وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول
أقام الدعوى رقم 74 لسنة 1957 مدني كلي دمياط على الطاعن وباقي المطعون ضدهم
بصحيفة أعلنت في 11، 15، 19/ 5/ 1958 طالباً الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 22 من
ديسمبر سنة 1956 المبرم بينه وبين المطعون ضده الثاني وتسليمه الأطيان المبيعة مع
إلزام المطعون ضده الثاني بأن يدفع له مبلغ 200 ج قيمة التعويض الاتفاقي المنصوص
عليه في العقد وقال شرحاً للدعوى إنه بمقتضى ذلك العقد باع إلى المطعون ضده الثاني
أرضاً زراعية مساحتها 19 ف مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بثمن قدره 3705 ج
قبض منه مبلغ 1050 ج بصفة عربون ونص في العقد على أن يدفع المشتري من باقي الثمن
مبلغ 140 ج إلى مصلحة الأملاك والباقي وقدره 1515 ج يدفع على ثلاثة أقساط سنوية
متساوية أولها في أول ديسمبر سنة 1957 والثاني في أول ديسمبر سنة 1958 والثالث في
أول ديسمبر سنة 1959 وعلى أنه إذا تأخر المشتري عن سداد أي قسط في ميعاده يكون
للبائع فسخ العقد وتحويله إلى إجارة بأجرة مقدارها 200 ج سنوياً كما نص في العقد
على التزام من يتأخر من الطرفين عن تنفيذ التزاماته بتعويض قدره 200 ج - ولما تأخر
المشتري (المطعون ضده الثاني) عن الوفاء بالقسط الأول في ميعاده أنذره المطعون ضده
الأول في 12 من ديسمبر سنة 1957 باعتبار البيع مفسوخاً وطلب إليه تسليم الأرض
المبيعة وأضاف المطعون ضده الأول أنه علم بأن المطعون ضده الثاني باع تلك الأرض
إلى المطعون ضده الثالث الذي باعها بدوره إلى الطاعن وإذ كانت هذه التصرفات باطلة
لصدورها من غير مالك علاوة على أن المطعون ضده الثالث محام ومحظور عليه شراء
الحقوق المتنازع عليها فقد رفع هذه الدعوى بطلباته السابقة. وبصحيفة أعلنت في 12،
20 من يوليه سنة 1959 أقام الطاعن بدوره الدعوى رقم 113 سنة 1959 مدني كلي دمياط
على المطعون ضدهم الأربعة طالباً الحكم (أولاً) بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي
المؤرخ 22 ديسمبر سنة 1956 الصادر من المطعون ضده الأول إلى المطعون ضده الثاني
والمتضمن بيعه له الأرض سالفة الذكر (ثانياً) بصحة ونفاذ عقد البيع والتنازل
المؤرخ 7 مارس سنة 1957 الصادر من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الثالث عن
العقد السابق (ثالثاً) بصحة نفاذ عقد البيع والتنازل المؤرخ 9 إبريل سنة 1957
(رابعاً) بصحة ونفاذ عقد الاتفاق والبدل المؤرخ 29 مايو سنة 1958 والمبرم بين
الطاعن والمطعون ضده الأول والمتضمن تنازل الطاعن للمطعون ضده الأول عن أرض
مساحتها ثلث فدان مقابل تنازل المطعون ضده الأول للطاعن عن فدانين (خامساً) بطلان
عقد البيع المسجل في 13 مايو سنة 1959 والصادر من المطعون ضده الأول إلى المطعون
ضده الرابع وعدم نفاذه في حق الطاعن وقال شرحاً لدعواه هذه إنه نص في العقد المؤرخ
22 من ديسمبر سنة 1956 وهو موضوع الدعوى الأولى - رقم 74 سنة 56 كلي دمياط - على
حق المشتري (المطعون ضده الثاني) في التنازل عنه لمن يشاء وأنه استناداً إلى ذلك
تنازل المطعون ضده الثاني عن العقد المذكور إلى المطعون ضده الثالث نظير مبلغ 1500
ج وحرر بشأن هذا التنازل عقد مؤرخ 7 مارس سنة 1957 وحل الأخير محل الأول في تنفيذ
شروط ذلك العقد وبعقد مؤرخ 9 إبريل سنة 1957 تنازل المطعون ضده الثالث إلى الطاعن
عن العقد المذكور نظير مبلغ 1500 ج وعندما أراد الطاعن تنفيذ الالتزامات المنصوص
عليها في العقد المبرم بين المطعون ضدهما الأول والثاني قام خلاف بينه وبين أولهما
حول حقيقة مساحة الأرض المبيعة فبادر هذا برفع دعواه رقم 74 سنة 1958 مع أنه لم
يمتنع عن الوفاء بالمستحق للمطعون ضده الأول من الثمن وأضاف الطاعن أنه بمقتضى عقد
