهما الواقع بشارع كورنيش النيل بدائرة قسم بولاق مسلحين بالمطاوي وسكين كبير وقرعوا جرس الباب ففتح لهم المجني عليه..... فطالبه أحدهم بسداد مستحق عليه فلما حاول غلق الباب دونهم قاموا بدفعه إلى الداخل وتمكنوا من الدخول حيث ألقوه أرضاً وأوثقوه من يديه وقدميه وكمموا فاه وطعنه أحدهم بمطواة في رقبته وأحدث به الإصابتين المبينتين بالتحقيقات وتمكنوا بهذا الوسيلة من الإكراه من شل مقاومته وسرقة مبلغ خمسين جنيهاً كانت بجيب المجني عليه ومنقولات أخرى كانت بالمنزل، وفي ذلك الوقت كانت زوجته المجني عليها....... التي تبلغ من العمر حوالي خمسين عاماً ترقد طريحة الفراش لمرضها في حجرة نومها واقتحم عليها المتهم الثالث الغرفة وانهال عليها طعناً بمطواة في مختلف أجزاء جسمها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية لمجرد محاولتها الاستغاثة، وتعرف المجني عليها...... على المتهمين الأول والثاني في عملية عرض قانونية كما اعترف المتهمون الثلاثة في تحقيقات النيابة وردد كل من المتهم الأول والثاني اعترافه عند إجراء المعاينة وأصر عليه المتهم الأول بإحدى جلسات المحاكمة وضبطت بعض المسروقات بإرشاد المتهمين الأول والثاني، وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليها...... مصابة بأحد عشر جرحاً طعنياً حيوياً بمختلف أجزاء جسمها تحدث من آلة صلبة ذات حافة حادة أياً كان نوعها كسكين أو مطواة، وأن بعض هذه الإصابات في مقتل ونشأت عنها الوفاة، وكانت هذه الجريمة نتيجة محتملة لجناية السرقة بإكراه التي ارتكبها المتهمون الثلاثة". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه والرائد....... ومن اعترافات المتهمين الثلاثة ومن عملية العرض وضبط المسروقات بإرشاد المتهمين الأول والثاني وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر في القانون أن الفاعل أو الشريك يتحمل مع فاعل الجريمة المسئولية الجنائية عن الجريمة التي يرتكبها هذا الأخير ولو كانت غير التي قصد ارتكابها وتم الاتفاق عليها متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للجريمة الأخرى التي اتفق الجناة على ارتكابها فاعلين كانوا أم شركاء، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني من اقتصار المسئولية عن النتائج المحتملة على الشريك دون الفاعل لا يكون سديداً في القانون. أما القول بأن ظروف ارتكاب جريمة القتل التي قارفها المتهم الثالث وحده في حجرة نوم المجني عليها لم تكن لتهئ إلى إمكان توقع ارتكابها - فمردود بأن معيار الاحتمال هو أمر موضوعي متعلق بالوقائع تفصل فيه محكمة الموضوع بغير معقب ما دام حكمها يساير التطبيق السليم للقانون وإذ كان الحكم قد استخلص في منطق سائغ أن جناية قتل المجني عليها........ كانت نتيجة محتملة لجناية السرقة بإكراه التي كانت مقصودة بالاتفاق وساهم المتهمون - ومن بينهم الطاعن الثاني - في ارتكابها، واستدل على ذلك بما أورده في مدوناته وفي تحصيله للواقعة من أن طعن المتهم الثالث للمجني عليها إنما كان على أثر استغاثتها حال ارتكاب الطاعنين جريمة السرقة لتحول دون وقوعها مما دفع الطاعن الثالث خشية افتضاح الأمر إلى قتلها، وهو ما يبين من تسلسل الوقائع على صورة تجعلها متصلة آخرها بأولها، ومن ثم يكون الحكم سديداً إذ آخذ الطاعن الثاني بجناية القتل على اعتبار أنها نتيجة محتملة لجريمة السرقة بإكراه وفقاً للمجرى العادي للأمور، إذ أنه مما تقتضيه طبيعة الأمور أن من يحمل سلاحاً إنما يتوقع منه إذا أتى جريمة وأحس بانكشاف أمره ومحاولة الغير لضبطه أن يلجأ إلى التخلص من ذلك عن طريق استعمال السلاح الذي يحمله، ومن ثم فإن مجادلة الطاعن الثاني فيما استخلصه الحكم من اعتبار جريمة القتل نتيجة محتملة للسرقة يكون في غير محله، لما كان ذلك وكان الحكم قد استظهر نية القتل في قوله "وحيث إنه عن نية القتل وإزهاق روح المجني عليها..... فقد توافر الدليل على ثبوتها وقيامها لدى المتهمين من ذهابهم إلى محل الحادث يعمل كل منهم آلة حادة قاتلة مطواة أو سكين ومبادرة المتهم الثالث المجني عليها بالطعن بالمطواة وإحداثه بها إحدى عشر إصابة في مختلف أجزاء جسمها بعضها في مقتل لمجرد محاولتها الاستغاثة وهي مريضة طريحة الفراش لا تستطيع حراكاً أو دفاعاً عن نفسها وذلك كله لا يمكن أن يكون عفواً أو اعتباطاً بل كان قصداً وتصميماً على إزهاق روحها. ومن حيث إن جناية القتل العمد التي ذهبت ضحيتها المجني عليها....... نتيجة محتملة لجناية السرقة بإكراه ومن ثم يكون المتهمون الثلاثة مسئولين عن الجنايتين معاً". ولما كانت نية القتل من الأمور الموضوعية التي يستظهرها القاضي في حدود سلطته باعتبارها أمراً داخلياً متعلقاً بالإرادة ويرجع تقدير توافره إلى سلطة قاضي الموضوع وحريته في الوقائع، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على قيام نية القتل في حق مقترفها يكفي لحمل قضائه، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها أن الطاعنين الثلاثة قد اتفقوا على ارتكاب جريمة السرقة التي وقعت جريمة القتل نتيجة محتملة لها، ودلل على توافر نية القتل في حق الطاعن الثالث باعتباره الفاعل الأصلي في جريمة القتل العمد فذلك حسبه، إذ ينعطف حكمه على من اتفق معه على ارتكاب جريمة السرقة مع علمه باحتمال وقوع جريمة القتل نتيجة محتملة لها بغض النظر عن مقارفته هذا الفعل بالذات أو عدم مقارفته ما دامت المحكمة قد دللت تدليلاً سليماً على أن جريمة القتل وقعت نتيجة محتملة لجريمة السرقة التي اتفق الطاعنون الثلاثة على ارتكابها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد، هذا إلى أنه لا يجدي هذا الطاعن النعي بدعوى القصور في استظهار نية القتل بالنسبة له أو عدم الرد على دفاعه بانتفائها لديه، ولا التحدي بطلب تطبيق المادة 235 من قانون العقوبات، لانتفاء مصلحته منه ذلك بأن البين من مدونات الحكم أنه أوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة عن الجريمتين المسندتين إليه - جريمة القتل العمد وجريمة السرقة بإكراه الذي ترك بالمجني عليه أثر جروح - وهي العقوبة المقررة لهذه الأخيرة بنص الفقرة الثانية من المادة 314 من قانون العقوبات كما أنها مبررة بنص المادة 235 من ذات القانون. ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة قد أخذته بقسط من الرأفة في نطاق ما يجري به نص المادة 17 من قانون العقوبات، إذ أنها لم تنزل بالعقوبة إلى حدها الأدنى الذي تجيزه تلك المادة، مما مفاده أنها قدرت تناسب العقوبة المقضى بها مع الواقعة الثابتة لديها. لما كان ذلك، وكان النعي بأن المحكمة لم تعامله بمزيد من الرأفة مردوداً بما هو مقرر من أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن - على ما سلف بيانه - تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً للجريمة التي دانه بها، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد ساقت من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها ما يكفي لحمل قضائها، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها، واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه، وهي بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معني لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها. ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد ميعاد الأربعين يوماً المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون، إلا أن تجاوز الميعاد المذكور لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، ذلك لأن الشارع إنما أراد بتحديده مجرد وضع قاعدة تنظيمية وعدم ترك الباب مفتوحاً إلى غير نهاية والتعجيل بعرض الأحكام الصادرة بالإعدام على محكمة النقض في كل الأحوال متى صدر الحكم حضورياً، على أي الأحوال فإن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها طبقاً للمادة 46 سالفة الذكر وتفصل فيها لتستبين عيوب الحكم من تلقاء نفسها سواء قدمت النيابة مذكرة برأيها أو لم تقدم وسواء قدمت هذه المذكرة قبل فوات الميعاد المحدد للطعن أو بعده. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على أوراق القضية إن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه بالإعدام، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها على ما سلف بيانه في معرض التصدي لأوجه الطعن المقدمة من الطاعن الثاني، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مقتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، فيتعين لذلك قبول عرض النيابة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 380 لسنة 34 ق جلسة 29 /10 / 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 193 ص 1282

