الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 12 أكتوبر 2020

الطعن 835 لسنة 39 ق جلسة 29 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 302 ص 1461

جلسة 29 ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومحمد ماهر محمد حسن.

----------

(302)
الطعن رقم 835 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) ضرائب. شركات. مسئولية جنائية. "المسئولية المفترضة". "المسئولية التضامنية". فاعل أصلي. اشتراك. أشخاص اعتبارية. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
(أ ) فرض الشارع الضريبة في شركات التضامن. على كل شريك. بما يتناسب وحصته في الشركة. المواد 34، 41، 48 من القانون رقم 14 لسنة 1939. علة ذلك.
تقديم الإقرار الضريبي عن الشركة من أحد الشركاء أو من مديرها. يجزئ من تقديم كل شريك إقراراً منفرداً.
مساءلة الشريك عن الغش في الإقرار الضريبي. لمحض كونه شريكاً. غير صحيحة.

)ب) عدم مساءلة الشخص جنائياً. بصفة فاعل أو شريك. إلا عما يكون لنشاطه دخل في وقوعه. المسئولية المفترضة أو التضامنية. استثناء. لا يكون إلا بنص الشارع في حدود هذا النص.
)ج) ضرائب. مسئولية جنائية. إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
تقديم مدير شركة التضامن إقرارات مدعي أنها غير صحيحة. مساءلة باقي الشركاء عنها. مع خلو الأوراق من دليل يفيد اطلاعهم عليها أو علمهم بما جاء فيها. خطأ.
)د) تعويض. ضرائب. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
إلزام المتهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة. دون استظهار سوء القصد وتعمد التخلص من الضريبة. خطأ.

