الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 يونيو 2020

الطعن 4100 لسنة 61 ق جلسة 2 / 11 / 1992 مكتب فني 43 ق 149 ص 957


جلسة 2 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد يحى ومجدي منتصر وحسن حمزه ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.
------------------
(149)
الطعن رقم 4100 لسنة 61 القضائية

(1) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة التزوير. موضوعي. للمحكمة أن تفصل فيه في ضوء الظروف المطروحة عليها.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم لزوم أن يكون الدليل صريحاً ومباشراً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 (3)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
 (4)إثبات "اعتراف". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه. علة ذلك؟
 (5)إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات وصدوره اختيارياً من عدمه. موضوعي.
(6) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خصومة الشاهد للمتهم لا تمنع من الأخذ بشهادته.
(7) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(8) إثبات "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعريف الشاهد والشهادة؟
حق المحكمة في الاعتماد في القضاء بالإدانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير حلف يمين.
 (9)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه". تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
(10) تزوير "تزوير في أوراق رسمية". جريمة "أركانها".
تحقق الضرر في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية. غير لازم. أساس ذلك؟
 (11)إجراءات "إجراءات المحاكمة". محضر جلسة. تزوير "الطعن بالتزوير". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
إثبات عكس ما أثبت بمحضر الجلسة أو بالحكم لا يكون إلا بالطعن بالتزوير.
ثبوت فض المحكمة المظروف المحتوي على المحرر المزور في حضور الطاعن والمدافع عنه. اعتبار المحرر معروضاً على بساط البحث.
(12) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد على كل دفاع موضوعي يبديه المتهم. بحسب الحكم أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه.
 (13)حكم "حجية الحكم". إثبات "قوة الأمر المقضي". تزوير "تزوير أوراق رسمية". استعمال أوراق مزورة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط حجية الأحكام؟
اتحاد السبب مفاده؟
عدم كفاية التماثل في النوعية أو الاتحاد في الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما سلسلة من وقائع متماثلة.
المغايرة التي تمنع من القول بوحدة السبب تتحقق بالذاتية الخاصة لكل واقعة.
(14) إثبات "بوجه عام". قوة الأمر المقضي. تزوير "تزوير أوراق رسمية". سرقة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ارتباط.
تقدير الدليل في دعوى لا يحوز قوة الأمر المقضي به في دعوى أخرى.
وقوع الجريمتين لغرض واحد. لا يكفي بذاته لتوافر الارتباط.