جلسة 29 من أكتوبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: محمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وإبراهيم الديواني.

---------------

(193)
الطعن رقم 380 لسنة 34 القضائية

(أ) محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع في تقدير أقوال الشهود".
استقلال محكمة الموضوع بتقدير أقوال الشهود. استخلاص الواقع منها. مناطه.
(ب) بطلان. "البطلان في التصرفات". "التصرف الحاصل من خلف المدين". خلف.
عدم نفاذ التصرف الحاصل من خلف المدين إلى خلف آخر بعوض في حق الدائن مناطه.

------------------
1 - تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع ما دامت هي لم تخرج في ذلك عما تحتمله أقوالهم.
2 - مفاد نص الفقرة الثالثة من المادة 238 من القانون المدني أن الخلف - الذي تصرف له المدين بعقد معاوضة - إذا ما تصرف بدوره إلى خلف آخر بعقد معاوضة، فإن على الدائن الذي يطلب عدم نفاذ التصرف الأخير في حقه أن يثبت غش الخلف الثاني وألزمه القانون أن يثبت علم هذا الخلف الأخير بأمرين الأول وقوع غش من المدين وهو أن التصرف منه ترتب عليه إعساره أو زيادة إعساره والثاني وهو علم الخلف الأول بغش المدين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 3373 سنة 1960 مدني كلي القاهرة ضد المطعون ضده الثاني بصحيفة معلنة إليه في 16/ 5/ 1960 طلبت فيها الحكم بإبطال عقد البيع الصادر من زوجها المرحوم أمين مرقص إبراهيم للمطعون ضده الثاني في 1/ 9/ 1958 والمشهر في 22/ 9/ 1958، وقالت شرحاً لدعواها إنها تداين زوجها أمين مرقص إبراهيم بمبلغ أربعمائة جنيه بمقتضى سندين إذنيين قيمة كل منهما 200 جنيه وأنها استصدرت بموجب أحدهما أمر أداء ضد مدينها المذكور فعارض فيه وقضى برفض معارضته وتأييد أمر الأداء وأنه على أثر ذلك تواطأ مع أخيه المطعون ضده الثاني وحرر له عقداً في 1/ 9/ 1958 ببيعه له 7 ف و7 ط و13 س وهي كل ما يملكه المدين من أموال عقارية وذلك غشاً منه وإضرار بحقها وأشهر هذا العقد في 22/ 9/ 1958 وإذ توفى زوجها المدين في 15/ 6/ 1959 بغير تركة فقد أقامت دعواها بطلباتها آنفة الذكر. في 22/ 3/ 1961 أدخلت المطعون ضدها الأولى الطاعن في الدعوى وطلبت إبطال العقد الصادر له من المطعون ضده الثاني في 10/ 10/ 1960 والمشهر في 31/ 10/ 1960 والمتضمن بيع هذا الأخير للطاعن الأطيان الزراعية موضوع الدعوى واستندت في ذلك إلى أن هذا العقد قد تم أيضاً بطريق الغش والتواطؤ بين طرفيه إضراراً بحقوقها إذ صدر بعد أن شهرت عريضة دعواها ببطلان العقد الصادر للمطعون ضده الثاني وأن الطاعن يعلم بغش مدينها وعلم المطعون ضده الثاني بهذا الغش مما يستوجب البطلان. وبتاريخ 25 من فبراير سنة 1962 قضت المحكمة بعدم نفاذ تصرف المدين أمين إبراهيم ميخائيل لشقيقه مرقص إبراهيم ميخائيل المتضمن بيع الأول للثاني ومساحته 7 ف و7 ط و13 س أرضاً زراعية مبينة الحدود بالعقد المشهر في 22/ 9/ 1958 في حق المطعون ضدها الأولى وبرفض الدعوى بالنسبة للطاعن. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 903/ 79 ق. وفي 3 من ديسمبر سنة 1963 قضت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها الأولى أن الطاعن كان وقت تعاقده مع المطعون ضده الثاني في 10/ 10/ 1960 يعلم بأن عقد البيع المبرم بين زوجها أمين إبراهيم ميخائيل والمطعون ضده الثاني في 1/ 9/ 1958 كان منطوياً على غش من الطرفين بقصد الإضرار بحقها وترتب عليه إعساره ولينفي الطاعن والمطعون ضده الثاني ذلك. بعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت في 13 من إبريل سنة 1964 بإلغاء الشق الثاني من الحكم المستأنف وبعدم نفاذ عقد البيع المبرم بين المطعون ضده الثاني والطاعن في 10 من أكتوبر سنة 1960 والمشهر في 31 من أكتوبر سنة 1960 في حق المطعون ضدها الأولى بالنسبة لمساحة من الأرض قدرها 7 ف و7 ط و13 س محددة بعقد البيع المبرم بين المرحوم أمين إبراهيم ميخائيل والمطعون ضده الثاني في أول سبتمبر سنة 1958 والمشهر في 22 من سبتمبر سنة 1958 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قد أخذ بشهادة شاهدي المطعون ضدها الأولى للتدليل على أن الطاعن يعلم بغش المدين ويعلم المطعون ضده الثاني بهذا الغش مع أن هذين الشاهدين وإن قررا أن الطاعن والمطعون ضده الثاني قد حضرا إلى منزل المطعون ضدها الأولى وطلبا إليها التصالح على دينها مقابل مبلغ مائة جنيه إلا أنهما شهدا أيضاً بأنهما لا يعرفان الطاعن ولم يتحققا من شخصيته ولم يحضرا مجلس العقد وعلى الرغم من أنه لا يمكن الاستخلاص من هذه الشهادة إسناد واقعة عرض الصلح إلى الطاعن بالذات فقد أخذ بها الحكم مما يعيبه بالقصور والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الخصوص بعد أن سرد أقوال الطرفين "إن المحكمة تطمئن لصحة أقوال شاهدي الإثبات ولا ترى فيما ذكرته الشاهدة الأولى بشأن عدم تحققها من شخص المستأنف عليه الثاني (الطاعن) ما يجرح صحة قولها لأن واقعة دخول المنزل حالة وجودها به دون أن تتبين شكله على سبيل التعيين واقعة مستساغة، كما أن عدم إشارة الشاهدين إلى إعلان المستأنف عليه الثاني عزمه على شراء الأرض إلا لما سئلا في هذا الصدد لا يبخس قيمة هذه الأقوال إذ لو كانت موحى بها لحرصا تلقائياً على سرد كل الوقائع التي طلب إليهما ذكرها، ويلاحظ أن أقوالهما تنحصر في أن المستأنف عليهما (الطاعن والمطعون ضده الثاني) قابلا المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) منذ نحو أربع سنوات وعرضا عليها التنازل عن أربعمائة جنيه قيمة الدين المستحق لها لدى زوجها مقابل دفع مائة جنيه وبذلك تكون هذه الواقعة قد تمت في تاريخ معاصر لرفع الدعوى الحالية لأن الشاهدين سئلا في 4/ 2/ 1964 ورفعت الدعوى بصحيفة معلنة في 16/ 5/ 1960، وترى المحكمة في هذه الواقعة الدليل على اشتراك المستأنف عليهما في إجراء تصرف ينطوي على غش من جانبهما إذ يستخلص منها أن الأول أخطر الثاني بالدعوى عقب رفعها ضده قبل اختصام الثاني (الطاعن) وبالظروف التي أحاطت بها سواء ما تعلق منها بإعسار الزوج أو بالتصرف المطعون فيه ووجه الطعن وقاما بمفاوضة المستأنفة وتهديدها بالتصرف في العقار بالبيع إن رفضت المبلغ المعروض عليها ولما رفضت بادرا بتحرير عقد البيع الثاني أثناء سير الخصومة أمام محكمة أول درجة بقصد الإضرار بها بمحاولة نقل ملكية العقار إلى المستأنف عليه الثاني..." ولما كان هذا الذي أورده الحكم بشأن شهادة شاهدي الإثبات لا يخرج عما تحتمله أقوالهما في التحقيق، وكان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع ما دامت هي لم تخرج في ذلك عما تحتمله أقوالهم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن المادة 238 من القانون المدني تشترط لعدم نفاذ التصرف في حق الدائن والحاصل للخلف الثاني أن يكون هذا الأخير عالماً بأمرين الأول غش المدين والثاني علم الخلف الأول بهذا الغش، إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى بالنسبة للطاعن بمجرد العلم المجمل الغامض كدليل على غشه ودون أن يبين كيف استدل من شهادة شاهدي الإثبات على علم الطاعن بغش المدين وتواطئه مع أخيه المطعون ضده الثاني.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 238/ 3 من القانون المدني إذ تنص على أنه "إذا كان الخلف الذي انتقل إليه الشيء من المدين قد تصرف فيه بعوض إلى خلف آخر فلا يصح للدائن أن يتمسك بعدم نفاذ التصرف إلا إذا كان الخلف الثاني يعلم بغش المدين وعلم الخلف الأول بهذا الغش إذا كان المدين تصرف بعوض" فقد أفادت بذلك أن الخلف - الذي تصرف له المدين بعقد معاوضة - إذا ما تصرف بدوره إلى خلف آخر بعقد معاوضة - فإذا على الدائن الذي يطلب عدم نفاذ التصرف الأخير في حقه أن يثبت غش الخلف الثاني وألزمه القانون أن يثبت علم هذا الخلف الأخير بأمرين الأول وقوع غش من المدين وهو أن التصرف منه ترتب عليه إعساره أو زيادة إعساره والثاني وهو علم الخلف الأول بغش المدين، ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذه الشروط وحصل من أقوال شاهدي المطعون ضدها الأولى على النحو السالف البيان في الرد على السبب الأول أن الطاعن وهو الخلف الثاني يعلم بغش المدين إذ ترتب على التصرف الصادر منه للمطعون ضده الثاني إعساره كما استخلص الحكم من أقوال شاهدي المطعون ضدها الأولى أن الطاعن يعلم أيضاً بعلم المطعون ضده الثاني بغش المدين، فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون أو القصور في التسبيب بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه أوضح للمحكمة أن التصرف الحاصل إليه من المطعون ضده الثاني لم يشمل جميع الأطيان التي تصرف فيها المدين إلى المطعون ضده الثاني وهي 7 ف و7 ط و13 س بل إنه باع بعضها إلى شخص آخر لم يختصم في الدعوى، غير أن الحكم قضى بعدم نفاذ العقد الصادر من المطعون ضده الثاني إلى الطاعن بالنسبة لمساحة من الأرض قدرها 7 ف و7 ط و13 س وبذلك خلط الحكم الأطيان التي لم يتعلق بها أي حق للمطعون ضدها الأولى بالأطيان المملوكة لمدينها مما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم نفاذ عقد البيع الصادر للطاعن المؤرخ 10/ 10/ 1960 والمشهر في 31/ 10/ 1960 في حق المطعون ضدها الأولى بالنسبة لمساحة من الأرض وقدرها 7 ف و7 ط و13 س محددة بعقد البيع المبرم بين المرحوم أمين إبراهيم ميخائيل والمطعون ضده الثاني في أول سبتمبر سنة 1958 والمشهر في 22 سبتمبر سنة 1958، لما كان ذلك فإنه يخرج من نطاق الحكم المطعون فيه أي مساحة لم ترد بهذا العقد الأخير مما ينتفي معه القول بوجود الخلط الذي أثاره الطاعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 264 لسنة 34 ق جلسة 24 /10 / 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 191 ص 1267

جلسة 24 من أكتوبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

-----------

(191)
الطعن رقم 264 لسنة 34 القضائية

(أ) أشخاص اعتبارية. "مسئولية الشخص الاعتباري". وقف. مسئولية.
مسئولية الوقف - باعتباره شخصاً اعتبارياً - قبل الغير عن الخطأ الذي يقع من ممثله ويضر بهذا الغير.
(ب) حراسة. "حراسة قضائية". "التزامات الحارس".
التزام الحارس القضائي بإدارة المال الموضوع تحت الحراسة وتقديم حساب عن هذه الإدارة ورد المال عند انتهاء الحراسة. هذه الالتزامات على عاتق ناظر الوقف الذي يعين حارساً قضائياً.
(ج) حراسة. "حراسة قضائية". تقادم. "تقادم مسقط".
التزام الحارس القضائي بحفظ المال المعهود إليه حراسته وإدارته ورده عند انتهائها وتقديم حساب عن إدارته. التزامات مصدرها جميعاً القانون. وتتقادم بمضي خمس عشرة سنة. عدم خضوعها للتقادم الثلاثي.