--------------
1 - إن المستفاد من نصوص المواد 34، 41، 48 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والقوانين المعدلة له، أن المشرع فرض الضريبة في شركات التضامن على كل شريك شخصياً عن حصة في أرباح الشركة تتناسب مع حقوقه في الشركة، وذلك تطبيقاً لمبدأ راجعية الضريبة من جهة، وتوسعه على الشركاء في حد الإعفاء بمعاملتهم فرادى لا مجتمعين من جهة أخرى، إلا أنه لم يمنع تقديم الإقرار الضريبي عن الشركة كلها من أي الشركاء أو المدير المعين للشركة، بما يجزئ عن تقديم كل منهم لإقرار منفرد، إذ لا زالت الشركة في هذا الخصوص مخاطبة كشخص معنوي متميز عن أشخاص الشركاء، وحينئذ لا تجوز مساءلة أي من الشركاء الآخرين جنائياً عن الغش الذي قد يقع في هذا الإقرار لمحض أنهم شركاء في شركة تضامن.
2 - من المقرر أن الشخص لا يسأل جنائياً بصفته فاعلاً أو شريكاً، إلا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه، سواء كان ارتكاباً أو تركاً، إيجاباً أو سلباً، وذلك طبقاً لأوامر الشارع ومناهيه، ولا مجال للمسئولية المفترضة أو المسئولية التضامنية في العقاب، إلا استثناء بنص القانون، وفي حدود ما أسنه وأوجبه.
3 - متى كان المستفاد من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول بوصفه مديراً للشركة هو وحده الذي قدم لمصلحة الضرائب الإقرارات الضريبية المقول بعدم صحتها عن أرباح الشركة وحصص الشركاء فيها، وأن مصلحة الضرائب قبلت هذه الإقرارات وجرت على محاسبة الشركاء على أساسها، وكان الحكم قد أسس قضاءه بإدانة الطاعنين الثاني والثالث والرابع بوصفهم شركاء متضامنين، عن جريمة الإدلاء ببيانات غير صحيحة بقصد التهرب من أداء الضريبة، قولا بأن هذه الإقرارات لم تقدم إلا بعد اطلاعهم عليها وموافقتهم على ما جاء بها، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن ملف الدعوى قد خلا تماماً من هذه الإقرارات، كما لم يرد ذكر الطاعنين المذكورين في محاضر المناقشات التي أجرتها لجان الفحص الضريبي مع الطاعن الأول - مدير الشركة - وخلت أوراق الدعوى كذلك مما يعين على الجزم باطلاع هؤلاء الطاعنين على هذه الإقرارات أو موافقتهم عليها قبل تقديمها لمصلحة الضرائب حتى يسوغ اعتبارهم مسئولين جنائياً عن الغش الحاصل فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً.
4 - إذا كان الحكم قد قضى بإلزام المطعون ضدهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة دون أن يستظهر سوء القصد لديهم وتعمدهم التخلص من الضريبة المستحقة، فإنه يكون معيباً واجب النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في الفترة من أول فبراير سنة 1949 إلى نهاية سنة 1959 بدائرة مركز بلقاس: (أولاً) وهم ممولون لم يتقدموا لمصلحة الضرائب بإقرارات صحيحة شاملة. (ثانياً) وهم ممولون أدلوا ببيانات غير صحيحة في الإقرارات والأوراق المقدمة منهم إلى مصلحة الضرائب بقصد التخلص من أداء بعض الضرائب. وطلبت عقابهم بالمواد 47 و85/ 1 و85 مكرر فقرة أولى وثانية من القانون رقم 14 سنة 1939 المعدل بالقانون رقم 275 لسنة 1956 والقرار الوزاري 41 لسنة 1958. ومحكمة بلقاس الجزئية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأربعة والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة إلى المتهم الخامس (أولاً) بتغريم كل من المتهمين الأول والثاني والثالث ثلاثين جنيهاً وتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة عن السنوات من أول سنة 1949 إلى نهاية سنة 1959 عن التهمتين بلا مصاريف جنائية. (ثانياً) بتغريم المتهم الرابع ثلاثين جنيهاً وتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة عن السنوات من أول سنة 1949 إلى نهاية سنة 1957 عن التهمتين بلا مصاريف جنائية (ثالثاً) ببراءة المتهم الخامس من التهمتين بلا مصاريف جنائية. فعارض المحكوم عليهم في هذا الحكم وقضى في معارضتهم بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصاريف. فاستأنف المتهمون هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون الثاني والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي عدم تقديم إقرارات صحيحة وشاملة لمصلحة الضرائب وإدلائهم ببيانات غير صحيحة في الإقرارات والأوراق المقدمة منهم بقصد التخلص من أداء بعض الضرائب المستحقة عليهم قد انطوى على خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال كما أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أسس قضاءه بإدانتهم على أن الإقرارات لم تقدم إلى مصلحة الضرائب إلا بعد إطلاعهم عليهم وإقرارهم للبيانات غير الصحيحة التي دونت بها في حين أن ذلك لا دليل عليه ولا أصل له في الأوراق. ولا تصح مساءلتهم عن الجريمة لمجرد أنهم شركاء في شركة تضامن مع الطاعن الأول الذي قدم الإقرار نيابة عنهم لأن ذلك لا يرتب تضامناً منهم في المسئولية الجنائية عن الجرائم الضريبية التي تقع من أحدهم إذ المسئولية الجنائية شخصية، أما قول الحكم بأن التسليم بدفاعهم يجعلهم في حكم الممتنعين عن تقديم الإقرارات فهو استدلال فاسد، لما يعنيه من أن المحكمة قد اتخذت من دفاعهم دليلاً عليهم، ومع ذلك فإن الشريك المتضامن يستفيد من عمل شريكه فيما يدرأ التهمة عنه إلا أنه لا يسأل جنائياً إلا عما يكون لنشاطه هو دخل في وقوعه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عرض لدفع الطاعنين بانتفاء مسئوليتهم عن الجريمتين تأسيساً على أن الطاعن الأول هو الذي قدم الإقرارات المتضمنة للبيانات غير الصحيحة موضوع الاتهام ورد عليه بقوله "هذا الدفع هو الآخر مردود لأن الضريبة في شركات التضامن تفرض على كل شريك شخصياً عن حصته في الأرباح تعادل نصيبه في الشركة وكل شريك ملتزم بتقديم الإقرار الخاص بربحه إلى مصلحة الضرائب لاحتساب الضريبة المقررة عليه. فإذا كان المتهم الأول - الطاعن الأول - باعتباره القائم على إدارة الشركة قد قدم الإقرار عن قيمة نصيبه في الشركة وكذلك عن نصيب كل من باقي المتهمين شركائه في المؤسسة بعد اطلاعهم عليه وعلمهم بمضمونه وقد وافقوا على ذلك رغم علمهم بأن الإقرارات جميعها سواء بالنسبة لهم أو للمتهم الأول غير صحيحة وأنه على هذا الأساس ستربط الضريبة على كل منهم فإنهم وقد ارتضوا هذا الوضع يكونون مسئولين عن كل مخالفة في تلك الإقرارات التي ارتضوها سلفاً وإلا كانوا قد تقدموا بالإقرارات الصحيحة بأنفسهم لأن القانون يفرض عليهم الالتزام بتقديم تلك الإقرارات لمصلحة الضرائب. والقول بغير ذلك يجعلهم في حكم من امتنع عن تقديم الإقرار في حين أنهم لم يقولوا هذا القول وإنما جاءت كلمتهم على أنهم تقدموا بإقرارات غير صحيحة ومن ثم فإنه يتعين إطراح هذا الدفع. لما كان ذلك، وكان المستفاد من نصوص المواد 34 و41 و48 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والقوانين المعدلة له أن المشرع فرض الضريبة في شركات التضامن على كل شريك شخصياً عن حصة في أرباح الشركة تتناسب مع حقوقه في الشركة، وذلك تطبيقاً لمبدأ راجعية الضريبة من جهة، وتوسعه على الشركاء في حد الإعفاء بمعاملتهم فرادى لا مجتمعين من جهة أخرى، إلا أنه لم يمنع تقديم الإقرار الضريبي عن الشركة كلها من أي من الشركاء أو من المدير المعين للشركة، بما يجزئ عن تقديم كل منهم لإقرار منفرد إذ لا زالت الشركة في هذا الخصوص مخاطبة كشخص معنوي متميز عن أشخاص الشركاء، وحينئذ لا تجوز مساءلة أي من الشركاء الآخرين جنائياً عن الغش الذي قد يقع في هذا الإقرار لمحض أنهم شركاء في شركة تضامن إذ المقرر أن الشخص لا يسأل جنائياً بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه سواء كان ارتكاباً أو تركاً، إيجاباً أو سلباً وذلك طبقاً لأوامر الشارع ومناهيه ولا مجال للمسئولية المفترضة أو المسئولية التضامنية في العقاب إلا استثناء بنص القانون وفي حدود ما استنه وأوجبه. لما كان ذلك، وكان المستفاد من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول بوصفه مديراً للشركة هو وحده الذي قدم لمصلحة الضرائب الإقرارات الضريبية المقول بعدم صحتها عن أرباح الشركة وحصص الشركاء فيها وأن مصلحة الضرائب قبلت هذه الإقرارات وجرت على محاسبة الشركة على أساسها وكان الحكم قد أسس قضاءه بإدانة الطاعنين الثاني والثالث والرابع بوصفهم شركاء متضامنين عن جريمة الإدلاء ببيانات غير صحيحة بقصد التهرب من أداء الضريبة قولاً بأن هذه الإقرارات لم تقدم إلا بعد اطلاعهم عليها وموافقتهم على ما جاء بها، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن ملف الدعوى قد خلا تماماً من هذه الإقرارات - كما لم يرد ذكر للطاعنين المذكورين في محاضر المناقشات التي أجرتها لجان الفحص الضريبي مع الطاعن الأول - مدير الشركة - وخلت أوراق الدعوى كذلك مما يعينه على الجزم باطلاع هؤلاء الطاعنين على هذه الإقرارات أو موافقتهم عليها قبل تقديمها لمصلحة الضرائب حتى يسوغ اعتبارهم مسئولين جنائياً عن الغش الحاصل فيها هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامهم بتعويض يعادل ثلاثة أمثال ما لم يؤد من الضريبة دون أن يستظهر سوء القصد لديهم وتعمدهم التخلص من الضريبة المستحقة. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث والرابع وكذلك بالنسبة للطاعن الأول نظراً لوحدة الواقعة واقتضاء لحسن سير العدالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن

الطعن 957 لسنة 39 ق جلسة 29 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 304 ص 1477

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وسعد الدين عطية، وأنور أحمد خلف، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

----------------

(304)
الطعن رقم 957 لسنة 39 القضائية

إعلان. حكم. "بطلانه". بطلان. حكم. "إجراءات المحاكمة". معارضة. "نظرها. والحكم فيها".
بطلان الحكم الذي يصدر في جلسة غير الجلسة المحددة لنظر الدعوى. ما دام أن المتهم لم يعلن بالجلسة الجديدة.