مؤرخ 29 من مايو سنة 1948 باع الطاعن للمطعون ضده الأول ثلث فدان لاستعماله مسقى
لري أرضه مقابل تنازل الأخير للأول عن فدانين من أرضه وأن له أن يطلب الحكم بصحة
ونفاذ هذه العقود - وأنه لما كان المطعون ضده الأول قد تصرف أخيراً في الأرض موضوع
هذه العقود إلى المطعون ضده الرابع بمقتضى عقد البيع المسجل بتاريخ 13 من مايو سنة
1959 وكان هذا البيع صورياً قصد به الإضرار به فلا ينفذ في حقه - لهذا فقد رفع
دعواه بطلباته سالفة الذكر وقد قررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد وفي
27 من نوفمبر سنة 1960 قضت المحكمة أولاً وفي الدعوى رقم 74 سنة 1958 بفسخ عقد
البيع المؤرخ 22 من ديسمبر سنة 1956 وبتسليم الأرض الموضحة بهذا العقد إلى المطعون
ضده الأول وبرفض طلب التعويض. ثانياً في الدعوى رقم 113 سنة 1959 بقبول أبو صالح
عبد الله خصماً منضماً إلى المطعون ضده الأول وبرفض الدعوى بجميع طلباتها فاستأنف
الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 37 سنة 13 ق طالباً
إلغاء الحكم المستأنف والحكم برفض الدعوى رقم 74 سنة 1958 والحكم له بطلباته في
الدعوى رقم 113 سنة 1959 وفي 12 من مارس سنة 1962 قضت المحكمة بقبول الاستئناف
شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وفي 11 من إبريل سنة 1962 طعن
الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض
الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن حاصل السبب الأول
أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفي بيان ذلك قال الطاعن إن طلب إلى محكمة
الاستئناف استجواب المطعون ضده الرابع في بعض نقط الدعوى ولكن المحكمة أغفلت هذا
الطلب وقضت في موضوع الدعوى فخالفت بذلك القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أنه وإن كان من حق الخصم أن يطلب استجواب خصمه إلا أن محكمة الموضوع غير ملزمة
بإجابة هذا الطلب لأنه من الرخص المخولة لها فلها أن تلتفت عنه إن وجدت في الدعوى
من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء، ولما كان يبين
من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على الأسباب السائغة التي أوردها فإنه يكون
قد قضى ضمناً برفض طلب الاستجواب لتوافر العناصر الكافية لتكوين رأيه.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثامن مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إنه
قدم لمحكمة الاستئناف حافظتين بمستنداته وأن المحكمة لم تتنبه إلى هذه المستندات
وقد خلا حكمها من الإشارة إليها فخالفت المادة 349 من قانون المرافعات وأضاف
الطاعن أنه كان من بين هذه المستندات مستند هام هو صورة رسمية من الإقرار المقدم
من المطعون ضده الرابع إلى هيئة الإصلاح الزراعي والذي يستفاد منه أنه لم يحتفظ
بالأطيان موضوع النزاع ضمن الأرض التي احتفظ بها لنفسه مما يجعل هذا القدر ضمن
الأطيان المستولى عليها والتي يمتنع على المحاكم نظر المنازعات المتعلقة بملكيتها عملاً
بالمادة الثانية من القانون رقم 225 سنة 1953.
وحيث إنه وإن كان الثابت
من الصورة الرسمية لمحضر جلسة 18 من فبراير سنة 1962 المقدمة من الطاعن أنه قدم
حافظتين بمستنداته إلا أنه ليس في هذه الصورة ما يكشف عما كانت تنطوي عليه هاتان
الحافظتان، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يقدم إلى محكمة النقض ما يثبت خضوع
الأطيان المبيعة للاستيلاء فإن نعيه في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل أما عن
باقي المستندات التي يدعي الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد أغفلها فإنه نعيه بشأنها
مجهل إذ لم يبين ماهية تلك المستندات ولا تأثيرها في الفصل في الدعوى.
