الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 10 يوليو 2020

الطعن 17 لسنة 31 ق جلسة 29 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 رجال قضاء ق 2 ص 11

جلسة 29 من يناير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، واميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.
------------------------
(2)
الطعن رقم 17 لسنة 31 ق "رجال القضاء"
(أ) قضاة. "أقدمية". اختصاص. "اختصاص محكمة النقض".
جواز الطعن في القرارات المتعلقة بالأقدمية متى صدرت في ظل القانون 56 لسنة 1959. الأقدمية من الحقوق الأصلية لرجال القضاء لم تتناولها المادة 90 من هذا القانون بالاستثناء من قاعدة جواز الطعن في القرارات المتعلقة بشئون القضاة أمام الدائرة المدنية لمحكمة النقض. نص الفقرة الأخيرة من المادة 90 المضافة بالقانون رقم 74 لسنة 1963 على اعتبار التعيين شاملاً لما يستتبعه من تحديد الأقدمية. النص مستحدث لا يعمل به إلا من وقت صدوره.
(ب) محاماة. "استبعاد اسم المحامي من الجدول". "أثره".
ممارسة المحامي عمله أثناء فترة استبعاد اسمه من الجدول. ممارسة غير مشروعة يترتب عليها خضوعه للجزاء التأديبي. عدم احتساب مدة الاستبعاد من مدة التمرين ولا من مدة الاشتغال أمام المحاكم الابتدائية والاستئنافية ولا من المدة المقررة لاستحقاق المعاش.
(ج) قضاة. "تعيين المحامين في وظائف القضاة".
شرط صلاحية تعيين المحامين في وظائف القضاة هو ممارستهم المحاماة فعلاً أمام محاكم الاستئناف أربع سنوات متوالية. مدة استبعاد المحامي من الجدول قاطعة لشرط التوالي.
----------------------
1 - مؤدى نص المادة 90 من القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية أن الأصل هو جواز الطعن في القرارات المتعلقة بشئون القضاة أمام الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض - التي حلت محلها الدائرة المدنية والتجارية وانعقد لها الاختصاص بنظر هذه الطلبات بالقانون رقم 74 لسنة 1963 - فيما عدا ما نص عليه على سبيل الحصر استثناء من هذا الأصل. ولما كانت الأقدمية من الحقوق الأصلية لرجال القضاء ولم تتناولها المادة 90 السالفة الذكر بالاستثناء فإنه يجوز الطعن في القرارات المتعلقة بالأقدمية متى صدرت في ظل القانون رقم 56 لسنة 1959 (1). أما القول بعدم جواز الطعن في الأقدمية استناداً إلى أن الفقرة الأخيرة من المادة 90 المضافة بالقانون رقم 74 لسنة 1963 والتي تقضي باعتبار التعيين في حكم هذه المادة يشمل ما يستتبعه من تحديد الأقدمية هو نص تفسيري جاء معبراً لغرض الشارع مما يجب العمل به منذ صدور القانون رقم 56 لسنة 1959 - فمردود بأن نص المادة 90 قبل تعديله بالقانون رقم 74 لسنة 1963 لم يكن يكتنفه غموض يستلزم إصدار تشريع مفسر له وبالتالي فإن الفقرة الأخيرة من المادة 90 المضافة بالقانون رقم 74 لسنة 1963 نص مستحدث لا يعمل به إلا من وقت صدوره.
2 - إذ نهى المشرع - في المادة 20 من قانون المحاماة رقم 98 لسنة 1944 - عن ممارسة المحامي لعمله أثناء فترة استبعاد اسمه من الجدول فقد دل على أن هذه الممارسة إنما تكون ممارسة غير مشروعة يترتب عليها خضوعه للجزاء التأديبي. لما نصت عليه المادة 34 من اللائحة الداخلية لنقابة المحامين المعتمدة بالقرار الوزاري الصادر في 15/ 7/ 1946 من أنه "يترتب على الاستبعاد من الجدول منع المحامي من المرافعة.. ولا تحتسب مدة الاستبعاد من مدة التمرين ولا من مدة الاشتغال أمام المحاكم الابتدائية والاستئنافية ولا من المدد المقررة لاستحقاق المعاش".
3 - إذ بينت الفقرة هـ من المادة 52 من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية شروط صلاحية المحامين للتعيين في وظائف القضاة بالمحاكم الابتدائية بأن قررت بأنهم "المحامون الذين اشتغلوا أمام محاكم الاستئناف أربع سنوات متوالية بشرط أن يكونوا مارسوا المحاماة فعلاً". قد وضعت ضابطاً منظماً هو وجوب توافر شرطين مجتمعين: الأول: اشتغاله بالمحاماة أمام محاكم الاستئناف أربع سنوات متوالية. والثاني: أن يكون قد مارس المهنة فعلاً خلالها بحيث إذا تخلف أحد الشرطين انتفى القول بتوافر الصلاحية للتعيين في وظيفة قاضي. وإن مقتضى الشرط الأول أن تكون مدة الاشتغال بالمحاماة أمام محاكم الاستئناف متصلة، وقد تضمنت المادة 34 من اللائحة الداخلية لنقابة المحامين فيما نصت عليه أن لا تحتسب مدة الاستبعاد من الجدول من مدة التمرين ولا من مدة الاشتغال أمام المحاكم الابتدائية والاستئنافية، ومن ثم فإن المدة التي يتقرر استبعاد المحامي فيها - وقد امتنع احتسابها في مدة الاشتغال بالمحاماة أمام محاكم الاستئناف - تعتبر قاطعة لشرط التوالي الذي استلزمه القانون لمدة أربع سنوات لمن يعين من المحامين في وظيفة قاض (2)

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر، وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 13/ 8/ 1961 صدر قرار جمهوري بتعيينات وانتدابات قضائية - تضمن فيما تضمنه تعيين الطالب قاضياً بمحكمة أسيوط الابتدائية على أن تكون أقدميته بعد الأستاذ...... - فطعن فيه الطالب في 16/ 9/ 1961 وطلب تعديله والحكم - أصلياً - بتحديد أقدميته بين زملائه الحاصلين على إجازة الحقوق في سنة 1945 والذين بلغوا في الكادر القضائي إلى درجة رئيس محكمة واحتياطياً بترتيب أقدميته بين رجال القضاء باعتباره أقدم القضاة في جدول الأقدمية العامة. وأسس طلبه على أنه تخرج من كلية الحقوق في مايو سنة 1945 واشتغل بالمحاماة عقب قيد اسمه بجدول المحامين العام في تلك السنة، وفي ديسمبر سنة 1951 قيد اسمه بجدول المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف واستمر محامياً مشتغلاً حتى صدور القرار الجمهوري المشار إليه، وأن هذا القرار إذ حدد أقدميته بعد الأستاذ....... الحاصل على إجازة الحقوق سنة 1953 قد خالف القانون، ذلك أن المادة 62 من القانون رقم 56 سنة 1959 بشأن السلطة القضائية الذي عين الطالب وفق أحكامه نصت في فقرتها الأخيرة على أن المحامين الذين يعينون في وظائف القضاء تحدد أقدميتهم بين أغلبية زملائهم من داخل الكادر القضائي، وقد توافرت صلاحيته للتعيين في وظيفة قاض بعد مضي أربع سنوات من تاريخ قيده بجدول المحامين المشتغلين أمام محاكم الاستئناف وفقاً لحكم الفقرة (هـ) من المادة 52 من القانون 56 سنة 1959 مما كان يتعين معه تحديد أقدميته بين زملائه من خريجي سنة 1945. وبعد تحضير الطعن عرض على الدائرة المدنية والتجارية عملاً بالقانون رقم 74 سنة 1963 - دفعت وزارة العدل بأن تحديد الأقدمية هو عنصر من عناصر قرار التعيين مما لا يجوز الطعن فيه أمام أية جهة من جهات القضاء وفقاً للمادة 90 من القانون رقم 56 سنة 1959 في شأن السلطة القضائية، وأن المشرع قد أضاف بالقانون رقم 74 سنة 1963 إلى المادة 90 السالفة الذكر حكماً تفسيرياً من مقتضاه أن يشمل التعيين ما يستتبعه من تحديد الأقدمية، وطلبت احتياطياً رفض الطلب موضوعاً استناداً إلى أنه قد روعي في تحديد أقدمية الطالب بين زملائه تاريخ تخرجه وقيده في جدول المحامين مع احتساب مدد استبعاده من الجدول. وقدمت النيابة مذكرة برأيها أيدت فيها وزارة العدل في الدفع بعدم جواز الطعن، وطلبت احتياطياً رفض الطلب موضوعاً استناداً إلى أن المادة 52 من القانون 56 سنة 1959 تشترط لصلاحية المحامي للتعيين في سلك القضاء أن يكون قد مارس المحاماة فعلاً أمام محاكم الاستئناف أربع سنوات متوالية، وإذ استبعد الطالب مراراً من جدول المحامين وأعيد لآخر مرة في 15/ 11/ 1956 فإنه لا تتوافر صلاحيته للتعيين في القضاء إلا بعد مرور أربع سنوات من هذا التاريخ. وبجلسة 19/ 11/ 1964 قررت الدائرة المدنية والتجارية إحالة هذا الطلب إلى الهيئة العامة لأنها ترى العدول عن المبدأ الذي قررته الهيئة المذكورة - وقت أن كانت مختصة بنظر طلبات رجال القضاء والنيابة - بحكمها الصادر في 17 يناير سنة 1962 في الطعون المقيدة بالأرقام 26، 28، 32 سنة 30 ق رجال القضاء، والذي قضت فيه باختصاصها بالفصل في الطعون المتعلقة بتحديد الأقدمية. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الهيئة تمسك الطرفان بطلباتهما وأصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المادة 90 من القانون رقم 56 سنة 1959 بشأن السلطة القضائية - قبل تعديلها بالقانون رقم 74 سنة 1963 - إذ نصت على أن "تختص الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في كافة الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة والموظفون القضائيون بالديوان العام وبمحكمة النقض بإلغاء القرارات الجمهورية والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئون القضاة عدا التعيين والترقية والنقل والندب". فقد دل ذلك على أن الأصل هو جواز الطعن في القرارات المتعلقة بشئون القضاء أمام الهيئة العامة - التي حلت محلها الدائرة المدنية والتجارية وانعقد لها الاختصاص بنظر هذه الطلبات بالقانون رقم 74 سنة 1963 - فيما عدا ما نص عليه استثناء من هذا الأصل. ولما كانت الأقدمية من الحقوق الأصلية لرجال القضاء ولم تتناولها المادة 90 السالفة الذكر بالاستثناء، وكانت القرارات المستثناة بهذا النص قد وردت على سبيل الحصر مما يوجب إعمالها في حدود مدلولها، فإنه بذلك يجوز الطعن في القرارات المتعلقة بالأقدمية متى كانت قد صدرت في ظل القانون رقم 56 سنة 1959. أما القول بعدم جواز الطعن في الأقدمية استناداً إلى أن الفقرة الأخيرة من المادة 90 المضافة بالقانون رقم 74 سنة 1963 والتي تقضي باعتبار التعيين في حكم هذه المادة يشمل ما يستتبعه من تحديد الأقدمية - هو نص تفسيري جاء معبراً لغرض الشارع مما يجب العمل به منذ صدور القانون رقم 56 سنة 1959 - فمردود بأن نص المادة 90 المشار إليها قبل تعديلها بالقانون رقم 74 لسنة 1963 لم يكن يكتنفه لبس أو غموض يستلزم إصدار تشريع مفسر له وبالتالي فإن الفقرة الأخيرة من المادة 90 المضافة بالقانون 74 سنة 1963 نص مستحدث لا يعمل به إلا من وقت صدوره.
وحيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن الهيئة العامة لا ترى العدول عن المبدأ الذي سبق أن قررته وقت أن كانت مختصة بنظر طلبات رجال القضاء والنيابة العامة بحكمها الصادر في 27 يناير سنة 1962 في الطلبات المقيدة بالأرقام 26، 28، 32 سنة 30 ق رجال قضاء، ويتعين لذلك رفض الدفع بعدم جواز الطعن.
وحيث إنه بالنسبة للموضوع فإن النزاع يدور حول أثر قرار استبعاد اسم الطالب من جدول المحامين المشتغلين لعدم سداده اشتراك النقابة على تحديد أقدميته عند التحاقه بسلك القضاء.
وحيث إن المادة 20 من قانون المحاماة رقم 98 سنة 1944 الذي يحكم واقعة النزاع نصت على أنه "على كل محام أن يسدد قيمة الاشتراك السنوي للنقابة في مدة نهايتها 15 مارس من كل سنة. وعلى مجلس النقابة أن يخطر لجنة قيد المحامين في ميعاد لا يتجاوز نهاية مارس من كل سنة بأسماء المحامين الذين لم يؤدوا قيمة الاشتراك وتقرر اللجنة في ميعاد لا يتجاوز 15 إبريل من كل سنة استبعاد أسمائهم... وكل محام اشتغل بالمحاماة رغم استبعاد اسمه من الجدول لعدم تسديد الاشتراك يحال إلى مجلس تأديب ويقضى عليه بالوقف مدة لا تقل عن ثلاثة شهور" - كما نصت المادة 34 من اللائحة الداخلية لنقابة المحامين المعتمدة بالقرار الوزاري الصادر في 15/ 7/ 1946 على أنه "يترتب على الاستبعاد من الجدول منع المحامي من المرافعة والاستشارة وسائر حقوق المحامين وعدم اشتراكه في الجمعيات العمومية... ولا تحتسب مدة الاستبعاد من مدة التمرين ولا من مدة الاشتغال أمام المحاكم الابتدائية والاستئنافية ولا من المدد المقررة لاستحقاق المعاش أو الإعانة المنصوص عليها في القانون رقم 98 لسنة 1944" وإذ نهى المشرع عن ممارسة المحامي لعمله أثناء فترة الاستبعاد فقد دل ذلك على أن هذه الممارسة إنما تكون ممارسة غير مشروعة يترتب عليها خضوعه للجزاءات المقررة السالفة الذكر.
وحيث إن الفقرة "هـ" من المادة 52 من القانون رقم 56 سنة 1959 في شأن السلطة القضائية إذ بينت شروط صلاحية المحامين للتعيين في وظائف القضاة بالمحاكم الابتدائية بأن قررت بأنهم "المحامون الذين اشتغلوا أمام محاكم الاستئناف أربع سنوات متوالية بشرط أن يكونوا مارسوا المحاماة فعلاً" قد وضعت ضابطاً منظماً يهدف إلى التحقق من توافر صلاحية من يعين من المحامين في وظيفة قاض من واقع ممارسته لمهنة المحاماة - هذا الضابط هو وجوب توافر شرطين مجتمعين (الأول) اشتغاله بالمحاماة أمام محاكم الاستئناف أربع سنوات متوالية (الثاني) أن يكون قد مارس المهنة فعلاً خلالها - بحيث إذا تخلف أحد الشرطين - انتفى القول بتوافر الصلاحية للتعيين في وظيفة قاض. ولما كان مقتضى الشرط الأول - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون مدة الاشتغال بالمحاماة أمام محاكم الاستئناف متصلة، وكانت المادة 34 من اللائحة الداخلية لنقابة المحامين السابق الإشارة إليها قد تضمنت فيما نصت عليه أن لا تحتسب مدة الاستبعاد من الجدول من مدة التمرين ولا من مدة الاشتغال أمام المحاكم الابتدائية والاستئنافية فإن المدة التي يتقرر استبعاد المحامي فيها - وقد امتنع احتسابها في مدة الاشتغال بالمحاماة أمام محاكم الاستئناف - تعتبر قاطعة لشرط التوالي الذي استلزمه القانون لمدة أربع سنوات لمن يعين من المحامين في وظيفة قاض. وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطالب قيد في جدول المحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف في 25/ 12/ 1951 واستبعد اسمه لعدم سداد الاشتراك في 17/ 6/ 1952 وأعيد في 22/ 11/ 1952 ثم استبعد ثانية في 17/ 6/ 1953 وأعيد في 15/ 6/ 1954 كما استبعد في 27/ 6/ 1955 وأعيد في 16/ 10/ 1955 واستبعد كذلك في 9/ 10/ 1956 وأعيد في 15/ 11/ 1956 فإنه لا تتوافر له صلاحيته للتعيين في وظائف القضاء إلا بعد مرور أربع سنوات متوالية من هذا التاريخ الأخير - تنتهي في 14/ 11/ 1960 - مارس خلالها عمله في المحاماة ممارسة مشروعة. ولما كانت المادة 62 من القانون رقم 56 سنة 1959 التي تحدثت عن أقدمية رجال القضاء نصت في فقرتها الأخيرة على أنه "بالنسبة للمحامين فتحدد أقدميتهم بين أغلبية زملائهم من داخل الكادر القضائي" وكان الأستاذ...... قد استوفى شروط الصلاحية عند تعيينه قاضياً في 1/ 10/ 1960 فإن القرار المطعون فيه إذ وضع الطالب بعد هذا الزميل مباشرة لا يكون قد خالف القانون مما يتعين معه رفض هذا الطلب. ولا محل لما نعى به الطالب من أن الوزارة عينت غيره في وظائف قضاة دون اعتداد بمدة استبعادهم من جدول المحامين ما دام أن تعيينه وتحديد أقدميته تم مطابقاً للقانون.

 (1)لم تر الهيئة العامة العدول عن الحكم الصادر من الهيئة العامة للمواد المدنية بتاريخ 27/ 1/ 1962 في الطلبات المقيدة بالأرقام 26 و28 و32 لسنة 30 ق. "رجال القضاء".
 (2)راجع نقض 28/ 1/ 1961 بمجموعة المكتب الفني س 12 ص 10.

الطعن 37 لسنة 29 ق جلسة 18 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 رجال قضاء ق 1 ص 27

جلسة 18 من يناير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، واميل جبران، وأحمد حسن هيكل، والسيد عبد المنعم الصراف.
-------------------
(1)
الطلب رقم 37 لسنة 29 ق "رجال القضاء"
(أ) قضاة. "معاش أو مكافأة".
استقالة القاضي لا يترتب عليها سقوط حقه في المعاش أو المكافأة. تسوية أيهما على أساس آخر مرتب سواء كان انتهاء الخدمة بسبب الاستقالة أم لأي سبب آخر.
(ب) قانون. "استدراك الخطأ المادي أو المطبعي". "حجيته".
تصويب الخطأ المادي أو المطبعي. اعتباره جزءاً من النص التشريعي المصحح وله نفس قوته. تجاوز الاستدراك هذا النطاق وانطواؤه على تغيير في النص المنشور لفظاً ومعنى. لا حجية له ولا أثر له بالنسبة للنص الأصلي الذي يتعين إعمال أحكامه.
(ج) قانون. "التفسير التشريعي". "الأثر الرجعي للقانون".
النص القانوني الجديد. عدم انعطاف أثره على الماضي ما لم ينص على سريانه استثناء بأثر رجعي أو كان نصاً مفسراً للنص القديم.
-----------------
1 - تنص المادة 75 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 على أنه "استثناء من أحكام موظفي الدولة وقوانين المعاشات لا يترتب على استقالة القاضي سقوط حقه في المعاش أو في المكافأة. وفي جميع الأحوال يسوى معاش أو مكافأة القاضي على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه". ومفاد هذا النص هو إطلاق الحكم على جميع الحالات بإجراء تسوية المعاش أو المكافأة على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه القاضي وذلك دون تفرقة بين ما إذا كان انتهاء خدمته بسبب استقالته أم لأي سبب آخر.
2 - الاستدراك الذي ينشر بالجريدة الرسمية لتصحيح نص بالقانون هو وسيلة تتخذ لتدارك ما عسى أن يكون قد اكتنف النص الأصلي من أخطاء مادية أو مطبعية عند نشره بقصد تصويبها ويعتبر التصويب عندئذ جزءاً من النص التشريعي المصحح وله نفس قوته فإذا جاوز الاستدراك هذا النطاق وانطوى على تغيير في النص المنشور لفظاً ومعنى فهو تعديل له من جهة لا تملكه لا يجوز إلا بصدور قانون آخر ولا ينال من النص الأصلي الذي يتعين إعمال أحكامه.