---------------
متى كان يبين من الاطلاع على الأوراق أنه حدد لنظر معارضة المتهم الاستئنافية جلسة 30/ 9/ 1968 غير أنها نظرت بجلسة 3/ 9/ 1968 دون أن يعلن المعارض بالجلسة الأخيرة، فإن الحكم الصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن يكون قد جاء باطلاً، إذ لم يمكن المتهم من إبداء دفاعه بالجلسة التي حددت لنظر المعارضة في الحكم الغيابي الاستئنافي لسبب لا يد له فيه، وهو نظرها في جلسة لم يعلن بها، مما يتعين معه نقض الحكم المذكور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 7 نوفمبر سنة 1967 بدائرة بندر المحلة: ( أولاً) باع سلعة مسعرة "حجارة طورش" بسعر يزيد عن السعر المقرر. (ثانياً) لم يعلن عن أسعار السلع المبينة بالمحضر على النحو المقرر قانوناً.
وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و6 و9 و11 و14 و16 و20 من المرسوم بقانون 163 لسنة 1950 المعدل. ومحكمة بندر المحلة قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم 100 ج مائة جنيه والمصادرة عن التهمة الأولى و500 قرش عن التهمة الثانية وشهر ملخص الحكم لمدة شهر بحروف كبيرة على واجهة المحل بلا مصاريف جنائية. عارض، وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن بلا مصاريف. فاستأنف المتهم هذا الحكم، ومحكمة طنطا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد بلا مصروفات جنائية. عارض، وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن بلا مصروفات. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى باعتبار معارضة المتهم في الحكم الغيابي الاستئنافي كأن لم تكن، قد شابه البطلان، ذلك بأن عدم مثوله أمام المحكمة بالجلسة التي صدر فيها الحكم إنما يرجع إلى أن الدعوى نظرت في جلسة خلاف الجلسة التي حددت في تقرير المعارضة ودون أن يعلن بتلك الجلسة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أنه حدد لنظر معارضة المتهم الاستئنافية جلسة 30/ 9/ 1968 غير أنها نظرت بجلسة 3/ 9/ 1968 دون أن يعلن بالجلسة الأخيرة. لما كان ذلك، فإن الحكم الصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن يكون قد جاء باطلاً إذ لم يمكن المتهم من إبداء دفاعه بالجلسة التي حددت لنظر المعارضة في الحكم الغيابي الاستئنافي لسبب لا يد له فيه وهو نظرها في جلسة لم يعلن بها مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة.


الطعن 1226 لسنة 39 ق جلسة 29 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 305 ص 1479

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، والدكتور محمد محمد حسنين.

--------------

(305)
الطعن رقم 1226 لسنة 39 القضائية

(أ، ب) تحقيق. "التحقيق بمعرفة النيابة. إجراءاته". نيابة عامة. "التحقيق بمعرفتها". "إجراءاته" إجراءات. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير قيام الضرورة".
(أ ) جواز ندب غير كاتب التحقيق المختص لتدوين محضر التحقيق في حالة الضرورة. تقدير الضرورة أمر موكول لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
(ب) الأصل في الإجراءات الصحة. خلو محضر التحقيق من بيان الظروف التي دعت النيابة إلى ندب غير كاتب التحقيق المختص لا ينفي قيام الضرورة.
(ج، د) تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير جدية التحريات المسوغة لإصدار أمر التفتيش". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
(ج) تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. أمر موضوعي.
(د) استدلال الحكم على جدية التحريات بالعثور على المخدر بعد التفتيش. تزيد لا يؤثر فيه. ما دام أنه قد أثبت أن أمر التفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره.
(هـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش". تفتيش. "الدفع ببطلان الإجراءات". مواد مخدرة.
بيانات حكم الإدانة؟ جمع الحكم بين سببي الدفع ببطلان أمر التفتيش عند تحدثه عن رفض هذا الدفع. لا عيب.
(و) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "المصلحة في الطعن". مواد مخدرة.
إثبات الحكم العثور في جيب الطاعن على قطعة من المخدر. لا مصلحة للطاعن في القول بأن المخدر الذي ضبط في الخلاء لا يمكن نسبة إحرازه إليه. طالما أنه لم يكن لإحراز هذا المخدر أثر في وصف التهمة التي دين بها الطاعن.