----------------
1 - الوقف - باعتباره شخصاً اعتبارياً - مسئول قبل الغير عن الخطأ الذي يقع من ممثله ويضر بهذا الغير.
2 - من المقرر في القانون المدني الملغي والقائم أن الحارس القضائي يلزم بإدارة المال الموضوع تحت الحراسة القضائية وتقديم حساب عن هذه الإدارة ورد المال عند انتهاء الحراسة إلى صاحبه ومن ثم فإن هذه الالتزامات تقع على عاتق ناظر الوقف الذي يعين حارساً قضائياً على الأطيان المتنازع عليها.
3 - التزام الحارس القضائي بحفظ المال المعهود إليه حراسته وإدارته ورده لصاحب الشأن عند انتهاء الحراسة وبتقديم حساب عن إدارته له، هذه الالتزامات جميعاً مصدرها القانون فلا تتقادم إلا بمضي خمس عشرة سنة طبقاً للأصل العام المنصوص عليه في المادة 208 من القانون المدني القديم ولا تخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني القائم. وإذا كانت الدعوى بطلب إلزام الحارس القضائي بتقديم حساب عن مدة الحراسة وبإلزامه بدفع فائض ريع العين التي كانت تحت الحراسة فإن التزامه بذلك لا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 247 سنة 1952 مدني كلي القاهرة بصحيفتها التي أعلنت إلى الطاعن بصفته في 15 يناير سنة 1959 وقال شرحاً لها إنه بمقتضى عقد إيجار تاريخه 27 أكتوبر سنة 1942 استأجر من وقف السيد عبد العال الذي كان مشمولاً بنظارة المرحوم مصطفى النحاس أطياناً زراعية مساحتها 123 ف لمدة ثلاث سنوات تبدأ من نوفمبر سنة 1942 وتنتهي في آخر أكتوبر سنة 1945 بأجرة سنوية قدرها 10 ج للفدان الواحد وأنه دفع تأميناً قدره 100 ج واستلم الأطيان المؤجرة وقام بزراعتها إلا أنه حدث خلاف بينه وبين إدارة الوقف المذكور قام الوقف على أثره بتوقيع الحجز التحفظي على الزراعة التي كانت بالأرض المؤجرة وأقام ضده الدعوى رقم 1083 سنة 1943 مدني سمنود بطلب أجرة سنة 1943 الزراعية وقد قضي فيها للوقف بطلباته كما رفع الوقف الدعوى رقم 1233 سنة 1943 سمنود بطلب فرض الحراسة القضائية على الأطيان المؤجرة في المدة الباقية من عقد الإيجار وقد قضي فيها بتعيين المرحوم مصطفى النحاس - بصفته ناظراً على الوقف المذكور - حارساً قضائياً لإدارة الأطيان المؤجرة واستغلالها لحساب المطعون ضده - ويقول المطعون ضده أنه إذ كان الحارس القضائي قد استولى على الأطيان المؤجرة تنفيذاً لحكم الحراسة ولم يقدم حساباً عن إدارته فقد رفع هذه الدعوى على وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الوقف المذكور طالباً إلزامه بتقديم كشوف حساب مؤيدة بالمستندات عن السنوات 1943 و1944 و1945 الزراعية وفي حالة تقديم هذه الكشوف ندب خبير لفحص الحساب وتصفيته عن المدة من تاريخ استيلاء الوقف على الأرض حتى آخر سنة 1945 الزراعية وبعد تصفية الحساب يقضى بإلزام الوقف بأن يدفع له ما يظهر له في ذمته وفي 23 مايو سنة 1960 قضت محكمة الدرجة الأولى بندب خبير زراعي لتصفية الحساب بين الطرفين بعد مراجعة المصاريف وما يجب استبعاده وبيان ما تغله العين من ريع وذلك عن الزراعة التي استولت عليها إدارة الوقف السابقة عن سنة 1943 ثم عن زراعة سنتي 1944 و1945 وتصفية الحساب النهائي على الأساس السابق وعلى أساس كافة الأحكام وعقود الإيجار وكشوف الحساب التي يقدمها الطرفان وبيان ما بذمة كل منهما للآخر. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت تلك المحكمة بتاريخ 26 فبراير سنة 1962 (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة (ثانياً) إلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون ضده من مال جهة الوقف مبلغ 4445 ج و574 م فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1436 سنة 79 قضائية طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى ودفع أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون ضده بالتقادم الثلاثي طبقاً للمادة 172 من القانون المدني - وفي 25 فبراير سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف بصفته (الطاعن) بأن يدفع للمستأنف عليه (المطعون ضده) مبلغ 2600 ج و753 م وقضت في أسباب الحكم برفض الدفع بالتقادم الثلاثي المسقط وبتقرير تاريخه 20 إبريل سنة 1964 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون ضده ببطلان الطعن لإعلانه بعد الميعاد وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع وبنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن المطعون ضده دفع ببطلان الطعن لإعلانه بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات والتي أحال إليها القانون رقم 43 سنة 1965.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أنه وإن كان يبين من إعلان تقرير الطعن أنه أعلن إلى المطعون ضده في 8 أغسطس سنة 1965 أي بعد الميعاد المحدد في القانون رقم 43 سنة 1965 - إلا أن المشرع أصدر القانون رقم 4 سنة 1967 بتعديل القانون رقم 43 سنة 1965 ونص في المادة الثانية منه على أنه لا يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة الإجراءات والمواعيد التي يقتضيها تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 سنة 1965 سواء بالنسبة إلى الطعون التي رفعت قبل تاريخ العمل به أو الطعون التي رفعت في الفترة من هذا التاريخ إلى تاريخ نشر هذا القانون - ويجب على الطاعن أن يستكمل ما لم يتم من تلك الإجراءات ويصحح ما لم يصح منها وفقاً لحكم هذه القفرة وفي المواعيد المقررة قانوناً وذلك ابتداء من تاريخ نشر هذا القانون أو في المواعيد التي تحددها المحكمة بغير إخلال بحق المدّعى عليه في الطعن في تقديم دفاعه والرد عليه وإلا ترتب الجزاء المنصوص عليه في القانون ومؤدى ذلك - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الإجراء