------------------
1 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بواقع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها.
2 - من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه المحكمة منه، بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، ولما كان ما أورده الحكم - على نحو ما سلف بيانه - كاف وسائغ في التدليل على توافر القصد الجنائي لدى كل من الطاعنين الأول والثاني، فإن ما يثيره كل منهما - في خصوص هذا القصد ينحل جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في تقدير الدليل، وفي حقها في استنباط معتقدها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وهو ما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض.
3 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أحداً من الطاعنين لم يطلب ضم المحضر رقم......، فلا يجوز - من بعد - النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
5 - لمحكمة الموضوع أن تقدر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى نفي وقوع ثمة إكراه من....... على الطاعن الثالث للإدلاء بأي أقوال، فإن سعي الطاعن الأول لإثبات وجود خلافات بينه وبين الضابط المذكور - بفرض صحته - يكون غير منتج في الدعوى لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشاهد حتى ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة متى اطمأنت إليها.
7 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وإذ كانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادة الضابط المذكور فلا مجال لتعييب حكمها في هذا الخصوص.
8 - من المقرر أنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف اليمين إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، وقد اعتبر القانون الشخص شاهداً بمجرد دعوته إلى أداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها، ومن ثم فإن سماع أقوال الشاهد........ على سبيل الاستدلال دون حلف اليمين - بفرض صحة ذلك - لا ينفي عن أقواله أنها شهادة.
9 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى قاضي الموضوع، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها لأقوال الشاهد المذكور فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها لأن مفاد أخذها بشهادته أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
10 - من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق ثمة ضرر يلحق شخصاً بعينه، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع بانتفاء ركن الضرر، كما أنه استخلص أن بيان اسم المالك في تصريح المرور هو من البيانات الجوهرية التي أعد المحرر لإثباتها فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
11 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أنه قد أثبت به أن المحكمة قد فضت الحرز المحتوي على المحررين المزورين واطلعت عليه ومكنت الدفاع من الاطلاع عليه، وكان الأصل طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز للطاعن أن يدحض ما ثبت بمحضر الجلسة إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله، كما أنه لم يكن من اللازم إثبات بيانات المحررين في صلب الحكم بعد أن ثبت أنهما كانا مطروحين على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الدفاع عن الطاعنين وقد أطلع عليهما أن يبدي ما يعن له بشأنهما في مرافعته، ومن ثم يكون النعي على الإجراءات بالبطلان لهذا السبب على غير أساس.
12 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي يبديه المتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة، وأنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
13 - من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي بوحدة الخصوم والموضوع والسبب، ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق، ولا يكفي للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتيتها وظروفها الخاصة التي تتحقق بها المغايرة والتي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منهما مما لا يحوز معه الحكم السابق حجية في الواقعة الجديدة محل الدعوى المنظورة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى واستخلص أن جريمتي الاشتراك في تزوير المحررين واستعمالهما تختلف ذاتيتهما وظروفهما والنشاط الإجرامي بهما وطبيعة الحق المعتدى عليه فيهما عن جريمة الشروع في السرقة التي تمت محاكمة الطاعن الثالث عنها اختلافاً تتحقق به المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في الدعويين فإنه لا يكون قد أخطأ في شيء.
14 - من المقرر أن قوة الأمر المقضي للحكم في منطوقه دون الأدلة المقدمة في الدعوى، وتظل الواقعتين قابلتين للتجزئة وإن وقعتا لغرض واحد، ويكون الحكم بالتالي بريئاً من قالة التناقض فيما أورده من أن التزوير كان بقصد الاختلاس، إذ أن وقوع الجريمتين لغرض واحد لا يكفي بذاته للقول بتوافر الارتباط بينهما طالما لم تتوافر باقي عناصر هذا الارتباط.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: المتهمان الأول والثاني بصفتهما موظفين عموميين الأول مدير المسطح المائي والثاني مسئول مكتب إلا هوسه بهيئة ميناء......... ارتكبا تزوير في محررين رسميين هما تصريحي مرور الصندلين........ حال تحريرهما المختص بوظيفتهما وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن أثبت المتهم الثاني في التصريحين اسم المتهم الثالث باعتباره المالك أو الوكيل وذلك على خلاف الحقيقة وقام المتهم الأول باعتماد التصريحين وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الثالث أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب التزوير موضوع التهمة الأولى بأن اتفق معهما على ذلك وساعدهما بأن أمدهما بالبيانات الخاصة به فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو الموضح بالتهمة الأولى. ثانياً: استعمل المحررين المزورين سالفي الذكر بأن قدمهما للضابط المختص حال التفتيش على أوراق الصندلين مع علمه بتزويرهما. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات والمادتين 55، 56 من ذات القانون أولاً بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. ثالثاً: بمعاقبة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. رابعاً بمصادرة الأوراق المزورة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة
وحيث إن حاصل أوجه الطعن التي تضمنها تقرير الأسباب المقدم عن كل من الطاعنين هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الأول والثاني بجريمة التزوير في محررين رسميين ودان الطاعن الثالث بجريمتي الاشتراك في تزوير المحررين واستعمالهما، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وران عليه البطلان والخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد ذلك بأنه التفت عن دفع الطاعن الأول بانتفاء القصد الجنائي لديه إذ لم يقم باعتماد تصريحي المرور المزورين إلا بعد التوقيع عليهما من الطاعن الثاني وهو المسئول عن مراجعة المستندات ولم تقع منه أية مخالفة للتعليمات إذ أشر بإثبات حالة الصندلين وإخطار مالكهما وهو ما ينفي شبهة الاتفاق مع الطاعن الثاني على التزوير، والتفت عن دفاعه والطاعن الثاني بأن ما وقع من كل منهما لا يعدو أن يكون إهمالاً في مراجعة المستندات لا يتوافر به قصد التزوير، ولم تضم المحكمة المحضر رقم....... الذي حرر بناء على تأشيرة الطاعن الأول، وعولت على إقرار الطاعن الثالث بمحضر جمع الاستدلالات دون إيراد فحواه ورغم ما قرره المذكور من أن إقراره كان وليد إكراه من المقدم.......، وأغفلت المستندات التي قدمها الطاعن الأول لإثبات ما يوجد بينه وبين الضابط المذكور من خلافات سابقة، وعولت على أقوال الشاهد........ التي أدلى بها دون حلف يمين رغم أنها تكشف عن عدم إلمامه بنظام العمل، وأطرحت الدفع بانتفاء ركن الضرر لأن البيان الذي لحق به التغيير - وهو اسم المالك والوكيل - ليس من البيانات الجوهرية التي أعد المحرر لإثباتها بما لا يسوغ إطراحه، والتفتت عن دفاع الثاني بأن الأوراق قد خلت من دليل قبله إذ لم يذكر الطاعن الثالث أنه قام بدور في الجريمة، هذا إلى أن المحكمة أغفلت الاطلاع على المحررين المزورين ولم تورد بياناتهما في الحكم، ولم تعرض للمستندات التي قدمها الطاعن الثالث والتي تثبت شراءه للصندلين بتاريخ.....