-----------
1 - يجوز في حالة الضرورة ندب غير كاتب التحقيق المختص لتدوين محضر التحقيق، وتقدير هذه الضرورة موكول لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد أقرت سلطة التحقيق على هذا الإجراء، وكان الطاعن لا يدعي أن ما ورد في محضر التحقيق يخالف الحقيقة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
2 - الأصل في الإجراءات الصحة، ومن ثم فإن خلو محضر التحقيق من بيان الظروف التي دعت النيابة إلى ندب غير الكاتب المختص لا ينفي قيام الضرورة إلى ندب غيره.
3 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش وأنها عن جريمة وقعت من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
4 - ما قاله الحكم استدلالاً على جدية التحريات من العثور على المخدر بعد التفتيش - تزيد لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن أمر التفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره.
5 - لم يرسم القانون حدوداً شكلية يتعين مراعاتها في تحرير الأحكام غير ما أوجبه من ذكر البيانات المنصوص عليها في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية فلا يعيب الحكم أن يجمع بين سببي الدفع ببطلان أمر التفتيش عند تحدثه عن رفض هذا الدفع.
6 - متى كان الحكم قد أثبت أنه عثر في جيب الطاعن على قطعة من المخدر، فلا مصلحة للطاعن في القول بأن المخدر الذي ضبط في الخلاء لا يمكن نسبة إحرازه إليه لأنه لم يكن لإحراز هذا المخدر أثر في وصف التهمة التي دين بها الطاعن ويبقى الوصف صحيحاً حتى مع التسليم بأنه لم يكن محرزاً له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 10 فبراير سنة 1968 بدائرة قسم دمياط من أعمال محافظة دمياط: حاز وأحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً على الوجه المبين بالأوراق. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد المبينة بأمر الإحالة. فقرر بذلك، ومحكمة جنايات دمياط قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 206 لسنة 1960 و40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه في جريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جاء مشوباً بالقصور في التسبيب والخطأ في القانون والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لأنه صدر عن جريمة مستقبلة، كما لم تسبقه تحريات جدية ورد الحكم على هذا الدفع رداً غير سائغ، كما أن الحكم دانه بحيازة مخدر ضبط في الخلاء بعيداً عن سيطرته مما لا يصح نسبة حيازته إليه وهو ما أكده الضابط إذ قرر باحتمال أن يكون هذا المخدر لآخرين خلاف الطاعن. هذا إلى أن الطاعن قد دفع ببطلان تحقيق النيابة لأن وكيل نيابة قسم دمياط استعان في تدوين محضر التحقيق بأحد موظفي نيابة مركز دمياط دون ضرورة ظاهرة فضلاً عن أنه لم يثبت في محضره العلة التي دعته إلى الاستعانة بكاتب من نيابة أخرى حتى تستظهر المحكمة إن كانت تلك العلة تسوغ هذا الإجراء أم لا تسوغه، وكان رد الحكم على هذا الدفع غير سديد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال رئيس قسم مكافحة المخدرات بدمياط والشرطي الذي كان مرافقاً له ومن تقرير التحليل ثم عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ولعدم جدية التحريات التي بني عليها ورد عليه في قوله "ولا تعول المحكمة على هذا الدفع ذلك أن الثابت من محضر التحريات السابقة لإصدار الإذن أن المتهم يحرز المخدرات، وقد تأيد ذلك بالعثور عليها بعد التفتيش مما يؤكد جديتها، وأن التحريات التي قام بها الضابط بعد استصدار الإذن كانت عن مكان وجود المتهم حيث لم يكن له مقر يستقر فيه ولم تكن هذه التحريات عن واقعة الإحراز". لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش وأنها عن جريمة وقعت من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. وإذ كان القانون لم يرسم حدوداً شكلية يتعين مراعاتها في تحرير الأحكام غير ما أوجبه من ذكر البيانات المنصوص عليها في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، فلا يعيب الحكم أن يجمع بين سببي الدفع ببطلان أمر التفتيش عند تحدثه عن رفض هذا الدفع. أم ما قاله الحكم استدلالاً على جدية التحريات من العثور على المخدر بعد التفتيش فهو تزيد لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن أمر التفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أنه عثر في جيب الطاعن على قطعة من المخدر، فلا مصلحة للطاعن في القول بأن المخدر الذي ضبط في الخلاء لا يمكن نسبة إحرازه إليه، لأنه لم يكن لإحراز هذا المخدر أثر في وصف التهمة التي دين بها الطاعن ويبقى الوصف سليماً حتى مع التسليم بأنه لم يكن محرزاً له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان التحقيق لاستعانة المحقق بكاتب من نيابة أخرى ورد عليه في قوله "أما بالنسبة للدفع الثاني ببطلان التحقيق لاصطحاب وكيل النيابة سكرتيراً للتحقيق غير سكرتير التحقيق المختص فإن المستقر عليه أنه يجوز لوكيل النيابة المحقق أن يندب أي شخص لاصطحابه في التحقيق، كما له في حاله الضرورة أن يجرى التحقيق ويدونه بنفسه، أما وقد اصطحب معه كاتباً آخر من نيابة أخرى فهو يعتبر انتداباً منه له ولو لم يشر إلى ذلك صراحة، ومن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس سليم خليق بالرفض" وما أورده الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ذلك بأن الأصل في الإجراءات الصحة ويجوز في حالة الضرورة ندب غير كاتب التحقيق المختص لتدوين محضر التحقيق، وخلو محضر التحقيق من بيان الظروف التي دعت النيابة إلى ندب غير الكاتب المختص لا ينفي قيام الضرورة إلى ندب غيره وتقدير هذه الضرورة موكول لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد أقرت سلطة التحقيق على هذا الإجراء، وكان الطاعن لا يدعي أن ما ورد في محضر التحقيق يخالف الحقيقة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً


الطعن 1232 لسنة 39 ق جلسة 29 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 307 ص 1488

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني, وعضوية السادة المستشارين: محمد السيد الرفاعي, وطه الصديق دنانه, ومصطفى محمود الأسيوطي, ومحمد ماهر محمد حسن.

-----------

(307)
الطعن رقم 1232 لسنة 39 القضائية

(أ) خيانة أمانة. تبديد. جريمة. "تعيين تاريخ وقوعها". محكمة الموضوع. "سلطتها في تعيين تاريخ وقوع الجرائم".
تعيين تاريخ الجرائم. أمر موضوعي.
(ب) دعوى جنائية. "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. خيانة أمانة. تبديد. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
ميعاد انقضاء الدعوى الجنائية في جريمة خيانة الأمانة. بدؤه من تاريخ طلب الشيء المختلس والامتناع عن رده أو ظهور عجز المتهم عنه. إلا إذا قام الدليل على خلافه. مثال.
(ج, د) محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". دعوى جنائية. "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم.
(ج) سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعن. ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه في الدفاع.
(د) تأجيل محكمة ثاني درجة الدعوى عدة مرات ثم حجزها للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات. اقتصار المدافع عن الطاعن في مذكرته على التحدث في الدفاع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. قضاء المحكمة بإدانته, لا إخلال بحق الدفاع. ما دام أن المحكمة لم تحل دون إتمام دفاعه أو تحدد له نطاقه أو تجزئه عليه.

--------------
1 - تعيين تاريخ وقوع الجرائم عموماً, ومنها جريمة خيانة الأمانة, مما يستقل به قاضي الموضوع, ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض.
2 - لا يبدأ ميعاد انقضاء الدعوى الجنائية بجريمة خيانة الأمانة من تاريخ إيداع الشيء المختلس لدى من أؤتمن عليه بل من تاريخ طلبه والامتناع عن رده أو ظهور عجز المتهم عنه, إلا إذا قام الدليل على خلافه. ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي اعتبرت تاريخ إعلان عريضة الدعوى من جانب المدعي بالحق المدني مبدأ لسريان المدة المقررة في القانون لانقضاء الحق في إقامة الدعوى الجنائية طالما أن الطاعن لم يثبت أسبقية الحادث عن ذلك التاريخ كما لم يتبين القاضي من تلقاء نفسه هذه الأسبقية.
3 - من المقرر أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعن ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه في الدفاع.
4 - متى كان يبين من الاطلاع على محاضر الجلسات أن محكمة ثاني درجة أجلت الدعوى عدة مرات ثم حجزتها للحكم وصرحت بتقديم مذكرات فاقتصر المدافع عن الطاعن في مذكرته عن التحدث في الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة, وكانت المحكمة لم تحل دون إتمامه لدفاعه أو تحدد له نطاقه أو تجزئه عليه, فان ما يثيره الطاعن من أن المحكمة إذ قضت بإدانته قد أخلت بحقه في الدفاع لا يكون له وجه.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة طنطا الجزئية ضد الطاعن متهماً إياه بأنه في يوم 28 نوفمبر سنة 1963 بدائرة مركز طنطا محافظة الغربية: بدد الأخشاب المبينة الوصف والموضحة بسند الأمانة المؤرخ 28 نوفمبر سنة 1963. وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه أن يدفع قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعي بالحق المدني المصاريف وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم كما استأنفه المدعي بالحق المدني. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وإلزامه أن يدفع إلى المدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيه واحد وخمسين جنيهاً تعويضاً مؤقتاً والمصروفات المدنية ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض......إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع, ذلك بأن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وساءل الطاعن عن جريمة خيانة الأمانة مع أن عريضة الدعوى دلت على أن الأخشاب المقول بتبديدها أودعت لدى الطاعن في 28 نوفمبر 1963 وهو ما اتخذه المدعي بالحق المدني تاريخاً للاختلاس ومن ثم يكون قد مضى على وقوع الجريمة أكثر من ثلاث سنوات قبل رفع الدعوى بها. كما أن محامي الطاعن لم يتناول سوى الدفع بانقضاء الدعوى, واحتفظ لنفسه بحق الكلمة في موضوعها إلا أن المحكمة قضت بإدانته معرضة عن تحفظه مما يعيب حكمها بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية كافة لجريمة خيانة الأمانة التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أمن تؤدي إلى ما رتب عليها عرض للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية فأطرحه بما ينتجه, لما كان ذلك, وكان تعيين تاريخ وقوع الجرائم عموماً, ومنها جريمة خيانة الأمانة, مما يستقل به قاضي الموضوع, ولا رقابه عليه في ذلك لمحكمة النقض, وكان ميعاد انقضاء الدعوى الجنائية بجريمة خيانة الأمانة لا يبدأ من تاريخ إيداع الشيء المختلس لدى من أؤتمن عليه بل من تاريخ طلبه والامتناع عن رده أو ظهور عجز المتهم عنه إلا إذا قام الدليل على خلافه, فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي اعتبرت تاريخ إعلان عريضة الدعوى من جانب المدعي بالحق المدني مبدأ لسريان المدة المقررة في القانون لانقضاء الحق في إقامة الدعوى الجنائية طالما أن الطاعن لم يثبت أسبقية الحادث عن ذلك التاريخ كما لم يتبين القاضي من تلقاء نفسه هذه الأسبقية ومن المقرر أن سكوت الطاعن أو المدافع عنه لا يصح أن يبنى عليه طعن ما دامت المحكمة لم تمنعه من مباشرة حقه في الدفاع. لما كان ذلك, وكان يبين من الاطلاع على محاضر الجلسات المحاكمة أن محكمة ثاني درجة أجلت الدعوة عدة مرات ثم حجزتها للحكم وصرحت بتقديم مذكرات فاقتصر المدافع عن الطاعن في مذكرته على التحدث في الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وكانت المحكمة لم تحل دون إتمامه لدفاعه أو تحدد له نطاقه أو تجزئه عليه, فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون له وجه. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الطعن 1234 لسنة 39 ق جلسة 29 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 308 ص 1492

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وأنور خلف، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

-------------

(308)
الطعن رقم 1234 لسنة 39 القضائية

(أ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة استئنافية. "تسبيب أحكامها". استئناف.
متى تلتزم المحكمة ببيان مؤدى أقوال الشهود: عند استنادها إليها في حكمها بالإدانة. مثال.
(ب) نقض. "المصلحة في الطعن". تموين. تسعير جبري.
لا جدوى مما يثيره الطاعن على الحكم في شأن جريمة تصرفه في زيت التموين لغير مستحقيه. طالما أن الحكم محمول على تهمة بيعه سلعة مسعرة بأكثر من السعر المقرر لها المسندة إليه والتي ثبتت في حقه.
(ج) إثبات. "إثبات بوجه عام". "إقناعية الدليل". إجراءات المحاكمة.
المحاكمة الجنائية. العبرة فيها باقتناع القاضي. مطالبته بالأخذ بدليل دون غيره، غير صحيح.