قد تم صحيحاً قبل العمل بالقانون رقم 4 سنة 1967 ولو بعد الميعاد الذي كان يقتضيه تطبيق نص القفرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 سنة 1965 فإن هذا الإجراء ينتج أثره ولو كان الجزاء على مخالفة هذا الميعاد بحسب ما كان يقتضيه تطبيق تلك القفرة هو البطلان أو السقوط لأن هذا الجزاء قد رفعه القانون رقم 4 سنة 1967 بما نص عليه في صدر المادة الثانية منه من أنه لا يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة المواعيد التي يقتضيها تطبيق الفقرة المذكورة ومن ثم فلا يلتزم الطاعن بإعادة هذا الإجراء في الميعاد الذي استحدثه ذلك القانون الأخير لأن هذا الميعاد إنما منح للطاعن ليصحح في خلاله ما لم يكن قد صح من الإجراءات ولاستكمال ما لم يكن قد تم منها قبل العمل بالقانون رقم 4 سنة 1967 - أما الإجراء الذي تم صحيحاً ولو بعد الميعاد فلا ينطبق عليه نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 4 سنة 1967 وإنما يعتبر صحيحاً ومنتجاً لآثاره دون حاجة لإعادته وذلك طبقاً للفقرة الأولى من هذه المادة التي رفعت جزاء البطلان أو السقوط المترتب على مخالفة المواعيد التي كان يقتضيها تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 سنة 1965 - لما كان ذلك وكان الطعن قد أعلن إعلاناً صحيحاً للمطعون ضده في 8 أغسطس سنة 1965 فإن الدفع ببطلان الطعن المؤسس على إعلانه بعد الميعاد القانوني يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول منها التناقض وفساد الاستدلال والقصور في التسبيب من ثلاثة أوجه ويقول في بيان الوجه الأول منها أن هذا الحكم انتهى إلى أن الوقف إذ قام بتجهيز محصولات سنة 1943 الزراعية فإنما كان ذلك منه سعياً في الحصول على إيجار سنة 1943 وليس بناء على توكيل من المستأجر ولا بناء على حكم الحراسة الذي لم يتناول هذه المحصولات وإن الوقف لا يسأل عن هذه المحصولات مسئولية الوكيل أو الحارس وإنما يسأل عنها إذا ثبت غشه وهو أمر لم يثبت في الدعوى ويرى الطاعن أن ذلك كان يقتضي اعتبار مسئولية الوقف عن محصولات سنة 1943 منتفية ما دام لم يثبت غشه إلا أن الحكم عاد وقرر مسئولية الوقف عن هذه المحصولات وأسقط نتيجة لذلك حق الوقف في الرجوع على المطعون ضده بجميع مستحقاته عن هذه السنة وهو من الحكم تناقض يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذا الوجه غير سديد ذلك أنه لا تناقض فيما قرره الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص إذ أنه يفيد أن المحكمة انتهت إلى اعتبار ذمة المطعون ضده بريئة من أجرة سنة 1943 الزراعية تأسيساً على أنه أهمل في الإنفاق على الزراعة مما ترتب عليه ضعف محصولها كما تخلى عن هذه المحصولات للوزارة الطاعنة لتقوم بتجهيزها وبيعها وخصم صافي ثمنها من الأجرة المستحقة عليه مع تعهده بالوفاء بما تبقى عليه منها وعلى أن الطاعنة قد بالغت في تقدير ما أنفقته في تجهيز هذه المحصولات وفي تخفيض قيمتها وأنها أهملت إذ تراخت في تجهيزها وبيعها وهي أسباب سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه ولا يقدح في ذلك ما جاء بالحكم المطعون فيه من تقريرات قانونية خاصة بتكييف العلاقة القانونية بين الوقف والمطعون ضده ذلك أنه أياً كان وجه الرأي فيما قرره الحكم في هذا الشأن فإنه لا ينال من النتيجة التي انتهى إليها وبالتالي فإن ادعاء الوزارة الطاعنة بوقوع تناقض مبطل للحكم يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن هذا الحكم عول في قضائه على تقرير الخبير مع أن هذا التقرير قد ختم بعبارة مؤداها أن المطعون ضده وقد تخلف منذ اللحظة الأولى عن الوفاء بالتزاماته الناشئة عن عقد الإيجار ولم يبذل جهداً في سبيل استغلال الأطيان المؤجرة لا يكون له حق في الرجوع على الوزارة الطاعنة بفائض الريع وأن البيانات التي ضمنها الخبير تقريره لم تكن تمثل الحقيقة وإنما كانت التزاماً منه للمأمورية التي كلفه بها الحكم الصادر بندبه وهي عبارة كافية لهدم التقرير وعدم الاعتداد بما تضمنه وإذ جعل الحكم المطعون فيه هذا التقرير عماداً لقضائه فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من الاطلاع على تقرير الخبير أنه بعد أن بين المبالغ المستحقة للمطعون ضده في ذمة الوزارة الطاعنة عن سنوات 1943، 1944، 1945 الزراعية وهي لا تتجاوز 7000 ج أثبت الخبير أنه يرى التنويه بأنه اتضح له من بحث القضية أن المدعي (المطعون ضده) لم يقم بأول التزاماته حسب عقد الإيجار فلم يقم بسداد القسط الأول المطلوب منه مما دعا إدارة الوقف إلى رفع دعوى حراسة وعينت المحكمة فعلاً حارساً على هذه الأرض لإدارتها وقامت إدارة الوقف بالصرف على الزراعة والإدارة ولم يقم هو من جانبه بدفع شيء خلاف التأمين وقيمة المدون بالإيصالات وقد جاء سيادته بعد ذلك يطالب بما نتج من ربح من هذه الإجارة ومعنى ذلك أن سيادته وقد دفع من جملة المطلوب مبلغ مائة جنيه كتأمين ثم يجيء في كشف حسابه مطالباً بمبلغ تسعة عشر ألفاً من الجنيهات ثم ختم الخبير تقريره بالنتيجة النهائية وقد أثبت فيها المبالغ المستحقة للمطعون ضده عن السنوات الثلاثة على التفصيل المبين بالتقرير ويبين من هذا الذي سجله الخبير في تقريره أنه رأى أن المطعون ضد يستحق في ذمة الوزارة الطاعنة المبالغ التي أوردها في تقريره وأن الخبير إنما سجل العبارة التي تتحدى بها الطاعنة للتدليل على أن المطعون ضده كان مغالياً حين طالب بملغ تسعة عشر ألفاً من الجنيهات وهو يزيد كثيراً عما أظهره له - وقد أكثر الخبير هذا المعنى عندما ناقشته محكمة الدرجة الأولى بمحضر جلسة 22 يناير سنة 1962 إذ قرر أنه إنما ذكر هذه العبارة لإثبات أن المطعون ضده كان مبالغاً حين طالب بذلك المبلغ مع أنه