، وأطرحت الدفع بعدم جواز نظر الدعوى قبله لسبق محاكمته وإدانته بحكم نهائي عن جريمة الشروع في سرقة الصندلين تأسيساً على انتفاء الارتباط بين الجريمتين رغم أن الحكم أورد في مدوناته أن القصد من التزوير هو اختلاس الصندلين وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها، وساق على صحة إسنادها إليهم وثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بواقع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وكان الحكم قد عرض للدفع بانتفاء القصد الجنائي لدى الطاعنين الأول ورد عليه بالقول "إن الثابت من أقوال المتهم الثالث بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة أن الصندلين غير مملوكين له، وأنه لجأ إلى المتهم الأول - بصفته مدير إدارة المسطح المائي - واتفق معه على استخراج تصريحين باسمه لمرور الصندلين، وحصل منه على التصريحين مقابل مبلغ من المال دفعه إليه، والثابت بالأوراق أن المتهم الأول قام باستخراج التصريحين والتوقيع عليهما ضارباً عرض الحائط بكافة الإجراءات اللازمة لاستخراج التصاريح، دون أن يتخذ المتهم الثالث أي إجراء منها، الأمر الذي تستبين منه المحكمة توافر القصد الجنائي لدى المتهم الأول وتتحقق به جريمة التزوير ومن ثم لا تعول المحكمة على الدفع" كما أن الحكم قد أورد في مدوناته ما يفيد مساهمة الطاعن الثاني في الجريمة بتحرير بيانات التصريحين وإثبات اسم الطاعن الثالث بهما باعتباره المالك أو الوكيل على خلاف الحقيقة واستظهر علمه بتزوير هذا البيان، لما كان ذلك، وكان المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه المحكمة منه، بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، ولما كان ما أورده الحكم - على نحو ما سلف بيانه - كاف وسائغ في التدليل على توافر القصد الجنائي لدى كل من الطاعنين الأول والثاني، فإن ما يثيره كل منهما - في خصوص هذا القصد ينحل جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في تقدير الدليل، وفي حقها في استنباط معتقدها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، وهو ما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أحداً من الطاعنين لم يطلب ضم المحضر رقم.......، فلا يجوز - من بعد - النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لإقرار الطاعن الثالث بمحضر جمع الاستدلالات وأورد فحواه ورد على الدفع ببطلانه للإكراه في قوله (وقد أقر المتهم الثالث بمحضر جمع الاستدلالات لمقارفته للجريمة، واشتراكه في التزوير مع المتهمين الأول والثاني وترى المحكمة أن إقراره هذا صحيح وصدر عن طواعية واختيار وعن إرادة حرة دون ما شائبة إكراه أو عنف وقع عليه، وأن ما أثاره الدفاع في هذا الشأن لا دليل عليه...) وكان المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ولها - بهذه المثابة أن تقدر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة ومن ثم يضحى النعي على الحكم أنه عول على هذا الإقرار غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى نفي وقوع ثمة إكراه من....... على الطاعن الثالث للإدلاء بأي أقوال، فإن سعي الطاعن الأول لإثبات وجود خلافات بينه وبين الضابط المذكور - بفرض صحته - يكون غير منتج في الدعوى لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشاهد حتى ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة متى اطمأنت إليها، ولا تثريب على الحكم بالتالي في الالتفات عن أي مستندات قدمت لإثبات هذا الخلاف - بفرض تقديمها - لأن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وإذ كانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادة الضابط المذكور فلا مجال لتعييب حكمها في هذا الخصوص، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف اليمين إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، وقد اعتبر القانون الشخص شاهداً بمجرد دعوته إلى أداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها، ومن ثم فإن سماع أقوال الشاهد....... على سبيل الاستدلال دون حلف اليمين - بفرض صحة ذلك - لا ينفي عن أقواله أنها شهادة ولما كان وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى قاضي الموضوع، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها لأقوال الشاهد المذكور فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها لأن مفاد أخذها بشهادته أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ويكون النعي على الحكم أنه عول على أقوال الشاهد المذكور غير مقبول، لما كان ذلك، وكان المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق ثمة ضرر يلحق شخصاً بعينه، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع بانتفاء ركن الضرر، كما أنه استخلص أن بيان اسم المالك في تصريح المرور هو من البيانات الجوهرية التي أعد المحرر لإثباتها فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس، لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أنه أثبت به أن المحكمة قد فضت الحرز المحتوي على المحررين المزورين واطلعت عليه ومكنت الدفاع من الاطلاع عليه وكان الأصل طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز للطاعن أن يدحض ما ثبت بمحضر الجلسة إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله كما أنه لم يكن من اللازم إثبات بيانات المحررين في صلب الحكم بعد أن ثبت أنهما كانا مطروحين على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الدفاع عن الطاعنين وقد اطلع عليهما أن يبدي ما يعن له بشأنهما في مرافعته ومن ثم يكون النعي على الإجراءات بالبطلان لهذا السبب على غير أساس لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الجرائم المسندة إلى الطاعنين قد وقعت بتاريخ...... وأقام قضاءه بإدانة الطاعن الثالث على أنه لم يكن حتى هذا التاريخ مالكاً للصندلين موضوع التصريحين المزورين، ومن ثم يكون سعيه إلى إثبات شرائه لهما في تاريخ لاحق على تاريخ وقوع الجريمة - بفرض صحته - غير منتج في الدعوى، وكان المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي يبديه المتهم اكتفاء بأدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة، وأنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أو يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن التفتت عن المستندات المثبتة لواقعة شراء الطاعن الثالث للصندلين ما دامت أركان الجريمة قد تكاملت في حقه ولا تأثير بالتالي لهذه الواقعة اللاحقة في قيامها، لما كان ذلك وكان المقرر أن مناط حجية الأحكام هي بوحدة الخصوم والموضوع والسبب، ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق، ولا يكفي للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتيتها وظروفها الخاصة التي تتحقق بها المغايرة والتي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منهما مما لا يحوز معه الحكم السابق حجية في الواقعة الجديدة محل الدعوى المنظورة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى واستخلص أن جريمتي الاشتراك في تزوير المحررين واستعمالهما تختلف ذاتيتهما وظروفهما والنشاط الإجرامي بهما وطبيعة الحق المعتدى عليه فيهما عن جريمة الشروع في السرقة التي تمت محاكمة الطاعن الثالث عنها اختلافاً تتحقق به المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في الدعويين فإنه لا يكون قد أخطأ في شيء ولا يغير من ذلك أن يكون تصريحي المرور اللذين اتخذا دليلاً على تهمة الشروع في السرقة التي حوكم الطاعن الثالث عنها هما بذاتهما أساس تهمتي الاشتراك في التزوير والاستعمال اللتين يحاكم عنهما في الدعوى المنظورة، لأن قوة الأمر المقضي للحكم في منطوقه دون الأدلة المقدمة في الدعوى، وتظل الواقعتين قابلتين للتجزئة وإن وقعتا لغرض واحد، ويكون الحكم بالتالي بريئاً من قالة التناقض فيما أورده من أن التزوير كان بقصد الاختلاس، إذ أن وقوع الجريمتين لغرض واحد لا يكفي بذاته للقول بتوافر الارتباط بينهما طالما لم تتوافر باقي عناصر هذا الارتباط، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الصدد غير سديد، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس خليقاً بالرفض.