------------
1 - المحكمة ليست مطالبة ببيان مؤدى أقوال الشهود إلا إذا كانت قد استندت إليها في حكمها بالإدانة، أما إذا لم تعتمد على شيء من تلك الأقوال فإنها لا تكون مكلفة بأن تذكر عنها شيئاً. وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن محكمة ثاني درجة قد رأت الحكم المستأنف في محله للأسباب التي بني عليها والتي اتخذتها أسباباً لها، فإن ذلك منها إفصاح في مدونات حكمها عن كفاية الأدلة التي أوردها الحكم الابتدائي لحمل قضائه بالإدانة. ومن ثم لا يعيب حكمها عدم إيرادها لأقوال شاهد استمعت إليه ما دامت لم تعول عليها في قضائها بتأييد حكم الإدانة.
2 - لا جدوى مما يثيره الطاعن في شأن جريمة تصرفه في زيت التموين لغير مستحقيه موضوع التهمة الثانية المسندة إليه، طالما أنه بفرض صحة ما ينعاه الحكم في هذا الصدد، فإنه يبقى محمولاً على تهمة بيعه سلعة مسعرة بأكثر من السعر المقرر لها والتي ثبتت في حقه.
3 - العبرة في المحاكمة باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن كافة عناصرها المعروضة على بساط البحث، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون غيره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 8/ 1/ 1966 بدائرة قسم المطرية محافظة القاهرة: باع السلعة المبينة بالمحضر (سكر) بسعر يزيد عن السعر المقرر قانوناً. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و9/ 1 - 2 و14 و15/ 1 و16/ 1 و17/ 1 و20 من المرسوم بقانون 163 لسنة 1950 المعدل والمادتين 4 و54/ 2 من القرار 504 لسنة 1954 المعدل والمواد 56 و57 و58 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 المعدل. ومحكمة القاهرة المستعجلة - بعد أن عدلت وصف التهمة إلى أن المتهم: (أولاً) باع سلعة مسعرة "سكر" بسعر يزيد عن السعر المقرر قانوناً. (ثانياً) تصرف في المواد التموينية "زيت" لغير المستهلكين المخصصة لهم - قضت حضورياً اعتبارياً في 10 يناير سنة 1967 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنة واحدة مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ مع تغريمه مائة جنيه عن التهمتين المسندتين إليه وشهر ملخص الحكم على واجهة المحل لمدة سنة واحدة. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم ستة شهور والنشر لمدة ستة شهور بلا مصروفات جنائية. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي بيع سلعة مسعرة (سكر) بأزيد من السعر المقرر لها وتصرفه في زيت التموين لغير مستحقيه، قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المحكمة الاستئنافية لم تناقش أقوال الشاهد الذي استمعت إليه واكتفت بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه وانتهى الحكم المطعون فيه إلى أن الطاعن تصرف في زيت التموين لغير مستحقيه استناداً إلى أقوال شاهدي الإثبات وهو ما لا سند له في الأوراق وعول في إدانة الطاعن على محاولة للشراء لم يقم بها محرر المحضر بل قام بها هذان الشاهدان على خلاف ما تنظمه القرارات التموينية.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن في شأن عدم مناقشة محكمة ثاني درجة لأقوال الشاهد الذي استمعت إليه مردود بأن المحكمة ليست مطالبة ببيان مؤدى أقوال الشهود إلا إذا كانت قد استندت إليها في حكمها بالإدانة أما إذا لم تعتمد على شيء من تلك الأقوال فإنها لا تكون مكلفة بأن تذكر عنها شيئاً. وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن محكمة ثاني درجة قد رأت الحكم المستأنف في محله للأسباب التي بني عليها والتي أخذتها أسباباً لها، فإن ذلك منها إفصاح في مدونات حكمها عن كفاية الأدلة التي أوردها الحكم الابتدائي لحمل قضائه بالإدانة. ومن ثم لا يعيب حكمها عدم إيرادها لأقوال شاهد استمعت إليه ما دامت لم تعول عليها في قضائها بتأييد حكم الإدانة. لما كان ذلك، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن في شأن جريمة تصرفه في زيت التموين لغير مستحقيه موضوع التهمة الثانية المسندة إليه ذلك بأنه بفرض صحة ما ينعاه الحكم في هذا الصدد، فإنه يبقى محمولاً على تهمة بيعه سلعة مسعرة (سكر) بأكثر من السعر المقرر لها والتي أثبتها الحكم المطعون فيه في حقه. لما كان ذلك، وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية باقتناع القاضي بناء على ما يجريه من تحقيق في الدعوى ومن كافة عناصرها المعروضة على بساط البحث ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون غيره، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أورده مفتش مباحث التموين في محضره وإلى أقوال شاهدي الإثبات وخلصت إلى ارتكاب الطاعن لجريمة بيع سلعة مسعرة بأزيد من السعر المقرر لها فلا يجوز مجادلتها في ذلك ومصادرتها في عقيدتها. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً


الطعن 1553 لسنة 39 ق جلسة 29 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 309 ص 1496

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومحمد ماهر محمد حسن.

------------

(309)
الطعن رقم 1553 لسنة 39 القضائية

)أ، ب) مستشار الإحالة. أمر بألا وجه. "تسبيبه. ميعاده". دعوى جنائية. "الخصوم فيها". دعوى مدنية. مصاريف قضائية. نقض. "نطاق الطعن". بطلان. "تحقيق".
(
)ب) حق المدعي المدني في الطعن في أمر مستشار الإحالة. في خصوص مضمونه بعدم وجود وجه للسير في الدعوى الجنائية وحدها. نقض الأمر. لا محل معه للإلزام بالمصاريف المدنية. أساس ما تقدم؟