3 - متى كان النص القانوني الجديد ليس مفسراً للنص القديم بل كان في حقيقته تعديلاً له بحكم يخالفه ولم ينص في التشريع الجديد على سريانه استثناء بأثر رجعي فإنه لا ينعطف أثره على الماضي ولا ينطبق على الوقائع السابقة عليه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من سائر الأوراق - تتحصل في أن الطالب تقدم في 30/ 7/ 1959 إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض بطلب الحكم بتعديل قرار ربط المعاش الوارد بالسركي الخاص به وربطه على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه وإلزام وزارتي العدل والخزانة بأداء المعاش على الأساس المعدل وبرد ما استقطع منه بدون وجه حق عن المدة من أول يوليه سنة 1959 إلى تاريخ الحكم في الدعوى - وقال شرحاً لطلبه إنه التحق بالقضاء في 16 مارس سنة 1944 وتدرج في مناصبه إلى أن عين مستشاراً بمحكمة استئناف أسيوط في 31 يوليه سنة 1956 بمرتب سنوي قدره 1300 ج ابتداء من سبتمبر سنة 1956، زيد إلى 1400 ج ابتداء من سبتمبر سنة 1958، وأنه بلغ سن التقاعد في 22 مايو سنة 1959 وظل بالخدمة حتى أول يوليه سنة 1959 عملاً بالفقرة الثانية من المادة 74 من القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن السلطة القضائية، وقد ربط معاشه باعتبار متوسط مرتبه في السنة الأخيرة استناداً إلى الفقرة الأخيرة من المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 37 سنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية - وجاء ربطه على هذا الأساس مخالفاً لنص الفقرة الثانية من المادة 75 من القانون رقم 56 لسنة 1959 بشأن قانون السلطة القضائية وهو نص صريح يسوى بمقتضاه معاش أو مكافأة القاضي على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه وذلك في جميع الحالات وبغير تفرقة بين حالة وأخرى، ولا عبرة بالاستدراك الذي نشر بالعدد 49 من الجريدة الرسمية في 12 مارس سنة 1959 - بحجة أن هناك أخطاء مطبعية وقعت عند نشر القانون رقم 56 لسنة 1959 - والذي جاء به يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة 75 النص الآتي - "ويسوى معاش أو مكافأة القاضي في هذه الحالة على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه". أي قصر تسوية معاش أو مكافأة القاضي على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه على حالة الاستقالة فقط، ذلك أن هذا الاستدراك يخالف تمام المخالفة ما نصت عليه الفقرة المستبدلة وينطوي على تعديل لها، وهو ما لا يجوز إلا بتشريع جديد - وبتاريخ 26 أكتوبر سنة 1963 قررت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية إحالة الطلب إلى هذه الدائرة لاختصاصها بنظره عملاً بالمادة 90 من قانون السلطة القضائية بعد تعديلها بالقانون 74 سنة 1963 - وقدمت وزارة العدل مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطلب مستندة في ذلك إلى أن نص الفقرة الثانية من المادة 75 قد اكتنفه بعض أخطاء مادية عند نشره وأن العبرة بالنص الوارد بالاستدراك لأنه لا يعد تعديلاً للتشريع وإنما هو من قبيل لفت النظر إلى وقوع خطأ مادي وتصحيحه، وإلى أن النص مطابق لأصل التشريع قبل نشره - كما استندت إلى أن المشرع قد فسر الفقرة الثانية من المادة 75 من قانون السلطة القضائية بالقانون رقم 74 لسنة 1963 إذ نصت الفقرة الثانية بعد تعديلها على أنه "يسوى المعاش أو المكافأة في هذه الحالة وفقاً لقواعد المعاشات والمكافآت المقررة للموظفين بسبب إلغاء الوظيفة أو الوفر"، فقصر بذلك تسوية المعاش أو المكافأة على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه القاضي على حالة الاستقالة فقط. وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها وجوب إطلاق النص ومعاملة الطالب على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه وفق ما جاء بالنص عند نشره وقبل تصحيحه بالاستدراك كما رأت النيابة أن النص الذي أورده القانون رقم 74 سنة 1963 لا يعد تفسيراً للمادة 75 سالفة الذكر وإنما هو تعديل لها وأنه ما دامت الواقعة المنشئة لحق الطالب - وهي انتهاء الخدمة - قد تمت واكتملت عناصرها قبل هذا التعديل فهو لا ينصرف إليها.
وحيث إن قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 المنشور بالجريدة الرسمية في 21/ 2/ 1959 بالعدد رقم 33 مكرر ب غير اعتيادي نص بالمادة 75 منه على أنه: "استثناء من أحكام موظفي الدولة وقوانين المعاشات لا يترتب على استقالة القاضي سقوط حقه في المعاش أو في المكافأة - وفي جميع الأحوال يسوى معاش أو مكافأة القاضي على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه". ومفاد هذا النص هو إطلاق الحكم على جميع الحالات بإجراء تسوية المعاش أو المكافأة على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه القاضي وذلك دون تفرقة بين ما إذا كان انتهاء خدمته بسبب استقالته أم لأي سبب آخر - ولا يقدح في إطلاق النص ما نشر في 12/ 3/ 1959 بالعدد رقم 49 من الجريدة الرسمية من أنه "يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة 75 النص الآتي - ويسوى المعاش أو المكافأة في هذه الحالة على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه". إذ أن هذا النص وإن وصف بأنه استدراك قصد به تصحيح أخطاء مطبعية وردت بالنص الأصلي، إلا أنه في حقيقته مما لا ينطبق عليه هذا الوصف، ذلك أن الاستدراك هو وسيلة تتخذ لتدارك ما عسى أن يكون قد اكتنف النص الأصلي من أخطاء مادية أو مطبعية عند نشره بقصد تصويبها، ويعتبر التصويب عندئذ جزءاً من النص التشريعي المصحح وله نفس قوته، فإذا جاوز الاستدراك هذا النطاق وانطوى على تغيير في النص المنشور لفظاً ومعنى فهو تعديل له لا يجوز إلا بصدور قانون آخر - لما كان ذلك، وكان النص اللاحق الذي نشر في 12/ 3/ 1959 يحمل على ما سلف بيانه - تغييراً أساسياً للفقرة الثانية من المادة 75 من قانون السلطة القضائية رقم 56 سنة 1959، وكان ما ادعته - وزارة العدل من أن النص اللاحق المشار إليه تصحيح لخطأ مطبعي وأنه يطابق أصل التشريع قبل نشره، هو قول لم يقم عليه أي دليل، فإن هذا النص والحال كذلك إنما هو تعديل لأصل التشريع صدر من جهة لا تملكه ولا ينال بالتالي من النص الأصلي الذي يتعين إعمال أحكامه التي أحيل الطالب إلى المعاش في ظلها بتاريخ 22 مايو سنة 1959 - ولا يغير من ذلك ما طرأ على النص من تعديل بموجب القانون رقم 74 لسنة 1963 تضمن الآتي "ويسوى المعاش أو المكافأة في هذه الحالة - أي حالة استقالة القاضي المنصوص عليها بالفقرة الأولى - وفقاً لقواعد المعاشات المقررة للموظفين بسبب إلغاء الوظيفة أو الوفر" ولا ما تثيره الوزارة من وجوب إعمال هذا النص الجديد استناداً منها إلى أنه مفسر للنص القديم وليس معدلاً له، ذلك أن النص القديم لم يكتنفه غموض أو إبهام يستلزم إصدار تشريع مفسر له يعتبر جزءاً منه ويمتد إلى حكم ما تم في ظله، والنص الجديد ليس مفسراً للنص القديم بل هو في حقيقته تعديل له بحكم يخالفه، وإذ لم ينص في التشريع الجديد على سريانه استثناء بأثر رجعي فلا ينعطف أثره على الماضي ولا ينطبق على الوقائع السابقة عليه، ومن ثم فلا يسري على حالة الطالب الذي اكتملت عناصر الواقعة المنشئة لحقه وهي إحالته إلى المعاش في ظل النص قبل تعديله - لما كان ما تقدم فإنه يتعين تعديل قرار ربط المعاش المستحق للطالب بجعله على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه في تاريخ إحالته إلى المعاش.

الطعن 33 لسنة 31 ق جلسة 19 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 أحوال شخصية ق 22 ص 163

جلسة 19 من يناير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.
--------------------
(22)
الطعن رقم 33 لسنة 31 ق "أحوال شخصية"
(أ، ب) وقف. "الاستحقاق في الوقف".
أ - جعل ريع الوقف جميعه - فيما عدا ما يلزم لشئونه - وظائف ومرتبات جارية على المذكورين فيه وقصدهم به. عدم انطباق أحكام المادة 36 من القانون 48 لسنة 1946 على هذا الوقف.
ب - زيادة الغلة عن الوظائف والمرتبات المشروطة. حكمها. أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة. إعطاء كل مستحق ما سمي له وقسمة ما بقي بينهم على عدد الرءوس.
-------------------
1 - إذا كانت الواقعة قد جعلت ريع وقفها جميعه - فيما عدا ما يلزم لشئون الوقف - وظائف ومرتبات جارية على المذكورين فيه وقصدتهم به، منها ما هو أجر ومنها ما هو صدقة ومنها ما هو صلة، فإن الوقف بهذه الصورة لا تطبق في شأنه أحكام المادة 36 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 فيما نصت عليه من أنه "لا تزيد المرتبات عما شرطه الواقف" إذ هي لا تطبق إلا "إذا جعل الواقف غلة وقفه لبعض الموقوف عليهم وشرط لغيرهم مرتبات فيها" بأن جعلها للموقوف عليهم وشرط أن يصرف منها خيرات ومرتبات لغيرهم، بل تحكمه أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة.