لا يستحق أكثر من سبعة آلاف جنيه - لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال لتعويله على تقرير الخبير يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها دفعت أمام محكمة الموضوع بعدم مسئوليتها عن قلة المحصولات الناتجة من الأرض في سنة 1943 وعن التأخير في بيعها تأسيساً على أنه لم يكن من واجبها القيام على الزراعة في تلك السنة كما أنها لم تكن ملزمة بالتصرف في هذه المحصولات وأن أمر بيعها كان موكولاً للمحضر الذي كان يقوم بإجراءات تنفيذ الحكم رقم 1083 سنة 1943 مدني سمنود كما أنها تمسكت بأن الخبير بنى تقديره لغلة الأطيان على أساس حالة الأرض وقت معاينته لها بعد مضي أكثر من 15 سنة من انتهاء الإجارة ولم يبن هذا التقدير على أساس الحالة التي كانت عليها الأرض وقت تأجيرها مما جعل هذا التقدير مخالفاً للحقيقة والواقع وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري فشابه قصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن فيما أورده الحكم المطعون فيه مما سبقت الإشارة إليه في الرد على الوجه الأول ما يكفي للرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص - ومردود في شقه الثاني بأنه وإن كان الطاعن قد تمسك أمام الخبير وأمام محكمة الموضوع بدرجتيها بهذا الوجه من الدفاع إلا أنه لما كان الأصل أن يكون تقدير غلة الأطيان المؤجرة على أساس حالتها وقت تأجيرها وليس على أساس حالتها في وقت لاحق وكان قيام الخبير بمعاينة الأرض أمراً تقتضيه طبيعة عمله ولا يعتبر بطريق اللزوم أنه بنى تقديره لغلة هذه الأرض على أساس حالتها وقت المعاينة وكان لا يوجد في التقرير ما يفيد أنه خالف الأصل المتقدم وقدر غلة الأطيان على أساس حالتها وقت إجراء المعاينة بل إن الثابت من هذا التقرير أن الخبير اتخذ أسعار الحاصلات التي وردت في الدفتر المقدم من الطاعن أساساً لتقديره ولا نزاع في أن هذه الأسعار هي الأسعار التي كانت سائدة في مدة الإيجار مما يفيد أن تقدير الخبير لغلة الأرض كان على أساس حالتها وقت تأجيرها وليس على أساس حالتها وقت معاينته لها. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن هذا الحكم أقام قضاءه بمسئوليته تأسيساً على أن ناظر الوقف قد عين حارساً قضائياً على الأعيان المؤجرة بصفته هذه مما يترتب عليه مساءلة جهة الوقف وهو من الحكم مخالفة للقانون ذلك أن الحراسة إنما أسندت إلى ناظر الوقف لكفاءته الشخصية في الإدارة ونزاهته وأمانته وأن هذه الصفات هي التي أهلته لثقة القاضي فعينه حارساً قضائياً ولم تكن صفته كناظر للوقف هي التي أهلته لهذه الثقة - هذا إلى أن الحارس القضائي وهو يمارس واجباته إنما يمثل الدائن والمدين والقاضي الذي عينه الأمر الذي يكون معه القول بمسئولية جهة الوقف عما نسب إلى ناظره من تقصير أثناء قيامه بواجبات الحراسة مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من الحكم رقم 1233 سنة 1943 سمنود أن المرحوم مصطفى النحاس بصفته ناظراً شرعياً على وقف المرحوم السيد عبد العال أقام الدعوى بطلب تعيينه بصفته المذكورة حارساً قضائياً على الأطيان موضوع عقد الإيجار المبرم بين هذا الوقف وبين المطعون ضده - وقد قضت المحكمة بتعيينه بهذه الصفة، حارساً قضائياً على الأطيان المؤجرة إلى المطعون ضده لإدارتها واستغلالها بالطريقة التي يراها مناسبة سواء أكانت بالتأجير أو الزراعة على حساب المدعى عليه "المطعون ضده" وذلك عن المدة الباقية من عقد الإيجار وخصم قيمة الإيجار السنوي والمصاريف وإيداع الباقي بعد ذلك خزانة المحكمة وظاهر من ذلك أن الوقف المذكور والذي كان يمثله ناظره المرحوم مصطفى النحاس هو الذي عين حارساً قضائياً على الأطيان. ولما كان المقرر في القانون المدني الملغى والقائم أن الحارس القضائي يلتزم بإدارة المال الموضوع تحت الحراسة القضائية وتقديم حساب عن هذه الإدارة ورد المال عند انتهاء الحراسة إلى صاحبه فإن هذه الالتزامات تقع على عاتق الوقف الطاعن بعد أن ثبت أنه هو الذي عين حارساً قضائياً على الأطيان المؤجرة وإذ كان الوقف شخصاً اعتبارياً فإنه يكون مسئولاً قبل الغير عن الخطأ الذي يقع من ممثله ويضر بهذا الغير وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أسس قضاءه برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضده في رفع الدعوى بمضي أكثر من ثلاث سنوات على انتهاء مدة العقد على أن مسئولية الحارس ناشئة عن نيابة قانونية قضائية فلا تسقط إلا بخمس عشرة سنة وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك أنه وقد كيف الحكم الحراسة بأنها نيابة قانونية قضائية ورفض النظر القائل بأنها علاقة عقدية فقد كان عليه أن يقبل هذا الدفع استناداً إلى المادة 172 من القانون المدني على اعتبار أن ما يقع من الحارس من أخطاء وهو يقوم بواجبات الحراسة لا يعدو أن يكون أخطاء تقصيرية تحكمها قواعد العمل غير المشروع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن التزام الحارس القضائي بحفظ المال المعهود إليه حراسته وإدارته ورده لصاحب الشأن عند انتهاء الحراسة وبتقديم حساب عن إدارته له هذه الالتزامات جميعاً مصدرها القانون فلا يتقادم إلا بمضي خمس عشرة سنة طبقاً للأصل العام المنصوص عليه في المادة 208 من القانون المدني القديم الذي يحكم الدعوى ولا يخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني القائم ولما كانت الدعوى الحالية هي دعوى بطلب إلزام الحارس القضائي (الوقف الطاعن) بتقديم حساب عن مدة الحراسة وبإلزامه بدفع فائض ريع العين التي كانت تحت الحراسة فإن التزامه بذلك لا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولكل ما تقدم يكون الطعن برمته غير سديد ويتعين رفضه.