----------------
1 - إن التسبيب يعتبر شرطاً لازماً لصحة أوامر مستشار الإحالة وذلك بالقدر الذي يقتضيه المقام في الدعوى وفي حدود وظيفته باعتباره جهة تحقيق لا قضاء حكم، إذ هو إجراء جوهري لتأكيد جديتها وضمان رقابة محكمة النقض عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من كتاب المحامي العام - المقدم للمحكمة - أن الأمر المطعون فيه لم تحرر أسبابه لحين نظر الطعن، فإنه يكون باطلاً واجب النقض  (1) .
2 - من المقرر أن المدعي بالحقوق المدنية إنما هو - على خلاف الأصل - أحد أطراف الخصومة الجنائية في مرحلة التحقيق، وقضاء الإحالة جزء منه، وله بهذه المثابة طبقاً للمادة 194 من قانون الإجراءات الجنائية الطعن على الأمر الصادر من مستشار الإحالة في خصوص مضمونه بعدم وجود وجه للسير في الدعوى الجنائية وحدها، دون الدعوى المدنية، ومن ثم فإن الطعن المقدم منه لا يطرح موضوع دعواه المدنية حتى يلزم من خسرها بمصاريفها، ومن ثم يتعين عدم التنصيص عليه في منطوق الحكم الصادر بنقض الأمر المطعون فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في ليلة 23 ديسمبر سنة 1967 بدائرة مركز قوص محافظة قنا (أولاً) قتل وآخرين مجهولين فخري فاخوري الشهير برزق مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدوا العزم على قتله وسرقة ما معه من نقود وأعدوا لذلك سلاحاً نارياً بندقية خرطوش عيار 19 وترصدوه في الطريق الذي يعلمون أنه اعتاد المرور فيه عند عودته من بلده وما أن ظفروا به حتى أطلق أحدهم عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك فأحدث الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالف الذكر سرقوا الدابة والساعة والمسدس وما معه من نقود والمبينة الوصف بالأوراق للمجني عليه وذلك حالة كونهم أكثر من شخصين يحمل أحدهم سلاحاً نارياً الأمر المنطبق على المادة 315 من قانون العقوبات. (ثانياً): (1) أحرزوا بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن بندقية خرطوش عيار 16 (2) أحزروا ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري موضوع التهمة السابقة دون أن يكون مرخصاً لهما في حيازته وإحرازه. وقد ادعى مدنياً كلاً من 1 - فنيارة فرنسيس فاخوري عن نفسها وبصفتها. 2 - جوليا نور توما وطلبتا القضاء لهما قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وبعد أن حققت النيابة الدعوى قررت فيها بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المتهم. فطعنت المدعيتان في هذا القرار أمام مستشار الإحالة بمحكمة قنا الابتدائية. فقرر بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى. فطعن المحامي الوكيل عن المدعيتين بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنتين - المدعيتين بالحقوق المدنية - تنعيان على الأمر المطعون فيه البطلان، لخلوه من الأسباب التي بني عليها.
وحيث إن المادة 173 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه "يجب أن تشتمل أوامر مستشار الإحالة سواء أكانت بالإحالة إلى المحكمة أم بأن لا وجه لإقامة الدعوى على الأسباب التي بنيت عليها" وأجازت المادة 195 منه الطعن عليها إذا وقع بطلان فيها ومن ثم فإن التسبيب يعتبر شرطاً لازماً لصحة أوامر مستشار الإحالة وذلك بالقدر الذي يقتضيه المقام في الدعوى وفي حدود وظيفته باعتباره جهة تحقيق لا قضاء حكم إذ هو إجراء جوهري لتأكيد لجديتها ولضمان رقابة محكمة النقض عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من كتاب المحامي العام - المقدم للمحكمة - أن الأمر المطعون فيه لم تحرر أسبابه إلى حين نظر الطعن، فإنه يكون باطلاً واجب النقض والإحالة. ولما كان من المقرر أن المدعي بالحقوق المدنية إنما هو - على خلاف الأصل - أحد أطراف الخصومة الجنائية في مرحلة التحقيق - وقضاء الإحالة جزء منه وله بهذه المثابة وطبقاً للمادة 194 من قانون الإجراءات الجنائية الطعن على الأمر الصادر من مستشار الإحالة في خصوص مضمونه بعدم وجود وجه للسير في الدعوى الجنائية وحدها دون الدعوى المدنية، فإن الطعن المقدم منه لا يطرح موضوع دعواه المدنية حتى يلزم من خسرها بمصاريفها ومن ثم يتعين عدم التنصيص عليها في منطوق الحكم الصادر من هذه المحكمة بنقض الأمر.


 (1) قارن الطعن رقم 219 لسنة 39 ق – جلسة 23/ 6/ 1969 السنة 20 ع 2 ص 926

الطعن 1646 لسنة 39 ق جلسة 29 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 310 ص 1499

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، والدكتور محمد محمد حسنين.

--------------

(310)
الطعن رقم 1646 لسنة 39 القضائية

(أ) استيراد. جريمة. "أركانها". "الجريمة التامة. الشروع فيها". شروع. عقوبة. "تطبيقها".
جريمة استيراد السلع من الخارج قبل الحصول على ترخيص من وزارة الاقتصاد. تمامها بمجرد وصول السلع أحد جمارك الجمهورية. لا أثر لتسليمها في قيام الجريمة.
تسوية الشارع في العقاب بين جريمة الاستيراد التامة والشروع فيها.
)ب، ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تكوين عقيدتها".
)ب) اشتراط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم ينبئ كل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. غير لازم. تساند الأدلة في المواد الجنائية.
)ج) لمحكمة الموضوع تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى.