وحيث إن مبنى السبب
الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أن محكمة الاستئناف قبلت مذكرات من
المطعون ضدهما الأول والرابع واستندت إلى الدفاع الوارد بها دون أن يطلع عليها أو
يعلن بها وبذلك خالف حكمها الفقرة الثانية من المادة 340 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي عار عن
الدليل ذلك أن الطاعن لم يقدم ما يدل على عدم اطلاعه على المذكرات المقدمة من
خصومه وقد خلا الحكم مما يفيد ذلك.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إنه طلب إلى
محكمة الاستئناف أن تقضي بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية عقد البيع المسجل
بتاريخ 13 من مايو سنة 1959 والصادر من المطعون ضده الأول إلى المطعون ضده الرابع
وقد رفضت المحكمة هذا الطلب تأسيساً على عدم كفاية القرائن التي ساقها للتدليل على
الصورية ويرى الطاعن أن عدم كفاية تلك القرائن لا يبرر رفض طلبه وإنما كان يوجب
على المحكمة إجابته إليه.
وحيث إنه يبين من الحكم
المطعون فيه أنه جاء به في هذا الصدد ما نصه "وحيث إنه عما يقول به المستأنف
(الطاعن) من أن العقد الصادر للمستأنف عليه الأخير (المطعون ضده الرابع) هو عقد
صوري استناداً إلى أن الثمن دفع فوراً ودون تحقق من صحة الملكية والمبادرة إلى
تسجيل العقد فإن ذلك مردود بأن دفع الثمن فوراً لا يعتبر قرينة على الصورية كما أن
التحقق من خلو العقار المبيع من الحقوق العينية ثابت من الشهادة العقارية التي
استخرجها المستأنف عليه الأخير وأما المبادرة إلى التسجيل فإنها لا تؤخذ دليلاً
على الصورية - وحيث إنه عما يطلبه المستأنف من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات
صورية العقد الصادر للمستأنف عليه الأخير فترى المحكمة مما سبق بيانه من قرائن
الصورية التي يستند إليها المستأنف أن هذه القرائن لا تكفي دليلاً على الصورية ومن
ثم ترفض المحكمة الإجابة إلى هذا الطلب لعدم الجدوى منه" وهذا الذي قرره
الحكم مفاده أن المحكمة لم تر في القرائن التي ساقها الطاعن ما يؤيد ما دفع به من
صورية العقد وأنها رأت في حدود سلطتها التقديرية رفض طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى
التحقيق لإثبات الصورية لأنها وجدت في ظروف الدعوى والأدلة القائمة فيها ما يكفي
لتكوين عقيدتها وما يغنيها عن اتخاذ هذا الإجراء، ولما كانت محكمة الموضوع غير
ملزمة بإجراء أي تحقيق يطلبه الخصوم متى رأت بما لها من سلطة التقدير أنه لا حاجة
بها إليه بالنظر إلى ظروف الدعوى وما هو ثابت فيها فإن النعي على الحكم المطعون
فيه بمخالفة القانون لرفضه طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب
الخامس الإخلال بدفاع جوهري ذلك أن الطاعن قدم إلى رئيس المحكمة التي أصدرت الحكم
المطعون فيه طلباً التمس فيه إعادة الدعوى للمرافعة لضم أوراق وتحقيقات جدت بعد
قفل باب المرافعة أو تمكينه من تقديم صور منها ولكن المحكمة أغفلت هذا الطلب ولم
تشر إليه في حكمها.
وحيث إن هذا النعي عار عن
الدليل إذ لم يقدم الطاعن إلى محكمة النقض ما يدل على طلبه إعادة القضية للمرافعة
بعد حجزها للحكم هذا إلى أنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي لم تجب الطلب
المقدم إليها بضم أوراق أو تحقيقات متى كان قد قدم إليها بعد قفل باب المرافعة في
الدعوى إذ أن ذلك من إطلاقاتها.