2 - فقه الحنفية على أنه لو جعل الواقف وقفه على جماعة سماهم وسمي لكل إنسان منهم شيئاً معلوماً فزادت الغلة، أعطي كل منهم ما سمي له وكان ما بقي بينهم على عدد الرءوس ولا يصرف هذا الباقي إلى الفقراء كما لا يقسم بينهم بنسبة ما سمي لكل منهم لأنه جمعهم في الغلة وجعلها لهم جميعاً في أول كلامه ثم فصل ما لكل واحد منهم وسكت عن الباقي، وبجعل ريعه لهم وحصره فيهم لا يصرف شيء منه للمساكين ماداموا موجودين، وبسكوته عن بيان نصيب كل منهم في الزيادة، تقسم بينهم بالسوية لعدم شرط التفضيل فيها - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن الواقفة أرادت أن تخص المسجد والخيرات بفائض ريع الوقف بعد استيفاء أصحاب المرتبات مرتباتهم المقررة وأن أصحاب هذه المرتبات ليس لهم سوى استحقاقاتهم ولا يزاد لهم شيء ورتب على ذلك الحكم بعدم تعرضهم لوزارة الأوقاف فيما زاد عن مرتباتهم المقررة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الأوقاف أقامت الدعوى رقم 412 سنة 1958 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد محمد فهمي أبو بكر وآخرين طلبت فيها الحكم بمنع تعرضهم لها في وقف المرحومة خديجة غلبون فيما زاد عن مرتباتهم، وقالت شرحاً لدعواها إنه بموجب الإشهاد الصادر من محكمة منفلوط الشرعية بتاريخ 21/ 3/ 1885 وقفت المرحومة خديجة أحمد أبو بكر غلبون ما هو 314 فداناً و10 قراريط و8 أسهم مبينة الحدود والمعالم في الإشهاد وأنها أنشأت وقفها هذا على نفسها أيام حياتها ومن بعدها على جهات بر لا تنقطع وعينت هذه الجهات مرتبات للموظفين بمسجد والدها ومرتبات لأشخاص آخرين ومن بعدهم لذريتهم على أن من مات منهم عقيماً أو انقطعت ذريته وانقرضت يرجع استحقاقه للوقف ويحفظ بخزينته ويصرف في لوازم المسجد عند الحاجة إليه، وقد توفيت الواقفة مصرة على وقفها وآل النظر عليه للوزارة بمقتضى القانون رقم 347 لسنة 1952 ووضعت يدها على أعيانه لتديره وتصرف ريعه طبقاً لما فهمته من شروط الواقفة، وإذ نازعها أصحاب المرتبات زاعمين أن ليس للمسجد والخيرات سوى المرتبات المشروطة لهم في إشهادات الوقف والتغيير، وهو زعم باطل يخالف شرط الواقفة التي جعلت فائض ريع الوقف يصرف في شئون المسجد ويخالف ما نص عليه في قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 من أنه ليس لأصحاب المرتبات سوى المرتبات المشروطة لهم وإن زاد ريعه، فقد انتهت إلى طلب الحكم بمنع تعرضهم لها فيما زاد عن مرتباتهم المقررة في إشهاد الوقف، ودفع المدعى عليهم بعدم سماع الدعوى وطلبوا رفضها لمخالفتها شرط الواقفة وقانون الوقف، إذ أن غلة الوقف كانت معلومة وقت صدوره وقدرت في إشهاد التغيير المؤرخ 31/ 8/ 1895 بمبلغ 34284 ج و20 م فإن زادت الغلة اختصت الخيرات بما شرط لها منسوباً إلى غلة الوقف المعلومة بدون زيادة وليس للوزارة إلا ما شرط لموظفي المسجد ولا شأن لها بما وراء ذلك، وإذ لا فرق بين مرتب ومرتب، وأثناء نظرها أقام بعض المدعى عليهم الدعوى رقم 618 سنة 1959 والدعوى رقم 22 سنة 1960 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد الوزارة طالبين الحكم باستحقاق كل منهم لنصيبه في الزيادة مستندين إلى إشهاد الوقف وإشهادات التغيير المؤرخة 21/ 3/ 1885 و23/ 5/ 1886 و14/ 3/ 1891 و31/ 8/ 1895 وجرى النزاع في دعوى الوزارة حول شرط الإنشاء بالنسبة لأصحاب المرتبات حيث ذهبت الوزارة إلى عدم زيادة مرتباتهم عند زيادة الغلة وذهب المدعى عليهم إلى زيادة هذه المرتبات، ولم يختلف الطرفان في أن غلة الوقف كانت معلومة ومحددة وقت صدوره. وبتاريخ 27/ 2/ 1960 حكمت المحكمة (أولاً) في الدفع بعدم السماع لعدم انطباق الدعوى على شرط الواقفة برفضه وبسماعها (ثانياً) وفي الموضوع بمنع تعرض المدعى عليهم لوزارة الأوقاف في ريع الوقف سوى مرتباتهم المقررة لهم بإشهادات الوقف وألزمتهم بالمصروفات. واستأنف محمد فهمي ومن معه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم سماع دعوى الوزارة والحكم باستحقاقهم طبقاً لما ورد في الدعوى المستأنف حكمها مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد استئنافهم برقم 69 سنة 77 قضائية، وكذلك استأنفه علي حسن رسمي ومن معه وقيد استئنافهم برقم 68 سنة 77 قضائية كما استأنفته فاطمة محمد الزهري ومن معها وقيد استئنافهم برقم 70 سنة 77 قضائية واستأنفه علم الدين عبد الخير ومن معه وقيد استئنافهم برقم 71 سنة 77 قضائية، وقررت المحكمة ضم هذه الاستئنافات. وبتاريخ 20 إبريل سنة 1961 حكمت حضورياً بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث صمم الطاعنان على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الذي ضمنته مذكرتيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان في سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بمنع تعرضهما وباقي المستحقين للوزارة فيما زاد عن مرتباتهم المقررة بحجة أن الواقفة أفصحت في إشهادات الوقف والتغيير عن غرضها في أن تكون الزيادة في ريع الوقف للمسجد والخيرات وذلك بقولها في إشهاد الوقف "إن مات أحد منهم ولم يكن له ذرية أو كانت وانقرضت ولم يبق منهم أحد يرجع استحقاقه للوقف ويحفظ بخزينته ويصرف في لوازم المسجد عند الاحتياج" وفي إشهاد التغيير المؤرخ 23/ 5/ 1886 أنها "جعلت للمشرف على الوقف تنفيذ ما يتعلق بشئون الوقف فيما هو منصوص عليه بكتاب الوقف المذكور وبما يراه في ذلك من المصلحة الشرعية" والمصلحة الشرعية تقضي بالإبقاء على المسجد والصرف على ما يحتاج إليه، وأنها جعلت وقفها ابتداء على المسجد، وأن صاحب المرتب لا يزاد له شيء عما رتبه له الواقف - وهذا الذي استند إليه الحكم وأقام قضاءه عليه خطأ ومخالفة للقانون من وجهين (أولهما) مخالفة أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ومقتضاها أنه لو وقف على مستحقين من أي نوع وبين لكل منهم مرتباً معلوماً وكانت مصارف الريع كلها من ذوي المرتبات ثم جعلت الغلة أكثر من المرتبات التي بينها كانت الغلة كلها للموقوف عليهم وتقسم بينهم بنسبة ما سمى الواقف لكل منهم ولا يعتبر شيء منها خارجاً عنهم، وإنشاء الواقفة صريح في أنها أنشأت وقفها على نفسها أيام حياتها ثم من بعدها "يكون على جهات بر لا تنقطع يصرف ريعه وأجوره وغلاته حسب البيان الآتي" وهو قاطع في أن أرباب المرتبات جميعاً وهم المسجد وأصحاب المرتبات الأهلية موقوف عليهم غلة الوقف جميعها - إذ باحتساب المرتبات المقدرة للمسجد وذوي القرابة ينتج أن مجموعها هو مجموع غلة الوقف، وأنهم والمسجد على قدم المساواة في الاستحقاق فإذا ما ارتفعت الغلة عن وقت الوقف فهي حق للموقوف عليهم لا يخرج شيء منها عنهم لأنهم جميعاً موقوف عليهم كل الريع وقد جمعت الواقفة بينهم في صدر الإنشاء، وليس لأحد أن يتحلل من هذا الحكم بحجة تلمس أغراض للواقفة لا يسلم بها أحد وتعتبر اجتهاداً في مقابلة النص وهو اجتهاد مردود لا يمكن أن يكون غرضاً لأي واقف إذ من غير المفهوم أن يكون من غرض الواقفة أن تعطي المسجد ريعاً يزيد على ستة آلاف جنيه في السنة وهو لا يعدو أن يكون زاوية من زوايا القرى وحالته واضحة من صنيع الواقفة وقد شرطت له مبلغاً لا يتجاوز خمس ريع الوقف عند صدوره، أو بحجة أن للواقفة شرطاً خاصاً في نصيب من يموت عقيماً من أصحاب المرتبات وأيلولته إلى أصل الوقف يحفظ بخزينته ويصرف في لوازم المسجد مع أنها نصت في إشهاد التغيير الصادر في 23 مايو سنة 1886 على أن ما يفضل من الريع يرجع للوقف، والاستدلال بما ورد في هذه الحجة وزعم الحكم أن المصلحة الشرعية تقضي بالإبقاء على المسجد والصرف على ما يحتاج إليه خاصة وأنها جعلت الوقف ابتداء على المسجد، لا يوافقه عليه أحد لأن المصلحة الشرعية وإن قضت بالإبقاء على المسجد فهي قاضية كذلك بالإبقاء على قوام معيشة الموقوف عليهم من ذوي قرابتها وقد خصتهم بالنظر على الوقف وجعلته فيهم وفي ذريتهم، والقول بأن الواقفة قدمت المسجد على غيره بأن جعلت الوقف عليه ابتداء مردود بأنها جعلت الوقف ابتداء على نفسها ومن بعدها على المستحقين الذين عينتهم وسوت بينهم جميعاً ولم تفضل أية جهة على الأخرى وذكر المسجد أولاً لا يدل على أفضليته عمن عداه. (وثانيهما) أنه استند في قضائه إلى أحكام خاصة بأرباب المرتبات الذين شرطت لهم مرتباتهم نظير عمل يؤدونه لجهة الوقف وهي لا علاقة لها بمرتبات أريد بها البر والصلة والأمر مختلف بين مرتبات أرباب الأعمال والمرتبات التي أريد بها الصلة فمرتبات أصحاب الأعمال لا تزيد ضرورة أن أجرهم في مقابل أعمالهم أما مرتبات الصلة فموقوف عليها أصل الغلة وزيادتها والنصوص صريحة في أن الزيادة تعود عليهم، هذا ومع ما قرره الحكم من أن المواد 36 و37 و38 من قانون الوقف لا تنطبق على واقعة الدعوى ضرورة أن الموقوف عليهم جميعاً من أرباب المرتبات وأحكام هذه المواد خاصة بأوقاف اشترط فيها سهام لبعض المستحقين ومرتبات للبعض الآخر إلا أنه عاد فقرر أنها تدل على أن المرتبات لا تزاد وهو خطأ في فهم القانون، وقول الحكم إن الواقفة لم تسكت عن بيان من يؤول إليه متجمد الغلة خطأ ومخالفة للثابت في كتاب الوقف من أنها سكتت عن بيان مصيره واكتفت بالنص على أن يحفظ في خزانة الوقف تحت يد المشرف، أما إلى من يؤول هذا الفاضل فمسكوت عنه والمقرر فقهاً وما اضطرد عليه القضاء أن المسكوت عنه يرجع إلى أصل الغلة ويعتبر زيادة فيها ويصرف مصرفها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه بالرجوع إلى إشهاد الوقف المؤرخ 21/ 3/ 1885 يبين أن الواقفة أنشأت وقفها "على نفسها أيام حياتها" ثم من بعدها "يكون على جهات بر لا تنقطع يصرف ريعه وأجوره وغلاته حسب البيان الآتي.. فيصرف منه على خدم مسجد والدها الكائن بمنفلوط من إمام ومؤذنين وبوابين وغيرهم". فيصرف (للإمام بالمسجد في كل سنة خمسمائة قرش على أن يتولى القيام بوظيفة الإمامة والخطبة، ولأربعة أنفار مؤذنين منهم واحد رئيس عليهم في السنة أربعمائة وخمسون قرشاً لكل واحد منهم مائة قرش وتزاد للرئيس خمسون قرشاً على أن يتولى كل منهم وظيفة التأذين) ويصرف منه "في كل سنة مائة وثلاثون قرشاً لرجل قوي أمين يكون بواباً للمسجد والجبانة؛ ومائتا قرش تحفظ بخزينة الوقف إلى أن تتجمد ويشترى بها حصر وسجاد لفرشه داخل المسجد وخارجه عند الاحتياج، وثمانون قرشاً لرجل سقا على أن يتولى القيام بملء السبيل الموجود