جلسة 16 من ديسمبر سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة، وعضوية
السادة المستشارين: أحمد كمال سالم، ومحمد رأفت خفاجي، ومحمد سعيد عبد القادر،
وماهر قلادة واصف.
-----------------
(211)
الطعن
رقم 368 لسنة 49 القضائية
(1)نقض "أثره نقض الحكم". "سلطة محكمة النقض".
استئناف. "نطاق الاستئناف: النقض والإحالة".
نقض الحكم المطعون فيه
والإحالة. مؤداه. وجوب التزام محكمة الاستئناف في قضائها بالمسألة القانونية التي
فصل فيها حكم النقض. مخالفة ذلك. أثره. تصدي محكمة النقض للفصل في الموضوع عند نقض
الحكم للمرة الثانية. م 269/ 2 مرافعات. علة ذلك.
((2 – 3 إيجار الأماكن". قانون.
(2)تأجير المستأجر العين
المؤجرة مفروشة في ظل القانون 121/ 1947. مؤداه. امتداد عقدها قانوناً. صدور
القانون 52 لسنة 1969. أثره. انحسار الامتداد القانوني للتأجير مفروش. م 23، 26
و29 منه "مثال".
(3)حق المالك في تأجير وحدات
المبنى مفروشاً. م 13 ق 136/ 1981. قاصر على المباني التي يبدأ في إنشائها في 31/
7/ 1981 - تاريخ العمل بالقانون.
---------------------
1 - النص في الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات يدل
- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أنه ولئن كان نقض الحكم المطعون فيه نقضاًَ
كلياً، وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته يقتضي زواله ومحو حجيته وبه تعود
الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، بحيث يكون لهم
أن يسلكوا أمام هذه المحكمة من مسالك الطلب والدفع والدفاع ما كان لهم في ذلك قبل
إصداره ويكون لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله
ما تقدم لها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه
واستوجب نقضه، إلا أن ذلك مشروط بألا تخالف محكمة الإحالة قاعدة قررتها محكمة
النقض في حكمها الناقض، لما كان ذلك وكان الثابت من حكم محكمة النقض الصادر
في..... في الطعن رقم.... أنها نقضت الحكم الاستئنافي الأول الصادر في..... الذي
قضى بعدم جواز الاستئناف لنهائية الحكم المستأنف، وفصلت فيه وفي شكل الاستئناف
وإجازاته، فإنه كان يتحتم على محكمة الاستئناف التي أحيلت إليها القضية أن تتبعه
في هذه المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة عملاً بالفقرة الثانية من المادة
269 سالفة الذكر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف
للمرة الثانية وعلى نفس الأساس الأول فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه
والحكم بقبول الاستئناف شكلاً.
2 - لئن كان عقد إيجار عين النزاع مفروشة قد أبرم في..... في ظل
القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن الذي كانت أحكامه تسري على الأماكن
المؤجرة مفروشة، ومنها امتداد عقود إيجارها امتداداً قانونياً، إلا أن هذا الامتداد
وقد انحسر عنها بصدور القانون رقم 52 لسنة 1969 والذي استثناها من حكم المادة 23
منه، ذلك أن المقصود من هذا الاستثناء وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو إخراجها
من حكم الامتداد القانوني لعقود إيجار الأماكن لما كان ذلك وكان القانون رقم 52
لسنة 1969 سالف الذكر يسري على المنازعات المطروحة التي لم يفصل فيها ولو كانت
ناشئة عن عقود أبرمت قبل صدوره لتعلقه بالنظام العام، فإن هذا القانون يسري على
النزاع المطروح، عملاً بنص المادة 29 منه.
3 - إن ما نصت عليه المادة 13 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن
بعقد الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر
والمعمول به من 31/ 7/ 1981 من إعطاء المالك الحق في تأجير ثلث وحدات المبنى
مفروشاً إذا كان مكوناً من أكثر من وحدة، هذا الحق قاصر على المباني التي يرخص في
إقامتها أو يبدأ في إنشائها من تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر في 31/ 7/ 1981
حسب صريح نص تلك المادة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت
الدعوى رقم 6831 سنة 1970 مدني كلي القاهرة ضد الطاعنة والمطعون ضده الثاني بطلب
الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 7/ 10/ 1957، وإخلاء الشقة المؤجرة مفروشة المبينة
بصحيفة الدعوى وتسليمها مع المنقولات، تأسيساً على أن المطعون ضده الثاني استأجرها
مفروشة بموجب العقد سالف الذكر، ثم تركها للطاعنة - بعد أن طلقها - بغير وجه حق،
وإذ كان القانون رقم 52 لسنة 1969 يحظر على الملاك تأجير أكثر من شقة مفروشة،
وكانت المطعون ضدها الأولى - المالكة - تؤجر شقة أخرى مفروشة بنفس العقار الذي
تملكه، فقد أقامت الدعوى لتصحيح وضعها طبقاً للقانون. أجابت الطاعنة بأن عين النزاع
أجرت خالية وأقامت بها مع زوجها المطعون ضده الثاني منذ بدء الإيجار وتركها لها
بعد طلاقها منه. بتاريخ 10/ 5/ 1971 حكمت المحكمة بالإخلاء والتسليم. استأنفت
الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2637 سنة 88 ق القاهرة، وبتاريخ 11/ 3/ 1973 قضت
المحكمة بعدم جواز الاستئناف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم
458 سنة 43 ق وبتاريخ 16/ 3/ 1977، قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة.