وحيث إن حاصل السبب
السادس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون ذلك أنه لم يذكر فيه نص طلبات الطاعن
أمام محكمة الاستئناف فجاء مخالفاً لنص المادة 349 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي غير
صحيح إذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه ذكر طلبات المستأنف (الطاعن) وهي إلغاء
الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعويين رقمي 74 سنة 1958 و113 سنة 1959 مدني كلي
من فسخ عقد البيع المحرر في 22/ 12/ 1956 وتسليم الأطيان للمستأنف ضده الأول وبرفض
طلبات المستأنف والقضاء برفض دعوى المدعي في القضية رقم 74 سنة 1958 مدني كلي
دمياط والحكم للمستأنف بطلباته الموضحة بصحيفة الدعوى رقم 113 سنة 1959 مدني كلي
دمياط مع إلزام المستأنف ضدهم بالمصروفات والأتعاب.
وحيث إن حاصل السبب
السابع بطلان الحكم المطعون فيه ذلك أنه صدر بغير مداولة وهي إجراء جوهري يترتب
على إغفاله بطلان الحكم وقد خلا الحكم من الإشارة إلى حصولها.
وحيث إن تضمين الحكم بيان
أنه صدر بعد المداولة أمر لم يوجبه القانون وكل ما فرضه في المواد 338 وما بعدها
من قانون المرافعات هو وجوب صدور الحكم بعد المداولة وقد خلا نص المادة 349 من
قانون المرافعات التي حددت البيانات التي يجب أن يتضمنها الحكم من النص على وجوب
إثبات هذا البيان ولما كان الأصل في الإجراءات أن تكون قد روعيت وعلى من يدعي أنها
خولفت إقامة الدليل على ذلك وكان الطاعن لم يقدم دليلاً على ما يدعيه من صدور
الحكم المطعون فيه بغير مداولة فإن نعيه يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه بالسبب التاسع الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك
أمام محكمة الموضوع بأن لا حق للمطعون ضده في طلب الفسخ لأن الإعذار الذي أعلنه
للمشتري - المطعون ضده الثاني - في 22 ديسمبر سنة 1957 لم يتضمن التنبيه على
المدين بتنفيذ العقد ولكن الحكم المطعون فيه اعتد بهذا الإنذار وقضى بالفسخ فخالف
بذلك المادة 157 من القانون المدني التي توجب التنبيه على المدين بالتنفيذ قبل طلب
الفسخ.
وحيث إنه لما كان يبين من
الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه أن المطعون ضده الأول
(البائع) أعذر المطعون ضده الثاني (المشتري) منه في 22 ديسمبر سنة 1957 وكان
الطاعن لم يقدم صورة رسمية من هذا الإعذار للتدليل على أنه خلا من التنبيه على
المشتري بالتنفيذ فإن نعيه في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب
العاشر مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه نص في عقد البيع المؤرخ 22
ديسمبر سنة 1956 على حق المشتري المطعون ضده الثاني في التنازل عن الصفقة موضوع
العقد لمن يشاء وأن المطعون ضده الثاني تنازل عنها للمطعون ضده الثالث الذي تنازل
بدوره عنها للطاعن وبذلك أصبح الطاعن هو صاحب المصلحة في الصفقة وهو الملزم في
مواجهة البائع الأصلي (المطعون ضده الأول) - وقد علم الأخير بهذا التنازل وكان
عليه أن يوجه الإعذار إلى الطاعن مباشرة قبل رفع دعوى الفسخ ولكنه لم يفعل ففقدت
دعوى الفسخ أحد شروطها ويرى الطاعن أن قضاء الحكم بالفسخ رغم عدم توجيه الإعذار
إليه مباشرة مخالف لنص المادة 157 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أن عقد البيع المؤرخ 22 من ديسمبر سنة 1956 موضوع دعوى الفسخ قد أبرم بين
المطعون ضدهما الأول والثاني وهو عقد ملزم لطرفيه فإن تأخر أحدهما عن تنفيذ
التزاماته كان للآخر أن يطلب فسخ هذا العقد بعد إعذار الطرف المتعاقد معه - والنص
في العقد على حق المشتري في التنازل عنه للغير وحصول هذا التنازل بالفعل لا يحرم
البائع من استعمال حقه في طلب فسخ ذلك العقد عند قيام موجبه ولا يلزمه بتوجيه
الإعذار إلا إلى المشترى منه أما المتنازل إليه وهو الطاعن فلم يكن طرفاً في العقد
المطلوب فسخه حتى يكون على المطعون ضده إعذاره.