-------------
1 - دل القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد بصريح عبارته في المادتين الأولى والثانية على أن جريمة استيراد السلع من خارج الجمهورية قبل الحصول على ترخيص من وزارة الاقتصاد تتم بمجرد وصول السلع إلى أحد جمارك إقليم مصر ما دامت قد شحنت من الخارج قبل الحصول على الترخيص، ولم يشأ تعليق تمام الجريمة على استلام السلع من الجمارك وسوى في العقاب بين الجريمة التامة والشروع فيها. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بالجريمة التامة بعد أن أثبت في حقه أن السلع التي شحنها من الخارج قبل الحصول على ترخيص من وزارة الاقتصاد وصلت إلى جمرك ميناء القاهرة الجوي يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
3 - لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه خلال المدة من 3 إلى 17 نوفمبر سنة 1967 بدائرة الخارج وقسم النزهة بمصر الجديدة: (أولاً) استورد البضائع المبينة بالمحضر "تسعة عشر آلة نسيج تريكو قيمتها ألف ومائة وأربعون جنيهاً مصرياً" قبل الحصول من وزارة الاقتصاد على ترخيص باستيرادها بأن قام بشحنها فرادى من بيروت بأسماء صورية قاصداً من ذلك التحايل على قوانين الاستيراد بأن تظهر هذه الآلات وكأنها واردة في الحدود المسموح بالاستيراد في نطاقها للاستعمال الشخصي. (ثانياً) استورد البضائع سالفة الذكر من خارج الجمهورية بقصد الاتجار فيها حالة كون استيراد السلع بقصد الاتجار مقصوراً على شركات وهيئات القطاع العام. وطلبت عقابه بالمواد 1/ 1 - 2 و7 و10 من القانون 9 لسنة 1959 والمادتين 1 و3/ 1 - 2 من القانون 65 لسنة 1963. ومحكمة الجرائم المالية الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة ثلاث مائة قرش لوقف التنفيذ مع مصادرة الماكينات المضبوطة وذلك عن التهمة الأولى وبراءته من التهمة الثانية المسندة إليه بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته النيابة العامة. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً ورفضهما موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة استيراد بضائع بغير ترخيص قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم عول في إدانة الطاعن على وجوده ببيروت في الفترة ما بين 3 و16 نوفمبر سن 1967 مع أنه لم يمكث بتلك المدينة إلا في الفترة ما بين 3 و5 نوفمبر سنة 1967 وقد أثار ذلك في دفاعه كما نفى شراءه للبضائع المستوردة وقدم جواز سفره ومستندات رسمية تؤيد دفاعه إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع ولم يعن الرد عليه كما استند الحكم في الإدانة إلى وحدة البضاعة ووحدة محطة ووسيلة الشحن وتسلسل بوالص الشحن مع أن كل هذه الأمور لا تؤدي إلى ما رتب عليها. وأخيراً فإن الحكم اعتبر مجرد شراء البضاعة وشحنها يوفر جريمة الاستيراد بغير ترخيص مع أنه يشترط لقيام تلك الجريمة استلام البضاعة المستوردة.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ورد عليه في قوله "وحيث إن إجراء صفقات شراء ماكينات التريكو (موضوع الاتهام) لا تتطلب بالضرورة تواجد المتهم لشحنه ببيروت. وحيث إنه يمكن شراؤها باتفاق سابق مع المشترين الواردة أسماؤهم بالفواتير وخاصة فيما يثبت أن المتهم كان موجوداً ببيروت لمدة يومين أو ثلاثة خلال مواعيد شراء هذه الماكينات وبذلك لم تر المحكمة ضرورة لإجابة المتهم لطلبه بضم جواز سفره من السواحل... وأما ما قدمه المتهم من الصور الرسمية كفواتير شراء ماكينات التريكو التسعة عشر (19) بحافظة مستنداته المقدمة منه أخيراً أمام هذه المحكمة والتي يستند عليها في الدفاع عن نفسه على أساس أنها جميعاً بقصد شراء كل ماكينة من هذه الماكينات موضوع الاتهام من شركة سنجر ببيروت بواسطة أشخاص مختلفين يقيمون بلبنان فإن المحكمة ترى أن هذه الفواتير لا تفيد المتهم في دفاعه لأن تواريخها المسلسلة كما أن حصول المتهم على صور هذه الفواتير يدل على وجود صلة بينه وبين شرائها وخاصة إذا أخذت هذه العمومية بباقي المستندات المقدمة في الدعوى......." ولما كان ما أورده الحكم فيما تقدم سائغاً في الرد على دفاع الطاعن، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن الطاعن كان موجوداً في بيروت لمدة يومين أو ثلاثة أيام خلال مواعيد شراء الماكينات وهو ما لا ينازع فيه الطاعن وأنه اتفق على شرائها مع المشترين الواردة أسماؤهم بالفواتير المقدمة منه، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه كما هو واقع الحال في الدعوى ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في صدد استناد المحكمة ضمن ما استندت إليه في إدانة الطاعن إلى وحدة البضاعة ومحطة ووسيلة الشحن وتسلسل بوالص الشحن. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد قد نص في المادة الأولى منه على أنه "يحظر استيراد السلع من خارج الجمهورية قبل الحصول على ترخيص في الاستيراد من وزارة الاقتصاد وتعتبر هذه التراخيص شخصية ولا يجوز التنازل عنها ويسري هذا الخطر على السلع التي تصل إلى أحد جمارك إقليم مصر وتكون قد شحنت من الخارج قبل الحصول على الترخيص وكذلك على كل زيادة في مقادير السلع المرخص باستيرادها إلا إذا وردت في حدود المهمة المرخص بها وتعتبر التراخيص التي تصدر بناء على مستندات مصطنعة كأن لم تكن" ونصت المادة السابعة من هذا القانون على أنه "يعاقب على كل مخالفة لحكم المادة الأولى أو الشروع فيها بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم بطريق التضامن على الفاعلين الأصليين وعلى الشركاء بتعويض يعادل مثل رسوم الاستيراد المقررة حتى ولو كانت السلعة المستوردة من السلع المعفاة من هذه الرسوم وكذلك مثل بقية الرسوم الأخرى المتصلة بالاستيراد وفي جميع الأحوال يحكم بمصادرة السلع موضوع الجريمة أو بتعويض يعادل ثمنها إذا لم يتيسر مصادرتها" فإن القانون المذكور قد دل بصريح عبارته على أن جريمة استيراد السلع من خارج الجمهورية قبل الحصول على ترخيص من وزارة الاقتصاد تتم بمجرد وصول السلع إلى أحد جمارك إقليم مصر ما دامت قد شحنت من الخارج قبل الحصول على الترخيص ولم يشأ تعليق تمام الجريمة على استلام السلع من الجمارك وسوى في العقاب بين الجريمة التامة والشروع فيها ويكون الحكم المطعون فيه إذ أدان الطاعن بالجريمة التامة بعد أن أثبت في حقه أن السلع التي شحنها من الخارج قبل الحصول على ترخيص من وزارة الاقتصاد وصلت إلى جمرك ميناء القاهرة الجوي قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً. ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.