الطعن 4107 لسنة 61 ق جلسة 3 / 11 / 1992 مكتب فني 43 ق 150 ص 972


جلسة 3 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان ورضوان عبد العليم ووفيق الدهشان نواب رئيس المحكمة وبدر الدين السيد.
-------------------
(150)
الطعن رقم 4107 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن والصفة فيه". وكالة. محاماة.
عدم تقديم المحامي الذي قرر بالطعن التوكيل الذي يخوله حق الطعن للتحقق من صفته. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم. طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
 (3)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". نيابة عامة".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. الأمر فيه إلى سلطة التحقيق. تحت إشراف محكمة الموضوع.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(4) دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع ببطلان القبض والتفتيش. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره "نيابة عامة. استدلالات.
خلو الحكم من إثبات مواقيت تحرير محضر التحريات أو صدور الإذن أو واقعة الضبط. لا يعيبه.
 (6)إثبات "بوجه عام". مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إقامة الحكم الدليل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر بركنيه المادي والمعنوي. ونفيه قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي عنه. يكفي لحمل قضائه بإدانته بالمادة 38 من القانون 182 لسنة 1960.
إثارة الطاعن أن استبعاد المحكمة للقصد الخاص. ما ينال من التحريات. جدل حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

-----------------
1 - لما كان المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض لم يقدم التوكيل الذي يخوله حق الطعن نيابة عنه، بل قدم صورة ضوئية لتوكيل غير مصدق عليها رسمياً، فإن طعنه يكون غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن الطعن بالنقض حق شخصي لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه، ويتعين من ثم القضاء بعدم قبول طعن المذكور شكلاً.
2 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما دام لا أثر له في منطقه أو على سلامة النتيجة التي انتهى إليها، فليس بذي بال أن يكون انتقال الطاعن بين جهة وأخرى طالما أن الحكم إنما بيَّن جهتي تنقل الطاعن دون إشارة إلى مصدر المخدر، بما ينحسر معه عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب. ولما كان الحكم المطعون فيه قد تصدى لما دفع به الطاعن من بطلان الإذن الصادر بالتفتيش بقالة لم يسبقه تحريات جدية وأطرحته بما خلصت إليه من اطمئنانها إلى جدية تلك التحريات وأقرت سلطة التحقيق على إصدارها ذلك الإذن فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
4- لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه باقتصار التحريات على مخدر الحشيش رغم ضبط الحبوب المخدرة أيضاً، وتلاحق الإجراءات بما يثير الشك في صحة التحريات. فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها المحكمة عقيدتها والتي اطمأنت منها إلى صحة التحريات وما تلاها من إجراءات.
5 - لا يعيب الحكم خلوه من مواقيت تحرير محضر التحريات والإذن وساعة صدوره من النيابة العامة ووقت الضبط والتفتيش طالما أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً في خصوصها، ومن ثم ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام الدليل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الإتجار في حقه واعتبره محرزاً للمخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي ودانه بموجب المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، ويكون ما يثيره الطاعن بأن استبعاد المحكمة القصد الخاص ما ينال من التحريات بما لا تصلح معه دليلاً، مردوداً بأن ذلك لا يعدو أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه مما لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: المتهم الأول: أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ثانياً: المتهم الثاني: أحرز بقصد التعاطي جوهرين مخدرين (حشيش وأقراص الديازيام) بغير تذكرة طبية وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 37/ 1، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون والبند 10 من الجدول الثاني الملحق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه. والثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه عشرة آلاف جنيه. ومصادرة السيارة والمضبوطات وذلك باعتبار أن الإحراز مجردٌ من القصود.
فطعن كل من المحكوم عليه الأول والأستاذ........ المحامي عن الأستاذ ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
من حيث إنه بالنسبة لطعن المحكوم عليه الثاني "......" فإن المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض لم يقدم التوكيل الذي يخوله حق الطعن نيابة عنه، بل قدم صورة ضوئية لتوكيل غير مصدق عليها رسمياً، فإن طعنه يكون غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن الطعن بالنقض حق شخصي لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه، ويتعين من ثم القضاء بعدم قبول طعن المذكور شكلاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بغير قصد من القصود قد أخطأ في الإسناد وشابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع. ذلك بأن الحكم أخطأ في بيان مصدر المخدر عند تحصيله واقعة الدعوى وأقوال شاهد الإثبات الأول بقوله أن الطاعن استخدم سيارته في التنقل بالمواد المخدرة من محل إقامته بإحدى قرى محافظة الشرقية إلى منطقة تقع شمال سيناء في حين أن الثابت بالأوراق وأقوال المتهم الآخر التي عول عليها الحكم أن مصدر المخدر هي منطقة شمال سيناء على خلاف ما حصله الحكم، كما دفع ببطلان إذن التفتيش لانعدام التحريات لعدم وقوفها تحديداً على مكان مصدر المخدر واقتصارها على أن المأذون بتفتيشه يحرز مخدر الحشيش بينما أسفر التفتيش عن ضبط حبوب مخدرة أيضاً إلا أن الحكم أطرح دفعه بما لا يصلح رداً، كما أن البين من مواقيت تحرير الإذن وصدور إذن النيابة العامة بالتفتيش وساعة الضبط أنها تلاحقت بعضها إثر بعض مما يثير الشك في صحتها، وعول الحكم في إدانته على التحريات رغم إثباتها توافر قصد الاتجار في المخدرات لدى الطاعن لكنه عاد في موضع آخر ونفى عنه ذلك القصد بما ينال من صحتها. هذا جميعه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وما أقر به المتهم الثاني بتحقيقات النيابة العامة وتقرير المعامل الكيماوية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أخذاً من أقوال شهود الإثبات أن الطاعن ينتقل بالمواد المخدرة التي يحرزها بسيارته النقل من محل إقامته بمحافظة......... إلى منطقة........ وحصل أقوال الشهود بما له معينه في الأوراق بأنه تم عمل كمين للطاعن بمنطقة........ حيث تم ضبطه، فإن قول الحكم بتنقل الطاعن بسيارته بين محل إقامته والمنطقة الأخرى التي تم ضبطه فيها لا يفيد تحديده مصدر المخدر في أي موضع منه على نحو ما ذهب إليه الطاعن بوجه طعنه - وعلى فرض اختلاف الجهة المتنقل بينها - يكون خطأ غير مؤثر، ما دام هذا الخطأ لا يؤثر في جوهر الواقعة التي اقتنعت بها المحكمة من ارتكاب الطاعن لجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود، ذلك أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما دام لا أثر له في منطقه أو على سلامة النتيجة التي انتهى إليها، فليس بذي بال أن يكون انتقال الطاعن بين جهة وأخرى طالما أن الحكم إنما بين جهتي تنقل الطاعن دون إشارة إلى مصدر المخدر، بما ينحسر معه عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وإطراحه بقوله "بأن التحريات قد تناولت المتهم الأول وحددته تحديداً كاملاً من حيث اسمه ومحل إقامته والمكان الذي يتردد عليه والسيارة التي يستقلها وهي أمور كاشفة عن حقيقته وموضحة لهويته وهي كافية لصدور إذن التفتيش بالنسبة له، كما أنه ليس بلازم لصحة هذا الإذن أن تتضمن التحريات أسماء من يستقلون معه وسيلة المواصلات التي يستقلها، كما أن هذه التحريات قد كشفت عن أن المتهم يتجر في المواد المخدرة ويقوم بترويجها وأنه يحتفظ بالمواد المخدرة مع شخصه وبسيارته فإن الإذن يكون قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب. ولما كان الحكم المطعون فيه قد تصدى لما دفع به الطاعن من بطلان الإذن الصادر بالتفتيش بقالة لم يسبقه تحريات جدية وأطرحته بما خلصت إليه من اطمئنانها إلى جدية تلك التحريات وأقرت سلطة التحقيق على إصدارها ذلك الإذن فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض كما أنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه باقتصار التحريات على مخدر الحشيش رغم ضبط الحبوب المخدرة أيضاً، وتلاحق الإجراءات بما يثير الشك في صحة التحريات. فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها المحكمة عقيدتها والتي اطمأنت منها إلى صحة التحريات وما تلاها من إجراءات. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم خلوه من مواقيت تحرير محضر التحريات والإذن وساعة صدوره من النيابة العامة ووقت الضبط والتفتيش طالما أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً في خصوصها، ومن ثم ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام الدليل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الإتجار في حقه واعتبره محرزاً للمخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي ودانه بموجب المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز، فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، ويكون ما يثيره الطاعن بأن استبعاد المحكمة القصد الخاص ما ينال من التحريات بما لا تصلح معه دليلاً، مردوداً بأن ذلك لا يعدو أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه مما لا تجوز المجادلة فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4363 لسنة 61 ق جلسة 3 / 11 / 1992 مكتب فني 43 ق 151 ص 981