وحيث إن الطاعن ينعى
الحكم المطعون فيه بالسبب الحادي عشر مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم
الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه إذ قضى بالفسخ قد أخطأ في تفسير نصوص العقد
وتعرف حقيقة إرادة المتعاقدين، ذلك أنه يبين منها بجلاء أن إرادة المتعاقدين
انصرفت إلى نفاذ العقد حتى في حالة تقصير أحدهما في تنفيذ التزاماته ولو أن
إرادتهما انصرفت إلى فسخ العقد في حالة التأخير في تنفيذ الالتزامات لنصا صراحة في
العقد على اعتباره مفسوخاً في هذه الحالة.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يقض بالفسخ إعمالاً لشرط فاسخ قال
إن العقد قد تضمنه وإنما قضى بالفسخ بعد أن سجل على المشتري - المطعون ضده الثاني
- قعوده عن الوفاء للبائع - المطعون ضده الأول - بالمستحق له من الثمن رغم إعذاره
قبل رفع دعوى الفسخ وبقائه متخلفاً عن دفع الثمن حتى صدور الحكم المطعون فيه ولما
كانت المادة 157/ 1 من القانون المدني تنص على أنه في العقود الملزمة للجانبين إذا
لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب
بفسخ العقد وكان لا يشترط لإعمال حكم هذه المادة أن يتضمن العقد شرطاً يجيز الفسخ
في حالة تخلف أحد طرفيه عن تنفيذ التزامه فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالفسخ بعد
أن أثبت تخلف المطعون ضده الثاني عن الوفاء بالمستحق من الثمن وقيام المطعون ضده
الثاني بإعذاره فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه بالأسباب الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر الخطأ
في القانون وفي بيان ذلك يقول إنه يشترط لقبول طلب الفسخ أن يكون طالبه قد نفذ
التزاماته أو لم يقصر في تنفيذها وأن يكون مستعداً للتنفيذ ولرد الحال إلى ما كانت
عليه وأن هذه الشروط لم تكن متوافرة في المطعون ضده الأول إذ أنه لم ينفذ التزامه
بتحديد مساحة الأرض المبيعة رغم إنذار الطاعن له منبهاً عليه بضرورة هذا التحديد
وبتصفية الحساب بينهما وبيان حقيقة المستحق لمصلحة الأملاك الأميرية والذي تبين
أنه يزيد على المبلغ الثابت بعقد البيع - كما قصر في تنفيذ التزامه بتجهيز مستندات
الملكية والقيام بما تقتضيه إجراءات شهر العقد في نوفمبر سنة 1959 قبل حلول القسط
الأخير من الثمن فباع الأرض إلى المطعون ضده الرابع بعقد مسجل في 13 من مايو سنة
1959 قبل أن يقضى له بالفسخ وهذا التصرف من جانب المطعون ضده الأول جعله في موقف
العاجز عن تنفيذ التزاماته المترتبة على عقد البيع المطلوب فسخه هذا بالإضافة إلى
أنه أظهر في إنذاره الموجه إلى المطعون ضده الثاني عدم استعداده لرد الحال إلى ما
كانت عليه قبل العقد إذ قرر في هذا الإنذار أن من حقه الاحتفاظ بالمعجل من الثمن
وعدم رده للمشتري ويرى الطاعن أن الحكم إذ قضى بالفسخ بالرغم من عدم توافر تلك
الشروط في المطعون ضده الأول - يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه يبين من الحكم
المطعون فيه أنه جاء به ما نصه "وحيث إنه عما أثاره المستأنف من اعتراضات على
الحكم المستأنف فقد تكفل الحكم المذكور بالرد عليها بما تضمنته أسبابه التي تقرها
هذه المحكمة وتضيف إليها أنه إذا كان النص الوارد في عقد البيع لا يوجب الفسخ
حتماً ولكن قضت المحكمة به بناء على ما تبينته من وقائع الدعوى وأدلتها المطروحة
عليها كأن يتضح لها كما هو الحال في الدعوى الحالية أن المشتري الأول (المطعون ضده
الثاني) لم يدفع القسطين الأولين من أقساط الثمن التي استحت عليه في مواعيدها وظل