وبعد تعجيل الاستئناف قضت المحكمة بتاريخ 23/ 12/ 1978 بعدم جواز الاستئناف للمرة
الثانية. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية أيضاً، وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة
مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما تنعاه
الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الفقرة الثانية
من المادة 269 من قانون المرافعات تحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية بعد
النقض أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بعدم جواز استئناف حكم محكمة الدرجة
الأولى القاضي بالإخلاء، في حين أن محكمة النقض سبق أن فصلت في هذه المسألة
القانونية في حكمها الصادر في الطعن رقم 458 سنة 43 ق فإن الحكم يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح،
ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات على أن
"فإذا كان الحكم قد نقض لغير ذلك من الأسباب تحيل القضية إلى المحكمة التي
أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم وفي هذه الحالة
يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة
القانونية التي فصلت فيها المحكمة"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة -
على أنه ولئن كان نقض الحكم المطعون فيه نقضاًَ كلياً وإعادة القضية إلى المحكمة
التي أصدرته يقتضي زواله ومحو حجيته فتعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا
عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، بحيث يكون لهم أن يسلكوا أمام هذه المحكمة من مسالك
الطلب والدفع والدفاع ما كان من ذلك قبل إصداره، ويكون لمحكمة الإحالة أن تقيم
حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله ما تقدم لها من دفاع وعلى أسس قانونية
أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه، إلا أن ذلك مشروط بألا
تخالف محكمة الإحالة قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض. لما كان
ذلك، وكان الثابت من حكم محكمة النقض الصادر في 16/ 3/ 1977 في الطعن رقم 458 سنة
43 ق أنها نقضت الحكم الاستئنافي الأول الصادر بتاريخ 11/ 3/ 1973 الذي قضى بعدم
جواز الاستئناف لنهائية الحكم المستأنف وجاء في أسبابها "لما كان ذلك وكان
الواقع في الدعوى أن المطعون عليها الأولى أقامتها بعد صدور القانون رقم 52 لسنة
1969 استناداً إلى أن عين النزاع مؤجرة مفروشة، وأن المادة 23 من ذلك القانون
أخرجت الأماكن المؤجرة مفروشة من حكم الامتداد القانوني خلافاً لما كانت تقضي به
المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 الذي أبرم عقد الإيجار موضوع النزاع
في ظله، وأن المادة 26 منه أباحت للمالك أن يؤجر شقة واحدة مفروشة في كل عقار
يملكه، وهي تؤجر في ذات العقار شقة أخرى مفروشة، وأن المادة 29 أوجبت على الملاك
والمستأجرين تعديل أوضاعهم وفقاً لهذه الأحكام، وكانت الطاعنة قد أجابت على الدعوى
بأن مما أثبت بالعقد من أن الشقة مفروشة صوري، وأنها أجرت خالية، وكان مفاد ذلك
القول أن عقد الإيجار محل النزاع يسري عليه الامتداد القانوني، فإن مثار النزاع في
الدعوى يكون في حقيقة الواقع دائراً حول ما إذا كان العقد ممتداً امتداداً
قانونياً تبعاً لتأجير العين خالية طبقاً لتصوير الطاعنة، أو أن هذا الامتداد قد
انحسر عنه بعد إذ أدركه القانون رقم 52 لسنة 1969 بالنظر لتأجير العين مفروشة
أخذاً بقول المطعون عليها الأولى، لما كان مما تقدم، وكانت المادة 27/ 8 من قانون
المرافعات تقضي بأنه إذا كانت الدعوى متعلقة بامتداد العقد، فإن التقدير باعتبار
المقابل النقدي للمدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها، وكانت المدة المشار
إليها في الدعوى المطروحة غير محدودة، فإن قيمة الدعوى تعد عندئذ زائدة عن مائتين
وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 46 من قانون المرافعات، ويجوز الطعن بطريق الاستئناف
في الأحكام الصادرة فيها. وإذ لم يساير الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بعدم
جواز الاستئناف فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه وكانت محكمة النقض قد
فصلت في هذا الحكم في شكل الاستئناف فأجازته، فإنه كان يتحتم على محكمة الاستئناف
التي أحيلت إليها القضية أن تتبعه في هذه المسألة القانونية التي فصلت فيها
المحكمة عملاً بالفقرة الثانية من المادة 269 سالفة الذكر وإذ خالف الحكم المطعون
فيه هذا النظر، وقضى بعدم جوز الاستئناف للمرة الثانية وعلى نفس الأساس الأول،
فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه، والحكم بقبول الاستئناف شكلاً.
وحيث إنه لما كان ذلك،
وكان الطعن للمرة الثانية، فإنه يتعين الحكم في الموضوع عملاً بالمادة 269/ 4
مرافعات.