جلسة 3 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي خليفة وجابر عبد التواب وأمين عبد العليم نواب رئيس المحكمة ومحمد شعبان.
------------------
(151)
الطعن رقم 4363 لسنة 61 القضائية

 (1)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم أقوال المجني عليه والمتهمين على نحو ما أورده الطاعن بأسباب طعنه. النعي على الحكم بقالة الخطأ في الإسناد غير صحيح.
مثال.
 (2)فاعل أصلي. سرقة "سرقة بإكراه". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم في حق الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها تواجده وآخرين على مسرحها ومطالبته للمجني عليه بإخراج ما معه من نقود. كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها وللتدليل على توافر القصد الجنائي لديه.
الجدل الموضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز إثارته أمام النقض.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
 (4)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير موانع المسئولية". موانع المسئولية "الغيبوبة الناشئة عن فقدان الشعور".
شروط الغيبوبة المانعة من المسئولية. المادة 62 عقوبات.
تقدير موانع المسئولية الناشئة عن فقدان الشعور نتيجة السكر. موضوعي.

--------------------
1 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه سواء في تحصيله لواقعة الدعوى أو في بيانه لمؤدى أقوال المجني عليه وأقوال باقي المتهمين بمحضر ضبط الواقعة وتحقيقات النيابة أن الطاعن كان على مسرح الجريمة مع باقي المتهمين عندما استقلوا جميعاً سيارة المجني عليه وطالبوه بإخراج ما معه من نقود وتوجيه عبارات السب له منهم وتهديد اثنين له منهم بالمدي، فضلاً عن ضبط مبلغ عشرين جنيهاً مع الطاعن حال ضبطه وإقراره بمحضر الضبط أنه متحصل من السرقة - وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - ويكشف عن أن الحكم حصل أقوال المجني عليه والمتهمين على نحو ما أورده الطاعن بأسباب طعنه، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة الخطأ في الإسناد يكون غير صحيح.
2 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على انتفاء قصد المساهمة في الجريمة وأطرحه في قوله: "وحيث إنه في شأن ما أثاره الدفاع الحاضر مع المتهمين الثالث والرابع من أن تواجدهما على مسرح الحادث كان مصادفة وبغير قصد المساهمة في الجريمة، فإن هذا القول مردود بأن من أقوال المجني عليه أن المتهمين جميعاً قد طالبوه، بإخراج ما معه من نقود بغية الاستيلاء عليها ووجهوا إليه السباب ابتغاء بلوغ مقصدهم وهي أقوال محل ثقة المحكمة واطمئنانها، كما تم ضبط مبلغ عشرين جنيهاً مع المتهم الثالث حال ضبطه، وقرر بشأنه وقتذاك بأنه المبلغ المستولى عليه من المجني عليه لرئيس مباحث الدقي، هذا إلى أن تواجدهم على مسرح الحادث وقت وقوعه ثم هروبهم عقب ارتكابه كل في طريق، كل ذلك يكشف عن أن نية الجناة الأربعة كانت معقودة على السرقة ابتداء وبصرف النظر عن حجم الدور الذي باشره كل منهم لإتمام جريمة السرقة." فإن الحكم بهذا يكون قد أثبت في حق الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة وهو ما يكفي لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها، كما يكفي للتدليل على توافر القصد الجنائي لديه، فإن ما يثيره الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز موضوعياً إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
4 - الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل، وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)..... (2)...... (3)..... (طاعن) (4)..... بأنهم أولاً: المتهمون جميعاً سرقوا المبلغ النقدي المبين بالأوراق والمملوك..... بطريق الإكراه الواقع عليه حال كون الأول والثاني يحملان سلاحين ظاهرين مديتين قرن غزال وبالتهديد باستعمالهما بأن قام الثاني بإشهار المطواة وطلب من المجني عليه إخراج ما معه من مبالغ نقدية وتبعه الأول في ذلك وقام الباقون بالتعدي عليه بالضرب وبالتهديد باستعمال الأسلحة فأعدموا مقاومته وألقوا الرعب في قلبه فأعطاهم المبلغ النقدي المبين بالأوراق حال كون ذلك ليلاً: ثانياً: المتهمان الأول والثاني: أحرزا بغير ترخيص سلاح أبيض (مطواتان قرن غزال) على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 314/ 1، 315 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات ومصادرة المطواة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه الثالث في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة بالإكراه، قد خالف الثابت في الأوراق وشابه قصور وغموض في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك أنه استدل على ارتكاب الطاعن للواقعة بما تضمنه محضر الضبط من أنه قد تم ضبطه ومعه مبلغ عشرون جنيهاً في حين أن ذلك الذي خلص إليه الحكم لا يتفق وأقوال المجني عليه وباقي المتهمين في الدعوى حيث نفوا عن الطاعن فعل السرقة وأسندوه إلى المتهم الثاني، وهو ما ينفي عن الطاعن مقارفته للجناية المنسوبة إليه بركنيها المادي والمعنوي، كما لم يستظهر الحكم دور الطاعن والقصد الجنائي لديه - سيما وأنه لم يثبت بالأوراق سبق اتفاق الطاعن وباقي المتهمين على ارتكاب هذه الجريمة، ورد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص برد قاصر، هذا إلى أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشاجرة بين المجني عليه والمتهمين، وأخيراً فقد أثار الطاعن وباقي المتهمين أنهم كانوا في حالة سكر بما ينتفي معه القصد الجنائي لديهم وقد أطرح الحكم هذا الدفاع بما لا يسوغ مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه سواء في تحصيله لواقعة الدعوى أو في بيانه لمؤدى أقوال المجني عليه وأقوال باقي المتهمين بمحضر ضبط الواقعة وتحقيقات النيابة أن الطاعن كان على مسرح الجريمة مع باقي المتهمين عندما استقلوا جميعاً سيارة المجني عليه وطالبوه بإخراج ما معه من نقود وتوجيه عبارات السب له منهم وتهديد اثنين له منهم بالمدي، فضلاً عن ضبط مبلغ عشرين جنيهاً مع الطاعن حال ضبطه وإقراره بمحضر الضبط أنه متحصل من السرقة - وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - ويكشف عن أن الحكم حصل أقوال المجني عليه والمتهمين على نحو ما أورده الطاعن بأسباب طعنه، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة الخطأ في الإسناد يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على انتفاء قصد المساهمة في الجريمة وأطرحه في قوله: "وحيث إنه في شأن ما أثاره الدفاع الحاضر مع المتهمين الثالث والرابع من أن تواجدهما على مسرح الحادث كان مصادفة وبغير قصد المساهمة في الجريمة، فإن هذا القول مردود بأن من أقوال المجني عليه أن المتهمين جميعاً قد طالبوه بإخراج ما معه من نقود بغية الاستيلاء عليها ووجهوا إليه السباب ابتغاء بلوغ مقصدهم وهي أقوال محل ثقة المحكمة واطمئنانها، كما تم ضبط مبلغ عشرين جنيهاً مع المتهم الثالث حال ضبطه، وقرر بشأنه وقتذاك بأنه المبلغ المستولى عليه من المجني عليه لرئيس مباحث الدقي هذا إلى أن تواجدهم على مسرح الحادث وقت وقوعه ثم هروبهم عقب ارتكابه كل في طريق، كل ذلك يكشف عن أن نية الجناة الأربعة كانت معقودة على السرقة ابتداء وبصرف النظر عن حجم الدور الذي باشره كل منهم لإتمام جريمة السرقة." فإن الحكم بهذا يكون قد أثبت في حق الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة وهو ما يكفي لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها، كما يكفي للتدليل على توافر القصد الجنائي لديه، فإن ما يثيره الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز موضوعياً إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشاجرة وليست جناية سرقة بالإكراه لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد محص دفاع الطاعن وباقي المتهمين في خصوص امتناع مسئوليتهم تأسيساً على وجودهم في حالة سكر وقت الحادث وانتهى للأسباب السائغة التي أوردها إلى أنهم كانوا أهلاً لحمل المسئولية الجنائية لتوافر الإدراك والاختيار لديهم وقت مقارفة الفعل الذي ثبت في حقهم، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بحيث تفقده، الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل، وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5034 لسنة 61 ق جلسة 8 / 11 / 1992 مكتب فني 43 ق 154 ص 1002