ممتنعاً عن السداد رغم رفع دعوى الفسخ فإن ما يثيره هذا المشتري بعد ذلك من أن عدم
تحديد مساحة القدر المبيع تحديداً رسمياً هو الذي حال دون قيامه بالوفاء
بالتزاماته لا يجديه ما دامت نيته في عدم الوفاء قد تبينت من قبل عند امتناعه عن
دفع القسطين الأول والثاني من الثمن ومن المقرر فقهاًَ وقضاء أنه إذا كان البائع
قد تصرف بالبيع في الأطيان المبيعة أثناء نظر دعوى الفسخ التي أقامها لعدم وفاء
المشتري بالثمن وكانت المحكمة عندما قضت بالفسخ أقامت قضاءها على أن البائع كان
معذوراً في التصرف بالبيع في الأطيان المبيعة بعد أن يئس من وفاء المشتري
بالتزاماته فإنها لا تكون بذلك قد خالفت القانون إذ اعتبرت أن المتسبب في فسخ
العقد هو المشتري دون البائع. وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه يفيد أن محكمة
الموضوع اقتنعت لأسباب سائغة بأن المشتري هو الذي قصر في الوفاء بالمستحق من الثمن
للبائع فأجابت الأخير إلى طلبه فسخ العقد ولما كان فصل محكمة الموضوع في كفاية
أسباب الفسخ أو عدم كفايتها وفي نفي التقصير عن طالب الفسخ أو إثباته هو من الأمور
الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع متى استندت إلى أسباب سائغة فإن النعي على
الحكم بهذه الأسباب يكون غير سديد - أما ما قرره الطاعن بشأن عدم رد المدفوع من
الثمن فإنه لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه إذ أن المشتري لم يطلب الحكم له
برد المعجل من الثمن والقضاء بالفسخ لا يمنعه من المطالبة به بالإضافة إلى أن
الطاعن لم يكن هو المشتري في العقد المقضي بفسخه.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه بالسبب السادس عشر مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم
المطعون فيه اقتصر على بحث العلاقة بين المشتري الأول (المطعون ضده الثاني)
والبائع الأصلي (المطعون ضده الأول) وقرر أن المشتري الأول لا يستطيع نقل حقوقه
للغير بعد الفسخ وهذا من الحكم المطعون فيه خطأ في القانون لأن المشتري الأول
تنازل عن الصفقة للمطعون ضده الثالث الذي تنازل عنها للطاعن وقد تم هذا التنازل
استناداً إلى نص في عقد البيع الأول يخول المشتري الأول هذا الحق وكان المطعون ضده
الأول يعلم بحصول هذا التنازل الذي أصبح الطاعن بمقتضاه هو المتعاقد الحقيقي وصاحب
المصلحة بالنسبة للبائع الأول طالب الفسخ وأن محكمة الموضوع لم تعرض لبحث هذه
العلاقة مما يجعل حكمها مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه أنه
بعد أن انتهى إلى القضاء بفسخ عقد البيع الأول المؤرخ 22 ديسمبر سنة 1956 المبرم
بين المطعون ضده الأول والمطعون ضده الثاني قرر أن المطعون ضده الثاني بعد القضاء
بفسخ العقد الصادر له لا يمكنه أن ينقل التزاماته إلى المشتري منه وهو المطعون ضده
الثالث كما أن الأخير لا يملك نقل هذه الالتزامات إلى الطاعن ومن ذلك يبين أن
الحكم لم يغفل مناقشة مركز الطاعن بالنسبة للمطعون ضده الأول ولما كانت المادة 160
من القانون المدني تنص على أنه إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي
كانا عليها قبل العقد وكان يترتب على الفسخ انحلال العقد بالنسبة للغير بأثر رجعي
وبالتالي فإنه يترتب على القضاء بفسخ عقد البيع المؤرخ 22 من ديسمبر سنة 1956
المبرم بين المطعون ضده الأول والمطعون ضده الثاني أن تعود العين المبيعة إلى
المطعون ضده الأول ولا تنفذ في حقه التصرفات التي ترتبت عليها ومنها التصرف الصادر
إلى الطاعن.