الطعن 57 لسنة 34 ق جلسة 15 /10 / 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 189 ص 1258

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام، وإبراهيم أحمد الديواني.

---------------

(189)
الطعن رقم 57 لسنة 34 القضائية

1 - نقض. "إعلان الطعن".
وفاة المحكوم له أثناء ميعاد الطعن بالنقض. إعلان الطعن إلى ورثته جملة صحيح. المادة 383 مرافعات. لا محل للبحث وراء حكمة النص.
2 - حكم. "عيوب التدليل". "القصور. ما يعد كذلك".
إغفال الحكم الإشارة إلى دفاع جوهري. قصور.

-------------
1 - من مقتضى نص المادة 383 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يكون إعلان الطعن بالنقض إلى ورثة المحكوم له - المتوفى أثناء ميعاد الطعن - جملة صحيحاً طبقاً للرخصة التي أجازها المشرع في هذه المادة بإعلان الطعن إلى ورثة المحكوم له جملة إذا وقعت وفاته خلال الميعاد الذي يجب أن يتم إعلان الطعن فيه. ولا محل - وقد جاء هذا النص صريحاً - للبحث وراء الحكمة التي أملته والقول بطلان هذا الإعلان بدعوى أن الطاعنة علمت بوفاة المطعون عليه بمناسبة نظر طلب وقف التنفيذ وأنه كانت لديها الفرصة كافية للتحري عن محل إقامة جميع الورثة وإعلانهم بأسمائهم وصفاتهم لأشخاصهم أو في موطن كل منهم قبل صدور القانون رقم 43 لسنة 1965 بشأن السلطة القضائية الذي عمل به في 22/ 7/ 1965 ونص على اتباع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد قضى على الطاعنة دون الإشارة إلى دفاعها والرد عليه مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون معيباً بالقصور مما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 850 سنة 1960 كلي طنطا ضد وزارة الحربية - الطاعنة - طلب فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 2000 ج. وقال شرحاً لها إنه أقام بناء للسكنى "عمارة" في مدينة طنطا وأصدرت الطاعنة بتاريخ 29/ 8/ 1956 أمراً بالاستيلاء عليه ليكون مقراً لمنطقة التجنيد في طنطا، ثم أخطرته الطاعنة في 11/ 9/ 1956 بإجراء بعض تعديلات على البناء ليتفق مع الغرض الذي سيخصص له، وقام بتنفيذ هذه التعديلات جميعها وقدرت الطاعنة مبلغ 135 ج أجرة شهرية للبناء، واستمرت منطقة التجنيد تشغله حتى أنذرته الطاعنة بإخلائه في يوم 31/ 12/ 1957، وتم الإخلاء في هذا التاريخ، وأضاف المطعون عليه أنه أقام الدعوى رقم 302 سنة 1957 مستعجل طنطا لإثبات حالة البناء وتقدير تكاليف إعادته إلى الحالة التي كان عليها قبل إجراء التعديلات والمدة اللازمة لذلك وتقدير مقابل حرمانه من استغلال البناء خلال هذه المدة، وبعد أن قدم الخبير تقريره في تلك الدعوى أقام المطعون عليه دعواه الحالية للحكم له بطلباته وهي تمثل ما أنفقه من مبالغ لإعادة البناء إلى حالته الأولى والأجرة التي حرم منها خلال المدة اللازمة لإجراء التعديلات. وأحيلت الدعوى باتفاق الطرفين إلى محكمة القاهرة الابتدائية حيث قيدت برقم 152 سنة 1961 مدني كلي القاهرة. بتاريخ 8/ 11/ 1962 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 5 سنة 80 ق القاهرة. ومحكمة الاستئناف حكمت بتاريخ 30/ 11/ 1963 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تدفع إلى المطعون عليه مبلغ 1300 ج وبتاريخ 28/ 1/ 1964 قررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدم ورثة المطعون عليه مذكرة دفعوا فيها ببطلان الطعن. وقدمت النيابة العامة مذكرتين طلبت في الأولى منهما نقض الحكم وطلبت في الثانية بطلان الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت برأيها الأخير.
وحيث إن مبنى الدفع بالبطلان أن الطاعنة أعلنت الطعن في 5/ 8/ 1965 إلى ورثة المطعون عليه جملة وهو إعلان باطل، لأن المطعون عليه توفى بتاريخ 7/ 4/ 1964 وعلمت الطاعنة بوفاته بمناسبة نظر طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بجلسة 24/ 10/ 1964، وذلك قبل صدور قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 الذي عمل به من تاريخ نشره في 22/ 7/ 1965 ونص على اتباع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت لدى الطاعنة الفرصة الكافية للتحري عن جميع الورثة وموطن كل منهم وتوجيه الإعلان إليهم بأسمائهم وصفاتهم في الميعاد. أما بالنسبة للإعلان الذي وجه إلى الورثة بأسمائهم بتاريخ 24 و25 و27/ 5/ 1967 فقد تبين فيه أن أحد الورثة وهو عاطف محمد عبد الواحد هيبه لم يتم إعلانه كما أن الطاعنة لم توجه إعلاناً إلى عادل محمد عبد الواحد هيبه مع أنه من بين الورثة مما يبطل الطعن بالنسبة لهما، وهذا البطلان ينبني عليه بطلان الطعن جميعه لعدم قابلية موضوعه للتجزئة، وأضاف الحاضر عن ورثة المطعون عليه بالجلسة أن الطعن باطل أيضاً بالنسبة لآمال محمد عبد الواحد هيبه لأنها أعلنت بالطعن في شخص وصيها محمود محمد عبد الواحد هيبه بتاريخ 27/ 5/ 1967 مع أنها بلغت سن الرشد قبل ذلك التاريخ في 26/ 10/ 1965 وكان يتعين توجيه إعلان الطعن إليها.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 383 من قانون المرافعات قد نصت على أن "موت المحكوم له أثناء ميعاد الطعن يجيز لخصمه إعلان الطعن إلى ورثته جملة دون ذكر أسمائهم وصفاتهم وذلك في آخر موطن كان لمورثهم. ومتى تم إعلان الطعن على الوجه المتقدم وجب إعادة إعلانه لجميع الورثة بأسمائهم وصفاتهم لأشخاصهم أو في موطن كل منهم قبل الجلسة المحددة لنظر الطعن أو في الميعاد الذي تحدده المحكمة لذلك، وإذ يبين من الإعلام الشرعي المقدم بحافظة ورثة المطعون عليه أنه توفى في 7/ 4/ 1964، وكان يبين من أوراق إعلان الطعن أن الطاعنة أعلنت ورثة المطعون عليه جملة بالطعن في يوم 5/ 8/ 1965 في موطنه الكائن بشارع عبد الحليم رقم 6 بندر طنطا، فإن هذا الإعلان - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون قد تم صحيحاً طبقاً للرخصة التي أجازها المشرع في المادة المشار إليها بإعلان الطعن إلى ورثة المحكوم له جملة إذا وقعت وفاته خلال الميعاد الذي يجب أن يتم إعلان الطعن فيه، ولا محل بعد ذلك وقد جاء هذا النص صريحاً للبحث وراء الحكمة التي أملته والقول ببطلان هذا الإعلان بدعوى أن الطاعنة علمت بوفاة المطعون عليه بمناسبة نظر طلب وقف التنفيذ وأنه وإن كان لديها الفرصة كافية للتحري عن محل إقامة جميع الورثة وإعلانهم بأسمائهم وصفاتهم لأشخاصهم أو في موطن كل منهم قبل صدور القانون رقم 43 لسنة 1965 - بشأن السلطة القضائية - الذي عمل به في 22/ 7/ 1965 ونص على اتباع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون - لما كان ذلك وكانت الطاعنة - بعد أن أعلنت الطعن في الميعاد القانوني إلى ورثة المطعون عليه جملة - قامت بإعلانه إلى الورثة فرادى في أيام 24 و25 و27/ 5/ 1967 عدا عاطف محمد عبد الواحد هيبه وعادل محمد عبد الواحد هيبه اللذين أعلنتهما بتصريح من المحكمة في يومي 27 و28/ 5/ 1968 كما أنها أعلنت آمال محمد عبد الواحد هيبه في موطنها في يوم 26/ 5/ 1968 بعد بلوغها سن الرشد لما كان ما تقدم فإن إعلان الطعن يكون قد تم طبقاً للقانون ويكون الدفع بعدم قبول الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأنها اتفقت مع المطعون عليه على أن يقوم من ماله الخاص بجميع التعديلات التي طلبت إدخالها على مبناه الذي استولت عليه، وأنه قام بإجراء التعديلات المطلوبة تنفيذاً لهذا الاتفاق، فلا يجوز له بعد أن قامت الطاعنة بإخلاء البناء أن يطالبها بتكاليف إعادته إلى ما كان عليه واستدلت الطاعنة على ذلك بالإقرار المؤرخ 17/ 12/ 1956 الصادر من المطعون عليه، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري وقضى على الطاعنة، مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه لما كان يبين من الاطلاع على مذكرة الطاعنة المقدمة لجلسة 11/ 10/ 1962 أمام محكمة أول درجة ومذكرتها المقدمة لجلسة 30/ 11/ 1963 أمام محكمة الاستئناف أنها تمسكت في دفاعها بأنه ليس للمطعون عليه بعد أن قامت بإخلاء البناء الذي استولت عليه - الحق في مطالبتها بتكاليف إعادته إلى الحالة التي كان عليها قبل إدخال التعديلات عليه أو بمقابل حرمانه من استغلال البناء خلال المدة اللازمة لإجراء هذه التعديلات، ذلك أن المطعون عليه قد وافق على القيام بإجرائها من ماله الخاص، وقدمت الطاعنة أمام محكمة الموضوع للتدليل على صحة هذا الدفاع إقراراً مؤرخاً 17/ 12/ 1956 صادراً من المطعون عليه جاء به ما يلي: "أقر أنا الحاج محمد عبد الواحد هيبه - المطعون عليه - بطنطا بأن أسلم منطقة تجنيد طنطا العمارة ملكي الكائنة بشارع المدرسة كاملة تماماً بدون أي نقص يوم 25/ 12/ 1956 وأقر بأن إدارة التجنيد لها الحق في استكمال أي نقص بمعرفتها على حسابي الخاص وليس لي الحق في طلب أي تعويض وهذا إقرار مني بذلك". وإذ قضى الحكم المطعون فيه على الطاعنة دون الإشارة إلى دفاعها سالف البيان والرد عليه مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 367 لسنة 34 ق جلسة 4 /10 / 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 188 ص 1254

جلسة 4 من سبتمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين، أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام.

----------------

(188)
الطعن رقم 367 لسنة 34 القضائية

محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل".
كفاية الأدلة المقدمة في الدعوى لتكوين عقيدة المحكمة. عدم التزامها بضم أوراق استجابة لطلب أحد الخصوم.