جلسة 8 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس نواب رئيس المحكمة وعبد الله المدني.
-------------------
(154)
الطعن رقم 5034 لسنة 61 القضائية

 (1)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة. أو تأذن بإجرائه. شرط صحته؟
 (2)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مأمورو الضبط القضائي. رجال السلطة العامة. استدلالات.
عدم اشتراط القانون فترة زمنية محددة لإجراء التحريات.
إجراء مأمور الضبط القضائي التحريات بنفسه. غير لازم. حقه في الاستعانة برجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه بما وقع بالفعل من جرائم. أساس ذلك؟
 (3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة. استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات. وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
 (4)مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها". دفوع "الدفع بعدم الدستورية".
حق محكمة الموضوع في تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية.

------------------
1 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة "جناية أو جنحة" قد وقعت من شخص معين، وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة.
2 - لما كان من المقرر أنه لا يوجب القانون حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات، إذ له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات دون تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات.
3 - لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على ما سلف بيانه - بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
4 - لما كان مفاد الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، وكان يبين من الحكم المطعون فيه - على النحو المار بيانه - أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن دفع الطاعنة بعدم الدستورية غير جدي وردت عليه بأسباب سائغة تتفق وصحيح القانون فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أحرزت بقصد الإتجار جوهراً مخدراًً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - وأحالتها إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهمة بالسجن لمدة ست سنوات وتغريمها خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز بدون قصد.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة حيازة مخدر (حشيش) بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك بأن المدافع عن الطاعنة دفع ببطلان إذن القبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لعدم مراقبة مجريها للطاعنة وعدم معرفته لمسكنها كما دفع بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها لصدوره عن مجلس نيابي قضي ببطلان تشكيله. إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذين الدفعين بما لا يسوغ إطراحها. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير التحليل عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات في قوله "حيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية فمردود بأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ولما كان الثابت من الأوراق أن التحريات التي قام بها مستصدر الإذن تتسم بالجدية، فإن الإذن يكون محمولاً على أسباب كافية لإصداره ومن ثم يكون الدفع في غير محله وتطرحه المحكمة" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة "جناية أو جنحة" قد وقعت من شخص معين، وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة ولا يوجب القانون حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات، إذ له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات دون تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات، لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت - على ما سلف بيانه بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 في شأن مكافحة المخدرات وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 - الذي طلبت النيابة العامة معاقبة المتهمة على مقتضاه - فترى المحكمة أن هذا الدفع لا يتسم بالجدية ذلك أن بطلان تشكيل المجلس أو بطلان عضوية بعض أعضائه لا يستتبع إسقاط ما أقره المجلس من قوانين وقرارات وما اتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة على الحكم ببطلانه وحتى نشر ذلك في الجريدة الرسمية بل تظل تلك القوانين والقرارات والإجراءات قائمة على أصلها من الصحة، وهو ما أشارت إليه المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 19/ 5/ 1990، وبالتالي فإن القانون 122 لسنة 1989 الصادر من مجلس الشعب قبل صدور هذا الحكم يكون صحيحاً لا يشوبه عيب في حد ذاته لمجرد أن مجلس الشعب الذي أصدره قبل تاريخ ذلك الحكم ونشره - كان تشكيله باطلاً كلياً، أو جزئياً كما انتهى حكم المحكمة الإدارية العليا "لما كان ذلك، وكان مفاد الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، وكان يبين من الحكم المطعون فيه - على النحو المار بيانه - أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن دفع الطاعنة بعدم الدستورية غير جدي وردت عليه بأسباب سائغة تتفق وصحيح القانون فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1280 لسنة 61 ق جلسة 9 / 11 / 1992 مكتب فني 43 ق 156 ص 1014