وحيث إن حاصل السبب
السابع عشر أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ قضى بتسليم الأرض المبيعة دون أن
يشير إلى رد المدفوع من الثمن بل لقد جاء به ما يفهم منه أنه اعتبر ما دفع من
الثمن حقاً للبائع ذلك أن الحكم حين عرض لرفض طلب التعويض قرر أن طالب الفسخ
"انتفع بالقسط الأول من الثمن" وبذلك خالف الحكم القاعدة التي تقضي بأن
الفسخ يعيد المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه أنه أورد العبارة
التي أشار إليها الطاعن بهذا السبب في معرض تدليله على عدم أحقية المطعون ضده
الأول في التعويض وواضح من الحكم أنه حين أورد تلك العبارة إنما كان يهدف إلى
القضاء برفض طلب التعويض وليس فيه ما يفيد أنه اعتبر المدفوع من الثمن حقاً
للمطعون ضده الأول ولم يكن طلب رد الثمن مطروحاً على المحكمة ومن ثم يكون للمشتري
أن يرجع على بائعه بهذا الثمن بدعوى مستقلة إذا امتنع هذا البائع عن رده إليه وذلك
كأثر من آثار فسخ العقد.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه بالسبب الثامن عشر أنه قضى برفض طلبه صحة ونفاذ عقد البدل
المؤرخ 29 مايو سنة 1948 المبرم بين الطاعن والمطعون ضده الأول دون أن يورد الحكم
أسباباً لهذا القضاء ودون أن يتنبه لأثر هذا العقد والطلب الخاص به على الدعويين
وعلى استحالة فسخ هذا العقد بعد أن استقر الأمر على أساسه ونشأ عنه حق ارتفاق ري
للأرض برمتها.
وحيث إن يبين من الحكم
الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه أنه جاء به ما نصه "إن من المقرر أن
الملكية لا تنتقل بين المتعاقدين وبالنسبة للغير إلا بالتسجيل وبالتالي يكون العقد
المسجل برقم 423 سنة 1959 في 13/ 5/ 1959 قد نقل ملكية الأطيان موضوع التعاقد
للمدعى عليه الرابع (المطعون ضده الرابع) ويكون كل جدل حول العقود المتتالية
المشار إليها من حيث الصحة والنفاذ معدوم الأثر - كما أن الثابت من عقد الاتفاق
المحرر في 29/ 5/ 1948 الخاص ببدل الأطيان أنها داخلة في الأطيان الواردة بالعقد
المسجل سالف الذكر ومن ثم يتعين رفض الدعوى بجميع طلباتها". وهذا الذي قرره
الحكم مفاده أنه قضى برفض طلب صحة ونفاذ عقد البدل المؤرخ 29 مايو سنة 1948
والمبرم بين الطاعن والمطعون ضده الأول تأسيساً على أن الأطيان التي قدمها المطعون
ضده الأول في عقد البدل المذكور قد انتقلت ملكيتها إلى المطعون ضده الرابع بعد
البيع المسجل في 23 مايو سنة 1959. ولما كان الطاعن لم يدع أنه سجل صحيفة دعوى صحة
ونفاذ عقد البدل سالف الذكر قبل تسجيل عقد البيع المذكور وليس في الحكم ما يفيد
حصول هذا التسجيل فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب صحة ونفاذ هذا البدل لا
يكون مخالفاً للقانون ذلك أنه وفقاً للمادتين 15، 17 من القانون رقم 114 سنة 1946
يشترط لكي لا يحاج الطاعن بالتصرف الصادر من المطعون ضده الأول إلى المطعون ضده
الرابع عن العقار المتبادل عليه مع الطاعن بالعقد المؤرخ 29 مايو سنة 1948 أن يكون
الطاعن قد سجل صحيفة دعواه بصحة ونفاذ هذا العقد قبل أن يسجل المطعون ضده الرابع
عقده - أما وقد سبق الأخير فسجل عقده الذي شمل الأطيان موضوع عقد البدل فإن ملكية
هذه الأطيان تكون قد انتقلت إليه من تاريخ تسجيل عقده ولم يعد بذلك لعقد البدل
الصادر إلى الطاعن محل يرد عليه.
وحيث إن حاصل السبب
التاسع عشر أن الحكم المطعون فيه لم يحط بأسباب الاستئناف كاملة ولم يشر بصفة خاصة
إلى أدلة الصورية بل ذكر بعض القرائن وأغفل أهمها.
وحيث إن الطاعن لم يقدم
صورة رسمية لصحيفة استئنافه مما يجعل نعيه عارياً عن الدليل بالإضافة إلى أنه نعى
مجهل لم يحدد الطاعن فيه الأسباب التي أغفلها الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه لكل ما تقدم
يتعين رفض الطعن.