بالمسجد". ويصرف منه "لمن يتولى إدارة الساقية في كل سنة خمسمائة قرش، ومائتان وخمسون قرشاً لرجل قوي أمين على أن يقوم بوظيفة كنس المسجد وتنظيفه، وستمائة وخمسون قرشاً يشتري بها زيت لوقود المسجد والجبانة، وستمائة قرش سوية لاثنين من أهل العلم يدرسان العلم الشريف بالمسجد من فقه وتوحيد وحديث، ومائة قرش لفقيه يجلس عنده أولاد المسلمين ليعلمهم القرآن وكيفية الكتابة والصلاة، وتسعمائة قرش لثمانية أشخاص من الفقهاء على أن يقرأ كل واحد منهم كل يوم جزء من القرآن الشريف بجبانة والدها وأربعمائة قرش لاثنين من أهل العلم على أن يقرأ كل يوم بمنزل الواقفة حصة من متن حديث البخاري، وستمائة قرش لثلاثة من الفقهاء على أن يقرءوا القرآن العظيم في ليالي شهر رمضان بمنزل الواقفة، ومائتا قرش لفقيه يقرأ عدية يس كل يوم بمنزل الواقفة، ومائة قرش لامرأة فقيهة على أن تتلو القرآن الشريف في شهر رمضان بمنزل الواقفة" ويصرف منه "في كل سنة في شهر رمضان تسعمائة قرش على أن يشتري منها بمائة قرش غاز لوقود منزل الواقفة وبمائتي قرش بن قهوة يشرب بمنزلها للعتقاء والمترددين، وبثلاثمائة قرش لحمة للفقراء والمترددين وبمائة قرش سمن وبمائتي قرش قمح، وفي كل شهر مائتي قرش على أن يشترى بها قمح وسمن ويصنع كعكاً ويطعم بها الفقراء وأهل المنزل والفقراء يوم عيد الفطر، وفي كل سنة ثلاثمائة قرش على أن يشترى بها قمح ولحمة وسمن ويطعم ذلك لأهل منزلها والفقهاء والفقراء يوم عيد الأضحى، وستمائة قرش على أن يشترى بها لحوم وقمح وسمن وتصنع طعاماً وتطعم على التساوي لأهل منزلها والفقهاء والفقراء يوم مولد النبي وليلة المعراج والنصف من شهر شعبان ويوم عاشوراء، وفي شهر محرم أول كل سنة مائتا قرش على أن يشترى بها قماش مصبوغ يعطى للنسوة الأرامل المساكين، وفي كل سنة مائة قرش لرجل يتولى السقاية بمنزل الواقفة، وخمسمائة قرش لرجل يتولى القيام بوظيفة كونه بواباً بمنزل الواقفة" ويصرف منه "في كل سنة ألف وثمانمائة قرش لرجل أمين يتولى القيام بكتابة أجور الوقف وغلاته، وأربعة عشر ألف قرش لكل من يتولى نظارة الوقف..." ويصرف منه "في كل سنة ألفان وأربعمائة قرش للشيخ مصطفى محمد الشماع وثلاثة آلاف قرش لحسن أفندي رسمي الجركس معتوق الواقفة، وثلاثة آلاف قرش لأبي بكر منصور وألف وثمانمائة قرش لعبد الخير الأسود، وألفان وأربعمائة قرش لسعيد الأسود بن عبد الله وعبد الله الأسود بن عبد الله لكل منهم ألف ومائتي قرش وستة آلاف وثلاثمائة قرش لعائشة ومعززة وسعيدة السودا وفضل الكريم السودا وأم الخير السودا وقدم الخير السودا وفضل واسع السودا وسليمة السودا لكل واحدة منهن تسعمائة قرش" ويصرف ما ذكر لكل من الشيخ مصطفى وما ذكر معه مدة حياتهم ومن بعد موت كل منهم يصرف استحقاقه لذريته وذرية ذريته وذرية ذرية ذريته نسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل للذكر سهمان وللأنثى سهم واحد ثم إن مات أحد منهم ولم يكن له ذرية أو كانت انقرضت ولم يبق منهم أحد يرجع استحقاقه للوقف ويحفظ بخزينته ويصرف في لوازم المسجد" وشرطت في وقفها شروطاً منها أنها جعلت لنفسها الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان وجعلت النظر لنفسها ومن بعدها للشيخ محمد خليل غلبون، وبالرجوع إلى إشهاد التغيير المؤرخ 23/ 5/ 1886 يبين أنها جعلت النظر من بعدها لبنت أخيها الست هانم ومن بعدها للأرشد فالأرشد من بنات أخيها الباقيات وهن الست نفيسه والست آمنه والست زبيده، وجعلت على وقفها مشرفاً هو العلامة محمد محمد حسن لطفي ومشيراً هو الحاج مصطفى بن محمد علي الشماع، وجعلت للمشرف "تنفيذ ما يتعلق بشئون الوقف فيما هو منصوص عليه بكتاب الوقف المذكور وبما يراه في ذلك من المصلحة الشرعية. ونصت على أن "يصرف من ريع الوقف المذكور في كل سنة ستمائة قرش لرجل قوي أمين على أن يتولى القيام بخدمة الواردين والمترددين والفقهاء بمنزل الواقفة ويساعده في ذلك عبد الخير الأسود، وشرطت على سعيد الأسود أن يقوم بخدمة مواشي الوقف من جمال وأبقار وحمير وغير ذلك في مقابلة ما هو مرتب له، ولوفاة فضل الكريم السوداء جعلت نصيبها المرتب لها سنوياً البالغ قدره ستمائة قرش لزعفران السوداء، وشرطت على النسوة أرباب المرتبات أن يقمن بخدمة ما شرطته الواقفة ويعملن في أيام المواسم من شهر رمضان وأيام الأعياد وغيرها المنصوص عليها في كتاب الوقف" وجعلت "لمن يتولى النظر بعدها ستة آلاف قرش وللمشرف عشرة آلاف قرش" وجعلت "لكل من حسن أفندي رسمي الجركس وأبي بكر بن منصور ستمائة قرش سنوياً زيادة على مرتبه" "وشرطت أن جميع ما يبقى من إيراد الوقف بعد صرف اللازم صرفه على جهات الوقف وأصحاب الوظائف والمرتبات يحفظ في خزانة الوقف تحت يد المشرف" وبالرجوع إلى إشهاد التغيير المؤرخ 14 مارس سنة 1891 يبين أنها أخرجت من وقفها "الشيخ محمد محمد حسن لطفي هو وذريته وذرية عتيقها المرحوم عبد الله الأسود والمرحوم الشيخ مصطفى بن محمد ابن علي الشماع" وبما لها من شرط النقصان "نقصت الثلث مما شرط صرفه لعتيقها عبد الخير الأسود وجعلته مستحقاً من بعدها لثلثي نصيبه مدة حياته ثم من بعده يكون نصيبه لأولاده وذريته" وبما لها من شرط الإدخال "أدخلت في وقفها بنتي أخيها المرحوم الشيخ محمد وهما الست أمينه والست زبيده وجعلتهما مستحقين من بعدها سوية بينهما لمبلغ قدره أربعة آلاف قرش يصرف في كل سنة لهما من ريع وقفها المذكور لكل واحدة منهما في كل سنة ألفي قرش مدة حياتهما ثم من بعدهما لأولادهما ذكوراً وإناثاً بالسوية بينهم ثم لأولاد أولادهما" وما فضل مما كانت شرطت صرفه للشيخ محمد حسن لطفي وعتيقها المرحوم عبد الله الأسود والمرحوم الشيخ مصطفى المذكورين والثلث الذي نقصته المذكور أعلاه "يصرف في إقامة شعائر مسجد والدها". وبالرجوع إلى إشهاد التغيير المؤرخ 31 أغسطس سنة 1895 يبين أنها أخرجت من وقفها ذرية المرحومة الست هانم وعينت كلاً من الست آمنة والست زبيدة ناظرتين على وقفها "وجعلت لهما في نظير النظر المذكور مبلغاً قدره ثلاثة آلاف قرش من أصل مبلغ الستين جنيهاً التي كانت مجعولة للست هانم والباقي وهو مبلغ ثلاثون جنيهاً مصرياً يضاف على أصل الوقف" وجرى ذلك "بعد أن جرى تقدير ريع الأطيان المذكورة بمعرفة عمدة منفلوط ومحمد منصور والشيخ أحمد عوض أهل الخبرة في ذلك بمبلغ 34284 ج و20 م كما علم ذلك من إفادة مركز منفلوط نمرة 845 بمعنى أن ريع الفدان الخراجي 120 قرشاً والعشورى 100 مائة قرش". وظاهر هذا الإنشاء والتغييرات التي أدخلت عليه يدل على أن الواقفة جعلت ريع وقفها جميعه - فيما عدا ما يلزم لشئون الوقف - وظائف ومرتبات جارية على المذكورين فيه وقصدتهم به، منها ما هو أجر ومنها ما هو صدقة ومنها ما هو صلة، والوقف بهذه الصورة لا تطبق في شأنه أحكام المادة 36 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 فيما نصت عليه من أنه (لا تزيد المرتبات عما شرطه الواقف) إذ هي لا تطبق إلا "إذا جعل الواقف غلة وقفه لبعض الموقوف عليهم وشرط لغيرهم مرتبات فيها" بأن جعلها للموقوف عليهم وشرط أن يصرف منها خيرات ومرتبات لغيرهم، بل تحكمه أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة، وفقه الحنفية على أنه لو جعل وقفه على جماعة سماهم وسمى لكل إنسان منهم شيئاً معلوماً فزادت الغلة أعطى كل منهم ما سمى له وكان ما بقي بينهم على عدد الرءوس ولا يصرف هذا الباقي إلى الفقراء كما لا يقسم بينهم بنسبة ما سمي لكل منهم، لأنه جمعهم في الغلة وجعلها لهم جميعاً في أول كلامه ثم فصل ما لكل واحد منهم وسكت عن الباقي وبجعل ريعه لهم وحصره فيهم لا يصرف شيء منه للمساكين ما داموا موجودين وبسكوته عن بيان نصيب كل منهم في الزيادة تقسم بينهم بالسوية لعدم شرط التفضيل فيها - والقول من الحكم بأن الواقفة أرادت أن تخص المسجد والخيرات بفائض ريع الوقف بعد المرتبات المشروطة مستنداً في ذلك إلى قولها في إشهاد الوقف "إن مات أحد منهم ولم يكن له ذرية أو كانت وانقرضت ولم يبق منهم أحد يرجع استحقاقه للوقف ويحفظ بخزينته ويصرف في لوازم المسجد عند الاحتياج" وقولها في إشهاد التغيير المؤرخ 23/ 5/ 1886 "أنها جعلت للمشرف على الوقف تنفيذ ما يتعلق بشئون الوقف فيما هو منصوص عليه بكتاب الوقف وبما يراه في ذلك من المصلحة الشرعية". والمصلحة الشرعية تقضي بالإبقاء على المسجد والصرف على ما يحتاج إليه، مردود (أولاً) بأن الواقفة لم تصرح بذلك وكان يسعها التصريح به، ومردود (ثانياً) بأن رجوع الاستحقاق للوقف وصرفه في لوازم المسجد عند الاحتياج لا يتعدى نصيب من يموت من ذوي المرتبات ولم يكن له ذرية أو كانت وانقرضت، كما لا يتعدى ما فضل مما كانت شرطت صرفه للشيخ محمد محمد حسن لطفي وعتيقها عبد الله الأسود والشيخ مصطفى بن محمد علي الشماع والثلث الذي أنقصته من مرتب عتيقها عبد الخير الأسود وهو ما نصت عليه في إشهاد الوقف وفي إشهاد التغيير المؤرخ 14/ 3/ 1891، ومردود (ثالثاً) بأنه لو كانت الواقفة قد أرادت أن تخص المسجد والخيرات بفائض ريع الوقف لما نصت في إشهاد التغيير المؤرخ 23/ 3/ 1886 - وهو لاحق لإشهاد الوقف - على أن "جميع ما يبقى من إيراد الوقف بعد صرف اللازم صرفه على جهات الوقف وأصحاب الوظائف والمرتبات يحفظ في خزانة الوقف" وفي إشهاد التغيير المؤرخ 31 أغسطس سنة 1895 على أن الباقي من أصل مبلغ الستين جنيهاً التي كانت مجعولة للست هانم "وهو مبلغ ثلاثون جنيهاً مصرياً يضاف إلى أصل الوقف" ولما نصت في إشهاد التغيير المؤرخ 14 مارس سنة 1891 على أن "ما فضل مما كانت شرطت صرفه للشيخ محمد محمد حسن لطفي وعتيقها المرحوم عبد الله الأسود والمرحوم الشيخ مصطفى والمرتب الذي نقصته المذكور أعلاه - مرتب عبد الخير الأسود - يصرف في إقامة شعائر مسجد والدها" - وإذا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن الواقفة أرادت أن تخص المسجد والخيرات بفائض ريع الوقف بعد استيفاء أصحاب المرتبات مرتباتهم المقررة وأن أصحاب هذه المرتبات ليس لهم سوى استحقاقاتهم ولا يزاد لهم شيء ورتب على ذلك الحكم "بعدم تعرضهم لوزارة الأوقاف فيما زاد عن مرتباتهم المقررة" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

الطعن 348 لسنة 30 ق جلسة 11 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 10 ص 77

جلسة 11 من يناير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.