-----------
متى اقتنعت المحكمة بعدم جدية طلب ضم محضري جرد وحصر تركة المورث وبكفاية باقي الأدلة المقدمة في الدعوى وهو أمر يدخل في نطاق تقديرها الموضوعي، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم ير محلاً لإجابة الطاعن إلى طلب ضم هذين المحضرين لا يكون قد أخل بحق الطاعن في الدفاع  (1) .


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 315 سنة 1961 كلي المنيا ضد المطعون عليه الثاني والمرحوم
صاروفيم فرحان مورث باقي المطعون عليهم بطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى ثلاثة قراريط ونصف من أربع وعشرين قيراطاً في أرض ومباني المنزل المبين بصحيفة الدعوى وبالتسليم وبإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا له مبلغ 170 ج و622 م وقال شرحاً للدعوى إن والده المرحوم حبيب فرحان عبد الشهيد كان يملك على الشيوع مع أخويه المطعون عليه الثاني ومورث باقي المطعون عليهم المنزل المبين بصحيفة الدعوى، وأنه يخصه في هذا المنزل بالميراث عن والده 3.5 قيراطاً من 24 قيراطاً واستند إلى محرر مؤرخ 27/ 11/ 1926 يقول فيه المطعون عليه الثاني إن المساحة البالغة 1 ط و12 س التي تعاقد على شرائها ممن يدعى عبد الله عطيه هي لذمته وذمه أخويه وهما الطاعن ومورث باقي المطعون عليهم كل منهم بحق الثلث، كما كان يملك والده ماشية تقدر بمبلغ 390 ج يخصه من ثمنها مبلغ 170 ج و652 م وأضاف الطاعن يقول إنه إذ كان قاصراً وقت وفاة والده في 23/ 7/ 1942 وكانت التركة في حيازة الأخوين وقد أنكرا حقه فيها فقد أقام دعواه بطلباته المتقدم ذكرها، وطلب أثناء نظر الدعوى إحالتها إلى التحقيق كما طلب المطعون عليهم إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبتوا أن المنزل موضوع النزاع قد أقامه المطعون عليه الثاني ومورث باقي المطعون عليهم من مالهما الخاص على مساحة تبلغ 583 متراً إذ اشتريا قطعة من الأرض وضماها إلى القطعة البالغ مساحتها 1 ط و12 س موضوع المحرر المؤرخ 27/ 11/ 1926 ولم يضع مورث الطاعن اليد على العقار أصلاً أرضاً أو بناء. وبتاريخ 22/ 5/ 1962 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن مورثه حبيب فرحان كان يشارك أخويه لبيب وصاروفيم في الماشية المبينة بصحيفة الدعوى وأنهما لم يسلما للطاعن نصيبه فيها وليثبت المطعون عليهم أن والد الطاعن لم يضع يده على الأرض المبينة بالمحرر المؤرخ 27/ 11/ 1926 وأن المطعون عليه الثاني ومورث باقي المطعون عليهم هما اللذان أقاما المنزل موضوع الدعوى من مالهما الخاص على مساحة الأرض سالفة البيان بعد أن ضما إليها مساحة أخرى وأن مورث الطاعن لم يضع يده على أي جزء من المساحتين أو المنزل. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت في 11/ 12/ 1962 برفض الدعوى، واستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 465 سنة 1 ق بني سويف، وفي 6 إبريل سنة 1964 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، ويقول في بيان ذلك إنه طلب من المحكمة الابتدائية ضم محضري جرد وحصر تركة مورثه المودعين محكمة الأحوال الشخصية للتدليل بهما على ملكية والده بالمشاع مثالثة مع أخويه صاروفيم ولبيب فرحان للمنزل والماشية موضوع الدعوى، ولكن المحكمة اكتفت بإحالة الدعوى إلى التحقيق، فعاد الطاعن وطلب بعد سماع الشهود وحجز القضية للحكم فتح باب المرافعة لذات السبب ولم تجبه المحكمة إلى طلبه وأصدرت حكمها برفض الدعوى. فضمن الطاعن صحيفة الاستئناف النعي على حكم محكمة أول درجة عدم ضمها المحضرين المشار إليهما ولكن محكمة الاستئناف لم تحقق هي الأخرى دفاعه رغم أنه دفاع جوهري.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر في صدد الرد على سبب الاستئناف الخاص بعدم ضم محكمة أول درجة محضري الجرد والحصر - أنه ثبت من إعلام وفاة ووراثة والد الطاعن أن هذا الأخير كان بالغاً في سنة 1942 عند وفاة والده ولم يكن قاصراً كما يدعي، وأن المطعون عليه الثاني ومورث باقي المطعون عليهم قد وضعا اليد على الحصة المملوكة لمورث الطاعن في العقار موضوع المحرر المؤرخ 27/ 11/ 1926 فيكونان بذلك قد تملكا هذه الحصة بالتقادم الطويل المكسب للملكية، كما أحال الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص إلى قضاء محكمة أول درجة الذي جاء به أن المحكمة لا ترى موجباً لفتح باب المرافعة لتطلع على محضر الجرد المقال أنه مودع محكمة الأحوال الشخصية لأن الطاعن وهو صاحب صفة ومصلحة كان يستطيع تقديم صورة منه. ولما كان مفاد ذلك هو اقتناع المحكمة بعدم جدية طلب الضم وكفاية باقي الأدلة المقدمة في الدعوى، وهو أمر يدخل في نطاق تقديرها الموضوعي، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم ير محلاً لإجابة الطاعن إلى طلب ضم محضري الجرد والحصر لا يكون قد أخل بحق الطاعن في الدفاع.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف الثابت بالأوراق إذ بنى قضاءه على ما استخلصته محكمة أول درجة من شهادة الشهود وترجيحها لشهود المطعون عليهم وهو استخلاص يخالف الثابت من أقوال الشهود ومستندات الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الطاعن لم يبين وجه مخالفة الحكم لما هو ثابت بأقوال الشهود ومستندات الدعوى مما يجعل النعي بهذا السبب مجهلاً قاصر البيان.
وحيث إن حاصل السبب الثالث القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه أخذ بأسباب الحكم الابتدائي دون أن يناقش وقائع الدعوى وملابساتها ولم يرد على أسباب الاستئناف.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد وقائع الدعوى وما انتهت إليه محكمة أول درجة من إحالة الدعوى إلى التحقيق ثم الحكم برفضها والأساس الذي أقامت عليه هذا القضاء - أورد بعد ذلك - أسباب الاستئناف وأحال في الرد عليها إلى أسباب حكم محكمة أول درجة مضيفاً إليها أسباباً جديدة، لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المطعون عليهم لم يتمسكوا بتملكهم لحصة مورثه في العقار بالتقادم الطويل المكسب للملكية إلا أن المحكمة بحثت ذلك من تلقاء نفسها وأسست عليه قضاءها برفض الدعوى الأمر الذي يخالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه لما كان يبين من مذكرة المطعون عليهم المقدمة لمحكمة أول درجة لجلسة 11/ 12/ 1962 أنهم تمسكوا بتملكهم الأرض وما أقيم عليها من مبان بالتقادم المكسب للملكية فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ استند إلى هذا الدفاع وأسس عليه قضاءه ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1)نقض 23/ 3/ 1966. الطعن 43 لسنة 33 ق أحوال شخصية. مجموعة المكتب الفني س 17 ص 666.