جلسة 9 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد يحيى رشدان ومقبل شاكر ومجدي منتصر ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة.
--------------------
(156)
الطعن رقم 1280 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن وتقديم الأسباب".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم موضوعي.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
 (3)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة أن تكون عقيدتها مما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعريف الشاهد والشهادة؟
حق محكمة الموضوع في الاعتماد في القضاء بالإدانة على أقوال المجني عليه دون حلف يمين. وصف الحكم هذه الأقوال بأنها شهادة. لا يعيبه.
 (5)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في الاعتماد في قضائها على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال. مفاد ذلك؟
 (6)سرقة "سرقة بإكراه". إكراه. سلاح. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط في توافر السرقة بالتهديد باستعمال السلاح أن يكون سابقاً أو مقارناً لفعل الاختلاس. كفاية أن يكون ذلك ولو أعقب فعل الاختلاس. شرط ذلك؟
(7) سرقة "سرقة بإكراه". سلاح. جريمة. مسئولية جنائية. فاعل أصلي. شريك. إثبات "بوجه عام". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر ومعهما آخرين اتفقوا على السرقة ليلاً من مسكن المجني عليه بواسطة الكسر وكان أحدهم يحمل سلاحاً أطلق منه بعض الأعيرة. كاف في بيان ظرف التهديد باستعمال السلاح وحمله وتعدد الجناة.
حمل السلاح في السرقة مثل ظرف الإكراه: ظروف مادية عينية متصلة بالفعل الإجرامي يسري حكمها على كل من أسهم في الجريمة. فاعلاً أو شريكاً ولو لم يعلم بهذين الظرفين ولو كان وقوعهما من بعضهم دون الباقين.
ظرف التعدد المنصوص عليه في المادة 316 عقوبات. تحققه إذا وقعت الجريمة من شخصين فأكثر.
 (8)إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". بطلان. محضر الجلسة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بحصول الاعتراف نتيجة إكراه. لا يقبل لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(9) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.