-----------------
(10)
الطعن رقم 348 لسنة 30 القضائية
(أ) حكم. "الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع". "الطعن في الأحكام". استئناف.
الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها استقلالاً هي التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. الحكم بعدم قبول الاستئناف المقابل شكلاً. إنهاؤه جزءاً من الخصومة بعدم قبولها بالنسبة لبعض الخصوم. جواز الطعن فيه استقلالاً.
(ب) نقض. "ميعاد الطعن". "التمسك بعدم قبول الطعن". نظام عام.
عدم لزوم تمسك الخصم بعدم قبول الطعن بالنقض - لفوات ميعاده - لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام.
(ج) إعلان. "إعلان أوراق المحضرين".
الأصل في الإعلان أن تصل الورقة المعلنة إلى علم المعلن إليه علماً يقينياً بتسليمها لشخصه. اكتفاء المشرع بالعلم الظني تارة بالإعلان في الموطن. وتارة أخرى بالعلم الحكمي كما في إعلان المقيم بالخارج في موطن معلوم بتسليم الصورة للنيابة. لا يكفي العلم الحكمي في الصورة التي تبدأ فيها مواعيد الطعن في الأحكام من تاريخ إعلان الحكم لنفس المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي. عدم سريان هذه المواعيد - في هذه الحالة - من تاريخ تسليمه الصورة للنيابة.
(د) حكم. "قصور". "ما لا يعد كذلك". تعويض. "عناصر الضرر".
عدم التزام محكمة الموضوع تقدير التعويض إلا في حدود عناصره المطلوبة. طلب المضرور تقدير التعويض على أساس ما لحقه من خسارة. قضاء الحكم على هذا الأساس دون اعتداد بما فات من كسب. لا قصور.
----------------
1 - الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها استقلالاً هي التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها وفقاً لنص المادة 378 من قانون المرافعات. وإذ كان الحكم بعدم قبول الاستئناف المقابل شكلاً قد أنهى جزءاً من الخصومة بعدم قبولها بالنسبة لبعض الخصوم فإن الطعن في هذا الحكم استقلالاً يكون جائزاً قانوناً.
2 - لا يلزم التمسك بعدم قبول الطعن بالنقض من أحد الخصوم - لفوات ميعاده - إذ لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام.
3 - الأصل في إعلان أوراق المحضرين القضائية أن تصل إلى علم المعلن إليه علماً يقينياً بتسليم الصورة لنفس الشخص المعلن إليه وإن كان المشرع يكتفي بالعلم الظني في بعض الحالات بإعلانه في موطنه وبمجرد "العلم الحكمي" في بعض آخر لحكمة تسوغ الخروج فيها على هذا الأصل، ومن هذه الحالات إعلان المقيم خارج البلاد في موطن معلوم فقد اكتفى المشرع بالعلم الحكمي بتسليم الصورة للنيابة في إعلان صحف الدعاوى أو الطعون استثناء من ذلك الأصل، إلا أن المشرع لم يعمل هذا الاستثناء على إطلاقه في حالة المقيم في الخارج فاستبعد العلم الحكمي في الصورة التي تبدأ فيها مواعيد الطعن في الأحكام من تاريخ إعلان الحكم فنص في المادة 379 من قانون المرافعات - قبل تعديلها بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - على أن مواعيد الطعن في الأحكام تبدأ من تاريخ إعلان الحكم لنفس المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي مما لا يتأتى معه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - صواب متابعة الرأي القائل بأن مواعيد الطعن - في هذه الحالة. تجري من تاريخ تسليم الصورة للنيابة متى كان للمعلن إليه موطن معلوم في الخارج.
4 - متى كان الطاعن قدر التعويض الذي طلبه أمام محكمة الموضوع بما لحقه من خسارة ولم يدخل في هذا التقدير ما فاته من كسب وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بتقدير التعويض إلا في حدود عناصره المطلوبة فإنه لا يقبل النعي على الحكم بالقصور بأنه لم يقدر التعويض عن الكسب الفائت الذي لم يطلبه الطاعن.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 195 لسنة 1947 تجاري كلي الإسكندرية ضد المطعون عليه الأول وفي مواجهة المطعون عليهما الثاني والثالث طلب فيها الحكم بفسخ عقد البيع المبرم بين الطرفين في 7/ 1/ 1946 فيما يختص بالجزء الثاني من الصفقة وقدره 69.458 طناً من الجلود - وإلزام المطعون عليه الأول بأن يؤدي له مبلغ 10418.700 جنيهاً وهو يمثل فرق الثمن عن الجزء الباقي من التعاقد بواقع 150 جنيهاً للطن وفوائده. وقال في بيان دعواه إنه بمقتضى عقد أبرم في 7/ 1/ 1946 باع إلى المطعون عليه الأول ممثلاً بالمطعون عليهما الثاني والثالث مقداراً من الجلود الخام المستوردة من الحبشة يتراوح بين 100 و170 طناً بثمن قدره 400 جنيه للطن، ونص في العقد على أن جزءاً من الصفقة مقداره 65 طناً معد للتصدير بميناء جدة، وأن على البائع أن يعد الجزء الباقي بعد شهر، وعلى المشتري أن يعد باخرة لشحن الجزء الأول في آخر يناير سنة 1946، ولشحن الجزء الثاني بعد شهر من شحن الجزء الأول. كما نص بالعقد على أن المشتري دفع مبلغ 8000 جنيه عند التعاقد وأن باقي ثمن الجزء الأول يدفع بالإسكندرية عند تسليم سندات الشحن، ونص به كذلك على أن للمشتري الحق في إلغاء التعاقد بالنسبة للجزء الثاني في حالة عدم مطابقة البضاعة للعقد بشرط الإخطار بذلك خلال عشرين يوماً من قيام الباخرة من جدة محملة بالرسالة الأولى، وإلا أصبح العقد نافذاً بالنسبة للجزء الثاني وقدره 69.458 طناً، ويلزم المشتري بالنسبة لهذا الجزء من الصفقة بدفع 8000 جنيه معجل الثمن عند تسليم سندات الشحن أسوة بالرسالة الأولى. ويقول الطاعن إنه رغم مضي هذا الميعاد دون اعتراض من المشتري مما يوجب عليه استلام الجزء الثاني من الصفقة فإن المشتري امتنع عن الاستلام فأرسل إليه برقية في 11/ 3/ 1946 ينبه عليه بتنفيذ العقد، كما أنذره في 25/ 3/ 1946 بدفع مبلغ 8000 جنيه وإعداد سفينة لشحن الرسالة الثانية من ميناء جدة ولكنه لم يذعن فأقام الدعوى بمطالبته بالفرق الناشئ عن بيع هذا الجزء من الصفقة للغير بأقل من الثمن بواقع 150 جنيهاً في الطن الواحد لهبوط الأسعار إلى 250 جنيهاً للطن. دفع المطعون عليهم بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى. كما دفعوا بأن ميعاد العشرين يوماً يجب تفسيره وفقاً للمعقول وظروف العقد والعرف التجاري بما يمكن المشتري من التحري عن حقيقة البضاعة بعد الاستلام الذي لم يتم فعلاً في جدة وإنما في ميناء الوصول بتركيا وأنه ثبت من معاينة الخبراء للجلود في تركيا أنها مجففة في الشمس وحالتها رديئة - وقد عدل الطاعن طلباته إلى إلزام المطعون عليهم متضامنين بطلباته السابقة. ومحكمة أول درجة قضت في 29/ 1/ 1949 برفض الدفع بعدم الاختصاص ثم قضت في 4/ 6/ 1950 بإخراج المطعون عليهما الثاني والثالث من الدعوى وبفسخ عقد البيع المؤرخ 7/ 1/ 1946 فيما يختص بالجزء الثاني منه وبندب خبير محاسب للاطلاع على دفاتر الطاعن الثابت بها هذه الصفقة وبيان المدرج عنها. وبعد أن أودع الخبير تقريره طعن فيه المطعون عليه الأول بأنه لم يطلع على الدفاتر - وقضت المحكمة في 28/ 2/ 1953 بإلزام المطعون عليه الأول بأن يدفع للطاعن مبلغ 7013 ج و799 م، استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 368 لسنة 10 ق الإسكندرية في 24/ 6/ 1954، دفع الطاعن بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد استناداً إلى أن الحكم الابتدائي قد تم إعلانه بتسليمه إلى النيابة في 25/ 3/ 1954 لتسليمه عن طريق وزارة الخارجية إلى المطعون عليه في محل إقامته بلبنان، ومحكمة الاستئناف قضت في 19/ 4/ 1956 برفض الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً، وأقام الطاعن الاستئناف المقابل رقم 393 لسنة 12 ق اختصم فيه المطعون عليهم طالباً تعديل الحكم المستأنف بإلزامهم متضامنين بالمبلغ المحكوم به مع الفوائد من تاريخ النطق به. دفع المطعون عليهما الثاني والثالث بعدم قبول الاستئناف الموجه إليهما - ومحكمة الاستئناف قضت في 21/ 11/ 1957 في الاستئناف المقابل بقبول الدفع وبعدم قبوله شكلاً فيما تضمنه من طلبات موجهة إلى المطعون عليهما الثاني والثالث وبقبول الاستئناف المقابل الموجه إلى المطعون عليه الأول وبندب خبير محاسب للاطلاع على دفاتر الطاعن بشأن الصفقة وكلفت الطاعن بتقديم هذه الدفاتر إلى الخبير، ثم قضت في 11/ 6/ 1959 بإعادة المأمورية إلى الخبير للانتقال إلى محل الطاعن بالخرطوم للاطلاع على دفاتره ومستنداته عن الصفقة. وفي 26/ 5/ 1960 قضت في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن ورفض الاستئناف المقابل. فطعن الطاعن في 26/ 6/ 1960 بالنقض في هذا الحكم وفي الأحكام السابق صدورها في 19/ 4/ 1956 وفي 21/ 11/ 1957 وفي 11/ 6/ 1959 - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 24/ 11/ 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في مذكرتها بطلب رفض الطعن، وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إنه عن الطعن في الحكم الصادر في 21/ 11/ 1957 في خصوص قضائه بقبول دفع المطعون عليهما الثاني والثالث بعدم قبول الاستئناف الموجه إليهما. فإنه لما كان الثابت بمنطوق هذا الحكم أنه قضى في الاستئناف المقابل رقم 393 لسنة 12 ق بقبول الدفع وبعدم قبول الاستئناف شكلاً فيما تضمنه من طلبات موجهة إلى رضوان وهاشم غندور المطعون عليهما الثاني والثالث وكانت الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها استقلالاً هي التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها بنص المادة 378 مرافعات، وكان هذا الحكم قد أنهى الخصومة في الاستئناف بعدم قبولها بالنسبة للمطعون عليهما الثاني والثالث، وكان ميعاد الطعن في هذا الحكم يبدأ من تاريخ إعلانه وفقاً لنص المادة 379 مرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 57 لسنة 1959 الذي جعل الميعاد ينفتح من يوم صدور الحكم - وإذ لم يثبت من الأوراق أن الحكم أعلن حتى صدور هذا القانون فإن الميعاد يبدأ من يوم العمل به في 21/ 2/ 1959 طبقاً لنص المادتين الخامسة والسادسة - لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن قد حصل في 26/ 6/ 1960 بعد فوات الميعاد، وكان لا يلزم التمسك بعدم القبول من أحد الخصوم وللمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام، فإن الطعن في الحكم الصادر في 21/ 11/ 1957 يكون غير مقبول شكلاً لفوات ميعاده وبالتالي فلا محل للنظر في سبب الطعن الثاني الموجه لهذا الحكم.