وحيث إنه لما كانت
المراكز القانونية للخصوم لم تستقر بعد، فإنه يتعين على هذه المحكمة حتى تفصل في
الدعوى أن تبحث مدى تطبيق النصوص المتعلقة بالنظام العام في قوانين إيجارات
الأماكن المتعاقبة.
وحيث إن الثابت من
الأوراق، ومن عقد الإيجار المؤرخ 7/ 10/ 1957 أن المطعون ضده الثاني استأجر شقة
النزاع مفروشة من المطعون ضدها الأولى، وأن الخلاف حول هذا الوصف قد حسم بحكم
محكمة النقض الصادر بتاريخ 16/ 3/ 1977 في الطعن رقم 459 سنة 43 ق، والذي انتهى
إلى أن عين النزاع أجرت مفروشة، لما كان ذلك، وكانت المسألة الأساسية التي فصل
فيها هذا الحكم بقضاء بات هي ذات المسألة المثارة في النزاع المطروح، فإن هذا
القضاء يحوز قوة الأمر المقضي، ومن ثم فإن دفاع الطاعنة القائم على أن الإيجار
انصب على عين غير مفروشة يكون على غير أساس.
وحيث إنه ولئن كان عقد
إيجار عين النزاع مفروشة قد أبرم في 7/ 10/ 1957 في ظل القانون رقم 121 لسنة 1947
بشأن إيجار الأماكن الذي كانت أحكامه تسري على الأماكن المؤجرة مفروشة، ومنها
امتداد عقود إيجارها امتداداً قانونياً، إلا أن هذا الامتداد قد انحسر عنها بصدور
القانون رقم 52 لسنة 1969 والذي استثناها من حكم المادة 23 منه، ذلك أن المقصود من
هذا الاستثناء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إخراجها من حكم الامتداد
القانوني لعقود إيجار الأماكن. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 52 لسنة 1969 سالف
الذكر يسري على المنازعات المطروحة التي لم يفصل فيها ولو كانت ناشئة عن عقود
أبرمت قبل صدوره لتعلقه بالنظام العام، فإن هذا القانون يسري على النزاع المطروح،
وغير صحيح ما ذكرته الطاعنة في صحيفة الطعن من أن الحكم الصادر من محكمة النقض في
الطعن رقم 458 سنة 43 ق قد أخضع عقد إيجار عين النزاع للامتداد القانوني، ذلك أن
البين من مدوناته سالفة الذكر، أنه تعرض لمسألة جواز الاستئناف, ولم يفصل في مسألة
امتداد العقد، كما أنه لا محل لتمسك الطاعنة بحكم المادة 46 من القانون رقم 49
لسنة 1977 الخاص بتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والتي يجري نصها على أنه
"يحق للمستأجر الذي يسكن في عين استأجرها مفروشة من مالكها لمدة خمس سنوات
متصلة سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون البقاء في العين ولو انتهت المدة المتفق
عليها، وذلك بالشروط المنصوص عليها في العقد، ولا يجوز للمؤجر طلب إخلائه....، ذلك
أن المناط في تطبيق هذا النص أن يكون عقد إيجار المكان مفروشاً ما زال قائماً،
والثابت أن المطعون ضدها الأولى استندت في طلب فسخ عقد إيجار عين النزاع المؤجرة
مفروشة لأحكام المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن التي
حظرت على الملاك تأجير أكثر من شقة مفروشة وأنها ترغب في تعديل وضعها تطبيقاً
لأحكام المادة 29 من هذا القانون، لأنها تؤجر شقة أخرى مفروشة في ذات العقار الذي
تملكه، وقدمت تأييداً لدعواها شهادة رسمية من مأمورية توثيق مصر الجديدة تفيد
تأجيرها شقة مفروشة بعقار النزاع بعقد كان يسري في 4/ 10/ 1964، ولم تنازعها الطاعنة
في ذلك، ومن ثم فإن عقد إيجار عين النزاع مفروشة موضوع الدعوى - وهو إيجار ثان
مفروش من مالكة العين - ينقضي حتماً وبقوة القانون في 18/ 8/ 1970، أي بعد مضي سنة
من تاريخ العمل بالقانون رقم 52 لسنة 1969 سالف الذكر، عملاً بالمادة 29 منه. ولا
يغير من هذا النظر أيضاً ما نصت عليه المادة 13 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في
شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر
- والمعمول به من 31/ 7/ 1981 - من إعطاء المالك الحق في تأجير ثلث وحدات المبنى
مفروشاً إذا كان مكوناً من أكثر من وحدة، ذلك أن هذا الحق قاصر على المباني التي
يرخص في إقامتها أو يبدأ في إنشائها من تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر في 31/ 7/
1981 حسب صريح نص تلك المادة، ومن ثم فلا ينطبق على عقار النزاع. لما كان ذلك فإنه
يتعين فسخ عقد إيجار عين النزاع الصادر للمطعون ضده الثاني، وإخلائها من الطاعنة
التي شغلتها على غير سند من القانون، ومن ثم يكون الحكم المستأنف الذي قضى
بالإخلاء والتسليم في محله ويتعين تأييده.