------------------
1 - لما كان المحكوم عليه الثاني...... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة، واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها، ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله، وغير صادق في شطر منها، وما دام تقدير الدليل موكلاً إلى اقتناعها وحدها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه للأدلة التي دان الطاعن على مقتضاها، فلا يعيبه من بعد - أن يقضي ببراءة متهمين آخرين استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وباقي أدلة الإثبات في حقهما للأسباب التي أوردها.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
4 - من المقرر أنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف الشاهد اليمين، إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، فالشاهد لغة هو من اطلع على الشيء وعاينه والشهادة اسم المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عياناً - وقد اعتبر القانون - في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداًًً بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها، ومن ثم فلا يعيب الحكم وصف أقوال المجني عليه...... والخفير...... اللذين لم يحلفا اليمين - بفرض صحة ذلك - بأنها شهادة.
5 -  من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير حلف اليمين إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال، وكانت المحكمة قد اطمأنت لأقوال المجني عليه والخفير سالف الذكر التي أدياها بالتحقيقات بغير حلف يمين - بفرض حصوله، فإنه لا يقبل من الطاعن مصادرة المحكمة في عقيدتها.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة السرقة من منزل مسكون بواسطة الكسر مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وبطريق التهديد باستعمال هذا السلاح - وليس بطريق الإكراه كما يدعي الطاعن بأسباب الطعن - وكان لا يشترط لتوافر طرق التهديد باستعمال السلاح الذي تتوافر به جريمة السرقة بالتهديد باستعمال السلاح آنفة الذكر أن يكون التهديد باستعمال السلاح سابقاً أو مقارناًً لفعل الاختلاس، بل يكفي أن يكون كذلك ولو أعقب فعل الاختلاس، متى كان مباشرة وكان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس.
7 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت اتفاق الطاعن والمحكوم عليه الآخر ومعهما آخرين على سرقة ماشية المجني عليه من مسكنه وأنهم ارتكبوا جريمتهم ليلاً بواسطة الكسر وكان ثانيهما يحمل بندقية أطلق منها بعض الأعيرة عقب إتمام السرقة للفرار بالمسروقات، فإنه يكون قد بين ظرف التهديد باستعمال السلاح والرابطة بينه وبين فعل السرقة وكذا توافر ظرف حمل السلاح وتعدد الجناة - لما هو مقرر من أن حمل السلاح في السرقة مثل ظرفي الإكراه والتهديد باستعمال السلاح هي من الظروف المادية العينية المتصلة بالفعل الإجرامي ويسري حكمها على كل من قارف الجريمة أو أسهم فيها فاعلاًً كان أو شريكاً ولو لم يعلم بهذين الظرفين ولو كان وقوعهما من بعضهم دون الآخرين، كما أنه يكفي لتوافر تعدد الجناة المنصوص عليه في المادة 316 من قانون العقوبات أن تقع السرقة من شخصين فأكثر، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن من قالة القصور في بيان توافر أركان الجريمة التي دانه الحكم بها وعدم ضبط ثمة أسلحة معه لا يكون لا محل.
8 - لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن اعترافه كان وليد إكراه أو تهديد ولو يطلب منها عرضه على جهة فنية أو طبيب للتأكد من خلوه من الإصابات حتى تطمئن إلى اعترافه، فإنه فضلاً عن أنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، فليس له أن ينعى على المحكمة الإخلال بحقه في الدفاع قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها أو إجراء تحقيق سكت هو عن المطالبة به.
9 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين قضي ببراءتهما: المتهمون جميعاً. سرقوا الماشية المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة ..... وكان ذلك من منزله بأن تسور المتهم الثاني "طاعن" جدار ذلك المسكن ومعه سلاحاً نارياً ظاهراً "فرد" بينما وقف الباقين بالطريق للمراقبة وشد أزره حال استيلائه على المسروقات ثم أطلق المتهم الثاني عيارين ناريين بقصد التهديد للفرار بالمسروقات وتمت السرقة على النحو السابق. المتهم الثاني: 1 - أحرز بغير ترخيص من وزارة الداخلية سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد". 2 - أحرز ذخائر "طلقتان" مما تستعمل في السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصاً له بحيازة وإحراز، وأحالتهم إلى محكمة جنايات بني سويف لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 313 عقوبات 1/ 1، 6، 26/ 1، 5، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين الأول والثاني "طاعنين" بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنة للأول وبالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات للثاني عما نسب إليهما والمصادرة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن المحكوم عليه الثاني..... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة السرقة ليلاً من منزل مسكون بواسطة الكسر مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وبطريق التهديد باستعمال هذا السلاح قد شابه التناقض والفساد في الاستدلال واعتراه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والبطلان ذلك بأنه عول في إدانته على ذات أدلة الثبوت التي لم يعمل أثرها في حق المتهمين الثالث والرابع الذين قضي ببراءتهما من ذات التهمة المسندة إلى الطاعن، وتساند إلى أقوال المتهمين المذكورين مع أنها بما تضمنته لا تصلح دليلاً على التهمة وعول على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها وعلى أقوال المجني عليه...... والخفير...... حال أنهما لم يحلفا اليمين القانونية قبل سؤالهما بالتحقيقات، كما أخذ بتحريات المباحث رغم عدم جديتها ولم يرد بهما إذا كان مطلق الأعيرة النارية من المتهمين أو الأهالي، وأنه لم يتم ضبط سلاح مع الطاعن وقت وقوع الجريمة هذا إلى أن الحكم لم يستظهر الظروف المشددة المتعلقة بالإكراه والتعدد وحمل السلاح وقد أخذ الطاعن باعترافه بالرغم من أنه كان وليد إكراه مما كان يتعين معه على المحكمة عرض الطاعن إلى خبير فني لإثبات ما به من إصابات أشار إليها الدفاع حتى تطمئن إلى الاعتراف المعزو إليه إلا أنها لم تفعل وأغفلت دفعه في هذا الشأن إيراداً له ورداً عليه، وفضلاً عن ذلك فقد خلا محضر الجلسة من بيان ما إذا كان المحامي الذي انتدب للدفاع عن الطاعن قد ترافع عنه وحده أم عن باقي المتهمين الذين قضي ببراءتهم أيضاً، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة كافية مستمدة من أقوال المجني عليه....... و....... واعتراف المتهم الأول وما جاء بتحريات الشرطة وما ثبت من تقرير فحص السلاح المضبوط ومعاينة النيابة العامة، وهي أدلة سائغة لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة، واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها، ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله، وغير صادق في شطر منها، وما دام تقدير الدليل موكلاً إلى اقتناعها وحدها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أفصح عن اطمئنانه للأدلة التي دان الطاعن على مقتضاها، فلا يعيبه من بعد - أن يقضي ببراءة متهمين آخرين استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وباقي أدلة الإثبات في حقهما للأسباب التي أوردها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله لما كان ذلك وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كانت الشهادة لا تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف الشاهد اليمين، إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، فالشاهد لغة هو من اطلع على الشيء وعاينه والشهادة اسم المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عياناً - وقد اعتبر القانون - في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداًًً بمجرد دعوته لأداء الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها، ومن ثم فلا يعيب الحكم وصف أقوال المجني عليه..... والخفير....... اللذين لم يحلفا اليمين - بفرض صحة ذلك - بأنها شهادة وإذ كان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير حلف اليمين إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال، وكانت المحكمة قد اطمأنت لأقوال المجني عليه والخفير سالف الذكر التي أدياها بالتحقيقات بغير حلف يمين - بفرض حصوله، فإنه لا يقبل من الطاعن مصادرة المحكمة في عقيدتها. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في قضائه بالإدانة على أقوال المتهمين الثالث والرابع خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة السرقة من منزل مسكون بواسطة الكسر مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وبطريق التهديد باستعمال هذا السلاح - وليس بطريق الإكراه كما يدعي الطاعن بأسباب الطعن - وكان لا يشترط لتوافر طرق التهديد باستعمال السلاح الذي تتوافر به جريمة السرقة بالتهديد باستعمال السلاح آنفة الذكر أن يكون التهديد باستعمال السلاح سابقاً أو مقارناًً لفعل الاختلاس، بل يكفي أن يكون كذلك ولو أعقب فعل الاختلاس، متى كان مباشرة وكان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت اتفاق الطاعن والمحكوم عليه الآخر ومعهما آخرين على سرقة ماشية المجني عليه من مسكنه وأنهم ارتكبوا جريمتهم ليلاً بواسطة الكسر وكان ثانيهما يحمل بندقية أطلق منها بعض الأعيرة عقب إتمام السرقة للفرار بالمسروقات، فإنه يكون قد بين ظرف التهديد باستعمال السلاح والرابطة بينه وبين فعل السرقة وكذا توافر ظرف حمل السلاح وتعدد الجناة - لما هو مقرر من أن حمل السلاح في السرقة مثل ظرفي الإكراه والتهديد باستعمال السلاح هي من الظروف المادية العينية المتصلة بالفعل الإجرامي ويسري حكمها على كل من قارف الجريمة أو أسهم فيها فاعلاًً كان أو شريكاً ولو لم يعلم بهذين الظرفين ولو كان وقوعهما من بعضهم دون الآخرين، كما أنه يكفي لتوافر تعدد الجناة المنصوص عليه في المادة 316 من قانون العقوبات أن تقع السرقة من شخصين فأكثر، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن من قالة القصور في بيان توافر أركان الجريمة التي دانه الحكم بها وعدم ضبط ثمة أسلحة معه لا يكون لا محل. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن اعترافه كان وليد إكراه أو تهديد ولو يطلب منها عرضه على جهة فنية أو طبيب للتأكد من خلوه من الإصابات حتى تطمئن إلى اعترافه، فإنه فضلاً عن أنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، فليس له أن ينعى على المحكمة الإخلال بحقه في الدفاع قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها أو إجراء تحقيق سكت هو عن المطالبة به، وإذ كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ومحضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدوره أن المحكمة انتدبت محامياً للدفاع عن المتهم الأول - الطاعن - دون غيره من باقي المتهمين، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير صحيح. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.