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم الصادر في 11/ 4/ 1959 الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إنه دفع بعدم قبول الاستئناف المرفوع من المطعون عليه الأول استناداً إلى أن الحكم الابتدائي أعلن في 25/ 3/ 1954 وهو تاريخ تسليم الصورة للنيابة لتوصيلها للمطعون عليه الأول بالطرق الدبلوماسية وأن هذا الأخير لم يرفع الاستئناف إلا في 24/ 6/ 1954 بعد فوات الميعاد المحدد مضافاً إليه ميعاد المسافة - ولكن الحكم رفض هذا الدفع وأقام قضاءه برفضه على أنه لا يكفي بالنسبة للشخص المقيم في الخارج تسليم الإعلان للنيابة ليعتبر أنه قد علم بمضمونه وإنما يتعين تسليمه إليه - هذا في حين أن العبرة في تحديد تاريخ الإعلان هي بيوم تسليمه للنيابة - دون ما يحصل بعد ذلك من إجراءات لتسليم صورة الإعلان إلى المراد إعلانه في الخارج حتى لا تتعرض حقوق المقيم في مصر للضياع من التأخير في إجراءات تتم خارج البلاد دون وساطة المحضر.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الأصل في إعلان أوراق المحضرين القضائية هو أن تصل إلى علم المعلن إليه علماً يقينياً بتسليم الصورة لنفس الشخص المعلن إليه، وأنه وإن كان المشرع يكتفي بالعلم الظني في بعض الحالات بإعلانه في موطنه وبمجرد العلم الحكمي في بعض آخر لحكمة تسوغ الخروج فيها على هذا الأصل - ولئن قدر المشرع أنه في حالة المقيم خارج البلاد في موطن معلوم أن الإجراءات التي يتم بها تسليم الصورة في الخارج لا تجري بواسطة المحضر ولا سبيل للمعلن عليها ولا مساءلة القائمين بها، فاكتفى بالعلم الحكمي بتسليم الصورة للنيابة في إعلان صحف الدعاوى أو الطعون استثناء من الأصل - إلا أن المشرع لم يعمل هذا الاستثناء على إطلاقه في حالة إعلان المقيم في الخارج - فاستبعد العلم الحكمي في الصورة التي تبدأ فيها مواعيد الطعن من تاريخ إعلان الحكم بأن نص في المادة 379 مرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وهي التي تحكم النزاع الماثل - على أن مواعيد الطعن في الأحكام تبدأ من تاريخ إعلان الحكم لنفس المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي وذلك تقديراً منه لخطورة أثر الإعلان في بدء مواعيد الطعن مما لا يتأتى معه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة صواب متابعة الرأي القائل بأن مواعيد الطعن تجري من تاريخ تسليم الصورة للنيابة متى كان للمعلن إليه موطن معلوم في الخارج. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد على ما أورده في تقريراته من أن صورة إعلان الحكم الابتدائي قد سلمت إلى المطعون عليه الأول في موطنه بطرابلس (لبنان) في 31 مايو سنة 1954 - ولم ينازع الطاعن في ذلك، وأن المطعون عليه الأول رفع استئنافه في 24 من يونيه سنة 1954 أي خلال الميعاد المحدد قانوناً فإن الحكم يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً - ومن ثم يكون النعي بهذا السبب غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم الصادر في 26/ 5/ 1960 الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب ويقول في ذلك إن محكمة الاستئناف قضت بحكمها التمهيدي الصادر في 21/ 11/ 1957 بندب مكتب الخبراء للاطلاع على دفاتره ومستنداته عن الصفقة موضوع الاتفاق ومعرفة أسعار الجلود في شهري فبراير ومارس سنة 1946 تسليم ميناء جدة وتصفية حساب الطرفين وتقدير الخسارة، وقد تعذر على الخبير أداء المأمورية لعدم تقديم الطاعن الدفاتر فقضت المحكمة في 11/ 6/ 1959 بإعادة المأمورية إليه لينتقل في سبيل أدائها إلى محله بالخرطوم - وطلب الطاعن من الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف مباشرة المأمورية على أساس المستندات المقدمة وما أثبته خبير محكمة أول درجة في تقريره لاستحالة تقديم الدفاتر، وانتهى هذا الخبير في تقريره إلى أن عمل الخبير السابق سليم وعملياته الحسابية صحيحة - إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب التعويض وأقام قضاءه على أن عدم تقديم الدفاتر للخبير يفيد أن الصفقة وهمية في حين أن أحداً من الخصوم لم يدع بذلك وقد حرر عقد من الصفقة وسبق لمحكمة الاستئناف أن قررت صحتها بحكمها التمهيدي - ومن ثم يكون ما قرره الحكم مخالفاً للثابت بالأوراق. وإذ استند الحكم أيضاً في قضائه برفض طلب التعويض إلى أن الطاعن لم يلحقه ضرر من النكول بسبب عدم تقديم الدفاتر رغم أن حجيتها في الإثبات غير قاطعة، وأغفل الإشارة إلى مستنداته وتقرير الخبير الأول فإنه يكون قاصراً في التسبيب، هذا إلى أنه لا يكفي للقضاء برفض التعويض عدم تقديم الدليل على حصول الضرر لأن مجرد نكول المطعون عليه عن تنفيذ الصفقة يعد كافياً لتقدير التعويض على أساس ما فات من كسب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله - ذلك أن الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أسس دعواه بطلب التعويض عن عدم تنفيذ الجزء الثاني من صفقة الجلود التي باعها للمطعون عليه الأول بثمن قدره 400 ج للطن الواحد - على أنه اضطر لبيعها للغير بعد هبوط الأسعار بثمن قدره 250 ج بفرق مبلغ 150 ج للطن الواحد وأن التعويض المطلوب هو نظير ما لحقه من خسارة بسبب هبوط الأسعار على البضاعة التي كانت موجودة لديه فعلاً. ومحكمة الموضوع في سبيل تحقيق هذه الخسارة المؤسس عليها طلب التعويض - قضت بندب خبير للاطلاع على دفاتر الطاعن الثابت بها الصفقة وبيان المدرج عنها - وأن محكمة الاستئناف كلفت الطاعن بتقديم الدفاتر بحكمها الصادر في 21/ 11/ 1957، ثم قضت بإعادة المأمورية للخبير للانتقال إلى محل الطاعن بالخرطوم للاطلاع على الدفاتر - وأن الحكم بعد أن أشار إلى ما انتهى إليه الخبير في تقريره من أن عدم تقديم الطاعن للدفاتر يؤكد صحة ما قرره خصمه من أنه لم تكن لديه الجلود موضوع باقي الرسالة - أقام قضاءه على قوله: "إن إصرار سركيس ازرليان على عدم تقديم الدفاتر للخبير ليطلع عليها فيما يختص بالصفقة محل النزاع رغم منحه فرصاً متعددة لتقديمها واعتذاره عن ذلك بشتى الاعتذارات طوال مدة التقاضي من سنة 1946 للآن سنة 1960 أي ما يقرب من الأربعة عشر عاماً - في هذا ما يؤكد صحة زعم المستأنف (المطعون عليه الأول) من أن الصفقة التي يطالب المدعي بتعويض عنها إن هي إلا صفقة وهمية، وما دام الأمر كذلك ولم يقم المدعي بتقديم الدليل على أنه قد أصيب بالضرر الذي يدعيه نتيجة نكول المدعى عليه عن تنفيذ الصفقة فهو لذلك لا يستحق تعويضاً". ويبين من هذا الذي أورده الحكم أنه أسس قضاءه برفض طلب التعويض على أنه لم تلحق بالطاعن الخسارة المدعاة بسبب عدم تنفيذ هذا الجزء من الصفقة استناداً إلى صحة ما قرره المطعون عليه الأول من أنه لم يحصل بيع أو شراء من الطاعن للجلود موضوع الجزء الثاني من الصفقة وأن هذه الجلود لم تكن موجودة لدى الطاعن - لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق في هذا الخصوص لا يصادف محلاً. ولما كان الطاعن قدر التعويض الذي طلبه بما لحقه من خسارة بسبب بيعه للغير البضاعة موضوع الصفقة الوهمية المشار إليها على النحو المتقدم ولم يدخل في تقديره للتعويض أمام محكمة الموضوع ما فاته من كسب، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم بتقدير التعويض إلا في حدود عناصره المطلوبة، فإنه لا يقبل النعي على الحكم بأنه لم يقدر التعويض عن الكسب الفائت الذي لم يطلبه الطاعن - لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد أورد الأدلة المسوغة لما انتهى إليه من نفي حصول الضرر المدعى به في حدود سلطته في تقدير الأدلة فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.

الطعن 358 لسنة 30 ق جلسة 4 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 2 ص 32

جلسة 4 من يناير سنة 1966
برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إميل جبران، وأحمد حسن هيكل، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.
--------------------
(2)
الطعن رقم 358 لسنة 30 القضائية
(أ) إعلان. "الإعلان في محل التجارة".
الإعلان في محل التجارة بالنسبة للأعمال المتعلقة بها. جوازه. اعتبار محل التجارة بالنسبة لهذه الأعمال موطناً للتاجر بجانب موطنه الأصلي. الإقامة الفعلية ليست عنصراً لازماً في موطن الأعمال الذي يظل قائماً ما بقى النشاط التجاري مستمراً.
(ب) إعلان. المحل تجاري.
غلق المحل التجاري وقت الإعلان لا يفيد بذاته انتهاء النشاط التجاري فيه.
(ج) نقض. "أسباب الطعن" "أسباب موضوعية".
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلان أمر الأداء لتسليم صورته لجهة الإدارة بعد الميعاد. لا يقبل التمسك بذلك أمام محكمة النقض.
----------------
1 - تجيز المادة 41 من القانون المدني اعتبار محل التجارة بالنسبة للأعمال المتعلقة بها - موطناً للتاجر بجانب موطنه الأصلي للحكمة التي أفصح عنها الشارع من أن قاعدة تعدد الموطن تعتد بالأمر الواقع وتستجيب لحاجة المتعاملين. فإذا كان الثابت أن أمر الأداء الذي أعلن للطاعن في محل تجارته بالقاهرة قد صدر في شأن يتعلق بالتجارة التي كان يباشرها وقت الإعلان فلا محل لما يثيره من أن محل إقامته الفعلية بالسعودية وأنه غادر محل إقامته في مصر لأن الإقامة الفعلية ليست عنصراً لازماً في موطن الأعمال الذي يظل قائماً ما بقى النشاط التجاري مستمراً وله مظهره الواقعي الذي يدل عليه. وإذ كان الجدل حول قيام هذا النشاط هو جدل في تقرير موضوعي بحسب الحكم المطعون فيه أن أورد الأدلة المسوغة له فإن إعلان أمر الأداء يكون قد وقع صحيحاً (1) .
2 - غلق المحل التجاري وقت الإعلان لا يفيد بذاته انتهاء النشاط التجاري فيه.
3 - متى كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلان أمر الأداء لتسليم صورته لجهة الإدارة بعد مضي الميعاد عملاً بنص المادتين 12 و24 من قانون المرافعات فإنه لا يقبل منه التمسك بذلك أمام محكمة النقض.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه استصدر في 22/ 11/ 1959 من محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعن أمراً بأداء مبلغ 1969 ج و75 م والمصروفات وتثبيت الحجز التحفظي الحاصل في 24/ 10/ 1959 استناداً إلى أنه يداين الطاعن بهذا المبلغ بموجب فاتورة رقم 23 مؤرخة في 10/ 3/ 1957 بقيمة بضائع من شبابيك وأبواب قام بشحنها للطاعن بميناء جدة بمقتضى بوليصة شحن مؤرخة 25/ 4/ 1959 ولم يقم الطاعن بسداد قيمة هذه الفاتورة رغم إخطاره بذلك من البنك المختص. وفي 23/ 2/ 1960 رفع الطاعن معارضة في أمر الأداء تأسيساً على أنه لم يعلن به إعلاناً صحيحاً بمحل إقامته في الخارج بجدة بالمملكة السعودية، وأنه غير مدين للمطعون عليه - دفع هذا الأخير بعدم قبول المعارضة لرفعها بعد الميعاد لأن أمر الأداء أعلن في 9/ 12/ 1959 إلى الطاعن في محله بشارع عدلي رقم 22 شقة 12 ولم ترفع المعارضة إلا في 23/ 2/ 1960 أي بعد الميعاد المقرر قانوناً - ومحكمة أول درجة قضت في 28/ 2/ 1960 بقبول المعارضة شكلاً وبإلغاء أمر الأداء المعارض فيه - استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 184 لسنة 77 ق القاهرة - ومحكمة الاستئناف قضت في 31/ 5/ 1960 بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدفع وعدم قبول المعارضة شكلاً. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة الفحص بجلسة 22/ 12/ 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن - وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة لصدور قرار الإحالة وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون - ذلك أنه اعتمد في قضائه بصحة إعلان أمر الأداء على عقدي إيجار قدمهما المطعون عليه باستئجار الطاعن مكانين رقمي 22 و34 بشارع عدلي بالقاهرة في حين أن الطاعن تاجر سعودي يقيم بجدة وليس له موطن مستقر في مصر وأن استئجاره لمكان ما لا يعني بالضرورة أنه محل إقامته بالمعنى القانوني للموطن - وقد اعترف المطعون عليه في طلب أمر الحجز وأمر الأداء بأنه ليس للطاعن موطن في مصر - وأن الثابت بالفاتورة أن البضاعة أرسلت إليه بالأقطار الحجازية - وجاء بورقة الإعلان أن المحضر وجد المكانين مغلقين وقد اشتملت حافظة المطعون عليه المقدمة لمحكمة الاستئناف مجموعة خطابات مسجلة كانت ترد للطاعن على محل إقامة المطعون عليه بالمكتب التجاري السعودي بشارع 26 يوليو رقم 14 مما يفيد علم المطعون عليه بأن الطاعن غادر الجمهورية العربية نهائياً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه وهو بصدد عرضه للمستندات المقدمة في الدعوى والتي اتخذها أساساً لقضائه أشار إلى صورة شكوى قدمها الطاعن ضد المطعون عليه في 26/ 4/ 1959 قرر فيها أنه تاجر بمكة يقيم بشارع عدلي رقم 22 شقة رقم 62 - ويعمل في التجارة بالإقليم الجنوبي من الجمهورية العربية المتحدة - كما أشار إلى عقدي إيجار موقع عليهما من الطاعن أولهما عن تأجيره شقة بالعمارة رقم 34 شارع عدلي بالقاهرة لاستعمالها سكناً عائلياً له حتى آخر أكتوبر سنة 1959 وثانيهما عن تأجيره شقة بالعمارة رقم 22 شارع عدلي لاستعمالها مكتباً تجارياً حتى آخر فبراير سنة 1960 ثم أقام الحكم قضاءه بصحة إعلان أمر الأداء على ما أورده من "أنه تبين من المستندات المقدمة السابق الإشارة إليها والتي لم يجحدها المستأنف عليه (الطاعن) أن الشقة المؤجرة له بالعمارة رقم 22 شارع عدلي بمصر والتي توجه المحضر إليها في 8/ 12/ 1959 لإعلانه بأمر الأداء الصادر ضده فوجدها مغلقة مما اضطره لإعلانه بالإدارة في 9/ 12/ 1959 - هي موطن للمستأنف عليه (الطاعن) كما نصت عليه المادتان 40 و41 مدني لما ثبت من أن المستأنف عليه يباشر فيها تجارته وهي التجارة التي تفرع عنها النزاع الحالي موضوع هذه الدعوى" - وهذا الذي قام عليه قضاء الحكم صحيح في القانون ذلك أن المادة 41 من القانون المدني تجيز اعتبار محل التجارة بالنسبة للأعمال المتعلقة بها موطناً للتاجر بجانب موطنه الأصلي للحكمة التي أفصح عنها الشارع من أن قاعدة تعدد الموطن تعتد بالأمر الواقع وتستجيب لحاجة المتعاملين - ولما كان المكان الذي أعلن فيه الطاعن طبقاً لأسباب الحكم السابق إيرادها ينصب على محل تجارته بالقاهرة وكان الثابت بالحكم أن أمر الأداء الذي أعلن إليه في هذا المحل قد صدر في شأن يتعلق بالتجارة التي كان يباشرها فيه وقت الإعلان فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في سبب النعي من أن محل إقامته الفعلية بالمملكة السعودية وأنه غادر محل إقامته في مصر لأن الإقامة الفعلية ليست عنصراً لازماً في موطن الأعمال الذي يظل قائماً ما بقى النشاط التجاري مستمراً وله مظهره الواقعي الذي يدل عليه - ولما كان الجدل في قيام هذا النشاط هو جدل في تقرير موضوعي بحسب الحكم المطعون فيه أن أورد الأدلة المسوغة له - لما كان ذلك، فإن توجيه الإعلان بمحل الطاعن رقم 22 شارع عدلي يكون قد وقع صحيحاً ويكون النعي على الحكم بمخالفة القانون في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في الرد على أوراق الدعوى وأدلتها المطروحة فيها - ويقول الطاعن في بيان ذلك إن إعلان أمر الأداء سلمت صورته إلى جهة الإدارة بعد مضي الأربعة وعشرين ساعة على توجيه الإعلان إليه في شارع عدلي فهو بذلك ليس مكملاً له - ويعد إعلانه باطلاً وفقاً للمادتين 12، 24 مرافعات. وأضاف الطاعن أن الحكم قد اعتبر الشقة 22 شارع عدلي موطناً له دون بيان الأسباب القانونية والواقعية التي تساند قوله - ومع أن الثابت أن المحضر وجد الشقة مغلقة ولم يتلق أية إجابة عن سبب غلقها.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه لما كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلان أمر الأداء لتسليم صورته لجهة الإدارة بعد مضي الميعاد عملاً بنص المادتين 12 و24 مرافعات فإنه لا يقبل منه التمسك بذلك أمام هذه المحكمة - ومردود في شقه الثاني بما سبق بيانه في الرد على السبب الأول، وبأن غلق المحال التجاري وقت الإعلان لا يفيد بذاته انتهاء النشاط التجاري فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

(1) راجع نقض 27 من ديسمبر سنة 1962 بمجموعة المكتب الفني س 13 ص 1220 ونقض 15/ 11/ 1962 بمجموعة المكتب الفني س 13 ص 1033.